ضياء رشوان: تعديل الدستور يحجب حق الإخوان في الترشيح

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
ضياء رشوان: تعديل الدستور يحجب حق الإخوان في الترشيح
08-03-2005

حوار: استشهاد عز الدين

مقدمة

فجَّر الرئيس حسني مبارك مفاجأةً كبرى صباح السبت 26 فبراير الماضي، عندما أعلن مطالبته مجلس الشعب بتغيير المادة 76 من الدستور؛ ليتم اختيار رئيس الجمهورية من بين عدة مرشحين عبر اقتراع سري مباشر، وهو ما يعتبر التعديل الأول للدستور بعد آخر تعديل أجراه الرئيس الراحل محمد أنور السادات قبيل اغتياله مباشرةً، والذي أتاح لرئيس الجمهورية أن يتولى لأكثر من فترة رئاسية "ست سنوات"، بعد أن كان يحددها بفترتين فقط؛ مما أتاح للرئيس مبارك (76عامًا) أن يتولى حكم البلاد لأربع وعشرين عامًا متواصلةً، ويستعد للولاية الخامسة التي كان منتظرًا أن يُستفتى عليها في سبتمبر القادم، فضلاً عن أنها ستكون المرة الأولى التي يتاح فيها للمصريين اختيار حاكمهم، سواء فيما قبل الثورة أو بعدها.

ففي عام 1953م أُعلنت الجمهورية، واختار مجلس قيادة الثورة اللواء محمد نجيب رئيسًا للجمهورية، ثم عزلَه المجلس وأحل محلهجمال عبد الناصر، وبصدور دستور 1956أُجري استفتاء على عبد الناصر الذي كان يشغل المنصب بالفعل، وبعد وفاته أصبح السادات رئيسًا للدولة بالنيابة وأُجري الاستفتاء عليه أثناء شغله للمنصب كذلك.

ثم جاء مبارك الذي كان نائبًا للرئيس ورشحه المجلس لمنصب رئيس الجمهورية وأُجري الاستفتاء عليه في عام 1981، وتكرر في أعوام 1987، 1999،1993وكان على وشك أن يتكرر في سبتمبر 2005 لولا التعديل الدستوري الأخير والذي يتواكب مع الذكرى الأولى لمبادرة الإخوان المسلمين حول مبادئ الإصلاح في مصر- والتي أطلقها فضيلة المرشد العام محمد مهدي عاكف في الثالث من شهر مارس 2004 خلال المؤتمر الصحفي الذي عقده في نقابة الصحفيين بالقاهرة- وطالبت بتداول السلطة عبر الاقتراع الحر النزيه وحرية تشكيل الأحزاب السياسية، وتحديد سلطات رئيس الجمهورية بما يجعله رمزًا لكل المصريين، وإلغاء القوانين سيئة السمعة، وعلى الأخص قانون الطوارئ والأحزاب والمدعى العام الاشتراكي، ومباشرة الحقوق السياسية، وقانون الصحافة والنقابات، وغيرها من القوانين التي أدت إلى جمود الحياة السياسية المصرية.

وحول كل من الحدَثَين الكبيرَين ومدى ملاءمة التغييرات الدستورية مع رؤية الإخوان للإصلاح في البلاد كان لـ(إخوان أون لاين) هذا الحوار مع ضياء رشوان- رئيس وحدة النظم السياسية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية:

  • هل ترى تعديل المادة 76 من الدستور كافيًا لتحقيق الهدف منها وهو إتاحة الفرصة للمواطن المصري ليختار رئيسه للمرة الأولى في التاريخ؟
تعديل المادة المذكورة أقر المبدأ بالفعل، لكن هذا الهدف قد لا يتحقق إذا تعمدت تفاصيل التعديل تغييبه وتضييعه، فمثلاً الشروط التي يقترحونها للتعديل بحيث يوافق20% من الأعضاء المنتخبين بالمجالس الحكومية على المرشح سيضيِّع حق المستقلِّين في الترشيح لهذا المنصب، وكذلك اشتراط أن يكون المرشح من الأحزاب الممثَّلة في البرلمان سيضيِّع حق قُوى سياسية كبيرة- مثل الإخوان- في أن تخوض التجربة، فضلاً عن نوعية الإشراف المقترحة والمتمثلة في رئيسَي مجلسَي الشعب والشورى وعدد مكمل من رؤساء الهيئات القضائية، وتحديد يوم واحد فقط لإجراء الانتخابات دون إشراف قضائي على كافة اللجان.. كل هذا يضع علامات استفهام كبرى حول مدى مصداقية هذه النتائج.
وأرى أن أفضل صيغة لهذا التعديل هي أن تتوفر للمرشح شروطٌ شخصيةٌ، كتلك الشروط الستة التي يجب توفرها في عضو مجلس الشعب، كأن يجيد القراءة والكتابة، وأن يقضي الخدمة العسكرية، وأن يكون مصري الجنسية (غير مزدوج)، وليس له سجل إجرامي أو مخل بالشرف.. إلخ، بالإضافة إلى حصوله على تأييد 100 ألف ناخب على الأقل من الخمسة وثلاثين مليون ناخب المسجَّلين بالفعل في الجداول الانتخابية، شريطةَ أن يكونوا موزَّعين على ربع أو نصف محافظات مصر، أما أكثر من ذلك فهي شروط تعجيزية.


