(إخوان أون لاين) يحاور مدير مركز القاهرة لحقوق الإنسان

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
(إخوان أون لاين) يحاور مدير مركز القاهرة لحقوق الإنسان

[09-08-2004]

مقدمة

لا انتهاك حقوق الإنسان

- إنشاء المجلس بقرار حكومي ليس عيبًا والأهم توافر الإرادة السياسية

- رغم صدمتي في أداء المجلس إلا أن تفعيله ليس مستحيلاً

حاوره: ياسر هادي

أكد بهي الدين حسن- مدير مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان- صدمته في أداء المجلس القومي لحقوق الإنسان في مصر، الذي تم اختياره عضوًا فيه ممثِّلاً عن المنظمات غير الحكومية، مشيرًا إلى أن الحكومة قامت بإنشاء المجلس استجابةً لضغوط المنظمات العاملة في مجال حقوق الإنسان، وكذلك لجان حقوق الإنسان بالأمم المتحدة، وتحسينًا لسمعتها.

مشيرًا إلى عدم جدوى المجلس في تحقيق طفرة في مجال حقوق الإنسان دون صدور قرار بالإصلاح السياسي في مصر، وقال في الحوار الذي أجراه معه (إخوان أون لاين) إنه لا يجد تفسيرًا لحملة العنف الحكومية ضد التيار الإسلامي المعتدل، كما تطرَّق الحوار إلى الفرق بين مجال عمل المنظمات الأهلية والحكومية في مجال حقوق الإنسان.. وإلى تفاصيل الحوار.


نص الحوار

مشكلة هذا المجلس أنه يأتي في إطار قرار بالإصلاح السياسي في مصر، وهو قرار لم يصدُر بعد، وبالتالي فالمتاح أمام المجلس محدود جدًّا، وهذا ما تبرهن عليه الأيام منذ إنشائه، بالرغم من أن هذا النوع من المؤسسات تنصح به الأمم المتحدة، ويمكن أن يلعب دورًا إيجابيًّا في تقديم النصح للحكومة فيما يتعلق بتحسين حالة حقوق الإنسان في مصر، وطرق تعامل الحكومة معها، كما أنه يوجد في بعض الدول العربية مجالس مشابهة للمجلس القومي لحقوق الإنسان تؤدي دورًا كبيرًا في حماية حقوق الإنسان في تلك الدول، ففي فسلطين مثلاً هناك هيئة تقوم بدور ممتاز في هذا المجال أُنشئت منذ عام 1993م بقرار من السلطة الفلسطينية، كما أن المغرب أنشأت المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، الذي لعب دورًا محدودًا في البداية، إلا أنه تم تفعيله في العام الأخير؛ حيث بدأ يضطَّلع بدورٍ هائل لم يكن أحدٌ يتوقعه، والسر في ذلك أن هناك قرارًا بالإصلاح في المغرب اتخذه الملك محمد السادس؛ حيث تم منحُ المجلس صلاحيات عملية، وذلك في الوقت الذي لم يتغير فيه كثير من المواد القانونية.
والمشكلة في المجلس القومي لحقوق الإنسان في مصر ليست مشكلة قانون أو أن الدولة أنشأته، بل تكمن الأزمة في أنه ليس هناك قرارٌ بإصلاح الأحوال، خاصةً في مجال رعاية حقوق الإنسان..!!
  • إذًا لماذا أنشأت الحكومة هذا المجلس؟!
هذا السؤال يجب أن يوجَّه لمتخذي القرار، ولكن البعض يؤكد أنه أُنشئ لتحسين سمعة الحكومة، إلا أن ما حدث أضرَّ بهذه السمعة؛ لأنه أثبت ببساطة أن الحكومة ليست جادَّةً في الاهتمام بحقوق الإنسان.
  • هل معنى ذلك أن الحكومة اضطُّرَّت لإنشائه؟
لا، بل هو مطلب نادت به لجان حقوق الإنسان بالأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان المصرية منذ فترة طويلة، وكانت الحكومة تفكر- منذ سنوات- في إنشائه، وطبيعة سلطاته، وصلاحياته، وبدأت المناقشة الجدية لهذا الموضوع في عام 2000م، ودخل حيِّز التنفيذ مؤخرًا.
  • وهل ترى أن قرار الإنشاء جاء استجابةً لتلك المطالب؟
بالتأكيد، كما أن الحكومة تصورت أن يخفف المجلس العبءَ عنها في مجال حقوق الإنسان؛ باتخاذه بعض المواقف، ولكن يبدو أن الموضوع لم يتم بحثه بشكلٍ كافٍ من جانب المسئولين، بمعنى أن الحكومة أنشأت المجلس في حين لم تصدُر حتى الآن قرارات للهيئات والوزارات بالتعامل معه.


