25 يناير .. ثورة تاني من جديد .. ولكن ضد من !

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
25 يناير .. ثورة تاني من جديد .. ولكن ضد من !

بقلم : حازم سعيد

(20/01/2014)


من أهم وأخطر المنعطفات الصاعدة في ثورتنا أن تتوجه بوصلتنا الفكرية التوجه المدرك لحقيقة الصراع وأطرافه وأبعاده وأهداف كل طرف وغاياته .. لذلك لابد لنا قبل 25 يناير أن نقف مجموعة وقفات نتذكر بها سوياً نقاط ضرورية في الصراع الدائر الآن والذي يمثل العسكر أحد أطرافه ويمثل الثوار الذين نقف في صفهم وخندقهم طرفاً آخر ..

ثورة ضد من !

العسكر ( جيش وشرطة وقضاء وإعلام وشيوخ رسميون من أزهر أو أوقاف ) ومن يقف معهم من القيادات الكنسية والمسيحيين المتطرفين المخدوعين والعلمانيين والأفاكين من حزب الزور ، بكل هيمنتهم وجبروتهم وطغيانهم والمقتلة العظيمة التي أحدثوها في صفوف المؤمنين ، ما هم إلا مجرد أدوات مستفيدة من الصراع بشكل من الأشكال ، مهما تنوعت أشكال الاستفادة .

العسكر مستفيدون وضعاً مالياً وجاهاً وسلطة ، والكنيسة المتطرفة والمسيحيون المخدوعون مستفيدون شعورياً بأنهم قضوا على الحكم الإسلامي ، وأن مصر عادت قبطية من جديد ، حيث هم المتحكم فعلياً في الأجندة الخفية التي تحكم مصر ( دستور الانقلاب الكنسي ) .

العلمانيون فرحون لأنهم استطاعوا أن يهزموا التيار الإسلامي ( ممثلاً في الإخوان ومن معهم ) بقوة السلاح ( هكذا يفكرون ) وغيبوه عن الحكم وشيطنوه في الإعلام وسيطروا على المساجد وحاربوا اللحية والنقاب ومنعوا الحديث عن أي شعيرة إسلامية إلا من خلال مجموعة المومسات والفنانات اللائي يتحدثن عن الرقص الإسلامي المعتدل والإعلام الذي يقدم ديناً إسلامياً معتدلاً يعلم الناس كيف تقبل امرأة رجلاً أجنبياً وكيف يمثلان سوياً العلاقة بين الذكر والأنثى ( ما هو كله تمثيل ) ... وكيف أن الشريعة الإسلامية المعتدلة تحل هذا ، بل أن هذا الفجور هو من العبادات الإسلامية لأن العمل عبادة .

حزب الزور والظلام فرح لأنه يظن أنه بتخندقه مع هذه الغلبة الظاهرية لمعسكر الجيش والشرطة والمسيحيين والعلمانيين أحكم وأعلم من الإخوان الذين طالما وصموا حزب الزور والظلام أنه عديم الخبرة السياسية ، ثم أثبت لهم بالغلبة الظاهرية للانقلاب أنه أكثر حنكة ودراية ويعرف من أين تؤكل الكتف ويستطيع أن يدرك مرامي السياسة وأبعادها ... هذا على جانب القاعدة المتهافتة الباقية بهذا الحزب ..

أما على جانب القيادة فإنهم فرحون لأنهم تخلصوا ممن ألقاهم ذات مرة خارج المسجد ( ولا ينساها لهم ) ( اللواء ياسر برهامي ) أو أنه يظهر في الفضائيات نجماً لامعاً بارزاً ( العميد يونس مخبول والعميد جلال مرة والصول نادر بكار ) .

أو ربما هم فرحون لأنهم بهذا يسترون ( البلوة ) التي يبتزهم بها العسكر ليتخندقوا معهم ....

أياً كان الأمر .. فإن كل هؤلاء ، بدءاً من العسكر وانتهاءاً بحزب الزور والظلام ، ما هم إلا أدوات يستخدمهم من فوقهم ، وهم يعشقون هذا الاستخدام حرصاً على المصالح المتحققة لهم بهذا الانقلاب ، رغم تباين الدوافع فيما بينهم .

بقي دافع آخر وهو الخوف من محاكم الثورة – القادمة بإذن الله لا محالة – ضدهم ، وما سوف يخسرونه من حياة أو مناصب أو جاه أو حرية أو أموال نتيجة هذه المحاكم ( وهذه اسم إشارة للقريب أيها الثوار – إن شاء الله - ) .

