( 2 ) مقالات عن اغتيال الدكتور عبدالعزيز الرنتيسي

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
( 2 )مقالات عن اغتيال الدكتور عبد العزيز الرنتيسي

مقدمة

د.عبد العزيز الرنتيسى.jpg
  • - مواكب الشهداء
  • -العزيز الفلسطيني!!
  • -الرنتيسي من منظار شعره
  • -الشهيد الرنتيسي ..... القدوة والنموذج؟
  • -الرنتيسي وقرابة الإسلام
  • -الرنتيسي في قافلة الشهداء
  • -كان واحدا من الأقلين ..
  • -استشهاد الرنتيسي .. نهاية الوهم و بداية الانتصار
  • -آخر الصبر
  • -وراء الكلام
  • -هل تحرك دماء الرنتيسي إنسانية زائفة في ظل كفران للحق
  • -اغتيال الرنتيسي‏..‏ وسقوط الأقنعة‏!‏
  • -يا رنتيسي..فزت ورب الكعبة!


مواكب الشهداء

نزار عابدين

صحيفة الوطن القطرية 19/4/2004

يحيى عياش.. فتحي الشقاقي.. أبو علي مصطفى.. خليل الوزير.. غسان كنفاني.. كمال ناصر.. إسماعيل أبو شنب.. ناجي العلي.. صلاح شحادة .. أحمد ياسين.. عبدالعزيز الرنتيسي.

الموكب طويل جداً. وقافلة الشهداء ينضم إليها علم جديد كل يوم.. آلاف من الشهداء من كل الأعمار.. يرفعون الرايات المعطرة بدمائهم الزكية الطاهرة.. ويرسمون الطريق.

وأستعير من سيد الخلق وأشرفهم وأكرمهم أبي الزهراء محمد صلى الله عليه وسلم فأقول: «إن العين لتدمع.. وإن القلب ليخشع وإنا على فقدك يا عبدالعزيز لمحزونون» ولكننا محزنون أكثر على فقد ما هو أكبر.

إننا حزانى على أمة ضيعت كرامتها وهيبتها. فلم تعد قادرة على رد أي لطمة. وهانت على الناس.. يضربونها على خدها الأيمن فتدير لهم الأيسر.. فلطمة هنا ولطمة هناك. وبينهما ركلة من شارون أو بوش أو باراك أو بيغن أو مائير أو ريغان أو كلينتون أو نتانياهو.

تستباح أرضها .. مقدساتها .. مساجدها .. أعراضها .. أرواح أبنائها .. أرضها .. كرامتها.. يتجرأون على إسلامها .. على نبيها .. على قرآنها .. فترضى .. وقد تقبل اليد التي لطمتها .. والقدم التي ركلتها.

ماذا يحرك هذه الأمة؟ ومتى تثور لكرامتها؟ وكم من الشهداء يجب ان ينيروا الطريق بدمائهم ليفهم السادرون في غيهم إن الطريق التي يسلكونها لا تؤدي إلا إلى مزيد من المذلة والهوان .. سبعة وثلاثون عاماً من الذل والهوان .. ومنذ الهزيمة التي فضحت كل الأكاذيب ما مر يوم على الأمة وكانت فيه خيراً مما كانت في سابقه .. في كل يوم تزداد خنوعاً وخضوعاً صار الذل طعام الأمة وغذاءها وشرابها والهواء الذي تتنفس .. ولا تتحرك الأمة .. ولا يفعل قادة الأمة شيئاً.

قالوا إننا ظاهرة صوتية .. نشجب ونستنكر ونندد وندين. وقد تخرج مظاهرات. وقد ترفع لافتات. وقد تلقى خطب وأشعار. ثم لا شيء. ويبدو أنهم صدقوا. المقاومة إرهاب. وخيرنا من سلم للأعداء بكل شيء. وقال لهم سمعاً وطاعة حتى الذين يحاولون أن يجاهدوا بأموالهم ويساعدوا إخوتهم بإرسال التبرعات والزكاة لهم. إرهابيون.

و تسكت الأمة ونصمت صمت القبور.. وهذا ينسجم بعضه مع بعض حسب منطقهم .. فمن يساعد المجرم مجرم.. ومن يساعد الإرهاب إرهابي.. أما يهود الولايات المتحدة وغيرهم الذين يمدون "إسرائيل" بالتبرعات فيقومون بأعمال خيرية.. أما مساعدات واشنطن للإرهابيين الإسرائيليين فدعم للحرية والسلام والديمقراطية.

عبدالعزيز الرنتيسي مثله مثل إخوته المجاهدين. كان مشروع شهيد وكان ينتظر إحدى الحسنيين: النصر أو الشهادة. وكان يردد قول الله تعالى «فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون» (الأعراف. يونس. النحل) وكان كما قال عن نفسه «ينتظر الشهادة وربما يطلبها» وقد أكرمه الله بها ليأخذ مكانه بين أسلافه الشهداء الذين ضحوا بأرواحهم لتكون كلمة الله هي العليا. ولكن العار يجلل هذه الأمة التي تترك دماء شهدائها تضيع هباء.. بل إنها تسهم في قتلهم.

«قال الماس للفحم: ألسنا من أصل واحد؟ فمن أين لك هذا الضعف والهشاشة؟ وأنا أقول لكم: ألسنا إخوة؟ فمن أين لكم هذا الخور؟» الماس والفحم كلاهما «كربون» والشهداء والمتخاذلون إخوة (هكذا يفترض) الشهداء أصلب الناس. كالماس بين الأشياء .. أما الخائفون الخانعون فكالفحم هشاشة وضعفاً. بل ربما كانوا أقل من ذلك.

=

العزيز الفلسطيني!!

خيري منصور

صحيفة الدستور الأردنية 19/4/2004

قبل استشهاده بدقيقة واحدة، كان عبد العزيز مختزلاً في اسمه على الأقل، إلى قرية رنتيس الفلسطينية، وهو الآن، فلسطيني بقدر ما هو عربي ومسلم وإنسان، والاغتيال الوحشي الذي مارسته "إسرائيل" ضده، أصاب هذه الأبعاد كلها، لهذا تظاهر الفلسطينيون والعرب والناس أيضاً.

ما لا نتمناه، هو أن يكون رهان شارون على انفعالنا الموسمي المؤقت، فرصته لمعاودة الكرة، واغتيال أعزاء آخرين غير العزيز الرنتيسي!

لقد كان الفعل أكثر من جارح وأكثر من موجع لأنه برهن على أن هذه الدولة هي عصابة وغير قابلة لأن تكون في أي يوم كياناً انسانياً، وحضارياً، وذا صلة بأي إطار أو قانون!

وسيكون شارون واهماً إذا اعتقد بأن الفلسطينيين اتقنوا مهنة لملمة أشلاء شهدائهم في الأكياس، كما أدمن العرب خارج فلسطين مسيرات مبرمجة، ومؤقتة ينتهي مفعولها مع جفاف الدم على الأرض إن كان مثل هذا الدم قابلاً للجفاف!

قبل يومين فقط من اغتيال العزيز الفلسطيني كان الرئيس بوش راعي الإرهاب والدولة العبرية وعراب الموت قد اغتال حق الفلسطينيين المشردين بالعودة إلى مساقط رؤوسهم، التي تحولت بفضل فائض الظلم والعسف والتنكيل إلى مساقط أرواح للعالمين!

إن متوالية الدم هذه، قد لا تلوح لها خاتمة، لكنها بالتأكيد ماضية برشاقة وإصرار وبسالة إلى قيامتها الوطنية والقومية.

فالعرب القادمون ليسوا كما حلمت بهم أنابيب العولمة، والتهويد، والأمركة، إنهم ملغومون حتى الأظافر والنخاع بموت إرادي، ما دام الجسد قد تحول إلى قذيفة عندما عزت القذائف وما دام الطفل قد بدأ يفتدي البالغين.

العزيز الفلسطيني سواء كان شيخاً طاعناً في المقاومة أو شاباً يكسر هراوة الاحتلال على ركبته.. هو رسول قيامة وشيكة، ووعد بفجر قومي طال ترقبه في سماء منع فيها تجول الشمس، وعلى أرض منع فيها تجول الأحرار.

عبد العزيز الرنتيسي : اغتيال إسرائيلي بقرار أميركي.. وعربي!

طلال سلمان

صحيفة السفير اللبنانية 19/4/ 2004

أصابت شظايا الصواريخ الإسرائيلية التي استهدفت طبيب الأطفال قائد حركة حماس " عبد العزيز الرنتيسي في غزة ، مساء السبت الماضي، كل بيت عربي.

شعر الناس جميعاً، نساءً ورجالاً، كهولاً وفتية، من المتفقين فكرياً وسياسياً مع حماس أو المختلفين معها، بصدمة الفقد وفجيعة خسارة مجاهد عظيم.

بل لعلهم شعروا بأن دماء هذا القائد المجاهد الذي كانوا يرتاحون إلى نبرته الصادقة بقدر ما كانت تبهرهم شجاعته وهو يواجه الموت الإسرائيلي في عينيه مرات ومرات، قد انتثر رذاذها على وجوههم، سواء أكانوا في فلسطين أم خارجها على امتداد الوطن الكبير الذي باتت فلسطين عنوانه أما سيرته فعراقية.

كانوا يعرفون أنه كان يعرف أنه إنما كان يمشي إلى الشهادة بقدميه، وأنه حين تقدم الصفوف إلى موقع "القائد" في حماس، فقد حمل نعشه على كتفيه ومضى لإكمال الرسالة المقدسة التي تتطلب بحوراً من دماء المجاهدين.

كانوا، ببساطة، يصدقونه. كان صدقه يصلهم صافياً رقراقاً فوق وجهه الذي يصير طفولياً متى ابتسم، والذي يتحول إلى مجسم للإباء والصمود والاعتداد بأرضه وتاريخ ناسها فيها وهو يعلن مواصلة الجهاد حتى النصر الذي قد يبدو مستحيلاً، لكن الإيمان يجعله قريباً منك مثل أرضك التي منها البداية ولها وفيها الولادة الثانية والثالثة والرابعة والألف للهدف المقدس: التحرير.

إنه أكثر الاغتيالات السياسية علانية في التاريخ.

إنه واحد من أفظع جرائم القتل العمد التي تحمل توقيع صاحب القرار ومنفذه بلا تهيّب أو خوف من حساب أو مساءلة سياسية.

فأما الشهيد الدكتور عبد العزيز الرنتيسي فقد كان يعرف بالقرار، بمصدره وأدواته، والموعد المحتمل للتنفيذ، ويعرف أيضاً ماذا سيُقال بعد تنفيذه لتبرير الجريمة التي تجري أمام عيون العالم جميعاً.

