حوار خاص مع الأستاذ سيف الإسلام حسن البنا

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
مراجعة ٠٩:٤١، ٢٦ سبتمبر ٢٠١١ بواسطة Ahmed elsaied (نقاش | مساهمات)
(فرق) → مراجعة أقدم | المراجعة الحالية (فرق) | مراجعة أحدث ← (فرق)
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
حوار خاص مع الأستاذ سيف الإسلام حسن البنا

[07/07/2003]

مقدمة

  • قدمنا التعازي للرئيس الجزائري وتحاور معنا 45 دقيقة.
  • بوتفليقة قال لنا: الجزائر في خطر بعد وفاة "نحناح".
  • خلفاء "نحناح" قادرون على مواصلة نجاحاته والنهوض بالحركة.

عاد إلى أرض الوطن نجل الإمام الشهيد والأمين العام لنقابة محامي مصر والقيادي البارز بجماعة الإخوان المسلمين "سيف الإسلام حسن البنا" من الجزائر بعد أداء واجب العزاء على رأس وفد جماعة الإخوان المسلمين في فضيلة المرحوم الشيخ "محفوظ نحناح"، والتقوا بالسيد "عبد العزيز بوتفليقة" الرئيس الجزائري، وبوزير الخارجية الجزائري، ولقوا ترحيبًا كبيرًا خلال زيارتهم كما تم استقبالهم، وعوملوا معاملة كبار الزوار، وقد التقت به "إخوان أون لاين"، وكان هذا الحوار.

نص الحوار

لقد توجهْتُ لأداء هذا الواجب في وفاة فضيلة الشيخ الجليل "محفوظ نحناح" رئيس حركة مجتمع السلم في الجزائر، وفي هذه الظروف العصيبة التي نشعر أننا جميعًا في أمسِّ الحاجة إلى وجوده والجزائر أيضًا في أمسِّ الحاجة إليه، بل الأمة كلها، ولكنه قدر الله سبحانه وتعالى الذي لا نملك إلا أن ننحني أمامه إجلالاً ونقول رضينا بقضاء الله وقدره ونقول: "اللهم أجرنا في مصيبتنا واخلف لنا خيرًا منها".
  • كيف شاهدتم وقع هذا الحادث على الشعب الجزائري؟
وقع هذا الحادث على الشعب الجزائري كما شاهدت بنفسي كان مؤثرًا للغاية، وكان هذا التأثير يشمل جميع الجزائريين بمختلف انتمائهم وطوائفهم.. الجميع كان يأسى ويحزن لغياب فضيلة المرحوم الشيخ "محفوظ نحناح"، والجميع تكلموا عنه كلامًا طيبًا بصدق خصومه وأحبابه، وأكدوا على أنه رجل الاعتدال والوسطية والتسامح والتعاون مع الغير والحرص على مصلحة الجزائر كوطن له، والحرص على مصلحة الأمة العربية، وعلى قضايا الأمة العربية خصوصًا قضية فلسطين والحرص على مصالح الأمة الأسلامية التي جابها من أقصاها إلى أقصاها.. وعبروا جميعًا عن مشاعرهم تجاه سماحته، وبسمته وتعاونه الجم، وبعد نظره في تقدير المسائل، ومن أثره في المجتمع، ومن تحقيقه نجاحًا سريعًا في وقت قصير.. كل ذلك شاهدناه بعيوننا وسمعناه بآذاننا من جميع المسئولين على كافة المستويات.. ولم أكن وحدي من مصر الذين شاركنا في أداء واجب العزاء، ولكن الكثيرين ذهبوا من مختلف الاتجاهات والتيارات، ومن مختلف البلاد العربية والإسلامية ووفود لكافة الحركات الإسلامية في العالم الإسلامي، والذين كانت تربطهم علاقات طيبة بالإخوان في الجزائر.
الحكومة الجزائرية إزاء هذا الحادث كان موقفها موقفًا طيبًا للغاية، وفتحت سفاراتها في كافة الدول العربية لكل من يرغب في زيارة الجزائر لأداء واجب العزاء في فضيلة المرحوم الشيخ "محفوظ نحناح"، وشيعته تشييعَ عُظمائها، ودفنته في مقبرة العظماء بها، ومنحته وسام المجاهدين من أجل الجزائر، وأحاطت كل مظاهر تشييعه بقدر كبير من الإجلال والاحترام ورحبت بالمعزين فيه من كافة أنحاء العالم العربي والإسلامي.
وقد حضرنا حفل التأبين الذي أقيم في مسقط رأسه مدينة البليدة، وفي الإستاد الرياضي الضخم الذي امتلأ عن آخره بعشرات الآلاف من المشيعين، وألقيت فيه كلمات من معظم المسئولين الجزائريين، ومن مختلف الطوائف الجزائرية، وكلمات للوفود المشاركة في التعزية وقد ألقيت كلمة في هذا الحفل عزاء للأستاذ فضيلة المرحوم الشيخ "محفوظ نحناح"، وعزاء لحكومة الجزائر، وعزاء للشعب الجزائري وللأمة العربية، وتحدثت بما أفاض الله عليَّ في هذا الحشد الكبير، كما تحدث أخي الدكتور "محمد مرسي" الذي رافقني في هذه الرحلة إلى الجزائر وكانت كلمته لها الأثر الطيب في الحضور.. كما تشرفنا بلقاء وزير خارجية الجزائر، والذي استقبلنا في مكتبه بمقر وزارة الخارجية، وجلسنا معه وقتًا ليس بالقصير، وهو ينتمي لجبهة التحرير الجزائرية، ومحب ومقدر لجهود فضيلة المرحوم الشيخ "محفوظ نحناح"، ولديه غيرة وحرص شديدان على الإسلام، وقد تحدثنا معه كثيرًا عن كل ما يدور بأذهاننا عن الموقف الحالي، وماذا ينبغي أن نفعل أفرادًا وهيئاتٍ وحكوماتٍ.

