مولوي: نسعى إلى جمع اللبنانيين على موقف واحد

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
مراجعة ١٠:١٤، ٢٨ سبتمبر ٢٠١١ بواسطة Attea mostafa (نقاش | مساهمات)
(فرق) → مراجعة أقدم | المراجعة الحالية (فرق) | مراجعة أحدث ← (فرق)
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
مولوي: نسعى إلى جمع اللبنانيين على موقف واحد
15-03-2005

مقدمة

أدَّى اغتيال الرئيس رفيق الحريري إلى حالة انقسام سياسي في الساحة اللبنانية؛ حيث توزعت القوى السياسية بين معسكرَين: موالاة ومعارضة، كما ترك غياب الشهيد الحريري فراغًا في الساحة الإسلامية كان يحتل فيها موقعًا مهمًّا على الصعيدَين الداخلي والخارجي.


الشيخ فيصل مولوي

فيصل مولودي.jpg

وقد برزت الجماعة الإسلامية في لبنان - إحدى أبرز الحركات الإسلامية السنّية اللبنانية التي تحمل مشروعًا سياسيًا وطنيًا- بموقف لافت من خلال مبادرة سياسية تحرَّرت فيها من تصنيف الموالاة أو المعارضة، وعرضت فيها رؤيتها لمعالجة الأزمة السياسية التي يشهدها لبنان ، لكن حركتها السياسية في غمرة تَسارُع الأحداث شابتْها الكثير من التساؤلات.

أمين عام الجماعة المستشار الشيخ فيصل مولوي تحدث لموقع ( إخوان أون لاين) في حوار شامل، وأجاب على هذه التساؤلات، لا سيما موقف الجماعة من القرار 1559 ، ومن حادثة الاغتيال وتداعيتها، وموقف الجماعة من المعارضة اللبنانية، ومن الانسحاب السوري، فإلى الحوار:


القرار 1559

* عارضت الجماعة الإسلامية التمديد لرئيس الجمهورية، وقد تحقَّق هذا التمديد، وتَعتبر الجماعة أنَّ التمديد هو سبب الأزمة السياسية التي يعيشها البلد بعد مرور حوالي خمسة أشهر من القرار 1559.. هل ما زلتم تعتبرون أن التدخل الدولي جاء نتيجة التمديد؟! وما موقفكم من القرار 1559؟!

