الظلم

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
مراجعة ٢١:١٠، ٢٠ ديسمبر ٢٠١٠ بواسطة Helmy (نقاش | مساهمات)
(فرق) → مراجعة أقدم | المراجعة الحالية (فرق) | مراجعة أحدث ← (فرق)
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
الظلم ... حقيقته ومظاهره



الظلم.png

كانتْ سبباً فيما تعيشه الأمة المسلمة اليوم ـ أفراداً وجماعات ـ من محن، وشدائد، وابتلاءات.. إنها آفة الظلم، وكي يتخلص منها مَنْ ابتُلي بها، ويتوقاها مَنْ سلَّمـهُ الله ـ عـزَّ وجـلَّ ـ منها فإنه لابد من القيام بطائفة من الأعمال والواجبات في مقدمتها الإلمام بأبعاد ومعالم هذه الآفة.


ويتحقق ذلك من خلال الجوانب التالية :


أولاً : ماهية الظلم لغةً واصطلاحاً

لغة: يأتي الظلم وما يشتق منه على معانٍ منها :

1 ـ الجور أو مجاوزة الحدِّ، تقول: ظلم فلانٌ فلاناً: جار عليه، أو جاوز الحدَّ معـه.

2 ـ وضع الشيء في غير موضعه، وفي المثل: "مَنْ أشبه أباه فما ظلم": ما وضع الشيء في غير موضعه، وفي المثل أيضاً: "مَنْ استرعى الذئب الغنم فقد ظلم"، يضرب لمن يوليِّ غير الأمين.

3 ـ الغصب والنقص، تقول: ظلم فلاناً حقَّـه: غصبـه، ونقصه إياه.

4 ـ السواد، تقول: ظلـمَ الليل ظَـلْـماً فهو ظليم: اسودَّ، وأظلم الليل اسودَّ كذلك.

5 ـ التمويه والتزويق، تقول: هذا شيء مُـظَـلَّـم: مـمـوَّهٌ، ومزوَّقٌ بالذهب، والفضـة(1).

ولا تعارض بين هذه المعاني جميعاً، إذ بعضها يعبر عن حقيقة الظلم وهو الأول، والثاني، وبعضها يعبر عن بعض صوره، وهو الثالث، وبعضها يعبِّـر عن الحال أو الهيئة التي يخرج بها للناس وهو: الرابع والخامس، وكأنه: جور ومجاوزة للحد، أو وضع الشيء في غير موضعه كالغضب والنقص، ونحو ذلك تارةً بصورة مكشوفة سافرة سوداء، وتارةً بصورة مموَّهـة ومزوَّقـة بما يشبه الذهب والفضة.


اصطلاحـاً: مجاوزة حدود الله في أي صورة من الصور إنْ بالكفر: شركاً أو إلحاداً، وجحوداً، أو إنكاراً لمعلوم من الدين بالضرورة أو استحلالاً لما حرَّم الله، أو تحريماً لما أحـلَّ الله ونحوها من صور الكفر. وإن ْ بما دون ذلك من المعاصي والسيئات كبيرهـا وصغيرها، ظاهرها وباطنها، وحسبنا قوله سبحانه: >> ومّن يّتّعّدَّ حٍدٍودّ اللَّهٌ فّقّدً ظّلّمّ نّفًسّهٍ << (الطلاق: 1).


ثانيـاً : مظاهر الظلم، وموقف الإسلام منها

وللظلم مظاهر كثيرة تدل عليه وأمارات واضحةٌ بيِّنـة ترشد إليه تقدمتْ الإشارة إليها في التعريف جملة، حيث مضى: أنَّه كفر أو دون الكفر، ونذكر منها:

أ ـ الشرك في أيِّ شكل من أشكاله: الكبير والصغير، الظاهر والباطن، قال تعالى:

>> الَّذٌينّ آمّنٍـوا ولّمً يّلًبٌسٍـوا إيمّانّهٍـم بٌظٍلًـمُ أٍوًلّئٌـكّ لّهٍـمٍ الأّمًـنٍ وهٍـم مٍَهًــتّدٍونّ 82 (الأنعام).

عن علقمة، عن عبد الله بن مسعود ـ رضي الله عنه ـ قال: لما نزلت: >> الَّذٌينّ آمّنٍـوا ولّمً يّلًبٌسٍـوا إيمّانّهٍـم بٌظٍلًـمُ << شقَّ ذلك على أصحاب رسول الله ص، وقالوا: أينا لا يظلم نفسه؟ فقال رسول الله ص: "ليــس هــو كمــا تظنون، إنمـا هــو كمـا قال لقمان لابنــه: يا بنـيَّ لا تشرك بالله، إن الشرك لظلم عظيم"(2).


يقول الخطابي ـ رحمه الله ـ تعليقاً على الحديث :

"إنما قالتْ الصحابة هذا القول لأنهم اقتضوا من الظلم ظاهره الذي هو الافتيات بحقوق الناس، أو الظلم الذي ظلموا به أنفسهم من ركوب معصية أو إتيان محرَّم، كقوله ـ عـزَّ وجـلَّ ـ: >> والَّذٌينّ إذّا فّعّلٍوا فّاحٌشّةْ أّوً ظّلّمٍوا أّنفٍسّهٍمً.. << (آل عمران: 135) وذلك حقُّ الظاهر فيما كان يصلح له هذا الاسم، ويحتمله المعنى عندهم، ولم تكن الآية نزلت بتسمية الشرك ظلماً، وكان الشرك عندهم أعظم من أن يلقَّب بهذا الاسم فسألوا رسول الله ص عن ذلك، فنزل قوله: >> إنَّ الشٌَرًكّ لّظٍلًمِ عّظٌيمِ =>13<= << (لقمان)، فسميَّ الشرك ظلماً، وعظمَّ أمره في الكذب، والافتراء على الله ـ عـزَّ وجـلَّ ـ، وذلك أن أصل الظلم وضع الشيء في غير موضعه، ومَنْ أشرك بالله، وجعل الربوبية مستحقَّـةً لغيره، أو عدل به شيئاً، واتخذ معه نِـدّاً، فقد أتى الظلم، ووضع الشيء في غير موضعه ومستقرِّه"(3).


