الإسلاميون والإنترنت.. تطورات المشهد

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
مراجعة ١١:١٣، ١٦ أبريل ٢٠١١ بواسطة Moza (نقاش | مساهمات) (حمى "الإسلاميون والإنترنت.. تطورات المشهد" ([edit=sysop] (غير محدد) [move=sysop] (غير محدد)))
(فرق) → مراجعة أقدم | المراجعة الحالية (فرق) | مراجعة أحدث ← (فرق)
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
الإسلاميون والإنترنت.. تطورات المشهد

22 يونيو 2009

بقلم: ضياء رشوان

سيصدر عما قريب كتاب حول «الحركات الإسلامية والإنترنت» عن مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، بمشاركة عدد من الباحثين المتخصصين فى مجالات سياسية وتقنية مختلفة.

وقد بدأت ظاهرة استخدام هذه الحركات لشبكة الإنترنت لبث أفكارها ودعايتها وجذب أنصار جدد لها منذ منتصف سنوات التسعينيات من القرن الماضى، وكانت الحركات السياسية – الاجتماعية السلمية هى المبادرة بذلك الاستخدام.

وظلت دوما وحتى اليوم هى الأكثر هيمنة وحضورا فى ذلك الفضاء الإلكترونى بآلاف من المواقع والمنتديات التى يحظى بعضها بمكانة متقدمة فى الترتيب العالمى والعربى للمواقع الأكثر تصفحا وتأثيرا فى جمهور الشبكة العنكبوتية الهائلة.

وبعد سنوات عديدة من لجوء الحركات الإسلامية السلمية للإنترنت، بدأت الحركات الدينية الجهادية الأكثر عنفا وتشددا دخول هذا المجال.

وهو ما بدأ بصورة خجولة ومترددة من جانب كل من الجماعة الإسلامية وجماعة الجهاد المصريتين بتأسيس موقع لكل منهما منذ عام 1996 فى ذروة موجة العنف التى فجراها فى مصر منذ بداية التسعينيات.

وفى خلال الفترة من بدء لجوء الحركات الإسلامية للإنترنت وحتى الشهور التالية لهجمات الحادى عشر من سبتمبر 2001 اتسع قيام الحركات الإسلامية السياسية السلمية بإنشاء مواقع لها على الشبكة الدولية بصورة مطردة، بينما ظل تقدم الحركات الجهادية الدينية فى هذا المجال شديد البطء.

وفى خلال الشهور التى تلت هجمات سبتمبر وحتى اليوم زاد بكثافة استخدام هذه الحركات الأخيرة للشبكة الدولية، وذلك بصفة خاصة من أجل تجاوز الحصار الأمنى والإعلامى الذى ضرب حولها ضمن الحرب العالمية على الإرهاب التى شنتها وقادتها إدارة الرئيس الأمريكى السابق جورج بوش.

وقد امتدت هذه الحرب إلى الفضاء الإلكترونى، مما دفع الحركات الإسلامية الجهادية إلى تغيير شكل وجودها فيه مرتين على الأقل خلال السنوات السبع الماضية.

ففى المرحلة الأولى التى انتهت تقريبا مع الغزو الأمريكى للعراق عام 2003، ظل شكل الوجود الإلكترونى لتلك الحركات ممثلا فى مواقع تابعة لها تحمل اسمها وتنشر أفكارها وبياناتها. أخبارها بصورة مباشرة ودون أى وسطاء بينها وبين المتصفحين.

ولما قامت السلطات الأمنية الأمريكية وحليفاتها فى عديد من دول العالم بمطاردة هذه المواقع وتدميرها وإيقاف بثها بوسائل مختلفة أمنية وقانونية، راحت تتوقف واحدا بعد الآخر، لينتهى الأمر فى عام 2003 تقريبا إلى اختفاء أغلبيتها الساحقة من الشبكة الدولية.

وفور حدوث ذلك غيرت الحركات الإسلامية الجهادية من منهجها فى التعامل مع الإنترنت، ولجأت إلى إنشاء المنتديات والساحات المفتوحة التى لا تحمل اسم حركة أو جماعة أو تنظيم بقدر ما تحمل اسما إسلاميا عاما ويدخل إليها آلاف المتصفحين.

حيث يضع كل منهم المواد التى يريد أن ينشرها بين روادها، وهو ما مثل بوابة مهمة لتلك الحركات لنشر أفكارها وبياناتها وأخبارها بصورة غير مباشرة وعبر أعضاء فيها أو أفراد متعاطفين معها.

وقد قامت السلطات الأمنية الأمريكية ونظيراتها على مستوى العالم بمطاردة وإغلاق العديد من تلك المنتديات والساحات خلال السنوات السابقة، إلا أنها ظلت موجودة وتتنامى وذلك لسببين رئيسيين على الأقل: الأول هو الصعوبة الفنية والتقنية فى منع إنشائها وإغلاقها.

والثانى هو الحاجة الأمنية لوجودها لمتابعة ما يحدث بداخل الحركات والأوساط الجهادية عبرها وأيضا لاختراقها وتسريب أخبار ومعلومات بداخلها عن طريق اشتراك أعضاء ومتصفحين فيها تابعين للأجهزة الأمنية.

هذه الحالة الواسعة من وجود الحركات الإسلامية على شبكة الإنترنت هى التى مثلت موضوعات الدراسات التى يحتويها كتاب مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية المشار إليه فى المقدمة.

