جهود الإمام البنا وجوالة الإخوان

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
مراجعة ١٢:٤٩، ١٠ فبراير ٢٠١٤ بواسطة Ahmed s (نقاش | مساهمات)
(فرق) → مراجعة أقدم | المراجعة الحالية (فرق) | مراجعة أحدث ← (فرق)
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
جهود الإمام البنا وجوالة الإخوان

إهتمام الإمام البنا بفكرة إنشاء جوالة للإخوان

عندما أسس الإمام الشهيد حسن البنا جماعة الإخوان المسلمين ، وضع نصب عينيه أمر التربية ، و اهتم بهذا الشأن اهتماما عظيما لعلمه و يقينه أن التربية الصحيحة على منهاج القرآن و السنة هي التي تصنع الرجال ، و توجد أجيالا مؤمنة قوية ثابتة على الحق و صامدة أمام الإحن ... تحافظ على دينها و ترفع لواء دعوتها عاليا خفاقا.

من أجل هذا اعتمد الإمام البنا رحمة الله عليه أساليبا تربوية مختلفة ، كان منها إنشاؤه فريق الرحلات الذي عرف فيما بعد بفريق الجوالة .

فلماذا حرص الإمام البنا على إيجاد فريق الجوالة داخل جماعته ؟

تأتي الإجابة من الإمام البنا نفسه ... حيث يقول الأستاذ لطفي عثمان :

" وفي كتيب مطبوع سنة 1947 عنوانه "الطلائع" وعليه شارة جوالة الإخوان ذكر أن الكاتب زار المرشد العام فسأله ما الذي دعاه إلى تكوين فرق الجوالة بحيث أصبحت تضم هذا العدد الهائل فكان الجواب.

لقد جاء تكوين فرق جوالة الإخوان أمرا طبيعيًّا حين فهم الإخوان الإسلام على معناه الحقيقي وأنه فرق كونه عبادة فهو تنظيم وتكوين -ليس إعداد فرق الجوالة غريبًا عن الإخوان يجهز الكتائب ويكون الفرق.. " .

ويؤكد هذا ما قاله الأستاذ علي عبد الحليم محمود: الصورة التى رسمها الأستاذ فى ذهنه منذ قام بدعوته فى الإسماعيلية من هذا الجانب من نشاط الدعوة لم تكن هى فريق رحلات أو فريق جوالة وإنما كانت فريقا عسكريا يحقق فكرة الجهاد فى الإسلام ، إلا أن الرجل وقد آتاه الله الحكمة (ومن يؤت الحكمة فقد أوتى خيرا كثيرا ) لم يكن يؤمن بالطفرة ، بل كان يؤمن بالتطور وبأنه قانون الحياة ، ولابد للدعوات أن تخضع لقوانين الحياة إذا هى أرادت أن تشق طريقها - ولم يكن الرجل يتجاهل ماحوله ولا يتعامى عما بين يديه فتدرج بالصورة التى فى خاطره تدرج الأم بمولودها " .

ولقد استمرت الرحلة فى تاريخ الجماعة حتى بعد أن أنشئ فريق الجوالة وأخذ شكله الرسمى الذى اعترفت به جمعية الكشافة المصرية . وكانت برامج الرحلات تتنوع بتنوع المشاركين فيها ."

إذن كان حرص الإمام على إنشاء الجوالة من أجل تحقيق فكرة الإعداد للجهاد و لكن بشكل تدريجي أي بالتطور لا بالطفرة وقد وجه النداء لكل الإخوان من أجل تحقيق هذا الأمر ، يقول الإمام حسن البنا :

" اجعلوا في كل شارع جماعة إخوانية ، وفي كل قرية كتيبة قرآنية ، وفي كل مدينة راية محمدية ، وفي كل فج من الفجاج أخا يهتف بمبادئكم .. ألفوا الفرق الرياضية بأنواعها في شعبكم فالقوة شعاركم ، ولا قوة في جسم ضعيف ، ضئيل ، ووجهوا عنايتكم إلى الجوالة ، وليكن في كل شعبة من شعبكم فرقة من شبابها فهو الجهاد في سبيل الله ، وهو ذروة سنام هذا الدين ، كوِّنوا الكتائب فإن جيوش الليل تنزل بالنصر على جيوش النهار ، اقتصدوا من أموالكم لإيمانكم ومستقبلكم ، فإنكم لا تدرون ما يحدث غدا . "

والإمام يعلم أن الإخوان لن يتوانوا عن تلبية ندائه وهم من تربوا على الطاعة ..

يقول الإمام حسن البنا :

وأريد بالطاعة : امتثال الأمر وإنفاذه توا في العسر و اليسر و المنشط و المكره , و ذلك أن مراحل هذه الدعوة ثلاث – وذكر منها - مرحلة الإعداد والتكوين : هذه مرحلة تخير الأنصار وإعداد الجنود وتعبئة الصفوف . وأهم ما يميز هذه المرحلة مسألة احتيار العناصر الصالحة ، كما يشير الأستاذ البنا قائلاً :

وتتم هذه الخطوة من خلال ثلاث صور ، وفقاً لفكر الأستاذ البنا ، وهي : الكتائب لتقوية الصف بالتعارف ؛ وفرق الكشافة والجوالة والألعاب الرياضية لتقوية الصف بدنياً وتعوده الطاعة والنظام والأخلاق الرياضية الفاضلة ؛ ثم درس التعاليم في الكتائب أو في أندية الإخوان المسلمين لتقوية الصف فكرياً بدراسة جامعة لأهم ما يلزم الأخ معرفته لدينه ودنياه ."

فنظام الجوالة بمفهوم الإمام البنا كان نظاما أساسيا وليس تكميليا ،ولزاما على كل أخ أن يكون إن لم يكن جوالا ، أن يدرب على تدريبات الجوالة ..

يقول أ. لطفي عثمان: " في كتاب تعليمات إدارية عن الإخوان العاملين ما يأتي:

يعتبر كل أخ عامل جوالاً ويجب أن يدرب تدريبات الجوالة وعلى كل جوال أن يكون أخًا عاملاً ولا يقبل في صفوف الجوالة إلا من كان على هذه الصفة وفي نشرة إدارية مطبوعة رقمها 4 قسم المراقبة ما يأتي:

إذا كان الإخوان في إدارة الشعب لا يزالون يعتقدون أن الجوالة نظام تكميلي فإن عليهم أن يغيروا هذا الاعتقاد تمامًا فإن نظام الجوالة نظام أساسي رئيسي في فكرة الإخوان يراد به تدريب الأعضاء وتحقيق نية الجهاد".

نشأة جوالة الإخوان

وعن نشأة نظام الجوالة وفوائدها فى التربية والتكوين يحدثنا الأستاذ محمود عبد الحليم فى : " عند الحديث عن الدعوة في دار شارع الناصرية فاتني أن أذكر أنه كان مما اشتملت عليه حجر المركز العام حجرة صغيرة لفرقة الرحلات وكان يرأس فريق الرحلات الطالب محمد أحمد سليمان بكلية الطب والذي أذكره أننا جميعًا كنا أعضاء في هذا الفريق ، وكنا نلبس الملابس الخاصة به في المناسبات وكانت هذه الملابس تشبه ملابس ركوب الخيل فهي قميص كاكي وبنطلون كاكي طويل بمنفاخ ..

ويخيل إلي أن الأستاذ المرشد رسم في ذهنه صورة لوسائل إبراز حقيقة الدعوة الإسلامية ، فوجد أن هذه الصورة لا تكتمل إلا بوجود مظهر للقوة البدنية ولم يستطع التعبير عن هذا المظهر في ذلك الوقت كما لم تسعفه الوسائل إلا بتخصيص حجرة من حجرات المركز العام وإن كانت أصغرها لهذا النشاط ووضع علي بابها لافتة باسم هذا النشاط وإن ظلت هذه الحجرة مغلقة دائمًا أو ما يقارب الدوام .

كما أنه أراد في دار شارع الناصرية أن يعبر عن معني الجهاد في الفكرة الإسلامية فكلف نجارًا – بإرشاد من أحد العسكريين – بصناعة أنموذج لبندقية ، وكان هذا الأخ العسكري يدربنا في فناء الداربل استعمال البندقية في مختلف الظروف والأوضاع بهذا النموذج الخشبي . فلما تم الانتقال إلي الدار الجديدة في العتبة ، ووجدت السعة ، ووجد الشباب المتطلع إلي الحركة والنشاط رأي الأستاذ الفرص مواتية لإبراز الصورة التي في ذهنه إبرازًا أوضح فطور فريق الرحلات إلي فريق الجوالة .

والصورة التي رسمها الأستاذ في ذهنه منذ قام بدعوته في الإسماعيلية عن هذا الجانب من نشاط الدعوة لم تكن هي فريق للرحلات أو فريق الجوالة ، وإنما كانت فريقاً عسكريًا يحقق فكرة الجهاد في الإسلام ؛ إلا أن الرجل وقد آتاه الله الحكمة " ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرًا كثيرًا " لم يكن يؤمن بالطفرة بل كان يؤمن بالتطور وبأنه قانون الحياة ولابد للدعوات أن تخضع لقوانين الحياة إذا هي أرادت أن تشق طريقها ولم يكن الرجل يتجاهل ما حوله ولا يتعامى عما بين يديه فتدرج بالصورة التي في خاطره تدرج الأم بمولدها .