وأما شعب فلسطين فكان يعرف أن "القائد" هي مرتبة المنذور للشهادة، وأن موعد التنفيذ يتصل بكفاءة هذا القائد ومدى نجاحه في التعبير عن إرادة شعبه.

وأما الولايات المتحدة الأميركية، بإدارتها التي شطبت "العرب" من أي حساب، وذهبت في إهانة سلاطينهم إلى أقصى حد، فكانت تعرف، بل إن الترخيص بالقتل العلني صادر عنها، وتوقيع أرييل شارون عليه يقترن بتوقيع جورج .و. بوش.

وأما الحكومات العربية عموماً فكانت تعرف وتتجمّع على نفسها متحسبة من ردود الفعل عندها مع خشية محدودة من أن يفلت الأمر من يدها فتذهب إلى صدام مع شعبها لا تريده لأنه قد يفضحها ويعريها فيُسقط أهليتها لدى السيد الأميركي ومن ثم لدى السيد الإسرائيلي.

وأما أوروبا، بالدول المؤسسة لاتحادها وتلك التي ضمت إليه حديثاً بقرار أميركي، فكانت تعرف، وكانت بيانات التعبير عن الصدمة معطوفاً على ضرورة "مكافحة الإرهاب" معدة سلفاً، مع استثناءات محدودة لتصريحات قد تعبّر عن مزيد من التعاطف مع "القائد" الذي صار "ضحية"، ومن دون إدانة لصاحب القرار بالاغتيال العلني والمتباهي بتنفيذه، وبالاستعداد لتكراره داخل فلسطين وخارجها.

وأما الأمم المتحدة فلا تستطيع الادعاء بأنها قد بوغتت ب"إرهاب الدولة" الذي تمارسه "إسرائيل" جهاراً نهاراً وعبر قرارات علنية لحكومتها وتصريحات رسمية لرئيسها السفاح أرييل شارون، ولأطراف الحكم والمعارضة فيها باليمين واليسار و"حركة السلام الآن"!!

إنه أكثر الاغتيالات علانية في التاريخ.

بل إنها أول حرب إبادة معلنة ضد شعب بكامله، تشنها "إسرائيل" في وضح النهار من دون خشية أو تخوّف من انتقاد ولو خافتاً، ناهيك بالاعتراض..

تحوم طائرات الاستطلاع على مدار الساعة، وتجوب الدبابات والآليات العسكرية جنبات مدينة غزة التي هي مجرد شارع يزدحم فيه أكثر من مليون بني آدم، حتى إذا تمّ تحديد مكان "الهدف" بدقة، أغارت حوامات "الأباتشي" التي تغطيها فتحميها طائرات الأف 16 المقاتلة، فيتم التنفيذ بدقة لا مجال فيها للخطأ، إذ أن مسرح الجريمة مكشوف، ولا مجال لاحتماء "الهدف" أو "اختفائه" عن العيون التي ترصده من البحر والبر والجو... ومن ثم يتوالى السفاح شارون ووزراؤه ومعارضوه على الإعلان عن نجاح عملية "اصطياد" الضحية الأعزل إلا من إيمانه بأرضه وبحق شعبه فيها. وبعدها تقرظ حكومة السفاح جيشها الذي لا يقهر على هذا الانتصار العظيم، وتطلب له المزيد من الأسلحة الحديثة لضمان تفوقه وتلبي الإدارة الأميركية المطلب بغير نقاش.

ولأن الإدارة الأميركية قد أسقطت من حسابها "العرب"، وما كان يسمى "عملية السلام" التي أعجزهم ضعفهم وأعجزتهم فرقتهم وتفرّد بعضهم بل وغدر بعضهم بالبعض الآخر، عن "إنجازها" فهي قد أسقطت تحفظاتها (الشكلية) على إنجازات "جيش الدفاع الإسرائيلي" تنفيذاً لخطة حكومته بسحق الشعب الفلسطيني تمهيداً لطرد من تبقى منه داخل أرضه إلى... غزة، وبئس المصير، حيث يتم استئصال القيادات واستغلال البؤس واليأس والافلاس السياسي لإشعال الحرب الأهلية بين الفلسطينيين المتروكين للريح.

بل إن الإدارة الأميركية قد ذهبت إلى أبعد من ذلك فاندفعت تمارس النهج الإسرائيلي في التعامل مع شعب العراق المُخضع الآن لاحتلالها: كل من سولت له نفسه الاعتراض يقتل علناً وبلا تبرير! من يحاسب "المحرِّر" الذي جاء من البعيد لينفذ هذه المهمة الإنسانية النبيلة؟! وماذا إذا تلذذ بعض قناصة المارينز باغتيال من لا يعجبهم شكله من العراقيين، الذين غدوا مثل الفلسطينيين: بلا دولة، وبلا حماية عربية، وبلا رعاية دولية.

  • * *

ليس اغتيال الدولة المحتلة إرهاباً: لا اغتيال القادة السياسيين ولا اغتيال القناصة للمواطنين العزل، نساء ورجالاً وحتى الأطفال... لا اغتيال البيوت ولا اغتيال المدارس ولا اغتيال حقول الزيتون أو البرتقال..

ان "إرهاب الدولة" مشروع، وقد يحظى بتوقيع الأمم المتحدة، وقد يغدو "تحريراً" لشعب من طاغيته، أو تحريراً لأرض من شعبها..

السؤال الذي يرن في فراغ العجز عن الفعل، في مثل هذه اللحظات هو: من التالي؟! من "القائد" الفلسطيني الذي سيسبق رفاقه، كما فعل عبد العزيز الرنتيسي إلى الشهادة؟

وتتفرع من السؤال "المركزي" تساؤلات هشة:

من يكسر دائرة العجز المقفلة على هذه الملايين العربية تدور فيها وتدور حتى يهدها تعب اليأس من سلاطينها الأبديين ومن تنظيماتها العتيقة التي أشهرت إفلاسها؟!

لقد حوصرت "الشهادة" في قفص العجز... وباتت الرحلة، بتقاليدها المرعية الإجراء، قصيرة جداً: من شارع الاستشهاد إلى الجامع المسجد للصلاة على القائد الشهيد فإلى جبانة الشهداء التي بات عدد من اختارها بيتاً يوازي من هم في الطريق إليها.

والخوف الإسرائيلي من الشهيد، حتى بعد اغتياله، يظل أعظم بما لا يقاس من الخوف من رد الفعل في عشرين دولة عربية أو يزيد، ناهيك عن المسلمين الذين تجاوزوا المليار عدداً..

أما الخوف العربي الرسمي من "الشهيد" فيتجاوز كل الحدود المعروفة للفضيحة السياسية: إن السلاطين ينكرون الشهداء، فلا يقومون ولو بواجب التعزية حتى لا تحاسبهم "إسرائيل" عليها، وهم ينكرون صلاتهم القديمة "بأخوة الإيمان" هؤلاء الذين كانوا يتباهون في ما مضى بمساعداتهم لهم، انطلاقاً من أن الجهاد على المؤمن فرض عين..

من التالي، ذلك هو سؤال اليوم..

أما سؤال اليوم والغد وكل يوم فهو: إلى أين من هنا؟ ومن يوقف هذا التردي؟!

.. وأين هم السلاطين لا يحمون عروشهم بعدما ذهبت الاهانات العلنية، الأميركية قبل الإسرائيلية، بكراماتهم الشخصية ومن ثم بأهليتهم لتمثيل شعوبهم؟

لقد أسقط الجهاد الفروق العقائدية بين العاملين من أجل تحرير الأرض واستعادة الحق فيها ومعه الكرامة..

وها هو دم الشهداء يزكيحماس ويحلها في الصدارة بين المجاهدين من أجل التحرير، فالخلاف العقائدي الآن ترف لا تحتمله المرحلة، بل إنه هرب علني من الميدان.

ها هوعبد العزيز الرنتيسي يغادرنا قائداً عظيماً قدم النموذج الفذ للمجاهد الذي ارتدى كفنه عباءة للقيادة وتقدم الناس إلى واجبه، فأحبه الناس حياً، وبكوه شهيداً، ثم جعلوه في ضمائرهم نموذجاً وقدوة.

وداعاً أيها القائد الذي تولى القيادة أياماً لكنه سيكون علامة مضيئة في طريق شعبه، وأمته، إلى التحرير... سيكون في غدنا.

الرنتيسي من منظار شعره

بقلم : سمير عطية

على دروب القدس ، تناثرت القوافي ...

على دروب الوجع ، تصحو " القصيدة الرنتيسية" لتكتب أجمل الأشعار وبأغلى ما يكون الثمن .

اليوم ، تعانق فلسطين شاعرها الشهيد الذي طالما غنى لحلمها ، وتغنى بمجدها ، والذي رسم على طريق الوطن زيتونه الاخضر ، ورسم على فضائه أروع الشموس قبل أن يخضب الأفق المقدسي بالشفق ، ويعانق الأرض التي طالما أحب ، ليلحق بمن عشق من الأنبياء والشهداء ...

كان يمكن أن يجعل من قلمه رصاصا في صدور الأعداء ،...غير أنه كان يريد أن يجاهد بلسانه وبقلمه وبسيفه في زمن تيبست فيها رصاصات الأشقاء وصارت أقلام الكثير منهم تهفو إلى " لغة التعايش " مع العدو الصهيوني .

