(المستر في الميتنج)

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
مراجعة ٢٠:٠٦، ١٧ أبريل ٢٠١١ بواسطة Moza (نقاش | مساهمات) (حمى "(المستر في الميتنج)" ([edit=sysop] (غير محدد) [move=sysop] (غير محدد)))
(فرق) → مراجعة أقدم | المراجعة الحالية (فرق) | مراجعة أحدث ← (فرق)
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
(المستر في الميتنج)

15 مايو 2009

بقلم: عماد الدين حسين

ذات يوم، وفى بداية التحاقى بالعمل فى صحيفة «البيان» الإماراتية فى دبى، فوجئت بعامل النظافة الآسيوى ينادينى بقوله: مستر! تعجبت من الأمر لكننى عذرته باعتباره لا يعرف العربية، لكن تعجبى زاد بعد أيام عندما عرفت أنه يجيد العربية بدرجة أفضل من بعض العرب أنفسهم.

التعجب وصل إلى مرحلة أخطر حينما فوجئت بموظف عربى يدعونى بنفس الكلمة «مستر»، ثم لم يعد الأمر محتملا حينما تكرر نفس الموقف من موظف مصرى فى نفس المكان.

وبعد أن بدأت أفهم دبى جيدا عذرت الاثنين الآسيوى والعربى، فالمدينة كوزموبوليتانية عالمية، والجنسيات فيها أكثر من أعضاء الأمم المتحدة، ولذلك فإن الإنجليزية أو ــ ما تيسر منها ــ صارت المشترك الوحيد هناك بدءا من التعامل مع سائق التاكسى مرورا بالهيئات الحكومية وانتهاء بتخاطب العرب فيما بينهم بها رغم وجود قوانين تمنع ذلك.

عدت من الإمارات ممنيا النفس بنهاية مرحلة الانقسام والتشظى اللغوى والإنجليزى باللهجة الهندية.

فى أيامى الأولى بالقاهرة وعندما بدأت الاتصال بالزملاء والأصدقاء فوجئت بكثير من السكرتيرات تجيبن فى معظم الأوقات بالتعبير الذى صار يدمر أعصابى لاحقا وهو «سورى المستر فى الميتنج».

أو متأسفة الأستاذ فى الاجتماع. كنت وقتها أعتقد أنها «فذلكة» سكرتيرة أو محاولة لإيهام الآخرين أنها تعرف لغة واتيكيت، لكن تكرار الأمر مع غالبية السكرتيرات أكد أن الأمر ليس عشوائيا بل هناك تنظيم على أعلى مستوى يقف خلف المسألة!.

وبمرور الوقت صارت الأمور تتضح شيئا فشيئا، ولم يعد الأمر قاصرا على السكرتيرات، بل تعداه إلى بعض من الأصدقاء والزملاء وكل من تقابله. والجميع يحاول الرطن أو حشو «كلمتين إنجليش» وسط الحديث العربى.

وإضافة لكلمة الـ«Meeting»، بدأت تتسلل إلى أفواه الكثيرين مصطلحات أخرى، فبدلا من أن يقول أحدهم «مضمون» تراه ينطقها «content» أما الاتجاه أو النزعة فصارت «Attitude»، وتعبير المفهوم أصبح «consept» والتعميق تحول إلى «In depth» وهكذا بدأ الأمر يتسع لدرجة أننى وجدت اثنين مصريين يتحدثان بالإنجليزية فيما بينهما دون أن يرمش لهما جفن.

لست متجنيا كما يعتقد البعض، لكننى أيضا أدرك أن البعض يتحدث ببعض الألفاظ الإنجليزية دون قصد أو تكلف، لأنه تعود على ذلك أو درس ذلك منذ الصغر وأن ثقافته فعلا أجنبية.. لكن كيف يمكن تفسير الأمر بالنسبة لسكرتيرة من الوراق أو الدويقة أو المعتمدية ـــ مع كل التقدير والاحترام لهذه المناطق ــ وهى تتحدث عن «الميتنج».

بالطبع بعضهن معذور لأن رؤساءهن يفضلون ذلك أحيانا، لكننى فجعت عندما علمت أن عقدة اللسان الأجنبى صارت متحكمة فى ذهنية بعض قادة الرأى لدينا، فإذا تحدثت إلى مسئول بالإنجليزية طالبا بعض المعلومات «سوف يجيبك فورا»، أما إذا خاطبته بلغة الضاد فقد «يطنشك»!

وختاما، ويا كل من تدعون التحضر الزائف لا ندعوكم لقطع علاقتكم باللغات الأجنبية فهى مفيدة جدا، لكن توقفوا عن الرطانة، ولا تنسوا لغتكم العربية.

.. أوكى.. سى يو.. باى باى.

المصدر