هل يكون دم الرنتيسي قربانـًا لإرضاء "إسرائيل" ..؟!!

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
هل يكون دم الرنتيسي قربانـًا لإرضاء "إسرائيل" ..؟!!

بقلم: الأستاذ عادل أبو هاشم

كاتب وصحفي فلسطيني - الرياض

في هذا الزمن الرديء التي تبدو فيه نوافذ الاستسلام مشرعة في أماكن كثيرة، عن عجز في بعض الحالات، وعن تصميم وإرادة وانحراف في حالات أخرى ..!!

هذا الزمن الذي تتجسد فيه التراجعات بالممارسة اليومية على الأرض، وعبر التصريحات والخطب التي تلقى هنا وهناك بالدعوة للاستسلام والتسويات وأنصاف الحلول، وتفتح فيه الجسور أمام الأعداء لاقتحام الأوطان ..!!

في هذا الزمن الذي أصبح فيه الجهاد جريمة، والمجاهدون الذين يدافعون عن أرضهم وعرضهم وشعبهم إرهابيين وقتلة وخارجين عن القانون، ورابين " شهيد السلام" ..!!

في هذا الزمن الذي بلغ فساد الإدراك وغياب الحس السليم مداه ، وأصبحت المعايـير مقلوبة ووسيلة من وسائل العجز والهزيمة ..!!

في هذه الأيام التي يستوي فيها أصحاب المبادئ والقيم والقضايا الوطنية بالتجار و المزاودين والدجالين الذين يعبثون بالوطن وشرف الوطن وكرامة الوطن ..!! لم نعد نفهم الكثير مما يقرأ أو يسمع من تصريحات وبيانات ومواقف تصدر من الأراضي الفلسطينية المحتلة خاصة بعد قضية قتل العقيد راجح أبو لحية!

فقد جاء في الأخبار أن السلطة الفلسطينية قد حكمت على أحد العملاء المدعو وليد حمدية بالإعدام لدوره في قتل بعض قادة وكوادر حماس، مع العلم أن هذا العميل معتقل لدى الأجهزة الأمنية الفلسطينية منذ أكثر من سبع سنوات، وعائلته قد تبرأت منه وطالبت السلطة بتـنفيذ حكم الإعدام فيه! واستغل بعض المتـنفذين في السلطة هذه القضية لشن حملة ضد حركة حماس في محاولة لتشويه جهاد ونضال هذه الحركة، وكأن إلقاء القبض على عميل يعمل داخل إحدى فصائل المقاومة يشين هذا الفصيل ..!!

وللتاريخ فإن حركة المقاومة الإسلامية حماس قد تعرضت للأذى والتشويه ولحملات محمومة ومشبوهة من قبل بعض المتـنفذين في السلطة لتشويه جهادها وقادتها ورموزها وشهداءها وذلك منذ دخول السلطة الفلسطينية أراضي الحكم الذاتي في تموز/ يوليو 1994، كما لم يتعرض له فصيل آخر وسط تعتيم إعلامي شامل بلغ أحيانـًا حد التواطؤ بذريعة "الحفاظ على الوليد الفلسطيني" وعدم التشويش على مسيرة التسوية ..!! ،

وحاول البعض - فلسطينيـًا وعربيـًا ودوليـًا - التشويه بالحركة إعلاميـًا بعد فشل القضاء عليها عسكريـًا، حيث دأبت بعض وسائل الإعلام من الصحف والمجلات التي تمتهن الارتزاق على نكبات شعبنا الفلسطيني باختلاق بيانات مدسوسة باسم الحركة ومعلومات كاذبة، ونشر تقارير أجهزة السلطة الأمنية بما فيها من كذب وتضليل وافتراءات ضد حركة حماس ورموزها ، وادعائها بنجاح الاستخبارات "الإسرائيلية" في اختراق الحركة بعد كل عملية اغتيال لأحد قادتها ، على أنها عمل صحفي متميز قام به أحد الصحفيين !!

ولم يقل لنا أحد من هؤلاء السلطة الفلسطينية كيف تم قتل أكثر من خمسين مسؤولاً وكادراً فلسطينياً منذ عام 1972 إلى عام 1992 بدءاً باغتيال غسان كنفاني في بيروت إلى عاطف بسيسو في أثينا، مروراً بمحمود الهمشري في باريس و أبو يوسف النجار وكمال عدوان وكمال ناصر في بيروت، وسعيد حمامي في لندن، .