كان يمكن أن يترك نفسه ليداوي الأطفال الذين تعلم العلم لعلاجهم ، لكنه أراد ل فلسطين أن تتعافى من علة الاحتلال لا العلل الصورية البسيطة . من هنا يطرق ندائه الشعري قلوبنا وهو ينادي في أبناء أمته أن لا يخافوا الموت

وقفتنا مع الشاعر الشهيد ، وقفة فخر ، وقراءة يحق للقصائد أن تفخر بصاحبها لأنها ستحلق من الآن فصاعدا في فضاء الوطن ، جاعلة من تحليقه في أفق المجد طريقا لتحليقها في صدور المحبين وألسنة المجاهدين وديوان الإباء والصمود . وهنا ، ونحن نبدأ لنرى في وصيته القديمة الجديدة نداء كي يسارع أبناء الأمة في صنع الحياة .. الحياة الكريمة و العزيزة عبر الممات الكريم والعزيز لقائد هو " عبد العزيز " ، لن أكتب أكثر فمطلع القصيدة خير من يقدم نفسه  :

قمْ للوطنْ ، وادفعْ دماكَ لهُ ثمنْ... واطرحْ بعيداً كلَّ أسبابِ الوهنْ

فالموتُ أهونُ مِنْ غبارِ مذلَّةٍ.... فلربَّ ذُلٍّ دامَ ما بقيَ الزَّمنْ

أفمنْ يذوقُ الموتَ كأساً واحداً.... يجلو كما الترياقُ أوصاب البدنْ

أمَّنْ يعيشُ العمرَ ميْتاً يشتهي.... طعمَ البلى فيرد كلاّ ، لا ، وَلَنْ

وهذا النداء ، نجده أيضا في قصيدته الشهيرة "حديث النفس " التي انسابت على شفاهه في " مرج الزهور " ، وهو يؤكد على الوصية ذاتها في الحرص على الممات بكرامة خير من حياة الذلة :

فالموتُ خيرٌ منْ حياةِ الخنَّــعِ

ولذا فشــدِّي هَّمتي وتشجَّعـي

وهو هنا يُذكِّر بملحمة الصمود التي ارتسمت في مسيرة الشيخ الشهيد أحمد ياسين مرورا بحكاية الثبات في مرج الزهور ، وكيف تحولت خيمة اللاجئ إلى خيمة للإصراء ورفض التهجير والتمسك بالحلم والأمل في العودة إلى الوطن في قصيدة حمل عنوانها " التحدّي" في كلمة تختصر كثيرا مما نريد ان نقول أو نُفصِّل :

عُودوا إلى المشلولِ ياسين العُــلا ....بحماسِهِ دارتْ على البغيِ الدَّوائـِـرْ

فَغداً تعودُ لنــا الدِّيــــارُ تبثُّنا....أشـواقها، ونقــيلُ في ظـلِّ البيادرْ

لنكحِّــلَ العينين مِـنْ أطيافِهــا....ونردِّدَ التَّسبيــحَ مع رنّاتِ طائــرْ

عودوا إلى مرجِ الـزُّهور لتعلموا.... أنَّ المبادئَ لا تـَذِلُّ إلـى مُـكابـرْ

وهو في هذا المقام لا يعرف اليأس طريقا إلى قلبه فكيف يصل إلى قلمه؟؟! فالظلام الذي يلقي بسواده على فلسطين وأشواقها ، ويحاصر ظلم الاحتلال آمال النفوس ، كل هذا لن يغير الحقيقة الجلية أو يزلزل الإيمان الراسخ في الصدور :

أنَّى التفتُّ وجـدتُ أنَّ اللَّيـلَ آذن بـالرحيـلْ

فالكـلُّ منْ حَولي يسـوقُ بشـائرَ المجدَ الأثيلْ

والبدرُ يحكي في العـلا شـمماً بطولاتِ الرَّعيلْ

ولعل " فلسفة الشهادة " المتعمقة في نفس شاعرنا الشهيد ، ولذلك نرى أن ثقافة الاستشهاد تجعل من كل الذين صاروا في حواصل طيور خضر عند مليك مقتدر ، وهذا ما نراه في قصيدة " الشاعر الشهيد " حين كتب رثاء في " المهندس يحيى عياش " :

عيّاشُ حيٌّ لا تقلْ عيّاش ُ ماتْ....أو هل يجفُّ النّيلُ أو نهرُ الفراتْ

عيّاشُ شمسٌ والشّموسُ قليلةٌ ....بشُروقها تُهدي الحياةَ إلى الحياةْ

والجميل والعجيب في نفس الوقت ، ما نقرؤه في ختام هذه القصيدة حين يتلو النداء الشعري على قلوب محبي عياش فيقول:

أبشر فإنَّ جهادنا متواصلٌ ....إن غابَ مقدامٌ ستخلُفُهُ مئاتْ

ربما يكون عشق التضحيات أصدق ما في هذه الأبيات وأكثر ما يُعبِّر عن الهوية الشعرية للشهيد الحبيب ، ولذا فإنّ قصيدته " حديث النفس " وما بها من معانٍ وصور وانسيابية شعرية ورقة في موسيقى قوافيها وتنوعها يجعل من هذه الأبيات شعارا يرمز إلى هوية شاعرنا ، ويلخص أمله في مسيرته التي اختلط فيها الوجع والألم بالحلم والأمل :

إنَّ الحياةَ وإنْ تطلْ يأتِ النَّعي

فإلى الزَّوال مآلُها لا تطمعـي

إلآّ بنيــلِ شهادةٍ فتشفَّعــي

الشهيد الرنتيسي ..... القدوة والنموذج؟

عبد الكريم الحشاش

قال تعالى: " من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدّلوا تبديلا" صدق الله العظيم.

رحم الله الشهيد عبد العزيز الرنتيسي فقد كان مثالاً نادراً للقائد الفذّ، قوله وفعله سيّان، فهو قال وحال، وهو الحفيّ بـ "الرائد لا يكذب أهله" وكان متّزناً في كلّ شيء في مظهره وجوهره، صريحاً كلّ الصراحة لا تأخذه في الله لومة لائم، نافذ البصيرة، لا يساوم ولا يهادن ولا يرائي، وكان الثوريّ العنيد، فهو القدوة والنموذج الذي يصعب احتذاؤه، يزن الأمور بدقّة متناهية، لا يجمح به غرور، ولا ترهبه قوّة غاشمة، يحترمه جاره وسجّانه، متواضعاً إلى أبعد الحدود، كان القدوة في تحصيل العلم في أصعب الظروف فقد حصل على الإجازة في الطبّ وهو بين مطرقة الاحتلال البغيض وسنديان الشقيق العقوق، وكان المهنيّ الناجح الكريم الزاهد العطوف الصبور الودود المثابر، سخّر علمه وعمله لوجه الله، وهو الذي يفتي بلا غلوّ، والذي يدفع بالتي هي أحسن، تشغله هموم الأمّة بأسرها، .

ويبغض الانكفاء على النفس ويؤكّد على أنّ النضال في فلسطين يجبّ أن يتواكب مع نضال أشقّائنا في العراق، فالمعركة واحدة والعدوّ واحد، وكان يعتقد بأنّ كلّ المحادثات والاتفاقيّات ما هي إلاّ ملهاة ومضيعة للوقت والأوطان وتخدير لطلاّب الحريّة والتحرير ولشقّ الصفّ وبعثرة الجهود، كان حريصاً على لمّ الشعث وكظم الغيظ، كان صمّام الأمان للاحتراب الداخلي في الساحة الفلسطينيّة، محبوب لمن يخالفونه الرأي، غير متشنّج، لا يهمل أحداً، يردّ على المكالمات دون تذمّر، ويحرص على الإجابة على الرسائل العاديّة والإلكترونيّة بدأب واحترام، كان يجاهد ويناضل عن وعي لطبيعة العدو وصعوبة المرحلة، كان يعرف أنّه مستهدف وقد أصيب من قبل، ويعرف أنّه ملاحق ومطارد رغم ذلك لم يؤثر الاختباء والانزواء،

كانت الزعامة تسعى إليه وهو لم يطلبها، سعى إلى الشهادة فنالها، حتّى لا يقال إنّه لا يقصد ما يقول، فالكثيرون الذين يتمنّون الشهادة، ولكنّهم يهذون بألسنتهم، ولا يسعون لها سعي الطالب الحثيث، وكان يصرّح إنّ المنيّة واقعة فما دامت لا تؤجّل فلماذا لا تكون شهادة في سبيل الله ولعزّة دينه ودفاعاً عن حياض الوطن، وهذا غاية الإيمان وتصديق لوعد الله عزّ وجلّ بشأن الشهداء، وكانت البشائر تطلّ من محيّاه، كان يهدّئ روع المرتاعين ويشيع الطمأنينة في نفوس الخائفين، عندما خرج من بيته للشهادة كان في غاية الحبور، وكان البشر يعلو جبهته في جنازته، جماهير غفيرة شيّعت الجنازة، وكأنّ النعش يطير بالمشيّعين، وقد أثار استشهاد الرنتيسي الأمّة بأسرها عبّر عن ذلك بمظاهرات حاشدة عمّت العالم بأسره خرجت مستنكرة ومتضامنة، إنّ استشهاد عبد العزيز الرنتيسي لن يفتّ من عضد المجاهدين، بل أثار شحنة جديدة للمدّ الثوريّ والجهاديّ بزخم جارف ووتيرة عالية، وسيكون لاستشهاد عبد العزيز الرنتيسي ردّ فعل عنيف على الأعداء في الداخل والخارج، " وسيعلم الذين ظلموا أيّ منقلب ينقلبون".

الرنتيسي وقرابة الإسلام

د.أسامة الأحمد

في تعريف لطيف ، يقول الإمام الشافعي:

" الزكاة هي نفقة تجب على أغنياء المسلمين لفقرائهم بقرابة الإسلام "..

تذكرت هذا التعبيرالملهَم " قرابة الإسلام" إذ كنت أتابع الأخبار في محطة الجزيرة ، وإذ بالأخت المذيعة خديجة بنقنة متشحة باللون الأسود حزناً على شهيد المليارعبد العزيز الرنتيسي..

فتساءلت في نفسي:

هي من الجزائر وهومن فلسطين الرباط ، وليس مظنة قرابة رحم، فلماذا لون الأحزان؟!

وهمست في سري إنها " قرابة الإسلام " ..

وفي أثناء الأخبار.. هزّني غضب المليار.. في دمشق و القاهرة وبغداد وعمان و الجزائر و اليمن ، وفي كل مكان يوجد فيه عربي مسلم ، وتساءلت لماذا تغضب هذه الملايين وتحزن؟!

وهمست في سري إنها " قرابة الإسلام " ..

فيا أخي الكبير

سكونُك حركة أمة .. وموتك حياةُ ضمائر..

وشهادتك مهرجان إيمان.. ومحفل يضم في ساحاته مليار مسلم في الأرض ، وما لا نعلم من ملك في السماء ..

فأية قوة جعلتك تتسلل إلى قلوب مئات الملايين لتستقر فيها ؟!

ويا أخي الكبير

شهادتك لوحة فريدة ،و لها مذاق فريد ..

مذاقها قهرٌ يمرّ بالصبر في طريقه إلى النصر ..

مذاقها قوة تُخلق من ثناياالضعف .. وأملٌ ينبجس من أعماق اليأس .. وحياة تخرج من رحم الموت..

شهادتك يا أخي إعلان علىالملأ أنك تشهد أنّ دين الله أهل لأن تقدّم له الدماء ..

فأي حرف مسكين يتجرأ ليكون رثاء لك يا أسد الشهداء؟!

وأي ورد يحق له أن يستر جرحك المعطر ؟!

وأي لون مداد يزهوعلى لون مدادك الأحمر ؟!

