معركة (كفار ديروم) أولى معارك الإخوان في فلسطين

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
معركة (كفار ديروم) أولى معارك الإخوان في فلسطين


مغتصبة كفار ديروم

بدأت أول معركة للفوج الأول من (الإخوان المسلمون) الموجود بمعسكر (البريج) بغزة تحت قيادة الشيخ "محمد فرغلي"، ومعه الإخوة: "كامل الشريف"، و"يوسف طلعت"، و"حسن عبدالغني"، و"حسن دوح"، و"محمد سليم"، و"نجيب جويفل"، وغيرهم ضد اليهود في مستعمرة (كفار ديروم) جنوبى (دير البلح).

وهذه المستعمرة، وإن كانت صغيرة الحجم، إلا أنها كانت مقامةً في وضع بالغ الأهمية؛ لقربها من الحدود المصرية، ولوقوعها على طريق المواصلات الرئيسي، الذي يربط مصر بفلسطين طريق (غزة- خان يونس)، وتبعد عن الطريق بمسافة 250 مترًا، وهذه المستعمرة محاطة بالأسلاك الشائكة من جهاتها الأربع.

هاجم (الإخوان) المستعمرة في الساعة الثانية صباح يوم السبت 10/4/1948م، ونجحوا في المرور خلال حقول الألغام عبر ممرات أعدوها طوال الأسبوع الذي سبق المعركة، واجتازوا عوائق الأسلاك الشائكة.. كل هذا تمَّ بدقة وسرعة، دون أن ينتبه حراس المستعمرة لما يجري حولهم، ولم يفيقوا إلا على صوت انفجار هائل أطاح بأحد مراكز الحراسة، ثم بدأت المعركة داخل الخنادق، وعلى الأبراج والدشم، وأبدى (الإخوان) في هذه المرحلة من ضروب البطولة والفدائية ما لا يمكن حصره وتصويره، واستطاع اليهود أن يسدوا الثغرات التي أحدثها المجاهدون في دفاعات المستعمرة، ثم حاصروا القوة الصغيرة التي نجحت في التسلل إلى أوكارهم، ومضوا يحصدونها ببنادقهم ورشاشاتهم.

وجرح قائد السرية الشهيد "يوسف طلعت"، وتقرر إخلاؤه من الميدان، وتولَّى قيادتها الأخ المجاهد "كامل الشريف"، والذي تعرض لضرب مركز بالرشاشات اليهودية التي كانت مسلطة من الأبراج الشاهقة للمستعمرة، وهو يتابع انسحاب باقي قوة (الإخوان)؛ حتى تظاهر بالموت، وجازت الحيلة على جنود العدو، فكفُّوا عن تركيز الضرب عليه.. ولقد بقي على هذه الحالة ساعات طويلة حتى جاءت السيارة البريطانية المصفَّحة، وكانوا لا يزالون في هذا الجزء من فلسطين ليفرقوا بين المتحاربين.

وكان من نتائج هذه المعركة أن غيَّر الإخوان بعدها تكتيكهم في المعارك من مهاجمة المستعمرات اليهودية المحصَّنة إلى جرِّ قوات اليهود للحرب في أرض مكشوفة خارج المستعمرات بعد حصارها وقطع طرق إمداداتها، وبالفعل نجحت تلك الخطة وأتت بأفضل النتائج.

وهذا وصف مراسل جريدة (أخبار اليوم) المصرية في غزة للمعركة، كما نشرته جريدة (الإخوان المسلمون) اليومية في عددها رقم (604)، الصادر في (9 من جمادى الآخرة 1367هـ= 18 من إبريل 1948م)؛ حيث يقول:

"أكتب إليكم من ميدان القتال.. نحن الآن في منتصف الطريق بين (غزة وخان يونس).. انتهت المعركة الأولى بين المصريين واليهود.. إنها أول معركة حربية تخوضها مصر ضد اليهود، تسفر عن اثني عشر شهيدًا وخمسة من الجرحى.. إنهم يحملونهم الآن.. يحملونهم الآن ليدفنوا في (دير البلح).. إنني أتأمل القتلى واحدًا واحدًا.. ليس بينهم واحدٌ مصابٌ من ظهره.. إن بعضهم أصيب مرةً أو مرتين، ومع ذلك بقي يحمل بندقيته ويضرب بها.. إنهم يحملونهم الآن ليدفنوا كما هم بغير غسل أو كفن، فإن تقاليد الإسلام أن يُدفن الشهيد بملابس المعركة.. كان منظرًا رائعًا.. هذا الدم المصري يغطي أرض الصحراء المنبسطة.. هذه الأرض التي سارت فيها جيوش (المارشال النبي)، وانتصرت انتصاراتها الأخيرة، أصبحت نقطة البداية، التي تطلق منها مصر رصاصاتها على مستعمرات اليهود.