لقاء الرئيس

  • ما هو انطباعكم عن المقابلة التي تمت بينكم وبين الرئيس الجزائري بوتفليقة؟
هذا اللقاء تم بعد انتهاء الحفل التأبيني مساء يوم الاثنين الموافق 23/6/2003 وقد أدينا واجب العزاء للسيد رئيس الجمهورية "عبد العزيز بوتفليقة"، وعبرنا له عن مشاعرنا تجاه التجربة الجزائرية، وعن أملنا في أن تقوم الجزائر بما لها من ماضٍ مجيدٍ بدور مهمٍ في القضايا العربية المعاصرة.
وقد عبر سيادة الرئيس عن حزنه الشديد وأسفه لفقد الجزائر لقيادة إسلامية معتدلة وواعية مثل فضيلة المرحوم الشيخ "محفوظ نحناح".

وقال بالحرف الواحد:

"الجزائر في خطر بعد وفاة الشيخ محفوظ نحناح"، لأنه لم يكن يكتفي فقط كغيره بعدم ممارسة أساليب العنف، بل كان يهاجمها، ويدعو إلى الوفاق والوحدة الوطنية؛ حرصًا على مصلحة الجزائر، وأنه كان خير سفير للجزائر في العالم الخارجي، مشيرًا إلى زيارته الأخيرة إلى باريس.
نعم لقد التقينا بالرئيس الجزائري "عبد العزيز بوتفليقه" في القصر الجمهوري عقب حفل التأبين، وجلسنا معه قرابة 3/4الساعة، وقد أثنى على فضيلة المرحوم الشيخ "محفوظ نحناح" وتطرقنا في حديث طويل عنه، وعن أحوال الجزائر وأحوال العالم العربي.
كما أدينا واجب العزاء كذلك لأسرة الفقيد فضيلة المرحوم الشيخ "محفوظ نحناح" كما زرنا مواقع الزلزال الذي دمر بعض المدن الجزائرية تدميرًا عنيفًا، وشاهدنا الجهود الحثيثة التي قام بها أعضاء حركة مجتمع السلم التي قاموا بها للتخفيف عن المواطنين، وأداء الكثير من الخدمات الاجتماعية والتعليمية للمواطنين المنكوبين في الجزائر.. طبعًا كل هذا كان بصحبة إخواننا الأجلاء أعضاء (حمس)، وبفضل جهودهم المثمرة تمت كل هذه اللقاءات والجهود.