وكان هذا الرجل – بثاقب فكره ، ومرهف حسه ، وبخاصية أودعه الله إياها – يتحدث إلي الناس عن أمور يراها هو واقعة لا محالة ، وهي في خواطرنا شيء من هواجس النفس وأوهام الخيال فإنه كان يعد من حياطات الحذر من أخطار يتوقعها ولا نكاد نصدق وهو يحذرنا منها ثم لا تقع هذه الأخطار إلا بعد سنوات وعندما تواجهنا نري أسباب الحيطة التي اتخذها منذ سنوات – دون مبرر في نظرنا إذ ذاك – هي وحدها التي تحضننا إزاء هذه الأخطار .

كان الأستاذ يتحرق شوقاً إلي إبراز الدور العسكري لتجلية فكرة الجهاد ولكنه رأي الدعوة لازالت في مهدها ولم تتجاوز في طورها الجديد مرحلة الحبو ، ورأي الحكومات المصرية ومن ورائها الانجليز لابد أنهم متربصون – في يوم ما – بالدعوة الدوائر لأنها عدوهم الأساسي إذن فلابد من أن تتحاشى الدعوة في هذا الطور كل ما يعتبرونه في عرفهم خروجًا علي القانون . وكنا إذ ذاك في الثلث الأخير من الثلاثينيات وكان تكوين منظمات عسكرية لا يعد خروجاً علي القانون فحسب بل يعد إحدى الكبائر لهذا لجأ إلي إبراز الطور الجديد في خاطره ، إلي مظهر ألبسه لباس القانون.

لم يكن في مصر إذ ذاك صورة فيها رائحة العسكرية مسموح بها إلا جمعية الكشافة الأهلية وكان صغار السن من المنتسبين إليها يسمون " كشافة " وكان الكبار يسمون " جوالة " وصار الإخوان المسلمون فرقة جوالة منتسبة إلي جمعية الكشافة الأهلية .

وتبني الإخوان قانون الكشافة وهو يتمشى مع الفضائل الاجتماعية التي يدعو إليها الإسلام ، وأذكر أننا لم نعدل فيه إلا لفظاً واحدًا من إحدى مواده التي تقول : وأن أطيع رؤسائي طاعة عمياء ، عدلناها إلي طاعة تامة لأن الإسلام لا يعترف بالطاعة العمياء – وشرحنا قانون الكشافة بآيات القرآن الكريم وأحاديث النبي صلي الله عليه وسلم وربما كان فريق الإخوان المسلمين هو الفريق الوحيد من المنتسبين إلي جمعية الكشافة الأهلية الذي استعمل هذا القانون استعمالا كاملا وطبقه أحسن تطبيق"

وفي مقال تاريخ الإخوان: "بدأ الإخوان في أوائل الثلاثينات برنامج الجوالة، وفيه كان الشباب يتدربون على أسلوب الحياة الرياضي الزاهد، والقيام بالأعمال الخيرية، وتبادل الزيارات بين فروع الإخوان لتوطيد الروابط بينهم، وأصبح برنامج الجوالة الذين جذب زيهم وشعاراتهم وأناشيدهم، استحوذ على قدر كبير من الانتباه، وأصبحوا من أهم الوسائل في تجنيد أعضاء جُدُد، ورأى فيهم البنا أنه أسلوب جيد يقدم الشباب تدريجيًا إلى التدين."

وعن بداية فرقة الرحلات ومن ثم تحولها إلى فرقة الجوالة و اعتماد المركز العام للإخوان هذا الأمر رسميا و تنظيمه ككيان أساسي لا تكميلي يقول الإمام حسن البنا في كتابه مذكرات الدعوة و الداعية :

كما فكر الإخوان كذلك في مزاولة النشاط الرياضي تأثرا بفكرة الجهاد الإسلامي وتحقيقاً لنيته وتنفيذا لأمر الإسلام وتحرجا مما جاء في الحديث الشريف: "من مات ولم يغز ولم ينو الغزو مات ميتة جاهلية، فتألفت فرقة الرحلات للإخوان المسلمين على نظام الكشافة وانتقلت من الإسماعيلية إلى بقية شعب الإخوان وفروعهم وكانت نواة فرق الجوالة الآن.

كانت فرق رحلات الإخوان المسلمين قد كثر عددها في ذلك التاريخ وهي بعينها فرق الجوالة، وأصبحت في الإسماعيلية وبور سعيد والسويس وأبو صوير والبحر الصغير وبلاده وفي كل شعبة من شعب الإخوان تقريبا، وقد أنشئت هذه الفرق عقب نشأة الدعوة، وكادت تلازم أول شعبها وجودا، وقد ألفت بنفس الوقت أول فرقة وكنت أزاول تدريبها بشخصي على بعض التمرينات الرياضية التي كنا نزاولها بالمدارس حتى أتاح الله لها الأخ الرياض الفاضل محمد مختار إسماعيل أفندي فكان له في إنشائها وتدريبها والرحلة إليها والمرور عليها فضل كبير جزاه الله خيراً، وقد ساعده على النجاح طبيعته الرياضية الصوفية إذ كان صالحا مستقيما. وكان معلم الرياضة فاجتمع له بهاتين الصفتين رياضة الروح ورياضة البدن.

أول مدرس معين لهذه الفرق

وقد رأي مكتب الإرشاد أن ينتدب لتنظيم هذه الفرق والإشراف عليها مدرباً يعينه بمكافأة مناسبة على أن ينقطع لهذه المهمة. فتطوع لذلك الأخ علي أفندي خليل مدرب فرقة أبو صوير وسلم نفسه للمركز العام وزاول مهمته في ذي القعدة 1357 و وأرسل المكتب العام لشعبه هذه النشرة:اعتمد مكتب الإرشاد العام للإخوان المسلمين الأخ علي خليل أفندي مدربا عاما للإخوان المسلمين، فعلى الإخوان في جميع الشعب عند حضوره لأي فرقة أن يقوموا بما يلزم من إعداد فرق الإخوان لتدريبهم.

الأستاذ أحمد السكري في القاهرة، وقد انتقل الأستاذ أحمد السكري من عمله بمدرسة رشيد الابتدائية إلى ديوان وزارة المعارف خلال هذه السنة 1357 الهجرية، فسررت لهذا الانتقال أعظم السرور إذ كان أمنية طالما تمناها كل منا وحلقة متممة لصلة بدأت قبل ذلك بتاريخ طويل. وبعد وجوده بالقاهرة رأيت أن يقوم عنى بالإشراف على النواحي الإدارية والأعمال اليومية بالمكتب لأتفرغ للرحلة والدرس والمحاضرة وما إلى ذلك من أعمال الدعوة، وبعثت بهذا الخطاب إلى شعب الإخوان ولجانهم.

من حسن البنا المرشد العام للإخوان المسلمين

إلى إخوانه في الله تعالى وأنصار الدعوة المباركة

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:

أما بعد: فبمناسبة انتقال الأخ المفضال أحمد أفندي السكري إلى ديوان وزارة المعارف بالقاهرة قد استخرت الله تعالى في أن أسند إليه بالإشراف التام على النواحي الإدارية والعملية بالمكتب، حتى أجد بعض الوقت للناحية العلمية والإرشادية، فأرجو من حضرات الإخوان جميعا ورؤساء الشعب والتشكيلات واللجان وما إليها أن يتعاونوا مع حضرته تعاونا تاما حتى يستطيع النهوض بأعباء ما وكل إليه. وفقنا الله وإياكم لما يحبه ويرضاه.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

حسن البنا

ونظرا لأهمية وجوده كواقع أساسي في جماعة الإخوان فقد ُذكر ضمن قرارات المؤتمر الدوري الخامس للإخوان بسراي آل لطف الله بالجيزة – بالقاهرة :

قرارات المؤتمر:

أولاً: يقرر المؤتمرون تأييد مكتب الإرشاد العام للإخوان المسلمين في خطوته الموفقة ويشكرون لحضرات أعضائه نهوضهم بعبء الدعوة.

ثانياً: العمل على نشر دعوة الإخوان، كل دائرة فيما يحيط بها من القرى والبلدان، والعمل على تكوين الكتائب وفرق الجوالة في شعبهم.

الدعوة في القرى: يجب الاهتمام التام بنشر الدعوة في القرى والمناطق المحيطة بكم فتتألف اللجان لذلك وتوضع الخطط حسبما تناسب ظروفكم مع عدم التباطؤ في تكوين فرقة (الجوالة) وتكوين (الكتيبة).

الخطوة الثانية، خطوة الاختيار والتكوين والتعبئة .

خطونا الخطوة الثانية في صور ثلاث:

1 ـ الكتائب: ويراد بها تقوية الصف بالتعارف، وتمازج النفوس والأرواح ومقاومة العادات والمألوفات، والمران على حسن الصلة بالله تبارك وتعالى، واستمداد النصر منه، وهذا هو معهد التربية الروحية للإخوان المسلمين.

2 ـ الفرق للكشافة والجوالة والألعاب الرياضية: ويراد بها تقوية الصف بتنمية جسوم الإخوان، وتعويدهم الطاعة والنظام والأخلاق الرياضية الفاضلة، وإعدادهم للجندية الصحيحة التي يفرضها الإسلام على كل مسلم، وهذا هو معهد التربية الجسمية للإخوان المسلمين.

3 ـ درس التعاليم في الكتائب أو في أندية الإخوان المسلمين : ويراد بها تقوية الصف بتنمية أفكار الإخوان وعقولهم بدراسة جامعة لأهم ما يلزم الأخ المسلم معرفته لدينه ودنياه، وهذا هو معهد التربية العلمية والفكرية للإخوان المسلمين، ذلك إلى مختلف نواحي النشاط الأخرى التي يدرب بها الإخوان على الواجب الذي ينتظرهم كجماعة تعد نفسها لقيادة أمة، بل لهداية العالمين.