ب ـ ما دون الشرك من المعاصي والسيئات: كبيرها وصغيرها، ظاهرها وباطنها، وقد ذكر الله في كتابه صوراً لذلك منها:


1 ـ خيانة الرجل في أهله: قال تعالى على لسان يوسف عليه السلام لما راودته امرأة العزيز عن نفسه، وغلَّقتْ الأبواب، وقالتْ: هيت لك: >> مّعّاذّ اللَّهٌ إنَّهٍ رّبٌَي أّحًسّنّ مّثًوّايّ إنَّهٍ لا يٍفًلٌحٍ الظَّالٌمٍونّ =>23<= << (يوسف).

2 ـ أَخْـذُ غير الجاني مكان الجاني: قال تعالى على لسان يوسف كذلك لما قال له إخوته: >> يّا أّيٍَهّا الًعّزٌيزٍ إنَّ لّهٍ أّبْا شّيًخْا كّبٌيرْا فّخٍذً أّحّدّنّا مّكّانّهٍ إنَّا نّرّاكّ مٌنّ الًمٍحًسٌنٌينّ =>78<= << (يوسف).

فرد قائلاً: >> قّالّ مّعّاذّ اللَّهٌ أّن نَّأًخٍذّ إلاَّ مّن وجّدًنّا مّتّاعّنّا عٌندّهٍ إنَّا إذْا لَّظّالٌمٍونّ =>79<= << (يوسف).

3 ـ التخلي عن مخالطة ومعايشة الصالحين الضعفاء، قال تعالى: >> ولا تّطًرٍدٌ الَّذٌينّ يّدًعٍونّ رّبَّهٍم بٌالًغّدّاةٌ والًعّشٌيٌَ يٍرٌيدٍونّ وجًهّهٍ مّا عّلّيًكّ مٌنً حٌسّـابٌهٌٌم مٌَن شّـيًءُ ومّا مٌنً حٌسّـابٌكّ عّلّيًهٌم مٌَن شّـيًءُ فّتّطًرٍدّهٍمً فّتّكٍونّ مّنّ الظَّالٌمٌينّ =>52<= << (الأنعام).

4 ـ تخريب المساجد من روَّادها، وعمارها، قال تعالى: >> ومّنً أّظًلّمٍ مٌمَّن مَّنّعّ مّسّاجٌدّ اللَّهٌ أّن يٍذًكّرّ فٌيهّا اسًمٍهٍ وسّعّى" فٌي خّرّابٌهّا أٍوًلّئٌكّ مّا كّانّ لّهٍمً أّن يّدًخٍلٍوهّا إلاَّ خّائٌفٌينّ لّهٍمً فٌي الدٍَنًيّا خٌزًيِ ولّهٍمً فٌي الآخٌرّةٌ عّذّابِ عّظٌيمِ =>114<= << (البقرة).


5 ـ كتمان العلم لاسيَّما في القضايا المصيرية المتعلقة بالعقيدة، قال تعالى عن أهل الكتاب، وقد كتموا الشهادة لمحمد ص بالرسالة مع أنها عهد مأخوذ من الله على أنبيائهم وعليهم من قديم: >> ومّنً أّّظًلّمٍ مٌمَّن كّتّمّ شّهّادّةْ عٌندّهٍ مٌنّ اللَّهٌ << (البقرة: 140).

6 ـ أكل أموال اليتامى ظُلمـاً وعدواناً، قال تعالى: >> إنَّ الَّذٌينّ يّأًكٍلٍونّ أّمًـوّالّ الًيّتّامّى" ظٍلًمـْا إنَّمّا يّأًكٍلٍـونّ فٌي بٍطٍونٌهٌـمً نّارْا وسّيّصًلّوًنّ سّعٌيرْا =>10<= << (النساء).

7ـأكل أموال الناس بالباطل، وقتل المرء نفسه، قال تعالى: >> يّا أّيٍَهّا الَّذٌينّ آمّنٍـوا لا تّأًكٍلـٍـوا أّمًوّالّكٍـم بّيًنّكٍـم بٌالًبّاطٌــلٌ إلاَّ أّن تّكـونّ تٌجّـارّةْ عّن تّرّاضُ مٌَنكٍمً ولا تّقًتٍلٍـوا أّنفٍسّكٍـمً إنَّ اللَّهّ كّانّ بٌكٍـمً رّحٌيـمْا=>29<= ومّن يّفًعّلً ذّلٌكّ عٍدًوّانْا وظٍلًمْا فّسّوًفّ نٍصًلٌيهٌ نّّارْا وّكّانّ ذّلٌكّّ عّلّى اللََّهٌ يّسٌــيرْا(30<= << (النساء).

8 ـإمساك المرأة للإضرار بها، قال تعالى: >> ولا تٍمًسٌكٍوهٍـنَّ ضٌـرّارْا لٌَتّعًـتّدٍوا ومّن يّفًعّلً ذّلٌكّ فّقّدً ظّلّمّ نّفًسّهٍ << (البقرة: 231).


9 ـالقتل الخطأ، قال تعالى على لسان موسى عليه السلام لما أدرك عاقبة قَتْلِـه عدوَّ الذي من شيعته: >> قّالّ رّبٌَ إنٌَي ظّلّمًـتٍ نّفًسٌـي فّاغًفٌـرً لٌـي فّغّفّـرّ لّهٍ إنَّـهٍ هٍـوّ الًغّفٍـورٍ الرَّحٌيــمٍ=>16<= << (القصص).

وقد قضى الحقُّ ـ تبارك وتعالى ـ في كتابه، وعلى لسان نبيِّـه محمد ص تحريم الظلم، حيث نزَّه نفسه عنه في قوله ـ سبحانه ـ: >> إنَّ اللَّهّ لا يّظًلٌمٍ النَّاسّ شّيًئْا ولّكٌنَّ النَّاسّ أّنفٍسّهٍمً يّظًلٌمٍونّ =>44<= << (يونس).

