32% من نواب الحزب الحاكم بمصر متهمون في قضايا فساد!

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
32% من نواب الحزب الحاكم بمصر متهمون في قضايا فساد!


مقدمة

• التجنيد- الجنسية- الشيكات- الفساد- أوصاف نواب حزب الأغلبية.

• د. "سرور" يمهل نواب الشيكات فرصةً أخيرةً قبل رفع الحصانة عنهم.

• أساتذة الاجتماع: تركيبة الحزب لا تؤدي إلا لمثل هذه النوعيات.

طبيعيًّا أن يقرأ المواطن المصري في أخبار كل صباح خبرًا عن نائب متهم في قضية فساد، واعتاد المواطن هذه الأخبار التي أصبحت عنده مثل أخبار الطقس التي اعتاد على قراءتها.

فخلال الثلاث سنوات الماضية من عمر الفصل التشريعي الحالي للبرلمان المصري تورط أكثر من 120 نائبًا من نواب الحزب الوطني الحاكم في قضايا بعضها فساد مثل "عبدالله طايل" ونواب الفيوم، والبعض الآخر- وهو الأكثر- تهرب من سداد شيكات، ثم نواب التجنيد وأخيرًا ما عُرف بنواب الدكتوراه.

وقد أكدت مصادر برلمانية أن الدكتور "أحمد فتحي سرور" رئيس البرلمان يشعر بالضيق من تزايد طلبات رفع الحصانة عن نواب الحزب الحاكم؛ وخاصةً المتورطين في شيكات بدون رصيد مستحقة عليهم، وطالب الدكتور "سرور" النواب بسرعة تسوية هذه الأمور وتسديد الشيكات، خاصةً وأنها أصبحت تمثل إحراجًا وأزمة لرئيس البرلمان نفسه.

وأشارت المصادر إلى أن طلبات رفع الحصانة التي أرسلتها وزارة العدل في 200328/6/م تم إرجاؤها لبداية الدورة الجديدة للبرلمان منتصف نوفمبر القادم حتى يتصالح النواب فيها، وقد وجَّه د. "سرور" تحذيرًا للنواب بعدم استغلال الحصانة في تسيير أعمالهم الخاصة لما يمثله ذلك من إساءة للمجلس ككل، ومنحهم مهلةً لبداية الدورة القادمة للانتهاء من تسديد الشيكات، وإلا أعطى أوامره للجنة التشريعية بفتح هذا الملف، كما طلب د. "سرور" من "كمال الشاذلي" وزير مجلسَي الشعب والشورى بالضغط على نوَّاب الحزب لعدم التورط في قضايا تهزُّ سمعةَ وكرامةَ البرلمان أمام الرأي العام، خاصةً وأن وزير العدل طالب في مذكرة رسمية أرسلها للبرلمان أثناء الإجازة البرلمانية الحالية برفع الحصانة عن 35 نائبًا لإصدارهم "شيكات" بدون رصيد، وهي الدفعة الثانية؛ حيث سبق وأن طالبت وزارة العدل خلال انعقاد الدورة الماضية برفع الحصانة عن25 نائبًا من الحزب أيضًا لنفس السبب؛ وتم تسوية أوضاعهم، عدا النائب السابق "رجب هلال حميدة"، والنائب "عبدالوهاب قوطة"، والذي ما زالت الحصانة مرفوعة عنه في قضية "شيكات" وقروض.

التجنيد والجنسية

وبجانب نواب الشيكات فما زالت قضية نواب التجنيد تتصاعد وتيرتها داخل البرلمان، وقد فشل الحزب الوطني في "لَمِّ" الموضوع من بدايته حتى نهايته، وجاء قرار المحكمة الدستورية ليكشف صفحة جديدة من صفحات الفساد للحزب الوطني الحاكم، وبات حكمًا مؤكدًا أن يخرج 15 نائبًا من البرلمان لتهربهم من أداء ضريبة الوطن، وبالفعل فشلت كل المحاولات في تعديل قرار اللجنة التشريعية التي بحثت 70 حالة كلهم من نواب الحزب، ولم يكن منهم أي نائب معارض أو مستقل، وبخلاف النواب الـ 15 فهناك قائمة جديدة من المتوقع أن يُناقشها البرلمان في بداية دورته القادمة تضم 18 نائبًا، أبرزهم "حسني بجالو" عضو لجنة الثقافة والإعلام، والذي كان رده على اللجنة من أغرب الردود ودليلاً على كيفية اختيار الحزب لأعضائه؛ حيث قال "بجالو" عندما سُئل عن أدائه الخدمة العسكرية، بأنه لا يتذكر إن كان قد دخل الجيش أم لا؟!

