الفرق بين المراجعتين لصفحة: «من قتل حسن البنا»

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
لا ملخص تعديل
لا ملخص تعديل
سطر ١: سطر ١:
:" اتاحت حرب [[فلسطين]] [[للإخوان]] التسلح والتمرن على القتال, وكشفت عن مدى استعدادهم الحربى ومدى نفوذهم فخشيت حكومة [[النقراشي]] سطوتهم".
اشترك الملك فاروق فى تشييع جنازة النقراشى. وصل على الجثمان فى جامع الكخيا. ثم قصد إلى منزل النقراشى ب[[مصر]] الجديدة ليعزى أسرته . وعاد إلى قصر عابدين ليجمتع بإبراهيم عبد الهادى رئيس الديوان الملكى وحسن يوسف وكيل الديوان ومحمد حيدر باشا وزير الدفاع وكريم ثابت المستشار الصحفى لفاروق


'''وفى مذاكراته قال [[صلاح نصر]] مدير المخابرات العامة المصرية:'''
قال الملك لعبد العادى: قررت أن تكون رئيسا للوزراء ثم سأل الحاضرين عن آرائهم فقال حسن يوسف .
الموقف يتطلب وزارة كبيرة. وأيد حيدر هذا الرأى


:" كنت معجبا بالتضحيات التى قدمها كثير من أفراد جماعة [[الإخوان المسلمين]] فى ميدان الكفاح المسلح على أرض [[فلسطين]]".
لم يدرك صاحب الجلالة المعنى الذى يقصده  وكيل الديوان وظنه يقصد عدد الوزراء فقال.
لا مانع من أن يكون عدد الوزراء أكثر من المعتاد. قال كريم ثابت: إن حسن يوسف وحيدر يعنيان أن تكون الوزارة ائتلافية.  


والحقيقة أن دور [[الإخوان]] فى حرب [[فلسطين]] كان محل تقدير [[مصر]] والعالم العربى. اشتركوا بثلاث كتائب.وكانت الكتيبة الأولى بقيادة البكباشى المقدم [[أحمد عبد العزيز]] الذى عين قائدا لقوات الجامعة العربية . وقد وصل إلى العريش يوم 25 من [[أبريل]] [[1948]].
قال فاروق: لا مانع


وقاد البكاشى عبد الجواد الكتيبة الثانية.وقاد الشيخ [[محمد فرغلي]] مجموعة من متطوعى [[الإخوان]] , وقد حوكم [[محمد فرغلي]] أمام محكمة الثورة بعد ذلك وأعدم بتهمة الإشتراك فى محاولة اغتيال [[جمال عبد الناصر]]!
قال حيدر: كدة كويس . الحمد لله.


عزز [[الإخوان]] الدفاع عن القدس وبيت لحم قبل وبعد الهدنة الأولى وحاصروا المستعمرات اليهودية أثناء الهدنة.وأغاروا على القوافل اليهودية وشبكات  التموين وقطعوا المياه عن [[اليهود]] ومنعوهم من تسميم  آبار المياه فى المناطق التى استولت عليها القوات المصرية ووفروا لهذه القوات الحماية أثناء انسحابها من [[فلسطين]]. وساعدوا القوة المصرية المحاصرة فى الفالوجة مما جعلها تقاوم الحصار فقد أمدها [[الإخوان]] بالمؤن.
قال كريم ثابت:


وقبل [[الإخوان]] أن يعملوا تحت قيادة الجامعة العربية ورغم ذلك لم يحصلوا على مرتبات ولم تصرف لهم ملابس!
لا أرى دعوة الوفديين إلى الاشتراك فى الحكم الآن لأن دعوتهم فى هذه الظروف معناها أننا ضعفاء ونريد أن نتقوى بهم. أو أننا خائفون ونريد أن نشجع بهم.
قال [[أحمد عبد العزيز]] فى تقرير رسمى:'''" كانت [[للإخوان]] أفكار حربية وجيهة"'''.


وفى كتاب '''"[[الإخوان المسلمون فى حرب فلسطين]]"''' روى قائدهم [[كامل الشريف]] وهو مدنى مئات البطولات عن معارك مستعمرة '''"تل بيوت"''' واقتحام '''" تبة [[اليمن]]"''' التى اسموها تبة [[الإخوان المسلمين]] ,'''"[[الإخوان المسلمون واسترداد التبة 86|التبة 86]]"''' جنوب دير البلح. ولولاهم لعزل الجيش لامصرى فى [[غزة]] وقطعت المواصلات عنه..
وأعتقد أنهم لن يقبلوا الدعوة فنكون قد خسرنا كثيرا ولم نكسب شيئا وكان كريم ثابت الوسيط بين الوفد و[[الإنجليز]] ولكنه كان يتكلم أمام الوفد بلسان وأمام [[الإنجليز]] بلسان خر وأمام صاحب الجلالة بوجه ثالث!.. وكان هدفه فى كل الأحوال أن يظل وسيطا وأن يكون له دور . وقد استمر وسيطا . حتى قيام الثورة . بين كل الأطراف السياسية ف [[مصر]]!


وكذلك استيلاؤهم على قرية العسلوج والأبطال الذين كانوا يزحفون على الإشواك تحت  تهديد الرصاص كيلوا مترات وأسماء كثيرة [[عبد المنعم عبد الرؤوف]] و[[خالد فوزي]] و[[مكاوي سليم]] و[[محمد قارون]] و[[إبراهيم عبد الجواد]] و[[عبد الحميد بسيوني خطاب]] و[[يحيي عبد الحليم]]... ومئات السماء .. الخ.... الخ وعندما كان لكلجندى من متطوعى [[الإخوان]] أربعة أرغفة كل يوم كانوا يقدمون واحدا منها للعرب المهاجرين.
قال حيدر باشا:


وقد أتيح لأبطال [[الإخوان]] أن ينطقوا بكلمات قبل الشهادة.كانوا يرددون : '''هبى ريح الجنة .... هبى'''.ولكن غذا كانت الجيوش النظامية قد هربت من إسرائيل فإن متطوعة [[الإخوان]] لاقوا الموت من إسرائيل والإضطهاد من حكومتهم!
إنى واثق من قبول الوفد دخول الوزارة


'''ولكن ... كان للحكومة المصرية رأى أخر فى دور [[الإخوان المسلمين]] فى حرب [[فلسطين]] عبرت عنه النيابة العامة فى مرافعتها فى قضية اغتيال [[النقراشي]] قالت '''
قال كريم ثابت مراوغا: أما حيدر يؤكد الوفديين سيقبلون فلابد ن لديه أسبابا تبرر هذا  التأكيد فإنى أسحب كلامى . وأوافق على أن يتصل بالوفديين حتى لا نندم يوما . قال فاروق : يبقى حيدر اللى يتصل بالوفد .


:" لما أخذت مشكلة [[فلسطين]] مظهرها الخطير وجد أعضاء الجمعية السرية [[النظام الخاص|الجهاز السرى]] [[للإخوان]] فرصة ذهبية للفت الأنظار إليهم , وإرهاب المصريين , وإظهار السلطات بمظهر العاجز عن حفظ الأمن وحماية أرواح المصريين والأجانب .. فدبروا سلسلة من الحوادث الإرهابية أطلقوا فى بعضها الرصاص على [[اليهود]] .. واستعملوا فى بعضها المواد المتفجرة لنسف محالهم".
سأل حيدر الملك:


'''وفى مذكرات الدكتور حسين هيكل قال:'''
هل لدى  جلالتك رغبة معينة بخصوص أشخاص الوزراء الوفديين؟
قال فاروق:


:" اعتبر [[الإخوان]] الحرب بين العرب و[[اليهود]] حربا دينية فتطوع عدد غير قليل منهم خاضوا غمارها.وكان من متطوعيهم عدد من الشبن المتعلمين رأوا ما كان من عبث فى ميادين القتال.
لا.. خالليهم يرشحوا اللى عاوزينه.


:وكيف كانت الاسلحة فاسدة والمدد غير منتظم , وكيف أدى ذلك إلى اخفاق المجهود المصرى وإلى عقد الهدنة المؤقتة  ثم إلى عقد الهدنة الدائمة فعادوا إلى وطنهم ساخطين على طريقة حكمه , مؤمنين بأن أطراد الأمر  على هذه الوتيرة يجر على الوطن أبلغ الضرر.وكان من اثر هذه الحرب أن قويت شوكة جماعة [[الإخوان المسلمين]] "!
قال حيدر: أرجوا إعطائى ساعتين.  


'''كتب تشابمان أندروز إلى لندن:'''
قال فاروق: خذ ساعتين. خذ  ثلاثة ما يهمنيش. بس اللى يهمنى أن تتالأف الوزارة الجديدة الليلة. سامع يا إبراهيم.


:" حصلنا على لا شئ , أو ما يقرب من اللاشئ , من تعاملنا مع الحكومات العديدة التى تعتمد على البرلمان الحالى حتى مع المساعى الحميدة للملك فاروق .ومن المؤكد أن الحالة الراهنة للأمور لا يمكن أن تستمر طويلا.
وتكلم إبراهمي عبد الهادى الذى لم ينطق بكلمة واحدة خلال الإجتماع وهو  يرى وزارته تتشكل أمامه:
- حاضر ... يا أفندم!


:وأشك فيما إذاكان هناك وقت منذ 1882 أذعن فيه المصريون بشكل أكثر من حيث اللامبالاة إزاء استمرار وجود حكومتهم كما أشك غذا كنا قد شهدنا حكومة أكثر فى عدم شعبيتها من هذه الحكومة.وإذا ظلت هذه الحكومة فى السلطة لاجراء الانتخابات الجديدة فقد يقاطعها الوفد.
وفى خطابه إلى إبراهيم عبد الهادى لتشكيل الوزارة طلب صاحب الجلالة أن " يعمل على توحيد الصفوف وتركيز الجهود لمواجهة الظروف الداخلية والخارجية".


:وإذا وجدت المجموعة الحالية نفسها فى الحكم مرة أخرى فى مواجهة الاحتمال خمس سنوات من العقم فسيكون  صعبا أن نتوقع من الشعب الاستمرار فى الإذعان واللامبالاة طوال هذه الفترة بل سيكون هناك انفجار رهيب.
اجتمع الفريق محمد حيدر باشا وزير الحربية – باسم الملك – [[فؤاد سراج الدين]] باشا وعرض عليه تناسى كل الخلافات الماضية واشتراك الوفد فى وزارة ائتلافية.


ووما أخشاه أن القوى الناشئة عن مثل هذاالانفجار ن حيث طبيعتها وقوتها ستكون مفاجئة للمصريين الذين يقفون على جانبى الهوة التى لا يمكن اجتيازها والتى تفصل بين القصر والوفد".
غاب حيدر باشا وبعد ساعتين طلب ساعتين جديدتين فأجيب إلى طلبه  وى الرابعة بعد الظهر تكلم مرة أخرى وطلب مد المهلة ساعتين أخرتين فقد اعتذر [[فؤاد سراج الدين]] عن الرد العاجل.


'''تدهورت سمعة الملك فاروق وكتب مراسل أمريكى يقول:'''
قال كريم ثابت الذى وصف الاجتماع فى مذكراته عد ثورة [[يوليو]] 1952:


:" عندما توفى الملك فؤاد والد فاروق قبل 12 عاما , ترك لابنه الذى كان فى السادسة عشرة من عمرهعندئذ ثروة شخصية مقدارها 120 مليون دولار وزيادة على ذلك تدفع له الحكومة المصرية 400 ألف دولار سنويا.
" تلقى فاروق الرد النهائى وكانت الساعة تقترب من السادسة مساء وهو أن الوفديين يعتذرون".


:وقد تولى الشاب العرش فوق موجة من الشعبية الشخصية التى نادرا ما تمتع بها ملك  فى العصر الحديث.وفى سن السابعة عشرة تزوج فاروق الوسيم ذو المظهر الجذابمن مليكته فريدة التى كانت مصرية لطيفة ومحبوبة. وبدا أن الأسرة المالكة ينتظرها مستقبل سعيد.
واعتذر أحمد خشبة باشا عن قبول منصب وزير الخارجية وبرر ذلك بحاجنه إلى الراحة.


:ولسوء الحظ [[مصر]] هجم على الملك الشاب جميع الطفيليين بالقصر وتمكنوا منه واصبح حلاقه الايطالى بوللى مستشاره وسكرتيره الخاص . ومنحه فارق لقب '''" بك"''' وهى مساوية تقريبا للقب سير فى انجلترا وجعله رعية مصرية لينقذه من السجن على أيدى البريطانيين اثناء الحرب وكان بوللى هو الذى قاد فاروق على طريق الملاهى الليلية.
ولم يقل خشبة باشا إنه كن يطمع فى رئاسة الوزارة. وكان يتطلع إليها وينتظرها وإنه خدع من الجميع وأن الرصاصات التى أطلقها طالب الطب البيطرى عبد المجيد أحمد حسن  على النقراشى قد أطاحب بآمال خشبة باشا أيضا!


:قال إن الناس سيعتبرونه ديمقراطيا إذا خرج بينهم ولكن الناس الذين يتكلم عنهم بوللى لا يخرجون من منازلهم قبل الظلام ولا يأوون إلى فراشهم قبل الفجر !
استغاث عبد الهادى بكريم ثابت الذى أسرع يلتقى بخشبة باشا قائلا: أرجو أن تقدر الموقف الذى واجهه الملك بمقتل النقراشى لقد اضطر صاحب الجلالة إلى تعديل خططه.


:وسرعان ما بدأ الملك يشاهد فى صحبة نساء لسن من ذوات المكانة. وكانت للملك مائدة محجوزة على الدوام فى علب الليل مث '''" أوبرج الأهرام "''' وحديقة السطح فى فندق '''" سميراميس"''' ونادى '''" الأريزونا"''' وغير ذلك من الأماكن الساخنة!
كرر خشبة باشا الإعتذار فقد أحس بأنه جرحه عميق!
أخذ كريم ثابت  يلح على خشبة فى قبول المنصب قائلا:


:وكانت له عادة مائدة كبيرة مستديرة بجوار حلبة الرقص.. ومهما كانت الأماكن مزدحمة تبقى  مائدة الملك فى انتظاره دائما.وإذا أعجبت الملك أمرأة على مائدة أخرى يدعوها بوللى للرقص مع جلالته.
-إن إبراهيم عبد الهادى قبل أن يكون وزيرا للداخلية فى الوزارة التى كان سيعهد إليك برئاستها . فلا اقل من أن ترد له التحية بقبولك العمل فى وزارته.


:فإذا رفضت طلبت منها الإدارة أن تنصرف ومن معها. وبدأت الإشاعات تنتشر حول السلوك الشخصى للملك الذى لا يشاهد مع مليكته أبدا.  كان بعضها نتيجة لحملة همس بدأها حزب المعارضة الوفدى. ولم يكن هناك من ينكر أن الملك " يتصعك"!
أبى خشبة أن يحيد عن قراره, وأصر على الاعتذار ولم يقبل المنصب إلا بعد شهور عندما تبخرت آماله نهائيا فى رئاسة الوزارة!ويشكل إبراهيم عبد الهادى الوزارة فى ساعة متأخرة من الليل يوم وفاة النقراشى لظروف الأمن التى اقتضت السرعة.


:وطبقا لتقارير الدوائر السياسية فى [[القاهرة]] أعد الوفديون ملفا كاملا حول السلوك الاجتماعى للملك بما فى ذلك صور من يفضلهن لإقناع أعلى سلطة روحية فى العالم الإسلامى وهم كبار علماء بأن الملك لا يتصرف بما يتفق مع التراث الإسلامى.
ويبرر تشابمان اندروز السرعة التى تم تأليف الوزارة والأسباب الحقيقية لإبعاد أحمد خشبة  باشا عن تولى المنصب ز ولمذا اعتذر عن دخول الوزارة قال:


:واقنع الوفد عشرة من الأزهريين بأن يلبسوا ملابس أفرنجية بدلا من ملابسهم التقليدية ليتعقبوا الملك فى علب الليل!وفى الوقت ذاته بدأت القصص تنتشر حول إهمال الملك لزوجته وأنه يعيش حياة عابثة فى قصر عابدين.
" أملت الأزمة العجيل بتشكيل حكومة جديدة دون تأخير خشية أن يؤدى الفراغ الوزارى إلى تجمع قوى  الشغب والإضطراب التى دعت إلأى صدور قرار حل جماعة [[الإخوان المسلمين]] .. وهو القرار القمعى الحاسم الذى صدر بعد تأخير.


:وأثناء الحرب العالمية كان فاروق يقود سيارته فى أنحاء [[القاهرة]] مرتديا '''" الشورت "''' والملابس الرياضية وعقد صداقات كثيرة مع الأمريكيين.وعندما كان الماجور جنرال بنجامين جاليز ينظم سهرة بوكر كان فاروق يزوره ليجلس بجوار طاولة اللعب وينظر ..  
وأظهر الملك فاروق باختيار إبراهيم عبد الهادى أن تفكيره الأول يتركز فى استمرار [[السياسة]] الحالية رغم أنه قد يحدث بعض التعديل فى الأسلوب. وهناك اعتراف بالحاجة لتحقيق استقرار الأمن العام وافقت الحكومة حسبما يقول مصدر فى القصر – على متابعة [[السياسة]] الصريحة المعلنة ضد [[الإخوان المسلمين]].
وهذا يوضح أسباب عدم دعوة أحمد خشبة باشا  لتشكيل الوزارة وكان مرشحا لرئاستها بعد أن أقنع [[البنا]] [[المرشد العام]]  خشبة باشا بفائدة التوصل إلى  حل وسط مع [[الإخوان المسلمين]] تحت شعار الوحدة والائتلاف الوطنى.


'''فيصيح به جايلز:'''
ومن هنا قرر خشبة باشا- وهو من الأحرار الدستوريين – أنه من الأفضل التخلى عن دخول الوزارة كلية".


:هيا يا ملك!
وعلمت من نفس المصدر أن الملك فاروق عازم على التعامل بشدة مع [[الإخوان]] "


:وكان فاروق يراقب اللعب لبعض الوقت ثم ينصرف إلى المطبخ ليستكشف الثلاجة فيعد لنفسه ساندويتشا ويعب المشروبات الغازية فهو لا يحتسى المشروبات الكحولية.وكانت للملك الشاب عمره 28 سنة فى الصل أحلام كبيرة أن يخلص بلاده من البريطانيين ويحق استقلالها. وأن توجد البلاد العربية تحت قيادته.
وهذه البرقية تكشف أن الملك و[[الإنجليز]] تخلوا عن خشبة باشا لنه يريد التصالح مع [[الإخوان]]!
وتؤكد البرقية من ناحية أخرى أن القصر كان المحرس الأساسى لحل [[الجماعة]].
دعا إبراهيم عبد الهادى إلى منزه [[فؤاد سراج الدين]] وعرضه عليه فكرة الوزارة الائتلافية فاجتمع الوفد  يوم 5 من [[يناير]] برئيس  وزارة ائتلافية ولكن لا تسند رئاستها إلى لإبراهيم عبد الهادى باشا!
ووجهة نظر [[فؤاد سراج الدين]] التى ذكرها للوزير البريطانى المفوض هى "
 
الوفد لا يثق فى عبد  الهادى فقد كان نائبا وفديا وتخلى عن تأييد الوفد عام [[1937]] عندما كان النحاس رئيسا للوزراء يبحث عن وكيل وزارة ولذلك اختار ممدوح رياض بدلا من عبد الهادى.
 
وقبل احتفال أقيم لمؤتمر البرلمانين الدولى وأقنع عبد الهادى [[فؤاد سراج الدين]] بالذهاب إلى مكتبه الخاص وتبادل الأفكار بصورة شخصية وغير رسمية.
 
وبذل عبد الهادى جهودا مضينة لإقناع سراج الدين بالطبيعة السرية والشخصية لحدثيهما فلم يبلغ  سراج الدين النحاس باللقاء.
 
وفى يوم التالى نشرت أخبار اليوم " تقريرا كاملا عن اللقاء مما سبب حرجا ل[[فؤاد سراج الدين]] . ولذلك فإن سراج الدين يعرف أنه لا يستطيع الثقة فى عبد الهادى".
 
وكتب تشابمان اندروز الوزير البريطانى المفوض يقول: " إن الاتصالات بين إبراهيم عبد الهادى  والوفد عن طريق [[فؤاد سراج الدين]] .
 
ولكن القصر لا يريد اشترك النحاس باشا شخصيا فى الحكم".
ونحاول بريطانيا بكل الطرق إقناع الوفد بدخول الوزارة.وتحاول بريطانيا بكل الطرق إقناع الوفد بدخول الوزارة.
 
قال أندروز :" لم يغلق  الباب – بعد أمام احتمال اشتراك الوفد , وقد يتم ذلك فى اجتماع للوفد . يعقد قريبا.
 
وسياسة القصر إحداث انشقاق داخل الحزب وإضعاف سلطة النحاس باشا".
ويلتقى اندروز بكريم ثابت باشا فى محاولة جديدة حتى يساهم الوفد مع إبراهيم  عبد الهادى فى تحطيم  [[الإخوان]].
 
قال كريم ثابت :
 
عبد الهادى باشا أفضل رجل لوزارة الداخلية وقد ينجح فى تحطيم [[الإخوان]].


:وفى عام [[1942]] حاصر البريطانيون قصره بالدبابات ودخل عليه السفير البريطانيى السير مايلز لامبسون اللورد كيلرن محاطا بالضبط والجنود وطلب إليه أن يعين النمحاس باشا رئيسا للوزارة وإلا فإن طائرة تنتظر  كما قالوا لتأخذ الملك فى رحلة طويلة!
قال أندروز وهو يتمنى للباشا حظا سعيدا:


:وأطل الملك من إحدى النوافذ ورأى الدبابات استسلم ولكن المرارة ملأت فؤاده رأى أنه ضحية لسياسة القوة . سجين فى بلدة فأصبح غليظا متشككا.ومنذ تلك اللحظة , كما يقول أصدقاؤه استسلم لملذاته. إن رعاياه لامسلمين شعب متعصب فهم غاضبون لتورط الملك فى حياة الليل ب[[القاهرة]].
لست متأكدا تماما من أنه سينجح. وإذا فشل فسيقع جانب كبير من  اللوم على كاهل الملك لأنه ترك عبد الهادى يواجه [[الإخوان]] دون أن يكون الوفد معه. ولو كان قد إشراك الوفد لوفر فرصة أفضل كثيرا للنجاح. وأضاف اندروز:المهمة الرئيسية للحكومة إلحالية هى تحطيم [[الإخوان]]!


:إن حياة فاروق تلقى ظلال الشك على مستقبله . وربما ينجو ولكن الأمر خطير فى نظر المراقبين الأكفاء فى [[القاهرة]]".
فى اليوم التالى لوفاة النقراشى وصل تشابمان أندروز الوزير البريطانى المفوض إلى أرمنت – قرب الأقصر


ساعد على انهيار سمعة الملك والدته الملكة نازلى.اتهمها فاروق بأن لها علاقة برئيس ديوانه الراحل أحمد حسنين وأنها تزوجته عرفيا.سافرت صاحبة الجلالة إلى أوربا فى صيف عام [[1946]] بعد وفاة أحمد حسنين, وتنقلت بين عواصم العالم ثم استقرت فى الولايات المتحدة . ورفضت العودة إلى [[مصر]].
– ليقضى أياما فى عزبة رجل الأعمال أحمد عبود وكان هناك عدد من أصدقاء الطرفين.
وصف أندروز رد فعل هذه المجموعة من أثرياء المصريين إزاء اغتيال  رئيس وزراء [[مصر]].


وأخذ الناس يتناقلون روايات فضائح الملكة الأم التى ألحقت بخدمتها رياض غالى أمين المحفوظات السابق بالقنصلية المصرية فى مارسيليا كسكرتير ثم زوّجته عام [[1950]] وهو مسيحى من ابنتها فتحية شقيقة فاروق!
" بين الحاضرين فى أرمنت [[حسين سرى]] باشا – رئيس الوزراء السابق وزوجته وحرم " محمود يونس بك" التشريفاتى الرابع للملك فاروق . ومحمود  القشيرى بك وزوجته وهو ابن أخت قرينة سرى باشا.
استقبل الجميع نبأ اغتيال رئيس الوزراء بتهلل وارتياح .


فى لقاء بين الملك فاروق والسفير البريطانى رونالد كامبل وصف فاروق مشاعره نحو [[البنا]].
ولم يخفوا ذلك وامتنع سرى باشا  وحده عن إدلاء بأى تعليق عدا الأعراب عن اعتقاده بأن النقراشى باشا كان رجل دولة طيبا  لديه مثل عليا ولكنه كان عاجزا أو لا يصر على أن يقتدى به زملاؤه الوزراء فى الأمانة والشرف!


'''قال:'''
وحين أعلن تعيين إبراهيم عبد الهادى باشا – رئيسا للوزراء – أعرب الجميع  عن خيبة أملهم المريرة . وكان التعليق العام أنه نفس الرجل .. أى مثل النقراشى.


:الشيخ فى حالة غير طبيعية من الإحساس بقوته .ويعتقد أنه مامن أحد يجرؤ على الإعتداء عليه.وقد وصل الشيخ [[البنا]] إلى حد أنه يطلب من اتباعه أن يقسموا يمين الولاء  له وأن يفعلوا ما يأمرهم به وأن يمتنعوا  عما يناهم عنه.
وكان من رأى عبود باشا وحرم سرى باشا أن عبد الهادى باشا سيتبع خطوات النقراشى.ومالم يسمح  الملك فاروق بحكومة وفدية يراسها النحاس باشا وتتولى السلطة .. لإغن حياة الملك ستكون عرضة للخطر البالغ.


:وطلب ذلك من ضباط الجيش الذين يرغبون فى الإنضمام إلى جماعته ولكنهم, أو الأغلبية العظمى منهم , رفضوا ذلك نظرا لليمين التى اقسموها بالولاء لملك [[مصر]] ولولا ذلك  لكان كل ضباط الجيش قد انضموا للجماعة
وقال عبود فى حديث صريح جدا إنه يعتقد أننا – أى [[الإنجليز]] – ن[[مارس]] سياسة خاطئة تماما فى [[مصر]].
... حكمنا البلاد وكنا الموجة لها لأكثر من خمسين عاما .. وبعد أن أعطيناها استقلالها .. نتوقع ان تمضى وحدها دون تدخل من جانبنا.


'''وأضاف فارق:'''
وبالتفاوض مع الحكومة وحدها دون تدخل من جانبتا.
وبالتفاوض مع الحكومة الحالية والملك فاروق فإننا نعطى نأييدنا لحكومة لا تمثل إلا الأقلية فى البلاد..
ونحن نشجع الملك على أن يصبح حاكما ديكتاتوريا وأعرب عبود باشا عن اعتقاده بأننا يجب أن ندين الحكومة الحالية علنا ونعلن أننا لن نتفاوض مع [[مصر]] حتى يتم إجراء انتخابات عامة فيها.
وأكد لى أننا إذا فعلنا ذلك فسنحوز تأييد الأغلبية الكبرى من الشعب المصرى ومن زعماء الوفد على وجه الخصوص.


:ليس عندى شك فى أن [[الإخوان المسلمين]] معادون للملكية بشكل مؤكد
وقال الباشا إن المصيبة الكبرى هى أن حادث 4 [[فبراير]] لم يمض إلى نهاييته المنطقية"


'''وكرر صاحب الجلالة القول:'''
... أى إرغام الملك على التنازل عن العرش. وهذا الحديث يكشف حقائق كثيرة عن آراء بعض قادة  [[السياسة]] والإقتصاد فى [[مصر]]:


:ولم يكن فاروق يدرى وهو يعلن اطمئنانه للجيش أن [[الإخوان]] حاولوا اختراق الجيش منذ عام [[1940]]
" [[حسين سرى]] يصر على عودة الوفد إلى الحكم.


'''قال [[عبد الطيف البغدادي]] عضو مجلس قيادة [[ثورة 23 يوليو 1952]] فى مذاكراته:'''
"أحمد عبود باشا كان يتمنى لو أن [[الإنجليز]] عزلوا الملك فى 4 [[فبراير]] [[1942]]!


"فى بداية [[1940]] قمنا بعمل تنظيم سرى بين ضباط الطيران والجيش استعدها للمشاركة فى تحقيق  هدفنا وهو مقاومة الاحتلال البريطانى.رحب الشيخ [[البنا]] بالفكرة ولكنه اقترح إدماج تنظيمنا مع [[الإخوان المسلمين]].
وبينما كان تشابمان اندروز يعرف رأى [[حسين سرى]] وعبود فى إبراهيم عبد الهادى خليفة النقراشى .. كان أرنست بيفن وزير خارجية بريطانية يعرف رأى ملك [[مصر]] بالنسبة للإخوان.


'''قال الشيخ [[البنا]]:'''
وكان السفير المصرى فى لندن حريصا على أن يبدى [[الإنجليز]] بعض مشاعر الود نحو صاحب الجلالة!
قصد السفير المصرى عبد الفتاح عمرو إلى وزارة الخارجية البريطانية ليلتقى بأرنست بيفن وزير الخارجية فى اليوم التالى لاغتيال النقراشى.


:لدينا الجنود وهم الأعضاء المنضمون للجمعية ويقدر عددهم بربع مليون ونحن فى حاجة إلى القادة القادرين على قيادة هؤلاء الجنود وستكونون القادة
قال عمرو باشا وهو يتحدث عن [[الإخوان المسلمين]]:


'''واضاف:'''
الحكومة [[مصر]]ة على التصدى لهذه الإثارة المستمرة للمشاعر المعادية للبريطانيين فى [[مصر]] وعلى تمهيد الطريق لإجراء مناقشات فنية على الأقل مع بريطانيا فى وقت قريب.


:نحن ندعو إلى الدين لغرض سياسى نأمل تحقيقه ولسنا مشايخ طرق رفض البغدادى وزملاؤه الاندماج خوفا من ان تذوب منظمتهم وهى بداية عهدها داخل  جماعة [[الإخوان المسلمون]] فوافق الشيخ [[البنا]] على التعاون مع التنظيم فى عرقلة تقهقر الجيش البريطانى عند انسحابه من صحراء [[مصر]] الغربية أمام الألمان".
سأله بيفن عن القاعدة الحقيقية للإخوان  المسلمين وعن سبب اتباعهم الطريق الإرهاب.
قال السفير: هناك أدلة على أن [[الإخوان]] يتلقون أموالا طائلة من روسيا , وأنهم أحرزوا تقدما كبيرا بفضل الأموال والمنشورات بين الفلاحين


وإذا كانت هذه المحاولة لاختراق الجيش قد فشلت فى تلك السنة فإنها نجحت عام [[1944]].وكانت الخلية الأولى الرئيسية لرجال الجيش من أعضاء [[الجماعة]] تضم سبعة ضباط برئاسة [[محمود لبيب]] وكيل [[الإخوان]].
لقد أصبحوا خطرا حقيقيا والحكومة مصممة على القضاء عليهم وصودرت كل أموال [[الإخوان]] وأغلقت مراكزهم وعبد الهادى باشا سيوالى قمعهم حتى النهاية.


وبين الضباط السبعة ثلاثة من [[الضباط الأحرار]] الذين قاموا بعد ذلك بثورة 23 [[يوليو]] واصبحوا أعضاء فى مجلس قيادتها وهم [[جمال عبد الناصر]] والملازم أول [[كمال الدين حسين]] والملازم أول [[خالد محيي الدين]].
وينتهز عمرو باشا الفرصة فيطلب من وزير الخارجية البريطانية توجيه رسالة ما إلى الملك فاروق
قال بيفن. سأفكر فى ذلك.


والأربعة الآخرون هم [[عبد المنعم عبد الرؤوف]] و[[سعد حسن توفيق]] و[[حسين محمد أحمد حمودة]] و[[صلاح الدين خليفة]] وهم من [[الضباط الأحرار]].
وتعهد الوير بأن يجتمع السفير البريطانى فى [[القاهرة]] مع  رئيس الوزراء الجديد فى أقرب وقت ممكن.
وأثار السفير المصرى إمكان استئناف بدء المفاوضات بين [[مصر]] وبريطانيا ولكن قال : ليس وقت مواتيا بعد . فقد يحدث انطباع خاطئ لأن [[مصر]] تمر بصعوبات وخاصة عقب اغتيال النقراشى ومن الأفضل الانتظار قليلا!


وظلت اجتماعات هذه الخلية تعقد سرا كل أسبوع, خلال أربع سنوات  وأربعة شهور , فى منازل أعضاء مجلس الثورة الثلاثة و[[عبد المنعم عبد الرؤوف]] . وشكل هؤلاء الضباط خلايا فرعية يضم كل منها سبعة ضباط,وبايعت الخلية الرئيسية [[عبد الرحمن السندي]] قائد التنظيم السرى فى أوائل عام [[1946]] كما يقول حسين حمودة فى كتابه '''"أسرار حركة الضباط الأحرار والإخوان المسلمين"'''.
اتصل رجال الصحافة ب[[المرشد العام]] تليفونيا وأبلغوه بوفاة النقراشى وسمع أمين إسماعيل عضو [[الجماعة]] بالإغتيال فتوجه إلى بيت الشيخ [[البنا]] الذى دعاه لتناول الغداء معه. وصف أمين إسماعيل حال [[المرشد العام]] فى ذلك اليوم فقال لم يأكل الشيخ [[البنا]] غير لقمتين لا ثالثة لهما. وابتسم قائلا.
إيه يا أمين سيرموننا بكل تهمة وسيقولون عنا كل شئ و..... و....وسيعلقون لنا المشانق فى الشوارع!
وابلغ أحد [[الإخوان]] الشيخ ما يؤكد ظنونه قال:


وقال [[خالد محيي الدين]] إن مراسم الانضمام كانت توحى بالسرية المطلقة فتتم البيعة فى غرفة مظلمة ويقسم الضباط على مصحف ومسدس.وكان هؤلاء الضباط يقومون بتدريب أعضاء [[النظام الخاص|الجهاز السرى]] على استخدام السلاح .  
كوّمحمد كامل الدامطى مدير مكتب النقراشى عصابة من سبعة أفراد حلفوا برأس النقراشى أن يقتلوا [[المرشد العام]].


وفى عام [[1948]] كان عدد ضباط القوات المسلحة المصرية الأعضاء فى [[الإخوان المسلمين]] قد زاد فانضم إلى [[الجماعة]] كثيرون من [[الضباط الأحرار]] بينهم [[محمد أنور السادات|انور السادات]] و[[عبد الحكيم عامر]] , و[[رشاد مهنا]] و[[حسين الشافعي]] و[[حسن إبراهيم]].
وظلت تتردد فى أذهان [[الإخوان]] تلك الصحيات التى رددها شباب الحزب السعدى أثناء جنازة النقراشى قائلين:


وفى مذكرات الشيخ الباقورى أن جبل المقطم كان ساحة للتدريب على استخدام الأسلحة لشباب النظام .
رأس [[البنا]] برأس النقراشى  . وتهتف: الدم... بالدم!


وكان يقوم بتدريب التشكيلات الفدائية بعض ضباط القوات المسلحة من أعضاء [[النظام الخاص]] وبينهم [[جمال عبد الناصر]] الذى انضم [[للإخوان]] عن طريق الضباط  الطيار [[عبد المنعم عبد الرؤوف]] عام [[1942]] عندما كان أركان حرب الكتيبة رقم 13 مشاة.وارتبط [[جمال عبد الناصر]] ب[[النظام الخاص]] يعمل فى صفوفه يدرب أعضاءه ويخرج معهم فى رحلاته .وكان [[عبد الناصر]] فى اتصلاته ب[[الإخوان]] يتخذ لنفسه اسما مستعارا هو زغلول عبد القادر.


وبدأ [[عبد الناصر]] فى تحويل ولاء الضباط له فى عام [[1946]] دون علم الصاغ [[محمود لبيب]].
==حوافر العدو==
وعندما نقل [[عبد الرحمن السندي]] إلى مستشفى القصر العينى وكان يعالج به أثناء عقوبة السجن فى قضية سيارة الجيب زاره [[عبد الناصر]] وأصدر بعد الثورة عفوا عنه.ولم تنقطع صلة [[عبد الناصر]] ب[[الإخوان]].


بعد [[ثورة 23 يوليو 1952]] زار الشيخ [[البنا]] وقال [[للإخوان المسلمين]] " لا تظنوا أيها [[الإخوان المسلمون]]  أنى أجنبى عنكم فإنى واحد منكم


==خطوة للتقارب مع الملك==
انتهزت إسرائيل فرصة التوتر الذى ساد [[مصر]] بعد اغتيال النقراشى فأرادت أن تطوق الجيش المصرى فى سيناء وغزة وحصاره.


بدا تشايمان أندروز خطوة للتقارب مع فاروق .دعا كريم ثابت المستشار الصحفى للملك إلى دار السفارة فى أوائل [[أكتوبر]] وطلب منه إقناع الملك بمنح تأييده السريع والقوى للتوصل إلى اتفاقية عسكرية بشروط معقولة مع بريطانيا وأن تتخذ [[مصر]] مواقف علنية مؤيدة لبريطانيا والقوى الغربية.
اكتشف ايجال يادين قائد القوات الإسرائيلية على الجبهة المصرية طريقا يونانيا – رومانيا قديما يصل جنوب أبو عجيلة فأرسل قوتين إلى غزة .  


'''حمل كريم ثابت إلى الوزير المفوض يوم 11 من [[أكتوبر]] رد فاروق قال: '''
وبير عسلوج , والعوجة لشغل القوات المصرية فلم تنتبه إلى القوات الإسرائيلية المدرعة لتى جاءت تغزو أبو عجيلة لتدخلها وتتوغل عشرة أميال داخل الأراضى المصرية لأول مرة, وقامت بحركة التفاف واسعة لعزل الجيش المصرى شرق مدينة العريش ,


:" قرر جلالة الملك بصفة نهائية الاستجابة إلى اقتراح مستر بيفن والدى تلقاه خشبة باشا وزير الخارجية فى باريس ويقضى بإجراء مفاوضات بين بريطانيا و[[مصر]] على مستوى المفاوضات التى تجرى بين وزراء دفاع الدول الغربية وطلب الملك وقف الدعاية المؤيدة لحياد [[مصر]].
قطع خطوط تموينه ومواصلاته مع قاعدة ها الجيش فى [[مصر]] للقضاء عليه فأصيب الجيش كله بالشلل فى سيناء وغزة


:وقرر فاروق أن تنضم [[مصر]] بصورة علنية جانب قوى الغرب ويرغب فى أن يصبح على [[مصر]] نفس الواجبات والمسئوليات الملقاة على عاتق دول الحلف الغربى ... يعنى حلف الأطلسى.وإذا كان [[النقراشي]] غير مستعد لتنفيذ مثل هذه [[السياسة]] فيجب البحث فورا عن رئيس وزراء آخر يقوم بهذه المهمة.وقد أبلغ كل من [[إبراهيم عبد الهادي]] و[[حسن يوسف]] و[[النقراشي]] باشا بذلك خلال اجتماع دام تسعين دقيقة.
فى اليوم التالى لوفاة النقراشى احتلت إسرائيل التلال المطلة على رفح واصبح على بريطانيا – بمقتضى معاهدة [[1936]] – التدخل ضد إسرائيل للدفاع عن [[مصر]] وطرد القوات المعتدية منها.
توغلت القوات  الغازية إلى مسافة ستة كيلو مترات – أو أقل – من العريش ... المدينة التى تضم القاعدة الجوية المصرية الأمامية.


'''وقد رد النقراشى قائلا:'''
طلب وزير الحربية المصرى من بريطانيا – بصورة عاجلة – 20 من خزانات الوقود طويلة المدى لتمكين الطائرات المصرية من طراز " سيبفاير" من الطيران من مطارات منطقة ال[[قنا]]ل البعيدة عن الحدود.
وطلب الوزير أيضا تسهيلات لصعود الطائرات المصرية فى  المطارات التى تحتلها القوات البريطانية فى منطقة ال[[قنا]]ل .


:الملك هو المدبر وإذا كانت هذه إرادته فلابد أنه يسعى إلى غرض ما من وراء ذلك.ووافق [[النقراشي]] على الفور وقف سياسة إهانة بريطانيا ومضايقتها واستدعاء [[عبد الفتاح عمرو]] باشا سفير [[مصر]] فى لندن للتشاور.
استغاثت وزارة الحربية المصرية ب[[الإنجليز]] وابلغت الأمر إلى الملحق الجوى  بالسفارة البريطانية فى [[القاهرة]] فلم تكن [[مصر]] فى حالة تسمح لها القيام بأى عمل إلى الالتجاء لبريطانيا.
سارعت وزارة الخارجية البريطانية بإبلاغ الحكومة الأمريكية فى واشنطن  بطلبات حيدر باشا.
قالت:


'''وعلق اندروز على ذلك قائلا:'''
" أرسلت التعليمات إلى سلاح الجو الملكى البريطاني فى [[مصر]] للقيام باستطلاع فورى والتحقق من الوضع.
وإذا قامت القوات [[اليهود]]ية بمهاجمة الأراضي المصرية فإن التزاماتنا بموجب معاهدة [[1936]] الإنجليزية – المصرية ستكون سارية بالطبع"


:" ينبغى علينا نكون حذرين للغاية فى معالجة هذا الأمر فلا يمكن ضمان سكوت الوفد و[[الإخوان]] ورجال مكرم إلا عن طريق الرقابة الدقيقة على الصحافة.وستكون هناك معارضة إذا تمكنت من تحقيق نجاح فى هذا الشأن كما تمكنت فى الماضى من قلب ميزان الأمور الدقيقة الأخيرة فإن الموقف سيكون أكثر صعوبة من ذى قبل وتصبح معالجته أمرا عسيرا.  
وصف السفير البريطانى الموقف العسكرى المصرى اليائس داخل حدود البلاد الشرقية فى اليوم التالى لوفاة النقراشى – 29 من [[ديسمبر]].


:ولن تكون هناك معارضة كبيرة للتوصل إلى شكل من أشكال الاتفاق مع بريطانيا ولكن المعارضة ستكون موجهة إلى اسلوب إجراء المفاوضات وتوقيع المعاهدة عن طريق حكومة تابعة للقصر ليست لها شعبية وتعتمد على الرقابة وفرض حالات الطوارئ لتنفيذ سياستها.
قال:


وفى رأيى التزام الحذر من الذهاب إلى ما وراء المحادثات العسكرية والدخول فى القضية المصرية بشكل عام إلا :بعد  إنتخابات وقد سبق ل[[فؤاد سراج الدين]] . السكرتير العام للوفد. أن نصح بعدم افقبال على هذه الخطوة.
يقوم الجيش المصرى بهجمات مضادة من العريش ورفح فى محاول لوقف طوابير المدرعات [[اليهود]]ية التى تتقدم صوب هاتين المدينتين.


:وأرسل لى [[فؤاد سراج الدين]] خطابا بأن آية محاولة للوصول إلى اتفاقية مع حكومة تابعة للقصر ستفشل لا محالة كما فشلت محاولات سابقة.وقال أيضا أن صور الفشل المتتابعة جعلت من العسير على حكومة الوفد التى ستأتى لا محالة آجلا أو عاجلا التوصل إلى أية اتفاقية معنا".
وما لم نقم نحن البريطانيين بشئ فعال وفورى لمساعدة الجيش المصرى فإنه يتمزق خلال وقت قصير جدا إلى مجموعات صغيرة ومعزولة فى العريش ورفح وغزة والفالوجة والخليل دون أى غطاء جوى وبلا إمكانا للإمدادات أو الإغاثة.


'''ولكن [[الإخوان]] من ناحيتهم كانوا يتوقعون سقوط كل [[الأحزاب]] كتب جيفرسون باترسون القائم بالأعمال الأمريكى يقول:'''
ومن المؤكد أن هذه المجموعات الصغيرة لن تكون قادرة على المقاومة لمدة طويلة.


:"يؤمن [[الإخوان]] بأن أحزاب [[مصر]] على وشك السقوط وستتحد البلاد حول البرنامج الإسلامى القومى".
ولن يكون ممكنا إخفاء حجم الكارثة عن الرأى العام المصرى ولا يمكن تقدير العواقب السياسية الناجمة عن ذلك . من الناحية الداخلية المصرية أو من رواية العلاقات المستقبلة مع بريطانيا.


ويلتقى كلاتون مدير الإدارة الأفريقية بوزارة الخارجية البريطانية فى باريس يوم 22 من [[سبتمبر]] بادجار جلاد سألأه عن الموقف فى [[مصر]].
ولذلك فإن مخاطر السماح بحدوث مزيد من التدهور فى الموقف العسكرى ال[[مصر]] أكبر من أن نستطيع تحملها.
وقد بدأت الطائرة المقاتلة المصرية فى الهبوط فى المطارات التى يسيطر  عليها البريطانيون فى منطقة القناة وايد بعد نفاد وقودها. إن البدائل العملية المتاحة لنا سواء بموجب المعاهدة أو خارج نطاقها هى:


'''قال جلاد:'''
(أ‌) إمداد القوات المصرية بالعتاد الحربى فى منطقة القناة.


:الملك والجميع وافقوا على إبعاد [[النقراشي]]. وقال إن خليفة [[النقراشي]] إما أحمد خشبة بشا وزير الخارجية وهو رجل ضعيف , على أن يتولى وزارة الداخلية [[إبراهيم عبد الهادي]].
أو


'''وأضاف:'''
(ب)القيام بأنفسنا بعمل عسكرى , بعد انذار الغزاة بهدف محدود وهو انسحاب قواتهم إلى ما وراء الحدود الدولية بين [[مصر]] و[[فلسطين]].
   
   
:المطلوب حكومة ائتلافية ولكن الملك لن يقبل النحاس كرئيس للوزراءة وإذا حاولتم أى [[الإنجليز]] فرض النحاس عل صاحب الجلالة فستقوم الاضطرابات ,اطال جلاد  فى الحديث بينما التزم كلاتون وزميل له الصمت .. وأخيرا قالا تشكيل الحكومة مسألأة داخلية مصرية مخصة. ولن تتدخل فيها الحكومة البريطانية.
وبين هذين  البلدين . أعتقد أن الثانى هو الأفضل إذاكان ممكنا من الناحية العسكرية للأسباب الآتية:
 
(أ)إذا سمح لليهود بالإستقرار فى الأراضى المصرية سيبصح من الصعب بصورة متزايدة. إخراجهم بالوسائل السياسية فقط. أو حتى بالعقوبات الاقتصادية مع مضى الوقت ( إذ إنهم سيميلون لتدعيم موقفهم . كما حدث فى [[فلسطين]]).
 
(ب) سيكون من الصعب فى وقت لاحق إيجاد مبرر سليم للتدخل العسكرى البريطانى.


'''ولكنهما استدركا قائلين:'''
(جـ) إن المصريين حتى بالعتاد الحربى الذى نستطيع تقديمه إليهم. سيبقى ممكنا هزيمتهم. زسيكون الموقف الناشئ عن ذلك أكثر سوءا.


:كل الذى يحظى بهتمامنا أن نجد حكومة مصرية تستطيع التعامل معها
(د) لانستطيع بالتأكيد أن نرفض استخدام سلاح الطيران المصرى للمطارات والمنشآت التى يسيطر عليها البريطانيون فى منطقة القناة وهذا يورطنا بصورة آلية فى الصراع . لأن هذه المطارات من  المفترض للقصف من جانب [[اليهود]].


'''بدا جلاد يهدد قال:'''
وفى نفس الوقت, وحتى إذا قررت حكومة صاحب الجلالة ملك بريطانيا القيام بعمل عسكرى فأعتقد أن من الأهمية أن نزود ل[[مصر]]يين ببعض العتاد الحربى لتمكينهم من التعاون معنا ومن الإحساس بأنهم يفعلون ذلك.
وإذا أثبتنا فى هذه المناسبة قدرتنا, على القيام بعمل فعال لتأمين إخراج [[اليهود]] من الأراضى المصرية دون تأخير , فإن مكانتنا ستعزز ليس هنا فقط وإنما فى البلاد العربية الأخرى أيضا.


