عائلة السموني تروي حكايتها بالدم

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
مراجعة ٠٥:١١، ٢٤ أبريل ٢٠١٠ بواسطة ابو نضال (نقاش | مساهمات)
(فرق) → مراجعة أقدم | المراجعة الحالية (فرق) | مراجعة أحدث ← (فرق)
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث

عائلة السموني تروي حكايتها بالدم

    • الطفلة ألماظا: نحن مع المقاومة حتى يقتلوا اليهود كما قتلونا جميعا
    • الأرملة مسعودة: سأربي أبنائي ليأخذوا بثأر زوجي "محمد" وابني "المعتصم بالله"
    • الشاب حلمي: صامدون على أرضنا وإن اقتلعوا أجسادنا عنها
أشجار اقتلعت.. مساجد هدمت.. رجال ونساء وأطفال أعدمت.. حيوانات تقطعت.. وأرضت جرفت وقلبت.. ومنازل على رؤوس ساكنيها هدمت.. بل قل وأجسام تحللت.. ومصابين نزفت حتى فارقت الحياة... هي مشاهد لا يمكن حدوثها إلا على يد مجرم تفنن في الإجرام، مجرم يستبيح حرمة كل شيئ، فمن قتل الأنبياء يفعل ما دون ذلك، أما المكان فتكرر من نواحي مختلفة في قطاع غزة ، حيث تكشفت معالمه بعد اندحار قوات العدو الصهيوني عن غزة بعد فشل حربها الأخيرة، وهي المعالم التي تجدها وغيرها بسهولة في أقصى جنوب مدينة غزة في حي الزيتون، حيث عائلة السموني ومجزرتها، حيث في كل مكان حكاية.