>> ولا يّظًلٌمٍ رّبٍَكّ أّحّدْا =>49<= << (الكهف).

>> إنَّ اللَّهّ لا يّظًلٌمٍ مٌثًقّالّ ذّّرَّةُ وإن تّكٍ حّسّنّةْ يٍضّاعٌفًهّا ويٍؤًتٌ مٌن لَّدٍنًهٍ أّجًرْا عّظٌيمْا =>40<= << (النساء). >> ومّا رّبٍَكٍ بٌظّلاَّمُ لٌَلًعّبٌيدٌ=>46<= << (فصلت).

وفي قوله في الحديث القدسي: "يا عبادي إنِّي حرَّمْـتُ الظُـلم على نفسي، وجعلته بينكم مُحرَّماً فلا تظالموا..." الحديث(4).

يقول الإمام النووي في بيان المراد: "قال العلماء: معناه تقدستُ عنـه، وتعاليتُ، والظلم مستحيل في حقِّ الله ـ سبحانه وتعالى ـ لأن الظلم تجاوز الحد، والتصرف في ملك الغير، وكيف يتجاوز سبحانه حداً، وليس فوقه مَنْ يطيعه؟ وكيف يتصرف الله في غير ملكه، والعالم كله ملكه، وسلطانه، وأصل التحريم في اللغة: المنع، فسمَّى تقدسه سبحانه عن الظلم تحريمـاً لمشابهته بالممنـوع، في أصـل عـدم الشيء".


وجاء التنفير منه، والتحذير في آيات كثيرة منها :


قولـه تعالى: >> فّأّّنزّلًنّا عّلّى الَّذٌينّ ظّلّمٍوا رٌجًزْا مٌَنّ السَّمّاءٌ بٌمّا كّانٍوا يّفًسٍقٍونّ=>59<= << (البقرة).

وقولـه تعالى: >> إنَّ الَّذٌينّ كّفّرٍوا وظّلّمٍوا لّمً يّكٍنٌ اللَّهٍ لٌيّغًفٌـرّ لّهٍمً ولا لٌيّهًدٌيّهٍـمً طّرٌيقْا=>168<= إلاَّ طّرٌيقّ جّهّـنَّمّ خّالٌدٌينّ فٌيهّا أّبّدْا وكّانّ ذّلٌكّ عّلّى اللَّـهٌ يّسٌــيرْا=>169<= << (النساء).

وقولـه تعالى: >> وأّخّذًنّا الَّذٌينّ ظّلّمٍوا بٌعّذّابُ بّئٌيسُ بٌمّا كّانٍوا يّفًسٍقٍونّ=>165<= << (الأعراف)

وقولـه تعالى: >> وأّخّذّ الَّذٌينّ ظّلّمٍوا الصَّيًحّةٍ فّأّصًبّحٍوا فٌي دٌيّارٌهٌمً جّاثٌمٌينّ =>67<= << (هـود).

وقـولـه تعالى: >> احًشٍرٍوا الَّذٌينّ ظّلّمٍوا وأّزًوّاجّهٍمً ومّا كّانٍوا يّعًبٍدٍونّ =>22<= مٌن دٍونٌ اللَّهٌ فّاهًدٍوهٍمً إلّى" صٌرّاطٌ الًجّحٌيمٌ =>23<= وقٌفٍوهٍمً إنَّهٍم مَّسًئٍولٍونّ=>24<= << (الصافات).

وقال تعالى: >> ولّوً تّرّى" إذٌ الظَّالٌمٍونّ مّوًقٍوفٍونّ عٌندّ رّبٌَهٌمً يّرًجٌعٍ بّعًضٍهٍمً إلّى" بّعًضُ الًقّوًلّ يّقٍولٍ الَّذٌينّ اسًتٍضًعٌفٍوا لٌلَّذٌينّ اسًتّكًبّرٍوا لّوًلا أّنتٍمً لّكٍنَّا مٍؤًمٌنٌينّ =>31<= << (سبأ).

وقال تعالى: >> ثٍمَّ نٍنّجٌَي الَّذٌينّ اتَّقّوًا ونّذّرٍ الظَّالٌمٌينّ فٌيهّا جٌثٌيَْا =>72<= << (مريم).

إلى غير ذلك من الآيات.

كما جاء التنفير منه، والتحذير في أحاديث كثيرة منها قوله ص: "اتقوا الظلم، فإن الظلم ظلمات يوم القيامة.." الحديث(5).

وقوله: "إن الله ـ عـزَّ وجـلَّ ـ يملي للظالم، فإذا أخذه لم يُفْلِته، ثم قرأ: >> وكّـذّلٌكّ أّخًـذٍ رّبٌَـكّ إذّا أّخّـذّ الًقٍرّى" وهٌيّ ظّالٌمّـةِ إنَّ أّخًـذّهٍ أّلٌيمِ شـّــدٌيدِ=>102<= << (هود)"(6). وقوله: "ألا مَنْ ظَـلَـمَ معاهداً، أو انتقصَهُ، أو كلَّفـه فوق طاقته، أو أخذ منه شيئاً بغير طيب نفسٍ، فأنا حجيجُـه يوم القيامـة"(7).

وقوله: "مَنْ ظلم من الأرض شيئاً طوِّقَـه من سبع أرضين"(8).

وفي رواية ثانية: "مَنْ ظلم قيد شبر من الأرض طوِّقَـه مِنْ سبع أرضين"(9).

وفي رواية ثالثة: "مَنْ أخذ من الأرض شيئاً بغير حَقِّـه خُسِفَ به يوم القيامة إلى سبع أرضين"(10). إلى غير ذلك من الأحاديث.=>


ثالثاً: الظلم.. أسبابه وآثـاره

للظلم أسباب كثيرة تؤدي إليه، وبواعث عِـدَّة توقع فيه، منها:


البيئــة

ذلك أن البيئة قريبة كالبيت أو بعيدة كالمجتمع لها دورٌ كبيرٌ في تشكيل سلوك الإنسان، بحيث إذا كانت خيِّرة كان خيِّراً، وإذا كانتْ شريرةً كان شريراً، ومن الشرِّ الظلم أو الجور.