قد لا يكون التدخل الدولي نتيجةً للتمديد، لكن مما لا شكَّ فيه أنّ التمديد لرئيس الجمهورية أعطى التدخل الدولي ذريعةً في غاية الأهمية، وتسبب في تدويل الأزمة اللبنانية الحالية، التي كان من الممكن حصرها بين موالاة ومعارضة تختلفان على مسائل داخلية، منها الوجود السوري في لبنان الذي نظَّمته وثيقة الوفاق الوطني في الطائف، فجاء التمديد وأعطى مبررًا لمجلس الأمن لانتزاع هذه المسألة من قضية داخلية يعالجها اتفاق الطائف، إلى قضية دولية يعالجها القرار 1559.
ولأنّ الحكومتين اللبنانية والسورية لم تلتزما ببنود اتفاق الطائف التي تنظم الوجود السوري في لبنان وتحدد له مُهَلاً زمنية معينة، ولأن هذا الوجود طال أمدُه وظهرت له أخطاءٌ في التعامل مع الساحة اللبنانية اعترف بها الرئيس بشار الأسد في خطابه الأخير؛ لذلك أصبح التدخل الدولي مقبولاً بل مطلوبًا عند بعض اللبنانيين، وهذا ما كنا نعتبره خطًا سياسيًا، ونسعى إلى جمع اللبنانيين على موقف واحد يحفظ ل لبنان وحدته الوطنية وموقفه المشرف من القضايا العربية وفي مقدمتهافلسطين .
بناءً على ذلك فإنه لم يبقَ من القرار 1559 إلا بندان: نزع سلاح المقاومة، ونزع سلاح المخيمات.. ونحن نعتبر أن هذين البندين يدخلان أصلاً في صميم السيادة اللبنانية، وميثاق الأمم المتحدة- الذي صدر قرار مجلس الأمن 1559م بناءً عليه- لا يسمح لمنظمة الأمم المتحدة ولا للمؤسسات المنبثقة عنها أن تتدخل في الشئون التي تكون من صميم السلطان الداخلي لدولة ما، حسب نصِّ الفقرة السابعة من المادة الثانية، بل إن صلاحيات مجلس الأمن الدولي محصورة- حسب نص الفقرة الأولى من المادة 45- في أمر حفظ السلم والأمن الدولي.
وسلاح المقاومة أو سلاح المخيمات لم يكن له دور في تعكير السلم والأمن الدوليين، إلا إذا كان المجلس يعتبر حفظ أمن الكيان الصهيوني مهمته حتى حين يعتدي على دولة أخرى هي لبنان .
ثم إن مجلس الأمن الدولي لا يستطيع تنفيذ هذين القرارين إلا بواسطة الحكومة اللبنانية، وأي حكومة لبنانية تدرك تمامًا أنها لا تستطيع تنفيذ هذين القرارين إلا من خلال إجماع وطني، وإن مثل هذا الإجماع لا يمكن أن يتمّ إلا بعد حوار واسع، لكننا نؤكد أن مثل هذا الحوار قد يتوصل إلى صيغة توافقية تعالج جميع المسائل المطروحة حول هاتين المسألتين، وقد لا تلبي المطالب الواردة في القرار الدولي، فنحن اللبنانيين من شأننا وحدنا أن نحدد مقتضيات وحدتنا الوطنية ودورنا العربي.
لذلك فإننا نطالب السلطة اللبنانية أن تبلغ مجلس الأمن أنها تعتبر القرار1559 منتهيًا فور تنفيذ الانسحاب السوري، وأنها بلِّغت رغبة مجلس الأمن المتعلقة بنزع سلاح المقاومة والمخيمات، وأنها تعتبر هاتين المسألتين تتعلقان بصميم السيادة اللبنانية، وهي ستتولى معالجتها ضمن حوار وطني جامع.


حادثة الاغتيال

* تحدث وزير العدل السابق عن معلومات تفيد بتورط مجموعة إسلامية في حادثة الاغتيال.. في حال ثبت تورُّط الإسلاميين، هل يمكن أن يؤثر هذا على وضعكم كحركة إسلامية في لبنان ؟!

كلّ المعلومات التي تحدث عنها وزير العدل السابق غير صحيحة وغير معقولة، وجميع اللبنانيين ضحكوا منها؛ لأنها كانت محاولة فاشلة لإظهار أن الدولة وأجهزتها تتحرك لكشف المجرمين، والناس في لبنان أصبحوا يتَّهمون أجهزة الدولة بالتواطؤ وليس فقط بالتقصير والإهمال؛ لذلك فقد طالبنا بإقالة رؤساء الأجهزة الأمنية عندما كانت هناك حكومة تستطيع أن تقرر ذلك.. أما الآن- ومن أجل تسهيل تشكيل حكومة وحدة وطنية تنقذ البلاد من المجهول- فقد اكتفينا بضرورة أن ينص برنامج الحكومة على (وضع رؤساء الأجهزة الأمنية في تصرف رئيس الحكومة) ريثما تتم محاسبتهم وإنزال العقوبة المناسبة بمن يثبت تقصيره أو إهماله أو تواطؤه مع المجرمين.
إننا نستبعد تورُّط أحد من الإسلاميين بمثل هذه الجريمة؛ لأن الرئيس الحريري كان على صلة طيبة بجميع الإسلاميين، وإذا افترضنا ثبوت التهمة عن طريق تحقيق نزيه فإننا نعتبر أن القائمين بهذه الجريمة ينفذون مخططًا معاديًا ويستحقون العقوبة المناسبة أيًّا كانت أفكارهم أو عقائدهم، ولا يمكن أن يؤثر هذا الأمر على حضور الجماعة الإسلامية في لبنان ودورها الوطني الذي أصبح واضحًا ومعروفًا لدى الجميع.


الشارع السُّنِّي

* البعض كان يرى في الرئيس الحريري مشروعًا أمريكيًا في لبنان.. كيف ترى الجماعة الرئيس الحريري؟! وأين هي الآن من تيار المستقبل؟! هل يجري أي تنسيق مع هذا التيار؟!

