مجلس الشعب بين مريديه ومعارضيه

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
مراجعة ٢١:٠٢، ٣ يناير ٢٠١١ بواسطة Moza (نقاش | مساهمات)
(فرق) → مراجعة أقدم | المراجعة الحالية (فرق) | مراجعة أحدث ← (فرق)
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
مجلس الشعب بين مريديه ومصلحيه

إعداد: علاءمحمدعبدالنبى


مقدمة

الأستاذ علاء محمد عبد النبى



يعتبر مجلس الشعب عماد السلطة التشريعية فى مصر,سواء من حيث ماعهد له الدستور من اختصاصات وسلطات ,او من حيث تنظيم علاقته بالسلطة التنفيذية ,أو من حيث تكوينه وتشكيله ,أو من حيث واقع ممارساته واسهاماته فى الحياه السياسية.


والدستور لم ينص على العدد الذى يتكون منه المجلس ,بل خول ذلك للقانون, فصدر القانون رقم 38 لسنة 1972 فى شأن مجلس الشعب الذى يقضى فى مادته الاولى بأن يتألف المجلس من عدد444 عضوا بالاضافة الى العشرة اعضاء الذى يعينهم رئيس الدولة .


وحدد القانون رقم 206لسنة 1990عددالدوائر الانتخابية ب 222 دائرة ينتخب عن كل منهما عضوان أحدهما على الاقل من العمال والفلاحين.


شروط المرشح لمجلس الشعب

1-أن يكون مصرى الجنسية

2-أن يكون اسمه مقيدا فى أحد جداول الانتخاب

3-ألا يكون قد طرأ عليه سبب يستوجب الغاء قيده

4-أن يكون بالغا من العمر ثلاثين عاما ميلاديه على الأقل يوم الانتخاب

5-أن يكون أدى الخدمة العسكرية أو أعفى من أدائها

6-ألا تكون قد أسقطت عضويته بقرار من مجلس الشعب ,بسبب فقد الثقة والاعتبار أو بسبب الاخلال بواجبات العضو

7-أن يكون حاصلا على شهادة اتمام التعليم الاساسى على الاقل علاءمحمدعبدالنبى

المادة95

نصت المادة95على "لا يجوز لعضو مجلس الشعب أثناء مدة عضويته أن يشترى أو يستأجر شيئا من أموال الدولة,أو يؤجرها أو يبيعها شيئا من من أمواله أوأو أن يقاضيها عليه ,أو أن يبرم مع الدولة عقدا بوصفه ملتزما أو موردا أو مقاولا"


نظام الإنتخابات عندالامام الشهيد حسن البنا

يرى الامام البنا عليه رحمة الله أنه لابد مكن تعديل وإصلاح نظام الانتخابات, ومن وجوه هذا الإصلاح ما يلي:

أولا: وضع صفات خاصة للمرشحين أنفسهم, فإذا كانوا ممثلين لهيئات فلا بد أن يكون لهذه الهيئات برامج واضحة وأغراض مفصلة يتقدم على أساسها هذا المرشح.

وإذا لم يكونوا ممثلين لهيئات فلا بد أن يكون لهم من الصفات والمناهج الإصلاحية ما يؤهلهم للتقدم للنيابة عن الأمة.

ثانيا:وضع حدود للدعاية الانتخابية, وفرض عقوبات على من يخالف هذه الحدود.بحيث لا تتناول الأسر ولاشى البيوت ولا المعاني الشخصية البحتة التي لا دخل لها في أهلية المرشح وإنما تدور حول المناهج والخطط الإصلاحية.

ثالثا:إصلاح جداول الانتخابات, وتعميم نظام تحقيق الشخصية, فقد أصبح أمر جداول الانتخابات أمرا عجبا بعد أن لعبت الأهواء الحزبية والأغراض الحكومية طول هذه الفترات المتعاقبة, وفرض التصويت إجباريا.

رابعا:وضع عقوبة قاسية للتزوير من أي نوع كان.وللرشوة الانتخابية كذلك.

خامسا:إذا عدل نظام الانتخابات إلى الانتخاب بالقائمة, إلى الانتخاب الفردي كان ذلك أولى وأفضل, حتى يتحرر النواب من ضغط ناخبيهم, وتحل المصالح العامة محل المصالح الشخصية في تقدير النواب والاتصال بهم.


الاخوان المسلمون والانتخابات النيابية

المشاركة الأولى

كان من نتائج المؤتمر السادس للإخوان المنعقد في يناير 1941 م أن يصدر قرارًا خلاصته: "الأذن لمكتب الإرشاد العام للإخوان المسلمين بالتقدم بالأكفاء من الإخوان إلى الهيئات النيابية المختلفة، ليرفعوا صوت الدعوة، وليعلنوا كلمة الجماعة فيما يهم الدين والوطن". وكان هذا أول توجه من الإخوان المسلمين إلى اقتحام ميدان الانتخابات

كانت أول محاولة لـ(الإخوان) عام 1938 م، ولم تسمح الجماعة إلا للإمام "البنَّا" فقط بخوض الانتخابات في دائرة الإسماعيلية، وقد شهدت هذه الانتخابات أول ضغط ظاهر للمحتل الإنجليزي على الحكومة المصرية بهدف منع الإمام "البنَّا" من خوض الانتخابات؛ وهو ما حدث بالفعل، إلا أن (الإخوان) لم يخرجوا من الانتخابات دون مكاسب؛ بل حققوا مكاسب هامة، كان أبرزها اعتراف حزب الأغلبية وزعيمه بوجود (الإخوان)، كما حصل (الإخوان) على مكاسب أخرى استفادت منها مصر، وكان من أهمها إغلاق بيوت الدعارة الرسمية، وهو الطلب الذي طالب به الإمام "البنَّا" من حكومة "النحاس" باشا مقابل تنازله عن الترشيح، إضافةً للسماح بوجود جريدة يومية لـ(الإخوان المسلمون).

