يحيى عياش

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
(بالتحويل من يحيي عياش)
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
يحيى عياش ... رمز المقاومة

مقدمة

  • هو المهندس.. هو رمز المقاومة .. هو الحلم .. هو الشهيد يحيى عياش رمز الجهاد قائد المقاومة في فلسطين .
  • ولد يحيى عبد اللطيف عيّاش في 6 مارس/آذار عام 1966 في قرية رافات جنوب غرب مدينة نابلس في الضفة الغربية المحتلة لعائلة عرفت بتدينها وبساطة أفرادها وماضيها الجهادي.

فآل عياش، شاركوا في الانتفاضات والثورات الفلسطينية ضد الإنتداب البريطاني منذ وعد بلفور وحتى الثورة العربية الكبرى عام 1936.

  • عبد اللطيف ساطي محمود عياش، والد الشهيد كان يعمل في الزراعة تارة وفي أعمال نقش الحجارة تارة أخرى. وفي عام ،1955 تطوع عبد اللطيف في الجيش العربي الأردني حيث خدم كجندي بسلاح المشاة في عدة مواقع عسكرية، وعلى وجه التحديد تلك المواجهة لبلدة كفر قاسم على خط الهدنة بين الكيان الصهيوني والضفة الغربية.
  • وحين ترك الجيش عام ،1963 عاد الوالد عبد اللطيف إلى مهنة الزراعة ونقش الحجارة في قريته وتزوج من قريبته عائشة عياش والدة الشهيد ثم بنى عبد اللطيف وعائشة بيتهما المتواضع، وكونا عائلة صغيرة ضمت بالإضافة إليهما ثلاثة أبناء: يحيى الذي ولد في عام ،1966 ومرعي الذي ولد عام ،1969 وأخيراً يونس الذي ولد في عام 1975.
  • في يوم الأحد الموافق 6 مارس/آذار من عام ،1966 زفت القابلة البشرى للشيخ عبد اللطيف ساطي محمود عياش بولادة ابنه البكر الذي أسماه يحيى تيمناً بنبي الله يحيى بن زكريا عليهما السلام.
  • وتقول والدته: «كانت ولادته سهلة رغم أنه كان المولود البكر، إذ لم يكن هناك أي تعسر أو ألم أثناء ولادته لأنه ولد صغير الحجم.
  • فقد كان وزنه عند ولادته كيلو غراماً ونصف فقط. وكل من رآه أثناء ولادته لم يكن يتصور بأن هذا الطفل سيعيش ويكبر ويصبح رجلاً».