تعديل حقيقي أم ضغوط خارجية

شعار الجماعة
  • شهدت الشهور الأخيرة عدة تظاهرات وفاعليات قام بها نشطاء مصريون على رأسها جمعية (كفاية)، والتي أقيمت خصيصًا لتطالب بتعديلات دستورية تحُول بين الرئيس مبارك والتولي لفترة خامسة، وتطالبه ونائبه بتقديم إقرارات الذمة المالية، وتقلل من السلطات التي يتيحها دستور 1971م للرئيس، وتجمع كافة سلطات البلاد بيديه، وفي نفس الوقت واجه النظام المصري ضغوطًا خارجية (أمريكية) كبرى لإحداث إصلاحات داخلية.. كان من أبرزها تأجيل كونداليزا رايس زيارتها لمصر، وتأجيل اجتماع مجموعة دول الثماني مع الدولة العربية، فضلاً عن زيارة الرئيس مبارك للولايات المتحدة والمقررة في شهر مارس الجاري، أليس هذا هو الدافع الحقيقي وراء قرار الرئيس مبارك بتعديل الدستور؟!
القرارات الكبيرة والمصيرية مثل هذه تتحدد بمؤثرات متعددة ومتراكمة، لا يمكن ترجيح كفة إحداها على الأخرى، فبالفعل كانت هناك ضغوط خارجية للمطالبة بإصلاحات سياسية في البلاد، وتحديدًا مارستها الولايات المتحدة، ولكنها لم تطالب بتغييرات محددة ودقيقة، في حين تزامن ذلك مع ضغوط داخلية قامت بها قوى مستقلة ولم تشارك فيها- للأسف الشديد- الأحزاب السياسية ولا الإخوان المسلمون، وكان لهذه القوى مطالب محددة فضلاً عن تراكم المطلب المصري بالتغيير والإصلاح منذ عشرات السنين.
  • أعلن الرئيس في نهاية يناير الماضي إصرارَه على عدم إدخال أية تعديلات في الدستور، ولم يُبدِ أيٌّ من الأحزاب والمعارضة تعليقًا على ذلك، وهو ما دفع البعض بالقول بأنه كانت هناك صفقة بين الأحزاب والنظام تضمن لهم دعمًا أكبرَ في الانتخابات البرلمانية القادمة من قِبل الحكومة في حين تضمن للحكومة صمت الأحزاب وعدم المطالبة بأي تغيير إلا بعد استفتاء سبتمبر المقبل.. فما حقيقة هذه الصفقة؟
نتفق أولاً على أن الصفقات السياسية أمر غير مستهجن، طالما أنه لا يؤدي إلى تنازل عن المبادئ أو الإضرار بصالح الوطن، والصفقات من هذا النوع لا يعرف حقيقتها سوى أطرافها، ومن ثم فإن هذا هو نتاج لرؤية المحللين السياسيين، ولا يوجد ما يؤكده سوى رؤية ما يتم على أرض الواقع، وبالفعل تشير مجريات الأمور إلى أنه كان هناك اتفاق بين النظام والأحزاب التي شاركت في الحوار الوطني على تأجيل أي تعديل في الدستور.
وفي ظني أنه كان هناك شبه اتفاق على نفس الأمر بين الحكومة و الإخوان ، ومن ثم تجاهلت الجماعة مسألة التجديد لمبارك، ولم تشارك في الزخم الشعبي الذي تناول هذا الأمر مؤخرًا، وربما يرجع موقف الإخوان هنا إلى مواءمات سياسية ما لتخفيف الضغط السياسي والملاحقة الأمنية لعناصرها.
  • التعديل المطروح هل يرجح كفة فئة عن الأخرى في خوض هذه التجربة؟
بالطبع.. التعديل في صورته الأولى يميل لصالح الأحزاب، وينتزع حق الترشيح من الأفراد المستقلين والقوى الساسية الأخرى- ك الإخوان - وهو أمر غير مقبول؛ نظرًا لما ينص عليه الدستور من تكافؤ الفرص بين المواطنين جميعًا.
