هل يكون الإنقلاب المشؤوم من إرهاصات نهاية حكم آل سعود

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
هل يكون الإنقلاب المشؤوم من إرهاصات نهاية حكم آل سعود

بقلم : أحمد سليم

(03/04/2014)


يسهل على أى مراقب أن يرصد تلك الشيخوخة التى بدأت تسرى فى جسد النظام السعودى منذ فترة ليست بالقليلة والتى أوشكت أن توصله إلى مرحلة الخرف السياسى وقد لا يكون مبالغاً من يطالب العلماء أصحاب الدراية بالواقع أو من تبقى من العقلاء بهذا النظام تدارك الموقف أو الحجر على هذه المجموعة التى تسيطر على القرار السياسى السعودى , فلو أن أعدى أعداء آل سعود أراد أن يكيد لهم أو يمكر بهم ما فعل بهم أكثر مما فعلوه بأنفسهم ولاسيما فيما يختص بالسياسة الخارجية ويمكن فى عجالة الإشارة إلى ثلاث ألغام قاتلة يمكن أن تنفجر فى وجه النظام السعودى إذا لم يتم تدارك الأمر وعلى وجه السرعة .

أولاً : لقد أصل الفقه السعودى وتبنت المدرسة السلفية السعودية " التى ترعاها المملكة " مبدأ وجوب طاعة الحاكم وعدم جواز الخروج عليه كفكرة مجردة دون نظر أو اعتبار لأى اجتهادات أفرزتها التطبيقات الخاطئة لهذا المبدأ على مر العصور فى تاريخ الأمة وفضلت تلك المدرسة تكريث حالة الجمود التى عانى منها الفقه السياسى الإسلامى أو ماعرف بالسياسة الشرعية وتبعهم فى ذلك بعض فصائل الحركة السلفية المرتبطة بالنهج السعودى فى مصر ثم فجأة ودون أى مقدمات تتبنى المملكة فكرة الخروج على الحاكم المسلم الذى يسعى إلى تطبيق الشريعة وتدعم انقلاباً عليه وتسعى لتثبيت أركانه وتبذل الأموال لتمكينه بل ربما يذهب البعض إلى ما هو أبعد من ذلك ويعتبر النظام السعودى شريكاً فى كل ما ارتكب من جرائم وما أريق من دماء وما انتهك من أعراض حتى أن بعض أسر الشهداء لم تخف رغبتها فى توجيه الإتهام إلى بعض أركان النظام السعودى فى قضاياهم المرفوعة أمام المحكمة الجنائية الدولية باعتبار أن كل ما ارتكب الإنقلاب من جرائم تم بدعم وتمويل سعودى ..والسؤال الذى يطرح نفسه : كيف لعلماء المملكة مجتمعين أن يتمكنوا من إقناع أجيال جديدة من الشباب السعودى باستمرار قبولهم العيش فى كنف هذا النظام الذى تكلس على مقاعد الحكم ويعانى من شيخوخة وعدم الخروج عليه بينما ثورات الشعوب تتفجر من حولهم وتحقق انتصارات مبهرة ولسوف تصبح فكرة أننى أستحق أن أصبح حاكما فضلاً عن أن أكون ملكاً لمجرد أننى أنتمى لأسرة آل سعود فكرة رجعية شديدة التخلف وتخاصم الشريعة باعتبارها ملكاً عضوضاً وستصبح قضية الإنعتاق من هذا النظام حلم يراود كل شاب فى المملكة والثورة دائماً تبدأ بحلم لا يلبث أن يتحول إلى كابوس مروع يطارد كل من يقف أمام حركة التاريخ , الناس كانوا يعتبرون طاعة أولى الأمر فى المطلق ديناً ثم أثبت آل سعود أنه أمر يخضع للإجتهاد والمصلحة وأحلوا الشباب من أكبر قيد كان يكبلهم فيما مضى .