ورغم أن الإمام "البنَّا" تنازل عن ترشيح نفسه في هذه الانتخابات إلا أن مجرد مشاركة (الإخوان) في الانتخابات النيابية كان مثار حديث الجميع عن جدوى المشاركة، والهدف منها وهو ما دفع مجلة (الإخوان المسلمون) إلى نشر حوار مع العالم الشيخ "محمد أبو زهرة"- أستاذ الشريعة الإسلامية بكلية الحقوق- جامعة القاهرة- حول مشاركة (الإخوان المسلمون) في الانتخابات النيابة، وأجاب الشيخ "أبو زهرة" على عدة أسئلة، كان من أهمها الرأي الشرعي في ترشيح بعض (الإخوان المسلمون) أنفسهم في الانتخابات النيابية، وقد قال الشيخ "أبو زهرة": إن ترشيح بعض (الإخوان المسلمون)، الذين يستمسكون بالعروة الوثقى، وللدين الاعتبار الأول في نفوسهم- أمرٌ جدُّ واجبٌ- لأنه يحمي جماعة (الإخوان)، وينشر دعوتهم، ويفيد الحياة النيابية في مصر.

أما حمايته لجماعة (الإخوان)؛ فلأن وجود نواب يمثلونهم يمكِّن الجماعة من أن ترفع صوتًا في دار الشورى بالشكاة العادلة ممَّا يقع على أعضائها من مظالم أو اضطهادات أو نحو ذلك؛ وهو ما تتعرض له الجماعات في مصر، وأما أنه سبيلٌ لنشر فكرتها؛ فلأنه يُمكِّن ممثليها من أن يدلوا بآراء الجماعة الصحيحة في كل ما يعرض من قوانين في مسائل إدارية ونظامية، وأن صوتهم سيكون صوت الإسلام يتردد في قبة البرلمان، وهو رقابة قوية تستمد قوتها من الدين وضمان وثيق؛ لكي تسير أمور الدولة في قابل أمرها غير متجانفة عن الإسلام ولا مجافية لأحكامه، وأما فائدتها للحياة النيابية في مصر؛ فلأن نواب الجماعة سيكونون ممثلين لفكرة فوق تمثيلهم لناخبيهم، وسيعملون تحت سلطان هذه الفكرة، على أن يكونوا رقباء على الحكومة، فاحصين لأعمالها- ناقدين أو مؤيدين- على أساس من القسطاس المستقيم، وبذلك يعلم سائر النواب وتعلم الأمة أن عمل النائب ليس التردد في الدواوين حاملاً للشفاعات متوسلاً للرجاء لقضاء الحاجات، فلا يكون عنده قوة للاعتراض على مَن توصل إليهم ولا للرقابة عليهم.. إن عمل النائب الذي رشح له هو أن يراقب الوزراء لا أن يرجوهم، وأن يصلح الإدارة المصرية لا أن يُفسدها، وأن يقطع السبيل على مَن يجعلون الأمور تسير بالشفاعةِ والضَّراعة، لا أن يروج الشفاعة في صفوف القائمين بالأمر في الكافة على هذه الجادة أن يسير ممثلو (الإخوان)، فيكونون مثلاً صحيحًا لممثلي الأمة، وما يجب أن يكون عليه النائب الذي يعرف غايته وغرضه وهدفه.


المشاركة الثانية

وفي عام 1941 م، اتخذ المؤتمر العام السادس للجماعة قرارًا هو الأول من نوعه في تاريخها بأن يشترك (الإخوان) في الانتخابات النيابية التي ستجري عام 1942 م، ويقول الامام "حسن البنَّا"- في مقال هامٍّ نشرته مجلة (الإخوان المسلمون)-: "إن مكتب الإرشاد اختار هذا القرار، واتخذه بعد دراسة للموضوع من كل وجوهه، وهو مع ذلك يرقب سير الأمور عن كثب، وسيرسم لـ(الإخوان) طريق اشتراكهم في هذه الانتخابات على ضوء ما سيرى من ظروف وملابسات، وسيكون رائده في ذلك الحكمة التامة، ومراعاة الظروف العامة والخاصة، وأن يكتسب للدعوة أعظم الفوائد بأقل التضحيات".

وبالفعل خاض الإمام "حسن البنَّا" الانتخابات النيابية مرةً أخرى؛ حيث رشح نفسه للمرة الثانية في دائرة الإسماعيلية، ومعه عدد من رموز وقيادات (الإخوان) الذين ترشحوا في عدد آخر من الدوائر على مستوى القطر المصري، وقد فشلت كل الضغوط التي مارسها الإنجليز على الحكومة المصرية ومارستها الحكومة على الجماعة لسحب الإمام "البنَّا" ترشيحه، إلا أن قرار الجماعة هذه المرة كان بالرفض، وأصرَّ على خوض (الإخوان) للانتخابات مهما تكن النتائج، وبالفعل مارس الإنجليز كل وسائل الضغط والتزوير حتى انتهت الانتخابات بخسارة الإمام "البنَّا" ومن معه من (الإخوان).


المشاركة الثالثة

كانت في الانتخابات البرلمانية بشكل فردي في انتخابات 1976 م، و1979 م، وقد نجح في الأولى الشيخ "صلاح أبوإسماعيل" وفي الثانية نجح أيضًا الشيخ "صلاح أبوإسماعيل" ومعه الحاج "حسن الجمل".

وتأتي أهمية هذه المشاركة- حتى لو كانت بشكل فردي- في أنها كانت بمثابة إعلان ميلاد الجماعة والحركة الإسلامية بشكل عام من جديد بعدما لقيته الحركة الإسلامية، وفي القلب منها جماعة (الإخوان)، من تعذيب واضطهاد وتشريد على يد النظام الناصري؛ سواء في 1954 م و1965 م، ومن ناحية أخرى كانت انتخابات 1976م و1979 م أول انتخابات حقيقية تشهدها مصر بعد ثورة 1952م، كما أنها تعد النتاج الأول للتعددية السياسية والحزبية بمصر التي أقرها الرئيس الراحل "أنور السادات".

