لماذا يشترك الإخوان فى انتخابات مجلس النواب؟

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
مراجعة ١٤:٥١، ٢٨ يونيو ٢٠١٢ بواسطة Attea mostafa (نقاش | مساهمات)
(فرق) → مراجعة أقدم | المراجعة الحالية (فرق) | مراجعة أحدث ← (فرق)
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
لماذا يشترك الإخوان فى انتخابات مجلس النواب ؟

موقع إخوان ويكي (ويكيبيديا الإخوان المسلمين)

بقلم: الإمام حسن البنا

قرر المؤتمر السادس للإخوان المسلمين المنعقد بالقاهرة فى ذى الحجة 1361 أن يشترك الإخوان المسلمون فى الانتخابات النيابية، وأخذ مكتب الإرشاد العام بهذا القرار وقدم بعض الإخوان فى الانتخابات الماضية، وقرر الأخذ بهذا القرار كذلك فى الانتخابات المزمع إجراؤها بعد حل مجلس النواب القائم.

وتساءل بعض الناس لماذا يشترك الإخوان المسلمون فى الانتخابات؟

والإخوان المسلمون كما عرف الناس وكما أعلنوا عن أنفسهم مرارا جمعية للخدمة العامة ودعوة إصلاحية تجديدية تقوم على قواعد الإسلام وتعاليمه، فأما أنهم جمعية للخدمة العامة فذلك هو الواضح من ممارستهم فى شعبهم لأنواع هذه الخدمة من ثقافة وبر وإحسان ورياضة وإصلاح بين الناس وإقامة للمنشآت ما بين مساجد ومعاهد ومشافى وملاجئ فى حدود طاقتهم ومقدرتهم، وأما أنهم دعوة إصلاحية فذلك أن لب فكرتهم وصميمها أن يعود المجتمع المصرى والمجتمعات الإسلامية كلها إلى تعاليم الإسلام وقواعده التى وضعها فى كل شئون الحياة العملية للناس، ومن البدهى الذى لا يحتاج إلى بيان أن الإسلام ليس دين عقيدة وعبادة فقط ولكن دين عقيدة وعبادة وعمل تصطبغ به الحياة فى كل مناحيها الرسمية والشعبية.
أولئك هم الإخوان المسلمون، جمعية، ودعوة، والدعوة لب فكرتهم وثمرة جهادهم والهدف السامى لكفاحهم الطويل من قبل ومن بعد.
وعماد الدعوة لتنجح وتظهر، تبليغ واضح دائم يقرع بها أسماع الناس ويصل بها إلى قلوبهم وألبابهم، وتلك مرحلة يظن الإخوان المسلمون أنهم وصلوا بهم فى المحيط الشعبى إلى حد من النجاح ملموس مشهود، وبقى عليهم بعد ذلك أن يصلوا بهذه الدعوة الكريمة إلى المحيط الرسمى، وأقرب طريق إليه "منبر البرلمان". فكان لزاما على الإخوان أن يزجوا بخطبائهم ودعاتهم إلى هذا المنبر؛ لتعلو من فوقه كلمة دعوتهم، وتصل إلى آذان ممثلى الأمة فى هذا النطاق الرسمى المحدود بعد أن انتشرت فوصلت إلى الأمة نفسها فى نطاقها الشعبى العام؛ ولهذا قرر مكتب الإرشاد العام أن يشترك الإخوان فى انتخابات مجلس النواب.
وإذن فهو موقف طبيعيى لا غبار عليه فليس منبر البرلمان وقفا على أصوات دعاة السياسة الحزبية على اختلاف ألوانها، ولكنه منبر الأمة تسمع من فوقه كل فكرة صالحة ويصدر عنه كل توجيه سليم يعبر عن رغبات الشعب أو يؤدى إلى توجيهه توجيها صالحا نافعا.

وسيفيد الإخوان من هذه الخطوة فوائد جليلة:

  • سيفيدون على أسوأ الفروض انتهاز هذه الفرصة لنشر الدعوة فى هذا المحيط الذى تعترك فيه الفكر وتشتجر فيه الآراء وما كان لدعوة الحق الكريم أن يخفت صوتها فى وقت تعلو فيه كل الأصوات ويختلط فيه الحابل بالنابل, ولا قيام للباطل إلا فى غفلة الحق.
  • وسيفيدون بعد ذلك أن يفهم الناس أن دعوتهم لا تقف عند حدود الوعظ والخطابة، ولكنها تحاول أن تشق طريقها إلى المنابر والمجتمعات الرسمية، وأن على المؤمنين بهذه الدعوة أن يهيئوا أنفسهم لهذا الميدان، وأن يستعدوا لخوض غماره.
  • وسيفيدون إرشاد الناس إلى هذا المظهر الكريم من مظاهر التنافس الفاضل الشريف فى هذا الميدان. ستقوم دعاية الإخوان على المبادئ والأهداف.

