الحفاظ على الذاكرة هو بداية طريق النصر

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
مراجعة ١١:١٣، ٤ يوليو ٢٠١٢ بواسطة Attea mostafa (نقاش | مساهمات)
(فرق) → مراجعة أقدم | المراجعة الحالية (فرق) | مراجعة أحدث ← (فرق)
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
الحفاظ على الذاكرة هو بداية طريق النصر

فضيلة المرشد العام الأستاذ / مصطفي مشهور

الأستاذ مصطفي مشهور

تحتفظ الأمم الحية في ذاكراتها بأيام انتصاراتها وأيام انكساراتها، بل لعلها تحتفل بهما معا، كل بما يليق به، وليس ذلك عبثًا أو حنينًا إلى الماضي، ولكنه دليل حكمة وحيوية، لأن من لا ماضي له فلا مستقبل له، ومن لا يستفيد من تاريخه وتجاربه بشقيها الإنجازات والنكبات، فهو إلى طريق الندامة أقرب منه إلى طريق السلامة، بل إن الأمم اليقظة تستفيد من تجارب غيرها إضافة إلى تجاربها، ولذلك أفاض القرآن الكريم في ذكر أخبار الأمم السابقة وخصوصًا أخبار بني إسرائيل وطباعهم وأخلاقهم، حتى تتحاشى الأمة الإسلامية الوليدة، يومئذ هذه الدنايا والموبقات، وحتى تفهمهم وهي تتعامل معهم، ثم عقب القرآن على هذه القصص بقوله (لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب...).

وإذا كانت الأمم تحتفل بذكرى انتصاراتها لتذكر أبناءها بالمجد والسؤدد والفخار الذي حققه أسلافهم، كي يحافظوا عليه ويضيفوا إليه، فإنها تكون أحوج إلى تذكر انكساراتها حتى تضع أيدي أبنائها على أسباب الهزائم حتى يتفادوها، ويغيروا ما بأنفسهم حتى يغير الله ما حل بهم، ويجمعوا العزائم والصفوف، ويشحذوا الهمم والطاقات من أجل استعادة ما فقدوه واسترداد ما اغتصب منهم.

أقول هذا بمناسبة الذكرى الثالثة والخمسين على أكبر نكبة حلت بالعرب والمسلمين في العصر الحديث، ألا وهي ذكرى اغتصاب فلسطين ثم المسجد الأقصي، لا سيما ونحن نعيش الآن في ظروف عصيبة، تفوق في شدتها أيام النكبة الأولى سنة 1948، حيث يحاصر الجيش الصهيوني إخواننا الفلسطينيين في الضفة وغزة، من ثمانية أشهر، ويعمل فيهم سلاح القتل والاغتيال والخطف والتدمير والتجويع وجرف المزارع، لا يفرق بين طفل رضيع ولا فتى صغير ولا شاب ولا شيخ فانٍ، لا يفرق بين أعزل أو مسلح بحجر أو بندقية وإنما يحاربهم جميعا بالطائرات والصواريخ والدبابات والمدافع والمتفجرات، موقعًا بهم مجازر وفظائع تشبه جرائم النازية إن لم تتفوق عليها.

كما يسعى الصهاينة – النازيون الجدد – سعيًا حثيثًا ومنظمًا إلى تهجير الفلسطينيين من أرضهم لتخلو لهم أرض فلسطين، وليتمكنوا من الهيمنة على المسجد الأقصى، أو على الأقل المسلمين في الصلاة فيه، وهذا التخطيط أمر جد خطير، إذا قوبل بالتساهل من الشعوب الإسلامية أو الصمت من حكوماتها.

وعليه فإننا ننبه الأمة الإسلامية لهذا التخطيط الإجرامي في حق شعبنا الفلسطيني وحق أمتنا الإسلامية، هذا بالإضافة إلى أنهم يخططون للتخلص من القيادات الفلسطينية الناشطة، حتى ينفردوا بالبقية الباقية من الشعب الفلسطيني الصامد في عملية إبادة واضحة، وإصرار مخطط لتنفيذها.

كل ذلك يحدث في ظل مؤامرة دولية بالصمت بل بالمباركة تقودها الولايات المتحدة الأمريكية التي تستخدم حق الاعتراض – الفيتو – على أي قرار يتضمن توفير حماية دولية للشعب الفلسطيني الأعزل وهي بذلك إنما تضيء الضوء الأخضر للصهاينة؛ ليستمروا في حرب الإبادة التي يشنونها على إخواننا في فلسطين كل ذلك من أجل تركعيهم وفرض الاستسلام عليهم، ولكنهم – رغم ذلك – بفضل الله تعالى صامدون صابرون، يقدمون الشهداء تلو الشهداء، ورغم ندرة السلاح في أيديهم إلا أن قوة الإيمان في قلوبهم، الإيمان بالله، والإيمان بعدالة قضيتهم، والإيمان بأنهم طليعة أمتهم المرابطون دفاعا عن مقدساتها، ودفاعا عنها – لأن أطماع الصهاينة تمتد إليها – جعلتهم يسترخصون النفس والنفيس، ويرعبون العدو، ويفقدونه الأمن والاستقرار.