وقد كان للشيخ "أبو إسماعيل" والحاج "الجمل" دور كبير خلال مشاركتهما في مجلسي 1976 م، و1979 م، ويُنسب لهما أهم إنجاز سياسي ودستوري للحركة الإسلامية في هذا العصر، وهو جعل الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع عام 1979 م، وتشكيل لجان برئاسة الدكتور "صوفي أبوطالب" لتقنين ومراجعة القوانين على حسب مقتضيات الشريعة؛ بل وأسهم الشيخ "أبوإسماعيل" في الإعداد لسبعة مشروعات قانونية في العقوبات المدني والتجاري والإجراءات والمرافعات، وبالتالي تحولت الشريعة- بفضل النضال الدستوري- إلى مطلب دستوري يجب على السلطات والمجالس النيابية الالتزام به عند سَنِّ القوانين؛ بل ملزم للمحكمة الدستورية عند الفصل في القوانين، وامتد الأمر- بطبيعة الحال- إلى الأحزاب؛ حيث اشترط القانون في قبول تأسيس أي حزب أن ينص برنامجه السياسي على مبدأ القبول بتطبيق الشريعة؛ وهو ما فعلته كافة الأحزاب بما فيها حزب (التجمع) ذو الجذور الماركسية.


تحالف الوفد والإخوان عام 1984

في عام 1984 م كانت أول مشاركة رسمية لجماعة (الإخوان) في الانتخابات البرلمانية بعد الثورة؛ حيث تحالف (الإخوان) مع حزب (الوفد)، ودخل 6 أعضاء من (الإخوان) البرلمان؛ وهو ما يجعل عام 1984م من العلامات البارزة في تاريخ العمل السياسي لـ(الإخوان)؛ حيث خاضت الجماعة الانتخابات بالتحالف مع حزب (الوفد) الجديد بقائمة موحدة بعد اشتراطات السلطة بإجراء الانتخابات بالقائمة المطلقة للأحزاب الرسمية، والتي اشترطت الحكومة حصولها على نسبة 8% على مستوى القطر المصري للفوز بمقاعدها بالبرلمان، وهي النسبة التي تحققت لتحالف (الإخوان) و(الوفد) ولم تتحقق لقوائم أحزاب التجمع أو العمل.

وقد كان التحالف نتيجة لاتفاقٍ بين الأستاذ "عمر التلمساني"- المرشد الثالث للإخوان- و"فؤاد سراج الدين" باشا- زعيم حزب الوفد، وكانت لفترة السجن التي قضاها الأستاذ "عمر التلمساني" مع "فؤاد باشا سراج الدين" في أحداث سبتمبر 1981م تأثيرًا مشتركًا في هذا التقارب بين قوتين، كثيرًا ما كانا في خلافٍ قبل ثورة يوليو 1952 م، وكل منهما يمثل اتجاهًا مختلفًا؛ فالإخوان جماعة إسلامية، أما الوفد فهو حزب ليبرالي أصيل، إلا أن ما وضعته السلطة من قيود كان كفيلاً في أن يقبل كل من الطرفين هذا التحالف، فالوفد كان متأكدًا أنه لن يحوز على نسبة الـ 8% من الأصوات، كما أن فرصة مشاركة (الإخوان) في الانتخابات دون التحالف مع حزبٍ رسمي تكاد تكون معدومة؛ ولذلك كان التحالف الذي وصفه المستشار "محمد المأمون الهضيبي"- المتحدث باسم (الإخوان المسلمون) وقتها- بأنه تعاون، وليس فرضًا لرأي أحد الطرفين على الآخر.

ودارت المعركة الانتخابية، ولم يفز من أحزاب المعارضة سوى قائمة تحالف (الوفد- الإخوان)، وهي القائمة التي نجح فيها ستة من (الإخوان)، وهم: "حسن الجمل"، و"محفوظ حلمي"، و"محمد المراغي"، و"محمد الشيشتاني"، و"حسني عبدالباقي"، و"عبدالغفار عزيز"، وإن كان النواب الستة قد مارسوا نشاطهم البرلماني تحت اسم حزب الوفد، إلا أنه كان لهم أداؤهم المميز والمستقل، والذي كان يؤكد هويتهم الإخوانية؛ ولكن دون إعلان.

وقد اعتبر المراقبون هذه المشاركة بأنها كانت محاولة من (الإخوان) لجسِّ نبض القيادة السياسية التي أكدت في أكثر من مناسبة أن أخطاء الرئيس الراحل "أنور السادات" في التعامل مع المعارضة لن تتكرر! ولكن كيف استعد النظام السياسي لهذا التحالف الجديد الذي يضم جناحين قويين لهما وجودهما التاريخي والشعبي؟! والإجابة على هذا السؤال كانت واضحة من أول يوم عقد فيه المجلس جلساته عندما أعلن الحزب الحاكم- صاحب الأغلبية بالمجلس- عن اختيار الدكتور "رفعت المحجوب" رئيسًا لمجلس الشعب؛ وهو الاختيار الذي كان له أسبابه الهامة، منها: أن الدكتور "المحجوب" يُعد من الحرس التقليدي لثورة يوليو، وعمل بفلسفتها ومنهجها حتى وصل إلى أمين عام التنظيم للاتحاد الاشتراكي عام 1975 م، وهو التنظيم السياسي الأوحد وقتها، كما أن اختياره كان لمواجهة عودة حزب الوفد إلى الساحة السياسية الشرعية والنيابية، ولم ينسَ النظام الحاكم أن الوفد كان هو حزب الأغلبية قبل الثورة، وكانت له الشعبية الأولى في القُطر المصري.

