لم يكن عبد الناصر رجل سياسة ولا رجل حرب

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
مراجعة ١٦:٢٠، ٣ يناير ٢٠١١ بواسطة Moza (نقاش | مساهمات)
(فرق) → مراجعة أقدم | المراجعة الحالية (فرق) | مراجعة أحدث ← (فرق)
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
شهادة من داخل صفوف الضباط الأحرار .. لم يكن عبد الناصر رجل سياسة ولا رجل حرب
الرئيس جمال عبد الناصر

يقول حسين محمد أحمد حمودة في كتابه أسرار حركة الضباط الأحرار والإخوان المسلمون تحت عنوان "هوية جمال عبد الناصر":

إن جمال عبد الناصر كان يبحث لنفسه عن دور بطولي وقد أشار جمال عبد الناصر إلى ذلك في كتابه فلسفة الثورة الذي كتبه له محمد حسنين هيكل الصحفي المعروف ، ولكي يصل إلى أهدافه لابد له من أن ينفرد بالمجد ولكي ينفرد بالمجد لابد له من الانفراد بالسلطة. فتتبع من توهم مزاحمته له في ذلك المطلب بالاعتقال والتعذيب الوحشي والمحاكمة الظالمة والسجن لمدد طويلة أو الإعدام أو القتل غيلة حتى قلم الأظافر الخادشة واستبد بحكم مصر.

وكان لجمال عبد الناصر خاصية انتهاز الفرص وتدبير المكايد للوصول إلى المقاصد من أي طريق فكان لا يهمه في سبيل الوصول إلى غرضه شرف الوسيلة فأساء إلى من أحسنوا إليه وتآمر ضد من غمروه بفضلهم وتنكر لمن قدموا له المعروف وظلت هذه النزعة رائدة في مغامراته السياسية وعلاقاته الإنسانية منذ قيام الثورة في 23/ 7/ 1952 إلى أن مات في 28/ 9/ 1970 لقد كان دستوره وإنجيله وقرآنه كتاب الأمير لمكيافللي والذي قرأه عبد الناصر سبع عشرة مرة حتى حفظه عن ظهر قلب كما أخبرني بذلك هو شخصيا فقد كنت في زيارة له قبل الثورة ووجدت كتب الأمير لمكيافللي على منضدة في حجرة الصالون فاستعرته منه لأقرأه فأعطاه لي وقال إنه يحفظه عن ظهر قلب لأنه قرأه سبع عشرة مرة. فلم يمض على قيام الثورة عام حتى تحركت نفس عبد الناصر إلى خوص غمار الدسائس السياسية ليحقق عن طريقها آماله في الانفراد بحكم مصر.

فانتهز فرصة خلال نشأ بين محمد نجيب ورشاد مهنا فأوغر صدر محمد نجيب وصدور زملائه أعضاء مجلس الثورة ضد رشاد مهنا فخلص منه وحكم عليه بالسجن المؤبد في محاكمة ظالمة كان هو فيها الخصم والحكم.

ثم أرسل لرشاد مهنا في سجنه من يقول له إنه أنقذه من حكم الإعدام وأن كل أعضاء مجلس الثورة كانوا مصممين على إعدامه وظل عبد الناصر يجادلهم 16 ساعة حتى أقنعهم بتخفيف حكم إعدام رشاد مهنا إلى السجن المؤبد.. ثم دبر نهاية محمد نجيب على النحو المعروف وأثبت في كتاب التاريخ التي تدرس لأطفالنا بالمدارس أن جمال عبد الناصر هو أول رئيس لجمهورية مصر في التاريخ ظنا منه أن التاريخ يمكن تزييفه ثم بطش بالماركسيين وأتبع ذلك حل الأحزاب السياسية وبطش برجالها ثم بطش بالإخوان المسلمين وتم البطش بالإخوان على مراحل.

فبدأ بإنشاء هيئة التحرير في أواخر عام 1952 وكان يطمع في .. قاعدة شعبية تدين له بالولاء المطلق الذي لا مساءلة فيه ولا مجال حتى للاستفسار.

ثم طلب من حسن الهضيبي أن يتولى الإخوان تدعيم هيئة التحرير بواسطة شعبهم المنتشرة في جميع أنحاء مصر فيكون الإخوان هم نواة هيئة التحرير وهم قادة الحزب الجديد الذي سيرأسه عبد الناصر.

... وقد ساعد عبد الناصر على ذلك استمالته لعبد الرحمن السندي رئيس التنظيم السري المدني للإخوان المسلمين والذي شايع عبد الناصر ضد حسن الهضيبي واستطاع عبد الرحمن السندي أن يستقطب عددا من الإخوان من أعضاء مكتب الإرشاد ومن الجهاز السري ومن الشعب لصالح عبد الناصر ويلاحظ أن عبد الرحمن السندي ومن شايعوه في تأييد عبد الناصر لم يعتقلوا في سنة 1954.