في حياتك يا أخي كتبت إليك قصيدة " الشهيد الحي" أبارك لك فيها نجاتك من غدر يهود، وفيها:

فداً لعينكَ عينُ كل خـؤون ِ *** باع التـرابَ وشجْرة الزيتـون ِ

قسماً ستغدوالقـدسُ أروعَ قصةٍ *** في الحُبِّ تُنسـي قصةَ المجنـون ِ

كم في ضفائرها الكِـرامِ تعلقتْ *** أوتـارُ قلبٍ ، أو دموعُ جفـون ِ!

عبدَ العزيزِ! وأنتَ فجرٌ سـاطعٌ *** يجلـو ظـلامَ فـؤادِنا المحـزون ِ

كم في حروفكَ من هديرٍ ثـائر ٍ*** كم في سكوتكَ من جلالِ سُكون ِ

إنْ شئتَ فاهجعْ في حناياأضلعي *** أو شئتَ فاسهرفي سوادِ عيـوني

وجاء جوابك الكريم دعوة صالحة، وشهادة كبرى لقلمي..

( الأخ الكريم ..

أحييك من أعماق قلبي على قصائدك الرائعة، وأسأل الله أن يجعل ذلك في ميزان حسناتك، وسأنشرها على الموقع بإذن الله )


أخوكم

عبد العزيز الرنتيسي

وفرحت.. فرحت يا أخي بنجاتك ..

وفرحت بكتابتي لك ..

وفرحت بكلماتك التي كانت وساماً يزين حروفي..

وفي ليلة لا أسمّيها! ليلة استشهدت فيها ، كتبت قصيدة" الرنتيسي في عيون المليار" ، وفيها:

يا من وقفتَ بمركزالإعصار ِ *** طوْداً يجاهد خلفَ خط النارِ

عجباً لأمرك! ما فعلتَ بمهجتي *** يا سيدي .. وبمهجة المليارِ!

قل لي، حبيبي، قل لمليارٍ بكوْا *** واكشفْ لهم عن روعة الأسرارِ

فلقد لمحتُ اليوم فيك شمائلا ً *** و ملامحاً من أوجُهِ الأنصـارِ

هل في عروقكَ من دماء مهاجر ٍ*** صحِبَ النبيّ محمداً في الغارِ!

عبدَ العزيز! وأنت نبضٌ هادرٌ *** للسـائرين على هدى المختارِ

وحزنت.. حزنت يا أخي لفقدك ..

وحزنت لكتابتي عنك..

وحزنت فقصيدتي ستبقى عاطلة بلا وسام !..

فيا سيد الكلمات ..

ويا عزيز الجراح ..

وياملتقى قلوب المليار

طبت ميتاً كما طبت حيا ..

أسأل الله تعالى أن يجعل " الوسيلة" سقف بيتك في الجنة ..

وأسأله أن يجعل أنوارك وأفكارك قسمة بين المسلمين " بقرابة الإسلام "..

ويا أخي الحبيب

لم يكن من حظي ولا من حظ المليار أن نلتقي بك في الدنيا ..

فنسأل الله تعالى أن يجمعنا بك في ظله على ضفة الكوثر، صُحبة النبي الأعظم صلى الله عليه وسلم ..

فهناك ثمة مراحُ المؤمنين .. ومُستراحُ الصابرين ..

(( يوم ترى المؤمنين والمؤمناتِ يسعى نورُهم بين أيديهم وبأيْمانهم بشراكمُ اليومَ جناتٌ تجري من تحتها الأنهارُ خالدين فيها ، ذلك هو الفوزُ العظيم )

الرنتيسي في قافلة الشهداء

.. فقدت حركة المقاومة الإسلامية حماس وفقد الشعب الفلسطيني وفقدت الأمة الإسلامية بالأمس القريب 17/4/2..4م احد قادتها العظام الدكتور عبد العزيز الرنتيسي الذي اغتالته يد الغدر الصهيونية الآثمة ، لينضم اسم القائد عبد العزيز الرنتيسي الى ركب قافلة الشهداء الأبطال في فلسطين

أقدمت "إسرائيل" على جريمتها البشعة وكعادتها دون أن تحسب أية حسابات للحقوق الإنسانية والمواثيق الدولية ودون أي اعتبار أو اكتراث للعدالة الدولية في عملية تصفية بشريه لقادة المقاومة الفلسطينية ترفضها جميع الأعراف والشرائع الدولية ، أقدمت إسرائيل على هذه الفعلة المشينة وهي تدرك ان هناك ضوء اخضر سابق ومساندة كبرى من قبل الولايات المتحدة الأمريكية كيف لا وطائرات الاباتشي التي تقصف وتغتال ابناء الشعب الفلسطيني هي طائرات امريكية الصنع وكأن الولايات المتحدة هي التي أعطت إسرائيل الأوامر لتصفية جميع أشكال المقاومة الفلسطينية ، .

كل تلك الجبروت والغطرسة والاستكبار العالمية سوف تدفع إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية ثمنها لا بل سوف تصل نتائجها الى المجتمع الدولي بأسره وذلك عندما يختل الأمن والسلم الدولي وتتفجر الأوضاع في العالم أينما يمكن أن تصل إليه المقاومة الإسلامية نتيجة تلك الممارسات الإسرائيلية الوحشية والدعم الأمريكي اللامتناهي لها .

ولد الدكتور عبد العزيز الرنتيسي في إحدى القرى الساحلية الفلسطينية (يبنا) بين يافا وعسقلان في اراضي ما يسمى الان اراضي 48 وذلك في عام 1947 م وهاجرت اسرته اثر الاحتلال الاسرائيلي ل فلسطين عام 1948 واستقرت في مخيم خان يونس وكان عبد العزيز في ذلك الوقت طفلا لم يتجاوز العام وقد درس في مدرسة تابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين وانهى دراسته الثانويه عام 65م ثم واصل دراسته الجامعية في جامعة الإسكندرية ليتخرج طبيبا في عام 1972 م عمل بعدها طبيبا للأطفال في خان يونس ، كذلك عمل عبد العزيز الرنتيسي في الجامعة الإسلامية في غزة منذ افتتاحها عام78م .

اعتقل الدكتور عبد العزيز الرنتيسي على أيدي الاحتلال الصهيوني عدة مرات فقد اعتقل عام 82م ثم ساهم عبد العزيز الرنتيسي بعدها في تأسيس حركة المقاومة الإسلامية حماس في قطاع غزة عام 87م واعتقل بعدها عام 88م ليمضي في السجن قرابة عامين ونصف ثم افرج عنه ليعتقل بعد فترة وجيزة في نفس العام 199.م ليظل رهن الاعتقال الاداري لمدة عام , ثم ابعد بعد ذلك مع 4..شخص من نشطاء وكوادر الجهاد الاسلامي وحماس الى جنوب لبنان وبرز عبد العزيز الرنتيسي حينها كناطق رسمي باسم المبعدين الفلسطينيين المرابطين في مخيم العودة بمرج الزهور ، ثم يعود بعد ذلك إلى وطنه فلسطين ويعتقل مرة أخرى ليظل حتى عام 1997 م ، .

ويمتاز الدكتور عبد العزيز الرنتيسي بقوة البيان وتتمتع خطاباته بالتوجه الإسلامي المستشهد بالآيات القرآنية ، اختير عبد العزيز الرنتيسي كزعيم لحركة المقاومة الاسلامية في قطاع غزة بعد استشهاد الشيخ احمد ياسين ، و عبد العزيز الرنتيسي يعد من المؤسسين السبعة للحركة ، وكان دائما يؤيد العمليات الاستشهادية للرد على الظلم والطغيان الصهيوني ، وجاء اغتيال الدكتور عبد العزيز الرنتيسي ضمن خطة عنصريه خبيثة من الكيان الصهيوني لتصفية جميع أعضاء فصائل المقاومة الفلسطينية البارزين فبعد اغتيال يحيى عياش مهندس الانتفاضة الاولى عام96م واغتيال صلاح شحادة زعيم الجناح العسكري ل حماس في غزه عام2..2م .

واغتيال أبو على مصطفى ومحمود أبو هنود واغتيال إسماعيل أبو شنب واغتيال الشيخ احمد ياسين في 22/3/2..4م مؤسس حركة حماس والزعيم الروحي لها ليكمل حلقه من مشاريع الشهادة بدأ مع استشهاد الشيخ عز الدين القسام عام 1936 م ويكمل سلسلة من الاغتيالات الاسرائيلية الوحشية لهؤلاء القادة السياسيون الفلسطينيون والذي يضعه القانون الدولي في طليعة الجرائم السياسيه هذا القانون الذي ما برح العدو الصهيوني تجاوزه فإلى متى سيظل هذا الكيان الصهيوني المارق متجاوزا لهذه المفاهيم الإنسانية والدولية ؟

لقد أحدث اغتيال عبد العزيز الرنتيسي صدمة كبيرة في جميع أرجاء العالم الإسلامي كونه احد الشخصيات البارزة في المقاومة الفلسطينية الباسلة والقائد المعنوي الكبير للانتفاضة الفلسطينية البطله ، رغم انه لم يمضي على جريمة اغتيال الشيخ احمد ياسين شهرا واحدا ، لكن الساحة الفلسطينية ليست حبلى ومليئه بالأبطال وساحة رباط الى يوم القيامة كما وصفها الرسول المصطفى صلى الله عليه وسلم ، .

وفور إعلان النبأ تحركت المظاهرات والمسيرات في الكثير من المدن الفلسطينية لتعبر عن غضبها الكبير لاغتيال قائد حماس الكبير وهو في أوج عطاءه الجهادي ، ولتعلن عن تلاحم جميع فصائل المقاومة الفلسطينية في لحمة واحدة وتعلن ان دم الشيخ احمد ياسين لم يبرد بعد ودم الدكتور عبد العزيز الرنتيسي سيكون غاليا وستدفع إسرائيل ثمنه باهظا ولن يفرق الرد الفلسطيني بين كبير وصغير في إسرائيل وعلى رأس المستهدفين سيكون رئيس الوزراء الصهيوني نفسه المشرف على هذه الاغتيالات والذي أعطى الأوامر المباشرة لاغتيال هؤلاء القادة الفلسطينيين

إن الرسالة الإسرائيلية هي موجهه الآن الى الأمة العربية والإسلامية التي تشاهد ما يحل في فلسطين وفي أبناء الشعب الفلسطيني الذي يجابه الآلة الصهيوامريكية بكل قوتها وجبروتها وهو في عزلة تامة وحصار مفروض من قبل الدول العربية قبل الحصار الصهيوني نفسه وبالتالي فإن الرسالة تعني ان الشعوب العربية والإسلامية سوف تنفجر اثر هذا الاحتقان الكبير وسوف تفجر معها كل شيء جراء ما تشاهدة من انتهاكات ومجازر صهيونيه مدعومة من قبل الولايات المتحدة الامريكيه التي تتغاضى عن تلك الجرائم البشعه لا بل تسوغ وتبرر مشروعيتها بل وتوفر لها الحماية الكاملة إذا اقتضت الضرورة ، وبالتالي فان الواجب الإسلامي يفرض نفسه على الدول العربية والإسلامية أن تنهض من سباتها وتتحرك لحماية الشعب الفلسطيني مهما كلف الأمر

رحمك الله أيها البطل المقاوم الدكتور عبد العزيز الرنتيسي وعزاؤنا فيك أنك ماضي إلى جنان الخلد وان الساحة الفلسطينية ستخرج من بعدك ألفا من يحملون اللواء ، وقد فزت ورب الكعبة ، ولا نملك لك إلا الدعاء

خميس بن عبيد القطيطي - سلطنة عمان

كان واحدا من الأقلين ..

