واهم من ظن أن المعركة قد انتهت

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
مراجعة ١٠:٠١، ٢ يونيو ٢٠١٤ بواسطة Attea mostafa (نقاش | مساهمات)
(فرق) → مراجعة أقدم | المراجعة الحالية (فرق) | مراجعة أحدث ← (فرق)
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
واهم من ظن أن المعركة قد انتهت

بقلم : الدكتور عبد العزيز الرنتيسي

أعلم جيدا أن قلوب المسلمين مكلومة من هول المفاجئة التي حدثت في بغداد، والتي انتهت باحتلال سريع ومفاجئ لعاصمة الرشيد دون مقاومة تذكر، ومما يزيد في عمق الجرح النفسي الذي أخذ بتلابيب القلوب أن شعوبنا العربية والإسلامية كانت تتوق ليوم النصر، بل وتستعجله، ولا غرابة في ذلك فنفوس الأحرار تعشق النصر، أولئك الذين يستنكفون الذل والهوان ولا يستمرئونه وما أكثرهم اليوم في أمتنا العريقة، ولقد سجل الله ذلك في كتابه وهو الذي فطر النفس البشرية على حب النصر (وأخرى تحبونها نصر من الله وفتح قريب)، ومن الطبيعي أن تتألم نفوس الشرفاء الأحرار لاجتياح واحتلال عاصمة عريقة ذات حضارة وتاريخ من قبل عصابات الدمار والقتل والتخريب، ومن الطبيعي جدا أن تتهلل وجوه المستسلمين للأمر الواقع، الذين للأسف الشديد ربطوا مصيرهم بمصير الصهاينة والأمريكان من حيث لا يعلمون أو يعلمون، أولئك الذين كانوا ينتظرون هذه اللحظة الأليمة بفارغ الصبر ظنا منهم أن في هذا الاحتلال لشعب مسلم مصلحة وطنية عليا.

