د. توفيق الواعي يكتب: مع العارفين.. مِسْعَر بن كدام

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
مراجعة ٢٢:٠٣، ١٠ يونيو ٢٠١١ بواسطة Attea mostafa (نقاش | مساهمات) (حمى "د. توفيق الواعي يكتب: مع العارفين.. مِسْعَر بن كدام" ([edit=sysop] (غير محدد) [move=sysop] (غير محدد)))
(فرق) → مراجعة أقدم | المراجعة الحالية (فرق) | مراجعة أحدث ← (فرق)
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
د. توفيق الواعي يكتب: مع العارفين.. مِسْعَر بن كدام
توفيق الواعي.jpg

أبو سلمة مِسْعر بن كدام المنظم لنصائحه بتركِ المصاحبة والخصام، المعتصم بمنهج الصحابة والأعلام، المصاحب للأعفةِ والكرام، المخزوم لسانه عن الخنا بالأعنة والفدام.. كان ناصحًا ودودًا، وفي عبادةِ ربه كادحًا كدودًا، صادق الكلمة عف اللسان قال سفيان بن عيينة كان مِسْعر من معادن الصدق، والصديقون هم في أعلى الدرجاتِ في الدنيا والآخرة ﴿فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ (55)﴾ (القمر).

أمثال هؤلاء الرجال لهم نور في ديارهم ومجتمعاتهم كنورِ الصبح، ولهم فضل كفضلِ الهواء والماء يعرفون وتدري مسالكهم، ويمشون قصادٍ إلى منازلهم وأماكنهم، يشهد لهم القاصي والداني قال سفيان بن عيينة: ما رأيت أفضل من مِسْعر في الكوفة.. وقال خالد بن نزار حدثنا سفيان بن عيينة قال: ما لقيتُ أحدًا أفضل من مِسْعر بن كدام، وذلك لورعه.

روى أبو نعيم عن محمد بن مِسْعر قال: كان أبي لا ينام حتى يقرأ نصف القرآن فإذا فرغ لفَّ رداءه ثم هجع هجعةً خفيفة، ثم يثب كالرجل الذي ضلَّ منه شيء فهو يطلبه، يتناول السواك والطهور، ويستقبل المحراب إلى الفجر، وكان يجتهد في إخفاء ذلك (حلية الأولياء 7/254).

وعن حفص بن عبد الرحمن قال: "رأيت مِسْعر بن كدام وكأنه على شفيرِ جهنم من الخوف"، وعن عبد الله بن داود قال: "كنا نسمى مِسْعرا المصحف".

ودائمًا أبدًا يكون القلب الورع موصولاً بالله آناء الليل وأطراف النهار، يراقبه ويخشاه ويرجو عفوه ورحمته، ويكون بعيدًا عن الشرور والآثام يصلح الله به الحياة ويزكي به النفوس.

كما أنَّ خيرَ العبادة ما كانت عن ورعٍ وخوفٍ ومراقبة واستشعار لمعيةِ الله سبحانه وتعالي، ورضاء بقضائه وقناعة بقدره، يقول علي بن داود القنطري: سمعتُ مِسْعر بن كدام يقول:

اقبل مـن الدهــر مـا أتـاك به واصبر لريب الـزمـان أن عثرا

ما لامرئ فوق ما يجري القضاء به فالهم فضل وخير الناس مَن صبرا

يا رُبَّ سـاعٍ لـه فـي سعيه أملٌ يفنى ولـم يقضِ مـن تأميله وطرا

ما ذاق طعم الغنى مَن لا قنوعَ له ولـن تـرى قنعًا ما عاش مفتقرا

والعـرف مَن يأتيه يحمد عواقبه ما ضاع عـرف وإن أوليته حجرا

لسان ينطق بالحكم ويدل على سبل النجاة عارف بأحوال النفوس وطرق إصلاحها، وكان دائمًا يحذر من الغفلة والسهو عمَّا يرضى الله سبحانه وتعالى ويدعو إلى اغتنامِ الأوقات والأزمان. حدثنا محمد بن حيان عن معمر بن سهل عن جعفر بن عون قال: سمعت مِسْعرًا يقول:

نهارك يا مغرور سهو وغفلة وليلك نوم والردى لك لازم

وتتعب فيما سوف تكره غيه كذلك في الدنيا تعيش البهائم

ثم يقول:

تفنى اللذاذات ممن نال صفوتها من الحرام ويبقى الإثم والعار

تبقى عواقب سوء من مغبتها لا خير في لذةٍ من بعدها النار

وكان دائمًا يذكر الجنة شوقًا إليها ويستعيذ من النار رهبةً وخوفًا منها ويقول: "إن الجنة والنار لقيتا السمع من بني آدم، فإذا قال العبد: اللهم إني أسألك الجنة، قالت: الله بلغه، وإذا قال: اللهم إني أعوذ بك من النار قالت: اللهم أعذه، وإذا لم يذكرهما، قالت الملائكة أغفلوا العظيمتين؛ أي الجنة والنار".


المصدر

قالب:روابط توفيق الواعى