الأستاذ محمد أبو عزة

حلّق "الدكتور عبد العزيز علي عبد الحفيظ الرنتيسي" من "غزة هاشم" إلى عالم الغيب والشهادة، ليخلد في رحاب ربه، بين الصديقين والشهداء –بإذن الله-.

رحل طبيب الأطفال المجاهد عن عالمنا الأرضي المدنس والعفن، ليلتقى بإخوانه الذين عبدوا درب الشهادة وزرعوه بالطيب والعبق، وعلى رأسهم شيخ الشهداء الشيخ أحمد ياسين–طيب الله ثراهم جميعا-.

هذه هي الحقيقة ..

ولكن الحقيقة أيضا أن الطبيب الشهيد لن يكون أبدا نسّياً منسّياً، ولسوف يظل مشعلا متقدا في وجدان الشعب الفلسطيني، بل في وجدان الأمة العربية والإسلامية.

ولقد تأكدت هذه الحقيقة جهاراً نهاراً في الأيام الثلاثة الماضية ..

تأكدت من خلال عشرات الآلاف من أبناء غزة الذين مشوا وراء جثمانه لمواراته حيث يرقد اليوم راضيا مرضيا، تحت تلال من أغصان الريحان، في التراب الذي أحبه أكثر مما أحب الحياة، وفوقه ضحى بدمه..

وتأكدت هذه الحقيقة أيضا في المدن والمخيمات الفلسطينية، في الأرض المحتلة وبلدان اللجوء، كما في العواصم العربية والإسلامية.. فقد تسابق مئات الآلاف لتقديم التعزية والتهنئة، أو التهنئة والتعزية ..بالشهيد العزيز السعيد.

لقد لاحظنا باحترام – لكي لا نقول باغتباط- تسابق الناس العاديين وأعضاء الهيئات الفلسطينية والعربية والإسلامية .. للمشاركة في الأيام التي يجوز لنا أن نسميها بالأيام ( الرنتيسية .. الياسينية.. الحماسية) .

ليس تسابقا من باب أداء الواجب، أو من باب "أضعف الإيمان"، وإنما ذلك التسابق الحار، تأكيدا على محبة وتقدير واحترام المجاهد الكبير، الذي تلقى الصواريخ الصهيونية مقبلا غير مدبر، بصدره ووجهه ورأسه الشريف.. تماما كما تلقاها شيخ المجاهدين الشيخ أحمد ياسين في الثاني والعشرين من آذار الماضي، وقبلهما القائد صلاح شحادة، والدكتور إبراهيم المقادمة و"أبو علي مصطفى"و"فتحي الشقاقي" و"يحيى عياش"، إلى آخر القافلة الطويلة من الشهداء الذين عطروا أيامنا، وأبهجوا أعمارنا.. بصمودهم وشموخهم وتضحياتهم...

والدلالة الرائعة لهذا التسابق أن الدكتور الشهيد كان من تلك القلة التي لا يختلف في تقديرها واحترامها اثنان.

وهذه ميزة نادرة بالتأكيد، فلا ريب أن الدكتور الشهيد قد عرض له في حياته ما لم يعرض للناس جميعا من مودة وخصومة، ومن ائتلاف واختلاف، ومن تقارب مع البعض وتنافر مع البعض الآخر..

لقد كان الشهيد عبد العزيز الرنتيسي قائدا ل حركة حماس في غزة ، أي أنه كان شخصية عامة، تتعرض لما أسلفنا من العلاقات المتناقضة والعواطف..

ولكن أن يٌجمع الجميع –في غزة والضفة على الأقل- على تقدير الدكتور عبد العزيز الرنتيسي على هذا النحو، فهذا يعني أن الجميع مجمعون على احترام الشهيد كقائد في حركة حماس ، واحترام تراثه الجهادي والعلمي، وهذه مكافأة تاريخية لا يظفر بها إلا الأقلون.

وقد كان الشهيد واحدا من الأقلين..

ولقد يبدو للحظة أن اكتساب شخص ما لاحترام الناس أجمعين هو ثمرة حياده بين الناس، لا سيما ذلك "الحياد السلبي" ، أي "الحياد" الذي يؤثر السلامة والعافية..

ولكن "الحياد" لم يكن شيمة من شيم الدكتور عبد العزيز الرنتيسي في أي وقت .. وكيف يكون محايدا، خصوصا بالمعنى السلبي، الرجل الذي أفنى ما يقرب من ثلاثين سنة من سني عمره على الأقل وهو يتنقل بين المعتقلات والزنازين الصهيونية، وخنادق الجهاد والمقاومة!!

إن لإجماع الناس –في غزة والضفة الغربية على الأقل- على تقدير واحترام الشهيد الدكتور عبد العزيز الرنتيسي سبباً آخر..

إن السبب هو "النزاهة"..

فلا ريب أن الدكتور الشهيد اختلف مع الكثيرين في مسيرته الجهادية..

لا ريب أنه اختلف مع "المتخاذلين"، و"المفرطين"، و"الانهزامبين"، و"المنحرفين".. كما اختلف مع أصحاب "النظر القصير" و"الأفق المسدود".. إلخ

اختلف معهم إلى حد الاشتباك والقطيعة..

ولقد فوجئت بأن بعض هؤلاء الذين اختلف معهم واختلفوا معه، قدرّوا له نزاهته في حياته، وقدموا شهادات بعد رحيله تحدثت عن إيمانه الصلب بالله وبالإسلام وبعروبة فلسطين، وتقديسه الواجب، والتزامه الحق ومساعدة الناس ما استطاع إلى ذلك سبيلا..

رحمك الله يا أبا محمد، وعسى أن تجمع روحك الصف الفلسطيني على خيار المقاومة، ونبذ التفريط والتنازل.. الهدف الذي عملت له كل دقيقة من حياتك..

استشهاد الرنتيسي .. نهاية الوهم و بداية الانتصار

د. محمد مورو

إذا كانت خارطة الطريق، وهي الخطة التي قدمها الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش إلى الفلسطينيين والإسرائيليين وقبلها الطرفان الرسميان، كانت نوعًا من الوهم والخداع والتحذير، وأنها لم تكن تقدم شيئًا حقيقيًا للفلسطينيين، وهي في أحسن الظروف والنوايا نوع من التصفية للقضايا الفلسطينية الجوهرية في مقابل أوهام عن دولة فلسطينية لا تكاد ترى على الخريطة ولا تكاد تمتلك أي مقومات للبقاء؛ فإن الطرف الإسرائيلي سعى مباشرة لتصفية هذه الخارطة بممارساته القمعية المستمرة وسياسته الإجرامية والتي كان آخرها اغتيال الدكتور عبد العزيز الرنتيسي زعيم حركة حماس في غزة ومن قبله بأسابيع اغتيال الشيخ أحمد ياسين ضمن سلسلة صهيونية لتصفية قادة المجاهدين، بالإضافة إلى عدوان العدو الإسرائيلي وتجاهله للسلطة الفلسطينية رغم انبطاحها، ثم بناء الجدار العنصري العازل...الخ،

وهي ممارسات وصفتها دوائر السلطة الفلسطينية ذاتها بأنها تنسف فكرة السلام من جذورها، إلا أن تلك السلطة ومن لف لفها من مثقفين وسياسيين منبطحين راحوا يبحثون عن وسيلة لإرضاء الأمريكيين عن طريق إدانة العنف الفلسطيني أو الاستمرار في المراهنة على دور أمريكي ضاغط على إسرائيل -وهو وهم طبعًا- ولكن المهم في المسألة أنه كانت هناك سطور من الوهم تسمى خارطة الطريق يمكن لمن يريد أن يخدع نفسه أو يخدع الناس التمسك بها أو التلويح بها ، أو البحث عن موقف ما للرباعية الدولية أو الاتحاد الأوروبي !! ورغم أن المسألة كانت واضحة لأن الأمريكان دعموا الإسرائيليين بكل شيء من سلاح ونفوذ وفيتو وأعطوهم الضوء الأخضر لاغتيال قادة حماس ، ورغم التأييد الأوربي الصامت أو المتواطئ مع إسرائيل مع بعض المواقف النقدية الشكلية التي لا تسمن ولا تغني من جوع رغم أن المسألة كانت واضحة؛ إلا أن الغريزة الاستعمارية الأمريكية والصهيونية أبت أن تسقط ورقة التوت عن الجميع ، وتضعنا على المحجة البيضاء ليلها كنهارها.

الحلف الأمريكي الصهيوني

ولأن هذه الغريزة الاستعمارية الأمريكية الصهيونية غبية -وهذه حكمة الله تعالى- ولأنها محملة بعداء صليبي طويل وعميق فإنها تفعل أفعالاً أقل ما يقال فيها إنها تحرج أصدقاء أمريكا، وتنسف منطق دعاة السلام المزعوم، وتستفز الشعوب العربية والإسلامية -والفلسطينية بالطبع- وهذا طبعًا لصالح المقاومة وثقافة المقاومة، ولأننا ندرك منذ الوهلة الأولى، ويدرك أي متابع ومحلل ينطلق من المعطيات المجردة، أنه لا سبيل هناك لانتزاع الحقوق كلها أو بعضها إلا بالمقاومة؛ فإن ما تفعله أمريكا وإسرائيل مفيد على المستوى الاستراتيجي لأمتنا وقضيتنا؛ ذلك أنها تدفع الشعوب دفعًا إلى اليقظة وإسقاط الأوهام، ومن ثم التخندق في خندق المواجهة كخيار وحيد لا بديل له أو عنه.