:فى هذه الحالة سيلجأ الملك إلى الشعب , ويجدد تأييده [[للإخوان المسلمين]] الذين تخلى عنهم ! توجه تشابمان أندروز الوزير البريطانى المفوض لمقابلة [[النقراشي]] لابلاغه بإصرار بريطانيا والولايات المتحدة على ضرورة تقرير الوسيط الدولى بضرورة تقسيم [[فلسطين]] بين العرب و[[اليهود]].
وستصبح فى وضع أقوى فى التأثير على [[مصر]] وغيرها لإقرار تسوية التراجع إلى المواقع التى كانوا يحتلونها فى النقب فى 14 من [[أكتوبر]] كما كان بتعيين عليهم بالفعل بموجب قرار مجلس الأمن الصادر فى 4 من [[نوفمبر]].
أرى بالإضافة إلى ذلك أنه لا شئ أقل , إن لم يكن أكثر , من إنذار سيكون مطلوبا لضمان انسحاب [[اليهود]] من الأراضى المصرية.


:اضطر [[النقراشي]] للموافقة فهو يعلم حقيقة الموقف العسكرى والإقتصادى فى [[مصر]] والموقف الدولى الذى يفرض على [[مصر]]... الخضوع! وبعد انصراف اندروز كانت الدموع تغطى وجه النقراشى ويعرف الوزير البريطانى ذلك من '''" صديق مصرى"'''
ولكن مسألأة إغاثة القوات المصرية المحاصرة فى [[فلسطين]] ستظل قائمة عندما يزداد تدهور الموقف العسكرى يسرع السفير البريطانى فيكتب فى اليوم ذاته حكومته البرقية رقم 1805 وفيها يقول:
" تشعر  السلطات المصرية بقلق بالغ.


'''ويكتب أندروز إلى لندن :'''
ولا يمكن كتمان أية هزيمة كبرى تقع للجيش المصرى. وستكون لها آثار خطيرة على الإستقرار الداخلى ويمكن أن تصل هذه الآثار إلى أقصى درجات خطورتها بصورة كبيرة وجود جماعة [[الإخوان المسلمين]] والموقف المضطرب الناشئ عن اغتيال النقراشى.


:لم أسمع من قبل أن [[النقراشي]]  يبكى . رغم أن هؤلاء الناس يستسلمون فى لحظات الضيق والتوتر  إلى التنفيس العاطفى.ولابد انه توصل إلى أن موقفه بلا أمل"!
ومن ناحيتى أعلم الرغبة العميقة لحكومة جلالة ملك بريطانيا فى الحفاظ على الإستقرار فى هذا الجزء من العالم.


==الملك الجديد==
ويمكن أن نتأثر علاقتنا المستقبلية ب[[مصر]] إذا وقفنا موقف اللامبالاة حيال غزو خارجى تتعرض له [[مصر]] ولم تقدم لها أية مساعدة بينما ترابط قواتنا على أراضيها"


كان يجب أن ينتبه صاحب الجلالة لخطورة الموقف فى [[مصر]], ويتخذ إجراءات حاسمة حتى لا تتدهور الأمور بعد حرب [[فلسطين]].ولكن فاروق نطلق فى عبثه.قصد تشايمان أندروز الوزير البريطانى المفوض إلى [[الإسكندرية]] ليتابع الملك فاروق ثك كتب هذه الرسالة إلى مايكل رأيت الوكيل المساعد لزارة الخارجية البريطانية.  
وتقيم خطة إسرائيل فى الإغارة على العريش ومهاجمة رفح لتحييدها ثم الإنسحاب لفتح الطريق أمام 18 ألف مقاتل مصرى متناثرين فى غزة ومحاصرين للخروج, أو الهرب أو إلى [[مصر]].


'''قال:'''
وقد اتخذت القاعدة الجوية المصرية فى رفح خلال الشهور الستة الماضية أهبتها لشن هجمات جوية مدمرة وهجمات أخرى ضد إسرائيل".


:"امضيت عدة ساعات على ظهر عوامة عبود باشا فى ميناء [[الإسكندرية]] التى ترسو قرب اليخت الملكى برأس التين.وأتيح لى بشكل مفاجئ أن أرى عن قرب أحوال صاحب الجلالة وهو ينتقل بصورة متقطعة بين يخته '''" المحروسة" و"فخر البحار"''' وعوامة قديمة أخرى ترسو على مسافة ليست بعيدة عن عوامة عبود.
اصبح وضع القوات الإسرائيلية عائقا يمنع عودة القوات المصرية إلى بلادها كما تركت رفح معزولة تماما.
أنذرت بريطانيا إسرائيل بالانسحاب وإلا تدخلت القوات البريطانية لطرد إسرائيل تطبيقا لمعاهدة [[1936]] التى تلزم بريطانيا بالدفاع عن [[مصر]] فى مواجهة العدوان.


:لقد تم نقل كل العوامات الأخرى بعيدا حوالى 200 متر من هذا الركن . وكان مقررا أن تبتعد عوامة عبود أيضا لولا أن الملك ميزها واشار من فوق''' " المحروسة "''' بان تبقى كما هى.ورغم ذلك تم إبعادها الآن .
خشيت الولايات المتحدة التدخل العسكرى البريطانى فاجتمع مجلس الأمن فى اليوم نفسه 29 من [[ديسمبر]] – ليقرر وقف القتال وإعلان الهدنة فى جميع المناطق ب[[فلسطين]].


:وهكذا يمكن رؤية جلالته فى ماء البحر على نحو حذر مع فتاتين يونانيتين فى العوامة القديمة , أو يطوف الميناء فى زولاقة السريع , عارى الصدر والرأس بصحبة شخص يشبه بوللى وهو القواد ورفيق الملذات الإيطالى الذى أنعم عليه بالبكوية اخيرا.
فى اليوم التالى تودجه جيمس ماكدونالد ممثل الولايات المتحدة فى تل أبيب إلى دافيد بن جوريون رئيس وزرائها قال:


:وفى بعض الأحيان, يخرج  جلالته  للصيد ليلا. وفى أحيان أخرى يخرج للقمار ليلا:وخلال العطلة قضى ليلتين وهو يلعب '''"البكاراخ"''' فى نادى السيارات الملكى ومع ذلك , فبعد هذه الليالى . يظهر فى الحادية عشرة صباحا . يطوف الميناء وضحكاته تدوى فوق مياة البحر المتوسط
ستعيد الولايات المتحدة تقييم موقفها إلا إذا أثبتت إسرائيل أنها دولة محبة للسلام.
.. أى تنسحب من الأراضى المصرية.


:وهو قوى جسمانيا ومن الواضح أن يستمتع بشكل طفولى بمهارته وجرأته فى التلاعب بزورقه السريع يتلوى فى منحنيات دقيقة. ثم ينطلق به بأقصى سرعة فى اتجاه شىء معين  ثم يتفاداه قبل أن يصل إليه بعشر ياردات فقط.
ابدى بن جوريون دهشته من الرسالة قال:


:وهذه الأعمال الجريئة موضع اعجاب بالغ من أطفالى الثلاثة الذين تتراوح أعمارهم بين خمس وعشر سنوات فهم يجلسون مبهورين ويمنعون أنفسهم بصعوبة من الصياح والتهليل له بين الحين والآخر وعندما يحدث ذلك يستدير صاحب الجلالة ويلوح بشكل ودى.
لم أعتد تسلم رسائل من الولايات المتحدة يمكن أن يكتبها أرنست بيفن!


:وسمعت أن جلالته يفكر فى الآونة الأخيرة فى إمكان طلاق الملكة فريدة فلن يكون مناسبا له أن يحتفظ بزوجتين على الرغم من أن الشريعة الإسلامية تسمح له بذلك.وأعتقد أن المشكلة الرئيسية  تتمثل فيما ستفعله الملكة إذا حصلت على حريتها.  
وسلم ماكدونالد الرسالة  نفسها غلى حاييم وايزمان رئيس إسرائيل فبعث ردا إلى ترومان قال فيه:
هذه حرب دفاعية ضد العرب. أما موسى شيرتوك – موسى شاريت –وزير خارجية إسرائيل فأمسك بالقلم فى حدة وأبيض وجه وهو يقرأ الرسالة.


'''فاتح الملك وهو يضحك الأمر مع الملكة قال لى جلاد:'''
ولم تكن الرسالة إنذارا بل كانت توبيخا من الرئيس الأمريكى ولكن إسرائيل لم تنسحب فقامت أربع طائرات بريطانية استطلاع يوم 4 من [[يناير]] [[1949]] فتعرضت لها طائرات إسرائيلية من طارز " مسر شميت" وأسقطتها.. مما يعطى بريطانيا سندا لقتال إسرائيل , وكانت بريطانيا  على وشك التدخل.
.... ولكنها لم تفعل!


:فى آخر مرة ناقش فيها الملك الأمر مع لاملكة قالت إنها '''" ستذهب وتتزوج الخباز"''' والملك يأخذ هذه الفكاهة بجدية بالغ ولم ينجح بعد ذلك فى حل مشكلة كيف يحصل على حريته دون أن يحررها فى الوقت نفسه"!
قصد الفريق محمد حيدر وزير الحربية إلى إبراهيم عبد الهادى رئيس الوزراء يشكو من تدهور الموقف فى [[فلسطين]].


أراد فاروق ألا تتزوج الملكة فريدة بعد طلاقها فقال لشيخ [[الأزهر]]:أريد أن تصدر فتوى بأنه لا يجوز لها أن تتزوج رجلا آخر .
قال رئيس الوزراء : ماذا تطلب ؟


'''قال شيخ [[الأزهر]]:''' المرأة بعد الطلاق وانقضاء العدة تستطيع أن تتزوج من  تشاء طبقا للشريعة.
صلح سياسى حل سياسى فورا.


'''قال فاروق:''' ولكنها ملكة؟
واضاف حيدر : نريد وقف القتال  نريد غيقاف الكارثة . إن الجيش المصرى يتحمل المعركة وحده والضغط واقع عليه.


'''قال الشيخ:''' الدين لا يفرق بين ملكة وامرأةمن عامة الناس !
اتصل إبراهيم عبد الهادىبمستشار السفارة الأمريكية – لغياب السفير – وقال له:
إسرائيل مدللة . ولا تطلبون الهدنة من الدولة العربية إلا حين تكون الحالة محرجة.


ولا يجد فاروق مفرا من طلاق زوجته الملكة فريدة فى 17 من [[نوفمبر]] [[1948]] دون أن يشترط عليها ألا تتزوج . ... وعلى أى حال فإنها لم تتزوج بعد طلاقها  من صاحب الجلالة .. أو بعد وفاته! وتستمر المحاولات للإطاحة ب[[النقراشي]] بعد أن قاطعته السفارة البريطانية تماما.
هل تقبلون وقف القتال لو عرضناه؟


'''كتب تشابمان اندورز  الوزير البريطانى المفوض إلى لندن:'''
لو عرضتموه جديا بشرط ألا تفاجئنا إسرائيل.


:" قيل لى أن الملك يفكر من جديد فى التخلص من [[النقراشي]] بمجرد أن يدرك الشعب المصصرى حقيقة الوضع فى [[فلسطين]].
جاء الرد الأمريكى – كما يقول إبراهيم عبد الهادى – خلال ساعة فاجتمع مجلس الوزراء المصرى يوم 6 من [[يناير]] وقرر الموافقة خاف ديفيد بن جوريون من مواجهة بريطانيا... وقرر مجلس الأمن مرة أخرى . يوم 7 من [[يناير]] وقف إطلاق النار!


:ووفقا لما يقوله أحمد عبود المليونير ورجل الأعمال المصرى فقد أرسل فاروق منذ بضعة أيام يستدعى [[حسين سرى]] وطلب منه تشكيل حكومة على أساس البرلمان الحالى. وبعد أن فكر [[حسين سرى]] فى ذلك لفترة ما .  
انذر بيفن إسرائيل مرة أخرى ووجهت [[مصر]] انذار ثانيا يوم 12 من [[يناير]] [[1949]] بالإنسحاب بعد أن توقف القتال.


:تخاذل وأبلغ الملك أنه لا يستطيع إلا إذا صار مفهوما أنها حكومة انتقالية تتولى السلطة بهدف إجراء انتخابات عامة. ولم يقرر الملك وأعتقد أنه قد يقرره فى الخريف ..  
أسرع يادين إلى تل أبيب يرجو بن جوريون أن يسمح لقواته بالبقاء فى سيناء .


:ومن المؤكد أن المرء لا يتلقى مطلقا أية كلمة طيبة من [[النقراشي]] والحكومة الحالية بينما يسمع المرء من جوانب عديدة أن الأمل الوحيد يتمثل فى عودة الوفد .  
ولكن بن جوريون وجد أن إسرائيل طردت القوات المصرية واحتلت 600 ميل من الأراضى ال[[فلسطين]]ية أكثر مما أعطاه لها  قرار التقسيم فأصدر قرار الإنسحاب خاصة وأنه يخشى انحيازا  أمريكيا ضدها أو قيام تحالف انجلو – أمريكى يحقق ذلك.وكتب بن جوريون إلى وشنطن يؤكد أنه " لا يوجد حافر إسرائيلى واحد فوق أرض [[مصر]]".


:ويخشى الناس باستمرار على إقناع وزارة الخارجية البريطانية بأن تتركنى أبلغ الملك بأنه لا يمكننا السماح بإستمرار الأوضاع كما هى فترة أطول مبينا أن الحفاظ على وضعنا الاستراتيجى هنا أمر حيوى ويجب أن نحظى بحسن نوايا الشعب المصرى إلى جانب احتياجاتنا العسكرية الضرورية
ويكتب جميس ماكدونالد إلى وزير خارجيته فى واشنطن مطالبا بمزيد من الدعم لاسرائيل قال:
" لا نرى وجود أى تعارض بين تأييد الولايات المتحدة لقيام [[فلسطين]] مستقلة قوية وبين كافة المصالح المشروعة لبريطانيا فى [[مصر]] .


:وتمضى الأمور من سيئ إلى أسوأ ولا يمكن أن نفكر فى محاولة تسيير أمورنا مع حكومة لا تتمتع بتأييد شعبى!
انتشرت الإشاعات فى [[القاهرة]] حول قرب إعلان الجمهورية فى [[مصر]]  قال تشابمان اندروز:" الفيق [[عزيز المصرى]] باشا متورط فى مؤامرة وله صلة باكتشاف كميات كبيرة من المفرقعات.  
وأعتقد أن أفضل ما يمكن عمله فى الوقت الراهن أن نترك الكلاب النائمة ... نائمة!


:وإذا تمكن المرء من إقامة صلة طيبة مع الملك فاروق بصورة شخصية بالشكل الذى يجعل التعامل معه بصراحة ممكنا وبطريقة غير رسمية فسيكون شيئ طيبا أن نحثه على إجراء انتخابات عامة مبكرة.وأعترف بأنى لا استطيع اختراق المجموعة المحيطة به . الذين يكسبون معاشهم أو يحتفظون بمناصبهم من كونهم سماسرة.
قبض على [[عزيز المصرى]] يوم 15 من [[يناير]] [[1949]]. ولا يخفى المفتش العام السابق للجيش المصرى ترحيبه بحدوث ثورة ضد الملك والحكومة".


:وإذا اتيحت لى نصف فرصة سأنتهزها ولكن عدم تمكنى من مثل هذه الفرصة حتى الآن ولا السفير يبين أن الملك يعرف الاتجاه الذى يجب أن تسير فيه مثل هذه المحادثات ولا يريد سماع نصيحة لا يستسيغها "! وتستمر المفاوضات من وراء ظهر [[النقراشي]] للإطاحة به ويكون رسول الملك ..  
وتعلق وزارة الخارجية البريطانية على اعتقال [[عزيز المصرى]] بأنه ربما يكون قد تمكن من جمع حفنة قليلة من ضباط الجيش حوله ولكن لا يسود الاعتداء بأنه يحظى بتأييد كاف فى الجيش للقيام بمحاولة خطيرة لقلب نظام لحكم.


:[[إبراهيم عبد الهادي]] باشا رئيس الديوان الملكى الذى تولى الوزارة 9 مرات ممثلا للحزب السعدى الذى كان يراسه [[أحمد ماهر]] وبعده [[النقراشي]].ويكون رسول عبد الهادى للوفد المليونير أحمد عبود . طلب سراج الدين من عبود استشارة تشابمان اندروز .
ولكن قد يكون فى الجيش آخرون يفكرون فى قلب نظام الحكم ولكنهم أكثر اتباعا من [[عزيز المصرى]]"!!
قال اللواء حسن طلعت مدير مباحث أمن الدولة إن [[الإخوان]] تعجلوا الإستيلاء على السلطة.  


'''رد الوزير البريطانى المفوض قائلا:'''
وقال الشيخ الباقورى إن القواعد التى وضعها الشيخ [[البنا]] تدور فى أقطاب ثلاثة أحدها لا يعنى إلا الإستيلاء على الحكم بالقوة [[القاهرة]] والثورة الظافرة التى يخطط لها فلاسفة مؤمنون وينفذها شجعان صادقون.
وبناء على ذلك  هناك شعب لها غاية واحدة وكل يعمل فى مجاله غير حريص على الظهور.


:لن يخسر سراج الدين شيئا من ابقاء القنوات مفتوحة! قال فاروق لمستشاره الصحفى كريم ثابت إنه قرر إعفاء [[النقراشي]] من رئاسة الوزارة
شعبة فى الجيش قوامها الضباط والجنود لهم رئيس مسئول عنهم وشعبة فى الشرطة لهم رئيس مسئول عنهم أيضا.


'''وأضاف:'''


:إنى غير آسف على تغييره فقد فشل على طول الخط '''" وجاب لنا وجع الدماغ"''' من كل ناحية.ووقع الإختيار على أحمد خشبة باشا وزير الخارجية لاذى ينتمى إلى حزب الأحرار الدستوريين ليخلف [[النقراشي]] لأن خشبة محبوب من الجميع ويصلح لرئاسة مهمتها تهدئة الأحوال فى البلاد والتقريب بين مختلف الهيئات والجهات.
وشعبة الدعاة القادرين على البحث والدرس ورؤساء الشعب الثلاثة مسئولون أمام [[المرشد العام]] [[للإخوان المسلمين]] وقال الكاتب السوفيتى " سيرانيان":


:ويبعث فروق بمستشاره الصحفى إلى خشبة يستطلع رأيه, فوافق وبدأ فاروق يستطلع رأى الحزب السعدى الذى يراسه [[النقراشي]] وهل تؤيد الوزارة الجديدة أم لا على أساس أن الأغلبية للسعديين فى البرلمان
" استعد [[الإخوان]] , ـمام الإستعداد للاستيلاء على السلطة".


'''ويؤكد تشابمان اندروز الوزير المفوض للندن:'''
وفى كتاب ريتشارد ميتشيل" [[الإخوان المسلمون]] " قال :" كانت [[الجماعة]] تخطط سرا للقيام بثورة".وفى بحث الضابط الكندى هاردى قال إنه وضعت خطة عام 48 لتدبير انقلاب وإعلان [[البنا]] خلفة للمسلمين . ومن المؤكد أن هذا الانقلاب نوقش بعد اغتيال النقراشى.


:الملك فاروق مصمم هذه المرة على التخلص من [[النقراشي]] وأخشى استدعاء أحمد خشبة باشا وزير الخارجية بدعوى أنه قادر على التوصل إلى اتفاقية معنا بشأن الدفاع و[[السودان]] مدعما مركزه فى البلاد ومتيحا للحكومة الاستمرار.
استقبل الملك – يوم 19 من [[يناير]] [[1949]] – اللورد دوجلاس قائد السلاح الطيران البريطانى الذى وصل إلى [[مصر]] بدعوة من فاروق . خرج اللورد من الحضرة الملكية إلى دار السفارة البريطانية لينقل إلى السفير السيررونالد كامبل نص الحديث الملكى كما تقول هذه البرقية التى بعث  بها السفير إلى لندن:


:وهو تصور خطير وأرجو ألا نشجع خشبة على الأمل فى النجاح فسيكون ذلك ميكافيلليا.وأؤيد تماما أن يصبح خشبة باشا رئيسا للوزراء لأنى مقتنع بأنه لن يستمر سوى بضعة أسابيع ولا أرغب أن يشعر لمصريون أننا قد '''" سرحنا"''' بشكل من ألشكال وبعد خشبة لا يمكن أن تقوم سوى حكومة محايدة قبل إجراء الانتخابات ويمكن أن يرأس [[حسين سرى]] الحكومة المحايدة.
" برقية رقم 106 من السير رونالد كامبل بتاريخ 19 من [[يناير]] [[1949]]  


:وهو يقبل المنصب لكنى اشك فيما غذا كان الملك سيعرضه عليه . فقد ضاق به وطلب عدم ذكر اسمه مرة أخرى فى حضرته ومن الاحتمالات الأخرى بهى الدين بركات وشريف صبرى وحافظ عفيفى.
1- أبلغنى لورد دوجلاس اليوم فى سرية تامة بالمعلومات التالية التى استقاها من جلالة الملك.


:وقد أخبرنى حافظ عفيفى ليلة أمس أن قبوله رئاسة الوزراة تعنى الإستقالة من منصبه كعضو منتدب لبنك [[مصر]] وهو غير مستعد لذلك إلا بعد أن يتوافر له الوقت الكافى لتنفيذ برنمج فعال للإصلاح الاجتماعى وطد نفسه عليه وقد يكون ذلك ممكنا فى ظل ظروف معينة ولكنى لا أركن إلى تلك الظروف  فى الوقت لاحاضر"
2- تم اكتشاف مؤامرة لقلب الحكم  فى الفترة بين يومى 18 , 31 من [[يناير]] تبدأ باغتيال الملك.
وتم إلقاء القبض على عدد من الشخاص لكن الملك يتوقع أن تستمر محاولات اغتياله.


وهذه البريقية تبين أن الوزير المفوض البريطانى كان يساند خشبة باشا علانية فى [[القاهرة]] ويعارضه سرا فى لندن.وتؤكد هذه البرقية أن عمر وزارة النقراشى لن يطول.
3- تشير معلوماتنا من مصادر أخرى إلى احتمال انتشار الجماعات المتآمرة بين ضباط الجيش خاصة الذين اشتركوا فى العمليات  الفسلطينية والذين تردد – بشكل عام – أنهم متذمرون للغاية وأنهم يوجهون تذمرهم نحو الملك بشكل خاص . وألقى القبض على الفريق [[عزيز المصرى]] الذى كان ضابطا كبيرا بالجيش.


ولم يدرك أحد أن عمر [[النقراشي]] لن يطول .كان مقررا أن يفتتح صاحب الجلالة البرلمان فى 19 من [[نوفمبر]] [[1948]] غير أنه تلقى تهديدات بالقتل . فأوقد فى اللجظة الأخيرة ابن عمه وولى عهده الأمير محمد على إلى البرلمان الدورة نيابة عنه.
وعلمنا نبأ اعتقال اثنين من صغارضباط الجيش وعثر معهما على منشورات سياسية ومتفجرات.


وجاء ذلك بعد اتخاذ تدابير أمنية لم سبق لها مثيل, عل طول الطريق الذى كان مقررا أن يسلكه الملك.
4- وفى حين أن الملك لا يبدو قلقا . ولا يزال يقوم بجولاته فى النوادى الليلية فى [[القاهرة]] كالمعتاد. فلا يمكننا تجاهل احتمال حدوث محاولة لاغتياله وغقامة ديكتاتورية عسكرية.
فتشت المبانى تفتيشا دقيقا بما فى ذلك الجامعة الأمريكية.


وابلغت الجامعة أن يبقى الطلاب فى قاعات المحاضرات بين العاشرة والنصف صباحا حتى الواحدة والنصف بعد الظهر وقد اعتبرت الجامعة ذلك إجراء غير عملى فعطلت الدراسة فى ذلك اليوم.
5- ومن العسير للغاية تقدير احتمالات نجاح ذلك دون معرفة المزيد عما يجرى فى الجيش المصرى حاليا.
ونحن نواصل تحرياتنا وسنبرق بأى جديد يمكننا التوصل إليه .


وحذر البوليس سكان المنازل على جانبى الطريق من استقبال الأجانب وأمروا بألا يلقوا زهور أثناءمرور الموكب الملكى.وامتنع الملك والوزراء عنم الظهور فى أى مكان عام خوفا من رصاص الإرهابيين.
وينقل حديث اللورد دوجلاس إلى السفارة الأمريكية فى [[القاهرة]] التى تبرق بدورها إلى واشنطن عن احتمالات قيام الثورة
أيد [[الإخوان]] بأ‘مالهم شكوك الملك.. ضدهم ضاعفوا منحملتهم عليه.. واتجهوا بنقدهم إليه.


'''كتب [[صالح عشماوي]] وكيل [[الجماعة]] فى صحيفة [[الإخوان المسلمين]] يصف خطاب لعرش:'''
==قالت برقية فيليب سكرتير هذه السفارة==


:" اشرأبت الأعناق وأرهفت الآذان لسماع ما يقوله خطاب العرش عن القضية الوطنية بعد أن طال عليها الركود ولكن كانت فجيعة للمصريين و[[السودان]]يين على السواء حين لم يسمعوا جديدا يقطع الصمت أو يروا بصيصا من النور يبدد بالقضية من ظلام وغموض".
" لست متشائما تماما مثل المسئول البريطانى حول احتمالات حدوث " ثورة فى [[مصر]].


'''قال مراسل " شيكاغو " ديلى تريبيون:'''
ورغم أن الإمكانات لمادية لحدوث ثورة والتى تتبع من الصراع بين " من يملكون" و"من لا يملكون" هى امكانات قائمة بالتأكيد وتتزايد حدة المشكلات الاجتماعية والإقتصادية فى البلاد ولكن العناصر الأساسية فى الموقف ظلت قائمة  لفترة من الوقت دون أن يحدث ذلك انفجارا وإنى أميل إلى الاعتقاد بأنه مالم تتوافر شرارة إشعال . فإن هذا " الديناميت" قد يظل ساكنا لفترة من الزمن.


:" يخشى الملك على سلامته الشخصية والملاحظة التى تتردد فى [[القاهرة]] الآن هى: [[النقراشي]] أول وفاروق ثانيا"!
وإذا طرأت عوامل أخرى. فربما لا ينفجر أبدأ. ويصبح من الممكن نحسن الموقف إلى الدرجة التى يصبح فيها مستقرا نسبيا.ويمكن أن ينتج ذلك عن تسوية قضية [[فلسطين]] التى يبدو أن الرأى العام المصرى قد تعب منها كثيرا وعن فرصة للمشاركة فى تنمية اقتصادية  حقيقية للشرق الأوسط.


أراد فاروق أن يتخذ خطوة للتقارب مع [[الإنجليز]] بعد الهزيمة فى [[فلسطين]] فقام بزيارة مفاجئة للسفير البريطانى بدار السفارة فى 24 من [[نوفمبر]]  [[1948]] يرافقه [[عبد الفتاح عمرو]] باشا سفير [[مصر]] فى لندن وكريم ثابت  المستشار الصحفى لصاحب الجلالة.
أما إذا حدثت ثورة . فالأرجح أنها ستكون من نوع الانقلاب .  


'''قال فاروق للسفير البريطانى:'''
أو النوع الشائع فى أمريكا الجنوبية. أكثر من كونها  عملا جماهيريا عريضا ومالم يتم اغتيال الملك. فأنى أشعر  أن الملك يمكن كحل أخير . أن يدعو الوفد لتشكيل حكومة قبل أن تحدث الإطاحة الكاملة بالنظام.


:آمل أن تكون هذه الزيارة مناسبة لبداية علاقات طيبة بين البلدين
ومالم نكن مضللين أو مفتقرين إلى معلومات , فلابد أن هناك كثيرا من " الرجال الأقوياء فى الأفق فى [[مصر]] ممن يمكن أن يستولوا على السلطة نتيجة لتدبير انتفاضة.


'''وأضاف :'''
وفى اعتقادى أن استيلاء الوفد على السلطة لن يسفر عن أية تغييرات كبيرة جدا فى الهيكل الاقتصادى والاجتماعى ففى الحكومات السابقة التى سيطر عليها الوفد لم يظهر اهتماما كبيرا بالإصلاح الإجتماعى  والإقتصادى كما اتسمت حكومته الأخيرة بالفساد.


:تحدونى آمال عريضة أن نتوصل إلى انفاق لصالح [[مصر]] وبريطانيا وهذه المنطقة من العالم , ولكن ذلك لن يكون أمرا سهلا.
أما قيام ديكتاتورية عسكرية على النحو الذى تشير إليه مؤامرة [[عزيز المصرى]] أو الشائعات التى تقول إن حيدر باشا – وزير الحربية – قد يرغب فى  الإستيلاء على السلطة فإنها ستعتمد مثل النظام الحالى على نفس طبقة كبار الملاك والمؤجرين للحصول على تأييد. وبالمثل , فإن [[الإخوان المسلمين]] و[[مصر]] الفتاة يبدوان محافظين من حيث الجواهر إن  لم يكونا فاشيين جديدين فى لهجتهما ف[[الجماعة]] الأولى تدعو إلى الجامعة الإسلامية بينما الحرب الأخير تشدد فى طابعه.


'''قال السير رونالد كامبل:'''
واشتراك أى من الجماعتين فى حكم [[مصر]] سيسفر عن ميول أكثر يمينية وربما لا يحدث تغييرا كبيرا فى الهيكل الاجتماعى والإقتصادى من حيث الجوهر. ولكن حكومة يسيطر عليها [[الإخوان]] أو [[مصر]] الفتاة ستكون أكثر تشددا تجاه المصالح والرعايا الأجانب إذا حكمنا بمواقف هاتين الجماعتين.


:اشارك ساحب الجلالة هذه الرغبة ولكن لابد أن يقتنع الجانبان بوجود احتمال حقيقى للنجاح قبل الدخول فى محادثات , فالأمر لا يحتمل أن نبدأ ثم نفشل.
إن كثيرا جدا من زعماء المعارضة الفعليين أو المحتملين يملكون . أو يسعون لامتلاك نصيب من ثروة البلاد مما لا يرجح حدوث تغيير كبير فى الإستعمار الداخلى لاستغلال الفلاحين الذين يشكلون 80% من السكان. والذين يبدو حاليا أن المشاعر الثورية اليمينية واليسارية مفتقدة بينهم.
ومن الممكن أن تكون الحكومة – باستمرارها فى التحركات غير الحكيمة مثل عدم توفير المرتبات والمعاملة المناسبة للبوليس . ورفع رسوم الجمارك على الضروريات وعدم تنفيذ إصلاحات كافية لمواجهة مزاعم المنتقدين – تسرع بحدوث انتفاضة قد تسيطر عليها عناصر ثورية فى المرحلة الأولى أو بعد أن نمضى  المتاعب قدما.


'''وافق فاروق على رأى السفير الذى قال:'''
ولا يبدو أن لجماعات [[الشيوعية]] مستعدة لمثل هذا الجهد وفى الوقت الراهن . على القل لا يبدو أن [[مصر]] تحتل موقفا بارزا فى قائمة أولويات الكومنترن.


:إذا بدأت المفاوضات وكانت هناك رغبة فى نجاحها فمن الضرورى الحفاظ على المثابرة .
ومن اناحية الأخرى فقد تنجح الحكومة الحالية فى تحطيم الإرهابيين بما فيهم [[الإخوان]].


'''قال الملك:'''
ويبدو أن عبد الهادى باشا يقوم بمهامه بصورة أفضل مما كان موقعا . وإذا اتيحيت له الفرصة للإستمرار مع تقلص أهمية قضية [[فلسطين]] فى أعين المصريين فقد يكون بمقدوره أن يشق طريقه فى جو أهدأ".


:أرجو أن تبذلوا من جانبكم كل ما فى وسعكم لمساعدتى وتجنب تعقيد الأمور أمامى.وأشار إلى المباحثات التى تجرى فى أنقرة بين  الأمريكيين والبريطانيين والأتراك للدفاع عن الشرق الأوسط وقال إنها تجرى دون حضور [[مصر]].فى اليوم التالى لزيارة فاروق فسر [[عبد الفتاح عمرو]] باشا للسفير البريطانى مغزى الزيارة وتلميحات فاروق لمباحثات أنقرة
كان صاحب الجلالة يوم 10 من [[فبراير]] [[1949]] – أى قبل 24 من عيد مولده – شديد الاهتمام بأمر واحد وهو ما تنشره الصحف الأجبية عنه وعن [[الإخوان المسلمين]].


'''فقال عمرو باشا:'''
توجه حسن يوسف وكيل الديوان الملكى فى المساء إلى دار السفارة البريطانية ليلتقى بالسفير السير رونالد كامبل ويخرج وكيل الديوان من جيبه ملخصا للصحافة العالمية تذيعه وكاله دى كورس.


:إن فاروق يشعر بضرر كبير لعدم اشتراك [[مصر]] فى هذه المحادثات وهو فاروق مهتم بهذا الموضوع ويأمل فى استخدام نفوذه مع الدول المجاورة يقصد نشر شبكة من التعاون العسكرى مع البريطانيين فى منطقة الشرق الأوسط وتضم الشبكة اليونان و[[تركيا]].
قال: هل يليق أن ينشر فى بريطانيا شئكهذا عن ملك [[مصر]]؟


'''وقال عمرو:'''
أجاب السفير: إنى آسف


:يأمل صاحب الجلالة أن يبدأ هذا التعاون بين [[مصر]] وبريطانيا العظمى دون تأخير.ويكتب السفير البريطانى إلى لندن  يوم 25 من [[نوفمبر]]
قال حسن يوسف :


'''يقول:'''
ألا يمكن عمل شئ؟


:" هذه هى الزيارة الأولى التى يقوم بها الملك فاروق إلى سفارة جلالة الملك منذ وصولى أى منذ [[مارس]] عام [[1946]].وهى تحتاج إلى بعض الشجاعة من جانبه . وكان الهدف منها أن ينقل بوضوح إلى الحكومة البريطانية آماله ونواياه الصادقة وتعريف الرأى العام المصرى بإتجاه سياسته".
قال السفير : يبدو أنه لا يمكن عمل أى شئ .. انظر ما يكتبونه عن الأسرة المالكة عندنا فى بريطانيا.
هذا حسن يوسف تماما كما قالت برقية السفير ولكن صاحب الجلالة ملك [[مصر]] لم يهدأ ..


اتصل السفير بكبير ياوران الملك ليعرب له عن تقديره للزيارة فوجد كبير الياوران سعيدا  يشعر بالرضا والارتياح لأن صاحب الجلالة قام بالزيارة ... أخيرا!
أعاد قراءة المقال الذى يقول: " [[مصر]] فى أزمة"


'''قال السفير فى برقية إلى لندن:'''
" اتضح بشكل متزايد , خلال العامين الماضيين , لكل المراقبيين فى [[مصر]] أن أزمة داخلية كبرى توشك أن تنفجر.


:" إن عمل الملك سيصبح رمزا لحالة نفسية جديدة بين المفكرين المصريين".
وجه النبيل عباس حليم ابن عم الملك الذى سجنه [[الإنجليز]] أثناء [[الحرب العالمية الثانية]], وهو الآن زعيم حزب العمال فى البلاد, تحذيرا للملك وللحكومة فى [[1946]] بأنه ما لم تجر اصلاحات جذرية فإن النظام يتهدده السقوط.


وهكذا أصبح واضحا  أن فاروق يريد تسوية الخلافات وتححسين العلاقات بين [[مصر]] وبريطانيا بعد الهزيمة فى مجلس الأمن . وفى [[فلسطين]].وحدد فاروق أهدافه وهى معاهدة جديدة بين البلدين وموافقة [[مصر]] على الاشتراك مع الغرب فى الدفاع عن الشرق الأوسط.ولكن كيف يمكن الوصول إلى ذلك كله.
لقد اعترفت [[مصر]] فى [[1942]] تحت ضغط من بريطانيا العظمى, بالإتحاد السوفيتى للمرة الأولى.


'''يشرح السفير البريطانى المر فى برقيته إلى لندن قال:'''
وأدى إنشاء بعثة سوفيتية إلى اقتراب [[مصر]] خطوة من يوم الحساب بدأت البعثة السوفيتية ذات العدد الكبير من الموفين على الفور حملة دعاية ضخمة فوزعت منشورات فى المدن , وأثارت الطلاب واقامت حفلات شاى لخدم الباشوات.


:" سيكون من نتائج الزيارة غبعاد النقراشى الذى يكرهه الملك والذى سيتم استبداله فى أسرع وقت ممكن بشخص آخر ,لكنه لن يكون النحاس".
فقد الملك شعبيته استفز سلوكه فى حياته العامة والخاصة كثيرا من المسلمين ووجدت العناصر المنشقة فرصة مواتية لتصويره كرمز للقهر والانحلال.


ولكن بيفن ظل أكثر من عامين يرفض '''" عزل"''' [[النقراشي]] والتدخل فى الشئون الداخلية المصرية.ويجتمع مجلسا البرلمان فى جلسة سرية أكثر من أربع ساعات مساء يوم 30 من [[نوفمبر]] برئاسة الدكتور [[محمد حسين هيكل]] باشا رئيس مجلس الشيوخ لمناقشة الموقف فى [[فلسطين]].
وسرعان ما تحطمت الآمال فى استعادة التاج لاحترامه بحملة عسكرية  ناجحة بعد تراجع الجيش فى النقب بشكل خطير.


سئل [[النقراشي]] عن خسائر التى تعرض لها الجيش المصرى فقال إنها 1,5% فقط بينما بلغت الخسائر العادية فى الحروب 6% وفى بعض ميادين [[الحرب العالمية الثانية]] بلغت 22% ورفض أن يؤكد أو ينفى  أن نسبة الخسائر تشمل القتلى فقط وأبى أن يجيب عن سؤال  الحافظ رمضان باشا رئيس [[الحزب الوطني]] عن نسبة  الخسائر من الضباط والجنود فانسحب حافظ رمضان من الحلبة احتجاجا وأعلن [[فؤاد سراج الدين]] باشا سكرتير عام [[حزب الوفد]] أن الحرب كلفت [[مصر]] 50 مليونا من الجنيهات.
وكان فاروق المضلل بشكل يدعو لليأس يظن أن [[اليهود]] سيلاقون هزيمة نكراء.


'''وسألا رئيس الوزراء :'''
وكان  ينوى أن يعلن نفسه وهو على راس جيشه المنتصر , خليفة للمسلمين غير أن المصريين, لا يزالون تقارير زائفة ومضللة عن نجاح جيوشهم ولن يتيسر الاستمرار فى إخفاء الحقائق الواقعية.


:لماذا لم تقم بتجهيز الامدادت اللازمة من الذخيرة قبل فرض الحظر ما دامت لديك نية فى غزو [[فلسطين]] خاصة وقد انقضت سبعة أشهر بين إعلان البريطانيين قرارهم بالإنسحاب من [[فلسطين]] وبين عبور الجيش المصرى للحدود  فى 15 من [[مايو]]؟!
وقد أثبت الإرهاب والاغتيال السياسى أنهما سلاحان فعالان.


اعترف [[النقراشي]] بأن ما ذكره [[فؤاد سراج الدين]] حقيقة لا غبار عليها ولكنه قال :الأولى بك أن توجه هذا الكلام إلى نفسك . يقصد أن سراج الدين وافق فى اجتماع البرلمان عند مناقشة الموضوع على دخول  الحرب, وأن حكومة الوفد لم تعد الجيش , للحرب فى اثناء توليها الحكم!وقال [[النقراشي]] إن قبول الهدنة ... " غلطة"!
واكتسبت الدهماء, بلاتدريج, مزيدا من القوة وارتفاع الصوت و يغذيها اسوفييت بالدعاية والذهب.
فجماعة [[الإخوان المسلمين]] المتعصبة, التى تضم نصف مليون عضو, أكثر نشاطا من أى وقت مضى.


'''أبرق السفير البريطانى يصف الجلسة قال:'''
ويصعب أن يتصور المرء كيف ستتجنب الحكومة انفجار أزمة واسعة النطاق.وعندما تبين حقيقة الموقف العسكرى سينهار النظام.


:" وقع رئيس الوزراء فريسة لهجوم نارى.وبالنسبة لهذه القضية فقد منحت الحكومة البريطانية فى أوائل عام [[1946]] [[مصر]] نوعا من المعدات لتشكيل لواء مسلح ولكن المصريين أهملوا الإفادة من هذه المنحة على الرغم من أنى قمت حينئذ بتذكير الملك فاروق ورئيس الوزراء بذلك.
ولن ينقذه إلا شئ واحد. التدخل البريطانى الحاسم وإعادة فرض المشورة البريطانية كشرط للمساندة.
وإذا رفض الملك فاروق  شروطا كهذه فقد يقبلها ابن عمه – ولى العهد – محمد على بك بل وقد تكون مقبولة من الوفد.


:وأقر رئيس بمسئوليته الشخصية نحو قضية إمدادت السلاح . وبهذا الخصوص سبق أن قال لى السفير المصرى فى لندن [[عبد الفتاح عمرو]] بأنهم لن يسمحوا للنقراشى بالقاء تبعة [[فلسطين]] علينا وقد امتنع الوزراء عن ذلك بالفعل وتحمل المسئولية على عاتقه وتعرض الفريق محمد حيدر باشا وزير الدفاع لهجوم عنيف من جانب المعارضة.
وعندئذ يمكن تنظيف الإدارة المصرية بالكامل . وإقامة العدالة الاجتماعية والسياسية بهذه الكيفية فقط يمكن خلق الاستقرار.


:وكان رد فعله عنيفا أيضا.اتهم بالإخفاق فى عمل الاستعدادت المناسبة قبل الاضطلاع بالحملة العسكرية وخيانة وطنه بتكليف الجيش بعمل  لايقدر عليه وبعدم ثقته أى حيدر فى الآخرين.
والبديل هو [[مصر]] [[الشيوعية]] تحت النفوذ السوفيتى وهو احتمال كئيب حقا بما له من تأثيرات حتمية على شمال أفريقيا كله.


:ودعى لوقف الخسائر فى الأرواح والأموال قبل أن تجئ بالخراب إلى [[مصر]] دافع حيدر بحرارة عن قراره الخاص بارسال القوات المصرية إلى [[فلسطين]] قال إن أى فشل فى تحقيق نصر سريع وكامل لا يرجع إلى خطأ من جانبه  بل هو خطأ السياسيين الذين وضعوا العراقيل فى طريقه كوزير للحربية لبناء قوات قوية معدة إعدادا جيدا.
وأذخ الملك فاروق يفكر فى هؤلاء [[الإخوان]] الذين وصلت أعدادهم إلى نصف المليون!
سألت الشيخ [[عمر التلمساني]]:


:وقيل إنه فقد أعصابه تماما فى اثناء الرد وأنه لقب الذين نقدوه '''" بأولاد الكلاب"'''!وفى نهاية المناقشة أصدر الشيوخ قرارا, وأعلن فيما بعد  يمتدح كفاءة الجيش المصرى . ولم تكن لهجة القرار كتلك التى اعتادوا استخدامها فى وصف أعمال الجيش فى [[فلسطين]] .
هل فكر [[الإخوان]] فى القيام بثورة فى هذا الوقت؟


:وقد أعد مشروع القرار بعناية شديدة من قبل فى القصر الملكى بهدف إعلان الثناء ليكون له أطيب الأثر على معنويات الجيش.ولم يكن مشروع القرار حافلا بالمديح حتى لا يرفضه مجلس الشيوخ الذى ينزع دائما إلى النقد ".
أجاب بالنفى. وقال إن [[الإخوان]] ل يفكروا فى عمل عنيف بعد حل جماعتهم ولم يجتمعوا بأحد من ضباط الجيش لإشعال ثورة.


'''وهكذا نجد ان [[النقراشي]] تحمل النقد كله نيابة عن الملك والجيش و[[الإنجليز]] قال السفير البريطانى:'''
إن لاثورة التى توقعها فاروق تأخرت ثلاث سنوات .. إلى 23 من [[يوليو]] 1952!
كتب مراسل صحيفة شيكاغو ديلى تريبيون تحت عنوان" فاروق الذى كان فتى عابثا يخشى الإحتلال الآن" قال الصحفى:


:وبدأ من الواضح أن [[النقراشي]] لم يستطع إقناع أولئك الذين انتقدوه حقق [[النقراشي]] هدف الملك ولم يخذله أبدأ فى تلك الفترة وبذلك حان الوقت  لخروجه إرضاء لكل الأطراف.
" هناك تقارير غير مؤكدة وإن كانت واسعة الانتشار فى [[القاهرة]] حول رصاصتين أطلقتا على الملك فى [[مارس]] الماضى".


ولكن صاحب الجلالة رأى أن يستمر [[النقراشي]] فى مهمته ليخلصه من عدوه الأكبر: [[الإخوان المسلمين]] !فقد زاد نفوذ [[الجماعة]] السياسى إلي حد كبير بعد أن حددت وأعلنت مبادئها فى كل الأمور
أحس [[البنا]] بالخطر يقترب. أخذ يتردد على الوزراء فى مكاتبهم ومنازلهم فكانوا يتهربون من لقائه.
واتصل [[صالح حرب]] باشا رئيس جماعة الشبان المسلمين تليفونيا بمصطفى مرعة وزير الدولة , بعد 48 ساعة من تشكيل وزارة إبراهيم عبد الهادى قائلا:


'''وأهمها:'''
- الشيخ [[البنا]] يريد أن يلتقى بك فى بيتى.


:#" إعادة الخلافة .. وحتى لا يغضب الملك أو تزيد حدة غضبه على [[الجماعة]] قال [[المرشد العام]] لابد من خطوات تمهيدية لها بالتعاون الإقتصادى والثقافى والاجتماعى بين الشعوب. '''" الوحدة العربية الإسلامية."'''
- سأله مصطفى مرعى:
:#إدماج [[الأحزاب]] فى هيئة واحدة لها برنامج إصلاحى تقوم على [[الإسلام]] لاستكمال الاستقلال والحرية.
:#" تطبيق  نظرية [[الإسلام]] الإقتصادية أى على أساس ما جاء  بالقرآن الكريم."
:#أعادة النظر فى نظام الملكيات فى [[مصر]] بتحديد أو اختصار الملكيات الكبيرة وتعويض أصحابها وتشجيع الملكيات الصغيرة.
:#تمصير الشركات وانتزاع المرافق العامة من الشركات الأجنبية .
:#توزيع أملاك الحكومة فورا على صغار الزراع
:#" فرض ضريبة الزكاة على رأس المال والربح لا على الربح وحده
:#" الضرائب تصاعدية ويعفى منها الفقراء.
:#تحريم الربا.
:#"العودة للأصول الكبرى:القرآن والسنة كمصدرين للتشريع.


أسقطت [[الجماعة]] أو ساهمت فى إسقاط, وزارتين فى سنة واحدة: النقراشى فى أوائل عام [[1946]] وصدقى فى أواخر ذلك العام.واصبحت قوية تضم 600 ألف عامل والمؤازرون ضعف هذا العدد ولها ألفا شعبة فى [[مصر]] وخمسون فى [[السودان]] وشعب فى كل الدول العربية و[[إندونيسا]] وسيلان و[[أفغانستان]], و[[تركيا]] وأوربا , وأمريكا . وأنشأت [[الجماعة]] أعدادا كبيرة من المستوصفات والمدارس والأندية والجمعيات الاجتماعية.. ودارا للأعلانات .
- لماذا؟                قال [[صالح حرب]]:


وأخرى للطباعة, وثالثة للنشر تصدر الصحيفة اليومية ومجلة أسبوعية ومجلتين شهرتين وكتبا إسلامية , وعدة شركات منها 4 شركات كبرى للمناجم والنسيج والتجارة وإصلاح الأراضى بنجع حمادى.
- لأشياء يريد أن يصارحك بها حين يلقاك.


'''قال هيوارث دان:''' إن هناك نوعا من المهدية فة حركة [[الجماعة]] وأن [[المرشد العام]] هو '''" المهدى"'''
- وافق مصطفى مرعى – الذى عهد إليه رئيس الوزراء بالشئون التى ترتبت على حل [[الجماعة]] [[الإخوان]] – لإنهاء حالة التوتر بين الحكومة و[[المرشد العام]].


