موقف الشيخ يوسف القرضاوي من الشيعة

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
مراجعة ١٧:٠٨، ١٦ ديسمبر ٢٠١٠ بواسطة Moza (نقاش | مساهمات)
(فرق) → مراجعة أقدم | المراجعة الحالية (فرق) | مراجعة أحدث ← (فرق)
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث

العلامةيوسف القرضاوي: بيان للناس.. حول موقفي من الشيعة وما قالته وكالة أنباء «مهر» الإيرانية

ما قلتُه وصارحتُ به آيات الله حينما زرتُ إيران: إن هناك خطوطاً حمراء يجب أن تراعى منها: سب الصحابة ونشر المذهب الشيعي في البلاد السنية الخالصة.

زعمت وكالة الأنباء الايرانية أن كلامي يصبُّ في مصلحة الصهاينة وجهلت الوكالة ما أعلنه اليهود أنفسهم أن أخطر الناس عليهم في قضية فلسطين هو القرضاوي

أصدر العلامة الشيخ يوسف القرضاوي بياناً شاملاً، شرح فيه موقفه من الشيعة، ورد فيه على الهجوم الجارح الذي شنته عليه وكالة الأنباء الإيرانية «مهر»، كما رد فيه على تعليقات المرجعين الشيعيين «محمد حسين فضل الله» و«آية الله محمد علي تسخيري»، بشأن تصريحات له نشرتها صحيفة «المصري اليوم» المصرية.. وفيما يلي أبرز ما جاء في بيان العلامة القرضاوي:

«شنَّت وكالة أنباء «مهر» الإيرانية شبه الرسمية في 13 من رمضان 1429هـ الموافق 13 سبتمبر 2008م، هجوماً عنيفاً على شخصي، تجاوزت فيه كلَّ حدٍّ، وأسفَّت إسفافاً بالغاً لا يليق بها، بسبب ما نشرته صحيفة «المصري اليوم» من حوار معي، تطرَّق إلى الشيعة ومذهبهم، قلتُ فيه: أنا لا أكفّرهم، كما فعل بعض الغُلاة، وأرى أنهم مسلمون، ولكنهم مبتدعون. كما حذَّرت من أمرين خطيرين يقع فيهما كثير من الشيعة، أولهما: سبُّ الصحابة، والآخر: غزو المجتمع السني بنشر المذهب الشيعي فيه، ولا سيما أن لديهم ثروة ضخمة يرصدون منها الملايين بل البلايين، وكوادر مدرَّبة على نشر المذهب، وليس لدى السنة أيَّ حصانة ثقافية ضدَّ هذا الغزو، فنحن علماء السنة لم نسلِّحهم بأيِّ ثقافة واقية، لأننا نهرب عادة من الكلام في هذه القضايا، مع وعينا بها، خوفاً من إثارة الفتنة، وسعياً إلى وحدة الأمة.

هذا الكلام أثار الوكالة، فجُنَّ جنونها، وخرجت عن رشدها، وطفقت تقذفني بحجارتها عن يمين وشمال.

وقد علَّق على موقفي العلامة «محمد حسين فضل الله»، فقال كلاماً غريباً دهشتُ له، واستغربتُ أن يصدر من مثله.

كما علَّق «آية الله محمد علي تسخيري»، نائبي في رئاسة الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، وقال كلاماً أعجب من كلام «فضل الله».

«وأودُّ هنا قبل أن أردَّ على ما قاله هؤلاء جميعاً، أن أبيِّن موقفي من قضية الشيعة الإمامية ومذهبهم ومواقفهم، متحرِّياً الحق، ومبتغياً وجه الله، مؤمناً بأن الله أخذ الميثاق على العلماء ليبيِّنن للناس الحقَّ ولا يكتمونه.

أولاً: أنا أؤمن بوحدة الأمة الإسلامية بكلِّ فِرَقها وطوائفها ومذاهبها، فهي تؤمن بكتاب واحد، وبرسول واحد، وتتَّجه إلى قِبلة واحدة. وما بين فِرَقها من خلاف لا يُخرِج فرقة منها عن كونها جزءاً من الأمة، والحديث الذي يُعتمد عليه في تقسيم الفرق يجعل الجميع من الأمة، «ستفترق أمتي ...». إلا مَن انشقَّ من هذه الفرق عن الإسلام تماماً، وبصورة قطعية.


ثانياً: هناك فرقة واحدة من الفرق الثلاث والسبعين التي جاء بها الحديث هي وحدها «الناجية»، وكلُّ الفرق هالكة أو ضالة، وكلُّ فرقة تعتقد في نفسها أنها هي الناجية، والباقي على ضلال. ونحن أهل السنة نوقن بأننا وحدنا الفرقة الناجية، وكلُّ الفرق الأخرى وقعت في البدع والضلالات، وعلى هذا الأساس قلتُ عن الشيعة: إنهم مبتدعون لا كفار، وهذا مُجمَع عليه بين أهل السنة، ولو لم أقل هذا لكنتُ متناقضاً، لأن الحقَّ لا يتعدَّد، والحمد لله، فحوالي تسعة أعشار الأمة الإسلامية من أهل السنة، ومن حقهم أن يقولوا عنا ما يعتقدون فينا.


