الإخوان المسلمون وانتخابات العام 2005م

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
مراجعة ١٢:١٦، ١٠ فبراير ٢٠١٤ بواسطة Attea mostafa (نقاش | مساهمات)
(فرق) → مراجعة أقدم | المراجعة الحالية (فرق) | مراجعة أحدث ← (فرق)
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
الإخوان المسلمون وانتخابات العام 2005

مركز الدراسات التاريخية "ويكيبيديا الإخوان المسلمين"

مقدمة

جاءت انتخابات العام 2005 في سياق الحراك السياسي الذي أفرزته بيئة الانتخابات الرئاسية في العام نفسه وتصاعد حركات الرفض لترشيح الرئيس مبارك نفسه لولاية رابعة وتزامنت أيضًا مع تزايد الضغوط الأمريكية على النظام لتحقيق مستوى أعلى من النزاهة السياسية في التعامل مع المعارضة,بما في ذلك الإخوان؛

وعلى الرغم من أن نتائج الانتخابات ضمنت استمرار سيطرة الحزب الوطني (الحاكم) على مجلس الشعب بأغلبية مريحة إلا أن نزاهة الانتخابات ولا سيما في جولتيها الأولي والثانية أسفرت عن تصاعد غير متوقع للإخوان بـ 88 مقعدا (مقارنة بـ 17 مقعدا في انتخابات العام 2000)

فيما حصلت بقية أحزاب المعارضة على 12 مقعدًا فقط :

"6 مقاعد لـ "الوفد" ومقعدين لـ "التجمع" وبتصدر الإخوان كتلة المعارضة للنظام وتزامن ذلك مع فوز حركة " حماس " في الانتخابات الفلسطينية بدأت مرحلة جديدة من الصدام بين الدولة والجماعة وظهرت بوضوح في تحويل قيادات مالية وسياسية في الحركة إلى محاكمات عسكرية وإجراء تعديلات دستورية في العام 2007 تمنع مستقبلا تكرار ما حدث في انتخابات العام 2005 .
وفي هذه الانتخابات فإن الحزب الوطني لم يكن يمر بأحسن ظروفه فعلى رغم مساعي الإصلاح التي قادها نجل الرئيس جمال مبارك داخل الحزب فإن الصراعات (بين الحرس القديم) ومجموعة الشباب داخل الحزب على النفور والانشقاقات المتكررة ورغبة المصريين في التغيير جميعها عوامل أثرت سلبيا في أداء الحزب في منافسته الانتخابية واستمر مسلسل تقلص سيطرة الحزب على مقاعد مجلس الشعب بفوز 141 مرشحا في العام 2005 (مقارنة بـ 172 مرشحا في العام 2000)"

أسباب ضعف الحزب الوطني

فيما عزا باحثون تراجع أداء الحزب إلى ضعف بنيته التنظيمية وغياب معايير في اختيار المرشحين وإدارة متدنية للحملة الانتخابية وتوحد الحزب مع الدولة بصورة منفرة .

والنفور من تداخل الحزب مع الدولة لم يقتصر على فشل الدولة وبالتالي الحزب الوطني (الحاكم) في تلبية الحاجات الرئيسية لدي الناس من وظائف وتعليم وعلاج وإصلاح اقتصادي وسياسي وإنما بالعنف الذي مارسته الدولة ضد الشعب نفسه في الانتخابات من خلال التدخل الأمني لصالح الحزب الوطني ما عمق حالة النفور الشعبي تجاه الحزب؛

وأسفرت آليات "البلطجية" (تعبير مصري يشير إلى استخدام أصحاب سوابق إجرامية في الاعتداء على الناس والتحرش بالناخبين) والحصار الأمني للجان الانتخابية ومنع الناخبين من الوصول إلى اللجنة للتصويت وتعويق عمل القضاة إلى تزايد حالة الاستياء الشعبي من الدولة ومن الحزب الحاكم تلقائيا ويمكن بالتالي قراءة نتائج تراجع الحزب الوطني إضافة إلى تقلص شرعية الدولة الإنجازية إلى تصاعد عنف الدولة ضد المواطنين ما ولد كراهية متزايدة نحو حزب الدولة نفسه .