نحن لا نعتقد أن الرئيس الحريري كان مشروعًا أمريكيًا في لبنان ، كما أنه لم يكن مشروعًا سعوديًا.. لقد كان مشروعًا لبنانيًا منفتحًا على محيطه العربي والإسلامي، منفتحًا على العالم كله ومنه الولايات المتحدة الأمريكية.. لقد نشأ الرئيس الحريري كما هو معلوم لبنانيًا في إطار الفكر القومي العربي ومؤسساته الحزبية، لكنه نشأ في عائلة محافظة، ثم انتقل إلى السعودية حيث أقام أكثر من عشرين سنة متأثرًا بالجو الإسلامي السائد فيها، ثم عاد إلى لبنان بعد اتفاق الطائف، ودخل الحياة السياسية من أوسع أبوابها، وترك فيها بصماتٍ واضحةً سيكون لها أثر كبير في مستقبل لبنان .
لم يغادر الرئيس الحريري ثوابته اللبنانية والعربية، لكنه كان يتمتع في عمله السياسي بدرجة كبيرة من الانفتاح على الجميع، وكانت لديه قدرة فائقة في هذا المجال، وكان عندما يتناول في حواره مع الآخرين أي موضوع يتميز بأنه يحيط بكل جوانبه؛ لذلك فقد استطاع إقامة علاقات صداقة وتعاون مع معظم القادة العرب، رغم اختلاف توجهاتهم ومصالحهم، ومع الكثير من قادة دول العالم؛ ولعلنا لا نبالغ إذا قلنا إن الرئيس الحريري كان يتمتع بأوسع شبكة علاقات واتصالات عالمية لا يملك مثلَها أحدٌ من شخصيات العالم القيادية، سواءٌ على المستوى السياسي أو على سائر المستويات أيضًا
إن القدرة على الانفتاح والتواصل مع الجميع أعطته واقعيةً سياسيةً جعلته يتعامل مع المشروع الأمريكي للمنطقة بمنطق أن مصادمة هذا المشروع لا تفيد في تعطيله، وأن التعامل معه يمكن أن يؤدي إلى تلافي بعض الأضرار التي يسببها لأمتنا، ولو أدى الأمر إلى تجاوز كثير من مفردات هذا المشروع أو السكوت عنها، وهنا يمكن لمن يسيء الظن أن يعتبره منساقًا مع المشروع الأمريكي، لكنه في الحقيقة يكون جاهلاً لحقيقة رفيق الحريري وأسلوبه.
لقد تعرض (تيار المستقبل) باغتيال الرئيس الشهيد إلى ضربة أليمة ستترك آثارها على هذا التيار؛ لأنه ليس سهلاً في المدى المنظور ملء الفراغ الذي تركه، وبانتظار توضيح الأمور فإن التنسيق والتشاور بين الجماعة الإسلامية وتيار المستقبل سيستمر، ونأمل أن يتطور إلى قدر أكبر من التعاون، خاصَّة وأن الساحة اللبنانية بشكل عام تحتاج إلى مثل ذلك لحماية الثوابت الإستراتيجية التي بها يحيا لبنان.

* كيف كانت علاقة الجماعة مع الرئيس الحريري؟

كانت علاقة تواصل مستمر، يخف حينًا ويشتد حينًا آخر، ومن المعروف أن الجماعة كانت متحالفةً مع الرئيس الحريري في الانتخابات البلدية السابقة والأخيرة في بيروت وصيدا.

* كان الرئيس الحريري يشكِّل زعامةً سياسيةً كبرى في الساحة الإسلامية، ويعيش الشارع السنِّي الآن حالة فراغ وعدم توازن.. أين هي الجماعة من هذا؟! وأين دورها في ملء هذا الفراغ؟!