ثالثا: إن موقفي هذا هو موقف كلِّ عالم سنيٍّ معتدل بالنسبة إلى الشيعة الإمامية الاثنا عشرية، أما غير المعتدلين فهم يصرِّحون بتكفيرهم؛ لموقفهم من القرآن، ومن السنة، ومن الصحابة، ومن تقديس الأئمة، والقول بعصمتهم، وأنهم يعلمون من الغيب ما لا يعلمه الأنبياء. ولكني أخالفهم في أصل مذهبهم وأرى أنه غير صحيح، وهو: أن النبي [ أوصى لعلي بالخلافة من بعده، وأن الصحابة كتموا هذا، وخانوا رسولهم، وجحدوا علياً حقَّه، وأنهم تآمروا جميعاً على ذلك.


رابعاً: إن ما قلتُه لصحيفة «المصري اليوم» هو ما قلتُه بكلِّ صراحة وأكَّدتُه بكلِّ قوَّة، في كلِّ مؤتمرات التقريب التي حضرتُها: في الرباط، وفي البحرين، وفي دمشق، وفي الدوحة، وسمعه مني علماء الشيعة، وعلّقوا عليه، وصارحتُ به «آيات الله» حينما زرتُ إيران منذ نحو عشر سنوات: أن هناك خطوطاً حمراء يجب أن تُراعى ولا تتجاوز، منها: سبّ الصحابة، ومنها: نشر المذهب في البلاد السنية الخالصة، وقد وافقني علماء الشيعة جميعاً على ذلك.


خامساً: إنني رغم تحفُّظي على موقف الشيعة من اختراق المجتمعات السنيّة، وقفتُ مع إيران بقوَّة في حقِّها في امتلاك الطاقة النووية السلمية، وأنكرتُ بشدَّة التهديدات الأمريكية لها، وقلتُ: إننا سنقف ضد أمريكا إذا اعتدت على إيران، وإن إيران جزء من دار الإسلام، لا يجوز التفريط فيها، وشريعتنا توجب علينا أن ندافع عنها إذا دخلها أو هدَّدها أجنبي. وقد نوَّهَتْ بموقفي كلُّ أجهزة الإعلام الإيرانية، واتصل بي عدد من المسؤولين شاكرين ومقدِّرين. وأنا لم أقف هذا الموقف مجاملة، ولكني قلتُ ما يجب أن يقوله المسلم في نصرة أخيه المسلم.


الرد على الوكالة الإيرانية

«زعمت وكالة الأنباء: أني أردِّد ما يقوله حاخامات اليهود، وأني أتحدَّث نيابة عنهم، وقالت: إن كلامي يصبُّ في مصلحة الصهاينة والحاخامات! وجهلت الوكالة التائهة ما أعلنه اليهود أنفسهم أن أخطر الناس عليهم في قضية فلسطين هم علماء الدين، وأن أخطر علماء الدين هو القرضاوي! وطالما حرَّضوا عليَّ، وعلى اغتيالي، وما زال اللوبي الصهيوني في كلِّ مكان يقف ضدِّي، ويؤلِّب عليَّ الحكومات المختلفة، لتمنعني من دخول أرضها، فلا غرو أن مُنعت من أمريكا وبريطانيا وعدد من البلاد الأوروبية؛ لأني عدو «إسرائيل»، ومفتي العمليات الاستشهادية.

إنني أحارب اليهود والصهاينة منذ الخامسة عشرة من عمري، أي منذ حوالي سبعين سنة، قبل أن يُولد هؤلاء الذين يهاجمونني. ولقد انتسبت منذ شبابي المبكِّر إلى جماعة يعتبرها الصهاينة العدو الأول لهم، هي جماعة الإخوان المسلمون التي قدَّمت الشهداء، وما زالت، من أجل فلسطين.


وزعمت الوكالة: أن المذهب الشيعي يلقى تجاوباً لدى الشباب العربي الذي بهره انتصار حزب الله على اليهود في لبنان، وكذلك الشعوب المسلمة الواقعة تحت الظلم والاضطهاد، واعتبرت الوكالة ذلك معجزة من معجزات آل البيت، وقالت: «إن الشعوب وجدت ضالَّتها في هذا المذهب حيث قدَّم الشيعة نموذجاً رائعاً للحكم الإسلامي، لم يكن متوافراً بعد حكم النبي [، وحكم الإمام علي ]»، على حد زعمها.


وهذا الكلام مردود عليه، فالفرد الإيراني كغيره في بلادنا الإسلامية، لم يطعم من جوع، ولم يأمن من خوف. ولاسيما أهل السنة الذين لا يزالون يعانون التضييق عليهم.


المهم أن الوكالة اعترفت بتنامي المد الشيعي الذي اعتبرته «معجزة» لآل البيت! وهو ردٌّ على الشيخ «فضل الله» و«التسخيري» وغيرهما الذين ينكرون ذلك.


