تحرير الأوطان.. فريضة شرعية

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
مراجعة ١٠:٣٠، ٨ يوليو ٢٠١٢ بواسطة Attea mostafa (نقاش | مساهمات)
(فرق) → مراجعة أقدم | المراجعة الحالية (فرق) | مراجعة أحدث ← (فرق)
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
مقالة-مراجعة.gif
تحرير الأوطان.. فريضة شرعية

رسالة من محمد مهدي عاكف المرشد العام للإخوان المسلمين

مقدمة

رسائل.gif

بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا محمد- صلى الله عليه وسلم- ومن والاه، وبعد..

فإن من أجلِّ نعم الله- سبحانه وتعالى- على المسلمين أن أنزل إليهم القرآن، وبعث فيهم المصطفى- صلى الله عليه وسلم- ليبينَ لهم معالم طريقهم ومسالكه ودروبه، ويدلَّهم على منحنياته وتعرجاته، ويُحذرَهم مما يواجههم أثناء السير عليه من عقبات وممن يترصد لهم من أعداء.

فإذا ما اتبع السائرُ على الطريق تلك التعليمات الربانية والإرشادات النبوية، واصلَ سيرَه في أمان، ووصل لنهاية الطريق في سلام، وإذا ما خالف التعليمات لم يسلَم من الحوادث التي تحُول دون بلوغه مقصدَه، يصدق هذا على الفرد كما يصدق على المجتمع.

وقد أتى على المجتمعات المسلمة حينٌ من الدهر خالفت فيه التعليمات الربانية والإرشادات النبوية، فضلَّت طريقها وانتهشها أعداؤها المتربصون بها، وإن المتأمِّل في واقع العالم الإسلامي اليوم ليجد صورةً بارزةً جليةً لحالةِ ضلال الطريق، ونتيجةً مأساويةً مترتبةً على ذلك، وهي تكالب أعداء الأمة عليها، حتى كأنه ليس على وجه الأرض مقصودٌ بالقتل والذبح والتدمير والتخريب سوى المسلمين وديارهم ومقدراتهم.

أنَّى اتجهت إلى الإسلام في بلد

تجده كالطير مقصوصًا جناحاه

وكل يوم تنفتح ثغرة جديدة في أرض المسلمين، وينزف جرح جديد في جسد مثخن بالجراح.. فمن فلسطين إلى العراق تتوالى عمليات القتل الأعمى الحاقد على أيدي التحالف الصهيو أمريكي، وتتصاعد انتهاكات الحرمات وتدنيس المقدسات من القدس إلى النجف، ومن جنوب السودان إلى غربه.. ثم الآن إلى شرقه؛ بهدف فتح ثغرة جديدة في الجسد السوداني، الذي طال التآمر عليه، وتشعَّبت مصادره، ومن الشيشان إلى كشمير إلى غيرهما من بلاد المسلمين نجد أن الحال هو الحال.

لماذا المسلمون وحدهم؟!

ولكن لماذا يحدث ذلك مع المسلمين وحدهم دون بقية الأمم؟!

أولاً: لأن هناك من انغرست عداوةُ الإسلام في قلبه.. ﴿يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ﴾ (الصف: 8)، وهم وإن لم ينالوا من الإسلام- على كثرة محاولات التشويه وإثارة الشبهات- إلا أنهم قد تمكَّنوا من المسلمين فساموهم العذاب ﴿وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلاَّ أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللهِِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ﴾ (البروج: 8)، في نزعة انتقام بربرية، وليشغلوهم عن أداء رسالتهم نحو تعريف الإنسانية بالإسلام وتقديمه إلى الناس مخلِّصًا مما يعانونه من مشكلات وأمراض نفسية واجتماعية.

ويحدث ذلك- ثانيًا- مع المسلمين وحدهم؛ لأن الأمة المسلمة لها خاصيةٌ متفردةٌ؛ إذ لا عزَّةَ لها إلا ب الإسلام.. "نحن قوم أعزَّنا الله بالإسلام، فإن ابتغينا العزةَ في غيره أذلَّنا الله"، فيوم تتمسك الأمة ب الإسلام تعلو رايتُها ويثبُتُ كعبُها وتهابُها الأمم، ويوم أن تتخاذل وتتخلى عن دينها تتداعى عليها الأممُ كما تتداعَى الأكلةُ إلى قصعتها..!!

إن قدرَ هذه الأمة مع الإسلام.. وهو وحده مفتاح نجاحها وفلاحها، وقد أدركت الأمة هذا المعنى، وعرفت سر تلك المعادلة، فكانت الأوبَة المباركة للإسلام أملاً في تحقيق العزة للمسلمين، ودفعًا للأكلة المتداعين المتهافتين، ولكن بقي في المعادلة طرف غائب، وعنصر غير فاعل.. إنها الحكومات العربية والإسلامية التي تتقاعس- في معظمها الغالب- عن القيام بدورها في تطبيق شرع الله، وإقامة الدين، وحماية بيضة الإسلام وأرض المسلمين.. بل نجد- للأسف الشديد- بعضَ تلك الحكومات يجاهر بمعاداة شرع الله، ويناصب دعوة الله العَداء، ويتعرض للدعاة ويزجُّ بهم في السجون والمعتقلات، ويستقوي عليهم وكأنهم هم الأعداء، بينما نجده يخور ويضعُف ويقدم التنازلات حين يتعلق الأمر بأعداء الأمة المتربصين بها..!!