التيار الاسلامي في الجزائر

الذي تم في الجزائر يعتبر نموذجًا طيبًا ونموذجًا فريدًا و دليلاً قاطعًا على إمكانية لتعاون بين التيار الإسلامي والآخرين من الحكام أمثال جبهة التحرير في الجزائر ولا أحد يقول شيئًا يُسيء إلى التيار الإسلامي بالجزائر، بل الجميع يقر أن التيار الإسلامي معتدل ووسطي ويقبل بالتعاون مع الآخرين، ويشجع هذا التعاون من أجل المصلحة العامة، كما أن الحكومة الجزائرية بتقديرها للتيار الإسلامي أعطته الفرصة للمشاركة بالحكم، وحدت صفوف الشعب الجزائري وأصبحت تقف على أرض صلبة يؤيدها فيه أغلبية من الشعب الجزائري؛ لأن في الظروف الحاضرة لا سبيل أمام الحكومات الحالية إلا بالحرص على وحدتها الداخلية، والتعاون مع كافة الفئات الموجودة على الساحة السياسية، والاعتراف بوجودها، لأن الأعداء يطمعون فيها كما وضح ظاهرًا من الحرب الأمريكية ضد العراق، حيثُ إن ضعف الجبهة الداخلية في العراق أغرى الأعداء باحتلالها واللعب على هذا الوتر.
للحديث عن أداء حركة مجتمع السلم في الجزائر لابد من الإشارة إلى أن فضيلة المرحوم الشيخ "محفوظ نحناح" قد وافته المنية عن عمر يناهز الـ61 عامًا، وهو سن ليس بالطاعن، ولكنه استطاع منذ تأسيس حركته أن يصل إلى هذا النجاح بهذه الحركة، وذلك بفضل شخصيته الفذة الفريدة وإخلاص أعضاء هذه الجماعة لمبادئهم بهمة ونشاط، وبعدهم عن العنف واستنكاره لأساليب العنف القائمة في الجزائر التي تمزق هذا الشعب وتهدد قواه الداخلية، كما برز واضحًا -عندما زرنا قرية (برداس) التي أصابها الزلزال- أن حركة مجتمع السلم تقوم بجهود اجتماعية مكثفة ومهمة وسريعة في إنقاذ ضحايا الزلزال وإغاثتهم، وإنني أهيب بكافة الدول العربية والمنظمات العربية، بل والأفراد العرب الذين يتبرعون لمؤسسات أوربية وأمريكية أن يتوجهوا بهذه التبرعات لإخوانهم المسلمين في الجزائر لإنقاذ الشعب الجزائري من ويلات الزلزال المدمرة، لأن الوضع هناك أخطر مما يتصوره الناس، وقد رأينا فظائع في هذه القرى حيث تشرد الآلاف من الجزائريين.
لاشك أن غيابه سيترك فراغًا لأن معظم القادة في الحركة شباب، ولكن يوجد في هذه الحركة شخصيات ناضجة، ومتأثرة بشخصية الأستاذ "محفوظ نحناح" لأنه كان مدرسة نضج على يديه الكثيرون، وأعتقد أنهم بتوفيق الله سبحانه وتعالى سيملأون الفراغ وسيحققون نصرًا مؤزرًا للدعوة الإسلامية في هذا البلد الكريم.

