مصر:التحديات الأمنية والإسلامية والسياسية

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
مراجعة ٠٩:٥٩، ٢٥ يوليو ٢٠١٢ بواسطة Sherifmounir (نقاش | مساهمات) (←‏الخلاصة)
(فرق) → مراجعة أقدم | المراجعة الحالية (فرق) | مراجعة أحدث ← (فرق)
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
مصر:التحديات الأمنية والإسلامية والسياسية

شريفة زهور

سبتمبر 2007

مقدمة

تعد مصر قوة رئيسية وقوة سياسية في الشرق الأوسط إلى جانب كونها من أهم الدول التي تتلقى المساعدات المالية الأمريكية من أجل الأغراض العسكرية والاقتصادية، فمصر تمثل أهمية للمصالح الأمريكية في المنطقة من ثلاثة جوانب منها مشاركتها في معاهدة السلام والاتفاقات مع إسرائيل ومشاركتها في حربها على الإرهاب وفي التحول لأمة أكثر ديمقراطية وازدهارا.

وفي هذه الدراسة تقول الدكتورة شريفة زهور بأن جهود الحكومة المصرية لإحكام سيطرتها علي الوضع السياسي تقوم بإعاقة عملية الدمقرطة.

وباسم الحرب على الإرهاب فإن هذه الجهود ربما لا يمكنها أن تضع حدا لاندلاع العنف المسلح بشكل متقطع والذي عاد للظهور مرة أخرى بعد هدنة عام 1999 مع أكبر هذه الجماعات المتطرفة.

وقد توسعت حالة الطوارئ،التي طالما اعتُرِضَ عليها،لتمنح الحكومة المصرية سلطات غير مسبوقة،وقد تطلب هذا العمل تعديلات دستورية صُدق عليها مؤخرا من خلال استفتاء،إلا أن قانون الإرهاب الجديد سوف يعصف بكل هذه الإجراءات.

فقد احتجت المعارضة السياسية على هذه الأفعال التي تقوم بإلغاء بعض التقدم الذي تم إحرازه في السابق مثل مراقبة القضاء للانتخابات وكذلك منع أكبر تنظيم إسلامي (الإخوان المسلمين) من التحول إلى حزب سياسي كبير.

وكخلفية لفهم هذه الأحداث تقوم الدكتورة شريفة بشرح طبيعة المشكلات المتأصلة في التنمية السياسية والاقتصادية في مصر وكيف أن هذه المشكلات تتعلق بالجماعات الإسلامية المسلحة المتعددة التي تظهر بداخلها.

كما أن هذا الشرح وهذه الأزمة الحالية تقوم بتحدي بعض التوصيات النموذجية التي شوهدت في مناقشات نماذج الدولة الفاشلة.

ويسر معهد الدراسات الإستراتيجية أن يقدم هذه الدراسة كمساهمة لمناظرة الأمن القومي حول هذا الموضوع الهام.


ملخص

تقدم هذه الدراسة ثلاثة قضايا معاصرة في مصر: فشل الحكم والتطور السياسي،واستمرار قوة التيار الإسلامي،ومكافحة الإرهاب.ومن السهل تناول هذه القضايا في مصر إذا ما كانوا منفصلين ولكنهم على أية حال ليسوا منفصلين أو مستقلين يقومون بالتهديد كظروف حصرية سوف تقود إلى زيادة الأزمة.

فشل نظام الحكم المصري خلال ثلاث مراحل وهم مرحلة الملكية والتجربة الليبرالية ومرحلة القومية العربية ومرحلة الانفتاح المصري للغرب خلال فترتي الرئيس السادات والرئيس مبارك.

وبالاشتراك مع مؤسسة عسكرية وأمنية كبيرة في مصر فإن هذا الفشل يعني تواصل حكومة سلطوية تعمل وتستخدم أنظمتها الأمنية لمنع أي تحول سياسي مهم.وينتج عن فشل الحكم مظالم للإسلاميين المسلحين والمعتدلين وكذلك للعديد من المصريين العاديين كما أنه يمنع نمو التقدم السياسي والمدني.

وقد قامت الحكومة المصرية بعمل هدنة عام 1999 مع أكثر الجماعات الإسلامية إزعاجا. وعلى أي حال فقد ظهر العنف مرة أخرى من قبل مصادر إسلامية جديدة مسلحة من العام 2003 وحتى العام 2006.

ويتضح لنا من كل ما سبق دور الدولة القوي تجاه الجماعات وهو الدور الذي أدى إلى الهدنة وهو ما امتنعت عنه الدولة الآن لظهور "القاعدية" والتي يمكن أن تنتشر في مصر والمنطقة بشكل كامل،وبالتالي تقاعست عملية التحرر السياسي المهمة،وخلال ثلاث أو أربع سنوات،إن لم يكن أقل،سيصبح الأمن السياسي والاستقرار المصري في خطر،فانتشار السخط الاقتصادي والسياسي يمكن أن يعجل بهذا الخطر.

وإضافة إلى ذلك فإن الدعم الشعبي للتيار الإسلامي الحالي يمكن أن يقود إلي حالة من تآكل حالة السلام الحالية إلا في حال تحقيق تسوية سلمية شاملة تجاه الصراع الفلسطيني العربي الإسرائيلي وإذا أتت عوامل أخرى إلى الساحة.

وهناك ملاحظات وتوصيات حول المستقبل داخل هذه الدراسة وتضم الأفكار التالية:

  1. يمكن توقع أن يرى صناع القرار السياسي الأمريكي الظهور المتواصل للعناصر الإسلامية المتطرفة في مصر نظرا لانتشار الأيديولوجية الإسلامية في المنطقة وفشل الحكم والقمع والظلم في تنفيذ إجراءات مكافحة الإرهاب وروح الكراهية تجاه السياسات الغربية والإسرائيلية.
  2. يوشك التقدم الاقتصادي أن يقوم في مصر ولكن هناك بعض الضروريات لضمان استقرار الشعب.
  3. يحتاج صناع القرار السياسي لمعرفة قوة التيار الإسلامي في مصر وأن يعرفوا أن إضفاء الشرعية واحتواء الإسلاميين المعتدلين – وهو التوجه القائم في العراق – ربما يكبح الإسلاميين المتطرفين ويمنع سخط العامة.
  4. بينما تعهدت جماعة الإخوان المسلمين في مصر بالعدالة تجاه الفلسطينيين قام التنظيم بأكمله بالتحول إلى عدد من القضايا الأخرى.وربما لا يكون من الحكمة دعم الهجمات الحكومية على هذه الجماعة بسبب هذه القضية أو تبني الدمقرطة في حال إقصاء العناصر الإسلامية فقط.
  5. يجب أن يدرك صناع القرار أن مصر سوف تشهد نقطة تحول سياسي بحلول العام 2011، إن لم يكن قبل ذلك.
  6. يجب أن يقوم صناع القرار السياسي الأمريكي بتعليم أنفسهم أشيئا عن التأثيرات الثانية لتحول الاقتصاد المصري وخطط التنمية،فيجب عليهم أن يقوموا بتشجيع الحكومة المصرية لإصلاح التعليم العام والرعاية الصحية بشكل تام وإتاحة وسائل للمواطنين للمشاركة في القرارات التي تعتمد على توافق المجتمع،كما يجب إيجاد ثقافة أكثرَ مدنية.
  7. يجب أن يصر صناع القرار الأمريكي على أن الحكومة المصرية تضمن الحقوق الإنسانية والسياسية للمواطنين وإنهاء استخدام وسائل التعذيب والانتهاكات الجسدية المخالفة للقانون والاعتقالات العشوائية وإعادة المراقبة القضائية علي العملية الانتخابية،فسوء المعاملة للمعارضة السياسية والسجناء والعنف أثناء الانتخابات والأفعال الشاذة التي صاحبت الانتخابات الأخيرة ليس لها مكان في مصر حرة وديمقراطية.
  8. يجب على صناع القرار السياسي الأمريكيين أن يكونوا على دراية بالكره المصري للرؤى الأمريكية التي تعبر عن الإسلام والمسلمين في "الحرب على الأفكار"، ثم إن معاملة المسلمين المصريين كما لو كانوا مصدرا للحرب على الإرهاب بدلا من كونهم محالفا في هذه الحرب يعد أمرا غير بناء.
  9. يجب أن لا يتم إقصاء أو إبعاد المصريين أنفسهم عن المناقشات التي تدور حول مكافحة الإرهاب أو مستقبل الشرق الأوسط والتي تأخذ مكانها في مرحلة صناعة السياسة الأمريكية.
  10. يجب أن يأخذ صناع القرار السياسي الأمريكيين في الاعتبار نقد عام 2006 حيال المساعدات العسكرية الأمريكية التي قدمت لمصر ومطالب الإصلاح السياسي ووقف دعم مسلحي غزة بتصديق من قبل الكونجرس عام 2007 والمتعلق بحصة قدرها 200 مليون دولار من هذه المساعدات.

فالحجم الكبير لقوات الأمن في مصر (مليون رجل أمن) بالاشتراك مع الجيش واقتصاده السياسي يتطلب تكرار إعادة النظر وبالتحديد مع فهم السياسة الخارجية الإقليمية لمصر. فمحاولات ربط المساعدات العسكرية بالسياسات الداخلية المصرية قد أغضب المسئولين المصريين.

وقد أٌعلن عن خطة لعشرة سنوات جديدة من المساعدات العسكرية في نهاية يوليو 2007. وعلى أي حال فإن ارتباط المساعدات بالإصلاح يمكن أن يظهر مرة أخرى في المستقبل.

مقدمة

نظرة شاملة

تقدم هذه الدراسة ثلاثة قضايا في مصر المعاصرة: فشل الحكم والتطور السياسي،والقوة المتواصلة للتيار الإسلامي، ومكافحة الإرهاب. ومن السهل تناول هذه القضايا بمصر إذا ما كانوا منفصلين ولكنهم على أية حال ليسوا منفصلين أو مستقلين يقومون بالتهديد كظروف حصرية سوف تقود إلى زيادة الأزمة.

فشل نظام الحكم المصري خلال ثلاث مراحل هي مرحلة الملكية والتجربة الليبرالية ومرحلة القومية العربية ومرحلة الانفتاح المصري للغرب خلال فترتي الرئيس السادات والرئيس مبارك.

وبالاشتراك مع المؤسسة العسكرية والأمنية الكبيرة في مصر فإن هذا الفشل يعني تواصل حكومة سلطوية تعمل وتستخدم أنظمتها الأمنية لمنع أي تحول سياسي هام. ويتسبب فشل الحكم في مظالم للإسلاميين المسلحين والمعتدلين وكذلك للعديد من المصريين العاديين كما أنه يمنع نمو التقدم السياسي والمدني.

وقد قامت الحكومة المصرية بعمل هدنة عام 1999 مع أكثر الجماعات الإسلامية إزعاجا. وعلى أي حال فقد ظهر العنف مرة أخرى من قبل مصادر إسلامية جديدة مسلحة منذ العام 2003 وحتى العام 2006.

وكل ما سبق يبين لنا دور الدولة القوي حيال الجماعات وهو الدور الذي أدى إلى الهدنة وهو ما امتنعت عنه الدولة الآن لظهور "القاعدية" والتي يمكن أن تنتشر في مصر والمنطقة ككل. وبالتالي فقد تقاعست عملية التحرر السياسي المهمة وخلال ثلاث أو أربع سنوات،إن لم يكن أقل،سيصبح الأمن السياسي والاستقرار المصري في خطر، فانتشار التدهور الاقتصادي والسياسي يمكن أن يعجل بهذا الخطر.

وإضافة إلى ذلك فإن الدعم الشعبي للتيار الإسلامي الحالي يمكن أن يقود إلي حالة من تآكل وضع السلام الحالي إلا في حال تحقيق تسوية سلمية شاملة تجاه الصراع الفلسطيني العربي الإسرائيلي أو ظهرت عوامل أخرى على الساحة.

الفاعلية المصرية في الشرق الأوسط الجديد

بمجرد فحص ما لا يعرفه صناع القرار السياسي الأمريكي والأمريكيين عامة؛ فإننا نستطيع البدء في شرح ضرورة وضع مصر في الاعتبار. ويجب أن نقوم بشرح؛ لماذا على الأمريكيين أن يكونوا أكثر دراية في الوقت الذي اقتربت فيه مصر من أن تصبح غير معروفة في وسائل الإعلام الأمريكية إلا بكونها بلد المومياء وأهرامات الجيزة العظيمة.

فالتطور السياسي والاستقرار المصري في سياق الحرب العالمية على الإرهاب والصراع العربي الإسرائيلي يجب أن يكون ضمن اعتبارات صناع القرار السياسي الأمريكي والأمريكيين اليوم وفي المستقبل.

ويجب على الأقل وضع ظهور التطرف الإسلامي في مصر مرة أخرى والاستقرار ومستقبل النظام في الاعتبار.فمن غير المتوقع أن يكون الرئيس مبارك (البالغ من العمر 79 عاما، وهذه هي الفترة الرئاسية الخامسة له) في منصبه في العام 2011.

ومن الواضح أن عددا كبيرا من المصريين لن يوافق على أي شخص يقوم بتعيينه مبارك أو حتى من قبل الجيش هذه الطبقات التي سيطرت على منصب الرئيس منذ نهاية الملكية في عام 1952.

كما أن هذا الاحتجاب المصري لا يمثل قضية داخل الشرق الأوسط حيث أن الإعلام العربي الإقليمي والشعوب العربية ينظرون بعين الاعتبار للأحداث في مصر. فعلى سبيل المثال يقوم المراقبون في المنطقة بالمتابعة وقراءة الافتتاحيات عن الإضرابات ومظاهرات العمال التي وقعت في ديسمبر 2006 والهجمات غير المسبوقة على النساء في الشوارع في عيد الفطر في أكتوبر 2006 وكذلك احتجاج القضاة واحتجاج أتباع الإخوان المسلمين واحتجاج المصوتين وهجمات الإسلاميين المتطرفين في منتجعات شبه جزيرة سيناء وظهور حركة كفاية السياسية.

ولا يقوم الأمريكيون بمتابعة هذه المشاهد، وبينما وعى صناع القرار مثل هذا من خلال تقارير أخرى فإنهم لم يواجهوها ومن ثم تمت السيطرة عليهم من قبل التغطية الإعلامية.

ويعرف العديد من الأمريكيين أن السعودية كانت من بين الدول المنفذة لأحداث 11 سبتمبر 2001، وربما لا يكون هناك علم بأن أحد المنظمين لهذه الهجمات، محمد عطا، كان مصريا وأن المتحدث الرئيسي للقاعدة، أيمن الظواهري، مصري. فإذا كان هذا هو كل ما يعرف عن الاتصالات المصرية مع المسلحين فإن الأمريكيين ربما يستفيدوا من الفهم الأكثر تفصيلا للبلدان الإسلامية والعربية والأفريقية حيث يظهر التيار الإسلامي المتطرف ويتراجع ويعود مرة أخرى للظهور ويتعايش الفقر مع المشاريع الفعالة وتقوم المنظمات غير الحكومية للمشاريع الاجتماعية بتدوين الملاحظات حول العولمة.

مصر من الناحية الأمنية

يجب على صناع القرار السياسي الأمريكي أن يعيروا اهتماما خاصا لمصر للأسباب التالية:

أولا: المخاطر الأمنية الموجودة في مصر في الوقت الحالي،وتضم تهديدات لاستقرارها الداخلي ولمعاهدة السلام مع مصر وللدول الأخرى في الشرق الأوسط وربما تهدد دول الجوار في الجنوب مثل السودان.

ثانيا: أن الدولة قد اعتبرت مثالا للدولة الفاشلة أو دولة على وشك الفشل. ويقول المتخصصون المصريون أن هذا توسع غير ملائم لنموذج الدولة الفاشلة؛ فهو نموذج أفضل حالا من ظروف دولة مثل أفغانستان.

وعلى كل حال فإن مظهر الدول الضعيفة التي تمثل مركز مذهب الجرب العالمية على الإرهاب التي تقودها أمريكا هو ما تتوافر فيها ظروف الفشل سواء كان عدم القدرة على الحكم أو غياب الحكومة أو ضعف الحكومة الذي يؤدي لنمو الجماعات الإرهابية ومعدل تسلح التيار الإسلامي الموجود في مصر.

كما أنني أقول بأن المشكلات المتنامية والحكومة الفقيرة تمثل أهمية في نمو التسلح الإسلامي ولكنها لا تمثل الأسباب الوحيدة لظهوره.وسوف نثبت هذا في المناقشات التي ستجري فيما بعد.

دولة فاشلة أم تسعى للفشل؟

في أغلب الأحيان لا يكون تعبير الدول الفاشلة مقدما من قبل المتخصصين المصريين أو المتخصصين في الشرق الأوسط أو تأتي من داخل العالم العربي أو الإسلامي باستثناء المجاهدين الإسلاميين المسلحين الذين يتهمون حكوماتهم المسلمة بالفشل في واجباتهم الإسلامية.

وخلال أعمال المتخصصين في المنطقة تم استبدال مفهوم "الدولة الفاشلة" بشكل آخر مختلف وشامل حول التطور السياسي والاجتماعي الاقتصادي،ويرجع هذا إلى أن مصر ببيروقراطيتها الكبيرة وعدد سكانها الكبير وتطور مشكلاتها لم تفشل أبدا في أن تكون موجودة أو أن تقع في خضم ثورة.أما ثورة 1919 فقد كانت احتجاجا شعبيا وثورة 1952 فقد كانت انقلابا عسكريا.

فأي تكهناك داخل هذه الفوضى والجو النفسي الفاسد والآمال الخالدة والأسلوب المعقد الذي تتخذه الأحداث السياسية والسلطة يمكن أن يتم منعه إذا ما طبق النموذج الغربي الحالي للدولة الفاشلة.

أما الفشل في هذا البناء الغربي الحكومي غير الأكاديمي فيكون متمثلا في الفشل في وظائف التخطيط والتوزيع المصرية وإعاقتها للمشاركة السياسية وهو ما يعزز الاضطراب وكذلك الهيكل الضخم لقواتها الأمنية وبذلك سوف يستمر اللجوء إلى الإرهابيين.

ولا يعني هذا أن الغرب لا ينقصه شيء أو أن مصر قد فقدت أي احتمال لتصبح ديمقراطية،فبكل تأكيد لم يزل الفقر في أمريكا لمدة طويلة ينبه أن الوظائف التوزيعية الأمريكية تحتاج أن تصير أفضل وقد نبه إعصار كاترينا الأمريكيين إلى مثل هذه الحقيقة.

ولكن مصر ما زالت بعيدة عن النموذج المثالي الموجود في الحكومات الأخرى في الشرق الأوسط ليس فقط في فشلها في أمور متفرقة ولكن في مفاهيم أخرى للحكم.

وفي الغالب يطرح مفهوم الدولة الفاشلة تفسيرا للإرهاب وخاصة الإرهاب الإسلامي ليشمل الإرهابيين وعناصر القاعدة الذين أتوا من مصر إلى جانب العنف الإسلامي الذي ظهر منذ السبعينيات إلى 1999 والعنف المتقطع منذ عام 2003. كما أن العديدين ممن يؤيدون فكرة الدولة الفاشلة يعرفون تطور فكرة التطرفية الإسلامية والإرهاب إلى أن تصبح جهادا عالميا.

وهذا التطرف الحالي والإرهاب الذي سبق الحركة الإسلامية المعاصرة (ويرجع في الحقيقة إلى قرون مضت) لم يتم التطرق إليه كثيرا،ويمكن وصفه بأنه طريق مسلح دائم للتيار الإسلامي أو بالتحديد سلوك مدمر لبعض العيوب في الإسلام أو الدين أو الثقافة الإسلامية أو حضارتها.

فالتيار الإسلامي والتسلح الإسلامي قد تطورا بالتغير الكبير في الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية التي طالت انجلترا وفرنسا وألمانيا وأماكن أخرى.وربما نحتاج إلى الفحص الدقيق للأسباب الأيديولوجية والمادية لهذه الأحداث ومن ثم نبقي علي اتصال بالتحول الإستراتيجي لمثل هذه الجماعات العديدة.

ولتوضيح أكثر فإن مثل هذا التسلح لا يمثل العقبة الوحيدة أمام التطور السياسي والاقتصادي الاجتماعي في مصر.

وعلى أي حال فالحقيقة أن الحكم الأفضل والمساهمة والتخطيط ودعم المشاركة السياسية تعد أمورا مرغوبا فيها، فالاعتراف بهم يجب أن يؤدي إلى التقليل من لجوء عناصر المعارضة إلى الأساليب الإرهابية وخاصة إذا ما رأينا حرية متزايدة ومشاركة سياسية ودعما للقيم المدنية والديمقراطية.

وكما يقترح ويليام زارتمان فإن الدولة تصبح فاشلة عندما تكون إما (1) لا تستطيع أن تمنح الأمن أو تقدم الخدمات لمواطنيها أو (2) أنها لا تقوم بوظائفها الأساسية.

وليس هناك اتفاق حول الوظائف الأساسية للدولة أو من يجب عليها خدمتهم.فالدولة تحتاج فقط أن تقدم الأمن والخدمات لبعض المواطنين أو في بعض الأوقات.وهناك نموذج آخر أكثر تعقيدا لفهم الدول يتأتي من السياسات المقارنة المبكرةوالتي من أهم مفاهيمها شرعية النظام،حيث تمثل هذه الأفكار تأكيدا قويا على بناء مؤسسات سياسية يمكنها دعم مشاركة سياسية أوسع.

وفي بلدان مثل مصر (أو سوريا) كان تمثيل الأمة والمساواة الاجتماعية والاقتصادية والقدر الكبير من المشاركة من أهداف دولة القومية العربية.وبالقياس على معايير علم الاجتماع السياسي الأمريكي؛فإن هذا النوع من المشاركة لا يقود إلى شرعية ما دامت الدولة هي الرقيب عليها.

وتشهد مصر تحولا منذ فترة ظهور القومية العربية في الستينيات.وعلى أي حال فإن التحول قد حبس الوظيفة الأساسية الأخرى للدولة "تقديم الأمن" وجعله مقتصرا علي أمن الأنظمة أكثر من أمن شعوب الأمة.

أما حركات المعارضة فكانت دائما ما تظهر عن طريق عوامل التشتت والطرد والإعاقة وطبيعة نظرائهم – الدولة – القمعية.وإضافة إلى فشل الدولة في مصر والمحفزات الأيديولوجية لنشاط الجهاد فإن هناك متغيرات أخرى تشرح كيف أن حركات الجهاد قد نمت واستمرت حتى ظهرت مرة أخرى.

وقد كانت هذه التغيرات الإضافية ردا من الدولة على تحديات من قبل كل من الإسلاميين المعتدلين والمسلحين. وفي مصر،فإن القمع المتزايد من قبل الحكومة للإسلاميين وعائلاتهم وحتى مجتمعاتهم قد أثار رد فعل مسلح حتى من أولئك الذين لا يميلون للأعمال المسلحة.

وعلى سبيل المثال ففي صعيد مصر،وهي منطقة متخلفة تماما وفقيرة جدا، قامت الدولة بالتصديق علي العنف (الثأر) القائم بين الإسلاميين والشرطة تماما مثل ما حدث بين السنة والشيعة في العراق منذ فبراير 2006.وقد كانت هناك مؤخرا تحليلات أوروبية مصرية حول الهجمات السنية بين عامي 2004 و 2006 لإخضاع البدو المتضامنين مع فقرهم وانسلاخهم المبكر.


الديمقراطية

صرح الرئيس بوش في العام 2005 قائلا: "إن إحياء الحرية بشكل متزايد على أرضنا يعتمد على نجاحها في الأراضي الأخرى،وأكبر أمل للسلام في عالمنا يكون من خلال نشر الحرية في كل أنحاء العالم." وقد ظهرت هذه الكلمات لدعم عملية دمقرطة حقيقية في الشرق الأوسط؛ تتمثل في التحول الذي يرمي إلى رفض إيواء الإرهاب، فقد مثلت الدمقرطة السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط.

وقد تم التنويه عن الدمقرطة منذ أعوام ليس فقط من قبل الحكومة الأمريكية ولكن من المؤسسات الأخرى التي تهدف إلى إيجاد الحرية في الرؤية السياسية والاقتصادية والأيديولوجية.وعلى كل حال فقد سبق وأن أكد الرئيس بوش على الدمقرطة تجاه الشرق الأوسط في فترته الرئاسية الأولي.

وقد دهشت المنطقة بأسرها من مناقشات حول "الدمقرطة المفروضة بالقوة" و "الديمقراطية من خلال السلاح" و "الديمقراطية المحلية" و "الديمقراطية التدريجية" وغير ذلك.

فتعزيز الديمقراطية الأمريكية خلال العقود الماضية التي شهدت العلاقات المصرية الأمريكية وخلال برنامج الدمقرطة منذ عام 2005 قد شهد بعض المشكلات في إدراكها وجوهرها وفاعليتها.

وكما أشار دانيال برمبرغ أن المنهج الرسمي المأمول للدمقرطة في 2003 لم يكن بالضرورة ليعكس سياساتنا الفعلية.

ولمدة عقد على الأقل ساعدت برامج المساعدة الديمقراطية الأمريكية الحرية البيروقراطية أكثر من إنهائها بسبب صياغتهم وإستراتيجياتهم غير الواعية.وعندما قامت البرامج بتمويل الجماعات الصغيرة أو التفاعل معها على مستوى "المجتمع المدني" والذي يعني المنظمات غير الحكومية في مصر والتي ترمي لأن تكون مؤيدة للديمقراطية متطلعة للبدء معها وهؤلاء الأشخاص لم يتحولوا لطريق التفكير الجديد حول حكومتهم.

ومثل هذه المنظمات غير الحكومية قد بدأت في مشكلات مع أجهزة الأمن المصرية والتي تقوم بدور تسجيل هذه المنظمات غير الحكومية ومراقبتها.

وفي النهاية فإن هذا النوع من البرامج لا يتواصل مع الشكل الحكومي أو إجراءاته للإصلاح.

ويلاحظ برمبرغ أن حرية الحكام البيروقراطيين في الشرق الأوسط والتي حصلوا عليها من خلال تحفيزهم عليها، قد أحبطت الديمقراطية بدلا من أن تدفعها إلى الأمام.

"الشرق الأوسط" الجديد ومعاداة الأمركة

ويجب ملاحظة أن مشاعر العداء تجاه أمريكا قد تزايدت في مصر منذ إذاعة التفجيرات التي وقعت في أفغانستان مع حكومة طالبان كَرَد على أحداث 11/ 9.

وكغيرهم من شعوب المنطقة فقد اهتم المصريون بالتصريحات التي صدرت حول الحرب على الإرهاب وأنها تستهدف المسلمين ومعتقداتهم وقد بلغت هذه القلاقل ذروتها بالاحتلال الأمريكي للعراق.

وقد عارض الرئيس مبارك خطة احتلال العراق واستبدال حكومة صدام حسين لأنه يؤمن بأن هذا سوف يثير المسلحين المتطرفين في المنطقة وقال أيضا أن هذا يمكنه أن يوجد مائة من أمثال بن لادن.

ولقد وجد العديد من المصريين كغيرهم من المسلمين في جميع أنحاء العالم تأكيدا في وسائل الإعلام ومن خلال الأحداث التي تجرى في المنطقة أن الحرب الأمريكية على الإرهاب ما هي إلا حربا على الإسلام.

لقد صدم الجميع وكُربوا جراء أحداث 11 سبتمبر،فهم بكل تأكيد لم يريدوا هجمات مسلحة في شوارعهم وتعطل أعملهم وانقطاع مرتباتهم،كما لا يريد الجميع أن تكون الأفكار المصرية البديلة وكتبها أو ما تقدمه من ثقافة خارجة عن القانون كما فعلت طالبان.

وبعد أحداث 11 سبتمبر انزعج العديد من المصريين بشكل كبير بسبب الدمار الهائل وقتل المدنيين في أفغانستان ثم بسبب الأعداد الكبيرة من القتلى المدنيين جراء العنف الطائفي في العراق.

أحداث الحادي عشر من سبتمبر

كما أن القيم الشعبية والإسلامية تتطابق مع من ليس لهم شأن من الفقراء والبائسين كما يبدوا للعديدين في المنطقة أنها حملة عالمية للانتقام من أحداث 11 سبتمبر.

إضافة إلى ذلك فإن فكرة أن الإسلام بنفسه هو الذي يخلق العنف فكرة قديمة عند الغرب كما ترجع دراسة العالم الإسلامي إلى العصور الوسطي.

ثم إن الجهود المضاعفة والمتكررة لمساواة الإرهابيين بالمسلمين،وخاصة أولئك الذين لا يحبون الولايات المتحدة سواء بسبب موقفها السياسي تجاه إسرائيل أو رفضها الوجود الأمريكي في العراق، قد أثار غضب العديد من المصريين.

وسواء ما إذا كان رد الفعل الغربي على أحداث الرسومات الدانيماركية التي سخرت من النبي محمد وأحداث الغضب التي ملأت العالم الإسلامي،أو كانت تصريحات البابا بينديكت السادس عشر التي أساءت فهم القرآن وسفهته وقللت من شأن تعاليم القرآن والتعاليم الإسلامية؛أو كان أي شيء آخر فإن الانطباع العام في مصر يقول بأن هذا الاتجاه السلبي في العلاقات الغربية الإسلامية قد قوي بظهور سياسات حملة الحرب العالمية على الإرهاب.

وعلى نحو مماثل فإن هناك كراهية لمشروع الدمقرطة الأمريكي في الشرق الأوسط،وهناك غضب عارم بسبب الغطرسة الأمريكية وتبنيها فرض الديمقراطية في العام 2003.

وهناك آخرون ممن يدعمون الرئيس مبارك كانوا مندهشين من التصريحات الرسمية وتساءلوا لماذا تظهر الولايات المتحدة،التي طالما دعمها رئيسهم،الآن وتسحب دعمها للحكومة المصرية.

وقد اتخذ المتحدثون الرسميون للحكومة المصرية مواقف لم يكن لبوش أن ينتقد مصر من خلالها؛ بل إنه قال أن المنطقة يجب أن تتبع الخطوات التي اتخذتها مصر لتحقيق الديمقراطية التدريجية.ومع ذلك فقد لاحظ وزير الخارجية أحمد ماهر أن حتى طلاب الجامعات يعرفون أن الديمقراطية تشير إلي التمثيل الذاتي والتي لا يمكن أن تفرض من الخارج.

