من الذي ينبغي أن يوضع في قفص الاتهام

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
من الذي ينبغي أن يوضع في قفص الاتهام

بقلم : الدكتور عبد العزيز الرنتيسي

إن الألم ليعتصر قلوبنا ونحن نرى مشاهد الجريمة الإرهابية البشعة، التي ارتكبها اليهود المفسدون في مدينة رفح، مائة وخمسون أسرة يحرمها الصهاينة القتلة من المأوى، أطفال وشيوخ ونساء يلقى بهم في الأزقة نهبا للبرد القارس، في غمضة عين يفقدون كل شيء، وكنا نتوقع أن يستثمر الجميع هذه المأساة لفضح الصهاينة في العالم، وهذا ما قامت به الغالبية العظمى من شرفاء فلسطين، .

ومن شرفاء أمتنا العربية، إلا أن نفرا قليلا أبوا إلا أن يبرروا لشارون جريمته، وأن يعفوه من وزرها لينحوا باللائمة على العملية البطولية الأخيرة التي نفذتها حركة المقاومة الإسلامية " حماس "، وهو اتهام باطل يكذبه " كولن باول " الذي قال للصحفيين " إسرائيل ترد على حادثة تهريب السلاح "، وأضاف " إن قسماً كبيراً من العمليات العسكرية في الساعات الـ 24 الأخيرة كان بقصد تدمير سبل تهريب أسلحة عبر جنوب قطاع غزة " مضيفاً " إنه تدبير دفاعي ".

إن هؤلاء النفر باتهاماتهم الباطلة لم يقوموا بتبرئة شارون فقط، وإنما عملوا على تثبيط الشعب الفلسطيني وتخذيله عن مواصلة الانتفاضة والمقاومة، لقد أذهلنا هؤلاء وهم يستثمرون دموع وآهات أهلنا في رفح للتنفيس عن أحقادهم، ولو كان ذلك على حساب شرعية المقاومة الفلسطينية، أو أدى لتقديم خدمة جليلة لشارون، الذي كان بأمس الحاجة إليها ليتنصل من وزر ما اقترفت يداه.

ومما يدعو للأسى أن " يوسي سريد " الرئيس الحالي لحزب " ميريتس "، و " شالوميت ألوني " الرئيسة السابقة للحزب لم يتفقا مع هؤلاء النفر، وحملا المسئولية كاملة للإرهابي شارون، إذ قال "سريد " في بيان تسلمت وكالة فرانس برس نسخة منه " لا يوجد مبرر للرد على الهجوم ضد جنود بتدمير منازل للاجئين الفلسطينيين "، ووصفت " ألوني " عملية هدم المنازل الفلسطينية في رفح من قبل جنود الاحتلال " بأنها جريمة ضد الإنسانية، ودعت إلى تشكيل محكمة دولية لمحاكمة المسئولين عن هذه الجريمة اللاإنسانية ".

فلماذا لم ترتق تلك العناصر التي بادرت لوضع المقاومة الإسلامية في قفص الاتهام إلى هذا المستوى من الوعي السياسي، بدلا من محاولتها اليائسة والبائسة التي ترمي إلي تشويه صورة المقاومة الإسلامية النابعة من ضمير هذا الشعب، وتشويه قرارها الوطني المستقل بعيدا عن تأثير الضغوط الصهيونية والأمريكية.

وأرى أن هناك محطات هامة يجب التوقف عندها ونحن نتصدى لهذا الموضوع :

أولا :

المقاومة الفلسطينية عمل مشروع، والإرهاب الصهيوني عمل غير مشروع، ولا يجوز بحال أن نوقف مقاومتنا المشروعة للاحتلال بسبب ما يمارسه الصهاينة من إرهاب ضد شعبنا، لأن وقف المقاومة لا يعني إلا شيئا واحدا وهو القبول بالاحتلال، خاصة أن الجميع يدركون أن ما يسمى بعملية السلام قد أصبحت رميما، ولا مجال لإحيائها، اللهم إلا إذا ظن بعض السياسيين أن تطبيق ورقتي تينت وميتشل هو غاية جهاد وتضحيات شعبنا الفلسطيني، ومن الغرابة بمكان أن نسمع من يدعو لوقف المقاومة من بين الفلسطينيين في الوقت الذي يعلن فيه نائب رئيس الجمهورية الأسبق حسين الشافعي في مؤتمر نظمته جريدة الأسبوع في مطلع هذا الشهر تحت عنوان " دفاع عن الأمة في مواجهة الهيمنة " قائلا " أن السبيل الآن لمواجهة العدو هو إرهاق إسرائيل فدائيا وسياسيا واقتصاديا ، داعيا إلى رفع شعار إرهاق إسرائيل وأن تكون مصر هي قاعدة انطلاق هذا الشعار وهي محوره، وداعيا إلى إسقاط ما يحد من انطلاق الشعب المصري والعربي في مواجهته مع العدو وقائلا : لتسقط كامب ديفيد ، ولتسقط معاهدة السلام "، وهاهو الأمين العام للجامعة العربية السيد عمرو موسى يؤكد في تقرير الجامعة العربية حول حصاد العام 2001 على استمرار دعم الانتفاضة الفلسطينية، والحق الفلسطيني في النضال من أجل استعادة حقوقه المشروعة.