ومن الذين أيدوا عبد الناصر من الإخوان المسلمين الشيخ الباقوري وصالح عشماوي وعبد الرحمن البنا شقيق الإمام الشهيد حسن البنا وغيرهم كثيرون.

وقد رفض حسن الهضيبي طلب عبد الناصر وحذر الإخوان من الانضمام لهيئة التحرير واعتبر كل أخ مسلم ينضم لهيئة التحرير مفصولا من الإخوان وهذا هو سر حنق جمال عبد الناصر على حسن الهضيبي ومن تمسك بزعامته من الإخوان.

ولقد أدرك حسن الهضيبي أن عبد الناصر ينوي الاستئثار بالسلطة لا شريك له فيها بل ويطمع أيضًا في إخضاع هيئة الإخوان المسلمين لأهوائه مع إلغاء اسم الإخوان وينضوي الإخوان تحت هيئة التحرير وبذلك تفقد الحركة الإسلامية التي بدأها حسن البنا سنة 1928 أهم مقوماتها الاسم والفكرة وتصبح هيئة تابعة لعبد الناصر.

وبوقوف حسن الهضيبي ضد أطماع عبد الناصر التي لا حد لها انتهز عبد الناصر فرصة الشغب الذي حدث يوم 12 يناير 1954 بمناسبة زيارة نواب صفوي الزعيم الإيراني لجامعة القاهرة حيث وقع صدام بين شباب الإخوان ومنظمات الشباب التابعة لهيئة التحرير فاستصدر قرار من مجلس قيادة الثورة يوم 14/ 1/ 54 بحل جماعة الإخوان المسلمين واعتقال فريق منهم على رأسه المرشد حسن الهضيبي وزعماء الإخوان بالقاهرة والأقاليم.

وفي يوم 25/ 3/ 1954 اضطر عبد الناصر تحت ضغط الثورة المضادة التي واجهته (أزمة مارس 1954) إلى الإفراج عن حسن الهضيبي وجميع المعتقلين من الإخوان وقد وضح تمام أن عبد الناصر هادن الإخوان ليلتقط أنفاسه في أزمة مارس 54 حتى يعد خطة جديدة للفتك بجماعية الإخوان وقد كان فاتخذ من تمثيلية محاولة اغتياله في أكتوبر سنة 1954 مبررا لاعتقال عشرين ألفا من الإخوان وتم تعذيبهم تعذيبا وحشيا في السجن بأسلوب بربري وهمجي لم يسبق له مثيل في تاريخ البشرية. والمعروف في ذلك الوقت أن محمد نجيب لم يكن على وفاق مع عبد الناصر وأن محمد نجيب كان ينوي استخدام سلطته القانونية كرئيس شرعي للبلاد في إعفاء جمال عبد الناصر وزملائه أعضاء مجلس الثورة من مناصبهم وحل مجلس قيادة الثورة وإعادة الديمقراطية .. وقد طلب محمد نجيب من الإخوان المسلمين تأييد خطوته في ذلك الاتجاه بعد إعلانها عن طريق مظاهرات شعبية تعم القطر المصري كله من أسوان إلى الإسكندرية وكان للإخوان المسلمين قدرة على تنظيم هذه الانتفاضة الشعبية بواسطة شعبهم المنتشرة في جميع أنحاء البلاد لمالهم من رصيد شعبي ضخم بين أبناء الشعب المصري.

كما كان محمد نجيب يتمتع في ذات الوقت بحب الشعب المصري كله. وقد تسربت بعض أنباء هذه الاتصالات بين الإخوان ومحمد نجيب إما عن طريق بعض الإخوان المتصلين بعبد الناصر أو عن طريق الضباط المحيطين بمحمد نجيب فتفتق ذهن عبد الناصر لعلم هذه التمثيلية عن محاولة اغتياله في المنشية ليكون في ذلك مبرر للفتك بجماعة الإخوان المسلمين ثم الفتك بمحمد نجيب لإجهاض الحركة الشعبية المزمع عملها بواسطة محمد نجيب والتي سوف يؤيدها الإخوان ولقد سبق أن ذكرت في هذا الكتاب أن علي شفيق صفوت سكرتير عبد الحكيم عامر والذي قام بتعذيبي أثناء التحقيق معي في السجن الحربي بعد حادث المنشية المزعوم ، كان يصر على أن أوقع على أوراق تفيد أن اللواء محمد نجيب كان يتعاون مع حسن الهضيبي ضد جمال عبد الناصر وأعضاء مجلس قيادة الثورة.