وقد قال ص: "لا يلبث الجور بعدي إلا قليلاً حتى يطلع، فكلما طلع من الجور شيء ذهب من العدل مثله، حتى يولد في الجور مَنْ لا يعرف غيره، ثم يأتي الله ـ تبارك وتعالى ـ بالعدل، فكلما جاء من العدل شيء ذهب من الجور مثله، حتى يُولد في العدل مَنْ لا يعرف غيره"(11).


عدم مراقبة اللـه تعالى مع نسيان الآجـلة

ذلك أن عدم مراقبة الله تعالى مع نسيان الآجلة تقود إلى الظلم أو الجـور حتمـاً.

وحسبنا قوله سبحانه عن صاحب الجنتين: >> ودّخّـلّ جّنَّتّهٍ وهٍوّ ظّالٌـمِ لٌَنّفًسٌهٌ قّالّ مّا أّظٍنٍَ أّن تّبٌيـدّ هّذٌهٌ أّبّدْا =>35<= ومّا أّظٍنٍَ السَّاعّةّ قّائٌمّةْ ولّئٌن رٍَدٌدتٍَ إلّى" رّبٌَي لأّجٌدّنَّ خّيًرْا مٌٌَنًهّا مٍنقّلّبْا =>36<= << (الكهف).

وقوله سبحانه عمن يبخسون الناس أشياءهم: >> وّيًلِ لٌَلًمٍطّفٌَفٌينّ(1) الَّذٌينّ إذّا اكًتّالٍوا عّلّى النَّاسٌ يّسًتّوًفٍونّ(2) وإذّا كّالٍوهٍمً أّو وزّنٍوهٍمً يٍخًسٌرٍونّ(3) أّلا يّظٍنٍَ أٍوًلّئٌكّ أّنَّهٍم مَّبًعٍوثٍونّ (4) لٌيّوًمُ عّظٌيمُ (5) يّوًمّ يّقٍومٍ النَّاسٍ لٌرّبٌَ الًعّالّمٌينّ (6) << (المطففين).

وحسبنا ما تقدم من قوله ص: "لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يسرق السَّـارق حين يسرق وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن.." الحديث(12).


النعمـة والعافيـة

قد تكون النعمة والعافية من: الصحة، والمال، والأهل، والولد، والعشيرة، والوجاهة، واستمرار ذلك من غير ضرٍّ أو بأس من بين الأسباب المؤدية إلى الظلم، والبواعث التي توقع فيه، قال تعالى: >> كّلاَّ إنَّ الإنسّانّ لّيّطًغّى" (6) أّن رَّآهٍ اسًتّغًنّى" (7) << (العلق).

وقد ذكر ربُّ العزَّة في كتابه عدداً من النماذج لصنف من الناس قادهم هذا السبب إلى الظلم، والانغماس فيه من مفرق رؤوسهم حتى أخمص أقدامهم، مثل: النمرود بن كنعان الذي انتهى به دوام النعمة إلى دعواه أنه يُحيي ويُميت، فقد بقي مَلِكـاً معافيً أربعمائة سنة:

قال تعالى: >> أّلّمً تّرّ إلّى الَّذٌي حّاجَّ إبًرّاهٌيمّ فٌي رّبٌَهٌ أّنً آتّاهٍ اللَّهٍ الًمٍلًكّ إذً قّالّ إبًرّاهٌيمٍ رّبٌَيّ الَّذٌي يٍحًيٌي ويٍمٌيتٍ قّالّ أّنّا أٍحًيٌي وأٍمٌيتٍ << (البقرة: 258).

ومثل فرعون مصر الذي قادته النعمة إلى دعواه: أنه ربُّ الناس الأعلى، قال تعالى: >> ونّادّى" فٌرًعّوًنٍ فٌي قّوًمٌهٌ قّالّ يّا قّوًمٌ أّلّيًسّ لٌي مٍلًكٍ مٌصًرّ وهّذٌهٌ الأّنًهّارٍ تّجًرٌي مٌن تّحًتٌي أّفّلا تٍبًصٌرٍونّ=>51<= أّمً أّنّا خّيًرِ مٌَنً هّذّا الَّذٌي هٍوّ مّهٌينِ ولايّكّادٍ يٍبٌينٍ=>52<= فّلّوًلا أٍلًقٌيّ عّلّيًهٌ أّسًوٌرّةِ مٌَن ذّهّبُ أّوً جّاءّ مّعّهٍ الًمّلائٌكّةٍ مٍقًتّرٌنٌينّ=>53<= فّاسًتّخّفَّ قّوًمّهٍ فّأّطّاعٍوهٍ إنَّهٍمً كّانٍوا قّوًمْا فّاسٌقٌينّ =>54<= << (الزخرف).

وقال تعالى: >> هّلً أّتّاكّ حّدٌيثٍ مٍوسّى" =>15<= إذً نّادّاهٍ رّبٍَهٍ بٌالًوّادٌ الًمٍقّدَّسٌ طٍوْى =>16<= اذًهّبً إلّى" فٌرًعّوًنّ إنَّهٍ طّغّى" =>17<= فّقٍلً هّل لَّكّ إلّى" أّن تّزّكَّى" =>18<= وأّهًدٌيّكّ إلّى" رّبٌَكّ فّتّخًشّى" =>19<= فّأّرّاهٍ الآيّةّ الًكٍبًرّى" =>20<= فّكّذَّبّ وعّصّى" =>21<= ثٍمَّ أّدًبّرّ يّسًعّى" =>22<= فّحّشّرّ فّنّادّى" =>23<= فّقّالّ أّنّا رّبٍَكٍمٍ الأّعًلّى" =>24<= فّأّخّذّهٍ اللَّهٍ نّكّالّ الآخٌرّةٌ والأٍولّى" =>25<= إنَّ فٌي ذّلٌكّ لّعٌبًرّةْ لٌَمّن يّخًشّى" =>26<= << (النازعات).

