نصيب الهاشمي: انبطاح السلطة يوحد الإسلاميين في باكستان

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
نصيب الهاشمي: انبطاح السلطة يوحد الإسلاميين في باكستان

[18-08-2004]

المقدمه

موقف مشرف من قضية عبد القدير خان يهدد الأمن القومي الباكستاني بل والإسلامي

"الترجمانات" الإسلامية أفشلت مشاريع العلمانية والدكتاتورية

أجرى الحوار:رجب الدمنهوري

يمثل تحالف القوى الإسلامية في باكستان تجربةً مهمةً، وتزداد أهميتها في ظل الضغوط الداخلية والخارجية الرامية إلى "علمنة" باكستان ومحاربة القيم الإسلامية بدعوى الإرهاب، وقد استطاع التحالف الإسلامي الباكستاني الذي يضم فصائل وقوى إسلاميةً متعددةً أن يتصدى- بوعي وإدراك وتعاون كبير بين فصائله- للحملة التي تستهدف هوية باكستان وانتماءها الحضاري والإسلامي؛ إذ خاض انتخابات برلمانات الأقاليم الأربعة، والبرلمان المركزي، ومجلس الشيوخ، وتمكن عبر ممثليه من إحباط العديد من المشاريع المناهضة للفكر الإسلامي والمشروع الإصلاحي الإسلامي.

في هذا الإطار يأتي الحوار مع عضو البرلمان الباكستاني المركزي عن التحالف الإٍسلامي نصيب علي شاه الهاشمي حول تجربة التحالف والنجاحات التي حقَّقها ومواقف الإسلاميين من بعض القضايا.


نص الحوار

  • كيف نقدمكم إلى القراء والمهتمِّين؟
عضوٌ في المجلس الوطني أو ما يعرف بالبرلمان الباكستاني، وهو أعلى هيئة تشريعية مركزية، وممثلٌ عن التحالف الإسلامي الذي يضمُّ بين فصائله جماعات إسلامية متنوعة وواسعة الانتشار، منها الجماعة الإسلامية، وجمعية علماء باكستان، وجناح من جماعة أهل الحديث، وجناح من بعض الجماعات الشيعية وغيرها.


لقاء الإرادات

  • تحالف إسلامي يضم هذا الطيف المتنوع..!! كيف التقت الإرادات وما التداعيات التي جمعت بين قواه؟!
قبل سنوات عدة شنَّ العلمانيون هجمةً شرسةً ضد الإسلاميين، وكانوا يتحدثون بمنطق متعالٍ وجرأةٍ شديدةٍ، مدَّعين أن حجم الإسلاميين في المجتمع الباكستاني يتراوح بين 5:2% ومن ثم فلا حقَّ لهم في سن القوانين أو إقامة مشاريع إسلامية، هذا فضلاً عن الضغوط الخارجية بزعامة أمريكا واستجابة الجنرال مشرف لها، ومحاولاتهم الدؤوبة إلغاء القوانين الإسلامية، وإقصاء الإسلاميين عن أي مواقع تأثير أو قرار.
هذه المواقف أيقظت الشعب الباكستاني المسلم، وحين دعا مشرَّف إلى إجراء انتخابات إقليمية ومركزية عام 2002م انتهز الإسلاميون- بجميع فصائلهم- هذه الفرصة وأعلنوا اتحادهم تحت مظلة التحالف الإسلامي، واتخذوا الكتاب رمزًا لهم، في إشارة إلى اهتمامهم بالفهم والعلم والثقافة والفكر.
وفيما زعم المحللون- وردد الإعلام والموالون للسلطة- أن الإسلاميين لا يتجاوزون نسبة 7% على أقصى التقديرات إذا بالإسلاميين يحصلون على 23% في البرلمان المركزي و 28% في مجلس الشيوخ، أما في البرلمانات الإقليمية- وعددها أربعة- فقد حصلوا على 70% في إقليم سرحد الذي يقع بين أفغانستان وباكستان، و42% في إقليم بلوشستان، وتراوحت نسبة تمثيلهم في إقليمَي البنجاب والسند بين 15:10%، وكانت المفاجأة الكبرى سقوط رموز العلمانيين، ووصول قادة الإسلاميين إلى البرلمان، حتى إن الشعب الباكستاني كان يردد: "لقد نجحت الترجمانات الإسلامية" أي الذين يتحدثون عن الإسلام.


