يا ليت أمريكا تعتبر وما أظنها فاعلة

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
يا ليت أمريكا تعتبر وما أظنها فاعلة

بقلم : الدكتور عبد العزيز الرنتيسي

عندما يتحطم مكوك الفضاء "كولومبيا" لابد من كلمة تقال ، أملاً في أن ينتفع بها الأمريكان وما أظنهم فاعلون ، لكنني أحب أن أذكر أولاً أن كبار الساسة في العالم ومنهم بوش وحتى شارون يتفوهون أحياناً بتعبيرات تخرج عن سياق الخطاب السياسي المعهود والذي تعارفوا عليه ، فتغلب على خطابهم "الميتافيزيقيا" ، فعندما يبتهل شارون إلى الله أن يعيد رواد الفضاء سالمين بعد أن وصله نبأ انفجار مكوك الفضاء ، .

وتناثرت أشلاء رواده إن بقيت لهم أشلاء ، أمر يفهم منه أن "شارون" يدرك أن هناك إلها قادراً على فعل ما يعجز عنه البشر ، وعندما يفزع "بل كلينتون" إلى الكنيسة أملاً في النجاة من الآثار الخطيرة المترتبة على فضيحة "مونيكا لوينسكي" فهو يعلم أن هناك إلها قادراً على انتشاله من ورطته تلك ، وعندما يعتمد الجيش الأمريكي يافطة يكتب عليها اللهم بارك القوات الأمريكية ، فهم يدركون أن هناك قوة يمكنها أن تفعل ما تعجز عنه أمريكا .

ولكن الأمر الغريب أن هؤلاء القادة أخذوا جانباً من حكمة الله وقدرته ونسوا جوانب أخرى ، فنحن نعلم صدق قول الله عز وجل (أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء الأرض ءإله مع الله قليلاً ما تذكرون) ، فلا أحد غيره يجيب المضطر ويكشف السوء ، ولكننا نعلم أيضا أنه لا يترك الظلمة يفلتون من عقابه وربما يرسل عليهم عقوبة رادعة في الدنيا قبل الآخرة ، من أجل ذلك قال لنا (إن ربك لبالمرصاد) ، ومن هنا ندرك أن هذه الكوارث ومنها انفجار المكوك الفضائي "كولومبيا" إنما يأتي في غالب الأمر في إطار العقوبة الإلهية لأمريكا ومعها الصهاينة لما يمارسونه من إرهاب وذبح للمسلمين ، وتدمير لحياتهم ، وإذلال لكرامتهم ، ولما يسعون إليه من عولمة الفساد في الأرض ، نحن ندرك ونثق أن الله يلبي دعوة المحتاجين (وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان ) ، وندرك في نفس الوقت ونثق أنه يهلك الظالمين العابثين بمقدرات الشعوب والمستهترين بأمن الناس وحرياتهم وقيمهم (فتلك بيوتهم خاوية بما ظلموا) .

فإذا استمعنا إلى الأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز أول رائد فضاء عربي مسلم وهو يؤكد أن مقومات السلامة في وكالة الفضاء الأميركية ناسا كبيرة ودقيقة مما لا يمكن إرجاع أسباب الحادث إلى قصور في هذا الجانب ، علمنا أن المكوك كان معافى تماماً من أي خلل فني كما صرح بذلك العديد من الخبراء بعد كارثة المكوك ، عندها لابد أن تزداد القناعة لدينا بأن الأمر قد جرى في إطار العقوبة الإلهية التي حلت بأمريكا ، وإن كان وجود خلل فني لا ينفي احتمالية العقاب الإلهي ، وقد يقول قائل إن هذا القول فيه شطط كبير لأن هذه الحوادث إنما تأتي في إطار الكوارث الطبيعية ، قلنا لهم إن الكوارث الطبيعية جزء من العقوبة الإلهية وإن كانت تسير وفق نواميس هذا الكون ، (فأرسلنا عليهم سيل العرم ) والسيل كارثة طبيعية ، (فأرسلنا عليهم ريحاً ) والريح كذلك ، (فأخذتهم الرجفة) وما الزلازل إلا كوارث طبيعية أيضاً .