الطرف الحقيقي في الصراع ..

إنه الصهيونية العالمية ومن يخدمها ، من أمريكان واتحاد أوروبي ، وهؤلاء هم الطرف الحقيقي في المعادلة بخلاف طرف الثوار المخلصين المجاهدين الذين يبذلون من أرواحهم وأنفسهم وأعمارهم ودمائهم وحرياتهم وأموالهم ، يسترخصون ذلك كله أمام رضا الله عنهم .

الصهيونية العالمية التي وجدت في الرئيس مرسي رجلاً يشب بمصر عن طوقها ، ويخرج بها عن إطار الاحتلال الأمريكي الصهيوني لبلادنا ، وتمثل هذا الخروج في عدة مواقف وإشارات واضحة لا تخطئها العين ، من ذلك زيارات واتفاقات مع دول تخرج في سياساتها واقتصادها عن إطار السياسة الصهيونية مثل الصين والبرازيل وروسيا وإيطاليا وألمانيا .

ومن ذلك موقف الرئيس من الاعتداء الصهيوني الغاشم على غزة ، ومن ذلك التوجه للاكتفاء الذاتي من القمح وبدايات الاستغناء عن مد اليد للخارج الأجنبي ، ومن ذلك التوجه للصناعة المحلية والخوض بها في غمار التكنولوجيا ، ومن ذلك التوجه لتنمية محور قناة السويس عمود التجارة العالمية والممر الأهم على مستوى العالم كله ، ومن ذلك بداية تصدر مصر للمشهد العربي والأفريقي – مرة ثانية بعد غياب طويل ، وطويل جداً – تمثل ذلك في موقفها من سوريا ومن الاعتداء على غزة ومن العودة لحضن الاتحاد الأفريقي بقوة وعزة .... الخ

هذا الاستقلال والتطور النوعي في السياسة المصرية والذي لم يدركه البلهاء السذج المخدوعين بالإعلام المصري وسحره وإفكه ، هو السبب الحقيقي لتحرك المواقف الأمريكية والصهيونية ضد الرئيس مرسي وضد الحكم الشرعي للبلاد ، لأنه يضر بمصالح ( الكيان الصهيوني من جهة – والصهيونية العالمية كلها من جهة أخرى ) .

مما دفعهم لتحريك الداخل المصري ( من خلال مجموعة المنتفعين الذين قدمت المقالة بهم وعلى رأسهم بالطبع المجلس العسكري بما ينتفعون به من جاه وسلطة ومال ) ودعمهم بكل ما أوتوا من قوة ومن معلومات ومن تكنولوجيا وسلاح .

وكذلك لتحريك مجموعة الدول الداعمة للانقلاب وهم أيضاً أدوات كالإمارات والكويت والبحرين وغيرهم ممن يملك مال النفط الذي حولهم من مجموعة بدو إلى رجال مال وأعمال و( ملتي مليارديرات ) وهم مستفيدون رضا السيد الأمريكي الصهيوني عنهم ، حيث أمثالهم يعشقون العبودية للغرب ، ثم هم مستفيدون من السيطرة والهيمنة على ( أم الدنيا ) وعلى المشاريع التي كان مرسي ينتويها ( كمشروع قناة السويس ) مما يهدد مصالحهم ومنافعهم .

لم هذا الطرح .. والتوحد على رابعة كأيقونة الثورة !

هذا الفهم وهذه الرؤية لما تم تحدد لنا إطار الغايات والأهداف التي تصبوا إليها ثورتنا ، فهي ليست ثورة ضد أدوات وأشخاص وتوجهات بعينها ، وإنما هي ثورة ضد نظام كامل يخضع البلد لسيطرته حتى تظل أسيرة عبودية الغرب والصهيونية العالمية وحتى لا تهدد باستقلالها وتقدمها وتميزها مصالح الكيان الصهيوني والصهيونية العالمية .

فغاية هذه الثورة ليست مجرد عودة الرئيس مرسي ونظام حكمه والمجالس الشرعية المنتخبة الأخرى ، وإنما هي ثورة تريد أن تعود لمصر عزتها وإرادتها من خلال المناهج والسياسات والأساليب التي سار فيها الرئيس مرسي لتحقيق استقلال مصر .

