مصطفى سالم: "العسكرية" مسرحية هزلية

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
مراجعة ٠٩:١٦، ١١ أكتوبر ٢٠١١ بواسطة Admin (نقاش | مساهمات)
(فرق) → مراجعة أقدم | المراجعة الحالية (فرق) | مراجعة أحدث ← (فرق)
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
مصطفى سالم : "العسكرية" مسرحية هزلية
سالم.jpg

حوار- شيماء جلال:

- اتهموني بتدريب طلاب الأزهر عسكريًّا!

- درست الحقوق لأتعلم كيف أدافع عن نفسي

حوار- شيماء جلال:

هو رجل هادئ الملامح والطباع؛ ترى فيه قوة الشخصية وثباتها وقوة الإيمان واليقين بالله.. قل ما شئت فهو رجل ممن ساروا في درب دعوة الإخوان ؛ عزموا على أن يضحوا بأنفسهم في سبيل الله؛ وأبوا أن يتوانوا عن نداء الجهاد ضد الظلم.

إنه مصطفى محمد محمود سالم من مواليد 2/8/ 1962 ؛ حاصل على بكالوريوس تجارة بجامعة عين شمس وعمل محاسبًا بشركة الشريف للتنمية والاقتصاد؛ ومديرًا ماليًّا وإداريًّا بنادي نقابة المهندسين بأبو الفدا والآن يعمل محاسبًا قانونيًّا بمكتبه الخاص.

له من الأبناء ثلاثة هم: محمد في المرحلة الإعدادية، سلمى في المرحلة الابتدائية، وسالم في ثالثة ابتدائي.

غيبته أسوار المحكمة العسكرية الأخيرة ثلاث سنوات.. وبعد الإفراج عنه كان لـ( إخوان أون لاين) معه هذا الحديث فإلى التفاصيل

* بدايةً قبل أن نتناول ونغوص في تفاصيل ثلاث سنوات من الظلم والاعتقال؛ صف لنا ماذا تعني لك كلمة "محاكمة عسكرية" بعدما عايشتها؟

    • من الممكن أن يقل الوصف الذي سأسرده بكثير عما كان واقعًا وحادثًا لنا في المحاكمات العسكرية؛ فالوضع كان مؤسفًا ومؤلمًا للغاية؛ ولكن المحاكمة العسكرية فصل من فصول مسرحية هزلية أنتجها وأخرجها النظام المصري؛ قالقضاء العسكري لا يوجد فيه مناقشات وينفذ الأحكام بشكل عشوائي وغير آدمي ويتعامل فيه العسكر والضباط بقرارات عليا وكأنهم عبيد لتلك القرارات وليس لله.

وكأننا مجرمون!

* هذا يجعلنا نعود بالذاكرة ليوم 14 يناير 2006 ، حدثنا كيف كان الاعتقال؟

    • أتذكر هذا اليوم جيدًا حيث كان بعد مرور يومين على العرض الرياضي لطلاب جامعة الأزهر؛ جاء وقتها عدد ضخم من الضباط والعساكر يشهرون أسلحتهم وكأنهم يقتحمون بيوتًا غير بيوت الإخوان؛ وقاموا بتفتيش البيت بجميع حجراته ولكنهم لم يجدوا شيئًا يدينني وقاموا بتفتيش المكتبة واستولوا على جميع محتوياتها من كتب ومراجع دينية بحجة أنها تحث على أعمال إرهابية أو أفكار غير معتدلة عن الإسلام!!.