الدراسة

  • بين أزقة قرية رافات، وفي كنف بيت متدين، عاش يحيى طفولة هادئة. ويؤكد شبان قرية رافات وشيوخها اليوم أن يحيى كان مثالاً للطفل المؤدب الهادىء وتقول والدته: «كان يحيى طفلاً هادئاً جداً وخجولاً، ولم يكن يبكي كالأطفال الذين في مثل سنه، وهو في الرابعة من عمره ذهب مع الرجال يوم الجمعة إلى المسجد يصلي معهم ومن يومها بدأ يرتاد المسجد، وهو في هذه السن المبكرة، حفظ يحيى الكثير من سور القرآن القصيرة والآيات القرآنية التي كان يستمع إليها من المقرىء في المسجد».
  • ويتابع والده الحديث: «كان يحيى طفلاً صغيراً لم يتجاوز أربعة أعوام حين توجه إلي مراراً طالباً مني السماح له بمصاحبتي إلى المسجد لأداء الصلاة.. كان يلح بالطلب ويشدني من ملابسي لكي آخذه معي.
  • ونظراً لإلحاحه، ورغبة مني في تلبية طلبه، وهو الابن البكر، فقد بدأت باصطحابه إلى المسجد القديم في القرية، وهو قريب من بيتنا.
  • وكثيراً ما دهش الحضور وأبدوا استغرابهم من الطفل الصغير. وكانوا يقولون لي هذا صبي صغير، ولا يتقن الوضوء فكيف يتقن فرائض الصلاة وسننها؟».
  • ويؤكد أحد المصلين في مسجد القرية الصغير ما ذكره والدا يحيى فيقول: «يحيى كان من الشباب الذين داوموا على صلاة المسجد، وكان يحب أن يصلي في الصف الأول. وأذكره عندما كان يجلس في الجهة الغربية للمسجد ليقرأ القرآن».
  • كبر الطفل يحيى، ودخل المدرسة الابتدائية في قريته عند بلوغه السادسة من عمره، وبرز يحيى بذكائه الذي لفت إليه أنظار معلميه، إذ أنه لم يكن يكتفي بحفظ الدروس المقررة للصف الأول، بل كان يحفظ دروس الصف الثاني أيضاً.
  • فقد كانت الصفوف في مدرسة القرية مجمعة بحيث تكون كل مرحلتين دراسيتين في غرفة واحدة نظراً لمحدودية عدد الغرف الدراسية في المدرسة.
  • وعليه، التقطت إذنا يحيى المعلومات والدروس التي كان المعلم يشرحها للصف الثاني حتى أنه حفظ دروس القراءة في كتاب الصف الثاني من قراءة التلاميذ أمامه في الحصص.
  • ويتحدث الشيخ عبد اللطيف عن ذكاء يحيى فيقول: «أيام المدرسة كان معروفاً بتفوقه في دراسته وخصوصاً في مادة الرياضيات لدرجة أنه كان متقدماً على صفه سنة وأحياناً سنتين في مادة الرياضيات».
  • ورافق التفوق يحيى منذ الصف الأول وحتى إنهائه المرحلة الثانوية وحصوله على شهادة (التوجيهي)، فقد نال المرتبة الأولى دائماً خلال دراسته لاثنتي عشرة سنة في رافات والزاوية وبديا.
  • وكان يحيى قد انتقل إلى مدرسة الزاوية الإعدادية بعد إنهائه الصف السادس الابتدائي في مدرسة رافات نظراً لكون مدرسة قريته لا تستوعب أكثر من هذه المرحلة.

ودرس يحيى المرحلة الإعدادية والأول ثانوي في مدرسة الزاوية، ثم انتقل بعد ذلك إلى قرية بديا حيث درس الثاني والثالث ثانوي (الفرع العلمي) في مدرسة بديا الثانوية، وحصل على شهادة الدراسة الثانوية عام 1984 بمعدل (92.8%) (حصل علي معدل 95% في الرياضيات و معدل 95% في الفزياء).

  • ويروي الشيخ عبد اللطيف قصة أخرى تعبر عن جانب آخر من أخلاق يحيى الصغير فيقول: «كتب معلم الرياضيات بالصف الأول الثانوي في مدرسة الزاوية الإعدادية مسألة على السبورة، وقال للتلاميذ: من يستطيع أن يحل هذه المسألة؟ فلم يجبه أحد، وجلس طلاب الصف عاجزين عن حل المسألة… جن جنون المعلم من ضعف التلاميذ في هذا الصف، فذهب يشتكي إلى مدير المدرسة.
  • وبالصدفة، كان هناك المعلم الذي يدرس الصف الأول الإعدادي الذي كان فيه يحيى، فقال: أنا مستعد أن أحضر لكما طالباً من الصف الأول الإعدادي ليحل المسألة.
  • وفعلاً، ذهب وأحضر يحيى ثم توجه الجميع إلى الصف الأول الثانوي.
  • وبالفعل، قام يحيى بحل المسألة وسط دهشة المدير والمعلمين والتلاميذ».
  • وعلى أثر هذه الحادثة، بعث مدير مدرسة الزاوية الإعدادية في ذلك الوقت رسالة تقدير واحترام إلى والد الطالب يحيى عياش، يهنئه فيها على ذلك الشاب الذكي، صاحب الأخلاق الرفيعة.

وقال المدير في نهاية رسالته: «إنني أتوقع أن يكون لهذا الفتى شأن عظيم في حياته المستقبلية».