  • ولكن هل أسدل الستار على معركة العراق؟ وهل هذا الذي نشاهد هو نهاية المعركة؟
  • وهل انتهى الأمر بهزيمة ساحقة للعراق؟
الواقع الأليم أننا ونحن نعيش حالة الصدمة والذهول قد تنتابنا تلك الهواجس، وقد نظن الظنونا، ولكن سرعان ما نفيق من وقع الصدمة لنرى أن الذي حدث مرحلة من المعركة وليس كل المعركة، فكلي يقين أن الذي جرى حتى الآن نهاية نظام كان يحكم العراق بخيره وشره، ولكن لا يعني ذلك نهاية شعب ما عرفناه إلا شديد المراس قوي الشكيمة، شعب يشهد له ماضيه وحاضره أنه لا يقبل بالذل والهوان، ولذا فإن هذا الشعب لن يستسلم للغزو المهين لبلاد الرافدين، كما أن الشباب المسلم الذي يتحرق شوقا للجهاد في سبيل الله لن يمهل الغزاة طويلا، نعم سنرى من اختلط عليه الأمر فرأى في دخول الغزاة فرصة للتخلص من نظام كان يبغضه، ولكن سرعان ما سيكتشف هؤلاء أن الذي أصابهم غشاوة حجبت عن عيونهم الرؤية الصحيحة، وغدا لابد ستنجلي تلك الغشاوة ليكتشفوا حجم المأساة التي حاقت بشعبهم، وستغلي نار الثورة في عروقهم لرؤية هذا الاستعلاء الصهيوني الأمريكي، وسينتصرون حتما لكرامتهم، ولن يبقى في ركاب الاحتلال الأمريكي إلا الذين باعوا أنفسهم وضمائرهم وخانوا شعوبهم وهؤلاء ستلفظهم وتعزلهم الجماهير تماما كما هو الحال في فلسطين حيث يعيش العملاء غربة قاتلة في مجتمع كانوا ينتمون إليه.
إن الشعب العراقي غدا سيرى من الغزاة وعملائهم ما يجعله ينتفض على هذا العدو الغاشم الذي فتك بالأبرياء من أطفال وشيوخ ونساء، فهل سيصبر العراقيون على وجود أجنبي حاصرهم ودمر ممتلكاتهم، وروع وقتل أبناءهم، ودنس أرضهم، ثم فرض عليهم عبودية الاحتلال المذل، إن كبرياء الشعب العراقي لن يسمح له إلا أن يحمل السلاح ليطرد الغزاة.
لقد جاءت أمريكا لنهب خيرات العراق، فلم تكن أمريكالتشعل هذه الحرب من أجل إزالة النظام في العراق، وإنما هو النفط الذي يسيل لأجله لعاب أمريكامما أغراها بالمغامرة، فإن دراسات الخبراء تشير إلى أن الاحتياطي النفطي العراقي هو أكبر احتياطي في العالم، فهل سيسكت العراقيون وهم يرون ثروات بلادهم تذهب إلى الجيب الأمريكي والصهيوني؟ هل سيسكتون وهم يرون التدمير الأمريكي لقدراتهم الزراعية مما يجعل هذا البلد الغني معتمدا في لقمة عيشه على القمح الأمريكي ليبقى العراق على الدوام تحت طائلة الابتزاز السياسي من قبل المحتلين؟!!
لقد جاءت أمريكاللعراق للقضاء على القيم والمفاهيم الإسلامية في العراق، جاءت لتضع للعراقيين مناهج التعليم التي تسلخهم عن حضارتهم وعقيدتهم وأصالة قيمهم، أي جاءت لأمركة الأجيال القادمة من أبناء العراق، جاءت لتنشئتهم على المجون والخلاعة والفجور، فهل سيقبل العراق أن يرى حملة تنصير أو تهويد لأبنائه ثم لا يحرك ساكنا؟!!
  • لقد جاءت أمريكالتخلق نظاما عميلا على استعداد أن يتخلى عن قضية [[فلسطين]]، بل على استعداد لعقد صلح مع العدو الصهيوني، وإقامة علاقات دبلوماسية وأمنية وثقافية وتجارية معه، فهل سيقبل العراقيون الذين التزموا بيوتهم ولم يخرجوا للاحتفاء بالعدو الأمريكي بعد غزوه لبلادهم بالصلح مع العدو الصهيوني؟ وهل سيرحبون بعلم الكيان الصهيوني وهو يرفرف في سماء بغداد الشموخ؟
إن النصر الذي أحرزته أمريكالم يكن ليكون لولا الموقف العربي الذي لم يتردد في تقديم كل أشكال الدعم للغزو الأمريكي لأرض العراق، فهل سينسى الشعب العراقي هذا الموقف الرسمي لبعض الأنظمة العربية؟
  • وإن الوجود الأمريكي في العراق يشكل اليوم تهديدا خطيرا لكل أقطارنا العربية والإسلامية، بل لا أبالغ إن قلت أن احتلال العراق هو احتلال للأمة العربية من المحيط إلى الخليج، فلن نشاهد بعد اليوم إلا تبعية عربية تامة للأمريكان، فهل يمكن للشعوب العربية أن تغض الطرف عن أنظمة تدور في فلك أمريكا ضد مصلحة الأمة ومستقبل أجيالها؟!!
إن كل المعطيات تقول أن المعركة لم تنته بعد، فالمقاومة الإسلامية ستشتعل حتما عما قريب، ولن ترضخ الشعوب لهذا الغزو الأمريكي الصهيوني، وإن المقاومة التي أجبرت أمريكاعلى الفرار من الصومال و لبنان قادرة على تطهير العراق من هذا العار الذي لحق به، فليضحك الأمريكان والعملاء ملء أفواههم ولكن عليهم ألا يغيب عن أذهانهم أنهم لن يضحكوا طويلا بإذن الله.
بل لن أكون مبالغا إن قلت أن المقاومة الإسلامية ستشتعل في كل بلادنا العربية التي ستصبح مرتعا للمحتل الأمريكي يدنس البلاد، وينهب الثروات، ويسلب الحريات، فالانتفاضة على هذا الواقع قادمة، كما أن النصر قادم بإذن الله، ولكن علينا أن نعد له أسبابه التي بدونها سيبقى النصر عزيزا جدا.

من كل ذلك أقول بأنه واهم من ظن أن المعركة قد انتهت، فالمعركة لا زالت في بدايتها (ولكن المنافقين لا يعلمون)....

(ولكن المنافقين لا يفقهون).

المصدر

للمزيد عن الدكتور عبد العزيز الرنتيسي

ملفات متعلقة

مقالات متعلقة بالرنتيسي

مقالات بقلم الرنتيسي

تابع مقالات بقلم الرنتيسي

.

حوارات مع الرنتيسي

حوارات مع عائلة الرنتيسي

بيانات حول إغتيال الرنتيسي

أخبار متعلقة

تابع أخبار متعلقة

.

وصلات فيديو

.