25 يناير .. مصر بتتكلم ثورة

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
25 يناير .. مصر بتتكلم ثورة

بقلم :حازم سعيد

(22/01/2015)

ليست ذكرى .. بل امتداد للثورة ، وليست حدثاً ، إنما هو تاريخ تصنعه الأمة ، وليست وقفة إنما هي ثورة حقيقية نعيش وقائعها ، هذا هو ملخص ما نعيشه هذه الأيام ، إنه يناير من جديد ، إنها ثورتنا وهنكملها ، إنها مصر بتتكلم ثورة .

ثورة من ضد من ؟

إنها ثورة الأحرار ، الذين تتدفق دماؤهم بنبض الحرية وروحها ، ويأبون أن يكونوا عبيداً في الدنيا إلا لخالقهم العظيم المستحق لأن يعبده الخلق أجمعين ، أما المستبدين بغير حق والجبابرة بغير جدارة فلا حق لهم أن نعيش في كنفهم عبيداً ، بل حق لهم أن يزولوا من الوجود كله .

إنها ثورة الأحرار ضد الصليبية العالمية والصهيونية الغاشمة التي تسرق الأديان وتنشر الرذيلة والفاحشة .

إنها ثورة الأحرار ضد الاستعمار الذي لم يغادر بلادنا منذ أن رحل بعسكره وترك وراءه صبياناً وتلامذة من عسكر مغفلين وشرطة جاحدة ، يسوسون شعوبهم بنفس سياسة الاستعمار.

إنها ثورة الأحرار الشرفاء الذين يحمون مقدرات بلادهم ، وينظرون إلى مستقبل أولادهم بعين الشفقة والرحمة ويتمنون لهم حياة الأحرار الشرفاء ، ضد سرقات العسكر العبيد المتخلفين ، وضد لوبي المصالح من الحشرات الطفيلية الملتصقة بهم من شرطة غاشمة أو قضاء ظالم أو إعلام مضلل .

إنها ثورة الوطنيين الحقيقيين ضد متطرفين يقودون الكنيسة المصرية إلى الهاوية وينحازون إلى الانقلاب بغباء وحمق وبعد عن تعاليم المسيح عيسى ابن مريم عليه السلام الحقيقية .

وهي ثورة المنافحين عن الهوية ضد العلمانية التغريبية البغيضة التي تكره كل ما يمت للدين بصلة ، وضد الظلاميين الذين يريدون أمة ممسوخة منزوعة الشخصية وضائعة القيم والأخلاق والتقاليد لتصبح أمة فارغة شهوانية تحركها غرائزها وتسود فيها الرذائل والموبقات .

لماذا نثور ؟

نثور لأن الثورة واجب .. ونثور لنحقق مطالب

أما كونها واجب ، فهي واجب وفريضة ، فرضها الله سبحانه علينا في أكثر من موضع في كتابه الكريم وعلى لسان نبيه صلى الله عليه وسلم . ولقد استقرأ بعض الصالحين سنة النبي الأعظم صلى الله عليه وسلم فحلا لهم بعدها أن يسموه النبي الثائر .

إن من يتدبر سنة النبي الكريم صلى الله عليه وسلم يجدها كلها بحق ثورة ضد الطواغيت وضد الظلم وضد الطغيان وضد الجبابرة لصالح إعلاء قيم الحق والحرية والعدالة والكرامة الإنسانية ، وحق الإنسان وقدرته على أن يرتفع ويسمو بعبوديته للخالق العظيم .

وأما كونها واجب لأن المسلم مفروض عليه ألا يسكت على المنكرات ، ولا يجوز له أن يرى الباطل يظلم ويتجبر ويطغى ويقف يتفرج ويشاهد .

وسر خيرية هذه الأمة وأنها أفضل الأمم أننا نأمر بالمعروف وننهى عن المنكر .

وأفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر .

وسيد الشهداء حمزة بن عبد المطلب ورجل قام إلى إمام جائر فقومه فقتله .