بعد أن نطمئن على موقفنا من هذه الخطوة نخطو إن شاء الله الخطوة الثالثة، وهي الخطوة العملية التي تظهر بعدها الثمار الكاملة لدعوة الإخوان المسلمين ."

ويبين أحمد عادل كمال نشأة الجوالة و كيف كان نظامها بصورة واضحة حيث كان عضوا فيها و أمينا لصندوق العشيرة فيقول:

" واتجهت عناية الجماعة إلى الجوالة, وجاءت أوامر المركز العام بأن كل أخ يستطيع أن يكون جوالا فليكن. كنت أرى طوابير الجوالة واجتماعاتهم بالشعبة فلم تكن تعجبنى ولم يروقنى ما بها من أمر ونهى" وعسكرية", وكنت أرى فيها جفافا وجفاء. ولقد دعيت مرارا إلى الإنخراط فى سلكها فأبيت حتى إذا كانت المسألة تعليمات دخلت فيها. وتكونت لنا عشيرة من عشرة من الإخوان الطلاب سميناها عشيرة خالد بن الوليد. وكان كبيرها يلقب رفيق العشيرة, بينما كانت مجموع العشائر كلها فى الشعبة تكون الرهط, وكبير الرهط المسئول عنه يلقب زعيم الرهط. واختارونى أمينا لصندوق العشيرة. وما زلت أذكر ذلك الصندوق الذى كنت أمينه.. كان صفيحة دواء صغيرة وكان به يوم تسلمته خمسة وعشرون مليما. فبدأت مهمتى بفتح باب التبرع لتدعيم مالية العشيرة وارتفع رصيد الصندوق إلى أحد عشر قرشا. ثم اتفقنا أن يكون الاشتراك الشهرى للجوالة قرشين, يأخذ الرهط منه نصف قرش ويبقى قرش ونصف للعشيرة.

مع هذه الجوالة خرجت فى بعض الرحلات سرت فى بعض طوابير الاستعراضات فى المناسبات المختلفة, كما اشتركت فى بعض المعسكرات وتلقيت بعض الدروس الكشفية. والواقع أن جوالة الإخوان كانت قليلة العناية بهذه الدروس الت كانوا قليلى الخبرة فيها, وكان جل همها من هذه الناحية ينصرف إلى المظهر, ولقد كان هذا مقصودا, فقد أصبحت الجوالة من أبرز وأهم أساليب الدعاية للجماعة.

كنا ندفع اشتراك الرهط وكنا ندفع غيره اشتراك الشعبة. وكان غالبا فى حدود خمسة قروش, وقد بدأنا سداد ذلك الاشتراك من تلقاء أنفسنا دون أن يطالبنا به أحد بعد أن شعرنا أن دعوتنا يعوزها المال وأن لا مورد لها إلا جيوبنا. ومن باب ذكر الحق...ما شعرنا أبدا أن المال عقبة فى سبيلنا فى ذلك الوقت, فأى مبلغ كنا نحتاج إليه لأى وجه من وجوه النشاط أو لشراء شىء من لوازم الشعبة كان يتم جمعه فى أى جلسة من الجلسات تطوعا من الحاضرين فى تسابق وعن طيب نفس... فقط يذكر الأخ المسئول أن الشعبة فى حاجة إلى مبلغ كذا فيدفع كل حسب مقدرته. ولنعد إلى ذكر الجوالة, فمازلت أذكر تلك الطوابير, الاستعراضية الضخمة التى كان يتراوح عدد المشتركين فيها بين الستة آلاف والعشرة آلاف جوال... كنا ننتهز الفرص لإجراء هذه الاستعراضات فى الشوارع. لم تكن تلك المناسبات مقصودة لذاتها دائما, وإنما كانت ذريعة, وكان بيت القصيد إظهار قوة الجماعة ومظهرها العسكرى ولفت النظر إلى أن الجوالة بالذات هى القوة العسكرية للجماعة, وفى هذا صرف للنظر عن التشكيل الجدى الذى أعد سرا وفى كتمان تام بعيدا عن مظهريات الجماعة وهو" النظام الخاص"

وعن الخطوات العملية التي اتخذتها جماعة الإخوان بقيادة الإمام البنا من أجل فرق الجوالة يقول أ. محمد شوقى زكي :

" 1- تكون المجلس الأعلى للجوالة من سبعة أفراد - المرشد العام الأستاذ " حسن البنا ". رئيسا أعلى للجوالة ، والأستاذ الدكتور حسين كمال الدين مديرا عاما للجوالة ، والمرحوم الصاغ محمود لبيب مفتشا عاما ، وحضرات الأساتذة محمود أبو السعود ، وسعد الدين الوليلي ، وعبد الغنى عابدين ، وعبد العزيز أحمد أعضاء .

2 - افتتاح مدرسة المدربين لتخرج عدد " 35 " مدربا للإشراف على هذه المجموعات ، وقد تم تخريجهم بعد شهرين على أيدى صفوة من رجال الكشف 3 - تكونت المجموعات ، فى محيط القاهرة مبدئيا ، وأشرف عليها هؤلاء المدربون .

4 - بعد نجاح الفكرة أو المشروع فى القاهرة بدئ بتنفيذه فى الإسكندرية ثم أعد معسكر عام لمندوبين من المديريات ، لإعدادهم للإشراف على شئون مناطقهم .

5 - فى بداية عام 1941 كان تعداد جوالة الإخوان المسلمين (2000) جوال ثم بدأت الفكرة تعم وتستحوذ على ألباب الشباب من أنها مظهريا تحقق لهم مطامعهم ، فيدخلونها ، فإذا بهم بعد فترة من المؤمنين ، بفكرة الإخوان والعاملين لها .

وفى خلال سنة 1941 ، بدأت الفكرة توجه هذا الشباب لميادين الخدمة العامة ، فبدءوا يعملون فى محيط تشكيلاتهم كأقسام للبر والخدمة الاجتماعية ، يساعدون الغير ، . ويقدمون العون - للمحتاج ، فى محيط تشكيلات الإخوان . وفى عام 1942 وصل تعداد الجوالة ( 15000 ) جوال حيث بدأت الفكرة تتعمق فى أحضان الريف " .

وانتشرت فرق جوالة الإخوان في كل مكان ، يذكر ذلك أ. علي عبد الحليم محمود قائلا :" أصبح لكل شعبة من شعب الإخوان فريق جوالة يسمى " رهطها " ، له زعيم ومساعد وأمين سر وأمين صندوق "

ومن كثرتها كان لا يعرف تقريبا عدد المنتسبين لها هذا ما ذكره الدكتور إسحاق موسى الحسيني حيث يقول :" إنشاء فرق الجوالة - الكشافة - في مختلف المراكز وقد كانت هذه الجوالة تقوم باستعراضات في الأحياء وعند الاستقبالات والمهرجان ولا يعرف بالضبط عدد جميع الأعضاء في هذه الفرق ولا عدد الفرق نفسها. وتذكر مصادر الإخوان أن عدد الجوالة بلغ أربعين ألفا " .

بقي أن نذكر أن الإمام البنا رحمه الله حين فكر في إنشاء جوالة للإخوان بدلا عن فرقة عسكرية بقمصان ملونة كان في ذلك موفقا ببعد نظره وحسن قراءته للواقع يقول أ. محمود عبد الحليم :

" وأيام كانت الهيئات السياسية تنشئ فرقاً عسكرية من شبابها ، كانت جوالة الإخوان المسلمين موضع سخرية من هذه الهيئات ذات القمصان الملونة فالقمصان الزرقاء للوفد والقمصان الخضراء لمصر الفتاة وكانت مصر الفتاة تتيه علينا بفرقها ذات القمصان الخضراء وترمينا بالضعف لركوننا في فرقنا إلي نظام رسمي ، وكنا نشكو إلي الأستاذ المرشد حملاتهم علينا في هذا الصدد ونتمنى لو أن الأستاذ قبل رجاءنا وخلصنا من نظام الجوالة لنكون فرقاً ذات قمصان بلون نختاره ؛ فكان الأستاذ يطمئن نفوسنا ويقول لا تعبأوا بأقوالهم واصبروا وسترون أن العاقبة لنا … ودارت الأيام وجاءت حكومة أصدرت قانونًا يحرم علي الهيئات أن تكون لها فرق عسكرية أو شبه عسكرية ذات قمصان ملونة فألغيت هذه الفرق بين يوم وليلة ولم تبق إلا فرق جوالة الإخوان لأنها نظام معترف به في الدولة والفرق مسجلة في جمعية الكشافة الأهلية ؛ … وقد رأينا أن الرجل كان أبعد نظرًا منا ومن غيرنا ."

أهداف جوالة الإخوان و تميزها عن غيرها بالسمت الإسلامي

الإمام البنا وسط جوالة الإسماعيلية

حين حول الإمام فرقة الرحلات في الإخوان إلى الجوالة ميزها عن جمعية الكشافة الأهلية والتي كانت تابعة لها بأهداف دعوية و سمت إسلامي ، بحيث تكون لها هويتها الإسلامية الخاصة بها و الواضحة ...