ثانيا :

إن الوطن الذي اغتصب بالدم لا يعود بغير الدم، وخير دليل على ذلك النتائج الكارثية للمفاوضات المراثونية، ولا زلنا نشيد ونعتز بما قام به الجزائريون البواسل من تقديم مليون شهيد لطرد المحتل من وطنهم، ولقد فقدت أوروبا ستين مليونا من أبنائها، ودمرت مدن بكاملها، وشرد الملايين من مواطنيها، في محاربتها للاحتلال النازي، ولا زالت تعتز وتحتفي بذلك حتى يومنا هذا ، ولم نسمع أحدا وجه الاتهام للمقاومة بسبب ذلك الدمار الشامل، بل الاتهام وجه للاحتلال الذي تسبب بذلك الدمار، وهل يجيز أي منا لنفسه أن يدين الانتفاضة لأنها تسببت بفقدان عشرات الآلاف لأعمالهم، وأدت إلى تجريف آلاف الدونومات من الأراضي الزراعية، وتدمير المئات من البيوت، واستشهاد المئات، وإصابة عشرات الآلاف، أم أننا نؤمن بأن للتحرير ضريبة هي في ميزان الكرامة أهون بكثير من القبول بالاحتلال.

ثالثا :

إذا كان ولا بد أن يوضع أحد في قفص الاتهام فليست المقاومة، لأن الأوطان لن تتحرر إلا بها، ولكن يجب أن نضع أولا اليهود المفسدين الذين ارتكبوا الجريمة مباشرة، والذين يصرون على اغتصاب الوطن والمقدسات.
ثم علينا أن نضع دولنا العربية والإسلامية التي لو جندت مبالغ زهيدة من ميزانياتها الضخمة لصالح إعادة بناء ما دمر اليهود، لأفشلوا المخطط الصهيوني الرامي لتركيع شعبنا الفلسطيني وتهجيره، وإني على ثقة بأن أفقر دولة في عالمنا العربي قادرة على إعادة بناء كل بيت يهدم، فكيف بمجموع دولنا العربية والإسلامية ؟!! فمما يحز في نفوسنا أن نقرأ في الصحافة أن الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون للمرة الثانية منذ خروجه من البيت الأبيض يقوم وزوجته هيلاري بحملة تبرعات لصالح الكيان الصهيوني في كندا تستهدف دعم المشروعات الخيرية اليهودية ومؤسسات تعليمية للكيان في واشنطن ونيويورك، ولا نجد من يفعل ذلك لصالح شعبنا الفلسطيني من قادة هذه الأمة.
ثم يجب علينا أن نضع في قفص الاتهام القطط السمان المتهمين بالفساد المالي، والذين يعتبرون الانتفاضة شركة خاصة تدر عليهم بالأرباح، فإن أموال الشعب المسلوبة كفيلة لو أعيدت إليه أن تعمر كل بيت هدم وتعوض كل متضرر، وأن ترفع عن شعبنا آلام المعاناة والحصار.

ثم علينا أن نضع في قفص الاتهام سياسة إغلاق المؤسسات الخيرية الإسلامية من قبل السلطة الفلسطينية، تلك المؤسسات التي لعبت دورا هاما في تخفيف المعاناة عن شعبنا على مدى انتفاضته المجيدة، فكيف تغلق هذه المؤسسات في هذا الوقت بالذات، وشعبنا المجاهد في أمس الحاجة إليها.

بعد هذا التوضيح ليس أمامي إلا أن أقول للمصرين على العمى " إنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور " صدق الله العظيم.

المصدر

للمزيد عن الدكتور عبد العزيز الرنتيسي

ملفات متعلقة

مقالات متعلقة بالرنتيسي

مقالات بقلم الرنتيسي

تابع مقالات بقلم الرنتيسي

.

حوارات مع الرنتيسي

حوارات مع عائلة الرنتيسي

بيانات حول إغتيال الرنتيسي

أخبار متعلقة

تابع أخبار متعلقة

.

وصلات فيديو

.