نحو إقامة الخلافة الإسلامية

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
مراجعة ٠٨:٠٤، ٢ يونيو ٢٠١٤ بواسطة Attea mostafa (نقاش | مساهمات)
(فرق) → مراجعة أقدم | المراجعة الحالية (فرق) | مراجعة أحدث ← (فرق)
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
نحو إقامة الخلافة الإسلامية

بقلم: د. عبد العزيز الرنتيسي

لكي يكون لنا وجود ..

علينا أن نقيم الولايات المتحدة الإسلامية

مما لاشك فيه أن العامل الوحيد الذي يجعلنا اليوم خارج خارطة العالم الحر والمستقل هو تفككنا، وأعني بالعالم الحر والمستقل العالم الذي لم تصادر قراره الوطني قوى خارجية، والتدخل الأجنبي في صياغة قرارنا الوطني الذي ينبغي أن يكون مستقلاً يعتبر ثمرة طبيعية ونتيجة حتمية لحالة التفكك التي تعيشها أمتنا الإسلامية، فأي من دولنا الإسلامية مهما بلغت من القوة لا تستطيع أن تقف وحيدة في وجه طغيان العمالقة المتوحشين، بل وستبدو هزيلة جدًا إن هي فعلت، ولكنها لن تفعل إيثارًا للسلامة، وعلى النقيض من ذلك ستعمل جاهدة على استرضاء العمالقة المتوحشين ومجاملتهم على حساب قيمها، ومبادئها، بل وعقيدتها، .

وبالطبع على حساب قرارها الوطني الذي ينبغي أن يكون مستقلاً، وإن الاستخفاف بنا كأمة بلغ اليوم ذروته، ونحن الأمة التي قال الله فيها: (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ) (آل عمران:110)، وهذا الخطاب الإلهي ليس موجهًا للأمة العربية، ولا الفارسية، ولا الكردية، ولا الطورانية، ولا غيرها من القوميات، ولكنه موجه إلى الأمة الإسلامية، فنحن أمة واحدة يجمعنا دستور واحد هو كتاب الله عز وجل (إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ) (الأنبياء:92).

ومن مظاهر الاستخفاف بنا على سبيل المثال لا الحصر:

  • التدخل الخارجي خاصة الأمريكي في شئوننا الداخلية كدول إسلامية، بل والتدخل الأمريكي السافر في صياغة قرارات مؤتمرات القمة العربية منها والإسلامية.
  • ما يقوم به أعداء الأمة من استعداء بعضنا على بعضنا الآخر، فهم يستعْدون السلطة الفلسطينية على المقاومة الفلسطينية خاصة حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، ويستعْدون السلطات القائمة في دولنا الإسلامية على الحركات الإسلامية في تلك الدول، بل وعلى حركة (حماس) في فلسطين، ويستعْدون دولنا الإسلامية ضد بعض دولنا الإسلامية كما جرى في أفغانستان والعراق - والحبل على الجرار - كما يقولون.
  • فرض العقوبات على بعض دولنا الإسلامية، وإعلان الحرب على دول إسلامية أخرى تقع وسط المحيط الإسلامي، وتُكره دولنا الإسلامية على تنفيذ العقوبات ضد المسلمين، وتُكره أيضًا على مساعدة الأعداء في عدوانهم على المسلمين، والأمثلة كثيرة على رأسها أفغانستان والعراق.
  • التهديد المستمر لسوريا ولبنان والسودان وأخيرًا للسعودية ومصر.
  • تقديم الغرب كل أشكال الدعم والإسناد بلا حدود لعدونا المركزي وهو الكيان الصهيوني، وكان آخر أشكال الدعم (الفيتو) الأمريكي الأخير، وكذلك التسعة مليارات دولار التي ستقدمها أمريكا للكيان الصهيوني مكافأة له على ممارساته الإرهابية ضد الشعب الفلسطيني، وفي نفس الوقت مطالبة الغرب لدولنا الإسلامية بالتعاون مع الكيان الصهيوني والتطبيع معه رغم ما يرتكبه من إرهاب وإفساد ضد الشعب الفلسطيني المسلم، الذي هو جزء أصيل من نسيج الأمة الإسلامية، ورغم ما يقوم به الصهاينة من تدنيس وتهويد لمدينة القدس ومسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
  • المطالبة المستمرة لدولنا الإسلامية بتغيير مناهجها التربوية والتعليمية، وتوجيهها الإعلامي، بل وتغيير معتقدات شعوبها الإسلامية لتصبح منسجمة مع مبادئ الغرب الهابطة التي لا تقيم وزنًا للأخلاق والقيم، وبهدف تدجين الشعوب حتى تتأقلم مع الهيمنة الغربية على مقدرات الأمة، فهم يريدون إسلامًا بلا أسنان ولا شوكة، حتى يتمكنوا من بسط نفوذهم على أقطارنا الإسلامية إلى الأبد.