تفعيل المجلس ممكن

  • وهل يمكن أن تكون الدولة- التي تنتهك حقوق الإنسان- قادرةً على تفعيل مجلس يدافع عن تلك الحقوق؟
الأمر يتوقف على اتخاذ قرار بالإصلاح من عدمه، فمستقبل المجلس مرهون باتخاذ قرار بالإصلاح، إذا اتُّخِذ سيجري تفعيل المجلس ويتحول إلى خلية نشاط، في حين سيظل الوضع مجمَّدًا داخل المجلس إذا لم يصدُر مثل هذا القرار.
  • بعد أن أصبحتَ عضوًا بالمجلس هل توقعتَ الصورة التي وجدتَه عليها؟
بصراحة، حين تم اختياري لعضوية المجلس توقعت أن يكون دوره أفضل كثيرًا مما هو عليه الآن، وبالطبع لم يكن في توقعي أن يكون مماثلاً للهيئة الفلسطينية مثلاً؛ فذلك يحتاج مقومات غير موجودة بعد، ولكن لم أتوقَّع أيضًا أن يكون المجلس بهذه الدرجة من الجمود والشلل الناتج من عدم تعاون الحكومة معه.
  • وهل يمثل تشكيل المجلس- الذي يتكون معظمه من شخصيات حكومية- عائقًا أمام اتخاذ المجلس مواقف قوية؟
لا أوافقك على أن معظم أعضاء المجلس حكوميون، فهم شخصيات عامة لهم اهتمامات متنوعة، ولو أنَّ لدى الحكومة قرارًا مختلفًا فيما يتعلق بتفعيل المجلس لكان بإمكان هؤلاء الأشخاص أنفسهم أن يقوموا بدورٍ أفضل داخل المجلس.
  • إذا كان وضع المجلس بهذا الشكل فلماذا قبِلْتُم الانضمام إليه، باعتباركم من المدافعين عن حقوق الإنسان في مصر؟
في كل المؤسسات المشابهة يكون ضمن الأعضاء شخصيات من المنظمات الأهلية؛ لأن ذلك يُعتبر مساهمةً إضافيةً في مجال حماية حقوق الإنسان، ولا يترتب عليه إخلال أي شخصية بالمنظمات الأهلية بواجبها أو تخلٍّ عن مبادئها الأصلية أو تغييرٌ في موقفها، ولكنه إضافة قوية في إطار عملنا الأصلي، وهو المطالبة بحماية أكثر لحقوق الإنسان في مصر.
كما أن دور المجلس يجب أن يكون مساعدة الحكومة ومراقبة الأجهزة الحكومية فيما يتعلق بحقوق الإنسان، فضلاً عن أن قانون إنشاء المجلس معقول، ويتَّسِق مع المعايير التي وضعتها الأمم المتحدة فيما يتعلق بهذا النوع من المؤسسات، والأهم أننا توقعنا- مع إنشاء المجلس- أن تتخذ الحكومة قرارًا بإصلاح الأحوال ولو بشكل نسبي ومحدود.


إلغاء الطوارئ

  • وما أهم البنود التي وضعتَها على أجِندتك الخاصة حين دخلت المجلس؟
البنود الأهم التي طالبتُ بها- وما زلت- سواء داخل المجلس أو خارجه هي إنهاء حالة الطوارئ، ووقف التعذيب، وتصفية وضع العدد الهائل من المعتقَلين السياسيين في مصر.
  • في ظل الاوضاع التي نعيشها هل تتوقع ان تستجيب الحكومة لتلك المطالب ؟
الوضع سيستمر على ما هو عليه، برغم أنه منذ عدة شهور كان مرشَّحًا لإصلاح كبير، والمجلس القومي لحقوق الإنسان كان بإزاء اتخاذ قرار بإنهاء حالة الطوارئ أو حتى الاستعداد لبحث ذلك، ولكن فيما يبدو أنه حدث تراجع في الاستعداد للتعامل مع ملف الطوارئ في المدى القصير على الأقل.
  • وبماذا تفسر هذا التراجع من جانب المجلس في بحث حالة الطوارئ، رغم أنه كانت هناك مؤشرات تدل على أن الحكومة أعطت الضوء الأخضر لاتخاذ مثل هذا القرار؟
هناك كثير من الأشياء التي يصعُب تفسيرها في مصر، خاصةً في طريقة إدارة الحكومة، والدليل على ذلك هو إنشاء المجلس نفسه، الذي لم تُعطَ له أية صلاحيات حتى الآن، رغم التشجيع الحكومي لإنشائه، وأؤكد أن هناك بعض العناصر داخل الحزب الوطني لديها رؤيةٌ مختلفة للإصلاح السريع، وإدراك أن مصر ستصاب بأضرار جسيمة إذا استمر الحال على ما هو عليه، ولكن للأسف فهذه العناصر عددها محدود، ووضعها مهمَّش، وليست صاحبة قرار داخل الحكومة.
  • وبماذا تفسر زيادة وتيرة العنف ضد التيار الإسلامي المعتدل؟
ليس لديَّ تفسيرٌ للعنف المتَّبَع مع الإسلاميين أثناء التحقيقات مؤخرًا، والذي أثار دهشة كل من التقيتُ به، فبالرغم من أن التعذيب ليس أمرًا جديدًا على الحكومة إلا أن ذلك المستوى من الوحشية في التعامل مع أشخاص متهمين بالإرهاب ليس له أي تفسير، كما لا يمكن استشراف توجُّه الحكومة فيما يتعلق بالتعامل مع التيار الإسلامي في الفترة القادمة.


