الفرق بين المراجعتين لصفحة: «نعيمة خطاب»

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
لا ملخص تعديل
لا ملخص تعديل
سطر ١: سطر ١:
{{مقالة غير مراجعة أعلام}}
'''نعيمة خطاب ... رفيقة درب المستشار [[حسن الهضيبي]] على طريق الدعوة'''
'''نعيمة خطاب ... رفيقة درب المستشار [[حسن الهضيبي]] على طريق الدعوة'''



مراجعة ١٣:٣٣، ٢ يونيو ٢٠١٠

مقالة-غير-مراجعة.gif


نعيمة خطاب ... رفيقة درب المستشار حسن الهضيبي على طريق الدعوة


كانت مع زوجها في الإسكندرية وقت إلقاء القبض عليه فجهزت الحقائب وأعدت الإفطار ثم ودعته بنظرات حانية مرددة قول الله تعالى: " فما كان جواب قومه إلا أن قالوا اقتلوه أو حرقوه فأنجاه الله من النار إن في ذلك لآيات لقوم يؤمنون" (24)(العنكبوت) جاءتها زوجة أحد الوزراء تطمئنها على لسان زوجها بأن جهودًا تُبذل لمنع محاكمة زوجها فقالت لها: "بلغي زوجك أن "حسن الهضيبي" ما تولى قيادة الإخوان المسلمين إلا وهو يعلم أن سلفه "حسن البنا" قد اغتيل علنًا في أكبر شوارع العاصمة، وما رضي الهضيبي بخلافته إلا وهو ينتظر هذا المصير.. وقد باع نفسه لله".


نشأتها

ولدت نعيمة خطاب (أم أسامة) في بيت كان مثالاً للسكينة والرحمة، في بيت شهد أركانه وكل جزء فيه بعظيم قاطنيه وفضلهم، فقد كان والدها الشيخ محمد خطاب أحد علماء الأزهر الشريف، وفي ذلك يذكر المستشار محمد المأمون الهضيبي: "الحمد لله.. البيت كان مثالاً للسكينة، والأم كانت مثالاً للأدب والأخلاق، وكان الوالد يحترمها احتراماً كبيراً أورثنا أن نكون دائماً تحت أرجلها، كانت العلاقة بينهما متينة جداً. غير أنها لم تكمل تعليمها رحمها الله..


حصلت على التعليم الأولي، ولكنها أكملت تعليم نفسها، بل تعلمت اللغة الفرنسية.. لقد ارتقت بنفسها كثيراً.. كانت تتحدث الفرنسية.. وفي الوقت ذاته تقرأ القرطبي وابن حزم وكتب التفسير".


وتقول السيدة علية حسن الهضيبى (الابنة الصغرى لأم أسامة): "أما والدتى فكانت يرحمها الله نوعية فريدة من السيدات، كانت تملك مقومات فائقة من الشجاعة وحسن التصرف، فواجهت الأحداث التي تمر بنا وبالإخوان بحزم وصبر وفطنة، وكانت تتصرف بوعي تلقائي وبصورة عملية في مواجهة هذا الكم الهائل من المشاكل والمحن. وبعد القبض على الإخوان أمرت النساء أن يعملن في بيوتهن من حياكة وتطريز ومشغولات وبيعها حتى يستطعن توفير القوت لبيوتهن في غيبة أزواجهن خلف القضبان".


تزوجت السيدة نعيمة من المستشار حسن الهضيبى ، ورزقها الله بخمسة من الأولاد هم: محمد المأمون وإسماعيل وخالدة وسعاد وعلية، وضربت المثل الصالح كزوجة وكأم وكمجاهدة في حقل الدعوة وكصابرة على المحن والابتلاءات، وكانت تمتاز بنبل المشاعر، ورقة العاطفة، ورهافة الحس، وكانت شجاعة ثابتة قدمت النموذج الطيب في الجد وقوة الإرادة، والهمة العالية.


طبعت بيتها بالطابع الإسلامى في آدابه، وعاداته، وصاحبت زوجها في تنقلاته فكانت نعم السند، كما أنها عاشت أياماً قاسية، حرمت فيها من زوجها وأبنائها الذين اختفوا خلف قضبان السجون في عهد عبدالناصر، ومع ذلك أعطت المثل الحسن في حسن التبعل والتحبب والعشرة مع زوجها، وكانت نعم الأم مع أبنائها وقت الأزمات.


في ركب الدعوة.. رباطة الجأش والشجاعة

التحق المستشار الهضيبى بركب دعوة الإخوان أوائل أربعينيات القرن العشرين عن طريق مجموعة من شباب الإخوان في بلدة عرب الصوالحة (بمحافظة القليوبية في دلتا النيل)، وفي هذا الصدد يقول عن الشيخ حسن البنا: "عرفته أول ما عرفته من غرس يده، كان كالجدول الرقراق الهادئ ينساب فيه الماء لا علو ولا انخفاض، يخاطب الشعور فيلهبه، والقلب فيملؤه إيماناً، والعقل فيسكب فيه من المعلومات ألواناً".