ثانيـــــاً : لقد قدم آل سعود أنفسهم للشعب السعودى بل للأمة الإسلامية كلها باعتبارهم حاملين لواء التوحيد قاهرين الشرك والمشركين وناصرى السنة وقامعى البدعة وسدنة البيت ثم فجأة وبدون أى مقدمات يدعمون نظاماً انقلابياً كان القرار الأول الذى أصدره هو غلق جميع القنوات الدينية الإسلامية بما فيها قنوات تخص بعض المشايخ المقربين من المملكة وفى نفس الوقت ترك القنوات الدينية المسيحية التبشيرية تعمل دون أى قيود حتى لو أساءت إلى الإسلام ونبيه وصحابته ولتتوحد المملكة مع الكنيسة فى دعمها لهذا الإنقلاب الذى أطاح بكل ما هو إسلامى فى مصر ثم قام بتمكين العلمانيين من الحكم وأطلق يدهم فى الإعلام والثقافة والتعليم ليغيروا ثقافة الأمة وهويتها ودستورها بدعم سعودى كامل والسؤال الذى يطرح نفسه هل يمكن أن تصمد ادعاءات المملكة بعد اليوم بأنها حامية حمى الإسلام أمام هذه التصرفات الحمقاء ؟ كيف ستفسرون للشباب السعودى موقفكم بعد أن تنجلى الأزمة ويندحر الإنقلاب ويتصدى الكتاب والباحثون لموقف المملكة من الأزمة بالبحث والتحليل..لابد أن تدركوا أن الشباب لم يعد يثق فى علماء السلطة وإنما تتشكل قناعات الشباب عبر المخلصين من علماء الأمة الذين يصدعون بكلمة الحق لا يخشون فى الله لومة لائم ولكم هو مؤلم على النفوس أن يصبح آل سعود فى نظر الأجيال الجديدة من الشباب حرباً على الإسلام موالين لأعداءه بعد أن صنع الملك فيصل رحمه الله تاريخاً رفع المملكة فى نظر الأمة طوال العقود الماضية .

ثالـــثاً : لا يخفى على أحد أن أطماع إيران تتجاوز حدودها إلى فكرة استكمال الهلال الشيعى الممتد من جنوب أفغانستان حيث حزب الوحدة الشيعى ومروراً بالعراق الذى تخلت فيه السعودية عن السنة وتركتهم فريسة للشيعة بعد أن عبث برايمر بالتركيبة الديموجرافية فمكنهم الأمريكان من حكم العراق ومروراً بسوريا ذلك الجرح النازف والمعركة التى تدخلها إيران بثقلها البشرى والعسكرى ثم لبنان والدور المشبوه الذى الذى يقوم به حزب الله والذى يتسع نفوذه يوماً بعد يوم على حساب السنة والسؤال الذى يطرح نفسه أيضاً : أين الدور السعودى فى مقاومة وعرقلة تشكل هذا الهلال الشيعى بعد تخليها عن السنة فى العراق ثم تدعيمها للسيسى ذلك الإنقلابى حليف بشار الأسد الذى يقدم له الذخائر التى تقتل الشعب السورى وحلفاؤه القوميون الذين يمكنهم من الحكم وهم يعتبرون أن بشار رمز المقاومة والممانعة وهو لم يطلق رصاصة واحدة تجاه العدو الصهيونى منذ مولده..من حق أى مراقب منصف أن يتسائل هل هى فعلاً مرحلة الخرف السياسى التى تجعل النظام السعودى يشارك فى إزاحة رئيس أعلن موقفه المعادى لبشار ونظامه الطائفى من أول يوم وبادر باتخاذ إجراءات على الأرض وقام باحتضان اللاجئين السوريين وأمر بمعاملتهم كالمصريين وكانت زيارته لإيران باعتبارها لاعباً رئيسىاً فى حل الأزمة السورية ليس أكثر ؟ مالكم كيف تحكمون ؟ هل يمكنكم أن تعتبوا على النظام القادم إذا اتجه صوب إيران وتركيا وتجاهل الدول التى دعمت الإنقلاب إذا كان مبدأ المصالح الضيقة هو الذى يسود ؟ الهوة تكبر والخرق يتسع بين مصر الثورة ونظام آل سعود ويبدوا أنهم هم الذين اختاروا .

النتـــائـج :

ــ لقد سعى مرسى بعد انتخابه إلى المملكة يخطب ودها ويعلن تقديره لبقعة عزيزة على قلب كل مسلم فكانت أول زيارة خارجية له لتوصيل رسائل ثلاث أخطأت المملكة فى استقبالها !!

الرسالة الأولى : أن مصر الثورة تعتز ببلاد الحرمين وتعتبرها عمقاً استراتيجياً لها أوجزءاً من أمنها القومى وأن مصر الثورة تعتبر أن الدفاع عن المملكة ضد أى تهديدات هو واجب شرعى وإسلامى قبل أن يكون تعبير عن مصالح أو روابط .