مع أن العنف ظاهرة طبيعية في الانتخابات المصرية لكنها في انتخابات العام 2005 وخلال الجولة الثالثة تحديدا بلغت حدا دمويا أشبه بحرب بين قوات الأمن والأهالي المصريين نتيجة صدمة النظام بما حققه الإخوان المسلمون من فوز غير متوقع

فقد خاض الإخوان الانتخابات بـ 161 مرشحا ضعف عدد المرشحين في انتخابات العام 2000 وفاز 88 مرشحا ما أصاب النظام بالصدمة وعزز حالة الصراع بين الدولة والجماعة فقد تمت انتخابات الدوائر على ثلاث مراحل حصلت الجماعة في المرحلة الأولي على 34 مقعدا (مقارنة بـ 68 للحزب الوطني) وفي المرحلة الثانية حصلت على 42 مقعدا (مقارنة بـ 40 للحزب الوطني) وفي المرحلة الثالثة حصلت على 12 مقعدا (مقارنة بـ 37 للحزب الوطني)؛

كانت نتيجة الفوز النهائية للإخوان في ظل تراجع مقاعد الحزب الوطني وبقية أحزاب المعارضة التي حصدت مجتمعة 12 مقعدا فقط مدهشة للجميع بمن فيهم الإخوان أنفسهم فعلي حد قول نائب مرشد الجماعة محمد حبيب

" لم نكن نتوقع هذا الإقبال الجماهيري في الانتخابات ولم نكن نتوقع أن يستبسل القضاة في الدفاع عن صناديق الانتخابات حتى إن بعض القضاة انكسرت ذراعه بعضهم أهين وشتم فلم نكن نتوقع كل هذا؛
ولما كانوا يسألوني في الفضائيات عن عدد من سيفوز من المرشحين كنت أقول في حدود 50- 60 على الأقصى وكان هذا العدد بناء على خبرتنا السابقة في التعامل مع النظام وبحجم درجة التزوير التي ستتم فمثلا إذا حصل تزوير بنسبة 90 % فسيفوز لى 10 مرشحين ولو حصل تزوير بنسبة 80 % فسيفوز لنا 15 عضوا وهكذا". (1)

ورغم أن عدد مرشحي جماعة الإخوان المسلمين في انتخابات 2005 بما يعادل أقل من 30% تقريبًا من إجمالي المرشحين (161 من 5400 مرشح)، فقد مثلت أخبار الجماعة ومرشحيها ونسب المقاعد المتوقع فوزها بها فاكهةَ الساحة السياسية والإعلامية المصرية بصورة غير عادية، وأصبحت مثار العديد من الجدل والشائعات والاتهامات التي أبرزها الحديث عن "تربيطات" انتخابية بينها وبين "إصلاحيين" أو "غاضبين" من الحزب الوطني الحاكم، أو اتهامها باستخدام شعارات دينية تثير الفتنة الطائفية.

ومع نفي قادة الجماعة كل هذه الشائعات والاتهامات، وتفجير الجماعة كل يوم تقريبًا لدعاية انتخابية جديدة لم تعتدها الانتخابات المصرية تزيد من شعبيتهم، ازداد الجدل حول قوة الإخوان في الانتخابات ومستقبل الجماعة السياسي بعدما أصبحت تستقطب مؤيدين جددًا من السياسيين والمثقفين المصريين لحقها في تشكيل حزب سياسي شرعي يعبر عنها، وبات الاعتراف بوجودها وحضورها البارز في الساحة السياسية أمرًا يؤكده المسئولون الحكوميون قبل المعارضين.

تصريح حوله تساؤلات

وقد أثار تصريح "محمد مهدي عاكف" المرشد العام للإخوان المسلمين لصحيفة الأهرام آنذاك بأن "هناك بداية تغيير أحس به كرجل تعرض للاضطهاد والظلم، وأنا الآن أشعر أن التعامل أفضل، وأدعو الله أن يستمر هذا الاتجاه"، تساؤلات حول أسباب فتح الباب أمام رموز الجماعة للحديث بحرية في الصحف الرسمية، وهو ما أثار نظرية "التنسيق الانتخابي" بين الإخوان والوطني.