يؤكد على هذا أ. عمر التلمساني بقوله: "حقا إن جوالة الإخوان المسلمين كانت تمتاز على الجوالات الأخرى فى القطر المصرى بعدة ميزات : كانت جوالة نظيفة من حيث الأخلاق وكانت جوالة تؤدى الواجبات الدينية فى حرص."

وكذلك يقول أ. محمود جامع : " كانت كل الأحزاب السياسية تتسابق لاجتذاب الشباب إلى حظائرها .. حيث أنشأ الوفد فرقة شباب [القمصان الزرقاء] وأنشأت مصر الفتاة [ القمصان الخضر ].

وكان "حسن البنا " حريصاً على وضع برامج مكثفة تربوية لهؤلاء الشباب مثل صيام بعض الأيام ,والاهتمام بحفظ القرآن وتلاوته وتفسيره ,والاهتمام بالتدريبات الرياضية مثل السباحة والرماية والمصارعة اليابانية والتدريبات الشاقة التى كانت تجرى فى صحراء مصر وفى منطقة المقطم والسواحل المصرية وغيرها ,وتدريبهم على قيام الليل والتهجد ..

وأنشأ فريق شباب جوالة الإخوان المسلمين ,ونظم كتائب ليلية توثق عرى الصداقة والمحبة والترابط بينهم.. مع توصيتهم بالاهتمام الكامل بدروسهم وتفوقهم وتميزهم أمام أساتذتهم وزملائهم فى المدارس والجامعات ,وتحفيزهم الدائم على ذلك , فكانوا دائماً فى محيطهم موضع الاحترام والتقدير .. وحفزوا كثيراًمن الشباب من زملائهم بل وأساتذتهم للانضمام إلى الإخوان والاستماع إلى دروس دعاتهم ..

وحضور ندواتهم بل ومعسكراتهم .. والتزامهم المستمر بالاستماع إلى محاضرات وخطب "حسن البنا " الجذابة والمؤثرة.

ويقول أ. إبراهيم زهمول : تحت عنوان الصورة الثانية من مرحلة التكوين :

"الفرق للكشافة والجوالة والألعاب الرياضية ، ويراد بها تقوية الصف بتنمية جسوم الإخوان وتعويدهم الطاعة والنظام والأخلاق الرياضية الفاضلة وإعدادهم للجندية الصحيحة التي يفرضها الإسلام على كل مسلم وهذا هو معهد التربية الجسمية للإخوان المسلمين وهذه وتلك تبين أن غاية الإخوان تنحصر في تكوين جيل جديد من المؤمنين بتعاليم الإسلام الصحيح يعمل على صبغ الأمة بالصبغة الإسلامية الكاملة في كل مظاهر حياتها ."

ويبين أ. محمد العدوي اختلاف أهداف جوالة الإخوان عن غيرها من فرق الأحزاب السياسية الموجودة وقتئذ فيقول :

" وفى اليوم الثالث عشر من شهر ذى الحجة سنة 1357 انعقد المؤتمر الخامس للإخوان فى سراى آل لطف الله بالجزيرة. ومما هو جدير بالذكر أن حزب الوفد كان قد عقد مؤتمره الوطنى ( الوفدى) فى ذات هذا المكان ولكن شتان بين مؤتمر ومؤتمر مظهرا ومخبرا شكلا وموضوعا. وقد اشترك الجوالة فى تنظيم المؤتمر وألقى المرشد العام خطابه(رسالة المؤتمر الخامس) وفيه حدد مواضع الإقدام والسبيل إلى الهدف المنشود, وقد نشر الخطاب الواضح المحدد الملزم للجماعة فى مجلة النذير الأسبوعية"

ويقول أيضا : " ويلحق بنظام الجوالة إقامة المعسكرات ، وكان الإخوان بين الفنية والفنية يقيمون معسكرات في ضواحي القاهرة ، وكانت معسكراتهم تدريبًا علي الصبر والاحتمال ، وتعويدًا للنفس علي تحمل أشق الظروف . وكانوا يقيمون هذه المعسكرات باعتبارهم من فرق الجوالة المسجلة في جمعية الكشافة الأهلية ، وكان من حقهم بهذا الاعتبار أن يستغلوا الأماكن التي أعدتها هذه الجمعية لإقامة المعسكرات الكشفية ، فكثيرًَا ما أقام الإخوان معسكرات كانت في بعض الأحيان تستمر طول الصيف في معسكر الكشافة بحلوان ، وكان لكل معسكر برنامج يستوعبه أفراد كل دفعة يتضمن أنواعًا من الرياضة البدنية والتدريبات العسكرية والتربية الروحية ومنها حفظ قدر معين من القرآن الكريم مع تفسيره ، ويعقد في نهاية المدة امتحان الدفعة قبل تسريحها"

ولبيان وضوح الأهداف الدعوية والسمت الإسلامي لجوالة الإخوان يكفي أن نعرف الدور التي قامت به لإصلاح الشباب ، و النشيد الذي كانت تنشده يقول أ. محمود عبد الحليم :

" وكم من الشباب تم إصلاحه وظهرت مواهبه عن طريق نظام الجوالة وكان من قبل شبابًا لاهيا عابثًا . وقد لا أكون مغاليًا إذا قلت إن نظام الجوالة بما فيه من مبادئ وأهداف رفيعة تحث علي الأخوة والإيثار والشجاعة والمروءة والتضحية لم يكن له وجود قبل إنشاء جوالة الإخوان المسلمين ، فلقد كنت علي اتصال بهذا النظام منذ كنت طالبًا بالدراسة الثانوية وكنت أتتبع أخباره في مختلف البلاد المصرية وكان هذا سببًا في أنني رفضت أن أنضوي تحت لوائه لأنني لم أر فريقاً من المنتسبين إليه كان جادًا في انتحال مبادئه والاهتداء بتوجيهاته : حتى إني أسأت الظن بالنظام نفسه واتهمته بأنه في ذاته نظام غير جاد فلما انتسب الإخوان إلي هذا النظام شعرت كأنما كان هذا النظام جسدًا لا روح فيه فكان الإخوان هم روحه ردت إليه فبعثت فيه حرارة الحياة ."

ويقول أيضا : " وكان لنظامي الكتائب والجوالة أنشدة تومئ إلي أهداف الدعوة ومعانيها فكان النشيد الأول الذي كنا ننشده بدار الناصرية وردحًا من دار العتبة هو نشيد " يا رسول الله " من نظام الشيخ الباقوري وهذا نصه :

يا رسول الله هـل يرضـيك أنـا
إخـوة في الله للإســلام قمنــا

ننفض اليوم غبـار النوم عنـــا

لا نهـاب المـوت لا بل نتـمنى

أن يرانا الله في سـاح الفــداء

إن نفسًا ترتضي الإسلام ديـنا

ثم ترضي بـعــده أن تستكـينا

أو تري الإسلام في أرض مهـينا

ثم تهـوي العيش نفس لن تكونا

في عـداد المسـلمين العظمـاء

حبـذا الموت يريـح البائـسيـن

ويـرد المــجـد للمستعبديـن

فلنمت نحن فــداء المسـلميـن

سـادة الدنـيا برغـم الكاشحين

وليسد في الأرض قانون السـماء

أن للدنـيا بـنا أن تطهـــرا

نحن أسـد الله لا أسـد الســري

قد قطعـنا العهـد ألا نـقـبرا

أو نـري القـرآن دستور الورى

كل شـيء ما سوي الدين هـباء

أيقظـت جمعـية الإخوان فيـنا

روح آبـاء كـرام فاتحـينــا

أسعـدوا العالم بالإسلام حينـا

فاستـجبنـا للمعالي ثائـرينا

وتسـابقنـا إلي حمــل اللواء

غــيرنا يرتاح للعيش الـذليل

وسوانا يرهـب المـوت النـبيـل

إن حييــنا فعلي مجـد أثـيل

أو فنيـنا فإلي ظــل ظـليــل
حسبنـا أنا سنقـضي شهـداء

وحين كنا ننشد هذا النشيد في دار الناصرية اقترحت علي الإخوان تغيير الشطرة التي تقول " أيقظت جمعية الإخوان فينا " إلى " قد أثارت دعوة الإخوان فينا " باعتبارنا أصحاب دعوة لا أعضاء جمعية ."

جوالة الإخوان ... أعمال و مهام

وبعدما أصبحت جوالة الإخوان واقعا متواجدا في صفوف الجماعة ... وبعدما رتبت أوضاعها و طبقت برامجها التربوية انطلقت إلى حيث ميادين العمل البناء ..

فماذا فعلت جوالة الإخوان من خدمات و مهام للجماعة و لعموم الناس ؟

أ- الإشراف على مؤتمرات الجماعة بقيادة الإمام البنا (استقبالاً ودعاية)

الإمام البنا وسط إخوانه بالمركز العام وجوالة الإخوان تنظم المكان

يقول أ. عباس السيسي:" بعد مرور عشر سنوات على قيام جماعة الإخوان المسلمين - دعا الإخوان إلى المؤتمر الخامس الذى عقده بسراى آل لطف الله بالجزيرة، وكنت يؤمئذ لا أزال طالبا بمدرسة محمد على الصناعية ولم يسعدنى حظى بحضور هذا المؤتمر حيث كانت الامتحانات على الأبواب، ولكنى ترقبت إخوان - الاسكندرية العائدين من المؤتمر كى يتحدثوا إلينا عن مشاهداتهم، وقد سردوا لنا روعة هذا المؤتمر التى كان من مظاهرها حرص وفود جميع الأقاليم على الحضور. وقيام فرق الجوالة باستعراض قوى وإشرافها الدقيق على تنظيم المؤتمر، وخطاب الأستاذ المرشد الذى ألقاه فى المؤتمر وكيف أن الخطاب كان تطورا جديدا بل بعثا جديدا لمفهوم دعوة الإخوان وكشفا واضحا صريحا لمنهجهم ورسالتهم فى العالم الإسلامى أجمع.."