يا ويح أولئك الحكام

فيا وَيْح أولئك الحكام كيف يطيب لهم عيش ويهنَأُ لهم بال ويرقد لهم جفن ومقدسات المسلمين تئنُّ وحرماتهم تُنتَهك والقدس تنادى، والنجف يستصرخ، ودماء المسلمين تراق في كل مكان..؟!

إن العدو لن يردعه التخاذل والجبن، ولا الضعف والاستسلام ولكن يردعه البأس الشديد والأخذ بأسباب القوة المعنوية والمادية بعد التوكل على الله- سبحانه وتعالى.

مواجهة التحدي تتطلَّب حكومات تنصهر في بوتقة الإرادة الشعبية المتفقة مع الأوامر الربانية.. حكومات تطبِّق شرع الله في مختلف جوانب الحياة، وتُعِدُّ الأمةَ الإعدادَ الذي يتناسب مع حجم التحدي وعمق المأساة.

اقرأوا التاريخ

إن الأمة تطالب الحكام بأن يقرأوا التاريخ الإسلامي جيدًا؛ ليعرفوا منه كيف أُنقِذت فلسطين وحُرِّرت القدس فيما مضى من الأيام، وسيدركون أن طريق الجهاد هو الطريق الوحيد لتحرير الأوطان وردِّ المغتصَبات.

والأمة تطالب الحكام بأن يقرأوا التاريخ الإنساني جيدًا ليعرفوا أن عاقبة الظلم وخيمةٌ، وأنه لا بدَّ من ردِّ الحق المغتصَب للشعوب في تقرير أمورها بنفسها، بما في ذلك حقُّها في اختيار حكَّامها، ومحاسبتهم، وعزلهم، وحق الشعوب في التعبير عن رأيها، وفي الانحياز لقضايا أمتها، والتعامل معها، والعمل من أجلها.. فكيف يحدث ما يحدث في فلسطين والعراق والسودان وغيرها فيما يوالي البعض- بتحريض وتشجيع صريحَين من بعض الحكومات- الضرب على أوتار الشهوات وإغراق الشباب في الملذَّات الحسية الخادعة، وصرفهم عن قضايا أمتهم؟!

والأمة تطالب الحكام بإطلاق الحريات العامة، ووقف كافة أشكال القهر والاستبداد، وإلغاء القوانين المقيدة للحريات، وإفساح المجال للقوى الحية المخلصة لتكون عونًا للحكومات على مواجهة التحديات، فالشعوب المقهورة المستضعَفة لا تحقِّق نصرًا ولا تصمد أمام عدو.

والأمة تطالب الحكام بإعداد المجتمع إعدادًا يتناسب مع حجم التحدي، وتغيير مناهج التعليم وبرامج الإعلام ونشاطات الثقافة بما يربي النشءَ والأجيالَ على العقيدة السليمة والخلُق القويم، وعدم الاستجابة للضغوط الأمريكية والغربية، الرامية إلى مسخ هوية الأمة وعزلها عن عقيدتها وتراثها وتاريخها الإسلامي.

إن قضايا فلسطين والعراق والسودان والشيشان وكشمير وجنوب الفلبين كلها قضايا إسلامية.. يجب أن تُعاد إليها هويتها الإسلامية، فإنه إذا اغتُصبت أرض للمسلمين وجبَ على الجميع أن يقوموا لتخليصها من العدو، وإن قصَّروا في أداء هذا الواجب فإن المسئولية تعم جميع الأمة.

إن الأمة تزخر بالطاقات الفاعلة المتوثِّبة الراغبة في العمل والعطاء، فلماذا لا تَستغلُّ الحكومات تلك الطاقات لتحقيق انطلاقةٍ كبرى نحو الأهداف المرجوَّة؟! إن التفاؤل بالنصر مقدمةٌ له، وإن قوة العقيدة تدفع الشباب والرجال إلى تحقيق المزيد من الإنجازات، حين يأخذون بأسباب النصر ويلتزمون بها.

ونحن على يقين بأنه إذا أخذ الحكام بأيدي الأمة ورجالها وشبابها وساروا على طريق الجهاد- بكل ما تحمله كلمة الجهاد من معانٍ تتجاوز معنى القتال ولا تستبعده- فسيَصلون- إن شاء الله- إلى طريق النصر، وستتحرر فلسطين من عصابات الصهيونية، ويتحرر العراق من الاحتلال الأنجلو أمريكي، ويتحرر كل شبر مغتصَب من ديار المسلمين.. ﴿وَاللهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ﴾ (يوسف: 21)..

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.