  • حتى الأحزاب هل ترون أن أمامها فرصةً كافيةً في ظل ما يُقترح من تفاصيل لهذا التعديل؟!
للأسف الشديد المناقشات التي تَجري لا توحي بالتفاؤل، وتشير إلى أن هناك تضييقًا على الترشيح والإشراف على الانتخابات، ولكننا نأمل أن يتغير هذا الوضع ليتخذ التعديل معناه الحقيقي، وهو ما يجب أن يشغل القوى السياسية- وعلى رأسها الإخوان- خلال الشهرين القادمين، فليس مقبولاً أن نترك الفرصة للنظام ليضيف تعديلات سيئة لمبدأ جيد ثم ننتقده بعدها، لا بد من الضغط لتحقيق شروط محددة تعطي التعديل معناه الحقيقي بغض النظر عن استعداد الحكومة للتجاوب مع هذه المطالب من عدمه، فالواقع يؤكد أن هذا التعديل قرار تاريخي ولا يتكرر كل يوم، ومن ثم لا يجب أن نفوِّت الفرصة ثم نبكي عليها.
  • التعديل في المادة 76 من الدستور أعاد للطرح قضيةً مهمةً، وهي وضع الدستور المصري الحالي وتراوح المطالب الشعبية والساسية والقانونية بين المطالبة بتعديله وتغييره.. فمع أي الجانبين تتفق في وجهة النظر؟
أرى أن هناك قاعدةً مهمة جدًا في العمل السياسي "عليك الضغط من أجل تغيير شامل طوال الوقت.. ولكن عليك أيضًا عندما يحدث تغيير جزئي أن تصرَّ أن يتم كاملاً".. فمثلاً نحن ننادي بتغيير الدستور كله، وعلى وجه الخصوص في مسألة رئيس الجمهورية تغيير المواد 75، 76، 77، ولكن هناك مادة واحدة مرتبطة ارتباطًا كليًّا بالمادة 76 المزمع تعديلها وهي المادة 75 الخاصة بشروط الترشيح ومن ثم يجب أن نركِّز عليها الآن وتفاصيل المادة 76، وفي نفس الوقت نطرح التعديل الشامل دون أن يحول طرحنا للأخير بين استكمال التغيير الجزئي.
ومن المعلوم أن الدستور ينص على أنه إذا طلب تعديل مادة أو أكثر من الدستور- سواء من الرئيس أو 3/1 أعضاء المجلس- يقدم طلب لتعديل مادة أو مواد محددة وبعد موافقة المجلس لا يستطيع المساس بأي مادة أخرى إلا إذا كان هناك ما يتعارض مع المادة المطروحة للتعديل، وهو ما يمثل عائقًا كبيرًا بالنسبة لمطالبتنا إلحاق المادة 75 بالمادة 76 في التعديل؛ حيث يتطلب ذلك إقناع الرئيس أو ثلث أعضاء المجلس بتقديم طلب ثم الموافقة عليه، وهو ما قد يستغرق من الوقت شهرين أو أكثر؛ حيث تكون دورة مجلس الشعب قد انقضت، ولكن يمكننا تخطي هذه النقطة بأن تتم إضافة شروط الترشيح المطلوبة داخل المادة 192، التي طالب الرئيس بإضافتها للدستور، أو نلحقه بالمادة 76 في التعديل، ويقال إنه "إلحاقًا بالمادة 75".
  • إذا اتفق رأيُكم مع المطالبين بتغيير الدستور.. فما أهم الشروط التي تضعونها لضمان نجاح التغيير؟
تغيير الدستور يستلزم جمعيةً وطنيةً تُنتخب خصيصًا لهذا الهدف، وتضم ممثلين عن كافة الفئات والقوى السياسية الفعلية بالبلاد، سواء أحزاب أو غيرها، ولا يترك في يد مجلس أو مجالس أغلبيتها من اتجاه سياسي واحد هو الحزب الوطني..!!