مرحلة الجامعة

المهندس يحي عياش مع أخيه
  • حتى غادر يحيى الضفة الغربية متوجهاً إلى عمان لفحص إمكانية الدراسة ثم عاد لقريتة رغم أن إعلان أسماء المقبولين تضمن قبول يحيى في كلية العلوم بالجامعة الأردنية وكلية الهندسة بجامعة اليرموك.
  • وعبثاً حاول الوالد إقناع ابنه بالموافقة على الدراسة في جامعة اليرموك وعدم الالتفات إلى المصاريف المالية المترتبة، إذ رفض يحيى هذا العرض رفضاً قاطعاً، وأصر على الالتحاق بجامعة بيرويت وهي جامعة خاصة تأسست عام 1972 ككلية تملكها عائلة (ناصر) التي تقطن في قرية بيرويت، ما لبثت عام 1976 أن تحولت إلى جامعة.

وتعتبر هذه الجامعة من أهم جامعات الضفة الغربية وقطاع غزة.

  • أما فيما يتعلق بالطالب يحيى عياش داخل أسوار الجامعة، فإن زميل الشهيد في السكن يعرج على هذه النقطة باختصار معبراً عن واقع تلك الفترة.

إذ أن يحيى «كان دائماً يغض الطرف داخل أسوار الجامعة، وبقي بعيداً عن أجواء الصخب والعبث. وكثيراً ما شاهدته منشغلاً بتلاوة القرآن وطاعة الرحمن بالذكر والمأثورات».

  • يقول الصحفي فايد أبو شمالة الذي عاصر الشهيد أثناء فترة الدراسة في جامعة بيرزيت عن قرب «هناك الكثير من الأشياء التي يمكن الحديث عنها في موضوع الشهيد يحيى عياش.
  • وقد تحدث الناس الكثير، والصورة في الذاكرة مشرقة وبراقة. وتدور في مخيلتي دائماً صورة شاب ودود ولطيف، له جاذبية خاصة، مميز في هيئته وحركته ويلفت النظر لكونه شديد الحياء، إذا تحدث بصعوبة تسمع صوته، خلوق وحساس المشاعر يتأثر بالحسن ويفرح له ويتأثر بالقبيح ويتضايق منه، وأذكر أنني كنت أعجب كثيراً من شدة إيمانه وإخلاصه، وأتذكر مقولة (الأتقياء الأخفياء) الذين إذا حضروا لم يعرفوا وإذا غابوا لم يفتقدوا.. وحقيقة كان منهم، فقد كان يشارك في كل شيء ولا يبرز في أي شيء.. وكان يتفاعل مع الأحداث بشكل قوي دون أن يصدر عن تفاعله أي ضجيج أو صخب».

ويضيف أبو شمالة: «لست أذكر أن أحداً من إخوانه قد تضايق يوماً منه أو اشتكى أو أظهر امتعاضه من السكن معه، رغم أن مشاكل السكن كانت كثيرة بين الطلاب لأن مجال الاحتكاك على مدار اليوم وكان كل اثنان يسكنان في غرفة واحدة، وهذا يجعل مجال الاحتكاك أكبر، ولم يكن رحمه الله يظهر امتعاضاً حيثما سكن»).

  • نقل رئيس الكتلة الإسلامية بالجامعة انطباعاته عن يحيى بنقاط محددة وعبارات نقتبس منها التالي:

«شاب بسيط ومتواضع تميز ببساطة ما يرتديه من ثياب وأحذية. وهو شاب ورع وتقي، حرص على عدم البقاء في الجامعة في أيام العطل الأسبوعية حتى يبتعد عن الفساد.

ولم يُعرف أنه شكا من أحد أو انتقد أحداً، أو أن أحداً زعل منه، فقد أحب زملاءه وأساتذته واحترمهم، وكانت معاملته مع الجميع حسنة للغاية وبالتالي احترمه الناس وأحبوه.

وعلى الرغم أنه كان من أنشط الشباب في كلية الهندسة، إلا أنه كان حريصاً على الابتعاد عن الأضواء، ويتشدد في ذلك».