"فوزي" و"طايل" والفيوم

وقد سبق نواب التجنيد والشيكات قضية أخرى كان لها صداها من الأيام الأولى للمجلس، وهي قضية "فوزي السيد حوت"- مدينة نصر- الذي دخل البرلمان بأمواله، وخرج أيضًا بسببها، والغريب أن الحزب حاول في بداية قضية "فوزي السيد" أن يدافع عنه ويسانده، وأن يُحافظ له على مقعده، رغم أن هناك قضايا عديدة كان متورطًا فيها قبل دخوله لعتبة البرلمان، إلا أن كل هذه المحاولات فشلت، وقد أرجع البعض سبب الفشل أن "فوزي السيد" كان بخيلاً "شوية" في هذا الموضوع، وإن كانت الدورة الأولى شهدت في نهايتها خروج "فوزي السيد"، فإن الدورة الثانية شهدت في بدايتها خروج "رامي لكح" الذي أنفق في الانتخابات- كما يقول البعض وكما ألمح هو نفسه- أكثر من 10 ملايين جنيه، كما خرج أيضًا الدكتور "مطاوع مصباح"، وهو من نواب الحزب الوطني أيضًا لازدواج الجنسية، ووقتها كانت القائمة تضم أكثر من 16 نائبًا آخرين منهم رؤساء لجان بارزة في البرلمان، كما كان على رأسها وزيران يتمتَّعان بعضوية البرلمان عن دوائر بالقاهرة.

وقبل أن تهدأ قضية نواب الجنسية ظهرت قضية نائبي الفيوم "بهاء المليجي" و"حسين عويس"، اللذين صدر ضدهما أحكام بالسجن بعد ثبوت استيلائهما على أراضٍ مملوكة للدولة بالتزوير والنصب، وهو ما دفع البرلمان لإسقاط عضويتهما.

وتشير المعلومات إلى أن هناك نائبًا جديدًا من الفيوم أيضًا أصبح قابَ قوسين أو أدنى من فقدان عضويته، بعد رفع الحصانة البرلمانية عنه قبل نهاية الدورة الماضية؛ لاتهامه رسميًّا بالتربح والإضرار العمدي بأموال الدولة، مستغلاً وظيفته العامة التي كان قد يتقلدها بوصفه رئيسًا للجنة التصرف في أملاك الدولة بالفيوم، وقام بتمليك هذه الأراضي لجمعيات يرأسها أشقاؤه وأقاربه، وأكدت التحقيقات أن النائب كلَّف الدولة ما يزيد على 100 ألف جنيه لتركيب محول كهربائي لتلك الأراضي بزعم أنها مجمعات سكنية.

وفي سياق هوجة الفساد "الوطني" فإن البرلمان سيناقش في بداية جلساته منتصف نوفمبر القادم إسقاط العضوية عن النائب "عبدالله طايل" رئيس اللجنة الاقتصادية السابق، والذي صدر حكم بحبسه عشر سنوات؛ بتهمة نهب أموال بنك (مصر أكستريور) الشهير وتسهيله عمليات ائتمانية لأقاربه ومعارفه ومعاونيه وأصدقائه.

ولأن الفساد يعرف أهله فلم تقتصر القضايا والمعاملات المشبوهة عند هذا الحد، بل وصلت إلى الضرب تحت الحزام داخل البرلمان نفسه، حيث استغلَّ أحد رؤساء اللجان البارزين بالبرلمان مكانته عند القيادة السياسية العليا، وحاول توريط أحد النواب البارزين أيضًا، والذي له علاقات قوية مع رئيس البرلمان في قضية (بنك مصر أكستريور)، وعندما فشل حاول توريطه في قضية شيكات بدون رصيد، والسبب أن كلاهما يعمل في مجال صناعة حيوية ورئيس اللجنة لا يريد أن ينافسه أحد في هذا المجال!

