أبا المعتصم .. بر بقسمه ، ولحق بمن سبقه

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
مراجعة ١٣:٢٧، ١٥ أكتوبر ٢٠١٢ بواسطة Attea mostafa (نقاش | مساهمات)
(فرق) → مراجعة أقدم | المراجعة الحالية (فرق) | مراجعة أحدث ← (فرق)
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
أبا المعتصم .. بر بقسمه ، ولحق بمن سبقه


عندما يشتاق الحبيب إلى حبيبه ، والخليل إلى خليله ، وعندما تطول الغربة وتزداد لوعة الاشتياق ، فحتما حينها سيجول بخاطرك قوله تعالى " الأخلاء بعضهم لبعض عدو إلا المتقين " ، وحتما حينها ستأرقك لوعة الاشتياق ، وستبذل الغالي والرخيص من أجل نيل مقصدك وبلوغ هدفك ، ومن أجل البر بقسمك ، والوفاء بالعهد الذي قطعته على نفسك " هم السابقون ونحن اللاحقون بإذن الله " ، وستشعر بروعة الأخوة الحق في سبيل الله ، رفقاء في الدنيا ، وشهداء عند رب السماء.

فراق الأحبة

عاش شهيدنا أبو المعتصم حياته برفقة ثلة كريمة من الشباب المسلم ، الذين أخذوا على عاتقهم حمل ذروة سنام الإسلام على أرض قطاع غزة ، فلم تضعف من عزيمتهم الاعتقالات ولا الإبعاد ، ولم يرهبهم القتل في سبيل الله ، بل كان أسمى أمانيهم ، فتعاهدوا جميعا على نصرة دين الله ، والارتقاء شهداء على هذه الأرض المباركة .

محمود مطلق عيسى ، لطالما سطع ولمع هذا الاسم في سماء فلسطين ، كيف لا وهو قائد كتائب القسام في المنطقة الوسطى والجنوبية من القطاع ، حيث تربى جنبا إلى جنب بصحبة شهيدنا أبو المعتصم ، وعاشا مع بعضهما الأخوة الحق ، فكانا رفاق الدعوة والجهاد في سبيل الله ، لا يكاد يفارق أحدهما الآخر إلا وسرعان ما يلتقيان من جديد ، لم تربطهم سوى أواصر الأخوة والمحبة في الله ، وفي يوم الأربعاء 20-2-2002 ومن غير ميعاد ، تلقى الشهيد القائد محمود " عبد الله " عقل نبأ استشهاد رفيقه وحبيب قلبه ، الشهيد القائد الكبير محمود مطلق عيسى ، خلال تأديته إحدى المهمات الجهادية بصحبة الشهيد ياسر المصدر في المنطقة الوسطى ، لينزل النبأ كالصاعقة الأولى على شهيدنا ، ولتبدأ رحلة فقد الأحبة .

رياض أبو زيد ، كان بمثابة التوأم الآخر لأبو المعتصم ، فلم تربطهم سوى ساحات الدعوة و الجهاد ، فقارعا الاحتلال معا ، وأخذا على عاتقهما نصرة الإسلام في كل الميادين ، وفجأة ومن دون مقدمات وبالتحديد في يوم الاثنين 17-2-2003 زف إلى التوأم الأول خبر استشهاد توأمه الآخر القائد رياض أبو زيد ، فانتفض أبو المعتصم ، وقطع على نفسه عهدا أن يلحق بمن سبقه من الأحبة ، ليكونوا على سرر متقابلين في الفردوس الأعلى بإذن الله .

على درب السابقون

تحمل شهيدنا القائد أبو المعتصم ، حملا ثقيلا وأمانة عظيمة بعد استشهاد القائد محمود عيسى والقائد رياض أبو زيد ، فكان في بداية الأمر دائم التفكير في كيفية مواجهة الاحتلال الصهيوني ، وصد عدوانه عن مدننا ومخيماتنا ، غير أن الأمر تطور إلى التفكير في كيفية الإثخان في صفوفه ، داخل عمق أراضينا المحتلة ، وفي مغتصباته ، ليكون أبا المعتصم عند قدر الأمانة التي كلف بها ، وليعمل جاهدا من أجل نيل الشهادة ، والالتحاق بركب القادة الأبرار ، وليبر بالعهد الذي قطعه على نفسه .

ومن أكثر الكلمات التي كان يرددها " مت مرابطا خير لك من الدنيا وما فيها " .

ساعة اللقاء

لم يطل الشهيد محمود " عبد الله " عقل ، في غيبته عن الأحبة الذين سبقوه ، وخصوصا أنه كان يعلم بأنه المستهدف في هذه المرة ، وما دَعم موقفه الرؤيا التي رآها احد أصدقاؤه قبل استشهاده بعشرة أيام ، حيث جاءه قائلاً له : "يا أبا المعتصم لقد حلمت لك حلماً" ، فقال : "ما هو ؟" ، فقال : "جاءني الشهيد محمود مطلق عيسى في المنام فسألته عن مكانه و أين هو؟.

فقال له (أنا أعيش بينكم في مكانٍ قريبٍ من هنا مع صلاح شحادة و زاهر نصار ، ولا يعرف مكاننا إلا الشهيد عبد الله عقل ، و قال له (سلّم على عبد الله عقل)" ، فلما علم الشهيد عبد الله بهذا الحلم ، فرح فرحاً شديداً ، وقال : "ربّنا يكرمك ، إن موعدي لقريب مع أصدقائي و أحبّتي و رفاق دربي" ، وزاد في قوله " هم السابقون ونحن اللاحقون ، اللهم أكرمنا مثلهم بالشهادة " .

ولتأتي اللحظة التي لطالما انتظرها ، ساعة لقاء الأحبة على حسب تعبيره ، حيث كان شهيدنا أبو المعتصم مرابطا مع إخوانه على ثغور مخيم البريج ليلة السبت 30 -8- 2003 ، وأمضى ليلته بصحبة المجاهدين على الثغور ، وصلى الفجر في جماعة ، وفي ظهر يوم السبت ، صلى شهيدنا الظهر في مسجد البريج الكبير ، وانتقل بعد الصلاة بصحبة الشهيد فريد ميط إلى مهمة جهادية؛

غير أن طائرات الاحتلال باغتتهم بصواريخها الحاقدة ، قبالة صالة عابدين على شارع صلاح الدين بالقرب من مخيم البريج ، ليرتقي أبو المتعصم ومن معه شهيدا إلى الله ، ولتحين ساعة لقائه مع أحبابه الذين سبقوه ، ولتبقى القافلة مستمرة ، رغم رحيل الرجال الذين سطروا بدمائهم أروع ملاحم البطولة والفداء ، غير أن أجسادهم هي التي رحلت ، لكن كلماتهم وأفعالهم ستظل محفورة في ذاكرة الأجيال القادمة ، لا يمكن أن يطويها النسيان .