المؤتمر الشعبى الثانى بالإسكندرية:

وبعد انتهاء المؤتمر الشعبى الأول بالقاهرة دعا الإخوان المسلمون بالإسكندرية إلى عقد مؤتمر شعبى، وقاموا بالدعاية اللازمة، حتى احتشد أكثر من عشرة آلاف مواطن داخل المكان المعد للحفل وخارجه. كما حرص الإخوان فى هذا المؤتمر على توفير كل وسائل الأمن والمحافظة على النظام. وذهبت جوالة الإخوان بالإسكندرية لاستقبال فضيلة المرشد وصحبه حين حضورهم بالقطار فى المحطة، فعندما وصل القطار تعالت الهتافات ((بشراك يا مصر)) كل ردد الإخوان المسلمون هتافهم ( الله أكبر ولله الحمد) مدويا فى كل الأرجاء""

ويتابع أ. السيسي فيقول: " سافر الأستاذ المرشد إلى مدينة بورسعيد، فاستقبله الإخوان هناك ومعهم فرق الجوالة استقبالا شعبيا كريما، وبينما كان موكب الجوالة يشق طريقه فى قلب المدينة إذا بشباب حزب الوفد يهاجم الإخوان ويلقى عليهم الحجارة ويصطدم بهم فى معركة.. ثم لم يقنع شباب حزب الوفد بهذا فتوجه إلى دار شعبة الإخوان وحطم زجاج نوافذها وأتلف بعض أثاثها. وحضر مدير الأمن فى الحال وسيطر على الموقف وطلب من فضيلة المرشد أن يساعده على ذلك، وقال له الأستاذ المرشد: إنه قد أمر كل الإخوان أن يلتزموا الهدوء والسكينة، وأنه شخصيا قد اعتزم السفر إلىالقاهرة وسوف يوفد بعض الإخوان لتصفية الجو بين الإخوان والوفد"

ب- التظاهرات من أجل حرية إخوانهم

وهذا يتضح فيما يرويه أ. عباس السيسي بقوله :

... فى اجتماع بالمكتب الادارى للإخوان بالإسكندرية فى عهد وزارة إسماعيل صدقي باشا ، ألقت الشرطة القبض على حوالى 50 خمسين من الإخوان، وأودعنهم سجن الأجانب. وفى نفس الأسبوع نظم الإخوان مظاهرة من فرقة الجوالة خرجت فجأة من ميدان محطة السكة الحديد قبيل المغرب تحمل المشاعل متجهة إلى ميدان قصر رأس التين، خطب فيها الأستاذ أحمد السكري من شرفة مكتب الأستاذ أمين مرعي المحامى بشارع الغرفة التجارية ((سعيد))، ثم مضت هذه المظاهرة فى سيرها حتى بلغت القصر وقدمت مذكرة بشأن معاهدة صدقى بيفن ثم انصرفت" .


ج- المشاركة في حرب فلسطين

يؤكد ذلك أ.صلاح شادي فيقول: " ولذا جرى إقبال الشباب على أنظمة الجماعة المختلفة ، نظام الأسر ، والكتائب والجوالة منذ سنة 1935 وكان يحمل طابع الجندية الذى يعنى عند الشباب هذا التغيير الذى يأمل تحقيقه فى نفسه وهو يتدرب على فنون القتال وإطلاق النار ، حياة عسكرية خشنة داخل المعسكرات العلنية التى كان مسموحا بها وقتذاك ، وإن بدأت الحكومات بعد الحرب فى تضييق الخناق على الحريات عامة ونشاط الإخوان خاصة ، فكان من الطبيعى أن يتحدد دور هذه النشاط ليتخذ لنفسه صورة أخرى لا من السرية بالإضافة إلى ساحة تطوعي الإخوان إلى التدريب ليقفوا مع الفلسطينيين فى حربهم ضد الصهاينة ."

ويقول أ. عباس السيسي : " وتمضى شهور ثم تندلع الحرب فى فلسطين عام 1948 ، واشترك الإخوان المسلمون فى المعركة بكتيبتين من شبابهم .. كتيبة قادها فضيلة المرشد إلى غزة عن طريق القنطرة شرق والعريش، وكتيبة أخرى تحركت إلى القدس بعد إتمام تدريبها فى معسكر قطنا بسوريا ..

وكان من المقرر ترحيل الكتيبة الثانية من ميناء الإسكندرية ولكن الأستاذ المرشد رأى ترحيلها عن طريق بورسعيد فأرسل إلى الأخ الحاج أحمد المصرى كى يستعد لاستقبال الكتيبة لتوديعها إلى سوريا بكل ما تحمله من سلاح وعتاد ومؤمن بالسفن من ميناء بورسعيد ..

وانتقل حسن البنا إلى بورسعيد قبل أن تصل الكتيبة ، وحين وصلت كان فى استقبالها جوالة الإخوان هناك ".

د- الجوالة و الدور الصحي

حيث أرسل الإمام البنا رسالة إلى وزير الصحة موضحا فيها ما سوف تقدمه الجوالة من خدمات في هذا الظرف ..

وقد جاء في ملف محاربة الفساد من كتب تراث الإمام البنا:

أرسل أمس فضيلة المرشد العام للإخوان المسلمين إلى معالى وزير الصحة الكتاب التالى:

حضرة صاحب المعالى وزير الصحة العمومية.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد:

فى غمرة هذه المحنة التى تهدد الصحة العامة للبلاد بوباء الكوليرا والتى تنادى كل وطنى صادق أن يساهم بكل ما يسعه من جهد وطاقة، تتقدم إدارة الجوالة العامة للإخوان المسلمين إلى معاليكم ليحملوا نصيبهم...

معلنين أنهم يضعون تحت تصرف وزارة الصحة 40 ألف جوال من خيرة شباب الأمة وزهرة أبنائها الأطهار، منبثين فى جميع أنحاء الوادى من كبريات المدن والحواضر إلى صغريات القرى والكفور والدساكر كلهم على أتم الاستعداد للقيام بما عهد إليهم من أعمال لمكافحة هذا الوباء.

ومما يزيد فى الاطمئنان إلى جلال الفائدة المرجوة من هذا التجنيد -إن شاء الله- أن تعلموا -معاليكم- أن هؤلاء الألوف من شباب الإخوان الذين وهبوا لهذا الوطن العزيز أنفسهم وأرواحهم إنما يكونون مجموعات كاملة الأجزاء محكمة النظام بوحداتها ورؤسائها ومراقبيها ومشرفيها فى انتظار الأمر بالعمل فى أى مكان.

ولما كنا حريصين على العمل الجدى؛ لذلك نتقدم إلى معاليكم بنماذج من الأعمال التى يمكن لهذه المجموعات القيام بها علاوة على ما يراه المسئولون من تكليفهم لما يتراءى لهم، وهى:

1- نشر الدعوة الصحية فى محيط القطر كله وسرعة إذاعة النشرات والتعليمات الصادرة عن الوزارة مع التكفل بإفهامها للجمهور ومعاونته على التنفيذ.

2-التبليغ عن المصابين والإصابات كل فى محيط منطقته مع بعض الجمهور، على اعتبار ذلك واجبا وطنيا لا يعذر المتخلف عنه.

3- تكوين فرق مختلفة للقيام بأعمال التمريض.

4- مساعدة رجال الجيش فى كافة أعمالهم؛ من حصار المناطق الموبوءة، ونقل الإشارات اللاسلكية، وقيادة السيارات.

يا صاحب المعالى: قد جندنا هذا الشباب الطاهر فى خدمة الوطن لمحاربة هذا العدو المفاجئ، ولاشك أن هؤلاء الجنود لا ينقصهم إلا أن يتحصنوا ضد المرض بالمصل الواقى، وأن تتفق وزارة الصحة مع الوزارات والشركات والمصانع التى يعمل بها هؤلاء الإخوان على انتدابهم لهذه المهمة إذا كلفوا بأعمال نهارية تتعارض مع أوقات أعمالهم الرسمية، مع الاحتفاظ لهم بمراكزهم وأعمالهم عند زوال خطر الوباء عن البلاد قريبا إن شاء الله.

هذا ويسرنا إلى جانب ذلك أن نضع تحت تصرف وزارة الصحة 1500 شعبة من دور الإخوان المسلمين تكون مركزا للأغراض الوقائية والعلاجية ضد هذا الوباء، ولاسيما فى المناطق التى ليس للصحة بها مراكز ثابتة.

وفى انتظار إجابة فضيلتكم بالقبول أرجو أن تتقبلوا أصدق التحيات.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته"

وحين اجتاح البلاد وباء الملاريا ومن بعده الطوفان كان لجوالة الإخوان تواجد مؤثر جدا .. يقول أ. محمد شوقى زكى :" وفى عا م 1943 بدأ الإخوان يعملون فى التشكيل العام فبدئ ، بأول مشروع اجتماعى فى محيط القرية المصرية بالخدمات الآتية :

1- تنظيف القرية وشواعها بأيدى الجوالة من أبناء القرية .

2 - عمل مجالس للمصالحات من أهل القرية ، ومن عليه القوم بها ، مهمتهم فض المنازعات ومصالحة المتخاصين .