'''وقال العميد أحمد كامل قائد شرطة القصور الملكية:'''
- التقى الرجال الثلاثة فبدأ الشيخ [[البنا]] الحديث عن اعتقالات [[الإخوان]] . وفصل . ونقل الموظفين . والاستيلاء على الشركات . وأموال تصادر لمجرد الشبهة فى أن أصحابها من [[الإخوان]].


:" كان صاحب الجلالة يخاف [[الإخوان]] ويكرههم جدا. ويعتبر الشيخ [[البنا]] خطرا عليه ويخشى على حياته من [[الإخوان]] حتى أنه كلفنى أى أحمد كامل بأن أشدد الحراسة عليه فى تنقلاته والأماكن التى يتردد عليها ومكلاحظة العمال والزوار فى القصور والتفاتيش أى الأراضى الزراعية والعزب الملكية وطلب إخراج الموظفين والعمال الذين ينتمون [[للإخوان المسلمين]] من القصور والتفاتيش . وأمر بعمل حواجز حديدية على الأبواب الرئيسة لإجبار السيارات على  الوقوف والتحقيق ممن فيها".
- طلب تحسين حالة المعتقلين والإفراج عن غير الخطيرين ومساعدة عائلات العمال المعتقلين: وقال:


وقال حسن يوسف وكيل الديوان الملكى إن الملك رأى فى جماعة [[الإخوان]] خطرا على عرشه وأن السبيل لوقف هذا الخطر هو التخلص من [[الجماعة]].
- بين المقبوض عليهم أشخاص اعتقدوا أن عملهم فيه خدمة للبلاد والمتهمون فى قضية سيارة الجيب منهم من كان يحارب [[اليهود]], أو لامناصرين لليهود وهى حرب فى سبيل الله والوطن.


'''وبعد ثورة 23 من [[يوليو]] 1952.. قال [[يوسف رشاد]] أيضا:'''
- ورجا أن يعفو رئيس الحكومة عن هؤلاء.


:كان الملك يبدى مخاوفه من [[الإخوان]] وقد أبلغ أنهم ينادون بأن الملك  بالمبايعة ولا بالميراث ويهاجمونه وينتقدون صراحة تصرفاته وارتياده للأندية الليلية. وظهوره مع بعض النساء.وأنهم يرون خلعه.وكان الملك يقول إنه يجب حل حزب [[الإخوان]] وتشتيته.وقد تلقى الملك  تقارير من جهات مختلفة بذلك.
- قال مصطفى مرعى:


:وكان [[البنا]] قد أعلن أن الملك لا يورث حسب الدين الإسلامى ويجب أن يتم اختيار الحاكم بطريق المبايعة لا بطريق الوراثة.وأيد فكرة الخلافة .  
- جماعة [[الإخوان]] أصبحت ملاذا للجرائم والمجرمين وقد اهتز الأمن فى البلاد وكان من الواجب حل [[الجماعة]].


'''ونشرت صحيفة " الزمان " المسائية التى يصدرها ادرجار جلاد باشا رجل الملك:'''
- ومنذ قتل لمستشار أحمد الخازندار وكل حادث أرجعه لها .


:"تآمرت مجموعة من 80 فردا من [[الإخوان المسلمين]] لتنصيب الشيخ [[البنا]] خليفة وتم وضع استعدادات تفصيلية لمسيرة فى [[القاهرة]] فى أثناء إجراء الإنتخابات البرلمانية القادمة لإعلان قيام حكومة إسلامية.وتتجه نية [[الإخوان المسلمين]] إلى الدخول فى هدنة مع المجموعات الإرهابية الأخرى وبهذا تضمن تعاون العناصر [[الشيوعية]]".
- قال الشيخ:


'''وقال وكيل وزارة الداخلية عبد الرحمن عمار:'''
- إ، الذين أجرموا فعلوا ذلك من غير إرادتى وقد فكرت فى حل [[الجماعة]] ولكن شق على أن أ÷دم بناء أقمته فى عشرين عاما. وأضاف : هل أفلت الزمام من يدى.. أم أنا مضلل؟


:" استقر فى نفس الملك أن [[الجماعة]] تريد خلعه عن العرش وإقامة جمهورية إسلامية تشمل [[مصر]] والدول الإسلامية.والمرشح لرئاسة الجمهورية [[المرشد العام]]".
- قال مصطفى مرعى:


استمرت المحاولات لتشويه صورة [[الإخوان]] أمام السفارات الغربية.زار المركز الرئيسى للجماعة ثلاثة أسابيعمتصلة كاتب أمريكى اسمه ديرونيان يوقع كتبه باسم مستعار هوجون روى كارلسون ليؤلف كتابا عنوانه '''" الكشف عن المتآمرين"'''.
- لتذع بيانا يتضمن هذه المعانى.


'''قدم كارسلون إلى السفارة الأمريكية صورة لأعضاء [[الجماعة]] فقال: '''
- وأخذ يملى على الشيخ ما يجب أن يتضمنه البيان . وافق الشيخ [[البنا]].


:" يمكن رؤية مجموعة من أكبر قطاع الطرق البلطجية فى العالم يوحى منظرهم بالشراسة فى مقر جماعة [[الإخوان]] .هم مجموعة من أصحاب اللحى ذات الملابس المتسخة للغاية لغاية منهم من أصابه الحول. ملامحهم خشنة قاسية, تجد بين صفوفهم أكثر المتعصبين قسوة..
- جاء فى اليوم لتالى ومعه البيان فوجده مصطفى مرعى غير ما أراد طلب أن يبرأ الشيخ [[البنا]] من قاتل النقراشى وممن دبروا ونفذوا الجريمة.


:ويصعب التوصل إلى حل للألغاز الخاصة بهذه [[الجماعة]] , فهم يعادون الأجانب, ويميلون للشك بدرجة كبيرة.
وتم تعديل البيان بالإتفاق بين الوزير و[[المرشد العام]]. قال الشيخ [[البنا]] معزيا نفسه:
ومحاولة الإتصال بقادتهم صعبة للغاية تكتنفها مخاطرات شخصية بل إن تحويل مجرى النيل أسهل من الوصوب إليهم بسرعة!
إذا كان ذلك ثمن إعادة [[الإخوان]] والتفاهم مع الحكومة . فما المانع؟ عرض مصطفى مرعى البيان على إبراهيم عبد الهادى قائلا: هذا كل ما استطعت الحصول عليه من الشيخ.


:وهناك من يبالغ فى تصوير القوة التى يتمتع بها [[الإخوان]] وهناك من يهون منها. ولا أعتقد أن رقم نصف المليون عضو ينطوى على كثير من المبالغة إذا حسبنا الأتباع ... وأقارب الأعضاء!
نشرت صحف [[مصر]] صباح يوم 11 من [[يناير]] نداء  المرشد  العام تحت عنوان " بيان للناس" قال لابيان: " وقعت أحداث نسبت إلى بعض من دخلوا هذه [[الجماعة]]دون أن يتشربوا روحها.


:وعلى سبيل المثال كنت أزور مطار ألماظة فذهبت إلى مكتب شركة [[مصر]] للطيران. وقلت إنى سأتوجه بعد ذلك لمقابلة [[البنا]] فتطوع موظفون لمساعدتى وعندما أخطأ قائد سيارة الأجرة فى الالتزام باشارات المرور نهره أحد جال الشرطة بصوت عال فقال السائق: إنى أنقل رجلا أمريكيا إلى المقر الرئيسى لجماعة [[الإخوان]] عندما سمع الشرطى أسم [[الجماعة]] لم يكتف بالإعتذار بل وجه إلى التحية".
وتلا هذا الحادث المروع اغتيال دولة رئيس الحكومة محمود فهمى النقراشى باشا الذى أسفت البلاد لوفاته . وخسرت بفقده علما من أعلام نهضتها, وقائدا من قادة حركتها, ومثلا طيبا للنزاهة والوطنية والعفة من أفضل أبنائها ولسنا أقل من غيرنا أسفا من أجله وتقديرا لجهاده وخلقه.


'''قال [[النقراشي]] لكريم ثابت المستشار الصحفى'''
ولما كانت طبيعة دعوة [[الإسلام]] تتنافى مع العنف بل تنكره , وتمقت الجريمة مهما يكن نوعها وتسخط على من يرتكبها. فنحن نبرأ إلى الله من الجرائم ومتركبيها.


:قل للملك إن [[الإخوان]] إن [[الإخوان]] أعدوا شبكة لا سلكية تمكنهم من الأتصال بفروعهم فى جميع أنحاد البلاد فى اليوم الذى يقررون فيه قطع المواصلات. إن لاموضوع أخطر جدا مما كنت أتصور فى بادئ الأمر.
ولما كانت بلادنا تجتاز الآن مرحلة من أدق مراحل حياتها . مما يوجب أن يتوفر لها كامل الهدوء والطمأنينة والاستقرار – وكان جلالة الملك المعظم . حفظه الله, قد تفضل فوجه الحكومة القائمة – وفيها هذه الخلاصة من رجالات [[مصر]] – هذه الوجهة الصالحة , وجهة العمل على جمع كلمة الأمة. وضم صفوفها وتوجيه جهودها وكفاياتها مجتمعة لا موزعة إلى ما فيه خيرها وإصلاح أمرها فى الداخل والخارج.
وقد أخذت الحكومة  تعمل من أول لحظة على تحقيق هذا التوجيه الكريم فى اخلاص ودأب وصدق.
كل ذلك يفرض علينا أن نبذل كل جهد.  


:فوجئ كريم ثابت عند دخوله على الملك فاروق بصاحب الجلالة يفتحدرجا وأخرج منه نتيجة من النتائج التى تطبعها مصلحة المساحة لتعلق على الجدران وفيها شهور السنة وأيامها ومواقيت الصلاة
ونستفيد كل وسع فى أن نعين الحكومة فى مهمتها ونوفر لها كل وقت ومجهود للقيام بواجبها والنهوض بعبثها الثقيل ولا يتسنى لها ذلك بحق إلا إذا وثقت تماما من استتباب الأمن واستقرار النظام وهو واجب كل مواطن فى الظروف العادية فكيف بهذه الظروف الدقيقة الحاسمة التى لا يستفيد فيها بلبلة الخواطر وتصادم القوى وتشعب الجهود غلا خصوم الوطن وأعداء نهضته.


'''وقال: '''
لهذا أناشد إخوانى.
لله وللمصلحة العامة, أن يكون كل منهم عونا على تحقيق هذا المعنى وأن ينصرفوا  إلى أعمالهم, ويبتعدوا عن كل عمل يتعارض مع  استقرار الأمن وشمول لطمأنينة حتى يؤدوا بذلك حق الله والوطن عليهم والله أسأل أن يحفظ جلالة الملك المعظم ويكلأه بعين رعايته ويثبت خطى البلاد حكومة وشعبا فى عهده الموفق  إلى ما فيه الخير والفلاح آمين". وفى رأى [[عمر التلمساني]] المرشد الجديد للإخوان أن " البيان تم تحت ضغط وللتساهلمع [[الإخوان]] حتى لا يعذبوا فى المعتقلات".


:كان [[النقراشي]] على حق عندما أكد لى أن هؤلاء الناس [[الإخوان]] يريدون الحكم.  
علق تشابمان اندروز الوزير البريطانى المفوض على هذا البيان فأبرق إلى لندن قائلا:
" تبدو لهجة التصالح للبيان الذى نشر على نطاق واسع فى الصحافة المحلية واضحة, فى كل من الإشارة إلى النقراشى باشا الراحل وفى الحث على القيام بكل ما هو ممكن لمساعدة الحكومة بالمحافظة على النظام والأمن.


'''واضاف فاروق:'''
و[[البنا]] أساسا انتهازى, وربما يكون غرضه تحذير السلطات, بشعور من المن المزيف على أمل أن تتراخى تدريجيا جهودها للقضاء على [[الإخوان]] "


:أتريد أن ترى صورة الملك الجديد. أنظر ... صورة من هذه؟
أما جيفرسون باترسون القائم بالأعمال الأمريكى فقال:


'''قال كريم ثابت:''' صورة [[البنا]]
" حظى البيان باهتمام قليل على المستوى المحلى . وقد نشأ عن رغبة [[البنا]] لاسترداد موقعه الذى اهتز أمام الرأى العام ورغبته الواضحة فى إعادة [[الجماعة]] ولكن نظرا لتوتر الأمن فليس من المحتمل أن يحقق الحكومة رغبته"


'''وأضاف:''' كيف كان ذلك؟
قال إبراهيم عبد الهادى رئيس الوزراء لتشابمان اندروز:


'''قال فاروق:''' هذه النتيجة التى تراها أمامك ليست سوى واحدة من مئات عثر عليها رجال المباحث فى دمنهور وقد نزعت منها صورتى ووضعوا مكانها صورة [[البنا]] ..ز إنه الملك الجديد!
الانطباع الذى أخذته من بيان [[البنا]] أنه بدأ يتراجع أمام تصرف لاحكومة.


==الــــرعــــب==
واضاف : إنى واثق من الصول على أفضل مالدى [[الإخوان]], ولكنى مستعد للقضاء  عليهم. لقد اعتقلت الحكومة خمسة من أكثر الأعضاء خطورة وتطرفا وأحدهم فى [[الإسماعيلية]] كان يختبئ بمستشفى لفترة من الوقت. وعثر فى منزله على كمية كبيرة من المتفجرات والأسلحة.


فى كتاباته ورسائله وخطبه قال الشيخ [[البنا]] إن أركان دعوة [[الجماعة]] هى: '''"العلم والتربية و[[الجهاد]]"'''
وقال إن مائة آخين من أعضاء [[الإخوان]] البارزين ألقى القبض عليهم ولكن فاروق يجد أنه يجب ألا يتأخر عن القيم بعمل حاسم يعتقد أنه ينفذ لاعرش .. وهذا العمل – فى رايه – ضد [[الإخوان المسلمين]].
وقالت السفارة البريطانية:


'''وقال : '''
" يمكن لجماعة [[الإخوان]] أن تنهار إلى  الأبد, إذا أزيح [[البنا]] عن قيادتها لأى سبب . مع غياب أى خليفة له نفس القدر من الشخصية القيادية والذكاء الذين يتمتع بهما [[البنا]]"!
وهذه البرقية تعنى بوضوح: أنه إذا اختفى [[البنا]]... تلاشت [[الجماعة]]  وبذلك يصبح [[البنا]] .. هو الهدف!


:" بدون استعداد كل فرد فى [[الجماعة]] للجندية لا يكون شيئ '''" وجعل للعضوية ست مراتب منها " المجاهد"'''
==عصفور فى القفص! جرت محاولات لاغتيال الشيخ لابنا==


:واشترط أن يكون العضو '''" قادرا على الصبر والكتمان وحفظ السر"''' وحدد [[المرشد العام]] مظاهر النشاط الأسبوعى للأعضاء فأعلن أن منها '''" يوم المعسكر "''' أى يوم الجندية استعدادا للجهاد المقدس.  
كانت المؤامرة الأولى يوم 22 من [[أغسطس]] عام 1947 حين  كان النقراشى باشا فى مجلس المن يعرض قضية [[مصر]].
أرادت جماعة [[الإخوان المسلمين]] أن تظهر رغبة الشعب فى تأييد النقراشى, والمطالبة بجلاء [[الإنجليز]] عن وادى النيل.


'''وقال لى الشيخ [[عمر التلمساني]] [[المرشد العام]] السابق [[للإخوان المسلمين]]:'''
سمحت السلطات المختصة ل[[البنا]] وجماعته بالقيام بمظاهرة سلمية بدأـ من الجامع [[الأزهر]] عقب صلاة الجمعة , واخترقت الشوارع منادية باسم [[مصر]] مؤيدة حقها.


:" [[الإسلام]] يتضمن فرض عين وفرض كفاية" الصلاة والصوم مثلا فرض عين  يسأل عنهما الفرد. أما فرض الكفاية فيتمثل فى [[الجهاد]]... والزراعة الخ.. فإذا قام المسلمين بفرض الكفاية سقطت المسئولية عن الباقين... وإذا لم يقم أحد بذلك فإن المسلمين جميعا مسئولون.
ولم تكد المظاهرة السلمية تصل إلى ميدان العتبة الخضراء وفى مقدمتها سيرة تحمل الشيخ [[البنا]] وبعض الأعضاء حتى انطلقت الأعيرة النارية من كل صوب.


فكر [[البنا]] فى الفرض الأخير أى [[الجهاد]] ورأى إنشاء قوة فى [[مصر]] ميليشيا تستطيع مقاومة [[الإنجليز]] ومواجهة [[اليهود]] فى [[فلسطين]] خاصة وأن السلاح متوافر فى كل مكان.
نزل الشيخ ليستطلع الحادث فإذا بعيار نارى يطلق عليهوتستقر رصاصة فى ساعده.


'''وأكد الشيخ [[أحمد حسن الباقوري|الباقورى]] '''
اقتيد [[البنا]] عقب إصابته إلى قسم الموسكى فاعتدى رجال الشرطة على أتباعه . ودارت معركة بينه وبين ضابط بوليس هدده بمسدس وسدد فوهتع إلى صدره.


:"إن [[النظام الخاص]] أنشئ لتدريب الراغبين فى [[الجهاد]] عن طريق لاعمل الفدائى فى [[فلسطين]] أولا. ثم فى [[مصر]], ضد الاحتلال البريطانى لمنطقى قناة [[السويس]]. وكان التمويل من اشتراكات أفراد النظام".
هجم عليه الشيخ [[البنا]] وأمسك بالمسدس من يده. واصيب زوج شقيقته عبد الكريم منصور بإصابات نقل على إثرها إلى مستشفى قصر العينى وانتهى الحادث بالحفظ. وقف [[المرشد العام]] يتحدث فى الشركة العربية للمناجم والمحاجر لتوديع كتيبة من [[الإخوان]] قبل سفرها إلأى [[فلسطين]].


:وقد انتقد البعض [[الإخوان]] وقالوا إنهم تحولوا من الإشتغال بالدين والتربية الإسلامية إلى العمل السياسى وهذا غير صحيح فقد فكر الشيخ [[البنا]] فى [[الجهاد]] عندما أنشأ [[الجماعة]] [[1928]].
ولكن وقع انفجار فى المكان الذى كان مقررا أن يتحدث منه الشيخ [[البنا]] قبل وصوله بدقائق .تبين ان قنبلة زمنية وضعت فى هذا المكان.


:وفكر فى إقامة [[النظام الخاص]] الذى أطلق عليه الناس اسم [[النظام الخاص|النظام السرى أو الجهاز السرى]] عندما فكر فى الدعوة .. أى منذ البداية ولدت الفكرة مع الدعوة وفى السنة الأولى منها , ويرجع ذلك إلى أن [[البنا]] كان يرى أن الإستعداد بالتسليح والتدريب أمر ضرورى ليعرف الأعضاء معنى الجهاد ولاكتمال الدعوة وتنفيذ أمر [[الإسلام]]"
توجه [[البنا]] غلأى مطار [[القاهرة]] للحج فى 23 من [[سبتمبر]] [[1948]] ومعه " جواز" سفر يبيح له السفر غلأى جميع أنحاء العالم... وعلى الجواز أيضا " تاشيرة" تسمح له بأن يستقلطائرة شركة " سعيدة" ولكن العقيد حسن فهمى مفتش الجوازات سحب منه الجواز وألغى جميع الدول ال[[مصر]]ح له  بالسفر إليها واكتفى منها بالمملكة العربية السعودية. وقال إنه فعل ذلك بناء على تعليمات من عمر حسن – مدير قسم الخصوص – مباحث أمن الدولة.


'''وأضاف الشيخ [[التلمساني]]:'''
وسافر [[المرشد العام]] إلى المملكة العربية السعودية فأبرقت  وزارة الداخلية إلى القنصل المصرى فى جدة بعدم السماح للبنا  بالسفر إلى أية دولة عربية أخرى. قال عبد القادر عودة وكيل جماعة [[الإخوان]] " لم تستطع الحكومة منع لابنا من السفر لأداء فريضة الحج وإلا قيل إنها صدته عن سبيل الله, والبيت الحرام ومن يفعل ذك يعد كافرا".ومن ناحية أخرى –ما قال اليوزباشى عبد الباسط [[البنا]] الشقيق المرشد – فغن الحكومة المصرية أعدت العدة لقتله فى السعودية على أن تنسب الجريمة إلى بعض اليمنيين!


:كل مسلم يجب أن يكون مستعدا للجهاد ويحسن استخدام السلاح
وكان أمير الحج المصرى [[حامد جودة]] – رئيس مجلس النواب الذى ينتمى إلى لاحزب السعدى – قد صحب معه بعض الأشخاص الخطرين ولكن الحكومة  السعودية استشعرت ذلك فأنزلت [[المرشد العام]] ضيفا عليها وأحاطت مقره بحراسة شديدة وقدمت إليه سيارة خاصة بهاج ندى مسلح لنع الأعتداء عليه
عاد [[البنا]] فى 28 من [[نوفمبر]] [[1948]].


'''وقال:'''
وتقرر حل [[الجماعة]] فى 8 من [[ديسمبر]] وصدرت الأوامر إلأى قوات الشرطة بالإستيلاء على شعب [[الإخوان]] فى مختلف المناطق.


:[[النظام الخاص|النظام السري]] لم يقم لقتل الوزراء أو قلب نظام الحكوم بالقوة وقال لى [[فهمي أبو غدير]] المحامى الذى كان عضوا ب[[مكتب الإرشاد]] العام . إن [[النظام الخاص|التنظيم الخاص]] بدأ صغيرا عام [[1935]]
واعتقل أعضاء [[مكتب الإرشاد]] وكثير من [[الإخوان]] وبقى مؤسس [[الجماعة]] ورئيسها ومرشدها العام وحده لم يعتقل.


:فقد تأثر الشيخ [[البنا]] بالشيخ [[عز الدين القسام]] الفلسطينى الذى قتل ومعه 13 من أنصاره فى [[فلسطين]] فى معركة غير متكافئة فرأى إنشاء هذا الجهاز لإيمانه بأن أى حق فى الدنيا لا تحميه قوة يعتبر حقا ضائعا. ومهمة الجهاز فى رأيه القتال ضد [[الإنجليز]]  فى [[مصر]] وضد [[اليهود]] فى [[فلسطين]].
رأى اللواء أحمد عبد الهادى حكمدار شرطة [[القاهرة]] واللواء صلاح مرتجى وكيل الأمن العام عدم اعتقال المرشد لاعام لأنه اعتقاله قد يحدث ثورة وضجة كما أن وجوده خارج المعتقل يعطى فرصة للتفاهم معه. ويكون الرجل طعما للقبض على من يتصل به من [[الإخوان]]!


'''ويقول الشيخ [[التلمساني]]: '''
أبلغ هذا الرأى للنقراشى باشا فوافق عليه. قل [[أحمد حسين]] رئيس حزب [[مصر]] الفتاة إن الحكومة لم تعتقل الشيخ [[البنا]]  إما لأنها لم تجد برهانا ضده أو لأنها أرادت قتله.سأل تشابمان اندروز الوزير البريطانى المفوض وكيل الديوان الملكى حسن يوسف بك عن أسباب عدم اعتقال [[المرشد العام]]
أجاب حسن يوسف:


:إن الجهاز أنشئ عام [[1936]].واعترف اثنان من رجال [[الإخوان]] هما [[محمود عبد الحليم]] و[[صلاح شادي]]] بأن المرشد أنشأ [[النظام الخاص]] عام [[1940]] فى سرية مطلقة لتواجه به [[الجماعة]] مسئوليتها إزاء [[الإنجليز]] فى الداخل والصهاينة [[فلسطين]].
لم تعثر الشرطة على وثائق . أو مواد. تدينه عند تفتيش منزله ولابد أنه كان حريا على تدمير أى دليل يثبت تورطه فى أعمال إجرامية ارتكبها أتباعه مما جعل الشرطة لا تستطيع اتخاذ إجراء ضده.
واضاف : لا يوجد سبب للقبض عليه فى الوقت الحاضر. قال تشابمان أندروز ومحضر الاجتماع يصف ذلك:
وإذا ارتكب عملا خاطئا؟


'''وقال الشيخ [[أحمد حسن الباقوري|الباقورى]]: '''
أجبا حسن يوسف : سيتعرض  للإعتقال فإن الحكومة لم تعد تخشى باسه.


:" كان الشيخ يعرف الشباب الذى انضم إلى [[النظام الخاص]] فى صفوف الشعب والجيش والبوليس بأعيانهم واسمائهم وأسرهم التى ينتمون إليعا وبلادهم التى يعيشون فيها"
وكان حسن يوسف يتحدث بثقة مما جعل " اندروز" يبرق إلى لندن قائلا :


اختار الشيخ [[صالح عشماوي]] وكيل عام [[الجماعة]] لرئاسة الجهاز فى البداية ثم اسند قيادته بعد ذلك إلى [[عبد الرحمن السندي]] وهو موظف كتابى بوزارة الزراعة لم يتم دراسته العليا! والسندى شقيق ميسور الحال عمدة لقرية بنة سند مركز منفلوط.ادى السندى البيعة أمام [[المرشد العام]] وتعهدا بألا يقدم على عمل إلا بعد الرجوع إلى لجنة القيادة وإلى المرشد شخصيا.
" لابد أن وكيل الديوان يتكلم بلسان الملك فاروق".وأكد حسن يوسف لوزير المفوض أن [[البنا]] توسل إلى السلطات لاعتقاله وكتب [[البنا]] للحكومة:


'''اعترف [[عبد الرحمن السندي]] بدوره فى [[النظام الخاص|الجهاز السرى]] عام [[1954]] فكتب يقول:'''
" انكم تقتلونى بعدم اعتقالى"!


:" وكان [[البنا]] يعرف قدر الرجال فيعطى العاملين منهم الفرصة للعمل لخير الوطن و[[الإسلام]].ما أن تعرف علىّ وتوثقت رابطة الإخوة بيننا والثقة المتبادلة وعرضت عليه آمال وأفكارى حتى أطلق يدى فى العمل لدعوة الله ومكن لى من إعداد العدة نصرة دين الله.
قال محمد إبراهيم إمام مدير البوليس الخصوصى – القلم السياسى ومباحث أمن الدولة – للماجور سانسون ضابط أمن السفارة البريطانية:


:انطلقت بفكرتى أعد الشباب للجهاد , واصنع منهم الرجال المخلصين الأقوياء الذين لقى أعداء الله والوطن من مستعمرين وأذنادبهم على أيديهم أشد ألوان العذاب والبلاء.وكانوا خير الرجال الذين أقضوا مضاجع الكفر والإستعمار"
- تلقيت أومر بعدم القبض على [[البنا]] أو اعتقاله فلن يجرؤ  قاض على إصدارحكم ضده بعد اغتيال المستشار الخازندار.


تطور التنظيم على مراحل.بدأ فى صورة نشاط رياضى كشفى , وكان [[البنا]] قد ألف أول شعبها , وتولى تدريبها بنفسه.ومع انتقال [[المركز العام]] للإخوان من [[الإسماعيلية]] إلى [[القاهرة]] تطورت ط فرق العمل " أو '''" فرق الرحلات"''' وتعددت أغراضها واصبح أولها التدريب العسكرى.
- ضاعفت  الحكومة إجراءاتها المتشددة.


وتغير اسم فرق الرحلات  إلى '''([[الجوالة]])''' وزاد الإهتمام بها فى أعقاب مؤتمر [[الإخوان]] الثالث عام [[1935]] فأصبح تنظيما مستقلا يتبع [[المركز العام]] مباشرة وفى عام [[1939]] عين [[البنا]] [[محمود لبيب]] الضابط السابق بالجيش قائدا عاما لفرق الجوالة وون لها مجلس قيادة من سبعة أشخاص...
- راحت تقبض كل يوم على مئات لأتفه الأسباب.. قصاصة ورق . نسخة من عدد قديم من جريدة أو مجلة [[الإخوان]] , بطاقة من حسن لبنا.


إن [[المرشد العام]] بهذاالقرار رأى أن تبدأ الجيل الثانى من [[الإخوان]] عمله .. وهو الجبل الذى يحارب وأن الجبل الأول:جيل المستعمرين قد أكتمل
- واعتقل معظم من يمتون إليه بصلة: أشقاؤه ومنهم جمال [[البنا]] الذى يعرف القسم السياسى أنه ليس من [[الإخوان]].... واصهار الشيخ وبقى زوج شقيقته عبد الكريم منصور – المحامى – لأنه اختفى فترة ثم عاد إلى الظهور.


'''قال [[عمر التلمساني]]:'''
- ولم يعد  للشيخ حارس سوى شقيقه ضابط الشرطة اليوزباشى عبد الباسط الذى يمشى مسلحا فى ركاب أخيه. فلما عثر مع عبد الباسط على مسدس أخذوه منه وقبضوا عليه فى 13 من [[يناير]].


:لم يفكر [[البنا]] و[[الإخوان]] فى اغتيال مصرى بل كان يصيدون [[الإنجليز]].
- استمرت رقابة الشرطة على الشيخ فوجدوه يصلى الفجر فى جامع قيسون فقرروا اغتياله بعد الصلاة, ولكن المرشد امتنع عن الصلاة فى المسجد بناء على نصائح الأسرة والأصدقاء وأخذ يؤدى الصلاة فى بيته!


'''ولكن الحاج [[أمين الحسيني]] مفتى [[فلسطين]] ظل يردد:'''
- وكلف الجنود يقبضون على من يمرون أمام بيته أو يزورنه ويقودونهم إلى قسم لشرطة لسؤالهم ويفرج عن البعض ويعتقل كثيرون . وفى بعض الأحيان  كان يؤدى صلاة الجمعة فى بيته.
- وكلف أحد الكونستبلات بمراقبة الشيخ بتعقبه بموتوسيكل حينا, وفى سيارة أحيانا, فلما ضاق  المرشد بهذه الرقابة اتصل باللواء احمد عبد الهادى حكمدار شرطة [[القاهرة]] وطلب منه رفعها فوافق الحكمدار ... كما قال!


:[[اليهود]] ليسوا فقط فى [[فلسطين]] ولكنهم فى [[مصر]] أيضا, وفى كثير من البلاد التى لهم فيها نفوذ!
- ولكن الحقيقة أن مخبرا اسمه عبد المنعم إبراهيم ظل يراقب الشيخ, حتى اليوم السابق للجريمة بناء على تعليمات الرائد محمد على صالح ضابط البوليس السياسى , وبذلك بقى [[المرشد العام]] موضع المراقبة الدقيقة, تحت عين وزارة الداخلية تحصى عليه كل تحركاته.


==الإعتداء علي البريطانيين==
- واعترف مخبر اسمه أنور على أحمد أنه اشتغل بمراقبة [[المرشد العام]] حتى الثالثة بعد ظهر يوم 12 من [[فبراير]] لمراقبة حركاته وسكناته, ومعرفة اتصالاته من ناحية ومنع هربه من ناحيه أخرى فلا يفلت من أيدى رجال الشرطة.


'''بدأت محاولة الاعتداء على البريطانيين عام [[1942]]'''
- ولم يقل المخبر إن الهدف بقاء المرشد فى قبضة رجال الشرطة حتى الوقت المحدد... الذى تتيحه الفرصة لاغتياله.


:" قبض على اثنين من [[الإخوان]] هما [[جمال فكيه]] و[[محمد عبد السلام فهمي]] فى ذلك العام بتهمة إعداد جيش لمحاربة [[الإنجليز]] أثناء انساحبهم من [[مصر]] فى أعقاب تقدم قوات روميل فى الصحراء الغربية.وطلبت النيابة الحكم عليهما بالإعدام."
أراد [[البنا]] أن يسافر للإقامة فى عزبة الشيخ عبد الله النبراوى بدائرة مركز قليوب ولكنه خشى أن يؤدى ذلك إلى متاعب للشيخ النبرواى وأسرته فأرسل إلى محافظ [[القاهرة]] فؤاد شيرين يستأذنه فى السفر.
أستأذن المحافظ رئيس الوزراء إبراهيم عبد الهادى الذى طلب منه عدم الرد. وعلق رئيس الوزراء – شفاهة على طلب المحافظ قائلا إنه


:وقبض على [[نفيس حمدي]] الطالب و[[حسين عبد السميع]] فى السنة نفسها بتهمة إلقاء قنابل على النادى البريطانى أيام أعياد الميلاد:وزارد نشاط [[النظام الخاص|الجهاز الخاص]] ضد [[الإنجليز]] من [[نوفمبر]] عام [[1944]] وقد دفع [[صالح أبو رقيق]] الذى أصبح فيما بعد من كبار قادة [[الجماعة]] مهر عروسه [[النظام الخاص|الجهاز الخاص]] لشراء سيارة يحتاجون إليها فى الأعمال الفدائية ضد [[الإنجليز]] فى القتال.
– أى المحافظ من [[الإخوان المسلمين]]!وفى اليوم التالى لوصول خطاب [[البنا]] إلى محافظ [[القاهرة]] -10 من [[فبراير]]  


وتكررت عمليات ذلك الجهاز فى أواخر عام [[1945]] . واستمرت الاعتداءات فى فترات مختلفة ولم يتم القبض على أحد بسبب  نقص الأدلة والشهود. ووقعت هجمات على أعداد كبيرة من البريطانيين فى سينما ميامى ب[[القاهرة]] يوم 10 من [[مارس]] عام [[1946]].
– اعتقل النبراوى ومعظم أفراد أسرته وهو شيخ تجاوز الثمانين ومصاب بشلل نصفى وفتشت قريته بحثا عن أسلحة. سافر [[صالح حرب]] إلى أسوان وأراد الشيخ [[البنا]] الذهاب إليه فى اسوان ولكن الحكومة رفضت ذلك كما منعته من السفر إلى الخارج. رأى [[فتحي رضوان]] [[المرشد العام]] فى مأزق يتعذب و لا يدرى ماذا يفعل قال له:


وقذفت إحدى السيارات قنبلة خارج مبنى جمعية الشبان المسيحية يوم 5 من [[مايو]] فأصيب 16 من أفراد القوات المسلحة البريطانية بينهم سيدتان.وألقيت قنبلة خارج ثكنات الجيش البريطانى بالعباسية فأصيبت سيدتان مصريتان .


وتتابعت القنابل على سينما '''" الآمبايركلوب"''' الصيفية فى 6 من [[يونيو]]. وآخر حادث من هذا النوع كان على كوبرى قصر النيل فى 10 من [[يوليو]]. ولم تلاحق الاتهامات [[الإخوان المسلمين]] فقط بل قبض على [[حسن عزت]] من [[الضباط الأحرار]] وخمسة آخرين!
- يا سيدى أرجو أن تصدقنى إذا قلت لك, إن الحكومة والملك. لا يطيقان مجرد وجودك ووجود جماعتك فى الدنيا.


وبدأ [[النظام الخاص]] باغتيال [[أحمد ماهر]] عام [[1945]]! ولكنه لم يشترك فى اغتيال [[أمين عثمان]] عام [[1946]]. وارتكبت فى [[يوليو]] 4 حوادث ضد السيارات والأندية الليلية للقوات البريطانية. ووضعت قنابل فى ستة من أقسام الشرطة ب[[القاهرة]] فى 2 من [[ديسمبر]] ضد مشروع معاهدة صدقى – بيفن.
- نظر [[البنا]] إلى [[فتحي رضوان]], وفى عينيه مزيج من العتاب. ومن الإحساس بالألم, ومن الشعور بخيبة الأمل, ثم قال بعد فترة صمت:


" وألقيت قنبلة يوم 3 من [[ديسمبر]] على منزل الدكتور [[محمد حسين هيكل]] رئيس مجلس الشيوخ ورصدت الحكومة مكافأة 3000 جنيه لمن يرشد عن المتهم.وألقى أعضاء النظام القنابل على نادى الاتحاد المصرى – الإنجليزى ليلة عيد الميلاد مساء 24 من [[ديسمبر]] عام [[1946]] فأصيب 3 من المصريين ولم يصب بريطانى واحد.  
- - إذن ما العمل " هل أسلم بالأمر الواقع , وأرتضيه؟ هل أترك [[الإخوان]] فى لحال الذى وصلوا إليه وأتفرج عليهم ليتهم يعتقلونى ويريجوننى.


قبض على ثلاثة من [[الجماعة]] ووجدت مع أحدهم قنبلة يدوية ويقول [[التلمساني]] إن السندى بث الفزع فى قلوب المحتلين بتوقيت ليلة عيد الميلاد واختيار النادى البريطانى الذى كان مكتظا بالجنود [[الإنجليز]] وضباطهم ولكن لم يقتل أحد.
- رأى [[فتحي رضوان]] نفسه مضطرا لمصارحة [[المرشد العام]] بما يشعر به قال :


'''كتب السفير البريطانى إلى لندن يقول:'''
- أرى رأى العين ما يدبر لك فهم لا يتركونك احتراما لك. وإنما لتتاح لهم فرصة اقتناصك وربما ليصدر عنك عمل. يبرر التخلص منك. أو ليلقوا تبعته عليك.


:" يلقى الرأى العام والشرطة مسئولية حوادث الاعتداء بالقنابل والتى أفسدت احتفالات أعياد الميلاد على [[الإخوان المسلمين]] ولكن [[البنا]] أعلن أن ذلك ليس من سياسة [[الإخوان]].وأضاف أن جميع المسلمين يحترمون هذه المناسبة وأهميتها  الدينية".
- ما كاد [[فتحي رضوان]] يفرغ من هذا  الكلام حتى شعر بالندم الشديد , لأنه لا يعدو أن يكون إنذارا بالموت.


أبلغ [[النقراشي]] السفير البريطانى بالحادث تليفونيا وعرض أن يرسل إلى المستشفى  أية مساعدات إضافية.
- لم يغضب [[البنا]].. ولم يفزع. بل اكتفى بقوله: حسبى الله ونعم الوكيل. وسأل [[فتحي رضوان]]: بماذا تنصحنى؟
- قال: لا تترك منزلك . أو مكانا يمكنك أن تأوى إليه فلا تخرج منه أبدا حتى يقضى الله أمرا كان مفعولا وقد يبدل الله الحال..  


'''رد السفير:'''
- قال لمرشد وكأنه يخاطب نفسه: وهل ينجى هذا الحذر من القدر؟


إنى على ثقة من إنك ستتخذ كل الإجراءات لاستئصال هذا النوع من الجرائم.
- أجاب [[فتحي رضوان]] على الفور: مطلقا.


'''وتوجه السفير لزيارة [[النقراشي]] وقال له:'''
- قال: إذن ما الفائدة من.... قاطعه [[فتحي رضوان]] قائلا:


:أتحدث إليك بدون تعليمات ولكنى أنقل إليك قلقى الشخصى إنى واثق أن سلطات الأمن , تحت قيادتك  تبذل كل ما فى وسعها للقبض على مرتكبى هذه الأعمال الإجرامية.
- الفائدة فى ألا تشغل نسفك بما لا ينفع ولا جدوى منه وألا تستمع لرسل السلطة الذين يعبثون بنا.رد [[المرشد العام]] وكأنه يحدث نفشه:


'''وأضاف:'''
- ربما كان هذا صحيحا.


:الأمر الذى لابد أن يكون محبطا للشرطة ومشجعا للمجرمين هو التأخير فى الإجراءات الجنائية والأفراج عن كثير من المتهمين بكفالات بسيطة.
- تذكر عبد الرحمن عمار وكيل وزارة الداخلية أنه أثناء عمله مديرا – محافظا لجرجا – سوهاج الآن – كان يعمل معه حكمدار للشرطة أسمه محمود عبد المجيد جمع بينهما الليل الميل للخروج على القانون لأن الحكمدار لا يتورع عن معالجة الجريمة ... بالجريمة!
- كان يضرب على " العروسة" – علانية – المتهمين للإعتراف و.... يقتل المجرمين أو ذوى الشبهة..وقال إحصاء أنه بين 18 متهما فى جرجا لف الحكمدار بضبطهم قتل 15 منهم.و... يضع المتهمين فى عربات الكلاب تمر بهم فى شوارع  عاصمة المحافظة والمدينة أو القرية , التى ارتكبوا فيها جرائم, أو اتهموا بارتكابها, ليقذفهم الناس وأتباع الحكمدار بالقاذورات والشتائم. ثم يقادون بعد ذلك إلى السجن. و... يضع جثث المتهمين عراة على عربات كارو تدور فى الشوارع وخلفها جنود شرطة ينادون:


'''قال [[النقراشي]]:'''
- الرطل... بليم!


:ليس فى الإمكان التدخل لدى القضاء فالمحافظة على مشاعرهم فى الاستقلال والأان أمر جوهرى لتحقيق الممارسة الصحيحى للعدالة . ولا شك أن المحاكم المصرية لا تعمل بالسرعة المعتادة فى بريطانيا.ولكن حيث يحتمل أن تصدر أحكام بالإعدام فإن أعضاء هيئة المحكمة يجب أن يكونوا مطمئنين , للغاية إلأى قراراتهم.
- وكان يتصور أن وضع اليد على الخارجين على القانون هدف سام يجوز فى سبيل تحقيقه كل مخالفة للقانون.


ألقيت قنابل يديوة على قطار [[فلسطين]] فى [[يناير]] [[1947]] وكان به بعض الجنود البريطانيين فأعلنت الحكومة عن مكافأة قدرها عشرة آلاف جنيه مصرى لكل من يدلى بمعلومات حول الحادث.
- وصفه صابر طنطاوى مدير الأمن العام بأنه رجل بلا ضمير... ولا يخاف الله!


ولم تسفر تحريات الشرطة المصرية عن أى دليل ضد المصريين لاذين لا يعرفون أن قوات بريطانية مسافرة فى ذلك القطار بوجه خاص.
- استدعى عمار حكمدار شرطة جرجا العقيد محمود عبد المجيد -55 سنة- وعينه مديرا لإدارة المباحث الجنائية بوزارة الداخلية فى أول [[أغسطس]] [[1948]]  أصبح البرنامج اليومى لمحمود عبد المجيد المرور صباحا على منزل عبد الرحمن عمار, وكيل وزارة الداخلية للإنفاق معه على نظام العمل ثم يتوجه بعد ذلك إلى وزارة الداخلية.


'''ويثير السفير السير رونالد كامبل الأمر مع [[النقراشي]] باشا الذى قال: '''
- وعند الظهر يتناول الغداء فى مطعم بدعوة من بعض أعيان جرجا والوجه القبلى بصفة عامة.


:أمل أن تؤدى المكافأة إلى نتائج . ومن المحتمل أن تكون الجريمة بفعل ناصر صهيونية.  
- وبعد العصر يجلس مع " الأعيان" فى مقهى " لونابارك" أو " الفيشاوى"  وبعد المغرب جلسة أخرى مع هؤلاء فى فندق " إيدن" أو مع الصاغ توفيق السعيد. والعقيد محمد إبراهيم من رجل القسم السياسى" مباحث أمن الدولة".


'''قال السفير:'''
- وبعد اغتيال النقراشى  داخل وزارة الداخلية اتخذت احتياطات شديدة للحراسة ووضعت نظم دقيقة لدخول دار الوزارة.... وكلف بالحراسة العقيد محمود عبد المجيد الذى تضخم نفوذه, ومنح صلاحيات واسعة.


:بعض سلطات الأمن العسكرية البريطانية تميل إلى هذا الرأى . ويمكن أن يكون الصهاينة على علم بذلك نظرا لوجود بعضهم بين القوات البريطانية وفى هذه الحالة لا أتوقع ظهور معلومات نتيجة الاعلان عن المكافأة
- تحرك محموجد عبد المجيد بعد ثلاثة أيام من اغتيال النقراشى ليملأ الإدارة بضباط وجنود الشرطة الذين عملوا معه فى سوهاج.


'''وبعثت وزارة الخارجية إلى السفير تقول:'''
- ندب اليوزباشى عبده ارمانيوس من الجيزة إلى إدارة المباحث الجنائية فى أول [[يناير]] [[1949]].


:" ويبدو أن الحكومة المصرية غير راغبة وأيضا خائفة , من اتخاذ إجراء صارم ضد مرتكبى الاعتداءات".
- ونقل من جرجا أيضا البكباشى أمين حلمى والرائد حسين كامل وفى اليوم التالى – 2 من [[يناير]]


'''وطلبت الوزارة من السفير:'''
– قرر نقل مخبر الشرطة الأمباشى [[أحمد حسين]] جاد – 42سنة – من مباحث جرجا إلى الإدارة على أن ينفذ النقل خلال 24 ساعة.


:عليك مواصلة الألحاح على رئيس الوزراء .
- وفى 8 من [[يناير]] منح صاحب الجلالة العقيد محمود عبد المجيد نوط الواجب الذهبى مكافأة على الجهود التى قام بها .. ولتشجيعه على القيام  بأعمال أخرى!


وحاول أومباشى مصرى نسف فندق ب[[الإسماعيلية]] يوم 17 من [[يناير]] 1947 يقيم فيه الجنود البريطانيون.انفجرت قنبلة فى دار المعهد البريطانى ب[[القاهرة]] يوم 18 من [[مارس]] [[1947]].
- وفى 21 من [[يناير]] نقل من جرجا أيضا المخبر حسين محمدين رضوان ووكيل الباشجاويش محمد سعيد إسماعيل.


ووجدت فى اليوم التالى قنبلة أخرى . لم تنفجر بمبنى كلية فيكتوريا ب[[الإسكندرية]].وتلقى القنصل البريطانى ب[[الإسكندرية]] خطابات تهديد بنسف القنصلية بالقنابل من جماعة أطلقت على نفسها اسم '''" لجنة التحرير الوطنية"'''.
- قال محمود عبد المجيد مبررا قراره – فيما بعد – بأن ذلك تم على أساس الاختيار الشخصى  فقد اتصل بالمخبرين فى اعمل ويقدر كفايتهم. والجدير بالذكر أنه لم يسبق قبل ذلك, وبعده. أن ندب مخبر من إحدى المديريات – المحافظات للعمل  ب[[القاهرة]] عدا هؤلاء الثلاثة !


'''ويكتب السير رونالد كامبل:'''
- وكان ندب المخبرين فريدا من نوعه أيضا من حيث الطريقة التى اتبعت فى  إصدار  الأمر به. والحيطة التى اتخذت لتجنب إيجاد مكاتبات رسمية مثبتة لذلك الأر. فقد استدعى العقيد محمود عبد المجيد المخبرين بأوامر شفوية اصدرها إلى رؤسائهم المحليين!


:" يمكن أن تكون هذه الانفجارات من تدبير عناصر فى [[الإخوان المسلمين]] ليس لها اتصال بقيادة [[الجماعة]] وتأثرت بقرار الحكومة بمنع الاجتماعات وفضل بعضهم فوجدوا أن هذه الاعتداءات قد تكون فى صالح [[الجماعة]] فقاموا بها خاصة انهم لم يلتوا من القيادة أية تعليمات تفيد العكس.
- ولا حظ الصول محمد البهى شرف – لامكلف بمراقبة حضور المخبرين فى الدفاتر وتوزيع الخدمات عليهم


:واستمرت هذه الهجمات رغم تصريحات [[البنا]] لجميع الصحف  ولابد أن يكون [[الإخوان]] المتمردون أو الذين  لا يتصلون بقيادتهم قد اطلعوا عليها وقامت الشرطة بحملات واسعة النمطاق على جميع المؤسسات والمنازل التى يعتقد أن لها صلة ب[[الجماعة]] عقب اعتداءات أعياد الميلاد التى كانت موجهة ضد الاتحاد المصرى البريطانى والعديد من الملاهى التى يتردد عليها الجنود البريطانيون وألقت الشرطة القبض على عدد كبير للغاية منهم ثلاثة من أعضاء [[الجماعة]] كانوا متورطين بكل تأكيد فى هذه الإعتداءات بالقنابل.
– وجود المخبرين الثلاثة فى " بوفيه" منعزل قليلا عن مبنى الوزارة...