بيد أنه لوحظ أنه سرعان ما اختفت تصريحات الإخوان من الصحف الرسمية وبدأت على العكس حملةَ نقد شديدة لهم واتهامات بالتسبب في فتنة بسبب شعاراتهم الانتخابية، وأكدت صحف مستقلة أن هذا جاء في أعقاب توجيهات من رئيس الوزراء المصري لرؤساء تحرير الصحف بتجاهل أخبار الإخوان في الانتخابات، وهو ما نفى فكرة التنسيق الانتخابي.

وقد أثار الموقف الرسمي والأمني الأكثر تسامحًا مع مرشحي الجماعة وعدم اعتراض مسيراتهم الانتخابية، أو اعتقال أنصارها كما كان يجري في انتخابات سابقة تساؤلات أخرى، بيد أن قادة الإخوان قالوا: إن هذا التسامح الحكومي الذي يجري الحديث عنه لا علاقة له بشائعات التنسيق الانتخابي، وإنه شيء طبيعي ومنطقي في ظل الحراك السياسي بحيث يسعى النظام إلى تجميل الصورة وتحسين الوجه، خاصة وهو مقبل على انتخابات برلمانية، وأضاف أن الدعوات الأجنبية لإجراء مزيد من الإصلاح السياسي في مصر زادت من صعوبة إقدام الحكومة على ممارسة الضغط على المعارضة قبل الانتخابات.

وتطلعت الجماعة إلى الفوز بحوالي 50-70 مقعدًا وفق تقديرات قادتها، وأشارت تقديرات أخرى لمركز الدراسات الإستراتيجية بالأهرام (أشار إليها د. عبد المنعم سعيد مدير المركز حينئذ في ندوة منتدى مصر الاقتصادية 30 أكتوبر 2005) إلى احتمالات فوز الجماعة بقرابة 30-45 مقعدا في البرلمان باعتبار أن قوتها تعادل 15-20% من الشارع المصري.

ملاحظات المراقبين علي اداء الإخوان

أما أبرز ملاحظات المراقبين على أداء الإخوان في انتخابات 2005 فكانت على النحو التالي:

  1. حرصت الجماعة على ترشيح حوالي 161 عضوًا من أنصارها فقط، أي ثلث عدد أعضاء البرلمان تقريبًا، وقالت: إنها تتوقع الفوز بحوالي 50-70 مقعدًا، في إشارة واضحة وذات مغزى لتهدئة مخاوف النظام وأنها لا تستهدف السيطرة على البرلمان أو تهديد أغلبية الحزب الوطني الحاكم (ثلثي المقاعد) اللازمة لتمرير التشريعات التي ترغب فيها الحكومة، وقد برر هذا محمد مهدي عاكف المرشد العام للجماعة بقوله لجريدة (طوكيو) اليابانية: إن "الظروف المحلية لا تسمح بذلك؛ فما زالت مصر تُحكم بعقلية استبدادية"، وقوله: إن "الإخوان يتوقعون الفوز بنحو 50 مقعدًا، والحكومة لا تحتمل أكثر من ذلك".
  2. نزلت الجماعة ولأول مرة منذ 53 عامًا بشعارها الرسمي (المصحف والسيفين)، و(الإخوان المسلمين)، و(معًا من أجل الإصلاح) بدلاً من عبارة "مرشح التيار الإسلامي" التي لجأت لها في انتخابات سابقة، وخرجت مسيرات انتخابية بطول وعرض البلاد تهتف باسم الجماعة ومرشحيها، على الرغم من أنها لا تزال "محظورة" في العرف الرسمي، واتبعت تكتيكات انتخابية متنوعة بداية من المسيرات بالآلاف والإنترنت والراديو، وحتى مسيرات الدراجات والسيارات وشرائط الكاسيت والأغاني، وهو ما دفع مرشحين آخرين لاقتناص بعض ألوان الدعاية الإخوانية.
  3. ردًاعلى الاتهامات المتكررة للجماعة أنها ترفع شعارات وليس لديها برامج، اهتمت الجماعة هذا العام بوضع وتوزيع برنامج انتخابي سياسي واضح يقع في 7701 كلمة يركز على "المرجعية الإسلامية والآليات الديمقراطية في الدولة المدنية الحديثة"، ويرفض فكرة "الدولة الدينية"، ويحدد هدفه في "الإصلاح" والتغيير وتطبيق شرع الله عبر "الوسائل السلمية المتاحة وعبر المؤسسات الدستورية"، وينقسم هذا البرنامج لثلاثة محاور هي: (النهضة، الإصلاح، التنمية) يندرج تحت كل محور منها برامج سياسية واجتماعية واقتصادية وثقافية ونسائية وإعلامية وصناعية وإستراتيجية وتربوية وصحية وغيرها بالتفصيل.
  4. حرص الإخوان على الرد على ما نُشر عن إثارتهم الفتنة أو استخدام شعارات دينية في الدعاية الانتخابية باتخاذ مواقف عملية تتلخص في إصدار بيانات توضح ما يثار من شائعات، وحقيقة دور الإخوان في "الوساطة" لإنهاء أزمة فتنة الإسكندرية، كما حرصوا في مسيراتهم خاصةً في الأحياء ذات الكثافة السكانية القبطية على ترديد شعارات صريحة تطمئن الأقباط، بهدف نفي ما يثار حول شعار الإسلام هو الحل وأن معناه استبعاد الأقباط، مثل شعار: "نصون العهد ونرعى الذمة للأقباط أبناء الأمة".
  5. تعامل الإخوان بهدوء مع الضجة التي أثيرت حول اعتبار شعار (الإسلام هو الحل) شعار انتخابي ديني مخالف، وعلى العكس سعوا لترسيخ شعار (الإخوان) بدلاً منه، بحيث يمكن القول إن الحملة ضد الشعار أفادتهم في تثبت اسم (الإخوان المسلمين) وتعريف الشارع المصري بهم؛ حيث رفعوا شعارات وهتافات تعبر عن الإخوان مباشرة في محاولة للالتفاف على الشعار الذي أصبح مرفوضًا رسميًا، ومع هذا فلم يتخلَّ الإخوان عن شعار الإسلام هو الحل.