  • تخرج يحيى عياش مهندساً كهربائياً من جامعة بيرويت في شهر مارس/آذار من عام1993م، وهذا يعني أنه قضى ثمان سنوات على مقاعد الدراسة الجامعية.

ويعود السبب في ذلك إلى الإضرابات والإغلاقات المستمرة لجامعة تعتبرها سلطات الإحتلال «جامعة تخريج الكوادر القيادية» لمختلف الفصائل الفلسطينية.

فقد غاب يحيى عن الحفل ولم يحضر مراسم تسليم الشهادات، لأنه كان وقتها مطلوباً لجهاز الشاباك وتطارده قوات الإحتلال بسبب دوره في التخطيط لعملية رامات افعال بتل أبيب في تشرين الثاني (نوفمبر) من عام 1992.

في سفينة الكتلة الإسلامية بالجامعة

  • تعتبر هذه المحطة من أهم المحطات في حياة الشهيد القائد يحيى عياش، إن لم تكن الأهم، باعتبار أن الكتلة الإسلامية في جامعة بيرزيت والتي عاش فيها ما يزيد عن خمس سنوات شكلت محضناً ومدرسة قامت بصقل شخصية المهندس ووجهتها نحو المسار الذي عرفت به.

إذ جرت العادة عند الكتلة الإسلامية أن تقيم حفل تعارف يضم الطلبة من أبناء الكتلة وجميع الطلبة الجدد الذين يلبون الدعوة ويظهرون موافقة مبدئية على الانضمام إلى صفوف الكتلة.

وتم خلال هذا اللقاء، الذي عقد في مسجد بيرويت القريب من الحرم الجامعي القديم، التعارف بين الطلاب القدامى والجدد، وعرف الشهيد وقتها بنفسه قائلاً: «أخوكم في الله يحيى عياش من رافات - سنة أولى هندسة».

وكانت عبارة (أخوكم في الله) هي عنوان المحبة بين كل أبناء الكتلة الإسلامية، وأثبتت الأيام أنهم جميعاً حقاً أخوة في الله.

  • وشارك المهندس إخوانه في كافة المواقع ومراحل الصراع والاحتكاكات المباشرة سواء كانت مع سلطات الإحتلال وحتى مع الكتل الطلابية المنافسة.

وحققت الكتلة بروزاً وحضوراً سياسياً فاعلاً، وغدت تجمعاً طلابياً له وزنه ومكانته في العمل الطلابي داخل الجامعة.

ولعل أهم الأحداث التي شارك فيها شهيدنا تمثلت بتنظيم الكتلة الإسلامية مظاهرة طلابية عارمة يوم5 ديسمبر / كانون أول من عام ،1986 ما لبثت أن تحولت إلى مواجهات عنيفة بين الطلاب وقوات الإحتلال الصهيوني أسفرت عن استشهاد اثنان من شباب الكتلة الإسلامية هما جواد أبو سلمية وصائب ذهب.

وتركت هذه المواجهات آثارها البالغة على المهندس الذي شاهد أخاه وزميله جواد يسقط بالقرب منه إثر إصابته بوابل من نيران جنود العدو.

ويؤكد الأستاذان إبراهيم وأبو محمد بأن يحيى لم يتخلف يوماً عن أي اجتماع للكتلة أو نشاط أو مسيرة داخل الجامعة.

ويشدد الأستاذ أبو محمد في استعراضه لطبيعة يحيى ومآثره داخل الكتلة الطلابية الإسلامية على تميز المهندس باقتراحاته لرفع مستوى الكتلة وتطوير أدائها.

ويضيف: «لا يذكر نفسه أو يمتدحها أثناء حديثه، ويتحدث بصوت خفيض دون أن يرفع صوته على أحد قط، وينسحب من أي نقاش تعلو فيه الأصوات.

ولهذا، حرص يحيى على الطرح التوفيقي في تناوله للمواضيع أثناء النقاش، والابتعاد عن الثرثرة في المواضيع الجدلية. ومع كل هذا، كان يحيى لا يتكلم في المجموع ولا يتحدث بشكل مباشر إلا مع شخص واحد فقط ولا يزيد على ذلك».