الموقف الأمريكي الأخير والذي اتخذته الإدارة الأمريكية عقب زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي آرئيل شارون الأخيرة إلى واشنطن عبّر تعبيرًا كاملاً عن الانطباق الأمريكي الكامل مع الموقف الإسرائيلي، وهذا في حد ذاته خير حتى نعرف جميعًا أن العدو الإسرائيلي هو العدو الأمريكي وأن النضال والجهاد في العراق هو ذاته النضال والجهاد في فلسطين، وفي كل مكان، وأن علينا أن نواجه الحلف الأمريكي الصهيوني كشيء واحد وألا ننخدع بعد الآن بإمكانية الاستفادة من الموقف الأمريكي في فلسطين رغم ما يفعله في العراق، ولعل هذه النقطة في حد ذاتها تنهي أوهام الحكومات العربية أو الإسلامية التي تدعو إلى ذلك وتراهن عليه؛ فإما أن تفيق من الوهم، وإما أن تلطخ نفسها بعار الخيانة، أو داء الغباء والبلاهة.

ونلاحظ أن الموقف الأمريكي الأخير الذي تمخض عن اجتماع بوش وشارون جاء عقب زيارة للرئيس المصري إلى واشنطن وبعدها بأيام معدودة تم اغتيال الدكتور عبد العزيز الرنتيسي !!.

الموقف الأمريكي تمثل في عدد من النقاط الكاشفة والتي تسقط أي وهم حتى إنه لم يعد لمخدوع أن يستمر في انخداعه ذلك أن الرئيس الأمريكي وكبار أقطاب حكومته قد عبروا عن أنه على الفلسطينيين ألا يفكروا في عودة اللاجئين، وأن حدود 1967 ليست مقدسة، وأن حدود إسرائيل يجب ترسيمها وفقًا للحقائق السكانية الجديدة التي طرأت منذ عام 1967، وأن إسرائيل دولة يهودية. وقد وصف إيهود أولمرت -نائب رئيس الوزراء الإسرائيلي- الموقف الأمريكي بأنه يمثل انتصارًا رائعًا لسياسة شارون، وفي المقابل فإن عددًا كبيرًا من الفلسطينيين، سواء من حماس أو الجهاد أو حتى أوساط السلطة الفلسطينية اعتبروا ذلك بمثابة "رصاصة الرحمة" على خارطة الطريق، وإذا كان ذلك مفهومًا من جانب حماس والجهاد؛ فإن وصول السلطة الفلسطينية إلى تلك القناعة، يرتب بالضرورة التخندق مع المقاومة، وانهار وهم الحصول على شيء عن طريق أمريكا؛ بل يرتب -لو كان هناك كرامة أو عقل- ضرورة فهم أن مواجهة المشروع الصهيوني الأمريكي يقتضي المقاومة .. والمقاومة فقط ، في مواجهة إسرائيل وأمريكا معًا وبلا تفرقة بينهما، فالمعركة في فلسطين هي ذاتها في العراق هي ذاتها في أفغانستان !!.

معركة شعوب مسلمة

الغريزة الاستعمارية بحكم طبيعتها غبية واستفزازية -وهذا من رحمة الله بنا- إذا كنا حقًّا شعوبًا حية، وحتى لو سقطت الحكومات في صمت الخيانة أو الغباء؛ فإن ذلك لن يقدم ولن يؤخر، لأن المعركة معركة شعوب في النهاية، وإذا كانت الغريزة الاستعمارية محملة أيضًا بوجدان صليبي استكباري وغطرسة وحمق؛ فإن المسألة أفضل بكثير، لأننا نؤمن أن أمتنا لا تزال حية، وأن جماهير الأمة قادرة بالمقاومة -على غرار المقاومة العراقية والفلسطينية- على إفشال المشروع الأمريكي الصهيوني، طالما سقطت الأقنعة وباتت الحقائق واضحة؛ ولعل نهاية الوهم هو بداية النصر.

الممارسات الأمريكية في العراق، مثل الممارسات الصهيونية في فلسطين ، الممارسات السياسية والعسكرية والاقتصادية على حد سواء، كلها تقود إلى سيادة ثقافة المقاومة؛ فالسياسات الأمريكية والصهيونية تسقط ورقة التوت عن المتعاونين مع أمريكا والمراهنين عليها، وبدهي أن انهيار الوضع الرسمي العربي أو "شَلَله" سيفسح المجال أمام حركات المقاومة لامتلاك زمام المبادرة الشعبية وهو ما يعترف به مفكرو العدو أنفسهم؛ فالمفكر والقيادي في حزب العمل الإسرائيلي حاييم رامون يرى أن استمرار الحالة العربية الرسمية الراهنة أفضل كثيرًا من تغييرها وظهور حركات للمقاومة على الغرار العراقي والفلسطيني معادية لأمريكا وإسرائيل، وهو نفس رأي يعكوف بيربي الرئيس السابق للمخابرات الإسرائيلي "الموساد".

المواقف والسياسات الأمريكية الإسرائيلية في الحقيقة تصفي الوجود الفكري ومن ثم الواقعي للتيارات التلفيقية أو المرنة وتفتح الطريق واسعًا وبلا حدود أمام تيار المقاومة وخاصة الإسلامية منها، ولا شك أن اكتساب الشعوب لعنصري إسلامية المرجعية، والمقاومة المسلحة الشعبية للمشروع الأمريكي الصهيونية، هما الشرطان الصحيحان لبداية النصر، وغياب أي من العنصرين (الإسلامية - المقاومة الشعبية المسلحة) كان يمكن أن يجعل النصر مستحيلاً والصمود مشكوك فيه.

وهكذا فقد انتهى الوهم، وبدأ طريق النصر، والله أكبر ولله الحمد

نافذة فؤاد أبو حجلة

آخر الصبر

لا نشك لحظة واحدة في أن دم الشهيد القائد عبد العزيز الرنتيسي موزع على القبائل السياسية الوالغة في الدم في العصر الأميركي.

كانت المهمة واضحة والأدوار موزعة.. قرار جماعي إسرائيلي أميركي عربي إسلامي، وتنفيذ إسرائيلي منفرد تتبعه حماية أميركية وقحة تترافق مع صمت عربي وإسلامي يؤكد موت الأمتين. لقد تولى الجنرال شارون اتخاذ قرار الجريمة وتنفيذها، لكن الغطاء الذي حظيت به هذه الجريمة وكل جرائم إسرائيل من قبل الإدارة الأميركية التي تكتظ بالخبثاء ويقودها رئيس قليل الذكاء يفوق ما يمكن أن يتوقعه عاقل أو مجنون، فقد اختارت الولايات المتحدة أن تعبر عن أقصى درجات الانحراف الأخلاقي في التاريخ بانحيازها المتبجح والمستفز للدفاع عن القتلة والسفاحين واعتبار سفك دماء العزل دفاعا عن النفس بينما رمي الحجارة على دبابات الاحتلال إرهاب تقف وراءه القاعدة وابو مصعب الزرقاوي والجيش الجمهوري الايرلندي والألوية الحمراء الإيطالية وجماعة أبو سياف الفلبينية ومجاهدو كراتشي ومجاهدو الشيشان أيضا وجماعة الدرب المضيء في البيرو وبقايا الساندينيستا النكوراغية، ولا ننسى بالطبع أشقاءنا في طالبان والمقاومة العراقية..

مهما قلنا نشعر بالتقصير في وصف الدور الأميركي الأوسخ في التاريخ البشري، فقد نجحت الولايات المتحدة تحت قيادتها اليهودية الحالية في إقناع العالم كله بكراهية أميركا والاشمئزاز من أفعالها وأقوال مسؤوليها وفي مقدمتهم الرئيس قليل الذكاء.

راهنا كثيرا في السابق على ما يسمى عقلانية السياسة وحكمة القرار، لكننا نرى الاحتلال في أرضنا مدعوما من الولايات المتحدة، ونرى المشبوهين في السلطات العربية كلها، ومنها سلطتنا العتيدة محبوبين في أميركا، ونرى كل ما نكره متصلا بشكل أو بآخر بالشيطان.. فكيف لا نكره أميركا، وكيف يمكن أن نسمع من ينصحنا بأن نحب اسرائيل؟

وراء الكلام - أحمد دحبور

ثقافة الغضب

جريمة العدو الامريكي الصهيوني التي أودت بحياة شهيدنا الكبير د. عبد العزيز الرنتيسي ، تتجاوز الحزن العميق الذي خلفته في كل قلب فلسطيني عربي ومسلم، الى حالة من الاحساس المر بالمهانة، فضلا عن الخذلان التقليدي من الرسميات العربية. ويفضي الحزن والمهانة والخذلان الى نوع من الغضب الذي يحتاج الى تصريف خلاق، بعيد عن النقيضين: الطيش والانكفاء.. ولكن هل في الوقت متسع للاعتراف بأنه تنقصنا ثقافة الغضب؟

إثر كل جريمة اغتيال يرتكبها العدو الصهيوني المحروس امريكيا، واثر كل عملية عدوان واسعة، وإثر كل واقعة قهر مدوية، ينفجر غضب تلاميذ المدارس فيخرجون الى الشوارع، يحرقون اطارات السيارات، يتوعدون العدو غير المرئي، ويقذفون الحجارة في اتجاه المجهول..

وفي تقاليد الهبات الشعبية- ونحن شعب الانتفاضات العريقة منذ 1936 حتى كتابة هذه الكلمات- ان الناس يشعلون الحرائق في وجوه جنود الاحتلال ولكن ما ليس مفهوما ان يحرق التلاميذ اطارات العجلات في وجوه أنفسهم ووجوه آبائهم وأمهاتهم.

فكل الاحترام والتفهم للغليان الذي يجتاح مشاعر هؤلاء الفتيان. ولكن ألا يخبرهم احد ان انفجار الغضب على الذات لن يؤدي إلا الى تنفيس يليه همود وإلى ضرر يلحق بالبيئة والمكان؟.. ان جندي الاحتلال لن يرى الدخان والحرائق.

وهو بالتالي لن يخاف ولن يتأثر. فكيف نرشد هذا الجموح المشروع في اتجاه وعي ثقافة الغضب؟

على مستوى المؤسسة تأخذ الخيبة مساقا آخر. إذ ليس من المفهوم، بعد هذه السنوات الطويلة من الخبرة، أننا لا نزال نرتبك بعد كل فاجعة. ونترك الامور للارتجال والمبادرات الكيفية.

وقد كنت يوم استشهاد القائد الشيخ احمد ياسين ، أحد الذين لاحظوا وكتبوا عن يوم الفوضى العظيمة، حين عجزت سلطاتنا التشريعية والتنفيذية والقضائية والأمنية والادارية مجتمعة عن ان تحسم امرها في يوم العطلة او تفسير معنى الحداد.