وأكد قادة الجماعة أن هذا الشعار الذي تخوض به الجماعة الانتخابات منذ ربع قرن هو "شعار دستوري صدرت بشأنه أحكام قضائية من مجلس الدولة في الدورة البرلمانية عام 2000 تفيد أنه يتسق مع الدين الرسمي للدولة والدستور المصري".

وفاقت النتائج توقعات كافة المراقبين، وحصد الإخوان 88 مقعدًا أي خمس مقاعد البرلمان، في انتصارٍ تاريخي ما زال دويه يتردد هنا وهناك، وليصبحوا ثاني أكبر كتلة برلمانية بعد الحزب الوطني، رغم التدخلات الأمنية التي لجأ إليها النظام في المرحلتين الثانية والثالثة من الانتخابات لوقف تقدم الإخوان والحيلولة دون حصد مقاعد أخرى، تمكنهم مع بقية أحزاب المعارضة من الوصول إلى نسبة الثلث التي يحق لها عرقلة أية قوانين أو قرارات تسعى الحكومة لتمريرها.

وارتكب الحزب الحاكم جريمةً بشعة في حق المصريين خلال هاتين الجولتين؛ حيث قُتل وأصيب العشرات على يد جيوش البلطجية التي استعان بها لإرهاب الناخبين، واستهدف رصاص قوات الأمن أعينَ المواطنين مما أفقد العديد نعمة البصر!!

واضطر الناخبون في مشهدٍ جذب أنظار العالم إلى استخدام السلالم الخشبية للوصول إلى اللجان الانتخابية بعدما قامت الأجهزة الأمنية بتقفيل اللجان؛ للحيلولة دون وصول أنصار مرشحي الإخوان إلى صناديق الاقتراع، فضلاً عن ضغوط مكثفة مورست من جهات عليا على رؤساء اللجان لإعلان نتائج مخالفة لأرقام الفرز؛

وهو ما أطاح بالكثير من مرشحي الإخوان كان أبرزهم رئيس الكتلة البرلمانية عام 2000 الدكتور محمد مرسي، وأيضًا مرشح دمياط المهندس صابر عبد الصادق، والدكتور جمال حشمت، والدكتورة مكارم الديري والشيخ حازم أبو إسماعيل، وغيرهم من رموز الإخوان. (2)

مواقف القوى السياسية من فوز الإخوان

جسد نجاح الإخوان المسلمين الكبير فى الانتخابات التشريعية العديد من النتائج والممارسات السياسية التى شهدتها الساحة المصرية خلال عام 2005، والتى أضفت العديد من السمات على واقع البيئة السياسية ودور الأحزاب في عملية الإصلاح.