والأهم من ذلك كله كان اختيار الدكتور "المحجوب" ردًّا على مشاركة (الإخوان) في هذا المجلس ضمن قائمة حزب الوفد وإعلانهم عن موقفهم من تطبيق الشريعة الإسلامية، إضافةً إلى اقتناع القيادة السياسية أن "المحجوب" خير مَن يتصدى للإخوان، ويضاف لكل ذلك ما يمتاز به الدكتور "المحجوب" من ثقافة واسعة، واعتباره ضمن مدرسة الموسوعات المعرفية، وقد كانت ثقافته بحكم تكوينها تمتلك ثقافة دينية واسعة تمكنه من مقارعة (الإخوان) في أي حوارٍ أو جدال يتعلق بالقضايا الشرعية والدينية بشكل عام، ولم يمنع ذلك كله من وجود هدف آخر لم يكن خافيًا على أحد؛ وهو محاولة احتواء (الإخوان)، وجعلهم جزءًا عاديًّا من نسيج النظام السياسي ليصبحوا في ركب تطور النظام السياسي الجديد وبدون مصادمات أو مواجهات مع هذا النظام.

وكان من أبرز ما قام به مجلس 1984م هو استكمال مناقشة تقنين أحكام الشريعة الإسلامية لبعض القوانين التي بدأها مجلس 82 في ظل رئاسة الدكتور "صوفي أبو طالب"، كما ميَّز مجلس 84 أن الحملة الانتخابية الخاصة به شهدت- ولأول مرة- شعار تطبيق الشريعة الإسلامية، وقد حقق (الإخوان) في هذا المجلس العديد من المكاسب، أهمها: استكمال مناقشة مشروعات تقنين الشريعية الإسلامية، وقيام البرلمان بعقد جلسات استماع حول الدعوة الإسلامية وتطبيق الشريعة الإسلامية، ودعت اللجنة بالفعل زعماء ورؤساء الأحزاب والتيارات السياسية، وشارك فيها الأستاذ "عمر التلمساني"- المرشد العام لـ(الإخوان المسلمون) وقتئذٍ- ولم يعمِّر مجلس 84 كثيرًا لعدم دستورية قانون الانتخابات التي أُجريت به الانتخابات، وهو قانون القائمة المطلقة، وتمَّ حل المجلس بداية 1987 م.


انتخابات 1987 الإسلام هو الحل

ثم جاءت انتخابات 1987 م لتكون الإعلان الأوضح والأقوى لوجود (الإخوان المسلمون) في الساحة السياسية لعدة أسباب، لعل أبرزها وأهمها على الإطلاق هو الإعلان عن ميلاد شعار (الإسلام هو الحل)، الذي رفعه التحالف الإسلامي، والذي ضمَّ- بجانب جماعة (الإخوان المسلمون)- حزبي العمل والأحرار، وهو التحالف الذي أثمر عن 56 مقعدًا، وفاز الإخوان من خلال "التحالف الإسلامي" مع حزبي العمل والأحرار بنسبة 17.4% من أصوات الناخبين ليحصلوا على مليون و163 ألفا و525 صوتًا من أصل أصوات سبعة ملايين ناخب، وفاز للإخوان 37 نائبًا (حوالي 8.5% من مقاعد البرلمان)- وذلك لأول مرة في مصر- من أصل 454 نائبًا برلمانيًا (444 بالانتخاب وعشرة بالتعيين).

وتقدم ترتيب الجماعة بذلك لتحتل الترتيب الثاني بعد الحزب الحاكم (69% من الأصوات) من حيث عدد الأصوات والمقاعد التي فازت بها، وبـ 37 مقعدًا، احتل الإخوان المرتبة الأولى في صفوف المعارضة، وليس ذلك فحسب؛ بل إنَّ هذه الانتخابات أفرزت نجومًا برلمانيين قلبوا أوضاع الحياة السياسية رأسًا على عقب في هذه الفترة، وما بعدها منهم المستشار "محمد المأمون الهضيبي" المرشد العام السادس للجماعة، والأستاذ "محمد مهدي عاكف" المرشد الحالي للجماعة، و"أحمد سيف الإسلام حسن البنَّا" نجل مؤسس الجماعة الأستاذ "حسن البنا"، والدكتور "محمد السيد حبيب" النائب الأول للمرشد العام للجماعة حاليًا، والدكتور "عصام العريان" القيادي الإخواني البارز، والذي كان أصغر نواب برلمان 87، إضافةً لنجوم البرلمان السابق، والذين كان في مقدمتهم الشيخ "صلاح أبوإسماعيل"، والحاج "حسن الجمل"، والأستاذ "محفوظ حلمي"، والعديد من القيادات الإخوانية الأخرى؛ كالحاج "أحمد البس"، والدكتور "عبدالحي الفرماوي".

وقد أعطى (الإخوان) ثقلاً للمعارضة؛ وهو ما أدى لرفع منسوبها، وأثرى وجودها، وجسَّد أمام الحكومة معارضة حقيقية محترفة تجيد الإحراج والمكاشفة والمناقشة، كما رشح (الإخوان) على قائمة التحالف الإسلامي النائب القبطي "جمال أسعد عبدالملاك" ليكون أول قبطي يدخل البرلمان بالانتخاب منذ عودة التعددية في مصر، ويكون بذلك على قائمة (الإخوان).

وقد كانت مشاركة التيار الإسلامي في هذه الانتخابات تحت لائحة التحالف الإسلامي مشاركة جيدة وفعَّالة وواضحة المعالم، وكان خوضها الانتخابات تحت شعار (الإسلام هو الحل) بمثابة استفتاء شعبي عام على اختيار الشعب للمنهج الإسلامي، ولم يدم عمر هذا المجلس كثيرًا؛ حيث حكمت المحكمة الدستورية العليا ببطلانه عام 1990 م لعدم دستورية قانون القائمة النسبية الذي أجريت به الانتخابات، ثم جاءت انتخابات 1990 م التي قاطعها (الإخوان) مع باقي الأحزاب والقوى السياسية الأخرى عدا حزب التجمع اليساري لعدم وجود ضمانات حقيقية لنزاهة الانتخابات.