مَن ينافس مبارك..؟!

مبارك
  • ذكرت صحيفة (العربي الناصري)- على لسان الرئيس مبارك- أنه قال: "سوف أكسب الانتخابات بأي طريقة تجري بها".. فهل يرجع ذلك إلى ثقته بأنه لا يوجد من ينافسه على هذا المنصب منافسةً حقيقيةً أم يعني أن النظام لن يتيح الفرصة لأي مرشح لخوض المنافسة بجدية أمام مبارك؟
الواقع يؤكد أن مبارك هو الوحيد المؤهَّل بالفعل للفوز في هذه الانتخابات؛ وذلك لأسباب متراكمة، من بينها الأجواء السياسية غير الصحية التي يعيشها الشعب المصري، وتقييد الحريات.. مما أدى إلى عدم ظهور قيادات وكوادر لديها من زخم التجربة ما يمكنها من تولي هذه المسئولية، وكذلك ضعف النظام الحزبي في مصر، وأيضًا لم تكن هناك انتخابات مماثلة من قَبل ليختبرها المواطن المصري ويعرف كيف يختار وما له وما عليه، حتى الإخوان فبالرغم من أن لديهم مؤسسةً قويةً فليس لديهم شخصيات عامة يمكنها الترشيح لهذا المنصب، أما الأحزاب فليس لديها المؤسسة القوية وليس لديها الشخصيات المؤهلة.
  • وحتى إذا وجدت الشخصية المؤهلة والمؤسسة القوية فهل سيترك النظام أي رئيس آخر يفوز على الرئيس مبارك؟
المؤشرات تشير إلى أن هذا لن يحدث، ولكن الأهم من كل هذا أن تتم التجربة بصورة صحيحة حتى لو فاز مبارك؛ لأن إرساءَ المبدأ أهم من موقف واحد سينتهي على أية حال، فلو تمَّ إرساء المبدأ بصورة صحيحة ولكن فاز الرئيس مبارك في هذه الانتخابات- لأن الشعب لم يجد غيره مؤهلاً لذلك- فإن النتائج ستتغير في المرة القادمة؛ لأنه ستبرز قيادات يمكنها المنافسة بجدية وقوة، ومن ثم يتوجب على الأحزاب والقوى الساسية أن تعمل على ذلك بكل قوتها وتصرُّ على ألا يضيع هذا التغيير في زحام التفاصيل.
  • ينادي البعض بإشراف دولي على الانتخابات الرئاسية المزمعة.. فهل تؤيد هذا؟
أفضل الضمانات هو الإشراف القضائي المصري، فبإمكانه تحقيق نتائج رائعة لو أعطي الصلاحيات والضمانات الكافية، وألا يصبح مجرد ديكور للإشراف.
  • في ظل ممارسات النظام المعروفة هل من الممكن أن يتحقق مبدأ تكافؤ الفرص أمام كل المرشحين للرئاسة للظهور في وسائل الإعلام وعرض برامجهم؟
التعديل المقترَح لا يعطي حق الترشيح سوى للأحزاب، وهي ضعيفة بما فيه الكفاية؛ كي لا تمثل خطرًا أو منافسةً حقيقيةً، ومن ثم لن يضير النظام شيئًا أن يعطيهم هذه الفرصة.
  • أمران مثَّلا هاجسًا مزمنًا لكل من نادى بالتغيير بصدد منصب رئيس الجمهورية: الأول توريث الحكم لجمال مبارك، والثاني استمرار بند أن يكون الرئيس من داخل المؤسسة العسكرية، فما أثر التعديل الأخير على هذين الأمرين؟