حيث كان لحصول الإخوان على 88 مقعداً مردودا واسعا في الأوساط السياسية وخاصة على مستوى القيادات الحزبية.فبالنسبة للحزب الوطني، فقد أكدت تصريحات ومواقف قياداته الحزبية على احترام إرادة الشعب والتعامل مع مرشحي الجماعة المحظورة على أنهم مستقلين.

وهو ما يتفق مع الاتجاه الرسمى المعروف تقليديا بعدم الاعتراف بالجماعة كتنظيم سياسي. وقد برز ذلك الاتجاه جلياً مع بدء الدورة الجديدة لمجلس الشعب، وما شهدته من جدل حول الاعتراف بهم ككتلة برلمانية تحت مسمى الإخوان المسلمين.

حيث أصر د. فتحى سرور رئيس مجلس الشعب على اعتبارهم كتلة الـ 88 دون توصيفهم سياسياً، مستنداً على كونهم يمثلون جماعة سياسية محظورة قانوناً ومحجوب عنها شرعية ممارسة العمل السياسي، وانهم إذا أرادوا أن يصنفوا أنفسهم بأنهم كتلة الإخوان ، فهو ما سيعرضهم للعقاب القانونى باعتبارهم أعضاء فى جماعة محظورة قانونا.

وهو ما أكده أيضا نفى الأمين العام للحزب الوطني السيد صفوت الشريف لوجود أي نية للحوار بين الحزب الوطني والجماعة، معتبراً أنه لا يحوز إقامة حوار بين إطار مؤسسي شرعي وآخر غير شرعي.

إن رفض الاعتراف على النحو السابق لا ينفى حجم التحدي الذي يواجهه الحزب الوطني الحاكم من جراء صعود الإخوان المسلمين ونسبة تمثيلهم في البرلمان.

فعلى الرغم من أن نسبة تمثيلهم لا تتيح لهم التقدم بأية مشروعات قانونية أو مشروعات لتعديل الدستور. إلا أنه طبقا للمادة 186 من الدستور، يمكن للأعضاء المحسوبون على الجماعة التقدم رسميا بطلب لتعديل الدستور.

وهو ما من شأنه أن يمثل ضغطاً إعلامياً وجماهيرياً على الحكومة. من جانب آخر فقد أدى هذا الصعود السياسى غير المحسوب للجماعة إلى دفع آلية المراجعة الذاتية للحزب الوطنى لدراسة أسباب الصعود الإخوانى وكيفية احتوائه، جنبا إلى جنب أسباب تواضع أداء مرشحى الحزب الرسميين والعمل على وضع آليات تكون قادرة على النفاذ إلى شرائح وفئات المجتمع المختلفة.

وقد اتفقت العديد من قيادات وقواعد الحزب الوطني على أن هناك العديد من الأخطاء التي ارتكبت، وتسببت في سقوط العديد من رموزه، واللافت للنظر أن من ضمن الأسباب التى طرحت للنقاش منع النشاط السياسي للأحزاب داخل الجامعات طوال السنوات الماضية، مما أعطى الفرصة للجماعات الإسلامية، وعلى رأسها جماعة الإخوان المسلمين للعمل بحرية واستقطاب نسبة كبيرة من شباب الجامعات.

في المقابل، جاء موقف أحزاب المعارضة وخاصة الأحزاب الرئيسية الكبرى مغايراً بقدر أو بآخر عن موقف الحزب الوطني. فبالنسبة لحزب التجمع، فقد بدت ملامح موقفه الرافض للإخوان المسلمين ومشاركتهم في العملية الانتخابية مبكراً.