ويمكن القول: إن صبر الحكومة المصرية قد بدأ ينفد في أعقاب فوز الإخوان بمليون صوت في انتخابات عام 1987، وهو الأمر الذي كشف حجم قوة الجماعة في الشارع المصري، وزاد من قلق الحكومة المصرية أن الإخوان استداروا بقوةٍ إلى انتخابات النقابات المهنية واكتسحوا نقابات قوية منها بشكل أفزع الحكومة وهي: نقابة المهندسين (عام 1985)، ونقابة الأطباء (عام 1986)، ونقابة المهندسين (عام 1987)، ونقابة الصيادلة (عام 1988)، ونقابة المعلمين، وفي عام 1989 أضافوا إلى كل ذلك سيطرتهم على نوادي هيئات التدريس في الجامعات الكبرى.

انتخابات 1995

ثم خاضت الجماعة انتخابات 1995 م تحت نفس الشعار (الإسلام هو الحل)، وهي الانتخابات التي أُجريت بنظام الفردي أيضًا، إلا أن هذا لم يمنع استمرار التحالف الإسلامي بين الجماعة وحزب العمل، وقد خاضت الجماعة هذه الانتخابات بمائة وخمسين مرشحًا في ظل ظروف سياسية وأمنية غاية في القسوة تمثلت في تحويل 82 من قيادات (الإخوان) إلى القضاء العسكري وتمَّ محاكمتهم عسكريًّا في 23/11/1995 م بعد حملة اعتقالات دامت عدة أشهر في الفترة من يناير إلى أكتوبر 1995 م، وقضت المحكمة بسجن 54 منهم بأحكام تتراوح بين 3 إلى 5 سنوات في محاولة من الحكومة لإجهاض عملية إقدام (الإخوان) على خوض الانتخابات البرلمانية لعام 1995م، والتي كانت أسوأ انتخابات شهدتهامصر، ولم ينجح من مرشحي (الإخوان) والتحالف سوى نائب واحد، وهو نائب الدائرة 25 بالقاهرة الأستاذ "علي فتح الباب" عضو المجلس الحالي.

وقد شهد مجلس 1995 م أكثر من 915 طعنًا في صحة عضوية نوابه، وقد أكمل مجلس95 دورته، وأطلق عليه المراقبون وصف "مجلس سيء السمعة".. نسبة للقوانين سيئة السمعة التي أقرها، حتى صدر الحكم التاريخي للمحكمة الدستورية في يوليو 2000م ببطلانه لعدم الإشراف القضائي على الانتخابات التي أجريت في 1995م؛ وهو ما دفع رئيس الجمهورية إلى إصدار قرار بقوة قانون لفضِّ الفصل التشريعي السابع (مجلس 95) وإجراء الانتخابات في موعدها نهاية عام 2000م تحت إشراف قضائي، وكانت انتخابات 2000م التي فاز (الإخوان) فيها بسبعة عشر مقعدًا من إجمالي 70 مرشحًا خاضوا الانتخابات تحت شعار (الإسلام هو الحل).


انتخابات عام 2000

تكتسب انتخابات 2000 م التي أجريت على ثلاث مراحل خلال شهري أكتوبر ونوفمبر 2000 م أهميةً خاصةً؛ حيث إنها جاءت في إطار ومناخ سياسي عام لم يكن في صالح المجلس من حيث ممارسة صلاحياته وسلطاته التي افتقدها أمام السلطة التنفيذية، من ناحية أخرى كانت هذه الانتخابات بشكل أو بآخر فرصة للقوى والأحزاب السياسية التي قررت خوض تلك الانتخابات في اختبار وجودها في الشارع السياسي، خاصةً أنها الانتخابات الأولى التي تجري في ظل إشراف قضائي، إلا أن هذا لم يمنع الحكومة المصرية من ممارسة كافة أشكال الضغط وممارسة كل أنواع البلطجة على مرشحي (الإخوان)؛ حتى لا ينجح أحد منهم، ورغم هذه الضغوط التي لم يتعرض لها سوى مرشحي (الإخوان) استطاعت الجماعة أن تفوز بسبعة عشر مقعدًا، كانوا سببًا في سخونة مجلس الشعب ولعبوا دورا كبيرا تحت القبة.

ومن الأحداث الهامة التي ارتبطت بالإخوان في برلمان 2000، المخطط الحكومي الذي تم بمقتضاه الإطاحة بنائبي الإخوان جمال حشمت عام 2003، وعزب مصطفي عام 2004؛ ففي جلسةٍ عاصفةٍ تاريخيةٍ- لم يشهدْ مجلس الشعب مثلها- أنهى الدكتور أحمد فتحي سرور رئيس المجلس مشكلة الطعن المقدم ضد انتخابات دائرة دمنهور، وإبطالِ عضويةِ حشمت لثبوت التزوير لصالح مرشح الحزب الوطني الذي خاضَ انتخاباتِ الإعادة ضد حشمت على حساب مرشح الوفد.

وقد تكررت مهزلة الإطاحة بحشمت مع عزب، حيث نسجت اللجنة التشريعية بالبرلمان مؤامرة مع الحكومة، وقررت في العاشر من مايو 2004 بطلان انتخابات البرلمان على مقعد العمال في دائرة الجيزة التي يمثلها النائب الإخواني عزب مصطفى، بسبب طعن مقدم في المرشح الذي خاض ضد عزب انتخابات الإعادة على مقعد العمال فقط، بينما رفضت اللجنة مناقشة 16 طعنًا آخرين من محكمة النقض على مقعدي الدائرة الفئات والعمال معًا.