وخلال السنتين الأخيرتين بدت الولايات المتحدة وقد تراجعت عن نداءاتها الملحة بالديمقراطية وواصلت دعمها القوي للحكومة القائمة بالرغم من عدم الانفتاح الذي أظهرته خلال العملية الانتخابية.

وقد قام النظام المصري بأقل ما يمكن عمله من الحلول الوسط، كما قام الحزب الوطني الديمقراطي الحاكم، الحزب السياسي المسيطر، بسحب خطته لخلق إصلاحات سياسية ثم قام بالاحتفاظ بقوته بقدر الإمكان.وتحت قيادة نجل الرئيس، جمال،أغلق الحزب تحولا حقيقيا للديمقراطية في نفس الوقت الذي ادعي فيه الحزب أنه سوف يمثل الديمقراطية.

عقبات الديمقراطية في مصر

وفي غضون ذلك، بالنسبة لهؤلاء الذين يؤمنون بأن زيادة الحرية (ولو بقدر قليل) سوف تقلل من الإرهاب – بالتأكيد هو واحد من مظاهر نموذج الدولة الفاشلة – فإن مصر لم تصبح أكثر حرية.

ومن الأسباب أن موجة جديدة من العنف من قبل جماعات متطرفة صغيرة وجديدة وغير معروفة كان يجب التعامل معها وأن الرئيس رفض التخلي عن قانون الطوارئ الذي يمنح القوة للأجهزة الأمنية.

وهناك عقبة أخرى تتمثل في الطبيعة المعقدة للبيروقراطية والطريقة المعقدة التي ينتفع بها بعض المصريين من جهود الخصخصة من خلال انتشار الفساد.

وقد قام مانحون آخرون أمريكيون ومصريون ودوليون بدعم الخصخصة لمواجهة بعض أزمات الاقتصاد المصري العنيفة التي سببها الأداء الاقتصادي لحكومة مبارك والتي أظهرت أن التغييرات الاقتصادية في البلاد لم تقم بتقديم أي فائدة للشعب،كما أعرب مؤيدو الخصخصة عن تحذيرات كبيرة وإنذارات من الطريقة التي تتم بها الخصخصة في مصر.

وقد قدم نقص التطور السياسي أشكالا من الفساد لفترة طويلة وآمالا للتصويت لصالح السياسيين بدلا من الموالاة وهو نوع من نظام المساهمة غير الرسمي. كما أن هذه المظاهر في مصر وغيرها من ضرورة الرشوة بسبب الأجور غير المجدية قد ساهمت في تزايد الفجوة الاقتصادية غير الرسمية والسياسية وحتى الثقافية.

والمهم الآن هو أن عددا كبيرا من الناس أكثر من ذي قبل قد احتجوا على بلادة الحكومة تجاه فتح النظام واستبداله، مما يعني أن هناك احتمال أكبر للعنف. ونظرا لخفة ظل المصريين والمسالمة، والجدير بالملاحظة أن العنف يقطع طريق العيش والأجهزة الأمنية الكبيرة والجيش لن يقوما بدعم أي موجة عنف سياسي وبذلك يجب على كل شخص أن يكون حذرا في تقديم تكهناته،ولكن في الحقيقة يبدوا أن الحالة السياسية قد اختلفت هذه الأيام.

وهذه الموجة الجديدة من السخط الشعبي ترتبط بالعرف المصري والذي تكرر ظهوره بشكل رسمي وغير رسمي مثل ما حدث في ثورة 1919 ضد بريطانيا وثورة 1952 التي أنهت الملكية وأخرجت الملك فاروق والمظاهرات الحاشدة التي خرجت تعارض تنحي الرئيس عبد الناصر في 1967 وكذلك أعمال الشغب التي جرت في 1977 نتيجة لارتفاع الأسعار وهناك أيضا عصيان قوات الأمن المركزي في 1967(نتيجة لأسباب اقتصادية أيضا) وكذلك السخط الشعبي من 2004 وحتى 2005 حول القضايا السياسية.

وخلال الخمس سنوات الماضية، حيث كانت المناقشات حول الشرق الأوسط الجديد تمثل لب السياسة الخارجية لأمريكا، قامت موجة جديدة من العنف الإسلامي المتقطع بإثارة صناعة الإرهاب في مصر.

وقد هزت حالة الرضا واليقين التي قامت بها مصر من خلال الهدنة مع الجماعات الإسلامية الرئيسية في العام 1999 (الجماعات الإسلامية وجماعة الجهاد) كما قامت بحل أزمة الدولة مع الإرهاب والاعتراف بأن أحداث 11 سبتمبر كانت خاطئة أو أنها كانت تصرفا من قبل إرهابيين قامت مصر بطردهم.

كيف ستجارى مصر هذا التحدي الجهادي الذي يعود للظهور على فترات إلا بالحديث عن حرب مستقبلية طويلة الأمد.


أهمية مصر في المنطقة

بلغ عدد سكان مصر أكثر من 78.877.000 نسمة في عام 2007 (ذكر تقدير وكالة الاستخبارات المركزية أنهم 80.335.036 لعام 2007 ومن بينهم من هم بالخارج) وبذلك يمثل الشعب المصري أكثر من ربع سكان الشرق الأوسط بأكمله.

وقد ارتبط تاريخ مصر القديم وسيطرتها القوية على المنطقة بخصوبة وادي نهر النيل، فالإنتاج الزراعي المصري من القطن وأهميته الإستراتيجية منذ حفر قناة السويس يشرح اهتمامات بريطانيا العظمي الاقتصادية والسياسية في هذا البلد. وقد استمرت هذه المصالح بعد الاستقلال الاسمي لمصر في عام 1922 قم من بعد معاهدة 1936 مع بريطانيا والخروج المتوقع من منطقة القناة في عام 1949.

وبينما كانت بريطانيا تتوقع أن يكون جمال عبد الناصر رجلا لينا يمكنه أن يعمل على تأجيل انسحابهم، اتضح أنه ليس من هذا النوع من الرجال.

قناة السويس

ونتيجة لسلسلة من الأحداث التي قطعت العلاقة السياسية بين الولايات المتحدة وبين مصر أصدر جمال عبد الناصر قرارا بتأميم قناة السويس،ونتيجة لذلك تآمرت بريطانيا وفرنسا وإسرائيل آملة إسقاط حكومة عبد الناصر بهذا العدوان الثلاثي على البلاد.

وبدلا من إسقاط حكومة عبد الناصر قامت حرب السويس بدعم شعبية عبد الناصر في المنطقة وسمحت له بتعزيز أفكار الوحدة العربية والقومية العربية بينما كان يقبل المساعدات الاقتصادية والعسكرية من الاتحاد السوفييتي.

وبينما قامت الولايات المتحدة بتعزيز ميثاق بغداد لدعم مصالحها في المنطقة قام عبد الناصر بنبذ هذا.ولقد كانت سيطرته على أغلب المناطق العربية واضحة جدا حتى حرب عام 1967 مع إسرائيل.

ولذلك فإن العديد من شعارات الناصرية كانت الوحدة العربية والفخر بالهوية العربية والإشتراكية العربية والتصميم على الانتهاء من الماضي البغيض (العهد البائد).

ثم إن المفهوم الثقافي المصري حول العالم الإسلامي الخارجي قد ظهر مرة أخرى على شكل "الصحوة" وهي اليقظة الإسلامية أو إحياء الإسلام التي ظهرت في السبعينيات كرد فعل على الهزيمة العسكرية أمام إسرائيل وكرد على فشل الأحزاب القومية العلمانية والقومية العربية كقوة سياسية.

وبينما يمكن ذكر عدد كبير من الشخصيات فإن هناك أمثلة لكل من الإسلاميين المتطرفين والمعتدلين الذين أتوا من مصر والذين كان لهم تأثير على كل من العالم العربي والإسلامي ومن بينهم حسن البنا مؤسس جماعة الإخوان المسلمين عام 1928و سيد قطب قيادي الإخوان المسلمين الذي شنق في السجن عام 1966 بأمر من الرئيس عبد الناصر وكذلك عبد السلام فرج من جماعة الجهاد الإسلامي المصرية،الجماعة التي قامت باغتيال الرئيس السادات،وشعارهم "الفريضة الغائبة" وهي الجماعة التي قامت بتعزيز الجهاد المسلح ولها سيطرة كبيرة على التنظيمات الإسلامية الأخرى.

وهناك أيضا أيمن الظواهري،المسلح المصري والرجل الثاني بعد أسامة بن لادن،وكذلك الرجل الأكثر اعتدالا يوسف القرضاوي شيخ جماعة الإخوان المسلمين المنفي والذي تذاع برامجه على قناة الجزيرة بقطر والتي أعطته جماهيرية ضخمة (مثل عمرو خالد، الداعية الإسلامي وليس برجل دين).

ولم تقتصر الصحوة الإسلامية في مصر على المعارضة السياسية أو ما يمكن أن نسميه "الإسلام السياسي"، فقد وجدت الصحوة أنصارا لها من بين المواطنين العاديين والمدرسين وأساتذة الجامعات وموظفو الحكومة وعددا من رجال الجيش.

ولكن الصحوة الإسلامية خارج مصر لم تكن على النموذج المصري بسبب التطور الذي حدث في نفس الوقت وشعبية الجماعات السلفية والصوفية الأخرى سواء التي جاءت من السعودية أو من الأردن وكذلك سيطرة الشيعة في إيران والمنظمات العراقية و حزب الله.


الجيش والأجهزة الأمنية

وتمثل مصر أهمية عند الولايات المتحدة بسبب قوتها العسكرية فهناك 450 ألف جندي مصري في الخدمة إضافة إلى جنود الاحتياط والقوات شبه العسكرية والتي تقدر بما بين 405 ألف إلى مليون جندي وبذلك تكون مصر هي أكبر قوة عسكرة في المنطقة.

كما أن قوة القوات شبه العسكرية تقوم بمساندة استقرار النظام بينما قواتها العسكرية تجعلها واحدة من الدول الرئيسية التي تحث على تحقيق السلام الدائم بين إسرائيل والدول العربية.

وبين عامي 1999 و 2005أنفقت مصر حوالي نصف مساعداتها المالية العسكرية الخارجية على معدات مثل طائرات إف-16 وطائرات الأباتشي العمودية ودبابات M1A1.

وفي سبيل الحفاظ على المساعدات العسكرية الخارجية لمصر قام المسئولون المصريون والأمريكيون بتقديم أمثلة أخرى للدعم المصري للأهداف الأمريكية ومن بينها تدريب 250 من رجال الشرطة العراقيين و 25 دبلوماسيا عراقيا في العام 2005، وكذلك نشر 800 جندي في منطقة دارفور في السودان عام 2004،والقيام بإرسال فريق طبي ومستشفي ميداني إلى قاعدة باجرام الجوية في أفغانستان بين عامي 2003 و 2005 وتسهيل مرور 861 سفينة بحرية عبر قناة السويس ودعم هذه السفن أمنيا بين عامي 2003 و 2005 والسماح بمرور 36.553 طائرة عسكرية أمريكية عبر المجال الجوي المصري بين عامي 2001 و 2005 .

وإضافة إلى القوات العسكرية الأمريكية المنتشرة في مصر من أجل القيام بمناورات النجم الساطع نصف السنوية فإن هناك حوالي 600 جندي أمريكي دائمين ضمن قوات المراقبة الدولية المتمركزة في معسكر شمالي في شمال سيناء بالجورة على بعد حوالي 25 كم من الحدود الإسرائيلية ومعسكر آخر في الجنوب في مدينة شرم الشيخ في أقصي جنوب سيناء بين شرم الشيخ وخليج نعمة ولهم ما يقرب من 30 نقطة مراقبة بين هذين المعسكرين للتأكد من عدم وجود عنف من قبل القوات المصرية أو الإسرائيلية وكذلك لضمان إمكانية الملاحة في مضيق تيران.

أما قوات المراقبة الدولية فتضم قوات من بين عشر دول وقد وجدت في العام 1979 بعد اتفاقات كامب ديفيد عام 1978 ومعاهدة السلام بين مصر وإسرائيل وقد تم تعيينها في العام 1982.

وقد هوجمت قوات المراقبة الدولية مرتين جراء اندلاع العنف الإسلامي في سيناء والتي أدت إلى أسئلة حول حساسية القوات الأمريكية والقوات الخارجية الأخرى في البلاد.

أما بالنسبة للقوات المصرية فهناك أسئلة حول تحديث قواتها المسلحة والتعاون الذي يمكن تحقيقه بين الولايات المتحدة وبين مصر.

فالقوات المصرية تختلف بشكل كبير عن القوات الأمريكية نظرا لمتطلباتها فضلا عن التطوع وطبيعتها، كما أن حجم القوات العسكرية وشبه العسكرية يجب أن يثير بعض الاهتمام.

وكواحدة من أكبر المؤسسات التي تضم موظفين داخل الدولة فإن الجيش يقوم بكبح التحول السياسي والاقتصادي بطرق مختلفة.

وقد كتب روبرت سبرنج بورج عن زيادة تصنيع الجيش للأسلحة وللمنتجات غير العسكرية أيضا في أواخر الثمانيات، فتحول الجيش إلى منتج بجانب كونه موظفا يعد شرخا مهما في الاقتصاد ولكنه يضمن ولائه للحكومة والحزب المسيطر (الحزب الوطني الديمقراطي).

وقد كان من أهم عملاء السلاح عند مصر في فترة الثمانينيات هو الرئيس العراقي صدام حسين وقامت الولايات المتحدة بتشجيع هذه الصفقات التي ساعدت العراق في حربها علي إيران في هذه الفترة.

وقد تعلق مظهر مثير للجدل للإنتاج غير الحربي للجيش بإعادة توجيه الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية مبالغ بمقدار 200 مليون دولار ليتم توجيهها إلى شركة "General Motors" بالاتفاق الذي وقع مع "ناسكو" في العام 1986. ولقد كان هذا الاتفاق الذي أمل فيه الجيش يرمي لإنشاء مصنعا ضخما ويتطلب موافقة وزير الدفاع محمد عبد الحليم أبو غزالة.

كما قام الجيش كذلك بتقديم المنتجات الغذائية وذلك أنهى استصلاح الأراضي مع تأييد للبيع والتحويل للقطاع الخاص الذي قام بدعم نظام الرعاية المتطور والذي يمول الهيكل العسكري المدني. وقد استولي قادة الجيش المتقاعدين ورجال الأعمال البارزين على جهود السياحة والبناء.

ومثل هذه المحاولات للحصول على الربح ذهبت بعيدا للتفكير في تطورات جديدة مخططة لبناء سكنات للجيش والشرطة في أماكن متعددة من العاصمة، ولما تصاعد التوتر مع الجماعات الإسلامية المسلحة وجماعة الإخوان المسلمين الأكثر اعتدالا في هذه الفترة، قام الجيش بشكل مثير للاهتمام بعزل نفسه عن السياسات القمعية لوزارة الخارجية بقيادة زكي بدر، وقد قام هذا بحماية الجيش على الأقل أمام أعين العامة.

ولم يتغير الموقف بشكل أساسي خلال سنوات التداخل للقول بأن واحدة من عقبات وجود الدمقرطة يتمثل في تحول السلطة من الحزب الوطني الديمقراطي الذي هو على علاقة وثيقة بقيادة الجيش والشكل الإنتاجي العسكري المدني.

وتشير الأجهزة الأمنية في الغالب إلى مباحث أمن الدولة، فهم يقدمون الأمن للدولة والاستخبارات كما أن لهم يد في حماية مصالح الحزب الوطني الديمقراطي ما دامت مصالح الحزب لا تتعارض ومصالح الحكومة.

ولما كان الجيش المصري في عام 1973 يقدر بمليون جندي فقد انخفض عدده الآن بشكل كبير وزاد عدد عناصر الأمن ليقدر بمليون عنصر.

ثم إن الأجهزة الأمنية كلها تضم الإدارة العامة لمباحث أمن الدولة تحت رعاية وزارة الداخلية التي تتعامل بشكل مباشر مع قضايا الأمن الداخلي، المخابرات العامة تحت رئاسة الرئيس، والمخابرات العسكرية تحت رئاسة وزارة الدفاع والتي تقوم بدعم المخابرات أيضا.

وإضافة إلى ذلك قامت الأجهزة الأمنية بعمل محاكم خاصة للاستماع للقضايا المتعلقة بتهديد الأمن القومي والتي يكون الحكم فيها عن طريق القانون الجنائي وكذلك هناك أنواع أخرى من القضايا تكون تحت سيطرة قوانين الطوارئ، ويمكن أن يشار إليها بمحاكم الأمن القومي أو محاكم أمن الدولة العليا.

ومنذ فترة رئاسة ناصر لعبت قوات الأمن دورا سياسيا مثيرا للجدل لضمان سيطرة الدولة على المعارضة والمنشقين، كما لعبت دورا قويا في الدول العربية السلطوية الأخرى (مثل العراق وسوريا والأردن) ولكنها في مصر قد ذهبت بعيدا عن كونها مجرد شرطة.

وفي مصر تنوعت أساليب الأجهزة الأمنية باختلاف وزراء الداخلية، وخلال معاركهم الوحشية مع الإسلاميين في التسعينيات والتي أظهروا عنفا كبيرا للسيطرة على ممثلي المجتمع وخاصة ممثلي الحزب الوطني الديمقراطي الذين يسعون للديمقراطية أو الذين يحاولون تسجيل انتهاكات حقوق الإنسان بمختلف أنواعها.

المساعدات والضروريات والعنف في دولة فاشلة

تتلقي إسرائيل 3 مليار دولار في العام من الولايات المتحدة، وسوف تتلقي الآن 30 مليار دولار عقب معاهدة المساعدات للعشر سنوات المقبلة.

وفي الماضي كانت الولايات المتحدة تمنح مصر مساعدات أكثر مما تمنحه لأي دولة أخرى ما عدا إسرائيل، وحتى بعد خفض المساعدات كانت مصر لا تزال تتلقي 1.3 مليار دولار مساعدات عسكرية وقد كانت هناك إضافة في العام 2006 بمقدار 495 مليون دولار متعلقة بالإصلاحات الاقتصادية.

أما الخطة العامة للمساعدات التي نشرت من خلال الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية بين عامي 2004و 2006 فيتم عرضها من خلال الجدول رقم 1.

فالمساعدات الاقتصادية تهدف إلى دعم احتياجات الدولة ولكنها لا تلبي جميع هذه الاحتياجات بأي شكل من الأشكال. وإضافة إلى هذا فقد تم تخفيض قدر كبير من ديون مصر كتسوية لها جزاء مشاركتها في حرب الخليج عام 1991.

جدول 1.الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية 2004-2006

الغرض الرقم السنة المالية 2004 السنة المالية 2005 السنة المالية 2006

إيجاد وظائف من خلال التجارة والاستثمار 263-016 472.340 428.309 426.500

البنية التحتية والموارد الطبيعية 263-018 7.400 2.000 1.100

الإدارة 263-019 9.940

الصحة وتنظيم الأسرة 263-020 29.230 26.900 17.200

الديمقراطية والحكم 263-021 37.050 34.900 25.400

تحسين التعليم الأساسي 263-022 15.648 38.611 24.800

الإجمالي (بالآلاف) 571.608 530.720 495.000

وبالرغم من تخفيض المساعدات في السنوات الأخيرة فإن المساعدات العسكرية الأمريكية كانت ترمي لتحسين قدرة الجيش المصري، وبعض هذه المساعدات كان لتحديث أو استبدال الأسلحة والطائرات والسفن السوفييتية. وهناك عناصر أخرى تدعم التدريب وكذلك تدريبات دولية نصف سنوية مهمة تسمي بالنجم الساطع.

وقد درس برنامج المساعدات العسكرية الأمريكي من قبل مكتب المحاسبة التابع للحكومة الأمريكية وقدم في تقرير إلى لجنة العلاقات الدولية في مجلس النواب.

وقد انتقد عضو الكونجرس توم لانتوس بقوة برنامج المساعدات العسكرية المقدمة لمصر قائلا أنه ليس هناك دليل على أن مصر قامت بتحويل قوتها بشكل فعلي إلى طريق التحديث وتحسين الأداء الأمني كما ينبغي بالرغم من التكلفة العالية للبرنامج.

وقد وجد التقرير نفسه أن البرنامج يوضح مساعدات مصر للمصالح الأمريكية ومن بينها السماح بالمرور من قناة السويس والمرور من خلال المجال الجوي المصري والسعي للسلام المصري الإسرائيلي.

فالتعريفات الحقيقية للحداثة وقابلية التشغيل لهذه القوة ليست في موضعها الصحيح وليس هناك تقدير حول تقدم أهداف وزارة الخارجية الأمريكية أو وزارة الدفاع الأمريكية.

ومع ذلك فإن هذه المحاولات ومحاولات أخرى سبقتها في 2007 لتخفيض أو تغيير بنود هذا الدعم لمصر قامت بمقاومتها وزارة الخارجية الأمريكية والبيت الأبيض.

فالبيان الذي قدم للكونجرس قد أفاد في فهم القضية وكيف أن المساعدات ترتبط بشكل فعلي بالتشجيع الأمريكي للإصلاح السياسي، فإذا أخذنا في الاعتبار هذه الملاحظات التي ذكرها السفير الأمريكي السابق لمصر ديفيد ويلك، وهو الآن رئيس شئون الشرق الأدنى في وزارة الخارجية:

"...إننا قد رأينا أن نقوم بالتطوير بشكل عام تجاه مجتمع أكثر ديمقراطية في مصر كما أننا نؤمن بقوة أن المساعدات الأمريكية لمصر يجب أن تستمر، فالمصريون أنفسهم يريدون عملية إصلاح.

كما أننا نؤمن بأن مصالحنا الأمريكية القومية تظل مرتبطة ومتشاركة بما سوف يصبح تحديا للأجيال. وبتجهز جيل جديد من القادة للظهور في مصر،وخطورة مثل هذا على المصالح الأمريكية وعلى حياة المواطنين العاديين كانت الولايات المتحدة على اتصال كامل بهذه الشراكة الصعبة. "

وقد نادت معظم جهود الكونجرس الأخيرة بسحب 200 مليون دولار من المساعدات العسكرية المقدمة إلى مصر لحين وضع حد لانتهاكات الشرطة وإصلاح نظامها القضائي ومنع تسرب الأسلحة إلى غزة.

وعلى كل حال فقد وعدت وزارة الخارجية الأمريكية باتفاقية مساعدات عسكرية لمدة عشر سنوات بمقدار 13 مليار دولار إلى مصر (بعد كتابة هذه الدراسة).


التنمية والعنف

أدى كل من الدفاع المصري والخسارة المصرية في الحرب مع إسرائيل، إلى جانب سلسلة من الفشل في تحقيق التنمية الاقتصادية والتخطيط (التطبيق الجزئي للاشتراكية) بمصر إلى أن تكون دولة فقيرة.

والأصعب من هذا هو الأمر الذي يتم مناقشة بشكل نادر والذي يتمثل في العلاقة بين الانحدار السياسي والاقتصادي وبين التيار الخفي للاستياء والعنف المتقطع بالتنوع الإسلامي.

فهناك العديد من أشكال العنف المحلي والثارات التي تندلع من أجل أمور متعلقة بالمال والحاجة إليه.

وقد وصف تيمثي ميتشيل تراث العنف في مصر حول المكاسب الاقتصادية بأنه الأدب الذي كلل الحداثة والتطور التكنولوجي الذي بدأ في الستينيات ويجب أن يكون قد قام بتحسين حياة المصريين بشكل كبير في عهد الرئيس مبارك اليوم.

وكتب ميتشيل عن أساليب العنف التي استغلها ملاك الأراضي للسيطرة على الفلاحين وخاصة مع تزايد عدد الأراضي أو للحصول على أراضي الآخرين عن طريق التعذيب أو حتى القتل لخلق "ثقافة الخوف".

وقد استمرت هذه الثقافة كحزب يطالب بتمثيل الحشود، الاتحاد الاشتراكي العربي، من خلال الشروع في سياسة الإصلاح الزراعي، والأمل في تحويل الانتباه عن المظاهرات الشعبية المستمرة والمسيرات والاحتجاجات ضد الحكومة مما يعانيه الفقراء اقتصاديا.

فالإصلاح الزراعي قد منع بعد حرب 1967 مما يعني أن العديد من النخبة المستوطنة في الريف سوف تقوم بالعودة إلى أراضيها داعمة الإطار السياسي للدولة وضامنة الارتياب المتواصل من قبل الفلاحين.

ثم إن كل الوعود التي منحت لهؤلاء الناس قد تم التخلي عنها ونقضها في العقود التالية من التخطيط الاقتصادي.

الموقف الاقتصادي

لم يزل الموقف الاقتصادي سيئا جدا بالنسبة لأغلبية المصريين تجاه كل من التوظيف والإسكان والمدخرات والخدمات الصحية بشكل أسوأ مما ذكرته الإحصاءات القومية.

ويمثل سكان الحضر 43 % ويمثل سكان الريف 57 % وقد تم حساب الناتج القومي للفرد بشكل مختلف فقد بلغ 3.810 بتقدير بيت الحرية وبلغ 4000 بتقدير السي آي أيه و 3.700 بتقدير الاقتصاديين. وقد وضع هذا مصر خلف المؤشرات الاقتصادية الأردنية ولكنها تقدمت عن سوريا و إندونيسيا.

ثم إن المعدل ربما لا يعطي الصورة الأكثر وضوحا للفرص المحدودة لؤلئك الذين لم يحصلوا على تعليم باللغة الأجنبية مما يعني أن يتم الحصول على شهادات من خارج الجامعة (التعليم القومي) والتي تتيح وظائف أفضل ورواتب أعلى. فالاستياء العنيف الخفي في البلاد له جذور اقتصادية وسياسية ويدخل هذا في التشكيل الثقافي أيضا.


المساعدات المالية

ومنذ فترة السادات الرئاسية (1970- 1981) أصبح كل من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي والوكالة الأمريكية للتنمية الدولية متدخلين بشكل كبير في التخطيط الاقتصادي في مصر.

وطالما كانت هذه الوكالات تقول بأنه يجب على مصر أن تتخلص من النظام القديم للدعم (الدعم الغذائي ومنه الخبز والقمح بأسعار مخفضة للجميع وزيت الطعام والسكر ببطاقة أطعمة إضافة إلى الشاي والوقود)،وخصخصة شركات الدولة وخلق مناخ يساعد بشكل أكبر على الاستثمار الأجنبي.

وقد كانت هذه آثار الدولة غير الناجحة التي تقودها الإشتراكية العربية أيام عبد الناصر، فالإعانات المصرية مكلفة جدا.

وعلى سبيل المثال فقد كان هناك نقد خارجي يقول بأن دعم الخبز – وهي نقطة حرجة في هذا البرنامج – مكلف جدا والسبب في ذلك هو خفض أسعار الخبز للقادرين على دفع المزيد وهؤلاء الذين لا يقدرون.

وقد كافحت الدولة من أجل تحقيق العديد من الأهداف في التوفيق بين الاقتراحات الخارجية للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي لتقليل الإعانات المالية، ولكن بدون المساعدة العامة وبعض أنواع السيطرة على الأسعار (الإسكان والإيجار والضرائب) فإن العدد الكبير للفقراء ومن قاربوا حد الفقر لن يقدروا على العيش.

وهكذا فإن التحول لنظام الخصخصة الذي يقوم فيه السوق الحر برفع الأسعار يقوم بتهديد الأمن العام.

وبالمقارنة مع الاقتصاد المغلق الذي سبق فترة الانفتاح الاقتصادي التي بدأها السادات لأول مرة في عام 1974 فقد أتيحت العديد من المنتجات للمصريين الذين يقدرون على شرائها.

فالتعريفات التي كانت مفروضة أيام عبد الناصر قد خفضت أيام السادات كجزء من هذه الحرية الاقتصادية.

ولكن المشكلة كانت تتمثل في أن هؤلاء أصحاب الأجور المنخفضة لا يمكنهم شراء هذه البضائع الجديدة، ثم إن بعض أمثلة استهلاكهم قد تغيرت على نحو صعب.

فالنظام الليبرالي الجديد بالنسبة للعديد من المصريين قد قام بتقوية تحليل الإمبريالية الجديدة التي أكد عليها اليسار والتي تبنتها بعض الجماعات الإسلامية واليسار الإسلامي.

وبالرغم من أن هذه الجماعات تعزز التيار الإسلامي أكثر من الإشتراكية كحل لهذا التشوه الذي حدث في المجتمع.

ويشتكي بعض رجال الاقتصاد من أن التقدم الذي يدعيه نظام مبارك إنما يعد دربا من دروب الهزل أو أنه قصص كاذبة عن النجاح، وقد سبق هذا عدة أساطير مثل تزايد عدد سكان مصر ونقص الأطعمة.

وكما أشار تيمثي ميتشيل فإن جميع ما كتب في مصر يقول بأن هناك كثافة سكانية عالية جدا في منطقة صغيرة جدا من مصر "منطقة الدلتا" ولكنه قال بأن المشكلة ليست في تزايد أعداد السكان في السبعينيات وبداية الثمانينيات وليست في نقص الأطعمة بالرغم من التحول في نوعية الأطعمة ولكن القضية تتمثل في استيرادها وتوزيعها على المجتمع.

والبعض الآخر يري أنه الانفتاح الاقتصادي وصعود حركة حماية المشترين التي أضرت بالقيم المصرية وعززت التفرنج ورفعت من درجة القلق حتى مع أولئك الذين يعملون بشكل جيد، فإنجازات من سموا "فريق الأحلام" وهم (وزير الاستثمار محمود محيي الدين ووزير التجارة الخارجية والصناعة رشيد محمد رشيد ووزير المالية يوسف بطرس غالي) قد أفادت المستثمرين الأجانب ولم تقدم شيئا لفقراء المصريين.

فهذه الإنجازات لم تقم إلا بوضع نخب جديد وجماعات ثرية جديدة يمكنها العمل بشكل جيد وتركت الطبقة المتوسطة التي تعتمد على الدخل الثابت تعاني ما تعانيه والفقراء لا يزالون فقراء بينما استفاد من هذه الأحكام الاقتصادية الجديدة (الانفتاحيون – وهم أولئك الذين استفادوا من الانفتاح) الذي بدأ في السبعينيات.