بداية التلفيق

* وماذا بعد ذلك؟ وكيف سارت التحقيقات معكم؟

    • بعد أن تم تفتيش بيتي أخذوني إلى قسم التجمع الخامس وكنا حوالي 16 فردًا، وكنت أول من وصل القسم؛ حينها أطلعونا على مذكرة الاتهامات والتي كان على رأسها الترتيب للعرض الرياضي للطلاب الذي تم بجامعة الأزهر وشملت المذكرة بقية اتهامات باطلة ما أنزل الله بها من سلطان، ثم تم نقلنا للنيابة للتحقيق في تلك الاتهامات؛ وكان حينها الضابط عاطف الحسيني هو الذي أعد مذكرة التحريات ضدنا وما يكشف عورة النظام وجهله وسوء ظنه أن الحسيني قام بعد وصولنا إلى النيابة بتصوير مذكرة التحريات وتوزيعها على وكلاء النيابة ليعرفوا القضية وهذا يؤكد أنهم لم يكن لديهم مستندات إدانة قبل ذلك؛ وتم حجزنا وقتها حتى يفرغوا من قراءة تلك المذكرات.

* كما ذكرتم وكما ورد أن سبب المحاكمة العسكرية الظاهر للجميع هو العرض الرياضي الذي قام به طلاب الأزهر؛ أليس هذا غريبًا لكونك لست واحدًا ضمن أساتذة الأزهر؟

    • بالفعل تعجبت واندهشت بشدة وأخبرتهم بهذا خلال تحقيقات النيابة وقلت لهم أنا محاسب وليس لي علاقة بالعمل الطلابي أو الأزهر أو الجامعات، فكيف تضموني لتلك القضية؟!!.

* ماذا كان رد النيابة، وبم تم اتهامك؟

    • اتهموني بأنني الهيئة الداعمة والمسئولة عن تدريب طلاب الأزهر تدريبات قتالية وعسكرية؛ في حين أني ولا سني ولا لياقتي البدنية تسمح بأني أقوم بأي تدريبات من أي شكل وليس أنا فحسب بل أغلب من معي يتعدون الخمسين سنة وليس لديهم مقدرة على ممارسة الألعاب الرياضية أو القتالية.

* هل كانت تلك الاتهامات متوقعة؟

    • اتهامنا بتلك الاتهامات كان أمرًا مذهلاً، وغير متوقع أن يصل بالنظام أن يتهمنا بالإرهاب أو غسيل الأموال وهذا على عكس ما تدعو إليه دومًا دعوة الإخوان التي لسان حالها ﴿ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ﴾ (النحل: من الآية 125).

مشهد بشع

* وماذا حدث بعد ذلك؟

    • تم احتجازنا داخل قسم بالتجمع الخامس لمدة 24 ساعة في ظروف غاية في البشاعة واللاآدمية؛ فمن بشاعة المشهد أننا كنا جميعًا في حجرة واحدة وتم فتح دورة مياه ذات رائحة كريهة علينا؛ ثم تم استكمال التحقيقات صباح اليوم التالي وصدر قرار بإخلاء سبيلنا؛ بعد ما فرغوا من التحقيقات، وبالطبع لم يثبت علينا شيء، ولكنهم يريدون أن يلصقوا بنا تهمًا بأي شكل، وكانت الخطوة التالية في المسرحية الهزلية أنهم أخرجونا من القسم وتوقفوا بنا في الطريق حوالي نصف ساعة حتى يتمكنوا من إصدار قرارات اعتقال لنا ترسل بالفاكس؛ ولم يخلوا سبيلنا وفوجئنا بصدور قرار بالاعتقال لنا ثم أعادونا مرةً ثانية للحبس؛ وأخطرونا ليلتها بإحالتنا للمحاكمة العسكرية.

* الحديث يوجهنا لضفة أخرى وهي بداية جلسات المحاكمة العسكرية؛ حدثنا عما تم معكم خلال جلسات المحاكمة، وخاصةً أثناء فض الأحراز حيث كان في البداية ممنوع أن يحضر أحد منكم ويطلع على فض الأحراز مما أثار الريبة في نفس الجميع؟

    • كانت الجلسات طويلة وشهدت أحداثًا كثيرة، خاصةً الجلسة الثالثة كانت هناك مواجهات كثيرة ما بين هيئة الدفاع وبين هيئة المحكمة، وكان رئيس المحكمة مُصرًّا على فض الأحراز في تلك الجلسة، وكانت رافضة لحضور أيّ منا مع أحرازه أثناء فضها، ولكن هيئة الدفاع تمكنت من مناقشتهم في حتمية حضور كل منا مع أحرازه حين فضها؛ وحينها لم يثبت أي شيء معهم، وتكلمت وقتها مع الخبير المالي لحصر الأموال والمخالفات للمعتقلين.