:وبصفة عامة فإن [[الإخوان المسلمين]] هم المتهم رقم (1) عندما يحدث اعتداء من هذا النوع سواء كاوا متورطين بالفعل أم غير متورطين , ورغم عدم وجود دليل قوى يؤكد تورطهم.ولكن هذه العدة التى دأب البعض على اتباعها وهى إلقاء التهمة على [[الإخوان المسلمين]] قد تؤدى إلى احتمالات خطيرة فى المستقبل.
- ولاحظ أيضا تردد الثلاثة على مكتب لارائد حسين كامل – بادارة المباحث الجنائية – ولما سألأ عنهم قيل له إن العميد محمود عبد المجيد  أحضرهم من سوهاج فقام بإثبات حضورهم فى دفتر الإدارة:


:وإذا لجأ  الوفد أو حزب آخر يرغب فى إرباك الحكومة إلى الإرهاب كسلاح سياسى فإن [[الإخوان]] سيكونون اول من تلقى عليهم مسئولية الإرهاب.ومن المحتمل أن تعتبر عناصر الشرطة الموالية للوفد إدانة [[الإخوان المسلمين]] فى هذه الحوادث على أنها أمر ثابت".
- ولما عرف محمود عبد المجيد قرر نقل محمد البهى إلى المنوفية يوم 26 من [[يناير]] ونفذ النقل فى اليوم ذاته.


وألقيت 3 قنابل فى [[الإسماعيلية]] يم 16 من [[أبريل]].ودمرت أجزاء من مبانى سينما مترو فى [[القاهرة]] بالقنابل فى 6 من [[مايو]] [[1947]] فأعلنت الحكومة عن مكافأة قدرها عشرة آلاف جنيه لمن يرشد على الفاعل
- وأخذ محمود عبد المجيد يردد حينا انهم جاءوا للبحث عن أشقياء جرجا الفارين من وجه العدالة  ويقول حينا آخر . أنهم يقومون بحماية عبد الرحمن عمار من أشقياء جرجا لاهاربين إلى [[القاهرة]].


وقد اتهم الدكتور [[محمد حسين هيكل]] فى مذكراته [[الإخوان]] والجماعات اليسارية وبإلقاء هذه القنابل ولكن [[صلاح شادي]] من زعماء [[الإخوان]] قال إن رابطة الشباب الوفدية هى التى القت تلك القنابل.
- ونفى عمار أنهم قاموا بحراسته. وثبت من التحقيقات أنهم لم يقبضوا. منذ نقلهم إلى [[القاهرة]] على شقى واحد من جرجا.


تلقت المفوضية البرازيلية تهديدا بنفسها , بعد تقديم البرازيل مشروعها فى  مجلس الأمن بأن يحل النزاع المصرى البريطانى بالتفاوض  بين البلدين وطالب خطاب لاتهديد بدفع خمسة ملايين جنيه تعويضا عن وقاحة البرازيل فى مجلس الأمن وإلا أخذ وزيرها المفوض وجميع أعضاء الجالية رهائن.. وذبحوا وفى 28 من [[أغسطس]] [[1947]] ألقيت قنبلة على مقر المفوضية واتهم ثلاثة شبان مجهولون بالجريمة.
- استمرت محاولات اغتيال لمرشد العام بعد نقل " عصابة جرجا"!


وقال الماجور سانسوم ضابط أمن السفارة البريطانية أنه يشك فى قيام [[الإخوان المسلمين]] بالقاء القنبلة.وفى [[يناير]] [[1948]] أعلنت الحكومة عن اكتشاف 165 قنبلة مع مجموعة من الأسلحة مع بعض الشبان [[الإخوان]] فى تلال جبل القمطم أقر الشبان أنهم اشتروها من البدو استعدادا ل[[فلسطين]].
- تقرر أن يتوجه إلى منزله بعد منتصف الليل الضابطان اليوزباشى عبده  ارمانيوس والرائد حسين كامل لإبلاغه أن  النيابة أمرت باعتقاله ثم يقومان بدفنه فى حفرة أ‘دت فى الهرم عند طريق الفيوم.  


وفى 20 من [[فبراير]] [[1948]] وقع انفجار عنيف فى [[المركز العام]] [[للإخوان]] سمع صداه فى كل أنحاء العاصمة ورغم ذلك فإن تسعة فقط أصيبوا. ولم يكن [[المرشد العام]] فى مقر [[الجماعة]].
ولكن اللواء أحمد طلعت رفض الموافقة على تنفيذ هذه الخطة.


وتبين أن أسلحة ومتفجرات نقلت من أحد الفنادق قبل  أن يداهمه رجال الشرطة إلى المركز بموافقة الشيخ [[البنا]] الذى قال إن اثنين من الفلسطنين جاءا بالأسلحة وأنها لتحرير [[فلسطين]] واتصل [[المرشد العام]] بالحاج [[أمين الحسيني]] مفتى [[فلسطين]] طالبا  إليه التدخل فأفرج عن [[الإخوان]] وسلمت الشرطة الاسلحة للهيئة العربية العليا ل[[فلسطين]] التى أعادتها بعد ذلك للفدائيين .. أى للنظام الخاص '''" ... كما تقول تقارير الأمن البريطانية"'''.


'''وفى تقرير السفارة البريطانية قالت: '''
- ووقف الامباشى [[أحمد حسين]] جاد أمام بيت المرشد فى الحلمية لاغتيالهولكن الخفير الخاص للشيخ [[البنا]] اشتبه فى أمره فأمسك به واقتاده إلى قسم الدرب الأحمر وهناك أبرز بطاقة الشرطة للمأمور فقال للخفير:


:" رضيت سلطات الأمن المصرية بتفسير أن الأسلحة لفسلطين أو تظاهرت هذه السلطات بالإقناع"!
- هذا تاجر مواشى ولا علاقة له بشئ!


'''قالت تقارير الأمن العام لوزارة الداخلية المصرية:'''
- وأفرج عنه.


:كان [[النظام الخاص|الجهاز السرى]] محكمة تنعقد لمحاكمة من يعتبرهم الجهاز خصوما [[للإخوان]] أو خونة فى حق الوطن والدين . وحين تصدر هذه المحكمة حكمها فإنها تختار بضعة من الشباب تتراوح أعمارهم بين الثامنة عشرة والعشرين.وتعد حجرة تضاء بشموع قليلة ويطلق فيها البخور بعبق بالحجرة . وتنطلق فى أرجائها  سحبة التى تضفى عليها رهبة المعبد وقداسته.
- وجلس [[أحمد حسين]] جاد فى سيارة المقدم محمد وصفى قائد حرس الوزارات فى شارع لامكلة عندما مر المرشد مع مصطفى مرعى وكان مقررا ن يطلق [[أحمد حسين]] الرصاص على الشيخ [[البنا]] ثم يفر فى سيارة محمد وصفى وكان المقدم عبد الرءوف عاصم واليوزباشى مصطفى علوان مستعدين للتدخل عند الضرورة ولكن الرائد حسين كامل صرخ فى [[أحمد حسين]] قائلا:


:ويؤمر الشباب بدخول الحجرة عند منتصف الليل.. بعد أن يخلعوا نعالهم ليجدوامنصة مرتفعة قليلا عن الأرض مفروشة بالسجاد , وعليها وسائد مغطاة بالسواد  يتكئ عليها شيخ يرتدى قلنسوة سوداء عيناه نصف مغمضتين وبيده مسبحة طويلة فيجسلون أمامه.
- امنع يدك.


:يمضى الشيخ فى همهمته وتمتمته. ويدير حبات المسبحة والبخور ينطلق والشيخ لا يزال مطرقا لا ينظر إليهم , وعيون الشباب تختلس النظر إليه.ويستمر الشيخ فى صلاته الخافتة قرابة نصف ساعة فتتعطل حواس الشباب عن التفكير فى أى شئ , حتى ينسوا أنفسهم.
- فقد خشى أن يجتمع الناس للقبض على القاتل


:يفتح الشيخ عينيه ويحدق فيهم طويلا فتنحسر من الرهبة أبصارهم كأن له عينا يشع منها '''"مغنطيس"''' عجيب.. إن تحديقه فيهم يحذرهم ويسلبهم القدرة على الحركة.والبخور يدغدع إحساسهم وكأنه يدخل رءوسهم لتخيم سحبه على عقولهم .
- قال شمس الدين الشناوى المحامى للشيخ [[البنا]]!


'''ويقوم الشيخ متثاقلا ويقول لهم:'''
- إن بعض شباب السعديين وعلى رأسهم فتحى عمر وكامل الدماطى اجتمعوا فى ناديهم وأقسموا على اغتيالك ثأرا للنقراشى. أريدك أن تحتاط. قال المرشد لعام:


:حان وقت صلاة الفجر.ويصلى ذاكرا فى صلاته آيات الذين يقاتلون فى سبيل الله فيقتلون ويقتلون ولهم الجنة.تنتهى الصلاة ويصمت الشيخ برهة ثم تدوى منه صيحة عالية.هل أنتم على استعداد للإستشهاد فى سبيل الله؟ يردون: نعم
- لقد منعونى حتى من السفر إلى الخارج.


:'''يقول الشيخ:''' وهل أنتم مستعدون لقتال أعداء الله " فيقولون : نعم
- فى كتابه " كنت جاسوسا على الجواسيس" قال الماجور سانسوم ضابط أمن السفارة البريطاينة.


:'''يقول الشيخ:''' هل تقسمون على الوفاء بالعهد؟
- قرر رجال البلاط الملكى والحكومة اغتيال [[البنا]] بعد مصرع النقراشى ولك يكن هذا قرارا جديدا لقد فكروا فيه منذ تبين لهم استحالة اتخاذ إجراء قضائى ضد  [[المرشد العام]].


:'''يقولون :''' نقسم.
- وكانت هناك اعتراضات على قرار اغتيال  الشيخ [[البنا]] فربما يكون ميتا – كشهيد – أخطر منه حيا . ولكن بعد مقتل النقراشى رئى اتخاذ هذه المخاطرة والأرجح أن القرار اتخذ فى القصر لا فى الحكومة


:يقدم الشيخ المصحف ليقسموا عليه . فيقول استودعكم الله . وموعدنا الجنة.يخرجون وفى عزمهم شئ واحد القتل".
- وكان الجزء الصعب من المهمة إقناع الرأى العام بأن الحكومة بريئة وأن [[البنا]] لا يستحق أن يكون شهيدا.


وهذه المحكمة كما تقول تقارير الأمن العام!هى التى قررت اغتيال المستشار [[حادث اغتيال الخازندار فى الميزان|أحمد الخازندار]]! ويقع انشقاق فى جماعة [[الإخوان]] فقد تحدى [[عبد الرحمن السندي]] [[المرشد العام]] فقرر القيام بأعمال دون الرجوع إليه .
- وقد بدأت الشائعات ضد [[المرشد العام]] قبل مصرعه إنه تلقى تهديدا بالقتل إذا فشى سر قاتل النقراشى للسلطت الحكومية".


كتب بعض [[الإخوان]] إلى الشيخ [[البنا]] يسألونه:ما رايكم دام فضلكم فى حالكم ظالم يحكم بغير ماأنزل الله ؟
- ويلتقى [[البنا]] يوم 10 من [[فبراير]] بالدكتور عزيز فهمى لمراجعة بعض قضايا
 
- [[الإخوان]] . سله ادكتور عزيز:
 
- هل معك سلاح؟
 
- أجاب : السلاح أخذوه .. والأخ سجنوه!
 
- وهكذا اصبح [[البنا]] ينتظر الموت. جردته الدولة من سلاحه الذى كان مرخصا له بحمله. وحرمته من الحراسة التى كانت مضروبة عليه فأصبح هدفا يؤمن الوصول إليه. فإن جمعية الشبان المسلمين هى المكان الوحيد الذى يدخله إذا غادر بيته.
 
- وفى أيامه الأخيرة التقى [[المرشد العام]] بدار الشبان المسلمين بالمستشار حسن الهضيبى الذى اختير بعد ذلك مرشدا عاما للجماعة.
 
- وكان الشيخ [[البنا]] يحس بأنه سيموت .. وعلى باب الجمعية أيضا.
 
حاول [[محمد الليثي]] أن يودعه عند  الباب وهو  ينتظر سيارة تاكسى تقله إلى بيته فقال له لمرشد:
أنت ذنبك إيه.. عندك أولاد ومتزوج.. ادخل يا بنى.
 
 
وكان الليثى أبا لثلاثة أطفال.
 
وقبل أربعة أيام من وفاته جلس [[المرشد العام]] فى جمعية الشبان المسلمين فالتقى بالشيخ محمد صبرى عابدين أمين سر الهيئة العربية العليا لانقاذ [[فلسطين]] سأله:ما رأيك فى هذه الحال .
 
وماذا تقترح أن أعمل لتفادى هذه المصائب قال محمد صبرى عابدين :
 
الدعوة فى محنة واختبار وليس لك إلا أن تعتصم بالصبر حتى يأذن الله بالفرج.
 
واقترح أن تعتكف فى منزلك أوفى مكان آخر.
 
ومن المؤكد أن المرشد  العام كان يعانى أقوى محنة مرت به خلال 21 سنة كانت الجماهير حوله, والقصر ورجال [[السياسة]] يتملقونه أو يعارضونه.
 
وكان يرى مليونى نسمة من  [[الجماعة]] يضمه [[النظام الخاص|الجهاز السرى]] والجميع مستعدون لافتدائه بأرواحهم.
ولكن أين هؤلاء الآن..
 
لقد  آمن بأن الدعوة ستمر بثلاث مراحل : جيل يستمع, وجيل يحارب ثم جيل ينتصر.
لقد اختفى المستمعون والمحاربون ولا تبدو علامات ظهور الجيل الذى سينتصر!
 
==الشهيد==
 
فتح بيان الشيخ لابنا بابا إلى حسن التفاهم بين [[المرشد العام]] ورئيس الحكومة فأوقف مصطفى مرعى بيع منقولات شعب [[الجماعة]] بالمزاد ولكنه رأى استمرار اعتقال [[الإخوان]] بعض الوقت.
 
وطلب من الشيخ [[البنا]] أسماء أعضاء الخطرين ومكان الأسلحة ومحطة الإذاعة السرية.
 
ويلتقى الرجىن مرة أخرى وكان الحديث بينهما فى اتجاهين متوزايين لا يلتقيان.
 
قال الشيخ ابنا:
 
الاعتقالات مستمرة بإسراف . وأريد الإفراج عن بعض المعتقلين لأعرف منهم الخطرين وأماكن السلاح.
وعد مصطفى مرعى ببحث طلبات الإفراج.
 
ولكن ... قرر عبد الرحمن السندى – أثناء وجوده فى السجن – أن يقوم الجهاز الخاص بإحراق المستندات التى ضبطت فى سيارة الجيب.
 
علم [[المرشد العام]] بذلك فكلف صلاح شادى بإبلاغ سيد فايز – الذى أصبح قائدا مؤقتا للجهاز – عدم القيام بهذه العملية . ولكن السندى رفض تنفيذ أمر المرشد.
 
سلم سيد فايز أحد السعاة قنبلة لوضعها داخل محكمة الاستئناف يوم 13 نم [[يناير]] [[1949]].
ضبطت القنبلة وانفجرت خارج المحكمة وأصيب 25:
 
قال أسعد محمود نائب رئيس محكمة النقض وكان وكيلا للنائب العام فى تلك  الأيام  إن الدكتور جمال عطية كان كاتبا فى النيابة وهو من [[الجماعة]] معه اوراق قضية السيارة الجيب ولكنه لم يسلمها للجماعة أو يتلف ورقة فيها حفاظا على سرية العمل .... وقد قبض عليه بعد ذلك فى قضايا [[الإخوان]]!
 
وقال الباقورى:" هذه المحاولة الحمقاء كانت سبب حرج شديد أخذ  امرشد لعام منافذ الفكر . وجعل الدنيا على سعتها أضيق فى عينيه من سم الخياط!
 
أعلن المرشد أمن مسئولية حادث المحكمة تقع على عاتق من قاموا به وليس على عاتق [[الجماعة]].
وقال المسئولون فى [[الجماعة]] إن المرشد فقد كل سلطان له على قيادة النظام الخاص. قال الفشيخ [[عمر التلمساني]]:
 
" كان السندى يتصرف فى بعض الأحيان تصرفات لا يقرها الأستاذ لبنا  وبلغت به القوة إلى حد أنه يضع نفسه فى مستوى قائد [[الجماعة]].
 
لقد أغرته القوة وأغواه الشيطان. ولم يرض رئيس [[الجماعة]] عن ذلك ووقع الخلاف بينهما.
وأى إنسان فى أية جماعة ينمو وتزداد قوته يوما بعد يوما . وقد لا يدرك خطره إلا بعد أن يصل أمره إلى منتهاه. وهو ما حدث , وقد فصل السندى من [[الجماعة]] فى عهد الهضيبى".
 
 
وعلى أية حال فإن الحادث أغلق باب التفاهم وفتح بابا للشر والفتنة ووصف [[صالح حرب]] [[المرشد العام]] فقال إنه – بعد حادث المحكمة – كان فى حالة تأثر شديد.
 
وقال الشيخ [[البنا]] ل[[صالح حرب]]:
 
ماذا أفعل . أأنتحر. كيف أصدر بيانا بالأمس أستنكر فيه هذه الأعمال فيجئ الولد المتهم – شفيق إبراهيم  أنس – ويعمل ذلك ماذا يقولون؟
 
ويتوسط [[صالح حرب]] لعقد اجتماع ثالث بين مصطفى مرعى و[[المرشد العام]]. ويجد الوزير من الأفضل أن يتم اللقاء على انفراد فى بيته دون حضور [[صالح حرب]].ابدى [[البنا]] أسفه لحادث المحكمة وقال: خرج  الأمر من يدى وهذا الحادث يعتبر من باب التحدى لى وإرهاب الحكومة ... وكرر طلبه بالإفراج عن المعتقلين.
رد مصطفى مرعى بحدة: معتقلين أيه.. بقى بعد الحادثة دى حد يقدر يتكلم فى حاجة؟ قال الشيخ حسن : المعتقلين ذنبهم إيه ما دام مجنون عمل كدا. قال مصطفى مرعى:
 
هذا دليل على أن كل الخطرين لم يعتقلوا بعد والسلاح لا يزال موافرا لديهم واريد أن ترشدنى إليهم وفى وسع الحكومة حمايتك.
 
وعد الشيخ بإجراء اتصالات ثم عاد ليجتمع – مرة رابعة – بالوزير الذى طلب منه معلوماته الشخصية عن  الخطرين والسلاح والإذاعة ثم يفرج عن المعتقلين بعد ذلك ولكن السفارة الأمريكية أكدت أنه لا توجد إذاعة سرية!طلب الشيخ [[البنا]] الإفراج أولا ليعرف من المعتقلين كل الأسرار ! ووعد بتهدئة الحالة.
قال : بعد الإفراج عن المعتقلين سأكون مسئول عما يحصل.
 
وجد مصطفى مرعى – بعد أربعة أجتماعات – أن الشيخ لم يكشف سر أحد  من رجاله رغم اغتيال النقراشى ومحاولة نسف المحكمة افستئناف وضبط أسلحة كثيرة.. ورفغم الإعتقالات الواسعة لأعضاء [[الجماعة]] أيضا.
 
وتتدخل عبد الرحمن عمار وكيل وزارة الداخلية لوقف هذه الاتصالات قال لمصطفى مرعى:يشيع الشيخ [[البنا]] أن هدف هذه الإجتماعات أن تكون الحكومة تفكر فى العدول عن قرار حل [[الجماعة]].
 
وتتوقف الاتصالات بين المرشد والوزير بعد آخر اجتماع بينهما فى 4 من [[فبراير]]  ولكن [[المرشد العام]] يحاول استئناف مساعيه للإفراج عن المعتقلين .
   
   
'''رد [[المرشد العام]] كتابة بالآية التى تقول: '''
كتب إلى إبراهيم عبد الهادى يقول:
 
" تفضلتم دولتكم فسمحتم لمصطفى مرعى أن يتقبل اتصالى بمعاليه ولازلت  أرجو أن تتفضلوا دولتكم بإقناع معالى مصطفى مرعى بمعادوة السير فى الطريق  الموفق الذى بدأه حتى نصل بإذن الله إلى غايتنا"
ولكن رئيس الوزراء لا يرد.


:" إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون فى الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض".
وفسر مرعة جهده فى الوساطة فقال:  


وكان [[عبد الرحمن السندي]] وراء طلب الفتوى دون الإعلان عن نفسه وهدفه منها ظهر يوم 22 [[مارس]] عام [[1948]] عندما اغتال [[حسن عبد الحافظ]] و[[محمود زينهم]] وهما من الطلبة الأعضاء فى [[الجماعة]] , المستشار [[حادث اغتيال الخازندار فى الميزان|أحمد الخازندار]] بينما كان يغادر منزله فى حلوان.
كنت السفير الداعى  إلى الهوادة والرفق والمطالب بحرية [[الإخوان]].قال [[محمد الليثي]] : " كان كل يرجوه [[المرشد العام]] فى تلك الأيام الإفراج عن المعتقلين ومنع  تعذيبهم. وكانت دموعه تنهمر وهو يتحدث عنهم. وكان يحس بغلظة المسئولين فى اسلوب تعاملهم معه وتهربهم من لقائه.


طارد رجال الشرطة المقاتلين وقبضوا عليهما.قالا إن [[حادث اغتيال الخازندار فى الميزان|أحمد الخازندار]] أصدر حكما  بالسجن عشر سنوات على أخ فى [[الجماعة]] لمهاجمة مجموعة من الجنود البريطانيين فى أحد الملاهى الليلية ب[[الإسكندرية]] عام [[1946]].
زار [[المرشد العام]] [[مكرم عبيد]] باشا رئيس حزب الكتلة وجرى بين الاثنين حديث عن الانفجارات والعمليات التى قام بها بعض شباب [[الإخوان]].


رأى الدكتور [[محمود عساف]] , [[المرشد العام]] وهو يعاقب أو يحاكم السندى على إغتيال [[حادث اغتيال الخازندار فى الميزان|أحمد الخازندار]].وتعلل السندى بأن فتوى [[المرشد العام]] ضد الحاكم الظالم تجيز قتله.
أخرج الشيخ [[البنا]] مصحفا من جيبه وأقسم عليه أنه لا يعرف شيئا عن هذه الحوادث .. وأن من يؤتكب حوادث إجرامية كتلك هو رجل لا دين له فإن الأديان جميعها تحرم القتل ووسفك الدماء.
أجابه [[مكرم عبيد]] بأنه يثق فى ضمير [[المرشد العام]] وبراءة يده وإيمانه بالله ولكن [[مكرم عبيد]] كان خارج الوزارة وحزبه لا يشترك فيها!


'''قال الشيخ [[البنا]]:'''
تضاعفت مؤامرات الأجهزة الحكومية ضد الشيخ.


:بربك كنت أقصد بالحاكم الظالم مثلا يزيد بن معاوية...
بعث اللواء أحمد طلعت 3 مذكرات إلى وزارة الداخلية يقول فيها يدبر [[البنا]] اجتماعا خطيرا ولابد من اتخاذ إجراءات.


'''وأضاف: '''
قطعت لمفاوضات بين الحكومة و[[المرشد العام]] الذى يستعد للسفر خارج [[القاهرة]].


:الحاكم المسلم يطبق القانون والقانون هو الظالم لا القاضى كما هو الحال بالنسبة للمستشار [[حادث اغتيال الخازندار فى الميزان|أحمد الخازندار]].
جرت مكالمة تليفونية بين الشيخ [[البنا]] وأحد الأشخاص تدل على أن فى نية النبا اغتيال ثلاثة من كبار  رجال الحكومة .


'''وقال أيضا:''' الحاكم هو الذى  يطبق القانون ولا تطبقه الرعية.
ولم يفطن الحكمدار إلى أن تليفون منزل [[البنا]] قطعت عنه الحرارة ... ومن غير المعقول ا، تكون الرقابة قد وضعت على كل تليفونات جمعية الشبان المسلمين التى يتكلم منها [[البنا]].. بفرض أن تقرير الحكمدار صادق عن مضمون المكالمة!


ويعترف الشيخ الباقورى بأن السندى اتخذ قرارا منفردا بقتل الخازندار ولكن من الواضح أن بعض [[الإخوان]] كانوا يؤيدون هذه العملية ضد الخازندار نفسه.. وربما لإرهاب باقى رجال القضاء إذا قدم إليهم  متهمون من أعضاء [[الجماعة]].
ويلتقى الملك خطابات تهديد بالقتل من [[الإخوان المسلمين]] .. وقد يكون أعضاء [[الجماعة]] هم الذين بعثوا بهذه الخطابات أو تكون أجهزة الأمن لحكومية فعلت ذلك لزيادة الضغط على صاحب الجلالة!


'''قال لى [[فهمي أبو غدير]] المحامى:'''
راى الشيخ [[البنا]] أن يوسط وزيرا آخر يعرفه هو محمد زكى على باشا وزير الدولة – الذى يمثل [[الحزب الوطني]] فى الوزارة – فاجتمع به فى منزله , وفى جمعية  الشبان المسلمين.


:لو كنت فتيا قويا لقتلت الخازندار .
قال زكى على باشا:


'''وأضاف : '''
الحكومة معذورة فيما تتخذ من إجراءات للمحافظة على أموال الناس وأرواحهم من بعض الشبان المنتمين للجماعة.


:اعتدى رجل فى [[أسيوط]] على طفل اعتداء مشينا فحكم الخازندار على المتهم الحبس سنة مع وقف التنفيذ.وأصدر حكما بسجن لأم ثلاث سنوات لأنها قتلت ابنتها التى رفضت مصاحبة أحد الأثرياء .
قال [[المرشد العام]]:


:وهذه الأحكام الهينة تقابلها أحكام قاسية على الذين يريدون عزة [[مصر]] بقذف [[الإنجليز]] بالقنابل. إن الخازندار  يحل قتله فهو يقتل دعوة تضم الملايين !
هم من طائفة من لاشبان يعملون لحسابهم من غير أن أشير عليهم بشئ وقال :


'''ويضيف أبو غدير:'''
إنى مراقب ولا أتمتع بحريتى وعلى إستعداد لمغادرة [[مصر]] إذا رغبت  الحكومة  وأضاف الشيخ: أحب أن  تكلم رئيس الوزراء فيما يتعلق ب[[الإخوان]] حاول وزير الدولة أن يتخلص من مهمة الوساطة بعد فشل مصطفى مرعى ولمناخ العدواة السائد فىمجلس الوزراء ضد [[الجماعة]] ومرشدها العام.


:إن مجلس إدارة [[النظام الخاص|الجهاز السرى]] وافق على الإغتيال . قلت : وما موقف الشيخ [[البنا]] من هذه الجريمة؟ قال: نسب الشيخ [[البنا]] أنه قال '''" ربنا يريحنا من الخازندار " أو" ربنا ينتقم منه" وذلك بعد إصدار الأحكام العنيفة ضد شباب [[الإخوان]]"'''
قال:


'''واضاف:''' ولكن الشيخ لم يأمر ابدا بقتل الخازندار ولم يعلم به قبل وقوعه استجوب [[المرشد العام]] فى اتحقيق ثلاث ساعات قال الشيخ [[البنا]] إنه لم يأمر بالجريمة ولم يشر بها, ولم يشجع عليها , أو يرضى  عنها بتصريح أو تلميح.
لست مختصا.


'''قال [[التلمساني]]:'''
قال الشيخ:


:كان الشيخ [[البنا]] فى [[المركز العام]] [[للإخوان]] بالحلمية الجديدة يوم اغتيال الخازندار وقد تألم كثيرا عندما سمع بالحادث وأحس بضيق لأن هذا الطيش ينعكس على [[الإخوان]] ويعطى للعالم صورة سيئة عنهم.
أنا مضطهد وكل [[مكتب الإرشاد]] معتقل ولا يوجد ما يدعو لاعتقاله رأى زكى على باشا تحت إلحاح [[المرشد العام]] أن يتوسط. اتصل بإبراهيم عبد الهادى قال له:


واجتمعت قيادات [[الإخوان]] على أن الغضب الألم أخذا من المرشد كل مأخذ بعد اغتيال الخازندار.قال إنها جريمة بشعة تؤدى إلى تدمير [[الجماعة]] التى قضى عمره فى بنائها وأن الرصاص الذى أطلقت على الخازندار إنما أطلقت على صدره هو وهى نفس كلمات [[سعد زغلول]] عندما سمع بإطلاق الرصاص على السردار البريطانى  السير لى ستاك.. فإن اغتيال السردار أدى إلى استقالة وزارة [[سعد زغلول]] وسحب الجيش المصرى من [[السودان]].
- إذا كان [[المرشد العام]] حسن النية يذكر لنا أسماء الأشخاص الذين يشك فى وجود أسلحة لديهم, ويرشد عن محطة الإذاعة السرية التى تذيع فى السابعة صباحا كل يوم.


حكم على المتهمين ياغتيال الخازندار بالأشغال الشاقة المؤبدة وتتابعت الانفجارات.فى 25 من [[أبريل]] جرت محاولة لنسف بيت [[مصطفي النحاس]] وقالت تقارير المخابرات البريطانية:'''" هناك شئ من الشك حول ما إذا كان [[الإخوان]] متورطين فى هذا الحادث"'''.
- أبلغ الوزير الشيخ [[البنا]] بذلك فردد جوابه التقليدى. لا أعرف شيئاعن محطة الإذاعة. وللإخوان شعب كثيرة . وأريد الاتصال بالمعتقلين للتفاهم معهم ومعرفة أسرارهم.


وثبت فيما بعد أن رجال الملك السابق هم الذين قاموا بهذه المحاولة أعلنت الأحكام العرفية يوم 13 من [[مايو]] [[1948]] وفى 15 من [[مايو]] دخلت القوات العربية [[فلسطين]].
- عاود زكى على الإتصال برئيس الوزراء الذى رفض الإفراج  عن أعضاء [[مكتب الإرشاد]].


ووقع الحادث الأول من سلسلة الانفجارات فى الممتلكات اليهويدة فى 20 من [[يونيو]] الحى اليهودى ب[[القاهرة]] فاشتعلت النار فى بعض منازل الحى ردا على مذبحة دير ياسين ب[[فلسطين]] فى 9 [[أبريل]].
- واتصل الوزير بعبد الرحمن عمار الذى طلب إقرار من الشيخ يدعو فيه أنصاره ومؤيديه إلى محاربة كل من يخرج عن القانون.


'''ويبعث تشابمان أندروز إلى لندن بعد 48 ساعة يقول:'''
- قال الشيخ:


:" يبحث رجال الشرطة عن [[البنا]] زعيم [[الإخوان]] لسؤاله عن هذا الانفجار".
- كتبت بيانا تحت عنوان " ليسوا إخوانا وليسوا مسلمين" سلمته إلى محمد الناغى وهو عضو مؤسس لجمعية الشبان المسلمين وسكرتير مجلس إدارتها.


مما يدل على شكوك السفارة والشرطة فى دور [[الإخوان]]... خاصة أن تقارير المخابرات البريطانية قالت إن اسرة غير يهودية تقيم فى الحى حذرت وأنذرت قبل الحادث بيوم كامل وتركت المنطقة.
ويعود الوزير يعرض الأمر مرة أخرى على رئيس الوزراء الذى طلب أن يحدد الشيخ [[البنا]] هؤلاء المعتقلين , غير الخطرين , فقدم [[المرشد العام]] أربع قوائم... وطلب عدم نقل أصحابها من معتقل " هاكستيب" القريب من [[القاهرة]] إلى الطور كما قررت الحكومة.


وفى 6 من [[يوليو]] اكتشف مستودع من الجلجنايت مزود بجهاز تفجير زمنى تحت السلم فى مكتب وكالة حكومة [[السودان]] ... التابعة للإنجليز.
راجعت وزارة الداخلية القوائم واستبقت الأسماء المندوبة فى قائمتين فقط ونقلت الباقين إلى الطور! ويلتقى  زكى على باشا بالشيخ [[البنا]] فى صلاة الجمعة ويطلب منه العمل من جانبه على تهدئة الحالة والتخلص من العناصر الخطرة.


'''وقالت المخابرات البريطانية'''
أجاب الشيخ : ينبغى تحسين حالة المعتقلين من الموظفين والعمال ماديا حتى لا يعتبر اعتقالهم إجراء انتقاميا.


:" وربما يكون [[الإخوان]] هم الذين قاموا بذلك".
وعد الوزير بذلك بذلك وطلب من محمد الناغى أن يتحدث إلى رئيس الوزراء فى هذا الشأن.
ومحمد الناغى مولود بالزرقاء مركز فارسكور – بلدة إبراهيم عبد الهادى – ويميت إليه بصلة بقرابة – ابن خالة رئيس لاوزراء – وصلته بالشيخ [[البنا]] قديمة ترجع إلى عشرين عاما .  
قال زكى باشا للناغى:


وفى 9 من [[يوليو]] استؤنف القتال بعد انتهاء الهدنة الأولى فتسفت محلات يهوديين '''"شيكوريل"و"أركو"''' فى اليوم ذاته.وفى 28 من [[يوليو]] وقع انفجار بمحلات '''" دواد عدس"''' للأقمشة بشارع عماد ادين.
الشيخ [[البنا]] على استعداد للإرشاد عن أماكن الأسلحة والمفرقعات ومحطة الإذاعة السرية إذا عاونته الحكومة فى الإفراج عن المعتقلين الذين لاغبار عليهم.


وفى أول [[أغسطس]] نسفت محلات يهودية أخرى '''" بنزايون"''' بشارع قصر النيل و'''" جاتينيو"''' بشارع [[محمد فريد]] , وجرح 28. وفى 3 من [[أغسطس]] انفجر مبنى شركة أراضى الدلتا بالمعادى فى ضواحى [[القاهرة]] ومحطة تلغراف ماركونى التى أعتبرت مركزا للإتصالات اليهودية ردا على قرار الهدنة فأصيب ثلاثة.
قال محمد الناغى : هل تأذن لى ابلاغ ذلك لرئيس الوزراء؟


'''بعث جيفرسون باترسون القائم بالأعمال الأمريكى إلى واشنطن يوم 13 من [[أغسطس]] يقول:'''
لم يمانع زكى على فتوجه الناغى غلأى بيت رئيس الوزراء فى التاسعة من صباح السبت 12 من [[فبراير]] . وابلغه بذلك فوافق الوزراء على أن يقابل الشيخ [[البنا]] أعضاء مجلس الإرشاد يوم الإثنين 14 من [[فبراير]] ... أى بعد 48 ساعة.


:ويذكر حيدر باشا أحيانا على أنه المسئول عن حوادث الانفجار ولكن لا يوجد دليل إيجابى يؤكد ذلك".
عاد الناغى إلى جمعية الشبان المسلمين فى الواحدة بعد الظهر ليقول ل[[محمد الليثي]] سكرتير قسم الشباب بالجمعية.


وقع انفجار يوم 24 من [[أغسطس]] فى مطار [[الإسكندرية]] بينما كانت طائرة [[النقراشي]] القادمة من [[القاهرة]] تستعد للهبوط . ولم ينشر النبأ فى الصحف ولكن السفارة البريطانية سجلت الحادث فى برقياتها.
أريد مقابلة الشيخ [[البنا]]


وفى 23 من [[سبتمبر]] تعرض الحى اليهودى حارة [[اليهود]] مرة أخرى لإنفجار عنيف قتل 20 واصيب 61.وفى 28 من [[سبتمبر]] وقع انفجار بمصنع للزجاج بحلمية الزيتون تملكه '''" محلات شيكوريل"'''.وفى 8 من [[أكتوبر]] ضبط مخزن أسلحة فى عزبة الشيخ [[محمد فرغلي]] قائد كتائب [[الإخوان]] عند [[الإسماعيلية]]
أجاب الليثى: ليس عنده تليفون . أرسل أحدا من السعاة لاستدعاائه. هذه مسألة هامة جدا.
اذهب أنت غليه . اعتذر الناغى وأصر على أن يقوم الليثى بالمهمة.
يمكننى الذهاب ولكنى أخشى القبض علىّ


'''قالت القنصلية البريطانية فى [[بور سعيد]]:'''
قل لرجال الشرطة إنك قادم من طرفى...


:لم يعثر على أسلحة فى مقار [[الإخوان]] فى [[بورسعيد]] أو [[الإسماعيلية]]. ولكن رجال خفر السواحل كانوا يغتشون العزب القريبة من [[الإسماعيلية]] بحثا عن الحشيش فوجدوا كمية كبيرة من الأسلحة والمتفجرات فى عزية الشيخ محمد وعلى بعد 14 كيلو مترا من [[الإسماعيلية]]. وكانت الأسلحة فى مخبأ تحت الأرض مبنى بالخرسانة وتعتقد سلطات الأمن المصرية أنه يوجد عدد من مخابئ السلاح المماثلة فى أنحاء مختلفة من [[مصر]]".
يقصد بذلك أن الشرطة تعرف لإبراهيم عبد الهادى باشازأضاف الناغى:


وعلى الفور صدر أمر عسكرى  فى 28 من [[أكتوبر]] بحل شعبتى [[الجماعة]] فى [[الإسماعيلية]] مهد الحركة و[[بور سعيد]] وإغلاق مقار [[الإخوان]] بهما. وانتاب البوليسالشك أيضا فى أن [[الإخوان]] ألقوا قنبلتين يدويتين على منزل [[عبد الفتاح عمرو]] باشا فى 2 من [[نوفمبر]]..
نريد إنهاء موضوع الشيخ حسن. والأمر فى يده الآن. وان أخلع ملابسى إلا بعد أن تخبرنى بالنتيجة.
غوجئ الشيخ برؤية الليثى فى بيته. وكان يجلس إلى " طبلية" ليتناول الطعام الغداء.
قال [[المرشد العام]] فى دهشة:


قبض رجال الشرطة على 350 من أعضاء [[الجماعة]] فى [[القاهرة]] يوم 4 من [[نوفمبر]] لمنعهم من القيام بمظاهرة احتجاجا على اغرق شعبتى [[الجماعة]] فى [[الإسماعيلية]] و[[بورسعيد]].
ما الخبر؟ يبدو أن هناك أخبارا سارة لدى الأستاذ المراغى ويريد حضورك ويريد حضورك لإبلاغك بها .
قال [[البنا]]: اية أخبار سارة تلقيت الآن أن الشيخ النبراوى الذى فكرت فى الإقامة عنده أعتقل أمس.. وقد اخترته  لأنه فى الثمانين من عمره حتى لا يفكروا فى أنى أدبر أمرا معه.


وألقيت قنا]بل على مكاتب الصحف الأجنبية فى [[مصر]] يوم 11 من [[نوفمبر]] [[1948]].ومن البداية طبقا لما يقوله تقرير المخابرات البريطانية تشكك البوليس المصرى فى [[الإخوان المسلمين]] فمنذ اللحظة الأولى التى اتضح فيها أن [[مصر]] ستقوم بشن حرب ضد دولة إسرائيل لم يضع [[الإخوان]] أية فرصة للتنديد العنيف ب[[اليهود]] ... وحاولوا بكل الطرق إثارة الشعب ضدهم.
رفض [[المرشد العام]] الحضور فقد وجد أمامه مؤامرة جديدة وأحس بأ، الحكومة غير جادة فى الوصول إلى حل.
ألح الليثى : تعلق الشيخ بشعاع الأمل فيما يمكن من جهد فى سبيل المعتقلين قال
خلاص ياسيدى . نروح.


وكان ذلك واضحا بصفة خاصة بعد الغارة الجوية التى وقعت فى 15 من [[يوليو]] [[1948]] حين سقطت قنابل من طاشرة معادية وأصابت عددا من الضحايا.. بعضهم إصابته قاتلة بين السكان المصريين فى [[القاهرة]].
وسرح قليلا ثم اضاف: لتكن آخر مرحلة.


وبعد الغارة الجوية بفترة قصيرة طبقا لتقارير المخابرات البريطانية تلقى الحاخام الأكبر مكالمة تليفونية من شخص يعتقد أنه من [[الإخوان]] يحذره من أن [[الإخوان]] قرروا الانتقام من كل المؤسسات اليهودية فى [[مصر]] وينتاب [[مصر]] كلها ... الرعب!
وبدا على الشيخ [[البنا]] اليأس وهو يعلن موافقته على أن يكون فى مقر الجمعية فى الموعد المحدد : الخامسة مساءا.


==ساعة المواجهة==
وأبلغ الليثى ... محمد الناغى بذلك.قال [[البنا]] لزملائه كما لو كان يتنبأ" إن عدم قيام الحكومة باعتقاله دليل رسمى على نية الحكومة قتله".


نفذ [[الإخوان]] كما قال رجال الشرطة تهديداتهم ضد أكبر وأخطر المؤسسات اليهودية فى [[مصر]].
قال للشيخ الباقورى : إنى سأختفى !ّ سأله :


:" وفى 12 من [[نوفمبر]] [[1948]] أمر السندى بنسف مكتب مطابع الشركة الشرقية للإعلان الإنفجار عنيفا فاهتزت الممبانى المجاورة للشركة واعترف نمؤلفو [[الإخوان]] بعد ذلك بأن [[الجماعة]] مسئولة عن نسف شركة الإعلانات الشرقية وقالوا إن [[عبد الرحمن السندي]] هو الذى أمر بالنسف وحاولوا تخفيف المسئولية فقالوا إن النسف تم وقت الراحة حتى لا يصاب احد واعترفوا بأن [[الإخوان]] فجروا المخازن السرية  للمفرقعات فى حارة [[اليهود]]
مذاتقصد فإنى لا افهم ؟ أجاب:


'''وبرر [[فهمى أبو غدير]] هذه الأحداث بعد وقوعها بأكثر من ثلاثيت عاما فقال:'''
قد أغيب غيبة طويلة. ومن يدرى فلعلنا لا نجتمع بعد ذلك واستدرك الشيخ [[البنا]] قائلا:


:شركة الاعلانات شركة يهودية وكل ما تفعله تشكيك الناس فى [[الإسلام]]! وعرض [[النقراشي]] مكافأة 10 آلاف جنيه لمن يرشد عن مرتكبى الانفجارات على دور الأعمال اليهودية ولكن الفاعلين ظلوا مطلقى السراح كما يقول تشابمان أندروز.  
رأيت فى ليلة واحدة رؤيا تكررت مرتين قبل الفجر . وكنت ى كل مرة أقوم من النوم وأستعيذ بالله من الشيطان الرجيم . ولكنى رأيتها مرة ثالثة فى الليلة نفسها فلم اشك فى أنها رؤيا حق.


'''قال الكاتب السوفييتى سيرانيان:'''
رأيت أنى أمسك بزمام ناقة يركبها أبو بكر الصديق _ رضى الله عنه – ثم إذا بيد تمتد إلى زمام الناقة فتأخذه من يدى فعلمت أن مهمتى قد انتهت . وأنى لابد أن أغيب.


:" اشتعلت نيران حرب حقيقة بين الحكومة و[[الجماعة]].ودبر [[الإخوان]] عدة هجمات فى [[القاهرة]] فى وقت واحد على مكاتب ومراكز المراسلين الصحفيين لبعض الصحف الأجنبية.وفجروا العديد من المبانى فى أحياء [[القاهرة]] المختلفة مما نجم عنه الكثير من الضحايا الأبرياء والخسائر المادية الفادحة".
وردد الشيخ [[البنا]] هذه الرؤيا ل[[محمد الليثي]] وقال له: رأيت أبو بكر الصديق يقول لى إنك ستقتل اليوم.


:ورأت السلطات المصرية والبريطانية أن توجه اهتماما أكبر لنشاط [[الإخوان]] وتمكن البوليس المصرى من تأكيد شكوكه حول مسئولية [[الجماعة]] وكانت نقطة التحول سيارة '''" جيب"'''! بدأ رجال الشرطة يفتشون بيوت [[الإخوان]] المشتبه فيهم عقب حادث انفجار شركة الإعلانات الشرقية التى يملكها [[اليهود]] فخاف قادة [[النظام الخاص|الجهاز السرى]] .
جاءت الساعة!


:ووضعوا كل الأوراق والسمتندات فوق سيارة '''" جيب"''' اتجهت مساء اليوم التالى 13 من [[نوفمبر]] [[1948]] إلى بيت أحد أعضاء الجهاز فى حى العباسية وكان مراقبا رأى جنديا شرطة أربعة شبان يرتدون الملابس المدنية داخل السيارة التى لا تحمل أرقاما فاقترب من السيارة.
طب الشيخ [[البنا]] من صهره . عبد الكريم منصور المحامى أن يصحبه إلى جمعية الشبان المسلمين. عارض عبد الكريم لمرضه.وأخذ أولاد الشيخ يبكون ويطلبون إليه عدم الذهاب وكأنهم يتوقعون شرا وقال والده


'''ارتاع أحدهم وهو السائق فترك السيارة وفر هاربا فأخذ الجندى يصرخ قائلا:'''
– 65 سنة- المأذون الشرعى لقسم الدرب الأحمر: لا تخرج فليس معك سلاح.
رد قائلا: الأعمار بيد الله


:يهودى .. صهيونى. تجمع الناس واخذوا فى ضرب من بالسيارة ثم قبضوا على الشبان الثلاثة وبتفتيش سيارة الجيب بواسطة البوليس اتضح أنها تحمل 28 مسلما ورشاشا ومدفعا '''" برن"''' و2700 قطعة من الذخيرة و48 قنبلة يدوية وصندوقين من الجلجنايت.. '''(أحدهما مرتبط بجهاز تفجير زمنى)''' وكمية من الخناجر.
وأصر على الخروج قائلا:


:وأدى استجواب الشبان الثلاثة ورابعهم الذى ثم القبض عليه بعد فترة قصيرة إلى العثور على عدد من الوثائق شملت رسوم وخرائط المبانى المختلفة مثل السفارات الأمريكية والفرنسية والبريطانيةومنازل النحاس و[[النقراشي]] و[[إسماعيل صدقي]] و[[شريف صبري]] و[[مكرم عبيد]] وعبد الرحمن عمار وعبد الفتاح عمرو وحسن فهمى رفعت وكيل الداخلية السابق وكل أقسام الشرطة وتم العثور على خريطة الشركة الشرقية للإعلان ومبانيها.ووجدت بالسيارة شفرة [[الإخوان]] وخططهم السرية والأهداف التى يزمعون مهاجمتها أو تفجيرها.
هذه رسالة أؤديها.


:'''السفارة الفرنسية:''' كان مقررا إلقاء القنابل عليها يوم 15 من [[نوفمبر]].
ومرة أخرى نصحه عبد الكريم منصور بعدم الذهاب فأصر الشيخ قائلا ساخرج وحدى.


:'''السفارة ألأمريكية:''' 12 أو 22 من [[نوفمبر]].
تحامل عبد الكريم على نفسه. وخرجا معا ليلاحظ المحامى أن شخصا يقف بدراجة أمام البيت ثم ينطلق بها عندما لمحهما. لفت نظر الشيخ الذى طلب عدم الإهتمام بهذا الأمر.


وثبت من الوثائق المضبوطة أن [[الإخوان المسلمين]] هم المسئولون عن حوادث الانفجارات التى وقعت فى [[القاهرة]] خلال الشهور الستة الأخيرة.واعترف الشبان بأنهم نفذوا الهجمات التى تعرضت لها بعض المنشآت وأظهرت هذه الوثائق أسماء أعضاء [[النظام الخاص|التنظيم الخاص]] ورئيسه [[عبد الرحمن السندي]] وتولى [[سيد فايز]] قيادة التنظيم بصفة مؤقتة.  
مشيا معا حتى ميدان الحلمية الجديدة فوجدا سيارة تاكسى بها مخبر فرفض عبد الكريم ركوبها.


لم تعلن الحكومة عن ضبط سيارة الجيب إلا بعد 48 ساعة حتى استطاعت  القبض خلال تلك الساعات على 32 من قيادات التنظيم وبينهم السندى وانكشف [[النظام الخاص]] بسقوط سيارة الجيب فى قبضة رجال الأمن العام .
انطلقت بهما سيارة تاكسى أخرى فلاحظ المحامى أن سيارة تتبعهما حتى باب جمعية الشبان المسلمين... وبها بعض المخبرين . أبدى شكه ولكن [[البنا]] أخذ يطمئنه قائلا: لابد أنها إحدى سيارات الشرطة التى تراقبنا!
ظهر الضيق على وجه الناغى عندما تأخر [[المرشد العام]] دقائق عن موعده .  


