ثقافة الجماعات الضاغطة

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
مراجعة ١٥:٢١، ١١ يونيو ٢٠١١ بواسطة Attea mostafa (نقاش | مساهمات) (حمى "ثقافة الجماعات الضاغطة" ([edit=sysop] (غير محدد) [move=sysop] (غير محدد)))
(فرق) → مراجعة أقدم | المراجعة الحالية (فرق) | مراجعة أحدث ← (فرق)
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
ثقافة الجماعات الضاغطة
توفيق الواعي.jpg

بقلم: د. توفيق الواعي

التشبث بالحكم مفسدة عظيمة، وخاصةً إذا كان حكمًا فاسدًا وعاجزًا ومترهِّلاً، يجمع حوله مَن على شاكلته مِن الضالين والمنتفعين، ويستعين بجيش الدولة الذي يحميها وشرطتها التي تخدمها على قمع معارضيه ومخالفيه، وسحق المصلحين في بلاده.

والحقيقة أنه رغم المآسي الكثيرة التي تتعرض لها الشعوب هناك في بلادنا عدم مبالاة عند البعض، وهذا يجعل من الصعب تغيير هذا البلاء إلا بتضحيات قد تكون كبيرةً ولكن لا بد منها، وبضغوطٍ قد تكون مكلفةً ولكنها حتميةً.

ومن هذه الوسائل التي جُرِّبت وأفلح أصحابها ثورة الشعوب، أو العصيان المدني، أو الاحتجاج، أو اتحاد المعارضة السياسية، أو قيام الجماعات الضاغطة بعمل جريء يهز الحكم الدكتاتوري، الذي يرى أنَّ الجماعات المعارضة للفساد والتسلط جماعاتٌ خارجةٌ على القانون ومعوِّقةٌ للمسيرة التنموية؛ ولهذا فهو يعمل على إزاحتها من الطريق حتى لا تعوق "الإصلاح" وتؤثر على "الرأي العام"!! في حين يجدها المخلصون المصلحون رقابةً واعيةً على الرأي المقابل وعلى الفساد، وأنها إثراءٌ للعمل والفكر، ورؤيةٌ جديدةٌ تفتح آفاقًا أرحب للعمل المجدي، والأسلوب الأنفع والأجدى في الأمة.

وعلى هذا ينشأ صراعٌ هو في الحقيقة صراعٌ بين الحق والباطل، بين دكتاتورية مستأصلة بغيضة مدبرة وبين انطلاقة إنسانية واعدة، يقول لينين- مبرِّرًا كبت الآراء في الصحافة والإعلام وغيرها-: لماذا تسمح الحكومة بحرية الصحافة وحرية التعبير؟ لماذا تسمح الحكومة التي تعمل ما تعتقد أنه سليم بنقد أعمالها؟ إنَّ الأفكار بها من القوة ما يفوق قدرة البنادق والمدافع.

ورغم ذلك فقد انتصرت الشعوب وذهبت الدكتاتوريات إلى غير رجعةٍ بوسائل معينة، منها قوة الجماعة الضاغطة؛ حيث يكون لها العديد من الأساليب والوسائل التي تستعملها في الوصول إلى أغراضها لتحقيق ما تصبو إليه، منها:

1 - قوة الإقناع، وحضور الحجة في التأثير على الجماهير، ونصاعة البراهين، وإظهار البدائل، وبسط الجدوى من التغيير، وإظهار فساد الخصم، وفضح تجاوزاته الشخصية.. إلى غير ذلك من المخازي التي تضعضع السلطة، وتهز كيانها، وتنال من شرفها.

2 - التأثير على الرأي العام بمخططٍ إعلامي مدروس، أو بتربية قاعدة عريضة لها وزنها على جميع الصُّعد، وينبغي لكل جماعة ضاغطة الاستفادة من التقنيات الدعائية وحفظ دروس الإقناع الخفي؛ حتى يمكن تحريك الفكر الهادئ، وإثارة النخوة النائمة، وصدق رسول الله- صلى الله عليه وسلم- إذ يقول: "إنَّ مِنَ البَيَانِ لَسِحْرًا".