* ماذا قلت له؟

    • قلت له إنه لا توجد أي مخالفات مالية لهؤلاء الأشخاص، خاصةً من تمت مصادرة أموالهم فضلاً عن أن جميع الأفراد لديهم بطاقات ضريبية وحساباتهم جميعًا مفتوحة بالبنوك ولم يثبت أنهم يتلقوا أي أموال من الخارج مما يبرهن بشكل واضح على انتفاء تهمة غسيل الأموال.

الأحكام بالمقلوب!!

رهائن العسكرية.jpg

رهائن العسكرية التسعة المفرج عنهم

* يوم النطق بالحكم؛ كان المشهد صعبًا للغاية وشهدت منطقة الهايكستب مشهدًا سطره التاريخ ورأيتم ما لم نره داخل المحكمة بحكم منعنا كوسائل إعلام من الدخول؛ صف لنا ذلك المشهد وما نطقت به ألسنتكم بمجرد سماع الأحكام؟

    • في البداية أود أن أشير إلى أن مسألة تأجيل جلسة النطق بالحكم أكثر من ثلاث مرات سرب إلينا شعورًا بأن القضية لن تمر بسلام، وأن هناك قرارًا من جهة عليا سيطبق علينا، ولكن حينما جاءت لحظة النطق بالحكم تعلقت أعيننا برئيس المحكمة وظللنا ننظر إليه وكأن أعيننا ستشاهد الحكم قبيل سماعه وبالفعل حدث أمر مريب وهو أن القاضي تلا الأحكام علينا من ورقة جاءت له، وقال ترتيب الحكم بعكس الترتيب المكتوب بالأوراق وهذا ضد القانون؛ أي أنه "قلب الأحكام" مع أنه من المفترض أن يكون منطوق الحكم مطابقًا للحكم المكتوب وإذا ما حدث عكس ذلك يتم نفي الحكم المفروض علاوةً على أنه قانونًا لا يجور للقاضي أن يقرأ الأحكام من ورق وما يقرأه من الأوراق هي أسماؤنا فقط.

أما عن حالنا فهتفنا جميعًا وقلنا في صوت واحد "حسبنا الله ونعم الوكيل"، وكان حال أصحاب البراءات أنهم بكوا؛ ومن حصلوا على أحكام توجهوا بتهنئة أصحاب البراءات.

* ما حدث أثناء المحاكمة ولا يمكن أن تنساه؟

    • كان هناك موقف مضحك ومحزن في الوقت نفسه؛ مضحك لأنه أوضح عورة المحكمة ومحزن لأنه كشف حجم الظلم الواقع علينا؛ فخلال المحاكمة حينما تم توجيه سؤال للضابط عاطف الحسيني من هو الدكتور فريد جلبط قاله دكتور في الطب طبعًا، فردت عليه هيئة الدفاع- ضاحكة طبعًا- وهو أستاذ قانون؛ فكان موقفًا مؤثرًا لمدى فبركة القضية وعدم وجود أي أدلة للاتهامات التي تم توجيهها لنا.

برامج قوية

* ثلاث سنوات غبتم خلالهما خلف الأسوار؛ كيف كان وضعكم، وما البرنامج الذي كنتم تنفذوه خلال مدة اعتقالكم؟

    • عقب جلسة النطق بالحكم تم نقلنا لسجن مرزعة طرة ولم يفرق كثيرًا عن سجن المحكوم الذي جلسنا خلاله أول أربعين يومًا؛ حيث كان لا يرقي لمستوى الحظيرة وأقل ما يوصف عنه أنه سجن ما قبل العصور الوسطى وفي سجن مزرعة طرة حينما ذهبنا لم تكن السرائر مجهزة وافترشنا البطاطين على حديد السرائر لكي نستطيع النوم؛ أما عن برنامجنا فكان ينقسم ما بين عمل جماعي وآخر فردي؛ الجماعي من خلال القيام قبل الفجر بنصف ساعة لصلاة القيام وأداء الصلوات بشكل جماعي وحضور حلقات لدروس فقة وشئون معيشية أما البرنامج الفردي لكلٍّ منا فكان تلاوة وحفظ القرآن وبفضل الله تمكن الكثير منا من ختم القرآن وبجانب ذلك تمكنت من الالتحاق بكلية الحقوق ومررت بعامين بنجاح خلال فترة الاعتقال.

