الاجتهاد

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
مراجعة ٢١:١٦، ٩ مايو ٢٠١١ بواسطة Ahmed elsaied (نقاش | مساهمات) (أنشأ الصفحة ب''''<center>الاجتهاد </center>''' '''بقلم: أحمد شوشة''' السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. أخي الحبيب.. لقد كا...')
(فرق) → مراجعة أقدم | المراجعة الحالية (فرق) | مراجعة أحدث ← (فرق)
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
الاجتهاد

بقلم: أحمد شوشة

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

أخي الحبيب.. لقد كانت الخاصية الأولى للإسلام كما وضَّحه لنا الإمام البنا- عليه رحمة الله- هي شمولية الإسلام لكل نواحي حياة الشخصية الإنسانية، وأيضًا لكل نواحي الحياة الإنسانية، ثم كان الاجتهاد هو الخاصية الثانية كما حدَّدها الأستاذ البنا عليه رحمة الله.

يقول الأستاذ البنا- عليه رحمة الله- في رسالة المؤتمر الخامس: "إلى جانب هذا- يقصد شمول الإسلام- يعتقد الإخوان أن أساس التعاليم الإسلامية ومعينها هو كتاب الله تبارك وتعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، واللذان إن تمسَّكت بهما الأمة فلن تضل أبدًا، وأن كثيرًا من الآراء والعلوم التي اتصلت بالإسلام وتلوَّنت بلونه تحمل لون العصور التي أوجدتها والشعوب التي عاصرتها؛ ولهذا يجب أن تستقيَ النظم الإسلامية التي تحمل عليها الأمة من هذا المعين الصافي معين السهولة الأولى، وأن نفهم الإسلام كما يفهمه الصحابة والتابعون من السلف الصالح رضوان الله عليهم، وأن نقف عند هذه الحدود الربانية النبوية؛ حتى لا نقيِّد أنفسنا بغير ما يقيدنا الله به، ولا نلزم عصرنا لون عصر لا يتفق معه، والإسلام دين البشرية جميعًا".

أخي الحبيب.. إن حقيقة العبودية كما أرادها الله عز وجل هي تعمير الأرض وإصلاحها وتذليلها للحياة الكريمة لبني البشر؛ وذلك وَفق منهج الله عز وجل الذي أرسل به المرسلين على مدار التاريخ الإنساني، حتى إذا اكتمل للبشرية نضجها وكمالها أنزل الله عز وجل القرآن الكريم خاتمًا به الكتب السماوية، كما أرسل محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم خاتمًا للأنبياء والمرسلين، فكانت الرسالة الخاتمة، فاشتملت على ما ينفع الناس ويعينهم على أداء أمانة الخلافة إلى ما تبقَّى من زمان حتى قيام الساعة.

الحاجة إلى الاجتهاد

ومن هنا يصبح الاجتهاد مهمًّا؛ حيث إنه لا ينبغي في عصرٍ ما تقليد الآباء فيما استنبطوه من أحكام هي مناسبة لعصورهم واحتياجاتهم، وإلا أخذنا البشرية إلى الوراء، متخلفةً عن عصرها بدلاً من أن ندفعها إلى الأمام متقدمةً وقائدةً لعصرها كما أراد الله عز وجل لدينه ولأمة محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.

يقول الأستاذ البنا- عليه رحمة الله- مستكملاً العبادة السابقة:

"وإلى جانب هذا أيضًا يعتقد الإخوان المسلمون أن الإسلام- كدين عام انتظم كل شئون الحياة في كل الشعوب والأمم لكل الأعصار والأزمان- جاء أكمل وأسمى من أن يَعرِضَ لجزئيات هذه الحياة، وخصوصًا في الأمور الدنيوية البحتة؛ فهو إنما يضع القواعد الكلية في كل شأن من هذه الشئون، ويرشد الناس إلى الطرق العملية للتطبيق عليها والسير في حدودها". (رسالة المؤتمر الخامس).

وبذلك يفتح الإمام البنا- عليه رحمة الله- باب النظر والاجتهاد، وبعد أن أُغلق زمنًا طويلاً تخلَّف بسببه المسلمون وسبقتهم الأمم من حولهم.