نجاح الإسلاميين خيارباكستاني

  • كيف انعكست نتائج الانتخابات على خصومكم؟
وضعت نتائجُ الانتخابات العلمانيين والسلطات في مأزقٍ شديدٍ، وبدأوا يتراجعون عن كثير من مقولاتهم ومواقفهم، أما الدول الأوروبية فقد غيَّرت مفاهيمها الخاطئة عن الإسلاميين، فبعد أن كانت النظرة أن هؤلاء متشدِّدون، وأن هناك مخاوفَ من وصولهم إلى السلطة أصبحت تؤمن بالحقيقة الماثلة، وهي أن نجاح الإسلاميين هو خيارٌ حرٌّ للشعب الباكستاني، خاصةً أنهم جاءوا عبر صناديق انتخابية.
  • إلى أي مدى يجري التنسيق والتعاون بين فصائل وقوى التحالف الإسلامي؟!
قبل إعلان هذا التحالف كان كل فصيل إسلامي يردد: لقد ضاقت علينا الأرض بما رحبت، وأعداؤنا يضربوننا من كل اتجاه، والموجة العلمانية طاغية، والسلطات تزداد انبطاحًا للقوة الخارجية يومًا بعد يوم، هذه المرارات دفعت الإسلاميين إلى الالتقاء والتنسيق، وأسفرت اجتماعاتهم عن صيغة تفاهم فيما يتعلق بتوزيع المقاعد البرلمانية، حسب حجم ووجود كل فصيل، وكانت أجهزة السلطة تترقب حدوث انقسامات، لكن خاب ظنهم، وما عضد التحالف أن الجماهير الإسلامية- على مختلف مشاربها- كانت تتطلَّع إلى هذا التعاون والتنسيق منذ أكثر من 20 عامًا، وعندما نجحت الفكرة وتحققت أمنيتهم، ولمسوا آثارها كانوا لها نصرًا معينًا.


مشروعناإسلامي

  • ما أهم موضوعات الأجندة السياسية التي يحملها التحالف الإسلامي؟
نحن نسعى إلى تطبيق الشريعة الإٍسلامية في باكستان، والدفاع عن الإسلام ضد محاولات التغريب والعلمنة وفرض مناهج وافدة على مجتمعنا الإسلامي، والقضاء على الحكم غير المدني، كما نعمل على الوصول إلى المناصب الرئيسية في البلد عن طريق البرلمانات؛ من أجل خدمة الدين والوطن، وقد قطع الإسلاميون شوطًا مهمًّا في هذا الاتجاه، واحتلوا مكانتهم في قلوب الباكستانيين، حتى صاروا يرددون أنهم كانوا لا يرون أعضاء البرلمان في السابق وكانوا يتعاملون معهم بتعالٍ، أما اليوم فالأعضاء الإسلاميون يوجَدون في المجالس العامة والمساجد، ويعملون في المراكز الإسلامية التي تستهدف رعاية الفقراء وتقدم الخدمات للمعوزين.
وفي إقليم سرحد استطاع الإسلاميون إنشاء حكومة إسلامية مستقلة على مستوى وزرائها، نجحت في تطبيق الشريعة الإسلامية بالإقليم، واتخذت جملةً من القرارات المهمة ووضعتها موضع التنفيذ، مثل تعليم أبناء الإقليم بالمجان، وبناء جامعة مستقلة للطالبات، وتقديم خدمة صحية مناسبة، فضلاً عن دراسة المشكلات المختلفة وتقديم حلول حقيقية لها.


مواجهات ضد التغريب

كثيرة هي المشاريع غير الإسلامية التي تصدَّينا لها، بل وأحبطناها في مهدها، ومنها قضية تغيير المناهج الدراسية في الجامعات بضغط من الخارج، وكان الهدف من التغيير هو إلغاء المواد الإسلامية من المقررات الدراسية، وخاصةً الآيات والأحاديث النبوية التي تتناول قضية الجهاد في الإسلام، لكن الإسلاميين وقفوا بالمرصاد وأحبطوا هذا المخطط في شهر مارس الماضي، وقدموا أدلةً قويةً إبان دفاعهم عن المناهج التربوية.. الأمر الذي حدا بوزيرة التعليم العالي زبيدة جلال ووزير الإعلام رشيد أحمد أن يقفا في البرلمان ويقولا "نحن أخطأنا في المطالبة بتغيير المناهج والآن رجعنا عن أخطائنا"..!!
ومن المواجهات الأخرى مع المشاريع العلمانية أن حزب الشعب العلماني- بزعامة بناظير بوتو- طرح في البرلمان مشروعًا يتعلق بالمرأة وأطلق عليه زورًا "حقوق المرأة"، وقدمته 9 برلمانيات، منهن البرلمانيتان الشهيرتان نهيدة وشيري رحمان؛ للمطالبة بالمساواة بين الرجل والمرأة في الشهادة والميراث على غير أحكام القرآن الكريم، فضلاً عن المطالبة بتعيين القضاة والمناصب الرئيسة في الدولة، بالمناصفة بين الرجل والمرأة، وكانت الصعوبة تكمن في أن الحزب الحاكم وحزب بوتو وحزب المهاجرين القوميين في كراتشي قد تحالفوا معًا لتمرير هذا المشروع، لكن الإسلاميين استطاعوا الاحتجاج بالدستور الذي ينص على احترام التعاليم الإسلامية، وطالبوا الحزب الحاكم باحترام القوانين الإسلامية التي سبق للبرلمان إصدارها؛ مما دعا الحزوب الحاكم إلى الانسحاب من هذا التحالف وإعلانه رفض هذه التغييرات بناءً على طرح الإسلاميين.. هذه المواقف ينظر إليها الشارع الباكستاني بتقدير، ويعتبرها نجاحًا كبيرًا للتحالف الإسلامي.


