مفهوم العقيدة في الإسلام

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
مفهوم العقيدة في الإسلام

فضيلة الشيخ سيد سابق

الإسلام هو دين الله الذي أوحاه إلى محمد صلوات الله وسلامه عليه ، وهو إيمان وعمل .

والإيمان يمثل العقيدة والأصول التي تقوم عليها شرائع الإسلام ، وعنها تنبثق فروعه ، والعمل يمثل الشريعة والفروع التي تعتبر امتدادا للإيمان والعقيدة .

والإيمان والعمل ، أو العقيدة والشريعة كلاهما مرتبط بالآخر ارتباط الثمار بالأشجار أو ارتباط المسببات بالأسباب والنتائج بالمقدمات . ومن أجل هذا الترابط الوثيق يأتي العمل مقترنا بالإيمان في أكثر آيات القرآن الكريم { وبشر الذين آمنوا وعملوا الصالحات أن لهم جنات تجري من تحتها الأنهار}

ومفهوم الإيمان أو العقيدة ينتظم ستة أمور :

1- المعرفة بالله ، والمعرفة بأسمائه الحسنى وصفاته العليا ، والمعرفة بدلائل وجوده ، ومظاهر عظمته في الكون والطبيعة .

2- المعرفة بعالم ما وراء الطبيعة ، أو العالم غير المنظور وما فيه من قوى الخير التي تتمثل في الملائكة ، وقوى الشر التي تتمثل في إبليس وجنوده من الشياطين ، والمعرفة بما في هذا العالم أيضًا من جن وأرواح .

3- المعرفة بكتب الله التي أنزلها لتحديد معالم الحق والباطل ، والخير والشر ، والحلال والحرام ، والحسن والقبيح .

4- المعرفة بأنبياء الله ورسله الذين اختارهم ليكونوا أعلام الهدى وقادة الخلق إلى الحق .

5- المعرفة باليوم الآخر وما فيه من بعث وجزاء ، وثواب وعقاب ، وجنة ونار .

6- المعرفة بالقدر الذي يسير عليه نظام الكون في الخلق والتدبير .

وهذا المفهوم للإيمان هو العقيدة التي أنزل الله بها كتبه ، وأرسل بها رسله ، وجعلها وصيته في الأولين والآخرين ، فهى عقيدة واحدة لا تتبدل بتبدل الزمان أو المكان ، ولا تتغير بتغير الأفراد أو الأقوام .

{شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه} وما شرعه الله لنا من الدين ووصانا به كما وصى رسله السابقين - هو أصول العقائد وقواعد الإيمان ، لا فروع الدين ولا شرائعه العملية؛ فإن لكل أمه من التشريعات العملية ما يتناسب مع ظروفها وأحوالها ومستواها الفكري والروحي {لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا} .

وإنما جعل الله هذه العقيدة عامة للبشر ، وخالدة على الدهر؛ لما لها من الأثر البين ، والنفع الظاهر في حياة الأفراد والجماعات .

فالمعرفة بالله من شأنها أن تفجر المشاعر النبيلة ، وتوقظ حواس الخير ، وتربي ملكة المراقبة ، وتبعث على طلب معالي الأمور وأشرافها ، وتنأي بالمرء عن محقرات الأعمال وسفسافها .

والمعرفة بالملائكة تدعو إلى التشبه بهم والتعاون معهم على الحق والخير ، كما تدعو إلى الوعي الكامل واليقظة التامة فلا يصدر من الإنسان إلى ما هو حسن ، ولا يتصرف إلا لغاية كريمة .

والمعرفة بالكتب الإلهية إنما هى عرفان بالمنهج الرشيد الذي رسمه الله للإنسان ، كي يصل بالسير عليه إلى كماله المادي والأدبي .

والمعرفة بالرسل إنما يقصد بها ترسم خطاهم ، والتخلق بأخلاقهم ، والتأسي بهم باعتبار أنهم يمثلون القيم الصالحة ، والحياة النظيفة التي أرادها ، الله للناس .

والمعرفة باليوم الآخر هى أقوى باعث على فعل الخير وترك الشر .

والمعرفة بالقدر تزود المرء بقوى وطاقات تتحدى كل العقاب والصعاب ، وتصغر دونها الأحداث الجسام .

وهكذا يبدو بجلاء أن العقيدة إنما يقصد بها تهذيب السلوك ، وتزكية النفوس ، وتوجيهها نحو المثل الأعلى - فضلا عن أنها حقائق ثابتة - وهى تعد من أعلى المعارف الإنسانية إن لم تكن أعلاها على الإطلاق .

المصدر