يقول د. صوفي أبو طالب- عليه رحمة الله- في كتابه "تطبيق الشريعة الإسلامية في البلاد العربية"، ص 236، دار النهضة: "لم يستشعر الفقهاء حرجًا في التقليد الأعمى والتعصب المذهبي، ولم يحس المجتمع بحاجة إلى تجديد الفقه وتطوير الأحكام حتى أواخر القرن الثامن عشر ومطلع القرن التاسع عشر الميلادي، حينما بدأ الاتصال والاحتكاك بالحضارة الأوروبية التي طرقت أبواب عصر الصناعة، وانتقلت إلينا آثار الحضارة الصناعية، وما يترتب عليها من تغيير اجتماعي، وما ظهر من تيارات فكرية عديدة من السياسة وفي الاجتماع وفي نظم الحكم وفي سائر الفروع، فبدأ نسيج المجتمع الإسلامي يتغيَّر اجتماعيًّا وسياسيًّا واقتصاديًّا، وظهرت مشكلات اجتماعية وسياسية واقتصادية لا عهدَ للفقهاء القدامى ولا المتأخرين بها، فأصبحت الحاجة ماسَّةً إلى تجديد شباب الفقه الإسلامي، بل الحضارة الإسلامية".

ويقول الشيخ محمد الغزالي- عليه رحمة الله- في كتابه "دستور الوحدة الثقافية بين المسلمين"، ص 103، طبعة دار الشروق: "أما الاجتهاد في آفاق المعاملات، فكما أسلفنا القول، هو ضرورة إسلامية إنسانية، ولن نملك زمام الحياة العامة، ولن نثبت صلاحيتنا للقيادة وصلاحية ديننا لنفع العالم إلا إذا أجدنا في هذه المجالات، وبهرنا العيون في النواحي الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، ومن قبل ذلك في النواحي العبادية".

ويقول لواء أ. ح. دكتور فوزي محمد طايل- عليه رحمة الله- في كتابه "كيف نفكر إستراتيجيًّا"، إصدار مركز الإعلام العربي: "والاجتهاد الفكري هو الذي يحفظ للأمة الإسلامية القدرة على التطور والتعامل مع متغيرات الزمان والمكان، والاستعداد لمواجهة الأمور المستقبلية والتخطيط لذلك؛ لذا فالقول بتوقف الاجتهاد، أو بأن العصر يخلو من المجتهدين هو حكم على الحياة بالثبات والتخلف، وعلى المجتمع بالشلل، وعلى الأحكام الشرعية بالقصور عن التعامل مع الواقع والمستقبل، وضبط أمور الحياة في كل جوانبها، وهذه أمور بالغة الخطورة؛ إذ تُحدث فراغًا فكريًّا يكون عرضةً لأن تملؤه الأحكام الوضعية، والتشريع بالهوى والأفكار والشرائع والقيم المستوردة من الأمم الأخرى".

الاجتهاد فرض كفاية

يقول لواء أ. ح. فوزي محمد طايل في المرجع السابق: "فالاجتهاد الفكري بهذا فريضة يدل عليها العقل والمنطق، فضلاً عن النص والاجتهاد؛ يحتاج إليه المجتمع كي يظلَّ متقدمًا، محتفظًا بهويته، ومع هذا فالاجتهاد فرض كفاية ثبت من خلال نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة.

﴿وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ﴾ (التوبة: 122).

روى أبو داود في سننه عن معاذ بن جبل رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم لما بعثه إلى اليمن يعلمهم ويقوم ببعض الأمر فيهم، قال له: "كيف تقضي إذا عرض لك قضاء؟" قال: أقضي بما في كتاب الله، قال: "فإن لم تجد في كتاب الله؟"، قال فبسنة رسول الله، قال: "فإن لم تجد في سنة رسول الله؟"، قال: أجتهد برأيي ولا آلو (أي لا أقصر)، قال معاذ: فضرب رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم بيده على صدري وقال: "الحمد لله الذي وفَّق رسولَ رسولِ الله إلى ما يرضي الله ورسوله" (رواه أبو داود).

وقد تعددت وقائع الاجتهاد من الصحابة في حضرة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم وفي غيبته، فكان يقرُّهم إذا ما أصابوا، وينكر عليهم إذا أخطئوا، ومن ذلك ما يروى عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم أنه قال لعمرو بن العاص رضي الله عنه، وهو ينظر إحدى القضايا: "احكم"، فقال: أجتهد وأنت حاضر؟، قال: "نعم.. إن أصبت فلك أجران، وإن أخطأت فلك أجر".