'''بعث جيفرسون باترسون القائم  بالأعمال الأمريكى إلى واشنطن البرقية رقم 11 قال:'''
فلما جاء جلسا معا فى مكتب الناغى الذى يقع فى الدور الأول من مبنى الجمعية ويمكن للمارة فى الطريق أو أى مراقب أن يشاهد كل ما يجرى داخل المكتب وتحركات الجالسين فيه... ويراهما وهما ينصرفان.


:" صودر بيان وجد ضمن الوثائق التى عثر عليها فى عربة تحتوى على أسلحة ومفرقعات فى مؤامرة تضم مجموعة من ضباط الجيش يعتقد أنهم كانوا يتآمرون ضد الحكومة.وليس معروفا إذا كان هذا البيان الذى يحمل توقيع '''"ضباط الجيش"''' هو فعلا من وضع ضباط الجيش أم من عناصر أخرى.
عرض الناغى على [[المرشد العام]] ما قاله رئيس الوزراء فكان تعليق الشيخ [[البنا]]:
أنت رجل طيب تسمع وتصدق. من أين آتى لهم بالأشياء المطلوبة وأنا مكتوف الأيدى وجميع إخوانى وأنصارى معتقلون ولا أستطيع الإرشاد عن محطة الإذاعة السرية , ولا أجمع السلاح ولا أعرف مكانه . وكنت أريد أن أعرف ذلك من رجال الجمعية المعتقلين. وما داموا معتقلين فكيف أرشد عن هذه الأشياء؟


'''يقول البيان تحت عنوان " اللهم القوة والنصر والوحدة":'''
قال الناغى: فهمت أمس – الجمعة – من زكى على باشا أنكل على استعداد لتسليم ذلك بدون شروط.
وكيف أجدها إلا بعد الإفراج عنهم.


:إن حملة [[فلسطين]] اظهرت " الحاجة مستقبلا  إلى الإهتمام وبذل  الجهود لتقوية الجيش".
رغب الناغى فى الاتصال بزكى على باشا لمعرفة ما تم فى أمر القوائم التى طلب الشيخ [[البنا]] الإفراج عنها ولإبلاغه الموقف خاصة أن [[المرشد العام]] يضع الإفراج شرطا لتقديم المعلومات أو وسيلة لجمع المعلومات.


:ويهاجم البيان [[النقراشي]] باشا لأنه '''" لم يكن يميل للحرب"''', كما يهاجم بشدة اللواء المواوى بك القائد لامصرى السابق فى الميدان, وينتقده لخسارته المعركة وتركه الجيش فى حالة يؤسف لها.
لم يجد الوزير  فى منزله فبقى الناغى و[[المرشد العام]] فى الإنتظار . وأديا صلاتى المغرب والعشاء معا ثم جلسا فى مكتب الناغى يتحدثان فى شئون [[الإخوان]].


:ويرى كاتب البيان أن هناك دليلا على وجود موظفين يهود فى سكرتارية الوفد المصرى فى الأمم المتحدة يتصلون ب[[اليهود]] الصهاينة لتأخير المعلومات , وفى عدم مصادرة ممتلكات بعض [[اليهود]] المصريين قبل فوات الأوان, وفى دعوة أحد أعضاء مجلس الشيوخ المصرى لعقد سلام منفصل وهى إشارة لرئيس الوزراء السابق إسماعيل صدقى.
كان الحديث بين الرجلين – كما قال الشيخ لليثى بعد ذلك – معادا لا جديد فيه... فالحكومة تطلب أسماء حائزى السلاح ومكان الإذاعة السرية بينما يصر الشيخ على أنه لا يعرف شيئا ولابد من الإفراج أولا عن بعض المعتقلين للصحول على المعلومات المطلوبة.


:أما حالات الفشل الأخرى '''" التى يتحملها الساسة المصريون الذين صنعتهم الأمبريالية فتتضمن : الضرائب غير الملائمة والسيطرة غير الكافية على الصحافة المصرية"'''.
عاود الناغى الاتصال بزكى على باشا فلم يجده.


'''ويمضى البيان قائلا:'''
قال الشيخ :


:" إننا سنعارض ونحارب [[الإنجليز]] و[[اليهود]] وأدواتهم لتأمين مستقبل [[مصر]] من أن يتلاعب به أولئك الذين لم يمنعهم كبر سنهم من بيع [[مصر]] وخيانتها".
أنت تعلم  أنى فى الستين وصحتى لا تحتمل السهر. ولن يعود الباشا إلى بيته قبل التاسعة والنصف.  


'''ويتوجه فيليب ايرلاند السكرتير الأول بالسفارة الأمريكية إلى عبد الرحمن عمار وكيل وزارة الداخلية  يسأله يوم 19 من [[نوفمبر]] عن الحوادث الأخيرة فقال عمار:'''
فأرجوا أن تأذن لى بالإنصراف, على أن نلتقى صباح غد:وكان غريبا أن يصر الناغى على الإنصراف حوالى الثامنة مساء ولا ينتظر تسعين دقيقة أخرى لحل مشكلة ضخمة تتعلق بتسليم السلاح , ومحطة الإذاعة السرية .


:عرف البوليس منذ فترة طبيعية العنف السياسى [[للإخوان المسلمين]] ولكن الذى عرقل حركة الشرطة أن عددا كبيرا من موظفى الحكومة انضموا إلى [[الجماعة]] أو قدموا  الحماية لها.وقال عمار إنه مقتنع بأن [[الإخوان]] هم المسئولون عن حوادث الانفجارات التى وقعت فى اعامين الأخيرين.
والإفراج عن بعض معتقلى [[الإخوان]] وهى أمور تحدث فيها إلى رئيس الوزراء!
غادر الناغى الجمعية عائدا إلى بيته واستعد الشيخ [[البنا]] للانصراف فلم تكن هناك أخبار سارة لدى الناغى, ولم يكن هناك ما يدعو للإحاج على الشيخ بالحضور إلا أن يكون رئيس الوزراء – أو أحد آخر – قد أصر على استدعاء [[المرشد العام]] إلى دار الجمعية!


وقال إن الشيوعيين توغلوا فى صفوف [[الإخوان]] و[[مصر]] الفتاة والوفد ويمول  السوفيت [[الإخوان]] بالمال وإن كانت [[الجماعة]] تزعم لأعضائها أن السلاح اشترى بالموال التى جمعت من اشتراكاتهم .


ويعرف رجال الشرطة أن [[الإخوان]] و[[مصر الفتاة]] قاموا بتخرين كميات ضخمة من السلاح..ومن المحتمل أن [[الإخوان]] استخدموا خبراء أجانب فى المفرقعات. وقال إنه حذر الشيخ عدة مرات ليكبح جماح أعضاء [[الجماعة]]


'''وقالت تقارير المخابرات البريطانية:'''
ولم يشك الشيخ [[البنا]], أو صهره عبد الكريم منصور فى الناغى , وظل عبد الكريم منصور مؤمنا بأن الناغى لا يدبر جريمة وأنه رجل برئ , وربما يكون قد كتم عن [[المرشد العام]] بعض أقوال رئيس الوزراء...


:" [[الإخوان]] مسئولون إلى حد كبير عن غثارة الهجمات التى تعرض لها الأجانب. وقد اختلفت الوسائل التى تمت بها الانفجارات .. ولكن بشكل طفيف كان يتم شحنة من الديناميت  إلى المنطقة المختارة بواسطة تاكسى أو سيارة أو رسائل النقل الأخرى مثل '''" الترسايكل"''' وتترك بجهاز تفجير زمنى مرتبط بها .. وفى كل حالة كان الجناة يجدون وقتا كافيا للهرب".
وكان كل ما حمله الليثى والناغى إلى [[المرشد العام]] فى ذلك المساء... دعوة للموت!


عاد الشيخ [[البنا]] من الحج يوم 28 من [[نوفمبر]] فقصد إلى القصر الملكى وقيد اسمه فى سجل التشريفات معتقدا أنه يستطيع تسوية الأمور!
أصر عبد ارمانيوس على ان يحتسى المخبر [[أحمد حسين]] الخمر بعد ظهر السبت 12 من [[فبراير]] [[1949]].
ولم يسبق لعبده امانيوس أن وجه مثل هذه الدعوة إلى  المخبر... ولكن التفسير الوحيد رغبة الضابط فى تشجيع المخبر ليقوم بمهمة خاصة, أو أن يفقد الوعى السليم فيقوم بالمهمة الخاصة!
فى الثامنة إلا ربعا من مساء السبت 12 من [[فبراير]] طلب العقيد محمود عبد المجيد من سائق سيارته محمد محفوظ – 38 سنة- أن يتجه إلى شارع [[عبد الخالق ثروت]] فى الثامنة مساء وأن ينتظر بالسيارة عند نادى نقابة الصحفيين قرب جمعية الشبان المسلمين ويجعل مقدمتها متجه غلى شارع [[عبد الخالق ثروت]].
قال له:
إذا جاء اثنان يرتديان الملابس البلدية وركبا السيارة فأحضرهما إلى فى فندق إيدن.


'''ولكن البوليس حقق مع [[البنا]] فيما نسبيته إليه وثائق سيارة الجيب وكتب السفير البريطانى إلى لندن:'''
وقد اضطر محمود عبد المجيد  إلى إستعمال سيارته وكان مقررا أن يتولى المقدم محمد وصفى قائد حرس الوزارات قيادة سيارته الحكومية الخاصة للفرار بالمجرمين ولكن تعطلت سيارة وصفى فى اللحظة الأخيرة. وهكذا تدخل القدر مرة أخرى للاستدلال عن المجرمين.


:" عندما تنتهى التحقيقات سيكون ممكنا تكوين رأى محدد فيما إذا كان الإرهابيون مجموعة من المجرمين المتهورين الذين تصادف كونهم أعضاء فى [[الجماعة]] أو أنهم يعملون من تلقاء أنفسهم, أم أن أنشطتهم كانت بإيعاز مباشر من زعيم [[الإخوان]] ومستشاريه ,وأن تنفيذها كان نيابة عنهم؟".
شاءت المصادفات أن يمر الصول محمد زكى من إدارة المباحث الجنائية أمام مبنى جمعية الشبان المسلمين يوم 11 من [[فبراير]] فشاهد الأومباشى [[أحمد حسين]] جاد يقف أمام مبنى  الجمعية!


تصاعدت الأحداث..فى أول [[ديسمبر]] سأل الوزير البريطانى المفوض مصدرا مسئولا فى وزارة الداخلية: هل صحيح أن [[البنا]] قد اعتقل؟أجاب المصدر بأن [[النقراشي]] أصدر قرارا بذلك ولكنه سحبه خشية العواقب.ويبعث السفير البريطانى السير رونالد كامبل إلى لندن برقية طويلة يوم الجمعة 3 من [[ديسمبر]] [[1948]]  
ولم يكن محمد زكى يعرف أن [[أحمد حسين]] جاد يعاين جغرافية المكان!


'''يقول فيها:'''
طلب عبد الكريم منصور من صالح عوض ساعى جمعية الشبان المسلمين إحضار سيارة أجرة" تاكسى" فخرج إلى الشارع. مرت سيارة تاكسى نادى عليها فلم يسمع السائق.


:" ليس من المرجح اعتقال [[البنا]] إذا تخشى السلطات احتمال صدور رد فعل بالغ العنف من جانب أنصاره. وتأكد الآن بما لا يدع مجالا للشك أن أعضاء [[الإخوان]] مسئولون عن كل المحاولات التى جرت لنسف المنشآت اليهودية".
نادى على سيارة أخرى فوقفت. سأله السائق: من سيستقل السيارة ؟
أجاب : فضيلة المرشد.


'''كتب [[البنا]] فى ايوم ذاته فى صحيفة " [[مجلة الإخوان المسلمون|الإخوان المسلمون]]" يقول: '''
ولم يبلغ الساعى صالح عوض [[المرشد العام]] أو صهره بهذا السؤال , غير العادى لسائق التاكس . واكتفى الساعى بإبلاغ عبد الكريم منصور بوصول السيارة فنزل مع المرشد, وودعهما [[محمد الليثي]] حتى الباب.
لاحظ عبد الكريم منصور أن الحركة فى شارع الملكة نازلى هادئة على غي العادة والأنوار ضئيلة رغم أنه طريق لا تهدأ فيه حركة المرور.


:" الأمة الإسلامية اليوم بين منحة ومحنة. إن صبرت على الشدة وواصلت السير فى قوة إلى الغاية فهى واصلة بإذن الله تبارك وتعالى  إلى ما تريد مهما أرعد برقها وعظم هولها سمعت أحدهم بالأمس يخاطبنى فى حماسة فيقول إننا لسنا مجهولين إلا فى وطننا فعلينا أن نرحل"
التفت إلى الشيخ يسأله: فى أى وقت نحن الآن؟
الثامنة مساء.  
مستحيل ... نحن فى آخر الليل!
كيف؟


'''ويختم [[البنا]] مقاله:'''
ألا ترى ضجة الطريق قد همدت؟ إنك تعلق على كل شئ يا أستاذ عبد الكريم.
دق جرس التليفون فى مبنى الجمعية فى تلك اللحظة بالذات طلب المتحدث  [[محمد الليثي]].
أسرع خفير الجمعية يناديه فدخل المبنى وبقى [[المرشد العام]] وصهره عبد الكريم دون أن يكون فى وداعهما  أحد.


:'''" ستكشف لغمة. وتزول المحنة. فاصبروا وصابروا ورابطوا"''' وأبلغ أحد المحامين .. المستشار الشرقى للسفارة البريطانية أنه سمع فى [[الإسكندرية]] أن تحركا خطيرا سيحدث فى [[القاهرة]] وأن كلمة ثورة " قد استخدمت.  
وجد عبد الكريم منصور ثلاثة رجال يقفون على ناصية الشارع بينهم " الشرطى الذى فتشهم بعناية واستفزاز فى مجلس الدولة عندما حاول دخول  المجلس يومم نظر قضية حل [[الإخوان]].
أصر الشيخ [[البنا]] على أن يبدأ عبد الكريم بدخول السيارة ثم تبعه.


'''وتكتب السفارة البريطانية إلى لندن:'''
ومن جديد لاحظ عبد الكريم أن التاكسى لم يتحرك فور ركوبهما. ولكنه لم يتكلم هذه المرة فقد وجد أن شكوكه كثيرة كما أن الوقت لم يتسع ليقول شيئا.


:" يوم 4 من [[ديسمبر]] ألقى طلاب جامعة فؤاد الأول الأحجار والقنابل على رجال البوليس".واعتصم طلبة الطب بسطح مبنى الكلية وأشعلوا النار فى أماكن متفرقة منها وألقوا قنبلة على اللواء سليم زكى حكمدار [[القاهرة]] فقتلوه ثم أسرعوا بالتراجع داخل المبنى ومعظم الإصابات فى صفوف الطلاب نتج عن مقاومتهم عند القبض عليهم
أدار سائق التاكسى على محمود نفادى مفتاح البنزين.
وقبل أن يحدد الشيخ [[البنا]] وجهته تقدم رجل يرتدى الملابس البلدية ويضع شالا حول عنقه ويبدو ملثما لإخفاء شخصيته.فتح  الرجل باب السيارة من الجهة التى يجلس فيها [[المرشد العام]] وأخذ يطلق عليه النار.
نام المرشد فى أرض السيارة مخفيا رأسه بيديه لتفادى الطلقات المتتالية . ففتح الرجل الباب وأخذ يطلق الرصاص مرة أخرى على اشليخ [[البنا]].


:ولم يكتف الطلبة بترديد الشعارات ضد [[النقراشي]] وحول [[السودان]], بل كانوا يهتفون أيضا '''" يسقط فاروق الفاسق" " وعاشت الملكة فريدة" و" أين أم فاروق"'''؟.... إشارة إلى غياب الملكة نازلى الطويل عن [[مصر]]".أغلقت الحكومة جامعة [[القاهرة]]. بما فيها كلية الطب إل أجل غير مسمى.
وجاء رجل آخر يلبس جلابية بيضاء وبالطو " وتلفيعة" فوق رأسه من ناحية عبد الكريم منصور الذى حاول فتح الباب فقاومه الرجل ليمنعه من الخروج . هشم المعتدى زجاج السيارة وطالت المقاومة بينه من الخارج ., وعبد لكريم منصور من الداخل ثم بدأ الرجل يطلق الرصاص على السيارة وعلى عبد الكريم.
سمع السائق طلقات الأعيرة النارية ورأى الرجل الملثم يضرب زجاج السيارة فيتحطم.


:قال اللواء حسن طلعت مدير المباحث العامة '''" أمن الدولة "ر فى كتابه '''" [[فى خدمة الأمن السياسى]]"''' إنه ثبت إقدام أفراد [[النظام الخاص|الجهاز السرى]] للجماعة على اغتيال اللواء سليم زكى!


:زار إبراهيم عبد الهادى رئيس الديوان الملكى السفير البريطانى وقال له إن حكمدار شرطة [[القاهرة]] سليم زكى لم يقم بأى تحرك ضد الطلبة . لم يفعل أكثر من أنه نصحهم بالتزام الهدوء.. وأنهم أحرار فى مواصلة الإضراب أو مغادرة الجامعة. وفى هاذ الوقت ألقيت عليه القنبلة.
أوقف محمود نفادى السيارة واستقر – من خوفه – فى " الدواسة" وأصابته حالة إعياء شديدة. ولم يدر بما يجرى حوله,


'''وأضاف:'''
ظن أنه مصاب ... وصوت يقول:


:استغل الشيوعيون الاضطرابات التى بدأها [[الإخوان]]. ولم ينضم الشيوعيون إلى [[الإخوان]] للتستر وراءهم كما يقال . فهم أكثر ذكاء من أن يفعلوا ذلك وهم يعرفون أن [[الإخوان]] يقفون ضدهم.
لا إله إلا الله. سمع الطلقات أصحاب المحال التجارية فى الشرع فأغلقوا محالهم واحتمى المارة بلمقهى المجاور. أسرع الليثى على صوت الطلقات إلى الشارع دون أن يجيب التليفون وأخذ يصرخ:


'''أبرقت السفارة الأمريكية واشنطن تؤكد: '''
امسك ... امسك.


:" المسئولية الأولى فى المظاهرات ومصرع سليم زكى تقع على عاتق [[الإخوان المسلمين]] وأن الحكومة المصرية اتهمتهم بذلك علنا".
أطلق عليه أحد الرجلين عيارات ناريا ثم تبعه بآخر فأسرع الليثى يدخل مبنى الجمعية مرة آخر بينم ارتفع صوت رجل يقول:


'''وقالت السفارة '''
حوش  .... حلق.


:" إن ضابط شرطة قتل وأصيب ثمانية من الضباط و54 من الجنود  ومائة  طالب".
رأى الليثى شخصا آخر يلاحق الجانى فظن أنه يطارده.


'''ولكن ادجار جلاد قال للقائم بالأعمال الأمريكى:'''
وكتن محمد محفوظ سائق العقيد محمد عبد المجيد يقف بسيارته السوداء فى المكان القريب المحدد فجاء [[أحمد حسين]] جاد وشخص آخر يدعى مصطفى فاستقلا السيارة ورآها [[محمد الليثي]]  تسرع بهما بعيدا عن المنطقة كلها.


:يعتبر الطلبة سليم زكى أحد أعمدة النظام الحاضر وهذا من أسباب عدائهم له.
بعد صدمة الطلقات الأولى تجمع لناس فوقف الضابطان حسين كامل وعبده أرمانيوس  يصرخان:
[[قنا]]بل... [[قنا]]بل.


'''وأخذ جلاد يتحسر على الماضى أمام جيفرسون باترسون قائلا:'''
تفرق المحتشدون.


:عندما كان السير توماس راسل باشا الحكمدار البريطانى لشرطة [[القاهرة]] يسير بحصانه الأبيض أمام المتظاهرين كانوا يتراجعون .. متفرقين!ويعترف جلاد باشا لباترسون قائلا: من أسباب السخط العميق كراهية الشعب للملك.
وفى الوقت نفسه جلس على مقهى بلدى أمام جمعية الشبان المسلمين الجاويش محمد سعيد إسماعيل والمباشى حسين محمدين رضوان بملابسهما الرسمية ليتسلما القاتلين بوصفهما من رجال الشرطة إذا قبض على الجمهور  عليهما ويطلقا سراحهما بعد ذلك. أسرع الليثى إلى التليفون ليجد السماعة مرفوعة
رد على المتحدث فغذا به المقدم محمد الجزار.


قال لى [[فهمى أبو غدير]] المحامى والدى كان عضوا ب[[مكتب الإرشاد]] ممثلا لطلبة الجامعة عام [[1937]] إن [[الإخوان]] لم يقتلوا سليم زكى وإنما قتله طالب بكلية الطب اسمه [[مصطفى أمين]] ليس عضوا فى [[الجماعة]]ولم يكن مصرع حكمدار الشرطة بتدبير.
قال الليثى بتاثير المفاجأة: الشيخ حسن اصيب بالرصاص.


أحس الشيخ [[البنا]] بخطورة الحادث فأوفد أبو غدير والشيخ [[أحمد شريت]] فى اليوم نفسه من [[ديسمبر]] إلى [[حامد جودة]] رئيس مجلس النواب يطلبان منه التوسط لدى [[النقراشي]] لبدء صفحة جديدة بين الحكومة و[[الجماعة]].
لم تهز المفاجأة ضابط القسم السياسى ولم يسأل من هو الشيخ حسن, ولم يبد دهشته بل جاء سؤاله صدمة الليثى. نطق الجزار بكلمة واحدة: مات؟


'''قال الرجلان:'''
امتعض الليثى . قال : لا أعرف.


:نحن نبرأ إلى الله مما حدث اليوم. ونرجو أن تكون حمامة السلام بين [[الإخوان]] والحكومة.
وألقى بسماعة التليفون.... رغم الرقابة البوليسية  الكثيفة التى تحيط بالشيخ [[البنا]] فغن صوت  الأعيرة المتلاحقة لم يحرك نظر أحد من رجال الشرطة الذين يراقبون [[المرشد العام]] مراقبة دقيقة.
ولم يظهر أحد من رجال الشرطة المعنيين عند الجمعية الشبان المسلممين أو  مصلحة المجارى القريبة.
ولم يقبل شرطى واحد مستفسرا أو تلبية للإستغاثة.


'''رفض [[حامد جودة]] بإصرار وقال:'''
ولاحظ زكى عبد التواب عضو جمعية الشبان المسلمين وقوف ثلاثة جنود لا يتحركون عن مصلحة المجارى القريبة فقال لهم:


:[[الجماعة]] قتلت اليوم سليم زكي وما بينها وبين الحكومة لا يمكن الوساطة فيه أبدأ..
يبقى فيه ضرب رصاص وماتتحركوش.
حمل الرجلان هذا الجواب إلى [[المرشد العام]] الذى أدرك خطورة الموقف فإن [[حامد جودة]] توسط للإفراج عنه فى المعتقل فى عهد [[حسين سرى]] يوم كان يعلم أن هناك مجالا للتوفيق..قصد '''" تشابمان أندروز"''' الوزير البريطانى المفوض إلى وزرة الخارجية يوم 5 من [[ديسمبر]] ليلتقى بوزير الخارجية بالنيابة إبراهيم الدسوقى أباظة باشا.سأل '''" أندروز"''' الوزير عن الاضطرابات التى وقعت فى اليوم السابق واغتيال سليم زكى.


'''رد دسوقى أباظة قائلا:'''
قال أحدهم: هو فين الجانى واحنا نجرى وراه. وأضاف : ياشيخ روح على بيتكم!


:أحداث الأمس ذات طبيعة يمكن أن تحدث فى أى مكان فالمشاعر العامة فى حالة التهاب بسبب موضوع [[السودان]] وكانت العناصر الساخطة فى [[الأحزاب]] السياسية, البعيدة عن الحكم, مستعدة تماما  للاستفادة من الموقف ويرفع دسوقى باشا سماعة التليفون أمام الوزير البريطانى ليسأل مدير الأمن العام عن الخسائر.
لم يكد صوت الرصاص يتوقف حتى اندفع الشيخ [[البنا]] خارج السيارة وكأنه فى كامل صحته وعافيته يتعقب الجناة ولكنهم فروا هاربين فعاد إلى مبنى الجمعية وهو يصيح:


'''قال مدير الأمن العام:'''
- قتلت .. قتلت... هاتوا الإسعاف.


:أصيب سبعة من رجال البوليس وتسعة من الطلبة والمارة بجراح فى الجيزة ولم تكن هناك خسائر فى الأرواح .وفى كلية الطب '''(القصر العينى)''' إلى جانب مصرع سليم زكى بك. لقى شخص آخر مصرعه وهو مساعد معمل كان يعاون ويحرض الطلبة المتمردين. وأصيب 56 من رجال البوليس, بينهم سبعة ضباط كما أصيب 74 طالبا.
- وحاول الوصول إلى التليفون ولكن قواه خانته. فعاد إلى السيارة بعد أن تركت دماؤه آثارها على مكان الخطوات التى قطعها فى الطريق وداخل الجمعية.


:وقال المدير الأمن العام أيضا إن [[الإخوان المسلمين]] مسئولون. عن اندلاع أ‘مال العنف , وأنهم الذين جاءوا بالأسلحة وال[[قنا]]بل اليدوية. ولكن عندما بدأت أعمال الشغب , عاونتهم جماعات سياسية أخرى أبرزها الوفديون.
جلس الشيخ فى السيارة بجوار صهره الذى لم يستطع الحركة بسبب غصابته .


وعلى أية حالة فإن  سبب أعمال الشغب كان يتمثل فى التحريض بشأن [[السودان]] وكان الشعار الذى رفعه الطلبة هو '''" تسقط الحكومة التى باعت [[السودان]]"'''.قبل أن ينصرف '''" تشابمان اندروز"''' أخذ  يذكر وزير خارجية [[مصر]] بالنيابة بمسئولية الحكومة المصرية عن تأمين وممتلكات الأجانب.
صرخ عبد الكريم . أين السائق؟
قيل له :


ولم يكتف '''" أندروز"''' بذلك بل تحدث طويلا عن أحداث الشغب التى وقعت فى [[يوليو]] والتى أسفرت عن مصرع عدد من الأجانب وإصابة كثيرين وأعرب عن قلق بريطانيا البالغ إزاء حالة الأمن العام فى [[مصر]] وطلب تأكيدا بأن تبذل الحكومة المصرية كل ما هو ممكن لإقرار القانون والنظام.
اصيب!


ويتوجه الوزير البريطانى مباشرة إلى القصر الملكى ليقابل حسن يوسف وكيل الديوان ويوجه إليه نفس الأسئلة ونفس التحذير. ويردد وكيل الديوان نفس المعلومات عن الخسائر للوزير البريطانى ويضيف ان الطلبة كانوا يهتفون '''" يسقط [[النقراشي]]"'''.
طلب شخصا آخر يقود السيارة ولكن السائق لم يكن قد اصيب بل راح فى غيبوبة مؤقتة فلما أفاق  قاد السيارة إلى جمعية الإسعاف القريبة


إشارة إلى ما حدث قبل ثلاث سنوات عندما أمر النقراشى بفتح كوبرى عباس بينما مظاهرة طلابية تعبره , مما أدى إلى حالة من الذعر وأشبع أنه سقط عدد من القتلى .  
قال الشيخ [[البنا]] عقب وصوله للإسعاف : الحقنى يادكور.


'''وقال:'''
وأضاف:


:القنبلة اليدوية التى قتلت حكمدار البوليس كان مقصودا بها [[النقراشي]] إذا ظهر ليلقى خطبة فى الطلاب, كما كانوا يتقوقعون.وقال حسن يوسف إن السلطات المصرية تحاول تحديد مكان محطة إذاعة تروج الشائعات الأخيرة بأن الأمير محمد على قد مات. وإن إسماعيل صدقى باشا  مات فى شائعة أخرى.
مفيش فايدة أنا حا أموت.


والهدف من هذه الأنباء خلق حالة من التوتر.تجمع طلبة المدرسة الخديوية الثانوية فى الفناء يوم 6 من [[ديسمبر]] يهتفون ضد الملك, ولصالح الملكة , والقوا قنبلتين على الشرطة خارج  الأسوار فأفلت عبد الرحمن عمار وكيل الداخلية... بأعجوبة.
ورغم ذلك ظل [[البنا]] متماسكا لقواه يساعد الطبيب فى رفع ثيابه الخارجية للكشف عن موضع الجراح.
وجده طبيب الإسعاف الدكتور محمد طلعت طه فى حالة سيئة والدماء تنزف منه بغزارة. فضمد جراحه لوقف النزيف بينما نطق الشيخ بالشهادتين قائلا: إن الله حق !


وقالت السفارة الأمريكية إن رجال الشرطة فى [[القاهرة]] لا يزيد عددهم على الألف , وقد أصبحوا مرهقين لأنهم يعملون 24ساعة كل يوم .. ويوجد خوف من أن تتكرر الاضطرابات التى وقعت فى [[فبراير]] [[1946]] وأدت إلى استقالة [[النقراشي]]!
استقل الليثى سيارة الإسعاف إلى القصر العينى مع [[المرشد العام]] وصهره  ومتطوع من الإسعاف اسمه مصطفى محمد مصطفى.


منعت الحكومة صحيفة [[الإخوان المسلمين]] من الصدور واتهمت صحيفة '''" النداء"''' الوفدية التى يصدرها يس سراج الدين شقيق سكرتير عام الوفد [[الإخوان]] بأنهم وراء الانفجارات الأخيرة. قالت '''" النداء"'''
أثناء الطريق إلى المستشفى كان [[المرشد العام]] يواسى صهره الذى يصرخ ألما  قائلا:
لا تخف إصابتى بسيطة.


"تلقى [[المركز العام]] [[الإخوان المسلمين]] ألوف الاستقالات من شتى جهات جهات القطر".وصورت '''" النداء"''' مجموعة من القنابل اليدوية وخلفها صورة ترمز  إلى شخصية [[المرشد العام]] [[للإخوان المسلمين]].
أراد عبد القوى محمد عمارة كاتب الإستقبال فى القصر العينى قيد أسماء المصابين فلما عرفه عبد الكريم شخصية [[المرشد العام]] للإخوان سمح لهما بالدخول فورا إلى حجرة العمليات.


بحثوا عن الطبيب المنوب فى قسم الجراحة وهو الدكتور على السباعى حسنين فى داره ولكن تبين أنه يوجد فى مقهى ب[[مصر]] الجديدة


علقت النداء على ذلك كله بتوقيع '''"المصرى افندى"''' الذى يبدى إعجابه ودهشته لأن '''"تلك  القنابل لها ذقن"'''!!وردت صحيفة [[الإخوان]] بأن '''"النحاحسة"''' إشارة إلى [[مصطفي النحاس]] رئيس الوفد لا يتورعون من إلقاء الاتهامات تمشيا مع أخلاقهم .
ارسلت إدارة المستشفى فى طلبه فلما جاء أخذ فى علاج [[المرشد العام]] بمساعدة ممرضة عثروا عليها أخيرا إسمها منى جمعة.


'''قال مرتضى المراغى مدير الأمن العام:'''
طلب [[المرشد العام]] البدء بصهره الذى نقل إلى غرفة أخرى . وكان الشيخ [[البنا]] فى حالة معنوية قوية. لم يبد عليه وهن أو ضعف مما يشير إلى أن حالته ليست خطيرة وعلاجه ممكن وميسور.
تبين أن [[المرشد العام]] اصيب بسبع عيارات نارية بينما أصيب عبد الكريم برصاصتين ولكن حالته خطيرة فلما سألأه الطبيب عن عنوانه لم يستطع الإجابة استدعى طبيبان كبيران هم الدكتور عبد الله الكاتب والدكتور محمد حسنى الزينى للإشتراك فى علاج الشيخ وإجراء عملية جراحية له. ولكن عندما جاء رئيس النيابة لسؤاله رأ÷ فى حالة صحية سيئة ولا يمكن استجوابه.


:" عجزت قيادة [[الإخوان]] عن وضع التنظيم المارد أى [[النظام الخاص|التنظيم السرى]] فى القمقم بعد خروجه وانطلاقه.لقد أصبحت الهيئة العليا [[للإخوان]] بلا حول ولا طول إزاء هذا التنظيم وكان الشيخ [[البنا]] غير قادر على الحد من قوة [[النظام الخاص|الجهاز السرى]] والتسلط عليه".
ابلغ رئيس الحركة لجمعية الإسعاف قسم الشرطة الأزبكية بالحادث فى التاسعة إلا ربعا قائلا:
سائق لتاكسى يريد الهرب.


ويعترف المستشار [[صالح أبو رقيق]] عضو [[مكتب الإرشاد]] فى مقال نشره بجريدة الأحرار المصرية فى 11 من [[أغسطس]] عام [[1986]] بأنه لا يستطيع إنكار ما قام به [[الإخوان]] من أعمال صاحبها العنف, ولكنه تبرر ذلك بأنها كانت كلها وطنية تتجلى فيها الفدائية.
طلب الرائد عمر هلال مأمور القسم  الإمساك به ومنعه من الفرار.
وتبين – بعد ذلك – أن السائق " بلديات " محمود عبد المجيد .. وقد باع السيارة بعد الجريمة  مبررا ذلك بتشاؤمه منها!


ومن هذه الأعمال ما وقع يوم الجلاء عن [[القاهرة]] و[[الإسكندرية]] ونسف حارة [[اليهود]] ومحل جاتينيو ومحل شيكوريل وإن كان يقر أن الحادث الأخير وقع فى النصف الأخير من الليل.أما أهم الأخطاء التى وقع فيها [[الإخوان]] كما يرى [[صالح أبو رقيق]] فهى قتل المستشار الخازندار .  
وكان عمر هلال أول ما انتقل إلى مقر الجمعية من رجال الشرطة. عاين التاكسى فوجد أن عداده سجل 16 قرشا. ولا يزال العداد يعمل ! ووجد بأرض السيارة مسبحة الشيخ [[البنا]] من 99 حبة!
وصل إلى مقر الجمعية رجل يرتدى الملابس المدنية يسأل فى لهفة : أين ذهب الشيخ [[البنا]]: قيل له: القصر العينى . انصرف الرجل فورا..


ويعترف [[صلاح شادي]] أحد كبار المسئولين فى [[الجماعة]] بأنه لا يمكن إعفاء قيادة [[الإخوان]] من مسئولية عدم مسائلة [[عبد الرحمن السندي]].وكان من المحتم  إبعاده عن منصبه ولو تم لتجنبت [[الجماعة]] الهزة التى حدثت فى صفوفها
وشاهد الليثى خارج غرفة العمليات, ذلك الرجل وهو يقول للأطباء
جئت من قبل الحمكدار للإستفسار عن حالة الشيخ [[البنا]]. وحاول دخول الحجرة فمنعه الأطباء مما اضطره للبقاء خارجها.


'''ويقول [[التلمساني]]:'''
أبلغه الليثى برقم السيارة التى استخدمها  الجناة فى الهرب. نظر إليه الرجل بسخرية وانصرف دون أن ينطق بحرف.


:إن [[عبد الرحمن السندي]] تمرد على قيادته وأخذ الشيخ حسن يطاول ويعالج ! وكان [[عبد الرحمن السندي]] يشعر باستقلاله عن سلطان [[الجماعة]] ولم يكن من أحد حتى من [[إخوان]] [[النظام الخاص]] أن يتصل ب[[المرشد العام]] إلا عن طريقه وبذلك عزل النظام عن قيادة الدعوة.
وكان الليثى يظن أنه بإبلاغ أحد المسئولين بهذا لرقم سيساعد على كشف حقيقة ويعجل بالوصول إلى القتلة.


واعترف [[عبد الرحمن السندي]] بقيادة [[النظام الخاص]] بقتل [[الإنجليز]] والصهاينة ف البداية ثم ارتكاب الانفجاريات داخل [[مصر]] وقتل المصريين.
ولم يدرك – حينئذ – أنه يواجه أفراد عصابة التى دبرت قتل الشيخ [[البنا]]!
لم يكن يعرف أ،ه يتحدث إلى المقدم محمد وصفى قائد حرس الوزارات وأنه, بذكر رقم السيارة أمامه, هز أركان المؤامرة وألقى الرعب فى قلوب المتآمرين.


'''ويقول [[صلاح شادي]]''' إن المرشد عاجلته منيتة قبل أن يقرر تقويم رئيس [[النظام الخاص]] أو نزع سلطاته.
وكان كل ما يسعى إليه الليثى أن يعرف المسئولون رقم السيارة ليعجلوا  الوصول إلى القتلة.
ولكن وصفى دخل حجرة التعليمات بدعوى معرفة حالة الشيخ [[البنا]] وأسرع يبلغ رقم السيارة لعبد الرحمن عمار وكيل وزارة الداخلية!


'''ويعترف [[التلمساني]]''' بأن [[النظام الخاص]] اخطأ وإن فسره بأن بعض الشباب كان يأخذ المسائل بعنف وبغير فهم أو دراسة للقانون كما حدث فى اغتيال الخازندار
فى الثانية عشرة والربع بعد منتصف الليل , مساء 12 من [[فبراير]] [[1949]] مات لمرشد لاعام رغم أنه كان فى حالة طيبة عند دخول المستشفى.


'''ويقول الشيخ الباقورى:'''


:" [[البنا]] أتعبته بطانته . أو بعض بطانته. ولو قدر له أن نبتعد عنه هذه البطانة السيئة لكان قد بلغ ما نحب لأمثاله"!
قال الأطباء إنه توفى متأثرا بجراحه. وقال [[محمد الليثي]] إن الشيخ [[البنا]] قتل فى القصر العينى.
وقال عبد الكريم منصور إن إدارة المستشفى أهملت فى اتخاذ ما يلزم لانقاذ الجريح.


'''ويبقى سؤال : هل كان الشيخ [[البنا]] يعلم بجرائم النظام الخاص؟'''
وقال [[الإخوان]] إن الدكتور حجاب مدير مستشفى القصر العينى ساعد على ذلك فهو زوج شقيقة الدكتور [[يوسف رشاد]].ولكن أحدا لم يسأل الدكتور حجاب , أو يحقق معه!
وقال محمد وصفى للماجور سانسوم ضابط أمن السفارة  البريطانية:


:والجواب فى رأى [[فتحي رضوان]] و[[التلمساني]] و[[منير الدلة]] وغيرهم من زعماء [[الإخوان]] الذين عاصروا الأحداث بأن الشيخ [[البنا]] شكل ذلك النظام ولكن قيادته تمردت على [[المرشد العام]].
ساعة نقل الشيخ [[البنا]] إلى المستشفى لم تكن بها, فى النوباتجيات أية ممرضة وكان كل الممرضين من الرجال.
ويوجد دائما طبيب نوباتجى يمكن استدعاؤه لإسعاف الحالات العاجلة ولكنه لم يكن بالمستشفى فى تلك اللحظة.


:وفى رأى الشيخ [[أحمد حسن الباقوري|الباقورى]] أن قيادة النظام بزعامة [[عبد الرحمن السندي|السندى]] ارتكبت تلك التصرفات الضارة والحوادث الفاجعة دون الرجوع إلى [[المرشد العام]] الذى كان وحده المسئول أمام [[الإخوان]] والرأى العام.
وعندما وصل الشيخ [[البنا]] إلى القصر العين كانت دماؤه قد نزفت حتى أوشك على الموت.


'''وفى الحكم الدي أصدره أحمد كامل رئيس محكمة الجنايات فى "[[قضية سيارة الجيب]]" قال:'''
وقال محمد حسن الأمين الخاص للملك فاروق فى التحقيقات التى جرت بعد الثورة:


:" إن بعض أعضاء [[الجماعة]] فقدوا توازنهم وتنكبوا السبيل الذى سلكه زعماء [[الجماعة]] لتحقيق أهدافها".
سمعت محمد وصفى وهو يتحدث إلى أحمد كامل قائد شرطة القصر الملكى ويقول له" بعد إصابة [[البنا]] رحت المستشفى لأخلص عليه إذا كان حيا:


أصبح الصدام محتوما بين [[الجماعة]] و[[النقراشي]] نتيجة لانتشار [[الإخوان]] ... وقوة [[النظام الخاص|الجهاز الخاص]]!ولم يكن لحزب من [[الأحزاب]] علنى أو سرى كالشيوعيين ذلك التنظيم المسلح.
وقال  الشيخ [[عمر التلمساني]] إن [[البنا]] قتل بالرصاص وبغير الرصاص وأن الملك أمر بأن يترك فى المستشفى بلا علاج, ليموت, وإن صاحب الجلالة ذهب إلى المستشفى ليراه قتيلا!نقل الجثمان إلى مشرحة زينهم حيث قام يتشريحه الأطباء الشرعيون الدكاترة محمد توفيق وأحمد شكيب و[[أحمد حسين]] سامى وكيل وزارة العدل المساعد للطيب الشرعى.


ويجتمع عبد الرحمن عمار وكيل وزارة الداخلية لشئون الأمن برونالد فاى رئيس جمعية إخوان الحرية التى أنشأها البريطانيون فى [[مصر]] والعالم العربى لتنتشر الدعاية للإنجليز ومقاومة [[الإخوان]]
وجد الأطباء أن الجسد اخترقته  7 أعيرة نارية وأن الوفاة حدثت نتيجة النزيف من 4 أعيرة.


'''فقال عمار:'''
وفى التحقيقات التى جرت بعد الثورة قال الدكتور [[يوسف رشاد]] الذى يعمل كبيرا لأطباء اليخوت الملكية منذ عام [[1941]].
 
- سمعت من زميلى الدكتور أحمد شكيب الطبيب الشرعى الذى أجرى  الصفة التشريحية للجثمان أن [[البنا]]  ترك ليموت بالنزيف من شريان وكان يمكن إنقاذ حياة [[البنا]] بمبضع بسيط لو أنقذ, واسعف, فى حينه!


:[[الإخوان المسلمون]] جمعية ويجب إغلاقها.
==الزيف==


ويلتقى إدجار جلاد بك صاحب جريدتى '''" الزمان" و" الجورنال ديجيبت"''' واحد رجال الملك فاروق بتشابمان أندروز الوزير البريطانى المفوض فيقول له يتردد [[النقراشي]] فى حل [[الإخوان]] على أساس أنهم أقوياء بينما الجيش فى [[فلسطين]] ولكن الملك يحاول التغلب على تردد رئيس الوزراء.
أطل زكى عبد التواب الكاتب بإدارة المباحث الجنائية بوزارة الداخلية وعضو جمعية الشبان المسلمين من نافذة الجمعية بعد سماعه صوت الطلقات التى أطلقت على الشيخ  [[البنا]] فرأى أحد المخبرين الثلاثة المنتدبين بالإدارة يقف بجوار سيارة تاكسى!وراى الليثى الجناة يهربون فى سيارة ليموزين سوداء كبيرة ولكنه لم يستطع التقاط رقمها.


'''قالت المخابرات البريطانية فى [[مصر]]:'''
وفى عيادة جمعية الإسعاف تقدم شباب أسمر يرتدى جلبابا وطربوشا إلى [[محمد الليثي]] وذكر له رقم السيارة وهو:"9979 ملاكى [[القاهرة]].


:" إن مجموعة [[النقراشي|فهمى النقراشى]] باشا رئيس الوزراء أصدر فى 18 من [[نوفمبر]] [[1948]] أمرا بإغلاق كل شعب [[الإخوان]].ولكن رئيس الوزراء رأى تأجيل اتخاذ هذه الخطوة حتى تنتهى التحقيقات فى الإنفجارات وتتضح ابعاد مرامرة [[الإخوان]] ويتم القبض على زعمائهم"
قال الليثى للولد الأسمر : تعالى اشهد معنا.


'''وقالت هذه التقارير:'''
قال : ماليش دعوة . أنا بأقولك الرقم . عاوز تأخذه خده. مش عايز أنت حر . ويرى الليثى أن هذا أفضل عمل قام به الشاب وهو الاختفاء لأنه كان يمكن أن ينفى أمام لمحقق أنه رأى رقم السيارة أو يغير هذا الرقم.


:ومن هذه التقارير يتضح أن [[أحداث في صور...قرار المحكمة برفض دعوى حل الجماعة عام 1948م|قرار حل الجماعة]] اتخذ سرا ولكن كان لابد أن يسبقه اعتقال كل زعماء [[النظام الخاص|الجهاز السرى]].
كتب الليثى الرقم على علبة سجاير وجدها على الأرض.


انطلقت صيحات التهدئة هنا وهناك خوفا من خطر المواجهة القادمة حذر عمر حسن من كبار رجال وزارة الداخلية [[النقراشي]] من الحل قائلا: أخشى أن تتحول [[الجماعة]] إلى عصابات خطرة!
ورأى كل من زكى عبد التواب ومحمد عثمان ومحمود جبر  من موظفى الشبان السمر يصيح برقم السيارة ولنهم امتنعوا عن ذكر هذه الحقيقة.


وقصد فؤاد شيرين محافظ [[القاهرة]] إلى قصر عابدين ليلتقى بحسن يوسف وكيل الديوان الملكى قائلا:من المصلحة تعاون القصر و[[الإخوان]].
كما خاف زكى عبد التواب أن يذكر رؤيته للمخبر أمام التاكسى ساعة  وقوع الجريمة... ولم يتكلم إلا بعد قيام ثورة [[يوليو]] وعندئذ تقدم الجميع للشهادة!
بعد وفاة [[المرشد العام]] عاد الليثى  إلى مقر الجمعية الشبان المسلمين فى انتظار التحقيق فوجد الجمعية محاصرة بالشرطة.


'''واضاف :'''إن لحل [[الجماعة]] نتائج سيئة فإن [[للإخوان]] هيئة يرجعون إليها فى تصرفاتها فإذا حلت الهيئة لم يعد أفرادها يخشون أحدا.
أخذ يروى التفصيلات.


'''تخلص حسن يوسف.وقال:'''
وردد رقم السيارة لكل من قابله من أعضاء الجمعية ورجال الشرطة والصحافة.


:هذه المهمة تعتبر من المسائل السياسية ... أى أن وكيل الديوان لا شأن له ب[[السياسة]]!ونقل حسن يوسف إلى الملك نص الحديث
وجاءه الضابط مصطفى حلمى يستدعيه إلى التليفون فسمع الرائد محمد الجزار – 36 سنة ضابط مباحث أمن الدولة الذى أخذ يسدى إليه النصح بألا يذكر رقم السيارة ولا يزج بنفسه فى الشهادة التى تؤدى به إلى متاعب  كثيرة . وكان واضحا أن كل ما قاله الليثى عن رقم السيارة سواء  لمحمد وصفى أو داخل مبنى الشبان المسلمين قد نقل غلأى الجزار.
قال له:


'''فقال صاحب الجلالة لوكيل ديوانه:'''
سأرسل عربة تعيدك إلى بيتك. ولكن الليثى رفض وأنهى الحديث


:هذا الرد فى محله!فإن صاحب الجلالة كان يسعى إلى حل [[الجماعة]]سأل فيليب ايرلاند سكرتير السفارة الأمريكية عبد الرحمن عمار وكيل الداخلية عن مستقبل [[الإخوان]] وهل سيصدر قرار بحلهم
وجاء ضابط يستدعى الليثى مرة أخرة لمقابلة شخص خارج الجمعية ولم يكن هذا الشخص سوى محمد الجزار نفسه  أخذ يهنئه بالنجاة قائلا: كان يمكن أن تقتل أيضا أيضا.
وسأله :
 
ماذا تنتظر ... انصرف سالما
 
قال الليثى: لقد أبلغت النيابة إنى أعرف رقم السيارة.
 
قال الجزار: لا نهتم بالإجراءات . انصرف ولن يستدعيك أحد. ولن يحقق معك أحد. وأضمن لك ذلك.
لقد توفى الشيخ [[البنا]]. ولم يبق إلا شاهد واحد ... أنت !
 
وأخذ يردد بلهجة كلها تهديد:
 
للشيخ أكثر من خصم, هم قادرون على الثأر ممن يعينون على ضبط الجناة فى الحادث وإنى مشفق عليك من الاعتقال ل ألك صلة بالنبال إنه رجل كان يهدد أمن الدولة والحكومة والملك والمواطنين. لقد انتهى أمر جماعة [[الإخوان المسلمين]] بقطع رأس الثعبان.
 