وسيرى الناس أمامهم لونا فريدا جديدا من ألوان الدعاية الانتخابية البريئة المطهرة تستمد من قول الله تبارك وتعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلاَ نِسَاءٌ مِّن نِّسَاءٍ عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ وَلاَ تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلاَ تَنَابَزُوا بِالألْقَابِ بِئْسَ الاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الإِيمَانِ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾[الحجرات: 11] هذه فوائد مقطوع بها مهما كانت النتيجة الانتخابية، وسيفيد الإخوان بعد ذلك – إذا قدر لهم النجاح- وهو المأمول إن شاء الله هذه الصفة الرسمية لدعوتهم، وهذا التسجيل الرسمى لنجاحهم فى وصولها إلى آذان الشعب ومداركه، وسيرى كثير من الناس فى هذا النجاح بوادر الأمل القوى فى نهضة جديدة وحياة جديدة، ويأبى الله إلا أن يتم نوره، سيخوض الإخوان هذه المعركة وعمادهم تأييد الله إياهم، ودعايتهم فكرتهم التى اختلطت بصميم نفوسهم وأرواحهم، وعدتهم إيمان أنصارهم بأحقية الفكرة بأن تقود الأمة وتهدى الناس سواء السبيل.

ويتساءل فريق من الناس فيقولون:

أليس معنى هذا الاشتراك أن الإخوان سيخرجون من حيزهم الدينى إلى حيز سياسى فيصبحون هيئة سياسية بعد أن كانوا هيئة دينية؟! ونقول لهؤلاء: إن الإسلام لا يعترف بهذا التفريق بين الأوضاع فى حياة الأمة الواحدة، فالهيئة الدينية الإسلامية مطالبة بأن تعلن رأى الإسلام فى كل مناحى الحياة، والطريق البرلمانى هو أقرب الطرق، وأفضلها لهذا الإعلان، ولا يخرجها هذا عن صفتها، ولا يلونها بغير لونها.

وتقول طائفة ثالثة:

أليس هذا التنافس مما يكسب الإخوان أعداء ومنافسين، والدعوة أحوج ما تكون إلى مصادقة الجميع وتأييد الجميع؟ وذلك كلام طيب جميل، ونحن أحرص ما نكون على أن تظفر الدعوة بهذا الموضع من القلوب، وستكون المعركة الانتخابية الإخوانية معركة مثالية فى البعد عن المثالب الشخصية أو إثارة الأحقاد والحزازات، فإذا فهم الناس هذا المعنى وبادلونا إياه فسندخل أصدقاء ونخرج أصدقاء، وإذا لم يفهموه ولم يقدروه فهم الملومون وليست الدعوة ولا أصحاب الدعوة بمكلفين بأن يتجنبوا طرائق نجاحها خشية الناس، والله أحق أن نخشاه، وأية دعوة فى الدنيا نريد ألا يكون لها منافسون وخصوم؟ وحسب الدعوة وأصحاب الدعوة شرفا ألا يخاصموا الناس فى الباطل، بل فى الحق، وأن يحاربوا بأنظف الأسلحة وأنبل الوسائل.

ويوجه بعض المتسائلين سؤالا جميلا فيقولون:

وماذا تصنعون فى اليمين الدستورية إذا نجحتم وفيها النص على احترام الدستور، وأنتم معشر الإخوان تهتفون من كل قلوبكم القرآن دستورنا؟

والجواب على ذلك واضح مستبين فالدستور المصرى بروحه وأهدافه العامة من حيث الشورى وتقرير سلطة الأمة وكفالة الحريات لا يتناقض مع القرآن، ولا يصطدم بقواعده وتعاليمه، وبخاصة وقد نص فيه على أن دين الدولة الرسمى هو الإسلام، وإذا كان فيه من المواد ما يحتاج إلى تعديل أو نضوج فقد نص الدستور نفسه على أن ذلك التعديل والنضوج من حق النواب بطريقة قانونية مرسومة، وتكون النيابة البرلمانية حينئذ هى الوسيلة المثلى لتحقيق هتاف الإخوان.

وبعد:

فقد اختار مكتب الإرشاد العام هذا القرار، واتخذه بعد أن درس الموضوع من كل وجوهه، وهو مع ذلك يرقب سير الأمور عن كثب، وسيرسم الإخوان طريق اشتراكهم فى هذه الانتخابات على ضوء ما يسرى من ظروف وملابسات، وسيكون رائده فى ذلك الحكمة التامة ومراعاة الظروف العامة والخاصة، وأن يكتسب للدعوة أعظم الفوائد بأقل التضحيات.
والأمور بيد الله. وهو حسبنا ونعم الوكيل.