وقد سارت السيدة الفاضلة على خطى زوجها، فعملت على شد أزره، وحفظ سره الذي ظل لا يعرفه إلا القليل من كونه عضوًا في الإخوان المسلمين حتى صار مرشداً عاماً للجماعة، بعد اغتيال الإمام البنا، وهي متحفظة لا تبوح بذلك السر أبداً.


ساهمت مع زوجها في شراء دار المركز العام للإخوان المسلمين في الحلمية الجديدة عام 1944م، كما أنها آزرت المجاهدين في نجدة فلسطين، ووضعت البيت تحت تصرف الدعوة.


كما شاركت في العناية بأسر المعتقلين من الإخوان المسلمين، وتدعيم الثقة بالله في نفوسهم، وقد أدركت أن الواجب يحتم عليها أن تجاهد بما في وسعها وطاقتها من أجل نصرة الحق، وكانت مثالاً في التضحية والصبر. فبعد حادثة المنشية في 26 أكتوبر 1954م كانت مع زوجها في الإسكندرية وقت إلقاء القبض عليه، فصبرت واحتسبت، بل جهزت الحقائب وأعدت الإفطار لزوجها ثم ودعته بنظرات حانية بها إشراقات أمل، ومع كلمات الوداع قالت الزوجة المؤمنة الصالحة: "لا تهتم.. الله معك"، ثم قرأت الآية الكريمة: "فما كان جواب قومه إلا أن قالوا اقتلوه أو حرقوه فأنجاه الله من النار إن في ذلك لآيات لقوم يؤمنون"24 (العنكبوت).

كما كانت الصابرة المحتسبة وقت اعتقال أبنائها، وبعد الحكم على زوجها بالإعدام، وبعد أن خفف الحكم للمؤبد. فما كانت إلا شاكرة حامدة، واستمر سيل البلاء وأصيب بالذبحة الصدرية، كل ذلك وهي تواسيه وتدعو له مخلصة.


لقد ثبتت حين تصدت للظلم، وكانت بسلوكها أسوة وقدوة تُحتذى، فقد جاءتها زوجة أحد الوزراء تطمئنها على لسان زوجها بأن صحة فضيلة المرشد جيدة، وتبلغها بأن جهودًا تُبذل لمنع محاكمته أمام محكمة الثورة وما وراءها من مصير. أدركت "أم أسامة" بذكائها ما تصبو إليه قائلة: "أتريدين تذكيري بأن الأحكام تصدر من قِبَل المحكمة، وبأن الحكم المتوقع هو الإعدام؟ اسمعي مشكورة، وبلغي زوجك السيد الوزير أن "حسن الهضيبي" ما تولى قيادة الإخوان المسلمين إلا وهو يعلم أن سلفه "حسن البنا" قد اغتيل، وأُهدر دمه علنًا في أكبر شوارع العاصمة، وما رضي الهضيبي بخلافته إلا وهو ينتظر هذا المصير، وقد باع نفسه لله".


ومن مواقفها الخالدة الدالة على الفهم السليم المتسم بالشجاعة أنها ذهبت إلى السجن لزيارة زوجها، ومعها بعض المأكولات والملابس، فتقدم أحد الضباط للتفتيش كأنه يقود حملة حربية فقالت له: "يا بني، إن مكانك ليس هنا وليست هذه مهمتك. إن مكانك الطبيعي هي جبهة القتال، ومهمتك حمل السلاح لدفع العدو وتخليص الوطن من عار الاحتلال وليس تفتيش الخبز والبطاطس وغيرها"، فخجل الضابط وانصرف وهو يقول لها: هذا حق يا سيدتي.


محن ومنح

كانت حياة السيدة الفاضلة محنًا ومنحًا من الله، فقد ابتُليت بفقد زوجها وأبنائها خلف القضبان، كما أنها لم تسلم من تذوق مرارة السجون، حيث اعتُقلت واضطهدت في بعض مراحل المحنة فكانت تختلي بربها تناديه وتناجيه، وكان البلاء الأعظم عليها يوم وفاة زوجها في 11نوفمبر 1973م.. شهادات الناس.. أقلام الحق


مواقف رائعة

يقول عبد الحكيم عابدين السكرتير العام لجماعة الإخوان المسلمين "سابقاً" عنها: ذهبت للإسكندرية لرؤية المرشد العام وصحبت معي أختي لعرضها على الأطباء وكانت ريفية وأثناء عودتنا قالت: يا أخي من أي طينة امرأة الهضيبي هذه؟ أهي من طينة الملائكة؟ ليس فيها من طبائع البشر شيء، فقد كانت تبالغ في التحبب إلى زوجها فلا تتلقاه في الضحى بثياب الصبح، ولا في العصر بثياب الظهر، وكانت تنشط لتوديعه حين يخرج وتتأهب لاستقباله حين يرجع بأعذب ما يصنع عروسان متوافقان.