في آلاف الأيات والأحاديث والقصص والهدي الذي يوضح أنه لا يجوز لأمة محمد صلى الله عليه وسلم أن يصمتوا أو يسكتوا وألا يثوروا على الظلم والجور والطغيان .

وأما المطالب : فواضحة جلية : الحرية والكرامة الإنسانية والعدالة الاجتماعية وعدم سرقة مقدرات الأوطان على يد ثلة حقيرة خلفها الاستعمار في ثوب العسكر وارتدت زواراً قناع الوطنية ، وهي عميلة الاستعمار وربيبته وسارقة الأوطان وبلطجية البلاد .

مطالبنا مستقبل واضح مبني على الحرية والكرامة لأبنائنا ولأولادنا ، وليس مستقبلاً يكتبه كهولاً وعواجيز جاؤوا من مقابر الماضي الغابر ( كهيكل والجنزوري وأم النجا والزعبلاوي وطحلب .. الخ ) ، ويرقصون أمام لجان الانقلابيين في غباء وتخلف وحمق ( نساء ورجال عواجيز ما كان لهم أن يخططوا مستقبل أبنائنا ) .

مطالبنا أن نملك إرادتنا وقرارنا وأن يكون مصير بلادنا بأيدينا نحن الأحرار وليس بيد ثلة مأجورة منتفعة تعمل بالوكالة لصالح الصهيونية والصليبية وهي تظن أنها تعمل من أجل مصالحها الشخصية الضيقة .

لماذا ثبتنا على ثورتنا رغم كل ما عانيناه ؟

لأننا ننطلق من عبوديتنا لله سبحانه .

لأن الله غايتنا ، فكل عظيم في الدنيا بجواره حقير تافه ، وكل ألم معه ليس له وزن ، وكل طاغٍ أو قويٍ أو متجبرٍ لا قدر له ، فالله غايتنا .

ولأن الرسول صلى الله عليه وسلم سيد المرسلين وخير البشر أجمعين هو قدوتنا ، وقد قاسى من قومه ما قاسى وعانى ما عانى ، شتم وسب وقيل عنه شاعر وساحر ومجنون ، وحوصر وسجن بشعب أبي طالب ، ومنع عنه الطعام والمأوى ، وطرد من بلده ، وحورب وحوصر في المدينة وتآمر عليه القاصي والداني ، أغروا به الصبيان في الطائف وقذفوه بالحجارة حتى أدموا قدمه الشريفة ، وألقوا على ظهره وهو ساجد في الكعبة أحشاء شاة مذبوحة ، قاتلوه في بدرٍ حتى أدموا وجنته الشريفة ودخلت تروس معدنية خديه الشريفين ، قتل أصحابه من حوله واستشهدوا ، وعذبوا من أول بعثته إلى نهايتها ، تمكن الكفار من أصحابه حتى قتلوا سمية الشريفة العفيفة بطعنة في فرجها ، وحتى عذبوا بلالاً النقي التقي بحر الصحراء .

أفيعظم عندنا ما نلاقيه ويحرفنا عن طريقنا ، وهذا جزء مما فعل بقدوتنا سيد البشر ولم يصده ذلك عن دينه ودعوته ، لقد خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم من ورائه رجالاً لا يقبلون الضيم ويأبون العيش مع الفسدة ، ونحن لها إن شاء الله .

ولأن القرآن الكريم العظيم دستورنا ، وفيه من الحض على الثورة والثبات على الحق والثبات على الصبر جراء ذلك الثبات على الحق ما يملأ أركان المؤمنين وقلوبهم يقيناً وثباتاً ، ( والعصر إن الإنسان لفي خسر إلا اللذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر ) .

ولأن الجهاد سبيلنا ، وقد ارتضيناه عهد وميثاق منذ أن دلنا الله الكريم على هذا الطريق ، وقبلنا البيعة فقد بعنا أنفسنا ومالنا وأهلونا وعشائرنا لله سبحانه كل ذلك رخيص في جواره عز وجل ، وما كان يصلح مقابلاً للشكر على نعمه وأعظمها وأجلها دلالتنا على هذا الطريق ، فما بالكم إذا كان ذلك مقابل صفقة هي في النهاية رضاه سبحانه ثم بعدها جنة عرضها السموات والأراضين .

