مرة أخرى: (ليس المهم هو مدة الرئاسة بل طريقة الوصول إليها)

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
مراجعة ١٧:٥٤، ١٢ أبريل ٢٠١١ بواسطة Moza (نقاش | مساهمات) (حمى "مرة أخرى: (ليس المهم هو مدة الرئاسة بل طريقة الوصول إليها)" ([edit=sysop] (غير محدد) [move=sysop] (غير محدد)))
(فرق) → مراجعة أقدم | المراجعة الحالية (فرق) | مراجعة أحدث ← (فرق)
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
مرة أخرى: (ليس المهم هو مدة الرئاسة بل طريقة الوصول إليها)

16 اغسطس 2010

بقلم: ضياء رشوان

أثير مؤخرا فى بعض وسائل الإعلام المصرية حوار حول منصب الرئاسة وهل الأكثر إلحاحا اليوم هو إصلاح طريقة الوصول إليه أم الخروج منه.

وقد بدئ بوجهة نظر ترى أن الأكثر أهمية وإلحاحا اليوم هو تنظيم طريقة الخروج من المنصب بأن يتم تحديد مدة الرئاسة بثلاث سنوات فقط قابلة للتجديد مرة واحدة، بما يعنى ست سنوات فقط كحد أقصى للبقاء فى هذا المنصب الرفيع.

واستند هذا الرأى إلى أن تحديد مدة الرئاسة على هذا النحو سيكون عاصما من «الاستبداد الشرقى» الذى يتيح لشاغل المنصب الرفيع أن يدخل إليه ولا يخرج منه حيا، ومن ثم فإن ذلك الاقتراح سيكون كفيلا بتجاوزنا حالة التأبيد فى الرئاسة بحيث يمضى الرئيس المنقضية مدتاه إلى حاله بعدهما ليفسح المجال للرئيس القادم بعده.

وقد رد بعض الكتاب على هذا الاقتراح بدرجات مختلفة من الرفض والتشكك فى أهدافه الحقيقية، منطلقين من أنه يقتصر فقط على طريقة الخروج من المنصب الرئاسى وليس طريقة الدخول إليه والتى يرون أنها الأولى بالتغيير فى ظل ما أوجدته المادة 76 من الدستور ــ والتى تنظم ذلك ــ من عقبات هائلة تحول دون إجراء انتخابات حقيقية لرئاسة الجمهورية.

والحقيقة أن هذا الاقتراح فى حد ذاته ليس سيئا وإن كانت مدة الرئاسة الواردة فيه، وهى ثلاث سنوات، لا تبدو مناسبة لما يجب على رئيس الجمهورية المنتخب القيام به خلالها من مهام ووظائف رئيسية.

إلا أن الخطورة الحقيقية فى هذا الاقتراح هى أنه يقصر النقاش المفتوح فى مصر منذ التعديل الدستور عام 2005 حول منصب الرئاسة على مدة البقاء فيها دون أن يمد البصر لا إلى طريقة الوصول إليه ولا إلى الصلاحيات الهائلة التى يمنحها الدستور والواقع المصريين لمنصب الرئيس ومن يشغله.

وقد سبق لكاتب هذه السطور أن ناقش هذه الأبعاد ــ أو معظمها ــ فى مقال حمل عنوانا لخص مضمونه وهو «ليس المهم هو مدة الرئاسة بل طريقة الوصول إليها» نشره فى 29 يناير 2007 بجريدة المصرى اليوم قبل أن ينتقل للكتابة بصحيفة الشروق فور صدورها بعد ذلك بنحو عامين. وقد بدا مناسبا للكاتب أن يعيد هنا نشر بعض من فقرات هذا المقال مساهمة منه فى الحوار الدائر حول الدخول إلى الرئاسة والخروج منها.

فقد كان السياق حينها هو الحديث عن التعديلات الدستورية المقترحة حينذاك من الرئيس حسنى مبارك والتى رأى المقال ومقالات أخرى سابقة عليه أنها «تعرض مستقبل البلاد وكل العباد فيها لتناقضات دستورية فادحة ومخاطر سياسية أكثر فداحة.

وفى هذا السياق ركز كثير من نقاد ورافضى تلك التعديلات «الخطرة» ليس فقط على ما جاء فيها من مواد دستورية ولكن أيضا على ما تجاهلته وسكتت عنه بالرغم من أهميتها وضرورتها لأى إصلاح سياسى حقيقى، وكانت المادة 77 الخاصة بمدة ولاية رئيس الجمهورية هى أكثر تلك المواد «الغائبة» ذكرا فى هذا النقد والرفض».

«والحقيقة أنه بالرغم من الاتفاق الكامل مع الأهمية الكبيرة للمادة 77 التى تعطى لمن ينتخب رئيسا للجمهورية الحق فى البقاء فى منصبه لعدد غير محدود من المرات بما يضفى طابعا احتكاريا مؤبدا على المنصب الأرفع فى البلاد، إلا أن الأكثر أهمية هو طريقة الوصول لهذا المنصب وليس مدة البقاء فيه.