وقد ادعي عثمان محمد عثمان وزير التنمية الاقتصادية أن البطالة انخفضت من 9% إلى 8.5% في ديسمبر 2006، هذا في الوقت الذي أوضح فيه تقرير رسمي آخر بأن معدل البطالة يتراوح بين 11.7% و 23.7%.

وسواء زادت هذه الأرقام أو قلت فإن الحكومة قد استثنت من يمتلكون عقارات أو لديهم عقود إيجار.وهناك تقديرات تقول بأن نسبة البطالة 25% والمعارضة السياسية في مصر تقول بأنها قد وصلت 40%.

وبوضع أولئك الذين ينتظرون التوظيف ومن يحاولون السفر إلى الخارج للعمل في أي مكان (ليبيا ودول الخليج وأوروبا والولايات المتحدة) في الاعتبار فإن هذه المعدلات ستصل إلى أعلى نسبة لها.

ويقدر الفقر بين العمال الفقراء بدولار واحد يوميا كما أن عدد العمال المصريين الفقراء (باستثناء العديدين) يعيشون في مستوي أحط من هذا، ففي 2000 كان هناك 52.7% من الشعب المصري يعيشون بأقل من 2 دولار يوميا.

كما أن التحول في أعداد المصريين الذين يعيشون بما يقارب 2 دولار يوميا يعكس إحصاءات حول الشرق الأوسط ككل ويظهر كمؤشر لانخفاض الفقر.

وعلى كل حال فقد ظهر التضخم وأثر على سعر المعيشة وعلى حجم المشتريات ونوعها حيث أن 2 دولار لم تعد مجدية بالرغم من تنوع البضائع في مصر.

كما أن معدلات سوء التغذية قد وصلت حوالي 40% في بعض المناطق مثل شبه جزيرة سيناء وصعيد مصر، وبعض أزقة المدن ومناطق الدلتا حتى وإن بدأت نسبته تتقلص.

ليست كل الأخبار سيئة فالمنظمات غير الحكومية وحركات التمويل الصغيرة تقوم بالعمل على تشجيع أيجاد الدخل (مع أنه لا يوجد عدد كاف من المصريين)؛ انخفاض عدد وفيات الأطفال (بفضل مشاريع تقوم على نظام التمويل الخاص وبالرغم من العجز الكبير وسوء الإدارة وقطاع الصحة العامة غير الشعبي الذي يخضع للإصلاح ).

والمشكلة هي أن العديد من هذا يعتمد على مساعدات المانحين، فما الذي يمكنه أن يحدث إذا ما إذا ما أوقفت الولايات المتحدة هذه المساعدات أو على سبيل المثال هل يمكن لحكومة غير صديقة للمصالح الأمريكية أن تأتي إلى السلطة؟

وفي الحقيقة كانت سيطرة مساعدات المانحين محل نقاش في مصر منذ أن وجد أنها تغرس في لب القيم الاقتصادية والسياسية داخل الجماعات المحلية والتي يمكن أن تكون بمثابة سيطرة دولية على المصريين.

الفقر والضياع والانضمام للقتال

انقسمت الآراء حول دور الفقر أو الانسلاخ الاجتماعي في الجذب للعسكرية، فأفقر الفقراء ليس لديهم الوسائل أو الطاقة للانضمام إلي العسكرية النظامية.

وقد عبر ماركس عن آراء مشابهة عن الفلاحين الذين اعتبرهم منعزلين جدا وهناك ريبة في خدمتهم كطلائع للتغيير والصعوبة في حشدهم.

ومن ناحية أخري فهناك سبب للإشارة إلى مفهوم ماركس ويبر عن عملية الانحراف الاجتماعي في مصر والتي جربها الناس علي أنها التهجير والانسلاخ والقنوط.

ففي الأجواء الاجتماعية التقليدية تساعد الحلول غير الرسمية والشبكات الناس في التغلب على مشكلاتهم التي لا تستطيع الدولة حلها، وما زال الناس يستفيدون من هذه الشبكات.

وعلى كل حال فإن التحولات الأخرى مثل زحف التمدن إلى القرى والريف والانشقاق داخل العائلات وبعض المظاهر السلبية الأخرى تقود الناس للتأكيد على الدين وفي بعض الأحيان إلى أيديولوجيات أكثر تطرفا وفقا لرؤى ويبريان.


التراث وعدم المساواة بين الجنسين

يؤكد الغرب على التسامح والمساواة في تعريفه للديمقراطية.ولا يجب أن تنطبق هذه في مصر على المعارضة السياسية فقط بل على المرأة والأقليات والجماعات التي لم تحصل على مزايا مثل العديد من الشباب المتشردين والأطفال أيضا. ويقوم بيت الحرية بتعريف العديد من العوامل تظهر بوضوح مزيدا من الحرية للمرأة.

وعند تطبيق مثل هذا في مصر فإن هذا يقوم بإعطاء حرية أقل للرجال بالرغم من أنهم يتميزون عن النساء بشكل قانوني واقتصادي.

وهذه العناصر تمثل عدم التمييز العنصري والسماح بالعدالة والاستقلالية والأمن والحرية الشخصية والحقوق الاقتصادية وفرصة المساواة والحقوق السياسية والتعبير المدني والحقوق الاجتماعية والثقافية.

فمصر تدعم التراث وتؤمن بأنه يساعد التطور فالتعليم والرعاية الصحية قد تم تأميمهما في فترة الرئيس عبد الناصر.

ولسوء الحظ فإن النظام القومي للتعليم كان مثقلا نظرا لقلة الموارد، والعديد من الطلاب يتلقون تعليمهم الثانوي في مدارس ذات فترتين ولا يمكنهم دفع المصاريف لاستلام الكتب أو الدفع من أجل الدروس الخصوصية اللازمة للمرور في الامتحانات.

كما أن تسجيلات الجامعة والقطاع العام ككل تزايدت بشكل تدريجي في حجمها بسبب أن جميع الخريجين المصريين قد وعدوا بالتوظيف. ومع ذلك لم تستطع الحكومة الحفاظ على السلام المطلوب في حين أن التوظيف في القطاع العام أصبح صعب المنال.

وقد تحول بعض الطلاب إلى المدارس الفنية التي تعدهم لقطاعات المهن والبناء بعد أن أصبح من الصعب تأمين وظيفة.

وبالرغم من وعد التعليم للجميع فقد كان معدل التعليم بين الذكور 67.2% ومعدله بين الإناث 42.6% فقط (مما يعني أن هناك ما يقرب من 45% من جميع المصريين أميين وأن 56.4% من المصريين نساء).

وقد تحسنت نسبة التعليم للإناث بين سن 15 إلى 24 ولكنهم بعد تخرجهم لا يعملون في وظائف بدخول جيدة. وبالرغم من أن الناس يؤمنون بأن المرأة تحوز الوظائف دون الرجل فإن المرأة تأخذ خمس دخول الرجال.

ولكن الفكرة العامة هي أن الرجل يظل العائل، والحقيقة أن المرأة تمثل 30% من الأسر المصرية. ويمثل هذا وجها من أوجه عدم المساواة بين الجنسين في مصر والتي تفسر الفجوات بين النظري والواقعي في التغيير الاجتماعي.

ومن أشكال التحول الكبير في الانفتاح الاقتصادي انخفاض الدعم العام والحماية والزيادة الكبيرة في استئجار العقارات والأراضي الزراعية.

وهذه المؤشرات العديدة للتقلقل الاقتصادي مهمة بالنسبة لمدرسة الفكر التي تدعي أن دعم العنف المتطرف إنما يأتي من اليأس الاقتصادي.

وحتى لو كان معظم اليائسين ليسوا بأنصار أكبر الجماعات فإن الإسلاميين المتطرفين قادرين بكل أمانة على الإشارة إلى تدهور العدالة الاقتصادية والاجتماعية في البلاد.

ومن وجهة نظرهم فإن العدل لا يمكن أن يطبق عن طريق الجاهلية (وهي الفترة التي سبقت الإسلام)، ويشير هنا إلى حكام مصر.

فأسامة بن لادن وأيمن الظواهري ليسوا من الطبقات التي عانت من الاقتصاد ولا هم من الأعضاء القيادية في الإخوان المسلمين. ومع ذلك فإن اليأس الاقتصادي يمكن أن يلقي الضوء على زعزعة النظام ويضيف الحجة لادعاءات الإسلاميين.


مناقشات الشخصيات الوطنية

إن الرد الدائم على المخاوف التي تقول بأن مصر ربما تنفجر من الداخل في شكل عنف مدني رأيناه في لبنان والعراق، هو أن المصريين لا يميلون بطبيعتهم إلى العنف.

(وهذه الفكرة تتعارض مع رؤى المستشرقين حول الخداع وعنف الفلاحين مع سلوكهم الخانع الذي افترضه جيمس مايفيلد ). وهناك حجة أخرى تثيرها الرؤية الماركسية وهي أن فقرهم يعوق التنظيم وضرورة الحشد من أجل العنف.

وسواء ما إذا كان ذلك حقيقة أم لا فيجب القول بأن المصريين معتدلين "معتدلين" في سلوكهم ودينهم كما أنهم لا يميلون مطلقا إلى العنف.

وهذا الرأي الشائع عن المصريين ربما يكون خطيرا وغير دقيق، فالظروف السياسية الصعبة في البلاد تبين أن المصريين ربما يحتجون بالكلام أو بالسخرية من قيادتهم إلى درجة ربما لا تكون مقبولة في بعض الدول السلطوية، ولكن هذا السلوك ربما يخدم كصمام أمان لهذا الشعب.

وبالتأكيد فقد كان هناك مزيد من الغضب ضد النظام والذي تزايد في العقود القليلة الأخيرة، وقد لوحظ هذا كثيرا في الغضب العام من مؤامرات الحزب الوطني الديمقراطي وتزوير الأصوات في انتخابات 2005. ولكن هذه التعبيرات الشعبية قد تم التعامل معها من قبل أجهزة أمن الدولة.

ومن خلال هذه الخلفية الكبيرة من المعلومات دعونا نتأمل قضية الديمقراطية ومقتضياتها للمنطقة، فعندما بدأت الولايات المتحدة مناقشاتها حول الديمقراطية في الشرق الأوسط الجديد كانت نقطة البداية هي أنه لا يوجد ديمقراطية في أي بلد في المنطقة سوى إسرائيل.

ولكن في الحقيقة كان هناك أنواع مختلفة من الأنظمة السياسية التي كانت قد شاركت في الحرب الباردة العربية من الخمسينيات إلي السبعينيات.

الديمقرطة المصرية في المنطقة

يجب أن تختلف مساعي الدمقرطة في الشرق الأوسط بسبب الاختلاف السكاني والبنيوي والتاريخي بين الدول المختلفة (انظر الجدول 2).

فالمغرب والأردن دول ملكية برلمانية أما السعودية فملكية مطلقة بالرغم من الوجود الاستشاري. ثم إن البرلمان الكويتي قد تصدي لعدة أهداف في التحول إلى الملكية وقامت الاعتراضات البرلمانية أيضا بالتغلب في قضية ترشيح المرأة.

وتقوم كلا من مصر والسلطة الفلسطينية بانتخاب رئيس الدولة وأعضاء البرلمان.ومع أن السلطة التنفيذية الفلسطينية ليست مسيطرة بشكل كامل وكذلك السلطة التنفيذية المصرية بعيدة بشكل كبير عن السلطة أكثر من أي عنصر آخر داخل الحكومة.

فمصر تنتخب البرلمان ولكن تحولها من الهيئة التشريعية،التي يسيطر عليها الحزب الواحد الذي يمثل ما ترغب فيه السلطة التنفيذية،إلى هيئة تشريعية مستقلة تماما ما زال مستمرا.

جدول 2.الاختلافات العامة في بعض دول الشرق الأوسط

الديمقراطيةالبرلمانية/الأنظمةالبرلمانيةالحزب الديكتاتوري المسيطر

العراق ليبيا

أفغانستان سوريا

لبنان مصر (في حكم عبدالناصر)

السلطة الفلسطينية

تونس

الملكيات الجمهوريات الإسلامية

الأردن إيران

المغرب السودان

المملكة العربية السعودية

الكويت

البحرين


وليس هناك معارضة ناضجة لأن الأحزاب السياسية لم يسمح لها بالانفتاح التام فيما يتعلق ببرامجها والظهور من خلال وسائل الإعلام كما أنها لا تتصرف بسلوك المعارضة الطبيعية.

ويجب معرفة أن السلطة الفلسطينية ليست دولة على الحقيقة فليس لها حقوق السيادة الحقيقية على المواطنين أو على الجيش بل إنها تخضع للسلطة العليا لإسرائيل والجيش الإسرائيلي.

وبدون تعليق على بقية دول الشرق الأوسط فيجب ملاحظة أنه نظرا للاختلاف الكبير في الأشكال السياسية فإنه لا يوجد طريق واحد للديمقراطية.

كما أنه عندما يعترض شعب واحدة من هذه البلدان على السلطوية فإنه دائما ما يكون هناك درب من دروب السلطوية في دولة قريبة.


التطور السياسي في مصر

قدمت مصر نموذجا معارضا للإمبريالية في بداية القرن العشرين أكثر من أي دولة أخرى في المنطقة مطالبة شعوب الدول العربية الأخرى بالنظر إلى السياسيين المصريين مثل سعد زغلول كقادة مهمين وأبطال قاوموا الاستعمار.

فصورة بريطانيا العظمي (جون بول) لمصر (فتاة ترغب في الحرية والدستور والحق في رسم مستقبلها بنفسها) قد كانت في الرسوم السياسية كما أخذت أولوية في المذكرات والمقالات السياسية في بداية هذا القرن.

وقد استمرت هذه المطالبة بالحرية بعد الاستقلال الجزئي الذي منح في العام 1922 وتحول إلى صرخة من أجل الحريات الاجتماعية والسياسية التي تمنح المواطن المصري العادي المساواة مع طبقة البشوات.

ويظل تحقيق هذه الحريات عملاً من أجل التقدم.وبسبب العديد من معايير الثقافة التقليدية المصرية والاتجاهات السياسية المعاصرة والوضع الحرج للسلطة غير العادلة إلى جانب الفساد؛ فهناك أزمة سياسية ترجع للسلطة المطلقة الممنوحة للسلطة التنفيذية والهيئة التشريعية.

وقد قامت الجمعية الوطنية بالعمل بشكل ما في فترة عملها أيام الليبرالية منذ عام 1922إلى عام 1952.

وبالرغم من ذلك فلم يكن التشريع مستقلا كما يجب بسبب الوجود الانجليزي وسيطرته على الملك ومجلس الوزراء.

أما في فترة عبد الناصر فقد فقدت الهيئة التشريعية استقلالها أيضا،وبقي هذا الوضع مع وفاته عام 1970 وما زال العمل به قائم حتى يومنا هذا؛فالمجلس التشريعي حافل بأعضاء حزب الرئيس (الحزب الوطني الديمقراطي).

والآن يمكن القول بأن هذا النقد يأتي من قبل المعارضة وأن المواطنين العاديين لا يكترثون ولا يقومون بتحدي فساد الحكومة أو المساهمات السياسية التي قللت من دخول الخدمات العامة مع أن الشخصيات السياسية التابعة للحزب الوطني الديمقراطي يمكنها أن تلبي الآمال العامة.كما أن هذا البرهان يتناول انحدار النمو السياسي في مصر فضلا عن مقاومة الإصلاح.

وإضافة إلى الارتباك الكائن في السلطة التشريعية،الذي ذكر من قبل، قام القضاء بالنضال من أجل تحقيق قدر أكبر من الاستقلالية.

وقد تم ملاحظة أهمية القانون كوسيلة للسيطرة على السلطة التنفيذية والأجهزة الأمنية من خلال تزايد أعداد القضايا القانونية التي رفعها المحامين الإسلاميين ضد الحكومة في كل من محكمة النقد والمحكمة الدستورية،فإصرار القضاء على الحكم في هذه القضايا بدون الضغط من السلطة التنفيذية يعني أن نظام المحاكم المصري أكثر استقلالا من النظام السوري حيث ترى المحاكم الدستورية مكانا يعمه الهدوء.

وعلى أية حال فهناك المزيد من أجل حرية القضاء أكثر من استخدام المستويات العديدة للمحاكم.ومن بين أهم الأمور التي كافح القضاة من أجلها هي مطالبتهم أو محاولتهم المطالبة بمراقبة العملية الانتخابية،ومن ثم رأينا القضاة المصريين على رأس انتخابات 2005 مشيرين إلى أن استقلالهم ما زال في المهد.

وهناك رؤية عامة للعوامل المتغايرة التي يمكن أن تساعد أو تشجع على الدمقرطة في مصر في الجدول 3.وبالرغم من العوامل المتعددة لتشجيع الدمقرطة وإظهار مزيد من التوازن للسلطات الحكومية ربما يكون من الغريب أن تعدل مصر في الوقت الحالي إلى النظام الوراثي في القرن الحادي والعشرون.

وعلى أية حال فسنوات الضعف المفرط وقمع المعارضة السياسية وحركات العمال المشلولة وبعض العوامل الأخرى التي تثبط الهمم قد كان لها تأثير على القادة في تحدي الوضع الراهن.

التوجهات الديمقراطية مقابل التوريث

وخلاف سابقيه لم يقم الرئيس مبارك بتحديد نائب للرئيس، بالرغم من أنه قد عمل نائبا للرئيس السادات منذ عام 1975 وحتى العام 1981، وقد طولب أكثر من مرة بتعيين نائب للرئيس وخاصة بعد محاولة اغتياله عام 1995.ولكن فشله في تأسيس سلسال وراثي واضح قد أشعل التخمينات حول احتمالات التوريث.

وقد اندلعت هذه الاحتمالات بتوريث بشار الأسد في سوريا وهو الأمر الذي عزز النقد القوي من قبل المعارضة المصرية،ولم ينتقد من قبل المصادر المؤيدة للحكومة، لتعيين نجل الرئيس "جمال مبارك" (وهو أحد ولدي الرئيس حسني مبارك وقد كان رجل أعمال في السابق) كأمين عام للحزب الوطني الديمقراطي، وقد وقع الحدثين في العام 2000 وجاء ليعزز التخمينات حول مستقبل مصر.

جدول 3. العوامل التي تعزز الديمقراطية أو التي تعوقها في مصر

التعزيز الإعاقة

الظهور في سياسات المنطقة والتعبيرات الثقافيةسنوات ضعف المعارضة السياسية وترسيخ القمع السياسي

الاستقلال القضائي،وإن كان ضعيفا، وزيادة القضايا المقدمة إلى المحاكم العليا

المنزلة الوضيعة للاستقلال التشريعي والقضائي

عدد السكان الكبير ومجتمع مدني فعالزيادة معدل البطالة ونقص العمالة

التسويات التي تم إنجازها مع أكبر الجماعات الإسلامية المتطرفة (جماعة الجهاد الإسلامي والجماعات الإسلامية)لضعف الاقتصادي الذي يؤكد على الخصخصة والدعم المالي وميزان التجارة وقلة المدخرات

المنهج الشعبي القائم تسييس المهنيين (من خلال النقابات)

عدم وجود حماسة للحرب ضد إسرائيلالسلام "البارد" الطويل

الحركة النسائية النشطةالضعف والحركة الارتجاعية لتفويض المرأة

وقبل تولي جمال مبارك دورا قياديا في الحزب الوطني الديمقراطي كان العديد من المراقبين يقترحون أن من سيخلف مبارك سوف يكون من الجيش مثل الأربعة الذين سبقوه (نجيب وناصر والسادات و مبارك نفسه والذي كان طيارا وقائدا للقوات الجوية).

وبداية فقد كان هناك آراء تقول بأن وزير الدفاع الأسبق محمد عبد الحليم أبو غزالة والمولود عام 1930 ربما يخلف الرئيس مبارك.

ولكن هذا الرأي قد تغير عندما عزل من منصبه بشكل غير متوقع وأصبح مستشارا رئاسيا في عام 1989، ثم اختفي الرجل من الحياة السياسية عام 1993.

أما وزير الدفاع الحالي محمد حسين طنطاوي المولود عام 1935 والذي يظهر بصفة دائمة بجوار الرئيس مبارك فقد كان سيخلف الرئيس مبارك في حال إذا ما نجحت محاولة اغتيال مبارك عام 1995، ثم أشيع أن الطنطاوي ليس بصحة جيدة عام 2000 لذلك توجهت كل احتمالات التوريث إلى عمر سليمان رئيس المخابرات العامة وهو في الستينيات من عمره، وهذا الرجل ليس ملائما ليكون نائبا للرئيس ولكنه وبكل تأكيد شخصية مسيطرة داخل الحكومة.

وهناك احتمال آخر يشير إلى مجدي حتاتة الذي ولد عام 1941 وهو رئيس أركان القوات المسلحة المصرية.

وكل هذه الاحتمالات يمكن اقتراحها من قبل هؤلاء الذين يقومون بالدراسات الأمنية.ولكن بعد فترة الغضب التي تبعت مد فترة العمل بقانون الطوارئ في عام 2006، قام المصريون بتقديم العديد من المقترحات الأخرى للقيادة لأنهم قد أُربكوا من فكرة التوريث أو أرادوا تغيير سيطرة الحزب الوطني الديمقراطي.

مؤشرات الدمقرطة

يمكن للضغوط الاقتصادية القوية أن تعرض الاستقرار المصري للخطر، فمصر بها عدد كبير من السكان كما أن المعدل المطلق للفقر قد انخفض بعض الشيء خلال حكم مبارك.

وعلى أي حال فإن البطالة ونقص العمالة قد أوجدا نطاقا من الإرهاق الاجتماعي، فعلى سبيل المثال لا يجد العديد من الأفراد مقومات الزواج.

وهكذا فإن الدمقرطة التي يمكن أن تنهي أي عنصر من المخاطر المادية يمكن معارضتها من قبل مصالح الأعمال وأولئك الذين يعتمدون على إعانات الدولة.

فتسييس المهنيين والمثقفين من خلال النظام النقابي (اتحادات العمال غير قانونية لذلك فإن النقابات المهنية في موضعها الصحيح متبعة الحكومة لحماية المهن المتعددة) يمكن أن يقود لظهور معارضة سياسية جديدة.

ومن ناحية أخري فإن نقابات المحامين والأطباء والمهندسين قد استقطبت الإسلاميين بشكل كبير إلى أن دخلت الحكومة الانتخابات بشكل مباشر.وليس من الواضح كيف أن هذه النقابات تقود البلاد إلى الدمقرطة بالرغم من أنها قامت بذلك.

فالدمقرطة التي تمكن الإسلاميين وتعارض التقدم الذي أحرز تجاه المرأة من خلال الإصلاح القانوني أو تفشل في إصلاح العقبات التي ما زالت موجودة أمام المساواة ربما تكون محبطة للحركة النسائية المصرية.

وقد بذل النشطاء قصارى جهدهم لتحقيق الإصلاحات القانونية التي تخاطب المظاهر العنصرية في القانون الجنائي وقانون الأسرة، فعلى سبيل المثال استطاعوا في النهاية أن يقوموا بإنهاء قانون تشجيع المرأة للتزوج من مختطفها/مغتصبها كما قاموا بمساعدة من الرئيس بالعمل لتمرير قانون "الخلع" لعام 2000 والذي منح المرأة طريقا أسهل للطلاق.

وقد قام الرئيس المصري بالمساعدة في العديد من هذه التغييرات والتمكين لها،ومن بينها هذا القانون،والتي عارضها الوفد وبعض الإسلاميين والمحافظين وقاموا بمواجهتها بشكل قانوني.

دور مصر في المنطقة

بالرغم من توقيع مصر لاتفاقيات كامب ديفيد للسلام إلا أن سلامها مع إسرائيل سلام فاتر أو "بارد"، فقد عانت مصر من خسائر كبيرة في حربها مع إسرائيل وبالرغم من المرارة تجاه معاملة أسرى الحرب المصريين فإنه لا يوجد تأييد كبير للحرب الآن.

وقد كان هناك بعض الاعتراضات على السلام،إلا أنه ليس غريبا في غياب الديمقراطية في مصر أن يقوم الرئيس السادات بالتصرف منفردا بدون استشارة أو بدون استفتاء شعبي حول هذه القضية.

ويعني هذا أن معارضة اتفاقية السلام كانت وسيلة للشكوى من الطبيعة السلطوية للحكومة المصرية.وإضافة إلى ذلك فقد عارض العديد من المصريين الاتفاقية بسبب الفشل في تناول احتياجات وحقوق الشعب الفلسطيني،وعلى سبيل المثال فقد كانت هذه هي رؤية الإخوان المسلمين من البداية والعديد من المصريين العلمانيين أيضا.

وفي الحقيقة فقد كان الرئيس السادات نفسه محبطا وغاضبا من رفض إسرائيل التفاوض حول الوضع الفلسطيني، وبعد فترة قصيرة من الوقت تبعت الاتفاقية قامت العديد من النخب والقطاعات داخل الشعب،وخاصة المثقفين، بمعارضة هذا.

فالنقابات المهنية اتفقت على أننا لم نكن مضطرين للتواصل مع إسرائيل وربما كان علينا الاستمرار في مقاطعتهم،وبالرغم من ذلك فقد خالفهم بعض الأفراد داخل النقابات حول هذا الأمر.

فالعديد من المثقفين والكتاب والشخصيات السياسية أرادت التواصل مع الإسرائيليين ولم يفقدوا الأمل في التوصل إلى حل قاطع من أجل الفلسطينيين.

وقد كان وجود السياح الإسرائيليين في مصر وبعض التغييرات الثقافية التي طرأت حتى عام 1982 تثير النقد البيروقراطي والصحفي، كما أن الشعب المصري قد اغتاظ بسبب الغزو الإسرائيلي للبنان عام 1982 وهو الذي حول الكثير عن طبيعة التسوية لاتفاقية السلام.

وفي النهاية قام الرئيس مبارك بإصلاح العلاقات مع العالم العربي بشكل رسمي في نوفمبر 1987 بقرار من القمة العربية والذي سمح للدول العربية بإعادة العلاقات مع مصر ومن ثم استعادت مصر مقعدها في المؤتمر الإسلامي السنوي.

كما كان هناك برامج تعاون سياسي واقتصادي مع إسرائيل ومن ثم كانت مصر قادرة من خلال تحقيق اتفاقية كامب ديفيد وتحسين علاقاتها مع الولايات المتحدة أن تقوم بلعب دور في جهود إنهاء الصراع إلى جانب عدد من اللاعبين العرب ومن بينهم الفلسطينيين.

دور مصر في الجهاد العالمي

يجب أن تهتم الولايات المتحدة بمصر ومستقبلها بسبب انبعاث الجهاد العالمي. وبينما كان القائد أيمن الظواهري مرتدا عن العدالة المصرية التي من أهدافها التحول عن تنظيم الجهاد الإسلامي في مصر إلى أهداف القاعدة العالمية كما أنه يضرب مثالا لاتجاه بين الإسلاميين المتطرفين الذين قاموا بالعمل ذات مرة في مصر ولكن الحكومة نجحت في قمعهم.

ثم إن بعض الباحثين الذين قاموا بدراسة ظهور الجهاد العالمي أو ركزوا على التسلح في مصر لا حظوا أنها كانت مكافحة محلية ناجحة للإرهاب ساهمت في الجهاد العالمي بمعني الحركة والمسلحين الذين يجعلون من أمريكا عدوهم اللدود،وقد كان قائد الإرهابيين في هجمات 11/9 محمد عطا، مصريا.

ويأتي التهديد الخطير للاستقرار السياسي داخل مصر من قبل الجماعات الداخلية المتطرفة في السبعينيات وجماعة الجهاد الإسلامي مؤخرا والجماعات الإسلامية.

وتهدف هذه الجماعات لقض مضجع الحكومة المصرية وإقامة حكومة إسلامية على الشريعة الإسلامية بدلا منها.

وعندما قامت زمرة من جماعة الجهاد الإسلامي باغتيال الرئيس السادات وقامت بشن عمليات قتالية لمدة شهر؛فإنهم قد بالغوا في تقدير قدرتهم على إسقاط الحكومة المصرية.

وقد كانت هناك مناقشات في هذا الوقت حول تقدير أعداد الإسلاميين المتطرفين أمثال الذين قتلوا السادات في القوات المسلحة.

وعلى العكس من هذه الجماعات التي من أهدافها الرئيسية إسقاط الحكومة المصرية واستبدالها بحكومة أخرى إسلامية،أكدت عناصر القاعدة على ما سماه أوليفر روي "الأمة العالمية" وعدم التأكيد على الهوية القومية للمتطرفين أو خصومهم،في الوقت الذي ينقسم فيه العالم إلى المجاهدين الصالحين والمسلمين الأشرار وغير المسلمين.


العنف الإسلامي

أربك العنف الإسلامي الدولة في السبعينيات والثمانينيات والتسعينيات، لذلك قامت الدولة بعقد الهدنة مع الإسلاميين المتطرفين في عام 1999 والتي سوف نناقشها فيما بعد. وهناك اختلافات حول أفكار ظهور العنف والذي يقول بعض الخبراء بأنه استشرى من خلال طرق أجهزة الأمن المصرية.

ومهما يكن فإن الهدنة لا تنبئ بإنهاء العنف الإسلامي كما كان متوقعا بشكل عام في هذا الوقت. كما أن المصريين الذين حسبوا أنفسهم في منعة من التهديدات التطرفية للجهاديين أمثال أولئك الذين قاموا بهجمات الحادي عشر من سبتمبر، كانوا قد صدموا بانبعاث العنف مرة أخرى منذ عام 2004.

وقد أثارت هذه الأحداث الأخيرة تساؤلات حول احتمالات انتصار العنف الإسلامي والآخرون لدرجة يولد فيها القمع عنفا لا ينتهي.

وخلال 30 عاما من المناوشات بين المتطرفين والدولة المصرية هددت الجماعات المتطرفة الصغيرة والمزعجة بمهاجمة السلطة المصرية.

ومن خلال هذه الأفعال قاموا بمساعدة الدولة حيث قامت الدولة من أجلهم بالعمل في ظل قانون الطوارئ وقامت بمنع التغييرات الديمقراطية.

وقد بدأ تحول مصر إلى الديمقراطية يغرق هذه الأيام حول هذه القضية وحول التحول من نظام شعبي وقطاع عام كبير في محاولة لتحويل نفسها إلى نظام اقتصادي رشيد بدون حل أي من مشكلات التطور العميقة.