مجدد القرن الرابع عشر الهجري.. الإمام حسن البنا عليه رحمة الله

إن الإمام البنا- عليه رحمة الله- مات شهيدًا ثمنًا لتجديده دينَ الأمة الإسلامية بعد أن استسلمت الأمة لأعدائها، فعملوا فيها ذبحًا في أبنائها، وتمزيقًا لدولها، ودفنًا لهويتها، فاستنهض الأستاذ البنا شعوب هذه الأمة، فبعث روح الاعتزاز والثقة في دينها، وانطلق بفكره يحفِّز عقول الأمة للنظر في كتاب الله وسنة الرسول صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم نظرةً معاصرةً تجيب على متطلبات الواقع، وتتطلَّع إلى المستقبل لبناء حضارة زاهرة.

فكان التفاف الناس في كافة بقاع الأرض حول الإمام الشهيد، منبهرين بإسلامهم الذي شعروا بأنه طوق النجاة بمعالجة واقعهم وعصرهم بعد أن مُزِّقت نفوسهم بين عاطفتهم نحو دينهم الذي يجهلونه والحضارة الغربية المادية المنتصرة عليهم، وبعد أن كادوا يتركوا هذا الإسلام في الزوايا والتكايا للعجزة والجهلة، ولكن بفضل هذا المجدد أصبح الإسلام هو المنارة التي يسترشد بها الناس في تلك الظلمات التي انكبت عليهم من حدب وصوب.

يا مرشدًا قاد بالإسلام إخوانًا وهزَّ بالدعوة الغرَّاء أوطانًا

يا مرشدًا قد سَرَت في الشرق صيحته فقام بعد منامٍ طال يقظانَا

فكان للعرب والإسلام فجر هدى وكان للغرب زلزالاً وبركانًا

ربيت جيلاً من الفولاذ معدنه يزيده الضغط فهدت منه جدرانًا

فقمت تحمل أنقاضًا مكدسة وعشت تعلي لدين الله أركانًا

ترسي الأساس على التوحيد في ثقةٍ وترفع الصرح بالأخلاق فردانًا

حتى بلغت الأعالي مصلحًا بطلاً تطل من فوقها كالبدر جذلانَا

فأسس الأستاذ البنا باجتهاده طريقًا للتمرد وإعادة الدولة الإسلامية العالمية، ووجد أن هذا لن يكون إلا بجماعةٍ تعمل لهذا الهدف، وتؤسَّس وتقتفي أثر مدرسة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم التي انطلقت من دار الأرقم ابن أبي الأرقم لتسود العالم كله في أقل من نصف قرن من الزمان.

وعالج الأستاذ البنا المشاكل السياسية والاجتماعية في رسائله، خاصةً رسالة "مشكلاتنا في ضوء الإسلام" وبين "الأمس واليوم" و"نحو النور".

كذلك قدَّم رأي الإسلام في مشاكلَ استعصت على الفهم، مثل علاقة الإسلام بالوطنية والقومية، والثورة والأحزاب، وكذلك مكانة المرأة في الإسلام، والأقليات والتعامل مع أصحاب المدارس الفكرية، وكذلك التعامل مع الغرب وعلاقة العلم بالدين، وأهمية العقل، وغير ذلك من القضايا المطروحة في عصره، عليه رحمة الله.

فاهتز جسد الأمة الإسلامية، وانتفض على إثر هذه الرؤية الجديدة من منطلق دينهم الإسلام، فاكتشفوا أنهم يملكون كنزًا ثمينًا هو منطلق وأساس نهضتهم ونهضة الأمة من كبوتها وغفلتها.

وعندئذٍ انتقل هذا المجدِّد خطوةً أخرى بتعميق هذه المفاهيم التي أيقظت العقول والقلوب بتربية جيلٍ من الدعاة والمفكرين ليبيِّنوا للناس- بعملهم وعلمهم- ما أجمله الأستاذ البنا، فكان منهم أ. عبد القادر عودة في كتابه "التشريع الجنائي"، والشهيد محمد فرغلي والشهيد يوسف طلعت المجاهدان العظيمان في فلسطين والقناة، والشهيد سيد قطب صاحب ظلال القرآن، وسيد سابق في "فقه السنة"، وتخرَّج في مدرسته الشيخ محمد الغزالي عليه رحمة الله، والشيخ يوسف القرضاوي حفظه الله، وكثير غيرهم من رجال الدعوة، أمثال الأساتذة المرشدين، وعامة الإخوان المسلمين، وعلمائهم الذين ملئوا أركان الأرض علمًا وعملاً.