البيعة للإخوان المسلمين

وثيقة بخط الشهيد

ويضيف هؤلاء بأن يحيى عمل بجد ونشاط وقام بكافة تكاليف وأعباء الدعوة الإسلامية سواء داخل الجامعة أو في مدينة رام الله وحتى في قريته.

ووظف المهندس السيارة التي اشتراها والده في خدمة الحركة الإسلامية، حين دأب على السفر إلى رافات، وقام بإرساء الأساسات وشكل أنوية لمجموعات من الشباب المسلم الملتزم.

وحينما انفتح الأفق على حركة المقاومة الإسلامية حماس)، كانت هذه المجموعات في طليعة السواعد الرامية ورماة القنابل الحارقة التي واجهت قوات الاحتلال خلال سنوات الانتفاضة المباركة.

ونظراً للدور الريادي الذي قام به، وحكمته في حل المشاكل وتصفية الخلافات بين الشباب من مختلف الانتماءات السياسية والأيدلوجية، فقد اعتبرته الفصائل الفلسطينية (شيخ الإخوان في رافات)، رجعت إليه في كافة الأمور التي تتعلق بالفعاليات أو الإشكالات خلال الأعوام (1988 - 1992).

  • تعد سنوات الانتفاضة الأربعة الأولى، من أكثر الفترات غموضاً في حياة المهندس باستثناء حادث واحد وهو قيام سلطات الإحتلال بفرض منع التجول على القرية يوم 12/10/1991 ومن ثم شن هجوم تحت وابل من الأسلحة الرشاشة على مسجد رافات بحجة أن حماس تستخدم المسجد في التحريض على مقاومة الإحتلال.

هذا يدل أن تلك الفترة كانت الأكثر أهمية في حياة يحيى السرية والتي ظهرت آثارها لاحقاً

  • جميع زملائه يتذكرون حادثاً وقع له أثناء عودته مع عدد من رفاقه بعد أدائهم لصلاة العشاء في مسجد أبو قش، إذ اعترضهم مجموعة من جنود الإحتلال في عدة سيارات عسكرية.

وبعد عدة مداولات بين الجنود الإسرائيليين، أطلق العدو سراح الشباب باستثناء يحيى الذي قيدت يداه ورجلاه واقتيد في إحدى السيارات العسكرية إلى منطقة جبلية وعرة ومعزولة خارج القرية.

وقد شعر يحيى بما يدبره الجنود حين توغلوا به في إحدى الأودية المعتمة، خاصة وأنه سمع عن استشهاد العديد من الشباب خلال الانتفاضة بمثل هذه الطريقة.

وتوقع يحيى أن يطلق جنود الإحتلال النار عليه ليبدو الأمر وكأنه مقتل هارب من وجه السلطات، ولهذا رفض يحيى الانصياع لإرادة الجنود بمغادرة السيارة والابتعاد قليلاً، وبدلاً من الفرار، ظل يحيى ملاصقاً للجنود الذين راحوا يدفعونه بعيداً عنهم، إلى أن ظهرت فجأة ثلاث نساء يرتدين لباساً أبيض وبشكل غير متوقع توقفن لمشاهدة ما يحدث، الأمر الذي أربك الجنود وجعلهم يسرعون إلى سيارتهم ومغادرة المكان دون أن يقتلوا المهندس.

وتؤكد صحيفة معاريف هذه الحادثة، حيث أشارت إليها في سياق تعليقها الذي نشرته تحت عنوان (القضاء على الأسطورة) يوم الأحد 7 يناير / كانون ثاني عام 1996.

وعلقت الصحيفة العبرية على الحادثة بالقول: «كانت هذه برهاناً على أن عياش محمي من قبل الله وأن أجهزة المخابرات الإسرائيلية غير قادرة على إصابته».

  • ويكشف أبو الفداء -أحد المقربين من الشهيد قبل مطاردته، والذي شارك معه في تأسيس حركة حماس في رافات- بأن يحيى جاءه بعد صلاة يوم الجمعة في يناير / كانون الثاني من عام 1988 و قال له «أيرضيك ألا يكون للإسلام صوت في انتفاضة القرية؟؟ لماذا لا نؤسس حركة حماس في القرية كما في غيرها».