نكبة فلسطين وتشريد الشعب الفلسطينى

إن عدونا سعى ويسعى حثيثًا لمحو ذكرى النكبة من ذاكراتنا ونفوسنا حتى يستطيع أن يكررها، وقد تمثل هذا السعي فيما أسموه بثقافة التطبيع وبالشعارات الكاذبة عن السلام، وبالمطالبة بتغيير المناهج الدراسية والبرامج الإعلامية، بل وصل بهم التبجح إلى طلب وقف إذاعة حلقات تفسير القرآن التي كان يفسر فيها أحد كبار العلماء الآيات التي تحدثت عن بني إسرائيل، وعن الجهاد في سبيل الله، بل دعوا إلى نسيان أبطالنا التاريخيين، فها هو (داني نافيه) المسئول الصهيوني يقول : "يجب أن يتخلوا عن هذا التاريخ، لا يمكن أن نركن إلى سلام مع أناس مازالوا يعتبرون صلاح الدين الأيوبي رمزًا تاريخيًا لهم" وطالب المستشرق الصهيوني (يهشوع بن بورات) رئيس الوزراء الصهيوني شارون أن تتوجه حكومته لدول العالم وعلى الأخص أمريكا للضغط على الدول العربية لتنقية مناهجها التعليمية وبيئتها الثقافية من كل صلة بصلاح الدين الأيوبي وما يمثله.

إذا كان هذا هو المتوقع من العدو، فقد كان المتوقع من الحكومات العربية والإسلامية ولا سيما في هذا الوقت أن تضع مخططا مناهضا للحفاظ على ذاكرة الأمة وإحياء روح التحدي والصمود، إلا أن ما حدث في ذكرى اغتصاب فلسطين هذا العام يندى له الجبين وينفطر له القلب، حتى ليكاد المرء يعتقد بأن حكوماتنا تسعى هي الأخرى لمحو ذاكرة الشعوب وفرض اليأس والسكون عليها، فما حدث في الأردن ابتداء من طرد قادة حماس إلى دولة قطر ثم القبض على مناهضي التطبيع ودعاة المقاطعة وأخيرًا الاعتداء الوحشي على المسيرة السلمية في ذكرى النكبة واعتقال عشرات منها، وأيضًا القبض على أحد عشر شخصًا في مصر بتهمة استغلال قضية فلسطين لتحريض الناس، ومنع المظاهرات والمسيرات السلمية، بالإضافة إلى الصمت المطبق في بقية بلدان العالم العربي والإسلامي، في الوقت الذي يتظاهر فيه العرب والمسلمون في لندن، كلها أمور تثير العجب والتساؤل، لمصلحة من يحدث هذا ؟ ولماذا يحدث ؟ أهو خوف من الكيان الصهيوني أم استجابة لضغوط أمريكا؟

أيها الحكام، إن حريتكم وعزتكم وكرامتكم مرتهنة بحرية شعوبكم وعزتها وكرامتها، فلا تصادروا حرية الشعوب وحقوقها وأولها حق التعبير عن رأيها، وعن غضبها تجاه الأعداء وتأييدها ومناصرتها للإخوة الأشقاء.

أيها الحكام. إنكم تمثلون شعوبكم أمام الأمم ولا تمثلون سياسة الأمم أمام شعوبكم.

أيها الحكام... إننا لن ننتصر في أي ميدان من ميادين الحياة إلا بطاعة الله والركون إليه والاستمداد منه، والتمسك بكتابه وتطبيق شريعته والأخذ بالأسباب (إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ) (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ القُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ) (مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)

أيها الحكام...

لن تكون لنا قيمة في الأرض، ولا احترام بين الأمم إلا إذا تخلينا عن خصال اليهود وأخلاقهم التي أسهب القرآن الكريم في ذكرها محذرًا منها أولها حب الدنيا والحرص على الحياة ولو كانت ذليلة مهينة (وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ) ثم شيوع العداوة والاقتتال بين بعضنا وبعض (بَأْسُهُم بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْقِلُونَ) ثم نبذ كتاب الله واتباع الأهواء والشهوات (ولما جاءهم رسول من عند الله مصدق لما معهم نبذ فريق من الذين أتوا الكتاب كتاب الله وراء ظهورهم كأنهم لا يعلمون)

أيها الحكام...

لقد اتخذتم في القمتين العربيتين والقمة الإسلامية قرارات إيجابية لدعم الفلسطينيين وانتفاضتهم، فنفذوها ولا تكونوا من الذين يقولون مالا يفعلون، فإن الخطر يتهددنا جميعًا.

إن الصهاينة يخططون لتكرار نكبة 1948 باعتماد سياسة تهجير ما بقي من الفلسطينيين في الضفة والقطاع، ولعل القسوة الباطشة التي يتعاملون بها مع الانتفاضة تهدف إلى إرهاب الفلسطينيين وإجبارهم على الهروب، وهذا إذا تحقق _ لا قدر الله – فإن المصيبة سوف تطال الجميع، ولكن إخواننا الفلسطينيين وقد وعوا درس النكبة الأولى مصرون على البقاء والتشبث بالأرض مهما حاق بهم من قتل وتدمير، فلمصلحتنا أيضًا وجب مساندتهم ودعمهم بكل قوة.

ودعوتي إلى العلماء والمفكرين والكتاب والإعلاميين الأحرار أن يحافظوا على ذاكرة الأمة كي لا تنسى، وذلك بنشر تاريخ اليهود وتآمرهم وإفسادهم لكل مجتمع حلوا فيه، وشرح آيات الجهاد.