وهي لتحقيق ذلك الاستقلال والاكتفاء السياسي والاقتصادي والاجتماعي ، لابد أن تجتث كل ما من شأنه أن يعوق هذا الاستقلال ، فهي لا تقتلع شخص الحاكم ( حسني مبارك ، أو المجلس العسكري أو السيسي أو صدقي صبحي أو عدلي طرطور ) ، وإنما تحرر البلاد والمنظومة الإدارية بها من سيل العبيد الذين يحكمونها وتطهر الأجهزة والمؤسسات الحيوية التي تعوق تنفيذ السياسات الاستقلالية ، أعني أجهزة ومؤسسات ( الجيش والشرطة والقضاء والإعلام والحكم المحلي ) ، فلن تتوقف الثورة ولا فعاليتها – من ناحية - عند إعادة الرئيس مرسي إلى سدة الحكم مرة أخرى ، وهو عائد إن شاء الله لا محالة .

ومن ناحية أخرى فإن هذه السياسات الاستقلالية التي لم يفهمها بعض المخلصين من الثوار والذين تخندقوا للحظات مع الانقلاب ، ثم أدركوا سريعاً ( لإخلاصهم الثوري ، ولابتعادهم عن المصالح الشخصية الضيقة ) ما حدث ، فانحازوا بعضهم مرة أخرى إلى الثورة دون أي ضمانات أو اشتراطات ، وبعضهم الآخر ( حفظاً لماء الوجه ) يشترطون اشتراطات تعني أنهم لم يدركوا عمق المشهد ولا حقيقته كالتخلي عن شارة رابعة أو التخلي عن المطالبة في التظاهرات بعودة الرئيس مرسي كأحد أيقونات الثورة .

هذه المطالب تعكس أن هؤلاء الثوار – الحقيقيين المخلصين – لم يدركوا ما كان يفعله الرئيس مرسي ، ولم يفهموا حقيقة وصلب الانقلاب عليه ، ولا يدركون أكثر من مظاهره وقشوره التي تبرز انتفاع مجموعة الأدوات التي قامت بها ( عسكر وشرطة وقضاء وإعلام وتوجهات ( علمانيون ومسيحيون وحزب الزور والظلام ) .

إن من يدرك حقيقة الصراع ويعرف البعد الحقيقي لسياسة الرئيس مرسي والحرص على الشرعية والديمقراطية والتداول السلمي للسلطة والذي سعى إليه الإخوان ومن انحاز لهم ، يدرك بقوة حتمية أن تكون رابعة كمظهر للصمود منذ البداية ضد الانقلاب وأن إشارة رابعة كأيقونة للفهم وللثورة لها دلالاتها التاريخية والرمزية والعالمية والتي تعني أن التخلي عنها في هذه الموجة الثورية الجديدة هو كنوع انتحار لهذا المد الثوري .

وبالضرورة طبعاً المطالبة بعودة الشرعية والرئيس مرسي هو أيضاً مما لا يرد التخلي عنه ، وعلى المخلصين الذين يريدون أن ينضموا لنا أن يتوقفوا عن شروطهم وأن ينحازوا لخيارات الحق والواجب ، وليس الوقت وقت حفظ ماء وجوه ، وليست الثورة في حاجة لمن يتلكأ أو يشترط ، والصمود الذي رزق الله به الثوار والأحرار رغم كل هذا النكال والمحن والآلام التي اقترفها في حقهم الأدوات من العسكر الخائنين وغيرهم .. كل هذا يبين بجلاء ووضوح استغناء الثورة عن كل أحد إلا الله سبحانه ، وأنه هو الذي يمدها بمدده وهو الذي ينصرها ويعينها ، فمن ينضم لنا هو المحتاج ولسنا نحن فما نحن إلا عبيد نسترضي ربنا ، وليست الثورة إلا ملك لله سبحانه إن شاء نصرها ، وقد تكفل بذلك سبحانه ...

" إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد " ... " والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا " ... " كتب الله لأغلبن أنا ورسلي إن الله لقوي عزيز " ...

هل يكون 25 يناير يوم كسر الانقلاب ؟

الذي أثق به أنها ستكون موجة تصعيد قوية جداً في مدنا الثوري إن شاء الله ، وأما التواريخ ، وأما متى ينكسر الانقلاب ، وأما كيف ينكسر الانقلاب ، فكل ذلك لا أعبأ به ، الذي يهمني في المقام الشخصي هو أن الله يراني في خندق الثوار والمجاهدين مخلصاً مقبلاً غير مدبر صابراً محتسباً ..

وطالما الأمر كذلك ، أني أستطيع أن أعبد ربي في الشدة كما عبدته سبحانه في الرخاء ، فلا يهمني شئ بعدها .