سجن خان غير مفهوم

العالِم النووي عبد القدير خان
الإسلاميون يساندون عبد القدير خان، وقد احتجوا على ممارسات الحكومة ومنطقها في التعامل مع هذه القضية، وطالبوا بالإفراج عنه وزملائه؛ لأننا نؤمن بخطورة هذه القضية وتأثيرها السلبي على الأمن القومي الباكستاني، بل والأمن القومي الإسلامي..
فأمريكا تريد أن يبقى المسلمون ضعفاء ولا يمتلكوا قوةً للدفاع عن أنفسهم، ولستُ مبالغًا إذا قلت إن80% من الشعب الباكستاني يرفض موقفَ السلطة في هذه القضية، وقد استطاعت التظاهرات الباكستانية العارمة أن تحجم إقدام السلطة على مزيد من الخطوات التي تُرضي الأمريكان، بل إن ضغوط الشارع الباكستاني على الجنرال مشرف دفعت الأخير إلى إعلان العفو عنه، لكن بقاء خان وزملائه في السجن أمر غير مفهوم، والإسلاميون لن يتوقفوا عن ممارسة ضغوطهم حتى تنصاع السلطات العسكرية إلى رأي الشارع وتفرج عن خان، وتعلن صراحةً عن رفض الضغوط الخارجية.
الحكومة لم تكن موفقةً في هذه الأحداث، فقد شاب موقفها عدم الشروعية، وإقدامها على تعيين قبائل لمحاربة أخرى توجُّهٌ يرفضه الباكستانيون، والبرلمان لم يوافق على هذه التوجهات بعد أن شهدت المنطقة مجازر دموية راح ضحيتها عددٌ كبيرٌ من أبناء القبائل والجيش واللاجئين الأفغان، ورغم ذلك لم تقبض السلطات على أي شخص له علاقة بأعمال إرهابية، ولا توجد إثباتات أو دلائل تشير إلى ذلك، خاصةً أن قبائل وزيرستان برأت هؤلاء الذين تطاردهم أمريكا، وقالت "هؤلاء إخواننا.. تزوجوا منا وتزوجنا منهم، وهم موجودون منذ أكثر من 20 عامًا، ونحسبهم من أهل بلدنا، وهذه حقوق الإنسان المعترف بها عالميًّا"، أما الذي أشعل فتيل هذه الأحداث فهم الأمريكان والجنرال مشرف، والإسلاميون يؤكدون أن ما حدث هو قرار شخصي لا يعبِّر عن موقف البرلمان أو الجمهور الباكستاني.


ضد مشرف

  • كيف تديرون علاقتكم بالجنرال برويز مشرف، خاصةً أنه يقف في اتجاه معاكس لمشاريعكم وطروحاتكم؟
لقد أعلن برويز مشرف بعد الانتخابات أنه لن يتخلى عن ردائه العسكري قبل 5 سنوات؛ وبسبب احتجاجات الإسلاميين والديمقراطيين تراجَع عن موقفه وأعلن أنه سيتخلى عنه بعد عام واحد، وهذا يعتبر تغييرًا كبيرًا.
من المواقف الأخرى أن مشرف أعلن ذات يوم عن تمديد فترة خدمة قضاة المحاكم العليا- خاصةً الموالين له- فعارض الإسلاميون هذا التوجه، وضغطوا عليه في البرلمان حتى تراجَع عن قراره، وفي اليوم نفسه أحيل10 قضاة للتقاعد.
أيضًا كان مشرف يلوح دائمًا بأن من حقه إلغاء البرلمان بدعوى نظرية الضرورة، وكان هذا الإجراء متوقَّعًا في ظل تصاعد الأحداث الساخنة بالمنطقة، لكن الإسلاميين نجحوا في تغيير القانون وإلغاء حكم المحكمة العليا اللذين كانا يخوِّلانه هذا الحق.
وأصدر البرلمان صيغةً جديدةً تقول: إنه إذا اضطُّر رئيس البلاد إلى إلغاء البرلمان فعليه الرجوع إلى رئيس الوزراء المنتخَب من قِبَل البرلمان، والحصول على موافقته، وهذا بالطبع يحُول دون انفراد الرئيس بالقرار، وبعد موافقة رئيس الوزراء يجري عرض الأمر على المحاكم العليا خلال30 يومًا، وفي حالة إصدارها قرارًا بإلغاء البرلمان تُعقد انتخابات جديدة خلال90 يومًا.

المصدر