مولد الإمام "حسن البنا"

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
لم تعد النسخة القابلة للطباعة مدعومة وقد تحتوي على أخطاء في العرض. يرجى تحديث علامات متصفحك المرجعية واستخدام وظيفة الطباعة الافتراضية في متصفحك بدلا منها.



مولد "حسن البنا"

الإمام الشهيد حسن البنا

مَن ذاك الرجل الذي استطاع أن يغير مجرى الأحداث، ويحفر لنفسه اسمًا من نور بين القادة والزعماء والمصلحين والمجددين والدعاة؟!

لقد تضاربت الآراء فيه إلى حد بعيد...فمِن قائل: هو صوفي صرف مائل عن طريق السلف، ومن قائل: بل سياسي مخضرم ذو مآرب لا تمت للإسلام بصلة، ومن قائل: بل متسلّط قاهر محب للسلطة، شغوف بالإمارة...!!

فهل كانت تُحركه غريزة عقائدية فطرية لا تخيب ولا تضل؟، أم هو إلهام الصوفي الذي انكشف له جانب من الغيب من غشاء شفيف؟ أم هي الموافقات القدرية الماضية حتى تبلغ ما تريد؟ أهو سياسي ثاقب البصر إلى حد المعجزة؟ أم هو محب والِهٌ قد رُزق الإلهام والرشد في كل ما يقول ويفعل وبقيت الكلمة الفاصلة للتاريخ؟

الواقع أن "البنا" لم يكن سوى جمرة تنبض في عناد بين الرماد العاجز الميت، فلقد كان روحًا باهرة تومِض بالإسلام بين جنبات هذه الأمة المهيضة المعذبة.

فمن هو "حسن البنا" الذي أحدث كل هذا الجدل؟

هناك في شمال مصر على أحد فرعي النيل بالمحمودية؛ حيث سندسية الحقول وانفراج الأفق، واتساع البسيطة وُلد طفل مصري لوالد عُرف بين أبناء مجتمعه بالتقوى والجدية والضبط والصدق والأمانة وحسن الصلة بالناس.

ووالده هو "أحمد عبدالرحمن البنا" من العلماء العاملين، درس الأدب على يد الشيخ "محمد عبده"، واشتغل بعلوم السنة، وله مصنفات في الحديث الشريف، أهمها: "الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد" وكان مع هذا مأذون القرية وإمامها وخطيب مسجدها، ويحترف تجليد الكتب وإصلاح الساعات؛ لذا لقب بـ"الساعاتي".

وكان مولد "حسن أحمد عبدالرحمن البنا" المعروف بـ"الإمام الشهيد حسن البنا" في 25 شعبان 1324هـ الموافق 14 أكتوبر من عام 1906 م بمدينة المحمودية بمحافظة البحيرة شمال غرب القاهرة، وكان الابن الأكبر، وله ثمانية أخوة، وقد وجهه والده إلى الكُتَّاب منذ نعومة أظافره ليحفظ القرآن الكريم؛ تمهيدًا لالتحاقه بالأزهر، الذي كان عند المسلمين أمل الحفاظ على الإسلام ومنارة الهدي الصافي وشرف الدنيا ورضوان الله يوم القيامة في ذلك الوقت.

وفي الثامنة من عمره التحق الطفل بمدرسة (الإرشاد) الدينية، وكانت روحه قد تعلقت بوجدانيات التحرك للعمل الإسلامي، وقد أثنى في مذكراته على معلمه الشيخ "محمد زهران`2"، إذ كان للرجل أسلوبه الخاص في التدريس والتربية؛ مما جعل الطفل الرضي يتعلق بأستاذه هذا، فقد أدرك بوجدانه أن المشاركة العاطفية والتجاوب الروحي بين التلميذ وأستاذه أمثل السبل لبناء الشخصية السويَّة.

وعندما ترك هذا الشيخ المدرسة وتعهدها غيره ممن لا يملك هذا الإشراق الروحي فكر الطفل في الانتقال إلى المدرسة الإعدادية التي كانت آنذاك تدرس علوم اللغة والدين، بالإضافة إلى القوانين العقارية والمالية ونبذة عن فِلاحة البساتين.. وكان ذلك في الثانية عشر من عمره، وكان الطفل قد أتم حفظ نصف القرآن الكريم فعارض والده بحجة أنه لابد أن يتم حفظ القرآن كله فوعد والده بحفظه، وكان الطفل صادقًا، وهكذا دخل "حسن البنا" المدرسة الإعدادية، وقسم وقته إلى:

- الدرس نهارًا بالمدرسة الإعدادية.

- تعلم صناعة الساعات بعد الانتهاء من الدراسة.

- من بعد صلاة العشاء يستذكر دروسه حتى النوم.

- يحفظ حصة القرآن المقررة يوميًا بعد صلاة الصبح.

وهكذا كان الطفل منظمًا في شئونه، حريصًا على وقته منذ بداية نشأته.