وكما قال السفير المصري للولايات المتحدة نبيل فهمي أنها لا تتحرك في "طريق حازم" نحو الديمقراطية.

وفي المقابل يبدو أنها قد وقعت في الشرك وتجمدت بين الحاجة للاستقرار والسيطرة القوية للرغبة في الديمقراطية المصرية من أجل الحرية وزيادة التبعية المدنية والشفافية التي قامت إدارة بوش بدعمها شفهيا إلى نهاية العام 2006.

وبزيادة البطالة والتضخم والأنواع المختلفة للضغوط الإسلامية على المجتمع بقي الوضع على ما هو عليه.

أما المراقبون الذين يتخوفون من تجهيز الرئيس مبارك لابنه كي يتولي الأمر من بعده كانوا قد مروا بأوقات غاية في الصعوبة وقد حملوا اعتباراتهم للعالم غير العربي بسبب السلطات سلطوية الحكومات الحالية.

ولهذه الأسباب حققت حركة كفاية الصغيرة إنجازا ملحوظا في خلق احتجاج شعبي صغير. وفي سبتمبر 2005 قامت كفاية مظاهرة تضم 5.000 شخص وأخرى كانت تضم 10.000.

ومثل هذه التعبيرات للاستياء العام قد شكلت شكلا مغايرا لجهود الاحتجاج الأولي،والتي كانت منذ تطبيق الحركة العمالية وجماعات المعارضة السياسية الأخرى في ظل حكم عبد الناصر، غير القانونية والتي كانت قوات الأمن تعاقب عليها.

وخلال سنوات حاول الطلاب والمواطنون القيام بمظاهرات،سواء كانت للاحتجاج على الأفعال الإسرائيلية أو على حرب الخليج الأولي عام 1991 أو على التفجيرات الأمريكية في العراق في ظل إدارة كلينتون،وكذلك سمحت الحكومة للمتظاهرين بالتجمع في غير الأماكن العامة.

على سبيل المثال فإن المحتجين داخل الجامعات ربما تركوا أو قمعوا أو ربما الاثنين،ولذلك فعندما بدأت كفاية مظاهراتها وكذلك جماعات مثل الإخوان المسلمين قامت قوات أمن الدولة باعتقال ومعاقبة المحتجين وقامت كذلك مؤخرا بإعطائهم مساحة للتعبير.

وكما لاحظ المراقبون فإنه كان هناك حدود لسيطرة كفاية فهي وبكل بساطة لا تستطيع الحشد لدرجة تكفي لصدم الدولة (مثل الإخوان المسلمين والجماعات الإسلامية الأخرى) ولا يمكنها كذلك تشجيع عدد كبير من الطبقة العاملة على اتخاذ مخاطر سياسية أكبر.

ولهذا السبب فقد عملت كفاية كمحتج أكثر من كونها بديل سياسي؛ فقد حاولت كفاية جذب الانتباه إلى تعنت الحكومة في الانتخابات التشريعية والرئاسية وبعض الأمور الأخرى.

أيكون توريثا؟

يهتم العديد اليوم بمحاولة دفع جمال مبارك نجل الرئيس حسني مبارك إلى قيادة الإصلاح داخل الحزب الوطني الديمقراطي ليكون معروفا بشكل أكبر ومقبولا لدى المصريين وكذلك للمساعدة في الحفاظ على سيطرة الحزب القوية على الحياة السياسية.

وفي مصر،وبتبني مبادئ الجمهورية في عام 1952 تم إنهاء فكرة الملكية والتوريث والامتيازات الطبقية.

ويرى العديد من المصريين توريث الرئيس مبارك قد جاء في أعقاب توريث بشار الأسد في سوريا.

وعندما بدأ سعد الدين إبراهيم،عالم الاجتماع،في انتقاد الرئيس واحتمال توريثه لابنه وكذلك قمع النظام لجهود المجتمع المدني للديمقراطية وتقريره جول العنف ضد الأقباط المسيحيين في مصر واقتراح مراقبة قضائية آمنة على الانتخابات لجعلها أكثر نزاهة،استخدم لفظا ساخرا (ملوخية) ليصف المساهمة المصرية في التطور السياسي.

وقد أدى هذا التلاعب في الألفاظ إلى إغضاب النظام.فالتوريث في الحكومة الحالية،والذي يحافظ على سيطرتها على النظام البرلماني واستمرار كبحها للوظائف القضائية والتشريعية على حساب السلطة التنفيذية لن يؤدي إلى زيادة في حرية المصريين.

كما أن هيئات استشارية حسنة السمعة مثل مجموعة الأزمات الدولية قد واصلت مطالبتها للديمقراطية من داخل النظام نفسه،ولم تحرص على نقص رغبة الحكومة والحزب الوطني الديمقراطي في الإصلاح الحقيقي.

هل هناك بدائل للقيادة؟

وعندما سؤل المصريون عن الانتخابات التي سبقت 2005 وما إذا كانوا يرغبون في اختيار مرشحين رئاسيين،قال العديد منهم أنهم منذ أن كانوا صغارا لم يعرفوا قيادة أخرى.

فالشباب لم يعيشوا في ظل فترة السادات الرئاسية وفي حكومة الحزب الوطني الديمقراطي لا يوجد سياسيون آخرون سوى من هم في مقام حسني مبارك.

وفي ظل القوانين الانتخابية الجديدة يجب أن يكون من يترشح للرئاسة ضمن حزب قانوني ويمثل نسبة 5% في هيئة تشريعية وأن يكون موافقا للشروط الأخرى.

وإذا كان من الواجب كتابة هذه القوانين لقبول المرشحين الذين لا يريدون أن يمثلوا القيادة في الأحزاب المؤهلة أو إذا تم قبول الإخوان المسلمين وتم إجراء الانتخابات بشكل نزيه؛ في هذه الحالة فقط يمكننا اختيار مرشحين آخرين.

وإضافة لهؤلاء الذين تقدموا للرئاسة في 2005 مثل أيمن نور (حزب الغد) ونعمان جمعة (حزب الوفد) أو طلعت السادات (ابن أخو الرئيس أنور السادات، حزب الأحرار) والذي حُوكم بعد الانتخابات وسجن مدة عام بسبب إهانته للجيش، فقد كان من المثير أن نسمع المصريون يناقشون احتمالات أخرى حول توريث الجيش أو توريث نجل الرئيس.

وتشمل الأمثلة قائدا من داخل جماعة الإخوان المسلمين وأعضاء في مكتب الإرشاد أو الدكتور عصام العريان(طبيب وقائد داخل الجماعة منذ وقت طويل).

وهناك العديد من المرشحين الذين عزموا دخول الانتخابات الرئاسية ولكنهم منعوا عن طريق الأحكام التي تفرض أن يكون المرشح من داخل حزب معترف به، ومن بين هؤلاء الكاتبة والطبيبة السابقة نوال السعداوي وعالم الاجتماع سعد الدين إبراهيم الذي عارض السياسات الرأسية للحكومة وموقفها الصامت تجاه الهجمات علي المسيحيين القبطيين وقمع المجتمع المدني.

وذكر الناس أسماء مثل طارق البشري (قاض وعالم تاريخي اجتماعي وإسلامي) وكذلك جمال أمين (اقتصادي).ونظرا للخلافات مع وزير الثقافة حول الحجاب أصبحت شخصيات مثل عبد الوهاب المسيرى – نوع مختلف من المثقفين الإسلاميين – أكثر شهرة.

وكذلك كان هناك هشام البسطويسي (قاض من محكمة النقض والإبرام والذي حوكم لمعارضته الانتخابات) أو زكريا عبد العزيز (رئيس نادي القضاة).

واليوم يمكن تحدي ما عرفه المصريون بأنه "لا يوجد قائد سوى مبارك ويمكن أن يكون من الصعب جدا على أي مرشح – إلا مرشح الإخوان – الحصول على قبول شعبي كامل في المنافسة الانتخابية العدوانية.

وربما يؤمن صناع القرار السياسي الأمريكي بتوقعات الحكومة المصرية بأنها والحزب الوطني الديمقراطي سوف يصيبهما الضعف وأن الإخوان المسلمين سينتصرون عليهم ويجب أن يتحمل هذا البديل جميع التكاليف.

وقد توافق هذا التوقع مع تقارير العديد من معاهد الأبحاث الأمريكية والتي توضح أن البدلاء العلمانيين ضعفاء جدا إذا ما تمت مقارنتهم بالإخوان المسلمين، فالإخوان هم البديل المحتمل الوحيد في مستقبل ديمقراطي.

ومن الصعب فهم الاثنين لأن أحزابا دينية مثل الدعوة والمجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق قد حصلت على الموافقة الأمريكية كممثل شرعي،فالخبرة الكبيرة والطويلة للإخوان المسلمين تبين أنها لم تشارك في أعمال العنف ضد الحكومة منذ الأربعينيات (يمكن أن تكون مؤامرة 1954 قد حبكت ضدهم) وأنها تسعى للعب دور شرعي داخل الحكومة المصرية القائمة فضلا عن تحركها من خلال طرق خارجية إلى السلطة.

وفي رد عبد المنعم أبو الفتوح، من قيادة الجماعة، على ما إذا كان يجب على الإخوان المسلمين الاحتجاج على موقفها غير القانوني والسعي للمشاركة السياسية قال "إن مؤسسات الدولة مملوكة للشعب وإذا ما انسحبنا من هذه المؤسسات فإننا لن نحقق شيئا لأن الإسلاميين سوف يأتون إلى السلطة عندما يدعم النظام الديمقراطية والحرية."

والمراقبون الأمريكيون أقل مساندة للسياسات المصرية التي تخاف من جماعات مثل الإخوان المسلمين بسبب موقفها المعادي للصهيونية والمؤيد للفلسطينيين.

وسوف نتناول القضية بشكل أكبر ولكن يجب التأكيد على أن من أكبر العقبات التي تواجه الإصلاح السياسي في مصر غير الإخوان المسلمين هي قوانين البلاد وتنظيماتها القائمة.

عقبات حقيقية أمام الديمقراطية

توجد في مصر الأدبيات الحقيقية حول عقبات الديمقراطية، وأغلب هذه العقبات يرتكز حول النتيجة غير المرضية لثورة 1952 المصرية.

وكتب عالم الاجتماع حامد الأنصاري عن مجتمع غير قادر على تنفيذ وعود القومية العربية؛ وأوضح ليونارد بيندر نمو الطور الثاني الذي امتد وغذى هذه السياسات مثل العمل بالماركسية،والتي تساعد في شرح دور الجيش كمستفيد من ثورة 1952 ومن بعده الانفتاح الاقتصادي.

وفي ظل حكم ناصر كان للقيم الرسمية شعبية وحاول رايموند هينيبوسك أن يشرح الدولة الساخطة على تأييد الشعبية،بينما كتب على هلال دسوقي عن دولة في أزمة.

وقد استخدم روبرت سبرينجبورج كل من تعبير "موروث والمفكك" لوصف النظام المصري. وهناك نوع آخر من التحليل يقول بأن هناك تحول بطيء جدا للديمقراطية بدلا من غيابها.

كل هذه العقبات يجب لا يجب أن ينعت بها أفراد سلطويين، فالقادة لهم دور في هذه العملية؛ فعبد الناصر هو الذي أوجد الاتحاد القومي العربي وهيكل حزبها الكبير والسادات هو الذي تحول من الاتحاد القومي العربي إلى الحزب الوطني الديمقراطي ومن ثم أوجد برامج معارضة صغيرة جدا، بينما في الحقيقة لم تحدد واحدة من هذه البرامج أي من الأحزاب السياسية المستقلة، ومبارك الذي حول الإصلاحات إلى نظام انتخابي لذلك يمكن أن يكون هناك قدر بسيط من التغيير،عن طريق هؤلاء القادة ونظام السياسات المؤيدة ونماذج التبعية التي تغلغلت في المجتمع منذ الحقبة الليبرالية غير الديمقراطية التي سبقت الثورة إلى وقتنا الحالي.

وهناك صورا جديدة في نظام التأييد الحالي ولكنه لم يحدث منذ أي وقت سابق أن تغيرت القوانين والمؤسسات بشكل كاف وبذلك يمكن للهيئة التشريعية والقضاء أن يقوما بالعمل باستقلال ضروري، وليست مصر وحدها من تسعى لهذا في المنطقة.

هل هناك دور أمريكي في الدمقرطة؟

تقوم الولايات المتحدة بتعزيز الدمقرطة كسياسة عامة وأكدت على هذه العملية بشكل قوي كجزء من رؤية المحافظين الجدد للشرق الأوسط الجديد.

وبعد ذلك لم تستطع الولايات المتحدة لا تعزيز الدمقرطة ولا المطالبة بها في مصر بدون تغييرات أساسية في المؤسسات السياسية في البلاد.

ولم تكن الدمقرطة في الماضي أو في الوقت الحالي في مصر تعمل تجاه تحويل المؤسسات.وبالرغم من أنهم ربما يقومون بتقوية المجتمع المدني وإنشاء منظمات غير حكومية وبعض البرامج التي يمكنها أن تعزز الشعور المجتمعي والمدني إلى جانب برنامج التطوير الاقتصادي في الشرق الأوسط. وبكل بساطة فليس هذا، كما أشير إليه فيما سبق، مكمن عقبات الدمقرطة.

كما أن الوضع المتأزم في العراق ربما يكون نذيرا لما طالب به ريتشارد هاس من مجلس العلاقات الخارجية بإنهاء السيطرة الأمريكية في العراق.

وتقول رؤيته بأن معاداة أمريكا قد زادت لدرجة أن نوع استخدام الأسلحة الذي وجد في سنوات تجربة الشرق الأوسط الجديد قد شارفت على الانتهاء.

ولو كانت هذه هي القضية فإن المثال القوي للدمقرطة والذي من المفترض أن يلهب المنطقة ربما لا يظهر أو ربما يكون مصبوغا بصبغة السياسات الطائفية وغير قابل للتطبيق خارج العراق ودول مشابهة له.

وبطريقة أخرى فإن التحولات التي تحدث تآكلا في السلطة التنفيذية؛ على سبيل المثال في باكستان أو مصر يمكنها أن تضعف القدرة القمعية للدولة. وربما يكون أنه بالرغم من تحدث أمريكا عن الدمقرطة فإن البلاد يجب أن ترغب بشكل كبير في الاستقرار.

وهناك رؤية أخرى تقول بأن الولايات المتحدة لم تكن جادة قط تجاه الدمقرطة في مصر. وكدليل على هذا أشار المعلقون إلى رد الرئيس مبارك على مطالب بإحلال الدمقرطة في 2005 عن طريق استفتاء عارضته العديد من الجماعات،وقد أدت هذه التغييرات إلى انتخابات رئاسية متعددة المرشحين بينما قامت بتشديد شروط قبول هؤلاء المرشحين.

وبالرغم من هذه القيود ما زالت حكومة مبارك تبقي واحدا من هؤلاء المرشحين للرئاسة، أيمن نور، في الحبس إضافة إلى مئات من قوى المعارضة وربما كانوا مصوتين في ربيع 2005.

وعندما سئلت وزيرة الخارجية الأمريكية كونداليزا رايس أن تعلق على قضية أيمن نور خلال زيارتها لمصر في أكتوبر 2006؛ عارض ردها الحذر الإشارات الواضحة التي تقوم على تشجيع الدمقرطة.

التيار الإسلامي والتطرف في مصر

في نهاية التسعينيات كتب الباحثون عن نهاية التطرف الإسلامي في مصر أو عن منطقة مؤيدة للإسلام، بالرغم من أن الظاهرة كانت لا تزال تتزايد في أماكن أخرى.

وبشكل أساسي يقول الباحثون أن التطرف لا يمكن الدفاع عنه ولكن سياسات المشاركة (مشاركة الإسلاميين إلا من يتبني العنف منهم) يمكنها أن تحقق تغيير.

فإذا كان التطبيق قد وقع في مصر،فلماذا لم يقع في أي مكان آخر؟ تقول أحد البراهين أن المتطرفين خافوا من الابتعاد عن الجمهور المسلم،كما أن لها آليات تطوعية. وهناك رؤية أخرى تقول بأن اندماج القمع مع التعاون قد حقق نجاحا.

ومع هذا فإن الأسئلة النظرية التي طرحت لم تكن هي الأسئلة المناسبة، كما لم تكن الإجابات حاسمة، كما أن السؤال حول فعالية حالة القمع ما زال مفتوحا. فهل سيكون هذا التطبيق دائما في حال إذا ما نجحت القيادة المصرية في احتواء أكبر جماعتين إسلاميتين عن طريق الآليات القمعية؟

وهل سيتم العمل به في حال ظهور جماعات أخرى أصغر تنضم إلى العنف بدلا من الجماعات الإسلامية والجهاد الإسلامي؟ كما أن أجهزة الأمن المصرية الداخلية قد قامت بتطبيق آليات قمعية ضد الإخوان المسلمين منذ العام 1955.

فإذا كان العنف وليدا للقمع فلماذا لم يتحول المعتدلون للعنف؟ فإذا كانت الأسئلة تنبع من مفهوم أن المصريين لا يميلون للعنف فهناك قصور فيها، لذلك فلماذا يسمحون بمجموعة من الأفعال التي تؤذي المدنيين؟ وقد اشتركت الجماعات المتطرفة في مثل هذه الأفعال ولكن البرهان يقول بأن جهود تجميعهم وتجهيزهم قد فسدت عندما ظن فيهم العامة أنهم وحشيين.

ومن الحكمة أن نتذكر أن جميع ما يحيط بالمنطقة - في لبنان والعراق والأردن والسعودية وغير ذلك – يطرد الناس عن طريق العنف وتقوم مثل هذه الجماعات بالتواصل معهم وتجنيدهم.


تزايد العنف أم نقصانه؟

شرح محمد حافظ وكوينتان فيكتوروفيتش العنف من خلال التأكيد على صعوبة التوصل إلي تغيرات النظام، إلى جانب القمع غير المميز.

لم يقم الاثنان بفحص قوة الأيديولوجية الدينية في نموذجهم كما فعلت معظم الأعمال السابقة حول مصر والتي أرجعت التطرف الإسلامي إلى مفهومين هما الحاكمية والجاهلية (هيمنة الله وليس الحاكم، وفكرة أن العالم في يومنا هذا قد عاد لفترة ما قبل الإسلام) من أعمال أبو العلاء المودودي وكذلك مفاهيم الجهاد والشهداء لسيد قطب،القيادي في جماعة الإخوان المسلمين والذي سجن وقتل في فترة عبد الناصر.

ومن ناحية أخرى أدرك كل من، أنطوني شديد وجنيف عبده وشاوول ميشال وأفراهام سيلا (حول حماس)، وجوديث هاريك (حول لبنان) وكوينتان فيكتوروفيتش (كتابة حول الأردن)،الأسباب التي جعلت بعض الجماعات الإسلامية تواصل الأساليب غير العنيفة وتمارس ضبط النفس السياسي.

وهذه الأعمال عن الجماعات على أساس شامل تبين الجماعات المسلحة العنيفة التي تنكر العنف بشكل كاذب. وقد كتب كل من ريموند بيكر وكاري ويكهام وآخرون بشكل كبير عن الإسلاميين المعتدلين في مصر وخاصة الوسطيين والذين انفصلوا عن الجيل الأول من قادة الإخوان وشكلوا حزبا جديدا.

وقد تعارضت بعض الملاحظات عن حركات الجيل الثاني مع القضية الأردنية (حيث أن الجيل الثاني لم يكن أكثر اعتدالا) في استجواب فيكتوروفيتش لقضية الهياكل التنظيمية الرسمية في مقابل غير التنظيمية.

ولسوء الحظ فإن رؤى هؤلاء الخبراء والتي تقترح أن الجماعات التي تحتاج للحفاظ على قواعدها العريضة سوف تقوم بجعل سلوكها أكثر اعتدالا كما سيحاولون المشاركة السياسية وتفسير اتجاه واحد ممكن للجماعات الإسلامية.

ولم يتوجه الجميع لهذا الاتجاه، بل أن البعض توجه نحو الاعتدال بينما الجماعات الأخرى العنيفة ما زالت تظهر وهذا ما رأيناه من خلال ممثلي العنف الجدد في مصر.

وفي نفس الوقت فإن هذه القضايا الموثقة لقمع الدولة للجماعات المعتدلة أو الجماعات الإسلامية المعتدلة لا تخبرنا بما سوف تقوم به هذه الجماعات على المدى البعيد،وخاصة في حال إذا ما استمرت الدولة في حالة القمع هذه.

وبطريقة أو بأخرى،ومن خلال كل من تاريخ الجهاد الذي يبدأ بقطب وحركات السبعينيات والدراسات السياسية للإخوان المسلمين وفروعها،يمكن أن نغفل عن شيء مهم ألا وهو أن المطالبة الإسلامية في بلدان مثل مصر والسعودية والتي تقول بمنهج سياسي يقوم على القيم الإسلامية تعد أمرا لا مفر منه.

ثم إن البرامج الغربية التي تريد ترسيخ العلمانية في المنطقة أو مساعدة المعتدلين الذين يقاومون المتطرفين من الصعب أن تتبني المنهج الإسلامي العام.

وهذه فكرة أساسية يجب أن نتذكرها فهي ليست واقعية عندما تقوم بتخيل أن هذه الجماعات الإسلامية الكبيرة سوف تختفي.


الإسلام والسياسة في مصر

قامت القاهرة لقرون بتقديم فرص التعلم والدراسة لرجال الدين وطلابه، فجامعة الأزهر في القاهرة،التي تأسست عام 1972 م، وتضم اليوم 90.000 طالب من 71 دولة كانت في الأصل مسجدا للتعلم في ظل حكم الفاطميين،ثم بعد ذلك أصبحت مدرسة شهيرة في ظل حكم السلطان بيبرس الذي قام بدعوة الأسرة العباسية والعلماء، الذين بقوا بعد هجمات المغول، إلى القاهرة.

فالعلماء الذين تعلموا هناك أو أتوا للتعلم لفترة قد ذهبوا إلي بقاع شتى من العالم الإسلامي السني، ثم بعد ذلك أصبحت مصر مستقرة للقرن التاسع عشر حيث الإصلاح الإسلامي ثم ظهور التيار الإسلامي الحديث.

وإلى جانب دورها القيادي في الإسلام التقليدي الهادئ والتعليمي وكذلك في الحياة الثقافية والفكرية المعاصرة في العالم العربي، فقد ساهم هذا في زيادة أهمية البلد بالنسبة للحركات الإسلامية المتطرفة الحديثة.

كما أنها لم تكن هي الدولة الوحيدة التي قامت بتطوير الفكر الإسلامي والسياسات، فقد كانت الوهابية حركة محافظة أخرى والتي نشأت في شبه الجزيرة العربية في القرن الثامن عشر.

وهكذا يمكن ملاحظة أن الأمريكيين والمصريين ومسلمين آخرين أمثال قائد الأحباش (حركة أثيوبية) الشيخ يوسف عبد الرحمن الحريري الذي انتقد الوهابيون أو الوهابية نفسها بأنها هي مصدر التطرف الإسلامي المعاصر.

ومن ناحية أخرى يلوم بعض الخبراء مصر أو "القطبية" (فلسفة سيد قطب) لكونها سببا في ظهور التطرف الإسلامي.

أما السلفية فقد كان لها أصول وأبعاد أخرى،وحتى أن الشخصيات والحركات المعادية للسلفية قد قدمت جماعات تتطلع لحكم إسلامي أفضل مثل أيديولوجية حزب التحرير الإسلامي الذي أسسه الشيخ تقي الدين النبهاني في القدس عام 1953.

فالإسلام التقليدي – كيف تقوم السلطات أو الدولة بتطبيق الأخلاق والسلوك الإسلامي، فكرة "الإسلام السياسي" – لم يكن أبدا بعيدا عن الشكل الخارجي في مصر.

وبشكل تاريخي شكل حكام الترك الجركسيين ورجال الدين المسلمين والجيش ثلاث طبقات من نخبة القيادة تتزوج من بعضها البعض وتدعم بعضها.

وقد استغل كل من الحكام ورجال الدين وآخرون المنهج الإسلامي لإضفاء الشرعية على أفعالهم. وهكذا، فإن هذا الأمر تاريخي؛ وهو مخالفة تقاليد الإسلام السمحة بالأفكار السياسية للمتطرفين المعاصرين كما يفعل بعض المحللين.

فأفكار الحكم الإسلامي لم تكن تمثل بدعة من النموذج العلماني المفترض كما في القرنين العشرون والحادي والعشرون.

ومع ذلك فإن استغلال الدين أو المنهج الديني لأغراض سياسية كان أمرا متوقعا، وكذلك بمكن لمثل هذا أن يساعدنا في فهم السبب الذي جعل الأسلمة تؤثر في الحكومة المصرية في الفترة الأخيرة.

وقد بدأ الاستعمار الغربي تدخله لأول مرة عن طريق احتلال نابليون لمصر عام 1798. وقد كانت صدمة تفاعل المصريين مع الغزاة الفرنسيين كما وصفهم المؤرخ الجبارتي قد كشف للمصريين العديد من الأفكار ولكن الفرنسيين لم يمكثوا طويلا في مصر.

أما القائد العسكري محمد على الذي حكم مصر فقد قام بالتخلي عن الماضي من خلال سياساته الدونية والمركزية.

وجاء الصدام الأكثر صعوبة مع الاستعمار الغربي بوصول الغزو والاحتلال البريطاني عام 1882، وفي هذا الوقت ظهرت حركة الإصلاح في مصر وتناولت آفات المجتمع والضعف السياسي وسفه التعليم وأزمة الفكر الإسلامي.

وقد أظهرت حركة الإصلاح هذه السلفيون وأفرادا مثل محمد عبده الذي قام بتحديث جامعة الأزهر وقاسم أمين وراشد رضا (من سوريا) والذي قام بغرس أصول التيار الإسلامي في القرن العشرين.

وهناك حركة أخرى للإصلاح الإسلامي كانت مبعثا لهذه الظاهرة في مصر؛ وتتمثل في أفكار وتنظيم حسن البنا (الإخوان المسلمين).

وبالرغم من أن الموضوعات الأكيدة كانت قد تأسست من قبل عن طريق السلفية من قبل راشد رضا، إلا أن حركة البنا كانت قد تأسست بشكل أشمل وكانت تعمل بوضوح من أجل مجتمع إسلامي.

ولم تبلغ أي حركة إسلامية أهمية الإخوان المسلمين في نشر الأفكار الإسلامية في الشرق الأوسط نظرا لأنها تقترح أيديولوجية بديلة لأيديولوجيات الجماعات الحاكمة في المرة الأولي في فترة القومية الليبرالية وحتى عام 1952 وبعد ذلك في فترة القومية العربية.


الإخوان المسلمين

قام حسن البنا، الذي كان يعمل مدرسا ورئيسا لجمعية الأخلاق الدينية وأسس جمعية الحصافية الصوفية واختير سكرتيرا لها، بتأسيس جماعة الإخوان المسلمين في الإسماعيلية، إحدى مدن قناة السويس التي تأثرت كثيرا بالوجود العسكري البريطاني.

وكان أعضاء هذه الجماعة المعروفة رسميا باسم جماعة الإخوان المسلمين غالبا ما يشار إليهم باسم الإخوان.

فأنشأ البنا حركة تدعم القيم الإسلامية وأعلن صراحة أنها ليست حزبا سياسيا، فلقد شعر حسن البنا أن الحياة السياسية والاجتماعية في مصر تتطلب إحياء لا هجر المبادئ الإسلامية وأكدت حركته على إيجاد حل إسلامي للشباب أيضا مقارنة بالحركة الكشفية الدولية التي كان لها تأثيرا كبيرا في ذلك الوقت وجمعية الشبان المسيحيين.

وبالنسبة للبنا كانت الأحزاب العلمانية القومية وممثليهم من ذوي الأملاك يسعون إلى فشل المجتمع المصري،ولم تتمكن هذه الأحزاب التي اكتسبت استقلالا جزئيا في عام 1922 من تحقيق الانسحاب البريطاني والأهم من ذلك أنها لم تكن تنفع الفقراء والفلاحين والأميين في البلاد.

ونمت جماعة الإخوان المسلمين بتنمية الشباب وتقديم برامج تعليمية وعيادات وصحبة إسلامية وكذلك من خلال الدعوة وبعد ذلك أنشأت جمعية نسائية مرتبطة بها.

وطور البنا تفسيرا لمصطلح الحاكمية (سلطة الله في مقابل السلطة المؤقتة) والتي سلطت الضوء على الحاجة لإقامة دولة إسلامية والمشاركة في السياسات.

كما كتب عن الشورى والتي تختلف إلى حد ما عن منظري القاعدة والتي لم تكن تتعارض مع الديموقراطية البرلمانية كما كتب أيضا عن التمييز بين التاريخ الإسلامي والإسلام نفسه.

وكان أهم مبدأ في الدولة الإسلامية عند الإمام البنا هو مبدأ التوحيد والذي يتضمن بالمعنى السياسي تسويات بين مختلف الفصائل وكذلك بين العلمانيين والإسلاميين.

وأنشأت المنظمة "جهازا خاصا" وهو جناح مسلح سري في الأربعينات. ولأن حزب الوفد والحكومة الملكية التابعة للملك فاروق أصبحت غير موضع ثقة بسبب تعاونها السابق مع الإنجليز في هذه الفترة وسلوكها الشخصي المخزي المستمر قدمت جماعة الإخوان المسلمين بديلا حيويا ولذلك قامت الحكومة بحظرها.

ولقد دعمت جماعة الإخوان المسلمين ثورة 1952 وهي الانقلاب غير الدموي الذي قام به مجموعة من ضباط الجيش.

ولكن انقسام القيادة الجديدة ومحاولة الاغتيال المزعومة للرئيس جمال عبد الناصر على يد أحد الإخوان المسلمين في عام 1954 جعلت الحكومة تقوم باعتقال ما يقرب 4.000 عضوا من الجماعة وقامت بتعذيب الكثير منهم، وكانت حصيلة ذلك أن بزغ عنصرا متطرفا بشدة بين المعتقلين اتحدت آراؤه مع كتاب سيد قطب "معالم في الطريق", واكتسب هذا الكتاب شهرة كبيرة على الرغم من أنه لم يكن مهما بدرجة كبيرة مقارنة بكتبه السابقة بسبب تنبؤه بحتمية الجهاد والاستشهاد في كفاح المسلمين لإقامة دولة إسلامية.