فهذا الكتاب يهدف بصورة أساسية إلى دراسة علاقة الحركات الإسلامية بشبكة المعلومات الدولية وظاهرة لجوئها إليها لبث دعايتها وتوزيع أفكارها ومواقفها على صعيد عالمى واسع خلال السنوات الأخيرة.

وفى الكتاب تتحول الإنترنت من مصدر للمعلومات والوثائق التى يتم تحليلها ودراستها إلى موضوع فى حد ذاته تتم دراسته وتحليله بما يؤدى إلى التعرف على عدد من الجوانب الرئيسية لتلك الظاهرة الجديدة، عبر مجموعة من الفصول التى يتناول كل منها أحد تلك الجوانب بصورة تفصيلية.

فحول نشاطات تنظيم شبكة القاعدة على الإنترنت ومدى لجوئها إليها لتوصيل رسائلها وبياناتها وأدبياتها إلى الجمهور الذى تستهدفه حول العالم تركز واحدة من دراسات الكتاب، عبر تتبع عديد من مواقع الحركات الجهادية ذات الطابع الدولى والتى تتبنى مقولات ومواقف الجهاد الدولى ضد الولايات المتحدة الأمريكية وتعطى له الأولوية على الرغم من وجود اهتمامات «جهادية» أخرى لها تأتى بعد ذلك.

وبالمقابل تأتى دراسة أخرى لكى تهتم بالتعرف على الأساليب والآليات التى لجأت إليها الولايات المتحدة الأمريكية من أجل مواجهة مواقع الجهاد الدولى وشبكة القاعدة على الإنترنت سواء من أجل تدميرها وإيقافها، أو اختراقها من أجل استخدامها لتمرير بعض المعلومات والبيانات التى تخدم المواجهة الأمريكية لما يسمى «الإرهاب».

ويدخل ضمن ذلك دراسة وتحليل التصور الأمريكى لمدى أهمية أو خطورة لجوء شبكة القاعدة والحركات الجهادية عموما إلى شبكة الإنترنت فى معركتها مع الولايات المتحدة، ومكان وحجم مواجهة تلك المواقع ضمن الإستراتيجية الأمريكية العامة لمواجهة ما يسمى «الإرهاب».

وغير بعيد عن ذلك يهتم فصل آخر بدراسة مواقع الحركات الإسلامية التى تقاوم الاحتلال الإسرائيلى فى فلسطين ولبنان، وبخاصة حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، والسعى للتعرف عليه بصورة عامة مع عرض وتحليل أقسامه ومكوناته وخصائصه الشكلية والموضوعية بصورة تفصيلية.

وفى مواجهة مواقع حماس وحركات المقاومة الإسلامية لإسرائيل يدرس فصل آخر الأساليب والآليات التى لجأت إليها إسرائيل من أجل مواجهتها على الإنترنت سواء من أجل تدميرها وإيقافها، أو اختراقها من أجل استخدامها لتمرير بعض المعلومات والبيانات التى تخدم مواجهتها لتلك الحركات سواء كانت فلسطينية أو غير فلسطينية.

وعلى الوجه الآخر فإن فصولا أخرى من الكتاب اهتمت بدراسة علاقة الحركات الإسلامية السياسية السلمية بالإنترنت وفى مقدمتها جماعة الإخوان المسلمين فى عديد من البلدان العربية والإسلامية وبناء معظمها مواقع لها على شبكة الإنترنت.

وتكتمل الرؤية بدراسة أخرى للمواقع التابعة للحركات السلفية الجديدة فى العالمين العربى والإسلامى والتى تتسم بدرجة عالية من الانتشار عبر الأقطار والبلدان فى السنوات الأخيرة بما يجعلها عابرة للحدود.

ولعل النتيجة الرئيسية التى تنتهى إليها تلك الدراسة الموسعة لعلاقة الحركات الإسلامية بالإنترنت هى أن ظاهرة لجوء الحركات الإسلامية، على مختلف أنواعها فى شتى مناطق العالم.

إلى الإنترنت كوسيلة رئيسية لبث دعايتها وأفكارها خلال السنوات الأخيرة أتت ضمن سياق أوسع هو تزايد علاقة معظم تلك الحركات بالوسائل والأساليب التكنولوجية المتقدمة خلال هذه السنوات واعتمادها عليها من أجل تحقيق أهدافها.

وقد فتح هذا الباب لأن لا يقتصر البحث على تتبع وتحليل علاقة الحركات الإسلامية بالتحديث التقنى والعلمى بل يمتد أيضا إلى السعى من أجل إثبات فرضية أوسع تتعلق بالمجتمعات التى وجدت فيها الحركات الإسلامية.

وهى أن غالبية تلك الحركات قد اتبعت فى حركتها الفعلية فى تلك المجتمعات أساليب حديثة ومعاصرة أو نتج عن تلك الحركة تجاوز لكثير من الأبنية والقيم والممارسات التى يعتبرها علماء الاجتماع تقليدية لصالح مثيلتها الحديثة والمعاصرة.

وضمن إطار مقارن مع الحركات السياسية والاجتماعية العربية الأخرى «الحديثة» غير الدينية فى هذا السياق، سعت الدراسة إلى استكمال فرضيتها بأن الحركات الإسلامية كانت على وجه العموم أكثر معاصرة وحداثة فى ممارساتها من تلك الحركات الأولى التى تبدو أكثر تقليدية ومحافظة على هذا المستوى العملى بالرغم من أن الوضع يبدو معكوسا على المستوى الفكرى لكل منهما.

المصدر