3 - إعداد المصابيح للإضاءة فى شوارع القرية ، من نقود يجمعونها من أهل القرية ، وتقوم الجوالة من شباب القرية بإضاءتها والإشراف عليها .

4 - تقديم الخدمات الصحية فى حدود المستطاع ، كتوجيه الأهالى إلى أن المستشفيات هى المكان الطبيعى للعلاج ، بالإضافة إلى ما يحملونه من أدوات طبية لمعالجة الحالات التى تستدعى إسعافا سريعا .

5 - تجميع أهل القرية على الناحية الاجتماعية العامة ، كعقد اجتماعات تشمل شباب القرية يتعودون فيها التعارف ويألفون الحياة الاجتماعية .

6- بث روح السمر واللهو البرئ ، الذى يكون موجها للخير وداعيا للرجولة ، ودافعا للوطنية والقوة فى صورة تربوية .

7 - تشجيع شباب القرية للتفكير فى العمل لخدمة مجتمعهم الصغير وهو القرية .

8 - العمل على الترحال ، والتشجيع على زيارة أهل القرى المجاورة ، وبذلك تيسر صلات التعارف بين شباب كل مركز على حدة ، لعمل ترابط اجتماعى ينهم .

وفى سنة 1945 وصل تعداد الجوالة فى محيط الإخوان ( 45000 ،) جوال بعد أن آمن الشباب أنها طريق القوة تبثها فى صدورهم لا لغرض الاعتداء . ولكن لتربية الجسوم لما فيه خير الوطن ، وتربية النفس وإعداد لما فيه فائدتها ومنفعتها . ولقد كان الاستعمار وآثاره الواضحة من الأسباب القوية التى دفعت كثيرا من الشباب للانضمام إلى جوالة الإخوان ، لأنها الفكرة الحية التى تعلن الرجولة فى نفوس الشباب ، فى وقت عمت الخنوثة ، والميوعة جموع الشباب . فكانت فكرة الجوالة ملاذا لكل شاب يود أن يتسم بهذه المعانى الكريمة بانضوائه تحت فكرة الجوالة فى محيط الإخوان .

وعندما انتشر وباء الملاريا فى صعيد مصر فى ذلك العام ، بدأت " قيادة جوالة الإخوان تفكر فى عمل من اجل هؤلاء ، فجندت جميع جوالة الإخوان فى بلاد الصعيد لمواجهة هذا الخطر فعملوا جنبا إلى جنب مع المسئولين من رجال الإدارة كرجال الصحة ، وهيئات ، الهلال الأحمر وخلافه ، فكانوا أصدق مثال لشعار الجوالة - الخدمة العامة.

وفي هذا الوقت العصيب الذى كانت البلاد فى الصعيد تئن فيه من وطأة الملاريا وانتشارها ، إذا بهم يفاجئون بالفيضان الطاغى الذى عم القرى ودمرها ، فكانت جوالة الإخوان هم الحراس الذين قاموا بحراسة الجسور والتبليغ عنها ، والعمل مع الأهلين ورجال الإدارة فى إنشاء تحصينات تقى الكثير من القرى من الفيضان . وظلوا فى مقاومة هذا التيار شهرين كاملين . ولم يكن ذلك فى الصعيد فحسب بل كان العبء الأكبر على جوالة الإخوان فى بلاد الوجه البحرى فيما يختص بالفيضان ".

وفي كتاب الإخوان المسلمون - لريتشارد ميتشيل- ص 45: تحت عنوان جوالة الإخوان ودورها في الخدمات الصحية 1943م:

"وكانت المجموعات الأولى في الجمعية التي عملت على نشرِ المعلومات الصحية وعلى إدخال العناية الطبية إلى الريفِ هي مجموعات الجوالة، فكانت وحدة الجوالة المحلية تقوم فعلاً بأعمال كنسِ طرقات وشوارع وحارات القرى، وحث القرويين على الترددِ على المستشفياتِ والعيادات الطبية، وتقديم الإسعافات الأولية، وكانت أوجه النشاط هذه جزءًا من برنامجٍ اجتماعي شامل أُعد للجوالة عام 1943م، في حملةٍ سريعةٍ ضد القذارة والمشاكل الصحية لدى الجمهور المصري في المدن والقرى"

هـ- العمل لإصلاح الشباب

وأبدا لا يخفى ما قد كان لجوالة الإخوان من عظيم الأثر في إصلاح حال الشباب وتقويم مسيرته .. يقول أ. محمود عبد الحليم :" ولقد كان نظام الجوالة في الإخوان المسلمين وسيلة لإصلاح الشباب بطريقتين :

الطريقة الأولي أن الشباب الذين انتظموا في سلكه صاغهم كما قلت صياغة جديدة بعثت من أعماق نفوسهم ما كان كامنًا فيها من طاقات خارقة ومواهب باهرة وصاروا مثلا عليا في الاستقامة والإيثار والتضحية.

والطريقة الثانية بما كانت تبعثه جموعها الحاشدة ، وطوابيرها المنتظمة ، وخطواتها المتسقة ، وطبولها المثيرة ، وهتافاتها المزلزلة ، وعسكريتها غير المحترفة من روح تشعر هذا الشعب بأن للحق قوة تحميه فتطمئن قلوب تحب الحق ولكنها كانت خائفة ، وتهتز فرقاً قلوب كانت سادرة في الباطل فكانت تجاهر بباطلها اعتمادًا علي أن الطريق أمامها سهل مفتوح ، فلما رأت بعينها قوة الحق انكمشت بباطلها مستخفية مرتجفة ".


الجوالة .. ثمرات و آثار

وبفضل الله تعالى ...تحقق ما كان يأمله الإمام حسن البنا من تواجد جوالة للإخوان وأينعت ثمار هذه التربية ، و بانت آثارها ... فقد تربت في أبناء الجماعة الكثير من الشمائل الفاضلة ، و المآثر الطيبة وغدوا أسودا في كل ميادين الحياة ، وها هي بعض من تلك الثمرات وهاتيك الآثار :

أ‌- الصمود و الثبات في أحلك الأزمات

ولا أدل على ذلك من ثبات هؤلاء الشباب في كل ما مر بالإخوان من محن .

وتأقلمهم على حياتهم الجديدة في غياهب السجون وهم في كامل حيويتهم وتفاؤلهم بلا ضجر ولا ضيق و لا استسلام .. يقول أ. محمود عبد الحليم :

" أن الإخوان لا يضيقون ذرعًا بضيق المكان ولا بسعته ، ولا بخشونة العيش ولا بنعومته ، ولا بقلة الطعام ولا بكثرته ، ولا برداءته ولا بحسنه . كما لا يضيقون ذرعًا بالجوع ولا بالعرى ولا بالحر ولا بالبرد ، فإن هذه أمور أخذوا أنفسهم بها من قبل واستطاعوا أو يوطنوا أنفسهم علي كل الأحوال في معسكرات الجوالة وفي ليالي الكتائب وفي رحلات الدعوة ، وغيرها من الأساليب التي عالجوا بها نفوسهم حتى أسلمت لهم قيادتها ."


ب- إرهاب العدو وشجاعة الموقف

الشهيد محمود عبداللطيف يتقدم استعراض لجوالة الإخوان المسلمين

يقول أ. محسن محمد في مقاله " من قتل البنا" موضحا ما أحدثته جوالة الإخوان من أثر في المحتل:" كتبت السفارة البريطانية الى لندن تقول:

والإخوان المسلمون مسلحون تسليحا جيدا وكتائب الجوالة التابعة لهم جيدة التدريب - ويمكن للجماعة أن تستخدمها إذا قررت الالتجاء غلى حرب العصابات ولكن الموقف حتى هذه اللحظة لا ينبئ بوجود أى شئ خلف الفكرة العامة. يعود اللورد كيلرن إلى القاهرة ليهاجم - فى تقاريره - الإخوان المسلمون قال: " يمكن إلقاء المسئولية معظم المظاهرات المعادية لبريطانيا والهجمات التى تعرض لها الرعايا البريطانيون على مدى العامين الماضيين على الجوالة الذين أصبحوا أكبر لحركات الشبابية وأكثرها تنظيما"

عندما أصدر الملك فاروق قراره عام 1937 بحل تنظيمات القمصان الزرقاء, والقمصان الخضراء التابعين لحزبى الوفد ومصر الفتاة لأنهما شبه عسكريتين لم ينطبق القرار - على " فرق العمل "لأنها تتبع الكشافة ".

ويتابع بقوله تحت عنوان لماذا اغتيل البنا:

وأعد الدكتور ميتشيل رسالة دكتوراه عن الإخوان المسلمين وتضمنت تربيتهم وجاء فيها ما يلي:

فيها ما يلي: «لقد صارت دار الإخوان المسلمين منتجعا لكل العاملين في الحركة الإسلامية في مختلف أرجاء العالم الإسلامي». وفي ص 182 يقول: «لا شك أن الجماعة استفادت من خلافات الفئات السياسية التي ظنت أنها تستطيع أن تستغل الجماعة، ولقد أصبح للجماعة أكبر قوة وأعظم فعالية من الشباب الذين اقتحموا الميادين السياسية في مصر».

ثم تناول خدمات الكشافة فقال: وقدمت جوالة الإخوان مساعدات جدية في المواقف المختلفة في وباء الملاريا سنة 1940 وفي الفيضان في نفس العام، وفي وباء الكوليرا سنة 1947».