وللحقيقة والتاريخ أذكر أن هناك اجتماعا عقد في أحد منازل الإخوان المسلمين بجهة قصر العيني حضره المرشد حسن الهضيبي وكاتب هذه السطور ويوسف طلعت والشيخ فرغلي ومحمود عبده وإبراهيم الطيب وعبد المنعم عبد الرءوف وكان عبد المنعم عبد الرءوف هاربا من السجن وموجودا بمصر ولم يخرج بعد من البلاد.

وفي هذا الاجتماع تكلم المرشد حسن الهضيبي وقال إن اللواء محمد نجيب «مطرشق» من أعضاء مجلس قيادة الثورة بسبب الحكم الديكتاتوري في البلاد وأن اللواء محمد نجيب ينوي حل مجلس الثورة ... تكوين هيئة تأسيسية منتخبة لتضع دستورا للبلاد.

وذلك حتى يمكن أن تستقر الأوضاع في مصر في ظل حكومة مدنية تتمتع بتأييد الشعب المصري وأن يعود الجيش إلى الثكنات للممارسة دوره الطبيعي في الدفاع عن البلاد ضد العدوان الخارجي.

وهذا الاجتماع كان قبل حادث المنشية بحوالي شهر ولم يتعرض أحد على الإطلاق في هذا الاجتماع لموضوع تدبير جريمة لاغتيال عبد الناصر. بل كان تعقيب الشيخ فرغلي على كلام المرشد حسن الهضيبي أن على اللواء محمد نجيب اتخاذ الخطوة الأولى من جانبه باعتباره الشرعي للبلاد ، فيصدر القرارات التي يراها صالحة لإنقاذ البلاد من الديكتاتورية والإخوان مستعدون لتأييد هذه القرارات بعمل حشود شعبية في القاهرة والإسكندرية وسائر مدن القطر المصري وعلى هذا الأساس فحادث المنشية تمثيلية لا شك فيها لتبرير عمليات القمع والتعذيب والمشانق ولو كانت محاولة اغتيال عبد الناصر صحيحة فلماذا لم يقدم الإخوان لمحاكم الجنايات وفيها قضاة متخصصون وظيفتهم إقرار العدل بين الناس؟ ولماذا الضرب بالسياط حتى تتمزق الأجساد ونفخ البطون وألوان التعذيب؟ كل هذه التصرفات الإجرامية التي أقدم عليها عبد الناصر وأعوانه تؤكد أنه لم يكن هناك جريمة على الإطلاق ولا أدلة قانونية. وإذا كان هناك محاولة اغتيال حقا فهل يعقل أن يشترك في التدبير لها عشرون ألفا من البشر. وإذا كانت الحكومة قد ألقت القبض على الفاعل فور ارتكابه الجريمة فهل يعقل أن التحقيق معه قد أدى إلى اعترافه على عشرين ألفا حتى يقبض على هذا العدد في بعض ساعات بعد محاولة الاغتيال المزعومة. المعقول أن كشوف المعتقلين كانت معدة قبل حادثة الشروع في اغتيال عبد الناصر يوم 26/ 10/ 54 وأن إطلاق الرصاص الفشنك عليه كان هو ساعة الصفر لبدء الاعتقالات وهل يعقل أن تكون نتيجة محاولة اغتيال شخص لم يقتل فيها ولم يمس بسوء أن يعدم ستة أفراد ويحكم على ألف إنسان بالأشغال الشاقة المؤبدة ويعتقل 19000 آخرين لعدة سنوات من تاريخ الحادث؟ في أي شريعة يحدث هذا وتحت أي قانون؟ ليس هناك قانون على وجه البسيطة يسمح بذلك إلا قانون الغاب وليس هناك كتاب يسمح بذلك إلا كتاب ميكيافللي للحكم للقوة لا للقانون ، القوي هو صاحب الحق ، وصاحب الحق الأعزل يداس بالأقدام ، وهذه هي شريعة عبد الناصر التي آمن بها وحكم بها مصر إلى أن مات.

لقد ظن عبد الناصر أنه لا يوجد في هذا الكون إله وتذكر قدرته على ظلم الناس ولم يتذكر قدرة الله عليه.

وهكذا مارس عبد الناصر حكم مصر ، أشاع فيها الإرهاب ونشر الجاسوسية فسكت الناس هلعا وخوفا وكان لجمال عبد الناصر قدرة عجيبة على إخفاء نواياها وإظهار غير ما يبطن وقدرة عجيبة على استمالة زملائه ضد ضحيته القادمة حتى أفناهم جميعا وضعيهم واحدا إثر واحد ولم يكن لعبد الناصر أصدقاء قط إلا عبد الحكيم عامر الذي أخلص لعبد الناصر كل الإخلاص وساعده في كل عمليات التعذيب والتنكيل بالمواطنين.