وإذا فاجأتنا الفاجعة يوم الشيخ ياسين فقد كان من المفروض ان نأخذ منها درسا. لكننا عدنا الى الحيرة والارتباك بعد استشهاد د. عبد العزيز الرنتيسى|الرنتيسي، مع فارق وحيد، ان ديوان الموظفين العام قد أقر بأنه يوم دوام لا عطلة. ولكن متى؟ وكيف تم التبليغ؟.. أما الذين بادروا ويبادرون الى تعطيل المؤسسات بعد كل كارثة، فنسألهم: هل هذا هو التعبير اللائق عن الغضب الذي نواجه به الاحتلال؟

وماذا يريد الاحتلال اكثر من تعطيل انتاجنا؟ ليس معنى هذا التساؤل ان نتعامل مع الكارثة وكأنها حدث عابر. ولكننا نصلي من اجل قليل من التنظيم والنظام في إطار مركزية المؤسسة. فهل هذا كثير؟

ويبقى دور الغضب كما تعبر عنه النخب السياسية. نذكر ان عددا من المثقفين كتبوا بعد استشهاد الشيخ ياسين يناشدون حركة حماس ألا ترد عسكريا حتى لا يكون الرد ذريعة لعدوان صهيوني جديد.

وقد رأينا كيف انه حتى بعد تأخر الرد، قام العدو بضربات موجعة بلغت احد أكبر مستوياتها باغتيال الشهيد د. عبد العزيز الرنتيسى|الرنتيسي.

بل ان العدو يعترف بأنه كان يتوقع الرد وانه اضطر الى الضرب على المكشوف حين تأخر الرد. إن العدو يقصد إبادتنا وتفريغ بلادنا من وجودنا.

وهذه المقاومة وجدت لتبقى كما قال عبد الناصر، ولتنتصر كما قال ياسر عرفات .

أما كيف ننظم لب الغضب ونحوله الى وثبة جديدة فتلك عملية اجرائية لا يجوز ان نضغط على مهندسيها حتى لا نشوش ما يفكرون فيه بالتباطؤ المميت او التسرع غير المجدي.. ان الرد واجب، تلك حقيقة أكيدة متروك تنفيذها للمختصين.

ويبقى اولا وأخيرا ودائما، ان الغضب لدم د. عبد العزيز الرنتيسي ودماء الشهداء جميعا، لا يكتمل الا بانجاز قيادة وطنية موحدة فعالة على أساس برنامج الانتفاضة في أفق مشروع التحرير والاستقلال.

هل تحرك دماء الرنتيسي إنسانية زائفة في ظل كفران للحق

بقلم/ حسن أبو حشيش

لم يكن خبر استشهاد القائد عبد العزيز الرنتيسي يحمل أي صدمة أو مفاجأة, حيث حمل فكرا وسلوكا لا نهاية له إلا النهاية التي شاهدها العالم, ولكن إن كان من أمر مزعج ومقلق هو هذا الاستخفاف الأمريكي والصهيوني بكل القيم الإنسانية في العالم, وهذا الموقف المخزي لأمة تنشد كرامة وهي تنتظر سلخها على طابور المسلخ الصهيوني.

تلقيت خبر الحادثة وهرعت لدار الشفاء ولا أخفي عليكم فلقد أصبت بحالة من الكآبة واليأس الشديدين حيث أعجزاني لفترات كبيرة عن تغطية الحدث أو الحديث عنه… ليس من باب المفاجأة أو من زاوية الخوف على هذا الشعب لا والله, ولكن الذي أحدث في ما أحدث هو هذا الموقف الكربوني من كافة الأطراف, وحالة النفاق السياسي العالية (المقرفة), حيث مشهد الجماهير المغلوب على أمرها هو نفسه بحماسته وجمهرته ومطالبه وولائه لم يتغير, وقادة الفصائل والسلطة هم هم يتقاطرون إلى مكان الحدث حيث الفضائيات ويبرمون حديثا وقولا رائعا ولكن في الخفاء حالهم معكوس, .

وتبدأ عبارات الأطر والمدح… ونسى بعضهم أنه استكثر على الشيخ ياسين الهبة الجماهيرية وأنه أخذ أكثر من حقه, ونسى فريق آخر كم مرة اعتقل عبد العزيز الرنتيسي, وثالث جهل أن الناس يعرفوا مدى الحقد المكنون في الصدور على عبد العزيز الرنتيسي, وتبدأ كلمات الوحدة الوطنية وضرورة تنسيق المواقف للرد على الجريمة أكاد هنا أقسم جازما أن العبارات لن تختلف في حادث الشيخ ياسين وحادث الدكتور عبد العزيز الرنتيسي, .

ولم أكن قد نسيت كيف وقف قادة فصائل كبيرة ومؤثرة يتحدثون في اليوم الثالث لاغتيال الشيخ احمد ياسين عن حجم الرد وكانوا ممن يتلقون واجب العزاء في غزة ورام الله ثم في اليوم التالي مباشرة وجدناهم ضمن قائمة السبعين يطالبون بعدم الرد وتحويل أجساد الجماهير إلى جسور بشرية تحت الدبابات لإقناع العالم أننا ليسوا إرهابيون؟!!! , .

ثم تابعت الموقف العربي الذي حمل نفس البصمة  : جماهير تصيح في فضاء وصحراء, قادة أحزاب وجماعات عبروا عن ادانات مأزومة, ومواقف رسمية لا مواقف, كل ذلك أمام عربدة صهيونية وإعلان الضحية والهدف الجديد, ودعم سافر وكافر ولا أخلاقي أمريكي. فقلت طغيان الصهيونية- الصليبية الصهيونية طغت وحقا لها أن تطغى!!!

لقد بات واضحا أن من أهم ملامح البرنامج السياسي لحكومة الاحتلال المدعوم (بوعد بوش ) على غرار ( وعد بلفور) القضاء على قيادة المقاومة الراسخة , وربط الانسحاب من القطاع وجزء من الضفة (بتنظيفه من القادة الذين من المكن أن تقود الجماهير نحو غير ما يريد المحتل ) وذلك لإدراكه أن أنصاره وتياره لم يعد له مكان في الشارع الفلسطيني , لذا قرر شارون أن يمهد له الطريق ويتدخل بنفسه… من هنا على الأمة أن تتوقع مواصلة التطهير العرقي ضد كل من هو شريف لتحدث مجزرة دموية…و صحيح أن كل الاغتيالات هي ضمن هذه السياسة, ولكنها بدأت فعليا حين قرر شارون تصفية كل قادة حماس كحركة هي الأكبر والقائدة للمقاومة, فاغتيال إسماعيل أبو شنب, وإبراهيم المقادمة , واحمد ياسين , وعبد العزيز الرنتيسي ,ومحاولة اغتيال محمود الزهار وإسماعيل هنية…يأتي في هذا السياق.

إن اغتيال هؤلاء القادة لم يكن اعتباطيا بل جاء بشكل مدروس وممنهج, لذا فالأمة كلها تتحمل المسئولية كما تتحملها إزاء ما يحدث في العراق الصامد, و أفغانستان الجريحة , و الشيشان المنسية.

وليعلم قادة الحركات الإسلامية في العالم الإسلامي والعربي أن ما يقومون فيه لا يرتقي لأدنى مسئولياتها, ولتعلم هذه الحركات وجميع الحركات الحرة أن أموالها وبياناتها ومسيرتها وتنديداتها وندواتها وإعلامها …لا يكفي فهل تنتظرون بنتا فلسطينية تعلمكم الرجولة, وشابا من الفلوجة يشربكم الكرامة والعزة, ولتدركوا أن التاريخ والأجيال لن ترحمكم على عجزكم وقلة حيلتكم وسيضعكم في سلة الحكام الذين قد يفوقوكم في مواقفهم في بعض المناطق.

من هنا أقول إن دماء قادة وأبناء الشعب الفلسطيني والعراقي وكل المسلمين وعلى رأسهم دماء قادة حماس التي سالت والتي ستسيل هي جرائم حرب ضد الإنسانية… العالم كله يتحمل المسئولية عنها وليس الاحتلال فحسب , إن الصمت العربي تخاذل ومسئول, والعجز الأوروبي والروسي والصيني تخاذل ومسئول, والانحياز والدعم الأمريكي مشاركة كاملة في الجريمة ومسئول, وعدم تطوير الحركة الإسلامية الممتدة في أنحاء العالم لأدوات التحرك نقص في الدعم ومسئول, والتوقيع من قبل جماعات قليلة فلسطينية على عرائض تلمز وتغمز المقاومة طعن في الظهر ومسئول, ومحاولة إضعاف حركة حماس بالذات من بعض المتنفذين خسارة مقصودة وغير مقصودة ومسئول… مشاهد من الجريمة يعرضها الاحتلال وموظفها لبرنامجه والكل مسئول… فهل من إفاقة قبل أن تصل النار للبيت الكبير كله؟!

أقول ان الشهداء امثال الشيخ ياسين والدكتور عبد العزيز الرنتيسي قد استراحوا من أدران الدنيا السخيفة, وحازوا على أمنيتهم وفازوا بالدنيا والآخرة, والحسرة على من تخلى وتخاذل وعاش ذليلا لغيره أسيرا لأسيادة, ولقد خلدهم التاريخ قبل أن يواروا التراب.

لقد جعل اغتيال قادة حماس الخمسة الكبار الحركة على المحك, صحيح أن هذه القيادة قلما اجتمعت خارج السجون وغابت كثيرا في السجن والإبعاد ولكن لم يكن إقصاء مثل الاغتيال , فالسجين له الرأي والدور, والمبعد كذلك, أما الموت فيبقى الأثر لمن أراد الاقتفاء , والذكرى لمن أراد العبرة والعظة. فالمصيبة يجب أن تدرك حماس وأعضاؤها أنها كبيرة , والمحنة قاسية, أدرك كمراقب وإعلامي كبر حجم الحركة وضمها لمئات القادة في شتى المجالات لذا أقول إن حماس اليوم على مفترق طرق فهي إما تثبت للعالم تماسكها القوي أو عكس ذلك؟!

وعليها أن تدرك أن تطور فكرها ألجهادي والسياسي ومطالبتها بمبدأ المشاركة في إدارة المناطق التي من الممكن أن يتركها الاحتلال سجل في تاريخها ولكن لم يعجب البعض حيث المطلوب من حماس المشاركة دون فعالية وألا تكون منافسة ومؤثرة وحين علموا جدية المقصد بد أو يعرقلون الموضوع, فعلى حماس أن تدرك أن رأسها مطلوب حتى من ذوي الابتسامات المسمومة.