3 - التهديدات بكشف الحقائق التي يحرص النظامُ على سترها عن الجمهور، مثل: المعاهدات السرية المذلة، والاتصال بالأعداء، والعمالة وتكاليفها الحقيرة، إلى غير ذلك من الخيانات القومية التي تقصم الظهر بالوثائق والبراهين.

4 - رفض التعاون مع السلطة، وله أشكال معينة آخرها العصيان المدني، أو عدم تنفيذ الأوامر، أو الانسحاب من المواقع المهمة إذا كانوا مشاركين في الحكم، ولكي يتحول العصيان المدني إلى حركةٍ حقوقيةٍ شعبيةٍ ناجحة لا بد من التأكيد على المبادئ التالية:

أ - إقناع الجماهير والشعب أنَّ العصيان المدني حقٌ طبيعي من حقوقِ الشعب، لا يمكن التنازل عنه بأي صورةٍ من الصور.

ب- اعتباره وسيلةً حضاريةً من وسائل التحول السياسي والمعارضة في البلاد.

ج- ضرورة تعميم العصيان المدني عبر نشر ثقافة اللاعنف، وتقعيد أدواتها وأساليبها؛ حتى تصبح قيمًا راسخةً في المجتمع وفي الجماعات الكبيرة والصغيرة على حد سواء.

د - ضرورة توعية المواطنين بأهمية العصيان المدني كوسيلة من وسائل المطالبة بالحقوق المشروعة، كما أنها وسيلةٌ لإخراج الأمة من دائرة اللامبالاة والخوف وعدم تحمل المسئولية.

هـ- ضرورة تطوير أدوات العصيان المدني، واستحداث الأساليب الجديدة كل يوم لأدائه على الوجه الصحيح والمؤثر، ولمفاجأة السلطات بالخطط التي لا يحتسبونها.

و- الاستفادة من الثورة التكنولوجية الجديدة المتمثلة بالإنترنت من أجل تعميم أساليب العصيان المدني، وفي التجميع الشعبي، وبث التوجيهات والتعاليم المتواصلة.

5 - استخدام الأنصار وأصحاب الضمائر الحية داخل السلطة إن وُجدوا، واستخدام المجالس المسموح بالحديث فيها، مثل مجلس الأمة، ومجلس الشورى، ورؤساء المصالح الحكومية، أو عن طريق رؤساء المصالح التابعين للجماعة، واستخدام أسلوب "قائمة الخيانة" للأمة، لمَن لا ينفِّذ تعاليم المعارضة والجماعة، ووضع أسماء هؤلاء في لائحة الخيانات.

6 - الضغط المالي.. وكثير من الجماعات لها ثقل مالي أو لأنصارها لا تستطيع الحكومة تجاهله، فتضغط على السلطة بذلك الثقل المالي، ويستعمل اليهود هذا البند بكثير من الحنكة.

7 - اختيار الوقت المناسب واللحظات الحرجة عند الحملات الانتخابية، وعند الأزمات الجماهيرية، وعند الاستفتاءات؛ حيث الكثرة العددية تعطي الشرعية، والامتناع أو القلة العددية تسلبها.

كما ينبغي- إذا كان للجماعة الضاغطة رصيدٌ من القوانين الأدبية الإيمانية- أن تحافظ عليه، وأن تعمل على عدم تأثر الصالح العام بهذه الأشياء، وألا يؤدي عملها إلى فتنة تؤثر على كيان الأمة وحاضرها ومستقبلها السياسي والاقتصادي، وإنما تقصد إلى الحق والأنفع والأجدى.. بالسبل الكريمة والأساليب الحضارية العظيمة.

هذا والعصيان المدني وقيام الجماعات الضاغطة بأعمال محسوبة يفعل الكثير، خصوصًا إذا كانت القيادة مهزومةً أمام كل المشكلات القومية والداخلية، وتلبي كل طلبات الفاتح المزيَّف وهو أمريكا، والشارونية المهزومة وهي إسرائيل (الكيان الصهيوني )، وليست لها القدرة على أن تقف ولو موقفًا واحدًا يرفع رصيدها في الأمة، أو يواري سوأتها أمام الناس.

المصدر

قالب:روابط توفيق الواعى