والله سبحانه لم يعدني ولم يعد أحد أن يريه النصر ، ولا حتى رسوله صلى الله عليه وسلم ، وليس في الصفقة التي بيني وبين ربي أي اشتراطات من نوعية رؤية النصر ، (إِنَّ اللّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللّهِ فَاسْتَبْشِرُواْ بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ) . الصفقة إذن هناك ، في الدار الأخرة ، يشتري الله سبحانه منى هنا في الحياة الدنيا نفسي ومالي ( رغم أنه هو الذي يملكني وهو الذي خلقني وهو الذي يوتيني المال ) ، مقابل أن يعطيني هناك في الدار الآخرة : الجنة .

ليس في هذه الصفقة ضمانات أو وعود من الله سبحانه برؤية النصر والتمكين في الدنيا ، هذا الأمر الذي لما تحدث عنه ربنا قاله بصيغة النكرة والتجهيل لبيان أنه لا يعني المؤمن في شئ ، وهو الأمر الذي لا ينبغى أن يشغل بال المؤمن لأنه داخل ضمن إطار الدنيا التي هي بكل ما فيها لا تساوي عند الله جناح بعوضة ، انظروا للنصر حين تحدث عنه الله سبحانه كيف تحدث : " وأخرى تحبونها ، نصر من الله وفتح قريب " .. هكذا هو الأمر إذن ( أخرى ) ، بما تعنيه هذه الكلمة من دلالة التأخير والتأخر وليس ذلك فقط بل بصيغة النكرة التي في غالبها الأعم تأتي للتجهيل والتصغير .

هذا الفهم هو أحد أهم ما لم يدركه العسكر الخائنون في معادلة الصراع بيننا وبينهم ، لذلك تجد بعض لواءاتهم ( جيش وشرطة ) يتساءلون بحنق أمام صمود الثوار : " هو انتو مبتتعبوش ، عملنا فيكم كل حاجة لغاية القتل والسحل والاعتقال ، نعمل فيكم إيه تاني ؟ " .

إذن فالذي يهمني ويشغلني وأثق من ناحية أخرى في تحققه إن شاء الله ، هو ارتفاع المد الثوري في 25 يناير لدرجة تسبق ماقبله من موجات ، أما متى وكيف ولماذا ونحوها من أسئلة حول اليوم فلا تشغل بالي ، كما أثق أنها لا تشغل بال كثيرين من الثوار ... فإلى الصمود والثبات والتحدي وأن تروا الله من أنفسكم صبراً وجهاداً أيها الثوار .. ودمتم ثائرين مجاهدين ... وأدامنا الله في صفكم ... ثوار أحرار بنكمل المشوار .

وقفة أخيرة :

لم تتطرق المقالة للأبعاد والتصورات الحركية للتصعيد الثوري وما ينبغى على الثوار أن يصنعوه أثناء موجتهم الثورية الجديدة ، فهذه لها أناسها ومنظروها ممن يجيد الصراع الحركي وأنماط التصعيد الثوري كحرب الشوارع والسلمية الواقعية ( التي فيها الحفاظ على الأرواح مع التحطيم المادي للأدوات التي يقتلني بها خصمي ... الخ ) ومثل الحفاظ على سرية التكتيكات وأمنيات القيادات والعناصر الفاعلة وأصحاب المهام داخل منظومة قيادة الثورة ، وأنا هنا في الوقفة الأخيرة أنبه على ضرورة قيام قيادات الثوار بدراسة مثل هذه الأمور والتخطيط الجيد الواعي لها ، حتى لا يكون التقصير فيها سبباً لإحباط بعض المتعجلين ...

كما أقترح التزام فعل ثوري داخل كل فاعلية ، وهو ما يتناغم مع صلب هذه المقالة ويتماشي مع رؤيتها ، يتمثل الاقتراح بأن يتم حرق العلم الصهيوني والأمريكي والإماراتي ( كعينة من دول الخليج المتآمرة مثلاً ... ) داخل كل فعالية بالقاهرة والإسكندرية أو بالأقاليم ، لتكون رسالة واضحة لكل الأطراف بفهم الثورة والثوار ، ولتكون كأيقونة متوازية مع إشارة رابعة سواء بسواء .. والله سبحانه هو الذي يهدي إلى سواء السبيل .

[email protected]

بعد أن كتبت المقالة وقعت عيني على هذا الفيديو الذي يوثق لعام من حكم الرئيس مرسي ويتماشى مع موضوعها :

عام من الحلم .. فيلم وثائقي عن حكم الرئيس مرسي

المصدر