واستعان عبد الناصر وعبد الحكيم عامر بمجموعة من معدومي الضمائر من الضباط كشمس بدران وعلى شفيق صفوت وحمزة البسيوني ... إلخ.

وهم الذين أشرفوا على عمليات التعذيب ضد الإخوان وغيرهم وكانت النتيجة هلاك عبد الحكيم عامر نفسه بنفس الطريقة التي أهلك بها غيره فمات بالسم مقتولا ، والذي يعرف عبد الحكيم عامر يعرف يقينا أنه لا يمكن أن ينتحر ، ولكن التفاصيل التي عرفت فيما بعد أن عبد الناصر استدعاه إلى منزله للاتفاق على تصفية الجو والسفر سويا إلى السودان ولما كانت العلاقة بين ناصر وعامر علاقة خاصة جدا فهو صديق عمره فقد ظن عبد الحكيم عامر أن عبد الناصر ينوي المصالحة فعلا فتوجه إلى منزل عبد الناصر وخرج المشير عبد الحكيم عامرعامر من منزل عبد الناصر ميتا بالسم وقيل إن السم دس له في كوب عصير جوافة.

لقد كان جمال عبد الناصر متآمرا بكل ما في هذه الكلمة من معنى وحكم مصر ثمانية عشر عام من خلال أجهزة سرية قوامها خلايا يمسك هو بخيوطها جميعا دون أن تدري عن بعضها البعض شيئا.

وفات عبد الناصر أن هذا الأسلوب الإرهابي وإن أفلح في فرض هيمنته إلا أنه لا يفلح في إدارة الدول. وعلى هذا الأساس يكون عبد الناصر شخصا لا فكر له معينا وإنما هو متآمر من الطراز الأول كل همه فرض هيمنته ولم يكن عبد الناصر رجل سياسة قط ولا كان رجل حرب على الإطلاق فقد كان أسدا أمام الشعب الأعزل فقط ، إن عدد المعتقلين والمسجونين السياسيين قد بلغ رقما يقرب من مائة ألف نفس من يوم تولى عبد الناصر حكم مصر إلى أن مات.

وكان المعتقلون والمسجونون السياسيون من خيرة رجال مصر وأكثرهم وطنية وعلما وثقافة وتدينا إذ اعتقل عبد الناصر علماء الأزهر والضابط والقضاة والمحامين والمهندسين والأطباء والمحاسبين والمعلمين والعمال والفلاحين وعوملوا بوحشية في سجون عبد الناصر : قسوة وظلم وعنت واستبداد وكان الشعب المصري يعش في رعب قاتل.

لا يأمن أحد على نفسه ولا على حريته ولا على رزقه. وفر ألوف المتعلمين والوطنيين خارج الديار المصرية هربا من البطش والاضطهاد وانتشر الفساد واستغلال النفوذ والرشوة ونهب الأموال العامة وتهريبها للخارج وأصبح النفاق هو العملة الرائجة في مجتمع عبد الناصر وانتهى الأمر بعبد الناصر أن أصبح في قبضة مراكز القوى.

وهكذا استعان عبد الناصر على قهر شعب وجيش مصر بجماعة من مدخولي الضمائر من الضباط على رأسهم شمس بدران وعلى شفيق صفوت وحمزة البسيوني وغيرهم.

ساعدوه بالتعذيب والتفليق والتجسس على قهر الناس ثم استبدوا بالدولة وصار الأمر إليهم وغلبوه على أمره وشاركوه سلطانه وملئوا وظائف الدولة بصنائعهم الذين زاحموا أهل الخبرة.

وأحاطوا بعبد الناصر وصديقه الحميم عبد الحكيم عامر إحاطة السوار بالمعصم فعزلوهما عن الشعب وخوفوهما منه وأدخلوا في روعهما أنهم الحامون لهما من القتل غيلة على يد الإخوان وغيرهم من أبناء الشعب.

وبذلك أصبح شمس بدران هو صاحب الحل والعقد في الدولة لقد كان الواحد من الضباط إذا قابل المشير عامر وعرض عليه مظلمة وصدق له المشير عامر على رفع ما تظلم منه يعرقل تنفيذها شمس بدران ويقول للمتظلم : «إنت رحت للمشير خليه ينفعك» فهل حقق عبد الناصر أحلامه في الانفراد بالمجد؟ كلا.

لقد حقق عبد الناصر شيئا واحدا هو الانفراد بالعار الذي لحق به وبتاريخه حتى تقوم الساعة ، عار هزيمة 5 يونيو 1967 ويكفي ما قاله توفيق الحكيم في كتابه عودة الوعي :

«توفي عبد الناصر بعد ثلاث سنوات من الهزيمة ، ولا ندري كيف أمكنه أن يعيشها ....