حيث تقدم حزب التجمع بمذكرة إلي المستشار محمود أبو الليل، وزير العدل ورئيس اللجنة العليا للانتخابات حول تجاوزات النفقات المحددة للدعاية الانتخابية.وقد سجلت المذكرة أن الحزب لاحظ تجاوزا كبيرا في نفقات الدعاية الانتخابية خاصة لمرشحي الحزب الوطني وجماعة الإخوان المسلمين المحظورة، بما يتنافي مع الإنفاق الذي حددته لجنة الانتخابات والذى لا يتجاوز 70 ألف جنيه للمرشح الواحد.

كما رصدت مذكرة التجمع عددا من هذه التجاوزات واستشهدت بما نشرته الصحف الحكومية، لذلك دعا حزب التجمع إلى قيام اللجنة باتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة تجاه هذه التجاوزات التي تخالف القانون.

وفي هذا السياق، اعتبر حزب التجمع أن هناك صفقة بين الحزب الوطني وجماعة الإخوان المسلمين، من أجل عزل الأحزاب عن الحياة السياسية. وقد استند هذا الرأى على عدم إقدام الإخوان على تقديم مرشحين في الدوائر التى ترشح فيها مسئولون حكوميون.

فمثلاً لم ترشح الجماعة أحدا ضد كمال الشاذلي، بالإضافة إلى التشكيك في حدوث تحالف بين الإخوان والحزب الوطني في دائرة السيدة زينب لكي ينجح عادل حامد. لذا، شكك حزب التجمع في مدى مشروعية دخول أعضاء جماعة الإخوان المسلمين للبرلمان، من الناحية القانونية والدستورية.

ويأتي ذلك الموقف من قبل حزب التجمع للتباعد الواضح بين الإطار الفكري والإيديولوجي لكلا الطرفيين (الإخوان والتجمع). فقد حكمت الأطر الفكرية لقيادات التجمع الموقف من مشاركة الإخوان في العملية الانتخابية، بالإضافة الى اعتبارهم خطراً على الدولة المدنية التي تقوم على المساواة بين مواطنيها ولا تميز بينهم على أساس ديني أو عرقي.

أما حزب الوفد، فلم يعلن عن موقفه من الصعود السياسي للإخوان المسلمين، حيث لم تصدر أية تعقيبات تعبرعن موقف الحزب من كون جماعة الإخوان أصبحت قوة المعارضة السياسية الأولى في البرلمان، وتفوقت بذلك على الدور الذى كان يطمح إليه الحزب.

وربما يبدو ذلك الموقف السلبي غير المعلن غير متوافق مع برنامج الحزب وإطاره الأيديولوجي، وهو ما يمكن إرجاعه إلى حالة التحالف الكامنة بين الطرفين، والتي تجلت ملامحها في انتخابات برلمانية سابقة، فضلا عن مساعي رئيس الحزب السابق نعمان جمعه في الحصول على تأييد وأصوات بعض أنصار الإخوان في الانتخابات الرئاسية التي سبقت الانتخابات البرلمانية.

ويتماثل موقف حزب الغد مع حزب الوفد من نجاح الإخوان المسلمين، حيث تركزت عملية التقييم على رصد تجاوزات العملية الانتخابية وخاصة تجاوزات مرشحي الحزب الوطني.

يذكر أن د. أيمن نور قد أبدى مرونة واضحة تجاه جماعة الإخوان أثناء الحملة الانتخابية الرئاسية حيث أعلن عن حقهم في إنشاء حزب سياسي ديني يعبر عن مواقفهم ورؤيتهم السياسية والثقافية والاجتماعية للنظام والدولة.

أما الحزب الناصري فقد اعتبر نتائج الإخوان متوافقة مع ما فرضته متطلبات العملية الانتخابية، لاسيما تلك المتعلقة بالقدرات المادية التي سمحت لهم بشراء الأصوات، كما لم تستبعد قيادات الناصري وجود اتفاق وتحالف بين الحزب الوطني وجماعة الإخوان، يقضي بحصول الإخوان على مجموعة من المقاعد البرلمانية التي تسمح بانزواء الأحزاب سياسياً، في مقابل تمرير فكرة توريث الحكم.