أذكر رقما آخر للسيارة يختلف عن الرقم الحقيقى .
 
وألح على الليثى فى ذلك
 
قال الليثى: ذكرت الرقم للصحفيين. أخذ الجزار يطمئنه قائلا:
 
لا تهتم بذلك.
 
قال الليثى :
 
أشعر بمسئوليتى الأدبية  فقد استدعيت الشيخ [[البنا]] إلى مقر الشبان لامسلمين وسألتهم بالإشتراك فى الجريمة.
 
ظل الجزار يضيق الخناق عليه وأخذ منه الورقة التى كتب فيها الرقم الصحيح وقال له:
 
هات يدك واقرأ الفاتحة وسأفرج لك عمن طلبت الإفراج عنهم من [[الإخوان]] المعتقلين.وأراد الليثى التخلص من الضغط وضعفت  أعصابه نتيجة احداث متتابعة طوال اليوم وبالذات خلال لساعات الأخيرة فقال:
 
- لا أستطيع التغيير الكلى, ولكن يمكننى التشكيك فى صحة الرقم بأن  أذكر  رقما مقاربا.
 
- وقال الليثى – بعد ذلك – معزيا نفسه:
 
- لو لم أقل ذلك لقتلت فى ذلك اليوم أرضا وتعذر القبض على القتلة فقد  كنت الشاهد الوحيد!
 
- عاد الليثى إلىى جمعية الشبان المسلمين مرة أخرى فوجد المحقق فى الغرفة التى  كان يجلس فيها قبل ساعات الشيخ [[البنا]] والناغى يبحثان عن حل!!
 
- أخذ المحقق يسأل الساعى والسكرتير الرياضى للجمعية , ولم يستدع المحقق الليثى لسماع أقواله إلا فى الثالثة والنصف صباحا.
 
- وجد الليثى فى غرفة التحقيق عددا كبيرا من ضباط الشرطة بينهم المقدم  محمد وصفى المفتش بالقسم السياسى ورئيس حرس الوزارات الذى جاء ليكون  رقيبا على الشاهد عند الإدلاء بمعلوماته.
 
- أخذ الليثى يجيب عن الأسئلة ويذكر تفاصيل استدعائه للشيخ [[البنا]] وروايته  عن الحادث حتى جاء  رقم السيارة فقال:
 
- 9979 أو 9997
 
- وذلك طبقا لاتفاقه مع الجزار.
 
اعترض محمد وصفى وتدخل فى الحديث
   
   
'''قال عمار:''' [[النقراشي]] باشا لم يوقع قرارا بذلك حتى الآن .وهناك رأيان:الأول يقول بأنه من الحكمة عدم حل [[الجماعة]] أو القبض على [[البنا]] حتى لا تتحول إلى جهاز سرى.والثانى يقول بتحطيم [[الجماعة]].
أخبرنى الليثى فى المستشفى بأن الرقم هو 9997 ضاق الليثى بذلك وشعر بأنه تردده لا يغتفر!
قرر أن يذكر الحقيقة كاملة وأكد الرقم الصحيح . قال  
 
إن الرقم كما قاله الشاب تستعين وسبعة وتسعة (9979)
 
وذكر الشاب الأرقام من الشمال غلى اليمين عندما سجلتها على علبة سجاير!
 
اثبت عبد العزيز حلمى رئيس النيابة هذه الملحوظة. وكانت هه أول مرة يحرر فيها رقم  السيارة فى محضر النيابة.
وكان عبد العزيز حلمى شجاعا عندما فعل ذلك فى تلك الظروف.. وقد شاءت عناية الله ألا أن تفضح سر الجريمة... فرقم السيارة هو الخيط الأول للوصول إلى القتلة!
 
وكانت جرأة بالغة من [[محمد الليثي]] أن يفعل ذلك ولكن اشتغال الليثى ب[[السياسة]] شجعه على اتخاذ هذه الخطوة.
 
كان الليثى يومئذ فى السابعة والعشرين من عمره بدأ نشاطه السياسى قبل عشر سنوات
انضم  إلى محمود النقراشى عندما انشق على الوفد عام [[1937]] وبعد أن أعلن [[أحمد ماهر]] والنقراشى أنهما يؤيدان دخول [[مصر]] الحرب مع الحلفاء انشق الليثى عليهما وانضم إلى [[على ماهر]] الذى رغب فى تجنيب [[مصر]] ويلات الحروب.
 
ويوم اعتقل [[على ماهر]] فى بيته – القصر الأخضر – عرف الليثى أن ضابطا شابا – جمال عبد الناصر – يريد تهريب [[على ماهر]] من المعتقل! ولكن مدير الرقابة توفيق صليب يفزع من الرقم والصورة فيتصل بالرقيب العام عبد الرحمن عمار يسأله ثم يأمر بمصادرة " المصرى" فى نفس الليلة فيقتحم رجال الشرطة المطبعة يوقفونها ويصادرون الأعداد المطبوعة التى لم توزع بعد . ويصدر " المصرى " طبعة جديدة خلت من صورة [[البنا]] ومن رقم السيارة وهو الأهم!
 
وبرر مدير الرقابة أو الرقيب العام ذلك بأن النشر – بهذه الطريقة – يثير الشعور العام . وابلغ الرقباء فى كل دور الصحف  بأن تنشر حادث القتل فحسب.
 
وأحيل مرسى الشافعى ومحيى الدين فكرى إلى نيابة الصحافة للتحقيق معهما ولكن خمسة آلاف نسخة تقريبا من العدد الصادر من  " المصرى" تسربت إلى السوق وبيعت وسط لهفة القراء على متابعة الحادث.ويصبح هذا العدد الصادر , وفيه رقم السيارة . دليل إدانة ثابتا قبل المتهمين ولا يستطيع الشهود العدول عنه!
 
عرف اللواء طلعت وكيل  حكمدار شرطة [[القاهرة]] والمشرف على القسم السياسى رقم السيارة بعد ساعة من ارتكاب الحادث وأنها ماركة فورد ليموزين مملوكة لفهيم بولس المحامى ومؤجرة لوزارة الداخلية بمبلغ تسعة وأربعين جنيهاوستمائة وخمسة وستين مليما كل شهر ليستقلها العقيد محمود عبد المجيد مدير إدارة المباحث الجنائية بالوزارة.
 
وعرف أن هناك محاولات لإخفاء هذا الدليل فلم يحاول الإبلاغ عنه, أو يحرر محضرا به وامتنع عن الانتقال إلى محل الحادث!
 
عرف الجزار ما يجرى فى التحقيق فأعاد الاتصال بالليثى للحصول على  شهادة نهائية منه بالرقم لامزيف.
دعاه  لمقابلته فى محل " نيوباز" بشارع سليمان باشا . وطلب منه أن يسجل  الرقم الكاذب فى ورقة ويتوجه بها إلى قسم عابديبن ليحرر محضرا بذلك.
 
أخذ الجزار يغرى الليثى بالخمر تارة, وبالمال تارة أخرى , والنساء مرة ثالثة فإن سيدة كانت تجلس فى المحل وتبتسم لهما . ولا يعرف هل كانت هناك مصادقةأم بتدبير من الجزار الذى قال:
 
- معى500 جنيه خذها. وستحصل على مثلها بعد أن تدلى بأقولك الجديدة فى تحقيقات النيابة.
 
- رأى الجزار أ، افستعانة بالوعد  لا تنفع مع الليثى فاستعان عليه بالتهديداتا بالوعيد.
رد الليثى:
 
مركزى دقيق. ولا أريد أن يقال إنى استدرجت الشيخ حسن لجمعية الشبان لمسلمين . أو أن أريد يدا فى الحادث أو أن جمعية الشبان المسلمين هى التى دبرته.
 
قال الجزار :
 
إن الذين قتلوا لن يتركونا تضرهم وترشدعنهم . وصحيفة " المصرى التى نشرت رقم السيارة صودرت.
.. إشارة إلى أن الدولة تحمى مرتكبى  الجريمة وإلا فما سبب المصادرة!
طلب الليثى مهلة للتفكير واتفقا على اللقاء فى محل " جروبى" فى اليوم لاتالى.
فزع السائق محمد محفوظ فى اليوم التالى عندما قرأ رقم سيارته فى جريدة" الجريدة" وذهب إلى محمود عبد المجيد وقال له
 
- يا بيه الشيخ [[البنا]] اغتيل ... وعندى 8 أطفال.
 
- رد محمود عبد المجيد: بس.. لما يبقوا يتيتموا يبقى يحلها ربنا. اخرس يا أهبل . أنت لك مكافأة وأنا حا أشيلها لك.
 
- بكى محمد محفوظ وقال :
 
- أنتم اللى عملتم الحادث وأنا لا كان لى فى الطور ولا فى الطحين. صرخ فيه محمود عبد المجيد قائلا:اقفل بقط. ولا تذكر أن أحدا ركب معك . ولا تذكر أننا مررنا على بيت عبد الرحمن عمار.
- استدعيت النيابة السائق لسؤاله ففزع إلى محمود عبد المجيد يقول : ما دام طلبونى للنيابة يبقى أتنم اللى عملتم الحادث وتحدفونى فيه. حرام عليكم تعملوها وتأخذونى لارجلين.
 
- الكلام ده ما أحبش أسمعه منك أمام أى مخلوق وأنت طالبينك كشاهد قال السائق: بس حرام عليك.
 
- وعندما توجه محمد محفوظ للنيابة جلس معه صلاح مرتجى وكيل الأمن العام أثناء التحقيق والذى تدخل فى الإستجواب بالرد على اسئلة المحقق عندما كان السائق يعجز عن الجواب أو يتعثر فيه.. وإن كانت السئلة سريعة قصيرة وكأنها مجرد أداء واجب شكلى!
 
- قال محمد محفوظ مدافعا عن نفسه ومبررا ذكر رقم سيارته. قال :
 
- كنتن داخل السيارة أمام فندق " ايدن"
 
وقال إن العقيد كان بالفندق ومعه عدد من أعيان محافظة جرجا وبعض ضباط شرطة جرجا – سوهاج الآن.
وقال : من السهل على قائد سيارة القتلة وضع أرقام مزيفة وطمس بعض الأرقام ومن غير المعقول أن يبقى الأرقام الصحيحة للسيارة التى فروا بها وألقى محفوظ بدفاعه الأخير . قال:
 
لقد ارتدى قاتل  النقراشى بدلة الضابط داخل وزارة الداخلية ومر بين الحراس .
 
ووجه السائق ب[[محمد الليثي]] فنفى كل منهما أنه يعرف الآخر.
 
أراد الضابطان حسين كامل وعبده أرمانيوس أن يسريا عن السائق محمد محفوظ بعد تحقيق النيابة معه فاصطحباه إلى مقهى الفيشاوى وأحضرا له  طعام الغداء..
 
جلس السائق , راغبا عن تناول الطعام, فنصحه الضابطان أن يتناسى ما وقع وأن يطمئن إلى أنه لن يناله سوء .
 
ورغبة فى تهدئة وإدخال الطمأنينة على قلبه انطلقا يتحدثان عن تفصيلات الجريمة ودور كل مشترك فيها.
 
توجه العقيد محمود عبد المجيد إلى فندق باريس بشارع  عدلى الذى ينزل فيه عبد الله خليل فواز سكرتير الغرفة التجارية بسوهاج  فى السادسة من صباح اليوم التالى للجريمة وابلغه بوقوعها قائلا.


'''وقال عمار لفيليب ايرلاند:''' من رأيى عدم الحل!
بعض أنصار الشيخ يلقون بالإتهام علىّ ويزعمون أن القتلة فروا بسيارتى فأرجوا أن شتهد بأنى وسيارتى كنا بعيدين عن مكان الجريمة وقت ارتكابها قال فواز:


ويرى الشيخ الباقورى أن حادث سيارة الجيب جعل الحكومة تتنفس الصعداء فأخذت تعد قرارها بحل [[الإخوان]]. ولكن المرشد لم يكن يعلم بفكرة الحل وأنها مثار بحث جدى بين الحكومة والقصر.ولو أنه كان يعلم  فربما فكر أن المواجهة قد حانت.ولكن الواضح  أنه كان يرى ألا يبدأ بالصدام وأن يؤخر قدر الطاقة ساعة المواجهة!
أستطيع أن أشهد بوجودى معك إلى ما بعد التاسعة مساء ولكنى لا أستطيع أن أؤدى مثل هذه الشهادة فيما يتصل بالسيارة.


==الضحية==
سأل المحقق محمود عبد المجيد فنفى علاقته بالجريمة قال إنه سمع بها فى اليوم التالى.
وأكد أن سيارته كانت أمام فندق ايدن من بعد الغروب حتى التاسعة والنصف مساء ..ز أى إلى ما بعد وقوع الجريمة بأكثر من ساعة.


فكر [[النقراشي]] باشا جديا فى حل [[الجماعة]] فقد اقتنع أن بإمكانه عن طريق الإجراءات الصارمة إحباط القدرة المتزايدة [[للإخوان]] وتصفيتهم كقوة سياسية واقعية لتستقر أوضاع الأمن فى البلاد.سأل إبراهيم عبد الهادى رئيس الديوزان الذى رأى عدم حل [[الجماعة]] لتحارب الوفد.
وشهد ثلاثة من ضباط الشرطة ونائب عمدة أنهم كانوا مع محمود عبد المجيد وأن السيارة كانت تقف تحت انظارهم بعيدة  عن مكان الجريمة.


'''وسأل [[عبد الرحمن عزام]] أمين الجامعة العربية فنصحه بعدم الحل وقيل له:'''
وكان شهود الزور الثلاثة:


:يمكن أن تصل إلى ما تريد بغير حل [[الجماعة]] ولكن [[النقراشي]] رفض كل النصائح والتحذيرات .  
مفتش لاداخلية إسماعيل فهمى.


'''قال:'''
والرائد محمود فهمى على رئيس مباحث جرجا.


:إنى لا أعرف [[السياسة]].ولا أعرف أن ألف وأدور .وأرى واجبى يحتم علىّ اتخاذ العمل الصارم.
والمقدم محمد إسماعيل أبو السعود رئيس مباحث منطقة طهطا.


:لقد جاءنى وزراء يقولون إنهم يخافون على من نتائج القرار إنى لا أستطيع البقاء رئيسا للوزراء وأسمح بوجود جمعية [[الإخوان المسلمين]] وقرر [[النقراشي]] حل [[الجماعة]]... ولكن على دفعات .بعد اغتيال سليم باشا حكمدار شرطة [[القاهرة]] أصدر عبد الرحمن عمار يوم 4 من [[ديسمبر]] [[1948]] بصفته الرقيب العام أمرا بتعطيل [[مجلة الإخوان المسلمون|جريدة الإخوان]] إلى أجل غير مسمى.
وقال العقيد محمود عبد  المجيد, ولم تكتب أنه سئل فى لاتحقيق ... وبسبب الربقابة لم يجرؤ صحفى واحد فى [[مصر]] على كتابة النبا وتقديمه لرقابة .. لحذفه  ومنع نشره!


ولم يدرك [[الإخوان]] أن هذه مقدمة لقرار الحل وأن إجراءات الحكومة لن تقتصر على تعطيل صوت [[الجماعة]] . وطلب [[النقراشي]] إلى المستشار الفضائى إعداد الأمر العسكرى بحل [[الجماعة]].
لم يتم الليثى فى بيته. ولم يذهب إلى لجزار فى محل " جروبى" فقد أصيب بالرعب.


فشل [[المرشد العام]] فى مقابلة الملك وحاول مرتين أن يقابل [[إبراهيم عبد الهادي]] رئيس الديوان الملكى ولكن رئيس الديوان اعتذر. وبعث [[البنا]] لصاحب الجلالة برسالة عن طريق أحمد مرتضى المراغى مدير الأمن العام.
قال محمد يوسف محمد المحامى وعضو جمعية الشبان المسلمين إن البوليس بما  له من سلطة استطاع إرهاب الليثى.


'''اجتمع به فى منزله ب[[حلوان]] وقال له:''' عندى رسالة شفوية أرجو أن توصلها إلى القصر . يريد رئيس الحكومة حل [[الجماعة]] وهذا قرار بالغ الخطورة وقد يكون له عواقب وخيمة ولابد أن يقع بيننا وبين الحكومة صدام عنيف.
استقل الليثى فى اليوم التالى عربة الترام إلى منزل [[صالح حرب]] باشا رئيس جمعية الشبان المسلمين . وكان فى اسوان فاتصلت قرينته السيدة منيرة عامر  بالأستاذ مصطفى الشوربجى المحامى ودعته لبيتها ليستمع لليثى.


ونحن [[الإخوان]] نشعر أن [[النقراشي]] باشا جر الملك فاروق إلى خصومتنا قال المراغى:هل تأذن  لى أن أدبر لك مقابلة مع [[النقراشي]] باشا لعلك تستطيع بلباقتك وحكتمك أن تصفى الجو بينه وبينكم.رفع [[البنا]] يديه وقال :لا أمل فى الوفاق معه . أعرف طباعه . إنه عنيد . وإذا ركب رأسه فلن يلوى على شئ وسينفذ رأيه.
قال الشوربجى لليثى: أذكر الحقيقة للنيابة واطلب حمايتك.


'''وانقلب الشيخ الوديع نمرا هائجا وقدحت عيناه شررا كما وصفه المراغى قال:'''
وطلبت  السيدة منيرة عامر من الليثى أن يقابل [[فتحي رضوان]] الذى وجه إليه النصيحة ذاتها واعتذر عن الذهاب معه إلى النيابة لأن القانون يمنع الشاهد من اصطحاب محام.


:إنها جريمة نكراء يريد [[النقراشي]] ارتكابها هل يظن أننا لعبة يستطيع تحطيمها بسهولة.
وتوجه الليثى إلى زكى على باشا فى مكتبه بالوزارة وأبو الخير نجيب صاحب جريدة " الجمهور المصرى" وكان أيامها محررا بصحيفة الأهرام فنصحاه بالإدلاء بالحقيقة كاملة.وقابل [[فؤاد سراج الدين]] باشا سكرتير عام [[حزب الوفد]] فى النادى السعدى وشرح له الأمر فقال فؤاد باشا:
موقفك مشرف ولابد أن تستمر.


'''قال المراغى:'''
قال الليثى:


:رسالتك خطيرة وسأبلغا إلى الملك . وسأنقل رأيك فى حل [[الإخوان]] وخطورة عاقبته إلى [[النقراشي]]. قابل المراغى رئيس الوزراء فى اليوم التالى وروى له الرواية.
أ يمكن ان يثير الوفد الموضوع لأنى أقاوم وحدى وعده الباشا خيرا!


'''قال [[النقراشي]]:'''
وقال الليثى عمر عمر نقيب المحامين الوفدى فوعده خيرا أيضا.


:هل تريد أن تقر الإرهاب وتريد أن تعترف بشرعيتهم وهل تسمح لهذه [[الجماعة]] أن تتمادى؟ لابد من حلها.
ولكن النقابة المحامين لم تتحرك لمساندة الليثى الذى أبرق إلى النيابة يحمل الشرطة مسئولية أى اعتداء أو ضرر يلحق به من الجزار.
وهز [[النقراشي]] باشا رأسه اسنخفافا وقال كان أحسن لو لم تقابله!


فكر الشيخ فيما قاله المراغى ورأى تهدئة الموقف فتوجه إلى وزارة الداخلية للقاء عبد الرحمن عمار.
وعندما سئلت أمام محكمة الجنايات  - بعد 4  سنوات من لاجريمة – قالت السيدة منيرة عامر مطلقة [[صالح حرب]]:
أريد مقابلة [[النقراشي]] باشا للتفاهم معه حتى يعدل عن عزمه على حل الجمعية: وأضاف : سيقتصر نشاط الجمعية على الشئون الدينية البحتة ولن نتدخل فى [[السياسة]].


توجه الرجلان إلى رئاسة مجلس الوزراء فبقى الشيخ حسن فى غرف الانتظار بينما دخل عمار إلى مكتب [[النقراشي]] يعرض عليه الأمر.
الولد مسكين وكان خايف... العهد كان عهد ارهاب والكل خائف!


ولكن [[النقراشي]] باشا رفض لقاء [[البنا]].وتقدم [[الإخوان]] بالتماس غلى القصر الملكى يشكون فيه من حملات الاعتقالات التى يتعرضون لها والتهم التى يواجهونها, بلا تحريات جدية . أو تحقيقات تتولاها النيابة.
رأى محمد الجزار وكبار الشرطة إحاطة الليثى بالشبهات فقالوا فى تحقيقات النيابة وأمام القضاء أنه كان يعمل مرشدا عند الجزار ويتقاضى عشر جنيهات شهريا قبل الجريمة بعام.
ولكن الالتماس لا ينشر بسبب الرقابة على الصحف.


'''ويلتقى اندروز بأحمد مرتضى المراغى مدير الأمن العام الذى يقول له:'''
ودافع [[صالح حرب]] عن الليثى أمام المحكمة ... قال : أدى الليثى واجبه فوق ما يطيق. ونفى عنه الإتهام بأنه كان مرشدا للشرطة


:هناك مجموعات كبيرة من الشيوعيين فى الجامعة . وقد انضمت أعداد إلى [[الإخوان المسلمين]] والوفد كستار عندما بدأت حملة الحكومة ضد الشيوعيين منذ شهور.ويلتقى المراغى برئيس الوزراء ويحذره من حل [[الإخوان]] قائلاالعواقب خطيرة.
قال : لو كان يتطلع إلى المال لارتمى فى أحضان [[الأحزاب]] التى تسرف فى إنفاق المال. ولا يبقى فى جمعية الشبان المسلمين الفقيرة.


ويهتاج [[النقراشي]] ويربد وجهه.وفى هذه اللحظة يدخل  عبد الرحمن عمار وكيل وزارة الاخلية فيقطاع الاجتماع قائلا:المسألة منتهية , فقد وضعت قرار حل [[الجماعة]] . وسأعرضه غدا على دولتكم لتوقيعه.
وقال: كان الليثى مهددا فكل مصرى يمسى ولا يصدق أنه سيصبح , ويصبح ولا يصدق أنه سيمسى.


'''هال الأمر مدير الأمن العام فقال:'''
وموقف الليثى أدق ما يكون وأكثر من غيره عرضة للخطر.


:أرجو أن تتمهل فى إصدار القرار [[الإخوان]] يشكلون منظمات وخلايا سرية لا علم لوزارة الداخلية بأسماء أعضائها. وقد يكون بعضهم داخل الوزارة وحرس الأمن . وأعلم أن كثيرين من ضباط الجيش من [[الجماعة]] ولكن [[النقراشي]] رأى أن الهزيمة العسكرية فى [[فلسطين]] واضطراب الأمن ينهى استقرار النظام كله.  
من البداية اتهم عبد الكريم منصور كلا من محمد كامل الدماطى مدير مكتب إبراهيم عبد الهادى ووكيل وزارة الداخلية عبد الرحمن عمار بارتكاب الجريمة.. فإن عبد الكريم أدخل حجرة منفردة فى مستشفى القصر العينى ولم يعرف بوفاة [[البنا]] إلا بعد أن تلقى برقية تعزية من [[السودان]].
وقد تأخر سؤاله لأن حالته لم تسمح بذلك. وعندما سأله المحقق بعد خمسة أيام من وقوع الجريمة أحسن, كما قال , بأن " المسائل مطبوخة"


ووجد فى [[الإخوان]] تهديدا للحكم بعد أن فقد الثقة فيهم نتيجة اكتشاف حجم [[النظام الخاص|الجهاز السرى]] سواء كان يتلقى التعليمات من [[المرشد العام]] أو أن هذا الجهاز فقد الإنضباط وأصبح مستقلا عن  قيادة [[الجماعة]].  
وجد النيابة غير جادة.


'''وقال رجال الأمن للنقراشى:'''
رأى أن يتهرب منها فقال  للمحقق.


:لقد اصبح القرآن هو الشفرة السرية التى يستعملها [[النظام الخاص|الجهاز السرى]] وكلمة الصحف فى هذه الشفرة معناها السلاح!
اكتب على كيفك!


قال  كلايتون رجل المخابرات البريطانية فى [[مصر]] للدبلوماسى المصرى يحيى [[النقراشي]] والحكومة , أم [[البنا]] وأنصاره؟وهذا السؤال يدل على إدراك [[الإنجليز]] لقوة [[الإخوان]] أو مخاوفهم منها ومن هنا الضغط البريطانى ضدهم.مضى الوزير البريطانى تشابمان أندروز فى تحذيراته للقصر الملكى ضد [[الجماعة]] .
وعندما طلب مغادرة المستشفى عومل معاملة شاذة فقد أخذ إلى قسم شرطة عابدين ومكث به مدة طويلة حتى سمح له بالعودة إلى بيته.


'''قال لحسن يوسف بالحرف الواحد كما تقول برقيته رقم 1679 التى بعث بها إلى لندن: '''
حرصت الصحف المصرية جميعا – وكانت تحت الرقابة – على أن تردد بيانات الحكومة وتتهم [[الإخوان]] بأنهم الذين قتلوا [[المرشد العام]] ولم تذكر كلمة واحدة عن المتهمين الحقيقيين.


:"هذه الأحداث أى الانفجارات والاغتيالات هى النتيجة الطبيعية لسماح المنظمات مثل [[الإخوان المسلمين]] بالخروج عن نطاق السيطرة وعدم اتخاذ عمل سريع جاد يسمح به القانون ضد أولئك المذنبين فى مؤامرة الإغتيال وقتل أناس مثل أمين عثمان باشا والمستشار الخازندار بك.
ودافع عبد الرحمن عمار عن محمود عبد المجيد – دون ذكر أسمه فقال فى حديث لصحيفة " الأساس" جريدة الحزب  السعدى وأكد ذلك فى شهادته أمام النيابة. قال:


:ومن المعروف للجميع أن [[الإخوان المسلمين]] والحاج [[أمين الحسيني]] مقتى القدس السابق يملكون مخازن كبيرة من المتفجرات والأسلحة, لإستخدامها فى [[فلسطين]] ظاهريا, وسماح اية حكومة بمثل هذا الوضع يعتبر بمثابة دعوة لحدوث متاعب من هذا النوع.وتستطيع الحكومة بالتأكيد أن تقوم بعمل فعال حتى الآن لتحطيم هذه المنظمات".
" النأر بدأت تأكل بعضها"...


رد حسن يوسف بأنه يخشى أن يكون [[الإخوان المسلمون]] قد صاروا أقوى من أن يتم تحطيمهم بهذا الشكل.سأله الوزير البريطانى عما يقترح عمله.هز حسن يوسف كتفيه يائسا. أعد القسم الشرقى فى وزارة الخارجية البريطانية مذكرة
يعنى أنه جرى انقلاب بين الإ رها بيين على شيخهم السابق , وبعد أن ظنوا أنه لم يعد يشايع حركاتهم الإرهابية, وأنه أخذ يفكر فى تسليم أسلحتهم ومحطتهم السرية إلى السلطات المسئولة.
وقال عمار:


'''قال:'''
- ذكر الشيخ [[البنا]] أن أمضيه خطوة واحدة فى سبيل تسليم الأسلحة والذخائر سيؤدى إلى قتلة وكان هذا الحديث للقتيل قبلمصرعه بوقت قليل .


:" لا شك أن الشغب فى [[مصر]] يقوده طلبة الجامعة عموما, وصبيان المدارس والسوقة مستعدون للإنضمام للشغب من أجل النهب.ويجب ألاّ ينظر إليهم بجدية كتعبير عن الرأى العام ولكنهم يكتشفون عجز الحكومة عن الحفاظ على الأمن فيشجعون غيرهم ممن يهددون السلام ويفتحون الطريق أمام التغلغل الشيوعى مستقبلا".
- وأضاف : هنالك اتجاه آخر لم يفت جهات التحقيق وهو البحث عن صلة بين حادث  [[البنا]] والحوادث الدامية التى وقعت فى قطر عربى شقيق فى مثل هذا الشهر  من العام الماضى.


'''وتعد وزارة الخارجية البريطانية مذكرة عن الموقف فى [[مصر]] بصفة عامة قالت المذكرة:'''
- يقصد بذلك اليمن,


:" يجب أن يكون خطنا لاترقب لنرى ما إذا كان المصريون سيلجأون إلينا حين  يسوء الموقف.وقد أظهر الملك ما يدل على أنه يريد ذلك. وكان واضحا منذ وقت طويل مضى أنه ما لم يتلق الزعماء المصريين والقوميون العرب الآخرون وخاصة الجامعة العربية صدمة بالغة الشدة من نوع ما تخرجهم من إطارهم الفكرى , والمتبجح والمدعى فسوف تستمر الأمور فى الشرق الأوسط فى تدهور.
- وأعلنت الحكومة المصرية صراحة أن [[الإخوان]] ساهموا فى اغتيال الإمام يحيى – إمام اليمن – لتأكيد أن قتلة الشيخ من اليمنيين.


:وهناك بالطبع مخاطر بالغة من أن يكون تأثير الصدمة أشد مما ينبغىو ستنهار لنظم الاقتنصادية , بل والنظم السياسية أيضا. ويجب ألا تكون سياستنا الجرى وراء العرب بل نظهر لهم أننا ما زلنا أصدقاء بوسعهم إذا وضعوا أيديهم فى ايدنا , وإذا اتبعوا سياسة متبصرة أن يحققوا الإستقرار وينجزوا التقدم الإقتصادى والاجتماعى ويصبحوا شركاء فى ترتيبات دفاعية معقولة".
- وقالت الصحف إن الإتجاه الثالث يدور حول تهديدات بالقتل تبادلها فريقان من جماعة [[الإخوان]] بعضهم انفصل عنها من زمن وكل فريق كان يعمل على تهديد رئيس الفريق الآخر.


أى معاهدة دفاع مشترك مع بريطانيا ويكون تاريخ هذه المذكرة يوم 8 من [[ديسمبر]] اليوم الحاسم فى تاريخ [[الإخوان المسلمين]]! فى ذلك الصباح نشرت [[مجلة آخر ساعة]] خبرا غامضا يشير إلى أن قرار حل [[الجماعة]] سيصدر فى اليوم نفسه.
- وجدت فى مكان الحادث حافظة نقود باسم أحمد شعبان عبد الهادى وهو كهربائى ونشر ذلك فى الصحف.


ومرة أخرى لم يدرك [[الإخوان]] ذلك ولم يفطنوا إلى أنه إذا كان فى نيتهم اتخاذ عمل حاسم ضد الحكومة فهذه فرصتهم الأخيرة.قال [[صالح عشماوي]] وكيل [[الجماعة]] إنه عندما مر النصف الأول من اليوم ولم يصدر قرار الحل عاد إلى منزله وقد ظن أن الحكومة ستعدل عن قرارها.
- قرأ شعبان ذلك فتقدم إلى الشرطة يقول إن حافظته وبها رخصته وقعت منه . وهو فى طريق عمله وكانت بداخل معطفه الذى وضعه على كتفه قال رجال الشرطة:


وتوجه بعد صلاة المغرب  إلى منزل [[المرشد العام]] فوجد عنده بعض أعضاء [[الجماعة]] ورآه فى حالة نفسية قلقة فقد وصلته أنباء من '''" مصدر ثقة"''' أن اجتماعا عقد بعد الظهر فى وزارة الداخلية بين فريقين من كبار المسئولين وغير المسئولين ودارت مناقشة حامية طويلة بين مؤيدى قرار الحل ومعارضيه انتهت بترجيج  الرأى القائل بالحل.
- إن الجو بارد والشيخ [[البنا]] – كان قوى البنية – ومع ذلك يرتدى معطفا وتحته جاكتة وبلوفر مما يدل على برودة الجو, فكيف لا يرتدى الكهربانى معطفه.


اتصل [[المرشد العام]] بإبراهيم عبد الهادى لإقناعه بالتدخل  لمنع صدور القرار ولكن رئيس الديوان أخذ يراوغ ويماطل ثم طلب من [[المرشد العام]] الذهاب إلى عبد الرحمن عمار فى وزارة الداخلية. اعترض [[صالح عشماوي]] وقال المرشد.
- وأكد صاحب المقهى المجاور للجمعية أن الليلة كانت قارصة البرد ولذلك قرر إغلاق المقهى.


ركب القوم رءوسهم والغرض من هذه المقابلة كسب الوقت فضلا عما فيها من الإذلال ولكن المرشد رأى أنه مكرة غير مخير فاستقل سيارته إلى وزارة ليلتقى بعبد الرحمن عمار.
- وأراد رجال الشرطة القاء التهمة على الكهربائى لأنه ينتمى لجمعية [[الإخوان]]....


'''قال الشيخ:ستنصرف [[الجماعة]] إلى رسالتها الدينية'''
- قالوا : من غير المعقول أن يمر أمام الجمعية ولا يسمع عن الحادث أو يهتم به ولكن رجال الشرطة اضطروا للإفراج عن الكهربائى إا لم يجدوا دليلا واحدا على صلته بالجريمة.


لم يقل عمار للمرشد العام ما ذكره لسكرتير السفارة الأمريكية من أن هذا الوعد جاء متأخرا بل وعده بصدور قرار فى المساء يخفف التوتر.ويطول الحوار خلال الاجتماع الذى لم ينته غلا فى العاشرة مساء فعاد المرشد إلى [[صالح عشماوي]] و[[عبده قاسم]] اللذين كانا فى انتظاره
- وتقدم إلى النيابة الدكتور محمد حسنى عباس مدرس القانون بكلية التجارة بجامعة فؤاد الأول " [[القاهرة]]" – المولود بجرجا – صديق الجزار منذ الصبا وزميله فى كلية التجارة قائلا:
- كان لدى موعد عند نقابة المحامين فذهبت متأخرا حوالى 8,15 مساء ورأيت سيارة فالتقطت رقمها وهو 9997.


'''ليقول:'''
- ... يريد بذلك أن يؤكد الرقم المزيف الذى ذكره محمد وصفى ولاحظ المحقق أن الشهد الجديد جاء بصحبة الرائد توفيق السعيد ضابط المباحث العامة.


:روح عبد الرحمن عمار طيبة وقد أبلغنى ان حل [[الإخوان]] هدم لصرح [[الإسلام]] فى هذا العصر ووعدنى بإبلاغ [[النقراشي]] باشا وأن الأمر سينتهى إلى خير .وطلب الشيخ [[البنا]] إلى [[الإخوان]] المجتمعين فى [[المركز العام]] الإنصراف وبشرهم بحل الأزمة.
- واعتذر عن الإدلاء باسم صديقه الذى جاء من أجله إلى هذا المكان وفى هذا الموعد. ولما سئل عن الأضواء فى الطريق وهل تسمح له بالتقاط رقم السيارة  المسرعة أجاب بأن نظره سليم 6 على6!وقبضت الشرطة على كواء فى شبين الكوم اسمه صلاح أحمد بركات اعترف بأنه القاتل فنقل إلى [[القاهرة]] وحققت معه النيابة فلما  رأى خطورة الاتهام عدل عن أقواله وافرجت النيابة عنه.. بعد حين!


حملت نشرة أنباء الساعة الحادية عشرة مساء يوم 8 من [[ديسمبر]] [[1948]] القرار الذى يخفف التوتر بالنسبة للحكومة لا [[للإخوان المسلمين]] .
- واعتقلت الشرطة 80 شخصا من [[الإخوان]] بحثا عن قتله [[البنا]]!


بدأت النشرة بإذاعة أمر عسكرى أصدره [[النقراشي|محمود فهمى النقراشى]] باشا رئيس الوزراء بصفته الحاكم العسكرى بحل [[الجماعة]] [[الإخوان المسلمين]] وجميع شعبها فى [[مصر]]. وإغلاق الأمكنة المخصصة لنشاطها وضبط أوراقها وسجلاتها وأموالها وممتلكاتها وحظر اجتماع خمسة أشخاص أو أكثر من أعضائها .
- سئل الليثى:


وتسليم كل وثائق الجمعية وأموالها لأقسام الشرطة لن [[الجماعة]] كما قال الأمر العسكرى أمعنت فى شرورها بحيث أصبح وجودها يهدد الأمن العام والنظام تهديدا بالغ الخطر وبات من الضرورى وقف نشاط [[الجماعة]] التى تروع الأمن لضمان سلامة أهل البلاد فى الداخل وجيوشها فى الخارج.
- هل اعتاد [[البنا]] على الذهاب إلى الجمعية بانتظام؟


وحدد الأمر العسكرى عقوبة المخالفين بالجبس دة تتراوح بين ستة شهور وعامين وغرامة بين مائتى جنيه وألف جنيه.وقال الأمر العسكرى إن الموظف أوالطالب الذى يخالف الأمر يفصل من عمله أو معهده وأذيعت مع القرار أسباب الحل فى مذكرة تفسيرية قدمها عبد الرحمن عمار وكيل وزارة الداخلية.
- أجاب :


'''تضمنت المذكرة تاريخ الجمعية التى:'''
- قبل قتل النقراشى كان يلجأ إليها ساعات بالنهار وساعات بالليل أما بعد قتله فلم يذهب [[المرشد العام]] إلى الجمعية ليلا....


:" تألفت كهيئة دينية واجتماعية ثم اسفر القائمون عليها عن أغراضهم التى يحرمها [[الدستور]] والقانون فانغمسوا فى تيار النصال السياسى لتغيير النظم الأساسية للمجتمع بالقوة والإرهاب لقلب نظام الحكم".
- بعث جيفرسون باترسون القائم بأعمال السفارة الأمريكية إلى واشنطن بعد 48 ساعة من الأغتيال – أول برقية  عن القتلة.


'''واستند الحل إلى '''
- قال:


:" أن [[الجماعة]] اتخذت طابع العنف فدربت الشباب فى الجوالة وأنشأت مراكز رياضية للتدريب العسكرى مستترة وراء الرياضة".
- " لم يتم حتى الآن تحديد  شخصية القاتل. ولم يتم بالطبع القبض عليه. وتم الإفراج عن أحد المشتبه فيهم  عثر على بطاقته الشخصية قريبا من مسرح الحادث واعترف بأنه عضو فى [[الإخوان المسلمين]] مما كان مثار خيبة امل البوليس .


وجمعت الأسلحة والقنبل والمفرقعات وقامت يتخزينها وساعدها فى ذلك ما تقوم به بعض الهيئات من جمع الأسلحة والعتاد بمناسبة قضية [[فلسطين]] .ووجه عبد الرحمن عمار إتهاما [[للإخوان]] باتخاذ الإجرام وسيلة لتنفيذ مراميهم. وحدد 13 نشاطا إجراميا لهم بدأت عام [[1942]] وانتهت فى 15 من [[نوفمبر]] عام [[1948]] من بينها:
- وطرحت عدة تصورات بالنسبة لطبيعة الاغتيال , وبالطريقة السائدة بين الجماهير أن الجريمة ارتكبت على يد أحد عملاء الحكومة انتقاما لاغتيال النقراشى باشا.


:#إلقاء القنابل فى مدينة [[القاهرة]] بتاريخ 24 من [[ديسمبر]] من [[1946]]  
- وهناك نظرية أخرى يحبذها تماما رجال الأمن تقول إن الإغتيال قام به أحد أعضاء [[الإخوان المسلمين]] إما لأن الشيخ [[البنا]] خذل [[الإخوان المسلمين]] المعتقلين. وإما لأنه كان على وشك أن يعطى السلطات معلومات متعلقة بإمدادات [[الإخوان]] من الأسلحة.
:#الإعتداءات على رجال الشرطة فى 29 من [[نوفمبر]] [[1947]]
:#تهديد الشركات والمحال التجارية وابتزازها اموالها.
:#ألقاء قنبلة على فندق الملك جورج ب[[الإسماعيلية]] فى السنة نفسها
:#اعتداءات على خصوم [[الجماعة]] فى قرية كوم النور مركز غمر
:#وحرق أحطاب أحد الملاك فى كفر بداواى,
:#وقتل شيخ خفراء البلدة وإطلاق النار على رجال الشرطة فى قرية البرامون,
:#وتحريض الفلاحين على زيادة أجورهم
:#وتحريض عمال تفتيش محلة موسى لوزارة الزراعة على المطالبة بتملك أراضى التفتيش .
:#ضبط كميات ضخمة من القنابل والمفرعات والبنادق والمسدسات والمدافع ووثائق فى 22 من [[أكتوبر]] تقطع بأن [[الجماعة]] تعد العدة للقيام بأعمال إرهابية واسعة النطاق.
:#افساد النشء ببذر الإجرام وسط الطلبة والتلاميذ فانقلبت معاهد التعليم مسرحا للشغب والإخلال  بالأمن وميدانا للمعارك والجرائم
:#قتل المستشار أحمد الخازندار بك وكيل محكمة استئناف [[مصر]] باستخدام القنابل لارهاب القضاه وثبت أن أحد القاتلين كان سكرتيرا خاصا للشيخ  [[البنا]].
:#نسف شركة الإعلانات الشرقية يوم 12 من [[نوفمبر]] [[1948]] ولم تشر المذكرة التفسيرية للأمر العسكرى إلى القنابل التى اتهم أعضاء [[الجماعة]] بإلقائها على معسكرات [[الإنجليز]] أو منشآت [[اليهود]].  


قال الضابط الكندى هاردى إن [[النقراشي]] انتهز فرصة الشغب العنيف الذى وقع فى [[القاهرة]] يوم 4 من [[ديسمبر]] ليصدر قرار الحل.أسرع أعضاء [[الجماعة]] وأشقاء الشيخ وهم عبد الرحمن وعبد الباسط ومحمد إلى دار [[المركز العام]] بالحلمية الجديدة فوجدوا الشيخ [[البنا]] فى مكتبه وقعه صفوة من [[الإخوان]] لم تكن قد انصرفت بعد.
- والنظرية الثالثة


مضت دقائق معدودة لتجئ السيارات المصفحة تحاصرا الدار من  كل جانب, ثم تقتحمها وكأنها تقتحم حصنا منيعا يعد بالجنود والسلاح وعلى رأس القوة ضابط شاهر مسدسه مثبت بصره وحواسه فى شخص [[المرشد العام]] .
التى تنتشر على حذر تقول إن القصر دبر الشيخ [[البنا]] خشية أن يكشف [[البنا]] عن طبيعة علاقاته بالقصر.


قال: عندى أمر بالقبض على من بالدار عدا فضيلة [[المرشد العام]] وأخذ يرجو فضيلته أن يسهل مهمته لأنه '''" عبد المأمور"'''!
- وهناك نظرية أخرى قالها أحد كبار موظفى القصر تقول : إن الأغتيال تم على يد شخص يمنى يعمل لحساب الأسرة الماكلة اليمنية انتقاما لمقتل الإمام يحيى فى [[فبراير]] [[1948]] فى المخطط الذىىى قيل إن [[الإخوان المسلمين]] شاركوا فيه"


قبض رجال الشرطة على كل من وجودهم من الأعضاء فى [[المركز العام]] ورأى [[سعد الوليلي]] سكرتير [[المرشد العام]] الذى اعتقل أيضا الشيخ [[البنا]] يصعد سلم إحدى سيارات اللورى فمنعه رجال الشرطة من الصعود تشبث بالسيارة ولكن الضابط أكد أنه لم تصدر أوامر باعتقاله.
- قال محمد وصفى للماجور سانسوم البريطانى: أعرف القاتل !


أزداد [[البنا]] تشبثا بالسيارة واعتلى أولى درجات سلمها وهو يصيح: لا تأخذوا هؤلاء بجريرتى فأنا أول منهم بالإعتقال.. وإذاكان [[الإخوان]] عصابة إجرامية فأنا رئيسها!
- واضاف :


تحركت السيارة بالمعتقلين وبالشيخ إلى دار المحافظة ولكن رجال الشرطة رفضوا اعتقاله. وهناك احتالوا عليه فجاءه أحد الضباط يرجوه أن يقابل الحكمدار للتفاهم معه. نزل [[المرشد العام]] من السيارة واتجه إلى مكتب الحكمدار بينما تحركت السيارة بالأعضاء وأشقاء الشيخ إلى المعتقل.وكان هذا آخر عهدهم بالشيخ [[البنا]]!
- ولكن لا يمكن تقديمه للمحاكمة الآن. لقد قتل فى اليوم اليوم الثانى للجريمة فى طريق [[السويس]] . أطلقت عليه رصاصة فى ظهره مثل الشيخ [[البنا]] وانفرجت شفتا وصفى عن ابتسامة باهتة. وقال :


نشرت صحيفة '''" المصرى "''' ما فعله رجال الشرطة فى ذلك المساء 8 من [[ديسمبر]] عقب إذاعة قرار الحل مما يدل على أن الفترة التى انقضت منذ 18 من [[نوفمبر]] كانت مرحلة استعداد كاملة.
- من السهل أن تقتل أحد لامرءوسين خاصة إذا ادعيت أنك تسعى لتأمين سلامته الشخصية. وفى هذه الحالة تصحبه إلى نقطة نائبه وتطلق عليه رصاصة من الخلف.


'''قالت الصحيفة الوفدية'''
- قال السيد الشوربجى محامى [[الإخوان]]:


:" عند الساعة الحادية عشرة والدقيقة العاشرة اخترقت قوات البوليس بسياراتها [[القاهرة]] فى طريقها إلى [[المركز العام]] لجماعة [[الإخوان]] .وعند وصول القوات كان هناك بعض شباب [[الإخوان]] مجتمعين فى فناء [[المركز العام]] فاقتحم البوليس الدار وألقى القبض عليهم جميعا ونقلهم.بعد تفتيشهم إلى قسم الخليفة توطئة إرسالهم إلى النعتقل.
مضى التحقيق الصورى المضحك المبكى فى آن واحد


:وقام رجال البوليس بعد ذلك بالتفتيش فلم يتركوا ركنا فى حجرة إلا فتشوه ولم يهملوا دولابا دون أن تمتد إليه أيديهم بالبحث والتنقيب.ووضع رجال البوليس جميع الأوراق التى ضبطت فى الدار , أو مع الشباب المقبوض عليهم فى جوالات وأرسلت إلى قسم الخليفة لحفظها بمعرفة  المختص.
وقال [[الإخوان]]: ماذ يكون الأمر حين تكون الحكومة هى التى دبرت الجريمة.وحين يكون رجال البوليس هم الذين نفذوها.


:وشاهد مندوب '''" المصرى"''' أعداد كبيرا من السيارات المصفحة يستقلها بعض الضباط فى طريقهم إلى باقى شعب [[الإخوان المسلمين]] وكان الجنود يرتدون الخوذات الحديدية ومزودين بالسلحة والمدافع الرشاشة.واستمرت القوات تواصل تفتيشها واعتقالاتها حتى تم تنفيذ جميع الإجراءات وأغلقت جميع الشعب والفروع التابعة للجمعية بالشمع الأحمر".
من الذى يجمع الأدلة إذن ويقدمها للقضاء.


كان عبد الرحمن عمار فى فترة نفوذ [[الجماعة]] وقوتها يخطب فى صلاة الجمعة فى بنها متحدثا باسم [[الإخوان]] وكان يقبل يد [[المرشد العام]] ويدعوه بشيخه وأستاذه ويناديه قائلا: سيدى الأستاذ [[البنا]] ولكن عبد الرحمن عمار تغير تماما عندما رأى اتجاه الحكومة ضد [[الجماعة]]
وماذا يكون الأمر حينما تعمل الحكومة على هدم الأدلة الموجودة بين يدى المدنيين من غير رجالها؟


'''علق على قرار الحل قائلا:'''
... وتستمر محاولات طمس الحقائق , وتزوير الأدلة فإنها  كانت أيام الزيف!
الجنازة


:إذا كانت الحكومة قد خطت هذه الخطوة الجريئة التى أحجمت عنها حكومات سابقة فلأنها رأت أنه ليس هناك بد من العمل بحزم وعزم للقضاء على عناصر الشغب ودعاة الفتنة وأهل السوء,قضاء مبرما فى غير تردد وبلا شفقة ولا رحمة.
اتصل الملك فاروق حوالى الساعة التاسعة مساء بلادكتور [[يوسف رشاد]] وقال له:
- حسن ضرب بالرصاص وحالته خطرة , ولكنه لم يمت بعد. وقال الدكتور [[يوسف رشاد]] إن لهجة الملك دلت على فرحته وارتياحه للحادث.