انتخابات 2005 وفوز الاخوان ب88 مقعد

مع حالة "الحراك السياسي" الذي عمَّ كل مصر، وخروج مظاهرات الإصلاح عام 2005، وتعديل المادة 76 الدستور بما يسمح بانتخابات رئاسية تعددية في مصر لأول مرة، رغم فقدان التعديل لجدواه وتفريغه من مضمونه بوضع شروط تعجيزية للمرشحين للرئاسة، فقد ظهر الإخوان بقوة في الشارع المصري، وأعلنوا مشاركتهم في انتخابات 2005، تحت شعار "مشاركة لا مغالبة"، فلم يدفعوا بنسبة كبيرة من مرشحيهم في الانتخابات، حيث حرصوا على ترشيح 150 عضوًا فقط بنسبة ثلث أعضاء البرلمان تقريبًا، رغم أن معنى هذا أن يفسح الطريق للحزب الوطني الحاكم للحصول على أغلبية الثلثين اللازمة للسيطرة على قرارات المجلس. وخرج مرشحو الجماعة في مسيرات انتخابية بطول وعرض البلاد يشارك فيها ما بين المئات والآلاف وهم يهتفون بشعارات الجماعة واسمها وسط التفاف شعبي كبير أذهل المراقبين، وأثار في نفس الوقت فزع الكثيرين في الداخل والخارج.

ورغم أن عدد مرشحي جماعة الإخوان المسلمين في انتخابات 2005 بما يعادل أقل من 3% تقريبًا من إجمالي المرشحين (161 من 5400 مرشح)، فقد مثلت أخبار الجماعة ومرشحيها ونسب المقاعد المتوقع فوزها بها فاكهةَ الساحة السياسية والإعلامية المصرية بصورة غير عادية، وأصبحت مثار العديد من الجدل والشائعات والاتهامات التي أبرزها الحديث عن "تربيطات" انتخابية بينها وبين "إصلاحيين" أو "غاضبين" من الحزب الوطني الحاكم، أو اتهامها باستخدام شعارات دينية تثير الفتنة الطائفية.

ومع نفي قادة الجماعة كل هذه الشائعات والاتهامات، وتفجير الجماعة كل يوم تقريبًا لدعاية انتخابية جديدة لم تعتدها الانتخابات المصرية تزيد من شعبيتهم، ازداد الجدل حول قوة الإخوان في الانتخابات ومستقبل الجماعة السياسي بعدما أصبحت تستقطب مؤيدين جددًا من السياسيين والمثقفين المصريين لحقها في تشكيل حزب سياسي شرعي يعبر عنها، وبات الاعتراف بوجودها وحضورها البارز في الساحة السياسية أمرًا يؤكده المسئولون الحكوميون قبل المعارضين.

وقد أثار تصريح "محمد مهدي عاكف"- المرشد العام للإخوان المسلمين - لصحيفة الأهرام آنذاك بأن "هناك بداية تغيير أحس به كرجل تعرض للاضطهاد والظلم، وأنا الآن أشعر أن التعامل أفضل، وأدعو الله أن يستمر هذا الاتجاه"، تساؤلات حول أسباب فتح الباب أمام رموز الجماعة للحديث بحرية في الصحف الرسمية، وهو ما أثار نظرية "التنسيق الانتخابي" بين الإخوان والوطني.

بيد أنه لوحظ أنه سرعان ما اختفت تصريحات الإخوان من الصحف الرسمية وبدأت- على العكس- حملةَ نقد شديدة لهم واتهامات بالتسبب في فتنة بسبب شعاراتهم الانتخابية، وأكدت صحف مستقلة أن هذا جاء في أعقاب توجيهات من رئيس الوزراء المصري لرؤساء تحرير الصحف بتجاهل أخبار الإخوان في الانتخابات، وهو ما نفى فكرة التنسيق الانتخابي.

وقد أثار الموقف الرسمي والأمني الأكثر تسامحًا مع مرشحي الجماعة وعدم اعتراض مسيراتهم الانتخابية، أو اعتقال أنصارها كما كان يجري في انتخابات سابقة تساؤلات أخرى، بيد أن قادة الإخوان قالوا: إن هذا التسامح الحكومي الذي يجري الحديث عنه لا علاقة له بشائعات التنسيق الانتخابي، وإنه "شيء طبيعي ومنطقي في ظل الحراك السياسي بحيث يسعى النظام إلى تجميل الصورة وتحسين الوجه، خاصة وهو مقبل على انتخابات برلمانية"، كما قال د. محمد حبيب- النائب الأول للمرشد، وأضاف أن الدعوات الأجنبية لإجراء مزيد من الإصلاح السياسي في مصر زادت من صعوبة إقدام الحكومة على ممارسة الضغط على المعارضة قبل الانتخابات.

وتطلعت الجماعة إلى الفوز بحوالي 50-70 مقعدًا وفق تقديرات قادتها، وأشارت تقديرات أخرى لمركز الدراسات الإستراتيجية بالأهرام (أشار إليها د. عبد المنعم سعيد مدير المركز في ندوة منتدى مصر الاقتصادية- 30 أكتوبر 2005) إلى احتمالات فوز الجماعة بقرابة 30-45 مقعدا في البرلمان باعتبار أن قوتها تعادل 15-20% من الشارع المصري.

أما أبرز ملاحظات المراقبين على أداء الإخوان في انتخابات 2005 فكانت على النحو التالي:

1- حرصت الجماعة على ترشيح حوالي 161 عضوًا من أنصارها فقط، أي ثلث عدد أعضاء البرلمان تقريبًا، وقالت: إنها تتوقع الفوز بحوالي 50-70 مقعدًا، في إشارة واضحة وذات مغزى لتهدئة مخاوف النظام وأنها لا تستهدف السيطرة على البرلمان أو تهديد أغلبية الحزب الوطني الحاكم (ثلثي المقاعد) اللازمة لتمرير التشريعات التي ترغب فيها الحكومة، وقد برر هذا محمد مهدي عاكف- المرشد العام الجماعة- بقوله لجريدة (طوكيو) اليابانية: إن "الظروف المحلية لا تسمح بذلك؛ فما زالت مصر تُحكم بعقلية استبدادية"، وقوله: إن "الإخوان يتوقعون الفوز بنحو 50 مقعدًا، والحكومة لا تحتمل أكثر من ذلك".