الرسالة الثانية : أن مصر الثورة مشغولة بنفسها ومهمومة بمشاكلها ولا تتدخل فى الشئون الداخلية لأى دولة

الرسالة الثالثة : أن آفاق التعاون بين أكبر قطرين عربيين شقيقين رحبة وخصوصاً أن حجم التحديات التى تواجه الأمة كبيرة

لقد فشلت المملكة فى التعاطى مع لحظة فارقة فى تاريخ الأمة وميلاد جديد بل وتآمرت على الثورة وإذا لم يتم تدارك هذا الخلل ويتم اتخاذ اجراءات تصحيحية وفورأ فربما كان هناك ثمناً باهظاً يجب أن يدفع " كماهى قرائتى للأحداث " ويمكننى إيجاز النتائج المتوقعة فى الآتى :ــ

1ــ سيصبح النظام السعودى والأسرة المالكة تحديداً هدفاً للثوار بعد زوال الإنقلاب وستطرح فكرة تصدير الثورة نفسها بقوة على ثوار تمكنوا من الإنتصار على حلف كبير يضم السعودية والإمارات وأمريكا والإتحاد الأوروبى وإسرائيل مما سيعطيهم طاقة معنوية جبارة وبذلك سيضع الشباب نظام آل سعود فى خانة العداء ولن تكون هناك أى اعتبارات من تلك التى كانت فى عقل مرسى وهو يزور المملكة بل ربما يتغير المزاج الثورى ليستبدل حكمة الإخوان ووسطيتهم بزعامة جديدة لا تقف طموحاتها عند حدود مصر وحينئذ ستصبح فكرة تصدير الثورة سياسة دولة لا مجرد حماسة شباب

2ــ لن يظل موسم الحج كعهد آل سعود به ..فلينس آل سعود هؤلاء العجائز الذين يفدون إلى المملكة لتأدية الشعيرة ويستعدون لاستقبال طقوس ثورية لم يألفوها وستبدأ المطالبات برفع يد آل سعود عن مقدسات هى ملك للأمة كلها ولسوف يحطم الشباب سياسة تكميم الأفواه ولسوف يخطبون ويهتفون وحينئذ ستكون أبواباً قد فتحها آل سعود على أنفسهم ومن الصعب أن يغلقوها .

3ــ فساد الأسرة الحاكمة رائحته تزكم الأنوف وحكايات الأمراء والأميرات المسكوت عنها والتى تملأ الفضاء الإليكترونى مسجلة بالصوت والصورة والأموال والسفه فى الإنفاق ووجوب الضرب على يد السفيه بل والحجر عليه والمال هو مال الله كما هو مقرر فى الفقه الإسلامى وزكاة الركاز وحق الشعوب الفقيرة والأقليات المسلمة ..لسوف تنفجر فى وجه آل سعود ألف مشكلة ولن يقيم الشباب وقتها وزناً أو يحسبوا حساباً لأحد ولا أدنى تقدير لمن وضعوا أنفسهم فى خانة أعداء الإسلام وحلفاء العلمانية والكنيسة .

الفرصة الأخيرة :

لقد أوشك الإنقلاب على التهاوى أمام صمود الثوار وبدأت المواقف الدولية فى التغير وآخرها كانت تصريحات كيرى التى أدانت الإنقلاب لأول مرة إدانة صريحة والبيان الذى أصدره مجموعة من المثقفين وشخصيات دولية هامة على رأسهم ناعوم تشومسكى إلى الرئيس أوباما لمطالبته بأن يقف فى المكان الصحيح من التاريخ وإذا لم يبادر آل سعود بالوقوف فى المكان الصحيح من التاريخ وتغيير موقفهم وبشكل إيجابى ليكفروا عن أخطائهم فى حق الثورة والثوار قبل سقوط الإنقلاب فسيكون هذا اختيارهم وستثبت الأيام أن نتائجه على آل سعود ستكون كارثية أما لوأدركوا أنفسهم وغيروا موقفهم فعليهم استكمال ذلك بإجراء تغيير موسع يستبدل العقل المخابراتى بعقل سياسى كان البعض يظن أنه قد بدأ باستبعاد الأمير بندر ولكن يبدو أن سنن الله ماضية والتاريخ لا يقف عند مشهد ويكتب كلمة النهاية .

المصدر