وقال تعالى عن ثمود قوم صالح: >> وآتّيًنّا ثّمٍودّ النَّاقّةّ مٍبًصٌرّةْ فّظّلّمٍوا بٌهّا << (الإسراء: 59).

وقال تعالى عن سبأ: >> لّقّدً كّانّ لٌسّبّأُ فٌي مّسًكّنٌهٌمً آيّةِ جّنَّتّانٌ عّن يّمٌينُ وشٌمّالُ كٍلٍوا مٌن رٌَزًقٌ رّبٌَكٍمً واشًكٍرٍوا لّهٍ بّلًدّةِ طّيٌَبّةِ ورّبَِ غّفٍورِ=>15<= فّأّعًرّضٍوا فّأّرًسّلًنّا عّلّيًهٌمً سّيًلّ الًعّرٌمٌ وبّدَّلًنّاهٍم بٌجّنَّتّيًهٌمً جّنَّتّيًنٌ ذّوّاتّيً أٍكٍلُ خّمًطُ وأّثًلُ وشّيًءُ مٌَن سٌدًرُ قّلٌيلُ=>16<= ذّلٌكّ جّزّيًنّاهٍم بٌمّا كّفّرٍوا وهّلً نٍجّازٌي إلاَّ الًكّفٍورّ =>17<= وجّعّلًنّا بّيًنّهٍمً وبّيًنّ الًقٍرّى الَّتٌي بّارّكًنّا فٌيهّا قٍرْى ظّاهٌرّةْ وقّدَّرًنّا فٌيهّا السَّيًرّ سٌيرٍوا فٌيهّا لّيّالٌيّ وأّيَّامْا آمٌنٌينّ=>18<= فّقّالٍوا رّبَّنّا بّاعٌدً بّيًنّ أّسًفّارٌنّا وظّلّمٍوا أّنفٍسّهٍمً فّجّعّلًنّاهٍمً أّحّادٌيثّ ومّزَّقًنّاهٍمً كٍلَّ مٍمّزَّقُ إنَّ فٌي ذّلٌكّ لآيّاتُ لٌَكٍلٌَ صّبَّارُ شّكٍورُ =>19<= << (سبأ).

إلى غير ذلك من النماذج.


عدم محاسبة الجبارين لا من المجتمع ولا من ولي الأمـر

قد يكون عدم محاسبة الجبَّـارين لا من المجتمع، ولا من ولي الأمر من بين الأسباب المؤدية إلى الظلم، والتمادي فيه.

ذلك أنَّ في الإنسان تسلطاً واستبداداً، وما لم تكنْ مواجهة من المجتمع أو من ولي الأمر، أو منهما معاً بالأسلوب المناسب، والوسيلة الملائمة، فإنَّ التسلط يقع، والاستبداد يسود، قال تعالى عن بني إسرائيل: >> لٍعٌنّ الَّذٌينّ كّفّرٍوا مٌنً بّنٌي إسًرّائٌيلّ عّلّى" لٌسّانٌ دّاوٍودّ وعٌيسّى ابًنٌ مّرًيّمّ ذّلٌكّ بٌمّا عّصّوًا وكّانٍوا يّعًتّدٍونّ =>78<= كّانٍوا لا يّتّنّاهّوًنّ عّن مٍَنكّرُ فّعّلٍوهٍ لّبٌئًسّ مّا كّانٍوا يّفًعّلٍونّ =>79<= تّرّى" كّثٌيرْا مٌَنًهٍمً يّتّوّلَّوًنّ الَّذٌينّ كّفّرٍوا لّبٌئًسّ مّا قّدَّمّتً لّهٍمً أّنفٍسٍهٍمً أّن سّخٌطّ اللَّهٍ عّلّيًهٌمً وفٌي الًعّذّابٌ هٍمً خّالٌدٍونّ =>80<= ولّوً كّانٍوا يٍؤًمٌنٍونّ بٌاللَّهٌ والنَّبٌيٌَ ومّا أٍنزٌلّ إلّيًهٌ مّا اتَّخّذٍوهٍمً أّوًلٌيّاءّ ولّكٌنَّ كّثٌيرْا مٌَنًهٍمً فّاسٌقٍونّ =>81<= << (المائدة).

والكلام وإن كان بأسلوب الخبر، لكنَّـه يؤول إلى معنى النهي لاقترانه بالذَّم والوعيد كأنه قال: "لا تتركوا إنكار المنكر، ولا توالوا الذين كفــروا، وإلا حلَّ بكم من العقاب مثلما حلَّ بهؤلاء".

وقال أبو بكر ـ بعد أن حمد الله، وأثنى عليه ـ: يا أيها الناس، إنكم تقرؤون هذه الآية، وتضعونها على غير مواضعها: >> عّلّيًكٍمً أّّنفٍسّكٍمً لايّضٍرٍَكٍم مَّن ضّلَّ إذّا اهًتّدّيًتٍمً << (المائدة)، وإنَّـا سمعنا النبي ص يقول: "إن الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه أوشك أن يعمَّـهم الله بعقاب"(13).


الشــح

قد يكون الوقوع في الشحِّ، والانغماس في البخل من بين الأسباب المؤدية إلى الظلم.


ذلك أن الشحيح أو البخيل حريص على أن يملك كلَّ شيء ولا يملك غيره شيئاً، وفي سبيل ذلك يتعدى الحدود، ويرتكب كل محظور.

وقد نبَّه ص على ذلك بقوله: "اتقوا الظلم، فإن الظلم ظلمات يوم القيامة، واتقوا الشحَّ، فإن الشـح أَهْـلَـكَ مَنْ كان قبلكم، حملهم على أن سفكوا دماءهم واستحلوا محارمهم"(14).

وفي رواية: "إياكم والشح، فإنه هلك مَنْ كان قبلكم بالشح: أمرهم بالبخل فبخلوا، وأمرهم بالقطيعة فقطعوا، وأمرهم بالفجور ففجروا"(15).