أسوأ ما انحدرت إليه الوكالة: زعمها أني أتحدَّث بلغة تتَّسم بالنفاق والدجل، وهو إسفاف يليق بمَن صدر عنه، وقد قال شاعرنا العربي:

وحسبكمو هذا التفاوت بيننا

وكل إناء بالذي فيه ينضح!


والذين عرفوني بالمعاشرة أو بقراءة تاريخي، عرفوني منذ مقتبل شبابي شاهراً سيف الحقِّ في وجه كلِّ باطل، وأني لم أنافق ملكاً، ولا رئيساً، ولا أميراً، وأني أقول الحقَّ ولا أخاف في الله لومة لائم. ولو كنتُ أبيع في سوق النفاق، لنافقتُ إيران التي تقدر أن تُعطي الملايين، وتشتري ولاء الكثيرين بمالها، ولكني لا أُشترى بكنوز الأرض، فقد اشتراني الله سبحانه وبعتُ له. وقد اقترحوا عليَّ منذ سنوات أن يعطوني جائزة لبعض علماء السنة، فاعتذرت إليهم.


موقف الشيخ فضل الله

1 ــ عقَّب العلامة «الشيخ محمد حسين فضل الله» على حديثي في صحيفة «المصري اليوم» تعقيباً استغربتُ أن يصدر من مثله، وأنا أعتبره من علماء الشيعة المعتدلين، وليس بيني وبينه إلا المودة، فقد كان أول ما قاله: إنني لم أسمع عن الشيخ القرضاوي أيَّ موقف ضدَّ التبشير «المسيحي» الذي يراد منه إخراج المسلمين عن دينهم... وهذا عجيب حقّاً، فموقفي ضد «التنصير» الذي يسمُّونه التبشير واضح للخاص والعام، في كتبي وخطبي ومحاضراتي ومواقفي، وقد طفتُ كثيراً من البلاد الإسلامية بعد مؤتمر «كلورادو» 1978م، الذي اجتمع لتنصير العالم الإسلامي، ورصد لذلك ألف مليون دولار، وانتهيتُ إلى السعي لإنشاء «الهيئة الخيرية الإسلامية العالمية» في الكويت، الذي كان الهدف الأول منها: المقاومة العملية للموجة التنصيرية المسعورة الطامعة في تنصير الأمة الإسلامية.


2 ــ ويقول الشيخ «فضل الله» أيضاً: لم نسمع من القرضاوي أيَّ حديث عن اختراق العلمانيين أو الملحدين للواقع الإسلامي.

وأنا أقول: يا عجباً! لقد وقفتُ للعلمانيين والملحدين في كتبي ومحاضراتي وخطبي وهي منشورة ومشهورة.

وقد شاركتُ في مناظرات مع العلمانيين، أظهر الله فيها حجَّة الإسلاميين، وتهافت خصومهم, وظهرت في أشرطة سمعها الكثيرون في أنحاء العالم.


مع الشيخ «تسخيري»

أما صديقنا الشيخ «تسخيري»، فقد كان تعليقه أعجب! وهو يعرفني جيداً، منذ نحو ربع قرن أو يزيد. وقد اخترتُه نائباً لي في «الاتحاد العالمي»، ونلتقي باستمرار في مجلس الأمناء، والمكتب التنفيذي، غير اللقاءات في المؤتمرات والمجمع الفقهي.

ـ فقد اعتبر الشيخ تصريحاتي مثيرة للفتنة، وأنها ناجمة عن ضغوط الجماعات التكفيرية والمتطرِّفة التي تقدِّم معلومات مفتراة، فأقع تحت تأثيرها! ونسي الشيخ «تسخيري»: أني لم أكن في يوم ما مثيراً للفتنة، بل داعياً للوحدة والألفة، كما أني وقفتُ ضد هذه الجماعات المتطرفة، وحذَّرت من خطرها، وألَّفتُ الكتب، وألقيتُ الخطب والمحاضرات، وكتبتُ المقالات في الدعوة إلى الوسطية والاعتدال, بل أصبحت بين الدعاة والمفكرين والفقهاء رمزاً للوسطية.

وكتبي في ترشيد الصحوة الإسلامية معروفة ومنشورة ومترجمة إلى اللغات الإسلامية والعالمية.

ــ وأكد «تسخيري» أن القرضاوي من خلال هذه الممارسات لا يعمل من أجل انسجام الأمة الإسلامية ومصالحها، وأن هذا يتنافى مع أهداف «الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين»، الذي بذل فيه جهوداً واسعة لتأسيسه، للقضاء على التعصُّب والتفرقة، والقيام بالدعوة إلى الاعتدال، حسبما جاء في الميثاق الإسلامي لـ«الاتحاد».

والشيخ «التسخيري» لا يغيب عنه: أني عشتُ حياتي كلَّها أدعو إلى توحيد الأمة الإسلامية، فإن لم يمكن توحيدها فعلى الأقل تأكيد التضامن فيما بينها، وأني أيَّدت دعوة التقريب، وشهدت مؤتمراتها، وقدَّمت إليها بحوثاً مهمَّة.>