ولذا فقد كانت جوالة الإخوان غصة في حلول هذه الفئة سواء منهم من كان في سدة الحكم ومن كان خارجه . ولقد حاول من كان في الحكم منهم أن يوقف تيار هذه الروح الدافقة بتسليط رجال القسم المخصوص بوزارة الداخلية فاستعملوا معهم كل ما في جعبتهم من أساليب حتى إنه من طريف ما حدث في هذا الصدد أن قيادة الجوالة أعلنت في إحدى المناسبات عن استعراض يقومون به فاتخذ البوليس - وكان ذلك في القاهرة والإسكندرية - جميع وسائل المنع حيث حاصروا المركز العام وجميع الشعب لكنهم فوجئوا بالاستعراض يدك شوارع القاهرة والإسكندرية في نفس الموعد المحدد ، وكان ذلك بأن القيادة أعطت أسرًا سريًا بأن يتجه كل فرد من أفراد الجوالة إلي ميدان محدد في لحظة محددة وهو بملابسه الملكية وفي حقيبته ملابس الجوالة . وفي اللحظة المحددة كان جميع الأفراد موجودين في هذا الميدان وأطلق القائد صفارته فخلع كل فرد ملابسه - وارتدي ملابس الجوالة وانتظمت الصفوف وبدأ الاستعراض .

وهكذا وجد عتاولة وزارة الداخلية أنفسهم أعجز من أن يقفوا في وجه هذا التيار الإسلامي الجارف ، فأبلغوا سادتهم الحكام ؛ فبيت هؤلاء مع أولياء أمورهم الانجليز خططًا بعيدة المدى " .

ج- الجوالة و حرب فلسطين

" كان نظام جوالة الإخوان تربويا ورياضيا , رئيسه الدكتور حسن كمال الدين , يعاونه محمد سعد الدين الوليلي وعبد المغني عابدين . وكان هذا النظام هو نواة النظام العسكري الذي حارب في فلسطين عام 1948 وانتصر في كثير من المعارك بقيادة محمود عبده وغيره من ضباط الإخوان.

وكان لا بد لعضو الجوالة أن يرقي من كشاف حديث إلى كشاف راق إلى جوال , عن طريق اختبارات تشمل أنواع العقد الملائمة للأغراض المختلفة والإسعافات الأولية وإنقاذ الغرقى وإغاثة الملهوف . . . الخ .

ولما ذهبنا إلى ذلك المعسكر لاختبار الإخوان لينتقلوا من رتبة كشاف حديث إلى كشاف راق , قسمناهم إلى مجموعات يختبر كل منها كشاف راق على الأقل ."


د- توعية الناس و بث عزة الإسلام فيهم

وهذا يتضح من كلام أ. عبد المتعال الجبري الذي يقول فيه : "ولم يكف الإخوان عن تبصير الناس بالأعداء الحقيقين للشعب -الاحتلال - فساد الحكم- الحكم بغير الإسلام- الجهل وما نشأ عن هذا من فقر ومرض وتفكك أسري، وانحلال خلقي، ووجود امتيازات طبقية ورأسمالية دون مبرر. وأثمرت الدعوة -إلى مقاومة كل ذلك بالنفس والنفيس وشراء الجنة بالروح والمال- ثمارها .. فدوت كتائب الرحمن في أرجاء مصر... «الجهاد سبيلنا والموت في سبيل الله أسمى أمانينا» وحول الإمام هذا الشعار الحناجري إلى حقيقة عملية برزت في صفوف عسكرية هي «الجوالة» الجادة المستنيرة التي تعنى حقيقة هتافها.. وسر بذتها العسكرية الصفراء.. مما أثار مخاوف بريطانيا وحكومتا العملية، فقررت حل جماعة الإخوان وإغلاق جميع الشعب ما عدا المركز العام، وكان هذا في نهاية عام 1942.."

ويقول أ. محمود عبد الحليم :

" وكما تطورت محاضرة الثلاثاء أو حديث الثلاثاء حتى صارت مؤتمرًا حاشدًا ضاقت به الأمكنة علي اتساعها ، فازدحمت بمن يحضرونه الشوارع وقوفًا علي أقدامهم الساعة والساعتين بلا ضجر ولا تأفف ، فكذلك تطورت جوالة الإخوان المسلمين حتى صارت جندًا كثيفًا يفرح لرؤيته قلب كل مؤمن ، ويحترق غيظًا وكمدًا قلب كل متكبر حقود . منذ دخل نظام الكشافة مصر ، كانت الفرق التي تنشأ لا تضم الفرقة الواحدة منها إلا صنفًا واحدًا وطبقة واحدة ففي المدارس فرق كلها طلبة وفي المصانع فرق كلها عمال . وفي النوادي فرق للطلبة وفرق أخري للعمال ؛ ذلك أن الطلبة يرون أنفسهم صنفًا أرقي من العمال فهم يستنكفون أن تجمعهم والعمال فرقة واحدة .

أما فرق جوالة الإخوان المسلمين فتري في الفرقة الوحدة الطالب بجانبه العامل ، والفلاح بجانبه المدرس ، والتاجر بجانبه إمام المسجد ، والصانع بجانب المدرس ، والمرءوس بجانبه الرئيس والشاب بجانبه الشيخ ؛ ذلك أن هؤلاء جميعًا علي اختلاف أسنانهم ومؤهلاتهم ومهنهم وطبقاتهم الاجتماعية والاقتصادية . والثقافية لم ينخرطوا في سلك الجوالة إلا بعد أن صبروا في بوتقة الدعوة الإسلامية ثم صيغوا من جديد صياغه نزعت من نفوسهم الأنانية والأثرة والكبر والتعالي وأحلت محلها روح الأخوة والإيثار والتواضع والحب . وإذا كانت فرق الكشافة والجوالة في مختلف الأنحاء لا تتعدي أهدافها إسعاف غريق ومساعدة شيخ ضعيف وتجير كسر ، فإن جوالة الإخوان المسلمين كانت أهدافها أبعد من ذلك مرمي ، وأشق طريقًا ؛ فكل جوال منهم نذر نفسه أن يكون فداء للمجتمع ، ويعتبر انخراطه في سلك الجوالة طريق الإعداد ليوم الجهاد .. ولعل هذا هو الذي جعل الناس ينظرون إلي جوالة الإخوان المسلمين نظرة أخري غير ذلك التي ينظرون بها إلي الجوالة الآخرين .

ولو أنك شاهدت عرضًا لجحافل جوالة الإخوان المسلمين وهي تخترق شوارع القاهرة في شجاعة ونظام وعلي رأسها الأخ الكريم سعد الدين الوليلي ، لأحسست بالفخر والاعتزاز أن أصبح للحق والفضيلة حمادة أشداء وجنود أوفياء . ولم تكن هذه الجحافل قاصرة علي القاهرة وإنما كانت كل حاضرة في القطر تعتز بجحافلها وتنساب منها روح الفخر والاعتزاز بالحق إلي أهلها ، ولم تخل شعبة مهما صغر حجمها وبعد مكانها من فرقة خاصة بها تجمع شبابها وشيوخها . ولم يكن هؤلاء الجنود يحطمون الخمارات أو يقتحمون أماكن الفجور أو يتعقبون الأشرار والمفسدين ومع ذلك فإن الفساد والفجور والشر كان يتواري خوفًا من هذه القوة التي علموا أنها من وراء الحق والفضيلة ، ولم يعد أحد ممن كانوا يجاهرون بالرذيلة يستطيع أن يرفع رأسه ، بل إن كثير من هؤلاء أقلعوا عن الشر وتابوا ، واتخذوا أماكنهم في صفوف هذه الجحافل ... وصدق الله العظيم إذ يقول " لأنتم أشد رهبة في صدورهم من الله ذلك بأنهم قوم لا يفقهون " وإذ يقول " عسي الله أن يجعل بينكم وبين الذين عاديتم منهم مودة والله قدير والله غفور رحيم " وكان الأستاذ كثيرًا ما يقول " لا قيام للباطل إلا في غفلة الحق " .

أثر الجوالة في نفوس الشعب : انقسم الشعب من ناحية تأثير الجوالة إلي الفئات الآتية هذه القوة سارعت إليها وانضوت تحت لوائها مقدمة نفسها ودمها ومالها في سبيل تحقيق هذه الأهداف السامية ، وهذه الفئة كان منها الشاب والكهل والشيخ والفقير والغني والأمي والمثقف وبعض هؤلاء كانوا من أنشط المنتسبين إلي الهيئات الأخرى والأحزاب .

وفئة أخري كانت تائهة في بيداء الحياة ، تتقاذفها الرياح وتلقي بها في كل اتجاه ، وهي لا تعرف لنفسها اتجاهًا ولا مستقرًا ، لم تجد في توهانها من يمد لها يدًا ولا من يضئ بين يديها مصباحًا ؛ حتى استفاقت علي صوت هؤلاء الجنود برج الأرض رجًا وإلي هتافاتهم تهز القلوب هزًا فأحسوا أن بابًا كان مغلقًا قد فتح أمامهم إلي طريق أنت وأمان .. ولكثرة ما تقطعت بهم السبل من قبل خامرهم شيء من الشك فراودوا أنفسهم حتى اطمأنت فتقدموا إلي الصف واتخذوا أماكنهم فيه وأكثر هؤلاء من الكهول . وفئة ثالثة من الشعب رضيت لنفسها من أول يوم أن تكون دائمًا في موقف المتفرج الذي يبدي رأيه في كل ما يراه ولكنه - مهما أعجبه ما يراه واقتنع به - لا يساهم فيه ، ومهما ساءه ما يراه لا يقاومه ، فهي فئة سلبية في كل حال ... وهؤلاء حين رأوا جنود الجوالة من الإخوان ولمسوا فيهم القوة القادرة ومع ذلك لم يفعلوا ما فعلته فرق القمصان الزرقاء من التسلط علي الناس وفرض الإتاوات عليهم ؛ أعجبوا بهم ، وكان مظهر إعجابهم التصفيق لهم في أثناء عرضهم ، والإشادة بهم كلما ذكرهم .. وتضم هذه الفئة ناسًا من جميع الطبقات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية وهي الفئة الغالبة في الشعوب المستضعفة التي قتل الاستعمار حيويتها .