كل شيء وارد في ظل التعديل الأخير، ومن بينها ترشيح جمال مبارك أو أي من أفراد المؤسسة العسكرية، وهو أمر غير مستهجن، فمعظم قادة الكيان الصهيوني مثلاً من داخل المؤسسة العسكرية، وهناك من رؤساء الولايات المتحدة من كان والده رئيسًا لها مثل بوش الابن، الأساسي والمهم في هذا الأمر أن يتوفر أكبر قدر من الحرية وأقل قدر من القيود، ونحن نقبل بأية نتيجة طالما جاءت عبر انتخابات نزيهة وشروط مقبولة، ولم تفصَّل على مقاس أحد.
  • بتعديل المادة 76 من الدستور تصبح مصر هي سادس دولة عربية تسمح بانتخابات تعددية على منصب الرئيس بعد اليمن و لبنان و الجزائر و موريتانيا و تونس ، ولكن الأثر الفعلي للانتخابات تجلَّى في بعض الدول كالجزائر وصار مجرد ديكور في بعضها الآخر كتونس.. فإلى أي الكفتين تميل التجربة المصرية في رأيك؟
حتى الآن لم تتضح معالم الصورة بعد، ولكن يمكننا أن نجعلها تميل نحو الكفة التي نريد إذا أجدنا استغلال هذه الفرصة التاريخية وتوظيفها كما ينبغي حتى لا تفرغ من مضمونها.
  • ما زلت تشير إلى ضرورة أن تتم التجربة بصورة صحيحة ودور الأحزاب والقوى السياسية في الضغط لتحقيق ذلك وكأنه لو تحقق ستتغير أحوال مصر180 درجة ويتم الإصلاح المنشود على كافة الأصعدة بين عشية وضحاها.. فما القيمة الحقيقية للتعديل الدستوري- حتى إذا تم بالطريقة المنشودة- على خارطة الإصلاح والتغيير في مصر ؟
إذا تمت التجربة كما ينبغي ستعدل من العلاقات بين السلطة التنفيذية التي يرأسها الحاكم وبين مجلس الشعب، ومن ثم يصبح للمجلس دور بعيد عن قبضة النظام، وإذا اختار المواطن رئيسه بحرية فمن المؤكد أن تتم كافة الانتخابات البرلمانية والبلدية وغيرها بنفس الصفة، وستُعطى الفرصة لحياة حزبية ومشاركة سياسية فاعلة، ومن ثم مشاركتهم في تطوير البلاد وتغيير كل الممارسات والقوانين المشبوهة.. كحرية الصحافة، ومباشرة الحقوق السياسية، وتكوين الأحزاب والطوارئ وغيرها.
نعم سيأخذ هذا بعض الوقت، تتدرب خلاله الأحزاب والقوى السياسية على ممارسة هذه الحقوق التي ظلت محرومةً منها فترةً طويلةً، وستكون هناك ممارسات خاطئة وبعض التخبط، وكذلك الانفراجة من جانب النظام ستكون تدريجيةً، ولكن المهم أن نبدأ بدايةً صحيحةً، وأن نتجه بالفعل للاتجاه الصحيح، وسنصل إلى الهدف المنشود مهما استغرق ذلك من وقت.