واتفق الاثنان وتعاهدا، فكانت شرارة حماس الأولى وانطلاقتها في القرية.

ويضيف أبو الفداء، أنه خرج ويحيى ملثمين لإغلاق الشارع الرئيسي للقرية في يوم إضراب أعلنته حركة حماس، وفجأة ظهرت دورية عسكرية صهيونية على نفس الشارع.

فاختبأ خلف الجدار الحجري القريب، وحين نظر أبو الفداء إلى يحيى، فإذا به يقرأ القرآن، ثم يقول له: «أبا الفداء، ما ظنك باثنين الله ثالثهما»(38).

ويروي أبو الفداء حادثة أخرى، تعبر عن أخلاق يحيى وشخصيته القيادية، فيقول: «اجتمعنا في منزل يحيى ذات يوم لتدارس أوضاع الحركة والانتفاضة، فغضبت من شقيقي وصحت فيه لسبب ما، فزجرني يحيى وقال: نحن دعاة، لو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك».

زواج وبيت

الشهيد يحى عياش مع أبنه
  • قرر والدة أن يغريه ببناء منزل مستقل ويزوجه إحدى قريباته ...يقول الشيخ عبد اللطيف متذكراً تلك اللحظات: "أثناء دراسة يحيى في الجامعة، ورغبة مني ترغيبه بالحياة، قمت بتشييد بيت له ووضعت الأساس وهو غائب عن المنزل.

وعندما عاد من الجامعة وشاهد الأساسات، اعترض عليها وقال أنه يكتفي بغرفتين فقط ولا حاجة لبناء بيت كبير.. ثم خطبنا له عروساً وهي ابنة خالته، وفيما بعد اشتريت له حاسوباً وزوجته".

ولكن، سرعان ما طرق زوار الفجر منزله، وأصبحت القوات الخاصة وأعتى رجال الأمن والمخابرات الصهاينة من رواد البيت.

فمضى يحيى في طريق العزة والكرامة تاركاً وراءه زوجة وابناً أسماه (براء) تفتحت عيناه على الحياة في 1 يناير / كانون الثاني عام 1993.

ولم يلتم الشمل مرة أخرى، إلا بعد نحو عام ونصف حين نجح المهندس في تخطي جيش المخبرين وضباط الشاباك والوحدات الخاصة التي كانت تداهم المنزل باستمرار، وانتقلت هيام مع براء إلى قطاع غزة، لتعيش الزوجة مع زوجها، ويتعرف الابن على أبيه المجاهد.

وقد رزق المهندس قبل استشهاده بيومين فقط، بابنه الثاني الذي أسماه (عبد اللطيف) تيمناً بوالده، غير أن العائلة أعادت اسم يحيى إلى البيت حين أطلقت على الطفل عبد اللطيف اسم (يحيى).

بعض العمليات التي قام بها

  • عملية مسيرة الأكفان : احتراق حافلتين ومقتل جنديين , واصابة ثمانية إصابات خطيرة.
  • عملية حدود رفح: مقتل ضابط وإصابة 35 جندي وخسائر مادية فادحة.
  • عملية أسد المقاومة : مقتل خبير المتفجرات واصابة جنديان اصابة بالغة .
  • عملية الشهيد محمد رشدي : مقتل جندي وإصابة اربع جنود بجروح.
  • عملية الشهيد عندنان مرعي : مقتل ثلاث جنود وإصابة اكثر من 30 جندي اصابات مختلفة .
  • عملية العفولة: مقتل ثمانية جنود واكثر من خمسين إصابة واعاقات وحروق وخسائر ماديه .
  • عملية الخضيرة: مقتل خمس ضباط وإصابة 32 جندي وحرق حافلة.
  • عملية تل الربيع : مقتل 22 بين ضابط وجندي وإصابة 12 جندي اصابات مختلفة وتدمير حافلة.
  • عملية نتساريم : مقتل ثلاث جنود وإصابة 12 اخرون.
  • عملية سلاح الطيران : سقوط ما بين جريح وقتيل
  • عملية بيت ايل : مقتل 21 ضابط وجندي وإصابة اكثر من 70 جريح .
  • عملية الشهيد الشيخ رضوان : مقتل ثمانية جنود وإصابة 42 آخرون.
  • عملية واش الطير : مقتل ثلاثة جنود وتدمير الحافلة.
  • عملية راماد جان : تدمير حافلة وسقوط ما بين جريح وقتيل .
  • رامادسكون : مقتل 5 ضباط ,وإصابة 100 جندي واحراق حافلتين ..