ولا يعنى هذا القول أى نوع من التقليل من ضرورة أن تعدل تلك المادة بما يضع حدا أقصى لتولى الرئاسة بمدتين فقط كما كان الحال قبل تعديلها عام 1980، ولا من الأهمية «المعنوية» التى ستترتب على هذا التحديد وتنعكس بصورة موضوعية ملموسة على أداء النظام السياسى كله.

والمقصود بدقة هنا هو أن الدستور يتضمن مواد تتعلق برئيس الجمهورية تندرج ضمن محاور ثلاثة:

أولها طريقة انتخاب الرئيس، وثانيها مدة ولايته، وثالثها صلاحياته، وقد تجاهلت التعديلات الدستورية المقترحة المحور الثانى تماما فى حين مست الأول مسا خفيفا لا يغير من جوهره شيئا بينما لم تنقص من الأخير سوى بعض الصلاحيات الهامشية وأضافت للرئيس صلاحية جوهرية غير مسبوقة بحل مجلسى البرلمان ــ الشعب والشورى ــ فى الوقت الذى يريد دون أى استشارة من أى قيادة سياسية أو أى استفتاء للشعب.

إذا، لا تقع المشكلة فقط فى مدة بقاء الرئيس فى الحكم، بل هى موجودة وبعمق وخطورة فى المحاور الثلاثة التى تتعلق برئيس الجمهورية فى الدستور. ولعل الأكثر خطورة فى تلك المحاور هو الطريقة التى ينتخب بها الرئيس، فهى بالشكل الذى حددته لها المادة 76 بعد تعديلها الأول فى مايو من العام الماضى والمقترح الحالى بتعديلها الثانى مع التعديل المقترح للمادة 88 الخاصة بالإشراف القضائى على الانتخابات، تفتح الباب بصورة منطقية لوصول رئيس غير محددة مدة ولايته ويمارس ما يشاء من صلاحيات مطلقة.

فالمادة 76 الشهيرة بتعديلها الأول والثانى تكاد تقصر الترشيح للمنصب الرئاسى على الحزب الوطنى الحاكم بما له من أغلبية مضمونة فى المجالس المنتخبة البرلمانية والمحلية بحكم سيطرته التنفيذية والإدارية والأمنية وتدخلاته متعددة الأشكال فى انتخابات تلك المجالس، وتعطى الأحزاب الأخرى «استثناء» محدود المدة فى الترشيح لانتخابات الرئاسة بينما تضع أمام المستقلين بكل انتماءاتهم عقبات يكاد يستحيل على أى منهم تجاوزها.

ويأتى التعديل المقترح للمادة 88 لكى يستبعد القضاة من الإشراف الحقيقى على كل الانتخابات وفى مقدمتها انتخابات الرئاسة، وهو أن يكون هناك قاض لكل صندوق، بحجج واهية لا تصمد أمام المناقشة الجادة، ويفتح الباب بذلك لوصول «معيب» وغير ديمقراطى للمرشح الحكومى لمنصب رئيس الجمهورية والذى سيكتسح بسبب عقبات الترشيح وإقصاء القضاء منافسيه الضعفاء المعروفين سلفا، الأمر الذى يعطيه «الحق» الشكلى فى أن يظل فى منصبه للمدة التى يريد وأن يتمتع بالصلاحيات التى يرغب».

هذا هو ما تصور الكاتب ــ ولا يزال ــ أنه الرأى الأكثر صوابا فيما يخص تعديل المادة 77 المتعلقة بمدة رئاسة الجمهورية، وهذا هو التشابك الذى رآه بين المحاور الثلاثة لمنصب الرئيس والتى لا يمكن بسهولة فصلها عن بعض.

والخطورة الحقيقية فيما يطرح اليوم حول مدة الرئاسة وحدها دون المحورين الآخرين وبخاصة طريقة الوصول إليها هو أنه قد يكون واحدة من الوسائل التى يمكن للحزب الوطنى الحاكم أن يلجأ إليها بعد انتهاء انتخابات مجلس الشعب وانعقاد البرلمان بمجلسيه بدءا من نوفمبر المقبل لكى يمهد لانتخابات رئاسة الجمهورية بأن يطرح هذا التعديل الدستورى للمادة 77 وحدها ودون المساس بالمادتين 76 و88 بما يوحى باستجابته للمطالب الشعبية والمعارضة فيما يخص منصب الرئاسة.

إن احتمال طرح الحزب الحاكم أو رئيس الجمهورية لمثل هذا التعديل يبدو واردا بشدة فى ظل الضغوط المتواصلة الشعبية والمعارضة من أجل تعديل المواد الثلاث المشار إليها، بحيث يمثل هذا نوعا من الهروب المعتاد منه إلى الأمام، وتقديم تحديد مدة الرئاسة بمدتين فقط ــ وإن كانت المدة الواحدة لن تقل عن ست سنوات ــ باعتباره «الهدية» الديمقراطية التى يقدمها النظام الحاكم للمصريين حتى ينتخبوا بحماس مرشحه القادم لرئاسة الجمهورية عام 2011.

المصدر