هذه المواقف أو القراءات الحزبية لنتائج الإخوان المسلمين توضح قدر التباين الحزبى المستند للموقف السياسى من الإخوان، فى الوقت نفسه يعكس الاتفاق على تقديم المبررات لنجاح الإخوان وإخفاق الأحزاب. (3)

واعتبر المراقبون فوز الجماعة بهذا العدد الكبير من المقاعد لأول مرة والذي يفوق العدد الذي فازوا به في انتخابات 1987 (38 مقعدًا)، تصاعدًا في نفوذ وقوة الجماعة يستتبع ضرورة تغيير نمط التعامل الرسمي معهم والاعتراف بوجودهم والسعي لخلق نمط أو شكل سياسي معين لاستيعابهم في المنظومة السياسية سواء من خلال حزب رسمي مدني أو أشكال أخرى.

و توقع الخبراء أن ينعكس هذا على المستقبل السياسي للجماعة وعلى نمط التعامل الرسمي معها سواء بنقل ملف التعامل معها من القوى الأمنية للفعاليات السياسية أو بترسيخ وجودها وقوتها السياسية كثاني أكبر تيار سياسي في مصر بعد الحزب الوطني.

وقالوا إن أبرز دلالة لفوز الإخوان على الساحة السياسة المصرية:

  1. أن القوى غير الحزبية وغير المعترف بها رسميًا هي الأكثر تأثيرًا وشعبية في الشارع المصري.
  2. أن فوز الإخوان بهذه النسبة من المقاعد دليل على اتساع قاعدة المعارضة للأحزاب الموجودة على الساحة عمومًا، وعدم القناعة بالتغيير الذي أحدثه الحزب الوطني على نفسه أو الوعود التي أطلقها لتحسين أحوال معيشة الشعب.
  3. أن الإخوان باتوا لاعبًا رئيسيًا رسميًا على الساحة السياسية يؤخذ في اعتبار الحكومة والمعارضة معًا، وهذا يحتم إدخالهم المعادلة السياسية وعدم إقصائهم.

بعض الجداول للتوضيح

م المحافظة عدد الدوائر عدد الأعضاء
1 محافظة القاهرة 25 50
2 محافظة الدقهلية 17 34
3 محافظة الجيزة 14 28
4 محافظة الشرقية 14 28
5 محافظة سوهاج 14 28
6 محافظة البحيرة 13 26
7 محافظة الغربية 13 26
8 محافظة المنوفية 11 22
9 محافظة المنيا 11 22
10 محافظة الإسكندرية 11 22
11 محافظة قنا 11 22
12 محافظة أسيوط 10 20
13 محافظة القليوبية 9 18
14 محافظة كفر الشيخ 9 18
15 محافظة بني سويف 7 14
16 محافظة الفيوم 7 14
17 محافظة دمياط 4 8
18 محافظة الإسماعيلية 3 6
19 محافظة بور سعيد 3 6
20 محافظة أسوان 3 6
21 محافظة شمال سيناء 3 6
22 محافظة مرسي مطروح 2 4
23 محافظة الوادي الجديد 2 4
24 محافظة السويس 2 4
25 محافظة البحر الأحمر 2 2
26 محافظة جنوب سيناء 2 4
الإجمالي جميع المحافظات 222 454


جدول-إنتخابات-2005.jpg


جدول-إنتخابات-2005..jpg


نسبة المقاعد المقاعد الأحزاب
68.5 311 الحزب الوطني الديمقراطي
1.3 6 حزب الوفد الجديد
0.4 2 حزب التجمع الوطني التقدمي الوحدوي
0.2 1 حزب الغد
19.4 88 إخوان مسلمون (مستقلون)
4.6 24 مستقلون
12 دوائ لم يجر فيها انتخابات بعد
2.2 10 أعضاء معينون
0 0 الحزب العربي الديمقراطي الناصري
0 0 حزب الأحرار
454 مجموع (نسبة المشاركة في الإنتخابات)
من موقع هيئة الاستعلامات

المراجع

  1. صراع على الشرعية الإخوان المسلمون ومبارك 19822007،الدكتور هشام العوضي، ص 269
  2. دراسة "الإخوان المسلمون من المعارضة إلى السلطة" غير منشوره، للباحث أسامة مرسى
  3. التقرير الإستراتيجي العربي 2005-2006، الحياة الحزبية .. تداعيات ما بعد الانتخابات