ولم يتوقف الأستاذ البنا عند الدعاية لفكره وتربية أتباعه على هذا الفكر المجدد، ولكن قدَّم- رحمه الله- النموذج العملي لكثيرٍ من هذه الآراء، فأنشأ جماعة الإخوان المسلمين، متبنِّيةً هذا الفكر، عاملةً على نشره علمًا وعملاً، فقدَّمت هذه الجماعة- بثباتها وشهدائها- المثل والقدوة للإسلام الحي اليقظ الذي يؤسِّس لحضارة عظيمة اشتاقت لها البشرية، بعد أن ذاقت- وما زالت- من طغيان الكفر والفساد.

ومن خلال هذه الجماعة المباركة، أنشأ الأستاذ البنا الكتائب المجاهدة لمقاتلة اليهود في فلسطين، ثم الإنجليز في قناة السويس، وبعث في روح الأمة معاني الجهاد ضد أعداء الأمة أينما كانوا.

كما أنشأ الأستاذ البنا خلال هذه الجماعة المؤسسات الاقتصادية والصناعية، وخاض غمار السياسة وخاطب الملوك والرؤساء بفكره الإسلامي الإصلاحي، وأنشأ المدارس والمعاهد العلمية على أسس الإسلام، وبنى مؤسسات ثقافية ضخمة لنشر الفكر الإسلامي، وأنشأ المسرح الإسلامي والجمعيات الخيرية، وهكذا أسس الإمام البنا- عليه رحمة الله- بفكره المجدد واقعًا عمليًّا على أساسٍ من هذا الفهم الصحيح للإسلام الذي يلبِّي احتياجات العصر ويدفع الأمة إلى الأمام لقيادة البشرية.

الحاجة الماسة إلى مجتمع فقهي شعبي

"نظرًا لتنوُّع العلوم وتشعبها في وقتنا الحالي، ونظرًا لتغيُّر الزمان، وتنوُّع البيئات التي يعيش فيها المسلمون الآن، وبسبب أن المفكر المجتهد يستهدف دائمًا استنباط الحكم الشرعي الذي يحكم ما يستجدّ من أمور وما يطرأ بسبب التقدم العلمي والتقني التكنولوجي من مسائل، أو بسبب ظهور الجديد من الأفكار الفلسفية والنظريات في المجتمعات غير الإسلامية، وتصدير هذه أو تلك إلى مجتمعاتنا، أو غزوها ديارَ الإسلام، فضلاً عن ظهور احتياجات إنسانية جديدة، وأمراض اجتماعية لم تكن تعرفها العصور السابقة..

فإن من المهم على المجتهد أن يلمَّ بالقدر الكافي، بل وأن يتعمَّق في صنوف المعارف، وظروف المجتمعات البشرية، وسلوكياتها ومراميها؛ حتى يأتيَ اجتهاده موافقًا لمصلحة المنضبطة بشرع الله، وحتى يرفع الحرج عن الناس ويحفظ عليهم هويتهم الإسلامية، ويفتح الباب واسعًا أمامهم للتقدم، ولاتخاذ مكان الصدارة في إعمار الأرض وضرب المثل الأعلى للبشر كافة.

في هذا نجد أن صورة المجتهد الذي يستطيع أن يجمع بين كل هذه الأمور، كما كان الشأن في عصور الاجتهاد الأول، تُعدُّ صورةً قليلة الحدوث، قلةً تكاد تقترب من الندرة، فما هو الحل؟" (كيف تفكر إستراتيجيًّا- د. طايل).

ولذلك انتبه بعضٌ من المسلمين إلى ذلك، فأسَّسوا المجامع الفقهية شبه الرسمية، مثل مجمع الفقه الإسلامي بمنظمة مؤتمر الدول الإسلامية، ومقرُّه جدة بالمملكة العربية السعودية، وكذلك مجمع الفقه الإسلامي برابطة العالم الإسلامي، ومقرُّه مكة المكرمة بالمملكة العربية السعودية، وكذلك مجامع فقهية صغيرة تخدم مناطق بعينها، مثل مجمع الفقهي الذي يخدم الأقليات الإسلامية في أوروبا وأمريكا.