ولقد فشلت الديموقراطية الغربية وكذلك الإشتراكية الشرقية في تحقيق العدل: فالنظام الإسلامي وحده هو الذي يمكنه تحقيق ذلك. ومن أهم النقاط التي يجب التأكيد عليها كانت طريقة تعريفه لمفهوم "دار الحرب" والتي تشير عادة للدول غير الإسلامية ولكنها تشمل الآن "أي دولة تحارب الاتجاهات الدينية للمسلمين." وهذا جعل من مصر دار حرب ومن حكومتها "عدوا قريبا".

كما كتب بشكل مختلف عن التغيرات السياسية الضرورية، ففي كتابه معالم في الطريق وغيره من الكتب يدعو سيد قطب لثورة مزلزلة لإسقاط الحكومات وبناء مجتمعات إسلامية جديدة.

ولم يكن من الواضح في هذه الكتب أن تكون الثورة عنيفة، ففي الفصل الأخير من كتابه العدالة الاجتماعية في الإسلام, ركز على التعليم الإسلامي وكشف زيف الفكر الغربي للمسلمين.

كما يشير قطب في الفصل الأخير من كتاب معالم في الطريق لنموذج قصة شهداء الأخدود التي ذكرها القرآن الكريم (سورة البروج) الذين تعرضوا للحرق بدون ثأر، وعلى الرغم من ذلك تخلص هؤلاء الشهداء من عبودية الحياة.

وتبنى فيما بعد بعض الإسلاميون الآخرون الذين لم يكونوا قيد الاعتقال آنذاك أفكارا مشابهة عن أن قيادة الحكومة المصرية تمثل قيما غير إسلامية ومن ثم يجب الإطاحة بها، في حين تمسكت جماعة كبيرة من الإخوان بفلسفتهم الأصيلة عن التغيير التدريجي وعندما أطلق سراحهم على يد الرئيس أنور السادات في عام 1971 وافقوا على العمل وفقا لقواعد النظام.

وفي هذا الوقت، تأسست فروعا أخرى لجماعة الإخوان في الأردن وسوريا والسودان وليبيا والعراق والضفة الغربية وغزة وغيرها من الدول.

ولم تحصل على دعم كبير في ذروة الحركات السياسية القومية العربية العلمانية الأخرى التي ظهرت في ذلك الوقت.

تحولات في ظل رئاسة أنور السادات

بدأت التغيرات الداخلية طويلة المدى في السبعينات والتي شملت هجوما على الناصريين واليساريين وطرد للمستشارين السوفيتيين.

وأدى التحول نحو الغرب والحاجة للمساعدة الاقتصادية إلى خطة جديدة وإلى ما سمي بالانفتاح الاقتصادي.

واندلع الانفتاح بمبادئ إحلال الاستيراد والذي يعني إتاحة منتجات جديدة في مصر مع مرور الوقت على الرغم من أنها لن تكون في متناول الجميع، كما سهل الانفتاح أنواعا جديدة من ترتيبات العمل مثل المشروعات المشتركة وسمحت بتطفل الاقتصاد العالمي على الاقتصاد المصري مما حل مختلف أنواع الحماية الاجتماعية والاقتصادية.

وعلى الرغم من أن أنور السادات وعد بالحرية السياسية إلا أن ذلك لم يحدث، فأُعلنت الرقابة في ظل حكومته وانتقلت فكرة أن نقد مصر ولاسيما من الداخل يعتبر جريمة أو خيانة من أيام عبد الناصر.

فالنظام السياسي في يومنا هذا هو نتاج تغيرات عام 1976 عندما ظهرت جماعات معارضة شرعية صغيرة إلى جانب الحزب الحكومي "الجماهيري" والتي كانت متوازية عن عمد حتى لا تسمح بقيام تحالفات كبيرة كما أن المعارضة لن تتحدى الحزب الحكومي الجماهيري وذلك منعها من تطوير خصائص أخرى لمعارضة أكبر وفية.


المتطرفين الجدد والجهاد الجديد أيام السادات وما بعدها

تشكلت جماعات إسلامية صغيرة وعنيفة بالإضافة إلى جماعات ميليشيا واضحة للدولة. وكان من بين الإخوان المسلمين الذين تم اعتقالهم في الستينات تلميذا سابقا شكري مصطفى الذين اعتقل لتوزيع منشورات المنظمة، فقد بدأ في تنظيم جماعة سرية.

وفي أثناء ذلك وبينما كان السادات يخفف من القيود على التنظيمات الإسلامية أملا في أنها ستقوم بتحقيق توازن لمعارضته في اليسار، اكتسبت تلك التنظيمات قوة ولاسيما في الجامعات.

وفي هذه الفترة عزت الحكومة ظهور النساء بالنقاب والملابس الطويلة والخمار والقفازات بالزي السعودي في السبعينات للأخوة الذين ذهبوا للخليج خلال الفترة التي كانوا معتقلين فيها في مصر.

أطاع الإخوان المسلمون القواعد التي وضعتها الحكومة، ولم تسعى للحصول على الشرعية أو الخوض في العنف أو إحداث فتنة ضد الحكومة في هذه الفترة.

وأصدرت الحكومة قانون الأحزاب السياسية في عام 1977 والذي نص خصوصا على أنه لا يمكن تشكيل أحزاب على أساس الدين وهذه الفقرة تشير إلى الإخوان.

وعلى أي حال، تمكنت جماعة الإخوان المسلمون من نشر جريدة الدعوة من عام 1976 وبعد ذلك جريدة لواء الإسلام لفترة من الوقت والتي كانت توضح أهدافها الاجتماعية والسياسية.

ولقد كانت الصحوة الإسلامية التي بدأت في السبعينات محبطة لكثير من المفكرين المصريين، حيث اتفق البعض مع الآراء الغربية في أن الصحوة كانت وسيلة لتجنب التحديث أو التماشي مع اللاقانونية التي أحدثها التحديث.

وبالتأكيد ارتبطت أهمية الجماعات الإسلامية في هذه الفترة بتوجه السادات السياسي الجديد وبتحوله نحو الغرب وبالتغيرات الاقتصادية وبرحلته غير المسبوقة لإسرائيل.

وكانت أول جماعة إسلامية متطرفة تحذر العامة هي المعروفة حاليا بجماعة الكلية الحربية بسبب محاولتها الاستيلاء على الكلية الحربية بمصر الجديدة في إبريل عام 1974 وبعد ذلك اغتيال الرئيس السادات، وتأسست عام 1971 بقيادة الفلسطيني صلاح سرية الحاصل على دكتوراه في التربية وكان عضوا سابقا في حركة حزب التحرير (حركة خلافية إسلامية أسسها القاضي الفلسطيني تقي الدين النبهاني)، وكان سرية تعرض للنفي ثلاث مرات (من فلسطين للأردن في 1970 والعراق).

وأطلق الحراس في الكلية الحربية النيران وقبضوا على جماعة سرية وأعدم عناصرها في عام 1976. وألقت السلطات المصرية بمسئولية المخطط على ليبيا غير راغبة في ذلك الوقت في الاعتراف بوجود عناصر مسلحة بين المواطنين.

وأطلقت السلطات المصرية على الجماعة الثانية (والتي أطلقت على نفسها بالفعل جماعة المسلمون) اسم جماعة التكفير والهجرة، حيث تشير كلمة التكفير لممارسة استبعاد وتغريب المسلمين وتشير كلمة الهجرة لهجرة النبي من مكة للمدينة.

وبهذا الاسم سلطت السلطات المصرية الضوء على تطرف ولا مركزية الجماعة في رفضها الشديد للمجتمع المصري والتي تراه بربري كما كان العالم قبل ظهور الإسلام في الجاهلية ومن ثم يجب تجنبه، ولذلك انسحبت للمنازل الآمنة والأماكن السرية للإعداد للإطاحة بالحكومة والمجتمع.

ولقد مثلت جماعة التكفير والهجرة أولى الجماعات الجهادية على غرار بن لادن وحركة عتابي في المملكة العربية السعودية والتي استولت على الجامع الكبير في عام 1979.

ومن حاول من الأعضاء أو رغب في ترك جماعة التكفير والهجرة كان يلقى تهديدا بالقتل كالمرتد. وهذا يعني أن بعض الأعضاء كان يتم استخدامه من قبل الأجهزة الأمنية المصرية والتي من الممكن أن تكون قد ارتكبت أو حرضت على كثير من جرائم الجماعة،وسنتحدث فيما بعد بشكل أكثر تفصيلا عن دور عملاء الحكومة المصرية، ولكن الأهم هو أن هذه التكتيكات كانت مفيدة للنظام.

وجمعت بعض البيانات الخاصة بالملف الاجتماعي لأعضاء جماعة التكفير والهجرة وجماعة الكلية الحربية وقام بتحليلها الأخصائي الاجتماعي سعد الدين إبراهيم،الذي وصف هذه الجماعات في ذلك الوقت بأنها مظاهر للإحباط والحالة الاجتماعية غير القانونية،ولكن بعيدا عن التعبير عن التدين الزائد حيث أنه كان هناك جماعات معتدلة أو غير سياسية وجماعات صوفية تكتسب تابعين.

وكانت كلتا الجماعتين – التكفير والهجرة والكلية الحربية – يقودهما أفراد أكبر سنا وأكثر خبرة وتأثيرا من العضوية التي جاءت في ذلك الوقت من البرجوازية الصغرى أو كانوا مهاجرين للمناطق المدنية.

فقد أصبح شكري مصطفى – زعيم جماعة التكفير والهجرة – راديكاليا أثناء المدة التي قضاها في السجن عندما قام بتجنيد أفرادا لجماعته.

وعملت جماعة التكفير والهجرة بشكل سري ولكن السلطات تنبهت لوجودها على الأقل بسبب الاختفاء الغامض لعدد من السيدات الذين اختفوا من مجتمعاتهم وانتقلوا مع أزواجهم للمنازل الآمنة في الأقاليم.

وقامت جماعة التكفير والهجرة باختطاف وزير سابق للأوقاف وطلبت فدية للإفراج عنه وقامت بقتله بعد ذلك، مما أثار غضب السلطات، وتشير أوراق المحكمة إلى التزام أعضاء الجماعة بقضية الجهاد.

وتم إعدام مصطفى وحبس 36 عضوا من الجماعة وفيما بعد تم القبض مرة أخرى على ما يزيد عن 100 في عام 1982 موضحا بقاء الجماعة.

وعملت جماعة التكفير والهجرة تحت مسمى الشوقيين في الفيوم في الثمانينات.وعلى أي حال فقد رفضت جماعة الإخوان المسلمين العنف والتطرف الخاص بجماعة الكلية الحربية وجماعةالتكفير والهجرة وغيرهم من الجماعات مثل جماعة الجهاد الإسلامي والجماعة الإسلامية.

وتبنت جماعة الجهاد الإسلامي المعروفة باسم جماعة الجهاد أو جماعة الجهاد الإسلامي المصرية تمييزا لها عن جماعة الجهاد الإسلامي الفلسطينية طريقا ثوريا نحو التغيير الكلي.

وكجماعة غير منظمة انطلقت الجماعة الإسلامية من اتحادات الطلاب التي تم تشكيلها في عهد السادات إلى ثلاث جماعات مقاتلة:

الأولى كانت الحركة السلفية في جامعة الأسكندرية والثانية تشكلت في جامعة القاهرة وكذلك جامعة الأسكندرية وفضلت جماعة الإخوان المسلمين حيث تركها بعض الأعضاء وانضم لجماعة الإخوان وتمركزت مجموعة ثالثة من الجماعات في جامعات وكليات صعيد مصر، ورفضت هذه الجماعات الموقف غير العدواني الذي تميزت به جماعة الإخوان المسلمين مفضلة نشاط جماعة الجهاد الإسلامي المصرية.

وكانت جماعة الجهاد في أول عهدها تتكون من تنظيمين مختلفين، أحدهما شكَّله محمد عبد السلام فرج والآخر شكَّله محمد سالم الرحال وهو طالب أزهري من الأردن مع بعض الأعضاء الذين انضموا من منظمات مثل شباب محمد.

وعندما طرد الرحال من مصر، انتقلت القيادة لمال السيد حبيب الذي كان حديث التخرج من كلية الاقتصاد من جامعة القاهرة.

وجاء اندماج هاتين الجماعتين عندما قام طارق الزمر – الذي كان شقيق زوجته عبود عبد اللطيف الزمر الرائد بالمخابرات العسكرية زعيم جماعة فرج - بتقديم حبيب لفرج، وحث الزمر على الإطاحة بالحكومة المصرية وقيام الجماعة بتأسيس خلافة إسلامية محلها.

أحيانا ما يرى أن الإسلاميين المتطرفين لديهم برنامج محدود للغاية ومهام وإستراتيجية مخططة بشكل غير واضح.

وكان لجماعة الجهاد الإسلامي المصرية تركيبة وأهداف محددة حيث كان يحكمها مجلس الشورى إلى جانب لجان فرعية للإعداد والدعاية والتمويل وأرادت الجماعة أن تؤسس دولة بمجلس علماء، وكانت التربية العسكرية مطلوبة وشاملة، وكان الاستيلاء المخطط على الحكومة يشبه بالفعل ثورة 1952 بالسيطرة على مبنى الإذاعة والتلفزيون كما حدث في عام 1952.

وشملت التربية العسكرية الإسعافات الأولية ومعرفة الطوبوغرافيا والتدريب على المركبات والدفاع والتمارين الرياضية في المرحلة الأولى.

وفي المرحلة الثانية تعلم التلاميذ تقنيات الهجوم والكمائن وحماية المواقع الحساسة من الناحية الإستراتيجية، وفي المرحلة الثالثة وتحت إشراف نبيل المغربي كان يتم تعليم استخدام الأسلحة والمتفجرات وتخطيط وتنفيذ المحاكمات.

قام الملازم أول خالد الإسلامبولي بوضع خطة لاغتيال السادات بعد اتخاذ إجراءات صارمة سياسية في 1981 بعد أن تم القبض على أخيه الأصغر محمد الإسلامبولي الناشط في أسيوط في صعيد مصر وقاد هذا الأخ بعد ذلك فرع مكتب الخدمات (تنظيم بن لادن) في بيشاور ويزعم أنه كان له اتصال بالمقاتلين الشيشان.

وكانت خطة جماعة الجهاد الإسلامي المصرية هي تحقيق انقلاب سياسي لا مجرد اغتيال السادات، واختلف بعض الأعضاء حول هذه الخطة على سبيل المثال – عبود الزمر الذي اعتقد أن التنظيم في حاجة لمزيد من الوقت قبل القيام بثورة شعبية.

وقام الإسلامبولي بمساعدة عدد قليل نسبيا من الكتائب بقتل الرئيس السادات في عرض عسكري وكان يطلق النيران وهو يصرخ قائلا "لقد قتلت الفرعون."

وأصاب اغتيال الإسلامبولي للسادات في السادس من أكتوبر عام 1981 المصريين بالصدمة وحقق للجماعة اعتراف عالمي بها ولكن أهداف جماعة الجهاد الإسلامي المصرية الثورية فشلت.

وتبع اغتيال السادات شهر من القتال في مختلف مناطق صعيد مصر, وأدى هذا العمل وما تبعه من العنف إلى هروب عملاء جماعة الجهاد الإسلامي المصرية من مصر للهروب من الإعدام ومحاكمات قياداته وأعضائه.

وبعد اغتيال السادات أعادت الحكومة فرض قانون الطوارئ رقم 161 الذي يعود تاريخه إلى عام 1958 والذي كان معمولا به منذ عام 1967 باستثناء فترة قصيرة تستغرق ثمانية عشر شهرا من عام 1980 وبموجب هذا القانون تم توقيف الحقوق الدستورية (على الرغم من تحدي هذه الإجراءات) وتم تحديد الأنشطة السياسية غير الحكومية (التي تشمل الاجتماعات والمظاهرات) ويسمح كذلك القانون بالاعتقال بدون تهم أو محاكمات.

وهناك الآن ما يقرب من 17.000 معتقلا وما يقرب من 30.000 مسجون سياسي بموجب هذا القانون. وكما أوضحنا سابقا فإن القانون يسمح بنوع مختلف من المحاكمات في محاكم خاصة، كما يسمح القانون أيضا بالتعذيب طبقا للهيئات الدولية المراقبة لمثل هذه الانتهاكات مثل جمعية حقوق الإنسان ومنظمة العفو الدولية.

1.مناقشات منهجية للإسلاميين

تشترك جماعات الجهاد (التكفير والهجرة وجماعة الكلية الحربية والجماعة الإسلامية والجهاد الإسلامي المصرية) في رؤيتهم للجهاد والقتال كأهم نشاط للمسلمين وكركن سادس لأركان الإسلام كما يقول مؤلف كتاب (الجهاد:

الفريضة الغائبة) محمد عبد السلام فرج.كما كانت هناك خلافات بينهم فكان فرج ينتقد جماعة التكفير والهجرة والجهاد الإسلامي في رسالته.

وقام الشيخ جاد الحق علي جاد الحق شيخ الأزهر بتفنيد حجج فرج موضحا ردود فعل الدولة نحو المتطرفين. ويتولى شيخ الأزهر أهم منصب ديني في مصر كمتحدث رسمي عن جامعة الأزهر ونظام مدارسها.

وأكد فرج أن الجهاد الفعلي مطلوب من المؤمنين وبذلك فإن هجرة جماعة التكفير والهجرة من المجتمع البربري غير الإسلامي وترددها في الشروع في الجهاد ليس صوابا.

وكذلك استخدام الجماعة الإسلامية الدعوة لتكوين قاعدة جماهيرية مع تأجيل الجهاد، فليس من الصواب استبدال " الجهاد بالشعبية".

كما تناول فرج قضية العداء لإسرائيل وسياستها قائلا أنه طالما أن العدو الأقرب هو الحكومة المصرية لا إسرائيل فهي التي يجب الإطاحة بها أولا، لأن القدس ستتحرر على يد المسلمين الحق ومن ثم يجب الإطاحة بقادة المسلمين الباطلين ومن ثم السعي التحرير. وهذا الدفاع يميز بين جماعة الجهاد الإسلامي المصرية وبين جماعة الإخوان المسلمين في نفس النقطة.

وكان دفاع جاد الحق هو أن القرآن الكريم يشمل آيات تحدد الجهاد مشيراً إلى إمكانية الجهاد "بالقلب" و "باللسان" بدلا من الجهاد "بالسيف." وأكد أن الحاكم (السادات) لا يمكن أن يكون مرتدا لأن التعريف الصحيح للمرتد هو الشخص الذي يرفض جميع أحكام الشريعة لا جزءا منها فقط.

وهاجم فرج دفاع جاد الحق موضحا أن الآيات التي تشير إلى السيف في القرآن الكريم (أي الآيات التي تحث على الجهاد) نسخت جميع الآيات الأخرى وأصبح الجهاد فرضا كالصوم.

وزعم فرج أن السلطات المصرية عميلة للإمبريالية مضيفا أنها وعدت بالحكم طبقا للشريعة الإسلامية ولم تفعل ذلك.

ويعتبر الدفاع عن تحكيم الشريعة بدلا من القوانين المدنية الوضعية أحد أهم أفكار الإسلاميين فلقد ذكر الإسلامبولي أنه اغتال السادات لعدم تطبيقه للشريعة واعتراضا منه على معاهدة السلام مع إسرائيل وعمليات الاعتقالات غير المبررة للعلماء في عام 1981.كما أكد الإسلاميين على فساد الحكومة المصرية والاختلاس والرشوة وتشجيعها لتبرج النساء.


المتطرفين والمعتدلين

وفي بعض الفترات في الثمانينات تقلصت أخبار الجماعات الإسلامية المتطرفة والعنيفة في الوقت الذي حقق فيه المعتدلون من الإسلاميين مكسبا بقوة حضورهم في بعض النقابات المهنية ونظام الجامعة القومية والمشاريع المشتركة والقطاع الخاص.

واستمرت هذه الجهود في التسعينات، أي مع نقابة المحامين، حيث حقق التيار الإسلامي (الذي يشمل الإسلاميين أكثر من مجرد الأخوان) تحت قيادة المحامي سيف البنا (ابن حسن البنا) نجاحا كبيرا في انتخابات التنظيم في عام 1992 بفضل الحملات الانتخابية المنظمة ودفع رسوم العضوية المستحقة لأكثر من ثلاثة آلاف عضو (الذين استطاعوا بعد ذلك الانتخاب) واستخدام متطوعين من لجان القانون الإسلامي والأهم من ذلك تقديم جبهة موحدة.ونتيجة لذلك فاز التيار بستة عشر مقعدا من بين أربعة وعشرين مقعدا في الانتخابات.

كما كان على الحكومة الرد على هجمات المقاتلين والمعتدلين على "الثقافة" التي شجعتها في مصر. ولأن الإسلاميين يفترضون أن أفكارهم هي "الإسلام الصحيح" انخرط عامة المصريين في نقاش ما يجب ارتدائه وقراءته وسماعه أو فرضه في القانون.

وأعلنت الحكومة المصرية في واحدة من خططها ضد المقاتلين الإسلاميين (وأحيانا المعتدلين أيضا) عن رسالتها التحفظية الجديدة من خلال الإعلام – الرقابة وتشجيع بعض الموضوعات والمواقف الإسلامية التقليدية، ومن أمثلة هذه الأعمال الرمزية منع الرقص البلدي أو الرقص الشرقي وهو نوع من أنواع التسلية في مصر من التلفزيون والذي كان مسموحا به لسنوات عديدة وقطعت مثل هذه المشاهد من الأفلام والمسرحيات "ومنع نشر" مئات الكتب، سواء لأن عناوينها تشير إلى الإسلام أو تلمح للمملكة العربية السعودية أو فلسطين أو مصر المعاصرة أو لاحتوائها بالفعل على مواضيع مثيرة للجدل الديني.

وتم تحقيق القمع في الجامعات – الحكومية والخاصة – من خلال الرقابة ووجود الشرطة في الحرم الجامعي وإصدار تحذيرات مباشرة للطلبة والآباء وتعيين موظفين سياسيين كمديرين يحافظون على النظام في كلياتهم.

وكان هذا القمع يعمل في اتجاهين أحدهما لردع الإسلاميين والآخر لمراقبة الآراء والأفكار اليسارية والعلمانية والتي تفاقم غضب الإسلاميين ويمكن أن تنمي احتجاج ضد الحكومة، وقد وقع بالفعل احتجاج عنيف للغاية حول كتاب نشر من عدة عقود مضت لكاتب سوري يسمى حيدر الحيدر (وليمة لأعشاب البحر).

ومن العجيب أن الحكومة بمثل هذه الأفعال قامت بتشجيع الحركة الإحيائية الإسلامية الشعبية في الوقت الذي تحاول فيه تقليل تفرد الإسلاميين النشطين مثل الإخوان المسلمين، وجعلت إستراتيجية الحكومة هذه ضد التطرفية من المستحيل بالنسبة لها أن تصبح ديمقراطية بدون أن تشتمل على معتدلين يلعبون بقواعدها وبذلك تم تقوية وجود الإسلام السياسي، فكل الأحزاب السياسية بما فيها الحزب الوطني الديمقراطي يطرون على النماذج الإسلامية بسبب شعبيتهم في مصر.

وقد أكسب تحالف الإخوان المسلمين الناجح مع غيرهم من الجماعات مقاعد في البرلمان في الثمانينات فقد تحالفوا أولا مع الوفد وبعد ذلك مع حزب العمل الاجتماعي الاشتراكي.

وفي الثمانينات تشكلت المعارضة الشرعية أو الرسمية في مصر من حزب الوفد الجديد وحزب العمل الاشتراكي وحزب التجمع الوطني التقدمي الوحدوي وحزب الأحرار وحزب الأمة. ولم يكن الإخوان المسلمين – أكبر جماعة معارضة لسياسات النظام – حزبا شرعيا.

وكانت أحزاب المعارضة الرسمية الأربعة ضعيفة وكانت هناك حاجة إلى تغييرات انتخابية كبيرة لتقويتها. فالهدف من المعارضة هو أن تكون صغيرة وغير قادرة على تشكيل تحالفات يمكنها أن تمثل أي تحدي ذو معنى لـ"الحزب الأم" وهو الحزب الوطني الديمقراطي.

وما زال الحزب الوطني الديمقراطي يشغل 95% من المقاعد في عام 1999، وفي عام 2005 ظهرت قواعد أكثر إحكاما تحكم تأسيس أو عمل الحملات الانتخابية للأحزاب السياسية ويستبعد الإخوان المسلمين واستمر في تقييد نمو معارضة نشطة.

وزادت المشروعات التي تقوم على تمويلها الجماعة الإسلامية مثل العيادات والمدارس الخاصة الجديدة والمنظمات الخيرية وحلقات التعليم الإسلامي في الثمانينات والتسعينات، كما فتحت الأسواق ومحال الأحذية والملابس التي يمتلكها الإسلاميون بالإضافة إلى شركات الاستثمار الإسلامية مثل الشريف (1978) وشركة بدر (1980) والريان (1982) وتبعها الهدى والسعد في العام التالي والهلال في عام 1986 ،كل منها يوعد بتحقيق نسب أعلى للأرباح من النسبة التي تدفعها البنوك الحكومية.

وفي عام 1988 كان هناك أكثر من مائة من هذه الشركات وكانت أصول أكبر خمسين شركة تقدر بثلاثة مليار دولار.

وفي نوفمبر 1988 أغلقت الحكومة شركة الريان وأثير الرعب مع اكتشاف جسد المدير التنفيذي لشركة الريان وهرب أرملته من البلاد. وتسبب توقيت وطريقة تدخل الحكومة في إفلاس كثير من المستثمرين.

وخلال هذه السنوات كانت إستراتيجية الرئيس مبارك تهدف إلى احتواء المعتدلين واقتلاع الراديكاليين، ومع أنه تم القبض على المعتدلين أيضا وحبسهم ومراقبتهم وإساءة معاملتهم إلا أنهم نجحوا في تخطي التحديات القانونية الأولى نحو دستورية أفعال النظام وحاولوا إرباكها من خلال القيام بإضراب عن الطعام واكتساب شعبية وغيرها من الطرق.

وفي أثناء ذلك قامت قوات أمن الدولة بالقبض على المقاتلين ومحاكمتهم وتحريمهم من الحصول على مأوى، وذهب كثير منهم إلى الخليج وأفغانستان وألبانيا والشيشان، والتحق أفراد بارزين أمثال أيمن الظواهري بقوات القاعدة.

ودعمت حرب الخليج هدف جماعة الجهاد الإسلامي المصرية في بيان عدم شرعية النظام المصري عندما أخمدت الاحتجاجات على مشاركة مصر في التحالف مع الغرب في الحرب ضد العراق.

الحرب على التيار الإسلامي

على مدار أزمة طويلة للعنف من أواخر الثمانينات إلى عام 1997 حاول الإسلاميون المتطرفون أو بالفعل اغتالوا رئيس البرلمان ووزراء الداخلية ورئيس للوزراء والرئيس السابق لمجلس الشورى رفعت المحجوب وعدد من القضاة وغيرهم من المسئولين وعددا من قوات أمن الدولة وضباط الشرطة بما فيهم اللواء رؤوف خيرت واللواء غبارة واللواء الشيمي.

ووقعت محاولة اغتيال للرئيس مبارك أثناء وجوده في أثيوبيا نتج عنها إصابة ومقتل العديد من المتفرجين الأبرياء في سلسلة من هجمات الإسلاميين المتطرفين والهجمات المضادة.

وقام إسلامي باغتيال الكاتب العلماني فرج فودة كما تعرض الكاتب نجيب محفوظ الحائز على جائزة نوبل في الأدب للهجوم من قبل شاب قال أنه سمع أحد الدعاة يتحدث عن الشرور التي تبثها أعمال نجيب محفوظ.وقام المسئولون والأجانب بوضع حراسات على منازلهم.

واستهدف الإسلاميون المتطرفون السياح كوسيلة أخرى لزعزعة أمن الحكومة وقاموا بتنفيذ عمليات هجوم ضخمة قامت بإضعاف قطاع السياحة هذا.

ولفترة من الوقت فرض الإسلاميون سيطرتهم على منطقة كاملة في القاهرة وهي حي إمبابة الذي يكتظ بالفقراء والذي يقع على الجانب الغربي من النيل، مما جعل الحكومة تسرع لإعادة استرداد هذه المنطقة.

وفي صعيد مصر وخلال الحرب الأهلية البطيئة هذه قام الإسلاميون المقاتلون بمهاجمة ضباط الشرطة وعائلاتهم ومراكز الشرطة والمسافرين في القطارات والأقباط الذين صاروا هدفا منذ أواخر السبعينات.

وتبنت الحركة الإسلامية في الجنوب قضايا الإهمال والتخلف حيث كان الفقر شديدا هناك. وعندما قامت الحكومة في أواخر الثمانينات بتعيين أئمة ودعاة جدد في المساجد المحلية في الصعيد حولت الزكاة للبنوك الحكومية مستنفذة الخدمات الخيرية المحلية.

كما قامت الحكومة بالإضافة إلى ذلك بمهاجمة هؤلاء المنشغلين في هيئات التنمية الإسلامية والتي كانت جزءا من الجماعة الإسلامية (سلاحها الخيري) وإساءة معاملتهم وفي حقيقة الأمر أشعلت هذه الهجمات حربا أهلية في مدينة ملاوي في المنيا في عام 1994-1995.

ومع أول قصف لمركز التجارة العالمي في مانهاتن في عام 1993، والذي سلط الأضواء على الشيخ عمر عبد الرحمن، الزعيم الروحي لجماعة الجهاد الإسلامي اندفع شبح الإسلامية المصرية والمخطط الدولي في صحافة العالم.

وكانت قاعدة عبد الرحمن الدعوية في الفيوم وبسبب أعماله نيابة عن الإخوان المسلمين فقد منصبه التعليمي في جامعة الأزهر، وكان قد قدم للمحاكمة عقب اغتيال السادات وتمت تبرئته وأطلق سراحه في عام 1983.

وقبض عليه مرة أخرى في عام 1989 لفترة قصيرة وبعد ذلك سافر للملكة العربية السعودية لأداء فريضة الحج وبعدها سافر للسودان ومنها إلى الولايات المتحدة الأمريكية والتي قام فيها بمهاجمة الحكومة المصرية العلمانية في مسجد السلام في مدينة جيرسي ومسجد البدر في بروكلين.