رحلة المطاردة والجهاد

  • بدايات المهندس مع العمل العسكري ترجع إلى أيام الانتفاضة الأولى، وعلى وجه التحديد عامي 1990 و 1991.

فكانت العملية الأولى بتجهيز السيارة المفخخة في رامات افعال بتل أبيب، وبدأت أثر ذلك المطاردة المتبادلة بين يحيى عياش ودولة الإحتلال وأجهزتها الأمنية والعسكرية لكن قدر الله سبحانه وتعالى أن يكتشف العدو السيارة المفخخة في رامات افعال بطريق الصدفة، طبعت الشاباك اسم يحيى عبد اللطيف عياش في قائمة المطلوبين لديها للمرة الأولى ولأن المجاهدين المعتقلين أثر الأكتشاف لم يكونا على اطلاع بدور المهندس في تجهيز العملية والتخطيط لها، فإن ضباط الشاباك وضعوا اسم يحيى في المرتبة الخامسة من حيث الخطورة.

ولذلك، داهمت قوات كبيرة من الجيش وحرس الحدود يرافقها ضباط ومحققين من الشاباك سلفيت وقراوة بني حسان بحثاً عن زاهر جبارين وعلى عاصي اعتقاداً بأن أحدهما قد نجح في التوصل إلى المعادلات الكيميائية المفزعة لهم.

  • يعتبر يوم الأحد الموافق 25 إبريل / نيسان من عام ،1993 بداية المطاردة الرسمية ليحيى عياش.

ففي ذلك التاريخ، غادر المهندس منزله، ملتحقاً برفاق الجهاد والمقاومة، الذين كانوا يتخذون من كهوف ومغارات فلسطين قواعد انطلاق لهم.

وفي مساء ذلك اليوم، داهمت قوات كبيرة من الجيش والمخابرات المنزل وقامت بتفتيشه والعبث بالأثاث وتحطيم بعض الممتلكات الشخصية للمهندس.

وبعد أن أخذ ضباط الشاباك صورة الشهيد جواد أبو سلمية التي كان المهندس يحتفظ بها، توجه أحدهم لوالده مهدداً: «يجب على يحيى أن يسلم نفسه، وإلا فإنه سوف يموت، وسوف نهدم المنزل على رؤوسكم».

  • وخلال ثلاث سنوات، كان الشهد لفلسطين والعلقم لبني صهيون.

وخاب ظن سلطات الاحتلال وأجهزتها القمعية التي حصدت الفشل في مخططاتها، وتخبطت في رحلة البحث عن المهندس، بينما وقفت أم يحيى في فخر واعتزاز تواجه محققي الشاباك وجنود الاحتلال حيث نقلت صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية والتي رافقت قوات الجيش التي داهمت منزل العائلة بعد عملية البطل صالح صوي في تل أبيب عن أم المهندس: «لقد تركنا جميعاً دون أن نشبع منه وداس على الشهادة الجامعية.. منذ أن أصبح يحيى مطلوباً، فإنه لم يعد ابناً لي، إنه ابن كتائب عز الدين القسام».

الإغتيال

  • اغتيل في بيت لاهيا شمال قطاع غزة بتاريخ 5 يناير / كانون ثاني عام 1996 الموافق في الخامس عشر من رمضان المبارك 1414هـ باستخدام عبوة ناسفة زرعت في هاتف نقال كان يستخدمه الشهيد يحيى عيّاش أحياناً.
  • خرج في جنازته نحو نصف مليون فلسطيني في قطاع غزة وحده .
  • نفذ مجاهدو الكتائب سلسلة هجمات استشهادية ثأراً لاستشهاده أدت إلى مصرع نحو 70 صهيونياً وجرح مئات آخرين.