إن مصرع الملاح الصهيوني"إيلان رامون" لهو آية في حد ذاته ، فهو الذي عمل طياراً في سلاح الجو الصهيوني، فشارك في ضرب المفاعل النووي في العراق ، وقاتل في حرب أكتوبر (تشرين الأول) 1973، وشارك في الاجتياح الصهيوني ل لبنان من بعدها بتسع سنوات ، وهو الملاح الأول للكيان الصهيونيالذي يشارك في غزو الفضاء ، هذا وقد يكون في سقوط حطام المكوك في بلدة اسمها فلسطين في ولاية تكساس آية أخرى لها دلالة جميعنا يفهمها (وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد) .

ولعلنا لا زلنا نذكر مركبة الفضاء "تشالنجر" أي "التحدي" التي تفجرت بعد 37 ثانية على إقلاعها في 28 يناير (كانون الثاني) 1986 مما أدى إلى مقتل روادها السبعة على الفور احتراقا في الجو ، وقد قيل يومها أن غضب الله قد أصابها بسبب الاسم الذي تحمله لما فيه من استعلاء وتبجح.

ويبقى السؤال المشروع هل يمكن أن تعتبر أمريكا فتتوقف عن الفتك بالأبرياء من المسلمين؟ هل يمكن أن تنتفع من هذا الدرس فتوقف تآمرها على الشعب الفلسطيني والشعب العراقي؟

هل يمكن أن تتعظ فتوقف حربها الإعلامية ضد دين الله الحق؟

(إن الدين عند الله الإسلام)، هل ستوقف نهبها لثروات المسلمين في الخليج وبحر قزوين؟

أنا لا أعتقد أن أمريكا ستوقف عدوانها ، أو تغير من سياستها ، ولن تلتفت إلى مقالي هذا ، ولن تتعظ وتعتبر بما يصيبها من الكوارث ، ومن بين هذه انهيار شركات أمريكية عملاقة مثل شركة "إنرون"، وإفلاس شركة طيران "يو إس إيروايز" بعد أن بلغت خسائرها أكثر من مليار ونصف المليار دولار خلال العام 2001 ، وإفلاس شركة "وورلد كوم" العملاقة للاتصالات والتي تربعت على قمة قائمة الشركات المفلسة حيث تبلغ أرصدتها 104 مليار دولار مما جعلها صاحبة أكبر عملية إفلاس في التاريخ ، وقد وضعت نفسها في شهر يوليو 2002 تحت حماية قانون الإفلاس في أعقاب الكشف عن مخالفات محاسبية بالشركة تُقدر بحوالي 3 مليارات و85 مليون دولار ، ولقد بلغ عدد الشركات التي أعلنت إفلاسها عام 2002في أمريكا 186 شركة تمتلك أرصدة بقيمة 368 مليار دولار ، بزيادة هائلة عن قيمة أرصدة الشركات التي أعلنت إفلاسها العام 2001 والتي بلغت 259 مليار دولار.

أنا على ثقة بأن أمريكا المصابة بجنون العظمة لن تفيق من سكرتها ، ولكني على ثقة أيضاً بأنها لن تكون بدعا من الأمم التي سبقتها ، وأن ما حل بمن سبقها من الأمم من دمار سيحل بها لا محالة بإذن الله ، (ولقد أهلكنا القرون من قبلكم لما ظلموا) ، فيا ليت أمريكا تعتبر وما أظنها فاعلة .

المصدر

للمزيد عن الدكتور عبد العزيز الرنتيسي

ملفات متعلقة

مقالات متعلقة بالرنتيسي

مقالات بقلم الرنتيسي

تابع مقالات بقلم الرنتيسي

.

حوارات مع الرنتيسي

حوارات مع عائلة الرنتيسي

بيانات حول إغتيال الرنتيسي

أخبار متعلقة

تابع أخبار متعلقة

.

وصلات فيديو

.