وماجد أبو شرار في روما، ومحاولة اغتيال أبو داوود في وارسو، واغتيال سعد صايل في البقاع، وعصام سرطاوي في ليشبونة، ومحمد طه في ألمانيا، وحنا مقبل في نيقوسيا، وفهد القواسمي في عمان، ومنذر أبو غزالة ومأمون مريش في أثينا، وناجي العلي في لندن، وأبو حسن قاسم وباسم التميمي ومروان كيالي في ليماسول، وخليل الوزير في تونس، وصلاح خلف "مسؤول الأمن الموحد" وهايل عبد الحميد "مسؤول الأمن المركزي" وفخري العمري في تونس أيضـًا، .

ولم نسمع من هؤلاء المأجورين أو من منظري أوسلو - وهم بالمناسبة يعرفون من قتل أصحاب الأسماء السابقة - لم نسمع منهم في تلك الأيام أي شيء عن الاختراق "الإسرائيلي" الذي كان ينخر في أجهزة الثورة حتى النخاع، بل كنا نسمع تهديدات بالثأر لدم الشهيد (وأبشر بطول سلامة يا مربع)!!

حتى في ظل انتفاضة الأقصى الحالية فعشرات من قادة وكوادر كتائب الأقصى قد قتلوا على أيدي أو بمساعدة العملاء بدءًا من حسين عبيات مرورًا بجمال عبد الرازق وعاطف عبيات ورائد الكرمي ومهند أبو الحلاوة حتى اغتيال الشهيد محمد عبيات قبل أيام معدودة أمام كابينة تليفون .!

ولم يشكك أحد في كتائب الأقصى التي قدمت قوافل الشهداء والجرحى في سبيل الوطن.

ولا ننسى ما كشفه اللواء موسى عرفات مدير جهاز الاستخبارات العسكرية الفلسطينية عن اعتقال ثمانية عشر من أخطر العملاء معظمهم من العسكريين نفذوا وساعدوا في تـنفيذ العديد من عمليات الاغتيال بحق مطلوبين فلسطينيين في الضفة الغربية!

ولم يشكك أحد في الأجهزة الأمنية الفلسطينية رغم ذلك.

حتى عميل الموساد "الإسرائيلي" عدنان ياسين الشخص الثاني في مكتب منظمة التحرير في تونس الذي قدم خدمات جليلة للمخابرات "الإسرائيلية" طوال ثلاث سنوات من عمله في تونس كنائب للسفير حكم بلعاوي ، لم يتهم أحد منظمة التحرير بأنها مخترقة من العملاء حتى النخاع ..!!

خبر آخر تـناقلته وكالات الأنباء عن لقاء بين قادة أجهزة أمنية فلسطينية ومسؤولين في جهاز الشاباك الصهيوني لوضع خطة لاغتيال الدكتور عبد العزيز الرنتيسي الناطق باسم حركة حماس في فلسطين ، وذلك للتخلص من أحد أبرز قادة حماس في الأراضي الفلسطينية ، وكذلك ضرب الحركة كتـنظيم .!

وانتظرنا أيام عديدة لصدور نفي من قبل الأجهزة الأمنية الفلسطينية لذلك، ولم يصدر النفي، وكأن هذه الأجهزة قد اتفقت جميعها على اغتيال المجاهد الدكتور عبد العزيز الرنتيسي .!

وكأن قادة هذه الأجهزة قد حققوا مقولة ناجي العلي " ما هو المدهش في الأمر ...عندما يتخلى المرء عن كونه فلسطينيـًا فيجب أن نتوقع منه كل شيء ..!!".

يحق لنا أن نصاب بالذهول إن لم يكن بالسكتة الدماغية لما وصلت إليه الأجهزة الأمنية الفلسطينية من التخلي عن الثوابت الفلسطينية ، حتى أصبحت هذه الثوابت في نظر قادة الأجهزة الأمنية هي ضرب حركات المقاومة والتآمر على قتل قادتها ..!!

كيف وصلت الجرأة بالمتآمرين على شعبنا وقضيتـنا وثوابتـنا تقديم دم طبيب الأطفال عبد العزيز الرنتيسي "رهين المعتقلات "الإسرائيلية" و"السلطة الفلسطينية" قربانـًا لإرضاء العدو الصهيوني ..؟!

لقد وصلت بهم الجرأة عندما صمت الشعب عن ممارستهم وتـنازل عن الكثير من حقوقه تحت مقولة "المرحلة التاريخية البالغة الصعوبة من تاريخ قضيتـنا ..!!" .

لقد تـنازلنا وسكتـنا من أجل الوطن حتى غضب الوطن من تـنازلنا وسكوتـنا ..!!

لقد تـنازلنا عندما وافقنا على أوسلو التي شرذمت وشتت الشعب والأرض وفصائل المقاومة!

وتـنازلنا عندما رضينا بأجهزة أمن تعدادها يفوق عدد اللواءات والعمداء ، وأصبحت وسيلة في أيديهم لجمع الأموال والثروات!