الحق ما شهد بة الأعداء

  • لم يستطع "شمعون رومح" -أحد كبار العسكريين الصهاينة - أن يخفي إعجابه بيحيى عياش حين قال: "إنه لمن دواعي الأسف أن أجد نفسي مضطرا للإعتراف بإعجابي وتقديري بهذا الرجل الذي يبرهن على قدرات وخبرات فائقة في تنفيذ المهام الموكلة إليه، وعلى روح مبادرة عالية وقدرة على البقاء وتجديد النشاط دون انقطاع".. ولم يكن شمعون وحده هو المعجب بالرجل، لكن وسائل الإعلام الصهيونية كلها شاركته الإعجاب حتى لقبته: "الثعلب" و"الرجل ذو الألف وجه" و"العبقري".

قصيدة للرنتيسي في رثاء يحيي عياش

عيـاش حــيٌ لا تـقـل عـيـاش مــات

وهل يجف النيـل أو نهـر الفـرات

عيـاش شـمـسٌ والشـمـوس قليـلـة بشروقها تهدي الحيـاة إلـى الحيـاةْ

عيـاش يحـيـا فــي القـلـوب مـجـدداً فيهـا دمـاء الثـأر تعصـف بالطـغـاةْ

عـيـاش ملـحـمـة سـتـذكـر نظـمـهـاأ جـيـال أمـتـنـا كـأغـلـى الـذكـريـاتْ

عـيــاش مـدرســة تـشــع حـضــارةً عيـاش جامـعـة البطـولـة والثـبـاتْ

يــــا ســعــد أم أرضـعـتــك لـبـانـهـا فغـدت بيحيـى شامـةً فـي الأمـهـات

الـيـوم يــا يحـيـى ستـنـهـض أمـــةٌ وتثور تنفض عن كواهلها السبـاتْ

ونـعـيـد ماضـيـنـا ويـهـتـف جـنـدنــا الـنـصــر لــلإســلام بـالـقـســام آتْ

فتصـيـح مــن دفء اللـقـاء ديـارنـا عـاد المهـادر مـن دياجيـر الشتـات

عـبــدت دربـــاً لـلـشـهـادة واســعــاً ورسمت من آي الكتاب لـه سمـاتْ

وغـرسـت أجـسـاد الـرجـال قـنـابـلاً وكتبت من دمك الرعيف لنا عظات

فغـدت جمـوع البـغـي تـغـرق كلـمـا دوى بيـانٌ: مـن هنـا عيـاش فــاتْ

وارتــــد بـأسـهــم شــديــداً بـيـنـهـم وتفـرقـوا بـيــن الحـمـائـم والـغــلاة

هـذي الألـوف أبـا البـراء تعـاهـدت أن لا نجونا إن نجت عُصبُ الجنـاةْ

وتـآلـفـت مـنـهــا الـقـلــوب فـكـلـهـا يـحـيـى فـويــلٌ للصهـايـنـة الـغــزاةْ

يـا ذا المسجـى فـي التـراب رفـاتـه من لـي بمثلـك صانعـاً للمعجـزات؟

أنـعــم بـقـبـرٍ قــــد تـعـطــر جــوفــه إذ ضـم فــي أحشـائـه ذاك الـرفـاتْ

آن الأوان أبــــا الــبــراء لــراحــة في صحبـة المختـار والغـر الدعـاةْ

أبـشــرْ فــــإن جـهـادنــا مـتـواصــلٌ

إنْ غــاب مـقـدامٌ ستخـلـفـه مـئــاتْ

إقرأ المزيد

روابط داخلية

كتب متعلقة

ملفات وأبحاث متعلقة

مقالات متعلقة

وصلات خارجية

مقالات خارجية

أخبار متعلقة

وصلات فيديو