مستعمرة كفار ديروم بعد تدميرها

وبدأت هذه المعركة في الساعة الثانية من صباح السبت (30 من جمادى الأولى 1367هـ= 10 من إبريل 1948م).. كان الجو أشبه بالنسيم العليل، وقد أصر الجنود على أن يستحموا قبل المعركة؛ استعدادًا للموت، وصلوا على أنفسهم صلاة الجنازة، وتلوا جميعًا آيات من كتاب الله، وذهب كل منهم إلى الموقع الذي اختير له.. كان الظلام دامسًا، فقد كنا في آخر يوم في الشهر العربي؛ سواد في كل مكان.. نرى أشباحًا تتحرك وقد ارتدت أحذيةً من الكاوتشوك تحمِل في أيديها المدافع والبنادق.. كلام كالهمس.. وبدءوا يقصون الأسلاك الشائكة التي تحيط بالمستعمرة اليهودية حتى إذا انتهوا من خطها الأول، أخذوا ينسفون الخط الثاني، وإذا بالمدافع (الهاون) وقنابل الدخان تُطلَق من الجهة الشرقية لتغطية الهجوم، واستيقظ اليهود، وراحوا يضربون أوكار مدافع (الهاون) وهم يظنُّون أن الهجوم العربي قد بدأ من تلك الناحية، وهنا تسلل الفدائيون، واقتحموا الأماكن الملغومة، ووضعوا الألغام والمتفجرات في الحصون، فنسفوا جزءًا من البرج، ودمروا كل الحصون، وأخذ المصريون واليهود يتقاذفون القنابل اليدوية، ويتراشقون بمدفع (التومي جن) والبنادق (البرن)، وظن اليهود في أول الأمر أن المعركة بسيطة؛ ولكنهم بعد ساعتين تنبَّهوا إلى خطورةِ الهجوم، فاستغاثوا بالجيش البريطاني فحضرت الدبابات، ولما وجدت أن المصريين قد لغموا الأرض راحت ترفع الألغام، وكانت الدبابات البريطانية ترفع الأعلام البيضاء، ووقفت بين المصريين واليهود، وصدرت الأوامر بعدم إطلاق النار.

ورأى القائد البريطاني الشهداء، وأطلعه قائد (الإخوان) على تفاصيل المعركة، وكيف أن العرب لم يخسروا من أسلحتهم شيئًا؛ بل إنهم استعادوا أسلحة الشهداء والجرحى، فدهش وذهب إلى حيث يرقد الشهداء، وأحنى رأسه قائلاً: "إنني في دهشة كيف استطعتم أن تفعلوا كل هذا، لقد كنت في فرقة الكوماندوز البريطانية ولم أشهد جرأة كالتي رأيتها الآن، ولو كان معي ثلاثة آلاف من هؤلاء لفتحت بهم فلسطين"، ثم تقدم القائد البريطاني إلى الجرحى المصريين وقبل كل منهم في جبينه، وقال: "من أي بلد هؤلاء الأبطال؟"، فقالوا: "من مصر".

ومن العجيب أن أغلب القتلى المصريين لم يتجاوز الخامسة والعشرين، وجميعهم من الإخوان المسلمين، وقد وقف القائد "محمود لبيب" يروي لنا أن أحد الشباب انتدب لخفارة المعسكر؛ ولكنه أصر على أن يكون في مقدمة المقاتلين، وقال له القائد: أنت صغير السن، فليتقدم أولاً من يكبرك سنًّا، وبكى الشاب المصري؛ ولكن القائد أصر على بقائه، ولما علم أن الذي حل مكانه قد قتل في بداية المعركة، وأخبره زملاءه بذلك، ازداد بكاء و حزنًا!

واستشهد في المعركة اثنا عشر شهيدًا من مجاهدي الإخوان، وجرح خمسة آخرون.

وقد اعترف عمدة المستعمرة بأن الهجوم كبدهم خسائر فادحة بلغت (40) قتيلاً.



للمزيد عن جهود الإخوان تجاه فلسطين وحرب 1948م

كتب متعلقة

ملفات متعلقة

مقالات متعلقة

أحداث في صور

.

تابع أحداث في صور

وصلات فيديو

أقرأ-أيضًا.png
مرشدو الإخوان والقضية الفلسطينية
الإمام حسن البنا والقضية الفلسطينية

الأستاذ محمد حامد أبو النصر والقضية الفلسطينية

الأستاذ مصطفي مشهور والقضية الفلسطينية

الأستاذ محمد المأمون الهضيبي والقضية الفلسطينية

الأستاذ محمد مهدي عاكف والقضية الفلسطينية

تابع الأستاذ محمد مهدي عاكف والقضية الفلسطينية

الدكتور محمد بديع والقضية الفلسطينية