ووجدت الحكومة المصرية ونظام المحاكم صعوبة في وصفه بالوغد النفعي لأن إلهامه الروحي لهؤلاء المتورطين في الإرهاب لم يكن أكثر من مجرد دور العلماء التقليدي في "الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر"، أي الحسبة.

الإخوان والحكومة

واستمرت الجماعةالإسلامية في كسب تأييد هؤلاء الأملين في تغيير جذري وعارضوا المشاركة في انتخابات 1987، ولكن جماعة الإخوان المسلمين لعبت دورا كبيرا في هذه الانتخابات من خلال تحالفها مع حزب العمل وجريدتها الشعب، وقبيل الانتخابات تم القبض على مئات الأشخاص الذين يؤيدون جماعة الإخوان المسلمين وكان هناك تدخل كبير مع الناخبين في أثناء الانتخابات.

وبالرغم من ذلك حصلت الجماعة على 36 مقعدا في البرلمان مما سمح لها بحضور أكبر في البرلمان، كما كان لها أيضا تأثيرا أكبر في النقابات المهنية في هذه الأعوام والتي سعت الحكومة إلى إبطالها من إصدار قانون جديد لحماية الديمقراطية في الهيئات المهنية.

وضمت الحكومة المصرية إلى هجماتها على الإسلاميين المتطرفين هجوما ضاريا على جماعة الإخوان المسلمين المعتدلة، ويبدو أن سبب ذلك هو خوف النظام حقيقة من التحدي السياسي الشرعي الذي مثلته هذه الجماعة في هذه الفترة.

وفي عام 1992 عارضت جريدة الشعب – التي كانت تمثل التحالف الإسلامي بين حزب العمل الاشتراكي وجماعة الإخوان المسلمين – تزوير الانتخابات الذي زعم فيه الحزب الوطني الديمقراطي فوز 50 مرشحا والتي فاز بها في واقع الأمر التحالف وما يزيد عن 27 مقعدا مستقلا.

أشكال أخرى للقمع

إن تجربة القمع السياسي قامت بحصر الدمقرطة، وكما هو معروف، وقبل انتخابات 1995، اعتقلت الشرطة عشرات المرشحين للإخوان المسلمين إضافة إلى عدد من الأعضاء البارزين، وقاموا بإغلاق مراكزهم الرئيسية وحولوا قضاياهم إلى المحاكم العسكرية عن طريق قانون الطوارئ.

وقد كانت الانتخابات عنيفة فقد قتل أربعون وكذلك تحدث عناصر معارضة غير إسلاميين ضد آليات الحكومة وصدرت عدد من الأحكام ضد الإخوان.

وقد حكم على سعد الدين إبراهيم ونشطاء سياسيون آخرون أكثر من مرة لتناولهم ممارسات الحكومة القمعية أثناء الانتخابات وتشجيعهم للمراقبة القضائية على الانتخابات. وطبقت المراقبة القضائية لأول مرة في مرحلتي انتخابات عام 2000.

وقد اضطر النظام القضائي للكفاح من أجل تنفيذ انتدابهم واحتجوا على جهود الحكومة لمعاقبة القضاة في ربيع 2006.

الثائر مجدي حسين

أما عادل حسين وابن أخيه مجدي حسين ومصمم الكاريكاتير في جريدتهما (الشعب)، فقد اعتقلوا وحكم عليهم بالسجن لانتقادهم وزير الزراعة يوسف والي، ثم قامت محكمة النقض بنقض الحكم وأصبحوا قادرين علي تقديم القضية للمحكمة الدستورية. وقد كان هذا تقدما حيث سمح بتحديات دستورية أخرى لأفعال الحكومة.

ثم اتهمت الحكومة بعد ذلك الإخوان بشن حملة ضد كتاب وليمة لأعشاب البحر للمؤلف السوري حيدر الحيدر والتي اكتشفها الإسلاميون فجأة (بالرغم من أنها نشرت منذ الستينيات) وقد كان كتابا ذو طابع إلحادي. وأدت الجعجعة حول الكتاب إلى مظاهرات طلابية وموت العديدين في مايو 2000.

وقامت لجنة الأحزاب السياسية بتجميد حزب العمل بشكل رسمي وأغلقت جريدة الشعب،وبذلك ألغت ثمار الانتصار القانوني الذي تم وصفه، ومن ثم اتحد الصحفيون في إضرابات عن الطعام احتجاجا على هذا.

كما أن هناك بعدا للنزاعات بين الحكومة والإسلاميين وبين الإسلاميين والعلمانيين يتطرق إلى إطارات قانونية وفكرية.

ثم قامت الحكومة بعد ذلك بمراقبة الإخوان المسلمين وأجبرتهم على إغلاق صحفها مثل الدعوة ولواء الإسلام ثم الشعب.

وفي المقابل هاجم النقاد الإسلاميون (ليس الإخوان فقط) العديد من المفكرين المصريين على أساس تصريحاتهم وكتاباتهم أو حتى على موادهم ومن أمثال هؤلاء حسن حنفي ونصر أبو زيد ونوال السعداوي وسامية محرز.

وقد تم فسخ زواج البروفيسور أبو زيد عن طريق الدعوة الحزبية الثالثة بسبب أن أفكار أبو زيد كانت تعد خارجة عن دين الإسلام؛ وكان الادعاء أنه باعتباره مرتد عن الإسلام فإن زواجه من امرأة مسلمة يعد غير شرعي، وقد اضطر الزوجان للرحيل إلى انجلترا.

وقد دعم الرئيس تغييرا قانونيا لذلك فعندما حاول الإسلاميون أن يفعلوا مثل هذا مع نوال السعداوي الطبيبة المشهورة التي تحولت إلى ناشطة نسائية وصرحت بخروجها عن الإسلام بحجة ذكرتها في مقابلة لها أشارت وجود عادة الحج قبل الإسلام وأنهم أخفقوا في جهود طلاقها من زوجها.

أما سامية محرز، بروفيسور في الجامعة الأمريكية بالقاهرة فقد هاجمتها الصحافة بسبب وضعها رواية مغربية غير أخلاقية في منهجها الأدبي.

وقد حاولت الجامعة تغيير منهجها الدراسي، وصدرت مطالب بطردها من البلاد وقام البرلمان بمناقشة الكتاب.

وقامت جماعة الإخوان بدعم دعواها السياسية من خلال شجب الهجمات التي ارتكبتها الجماعات السياسية العنيفة، كما قاموا بنشر مراجعات مفسرة لموقفهم الأيديولوجي الأصلي مثل دعمهم للتعددية والأحزاب السياسية نفسها، منذ أن عارض حسن البنا الحزبية (المشايعة وتعزيز الأحزاب)، وصرحوا بأن المسيحيين الأقباط مواطنون لهم كافة الحقوق وليسوا أهل ذمة ناقصة حقوقهم، وهذا يتعارض مع جماعة الجهاد الإسلامي المسلحة وكذلك مع هجمات الجماعات الأخرى على الأقباط.

وقد أدى تزايد هذه الاستغاثة لتهديد النظام، لذلك قام النظام في بداية العام 1995 باعتقال 82 من الإخوان واتهامهم بالتآمر لقلب نظام الحكم وتمت إحالتهم لمحاكمات عسكرية.

ثم بعد محاولة اغتيال مبارك في أثيوبيا يونيو عام 1995 كان هناك المزيد من الاعتقالات، فقد اعتقل ما يزيد عن 1000 من الإخوان المسلمين في العامين 1995 و1996.

وقد كانت اعتقالات عام 1995 تهدف لإعاقة الإخوان في الانتخابات والتي تحولت إلى عنف بالغ ولم ينتخب للبرلمان سوى واحد من بين 150 مرشح للإخوان.

وقد تزامنت هذه الهجمات والاعتقالات مع اختلافات بين الأعضاء الشباب والقدامى (على سبيل في قضية مثل تفاصيل دور الأقباط في المجتمع المسلم إذا ما حكمه الإخوان) مما أدى إلى انشقاق داخل الحزب؛ حيث قام أبو العلا ماضي بعمل حزب الوسط مع آخرين عام 1996.

وخوفا من الانتصار على أيدي مرشحي الإخوان المسلمين اعتقلت الحكومة المئات من الطلاب قبيل انتخابات الطلاب عام 1998.

كما واصلت الحكومة حملة إعلامية قوية بدأتها في العام 1995 اتهمت فيها الجماعة بالإرهاب وهو الادعاء الذي نجحت في إحياءه مؤخرا في الحرب العالمية على الإرهاب.

وعلى كل حال، فبالرغم من الحملة الإعلامية المتواصلة، أفرجت الحكومة منذ عام 2000عن العديد من الإخوان المسلمين وأخرجتهم من السجون.

وقد أدت هذه الاعتقالات إلى زيادة شعبيتهم، كما ساعدت هذه الاعتقالات العديد منهم في انتخابات 2005.

وقد ماتت آخر قيادة أصلية للإخوان المسلمين في العامين 2002 و 2004، والتي نتج عنها أن قلت حدة السلطوية داخل التنظيم والدليل على ذلك الانتخابات (فضلا عن الاختيار) للمرشد العام التالي محمد مهدي عاكف.

احتواء العنف المتطرف

لم يكن الإخوان المسلمين يريدون الإطاحة بالحكومة ولكنهم أرادوا مشاركة الحكومة. ثم بعد ذلك، في التسعينيات، جذبت الجماعات الإسلامية الانتباه إلى مصر بعدد من الهجمات على السلطات المصرية والسياح.

وقد هدفت الهجمات على السياح إلى إضعاف الاقتصاد. ومن بين هذه الهجمات تلك التي كانت ضد مجموعة من السياح اليونانيين في الجيزة باعتقاد أنهم إسرائيليين، وفي أكتوبر 1997 كان هناك تفجير لحافلة مليئة بالسياح تقف في باحة للسيارات خارج المتحف المصري وقد قام بذلك إسلاميون هربوا من الحجز في مستشفي للأمراض النفسية.

والأسوأ من هذا كله هو تلك الهجمات واسعة النطاق على مجموعة من السياح الأوروبيين في معبد حتشبسوت في دير البحري في وادي الملوك بالأقصر في نهاية هذا العام. وبسبب ذلك فقدت مصر ملايين الدولارات من عوائد السياحة وتوقفت العديد من الأعمال ومن ضمنها السياحة.

وقد اعتقد معظم المراقبين أو أملوا في أن يكون العامة قد ثاروا بسبب عنف الإسلاميين المتطرفين الذين يهددون دخولهم.

وقد صاحبت هذه الأحداث السياسية هجمات مدوية على الشرطة والمسيحيين المصريين في قرى صعيد مصر وعلى ركاب القطار الموصل لهذه المنطقة.

وقد تواصلت الهجمات على الأقباط حتى أصبحت أمرا خطيرا، ففي 2 يناير 2000 كان هناك عنف في قرية الكشح خلف 20 قتيلا مسيحيا ومسلما.

وقد أدانت الحكومة التقارير الرسمية حول هذا الحادث وفضلت أن تتغاضي عنه، حيث أن المشكلات الطائفية التي ظهرت في مصر من الصعب حلها وبسبب أن دعاوى العنف الطائفي تضر تسجيل حقوق الإنسان بالبلاد.

فحكومة مبارك تأمل في اقتلاع الإسلام المسلح إلى جانب خصومه من المعتدلين (الإخوان المسلمين)، بدون إهانة للحساسية الإسلامية.

وفي اليونان منع النقاب في المدارس والأماكن العامة وكان على الفتيات اللواتي يرتدين الحجاب أن يكون بموافقة الوالدين، إلا أن العديد من هذه الأمور قد أهملت.

وفي نفس الوقت لم تقم الحكومة بالتواصل من خلال حوار مفتوح حقيقي مع الإسلاميين. واصل النظام معاملة الإخوان المسلمين وحزب الوسط – تنظيم جديد تشكل من قبل منشقين عن الإخوان وبعض الأقباط – كجماعات غير قانونية.

الهدنة

Iconالأقصر.png

بعد هجمات العنف في الأقصر قامت قوات أمن الحكومة بشن هجمات واسعة النطاق على الجماعات الإسلامية وما تبقى من جماعات الجهاد الإسلامية.

وأخيرا تم التوصل إلى هدنة والتي فتحت باب النقد والانقسام داخل الجماعات الإسلامية وجماعة الجهاد الإسلامية، وشعوري هو أن هؤلاء الإسلاميين يخافون من فقد الدعم من قبل الجموع الإسلامية؛ فقد قاموا بما جعلهم بعيدين تماما عن تطلعات ورؤى المسلمين العاديين الذين يمكن أن يعانوا من أفعالهم.

فالقدرة القمعية للدولة المصرية كانت قوية للغاية، ذلك أن أحداث الأقصر قد هددت النظام بإظهارها عدم قدرته على احتواء التهديد الإسلامي وضعف قطاع السياحة لذلك فقد كان الرد على شكل اعتقالات وتعذيب واحتجاز وغير ذلك من الأشياء التي لا يحتملها المتطرفون، فاضطروا بكل بساطة لإعادة النظر في طريقهم.

ويعتقد البعض أن الهدنة توشك أن تكون دائمة، لذلك فإن التخمينات تقول بأن مثل هذه الهدنة يمكن أن يقدم حلا لنزاعات الدولة الإسلامية في أي مكان آخر في المنطقة.

وقد صدم العالم أجمع بأحداث الحادي عشر من سبتمبر في الولايات المتحدة ومنذ ذلك الحين أصبح التزام بعضا من أعضاء هذه الجماعات بنشاط الجهاد أمرا حرجا.

وكما نتوقع فإن مثل هذه التعبيرات التي تدل على تأنيب الضمير والنقد الشخصي قد أنكرها وشجبها أيمن الظواهري وعدها خيانة من القاعدين.


علاقة القاعدة بالمسلحين الإسلاميين في مصر

وسواء كان نتيجة القمع داخل الوطن أو تزايد التسلح الإسلامي في المنطقة فقد ظهر اتصال قوي بين التيار الإسلامي المتطرف المصري وبين القاعدة،وقد سبقت هذه العلاقات أحداث 11/9.

وقد شارك على الأقل 29 مصريا مع جماعة الجهاد مثل أيمن ربيع الظواهري أو مع الجماعات الإسلامية مثل رفيع أحمد طه وآخرون أمثال مصطفي حمزة وعدد ممن قاتل في أفغانستان والبلقان.

وبعض هؤلاء كانوا "عرب أفغان" ممن لجئوا إلى المملكة المتحدة وألمانيا أو باكستان. وقد استفادت القاعدة بشكل كبير من أيمن الظواهري حيث عمل معهم كواضع نظريات واستراتيجي، ومن آخرون أمثال محمد عاطف والذي نظم هجمات 11/9. وقد حصلوا بذلك على الكفالة المالية من بن لادن وساحة للعمليات.

ثم وافقت الجماعات الإسلامية على عدم العنف في أعقاب هجمات الأقصر ولذلك تم الإفراج عن 8.000 من سجناء الجماعات، غير أن هناك قطاع أقسم على مواصلة الجهاد ولكن القوة الرئيسية وافقت كذلك على الهدنة.

وقد كانت جماعة الجهاد الإسلامي والجماعات الإسلامية جماعات مجاهدة محلية، مع أن بعضهم قد دعي للجهاد العالمي. ويجب أن نتذكر أن:

•أي حركة يمكنها أن تقوم بتحديد أهداف محلية إقليمية ودولية ويمكنها أن تتنقل بين هذه الأهداف. وهكذا فإن للقاعدة أهدافا محلية في أفغانستان وباكستان؛ وكذلك الجماعات الإسلامية و جماعة الجهاد كل منهما يواصل جهاده في مصر غير أن كلاهما له يمكنه أن يتطلع للجهاد في أي مكان آخر.

•وضع التيار الإسلامي المحلي والدولي يعد من سمات الحياة المعاصرة والتي تنعكس على السفر ونشاطات شبكات الاتصال الإسلامية والرسائل النصية وتقنيات أخرى، ولكن الأهداف المحلية قد برزت بشكل أكبر.

•يجب أن نستخلص من تاريخ التيار الإسلامي المسلح أن جماعة الجهاد الإسلامي والتنظيمات الإسلامية المعتدلة والجماعات الإسلامية المسلحة الصغيرة الجديدة قد تأثرت واختنقت من الغزو الغربي على العالم الإسلامي.


الظواهري

يجسد أيمن الظواهري الرابط بين القاعدة والتيار الإسلامي المصري، فحياته لم تبين فقط أن الاتجاه الإسلامي قد بزغ من الأحياء الشعبية أو من اليأس الاقتصادي أو التفاوت الاجتماعي. فالتطرف الإسلامي قد تطرق للطبقات المهنية في مصر.

فأسلافه، على خلاف أسلاف بن لادن، كانوا أثرياء على كل من جانبي عزام والظواهري مما يبين للمصريين أن العدو من الداخل أو يعطيهم انطباعا بأن رجالا من أمثال أيمن الظواهري ليسوا هم العدو الحقيقي.

وقد نشر كتاب الظواهري، فرسان تحت راية النبي، بشكل متسلسل في جريدة الشرق الأوسط العربية في لندن والتي تقرأ في جميع أنحاء العالم العربي.

وقد صور الظواهري نفسه كمن يقوم بتعليم الشباب المسلم كيفية إدراك أعداء الإسلام، وقد جذبت دعوته للجهاد آلافا من الشباب في السجون، كما نصح بإستراتيجية جميع الوسائل الممكنة مشيرا إلى الدمار الذي يمكن حتى للجماعات الصغيرة من الممثلين أن تقوم به واقترح استهداف الأمم المتحدة والشركات متعددة الجنسيات والإعلام وجماعات الإغاثة الدولية؛ لأنهم يقومون بتغطية العمليات الأخرى، على حد قوله، كما أنها مؤشرات لخنوع العرب والمسلمين للغرب.

وعلى غرار القاعدة والعديد من الجماعات الأخرى فقد شارك الكفاح الفلسطيني ثم الكفاح العراقي، ولكنهم عارضوا جماعات مثل الإخوان المسلمين و حماس بسبب انضمامها للعملية الانتخابية.

وفي 2007، حذر الظواهري حماس من قبول أي تواصل مع محمود عباس وفتح؛ لأنه يرى من خلال الأحداث الأخيرة أنها جهود من الغرب للعمل بسياسة "فرق تسد" تجاه المسلمين في جميع البلدان.

أما معتز الزيات المحامي، والذي قام بنفسه بالدفاع عن السجناءالإسلاميين الآخرين، فقد كتب عن الظواهري في،أيمن الظواهري كما عرفته،قائلا أن الظواهري عانى من التعذيب الرهيب من قبل المسئولين المصريين وهو ما جعله يسلك طريقا لا رجعة منه. وبشكل آخر، فإن الزيات يشير إلى قمع الدولة كعامل في ظهور العنف الإسلامي المسلح.

وبعد أحداث 11/9 أملت السلطات المصرية أن تعقد الهدنة في البلاد ولم تكن شخصيات مثل الظواهري ذات خطر مباشر.

وعلى كل حال فإن العنف الجديد يشير إلى أن العنف الإسلامي المتطرف يمكن أن يكون متقطعا وعلى ما يبدوا انه أمر لا مرد له على الساحة والذي يلقي ضوءا متشائما على الإصلاحات المطلوبة بشدة في الحكومة وفي الحياة السياسية في مصر.

هل يكون ظهورا للجهاد مرة أخرى في مصر؟

تضمنت أحداث العنف منذ العام 2003 هجمات انتحارية وسيارات وشاحنات مفخخة في سيناء ومصر. فتطرف البدو كان أمرا جديدا أثار اهتمام الإعلام.والغريب هو ظهور النشاط النسائي المسلح.

وفي سبتمبر 2003، اعتقلت الشرطة المصرية 23 مسلحا إسلاميا مصريا مشتبه به كانوا ينوون القيام بهجمات على القوات الأمريكية في العراق، وقد كان منهم 19 مصريا وثلاثة من بنجلاديش وتركي وماليزي وآخر إندونيسي، وكلهم درس في جامعة الأزهر.

وفي أكتوبر 2004 أصدر الظواهري نداء بالجهاد (خارج العراق) عن طريق شريط فيديو، ثم بعد ذلك في 7 أكتوبر 2004 وفي ذكرى حرب العاشر من رمضان 1973(وقريبا من الذكرى الثانوية لاغتيال الرئيس السادات في 6 أكتوبر)،انفجرت شاحنة إسوزي وسيارة مفخخة في فندق هيلتون طابا مسببة انهيارا في جزء من البناء.

كما وقع انفجاران آخران في مخيم بجوار شاطئ رأس الشيطان وخلفا وراءه 34 قتيلا. ويقوم كل من المصيفين الإسرائيليين والمصريين بالاستمتاع بهذه المنطقة ولكنها أقرب لإسرائيل وتمثل للإسرائيليين هدفا رئيسيا.

كما كان من المخطط له أن تنفجر سيارة بيجوت مفخخة في فندق هيلتون نويبع حيث كان هناك شخصيات مصرية مهمة للغاية تقوم بالتنزه هناك ولكن السيارة انفجرت قبل الأوان.

ولو أن السيارة الإسوزي قد وقفت بالقرب من حائط الدعم لكان هناك المزيد من القتلى، كذلك إذا ما قد نجحت تفجيرات نويبع، وقد أعلنت جماعة تسمي نفسها الجماعات الإسلامية العالمية مسئوليتها عن هذه الأحداث.

وقد ربط البعض هذه التفجيرات بشرائط الفيديو التي أصدرها الظواهري، وأظهروا الخوف من أن القاعدة يمكنها القيام بهجمات جديدة، وحاول آخرون أن يوجدوا اتصالا بين التفجيرات وبين الإرهاب الفلسطيني بسبب شعبية الشاطئ الشمالي في سيناء عند الإسرائيليين.

وأكدت بعض المصادر الإسرائيلية تخطيط ومشاركة القاعدة وقالت أن العملية قد أخذت ما بين 18 إلي 24 شهرا من التخطيط.

وبعد الهجمات قام 12.000 من السائحين الإسرائيليين فالفرار أثناء عيد الصفح، ثم بعد ذلك أعلن لواء عبد الله عزام، جماعة لم يعرف حتى الآن أنها متضامنة مع القاعدة، مسئوليته عن الحادث.

وقد حاولت السلطات المصرية فصل هذه الهجمات عن القاعدة وآخرون في مصر وإلقاء اللوم على بدو سيناء، وطمأنة العامة بأن هذا حادث منفصل.

وبعد هجمات أكتوبر 2004 مباشرة قام أبو العباس، قيادي القاعدة في الجزيرة العربية، وله شبكة دعم من الرياض شرقا إلى سيناء، بإعلان جهاد جديد في مصر يوازي الهجمات في السعودية.

وقد تأكد هذا التصريح من خلال بيانات أخرى من القاعدة تقول بأن الكفاح سيستمر حتى تحقيق النصر في العراق والتوغل في الشام. وأعلنت مؤخرا جماعة أخرى تسمى مجاهدو مصر مسئوليتها عن هجمات سيناء.

وقد تركز الانتباه على التطرف البدوي والذي يمكن أن يكون قد ظهر بسبب استياء البدو من السلطات المصرية وكذلك وضعهم الاقتصادي غير المستقر.

وربما يكون من الصعب فهم سبب أن البدو، وخاصة في الشمال، قد هاجموا قطاع السياحة والذي يمثل المصدر الوحيد للدخل فضلا عن الصيد وتهريب البضائع.

وقد كان هناك ضغوط مكثفة على النظام القيمي للبدو والذي يتمثل في طريقة معيشتهم المتقشفة منذ قرون والتي أصبح من الصعب تطويرها.

وبينما كانت تلك حقيقة مناطق أخرى في الشرق الأوسط إلا أن بدو سيناء هم لهم علاقة بهذه العملية. وكأحد القادة القبليين لسنوات عديدة في الماضي عند اعتبار ما إذا كانت المناقشات تدور حول تهريب كتاب يمكن أن يوجد أية مشكلة:

"وعلى كل حال، فمن يهتم؟ أمريكا – تحتقر الأفلام (التي يطلقها منتجو الأفلام الأمريكيين هنا)، ولا يهتمون بنا.

وإذا لم نكن عمالة رخيصة أو لم تكن مصر وإسرائيل يستخدموننا لندلهم على الطرق لما كان أي منهما ليهتم بنا."

فانتهاكات الاحتلال الإسرائيلي وإعادة تمدد السلطة المصرية إلى جانب تدفق السياح في سيناء قدمت تغييرات غير متوقعة في هذه الجماعات القبلية.

ومن هذه التغييرات نمو الحركة الإسلامية – وهذا أمر واقع في المناطق الأخرى التي يسيطر عليها البدو – في الأردن والعراق ودول الخليج والجنوب وفي منطقة الساحل الشمالي في مصر.

وفي أعقاب تفجيرات طابا اعتقلت الشرطة وأجهزة الأمن ما يزيد عن 5.000 مشتبه فيه. وقد أشعلت الاعتقالات والمعالجة الفقيرة المظاهرات التي كانت تضم أعضاء أسر المصريين الذين اعتقلوا في مدينة العريش.

ثم وقعت بعد ذلك حوادث قليلة في القاهرة، ففي 29 مارس 2005 قام رجل مصري بطعن اثنين من السياح المجريين وقد كانا يقبلان بعضهما قريبا من مسجد الحسين في القاهرة، وقد وصفته السلطات المصرية بأنه متخلف عقليا وعاطل تخيل أن هذه حادثة منفردة.

وفي 7 أبريل 2005 وقع تفجير انتحاري في سوق خان الخليلي وخلف وراءه ثلاثة قتلي من السياح وجرح 18 شخصا آخر.

وفي البداية صرحت السلطات المصرية أن المفجر، حسن رفعت بشندي، قام بالعملية وحده ولكن هناك ادعاء يقول بأن القائم على هذه العملية تنظيم إسلامي غير معروف حتى الآن، وتقوم السلطات بالبحث عن شركاء للقاتل واعتقلت جمال أحمد عبد العال وأشرف سعيد يوسف ومشتبه آخر وابن عم أشرف والذي توفي في حجز الشرطة.

وادعت السلطات المصرية أن إيهاب يوسف يس أُعلم بهذه الاعتقالات قبيل تنفيذ هجمته في القاهرة، ومن الواضح أن السلطات المصرية كانت تلاحقه عندما كان يفجر أو عندما فجر نفسه من خلال إلقاء نفسه من على الكوبري خلف المتحف المصري، من أكثر الأماكن جذبا للسياح، في ميدان عبد المنعم رياض في 30 أبريل.

وذكرت وزارة الداخلية أن يس قفز من على الكوبري ثم قام بتفجير القنبلة.وقد جرح إسرائيليان وامرأة إيطالية ورجل سويدي وثلاثة مصريين جراء انفجار القنبلة التي قالت عنها السلطات المصرية أنها بدائية ومليئة بالمسامير.كما أن غرابة طريقته – لماذا قفز من على الكوبري – تعد أمرا ملفتا للنظر.

والأكثر من ذلك أن هناك بعض شهود عيان وصفوا قائلين أن شيئا ثقيلا سقط من على الكوبري فوق رجل كان يمشي بالقرب منهم وقد تسبب الانفجار في قطع رأسه.

وفي نهاية آخر هذا اليوم قامت كل من أخت يس (نجات) وخطيبته (إيمان خميس)، وكلاهما في العشرينيات من أعمارهما ومنقبتان، بفتح النار على أتوبيس سياحي في منطقة السيدة عائشة، ومرة أخرى قدمت السلطات قصصا متعارضة.

ويجب أن ندرك أن الإعلام في مصر ليست لديه الحرية لتسجيل الأحداث كما هو الحال في الولايات المتحدة.

فبعض التقارير تقول بأن الشرطة أطلقت النار على الفتيات وقتلت واحدة وتقول تقارير أخرى بان بأن إحدى الفتيات قتلت الأخرى ثم قامت بجرح نفسها وماتت بعد ذلك في المستشفي.

وعلى كل حال فقد ذكر شهود عيان أن الشرطة أطلقت النار على الفتاتين.وقد جرح مصريين آخرين مع أن أي منهم لم يكن يستقل الأتوبيس السياحي.

وقد اعتقل في أعقاب هذا اعتقل 226 مصريا من أقارب المتطرفين الذين قاموا بالعمليات ومن منطقة شبرا بالقاهرة.

وقد وجدت قصاصة من الورق في يد واحدة من الفتيات تقول فيها "سوف نواصل التضحية بحياتنا من أجل حياة الآخرين،"وهذا من سمات الجهاد الدفاعي. وقامت ليبيا بتسليم أخو ياسين (محمد) البالغ من العمر 17 عاما لمصر بشأن هجمات أبريل.

ولم تقدم الحكومة أية تفاصيل شارحة لأحداث القاهرة والتي يمكن أن تحيي شعار الانتقام بسبب مثل هذه الأحداث.

وعلى كل حال فقد أربك الحدث التالي في سيناء الموسم السياحي لمدة عام.وفي 23 يوليو، في ذكرى العيد القومي المصري للاحتفال بثورة 1952 انفجرت عبوات ناسفة أدت لمقتل 65 شخصا في شرم الشيخ في منتجع سياحي في جنوب سيناء مليء بالأوروبيين.

وقد كان توقيت الانفجار مضبوطا بحيث يؤدي لمقتل أكبر عدد ممكن من السياح ومع ذلك فقد قتل من المصريين أكثر من الغربيين.

وفي الهجوم الأول زرع المسلحون قنبلة في حقيبة سفر في ساحة الانتظار المليئة في فندق غزالة شرم الشيخ ثم قادوا شاحنة وزرعوا فيها قنبلة وأخفوها تحت خضروات وادخلوها إلى ساحة انتظار الفندق، وعندما حاول الناس الفرار من انفجار الشاحنة انفجرت حقيبة السفر.

في الوقت نفسه دخلت شاحنة أخرى إلى السوق القديم ثم تركها قائدها وقام بتفجير القنبلة. وقد توافقت أوقات التفجيرات (جاءت بعد 7 يوليو 2005) مع هجمات لندن مما جعل البعض يتوقعون وجود تخطيط دولي.