* ذكرتم في بداية حديثنا أنكم درستم المحاسبة وتعمل محاسبًا فهل ما رأيته من ظلم وعدوان خلال المحاكمة العسكرية كان سببًا في توجهكم لدراسة الحقوق؟

    • بالفعل هذا هو الدافع ما رأيته من ظلم وعدوان وعدم تطبيق للقانون؛ وكان دافعي أيضًا معرفة القوانين التي أدافع بها عن حقي في حين أن النظام يضرب بتلك القوانين عرض الحائط.

* ومن كان معك خلال مدة الاعتقال بالزنزانة؟

    • كان معي دكتور صلاح الدسوقي والأخ صادق الشرقاوي والمهندس ممدوح الحسيني وسيد معروف وأحمد أشرف.

الأنس بالله

* مر عليكم خلال مدة الاعتقال مناسبات تحتاج لجو الأسرة ورب البيت فكيف كان حالكم خلال رمضان والعيد داخل المعتقل؟

    • دائمًا ما تحوي المحنة بين طياتها منحة وهذا ما حدث معنا في رمضان داخل المعتقل حيث تحول لمدرسة إيمانية تركنا الدنيا من وراءنا وشغلتنا العبادة وذقنا لذة الأنس بالله بعيدًا عن عناء الدنيا وشقائها، أما في العيد فكان لنا زيارتان مع الأهل يوم العيد ويوم الوقفة ولكنهم منعوا عنا في آخر عيد زيارة يوم العيد ولكننا نحاول أن نتغلب على شعور افتقاد الأهل وقت العيد من خلال عقد مسابقات رياضية ومنافسات في المشي وجلسات سمر وقضينا حقًّا لحظات جميلة بين إخواننا.

* وهل كانت الأسرة تلجأ إليكم لأخذ بعض القرارات المتعلقة بشئون الحياة والبيت؟

    • بالفعل كانت هناك العديد من القرارات كان يتم مناقشتها خلال مدة الزيارة خاصةً أن أكبر أولادي محمد لا زال صغيرًا هو الآن في المرحلة الإعدادية ولكن بفضل الله مرت السنوات بخير وسلام.

إعلام مسموم

* عديدة هي الأحداث التي مرت على جماعة الإخوان أثناء وجودكم خلف أسوار العسكرية مثل قضية الطائرة بدون طيار للدكتور عبد الحي الفرماوي والتنظيم الدولي وغيرها من أحداث؛ كيف كنتم تقرؤونها وكيف كان وقعها عليكم؟

    • كلها قضايا مضحكة نسج لها الإعلام خيوطًا عديدةً، ولكنها في الحقيقة أمور لا يصدقها عقل مثل قضية الدكتور عبد الحي الفرماوي أو التنظيم الدولي، فالمبرر الوحيد كان لتلك القضية هو دعم ومناصرة غزة لذلك ظلم وحبس الإخوان وزج بهم في السجون، ولكننا كنا بعد ما شاهدناه في العسكرية نقرأ تلك الأحداث بنظرة أكثر هدوئًا.

* في نهاية حديثنا ما الدروس التي استفدتموها من تلك التجربة المريرة؟

    • أولاً تأسيس البيوت الإخوانية جيدًا؛ وأن تكون الزوجة متفهمة ومدركة لأهمية دعوة الإخوان حتى لا يحدث خلل بجانب التسليم بأمر الله وحسن التوكل عليه والأخذ بالأسباب واليقين من أن النتائج بيد الله.

المصدر