الخوف من ظلم الظالمين

شيوع الظلم في مجتمع مَّـا قد يحمل على اقتراف الظلم، من باب أن الشر لا يدفع إلا بشر مثله، إن لم يكن أعظم وأشد، وقد كان هذا شائعاً عند العرب في الجاهلية وقبل الإسلام، حتى قال قائلهم:

وَمَــنْ لا يذد عن حوضـه بســهامـه

يُهــدَّم وَمَــنْ لا يَظْـلـِــم النـاس يُـظْـلَــمِ(16)

ولكنَّ الشارع الحكيم أباح ردَّ الشرِّ بمثله من غير زيادة فقال:

>> وجّــزّاءٍ سّيٌَئّةُ سّيٌَئّةِ مٌَثًلٍهّا فّمّـنً عّفّا وأّصًلّـحّ فّأّجًرٍهٍ عّلّى اللَّـهٌ إنَّهٍ لا يٍحٌبٍَ الظَّالٌمٌينّ=>40<= ولّمّنٌ انتّصّرّ بّعًدّ ظٍلًمٌهٌ فّأٍوًلّئٌكّ مّا عّلّيًهٌم مٌَن سّـبٌيلُ=>41<= << (الشورى).


التكبر

المتكبِّـر يغريـه شياطين الإنس والجن، وتسوِّل له نفسه الأمارة بالسوء، وتدفعه الدنيا بزخارفها إلى البغي والطغيان حفاظاً على هذا الخُلق الذميم التكبر، وما يسمى بالمركز الأدبي والاجتماعي.

وقد لفت ربُّ العزة سبحانه النظر إلى ذلك في قوله: >> سّأّصًرٌفٍ عّنً آيّاتٌيّ الَّذٌينّ يّتّكّبَّرٍونّ فٌي الأّرًضٌ بٌغّيًرٌ الًحّقٌ وإن يّرّوًا كٍلَّ آيّةُ لاَّ يٍؤًمٌنٍوا بٌهّا وإن يّرّوًا سّبٌيلّ الرٍَشًدٌ لا يّتَّخٌذٍوهٍ سّبٌيلاْ وإن يّرّوًا سّبٌيلّ الًغّيٌَ يّتَّخٌذٍوهٍ سّبٌيلاْ ذّلٌكّ بٌأّنَّهٍمً كّذَّبٍوا بٌآيّاتٌنّا وكّانٍوا عّنًهّا غّافٌلٌينّ =>146<= << (الأعـراف).


الجهل بعواقب الظلم وآثاره

قد يكون الجهل بعواقب الظلم، وآثاره الدنيوية والأخروية، الفردية، والجماعية من بين الأسباب التي توقع فيه وتؤدي إليه، ذلك أن الجهل بالعواقب الضارَّة، والآثار المهلكة لأمر مَّـا يقود حتماً إلى الوقوع في هذا الأمـر، وعدم التخلِّي عنه إلا مَـنْ رحم الله ـ عـزَّ وجـلَّ ـ.

لذا كان من الواجب على مَنْ يريد إتيان أمـرٍّ مَّـا: التفكير في عواقبه وآثاره، فإن كانت خيراً أقبل، وإن كانتْ شرّاً أدبر، فيسلم هو في نفسه، ويسلم الآخرون في أنفسهم وذويهم كذلك.


رابعـاً: آثار الظلم وعواقبـه

للظلم آثار مهلكة وعواقب وخيمة على العاملين، والعمل الإسلامي، ودونك طرفاً من هذه الآثار والعواقب:

أ ـ على العامـلين:


من آثاره على العاملين:

1 ـ الحرمان من الفقه، والتوفيق :

الظالم لم يصل إلى ما وصل إليه من ظلم وطغيان إلا بعد أن اسودَّ قلبه بسبب المعاصي والسيئات، وسواد القلب يحول بين المرء والفقه في الدين، بل يكون سبباً في الحرمان من التوفيق الإلهي، قال تعالى: >> فّبٍهٌتّ الَّذٌي كّفّرّ واللَّهٍ لا يّهًدٌي الًقّوًمّ الظَّالٌمٌينّ =>258<= << (البقرة).

وقال تعالى: >> كّيًفّّ يّهًدٌي اللَّهٍ قّّوًمْا كّفّّرٍوا بّعًدّ إيمّانٌهٌمً وشّهٌدٍوا أّنَّ الرَّسٍولّ حّقَِ وجّاءّهٍمٍ الًبّيٌَنّاتٍ واللَّهٍ لا يّهًدٌي الًقّوًمّ الظَّالٌمٌينّ =>86<= << (آل عمران).


2 ـ القلق والاضطراب النفسي : الظالم يعيش ليله ونهاره في المعاصي والسيئات، وتلك تورث فساد القلب، الأمر الذي يؤدي إلى القلق والاضطراب، وهذا هو المفهوم من قوله تعالى: >> الَّذٌينّ آمّنٍوا ولّمً يّلًبٌسٍـوا إيمّانّهٍـم بٌظٍلًمُ أٍوًلّئٌـكّ لّهٍمٍ الأّمًـنٍ وهٍـم مٍَهًتّدٍونّ=>82<= << (الأنعام).

ومن قوله: >> ومّنً أّعًرّضّ عّن ذٌكًرٌي فّإنَّ لّهٍ مّعٌيشّةْ ضّنكْا... << (طه: 124).

ومن قوله: >> ومّن يٍعًرٌضً عّن ذٌكًرٌ رّبٌَهٌ يّسًلٍكًهٍ عّذّابْا صّعّدْا =>17<= << (الجـن).


3 ـ نزع هيبـة هؤلاء العاملين من قلوب الناس :

الظالم سقط بظلمه من عين الله، ومَنْ سقط من عين الله سقط من أعين الناس، ونزع الله هيبته من قلوبهم، وصدق الله الذي يقول: >> لٌئّّلاَّ يّكٍونّ لٌلنَّاسٌ عّلّيًكٍمً حٍجَّةِ إلاَّ الَّذٌينّ ظّلّمٍوا مٌنًهٍمً فّلا تّخًشّوًهٍمً واخًشّوًنٌي << (البقرة: 150).