ولعل أقوى سلاح ل حماس هو السير وفق نظام واضح وممارسة شورية قوية ومتينة, لأن بذلك يلتحم الصف الداخلي, وتوظف طاقات حماس الكبيرة, وتمضي حماس في برنامجها ألجهادي الشامل,وتصنع علاقات فلسطينية مفيدة, وتفرض الاحترام على العدو قبل الصديق.

وإن كان من كلمات قليلة عن الدكتور عبد العزيز الرنتيسي فنقول: كان طبيبا, ونقابيا, وداعيا,وشاعرا ,وقائدا سياسيا,ومربيا تنظيميا, وإداريا لكثير من الأمور, وإعلاميا, وكاتبا, وسجينا,ومبعدا,ومجمعا, وصامدا بلا جمود, ومتساهلا بلا تفريط , ومحاضرا ,وزوجا, وأبا , وصديقا , وأخيرا قائدا عاما… ونجح في كل ذلك بامتياز.

دخل عبد العزيز الرنتيسي صفوف الإخوان المسلمين فكان فتحا ونصرا للعمل الإسلامي, وخرج من الدنيا شهيدا فكان فتحا ونصرة لحركته وفكرته وقضيته. فهو يستحق أسد الأمة.

اغتيال الرنتيسي‏..‏ وسقوط الأقنعة‏!‏

بقلم‏:‏ فاروق هاشم

صحيفة الأهرام 22/4/2004

لست مع هذا الشعور الطاغي باليأس الذي يحيط ويسيطر على المشاعر العربية بعد اغتيال عبد العزيز الرنتيسي زعيم حماس الحالي بالطريقة نفسها التي تم بها اغتيال الشيخ احمد ياسين زعيم حماس السابق بفاصل‏ 26‏ يوماً بينهما‏..‏ فالشهداء يغبطون لأنهم أحياء عند ربهم يرزقون في مقعد صدق عند مليك مقتدر ومع الأنبياء والصديقين والشهداء حسن أولئك رفيقا‏ً..‏ وكانت هذه أمنيته‏.‏

وبرغم الألم ومشاعر الهوان فإن هناك شعاعاً من الأمل يزداد قوة يوماً بعد يوم لا يكدره سوى يد الخيانة التي زرعت أجهزة التوجيه لصواريخ طائرات الأباتشي في سيارتي الشيخ احمد ياسين و عبد العزيز الرنتيسي وهي بالطبع يد فلسطينية لاتقلل بأي قدر من نضال الشعب الفلسطيني البطل‏..‏ ولكن يجب قطعها لأنها مصدر خطر جسيم على نضاله حيث تضمنت آخر تصريحات عبد العزيز الرنتيسي أن زوجته نفسها لاتعرف مكانه‏!!‏

وسبب هذا التفاؤل الغريب بديهي للغاية جانب منه إيماني حيث إنه لاييأس من روح الله إلا القوم الكافرون‏.‏

والجانب الثاني أنه لايمكن استئصال الوباء إلا إذا صدق التشخيص وتم تحديد الداء‏..‏ مهما تكن مرارة التوصيف وسوء الحال إلا أن كل ذلك هو البداية الحقيقية للعلاج‏..‏

وقد تم فعلاً إسقاط كل الأقنعة‏..‏ أسقطها شارون وعصابته دون حياء تحت سطوة قوة غاشمة لا تقابلها قوة رادعة على الجانب الآخر بدعم أمريكي سافر أصبح غير حريص حتى على الشكل أو ورقة التوت التي يستر بها بعض الحلفاء كما جاء في افتتاحية النيويورك تايمز التي لم تخف الانزعاج الشديد مما أقدم عليه الرئيس بوش بتوجيهه ضربة قاصمة لمصداقية الولايات المتحدة كوسيط شريف في عملية السلام بالشرق الأوسط مما أدى إلى غضب شديد لدى الدول العربية والحلفاء الأوروبيين بسبب خضوعه لطلبات شارون‏!!‏

هذا الدعم الأمريكي الذي افتقد المصداقية والشرف على حد وصف النيويورك تايمز له أسباب واضحة بعد السيطرة على الخليج واحتلال العراق وضمان امتلاك أهم مناطق النفط في العالم‏..‏ لذلك من السذاجة تصور انسحاب أمريكا من العراق إلا بثمن باهظ مثلما حدث في فيتنام‏.‏

والسبب الثاني أن "إسرائيل" هي العصا الغليظة في المنطقة التي تستطيع أن تنفذ أمريكا من خلالها سياستها في المنطقة‏..‏ ولايوجد حتى الآن ما يغير هذا التوجه‏!‏

واعتقد أن الصراع العربي الإسرائيلي قد اتخذ منحنى جديداً بعد احتلال العراق وبعد ذلك اغتيال الشيخ احمد ياسين وخطاب الضمانات الأمريكي لإسرائيل في لقاء بوش وشارون الأخير في واشنطن بفرض الحل الإسرائيلي للقضية بالانسحاب من غزة مع استمرار السيطرة عليها والانسحاب من بعض أجزاء الضفة مع عدم عودة اللاجئين الفلسطينيين لأراضيهم في "إسرائيل" لتتحول إلى دولة يهودية‏..‏

وجاء اغتيال عبد العزيز الرنتيسي بعد ذلك لاشهار التوثيق وسيصبح اغتيال أية شخصية أخرى تحصيل حاصل‏!‏ شيء بديهي كما ذكرت القيادة السياسية في مصر مراراً وتكراراً أن المنطقة ستنفجر وأن الإرهاب سيحطم كل الحدود ليضرب بعشوائية كرد فعل لعشوائية الفعل الأمريكي - الأسرائيلي‏.‏

وفي إطار سقوط الأقنعة والمصارحة هل ما حدث يخدم مصالح أمريكا و"إسرائيل" والإجابة نعم يخدم مصالحهما الكلية تماماً في إطار هذا الضعف والهزال العربي والتشرذم الواضح الذي عجز حتى عن عقد القمة العربية وبالطبع في اطار الخلل البين في موازين القوة‏..‏

ولكن في حالة تغير هذه الموازين فسوف تكون الدماء انهاراً وكره أمريكا السلطة سيتحول إلى ضرب مصالحها بشدة‏..‏ ووجود "إسرائيل" نفسه كجسم غريب في المنطقة سوف يكون موضع شك‏..‏

هذا في المنظور البعيد وليس المستحيل‏.‏ والآن وبعد أن طغت شريعة الغاب وسقطت شرعية القانون الدولي وأصبحت القواعد الأمريكية في المنطقة والمصالح الخاصة تحكم وتتحكم‏..‏ إلا أن في أيدينا الكثير الذي يمكن أن نستخدمه لوقف هذه الهجمة أو الحد من آثارها المدمرة التي ستطال الجميع حتى تتغير الموازين‏..‏

ولن تتغير بدون إصلاح عربي حقيقي يعلي من قيمة الإنسان العربي يحقق الديمقراطية‏..‏ وفي انتظار قرارات حقيقية قابلة للتنفيذ من مؤتمر القمة القادم‏.‏

يا رنتيسي..فزت ورب الكعبة!

د.عائض القرني

الجزيرة س/ وداعاً أيها المجاهد عبدالعزيز الرنتيسي، سلام عليك وعلى إخوانك الذين سبقوك إلى الإيمان والمجد، بلغ سلامنا شيخك وأستاذك المجاهد البطل الشيخ أحمد ياسين ، عسى الله أن يجمعك به وسيد الشهداء حمزة بن عبدالمطلب وبذلك الموكب المبارك ممن قتل في سبيل الله وذبح لترفع (لا إله إلا الله)، وهذا طريق العبودية التي ضرجها بالدم عمر وعثمان، وعلي، والحسين وسعيد بن جبير، أستودعك الله - يا عبدالعزيز - الذي لا تضيع ودائعه، وما عند الله خير وأبقى، لقد ذهبت بصفقة رابحة وكفة راجحة ،ونجوت من رؤية واقعنا المرير، وحالنا المزري، وهزائمنا المتتابعة.

سلمت من تجرع الغصص التي يتجرعها كل مسلم صباح مساء، من رؤية الكافر وقد عربد وتجبر وساد، ومن رؤية المسلم وهو في غربة ووحشة وذلة، سافر أيها النجم الصاعد، والبطل الصامد، والعلم المجاهد، سافر إلى ديار المحبين، ورياض الصالحين، ومغاني الأبرار، وربوع الأخيار.

سافرت لتكون شاهداً عند الله، أن هذه الأمة مهما أهينت وأبيدت ومزقت وسحقت وأحرقت، مهما حصل لها من قهر وإذلال وتركيع وإهانة، لا تزال ولودة منجبة كريمة معطاءة، في أصلابها رجال سوف يعيدون الحق إلى أربابه والسيف إلى نصابه.

إن الأمة لا تزال بخير، وهي أبداً لن تموت، لأنها الموعودة بالخلافة، فبذور الحياة مدفونة في تربة تاريخها حتى ينزل الله غيث فجرها وفرجها فتنبت أشجارها وتطلع ثمارها، لن تموت أمة محمد صلى الله عليه وسلم أبداً، لأنها الأمة الشاهدة والقائمة والخاتمة والمؤتمنة والحاملة للميثاق والآمرة بالمعروف والناهية عن المنكر، لن تموت أمة الإسلام، لأنها الموعودة بالخلافة المهيأة لقيادة البشرية، المرشحة لإصلاح الإنسانية، المعدة بعناية إلهية لعمارة الأرض، وإنما الموت والخزي واللعنة لإخوان القردة والخنازير قتلة الأنبياء أعداء الله والخليقة.

لتقر عينك يا (رنتيسي)، نم هنيئاً فقد برئت ذمتك، فنصرت دينك ورفعت رأس أمتك، وخلفك جيل أقبل يملأ المساجد، ويحفظ القرآن، يعاهد الله على البذل والتضحية والفداء.

وقريباً سترانا في زحوف وصفوف حيث نصلي لله في المسجد الأقصى ونعفّر أنوفنا لربنا في أرض الإسراء.

قادمون حيث يقترب الصبح: {أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ}.

المصدر

للمزيد عن الدكتور عبد العزيز الرنتيسي

ملفات متعلقة

مقالات متعلقة بالرنتيسي

مقالات بقلم الرنتيسي

تابع مقالات بقلم الرنتيسي

.

حوارات مع الرنتيسي

حوارات مع عائلة الرنتيسي

بيانات حول إغتيال الرنتيسي

أخبار متعلقة

تابع أخبار متعلقة

.

وصلات فيديو

.