2009.. عام المصارحات والمصالحات.. أم عام الانتظار؟

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
2009.. عام المصارحات والمصالحات.. أم عام الانتظار؟


بقلم: الأستاذ وائل نجم

كثيرة هي المحطات التي شهدها لبنان في عام 2009، بعضها كان مفصلياً ومؤثراً، وكان له ما قبله وما بعده، وبعضها الآخر كان الأقل تأثيراً بحيث ظلت تأثيراته محصورة في قضايا معينة، او متصلة بما هو أكبر وأهم.

ولكن الشيء الثابت في كل ذلك، أن هذا العام اختلف عن الاعوام التي سبقته، حيث تراجعت حدة التوترات نسبياً، وانحسرت الخلافات وعادت إلى حيث يجب ان تكون في المؤسسات الدستورية، وفي السياسة وليس في الشارع والامن, ولربما كان عام 2009 الأقل لجهة الاشكالات الامنية وخطورتها قياساً لما سبقه، وإن كاد بعضها يدفع الوطن إلى أتون الحرب المشؤومة.

وختم العام على هدوء واستقرار ينعم به لبنان شيئاً فشيئاً ترجمته ارقام السياح الذين تحدث عنهم وزير السياحة بالقول إنهم مع نهاية العام قد يصلون إلى حدود المليونين، وهي مؤشرات توحي بشيء من الايجابية والاطمئنان، وتترك انطباعات عن أن عام 2009 هو عام التحوّل إلى ما هو أفضل، وعام ربما تبدّل السياسات والتحالفات.

فهل هذه هي الحقيقة، وهل عام 2009 فعلاً هو عام المصارحات والمصالحات؟ أم ان ما نشاهده ليس سوى الانتظار والتريث لما سيحصل على صعيد المنطقة، وخاصة ان التجربة اثبتت ان لبنان محكوم فيها وليس معزولاً عنها؟

بالعودة إلى عام 2009 فقد كان النصف الأول منه مليئاً بالضغط والشحن والمواجهة، وإن شهد بعض اللقاءات والمصالحات بين اقطاب من فريقي 8 و14 آذار، فكلنا يذكر كيف كاد البلد ينزلق إلى مواجهة أهلية بعد إحياء ذكرى استشهاد الرئيس رفيق الحريري في 14 شباط، وكيف اضطر مسؤولون للنزول إلى الطرقات والشوارع لثني اتباعهم عن المغامرة والمقامرة بحياتهم وحياة الوطن.

لقد شكل ذلك نقطة مهمة في حياة البلد، لكن لم تكن هذه المحطة مفصلية بحيث إنها اخذت البلد إلى ما هو أهم أو ردته إلى ما كان عليه.

كذلك شهد النصف الأول من عام 2009 جلسات متتالية لطاولة الحوار الوطني، ولكن هذه الجلسات لم تكن سوى مهدئات سياسية للوصول إلى الانتخابات النيابية.

لعل المحطة المفصلية الأهم والابرز في عام 2009 كانت الانتخابات النيابية التي جرت في السابع من حزيران، والتي أعادت إنتاج الأكثرية من خلال منح قوى 14 آذار 71 مقعداً نيابياً بفارق 14 مقعداً عن قوى 8 آذار.

لقد شكلت هذه الانتخابات مفصلاً، فهي أكدت أكثرية الأكثرية، وحمّلت هذه الأكثرية مسؤولية التفكير مرتين من أجل إخراج لبنان من عنق الزجاجة.

من هنا جاء خطاب الانتصار لرئيس الحكومة الحالي سعد الحريري عندما أكد ان صفحة جديدة تفتح بعد هذه الانتخابات، وهكذا بدأ المشهد بالتبدل والتحوّل.

لقد أعيد انتخاب الرئيس بري لرئاسة المجلس النيابي، وتم تكليف النائب سعد الحريري تشكيل الحكومة، ثم الخطوة التالية التي اعلن فيها النائب وليد جنبلاط استقلاليته وتحرره من 14 آذار، وكل ذلك جعل صفحة جديدة تفتح في حياة لبنان بدأت مع النصف الثاني من العام.

النصف الثاني هذا شهد ايضاً محطات بارزة لا تقل اهمية رغم ما رافقها من عقبات. فقد اعتذر الرئيس الحريري عن التكليف الأول اعتراضاً على خرق الدستور في آليات تشكيل الحكومة، ثم عاد وقبل التكليف الثاني الذي جعله يشكل الحكومة بخرق لبعض الآليات الدستورية، والتي اراد البعض منها إقرار أعراف جديدة من خلال ذلك، ومن خلال توظيف الخسارة في الانتخابات سياسياً بإفراغ انتصار الاكثرية من مضمونه. كان تشكيل الحكومة التي ضمت معظم الاطياف السياسية تقريباُ والتي حظيت بثقة121 نائباً حدثاً بارزاً.

ولكن الشيء الأهم كان في الزيارة التاريخية التي قام بها رئيس الحكومة سعد الحريري إلى دمشق بعد خمس سنوات من القطيعة والاتهام السياسي لسوريا بالوقوف وراء اغتيال والده.

لقد شكلت الزيارة صدمة للكثيرين من الحلفاء والاصدقاء ومن الخصوم والمنافسين، فهي تطوي صفحة وتفتح صفحة جديدة قد تعيد خلط الكثير من التحالفات والسياسات والاوراق.

في عام 2009 شهدت جبهة الجنوب مع فلسطين المحتلة إطلاق صواريخ مجهولة معروفة الهدف والمصدر باتجاه المستوطنات في الشمال الفلسطيني، إلا انها كانت رسائل سياسية باتجاه الداخل حيناً وباتجاه الوضع الاقليمي حيناً آخر.

وشهدت بعض المناطق الجنوبية توتراً في بعض المراحل بين اليونيفيل والاهالي جعل الامم المتحدة تفكر بسحب هذه القوات، وترافق ذلك مع خرق كبير للسيادة اللبنانية والقرار 1701 من قبل الاحتلال، ومع كشف لمزيد من الشبكات التجسسية العاملة لصالحه.

بخلاصة سريعة يمكن القول إن النصف الأول من عام 2009 كان نصف التوتر، والنصف الثاني نصف الهدوء والمصالحات.

اليوم طوينا عاماً وفتحنا صفحة عام جديد، ولكننا لم نستطع رغم كل الاحداث التي جرت، ان نحدد بشكل يقيني إن كان عام 2009 عام المصالحات والمصارحات الحقيقية، ام أنه عام الانتظار لما يمكن ان يجري في المحيط الاقليمي؟

لأن أحداً لم يملك في هذا العام أن يحقق كل رغباته بل اجندته التي ربما دفنها في نفسه، ولكنه لم يدفنها من ذاكرته، وبالتالي إذا كان عام 2009 عام المصارحات والمصالحات، فهل ستكتمل هذه في عام 2010؟

وإذا كان عام الانتظار، فهل سيمتد هذا الانتظار ليشمل العام الجديد؟ الاجواء التي عشناها بالامس مع الاعياد والمناسبات التي مرت لا توحي إلا بشيء واحد، هو أن الانتظار بات عابراً للأعوام وهو ما سيمتد للعام الجديد في ظل استمرار رهانات البعض المعقودة تارة على هذا وطوراً على ذاك.

المصدر