2- نزلت الجماعة- ولأول مرة منذ 53 عامًا- بشعارها الرسمي (المصحف والسيفين)، و(الإخوان المسلمين)، و(معًا من أجل الإصلاح) بدلاً من عبارة "مرشح التيار الإسلامي" التي لجأت لها في انتخابات سابقة، وخرجت مسيرات انتخابية بطول وعرض البلاد تهتف باسم الجماعة ومرشحيها، على الرغم من أنها لا تزال "محظورة" في العرف الرسمي، واتبعت تكتيكات انتخابية متنوعة بداية من المسيرات بالآلاف والإنترنت والراديو، وحتى مسيرات الدراجات والسيارات وشرائط الكاسيت والأغاني، وهو ما دفع مرشحين آخرين لاقتناص بعض ألوان الدعاية الإخوانية.

3- ردًا على الاتهامات المتكررة للجماعة أنها ترفع شعارات وليس لديها برامج، اهتمت الجماعة هذا العام بوضع وتوزيع برنامج انتخابي سياسي واضح يقع في 7701 كلمة يركز على "المرجعية الإسلامية والآليات الديمقراطية في الدولة المدنية الحديثة"، ويرفض فكرة "الدولة الدينية"، ويحدد هدفه في "الإصلاح" والتغيير وتطبيق شرع الله عبر "الوسائل السلمية المتاحة وعبر المؤسسات الدستورية"، وينقسم هذا البرنامج لثلاثة محاور هي: (النهضة- الإصلاح- التنمية) يندرج تحت كل محور منها برامج سياسية واجتماعية واقتصادية وثقافية ونسائية وإعلامية وصناعية وإستراتيجية وتربوية وصحية وغيرها بالتفصيل.

4- حرص الإخوان على الرد على ما نُشر عن إثارتهم الفتنة أو استخدام شعارات دينية في الدعاية الانتخابية باتخاذ مواقف عملية تتلخص في إصدار بيانات توضح ما يثار من شائعات، وحقيقة دور الإخوان في "الوساطة" لإنهاء أزمة فتنة الإسكندرية، كما حرصوا في مسيراتهم خاصةً في الأحياء ذات الكثافة السكانية القبطية على ترديد شعارات صريحة تطمئن الأقباط، بهدف نفي ما يثار حول شعار الإسلام هو الحل وأن معناه استبعاد الأقباط، مثل شعار: "نصون العهد ونرعى الذمة للأقباط أبناء الأمة".

5- تعامل الإخوان بهدوء مع الضجة التي أثيرت حول اعتبار شعار (الإسلام هو الحل) شعار انتخابي ديني مخالف، وعلى العكس سعوا لترسيخ شعار (الإخوان) بدلاً منه، بحيث يمكن القول إن الحملة ضد الشعار أفادتهم في تثبت اسم (الإخوان المسلمين) وتعريف الشارع المصري بهم؛ حيث رفعوا شعارات وهتافات تعبر عن الإخوان مباشرة مثل (اشهد يا زمان إحنا الإخوان) (والإخوان أمل الأمة) في محاولة للالتفاف على الشعار الذي أصبح مرفوضًا رسميًا، ومع هذا فلم يتخلَّ الإخوان عن شعار الإسلام هو الحل.

وأكد د. حلمي الجزار- المتحدث الرسمي باسم إخوان الجيزة- أن هذا الشعار الذي تخوض به الجماعة الانتخابات منذ ربع قرن هو "شعار دستوري صدرت بشأنه أحكام قضائية من مجلس الدولة في الدورة البرلمانية عام 2000 تفيد أنه يتسق مع الدين الرسمي للدولة والدستور المصري".

6- شكا عدد من مرشحي الإخوان من الرموز الانتخابية التي تعمَّدت السلطات في مصر تخصيصها لهم والتي تضمن بعضها "الدبابة" و"السيف" و"المسدس" وعبَّروا عن مخاوفهم من استغلال هذه الرموز لشنِّ حملة ضد الجماعة لوصمها بالإرهاب والعنف، ولكنهم اعترفوا بأن تعامل الحكومة مع الجماعة اختلف عن الانتخابات السابقة عام 2000 التي اعتقل فيها قرابة ألفين من أنصار المرشحين ومنعت الدعاية لهم، بعكس الانتخابات الحالية التي شهدت تجاوزات محدودة نسبيًا.

وفاقت النتائج توقعات كافة المراقبين، وحصد الإخوان 88 مقعدًا- أي خمس مقاعد البرلمان، في انتصارٍ تاريخي ما زال دويه يتردد هنا وهناك، وليصبحوا ثاني أكبر كتلة برلمانية بعد الحزب الوطني، رغم التدخلات الأمنية التي لجأ إليها النظام في المرحلتين الثانية والثالثة من الانتخابات لوقف تقدم الإخوان والحيلولة دون حصد مقاعد أخري، تمكنهم مع بقية أحزاب المعارضة من الوصول إلى نسبة الثلث التي يحق لها عرقلة أية قوانين أو قرارات تسعى الحكومة لتمريرها.