ألماظا تروي الحكاية

على ركام أحد المنازل المهدمة كانت تجلس، طفلة صغيرة في سنها، ولكن جسمها النحيل بات يحمل معالم معاناة لا يقوى عليها أقوى الرجال، الركام الذي تواجدت عليه جعلها تتكلم بكلمات لا يعقلها إلا من عرف مأساتها، هي ألماظا إبراهيم السموني في الصف السابع الابتدائي تبلغ من العمر 13 عام، لم تذهب إلى مدرستها على الرغم من أن المدارس فتحت أبوابها بعد توقف حرب الاحتلال الصهيوني على غزة ، واختصرت علينا سبب عدم ذهابها للمدرسة، وقالت:" مدرستنا اليهود دمرتها "مدرسة خليل النوباني" لم يبقوا شيئا فيها، وهما ما بدهم الشعب الفلسطيني يتعلم، اليهود يتعاملون مع الشعب الفلسطيني بهذه الطريقة، ولا يريدونه أن يكون متعلما ومثقفا ويريدون منه أن يبقى جاهلا، ولكن نحن سنبقى صامدين وسنصير مثقفين ومتعلمين".
وأشارت إلى بيتها أو بالأحرى بقايا بيتها، مؤكدة أنها كانت في داخله لحظة مجزرة عائلة السموني جنوب حي الزيتون، وعادت إلى الوراء بذاكرتها لتلك الليالي والأيام التي حرفتها قذائف الاحتلال ومدافعه وصواريخه في عقلها بدماء أقاربها الواحد تلو الآخر.
أكثر من مائتين من جنود العدو الصهيوني كانوا في محيط منزل عائلة ألماظا منظرهم مخيف على أطفال في مثل سنها، وصفت الطفلة الصغيرة المشهد بقولها:" كان المنظر مخيف جدا كانوا يدهنوا وجههم باللون الأخضر ويلبسون لبسا لونه أخضر وعلى رؤوسهم طاقية كبيرة، وفي الليل لا تستطيع رؤيتهم، كانت هذه المنطقة مليئة باليهود".
وبعد خروجهم من منزلهم بأمر من جنود الاحتلال الذين فرضوا قوتهم على الأطفال والنساء الأبرياء، جلسوا في منزل قريبهم وائل السموني وبقوا فيه ثلاثة أيام بدون أكل أو شرب ومن كان يريد الصلاة كان يتيمم، أما الأطفال فالبكاء والصراخ من الجوع سيطر على المكان.
وبعد ثلاثة أيام جازف الشهيد محمد وهو شقيق ألماظا وخرج من المنزل لإيجاد حطب وصنع طعام لهؤلاء الأطفال، تخطى باب المنزل فاستقبلته قذيفة غادرة حولت جسده إلى أشلاء وأصيب من معه.
فقدت قوات الاحتلال صوابها وأخذت تقصف المنزل الذي تواجد فيه أكثر من مائة شخص، وتقول ألماظا التي عادت للمنزل بعد أن تمكنت من مغادرة المنطقة مع المصابين بعد دخول الطواقم الطبية عقب طول انتظار ومماطلة:" رموا صواريخ إلى داخل المنزل ووجدت أن الجميع قد استشهدوا أمي وأخواتي وإخوتي وكلهم.. وأعمامي مع نسائهم وأولادهم.. كلهم استشهدوا".
وإن كان العدو الصهيوني أدخل المعاناة بكل ما أوتي من قوة إلى صدر ألماظا إلا أنه لم يعلم بأنه بذلك سيحولها لبركان حقد تجاهه ولن يستطيع أن شخص في هذه الدنيا مهما فعل.
وفي رسالة مختصرة أرادت أن توصلها لمن قتل وهدم ودمر في تلك المنطقة، قالت ألماظا:" حسبي الله ونعم الوكيل عليهم، لأنهم حرموني من أهلي ومن طفولتي.. وحرمونا أن نعيش بمكان آمن وبسلام.. حسبي الله ونعم الوكيل فيهم لأنهم كل حاجة حرمونا منها".
أما رسالتها للمقاومة الفلسطينية فكانت هي الأخرى واضحة لا غبار عليها:" مثل ما اليهود كانوا يعاملونا معاملة سيئة، وأخرجونا من المكان وكنا مصابين وكان اليهود يضحكوا علينا ويستهزؤون علينا وبعد أن قتلونا ودمرونا، يجب أن تعاملوا اليهود تماما كما فعلوا بنا؛ لأنهم كانوا يعاملونا معاملة سيئة، وأنا أطلب أن تقتلوا اليهود بصواريخكم وبكل الأسلحة التي تملكونها".
الصمود والتمسك بالتراب الفلسطيني كانت أبرز معالم المعادلة التي صنعتها قوات العدو الصهيوني، وقالت ألماظا:" سنبقى صامدين مهما فعلوا لأن هذه الأرض أرضنا وأرض أجدادنا؛ ولأنها أرض المحشر والمنشر، وسنبقى صامدين.. صامدين.. صامدين، وغدا سيحشر جميع الناس في هذه الأرض لأنها أرض مقدسة ومباركة وطاهرة، ولا أستطيع أن أستغني عن رملة من أرضي فلسطين ".


قتلوا صغيرها في حضنها

مسعودة صبحي السموني في العشرينيات من عمرها ولكن من يشاهدها يعتقد أن عمرها يفوق الستين عاما، جلست هي الأخرى على ركام منزلها ومن أمامها طفل صغير لها وفي يديها صور لزوجها محمد وابنها المعتصم بالله حيث قضوا في جريمة العدو الصهيوني بحق عائلة السموني جنوب حي الزيتون.
تحدثت بكل حرقة عن مشاهد مؤلمة عايشتها عائلات تلك المنطقة على مدار أكثر من خمسة عشر يوما من القصف المباشر والتجريف وهدم البيوت فوق رؤوس ساكنيها، أيام مضت عاشوا فيها على صراخ أطفال لم يجدوا طعاما لهم على مدار ثلاثة أيام متواصلة.
وبعد أن خرجوا بالتهديد تحت بنادق الاحتلال من منزل تجمع فيه عدد من العائلات، تقول "مسعودة":" طلبوا منا الخروج وصاروا يفتشون الشباب ثم أدخلونا في منزل وائل السموني وبقينا ثلاثة أيام بدون طعام أو شراب، وكان ابني المعتصم بالله الله يرحمه جائع جدا وعطشان ولم أجد سوى قليل من الماء في كأس حتى ألهيه بها".
وتتابع:" وفي الصباح خرج زوجي ليجلب المصابين والشهداء إلى داخل المنزل وما إن فتح الباب حتى أطلقوا عليهم صاروخ فاستشهد زوجي وأصيب ابن خالتي، وبعد دخولهم إلى داخل المنزل صاروا يطلقون علينا قذائف ونحن داخل المنزل، فأصبت في صدري وأصيب ابني موسى في ظهره".
لم تتوقف قوات الاحتلال عن جريمتها، بل كانت مسرورة في استقوائها على النساء والأطفال المدنيين والعزل، حيث تضيف "مسعودة":" خرجنا إلى خارج المنزل وكنا نحمل الرايات البيضاء فقنصوا ابني المعتصم بالله أصغر صاحب العشرة شهور وهو في حضني فقتلوه على الفور".
وبعد هذه الجريمة التي قتل العدو الصهيوني فيها زوج مسعودة وابنها المعتصم بالله وأصابوها وهي الحامل في شهرها السادس كما أصابوا ابنها موسى كانت رسالتها لقتلة الأنبياء:" حسبي الله ونعم الوكيل وإن شاء الله أربيهم ويكبروا (أي أولادها) حتى يأخذوا بثأر أبوهم وأخوهم وسوف أعلمهم على كل شيئ إن شاء الله، وأنا تركتهم في سبيل الله".