منذ بدأت المحنة الثانية ضد الإخوان في عهد عبد الناصر عام 1965م والسيدة المجاهدة لم تتوقف عن جهادها بقلب عامر بالإيمان، فقد كانت تحمل في زيارتها لمعتقل السجن الحربي حين سُمح بالزيارة عشرات البيجامات للإخوة المعتقلين الذين مزقتهم سياط الجلادين، وفي أثناء محاكمات 1965م وأثناء محاكمة المستشار المأمون الهضيبي صاحت السيدة الفاضلة في قاعة المحكمة: أليس من نكد الدنيا أن يحاكم ابني الذي رفض أن يشتم عبدالناصر من إذاعة "إسرائيل" وهو أسير في الوقت الذي استجاب قاضي هذه المحكمة الدجوي الذي يحاكم ابني لرغبة "إسرائيل"؟!


يقول "عبد الحكيم عابدين" عنها: لقد كانت تؤثر الدعوة على راحتها الشخصية، فعندما اختيرت لقيادة قسم الأخوات كانت دعوة ناطقة بسلوكها، فضلاً عن حركتها الدؤوب...".


ويذكر عبد الحكيم عابدين أنه عندما سافر الأستاذ الهضيبي عام 1954م للسعودية وبلاد الشام جاء سائق السيارة التي خصصها مكتب الإرشاد للمرشد دون غيره يسألني: ما يصنع بالسيارة؟ فأمرته بوضعها تحت تصرف السيدة حرم المرشد العام، غير أن السائق سرعان ما عاد وقال: السيدة لم تقبل السيارة؛ لأنها لا حاجة لها، وتقول: لا حق لها في استعمالها، فأمرت السائق بالعودة إليها، ووضع نفسه والسيارة رهن تصرف السيدة الفاضلة، غير أنه اقترح أن ننهي الأمر معها بالتليفون، حتى لا يتكبد مشقة الذهاب والمجيء، فوافقت واتصلت بها لإقناعها بقبول السيارة، فما كان منها إلا أنها قالت: السيارة مخصصة للمرشد العام بصفته لا لحسن الهضيبي بشخصه، فإن غاب المرشد العام فلا حق لأحد من أهله أن ينتقل بها لبضع خطوات، وأثناء تنقلاتي لتفقد الشُعب سأرسل لك جدول المواعيد، فإذا اعتُمد أَرسل السيارة، وفى غير ذلك فلا.


وعندما توسط الملك سعود بن عبدالعزيز لدى عبدالناصر لتخفيف حكم الإعدام عن المرشد العام، أرسلت السيدة أم أسامة خطاباً للملك موقعاً باسمها وأسماء بناتها قالت فيه: "يا جلالة الملك، إننا إذ نشكر كريم عاطفتك نؤكد أننا على عهد الدعوة وميثاق الجهاد، وسواء استشهد الهضيبي أم طالت به حياة فلن تقف عجلة الصراع، إنه في الواقع ليس صراعاً بين الهضيبى وعبد الناصر، ولا بين الإخوان والثورة، ولكنه الصراع الأزلي الأبدي بين الحق والباطل، بين الإيمان والكفر، بين الهدى والضلال، بين جند الله وحزب الشيطان، وسيظل لواء الدعوة مرفوعاً وعملها موصولاً، ولو ذهب في سبيله آلاف الشهداء، من رجال ونساء، حتى تعلو كلمة الله، ليحق الله الحق ويبطل الباطل ولو كره المجرمون".


وفاتها

وظلت السيدة أم أسامة مثالاً للسكينة والوفاء والصبر والاحتساب حتى لقيت ربها راضية مرضية في 9 مارس 1976م الموافق ربيع الأول 1396ه بعد حياة حافلة بالجهاد والصبر.

ولقد سجلت في مواطن البأس والضراء من ضروب الجلادة والصمود ما لم تألفه العصور الحديثة من عزائم الأبطال.


المراجع

1 محمد عبد الحكيم خيال، ومحمود محمد الجوهري: الأخوات المسلمات وبناء الأسرة القرآنية، الطبعة الثانية، دار الدعوة، شعبان 1413ه - يناير 1993م.

2 عبد الفتاح المحروقي: في صحبة المرشد العام الإمام حسن الهضيبي، دار التوزيع والنشر الإسلامية، 1989م.

3 مجلة الاعتصام، العدد 7، السنة 38، ربيع الأول 1396ه - مارس 1976م.

4 حوار مع المستشار المأمون الهضيبي، مجلة المجتمع، 12،5-4-2003م.

5 فؤاد الهجرسي: الإمام الشهيد حسن البنا حامل لواء الدعوة في القرن العشرين، دار الطباعة والنشر الإسلامية، 1999م.

6 أسعد سيد أحمد: الإسلام والداعية (الإمام المرشد حسن الهضيبي)، الجزء الأول، دار الأنصار1977م.

7 جمعة أمين عبد العزيز: أوراق من تاريخ الإخوان المسلمين، الكتاب الخامس، دار التوزيع والنشر الإسلامية، 2005م.


المصدر : مجلة المجتمع 28/04/2007