الإصلاح السياسي أولاً

  • أليس الوقت مناسبًا لأن تقوم الحكومة بإجراء مصالحة مع مواطنيها، خاصةً في ظل الضغوط التي تتعرض لها المنطقة؟
دعني أتحفَّظ على تعبير "المصالحة"، ففي السياسة ليست هناك مصالحة أو خصوم، ولكن توجد أهداف وبرامج، والأهم هو إجراء إصلاح، وأخشى أن يكون تكرار مصطلح "المصالحة" وسيلةً للإلحاح للقيام بالإصلاح، فلا قيمة لأي مصالحة ما لم تكن مبنيةً على أسس تكفل تقدم الوطن، فالإصلاح هو القضية المركزية، وإذا صلحت النوايا في اتجاه الإصلاح فهذا هو الذي سيخلق أرضيةً لأي عملية مصالحة بين التيارات المختلفة.
ومن جانبنا فنحن نطالب بحقوق الناس، فمصر تعاني خللاً في أمور كثيرة، وليس في السياسة وحدها، فيجب أن يتم إرسال نظام للمحاسبة عن طريق برلمان منتخَب بحرية، وأن تكون هناك وسائل إعلام حرة، وأن يكون هناك رأيٌ عام لديه كل المعلومات، ويجب كذلك أن تُعتمد خطط الإصلاح من هيئات تكون قابلةً للعزل والاستبدال، وحينما تولي وجهك تجاه أي نوع من الإصلاح فإنك لا تستطيع أن تطمئن إليه إلا من خلال الإصلاح السياسي.
  • هل تشعر بأن منظمات حقوق الإنسان في مصر تصرخ في وادٍ بعيدٍ عن آذان الحكومة؟
هذا ينطبق على كل المصلحين من رجال الفكر والرأي والأحزاب والمنظمات الأهلية، وهذا وضع مؤسف؛ حيث تُرك لهذه الأطراف مهمة التحدث والنقض، في حين تحتكر طبقةٌ معينةٌ سلطةَ تنفيذِ ما ترى أنه مناسب بصرف النظر عما يلاحظه الآخَرون، وأستطيع أن أقول إن وضع منظمات حقوق الإنسان أصبح أفضل في ظل دعوات إصلاح حقوق الإنسان، الناتجة عن تعدد المنظمات التي تنادي به، وتبنِّي شخصيات جادة في مصر قضيةَ حقوق الإنسان من خلال تحليلاتهم وبرامجهم، ولكن على المستوى العملي يصعُب الحديث عن تقدم في سلوك الحكومة نحو احترام حقوق الإنسان في مصر.
لا يمكن المقارنة بين مجال عمل المنظمات غير الحكومية والمؤسسات التي تُنشئها الدولة، فالإنصات للمؤسسة الحكومية من جانب الحكومة يكون أفضل بالطبع، ولكن على جانب آخر تمتلك المنظمات الغير حكومية من الوسائل- بالضغط وتوصيل الرسائل- ما لم يمكن لمؤسسات الدولة أن تقوم به، وهناك مثال واضح على ذلك، ففي الوقت الذي أبدى المجلس القومي لحقوق الإنسان انزعاجَه لما يحدث للمصريين في الخارج تمكَّنت منظمةٌ أهليةٌ من انتزاع حكم قضائي يُدين الحكومة لتقاعسها في حماية هؤلاء العمال، وفي بعض الأحيان تتشابه وسائل العمل بين المنظمات الحكومية وغير الحكومية، ولكن لا يمكن استبدال إحداها بالأخرى.

المصدر