بتوع المهنية

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
مراجعة ١٢:١٢، ١٧ أبريل ٢٠١١ بواسطة Moza (نقاش | مساهمات) (حمى "بتوع المهنية" ([edit=sysop] (غير محدد) [move=sysop] (غير محدد)))
(فرق) → مراجعة أقدم | المراجعة الحالية (فرق) | مراجعة أحدث ← (فرق)
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
بتوع المهنية

29 مارس 2009

بقلم: عماد الدين حسين

جميع الإعلاميين فى مصر يتحدثون ليل نهار عن القيم المهنية. وأخلاق المهنة، وميثاق الشرف الصحفى، ومصطلحات ضخمة كبيرة، لكن 99٪ منهم تقريبا لا ينفذ شيئا مما يقوله.

السبق الصحفى العالمى الذى انفردت به «الشروق» خلال الأسبوع الماضى بشأن العدوان الإسرائيلى المدعوم أمريكيا على السودان، كشف حقائق كثيرة وغريبة لا تمت إلى عالم الإعلام والصحافة بصلة.

وبعيدا عن الغيرة المهنية أو حتى الحقد المهنى تطبيقا للمثل القائل «ما عدوك إلا ابن كارك»، فإن قصة السودان الأخيرة كشفت شيئا فى غاية الغرابة، وهو أن الإعلام عموما والصحافة فى مصر خصوصا تنفرد بأشياء يستحيل وجودها فى أى مكان آخر.

«الشروق» انفردت بالقصة فكان الطريف أن صحفا كثيرة فى مصر رفضت أن تشير من قريب أو بعيد إلى الخبر، وكأنه لم يحدث، المضحك فى الأمر أن القصة ليست خبرا بسيطا وعاديا يمكن تجاهله ونسيانه وكأنه لم يحدث، لكنه يتعلق بهجوم وعدوان إسرائيلى على دولة عربية، اسمها السودان.. وليس على لبنان أو سوريا أو غزة وهى الأماكن التى تتعرض لهجمات إسرائيلية متعددة، ورغم ذلك تسارع الصحف ووسائل الإعلام إلى إبرازها.

تخيلوا صحيفة أو صحفا تتحدث عن المهنية وترفض نشر قصة ضخمة وخطيرة مثل العدوان على السودان لمجرد أن صحيفة أخرى فى مصر انفردت به، ثم تخيلوا الأمر فى الخارج، إن صحيفة مثل الواشنطن بوست انفردت بخبر يقول إن أمريكا قررت الانسحاب من العراق بعد خمسة شهور مثلا أو أن المخابرات الأمريكية أو الإسرائيلية كانت وراء اغتيال رفيق الحريرى قبل سنوات.. تخيلوا ذلك.. ثم تخيلوا أن صحيفة كبرى مثل نيويورك تايمز رفضت أن تنشر هذين الخبرين لأن منافستها الرئيسية الواشنطن بوست هى التى انفردت بهما.

لو حدث ذلك فى أى دولة محترمة لقامت الدنيا ولم تقعد.. لكنه يحدث فى مصر، وكأن شيئا لم يكن، لأنه للأسف، فإن صحفا كثيرة شعارها الرئيسى ليس إرضاء القارئ بل إرضاء من بيده «الأمر والنهى والدفع».

الجميع تقريبا يتغنى صباح مساء بالمهنية، لكنه لا يطبقها.. هو يحبها شرط أن يطبقها الآخرون فقط، لكن عندما تقترب من.. ظهره تصبح مجرد وجهة نظر.

كنت ساذجا وواهما حينما اعتقدت أن مثل هذه الأشياء الغريبة لا يقع فيها إلا الصغار أو عديمو الموهبة، لكن عندما يفعل ذلك عن عمد كل من يدعى المهنية والحيادية وعرض كل وجهات النظر، فإن الأمر يدعو إلى الأسى ويقدم صورة قاتمة لمستقبل الصحافة فى مصر.

مشكلة الصحافة فى مصر وفى قلبها الأخلاقيات المهنية ليست بسبب التضييق الحكومى فقط، لكنها أصبحت داء يستوطن غالبية الممارسين لهذه المهنة، وكم من جرائم ترتكب باسم المهنة..!

المصدر