رؤية للفقه الحضاري المطلوب

ولكن الأمر في وقتنا الحالي يحتاج إلى يؤسس مجمع فقهي إسلامي شعبي يتبنَّى اجتهادات معاصرة تدفع بمشروع النهضة وتستكمل ما بدأه الأستاذ البنا عليه رحمة الله.

وفي ذلك يقول الأستاذ د. سيف الدين عبد الفتاح الأستاذ بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية في مقاله بجريدة (الأهرام) المصرية بعنوان "الفقه الحضاري وأصوله".

الفقه الحضاري عناصر منظومة متفاعلة من الاستيعاب الحضاري والنظر الحضاري والإدراك الحضاري والسلوك الحضاري.

أصول الفقه الحضاري هو مصبٌّ لعدة عناصر لنظام معرفي يتمثَّل في الجمع بين قراءة الوحي وقراءة الكون، ولآليات توليد فكري عمادها الاجتهاد والتجديد، ولتكامل المنهج بالجمع بين فقه النظر وفقه الواقع وفقه التنزيل.

وفي إطار هذا التأصيل لفقه حضاري يستوعب المسائل العالمية الكبرى المطروحة اليوم (من قبيل العولمة العالمية، الأمن الدولي، النظام العالمي، حقوق الإنسان، مشكلات البيئة، والأرض التي تهدد البشرية برمتها، وما شاكل ذلك)، في طي ذلك تبرز الحضارة الإسلامية كحالة أصيلة يدرسها هذا الفقه، تقدِّم إمكانات عليا على مستوى التأصيل والقواعد، وعلى مستوى المسائل والقضايا، والأفكار والقيم والمبادئ، وعلى مستوى السنن والنواميس التي تؤكدها وتقررها، من الاختلاف والتنوع الحضاري، فالتعاون والتحاور، فالتوازن الحضاري المأخوذ من الميزان الحضاري، وكذلك سنن التدافع الحضاري.. تلك السنن والقيم التي تواجه مقولات راجت في الساحة العالمية حتى قبيل صدام الحضارات وصراعها وحرب الثقافات... إلخ.

فضلاً عن ذلك فإن أصول الفقه الحضاري قد تصل بعض مستويات الاهتمام فيه بفقهِ بناءِ المعيار وتأسيسه وصياغاته كرؤى قابلة للتفعيل والتشغيل ضمن سياقات متنوعة، وأهمها المجال المعرفي والعلمي والفكري والثقافي والحضاري؛ فإن المستويات والفئات الأخرى تعني بفهم الواقع وإمكان مقايسته على المعيار وتقويمه- مهما دقَّ أو جلَّ- بمنهج علمي مدني منضبط بتفهَّم عناصر الظاهرة الاجتماعي والإنسانية في عمومها وخصوصيتها.

فهل نحن في حاجةٍ إلى تأسيس أصول فقهٍ حضاري ينضم إلى منظومة علوم العمران؟.

آلية لازمة لتحقيق المجمع الفقهي الإسلامي الشعبي

هذا سيتطلب حصر الجهود المحلية والعالمية من كافة التخصصات، لأنها بطبيعة الحال العلوم الشرعية والتنسيق بينها والاستفادة برؤية إستراتيجية واضحة وآلية دءوبة مؤسسة على الفهم الوسطي للإسلام، وكذلك آلية لا تحبطها العوائق والمثبطات.

أخي الحبيب.. إن هذه مهمة كبيرة، ولكنها ضرورية ليظل للحركة الإسلامية حيويتها وتدفقها وتفاعلها مع الواقع المعيش، ودافعة وقائدة لمشروع النهضة وبناء دولته الإسلامية العالمية.

أخي الحبيب.. يقول الشاعر:

إذا الشعب يومًا أراد الحياة فلا بد أن يستجيب القدر

ولا بد لليل أن ينجلي ولا بد للقيد أن ينكسر

ومن لم يعانقه شوق الحياة تبخَّر في جوِّها واندثر


  • المحكوم عليه عسكريًّا مع كوكبة الإصلاحيين.

المصدر