أما كلمتها للمقاومة الفلسطينية فهي ذاتها التي يقولها كل من اكتوى بنيران الاحتلال، إلا أن كلمات مسعودة كانت مختصرة وكبيرة في ذات الوقت:" أسأل الله أن يكون مع المقاومة، وربنا يقويكم، وإن شاء الله يا ربي يمكنكم أن تقتلوا كل اليهود وربنا يقويكم أكثر بالجهاد في سبيل الله، ونحن معكم ومن خلفكم ونشجعكم بأن تقاوموا أكثر وأكثر هؤلاء المحتلين الجبناء".


زاد الحقد في صدره

حلمي طلال السموني 25 عاما هو الآخر كان أحد من نجوا من موت محقق وكان يشير إلى حطام كثير أحاط في المكان من كل جانب، وعلمنا فيما بعد أنه البيت الذي كانوا في داخله، موضحا أنه يتكون من ثلاثة طوابق وكان جنود الاحتلال طوال الليل يستهدفون البيت بكل أنواع الأسلحة بالطائرات والمدفعية والدبابات وغيرها.
ويشير حلمي بيديه في كل مكان عله يتذكر من تلك الأحداث التي تأبى أن تغادر مخيلته، استطاع أن يتذكر من استشهد وقال على ما يبدو وهو لا يزال لا يشعر بحجم المأساة:" قنصوا طفلي محمد خمسة شهور وأنا أحاول أن أدخل ابن عمي الذي استشهد على البيت وهو يحاول أن يجلب الحطب لنصنع طعام للأطفال بعد ثلاثة أيام من المكوث في منزل بدون طعام ولا شراب".
ويتابع:" أستشهد منا تقريبا 29 شخص.. استشهد أبي وأمي وزوجتي وابني وبنت أخي وزوجة أخي وأعمامي وخالتي وأولاد ابن خالتي وأبناء أعمامي.. واستشهدوا وخرجنا لنقل الجرحى فأطلقوا علينا النار فاستشهد منا واحد في الطريق".
واصلت قوات الاحتلال من جريمتها لتشفي غليلها من دماء الأبرياء والعزل، ويقول الشاب حلمي:" أصيب منا واحد في رجليه خلال الهروب من تحت نيران الاحتلال، وصار يزحف على يديه، فقام الجنود وقيدوا يديه، وبعد فترة فك القيد وصار يزحف، فعادوا وأطلقوا عليه النار وأجهزوا عليه.. تركوه ينزف حتى استشهد".
وكغيره تماما يجدد حلمي الذي فقد كثيرين من أبناء عائلته وأبنائه تمسكه بتراب فلسطين الذي روي بدماء الشهداء، كما أن دعواته تتواصل للمقاومة الفلسطينية بالصمود والثبات والانتقام لدماء شهداء فلسطيني.. نسائها.. أطفالها.. ورجالها.

المصدر:كتائب الشهيد عز الدين القسام-المكتب الإعلامي