وفئة رابعة من الشعب نشأت في الرذيلة واستمرأتها حيث صارت الرذيلة مرتزقتها وتضم هذه الفئة قطاع الطرق " والفتوات " والعاملين في دور اللهو وروادها وأبناء الأثرياء والطلاب الفاشلين الذين ألقي بهم فشلهم آخر الأمر وسط عصابات اللصوص والقتلة ... وهذه الفئة هي التي دوخت رجال الأمن وغصت بهم السجون ومع ذلك فشرهم في ازدياد ،والشعب منهم في رعب وخزف . هذه الفئة كانت نظرتها إلي جنود الإخوان نظرة واقعية ؛ أراد بأعينهم لأول مرة " فتية آمنوا بربهم وزدناهم هدي " انتظموا في هذه الصفوف تاركين أعمالهم هاجرين بيوتهم وراحتهم واضعين حياتهم علي أكفهم في سبيل دعوة الإصلاح والإنقاذ فقالت هذه الفئة لنفسها : إذا كان لا يفل الحديد إلا الحديد إذن فقد آن لنا أن نخلي الطريق لهذه القوة الجديدة وأن تدخل جحورنا حتى لا تجتاحنا جحافلها العاتية . وهذا هو الذي حدث فعلا ؛ فكان في قلب كل شرير ومجرم رهبة لا تفارقه من أنه إذا لم يكف عن شره فإن بطش هذه القوة سيصل إليه في يوم من الأيام ... ومع ذلك فإن بعض هذه الفئة من كبار عناتها كان منطويًا علي قلب سليم غشي عليه ظلام الجهل والإهمال ، فكان في ظهور هذه القوة الجديدة جلاء قلبه وشفاء بصره فاستجاب وانخرط في سلك المؤمنين ."

ويشير أ. محمد شوقى زكي إلى دور الإخوان في توعية الناس فيقول :وفى عام 1946 - بدأت هذه الخدمات تتضح للناس جميعا فإذا بهم يقبلون على الانضمام تحت لواء الجوالة وإذا بعدد الجوالة فى نهاية سنة 1946 -" 60000 " ستين ألف جوال من جوالة الإخوان المسلمين .

وفى عام 1947 اشتد وباء الكوليرا فى الوجه البحرى وجندت الأمة رجالها ، وكان كثير من المسئولين للأسف يفرون أمام خطر الموت ، وانتشار الوباء ، فإذا بقيادة جوالة الإخوان تضع تحت إمرة المسئولين " 70000" سبعين ألف جوال ليعملوا فى محاربة هذا الوباء . وعندئذ شكل مجلس ليكون أداة اتصال وتنسيق للأعمال التى يقوم بها الجوالون ، وبين المسئولين فى وزارة الصحة . ومثل الإخوان فى هذا المجلس عضوان ، وهما المرحوم الصاغ محمود لبيب - والأستاذ عبد الغنى عابدين - وقد عمل الجوالة بهمة ، وخاصة فى الريف حيث أقنعوا الأهلين ، بخطر عدم التبليغ عن المصابين . ولقد كان لدقة الاتصالات ، وسرعتهم فى تبليغ الحالات وتلقى التعليمات والتوجيهات بشأنها أثر كبير فى نجاح حالة المقاومة ، مما كان له أعظم الأثر فى وقف تيار هذا الوباء الذى انتشر فى ذلك الحين . ولقد كان من تقدير المسئولين فى ذلك الحين ، ما أعلنه وزير الصحة الدكتور نجيب اسكندر من الإشادة بمجهود جوالة الإخوان .

أما الأعمال التى قام بها الجوالة أثناء مدة الوباء فهى :

أولا: فى القرى:

1- التبليغ عن الحالات والإصابات .

2- محاصرة القرى الموبوءة لعدم دخول أو خروج أحد منها .

3 - نشر النصائح الطبية بواسطة الإعلانات أو عربات ومكروفونات الدعاية الصحية .

ثانيا: فى المدن :

1- القيام بأعمال النظافة فى الأحياء الوطنية ، مما كان له أعظم الأثر فى تقديرالاهلين ، حيث كان الجوالة ومعظمهم من الطبقات المثقفة يقومون بأعمال الكنس بأيديهم .

2 - القيام بتطهير المنازل برشاشات د . د . ت ، وإقناع الناس بفائدتها مما كان محل ارتياح الجميع . الإبلاغ عن الحالات والقاذورات إلى رجال الصحة والنظافة . . دورات المياه : المراحيض .. . إلخ .

3 - الدعاية بالمساجد والميادين ولصق الإعلانات على الحوائط وفى نهاية 1947 وصل تعداد جوالة الإخوان إلى " 75000 " خمسة وسبعين ألف جوال فى محيط القطر المصرى . وظل هذا الرقم ثابتا حتى نهاية عام 1948 حيث صدر أمر الحل .


جوالة الإخوان .. الجهاد سبيلنا

وهكذا نجح الإمام الشهيد حسن البنا في تحقيق أهدافه التي كان يرجوها من إيجاده لفرقة جوالة الإخوان من اعداد العدة للجهاد – الجهاد سبيلنا- وتربية الفرد الإخواني تربية روحية إيمانية ،و جسدية رياضية ، و عقلية بثقافة إسلامية فكانت جماعة الإخوان جبلا أشم ما استطاع الأقزام قهره .. وواصلوا مسيرتهم حتى بعد استشهاد الإمام البنا في جهاد العدو على كل أرض ولله الحمد ...يقول أ. علي عبد الحليم محمود :

" وكان من نشاط الإخوان غير الرياضة البدنية: الجوالة والتدريبات الكشفية، وكثيرًا ما كنا نرى الإمام الشهيد بيننا ..ويكمل وبعد تكريم الله إياه بالشهادة-وكان قتله جزءًا من تلك المؤامرة- واصل الإخوان مسيرتهم في طريق الجهاد على ضفاف قناة السويس ضد الإنجليز في أوائل الخمسينيات، كما واصلوا جهادهم ضد اليهود في مناطق إسلامية أخرى غير مصر، بعد أن غيبتْ الدعوة في السجون أيام عبد الناصر، واليوم نرى الإخوان يشاركون إخوانهم المجاهدين في أفغانستان، كما أنهم يجاهدون في سوريا ضد النظام الطائفي الكافر الظالم."

ونختم هذا البحث بقول الأستاذ: محمد فريد عبد الخالق :

" نظام الجوالة أراد به المرشد إبراز حقيقة الدعوة الإسلامية عندما يتمثل الداعون إليها والعاملون لتحقيق أهدافها معاني القوة والنظام والأخلاق الرياضية وإعدادهم للجندية الصحية التي يفرضها الإسلام على كل مسلم، فكون الإخوان فرقة جوالة منتسبة إلى جمعية الكشافة الأهلية، وكانت لهم أناشيدهم الحماسية وتدريباتهم العملية، وكان في الفرقة الواحدة الطالب بجانب العامل،والفلاح بجانب المدرس، والتاجر بجانب إمام المسجد،والصانع بجانب المهندس، والمرؤوس بجانبه الرئيس، والشاب بجانبه الشيخ، كلهم قد انصهر في بوتقة الدعوة ووحّدت بينهم الأخوة الإسلامية، وكانت جحافلهم تخترق شوارع العاصمة والمدن، وتهز قلوب المؤمنين في كل أنحاء الوطن، بقدر ما خافها أعداؤها وأعداء الإسلام في الداخل والخارج.

ويشهد الأصدقاء والخصوم بأن فرق الجوالة أدت خدمات وقامت بأعمال في مجالات عدة في الريف والمدينة ابتداء من محو الأمية ومقاومة وباء الكوليرا وخدمة البيئة وقد زاد الاهتمام بها أعقاب المؤتمر الثالث للجماعة في عام 1935م وبلغ عدد أعضائها نحو أربعين ألفاً.

وألحق بنظام الجوالة نظام المعسكرات فكان يقيمها الإخوان من وقت الآخر في ضواحي القاهرة وكانت معسكراتهم تدريباً على الصبر والاحتمال وتربية للنفس على تحمل المشاق وكان لكل معسكر برنامج يستوعب أفراد كل دفعة يتضمن أنواعاً من الرياضة البدنية والتدريبات العسكرية والتربية الروحية والدروس الثقافية ويعقد في نهاية المدة امتحان للدفعة قبل تسريحها."

ولئن كانت جوالة الإخوان لم يعد لها تواجد الآن إلا أن شعار الجهاد سبيلنا لا يزال موجودا في كامل أبناء الجماعة من مرشدها مرورا بقياداتها وعموم أفرادها وانتهاءً بأصغر شبل فيها .

المراجع

للمزيد عن جوالة الإخوان

روابط داخلية

كتب متعلقة

مقالات متعلقة

أحداث في صور

تابع أحداث في صور

وصلات خارجية