4 ـ الانتقام في الدنيا قبل الآخرة :

يضج الناس بالشكوى من الظالمين، ويستغيثون بالله دوماً أن يرد إليهم مظلمتهم، وأن ينتقم من هؤلاء الظالمين، وقد وعد الله إجابة المظلومين ولو بعد حين.

ففي حديث معاذ بن جبل المشهور حين بعثه النبي ص داعياً إلى الله، ومرشداً، ومُعلمـاً في اليمـن، قال له: "... واتق دعوة المظلوم، فإنه ليس بينها وبين الله حجـاب"(17).

وفي الحديث أيضاً: "ثلاثة لا تُرد دعوتهم: الصائم حتى يفطر، والإمام العادل، ودعوة المظلوم يرفعها الله فوق الغمام، وتُفتح لها أبواب السماء، ويقول الرب: وعزَّتي وجلالي لأنصرنَّك ولو بعد حين"(18).


5 ـ الندامة والحسرة، ولكن بعد فوات الأوان :

الظالم استعدى عليه الخالق والمخلوق، وبالتالي فإنه إذا نزل به ضرٌّ لم يجد الناصر والمعين، بل الشفيع، يستوي في ذلك في الدنيا والآخرة، ويندم أشد الندم يوم القيامة، ولو أتيح له أن يفدي نفسه بكل غالٍ ونفيس لفعل، قال تعالى: >> ولّوً أّنَّ لٌكٍلٌَ نّفًسُ ظّلّمّتً مّا فٌي الأّرًضٌ لافًتّدّتً بٌهٌ وأّسّرٍَوا النَّدّامّةّ لّمَّا رّأّوٍا الًعّذّابّ << (يونس: 54). وقال تعالى: >> وأّنذٌرٌ النَّاسّ يّوًمّ يّأًتٌيهٌمٍ الًعّذّابٍ فّيّقٍولٍ الَّذٌينّ ظّلّمٍوا رّبَّنّا أّخٌَرًنّا إلّى" أّجّلُ قّرٌيبُ نٍَجٌبً دّعًوّتّكّ ونّتَّبٌعٌ الرٍَسٍلّ أّوّ لّمً تّكٍونٍوا أّقًسّمًتٍم مٌَن قّبًلٍ مّا لّكٍم مٌَن زّوّالُ =>44<= << (إبراهيم).


6 ـ فقدان الناصر والمعين بل الشفيع :

أعظم من الحسرة والندامة: فقدان الناصر والمعين بل الشفيع، إذ هم دائماً في شقاق وفرقة، فكيف ينصر بعضهم بعضاً، بل كيف ينصرهم غيرهم، قال تعالى: >> ومّا لٌلظَّالٌمٌينّ مٌنً أّنصّارُ << (البقرة: 270، وآل عمران: 192).

وقال تعالى: >> ومّا لٌلظَّالٌمٌينّ مٌن نَّصٌيرُ =>71<= << (الحج).

وقال تعالى: >> فّذٍوقٍوا فّمّا لٌلظَّالٌمٌينّ مٌن نَّصٌيرُ=>37<= << (فاطر).

وقال تعالى: >> مّا لٌلظَّالٌمٌينّ مٌنً حّمٌيمُ ولاشّفٌيعُ يٍطّاعٍ =>18<= << (غافر).=>


الهوامش

(1) النهاية في غريب الحديث والأثر 3- 56 ـ 57، القاموس المحيط للفيروزآبادي 4- 205 ـ 206، المعجم الوسيط 2- 577، الصحاح في اللغة والعلوم للمرعشليين ص 694 ـ 695 مادة: "ظلم" بتصرف كثير.

(2) أخرجه البخاري في: الصحيح: كتاب الإيمان: باب ظلم دون ظلم 1- 15، وكتاب الأنبياء: باب واتخذ الله إبراهيم خليلاً 4- 171 ـ 172، وباب قول الله تعالى: >> ولّقّدً آتّيًنّا لٍقًمّانّ الًحٌكًمّةّ أّنٌ اشًكٍرً لٌلَّهٌ << 4- 198، وكتاب التفسير: سورة الأنعام 6- 71، ومسلم في: الصحيح: كتاب الإيمان: باب صدق الإيمان، وإخلاصه 1- 64، والترمذي في: السنن: كتاب التفسير: سورة الأنعام 5- 262، رقم 3067، وأحمد في: المسند 1- 378، 424، 444 كلهم من حديث عبدالله بن مسعود ـ رضي الله عنه ـ مرفوعاً، وهذا لفظ البخاري في أول إخراجه له، وعقب الترمذي بقوله: "هذا حديث حسن صحيح".

(3) أعلام الحديث في شرح صحيح البخاري للخطابي: كتاب الإيمان: باب ظلم دون ظلم 1- 162 ـ 163.

(4) أخرجه مسلم في: الصحيح: كتاب البرِّ والصلة والآداب: باب تحريم الظلم 4- 1994 ـ 1995 رقم 2577 - 55، وأحمد في: المسند 5- 160 كلاهما من حديث أبي ذر ـ رضي الله عنه ـ مرفوعاً، واللفظ لمسلم.

(5) سبق تخريجه في آفة: "الشح".

(6) أخرجه البخاري في: الصحيح: كتاب التفسير: سورة هود 6- 94، ومسلم في: الصحيح: كتاب البرِّ والصلة والآداب: باب تحريم الظلم 4- 1997 ـ 1998 رقم 2583 - 61، والترمذي في: السنن: كتاب التفسير: باب ومن سورة هود 5- 288 ـ 289، وابن ماجه في: السنن: كتاب الفتن: باب العقوبات 2- 1332 رقم 4018 كلهم من حديث أبي موسى الأشعري ـ رضي الله عنه ـ مرفوعاً بهذا اللفظ، وعقَّب عليه بقوله: "هذا حديث حسن صحيح غريب".