الرئيس الشهيد رفيق الحريري كان يمثل زعامةً سياسيةً كبرى على المستوى اللبناني والعربي والإسلامي، وخاصة على مستوى أهل السنَّة والجماعة في لبنان، وقد ترك استشهادُه حالةَ فراغ من الصعب أن يتمَّ ملؤها بسهولة.. إنَّ استشهاده لم يؤدِّ إلى حالة عدم توازن، وإنما إلى اختلال في التوازن؛ وسبب ذلك أن اغتياله وقع بعد خلافٍ معروف بينه وبين القيادة السورية؛ ولأن الناس وضعوا عملية الاغتيال ضمن مساق هذا الخلاف، مما أدى إلى اهتزاز كبير في المشاعر تجاه العلاقة حتى مع الشعب السوري الشقيق، وهو أمر يشكل خطرًا حقيقيًا على الجميع، ويؤدي إلى ضررٍ كبير يطال أمتنا في قضاياها المصيرية، وأهمها مواجهة العدو الصهيوني والطغيان الأمريكي.


مظاهرات ضد القرار 1559

لبنان
والجماعة الإسلامية الآن تحرص على استعادة هذا التوازن، وإعادة الدفء إلى العلاقات بين الشعبَين الشقيقَين، وتصحيح العلاقات مع القيادة السورية، التي أصابها الكثير من الفتور أو التشنُّج بسبب الأخطاء المعروفة، يساعدنا على ذلك تصريح الرئيس الأسد بهذه الأخطاء، وإتمام الانسحاب السوري الذي يقطع كلَّ احتمال لتكرار مثل هذه الأخطاء، كما يساعدنا على ذلك مواقف الكثير من زعماء المعارضة الذين أكدوا الحرص على العلاقات الأخوية المميزة بعد الانسحاب السوري، ورفضهم أي اتفاق شبيه باتفاق 17 مايو المشئوم، وإصرارهم على وحدة المسارين اللبناني والسوري.

* انقسم الشارع اللبناني بعد اغتيال الرئيس الحريري إلى موالاة ومعارضة، وتميزت الجماعة بموقفها من خلال مبادرتها السياسية التي أطلقتها يوم 25 فبراير .. أعلنتم فيها انسحابكم من لقاء الموالاة لتكونوا أكثر قدرةً على التحاور مع الجميع، كما جاء في نص المبادرة، إضافةً مع مجموعة مطالب.. هل تم هذا الحوار؟! وماذا بعد المبادرة؟!

كان للمبادرة التي أطلقتها الجماعة الإسلامية أثرٌ كبير في مختلف الشرائح اللبنانية، ولا تزال أكثر النقاط التي طُرحت في المبادرة موضعَ حديث الناس، لكن ممَّا لا شكَّ فيه حصول متغيِّرات مهمَّة بعد هذه المبادرة، ومنها قرار الانسحاب السوري الذي أنهى الكلام عن دور عسكري أو أمني لسوريا في لبنان، وما قد يترتَّب عليه من إشكالات، كما أنَّ استقالة الحكومة وتكليف الرئيس كرامي إعادة تشكيلها، وإصراره على أن تكون حكومة وحدة وطنية.. كل هذه المستجدات جعلت الصراع السياسي في هذه المرحلة يتركز حول جريمة الاغتيال وتداعياتها بناءً على التحقيقات وتحديد المسئوليات، وهذه مسألة ورد الحديث عنها في المبادرة وحول تشكيل الحكومة الجديدة وإشكالاتها، وهي مسألة لم تتعرض لها المبادرة، وكلا المسألتين يحتاج إلى تحرك فاعل من الجميع، ستقوم الجماعة بدورها فيه إن شاء الله.


المعارضة

* كيف تنظرون إلى صف المعارضة؟! البعض يصفها بالعمالة ويتهمها بالاتصال بالعدو الصهيوني ، كما يجري اتهامها بالارتهان للخارج.. ما تقولون أنتم؟!