تـنازلنا عندما سمحنا لمن لا يملكون أي تاريخ نضالي أو وطني أن يتقلدوا المناصب الكبيرة ويسكنوا القصور ويكون لهم ولأقربائهم الأولوية على الشعب!

تـنازلنا عندما جمعنـا السلاح، واعتقلنا المناضلين، وسمحنا لبقاء الفوضى ترتع وتلعب في كل أجهزة السلطة، ورفضنا كل الدعوات لتطبيق الديموقراطية أو تشكيل حكومة وحدة وطنية!

تـنازلنا عندما فرطنا في حق العودة للاجئين ، وسمحنا لأحد أزلام السلطة بالبحث عن مفتي يحرم الانتفاضة والعمليات الإستشهادية!

تـنازلنا عندما ألغينا الميثاق، وأصدرنا بيانات تدين العمل النضالي والاستشهادي، وتتناغم مع المطالب "الإسرائيلية" والأمريكية بتسفيه وتشويه النضال ، وتسمية النضال إرهابـًا والمناضلين قتلة!

تـنازلنا عندما سمحنا للعملاء والخونة أن يعيشوا بيننا وأن يعملوا في أجهزة السلطة!

تـنازلنا عندما جعلنا من بعض العائلات عائلات ملكية، حيث يحق للفرد منها حتى ولو كان أميـًا ما لا يحق لأبناء الشعب من حملة الشهادات العليا!

وتـنازلنا عندما أعطينا الأذن أو سكتـنا ونحن نرى كبار رجال السلطة يوظفون نساءهم وأبناءهم وبناتهم وأقرباءهم وأنسباءهم والبقية الباقية من عائلاتهم فيحصلون على عشرات الرواتب تاركين البطالة للآخرين من أبناء الشعب!

تـنازلنا عندما سكتـنا عن اعتقال قادة ورموز المقاومة في المعتقلات الفلسطينية، وما رافق هذا الاعتقال من إهانة وإذلال!

تـنازلنا عندما سمحنا لبعض مسئولي الأجهزة الأمنية بإطلاق الرصاص وقتل أبناء شعبهم!

ولكن منذ الآن لن نتـنازل عن كل قطرة دم فلسطينية، وعن كل حبة رمل امتزجت بالدم الفلسطيني الطهور، ولن يكون دم عبد العزيز الرنتيسي قربانـًا على مذبح الذين سرقوا الأرض والوطن والماضي والمستقبل، وحرموا الأطفال طفولتهم، والشباب عنفوانهم، وحرموا السعادة من عيون الملايين من أبناء فلسطين، ولن نسمح للمتآمرين والخونة بالتآمر على دم عبد العزيز الرنتيسي الذي يقف شامخـًا صامدًا في وجه كل المتآمرين والعملاء.

إن عبد العزيز الرنتيسي لا يخشى الاستشهاد في سبيل الله والوطن، فهو يعلم تمامـًا أن لا خيارات أمام الشعب الفلسطيني سوى الفوز بإحدى الحسنيين النصر أو الشهادة، ويدرك تمامـًا أنه "مشروع شهادة" منذ صغره ، وأن درب فلسطين معبد بالدم ، محفوف بالمهج والأرواح ، وعلى هذا الدرب يمضي كل يوم شهيد وتتعاظم التضحيات، وكلما سقط شهيد حمل الراية من بعده مجاهد يمضي على درب الشهادة ، ففلسطين ملء القلوب ومحط السائرين إلى الحرية والاستقلال.

إن عبد العزيز الرنتيسي يدرك أن فلسطين طوال عهود التاريخ يحفر أبناؤها خندق التحرير بدمائهم، ويروون التراب، ويسقون نبت الجهاد والفداء والنضال ، فشلال الدم الذي يتدفق على الأرض الفلسطينية المقدسة هو الدم الطهور الذي يحفر في الأعماق خندق الانتصار الكبير.

ولكن الذي لا يستطيع أن يدركه ويستوعبه عبد العزيز الرنتيسي وكل فلسطيني هو تآمر الأجهزة الأمنية الفلسطينية مع العدو "الإسرائيلي" على قتل مجاهدينا ورموزنا وقادتـنا.!

فلا نامت أعين الجبناء!

قال تعالى " الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانـًا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل ". صدق الله العـظـيم

المصدر


للمزيد عن الدكتور عبد العزيز الرنتيسي

ملفات متعلقة

مقالات متعلقة بالرنتيسي

مقالات بقلم الرنتيسي

تابع مقالات بقلم الرنتيسي

.

حوارات مع الرنتيسي

حوارات مع عائلة الرنتيسي

بيانات حول إغتيال الرنتيسي

أخبار متعلقة

تابع أخبار متعلقة

.

وصلات فيديو

.