ما ذكرته غيض من فيض، ووشلٌ من بحر، فمظاهر الاستخفاف بالأمة تحتاج إلى مجلدات لحصرها، ولا أكون مبالغًا إن قلت إن بعض المتنفذين في هذه الأمة قد أدمنوا على استمراء الاستخفاف بهم، بل لا يتحرج بعضهم أن يبادر متطوعًا لعرض نفسه على الغرب كي يُستخف به، فها هي الحكومة الأردنية تبادر طواعية بتجميد التعاملات المالية لستة من قادة (حماس) وخمس جمعيات خيرية تقدم الدعم للشعب الفلسطيني، لا لشيء إلا لأن أمريكا الهالكة- بإذن الله- قررت تجميد أرصدة قادة (حماس) الستة الذين لا أرصدة لهم، فإذا بالأردن وهي تعلم أنه لا أرقام حساب ولا أرصدة للقادة الستة في الأردن ولا في أي بلد آخر تقوم باقتفاء أثر أمريكا، قد يقول البعض هذا تكتيك وأنا أقول هذه جريمة لا تغتفر؛ لأن هذا الإجراء يحمل في طياته إدانة للمقاومة المشروعة للشعب الفلسطيني، ومباركة وتشجيعًا للموقف الأمريكي المعادي للشعب الفلسطيني والمقاومة الفلسطينية، ألم يسَع الأردن أن تكون مثل غيرها من الدول التي تأبى أن يستخف بها؟ ألا تدرك الأردن أن حركة المقاومة الإسلامية (حماس) تقف شوكة في حلق المشروع الصهيوني الرامي إلى تحويل الأردن إلى الدولة الفلسطينية التي يبشر بها "بوش"؟!!

ولا أريد أن أستفيض في الأمثلة فهي كثيرة جدًا، وهذا لا ينفي وجود قيادات في عالمنا الإسلامي تحدت الاستخفاف بها وصمدت دفاعًا عن كرامتها وكرامة شعوبها، ولكنها أمثلة قليلة.

ولكن هل هناك من سبيل للخروج من هذا الواقع الأليم؟ نعم ويتمثل في أن نعقد العزم على إقامة صرح خلافتنا الإسلامية من جديد، فنلمّ الشعث الإسلامي في دولة واحدة، وما من شك أن ما أدعو إليه ليس أمرًا سهلاً، ولكنه ليس مستحيلاً، وأنا أدرك أنه سيثير غضب الغرب الذي لن يقف مكتوف الأيدي أمام خطوة من هذا القبيل، ولكنه لا يستطيع أن يمنع وحدتنا إن صدقت عزائمنا، وما علينا إلا أن نعقد العزم ونبدأ الخطوة الأولى ثم نتوكل على الله، فأي تأخير في البدء سيؤدي إلى تأخير في الخروج من الأزمة.

ولكن الشعوب التي تملك وحدها مفاتيح التغيير لم تتلمس بعد معالم الطريق الصحيح لإنقاذ الأمة مع أنها تعيش حالة من الغليان، خاصة أن الترقيع لم يعد يجدي نفعًا فقد اتسع الخرق على الراقع، فهذه الحالة التي أصبحت مزمنة سببها تفرق الأمة، وتفرق الأمة سببه عدم الأخذ بأسباب الوحدة وعلى رأسها الاعتصام بحبل الله (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً) (آل عمران:103)، وحبل الله هو القرآن، وسبب عدم الاعتصام بحبل الله هم أولياء الأمر.

ولو أننا أجرينا استفتاء على مستوى شعوبنا الإسلامية لوجدنا أن هناك إجماعًا على الرغبة في إقامة الوحدة الإسلامية في إطار الخلافة الإسلامية، وسينحصر الرفض في فئة قليلة، ولكن المشكلة حقيقة تكمن في أن هذه الفئة القليلة هي التي بيدها مقاليد الأمور، وهي المنتفعة من بقاء الحال على ما هو عليه.

ومن هنا يأتي دور القوى الوطنية والإسلامية، والمثقفون، والأدباء، والنقابيون، والبرلمانيون ليقولوا كلمتهم، وليتحملوا مسئولياتهم في استنهاض الأمة من جديد، وتوجيه الشعوب الوجهة الصحيحة لإقامة بناء إسلامي شامل يضم جميع دولنا الإسلامية في كيان واحد يضم الجميع، لأنه لكي يكون لنا وجود ..

علينا أن نقيم الولايات المتحدة الإسلامية..

أي نعيد "الخلافة الإسلامية".

المصدر