العلاقة بالشيخ

  • الأستاذ "سيف" كان له ذكريات قديمة مع فضيلة المرحوم الشيخ "محفوظ نحناح" نود منكم أن تحدثوا الأجيال الحالية عنها؟
فضيلة المرحوم الشيخ "محفوظ نحناح" في مستهل شبابه، وعقب تخرجه من الجامعة كانت له رغبة جامحة للدراسة في جامعة القاهرة، وهو خريج كلية الآداب قسم اللغة العربية، وكان يريد تسجيل الدكتوراه في جامعة القاهرة فعهد الإخوان به إليَّ واستضفته في بيتي لفترة طويلةً كان يحاول خلالها أن يلتحق بجامعة القاهرة للدراسات العليا، وهذه الفترة ظللنا نقضي العديد من الليالي الطويلة معًا، نتجاذب أطراف الحديث، وكان يرافقنا أيضًا الشيخ "راشد الغنوشي"، وكان له الهوايات الأدبية والشعرية في كتابة الرواية، وكنا نسعد بالحديث وتبادل القفشات المرحة لفضيلة المرحوم الشيخ "محفوظ نحناح" وحديثه وروحه العذب السلسال، ولما أتذكره أشعر بالحزن الشديد لفقده ولكن هذا قدر الله..
ثم التقينا عشرات المرات في العديد من المؤتمرات والمناسبات في معظم أرجاء العالم الاسلامي فكنت أركز على بعد نظره، وعلى مرونته، وعلى واقعيته وعلى صدقه وإخلاصه؛ لأنه كان رجلاً مخلصًا بحق لله سبحانه وتعالى ولأن سر هذا النجاح لفضيلة المرحوم الشيخ "محفوظ نحناح" هو الأخلاص لله سبحانه وتعالى ولدعوته، حيث لم يكن يحركه هوىً ولا دنيا ولا مغنم يطمح فيه.
بدأت كلمتي بقول مأثور عن الوالد الإمام الشهيد– عليه رحمة الله– قالها في وفاة الزعيم "مصطفى كامل"..

فقلت:

إن الزعماء ثلاثة.. زعيم صنع نفسه، وزعيم صنعته الظروف، وزعيم صنعه الله على عينه يحمل الراية، ويُوقظ الأمة، ويحمل راية الإسلام ويهتف بدعوة رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ويحمل رسالة السماء إلى الأرض، وفضيلة المرحوم الشيخ "محفوظ نحناح" من هؤلاء الصنف الأخير الذي يبعثه الله في كل أمة، وفي كل وطن ليحملوا راية الإسلام، وذكرت قول الشاعر:

إذا القوم قالوا من فتىً خلت إنني

عُنيت فلم أكسلْ ولمْ أتبلد

وإنه فهم الإسلام فهمًا شاملاً واسعًا عصريًا مستنيرًا، وإنه مزج الإسلام بالوطنية والقومية، واهتم بقضايا وطنه والعالم الإسلامي، والأمة الإسلامية جمعاء من أقصاها إلى أقصاها، وإنه كان يؤدي هذه الرسالة بالحكمة والموعظة الحسنة، ولم يمل إلى العنف أبدًا لأن معظم هذه الحركات لا تميل إلى العنف، وليست في حاجة إلى العنف، وكل مطالب الحركات الاسلامية الآن، وذكرت ما قاله الرسول صلى الله عليه وسلم من قبل: "خلوا بيني وبين الناس" واتركونا إلى الرأي العام ونحتكم إلى صناديق الانتخاب، ونحن نقبل هذا وندعوا إليه، وندرك أن الإسلام في ضمير الشعب العربي في كل مكان، وهو الجواد الرابح في هذه الدعوات... إلى غير ذلك من الكلمات التي قلناها في هذا الميدان.

المصدر

حوارات