المسئولية أمانة
بقلم : الحاج / فؤاد الهجرسي
مقدمة
إنها الأمانة التى أجفلت منها السموات والأرض والجبال : قال تعالى : " إنا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإنْسَانُ )(الأحزاب: من الآية72) ,
احتملها الإنسان لما تميز به ... ومن ذلك :
- أنه تكريم له : ( وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً) (الاسراء:70)
أن الله أودعه عقلاً ، يتدبر به خلق السموات والأرض ، ويستخدم به ما سخر الله له من ذلك ، ويشكره على التذليل والتيسير .
أن الله أودعه قلباً قال عنه جل جلاله فى الحديث القدسى : ( ما وسعنى أرضى ولا سمائى ولكن وسعنى قلب عبدى المؤمن ) ... وهذا القلب مكمن حب الله تعالى : ( ولايزال العبد يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه ) وهو المضغة التى إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله .
المؤمنون .... والدعاة خاصة
المؤمنون طائعون ، يستجيبون لتنفيذ أوامر الله مسرعين ، وحين يسمعون يلبون مخبتين : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ )(لأنفال: من الآية24)
والدعاة خاصة يهرولون يحملون التبعة كلها أداء للأمانة ، وحملاً للمسئولية : ( وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) (آل عمران:104)
دعامات مهمة .... لمن يحمل الأمانة
قوة إيمان , و متانة خلق , وغزارة علم
الأمانة التى نضطلع بها طاعة لربنا ... والمسئولية التى نسأل عنها بين يدى ربنا ، عظيمة جليلة ، ونحن بتوفيق من الله مؤهلون لحملها ، فلنكن إيجابين مع مهمتنا وهى فطرتنا ... ولننطلق باسم الله بين خلق الله ، وفى كل اتجاه .
- قوة إيمان
أن نتلو القرآن متدبرين فيه ، ومعلمين لأسراره ، وأن نؤدى العبادات فى إحسان ، وأن نديم ذكر الله فى خشوع قال تعالى : (اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ) (العنكبوت:45) وراجع سحرة فرعون لما خامر الإيمان قلوبهم رفضوا الدنيا وقالوا : ( فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا)(طـه: من الآية72) وراجع حال عمر أمير المؤمنين لما غمر الإيمان قلبه تحول إلى من يحمل السويق على ظهره للمخيضة ويتحمل مسئوليته عن الدابة تعثر فى أرض العراق ... والأمثلة كثيرة .
- متانة الخلق
ذاك خير ما يتحلى به الداعية : خلق كريم وتواضع ولين جانب ، يخضعان الأمر لصالحه : ( فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ )(آل عمران: من الآية159) .
هو الخلق الذى يصاحبه عمل صالح ، به يتربى الضمير فلا يغضب لذاته ولا يثور بل يحلم ويلين ، وإن بدرت منه بادرة عاقب نفسه : ( لأعاقبنك بصوم عام ) فلنقو أخلاقنا ، تأسياً برسول الله صلى عليه وسلم ، ولنحمد الله ، فقد شهدت جماهير الناس لحسن خلق شباب الإخوان فى الميدان .
- غزارة فى العلم
بالعلم نعرف ما ندعو إليه ، فتلين خطط العمل الدعوى بين أيدينا ، والإشارات إلى ذلك كثيرة ... قال تعالى : ( قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي)(يوسف: من الآية108) أى على علم ، وقال ( قد أفلح من زكاها ) وبالتزكية تنفجر طاقات النفس عاملة بآثارها .
وقال ]:( أتقوا الله ويعلمكم الله ) قال الشافعى رضى الله عنه : ( وعلم الله لا يهدى لعاصى ) .
ويتم كل ذلك ساعة تمتلىء النفس بالأمل ثقة فى الله ، وفى وعده بنصرة العاملين وتوثيق المخلصين .
المصدر
- مقال:الحاج فؤاد الهجرسي يكتب : المسئولية أمانة موقع: إخوان الدقهلية