وعلى كل حال فلم تنتهي هجمات سيناء، وفي 24 أبريل 2006 كانت هناك ثلاثة تفجيرات في دهب وهي منتجع في سيناء يفضله الأوروبيون والإسرائيليون مما تسبب في مقتل 19 شخصا.

كما تقوم دهب بتوظيف وجر دخل على البدو، الذين يأتون من مناطق التل لقيادة الأفواج والصيد وبيع عدد من الأغراض الصغيرة للسياح أو للعمل في الفنادق ولذلك فإن هذه الهجمات تؤثر على الحالة الاقتصادية للبدو.

وبعد يومين استهدفت عمليتان انتحاريتان المراقبين والقوات الدولية الموجودة في شمالي سيناء، ولكن لم يقتل سوى منفذو الهجمات، وقبل ثمانية أشهر وتحديدا يوم 15 أغسطس 2005 انفجرت قنبلة لاسلكية وجرحت مجندتان من مراقبي القوات الدولية.

في البداية أنكرت السلطات المصرية الاتصال بين هجمات شرم الشيخ وهجمات دهب وأحداث القوات الدولية ولكنها توصلت مؤخرا إلى فكرة أن خلية إرهابية بدوية جديدة متضامنة مع القاعدة كانت قد تطورت واشتدت خطورتها بسبب الأحوال القاصرة في سيناء واستبعاد البدو.

وخلال عامين كانت هناك 11 هجمة نسبت إلى جماعة سمتها الشرطة المصرية جماعة التوحيد والجهاد وقد قتلت الشرطة مؤسس الجماعة(خالد المسعد)، طبيب أسنان من العريش، في عام 2005، وفي 9 مايو 2006 قتل قائد آخر للجماعة، ناصر خميس، في منطقة العريش؛ متخرج من كلية الحقوق له أصول فلسطينية ومولود بمنطقة الدلتا في مصر.

ثم بعد ذلك استسلم خمسة رجال بعد اختفائهم في كهوف هناك وتم استجوابهم من قبل السلطات. وحوكم خمسة عشر وحكم على ثلاثة منهم بالإعدام. ووفقا لتصريحات المحكمة فإن الاثنين الرئيسيين قد طوعوا آخرين في منطقة الشيخ زويد وهي منطقة فقيرة في شمال سيناء.

انتقام أم تخلف؟

اختلف المسئولون المصريون على أن حملات مكافحة الإرهاب يمكنها أن تقوم بتشجيع الإرهاب ولكنهم كالآخرين يقومون بعدة هجمات انتقامية. فالانتقام هو الآن التفسير المألوف مثل هذا التفسير غير المرضي الذي كان في الماضي.

وقد أنكرت الحكومة بشكل رسمي التعذيب والحبس الانفرادي وظروف السجن غير المناسبة في مصر، بالرغم من أنها سجلت من قبل جماعات مثل مراقبة حقوق الإنسان ومنظمة العفو الدولية التابعة للولايات المتحدة.

فالتعذيب والاعتقال في نهاية السبعينيات والثمانينيات قاد إلى مزيد من التطور التنظيمي في السجون نفسها وانتشار الجهاد العالمي.

وفي أواخر الثمانينيات شرح قائد لجماعة الجهاد من المنيا، على محمد على، أن قوات الأمن هاجمت عناصر "ومنعوا أداء الصلاة وقاموا بملاحقتنا بدون سبب بين" (تنفيذ أفكار الجهاد الدفاعي).

وقد سجلت لجنة مراقبة حقوق الإنسان حالات تعذيب، وأخذ رهائن وإساءة معاملة أسر المعتقلين الإسلاميين ومنها الإساءات الجنسية.

ومن المحتمل أن يكون ظهور العديد من خلايا الإرهاب الجديدة منذ عام 2003 مرتبط بعمليات القتل المفرط في التسعينيات، إلا أن ثغرة في عمليات العنف تجعل هذا الاحتمال غير ممكن.

كما أنه ليس من الواضح أن محفزات الانتقام، التي يمكن أن تفسر هجمات سيناء الثانية والثالثة، ترتبط بتفجيرات طابا.

وعلى غرار ذلك فإن الانتقام يمكن أن يلعب دورا في الهجمات الثانوية في القاهرة في أبريل 2005، وليس في الهجمات الأولية (كالتي كانت في الخليلي).

كما كانت هناك العديد من التفسيرات الأخرى لموجة العنف الجديدة في مصر. وقد كان هناك تفسير يقول بأن مثلين إسلاميين جددا،لم يتقيدوا بأية تسويات سابقة مع النظام، قد ظهروا. ومثل هؤلاء الممثلين يمكن للقاعدة أو الجهاد العالمي أن يكونا قد سيطرا عليهم.

ويمكن لهؤلاء الممثلين الجدد أن يكون لهم بعض المزاملات مع عملاء من داخل أجهزة أمن النظام. أو أن هؤلاء الممثلين الجدد قد ظهروا نتيجة للتخلف الطويل وحاجتهم للانتقام من الهجمات الحكومية الموجهة إليهم.

ثم أن الافتقار للاتفاق حول سبب النشاطات الجديدة ينبع بكل وضوح من زيادة وجهات النظر التنافسية التي عبر عنها العديد من الشخصيات السياسية غير الحكومية الرئيسية.

وقال أيمن نور، قائد حزب الغد، أن العنف كان نتيجة "بيئة القمع والاضطهاد." وقام محمد مهدي عاكف، المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين، بإدانة الهجمات والحديث بشكل قلق عن الإصلاح السياسي.

أما الزيات، محامي الإسلاميين، والذي عرف الظواهري فقال أن عمل الجهاد الحر قد ظهر الآن نظرا للتعاطف مع القاعدة أو الكفاح في العراق أو فلسطين.

وقال عصام العريان، قيادي في جماعة الإخوان المسلمين، أن مصر قد وصلة لنقطة الغليان وقد كان التعرض للنساء في أبريل 2005 مؤشرا على اليأس.

واقترح آخرون أن هجمات 30 أبريل كانت دربا من دروب الانتقام. كما ذكرت افتتاحية في القدس العربية أن الدولة مريضة وأن السلطات كعادتها تقوم بتزييف الحقائق وتضلل العامة بينما يستعيد المجاهدين ظهورهم مرةأخرى.

وبالرغم من أن المصريين معهودين بتغيير الحقائق في مثل هذه الأحداث وتغطيتهم الإعلامية ما زالت تجد هذا الأمر غريبا وهو أن تكون كلا من المرأتان لا تعرفان هدفهما أو أن يكون هناك انتشار للعديد من الروايات لهجمتا القاهرة، كما تم ملاحظة تضارب الأقوال حول هجمات سيناء.

وخلال العقود الماضية من الحرب الأقل ضراوة مع الإسلاميين المتطرفين وصفت الحكومة المصرية (من خلال صحافتها الرسمية) هذه الأحداث بأنها أفعال "مجانين" أو "مجرمين" فضلا عن إلصاقها بهجمات المتطرفين أو ربطهم بالتيار الإسلامي المتطرف كما كان مع هجمات 1997 على أتوبيس بالقرب من المتحف المصري مما أدى لمقتل 10 سائحين على يد Sabr Abu `Ulla.

وقد هاجم صابر السياح وقتلهم ولكنه كان في مستشفي الأمراض العقلية ثم خرج منها، وقالت السلطات أنه هرب منها.

وقد تسببت هذه الهجمات الجديدة في إفساد معدل نجاح الحكومة في احتواء التيار الإسلامي المسلح، وبذلك لم يكن من الغريب مواصلة الغموض في الرسائل الرسمية عنهم.

ممثلين جدد من النساء

وبالرجوع إلى عامي 2005و2006 وبإلقاء نظرة على المنطقة سوف نرى مزيدا من دخول المرأة إلى الأحداث المسلحة في الأردن والسعودية والعراق.

لم تشارك المرأة، قبل الأحداث التي تم ذكرها، في أي أعمال عنف في مصر وتعد مشاركتهم نذير شؤم على الشعوب العربية،بالرغم من أن المرأة كانت موجودة في جميع التنظيمات الإسلامية المتطرفة كما تم احتجازها وتعذيبها أيضا.

فمبادئ الإسلام تحرم على المرأة أن تشارك في الجهاد ويرجع هذا للتعريفات الكلاسيكية للمجاهدين الذين يجب أن يكونوا رجالا بالغين ليس عليهم ديون أو من يقومون على إعالتهم، على الرغم من وجود نماذج لنساء ناشطات قبل ذلك.

وعلى كل حال فإن مثل هذه القيود لم تكن موجودة خلال زمن النبي بينما كانت التقاليد القديمة لنساء العرب المشاركات في المعارك موجودة.

وعلى سبيل المثال فقد قاتلت نسيبة بنت كعب، أم عمارة، في غزوة أحد 625م،كما باشرت عائشة، زوج الرسول المحببة إليه، القتال في معركة الجمل وقاتلت زينب بنت على حفيدة النبي في معركة كربلاء (680م).

فالإسلاميون المتطرفون يمجدون هؤلاء النسوة العرب المقاتلات وبذلك فإنهم يخرجون عن التعريفات التقليدية للمجاهدين؛ قائلين أن على النساء والأطفال أن يستجيبوا لداعي الجهاد ويشاركوا الرجال عندما يصبح الجهاد فرضا على كل فرد مسلم.

وقد حذر المحللون لبعض الوقت من أن ملف التفجيرات الانتحارية لا يجب أن يقتصر على الشباب واليائسين وغير المتعلمين أو على الذكور فقط. وقد صدم المصريون بمشاركة النساء في مقل هذه العمليات بشكل مفاجئ.


القاعدية والأمن

وبمد العمل بقانون الطوارئ مدة عامين في أبريل 2006 يري البعض نظرية التآمر حيث دعمت موجة العنف الجديدة ادعاء الحكومة بضرورة مد هذا القانون. وقد أوضحت المعلومات أن جماعة الطائفة المنصورة وهي مجموعة من المتطرفين من مناطق مختلفة بالقاهرة كانت تخطط للهجوم على مواقع سياحية واغتيال عدد من شخصيات السلطات الدينية المسلمة والمسيحية.

وقد افتضح الشيء الغريب لهذه الجماعة بشكل كامل وفضحت نشاطاتها بعد وقت قليل من اعتقالهم. ويقودنا هذا إلى التساؤل حول هذه التفجيرات وتلك التي سبقتها.

فإذا كان الكفاح الحالي بسبب استياء البدو والفلسطينيون المولودين بمصر ليضاهوا بذلك القاعدة، فماذا يمكن أن يكون سبب ظهور جماعات أخرى مثل الطائفة المنصورة أو طلائع الفتح (جماعة جهادية أخري تعمل منذ عام 2003 وترى أنها فرع من فروع الجهاد الإسلامي المصري الذي اعتقل أعضاؤه في سبتمبر 2005) أو ماذا يمكن أن يكون سبب الهجمات الأخرى في القاهرة عام 2005؟ هل هناك شيء آخر يمكن أن نسميه بالقاعدية محلي وغير دولي ولم يتم احتواؤه؟

كما أن مهاجمي الطائفة المنصورة قد سموا أنفسهم بنفس اسم جماعة السنة العراقية (جيش الطائفة المنصورة) والذي شن هجوما بقذائف الهاون بالقرب من مسجد الكاظمية في بعداد في أغسطس 2005.

وقد اعتقلت الحكومة أفراد هذه الجماعة، وهم 22 شاب، قبل الإعلان عن اعتقالهم بحوالي من 50 إلى 90 يوم. وقد أتوا بشكل رئيسي من منطقة الزاوية الحمراء وطره، وهي منطقة صناعية فقيرة بجوار المعادي جنوب القاهرة:

أحمد محمد علي جابر، 26 سنة، طالب في كلية الآداب قسم الأدب.

أبو بكر المصري، 26 سنة، خطيب وهو قائد المجموعة.

وصرحت الحكومة بأن الجماعة قد حصلت على معلوماتها عن التفجيرات والسموم عن طريق شبكة الإنترنت وخططت للهجوم على السياح وعلى خط أنابيب غاز طبيعي في الطريق الدائري بالقاهرة وعلى بعض قادة رجال الدين المسيحي والإسلامي.

المعتدلين: العدو الأكبر؟

وبعد أيام قليلة من أحداث أبريل 2005التي ذكرناها اصطدمت الشرطة بمظاهرات نظمها الإخوان في الفيوم، والمنصورة والزقازيق.

وقامت المظاهرات في الأسكندرية والدلتا والقاهرة احتجاجا على جهود البرلمان لتعديل الإصلاح الدستوري لإجراءات الانتخابات والتي يمكن أن تؤثر بشكل مباشر في جهود الإخوان المسلمين للحصول على أصوات.

ويرى المراقبون أن الإخوان يمكنهم الحصول على ما بين 30 إلى 35 بالمائة من مقاعد البرلمان من خلال انتخابات حرة ونزيهة.

وهذه الجهود من قبل الإسلاميين المعتدلين للاستفادة من الدمقرطة التي أتت لمقاومة سياسات الحرب العالمية على الإرهاب والتي تقوم الآن بتعزيز قمع الإسلام المتطرف.

وعلى العكس فإن البعض يقولون أنه منذ وُجد الإسلاميون المعتدلون في الحكومة المصرية وفي النظام التعليمي، فإن التنقيح التدريجي للدولة من قبل الإسلاميين من العناصر العنيفة مكن العناصر الأكثر عنفا من التفلت من اللوم ومن المراقبة.

التطرفية البدوية

لم تقم أي من تحديد هوية الخلايا البدوية ولا مد العمل بقانون الطوارئ بإنهاء النشاط المعادي للحكومة في سيناء.

فقد بحثت الشرطة وأجهزة الأمن في شمالي سيناء حيث عثروا على 600 كجم من مادة TNT المتفجرة بالقرب من قرية الراثلان في 10 نوفمبر 2006 بعدما تم العثور على طن آخر إضافي في 29 أكتوبر في مكان آخر.

وبينما كانت فكرة أن المناطق غير المتكافلة والتي تفتقر للخدمات في مصر يمكنها أن تنحرف إلى العنف، فكرة مقبولة إلا أن المشكلة في هذا التفسير هو أنه لا يشير إلى التطرف من طبقات أخرى متطورة في المجتمع مثل الظواهري والذي كان من منطقة المعادي بالقاهرة.

فساحل سيناء يتمتع بالسياح الأغنياء في كل من شرم الشيخ وطابا ودهب ونويبع وهو مختلف تماما عن المنطقة الشمالية من سيناء والتي تضم الوجود الإسلامي في مدينة العريش والتهريب المتواصل عبر الحدود المصرية مع غزة.

وهناك 360.000 بدوى مستاءون من السلطات المصرية قد انتشروا في سيناء منذ الانسحاب الإسرائيلي. وفي نفس الوقت هناك فلسطينيون موجودون في منطقة الشمال وتشكلت بينهم وبين البدو علاقة في بعض الأوقات.

وقد تزايدت وجهات النظر الإسلامية في كل من الجماعتين وحتى قبل نمو هذه الأفكار فإن الواحد منا كان يستطيع التمييز بين الأوروبيين ذوي الملابس الخفيفة والمصريين والإسرائيليين الذين يمرحون على شواطئ سيناء وفي فنادق الأقصر وبين خيام البدو الأصليين وسكان سيناء.

واقترحت مجموعة الأزمات الدولية أن التضامن الكامل للشعب في سيناء إلى جانب إستراتيجية جديدة للتنمية يمكنها أن تحسم حل القضية.

وقد كان هناك المزيد من التأكيد من قبل مجموعة الأزمات الدولية حول استياء البدو من الاستعمار المصري أكثر من أي مناقشات للإسلاميين تتعلق بحالة السياح في مصر.

وتحتاج هذه القضية لإعادة التفكير أيضا، فالسياح الغربيين والإسرائيليين يطالبون بمنطقة آمنة إذا ما عمل قطاع السياحة في مصر كما هو مخطط.

وفي الحقيقة فقد كتب بعض الباحثين عن الطريقة التي قام بها الفراعنة، مثل المواقع التوراتية الإسرائيلية، لدعم الأسباب الإضافية من أجل الأمن لتقديم نوع من الحجر على الغربيين.

وربما كان هذا النوع من التطوير لا يتناسب مع الغضب المتزايد لجزء من الشعب في بعض دول الشرق الأوسط. وعلى أي حال فإن هناك سؤال يجب أن يدخل في التخطيط المستقبل.


أليس هناك حل؟

ليس هناك حل يرضي النظام المصري الحالي وشعبه وليس هناك حل يرضي بشكل كامل وحدة الأمن الغربية والمصريين الذين اقتنعوا بأن التيار الإسلامي موجود هنا ليبقي ويجب أن يقوم بالتضامن مع ثقافة جديدة أكثر مدنية.

وناقشت كاريل مورفي في كتابها، التطرفية والتيار الإسلامي، المزيد من الانفتاح الثقافي وإعادة تفسير الإسلام وكتبت: "المصريون بمن فيهم الإسلاميين بحاجة إلى حرية أكبر لمناقشة مستقبلهم ومخاطبة عقولهم والتواصل في السياسات."

وذكر فواز جرجس في دراسته حول ظهور الجهاد العالمي: "بدلا من توسيع الحرب على الإرهاب والدخول في مغامرة عسكرية جديدة فإن صناع القرار السياسي الأمريكي يمكن أن يقوموا بالضغط النظامي على حلفائهم من الحكام العرب والمسلمين للقيام بالإصلاح الهيكلي والنهوض بالطبقات الاجتماعية إلى الأجواء السياسية."

وقد مضي على وجود التيار الإسلامي المسلح في مصر ثلاثة عقود ونصف. ومن سوء الحظ أن أحداث العنف قد أعيدت مرة أخرى ونأمل ألا تكون بسبب إيجاد الحكومة لخلايا جديدة من نفسها في سبيل استعادة سيطرتها على الحكومة ومقاومة شعبية الإسلاميين المعتدلين.

فالحكومة والمجتمع قد قبلا وقدما تيارا إسلاميا معتدلا بأبعاد أخرى، ثقافية واجتماعية. وقد دُعم التيار الإسلامي المعتدل من قبل العديد من المصريين الذين أربكتهم صورة حكومة حماس التي تقع تحت النيران في غزة وكل الجهود الإسرائيلية لتخليص لبنان من حزب الله.

وفي الحقيقة ومن خلال النظر في المنطقة فإن البيانات تقول بأن العديد من المواطنين لا يرون تعارضا بين التيار الإسلامي وبين الديمقراطية.


اعتراضات أخرى على الإسلاميين المعتدلين

وما بقي من اعتراضات على الإسلاميين المعتدلين وقوي المعارضة السياسية الأخرى هو أنهم يتصلون بشكل مباشر مع مزيد من الإسلاميين المتطرفين الذين يميلون إلى العنف بسبب قيمهم التي تمكن لثقافة الجهاد والكفاح من أجل إقامة دولة إسلامية وتقوم بزعزعة هذا النظام القائم.

فالاعتراض الأول على التيار الإسلامي المعتدل يرتكز على التأكيد على أن الإخوان المسلمين لا يمكنهم أن يكونوا ديمقراطيين وكثيرا ما تم التعبير عنه من قبل الخبراء الإسرائيليين والأمن الغربي.

وقد اقترح الرئيس مبارك نفسه قائلا أن بعد التعددية، فضلا عن الديمقراطية، هي الطريق الصحيح إلى الأمام.

وقال (كما فعل الرئيس حافظ الأسد وابنه بشار) أن الاحتياجات الاقتصادية في مصر يجب معالجتها قبل إلقاء الضوء على الحرية السياسية.

وقال أيضا أن قوى المعارضة و/أو الشعب الأمي في البلاد كان غير ناضج سياسيا بشكل يجعله يتقبل هذا الانفتاح السياسي.

وقد أعلن مؤخرا التزامه بالديمقراطية قائلا، "إنني أريد مصرا قوية وديمقراطية مصرا تسعى لمستقبل حر من أجل جميع المصريين،" ووعد بعمل إصلاحات دستورية من شأنها معالجة بعض السلطات التنفيذية.

وفي بعض الأوقات أعاد تأكيده على الإرهاب وهو السبب الحقيقي في الإبقاء على قانون الطوارئ.وبينما لا يثق العديد من المراقبين في الحزب الوطني الديمقراطي صرح الرئيس مبارك أنه لا يمانع تعديل المادة رقم 76 (والذي يطالب الحزب بأن يكون لديه 5% من مقاعد البرلمانين ليمكنه تقديم مرشح رئاسي).

أما المستقلون فيحتاجون لدعم 250 عضوا من البرلمان المصري والمجالس المحلية، مما يجعل من المستحيل تقدمهم للانتخابات.

أما الاعتراض الثاني، فيتمثل في عدم أن الحكومة إذا ما سمحت بحزب قانوني للإخوان المسلمين فإنهم يمكن أن يتحولوا إلى قوى غير إسلامية.

وبما أن الحكومة لن تسمح لهم بالدخول في النظام فإنهم سوف يقومون بإرباكها نظرا لقوة معارضتهم. وإذا ما ناقش أحد هذين الترجيحين فإنه يجد أن من الحقيقي أن الإخوان المسلمون قادرون على جذب دعم شعبي لا يمكن لحركت المعارضة "كفاية" وأحزاب المعارضة الصغيرة الأخرى القيام به.

فإذا ما بدلت أحكام الانتخابات البرلمانية والانتخابية وكان الإخوان المسلمين حزبا سياسيا شرعيا، فإنه كان على مقدرة في إحراز دعم يتحدى به الحزب الوطني الديمقراطي.

فإذا لم يكن مبارك في السلطة بحلول العام 2011 (ومن المتوقع أن لا يكون) ولم يتحدد من يتولى بعده وستدخل البلاد في دوامة العنف، فما الدور الذي سوف يلعبه الإخوان المسلمون وقتها؟

إن المشهد الضخم لأجهزة الأمن وإمكانية القتال المسلح مع الإسلاميين المعتدلين يعد اقتراحا أكثر خطورة أكثر من العنف المتقطع والذي لا مفر منه من قبل المتطرفين الإسلاميين والذي يمكن أن يستمر.

الاحتواء الأيديولوجي للتهديدات

إن فكرة أن الإسلاميين على وجه العموم، والإخوان المسلمين على وجه الخصوص، يقومون بدعم أيديولوجية الجهاد ليست بفكرة صادقة، بالرغم من أن عددا من المصادر قد أكد على أن هذه هي القضية.

أولا، قامت الجماعة بترك النشاط الجهادي والعنف ضد النظام منذ تجاربها في الأربعينيات والخمسينيات. ومع ذلك فإن الجماعة قد قدمت جماعات أخرى إسلامية معتدلة مثل الوسطية والتي تقترح أيضا تغييرات داخل النظام السياسي القائم وتنبذ العنف.

أما بالنسبة للتصريحات الملهبة فيمكن ملاحظة وجود الخطباء التابعين للحكومة الذين يشعرون بالذنب إذا ما تطرفوا تجاه المسيحيين بالقول أكثر منه تجاه الإخوان المسلمين.

أما نقاط لأما نقاط الخلاف فتظهر في التناقض المصري حول الدعم المصري والإسرائيلي للتنظيمات الإسلامية الأخرى مثل حزب الله وحماس، ويعتبرهما معظم المصريين المسلمين كمعتدلين يسعون للحرية القومية.

وبالرغم من أن هذه الجماعات قد شجبت بقوة من قبل الإسرائيليين باعتبارها جماعات إرهابية، فإن المصريين لا يتفقون معهم تجاه متطرفي القاعدة.

وما زال التيار الإسلامي لديه قوة باقية بكل وضوح وعلى الغرب أن يدرك ذلك. ومن الواضح أيضا أن هناك ضرورة للحوار في البلاد بين القوى المعتدلة سواء علمانية أو دينية. وبما كان غياب المعرفة المحددة للاعبي السياسة في الشرق الأوسط قد ضلل بعضا من صناع القرار السياسي.


احتمالية بيئة متطرفة؟

ظهرت الحملة الإعلامية والسعي وراء المعلومات قبل وبعد 11/9، ومن مظاهر هذا السعي كان استخدام الإنترنت من أجل الحصول على المعلومات وتمويل الجماعات المسلحة ودور المساجد العامة والخاصة، كما تنوعت تأثيرات هذه القضايا.

وقد انتشر الإنترنت بشكل كبير في مصر بعد سنوات من انتشاره في الولايات المتحدة وبينما قام بعمل تأثير ملحوظ فإنه من المهم إدراك أنه غير متاح لجميع المصريين بأي شكل من الأشكال كما لم يقم بأي دور كبير في التسلح الإسلامي في الثمانينيات وبداية التسعينيات.

وفي الحقيقة فبالرغم من التأكيد علة وجود مقاهي الإنترنت أو وعى الجيل القادم في يومنا هذا فإن الإنترنت سوف يعطى أهمية كبيرة في مجال المعلومات بسبب الأمية وقلة إمكانيات أجهزة الكمبيوتر وارتفاع تكلفة استخدام هذه الخدمة في المنازل أو استخدامها في مكاتب العمل والمراكز.

وبينما كان الإنترنت أمرا قيما بالنسبة للتنظيمات القائمة فإن الموبايل الذي انتشر بشكل كبير (رسائل فورية وكاميرا) قد كان له تأثير سياسي أكبر ولم يقتصر على المسلحين الإسلاميين.

وبينما أنذرت الحكومة وأجهزت الأمن بالأحداث المتواصلة وإمكانية استخدام الإنترنت للتنفيذ كانوا قلقين حيال استخدامه من أجل أشكال سياسية واجتماعية أخرى للانشقاق.

كما أن تناول قضية التمويل يعد أمرا غاية في الصعوبة بسبب عدم وجود الشفافية وبسبب الاقتصاد غير الرسمي وعدم كفاءة الادخار حتى في بنوك الحكومة.

وعلاوة على ذلك فإن النشاطات الخيرية وبناء المساجد (الزكاة) وتمويل النشاطات الإسلامية الأخرى يعد أمرا إلزاميا على جميع المسلمين.

وإضافة إلى ركن الزكاة، فإن خفض هذه التمويلات ليس من المصلحة لأنه يمكن أن يوجد تنوعا في الخدمات الخيرية والاجتماعية والتي من شأنها أن تزيد من حدة التوتر.

وقد ظهرت هذه العلاقة بوضوح في صعيد مصر في بداية التسعينيات. فإصرار الحكومة المصرية والغرب على قطع علاقات المجتمع المصري بالتنظيمات الإسلامية والاجتماعية قد نتج عنه مضاعفة الغضب ضد الدولة.

وبلا شك فليس هناك تأثير أكثر من تأثير المسجد ورسائله الأيديولوجية التي تنطلق منه بشكل أسبوعي، وقد اتهمت الحكومة المصرية بالسماح بالتحريض للتطرف في المساجد.لذلك فقد روقبت الإجراءات التي تتخذ في هذه المساجد من قبل وزارة حكومية.

وقد لعب الأزهر، كمؤسسة دينية رئيسية في البلاد، دورا مهما في ضبط جميع العمليات والخطباء والنشطاء وقام بتأميم المساجد (تم تأميم 3.000 مسجد عام 1962 بينما وصل العدد إلى 50.000 مسجد بحلول العام 1994).

وعلى كل حال فقد تم بناء عدد ضخم من المساجد الخاصة في هذه الفترة في البلاد، والعديد من هذه المساجد لم يكن يخضع لأي مراقبة وقد بلغ عدد هذه المساجد 20.000 بحلول العام 1994 وقد زاد هذا العدد في يومنا هذا، وقد ركزت الحكومة مراقبتها على مساجدها بالإضافة إلى عملها لضم أكبر عدد ممكن من المساجد الخاصة إلى النظام القومي.

ومن خلال دراسة واحدة على الأقل ومراقبة جيدة للتفاعل بين الأزهر والحكومة يمكن للمرء ملاحظة بأن الدولة المصرية تحاول أن تفرض جهودها للسيطرة على المجتمع – سواء ما إذا كانت تحاول السيطرة على المنهج الديني أو السياسي – هذه الجهود التي يمكن أن يكون لها ردة فعل عكسية في هذه القضية مما يعني أنه من الصعب إصلاح الرؤى الليبرالية أو "الحديثة" المعتدلة مع مزيد من الرؤى المحافظة داخل الأزهر ومن ثم داخل المجتمع.

وبتعاون الأزهر مع الحكومة فإن الاستقلال التقليدي للخطباء–وما زال خطباء المساجد الخاصة خارج قبضتهم – كان مؤيدا.

احتمالية تحولات دائمة؟

يقوم المراقبون الحكماء بالتعامل مع التطور السياسي على أنه "تحول" حتى وإن كانت التغييرات النظامية تسير بخطى بطيئة جدا.

وبالرغم من التغيير البطيء فقد كان هناك تغييرات واضحة في العامين 2004و 2005، وقد بدأت هذه التغييرات بظهور حركة كفاية ومطالبتها مع أصوات المعارضة الأخرى بإنهاء قانون الطوارئ والسلوك الذي يبيح لأجهزة أمن الدولة أن تتصرف كما يحلو لها وإنهاء الفساد وإصلاح الحملات الانتخابية وعدد من الإجراءات الأخرى.

وعقب هذه التطورات صرح الرئيس مبارك نيته للسماح بعمل انتخابات رئاسية متعددة المرشحين في فبراير 2005 وبالتالي أدى ذلك إلى التعديلات الدستورية (من خلال الاستفتاء) وهو يفتح الباب أم من يرغبون للتقدم لمنصب الرئيس بشكل نظري.

وعلي كل حال فقد مثل هذا "خطوة للأمام وخطوتين للوراء" وقد منح التعديل فرصا إضافية للحكومة لتزيد من قمعها.

وبسبب القيود التي وضعت للمشاركة – فقد حددت التعديلات مشاركة الأحزاب التي تمتلك 5% من الأصوات لتقدم مرشحين ويجب أن يكون هؤلاء المرشحين قادة في أحزاب أو أعضاء في الجماعات التنفيذية لها – فإنه من المستحيل على المستقلين المشاركة في الانتخابات بسبب شرط توقيع 250 عضو من أعضاء المجالس التشريعية والذي نص عليه التعديل، فهم بذلك مطالبون بأخذ توقيعات من مسئولين في الحزب الوطني الديمقراطي.

ويختلف هذا عن متطلبات الترشيح في الغرب فالأمر هناك يقتصر على توقيعات المصوت لإضافة مرشحين أو في بعض الأحيان المبادرة لصناديق الاقتراع.