(7) أخرجه أبو داود في السُّـنن: كتاب الخراج والإمارة والفيء: باب في التشديد في جباية الجزية 3- 437 رقم 3052 من حديث صفوان بن سليم، عن عدَّة من أبناء أصحاب رسول الله ص عن آبائهم دِنْـيـةً "أي متصلي النسب"، عن النبيِّ ص قال: "ألا مَنْ ظلم معاهداً..." الحديث، وفيه مجهولون كما هو ظاهر من السياق.

(8) أخرجه البخاري في: الصحيح: كتاب المظالم: باب إثم مَنْ ظلم شيئاً من الأرض 3- 170، وكتاب بدء الخلق: باب ما جاء في سبع أرضين 4- 130، ومسلم في: الصحيح: كتاب المساقاة: باب تحريم الظلم، وغصب الأرض وغيرها 3- 1230 ـ 1231 رقم 1610 - 137 ـ 140، والدارميُّ في: السنن: كتاب البيوع: باب مَنْ أخذ شبراً من الأرض 2- 267، وأحمد في: المسند: 1- 187، 188، 189، 190 كلهم من حديث سعيد بن زيد مرفوعاً بهذا اللفظ، وبنحوه، وله في البخاري ومسلم قصة ولفظها كما في مسلم: أن أروى خاصمته في بعض داره، فقال: دعوها وإياها، فإني سمعتُ رسول الله ص يقول: "مَنْ أخذ شبراً من الأرض بغير حقِّـه، طوِّقـه في سبع أرضين يوم القيامة"، اللهم إن كانتْ كاذبةً، فأعم بصرها، واجعل قبرها في دارها، قال: فرأيتها عمياءَ تلتمس الجُدُرَ، تقول: أصابتني دعوةُ سعيد بن زيد، فبينما هي تمشي في الدار مَـرَّتْ على بئر في الدار، فوقعت فيها، فكانت قبرها، وفي روايـة هشام بن عـروة، عن أبيه: أنَّ أروى بنت أويس ادَّعَتْ على سعيد بن زيد: أنه أخذ شيئاً من أرضها، فخاصمته إلى مروان بن الحكم، فقال سعيد: أنا كنتُ آخذ من أرضها شيئاً بعد الذي سمعتُ من رسول الله ص؟ قال: وما سمعتَ من رسول الله ص؟ قال: سمعتُ رسول الله ص يقول: "مَنْ أخذ شبراً من الأرض ظُلماً طُـوِّقَـه إلى سبع أرضين"، فقال له مروان: لا أسألك بيِّنـةً بعد هذا، فقال: اللهم إن كانت كاذبةً فعمِّ بصرها، واقتلها في أرضها، قال: فما ماتت حتى ذهب بصرها، ثم بينا هي تمشي في أرضها، إذْ وقعتْ في حُفْـرةٍ فماتتْ.

(9) هذه الرواية: أخرجها البخاري في: الصحيح: كتاب المظالم: باب إثم مَنْ ظلم شيئاً من الأرض 3- 170 ـ 171، وكتاب بدء الخلق: باب تحريم الظلم، وغصب الأرض، وغيرها 3- 1231 ـ 1232 رقم 1612 رقم 142، وأحمد في: المسند 6- 64، 79، 252، 259 كلهم من حديث عائشة مرفوعاً بهذا اللفظ، وفي أوله أن أبا سلمة كان بينه وبين قومه خصومة في أرض، وأنه دخل على عائشة فذكر ذلك لها، فقالتْ: يا أبا سلمة اجتنب الأرض، فإن رسول الله ص قال: "مَنْ ظلم قيد شـبرٍ من الأرض..." الحديث.

(10) هذه الرواية: أخرجها البخاري في: الصحيح: كتاب المظالم: باب إثم مَنْ ظلم شيئاً من الأرض 3- 171، وكتاب بدء الخلق: باب ما جاء في سبع أرضين 4- 130 من حديث سالم عن أبيه مرفوعاً بهذا اللفظ.

(11) الحديث أخرجه أحمد في: المسند 5- 26 ـ 27 من حديث معقل بن يسار مرفوعاً بهذا اللفظ.

(12) سبق تخريجه في آفـة "اللغــو".

(13) سبق تخريجه.

(14) سبق تخريجه في آفـة "الشح".

(15) سبق تخريج هذه الرواية في آفة "الشح".

(16) البيت من معلقة زهير بن أبي سلمى ورقمه: 53.

(17) أخرجه البخاري في: الصحيح: كتاب الزكاة: باب أخذ الصدقة من الأغنياء، وترد في الفقراء حيث كانوا 2- 158 ـ 159، وكتاب المظالم: باب الاتقاء والحذر من دعوة المظلوم 3- 169 ـ 170، وكتاب المغازي: باب بعث أبي موسى، ومعاذٍ إلى اليمن قبل حجة الوداع 5 - 205 ـ 206، ومسلم في: الصحيح: كتاب الإيمان: باب الدعاء إلى الشهادتين، وشرائع الإسلام 1- 50 رقم 19 - 29 كلاهما من حديث معاذ بن جبل مرفوعاً بهذا اللفظ.

(18) أخرجه الترمذي في: السنن: كتاب صفة الجنة: باب ما جاء في صفة الجنَّـة ونعيمها 4- 672 ـ 673 رقم 2526، وابن ماجه في: السنن: كتاب الصيام: باب في الصائم لا ترد دعوته 1- 557 رقم 1725 كلاهما من حديث أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ مرفوعاً، وعقب الترمذي على حديثه قائلاً: "هذا حديث ليس إسناده بذاك القوي، وليس هو عندي بمتصل"، وقد روي هذا الحديث بإسناد آخر عن أبي مدله، عن أبي هريرة مرفوعاً، والإسناد الآخر الذي يشير إليه الترمذي هو الذي عند ابن ماجه.


المصدر : مجلة المجتمع عدد1418- 1419 / 20/09/2000 - 19/09/2000