بعد قيام [[ثورة 23 يوليو 1952]] والقبض على عبد الرحمن عمار حاول أن يتنصل من مسئولية الحل ومن المذكرة التفسيرية تماما كما يفعل كبار لاموظفين فى أعقاب الثورات والانقلابات وتغير أنظمة الحكم واتجاهاته فى [[مصر]] والدول النامية.
- وقالت السيدة ناهد رشاد – زوجة الدكتور [[يوسف رشاد]] – إن فاروق كان سعيدا جدا يوم الجريمة.


'''قال عمار:'''
- وقال محمد حسن السليمانى – الأمين الخاص للملك منذ عام 43 – إن فاروق كان متأثرا جدا عندما قتل النقراشى. وعندما قتل [[البنا]] لم يظهر أى تأثير. واتصل الملك بحسن يوسف وكيل الديوان فى منزله ... وكان نائما . قال : هل سمعت بالحادث؟ رد حسن يوسف:


:إدارة الأمن العام هى التى أعدت مذكرة الحل بناء على طلب [[النقراشي]] وقد وضعت عليها طبقا للإجراءات الحكومية بصفتى وكيلا لوزارة الداخلية!
- أى حادث؟


'''علق المسئولون فى وزارة الخارجية البريطانية فى مذاكراتهم الرسمية السرية على الأمر العسكرى فقالوا:'''
- قال فاروق : الشيخ [[البنا]] ضربوه بالرصاص. قال حسن  يوسف: لا حول ولا قوة إلا بالله!


:وشكلت الأنشطة الأخيرة للمنظمة تهديدا للأمن العام بحيازتها لكميات ضخمة من الأسلحة والمتفجرات , ومن الواضح تماما أنها ملك المنظمة نفسها لا لأعضاء فيها وهذا صلب الموضوع وجوهره لاختلاف هذه المنظمة عن  الحزب السياسى العادى .وجاء قرار الحل متأخرا عن موعده وهناك ارتياح عام إزاء حل [[الجماعة]]
- نشرت الصحف المصرية حادث اغتيال الشيخ [[البنا]] بالعناوين الكبيرة فى الصفحات الأولى. قالت صحيفتنا " الأهرام" المستقلةو" الساس" – الناطقة باسم الحزب السعدى الحاكم – إن [[الإخوان المسلمين]] هم الذين قتلوا [[البنا]] لأنه كان ينوى ابلاغ الحكومة عن مكان الأسلحة ومحطة الإذاعة السرية .
 
وكان [[الإخوان]] المفجوعوون فى قتل مرشدهم يقرأون هذا الكلام ويعجبون له مثل عجبهم للجريمة ذاتها.
 
- وصفت مجلة " الدعوة" بعد حين مشاعر [[الإخوان]] فقالت
 
" لو كان فى القلوب يومئذ مكان للضحك, لضحك الناس على ذلك.
 
ولكن كان بالقلوب ما يكفيها من أحزان"!
 
بدأت " الأساس" رواية قصة الاغتيال فقالت:" منذ أذاع الأستاذ [[البنا]] بيانه استنكر فيه أعمال الإجرام التى ارتكبها فريق من الذين انتموا إلى جماعته المنحلة . وهو يتلقى من بعض الأعضاء الذين كانوا معه استفسارات واستنكارات لموقفه.
 
وأول أمس تلقى خطاب تهديد, من نوع  الخطابات التى انتشرت فى اليام الأخيرة فى كل مكان.وعرف أن سبب هذا التهديد الأخير ل[[البنا]] أنه أرسل  إلى الحكومة كتابين منذ ثلاثة أيام يقول فى الأول منهما إنه استنكر أشد الإستنكار الحادث الإجرامى الذى حاول فيه أحد اتباعهالسابقين نسف محكمة الاستنئاف ويصف هذا الشاب بأنه ليس أخا وليس  مسلما.
 
كما أعرب فى كتابه الثانى  عن استعداده لتسليم محطة الإذاعة السرية التى تتحدث باسم [[الجماعة]] المنحلة واستعداده لتسليم الذخائر والأسلحة الباقية لدى بعض أعوانه ولم تقع فى يد البوليس حتى الآن.
 
وكانت " الأساس " تكذب فإن بيان" ليسوا إخوانا وليسوا مسلمين " كتبه الشيخ [[البنا]] قبل شهر.
 
أبرقت السفارة البريطانية إلى لندن فى الرابعة صباحا بوفاة [[البنا]] ... مما يدل على أن هذا النبأ يهم [[الإنجليز]] ولذلك أبلغوا بالجريمة بع وقوعها وقبل الفجر.
ونشرت صحيفة " التايمس" فى لندن النبأ فى طبعتها الأخيرة كررت الصحيفة البريطانية مزاعم الحكومة المصرية فقالت: " ذكرت التقارير أن الشيخ تلقى أخيرا خطابات بالقتل إذا حاول إفشاء أسرار [[الجماعة]] المحظورة إلى السلطات خاصة ما يتعلق منها بمخازن أسلحتهم السرية"
 
وقال جيفرسون باترسون القائم بالأعمال الأمريكى:" لم تبد وزراة الخارجية المصرية تعاطفا مع القتيل وقال مسئول بالوزارة إن [[البنا]] أنشأ وحشا.ووضع رجال الشرطة على أهبة الإستعداد فى جميع أنحاء البلاد توقعا لانتقام [[الإخوان]]".
 
التزم أعضاء هيئة كبار العلماء الصمت بعد اغتيال [[البنا]] بينما أصدروا بيانا بعد مصرع لانقراشى أدانوا فيه الاغتيال السياسى.
 
وأبدت صحيفة " اللواء الجديد" صحيفة لاحزب الوطنى – أسفها للحادث وقالت إن " الشيخ [[البنا]] كان يود اغتياله أن يعتكف استجماما من عناء ما كابده فى اليام الأخيرة".
 
وقالت مجلة الحوادث الوفدية" من كل هذا يبرأ الوطن".
 
وقال الأمير المغربى عبد الكريم عندما سمع نبأ الجريمة:
 
" ويح [[مصر]] وإخوتى أهل [[مصر]]. سفكوا دم ولى من أولياء الله".
 
ولم تنشر كلمات الأمير – بسبب الرقابة على الصحف  - إلا... بعد حين!
 
غادر اللواء أحمد عبد الهادى حكمدار شرطة [[القاهرة]] منزله – عندما سمع بالجريمة – إلى مقر جمعية الشبان المسلمين ثم توجه إلى مكتبه ليستمع إلى تقارير كثيرة من رجاله فى كل مكان.
 
قالت هذه التقارير – على حد تعبير الحكمدار – إن الجريمة افزعت كثيرا  من الزعماء والأجانب وأنه خشى رد فعل [[الإخوان]] فينتهزون الفرصة لإحداث اضطرابات خطيرة او ثورة فيفلت الزمام.
 
ظل فى مكتبه حتى الفجر يوزع قوات الشرطة على أنحاء المدينة لتأمين حالة الأمن العام وعمل الإجراءات اللازمة فى مثل هذه الظروف.وربما كان فى استطاعة [[الإخوان]]  إحداث اضطراب ولكن كان واضحا أن معظم أعضاء النظام الخاص قد اعتقلوا , كما أن اغتيال [[المرشد العام]] جعل باقى [[الإخوان]] فى حالة يمكن أن يطلق عليها التعبير الحديث الشائع" انعدم الوزن"!
 
رأى عبد الرحمن عمار وكيل وزارة الداخلية أن  تشيع الجنازة مباشرة من مشرحة القصر العينى خشية أن ينتهز [[الإخوان المسلمون]] الفرصة وأعدادهم كثيرة وانتشارهم واسع ب[[القاهرة]] وضواحيها, لإحداث خلل بالأمن العام يؤدى إلى نتائج خطيرة.
 
ولكن والد الشيخ [[البنا]] توجه إلى مكتب اللواء أحمد طلعت وطالب بالحاح أن تشيع  الجنازة من منزله.
 
لم يوافق الحكمدار إلا بعد استئذان وكيل الداخلية والمسئولين فى الوزارة وكان الشرط الوحيد المعلن أن تشيع الجنازة فى هدوء... بلا مظاهرات أو هتفات
 
فى مذكراته قال الدكتور [[محمد حسين هيكل]] رئيس مجلس الشيوخ..
 
نقلت جثة الشيخ حسن من مستشفى قصر العينى إلى منزل والده فى سر من الناس.. ثم أمرت بألا يشيعه , إلى مقره الأخير إلا عدد محدود من أهله المقربين وألا يقام  له مأتم يقصد المعزون.
 
وكانت المحافظة على الأمن , سند الحكومة فى تصرفها".
 
وصفت صحيفة " الكتلة " الناطقة باسم حزب الكتلة الذى يرأسه [[مكرم عبيد]] باشا جنازة [[البنا]] فقالت:
 
نقل جثمان [[البنا]] إلى بيته فى سيارة , تحرسها سيارة مملوءة بفريق من رجال البوليس المسلحين..
وفى أحد الشوارع الحلمية وقفت القافلة ونزل الجند فاحاطوا ببيت الفقيد ولم يتركوا ثقبا إليه الشك إلا وسدوه بجندى وسلاح!
 
وقف والد الشيخ [[البنا]] , ذلك الرجل الهرم الذى جاوز التسعين عاما, ولم تبد عليه عوامل السنين.
 
عرف بخبر وفاة ولده من أحد الضباط فى الساعة الواحدة بعد منتصف الليل. وقيل له أنهم لن يسلموا إليه جثته إلا إذا وعدهم بأن يدفن فى  الساعة التاسعة لا احتفال . وإلا فإنهم سيضطرون إلى حمل الجثة من مستشفى القصر العينى إلى القب.
 
واضطر إزاء هذه الأوامر إلى أن يعدهم بتنفيذ كل ما تطلبه الحكومة رغبة منه فى أن تصل جثة ولده إلى بيته ليلقى عليه نظرة أخيرة.
 
ظل الرجل ساهرا تطحنه الأحزان وقبيل الفجر تتابعت على باب المسكن طرقات كان صداها يطحن قلب الشيخ.
كان وحده الذى يعلم وينتظر فإن اشقاء الفقيد جميعا كانوا داخل المعتقلات. فتحوا الباب وأدخلوا لجثة متسليين فلم يشهدها أحد من الجيران . ولم يعلم بوصولها سواه.
 
وظل حصار رجال البوليس مضروبا, لاحول البيت وحده, بل حول الجثمان نفسه, لا يسمحون لإنسان بالإقتراب منها مهما كانت صلته بالفقيد.
 
وقام الأب نفسه بإعداد جثة زلده وتجهيزها للدفن. فإن أحد من الرجال  المختصين بذلك لم يسمح له بالدخول..
 
ثم نزلت لاجثة حيث وضعت فى النعش وبقيت مشكلة من يحملها إلى مقرها الأخير.
 
طلب إلى رجال البوليس أن يحضروا يحملون النعش فرفضوا قال لهم: ليس فى البيت رجال : أجابوا
فلتحملها النساء!
 
وخرج نعش الفقيد محمولا على أكتاف النساء وفى مقدمتهن فتاة قوية صبور تهتف بأبيها:
 
قر عينا يا ابتاه. فلن نتخلف عن رسالتك . ولئن منعت الحكومة من يشيع جنازتك – وأسفاه لنذالة الحكام – فحسبنا عزاء وجزاء أن أرواح الشهداء تمشى معنا, وتشيع عن أهل السماء , ما عجز عن تشييعه أهل الأرض.
 
وسارت الجنازة الفريدة فى الطريق فإذا بالشارع كله قد رصف برجال البوليس.
وإذا بعيون الناس من النوافذ والأبواب تصرخ ببريق الحزن والألم والسخط . على الظلم المسلح الذى احتل جانبى الطريق!
 
وعندما وصل الموكب الحزين إلى جامع قيسون للصلاة على جثمان الفقيد كان المسجد خاليا من الناس حتى من الخدم.. فإن رجال البوليس قدموا إلى بيت الله. وأمروا من فيه بالإنصراف . كى لا تتم الصلاة على الجثمان.
 
ووقف الأب أمام النعش يصلى فانهمرت دموعه... فى ابتهالات إلى السماء .
 
ومضى النعش إلى مدافن الإمام الشافعى فوورى [[البنا]] التراب وعادالجميع القليل إلى البيت الباكى الحزين...
 
وعادت النساء الثلاث اللائى حملن النعش على أكتفهن وعاد الوالد الواله  الحزين...
 
وهكذا فى اثنتى عشرة ساعة قتل الشيخ [[البنا]], وشرح, وغسل, ودفن وانطوت صفحة حياته!
 
ومضى النهار وجاء الليل فحرم على أفراد الأسرة أقامة العزاء وتلاوة القرآن ولم يحضر أحد من المعزين لأن الجنود منعوا الناس من الدخول... أما الذين استطاعوا الوصول للعزاء فلم يستطعيوا العودة إلأى بيوتهم .
 
فقد قبض  عليهم وأودعوا المعتقلات. عدا [[مكرم عبيد]] باشا. الذى تعرض لعنت رجال البوليس حين أرادوا أن يمنعوه من واجب العزاء فلم يمكنهم. ودخل البيت وأزجى كلمات العزاء .
قال [[الإخوان]] إن الحكومة خجلت من القبض على [[مكرم عبيد]] لأنه  يجوز أن يكون من [[الإخوان]] ولكن المقطوع به أنه ليس من المسلمين!
 
فى كتابه" معتقلات هاكستب" كتب المناضل العربى الذى اتخذ [[القاهرة]] دارا له بعد ضياع وطنه محمد على الطاهر:
 
اقترحت على الحاضرين- فى مكتبى – أن نقوم جميعا ونذهب إلى سرادق التعزية المعتاد فى مثل هذه الظروف, فقالوا
 
-منعت الحكومة إقامة سرادق العزاء , ولذلك جئنا لنتبادل العزاء عندك وقبيل منتصف الليل لم يبق عندى إلا الكاتب الأديب وكيل وزارة التعليم محمد سعيد العريان, وكان من زملاء الفقيد فى الدراسة فكان يبكى صديقه بكاء شديدا. قلت له:
 
ما رأيك فى أن نذهب الآن إلى منزل الفقيد لتعزية والده وأهله قال : هيا بنا.ركبنا سيارة الأستاذ العريان فإذا بحى الحلمية لاذى فيه دار المرحوم [[البنا]] مظلم الجنبات مطفأ الأضواء. وكانت الدكاكين كلها مغلقة.
 
أطل[[قنا]] الأنوار فإذا بالجنود بألبستهم السوداء يلوحون فى ذلك الظلام كالأشباح , وبأيديهم [[البنا]]دق مشرعة, وإذا بهم يقفون لنا فى عرض الطريق سدا, ويشيرون إلى السائق بالإتجاه إلى غير اتجاهنا.
 
وتعجبنا من هذه الاحتياطات . وأوعزنا إلى السائق أن يدور ويدخل المنطقة من شارع آخر وليكن ما يكون.
 
ولكن الشرطة لم تسمح بالحركة إل إذا عادت السيارة من حيث أتت وإلا!.... وإلا فإنهم يطلقون علينا النار . وعند ذلك رجعنا ونحن نحمد الله على أنهم اكتفوا منا بالرجوع"!
 
فى مذكراته قال الماجور سانسوم ضابط الأمن بالسفارة البريطانية " إن كل الإجراءات التى اتخذت لمنع المظاهرات بعد اغتيال [[البنا]] , وفى الجنازة, ثم تخطيطها قبل عدة أسابيع"!
 
بعث جيفرسون باترسون القائم بأعمال السفارة الأمريكية إلى واشنطن يقول:
 
" تم فى هدوء دفن الشيخ  [[البنا]]. وهذا الدفن السريع ليس له سوابق حتى فى [[مصر]] التى يقضى فيها القانون بدفن الجثة خلال أربع وعشرين ساعة من الوفاة. وقد تم تحت ضغط الحكومة التى خشيت أن تكون الجنازة العامة للرجل مناسبة لأتباعه والمتعاطفين معه للتجمع وتعكير الأمن.
وأحاطت حراسة الشرطة المشددة بالنعش من المشرحة إلى المسجد .
 
وأعلنت حالة الطورئ بين قوات الشرطة فى أنحاء البلاد ووضعت قوات الأمن فى حالة تأهب".
 
قال عباس السيسى فى كتابه " [[البنا]]. مواقف فى الدعوةوالتربية": " رد الأطار الطاهر والجسم العزيز إلى أهله ليخرج [[البنا]] من الدنيا متواضعا يسير المظهر. كما دخلها , وكما عاش متواضعا يسير المظهر. وساهمت الحكومة المتحضرة فى هذا التواضع واليسر فحرمت على المشيعين أن يقربوه ورأى الناس يومئذ عجبا فى الجنازات.
 
وفى وحشة الشارع المقفز من الغادى والرائح , إلا من هذه الجنازة المتمهلة الفريدة ارتجت المنازل على الجانبين وأجهشت النوافذ والشرفات بالبكاء, وهم يرون [[البنا]] العظيم, يحمل على كتف زوجته وأبنته إلى مقره الأخير"!
 
بقى ما وقع أثناء الجنازة وبعدها من حوادث أدت إلى اعتقال مئات من الناس لأسباب غريبة تكاد لاتصدق.
 
حشر المعتقلون حشرا فى غرفة ضيقة باردة عفنة هى سجن نقطة الإمامين القريبة من المقابر.وهذه بعض أسباب الإعتقال:
 
هذا الشاب الذى يلبس رباط عتق أسود – كرافتة – حداد على أبيه المتوفى  قبل أيام . أدرك رجل البوليس بفطنته أنه يلبسها حدادا على اشليخ [[البنا]].
 
واستبعدت فطنته أن هناك سببا آخر دفع الشاب غلى لبس الكرافتة السوداء, فهو غذن, من غير شك, من أشياع [[البنا]] ومريديه الذين كنت تتعقبهم السلطات تنطكل بهم أسوأ تنكيل.
وقد أودعوه السجن ثم المعتقل.
 
وذلك الرجل...
 
ضبطه رجل البوليس يتمتم بالفاتحة من إحدى النوافذ أثناء سير جنازة الشيخ الرهيبة, فصعد إليه واقتاده, من بين أطفاله وزوجته,  والسلاح فى ظهره مستعد ليسكته إذا حاول الفرار أو المقاومة...
وفى محضر البوليس سألوه عن صحة التهمة وهل قرأ الفاتحة حقا على روح الشيخ [[البنا]]... أجاب بالإيجاب.
هنا ا ازدحمت الأكف والقبضات والأقدام فوق وجهه وجسمه وعادوا يسألونه :
 
ولماذا قرأت الفاتحة ؟فأجاب الرجل : من شعائر الدين أن نقرأ الشهادتين عندما يمر ميت ونقرأ الفاتحة على روحه.
 
صرخ أحد رجال البوليس, وقد استقرت يده على وجه المسكين لتصافحه بحرارة, وهو يقول :
 
كان لازم تعمل حنبلى النهاردة يا ابن....صاح المتهم البرئ الذى كان احترامه لشعائر دينه ذنبا لا يغتفر قائلا: وهل فى قراءة الفاتحة جريمة يعاقب عليها القانون؟
ومرة أخرى ..
 
ازدحمت الكف والقبضات والأقدام فوق وجهه وجسمه.
وأغمى عليه..
 
وافاق ليجد نفسه فى اغرفة الباردة العفنة, مع عشرات آخرين . لإرساله إلى المعتقل بلا محاكمة.
ولقد خلع حامد جوده رئيس مجلس النواب .. السواد على النقراشى باشا فى ذلك اليوم بالذات. ولم يكن قد انقضى على مقتل النقراشى باشا أكثر من ثلاثة وأربعين يوما.
وشن البوليس حملة عنيفة على المساجد فى العاصمة.
 
وقبل أن يغشى الظلام مدافن الإمام الشافعى, كانت ثلة من الجنود تحاصر الطرق المؤدية إلى المقبرة وقوات كبيرة تحيط بمنزل الفقيد لتمنع الداخلين ولو كانو من مرتلى آى الذكر الحكيم. وتقبض على الخارجين , ولو كانوا من جيران الراجل الكريم!
 
واشيع ذات مساء أن بعض أصدقاء الشيخ [[البنا]] آلمهم أن يدفن الرجل بهذه الصورة المزرية المؤلمة. فاعتزموا اختطاف الجثة من قبرها واخفائها عين أعين البوليس . طير الخبر إلى السلطات المختصة. فأمرت بمضاعفة الحراسة, والتأكيد من كل شخص يمر بالطرقات المؤدية إلى مدافن الإمام الشافعى.
 
وكان الجنود المسلحون يتناوبون الحراسة بعيون يقظة خوفا من أن يتمكنوا من  سرقة الججثمان [[البنا]] الذى مزقته الجريمة! فخصصوا فرقا من  رجال البوليس للسهر عليه وحراسته خشية أن ينقل الجثمان  إلى مكان يليق بمقامه!
 
وابى – من بيدهم الأمر – إلا أن يضطهدوا الرجل فى موته .. وإلا أن يحرسوه من عندهم .
وفى الليلة التى ظنوا أنها موعد تنفيذ المؤامرة الخيالية – مؤامرة خطف الجثمان – امتلأت مقابر الإمام برجال البوليس لأول مرة .
   
   
:وقد ابدى لبوليس حرصا جديرا بالثناء فى تنفيذ قرار الحل. وبكن ذلك لا يعنى بالضرورة نهاية النشاط الإرهابى من جانب أعضاء [[الجماعة]] المتورطين فى أعمال الإرهاب. ومن المحتمل أن تستمر أقلية من الإرهابيين فى العمل السرى لنهم يعرفون مخابئ الأسلحة والذخائر التى لا تعلم بها سلطات الأمن.وستحتاج سلطات الأمن إلى درجة عالية من العزم والمثابرة والكفاءة".  
وكان رجال البوليس كلما اشتبهوا, فى شخص أو جماعة, من لامارة أوقفوهم  وفتشوهم. وسألوهم إلى أين هو ذاهبون.. فإذا اطمأنوا إليهم . سمحوا لهم بالإنصراف وإذا ارتابوا فيهم قبضوا عليهم واودعوهم المعتقلات!
 
ولمح نفر من رجال لابوليس بعض الناس يحملون نعش ويسيرون به بين المقابر ولعلهم كانوا قد قدموا به من مكان بعيد فلم يدركوا المقابر إلا بعد الغروب.
وفوجء المشيعون بأسلحة تلمع فى الظلام وأصوات تأمرهم بالوقوف وبوضع لنعش على الأرض للتحقيق من الميت!
 
ورفع أحد الجنود غطاء النعش وسلط عليه  ضوء مصباح كهربائى فى يده ثم أمرهم بإعادة الغطاء وأن يمضوا فى طريقهم... بعد أن تبين الجندى أو وجه  الميت يختلف عن وجه الشيخ [[البنا]]!
وقدر للأموات أن يلقوا نصيبهم من الظلم الذى حاق بالأحياء .. وهكذا ظلت المقابر تنعم بالراحة والدوء . منذ قديم الأزل حتى جاء ذلك العهد فلم يسلم من ظلمه وجوره وجهله, حتى الأموات , الذين هم فى رعاية  الله وبين يديه".
 
لم يعرف شعب [[مصر]] فى تل الأيم إلا أن [[البنا]] قتل وأن جنازته شيعت من داره  فى الحلمية وصلى على الجثمان فى جامع قيسون .
 
.. أما الوصف الذى كتبه مأمون الشناوى بدون توقيع , فى جريدة " الكتلة" فإنه لم ينشر إلا فى 11 من [[نوفمبر]] [[1949]] أى بعد تسعة شهور من الجريمة...
 
لأن الرقابة على الصحف كانت قائمة يوم الجريمة!وظلت الرقابة على الصحف , وعلى القبر مستمرة حتى استقالت وزارة إبراهيم عبد الهادى! وقالت صحيفة المصرى فى – [[نوفمبر]] 49 أيضا – إن الحكومة منعت تلاوة القرآن الكريم أثناء دفن  الشيخ.
وقال [[الإخوان]] غن الملك فاروق توجه إلأى القصر العينى ليرى [[البنا]] قتيلا. ولكن لا يوجد ما يؤكد هذه الرواية.  
 
وقال محمد الجزار فى التحقيقات التى تمت بعد الثورة  إن عبد الرحمن عمار وكيل وزارة الداخلية توجه فى اليوم التالى للجريمة إلى قصر عابدين فقابلوه بالعناق والتبريك.
 
بعد أسبوعين من اغتيال [[البنا]] قابل السفير البريطانى السير رونالد كامبل الملك فاروق.
قال السفير:
 
اعتقد أن الجريمة كانت من فعل اتباع [[البنا]] المتطرفين ممن يخشون أو يرتابون فى أنه يفرط فى الأمور بسهولة.
 
واضاف : هل تعتقد جلالتك أ، الجريمة من فعل السعديين بدافع الانتقام؟ رد فاروق قائلا: إنها بالتأكيد من فعل السعديين بدافع الانتقام وليس من صنع [[الإخوان المسلمين]].
 
قال ريتشارد ميتشيل فى كتابه "[[الإخوان المسلمين]]"." إن عملية الاغتيال كانت مخططة أو على الأقل تم التغاضى عنها من جانب  رئيس الوزراء , ربما بدعم من القصر , ونفذت عن طريق البوليس السياسى".
بعد ثورة 23 [[يوليو]] قال العميد احمد كامل قومندان شرطة القصور الملكية إنه يعتقد ن الجريمة تمت لحساب الملك والحكومة.
 
قال التقرير السنوى للسفارة البريطانية تعليقا على اغتيال الشيخ [[البنا]]:
 
" هناك أسباب تدعو إلى الشك فى أن الحكومة لم ترفض استخدام وسائل أعدائها الإرهابيين. والاعتقاد بأنها  فعلت ذلك ينتشر على نطاق واسع بالنسبة لاغتيال [[البنا]]"ز
 
وقال المقدم طه زغلول المفتش بإدارة المباحث بوزارة الداخلية – بعد الثورة أيضا إنه سمع إشاعات كثيرة بان عبد الرحمن عمار وكيل وزارة الداخلية قام لجريمة ارضاء للملك فاروق.وسألأت [[عمر التلمساني]] [[المرشد العام]] للإخوان  عن رأيها فيمن قتل [[البنا]] وأجبا بكلمة واحدة.
فاروق
 
قلت: وإبراهيم عبد الهادى
 
قال: لا يستطيع وحده ارتكاب الجريمة.


اكتفت معظم الصحف المستقلة '''" الأهرام" و" المصرى"و" الزمان "و" المقطم"''' بنشر قرار حل [[الجماعة]] والأحداث التى تلته بدون تعليق.أما صحيفة '''" صوت الأمة"''' التى هاجمت من قبل. وبعنف الشيخ [[البنا]] وجماعة [[الإخوان]] فقد تجاهلت قرار الحل تماما , لم تنشره ولم تعقب عليه ونشرت الكتلة صحيفة [[مكرم عبيد]] وحزبه النبأ دون إبراز.
إن رجال عبد الهادى أعلنوا أنهم يطلبون الثأر وربما كان هناك تحالف بين  الملك ورئيس حكومته.
كتب جيفرسون باترسون الوزير الأمريكى المفوض فى [[القاهرة]].


ولكن مجلة '''" الحوادث "''' التى تعبر عن الوفد رحبت بقرار الحل تحت عنوان لا حرية لأعداء الشعب".
" يوجد ترحيب فى أوساط ال{اى العام بزوال الشيخ لبنا من المسرح وإن كانت هناك خشية من أن يؤدى مقتله إلى عودة الأنشطة  الإرهابية من جديد لأن اختفاء [[البنا]] بكل ما كان يتمتع به من سلطة مطلقة على [[الإخوان المسلمين]] ومن طموح غير محدود يعنى زوال شخصية اختلف لاناس عليها حيث يسهم ذلك فى استتباب الأمن من جديد بعد أن تتبدد آثار صدمة اغتيال [[البنا]] من نفوس أتباعه".حفل تاريخ [[مصر]] بزعماء كثيرين منهم أحمد عرابى و[[جمال الدين الأفغانى]] والشيخ [[محمد عبده]] وعبد الله النديم ومصطفى كامل وعبد لاعزيز جاويش و[[سعد زغلول]].


نشرت المجلة تصريحا أدلى به [[النقراشي]] باشا وقال فيه :'''" [[الجماعة]] مرض استشنائى فكان من الطبيعى ان تعالج بطريقة استثنائية وحاسمة"'''.
وكان [[البنا]] واحدا من هؤلاء أو حلقة من حلقات هذا العقد الفريد  من المناضلين.وقد اضطهد الزعماء. وسجن بعضهم ولكن [[البنا]] كان الوحيد بينهم الذى انتهت حياته بالإغتيال.
قال بعض المؤرخين إنه كان دائما فى عجلة من أمره .


'''وقالت الحوادث:'''" نام رفعة النحاس باشا نوما هادئا عندما وصل إليه قرار الحل"
وقالوا إنه خسر المعركة لأنه خرج للعلن وأذاع أهدافه بسرعة وقالوا إنه لقى مصير اثنين آخرين من الزماء اغتيلا قبله وهما [[أحمد ماهر]] والنقراشى ولكن حركتهما والاغتيالات التى قيل أنهما اشتركا فيها كانت موجهة ضد [[الإنجليز]] وحدهم. أما بالنسبة للمرشد العام فغن حركته كانت ضد المصريين أيضا. وكانت صراعا من طبقة ضد طبقة أخرى.


'''وأضافت:'''
وقالوا إنه ما دام قد لجأ للعنف. عن طريق [[النظام الخاص|الجهاز السرى]]. فلابد أن يلاحقه العنف! قبل وفاة [[المرشد العام]] سلأه أحمد أنس الحجاجى أحد أعضاء [[الجماعة]]


:" يجب اعتبار يوم الحل عيدا للديموقراطية يحتفل به كما تحتفل أوربا بزوال كابوس الفاشية وحل [[الإخوان]] إجراء ديمواقراطى ويجب على المصريين أن يهللوا طويلا لهذا الإجراء .. وقد أنقذ [[النقراشي]]  البلاد من عار ملفوف فى ثياب الفضيلة".  
لماذا لا نختار الرجل الثانى... أعنى من يلى الأمر بعدك.


'''زايدت صحيفة [[مصر الفتاة]] الحل وقالت '''
أجاب على الفور :لا... وإن قلت لى أن أبابكر اختار عمر..ز فلست بأبى بكر ... وليس فيكم عمر. وأضاف : الموقف هو الذى سيخلق الرجل لكل موقف رجل .ولاتستطيع أبدا أن " تصنع " رجلا معينا ليلبس موقفا معينا.فى مقال لجريدة " التايمس" قال مراسل الصحيفة فى [[القاهرة]].


:" لم تأخذ حركة [[الإخوان]] طابعا معينا ولكنها تشكلت وتطورت لتجارى كل  فكر وطل ظن , وكل أمل .. وكنا نتوقع ذلك المصير بأسلوب أو بآخر ولم تصدر أيدا أن النهاية ستجئ سريعا".
" أهم ما يميز [[الأحزاب]] السياسية المصرية أها تعتمد على زعيم أكثر من اعتمادها على مبدأ واعتمادها على شعائر بدلا من برنامج.. فالوفديون موالون النحاس والكتلة الوفدية لمكرم و[[البنا]] هو زعيم [[الإخوان المسلمين]]. والسير على خطى الزعيم هو بمثابة القيام برحلة طبقا لأوامر لا رجعية فيها ولا أحد سوى القبطان يعرف أدنى فكرة عن وجهة الرحلة
ولا يزال السحر فى اسم الزعيم".


'''وقالت [[جريدة أخبار اليوم|صحيفة أخبار اليوم]]'''
وقال الكاتبان الفرنسيان أوليفية كارى وجيرار ميشو:


:" إن قرار الحل أحدث صدى قويا فى لندن وساد الدوائر الرسمية شعور بالارتياح.ووصفت الدوائر المطلعة فى لندن ب أنه أقوى من قرار حكومة محمد محمود بحل فرق '''" القمصان الزرقاء"''' واكتفت الصحف لتى تصدر فى [[مصر]] بلغات أجنبية بتعليقات قصيرة وهى '''" البروجرية " و" البورص"''' اللتان تصدرهما شركة الإعلانات الشرقية التى ألقيت عليهما [[قنا]]بل [[الإخوان]].
" وأهم ما يميز حركة [[الإخوان]] منذ البداية الولاء المطلق للمرشد العام. ففى عام [[1939]] قال أحد مسئولى [[الجماعة]] للمرشد العام: - خذ بنا حيث تشاء .


ولكن صحيفة '''" الجيبشيان جازيت"''' التى تصدرها نفس الشركة أيدت قرار الحل واتهمت [[الجماعة]] بالإرهاب " وأنها تخلت عن أهدافها الإسلامية والإجتماعية وطلبت من الحكومة التحقيق لمعرفة المسئولين عن الانفجارات حتى لا يستمر الفاعلون فى العمل السرى تحت الأرض".
وفى قرارات لاجمعية التأسيسية كلها كانت البيعة شخصية للمرشد العام كما أن الجهاز التنفيذى للجماعة كان محصورا فى شخصية " وفى رسالته الجامعية قال حمادة محمود إسماعيل.
اعتمدت [[الجماعة]] فى  تنظيمها على لامركزية الشديدة . واستمد [[البنا]] سلطاته من خلال تأثيره الشخصى, والقوانين التى حددت وضعه داخل [[الجماعة]] وقد استطاع  بسلطته هذه. وبتأثيره الشخصى أن يمتص فعالية اللوائح والقوانين الخاصة ب[[الجماعة]]"


'''وفى [[سوريا]] حملت صحيفة: '''
وفى بحثه قال الضابط الكندى هاردى إن وفاة [[البنا]] كانت أكبر ضربة بل هى ضربة صاعقة للإخوان بالمعنى الحرفى الكلمة.


:" المنارط الناطقة بلسان [[الإخوان]] على قرار الحل قالت:ضاعف البريطانيون من حملتهم على [[الجماعة]] ووزعت مكاتب الإستعلامات البريطانية فى العالم كله أنباء بأن السلطات المصرية وجدت منشورات شيوعية فى مكاتب [[الجماعة]] هكذا نجح البريطانيون فى إقناع حكومة [[مصر]] بإغلاق شعب [[الإخوان]]".
ولم يكن هناك شخص يملأ – فى الحال – مكان [[البنا]].
وكان هذا هدف الجريمة الأول!


وقالت السفارة الأمريكية إنه طلب إلى الشيخ [[البنا]] أن يلزم داره فى اليوم التالى الحل [[الجماعة]] لأنه لم ينفذ وعوده الشفوية لعبد الرحمن عمار بمنع المظاهرات ويبدو أن القرار نفذ لفترة قصيرة".ولكن '''"الساس"''' صحيفة الحزب السعدى الحاكم قالت غن الأمر العسكرى صدر بمناسبة استقبال الوزارة لعاملها الثالث.
سمع أحمد أنس الحججى عضو [[الجماعة]] – وكان معتقلا فى الطور – باغتيال [[المرشد العام]] فقال لزملائه لامعتقلين معزيا نفسه وإياهم:


'''ونشرت الأساس أنه:'''
تصوروا تفاهة الموقف لو مات [[المرشد العام]] على فراشه , تصوروا مهمتنا  ونحن نشيعه إلى مثواه الأخير  ثم نعود.
تصوروا كل هذا وقارنوه بما اختاره الله .. شهادة فى جنح الظلام . وملك فاجر يعبئ القوى الماكرة كلها لقتل رجل أعزل وجنازة تحرسها الدبابات.. لتشيعها الملائكة!
الملك السجين


:" تم فى ذلك المساء إغلاق 55 شعبة وأن المدارس الإلزامية تحولت إلى فصول لتعليم [[الشيوعية]]! وأن كل المدارس سلمت لوزارة المعارف والمستوصفات ضمنت لوزارة الصحة والشركات وضعت تحت إشراف وزارة الداخلية للإنفاق منها بمعرفة وزارة الشئون الاجتماعية... على ال‘مال الخيرية".
امتنع فاروق عن الظهور فى أى مكان أو الصلاة فى المساجد.  وأعلنت الحكومة عن مكافأة قدرها ألف جنيه لمن يرشد عن محمد مالك يوسف  مالك الموظف بمصلحة التليفونات – 27 سنة – أحد المتهمين بالإشتراك فى اغتيال النقراشى الذى اعترف عليه القاتل عبد المجيد أحمد حس . ولكن المفوضية  الأمريكية قالت إن [[الإخوان]] عهدوا إلى محمد مالك باغتيال صاحب الجلالة نفسه.


وقالت الأساس '''" إن الشيوعيين اتخذوا من شعب [[الإخوان]] أوكارا لهم"'''!
... وهذا هو السر فى رصد مكافأة لاعتقاله .


طلب الأمير محمد على ولى العهد إلى تشابمان اندروز الوزير البريطانى المفوض أن يزوره فى قصره بالمنيل فجاء الوزير ليسمع رأى الأمير فلا قرار حل [[الجماعة]]
لم يهدأ [[الإخوان]] بعد اغتيال [[البنا]] وزعوا المنشورات ضد الملك والحكومة.
بعد 9 أيام من الجريمة بعث جيفرسون باترسون القائم بالأعمال الأمريكى إلى واشنطن أول هذه المنشورات وقد وقعت صراحة باسم " [[الإخوان المسلمون]]" قال المنشور وعنوانه " حكومة فاجرة تغتال زعيما إسلاميا"
" سقط [[البنا]] ضحية لمؤامرة جهنمية دبرها أولئك الذين فى السلطة من هو الشهيد القتيل ومن هم الجناة؟


'''قال ولى العهد:'''
الشهيد رجل ظل يدعو الناس إلى [[الإسلام]] على مدى عشرين عاما. وراح يحاول نشر روح الحرية والإخاة والمواساة التى يضمنها كتاب الله " القرآن الكريم" أما الجناة المرمون . فهم شياطين  يشبعون شهواتهم على حساب الشعب.


:دعم [[النقراشي]] موقفه بحل [[الإخوان]] ولكن البلاد بصفة عامة غير راضية والملك والحكومة ليسا محبوبين.
هم أولئك الذين منحوا التراخيص للعاهرات. ونظموا وأشرفوا على بيوت الدعارة وسمحوا ببيع الخمور وترددوا على المواخير. وأباحوا الربا وقبلوا الرشوة وسخروا من الفضيلة وأرسلوا نساءهم إلى الملاهى والمراقص العامة. اغتالوا [[البنا]] لأنه كان  خطرا عليهم يهدد بتقويض سلطتهم ولكن ليعلموا أن [[البنا]] ترك خلفه جيشا جيد العدة وكتائب جيدة التدريب. وستتعقب ونطارد هذه العصابة من الآثمين , وسنكبح جماح كل رأس متغطرس وسنلوى كل عنق يتيه خيلاء.
تجمع كتاب [[مصر]] مؤيدين لقرار الحكومة ضد [[الإخوان]] لملسمين وكان العقاد على رأسهم وفى مقدمتهم وأعنفهم فى الهجوم.


'''قال تحت عنوان " مدرسة الجريمة"'''
فليسعوا إذن للإختباء  فى أنفاق  فى أعماق الأرض . أو ليتسلقوا درجا إلى السماء فما من قلعة محصنة أو قصر منيع سينقذهم . وستتحقق كلمة الله فيهم . والله لهم بالمرصاد".


:" كانت [[الجماعة]] المشئومة التى طلعت على هذا البلد المسكين تغذى الإغرار من أتباعها بصنوف شتى من الغذاء المسموم. فكل نفوذ أدبى فى هذا الوطن مهدد عندهم أو مستباح.نذكر إمامهم '''" شيخ [[الإسلام]]"''' فيقولون بل '''" ناظر مدرسة"''' ولا شأن له بإئمة الدين لهم العلماء ذلك فيقولون إنهم لا يعلمون ويذكر لهم '''" [[سعد زغلول]]"''' فيقول بل يكتبون إنه ليس بزعيم الأمة ولكنه صنيعة [[الإنجليز]] ويذكر لهم رجالات [[مصر]] والشرق واحدا واحدا فيلصقون بكل منهم تهما لا تبقى له محلا من الإحترام .فإذا كانت الأسرة المختلة مدرسة الجريمة فهذه قبحها الله جامعة الجريمة".
قال جيفرسون باترسون الوزير المريكى لمفوض تعليقا على هذا المنشور فى برقية إلى واشنطن:
" هناك ميل بين قطاع معين من [[الإخوان المسلمين]] لإلقاء مسئولية الاغتيال على عاتق رئيس الوزراء مباشرة . ويعتمد هذا الإتهام على الطبيعة الإنتقامية التى يتصف بها عبد الهادى باشا. وعلى كفاءته فى تنظيم المظاهرات والجرائم السياسية فى اليام الأولى للنضال الوطنى ضد البريطانيين.
ويذكر فى هذا الصدد أن البريطانيين كانوا قد سجنوا عبد الهادى باشا لاشتراكه فى الأنشطة السياسية".
... يقصد باترسون بذلك اتهام إبراهيم عبد الهادى عام بالإشتراك فى اغتيال السردار البريطانى السير لى ستاك.
بعد يومين اغتيال [[المرشد العام]] طلب  إلى [[الإخوان]] لامسلمين المتطوعين فى  [[فلسطين]] تسليم معسكرهم إلى الجيش لامصرى وجاءت السيارات تحملهم إلى عنبر فى رفح لقضاء الليلة فيها وفى اليوم التالى وجدوا الاسلاك الشائكة وقد أحاطت بالمعسكر فقد رأت السلطات المصرية اعتقالهم خوفا من الانتقام.


واتهم العقاد [[الإخوان]] بأنهم عملاء للأجانب تحت عنوان '''" جماعة [[الإخوان]] فتنة أجنبية"'''.
أنشأ اللواء فؤاد صادق القائد العام للقوات المصرية فى [[فلسطين]] معسكرا حاصا للإخوان قائلا:
لا أنسى فضل هؤلاء الشباب على [[مصر]] والعروب.


'''قال:'''
واعتقل معهم, فى المعكسر نفسه, بعض شباب الأقباط الذين حابروا معهم!


:" وما من أحد يحتاج إلى تعب ليعلم أن جماعة المجرمين فتنة اجنبية يزودها بالمال والسلاح أناس لا يريدون خيرا ب[[الإسلام]] والمسلمين".
طلب كامل الشريف من اللواء فؤاد صادق الإفراج عن الأقباط قائلا: نحن مسلمون . فما ذنب الأقباط؟
لم يجد القائد العام ما يرد به فقال ضاحكا:


واشترك كثير من الكتاب المصريين فى الهجوم على [[الإخوان]] .  
هل تريد غ[[قنا]]عى بأن قبطيا يبقى معكم ستين ويظل على دينه؟!
ومع ذلك لم يستطع القائد العام الإفراج عن الأقباط إلا بعد وقت طويل ونقل المعتقلون إلى معسكر آخر فى [[يونيو]]. ولم يفرج عنهم إلا بعد إستقالة إبراهيم عبد الهادى.


'''وكتب [[محمد توفيق دياب]]:'''
وعندما اختلف جمال عبد الناصر مع [[الإخوان]] أصدر فى 23 من [[سبتمبر]] 1954 قرار باسقاط الجنسية عن قيادات [[الجماعة]] : سعيد رمضان وسعد الدين الوليلى و[[محمد نجيب]] جويفل وكامل الشريف قائد [[الإخوان]] فى حرب [[فلسطين]]. وقد رحبت [[سوريا]] بهم لاجئينن سياسيين.


:فعلت البذور السامة فعلها المشئوم فى فئات من الطلاب والتلاميذ فإذا معاهد التربية والتعليم فى أعينهم ثكنات جيش وميدان قتال , وغذا كتبهم وأدواتهم مسدسات وقنابل وغذا عدوهم الذى يقاتلونه ويقتلونه إخوان  لهم مصريون من رعاة الأمن والعلمانية".
وبقى كامل الشريف فى القدس . وظل فى الأردن خمسة عشر عاما تخللتها تقلبات كثيرة منذ أمر جلوب باشا بطرده من القدس , وعاد إليها بعد طرد جلوبواشتغل بالصحافة والنشر وعمل سفيرا للأردن عشرين عاما فى ألمانيا الغربية واليابان وباكستان ونيجيريا والصين الوطنية . واختير وزيرا ثمانى سنوات وأصبح عضوا بمجلس الأعيان ثم ناشرا لصحيفة " [[الدستور]] الأردنية".


'''وقال محمد التابعى:'''
ووافقت [[مصر]] على مساعى الحكومة المريكية بالتفاوض مع الإسرائيليين لعقد هدنة دائمة بين البلدين.
جرت المفاوضات بين وفدى البلدين فى فندق" الورود" فى جريدة رودس البريطانية واستمرت ستة أسابيع
وعندما اجتمعت الوفود الثلاثة معا كان الوسيط الدولى يجلس فى الوسط والوفد الإسرائيلى إلى يمينه والمصريون إلى يساره,


:" شبان سذج . آلات وأدوات سهلة طيعة .. تناولها زعماء [[الإخوان]] وقادتها  وصاغوها فى القالب الذى أراده .. وأخرجوا منها آلات خرساء صماء ... وتتحرك بلا إرادة وتنغذ مشيئة سواها بلا تعقيب نزولا على حكم السمع والطاعة .. وأن طاعة القيادة من طاعة الله".
وكان المصريون يخاطبون بانش كما لو أن الاسرائيليين لا وجود لهم وكان هدف المصريين إنقاذ القوة المصرية المحاصرة فى الفالوجة . وقد رفض الاسرائيليوهن فى البداية لاسماح بادخال الطعام والأدوية ثم سمحوا بها.


ولم تكتب كلمة واحدة دفاعا عن [[الجماعة]] لأن كتابها معتقلون ولأن الرقابة على الصحف كانت قائمة!قال أحد المتهمين فى حوادث اعتداء بالقنابل لوكيل النيابة أثناء التحقيق معه:
وفى المقابل وقع اتفاق لوقف اطلاق النار كمرحلة  تسبق الهدنة. واقترح بانش وسيط الأمم المتحدة عقد هدنة بالشروط التالية:


لماذا اعتقلتمونا بسبب نسف المحلات التجارية اليهودية بينما كانت الحكومة تشجعنا على ذلك.  
(أ‌) تنسحب  القوات المصرية المرابطة فى الفالوجة فى اليوم التالى لتوقيع الهدنة.


'''ومضى يقول:''' كانت السلطات تعيد إلينا كل المتفجرات التى عثر عليها زعمنا أنها تتجه إلى [[فلسطين]]!
(ب‌) تنسحب جيوش البلدين غلأى الخطوط التى حددها الوسيط.


قصد مندوب صحيفة '''" المصرى"''' إلي الشيخ [[حسن البنا]] يسأله رأيه فى حل [[الجماعة]].
(ت‌) تصبح بئر سبع وبئر العصلوج والعوجة مناطق محايدة تحت إشراف الأمم المتحدة عند انسحاب القوات المتحاربة منها.


'''فقال: '''
(ث‌) تصبح بير سبع مركز قيادة  لجنة الهدنة المشتركة بينما تصبح العوجة وبئر  العلوج مراكز قيادة مساعدة.


:" لا يمكن بالتحديد حصر الأسباب التى دعت الذين اصدروا هذا القرار إلى إصداره ولكن يقال إن من هذه الأسباب... التحول الذى طرأ أو فى النية أن يطرأ على اتجاهات [[السياسة]] البريطانية فى الشرق.
(ج‌) تخفض القوات المصرية فى قطاعات غزة ورفح وبيت لحم والخليل لتصبح قوات دفاعية فقط بينما تظل القوات الهجومية المصرية فى المنطقة الواقعة شرق العريش.