عام على مبادرة الإخوان

الاستاذ:محمد مهدى عاكف المرشد السابق للاخوان المسلمين


  • في الثالث من مارس الجاري مضى عام على مبادرة الإخوان المسلمين حول مبادئ الإصلاح في مصر، والتي تناولت في بعض بنودها رؤيتهم حول منصب الرئيس وعلاقته بالأحزاب والجيش والصلاحيات الممنوحة له.. فما مدى التوافق بين هذه الرؤية وما تم بالفعل بعد عام من المبادرة؟
نعم.. تناولت المبادرة الحديث في هذا الشأن، حين ذكرت "تحديد سلطات رئيس الجمهورية بما يجعله رمزًا لكل المصريين، فلا يترأس حزبًا سياسيًّا، ويكون بعيدًا كل البعد عن المسئولية التنفيذية للحكم وتحديد مدة رئاسته بما لا يتجاوز فترتين متتاليتين".
ولكن عندما أتى الإخوان لكيفية اختيار رئيس الجمهورية أطلقوا مبدأً عامًا يقبل التفسير على أن المقصود به الرئيس أو مجلس الشعب أو أي شيء آخر وهو مبدأ "تداول السلطة عبر الاقتراع الحر السري المباشر"، وهو أمر ليس مقبولاً من قوة سياسية في حجم الإخوان، خاصةً وقد كان الحديث حول انتخاب الرئيس ووضعه وتوريث الحكم وغيره مُثارًا بقوة وقت المبادرة، وحتى بعد مرور عام أرى موقفهم من التعديل الأخير وقد بادروا بتأييد مبارك وأعلنوا عن استعدادهم لترشيحه بشروط تمثل تطبيقًا لمبدأ إمساك العصى من النصف، بالرغم من أنهم القوة السياسية الكبرى في البلاد بعد الحكومة، وعليهم أن يتخذوا موقفًا واضحًا ومحددًا من التعديل الأخير، بل ويمارسوا دورهم كجماعة ضغط؛ حتى لا يفرغ من مضمونه.. وإلا سيتحملون مع الدولة المسئولية الكبرى تاريخيًا، ثم لماذا لا يرشح الإخوان أحدهم للرئاسة؟!!
ما أراه أن كافة مواقف الجماعة صارت تنطلق من مبدأ الحرص على بقاء الجماعة، حتى أصبح مجرد بقائها هدفًا في حد ذاته، بغض النظر عما ستفعله، فماذا ينتظر الإخوان ليخوضوا غمار التجربة وحتى متى يبقى الحفاظ على بقاء الجماعة وليس ما ستفعله الجماعة هو أساس قرارات قيادتها؟!!
  • انتقدتم موقف الإخوان بشدة، وكأن النظام يفرش أمامهم الطريق بالورود للمشاركة وهم يتكاسلون، في حين أنه حتى اليوم لا يسمح النظام لهم بتواجد قانوني من خلال حزب سياسي.. فكيف يسمح لهم بالترشيح في الانتخابات الرئاسية؟
الظرف الدولي والإقليمي والداخلي مختلف، والنظام الذي يتخذ مثل قرار التعديل الأخير هو نظام يمكن تحقيق العديد من المكاسب من خلال الضغط عليه، ومن ثم لا بد لهم من المشاركة في الجدل العام وأن يصروا ويقاتلوا من أجل وضع شروط للتعديل تتيح لهم- مع غيرهم من المستقلين الترشيح في الانتخابات الرئاسية- وكذلك تستمر معركتهم لتكوين حزب، فهي ليست معركتهم وحدهم، ومن حق المصريين على الإخوان أن يكون لهم مرشح للرئاسة، وهذا واجب على الإخوان.
  • هذا بالنسبة لموقف المبادرة من مؤسسة الرئاسة.. فكيف تقيِّمونها بشكل عام اليوم؟!
الإخوان أنفسهم تراوحوا في تقدير مضمونها.. فمنهم من قال إنها ليست برنامجًا سياسيًا، ومن ثم لا يجب أن تحتوي على تفاصيل كثيرة، وهناك من وصفها بالبرنامج السياسي للجماعة، ولكن بالرغم من إيجابيتها بشكل عام هناك انتقادات وُجِّهت لها في حينها، وعلى قوة سياسية حية في حجم الإخوان أن تستغل مرور عام على المبادرة لتوائم بين ردود الأفعال الخارجية والداخلية- من داخل الجماعة- لتعدل من المبادرة في ضوئها.
  • وما الذي ترى ضرورة تعديله في المبادرة بعد مرور عام وفي ظل ردود الأفعال المذكورة؟!
على المبادرة طرح تصور لكيفية تعديل الدستور تفصيليًا، كذلك يعاد النظر في بعض النقاط الخاصة بالمرأة، مثل الإمامة العظمى وغيرها والتي يجب أن تطرح لنقاش فقهي داخل الجماعة يضع في الاعتبار الأوضاع الحالية ليُخرج صورةً متكاملةً ومحددةَ الملامح ومقنعةً لكل من يقرأها.
وأيضًا تحديد حقوق وواجبات الأقباط بدقة، وهل المواطنة هي الأساس أم الانتماء الديني، فقضية الأقباط قضية شائكة داخليًا وخارجيًا، ويجب أن تكون أكثر تحديدًا، وما أحب أن أوضحه هو أن المبادرة غير البرنامج السياسي، فهي يجب أن تطرح قضايا للنقاش والتفاعل معها لا أن تطلق كلامًا عامًا.
  • أهم ما تعتقد أن على الإخوان فعله في الفترة الحالية؟
على الإخوان أن يؤدوا دورهم بما يتناسب مع حجمهم في المجتمع، من حيث المشاركة بفاعلية وكفاءة في النقاش الدائر حول موضوع الرئاسة، وأن يعلنوا مواقفهم بصراحة ووضوح، ويطرحوا تعديلات تفصيلية وحقيقية للمادة 76 وغيرها من مواد الدستور، فضلاً عن إجراء قياس للرأي العام حول المبادرة ليطوروها وما يتواءم ونتائج هذا القياس.

المصدر