وإضافة إلى هذا فإن مثل هذه القوانين تستبعد الإخوان المسلمين من المشاركة حيث أنها ليست حزبا شرعيا.

وفضلا عن إرباك انتصار الإسلاميين الانتخابي أو تقوية الأحزاب السياسية العلمانية وفتح إطار العمل السياسي للسماح بتمثيل أكبر لأحزاب المعارضة، فقد شجع هذا الإصلاح الانتخابي النظام على مواصلة تقييد الإصلاح السياسي ومنع أحزاب المعارضة من تخطي عتبة المشاركة.

وقد قيل أن مبارك قد بذل ما في وسعه ليظهر على الأقل بشكل ديمقراطي من خلال التفكير في الاقتراح الانتخابي وقد قام بالاستفتاء لتمرير هذا الاقتراح.

فأحزاب المعارضة الصغيرة في مصرالوفد والناصريين والغد والتجمع وحزب العمل، الذي أصبح غير قانوني، وحركة كفاية إلى جانب أعضاء من نادي القضاة – قد عارضت الاستفتاء وقاطعته.

وهناك العديد من الأسئلة التي ظهرت بزيادة قوة الإخوان المسلمين والسؤال حول سواء كانت الجماعة ديمقراطية أم أنها ستدعم الدمقرطة، فكيف ستقوم بمعاملة الأقليات أو المعارضة السياسية؟ وبينما قاطعت أحزاب معارضة غير إسلامية، مثل الغد والتجمع، الاستفتاء فإنهم كانوا قلقين لبعض الوقت هم والحزب الوطني الديمقراطي من زيادة الدعم للإخوان المسلمين.

وكثيرا ما يقول الحزب الوطني الديمقراطي أن الإخوان المسلمين إذا ما حازوا على الشرعية وتولوا السلطة فإنهم لن يحترموا حقوق المنافسة السياسية، ولذلك قامت الحكومة باتهام الإخوان المسلمين بعمل تكتيكات سرية من أجل انتخابات النقابات عام 1989 لتقوم بإظهار تزايد نجاح الجماعة.

ولم يكن هناك دليل واضح على التلاعب في هذه الانتخابات (وقد كيلت الاتهامات من قبل أجهزة الأمن التي طالما قامت بتعزيز الحزب الوطني الديمقراطي ومصالح الحكومة) ولم يكن لها تأثير على القرار.

وقد ناقش الإخوان المسلمين عملية الديمقراطية وأظهروا مزيدا من الاهتمام بها كما ألقوا الضوء على غياب الديمقراطية في مصر.

ولكن الخصوم خافوا من موقفها في "حروب الثقافة" وأنها سوف تحرم العلمانيين أو مزيد من المواقف الانتخابية من ممارسة السياسات.

كما التزم الإخوان المسلمون كذلك بحقوق المواطنة كاملة مع الأقباط (المسيحيين) المصريين، ثم جاء بعد ذلك بعض متحدثي الإخوان وقال بأن المسيحي لا يمكنه تولي منصب الرئاسة ويجب أن يدفع ضريبة في ظل الحكم الإسلامي.

فالتأثير التراكمي لنطاق المشاركة السياسية الضيق هو أن الأحزاب المختلفة لم تعد بحاجة للتعاون أو للعمل مع الحكومة.

وفي المقابل فإن هناك قوى سياسية أصبحت خبيرة في الخدع القذرة والاتهامات العامة واللعب بالأفكار الرئيسية مثل الإرهاب أو من ناحية أخرى الإبعاد وخيبة الأمل.

ويشعر بعض المراقبين بأن الإخوان المسلمين والأحزاب السياسية الأخرى ربما يعارضون نمو مصالح العمل الدولية.

وبالرغم مما قلته في الأعلى (وفي أي مكان) بأن الوضع الاقتصادي لأغلب المصريين يزداد سوءا، والحقيقة أن الصورة مشرقة للمستثمرين الأجانب مقارنة بالعقود التي مضت.

ويختلف المستثمرون الأجانب ومع ذلك فإن المصالح أوروبية أو الأمريكية ربما تكون في خطر من تأكيدات الحزب الوطني الديمقراطي بأنه لو سيطر الإسلاميون على مصر فإنهم لن يكونوا ودودين مع بيئة الاستثمار مثلما هي عليه الآن.

فالعمالة الرخيصة في مصر هي من أهم اعتبارات العمل كما أن مظهر الهجمات الإرهابية قد تم تعويضه بحقيقة أنه خلال العشرون عاما الماضية، عندما سقط قطاع السياحة لفترة من الوقت، فإنه استعاد مكانته ما بين 12 إلى 24 شهر.

انتخابات 2005

كانت مدة حملة انتخابات 2005 قصيرة جدا (ما بين 17 أغسطس إلى 4 سبتمبر) ومع أن الحكومة كانت كارهة لشعار الوفد الذي استخدموه في حملتهم، "انخنقنا" فإنها لم تقم بإلغائها، ولم تقم الحكومة كذلك بمراقبة مناقشة الفساد والموارد المالية لمبارك أو العلاقات الإسلامية المسيحية بشكل ناجح.

وقد طلبت جماعة الإخوان المسلمين من أعضائها عدم التصويت للفساد أو الطغيان. ومن جانبه وعد الرئيس مبارك بإلغاء قانون الطوارئ الذي بدأ العمل به في 1981 (وبالرغم من ذلك عمل على إعادة تجديد القانون بعد حملته).

وقد شهدت الانتخابات الرئاسية حضورا ضعيفا بنسبة حوالي 22.9% (7.059.010 من إجمالي 32 مليون مصوت) وقد ظهرت ادعاءات تقول بأنه كان هناك تأثيرات على الرأي وانتهاكات.

فعلى سبيل المثال رأى شاهد عيان أن الحزب الوطني يحضر المصوتين بالأتوبيسات إلى صناديق الاقتراع، وذكر آخرون عدة انتهاكات، من بينها أن الموظفين الذين راقبوا الصناديق في الأقصر كانوا يقومون بإخبار المصوت بالتصويت لمبارك بينما قام البعض الآخر بملأ صناديق الاقتراع بالمصوتين، ومصوت آخر بالأسكندرية وُعد بوجبة مقابل تصويته لمبارك.

وإضافة إلى ذلك انتظرت لجنة الانتخابات الرئاسية بعد ساعات من بدء التصويت لتفويض لجان المجتمع المدني (منظمات غير حكومية) وحتى بعد الحصول على التفويض.

وعندما كانت المنظمات غير الحكومية تذهب لصناديق الاقتراع فإنهم كانوا يواجهون إما بالمنع من الدخول أو بالضرب المبرح.

وقد تم رفض طلب قضائي بعقد الانتخابات خلال أيام (للسماح بالمراقبة عليها).وقد وجه أيمن نور، المرشح الرئاسي، العديد من الاتهامات الإضافية ومنها استخدام حبر يسهل إزالته أو أنه لم يتم استخدام حبر.

وفي النهاية فإن الرئيس قد انتخب مرة أخرى من قبل حوالي 6.316.784 أي (88.571%) من المصوتين، أما أيمن نور فلم يحقق مثل ما أمله الديمقراطيون ولكنه حقق أكثر مما توقعه الحزب الوطني الديمقراطي حيث تلقي 540.405 أي (7.577%) من الأصوات، وبذلك فقد سبق قائده الأسبق في حزب الوفد، نعمان جمعة، الذي تلقي من الأصوات 208.891 أي (2.928%) من الأصوات.

أما بقية المنافسين فقد تلقوا ما يقل عن 1% من الأصوات وهم أسامة شلتوت وحيد الأقصري وإبراهيم ترك ومحمد قناوي وأحمد الصباحي (البالغ من العمر 90 عاما ويرتدي طربوشا من أجل الحملة)، وفوزي غزال ورفعت العجرودي.

والبرلمان المصري له هيئتان تشريعيتان يتألفان من مجلسي الشعب والشورى. فالانتخابات التشريعية التي عقدت في نوفمبر قد شملت انتخابات مجلس الشعب وقد شابها التلاعب في الأصوات وأنواع أخرى من الفساد. ويتألف مجلس الشعب من 444 عضوا منتخبا يختار منهم الرئيس 10 أعضاء.

وفي مرحلتي الانتخابات التشريعية احتفظ الحزب الوطني الديمقراطي بأغلبيته بعدما قام أعضاء الحزب الذين دخلوا الانتخابات كمستقلين بالانضمام إلى الحزب.

ومنذ أن أصبح هناك أعداد متزايدة لأعضاء الإخوان المسلمين أصبح البرلمان أكثر صراحة ولكنه لا يملك المقدرة على اتخاذ أفعال مؤثرة تعارض التنفيذ مثل التعديلات التشريعية الأولى القابلة للتنفيذ، فإذا ما كان هناك معارضة أكبر فإنه من الممكن (إن لم يكن من المؤكد)أن تسير في هذا الاتجاه. أما مجلس الشورى فيتألف من 264 عضوا (يختار الرئيس ثلث هذا المجلس) ومدته تكون 6 سنوات وهو ليس إلا هيئة استشارية.

وقد قامت أحزاب المعارضة بعمل جبهة قومية متحدة للتغيير ولكن الإخوان المسلمين قدموا مرشحين تحت شعارها الخاص وفازوا بنسبة 20.7% من الأصوات في الجولة الأولى، أما الأحزاب الأخرى ففازت بنسبة 3.5% مقاعد البرلمان وهذه النسبة تتناسب مع حجم هذه الأحزاب.

وقد حاولت الحكومة إرباك الإخوان المسلمين بعد الجولة الأولى من التصويت خوفا من النتائج القادمة.

أما ما سجلته الحكومة مع منافسيها السياسيين على الصعيدين الرئاسي والبرلماني فتبين نيتها الحقيقية في استجلاب المزيد من القوة بقدر المستطاع، وقد كان هذا واضحا من خلال اعتقالاتها ليس فقط لأعضاء الإخوان المسلمين بل لأيمن نور وجيهان السادات ومحتجون آخرون وقضاة حاولوا أن يتبعوا عملية المراقبة الموكلة إليهم.

القضاء في الانتخابات الأخيرة

قام القضاء مرة أخرى بالدفاع عن واجبهم في مراقبة انتخابات 2005 وقد كانت شكواهم الأساسية والتي تطلب حساب النتائج كلها خلال 24 ساعة قد أعاقت رؤيتهم.

وقام القضاة بالاحتجاج وبحلول ربيع 2006 كان مشهد محاكمة الحكومة لقضاتها لمحاولتهم تنفيذ إجراءات الشفافية التي وعدوا بها وهو الأمر الذي أغضب طبقات مختلفة من الشعب المصري.

وقد حوكم قاضيان من محكمة النقض، وهما هشام البسطويسي ومحمود مكي، عندما قاموا بتقديم استجواب حول التزوير غير القانوني في عام 2005.

وقام خمسون قاضيا بجلسة احتجاجية في المراكز الرئيسية في النقابة وقامت الشرطة بتفريقهم ومن ثم قامت بضرب واحد منهم.

وقد احتج 9000 قاضيا على شيء أكثر أهمية وهو إيجاد التوازن بين السلطة التنفيذية والفروع الأخرى من الحكومة في مصر.

كما أن النضال بين القضاء والسلطة التنفيذية قد هدأت حدته بتفجيرات دهب، مع أن القضاء لم يؤثر في حجة الأمن لمواصلة قانون الطوارئ الذي تم التصويت عليه من خلال مجلس الشعب في 2006.

واقل العديد من المصريين أنه مع هذه التفجيرات قامت أجهزة الأمن بالتأكيد على التهديد السياسي المحتمل.

أما استفتاء 26 مارس 2007 حول تعديلات الدستور المصري فقد تمت مهاجمته ومقاطعته من قبل المعارضة، فهذا التعديل يقوم بمراجعة المادة 88 وهو ما ينتج عنه إزالة المراقبة على الانتخابات محولا هذه المراقبة إلى لجنة انتخابية. وقد أسكتت هذا التغيير جهودا تسعى لانتخابات نزيهة ومفتوحة.

وقد كان هناك عنف ومراوغة في الجولة الأولى من انتخابات مجلس الشورى المصري في 11 يونيو 2007، حيث قام أرباب السوابق بإرهاب المصوتين والمراقبين ولم يستطع المصوتون دخول لجان التصويت، وقامت الشرطة بمعاملة المراقبين بصورة خشنة في صعيد مصر. وقد كان العنف والتدخل في الدوائر التي يوجد بها مرشح للإخوان وخاصة في الجيزة وإمبابة.

إصلاح وقائي؟

وفي الرد على نقد الانتخابات الأولى والاتجاه العام للإصلاح السياسي صرح الرئيس مبارك أنه يمكن أن يقوم بتغييرات في الدستور.

وفي يناير 2007 تم كشف التغييرات المقترحة للمادة 34 والتي كانت قد أعدت بشكل سري. وقد تناولت تغييرات الرئيس للدستور العديد من المناطق التي أشعلت النقد الدولي والقومي.

وقد تنبأ القاضي والمؤرخ والمؤلف طارق البشري بأن المراجعات ربنا لا تقوم بتحرير الوضع إلا بقدر ما تضيق الخناق.

وشرح البشري أن مبارك أراد استبدال المادة 88 لكبح المراقبة القضائية للانتخابات ودعم نظام قائمة مرشحي الحزب وقمع نمو أي تجمع معادي للحزب الوطني الديمقراطي داخل مجلس الشعب.

وإضافة لهذه التغييرات عزم الرئيس أن يقدم قانون الإرهاب الجديد، ربما بحلول صيف عام 2007. وسوف يقوم هذا القانون بلا شك بمهاجمة بعض الحماية الموجودة في الدستور أيضا.

وفي مسودة التعديلات التي تم التصديق عليها مرة واحدة في 19 مارس؛ تسمح المادة 179، التي يطلق عليها المصريون اسم "الكارثة الكبرى"، بمحاكمة المدنيين أمام المحكمات العسكرية (والذي كان موجودا في قانون الطوارئ)، وتسمح كذلك بالحبس الاحتياطي والتفتيش بدون إذن وانتهاك الخصوصيات بشكل واضح وكل هذا يتم حمايته من خلال المواد 41 و44 و45 من الدستور.

وهذه المادة 179 المعدلة تعمل بعيدا عن منصب المدعى العام الاشتراكي وهي الآن تسمح للرئيس المصري بتوجيه تهم الإرهاب أمام أي محكمة وبذلك يمكنه الإحالة إلى المحكمة العسكرية.

وهناك مراجعة للمادة رقم 5 والتي تمنع قيام الأحزاب أو أي نشاط سياسي يقوم على أساس المرجعية الدينية، وما يقصد بهذا التعديل سوى جماعة الإخوان المسلمين سواء في شكلها الحالي أو شكلها كحزب سياسي.

وتمنح هذه التعديلات بعضا من الحقوق الجديدة للبرلمان المصري، ولكن المادة رقم 136 تقوم الآن بمنح الرئيس المصري القدرة على حل البرلمان. وإلى جانب دليل الاستفتاء على الإضافات الملتوية للسلطوية فضلا عن الإصلاحات الضخمة، يبقي لدينا الشعور بكراهية تولي نجل الرئيس مبارك للرئاسة من بعده.

وقد قام الحزب الوطني الديمقراطي بتعزيز هذه الفكرة في شعار الحملة حيث كان الشعار "نعم لمبارك ولولد مبارك ولحفيد مبارك،" والشعار القائل "مش كفاية" والذي يعني أن الناس لم يتعبوا من مبارك، والذي يقوم بمعارضة شعار حركة كفاية الاحتجاجية.

ووسط الانتخابات وإعادة تجديد قانون الطوارئ والتعديلات الدستورية وتباطؤ الديمقراطية الواضح، فوجئ الشعب المصري بعدد من القضايا الأخرى ومن بينها مناقشة جديدة حول إمكانية البدء في برنامج الطاقة النووية.

وقد بدأ هذا ردا على الضجة الإعلامية لمواجهة إيران للوكالة الدولية للطاقة الذرية والدول الغربية.

كان الاقتصاد أكثر أهمية بالنسبة لعدد كبير من المصريين، ففي نهاية العام تسبب فشل شركات القطاع العام في دفع العلاوات وأجور ساعات العمل الإضافية في إضرابات ضخمة ومظاهرات منذ ديسمبر 2006 إلى فبراير 2007 وقد كانت هي الأكبر منذ عام 1994 وقد ضمت حوالي 10.000 عامل في مصنع الغزل والنسيج في كفر الدوار.

الخلاصة

يجب أن يضع الظهور المصري في الحياة السياسية والفكرية والثقافية مصر في موضع البدء في التجربة الديمقراطية أكثر من أي بلد آخر أنهكته الحروب أو العنف الطائفي أو النشاطات التمردية مثل ما يحدث في أفغانستان أو العراق.

فإذا كان هناك دعم شعبي عام على الحقيقة في المنطقة من أجل الديمقراطية فإن مصر كما هو متوقع تستطيع إلى جانب منظماتها غير الحكومية وأهميتها الإستراتيجية في المنطقة أن تتحرك نحو الاتجاه الفعال، ولكن السلطوية والكفاح من أجل مواصلة السيطرة السياسية قد بطأت وأربكت هذه العملية.

وكما شُرح في الأعلى يظهر لنا أنه ليس من السهل إنهاء العنف الإسلامي المسلح المتقطع. فهدنة النظام والتسوية السياسية مع الإسلاميين المتطرفين في العام 1999 قد عززت ثقتها السياسية وسمحت باسترداد قطاعات السياحة والأعمال.

ومع ذلك فقد كان هناك عنف على فترات متقطعة، ولم يقم تعليق الحقوق السياسية من خلال استخدام قانون الطوارئ بإنهاء المشكلة. ومن الواضح أن جهود الحكومة المصرية العادية والمضادة للإرهاب في محاولة السيطرة على الدولة واس

تئصال العنف لم تنجح، ولم يحقق قمع الدولة للتيار الإسلامي المعتدل أي تقوية للدولة. وإذا كان الحديث المصري أو الأمريكي عن الحرية والإصلاح ليس إلا "كلام فاضي" فإن المستقبل السياسي في مصر يبدو قاتما.

فالسلطوية لا تتناسب مع المعضلات الجديدة التي فرضت من خلال العولمة سواء كانت اقتصادية أو نتيجة الإسلام المتطرف.

ولذلك يجب على الولايات المتحدة أن تقوم بالمزيد لتعزيز زيادة الشفافية والدمقرطة والإصلاح في هذه الدولة ذات المكانة داخل الشرق الأوسط.

ويجب الحذر من أن المصريين، بغض النظر عن موقفهم تجاه حكومتهم، يقدرون بشكل قوي سيادتهم واستقلالهم، لذلك فإن الملاحظات والتوصيات التالية يمكن أن تكون مفيدة.

1.يجب أن يتوقع صناع القرار الأمريكي رؤية الظهور المتواصل لعناصر الإسلاميين المتطرفين مثل من قاموا بتفجيرات سيناء.

ومن المهم فهم أن هؤلاء نتاج عوامل مختلفة مثل انتشار الأيديولوجية الجهادية في المنطقة،والفشل في الحكم ومن بين هذا بعض عناصر القمع والظلم في إجراءات مكافحة الإرهاب والشعور بالكراهية تجاه سياسات الغرب وإسرائيل في المنطقة.

2.فالتخلف والقمع السياسي يمكنهما أن يساهما في إيجاد حالة من السخط في مناطق مثل شبه جزيرة سيناء وصعيد مصر ومناطق أخرى من البلاد تعاني من الاقتصاد وبها أعدا كبيرة من الناس يعيشون على الكفاف.

فأعمال الشغب التي قام بها العمال قد ظهرت نتيجة الجمود النسبي للأجور، ومع كل هذا فإن الحكومة تحتاج التشجيع لتقديم وسائل للمواطنة النشطة وليس فقط لتقديم صدقات صغيرة أو إغاثة أو إجراءات طارئة.

3.كما اقترح تقرير راند ولاري دايموند من معهد هوفر أنه يجب أن ينظر صناع القرار الأمريكي بشكل علمي وبدون تحيز لاستغلال الإسلام المعتدل كعلاج مضاد للتيار الإسلامي المتطرف، ويعني هذا فحصا دقيقا للإخوان المسلمين وشعبهم وحزب الوسط وإمكانياتهم.

وباستمرار اتجاه الأسلمة فإن الإسلاميون سوف يلعبون دورا في دمقرطة مصر بلا شك، كما تسعى الآن الحكومة العراقية وسوف تقوم بلا شك بضم الأحزاب الإسلامية في المستقبل وهذا التوجه من المهم جدا أن توصد أبوابه في مصر.

4.وتقوم جماعة الإخوان المسلمين في مصر ونظيرتها في سوريا وحماس في الضفة الغربية وغزة بالتواصل من أجل النقاش حول مقتضيات تبني سياسة بديلة تجاه إسرائيل.

وبينما تواجه الأحزاب مؤثرات مختلفة فإن الموقف الإسلامي حول إسرائيل يمكن أن يتغير في المستقبل إذا ما تم التوصل إلى تسوية حول ما يعانيه الفلسطينيون.

ويتشارك العديد من المصريون،ممن ليسوا من الإخوان المسلمين، هذا الموقف مع أحزابهم. ويجب أن يباشر صناع القرار السياسي بحرص مع إقصاء الأحزاب الإسلاميةحماس والإخوان المسلمين - وهو أمر يمكن أن يكون غير حكيم في هذه العملية،وللقيام بمثل هذا فإنه يجب أن يكون هناك نفاق يعطي أهمية للأحزاب الدينية اليهودية داخل إسرائيل.

5.ومن ناحية أخرى فإذا رغب صناع القرار الأمريكي في رفض ومقاومة تزايد الجماعات الإسلامية فعليهم أن يعيدوا النظر في تعريف الديمقراطية والاقتراح القائل بأن الليبرالية تعمل على منع الإرهاب.

ويجب أن يتعجلوا الاستخدام المتواصل للقوة ضد المعتدلين والإسلاميين المتطرفين في مصر وإمكانية العنف المتزايد والاستياء كنتيجة لاستخدام القوة.

6.ويجب أن يضع صناع القرار بعض السيناريوهات التي يمكن أن تحدث في مصر في الاعتبار، وبحلول العام 2011 من الممكن أن نري (أ) تحولا سياسيا سلميا، (ب) انقلابا عسكريا يقرر شكل التحول السياسي وقادة المستقبل في البلاد، (ج) فترة من العنف تنتج من الجدال حول التحول السياسي ومن المحتمل أن ينتج عنه ظهور المزيد من عنف التطرف الإسلامي، أو (د) وضع تنتهي فيه جميع اتفاقيات السلام مع إسرائيل، وربما كان بناء على أفعال إسرائيل نفسها.

وبهذه الاحتمالات يجب علينا تطوير المزيد من المواقف الواقعية والخطط تجاه كل منها وإدراك أن فشل الدولة ليس هو الوضع الوحيد.

7.يجب أن يعمل صناع القرار السياسي الأمريكي على تحفيز صناع القرار السياسي المصري لمواصلة الإصلاح الاقتصادي، ولكن عليهم أن يعلموا أنفسهم شيئا عن تأثيراته الثانوية.

فالخصخصة والانفتاح لها من الفوائد بقدر ما لها من أضرار اجتماعية وقد تم تعزيز حل استغلال الصحراء في تخفيف الضغط السكاني في منطقة الدلتا من خلال الحكومة المصرية ببناء مدينة السادات ومدينة العاشر من رمضان ومشروع مبارك لتنمية جنوب الوادي والمعروف بمشروع توشكي، والواقع في أرض الصحراء الغربية القاحلة بالقرب من بحيرة ناصر.

وقد سمي مشروع توشكي، والذي بلغت تكلفته 66 مليار دولار، بهرم مبارك، فهل سيقوم هذا المشروع بالحد من الاكتظاظ السكاني ويحقق آمال الحكومة التي خططت لها لتوفير حياة أفضل؟ وهل من الممكن أن تعج المنطقة بالسكان مع قلة الماء بالنسبة للفرد الواحد في منطقة من أكثر المناطق شدة في الحرارة (تتعدى حرارتها 43 في الصيف)؟ فعلى معظم صناع القرار السياسي أن يعلموا أنفسهم شيئا عن تطوير الشرق الأوسط لفهم تحدى التخطيط والتنمية إلى جانب مظاهر أخرى من التحول الاقتصادي والخصخصة ليشمل التأثير المحتمل للسياسات الجارية.

8.على صناع القرار الأمريكي تشجيع الحكومة المصرية بأن تشمل إصلاحاتها أجزاء أخرى من الحكومة (التعليم العام والرعاية الصحية) وإيجاد مؤسسات مدنية يمكنها إحداث تغييرات مفيدة وتعزيز صناعة قرار متعاون.

فالكثافة السكانية وتحول التعليم الرسمي إلي شكل الدروس الخصوصية وقصور المناهج وتعزيز التعليم المهني يعني أن فقراء الطلاب لن يتم قبولهم في الجامعات.

فهؤلاء الذين يقدرون على دفع مصاريف الدروس الخصوصية يمكنهم استكمال التعليم المدرسي ولكن سيكون عليهم مواجهة أولئك الذين تعلموا في مدارس اللغات في مجال العمل داخل القطاع الخاص الكبير. أما الطلاب الذين تلقوا تعليما مهنيا ففرصهم أقل من الآخرين.

كما أن التحديات التي تواجه نظام الرعاية الصحية معقدة هي الأخرى. وننصح صناع القرار الأمريكي بتقديم توصيات لإتباع المانحين الأوروبيين ومنظمة الصحة العالمية.

9.على صناع القرار الأمريكي التأكيد على ضمان الحكومة المصرية للحقوق السياسية والإنسانية للمواطنين ومن بينها حقوق المعارضة السياسية وأولئك الذين اعتقلوا في ظل قانون الطوارئ، ويجب أن يوضح حد للتعذيب والانتهاكات الجسدية غير القانونية والاعتقالات العشوائية.

يجب أن يقوم المواطن بالمشاركة في صناديق الاقتراع بحرية وبلا مضايقات، فليس لقضايا مثل قضية سعد الدين إبراهيم واعتقال أيمن نور والحكم عليه والاعتقالات الأخيرة لمرشحي الإخوان المسلمين والانتهاكات والعنف الذي شهدته الانتخابات العديدة الأخيرة، مكان في مصر حرة وديمقراطية.

10.وهناك أمر آخر يحتاج إلى الإصلاح ويتمثل في الثقافة غير المدنية والتي تعد نتاجا طبيعيا للدولة المتخبطة إن لم تكن التي تسعي إلى الفشل.

ويشرح إيليا هاريك الثقافة المصرية غير المدنية على أنها نتاج مباشر لعملية التنمية المتصدعة.وعلامات هذه الثقافة تتمثل في الاستهتار والفساد وغياب القانون والفردية.

ومن العريش إلى الدلتا ومن القاهرة إلى المنيا كان للمصالح الشخصية والمحلية أولوية عن المصالح القومية.

ولا يمكن لصناع القرار الأمريكي تناول مثل هذا بشكل مباشر ولكنها قادرة على تشجيع البدء فيها مرة أخرى من خلال معلومات أفضل عن اهتمامات المصريين والتي يمكن فهمها عن طريق الإعلام المترجم إلى الإنجليزية من مصر نفسها.

11.يجب أن يكون صناع القرار السياسي الأمريكي والمسئولون والمثقفين الأمريكيين على دراية وحساسية لموقفهم الذي يتخذوه في "الحرب على الأفكار" أو الاتصالات بالنسبة للإسلام والمسلمين والطريق الملائم للحد من التيار الإسلامي.

كما أن معاملة المسلمين المصريين كما لو كانوا مصدرا لهذه الحرب على الإرهاب بدلا من كونهم حليفا في هذه الحرب هو أمر غير بناء.

12.ولا يجب على المصريين أن يتركوا أنفسهم بعيدين عن المناقشات حول مكافحة الإرهاب ولا عن مستقبل الشرق الأوسط، فيجب أن يكون للجامعات وعاهد الأبحاث والمنظمات غير الحكومية صوت في صناعة القرار السياسي بدلا من تفاعلهم مع الملفات الصادرة حول بلدهم من قبل هيئات موجودة بواشنطن.

ويجب على مسئولو وزارة الدفاع الأمريكية وصناع القرار السياسي الأمريكي أن يقوموا بعمل اتصالات مع الهيئات المناسبة في مصر خارج السفارة الأمريكية حيث أشعل التاريخ الطويل للتطرف الإسلامي جدلا وأفكارا من النادر سماعها داخل هيئة صناعة القرار الأمريكي. وربما يتطلب هذا التواصل جهودا من الجانب المصري كذلك.

13.علاقة الجيش الأمريكي وبرامجه مع الجيش المصري هو أمر غاية في الأهمية لكلا الجانبين، كما لم تعقد مناورات النجم الساطع نصف السنوية في عام 2003 بين القيادة المركزية والقوات المصرية وثمان دول أخرى من أصل عشرة؛ بسبب أن الولايات المتحدة كان لديها التزامات في أماكن أخرى، وقد تم مواصلتها بعد ذلك بنجاح.

وعلى كل حال ففق عامي 2006 و 2007 قام بعض صناع القرار السياسي الأمريكي بإثارة الشكوك حول حجم وفاعلية المساعدات الأمريكية لمصر.

وفي عام 2007، صوت الكونجرس بسحب 2 مليون دولار من المساعدات العسكرية لحين إجراء بعض الإصلاحات السياسية والقضائية ومنع تهريب الأسلحة إلى غزة.

وربما كانت هذه هي الطريقة الوحيدة لدفع مصر نحو الإصلاح ولكن هذه الجهود قد أسفرت عن اتفاق مساعدات عسكرية بقيمة 1.3 مليار دولار.

ويجب أن يكون لدى مسئولي وزارة الدفاع الأمريكية بيانات كافية حول مصر وأن يكونوا قادرين على التفكير بشكل بناء حول نزاعات المستقبل في المنطقة ومن بين ذلك ما ذكر في البند رقم 6 (د)، يحدث هذا في حال إذا ما بالغوا أو بحثوا في دور مصر العسكري.

وعلاوة على ذلك فإن قوات الأمن المصرية يجب أن تقوم بالعمل كنداء تنبيه، ومستقبل هذه القوات مرتبط بشكل معقد بالمستقبل السياسية للدولة.