المعارضة اليوم هي في الحقيقة معارضات، وأكثر المعارضة الآن يلتقي على بشاعة الجريمة وضرورة التحقيق النزيه لكشف الفاعلين ومعاقبتهم، وإن هؤلاء اليوم يتحدثون بعد الانسحاب السوري عن ضرورة المحافظة على علاقات التنسيق والتعاون مع سوريا، ويتحدثون عن الالتزام باتفاق الطائف.. ليس هؤلاء مرتهنين للخارج.. نعم قد يستقوون بالخارج لتحقيق أهداف داخلية، وهذا خطأ لا نقرُّهم عليه، لكنَّهم بالإجمال يطرحون قضايا وطنيَّة من وجهة نظر معيَّنة، ولا بدَّ من الحوار معهم حولها.
أما موقفنا- كجماعة إسلامية- من الأزمة الحاضرة فقد سجَّلناه في مبادرتنا، ولا نزال عند ما ورد فيها من مطالب.. لقد انسحبنا من تجمُّع (عين التينة)؛ لأنَّه يمثِّل الموالاة للنظام، ونحن لسنا موالين.. لكنَّنا أكَّدنا أننا ثابتون على الخطِّ الوطني؛ ولذلك حضرنا لقاء الأحزاب وما تفرَّع عنه؛ لأنه كان تحت عنوان (رفض قرار مجلس الأمن ودعم المقاومة)، وهذا ما طرحناه في مبادرتنا، ولأنه كان لقاءً للأحزاب الوطنية والإسلامية، ونحن مشاركون فيه ولم يكن لقاءً للموالاة، ولو أنَّ ما يطرحه يلتقي مع ما تطرحه الموالاة.
وحضرنا لقاء ساحة الشهداء لأن عنوانه (الوفاء للحريري والولاء ل لبنان )، وهو عنوان يلتقي مع ما طرحناه في المبادرة، والداعي إليه هو تيار المستقبل وعائلة الحريري، وهذا التيار وإن كان مع المعارضة إلا أن ما يطرحه تحت هذا العنوان يلتقي مع ما طرحناه في المبادرة، ونحن لسنا مسئولين بعد ذلك إذا طُرحت في هذه اللقاءات أمور لا نوافق عليها، نحن نشارك في أمثال هذه المناسبات؛ لأننا نعتقد أن حشودًا لبنانيةً كثيفةً ضدَّ التدخل الدولي ولحماية المقاومة هي رسالة مهمة للرأي العام الدولي، كما أنَّ حشودًا لبنانيةً كثيفةً تطالب بدم الحريري وبكشف الفاعلين هي رسالة مهمة إلى العالم كله.
نحن نعتقد أن احتدام الصراع بين موالاة ومعارضة يوشك أن يمزق البلد، ونعتقد أن إغلاق باب الحوار بين الطرفين يشكِّل تهديدًا جديًا للسلم الأهلي والوحدة الوطنية.. نحن نطالب بكسر حدَّة الصراع، وبالتلاقي والحوار؛ ولذلك فنحن أول المغامرين في المشاركة مع الطرفين؛ لأننا نجد أنفسنا إستراتيجيًا مع مجموعة الأحزاب الوطنية والإسلامية، ونجد في طروحات المعارضة المعتدلة أمورًا أساسية ومهمة، لا يشكل القبول بها تعارضًا مع إستراتيجية الخطِّ الآخر، كما نجد في طروحاتها المتعلقة بجريمة اغتيال الرئيس الشهيد ما يتوافق تمامًا مع ما نطالب به.

* يلاحِظ المراقبُ لحركتكم السياسية ضبابيةً وتقلبًا في المواقف، فبعد إطلاق المبادرة وتميزكم اللافت عن الموالاة والمعارضة فوجئ الوسط الإسلامي بمشاركتكم في لقاء الأحزاب الذي دعا إليه السيد نصر الله، وكان واضحًا أن هدفه دعم سوريا، وشاركتم في فعاليات رياض الصلح والنبطية (الموالاة)، ثم شاركتم في تجمُّع تيار المستقبل المحسوب على المعارضة.. ما سبب هذا التذبذب في المواقف؟َ البعض يتحدث عن حالة تململ في صف الجماعة إزاءَ غياب الوضوح هذا..!!

موقفنا واضح ومعلَن، ونحن لا نجد حرجًا في التعبير عنه مرة مع هذا الطرف ومرة أخرى مع الطرف الآخر؛ لأننا ندعو إلى تجاوز الطرفية عند الجهتَين لإعادة الوحدة إلى اللبنانيين، وتعطيل كل مؤامرة ترمي إلى إسقاط البلاد في المجهول.. قد يكون هذا الموقف غير مفهوم عند بعض قواعدنا أو ساحتنا، فقد اعتاد الناس على تقسيم الأمور بين أسود وأبيض، لكن وضوح هذا الموقف من خلال المبادرة ومن خلال فعاليات سنقوم بها فيما بعد سيزيل كل سوء فهم إن شاء الله.