لماذا (الوطني)؟

ومن السطور السابقة يتبين أن أكثر من 120 نائبًا من الحزب الوطني حتى الآن متورطٌ في قضايا تُخل بالشرف، وكلها تدخل تحت بند الفساد، وهذا الرقم يمثل حوالي 32% من إجمالي نواب الحزب في البرلمان بعد انضمام المستقلِّين له، و43% من إجمالي نواب الحزب قبل أن ينضم إليه أي مستقلّ بعد الانتخابات مباشرةً، وهو ما يطرح تساؤلاً: لماذا الحزب الوطني- دون غيره من الأحزاب الممثَّلة في البرلمان- هو المتورط في قضايا كلها قضايا مُخلَّة، سواءٌ بالشرف الوطني أو مخلة بالأمانة أو مُخلَّة بالوظيفة؟ وهل هناك خلل اجتماعي في تركيبة هذا الحزب فلا يتهم نوابه إلا بتُهم فساد؟

والإجابة أوضحها الدكتور "أحمد المجدوب" مستشار المركز القومي للبحوث الجنائية والاجتماعية، والذي أكد أن هذا الحزب ليس حزبًا في الحقيقة، وإنما هو الطور الأخير من تنظيمات قامت مستندة على السلطة لتكون في خدمتها، وهو الخامس في هذه السلسلة بعد هيئة التحرير ثم الاتحاد القومي ثم الاتحاد الاشتراكي ثم حزب مصر، وأخيرًا الحزب الوطني، وكل تنظيم من هذه التنظيمات كان اسمه مواكبًا للزمن الذي هو فيه إلا أنه كان بنفس الأشخاص والوجوه، وهو ما جعل الحزب كما يرى د. "المجدوب" يقوم على المصلحة و"البيزنس" وليس له برامج ولا أهداف محددة ولا حتى خطة لزيادة العضوية، فضلاً عن كونه حزبًا ليس لديه مبدأ؛ فعقب انتخابات 2000م وانهزام الحزب هذه الهزيمة على يد المنشقِّين عنه خرجت عن قياداته تصريحات نارية بأن الحزب لن يردهم، ثم وقف "كمال الشاذلي" الذي قال نفس التصريح ليقول بكل ثقة: "إنهم أبناء الحزب والحزب أولى بهم".

وعن نوعية الاختيار التي يعتمد عليها الحزب قال د. "المجدوب": إن الحزب مجبر ومضطر إلى اختيار هذه النوعيات؛ لأنه ليس لديه غيرهم، والشخصيات المحترمة تربأ بأنفسها الدخول فيه أو تُشارك في نشاطاته، وإذا كان هذا هو وضع الحزب، فلابد أن تكون هذه هي النتائج!

جاذب للفساد

أما الدكتور "صلاح عبدالمتعال" أستاذ علم الاجتماع السياسي فأكد أن الحزب الوطني مكان جاذب للفساد والمفسدين، ومَن يدخل فيه ليس له إلا هدف من اثنين.. إما الحصول على المال أو زيادة ما عنده، سواء كان ذلك بطرق مشروعة أو غير مشروعة، أو أن يحصل على سلطة تُقوي مركزه الاجتماعي والمالي أيضًا، ومن أجل ذلك ينفق أموالاً طائلةً منذ أن يُفكر في ترشيح نفسه في الانتخابات وبعضها تكون عبارة عن "إتاوات" للحزب لقبول ترشيحه وتدعيم الدولة له، وهو يدفع لأنه يعلم أنه سوف يسترد ما دفعه؛ مما حوَّل الحزب إلى مؤسسة مالية، ومن يدفع فيها يحصل على ما يريد، ولذلك ظهر نواب المخدرات ثم نواب القروض ثم نواب الشيكات، ويضيف "عبدالمتعال" إنه في مجلس 1990م دُعي إلى جلسة استماع عقدتها لجنة الشئون الدينية والاجتماعية والأوقاف عن المخدرات، وحذَّر فيها من خطورة سيطرة المال على الحياة البرلمانية؛ لأنه سيؤدي إلى تمتع تجار المخدرات بالحصانة البرلمانية، ووقتها غضب منه النواب إلا أنه تحقق وفي نفس البرلمان!

المصدر