وارتكب الحزب الحاكم جريمةً بشعة في حق المصريين خلال هاتين الجولتين؛ حيث قُتل وأصيب العشرات على يد جيوش البلطجية التي استعان بها لإرهاب الناخبين، واستهدف رصاص قوات الأمن أعينَ المواطنين مما أفقد العديد نعمة البصر!! واضطر الناخبون في مشهدٍ جذب أنظار العالم إلى استخدام السلالم الخشبية للوصول إلى اللجان الانتخابية بعدما قامت الأجهزة الأمنية بتقفيل اللجان؛ للحيلولة دون وصول أنصار مرشحي الإخوان إلى صناديق الاقتراع، فضلاً عن ضغوط مكثفة مورست من جهات عليا على رؤساء اللجان لإعلان نتائج مخالفة لأرقام الفرز، وهو ما أطاح بالكثير من مرشحي الإخوان كان أبرزهم رئيس الكتلة البرلمانية عام 2000 الدكتور محمد مرسي، وأيضًا مرشح دمياط المهندس صابر عبد الصادق، والدكتور جمال حشمت، والدكتورة مكارم الديري والشيخ حازم أبو إسماعيل، وغيرهم من رموز الإخوان.

واعتبر المراقبون فوز الجماعة بهذا العدد الكبير من المقاعد لأول مرة والذي يفوق العدد الذي فازوا به في انتخابات 1987 (38 مقعدًا)، تصاعدًا في نفوذ وقوة الجماعة يستتبع ضرورة تغيير نمط التعامل الرسمي معهم والاعتراف بوجودهم والسعي لخلق نمط أو شكل سياسي معين لاستيعابهم في المنظومة السياسية سواء من خلال حزب رسمي مدني أو أشكال أخرى.

و توقع الخبراء أن ينعكس هذا على المستقبل السياسي للجماعة وعلى نمط التعامل الرسمي معها سواء بنقل ملف التعامل معها من القوى الأمنية للفعاليات السياسية أو بترسيخ وجودها وقوتها السياسية كثاني أكبر تيار سياسي في مصر بعد الحزب الوطني.

وقالوا إن أبرز دلالة لفوز الإخوان على الساحة السياسة المصرية :

- أن القوى غير الحزبية وغير المعترف بها رسميًا هي الأكثر تأثيرًا وشعبية في الشارع المصري.

- أن فوز الإخوان بهذه النسبة من المقاعد دليل على اتساع قاعدة المعارضة للأحزاب الموجودة على الساحة عمومًا، وعدم القناعة بالتغيير الذي أحدثه الحزب الوطني على نفسه أو الوعود التي أطلقها لتحسين أحوال معيشة الشعب.

- أن الإخوان باتوا لاعبًا رئيسيًا رسميًا على الساحة السياسية يؤخذ في اعتبار الحكومة والمعارضة معًا، وهذا يحتم إدخالهم المعادلة السياسية وعدم إقصائهم


البنا يفند الاتهامات للاخوان

لقد أقدمنا على هذا الميدان مخلصين كل الإخلاص، برآء كل البراءة، مدفوعين إليه بحب الخير، والحرص على المصلحة، والغيرة على الدعوة المقدسة، والرغبة في اختصار الوقت، وإعلان رسالة الإصلاح الإسلامي من فوق هذا المنبر الرسمي، وما كان يدور بخلدنا أو يخطر ببالنا أن يتصور فرد واحد ما تقوَّله الناس بعد ذلك من أن هذا انحراف عن الخطة الوطنية المجردة إلى الحزبية السياسية البغيضة، وأنه استغلال للدعوة البريئة أريد به الوصول إلى الجاه الدنيوي والكرسي الحكومي، وأن الإخوان بعد أن كانوا دعاة دين قد أصبحوا محترفي سياسة، وأنهم بذلك ينافسون الأحزاب القائمة ويناوئونها ويخاصمونها، ويعلنون عليها حربًا لا هوادة فيها، فعليها أن تعلن عليهم الحرب من كل مكان، وأن تتغدى بهم قبل أن يتعشوا بها، هذه التي ما كانت تخطر لنا ببال والتي ينقضها من أساسها مسلك الإخوان في دورتين من دورات الانتخابات، فإن الذي يتابع ما ذكرنا من خطوات سابقة يخرج ولا شك بالنتائج الآتية:

1- أننا لم نكن نطلب من وراء هذا الترشيح حكمًا ولا مغنمًا، بدليل أننا لم نقدم في المرة الأولى إلا اثنين، وفي المرة الثانية إلا ستة.

2- وأننا لم نقصد بذلك مناوأة أحد أو خصومته؛ بدليل أننا تنازلنا في المرة الأولى، وتفاهمنا في المرة الثانية، وأعلنا في كلا المرتين أننا نشجع أهل الخير والصلاح مهما كانت ألوانهم الحزبية. 3- أننا لم ننحرف بذلك عن نهج الدعوة القويم، وصراطها المستقيم فقد أعلنا في وضوح، وخصوصًا في المرة الثانية أن المرشحين إنما يتقدمون بصفتهم الشخصية لا بصفتهم الإخوانية، وأن من واجب الإخوان أن يناصروا من المرشحين من يأملون فيهم العمل لصالح الفكرة الإسلامية، هذا فضلاً عن أن نجاح الإخوان في البرلمان من خير ما يساعد على ظهور الدعوة وقوتها ونجاحها، وهو حق مكفول لكل مواطن، ومن الظلم أن يحرم منه شخص بسبب انتسابه إلى الدعوة أو جهاده في سبيل الفكرة.

ولكن هكذا كان، وانطلقت الألسنة بِقَالة السوء تكيل الاتهام وتَلِغ في الظلام، ووقفنا نحن أمام هذه الحملات الظالمة مستغربين مندهشين آسفين، نقول كما قال سيدنا وهادينا وإمامنا من قبل: "اللهم اهد قومي فإنهم لا يعلمون"، ونتمثل قول الله الحق المبين: ﴿وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ لا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ (55) إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (56)﴾ (القصص).

واخيراً

ايام قليلة ويأتى يوم التصدى للظلم والفساد,فليقف كل أخ على الثغرة خشية أن يؤتى الاسلام من قبله. وليضحى فى ضلك اليوم بكل غالى ونفيس من أجل اعلاء كلمة الله وتحكيم شرعه.