* يجري الحديث في الشارع عن عمليات تسلح من كلا الطرفين.. أين أنتم من هذا؟! وهل عرض عليكم السلاح؟! هل يمكن أن يؤدي هذا الانقسام إلى حرب أهلية جديدة؟!

نعم هناك إشاعات كثيرة عن عملية تسلُّح بين الناس، أدت إلى رفع أثمان السلاح، لكنني أعتقد أنَّ الأمر مبالَغ فيه كثيرًا، وأنا على يقين أن الشعب اللبناني- بجميع شرائحه- يرفض العودة إلى الفتنة والاقتتال.. قد تحاول بعض القوى المعادية تأجيج الصراع وتحويله إلى اقتتال بهدف إسقاط لبنان، وتعطيل دوره الوطني المميَّز في المنطقة لكني لا أجد أي احتمال لتجاوب اللبنانيين مع مثل هذه المحاولات.

* كيف تنظرون إلى مسألة الانسحاب السوري؟

الانسحاب السوري كان مصلحةً لسوريا بلا جدال، ويجب علينا أن نسعى بكل ما نستطيع ليكون أيضًا في مصلحة لبنان ، وهذا الانسحاب سيؤدي حتمًا إلى إنهاء الأخطاء التي كان اللبنانيون يشتكون منها، وهذا بلا شكٍّ مصلحة للبنان، خاصةً إذا بقي لبنان في الخط الوطني، وإذا استمرت علاقات الأخوَّة والتعاون والتنسيق في القضايا الإقليمية والدولية كما كانت، ولا بدَّ أيضًا من إنهاء تغوُّل الأجهزة الأمنية على العمل السياسي، ولا بدَّ من استعادة الحريات السياسية ليقوم لبنان بواجباته الوطنية والعربية عن اختيار حرٍّ.. هذا جهد مطلوب من الجميع، وهو تعبير صادق عن كرامة الوطن والمواطن.


استقبال قوات سورية عائدة من لبنان

* تذكرون في أدبياتكم أن سوريا هي عمقكم الإسلامي، وأن مشروعكم- كحركة إسلامية- يقضي بالتقارب مع هذا العمق المسلم، لكن الشارع اللبناني لديه حساسية تجاه الوجود السوري في لبنان.. كيف هي علاقتكم بالنظام السوري؟

لقد كان عند الشارع اللبناني الكثير من الحساسية تجاه الوجود السوري في لبنان ، لكنَّها حساسيةٌ ناتجةٌ عن اتساع حجم هذا الدور وعن الأخطاء الناتجة عن بعض الممارسات، ونحن نعتقد أنَّ الانسحاب الآن يمكن أن يؤدي إلى إزالة هذه الحساسية وإلى عودة العلاقات الأخوية إلى طبيعتها، ورؤيتنا هذه قديمة، تعود إلى عام 1976 م عند دخول القوات السورية إلى لبنان تحت لواء (قوات الردع العربية)، فنحن نعتبر سوريا عمقًا إستراتيجيًا وسياسيًا وثقافيًا واقتصاديًا للبنان، وكنا- ولا نزال- حريصين على أوثق العلاقات مع سوريا، سواءٌ بقيت قواتها في لبنان أو انسحبت.
أما علاقتنا مع النظام السوري فكانت محكومةً- باستمرار- بوحدة الموقف في خندق الصمود في مواجهة المشروع الصهيوني - الأمريكي مع النصيحة الواجبة، وستظل هذه العلاقة بعد الانسحاب كما كانت عليه قبله إن شاء الله.


المصدر


للمزيد عن الشيخ فيصل مولوي

وصلات داخلية

حوارات مع الشيخ فيصل مولوي

مقالات بقلم الشيخ فيصل مولوي

مقالات كتبت عنه

أخبار متعلقة

وصلات فيديو