ولأن الموت في سبيل الله أسمى أمانينا ، وقد قلناها بحر إرادتنا منذ أن دخلنا هذه الجماعة الثائرة المباركة وعشناه أملاً حقيقياً لما في الموتة الشريفة من معاني وقيم وجزاء ورضا من الله رب العالمين ، ولم نكن نهذي ونحن نقولها : الموت في سبيل الله أسمى أمانينا .

إن من انتسب لتاريخ الجهاد الإسلامي المجيد منذ بعثة النبي محمد صلى الله عليه وسلم ومروراً بجهاد صحابته الكرام رضوان الله عليهم أجمعين ، وجهاد التابعين والفتوحات الإسلامية ونضال المناضلين ، لا تستغرب منه هذا الثبات والصبر والبطولة والإقدام والثورة المنتصرة بإذن الله ، فلا ريب فهم أبناء الرجال وأحفاد الأبطال ، إنهم الأحرار الثائرون في زمن العبيد الخانعين ، وما كان لحر أن ينزع لأمة الحرب إذا لبسها .. فالحر هو تلميذ مدرسة النبوة وسليل رواد الجهاد .

هل ننجح ؟

وما كان لثورتنا ألا تنتصر .. لماذا ؟

أولاً : لأن مستعصمنا الأول ومستمسكنا الوحيد ، وركننا الركين ، والملجأ والمأوى والملاذ الذي لا نحيد عنه لغيره ولا حيلة لنا إلا بقدرته وعزته وقوته ولا حول لنا ولا قوة إلا به ... هو الله سبحانه ، مالك الملك ذو الجلال والإكرام القادر العزيز القوي القهار الغالب المقتدر المقدم المؤخر .

ثانياً : تكفل الله سبحانه أن ينصر رسله وأولياءه " كتب الله لأغلبن أنا ورسلي إن الله قوي عزيز " .

ثالثاً : تكفل الله بنصرة المظلومين " .... وعزتي وجلالي لأنصرنك ولو بعد حين " .

رابعاً : الله القادر يعذر من الظالم فإذا ما أراد أخذه كان الأخذ الأليم الشديد " إن الله يملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته " .

خامساً : وفق عالم الأسباب المادية : الانقلاب فاشل اقتصادياً - اجتماعياً - سياسياً ، يخسر على الأرض كل يوم مئات وآلاف من أنصاره أو مؤيديه ، وتزداد شريحة الغاضبين بنفس القدر يوماً بعد يوم .

سادساً : وعي الثوار بعد الثورة المضاة والانقلاب اختلف وزاد وتعلم الجميع من التجربة ، ودعوات الاصطفاف والتوحد على مبادئ الثورة هي مما يبهج القلوب ويسعد النفوس ويرجع بنا لمشهد 25 يناير الأول .. إن ثقتنا في نصر ربنا ، ونجاح ثورتنا لا يعدلها ثقة ، ولسوف يأتي اليوم الذي نأخذ فيه الظالمين - بقدر الله الغالب - وتنتصر ثورتنا ونثأر للمظلومين والمكلومين ، ويرينا الله في الظالمين آياته ، ولسوف يأتي اليوم الذي نرسي فيه قيم الحق والحرية والكرامة والعدالة بأيدينا إن شاء الله بعد نصر الله وتأييده ، ذلك قدر غالب يراه المؤمنون بأعينهم رأي العين حقيقة قاطعة لا مراء فيها ولا شك ..

من أجل ذلك : مكملين في ثورتنا ، ونسير نحو غايتنا بخطوات ثابتة مطردة ، ومن أجل ذلك سأنزل في 25 يناير ، وحتى إن لم تحسم الأمور فيها فستكون إن شاء الله بداية مد ثوري جديد ، وستكون إن شاء الله طفرة ثورية جديدة ، وسيكسب فيها إن شاء الله أصحاب الحق خطوات واضحة سريعة نحو نجاح الثورة . وإن غداً لناظره قريب .


[email protected]

المصدر