:ومن المعلوم ان بريطانيا تعتبر [[الإخوان المسلمين]] قوة وطنية متطرفة وتغزو إلى دعايتهم تعطيل الاتفاق مع [[مصر]].وكذلك الحزبية التى تصاحب قرب موعد الانتخابات النيابية... لأن الحزب السعدى يريد أن يظفر بأغلبية برلمانية تمكنه من الإستمرار فى الحكم.و[[الإخوان المسلمون]] قوة شعبية ينتظر منها الصمود فى هذا الموقف.
(ح‌) تصبح القوات الدفاعية الاسرائيلية مساوية للقوات الدفاعية المصرية فى منطقة غزة ورفح وكذلك مساوية للفيلق العربى فى قطاع بيت لحم – لاخليل.
ويرفض [[اليهود]] ابقاء بئر العصلوج والعوجة منطقتين محايدتين ويصران على احتلالهما... ومع أن قرارا الأمم المتحدة فى 4 من [[نوفمبر]] [[1948]] يعطى [[مصر]]ا الحق فى العودة للمنطقتين.
وتوافق إسرائيل على رفع الحصار عن القوات المصرية المحاصرة فى الفالوجة وانسحاب القوة المصرية منها.
وتنازلت إسرائيل عن احتلال قطاع غزة.


:ومن '''" التكتيك الحزبى"''' أن يشوه موقفهم بمثل هذا العمل قبل حلول موعد الإنتخابات فى [[أكتوبر]] [[1949]], ورغبة الحكومات العربية فى إنهاء قضية [[فلسطين]] ولو على غير ما تريد الشعوب.
وتوقع [[مصر]] يوم 24 من [[فبراير]] [[1949]] على اتفاقية الهدنة الدائمة التى استندت  إلى الوضع العسكرى على أرض [[فلسطين]] !! بعد 12 يوما من وفاة المرشد  العام!


وهناك من الضغوط الجنبية ما لم تستطع معه الحكومة المصرية إلا أن تتخذ هذا الإجراء .وعلى كل حال فهو موقف يؤسف له وما لم يعدل فى وقت قريب. فإن الأمور فى لاداخل والخارج لا يمكن أن تستقر على هذا الأساس من الضغط والظلم والتحدى".
ويكتب  السير سارجنت الوكيل الدائم للخارجية البريطانية قائلا:


ولم ينشر حديث الشيخ إلا فى 9 من [[أكتوبر]] [[1949]] بعد استقالة [[إبراهيم عبد الهادي]] .. بسبب الرقابة  على الصحف.
" لا تعرف كيف ستتبلور [[السياسة]] المصرية نتيجة الفشل فى [[فلسطين]], وكيف سيتىثر وضع الملك شخصيا؟"
بعد ستة أسابيع من اغتيال [[البنا]] عاد الملك فاروق للظهور فى المجتمعات  العامة كما تقول البرقية رقم 50 التى بعث بها السير روزنالد كامبل إلى لندن قال:
"قام فاروق بعمل نادر الحدوث بظهوره أمام الجمهور فى أول [[مارس]] [[1949]] حين افتتح رسميا المعرض الزراعى الصناعى الذى نظمته الجمعية الزراعية الملكية المصرية. وتم اتخاذ احتياطات امنية بالغة لتأمين حياة جلالته".


'''قالت صحيفة " شيكاغو ديلى تريبيون":'''
وصفت صحيفة التايمس البريطانية – يوم 7 من [[مارس]] – المعرض يوم الزيارة الملكية فقالت إنه كان خاليا  تماما من الناس و كما أخليت أيضا الشوارع المؤدية إليه. وفتش رجال الشرطة الحوانيت التى بقيت مفتوحة.


:" حلت جماعة [[الإخوان المسلمين]] بأوامر شخصية من الملك عندما علم أنها تخطط للإطاحة به والإستيلاء على الحكم".
وقالت التايمس إنه تحت الهدوء الظاهرى الذى يسود [[مصر]] توجد دولة بوليسية اتخذت كل إجراءات الأمن كما لو أن البلاد فى حالة حرب.


على الجبهة المصرية كانت توجد مأساة أخرى....
وأضافت الصحيفة أن  الحكومة تخشى انقلابا عسكريا أو ثورة تقوم بها الخلايا السرية لجماعة [[الإخوان المسلمين]] المنحلة . ولا يعرف عدد المعتقلين.


مساء 7 من [[ديسمبر]] اقتحم اللواء البردينى القائد الثانى للقوات المصرية فى [[فلسطين]] معسكر [[الإخوان]] ليبلغ قائد [[الجماعة]] [[كامل الشريف]] أن الحكومة قررت حل [[الجماعة]] , وسيعلن ذلك فى اليوم التالى .  
وتراقب السفارة الأمريكية ايضا [[الإخوان المسلمين]].قالت برقية جيفرسون باترسون القائم بالأعمال الأمريكى بمناسبة افتتاح مقر جديد ل[[مصر]] الفتاة.


'''وقال:'''
" يتسرب أعضاء [[الإخوان]] حاليا إلى صفوف [[مصر]] الفتاة : وشوهد عدد كبير منهم يلعبون دورهم الجديد كأعضاء فى [[مصر]] الفتاة يرددون هتافهم المألوف .. الله أكبر ولله الحمد".وتوجه فيليب ايرلاند السكرتير الأول للسفارة الأمريكية للقاء محمد كامل سليم بك السكرتير العام لمجلس  الوزراء فلاحظ شدة إجراءات واحتياطات الأمن حول بيته والمكاتب الحكومية فسأل عن الموقف الأمنى,.


:الحكومة المصرية تخشى أن يقوم [[الإخوان]]  بحركات انتقامية فى الميدان .
قال سكرتير مجلس الوزراء يوم 11 من [[مارس]] [[1949]] إن جماعة [[الإخوان المسلمين]] الارهابيين كسرت.
وتسيطر الحكومة الآن على الموقف . رفض ايرلاند أن يسألأه عن السر فى تشديد الاحتياطات الأمنية حول بيته والوزارات والمصالح واكتفى بقوله:


:'''أجاب [[كامل الشريف]]:'''لن يختم [[الإخوان]] جهادهم بضرب المؤمنين من إخوانهم وزملائهم ويجتمع اللواء فؤاد صادق  قائد القوات المصرية فى [[فلسطين]] ب[[الإخوان]] فيعلن [[حسن دوح]] أنهم قرروا البقاء وموصلة [[الجهاد]].
هل هناك خطر من أن يظهر زعيم آخر مثل الشيخ [[البنا]] ليتولى مسئولية  تنظيم [[الإخوان]] القائم . وخاصة فى الأقاليم. هز كامل سليم رأسه نفيا فى حزم . وقال :
ذلك مستحيل. وإذا وجد مثل هذا الرجل فهو أمر مشكوك فيه. ولن تسمح الحكومة مرة أخرى لفرد أن يحوز مثل هذه السلطة.


'''ويبعث [[المرشد العام]] برسالة إليهم يقول فيها: '''
فى بحثة قال الضابط لاكندى هاردى:" لم يفعل إبراهيم عبد  الهادى شيئا لتخفيف صرامة لخطر الذى فرض على [[الإخوان]]".


:" ما دام فى [[فلسطين]] يهودى واحد يقاتل فإن مهمتكم لم تنته بعد. ويستمر [[الإخوان]] .. يقاتلون .
كان النقراشى قد اعتقل 487 من [[الإخوان]] ولكن عددهم ارتفع فى عهد إبراهيم عبد  الهادى إلى 1688 كما تقول الاحصاءات الرسمية. وكان عدد المعتقلين من [[اليهود]] 315.  
وتماطل الحكومة فى منح الشجعان أوسمة ... وعندما تمحنها لبعضهم تسميهم '''" جماعة المتطوعين المصريين"'''.
وتحلل وزارة الخارجية البريطانية الموقف بعد حل [[الإخوان]].  


'''قالت الوزارة'''
ولكن ميتشيل قال إن معتقلى [[الإخوان]] وصل 4000.


:" حدث تدهور خطير للغاية فى الأمن العام . وتكمن خطورة الموقف الراهن فى اسبابه أن لامصريين ينفسون عن مشاعرهم بهذه الطريقة من وقت لآخر ولا شك أن الإنفجار الأخير كان نتيجة لتصاعد الشعور بالإحباط. والجمهور المصرى يدرك فى المقام الول , أن مغامراتهم فى [[فلسطين]] قد فشلت.
وفى اثناء محاكمة المتهمين باغتيال [[البنا]] قال عبد القادر عودة المحامى ووكيل [[الجماعة]] إن خقيقة الرقم 6000 وكان الخوف دافعا إلى الاعتقال لشبها تافهة وهذه القصة تعبر عن ذلك:
اعتقل عضو فى جمعية الشبان المسلمين وساقوه إلى القسم وهناك قال الشرطى:
أنتم اعتقلونى ولست من [[الإخوان المسلمين]] , ولكنى من الشبان المسلمين رد الشرطى قائلا: كلكم مسلمون : خذه يا عسكرى دخله السجن


:ويدرك المصريون أيضا حماقة الحكومة المصريةإذ أحجمت عن التصديق على اتفاق كامبل خشبة حول [[السودان]].ويدركون عزلتهم الاستراتيجية فى مواجهة موقف دولى متدهور وهم يعترضون على سلوك ملكهم وما زالوا نتظرون حدوث شئ ملموس باتجاه الإصلاح الاجتماعى.
==هذه قصة أخرى==


:كل هذه المصادر التى ينبع منها السخط زادت حدتها فى الأسابيع القليلة لاماضية .وحدثت اضطرابات فوضوية مماثلة فى [[سوريا]] فى الأسبوع الماضى.وقد تكون أخطر عناصر هذه الاضطرابات أنها تخلق الموقف الملائم تماما الذى ينتظره الشيوعيون.
كان أحد أعضاء [[الجماعة]] واسمه عبد البديع صقر ودودا يحب التعرف إلى الناس.


:ومقارنة بالشرق الأقصى وأفريقيا أظن أن التسلل السوفيتى للشرق الأوسط لم يكن نشيطا كما يجب.وبما يكون الأمر أن السوفيت ينتظرون سقوط الحكومات العربية وهو ما توقعوه عقب الفشل العربى فى حل المشكلة الفلسطينية.
وفى  أثناء ركوبه القطار كان يقدم نفسه للركاب فيقدمون أنفسهم إليه وجرت عادته أن يكتب أسماء هؤلاء فى نوتة خاصة عرفت باسم " نوتة القطار" فلما قبض على عبد البديع ضبطت النوتة واعتقل رجال الشرطة كل الأسماء التى وردت فيها!


:ولا يوجد لدنيا الكثير مما يمكن ان نفعله فى مواجهة هذه [[السياسة]] السوفيتية سوى أن نفهم الحكومات العربية ضرورة الحفاظ على النظام العام وتشجيعها مر اخرى على اتخاذ خطوات أكثر إيجابية باتجاه الإصلاح الاجتماعى".
وجرت عدة معارك بين رجال الشرطة و[[الإخوان]] فى أثناء عمليات الاعتقال وجرى تبادل اطلاق النار فى بعض الحالات.


وهكذا نجد أن بريطانيا  خافت من أن يؤدى تدهور الأمن إلى سقوط [[مصر]] فى أيدى الشيوعيين ومن هنا كان الضغط البريطانى ضد [[الإخوان]] أما السوفييت فرأوا أن الفشل العربى فى [[فلسطين]] سيؤدى إلى سقوط الحكومات العربية وسقوط [[مصر]] فى أيدى الشيوعيين وكان [[الإخوان]] هم الضحية!
وجد منشور يصف وحشية رجال الشرطة أثناء عمليات الاعتقال وجلد رجال الشرطة ظهور كثيرين من [[الإخوان]] وخلعوا أظافرهم وأدموا أجسامهم, وكانوا يعتقلون من البيت الواحد أربعة أخزو وثلاثة أصهار. وقدموا للمحاكمة أشخاصا لم يرتكبوا جريمة إلا أنهم يد المساعدة لأحد بيوت [[الإخوان]] التى هى فى أشد الحاجة لهذه المساعدة


==الصامتون==
قال [[صالح عشماوى]] وكيل [[الجماعة]]:
" تعرض تلاميذه وأتباع [[البنا]] فى  عهد فاروق .  لأشد فتنة وأعظم بلاء وانصب عليهم من الإضطهاد والعذاب ما لو سلط  على جبل لاندك وانهار.
تعرضوا للسجن والتشريد والضرب الوحشى وحوربوا فى أرزاقهم وهددوا فى أعراضهم وسقط شهداؤهم واحدا بعد واحد".


كانت اللجنة العليا للحزب الوطنى التى يرأسها [[فتحي رضوان]] المحامى وتضم شباب [[الحزب الوطني]] الهيئة الوحيدة التى احتجت على قرار حل جماعة [[الإخوان المسلمين]].
ورغم ذلك بقى إبراهيم عبد الهادى خائفا. قرر فى 13 من [[مايو]] مد الأحكام العرفية عاما آخر وكانت هذه الأحكام قد فرضت فى 13 ممن [[مايو]] [[1948]] لضمان امن الجيش المصرى وإمدادته فى حرب [[فلسطين]]
ووالت الحكومة اعتقال الشيوعيين أيضا.ولم يدخل عبد الهادى  مبنى وزارة الداخلية سوى ثلاث مرات خلال الشهور السبعة التى عاشتها وزارته فقد قتل زعيم حزبه... [[أحمد ماهر]] داخل البرلمان ومحمود فهمى النقراشى فى وزارة الداخلية.


'''قال فى بيان لها:'''
وكتبت السفارة الأمريكية إلى واشنطن تقول:


:" القرار ثورة على [[الدستور]], وخروج بسلطة الحكام العرفية عن الغرض الذى أعدت له .إن [[النقراشي]] باشا الحاكم العسكرى فى فترة الحرب مع الصهاينة, هو الذى يحل هيئة [[الإخوان المسلمين]] الذين حاربوا فى [[فلسطين]] شد الصهاينة كأشجع وأقوى ما يكون المحاربون.
على الرغم من توقف الأعمال العسكرية فى [[فلسطين]] فإن قرار مد الأحكام العرفية يشير إلى أن الحكومة والسراى ليستا متلهفتين على التخلى عن المزايا التى تتمتعان بها حاليا بفضل سلطاتهما الاستثنائية.


:وإذا كان ما نسب إليهم صحيحا فهو لا يعدو اعتداء على المحال اليهودية أو على أفراد من [[اليهود]] مما يجعل النظر فيه من اختصاص المحاكم العادية ويخرجه عن سلطة الحاكم العسكرى تماما.
وصرح رئيس الوزراء بأن الرأى العام المصرى لابد أن يكون مستعدا لقبول تشريع أمنى دائم يحل الأحكام العرفية القائمة حاليا وعرض على البرلمان بالفعل مشروع قانون لمكافحة [[الشيوعية]] "و" الأنشطة التخريبية".


:ولا يملك الحاكم العسكرى أن يحل حزبا بأسره يختلف معه الرأى وينافسه فى الإنتخابات القريبة ويصادر أمواله ويستولى على عقاراته, ويتوقف نشاطه لأن [[الدستور]] وقانون العقوبات لا يسمحان بشئ من ذلك حتى فى حق من تثبت عليهم قضايا ارتكاب جرائم الخيانة العظمى أو التطاول على مقام جلالة الملك وهى جرائم مهددة لكيان الدولة.
ولدى السفارة دلائل على  أن الحكومة أو السراى تسعى إلى إقامة نظام دائم أكثر استبدادا تحت ستار إدارة المعركة لاخارجية ضد إسرائيل والمعركة الداخلية ضد الإرابيين.


:ولا يوجد مسوغ للإستيلاء على دور [[الإخوان]] والتصرف نهائيا فى أموالهم لأن ذلك لا يحقق إلا غرضا واحد وهو التنكيل ب[[الإخوان]].إن بريطانيا وصحفها أبدت ارتياحا للحل مما يكشف جانبا من جوانب الخطر فى هذا الإجراء".
وهناك احتمال بأن تصبح [[مصر]] قل ديمقراطية".


'''وقال البيان:'''
رغم هذه الاحتياطات الأمنية فلم تتوقف العمليات الانتقامية ضد رئيس وزراء [[مصر]] أو صاحب الجلالة.
حاول بعض [[الإخوان]] تجربة اغتيال النقراشى بقتل إبراهيم عبد الهادى فى 25 من [[مايو]] فاستأجروا شقة ب[[مصر]] القديمة تطل على طريق موكب رئيس الوزراء وألقوا ال[[قنا]]بل على سيارته ولكن كان يستقلها [[حامد جودة]]  مجلس النواب الذى أفلت أيضا من الموت.أدى هذا  الحادث إلى زيادة الاجراءات التعسفية التى اتخذتها الحكومة  ضد [[الإخوان]] .


:"إن المنطق الذى أخذ به الحاكم العسكرى فى محاربة [[الإخوان]] ترفع اللورد اللنبى وبريطانيا عن الأخذ به فى معاملة المضربين.
وثبت حضور رئيس الوزراء إبراهيم عبد الهادى بعض حوادث التعذيب وكان المعذب يطلب شربة ماء فلا يجاب إلى طلبه.


:لقد اعتبرت بريطانيا حوادث الاغتيال فى المدة من [[1920]] حتى [[1924]] عملا وفديا بحتا وأن [[سعد زغلول]] هو المسئول عن هذه الجرائم.. ومع ذلك لم توعز بريطانيا بحل [[حزب الوفد]] وكانت تملك أن تفعل .فهل يكون المصريين أكثر جرأة على [[الدستور]] وأمعن فى محاربة الحقوق الأساسية للناس من بريطانيا والبريطانيين".
وكانوا يحرمون المتهمين من الطعام ويمنعون طبيب السجن من معالجة المرضى منهم.


لم ينشر هذا البيان عقب صدوره لأن الرقابة على الصحف كانت قائمة ونشر جانبا منه [[فتحي رضوان]] فى جريدة المصرى فى 28 من [[فبراير]] [[1950]] فى عهد وزارة الأخيرة ولكنى وجدت هذا البيان ضمن الوثائق البريطانية المحفوظة فى مركز الوثائق العامة فى لندن!
ويهددون المعتقلين من [[الإخوان]] بالإعتداء المشين عليهم.


'''واستنكر [[صالح حرب]] باشا رئيس جمعية الشبان المسلمين قرار الحل. قال: '''
وبلغ الظلم مداه إلى احتلال بيوت  وليس فيها غير النساء كما أعلن ذلك عبد القادر عودة فى مرافعته فى قضية اغتيال [[المرشد العام]].


:" لم يجازف [[الإنجليز]] بحل الوفد المصرى رغم أتهام بعض أعضائه باغتيال السرادار السير لى ستاك باشا حاكم [[السودان]] والحكم عليهم بالإعدام ورغم حوادث الاغتيال لمتعددة التى نسبها [[الإنجليز]] للوفد المصرى وأعتقل بسببها [[مكرم عبيد]] والدكتور [[أحمد ماهر]] و[[النقراشي|محمود فهمى النقراشى]] و[[إبراهيم عبد الهادي]] وغيرهم.على الرغم من ذلك كله .. فقد بقى الوفد المصرى ولم يحل ولكن السعديين المصريين حلوا جمعية [[الإخوان]]".
وأغلقت [[مصر]] جدودها مع ليبيا لأن سلطاتها رفضت تسليم ثلاثة من [[الإخوان]] المتهمين فى الحادث. لجأوا إلى قصر الأمير إدريس السنوسى وهم محمود يوسف الشربينى وعز الدين إبراهيم وجلال أبو سعده.
ويستدعى رئيس الوزراء  لمقابلته البكباشى جمال عبد الناصر ويحضر اللقاء اللواء عثمان المهدى رئيس أركان حرب الجيش.
حذر رئيس الوزراء الضابط الذى اصبح بعد ذلك رئيسا لجمهورية [[مصر]] .  


لم تنشر كلمات [[صالح حرب]] إلا فى 19 من [[نوفمبر]] عام [[1949]] فى جريدة '''" الكتلة"''' التى انطلقت قبل غيرها ودون غيرها , لفترة طويلة, فى الدفاع عن [[الإخوان]]... بعد استقالة [[إبراهيم عبد الهادي]] وتولى [[حسين سرى]] باشا رئاسة الوزارة.
من أى نشاط أو ارتباط ب[[الإخوان المسلمين]]. واتهمه بالإشتراك فى تنظيم سرى داخل الجيش.


ولكن باقى [[الأحزاب]] المصرية استقبلت قرار الحاكم العسكرى فى صمت لم تستنكره مع أن قرار الحل قد يلاحقها .. ولم تؤيد القرار لأنه يخلصها من أقوى أعدائها..
دافع عبد الناصر عن نفسه بأنه كان فى  كان فى [[فلسطين]] خلال الفترة من [[مايو]] [[1948]] حتى [[مارس]] [[1949]] ولذلك كان من المستحيل عليه ذلك.


'''وفى بيان [[فتحي رضوان]] غلى ذلك:'''
قصد إيرلاند سكرتير السفارة الأمريكية إلى إبراهيم عبد الهادى باشا رئيس وزراء [[مصر]] يودعه بمناسبة سفر إيرلاند عائدا إلى بلاده.


:" إن التأييد الصمنى " أو الصريح الذى لقيه الحاكم العسكرى من بعض المعارضين له يرجع إلى أن الحاكم العسكرى تحمل دون معارضيه وزر خطوة لم يجدوا عندهم الشجاعة عليها".
كان اللقاء فى 16 من  [[مايو]] [[1949]] بعد أيام من محاولة الاعتداء على [[حامد جودة]] رئيس مجلس النواب.  


'''وتوجه بعض رجال [[الأزهر]] إلى مكتب عبد الرحمن عمار يهنئون بقرار الحل قائلين:'''
قال عبد الهادى باشا لسكرتير السفارة الأمريكية عندما سأله عن الإرهابيين:قام  رجال الشرطة بعملهم على أفضل وجه ممكن. وأعرب عن سروره لأن الاثنى عشر رجلا الذين  حاولوا الاعتداء على [[حامد جودة]] فى 5 من [[مايو]] تحت تصور  أنها سيارة رئيس الوزراء تم القبض عليهم ومنهم 11 شخصا قبض عليهم بعد الحادث مباشرة وفر واحد فقط وتم اعتقاله!!


:هؤلاء إخوان الشياطين . والحمد لله على خلاص البلاد من شرهم وأيد بعضهم قرار الحل فى أحاديث قدمتها الإذاعة المصرية . وأكدت المفوضية الامتناع عن تأييد قرار الحل على أمل تأييد [[الجماعة]] لهذه [[الأحزاب]] فى الانتخابات القادمة".
وقال : ستواصل الشرطة استئصالها لهذه العناصر. سأله ايرلاند:


وقد تبين صدق هذه النبوءة فيما بعد!وقالت صحيفة '''" أخبار اليوم"''' ... " أدلى النحاس باشا بحديث إلى صحيفة '''" الأهرام"''' أيد فيه قرار الحل ولكن [[فؤاد سراح الدين]] سكرتير عام الوفد أوقف النشر... لأن الحديث ليس للنشر"!
هل هناك قرائن بأن عناصر بجانب [[الإخوان]] متورطة فى النشاط الإرهابى؟


'''قالت مجلة آخر ساعة تحت عنوان "المعارضون يصفقون ويبكون لحل [[الإخوان المسلمين]]"'''
أجبا رئيس الوزراء :


:" ابدى المعارضون ارتياحهم لهذا القرار سرا فقد تخلصوا من جمعية كانت تعتبر أقوى من خصومهم. ولم تكن هذه الجمعية حزبا فقط بل كانت أشبه بدولة لهاجيش ومستشفيت ومدارس ومصان وشركات اما عن العلن فقد رفضت صحف المعارضة أن تعلق بكلمة واكتفى المعارضون فى أحاديثهم مع الشيخ [[البنا]] بإبداء الأسف والسخط وتحدث [[مكرم عبيد]] مستنكرا هذا التصرف حتى ظن الشيخ حسن أن مكرم باشا أصبح هو الآخر أخا مسلما"!
أعتقد أن جبهة خارجية ترسم الخطط وتقدم الأموال والتنظيم [[للإخوان المسلمين]].


علقت السفارة البريطانية على البيان بأن [[فتحي رضوان]] محاممن طراز وطنىمتطرف وداعية يثير الفتن والقلاقل.
أخذ ايرلاند يضغط على رئيس وزراء [[مصر]] – كما قالت برقية جيفرسون باترسون القائم بأ‘مال السفارة المريكية ب[[القاهرة]] – لتقديم دليل على ما يقوله. أجاب رئيس وزراء [[مصر]]:


'''وقالت تقارير السفارة:'''
من الصعب الادلاء بقرينة محددة ولكن نموذج فتيل التفجير الذى يستخدمونه ليس معروفا فى [[مصر]].


:" أراد [[الإخوان]] الاندماج فى اللجنة العليا للحزب الوطنى ويعتزمون مواصلة النشاط السرى تحت حماية هذه اللجنة ورعايتها.وأثير اقتراح بأن يتولى [[الحزب الوطني]] النشاط السياسى للجماعة بينما يقتصر نشاط قادتها على متابعة رسالتهم الدينية والاجتماعية".
وقال: ربما يكون الاسرائيليون قد ساعدوا فى تنظيم أ أنشطة محتلفة فى [[مصر]] لاحراج الحكومة!!وهكذا أراد رئيس  وزراء [[مصر]] الإيحاء بأن [[الإخوان]] , الذين حاربوا [[اليهود]] فى [[فلسطين]], متورطون ويتعاونون مع اسرائيل فىعمليات الإرهاب ضد لحكومة [[مصر]]!


وفكر الشيخ [[البنا]] كما يقول الباقورى  فى ان يستبدل باسم جماعة [[الإخوان]] اسم '''"رابطة المصحف"''' حتى يتفرغ للتربية الدينية التى هى اصل الأصول فى جماعات الإصلاح.قال زكى على باشا وكيل جمعية الشبان المسلمين إن [[المرشد العام]] أراد الإندماج فى جمعية الشبان المسلمين.
فى 7 من [[يونيو]] كتب السير رونالد كامبل إلى لندن فى البرقية رقم 99:


خاف أعضاء جمعية الشبان المسلمين على أنفسهم من عنت الدوة فاعترض وكيل الجمعية زكى على باشا على حضور الشيخ ولكن [[صالح حرب]] باشا رئيس الجمعية زار [[المرشد العام]] فى بيته وقال له:
" تم القبض على مزيد من أعضاء جماعة [[الإخوان]] لامسلمين المحظورة وبين المعتقلين فى الآونة الأخيرة طالب  يشك فى اشتراكه فى [[مصر]] ع سليم زكى باشا رئيس بوليس [[القاهرة]] فى [[ديسمبر]] الماضى.


اعتبر دار الشبان  دار [[الإخوان]]... دارك ومفتوحة لك دائما.عرفت الحكومة بذلك فاتصل المسئولون ب[[صالح حرب]] وقالوا له: هذا تحد لأمر الحل.
وتحدثت التقارير عن أموال يتم جمعها ظاهريات لمساعدة اسر [[الإخوان]] المعتقلين وتهدف – فى الواقع – إلى تشجيع أنشطة الإرهاب فى المجتمع ويقول مراقب [[مصر]]. كان فى منطقة القناة مؤخرا إن هناك تأييدا قويا للإخوان فى المنطقة".


'''رفض [[صالح حرب]] الخضوع قائلا:''' هذه دار المسلمين جميعا.لن يوصد بابها فى وجه مسلم ومن باب أولى لا يوصد فى وجه [[البنا]] وستظل داره راغبا فى زيارتها.
توالت الاتصالات بين الوفد والقصر.


'''وقال ل[[محمد الليثي]]:''' اخل مكتبك للأستاذ [[البنا]] .. وحاول ألا تجمع معه فى المكتب أكثر من ثلاثة أشخاص حتى لا يطبق عليه قرار الحل.  
قال فؤاد سراح الدين باشا يوم 30 من [[مايو]] [[1949]] لحسن يوسف باشا رئيس الديوان الملكى بالنيابة:
الوفد يطلب ن القصر ضمانا لحرية الانتخاب.
أجاب حسن يوسف باشا:


'''وهمس [[صالح حرب]] فى أذن الليثى قائلا:'''
سبق أن صرح رئيس الوزراء إبراهيم عبد الهادى باشا بأن  الأحكام العرفية سيقتصر سريانها على شئون الأمن فقط طوال فترة الانتخابات انتقل الحديث إلى العلاقات بين القصر والوفد فقال فؤاد باشا:
للملك طلبات كثيرة.  أجاب حسن يوسف: الملك يشترك فى شئون الحكم بمقتضى [[الدستور]] وله نصيب فى السلطة التشريعية والتنفيذية.


:لا تدع الشيخ يعلم بشيء مما دار بيننا وبين الحكومة بشأنه .
واضاف: متى توافر جو التفاهم فإن هناك دائما حل الوسط . عرض حسن باشا على الملك مضمون اللقاء فأبدى ارتياحا ولكن إبراهيم عبد الهادى باشا أبدى شيئا من العتاب فرد عليه حسن يوسف:


وقال الدكتور يحيى الديرديرى مراقب الجمعية للأعضاء الشيخ حسن يحضر إلى الجمعية كرجل مسلم وكضيف. وقد قرر ألا يعقد فى '''" الشبان المسلمين"''' اجتماعات ولا يلتقى بأعضاء.
- أبواب الديوان الملكى مفتوحة أمام المعارضة , كما هى مفتوحة أمام الوزارة!
واستمرت الاعتقالات والبحث عن [[الإخوان]] شهورا أخرى..وتعيد وزارة الخارجية البريطانية تقييم الموقف فى [[مصر]] وهل من مصلحة بريطانيا التدخل لعودة الوفد.نصح كلاتون مدير الإدارة الأفريقية – يوم 24 من [[يونيه]] [[1949]] – بعدم التدخل لأن ذلك لن يحل مشكلة [[السودان]] أو يؤدى إلى عقد معاهدة.


وهكذا أصبحت جمعية الشبان المسلمين المكان الوحيد الذى يتردد عليه [[البنا]] فدفع اشتراك 5 سنوات سابقة لم يسدد عنها الاشتراك من قبل . وكتب بخط يده فى 4 من [[فبراير]] طلبا ليكون عضوا فى الجمعية . وقال غنه صحفى هدفه أغراضها فتقرر أن يعرض طلب الالتحاق على مجلس الإدارة يوم 18 من [[فبراير]] لاتخاذ قرار فيه.وقيل إنه سيكون رئيسا للجمعية وبذلك تتحول لتصبح بديلا [[للإخوان]] !
وقال كلاتون:" لا يجب أن نتدخل لعودة الوفد إلى الحكم و بل نسعى بكل الجهد,ليشترك الوفد فى الإنتخابات فحسب فإذا فعل فإنه سيحصل على أغلبية مقاعد مجلس النواب.


'''وفى كتاب [[محمود عبد الحليم]] قال:'''
وإذا اصبح الوفد فى المعارضة فإن ذلك يفيدنا – أى بريطانيا – أيضا لأنه سيمنع توسع خطط الملك العسكرية . إننا لا نريد ان يقوم الملك بتدعيم الجيش بحيث يقيم ديكتاتورية عسكرية"


:" إنه لا يستبعد رغبة الشيخ [[البنا]] فى نقل نشاط [[الجماعة]] والإندماج هنا و هناك فيجد لدعوته منفذا مؤقتا قبل أن تطبق عليها الغيوم أطباق كاملا, وليدخل الطمأنينة إلى نفس الملك".
ويؤشر مايكل رأيت الوكيل المساعد للخارجية البريطانية على هذه المذكرة قائلا:" الوفد أكثر [[الأحزاب]] عقلانية بالنسبة للسودان و[[فلسطين]]. وهو أكثر [[الأحزاب]] صداقة لبريطانيا. وهو الوحيد  القادر على تحقيق الإصلاح الاقتصادى. ويفكر الملك فى تعيين رئيس وزراء محايد وتشكيل حكومة ائتلافية تجرى الانتخابات


ولكن أخفق الشيخ [[البنا]] فى التماس المنفذ!وزارا الشيخ [[البنا]] رئيس [[الحزب الوطني]] [[حافظ رمضان]] باشا يسأله فيما إذا كان من الأفضل إثارة موضوع الحل فى البرلمان.
. ونحن نؤيد إجراء انتخابات حرة وإذا قام الملك بتزوير الانتخابات فإن الجميع سيعرفون انه لا يستطيع ذلك دون تأييدنا وسنتهم بتأييد الحكومة الرجعية للوصول إلى الحكم".


'''قال [[حافظ رمضان]]:'''
ويحقق صاحب الجلالة ما جاء فى مذكرة رايت بالحرف الواحد.


اللجوء إلى الهيئات النيابية قد يضر ضررا بليغا إذا وافقت تلك الهيئات على قرار الحل.وكان [[حافظ رمضان]] يعرف أن الأغلبية فى مجلس النواب للحكومة ومن الطبيعى أن يؤيد النواب قرارها.
إن ملك [[مصر]] يمهد – بالفعل- لعودة الوفد وتحقيق حالة من الاسترخاء الأمنى أى الإفراج عن [[الإخوان]]  العتقلين بعد أن قتل زعيمهم.


أفضى الشيخ إلى [[فتحي رضوان]] بأنه يود أن يكل إلى هيئة من رجال [[السياسة]] المصريين حزبين ومستقلين وبعض المشتغلين بالشئون العربية والإسلامية بينهم وهيب دوس بك المحامى القبطى وصادق المجددى سفير الأفغان ب[[القاهرة]] أمر الوساطة بين [[الإخوان]] وحكومة [[النقراشي]].
.. وكان [[حسين سرى]] باشا هو رئيس الوزراء الوحيد فى [[مصر]] الذى يستطيع أن يمهد  لحكم الوفد كما حدث عام [[1942]].


وكان يأمل أن تنجح وساطة هؤلاء الكبار فى أن تخفف الحكومة من شدة اجراءات الإعتقال وأن تدع نشاط [[الإخوان]] الخيرى والدينى وأن تعفى من الصادرة والحل الشركات التى تمارس نشاطا اقتصاديا.
دعا الملك فاروق وزير الفريق محمد حيدر باشا فى الثالثة من صباح يوم 25 من [[يوليو]] [[1949]] لمقابلته . وأمره أن يذهب فورا إلى رئيس الوزراء إبراهيم عبد الهادى باشا ويطلب إليه أن يستقيل.
التمس حيدر باشا تأجيل الأمر إلى الصبح فأصر الملك على التنفيذ فورا بحجة أن " الدنيا رمضان" ون سهرة رمضان ممدة إلى الصباح.


'''وحمل عبد العزيز الصافانى سكرتير [[الحزب الوطني]] قائمة بالأسماء المقترحة للهيئة وعرضها على حافظ رمضان باشا قائلا:'''
كرر وزير الحربية التماسه .


يطمع الشيخ [[البنا]] فى أن تقوم بدعوة هذه اللجنة للإجتماع فى دارك قال حافظ رمضان للصوفانى: أنصحك بصرف النظر عن المشروع كله!ويلتقى الشيخ [[البنا]] ب[[فتحي رضوان]] فيقول له:
تسامح الملك ووافق على أن ينتظر الوزير حتى السابعة صباحا.


ماذا فعل الباشا يقصد [[حافظ رمضان]] لنا وبنا . ونسينا أن غضب علينا؟أجاب [[فتحي رضوان]]:الخلاف بينك وبين الحكومة خلاف مبدئى لا تنفع فيه وساطة الوسطاء
توجه حيدر باشا إلى رئيس الوزراء فى بيته ب[[الإسكندرية]] وأبلغه أن الملك يرى ان تستقبل الوزارة . ورأى الملك ... أمر!


رد الشيخ معللا النفس بالأمانى:هذا باب مفتوح يجب أن نطرقه حتى لا نكون قد قصرنا فى شئ! اقام الشيخ دعوى أمام مجلس الدولة يطلب فيها الغاء قرار الحل. وتوجه مع صهره [[عبد الكريم منصور]] إلى المجلس فجاء شرطى فتش المرشد تفتيشا دقيقا وكأنه يريد أن يعرف ما إذا كان الشيخ يلبس درعا أم لا.
وافق رئيس الوزراء  ودعا مجلس الوزراء فى التاسعة صباحا وأبلغهم الأمر الملكى وتلا عليه كتاب الاستقالة.


'''وقال منشور سرى كتبه [[البنا]] عنوانه" قضيتنا":'''
شكلت الوزارة الائتلافية الجديدة برئاسة [[حسين سرى]] باشا وضمنت 4 وزراء من كل من الوفد والأحرار الدستوريين والسعديين والمستقلين واثنين من [[الحزب الوطني]].


:" طلبت السفارة البريطانية من النحاس باشا عام [[1942]], والحرب العالمية على أشدها والألمان على الأبواب, حل [[الإخوان المسلمين]] وتعطيل نشاطهم فأبى أن يجيبها إلى ذلك, وأكتفى بإغلاق الشعب كلها مع بقاء [[المركز العام]] إلى حين!
وأعلن صاحب الجلالة أن الوزارة الجديدة هدية العيد من الملك إلى شعبه وعلق كثيرون على ذلك بقولهم:
وزارة إبراهيم عبد  الهادى هى ضجة العيد . وإن لم يكن عيد الضحية!وزار كريم ثابت المستشار الصحفى لفاروق رئيس الوزراء السابق إبراهيم عبد الهادى مجاملا بعد الاستقالة.


:إن الدافع الحقيقى للحل هو انتهاز الجانب فرصة وقوع الحوادث مع اضطراب [[السياسة]] الدولية , وقلق الموقف فى [[فلسطين]] , وتردى سياسة [[مصر]] بين الإقدام والإحجام فشددوا الضغط على الحكومة. وكان فى وسع رئيس الوزراء أن يزجرهم عن مثل هذا التدخل فى شأن داخلى".
أشار عبد الهادى إلى حكاية " هدية العيد" بانفعال شديد , ثم قال وهو يبتسم ابتسامة مرة:
وعلى كدة أبقى أنا اللى طلعت " خروف العيد"!


ونسب الشيخ [[البنا]] أسباب الحل إلى ما يشاع عن قرب الإتفاق بين الحكومة المصرية والحكومة البريطانية والموقف الحزبى والتأهب للإنتخابات القادمة.
اختلف وزراء سرى باشا حول تقسيم الدوائر الإنتخابية ولم يستطع رئيس الوزراء التوفق بينهم.
ويظهر رجل العملا أحمد عبود فى الصورة عندما يلتقى بالوزير البريطانى تشابمان اندروز يو 25 من [[أكتوبر]] ويقول له:


'''وقال الشيخ [[البنا]]:'''
سيدعو [[حسين سرى]] باشا مجلس الوزراء إلى الاجتماع يوم أول [[نوفمبر]] أى فى اليوم التالى لعودد فاروق من رحلته فى الخارج.


:" اعتقل ألف شخص ليسوا متهمين فى شئ, وهم بين استاذ الجامعة كالأستاذ [[حسين كمال الدين]], أو فى [[الأزهر]] كالأستاذ [[البهي الخولي|بهى الخولى]], أو فى المعاهد العليا كالأستاذ [[عبد العزيز كامل]] و[[أحمد كامل سليم]], أو فى دار العلوم كالأستاذ [[أحمد عبد العزيز جلال]].
وفى هذا الاجتماع سيطلب سرى من الوزراء الاتفاق على تسيم الدوائر فإذا وافقوا سيصدر المرسوم الملكى بذلك وتجرى الحكومة الائتلافية الانتخابات .  


:ومنهم المحامون الكبار, أو التجار الفضلاء والعمال والطلاب وليس فيهم أبدا منهم ولا مجرم.وفصلت الحكومة أكثر من 150 موظفا من الموظفين الصغار الذين لا ستطعيون مقاضاتها أمام مجلس الدولة.وشردت من [[القاهرة]] وحدها إلى الوجه القبلى 500 موظف.
وإذا حدث العكس ولم يتفق الوزراءسيقدم سرى باشا استقالته  إلى الملك ويشكل حكومة إدارية خالصة لإجراء الانتخابات. ويضيف أحمد عبود قائلا للوزير البريطانى:


:'''وصدرت الأوامر العسكرية بمصادرة مرتبات عدد كبير من الموظفين, وأموالهم وشركات هى:'''
حصل سرى باشا  على موافقة الملك مقدما على الاستقالة.


:#شركة " [[الإخوان]] للتجارة" بميت غمر
ويجمع سرى الوزراء الذين لا يفطنون غلى " الكمين" الذى أعد لهم فيختلفون وينهى رئيس الوزراء الاجتماع غاضبا , ويسرع بتقديم استقالته إلى  الملك يوم 3 [[نوفمبر]] قائلا:
:#و"المناجم والمحاجز العربية"
" تبين  لى فشل الجهود التى بذلتها فى محاولة التوفيق, وحرصا على عدم ضياع وقت  بلادى سدى فى أمور لا طائل تحتها أرانى مضطرا إلى رفع استقالتى ".
:#و" [[الإخوان]] للنسيج"
:#و" الإخاء الإسلامى بفرشوط"
:#و" دار [[الإخوان]] للطباعة"
:#و"دار [[الإخوان]] للصحافة "  


:وكلها لا صلة لها بهيئة [[الإخوان]] ولكنها وضعت هذا االقسم من باب الدعاية التجارية.
ولكن سرى باشا يضيف هذه الكلمات فى خطاب استقالته قال: " مازلت اومن بالإئتلاف وفوائده الجمة. ولا شك عندى فى أنه سيكون مبروك الخيرات بعد الانتخابات وأن فى قيامه مصلحة كبرى للبلاد".


:'''وقال الشيخ [[البنا]]" إن كل ما يطلبه من الحكومة أمرين اثنين:'''
ولم تفطن أحزاب [[مصر]] إلى الهدف من هذه الكلمات .. فإن الملك كان يأمل أن ينجح فى تزوير الانتخابات بحيث لا يفوز حزب واحد بالأغلبية فيشكل سرى وزارة ثانية من كل [[الأحزاب]] المصرية... برئاسته!


::'''(أ‌)''' دفع المظالم التى وقعت على الناس بلا سبب.
أخذت الخطابات المجهولة تتوالى على النيابة العامة من أشخاص يدعون أنهم من [[الإخوان المسلمين]] وأنهم قتلوا [[البنا]] لأنه أبلغ الأمن العام عن مخازن الذخيرة وأرشد  عن كثير  من أعضاء " جمعية الإرهاب".
ودلت لغة هذه الخطابات على أنها من " تأليف" رجال الشرطة فالإرهابى لا يصف نفسه بذلك بل يزعم انه فدائى.


::'''(ب‌)''' إطلاق حرية الدعوة فى الوقت المناسب بالأسلوب الذى لا ينال من هيبة الحكومة ولا يعطل من نشاط [[الإخوان]].
ونشرت جريدة " الأهرام" فى اليوم التالى للجرمية أن [[البنا]] ارسل لوزارة الداخلية يعلن رغبته فى تسلمي الأسلحة والإذاعة وأنه تلقى خطاب تهديد بالقتل إن هو أذاع شيئا من أسرار [[الجماعة]].


::'''(ت‌)''' وفى نظير ذلك يتعهد [[المرشد العام]] ورؤساء [[الإخوان]] أن يكونوا أعوانا صادقين للحكومة فى استقرار الأمن واستتباب النظام".
وكانت التحقيقات خالية من هذه المعلومات وقصد من نشر هذه الأخبار  توجيه التحقيق وجهة خاصة وهى أن القتلة أعضاء فى جماعة [[الإخوان]]. وكان واضحا أن وزارة الداخلية هى التى أوحت بهذا النشر.


ولكن الحكومة اكتفت بمصادرة المنشور واعتقال موزعيه وحائزيه!وأذاع الشيخ [[البنا]] بيانا آخر رد فيه على مذكرة عبد الرحمن عمار عن الجماعة فند فيه كل أسباب الحل.
روى بكر درويش الذى كان رقيبا بمراقبة النشر بوزارة الداخلية أن بيان  " ليسوا إخوانا وليسوا مسلمين" سلم إلى الرقابة بعد اغتيال حسن لبنا بيومين لتسليمه للصحف لنشره.


ولكن الحكومة أيضا صادرت هذا البيان وأعتقلت موزعيه وحائزيه وتركت كتابه الشيخ [[البنا]] ... حرا!
وقال توفيق صليب مدير الرقابة للرقباء


'''وقال [[الإخوان]]:'''
:" الهدف أن يلقى فى الأذهان أن الجناة من [[الإخوان المسلمين]] المتذمرين من الشيخ [[البنا]] لموقفه من الحكومة وأن هذا التذمر أدى إلى ارتكاب الحادث".
قال البيان الذى كتبه الشيخ [[البنا]] قبل وفاته:


:إن سفراء بريطانيا والولايات المتحدة وفرنسا اجتمعوا يوم 20 من [[نوفمبر]] [[1948]] فى معسكرات القوات البريطانية بفايد قرب [[الإسماعيلية]] وقرروا أن يتقدم السفير البريطانى باسمهم يلطب حل [[الجماعة]].
" وقع هذا الحادث الجديد حادث محاولة نسف مكتب سعادة النائب العام وذكرت الجرائد ان مرتكبه كان من [[الإخوان المسلمين]] فشعرت بأن من الواجب على أن أعلن أن مرتكب هذا الجرم الفظيع وأمثاله من الجرائم لا يمكن أن يكون من [[الإخوان]] ولا من المسلمين لأن [[الإسلام]] يحرمها والإخوة تأباها وترفضها .


:وفى 20 من [[نوفمبر]] [[1948]] ارسل الكولونيل ماك درموت, رئيس إدارة المخابرات فى قيادة القوات البريطانية, إلى مدير إدارة المخابرات يبلغه بأن السفارة البريطانية اخطرت القيادة البريطانية رسميا بأن خطوات دبلوماسية تتخذ لإقناع السلطات المصرية بحل [[الجماعة]] فى أقرب وقت مستطاع.
ومن المرجح بل من المحقق أنه إنما أراد به أن يتحدى الكلمة التى نشرت قبل ذلك بيومين تحت عنوان ( بيان للناس) ولكن [[مصر]] لم تروعها أمثال هذه  المحاولات الأثيمة وسيتعاون هذا الشعب مع حكومته الحريصة على أمنه وطمأنينته فى ظل جلالة الملك  المعظم على القضاء على هذه الظاهرة الحظيرة.


:وقال عبد الرحمن عمار فى أثناء محاكمة لامتهم باغتيال [[النقراشي]] إن [[الإخوان]] ادعوا ذلك لإيهام الناس  بأن [[النقراشي]] حين قرر حل [[الإخوان]] كان تحت ضغوط أجنبية.
وليعلم أولئك الصغار من العابثين أن خطابات التهديد التى يبعثون بها إلى كبار الرجال وغيرهم لن تزيد أحدا منهم إلا شعورا بواجبه وحرصا تاما على أدائه فلقلعوا عن هذه السفاسف ولينصرفوا إلى خدمة بلادهم كل فى حدود عمله إن كانوا يستطعون عمل شئ نافع مفيد.


:ونشر [[الإخوان]] نصوص الرسائل المتبادلة فى العدد الأول من [[مجلة الدعوة]] الصادرة فى 31 من [[يناير]] عام [[1951]].وأشاروا إليها فى أثناء محاكمة المتهمين اغتيال [[البنا]].
وإنى لأعلن أنى منذ اليوم سأعتبر  أى حادث من هذه الحوادث يقع من أى فرد وسبق له اتصال بجماعة [[الإخوان]] موجها إلى شخصى ولا يسعنى ازاءه إلا أن اقدم للقصاص أو أطلب إلى جهات الاختصاص تجريدى من الجنسية المصرية التى لا يستحقها إلا الشرفاء الأبرياء فليتدبر ذلك من يسمعون ويطيعون وسيكشف التحقيق ولا شك عن الأصل والدخيل.


'''ضاق [[الإنجليز]] بذلك فزار تشابمان اندروز الوزير البريطانى المفوض [[إبراهيم عبد الهادي]] باشا فى منزله وقال له:'''
ولله عاقبة الأمور".


:هذه الوثائق مزورة.وإنى أطلب منك ن تعلن ذلك باعتبارك رئيس الوزارة  التى قبض فى عهدها على بعض المتهمين فى سيارة الجيب وغيرها
لم يظهر الشاب الأسمر الذى ذكر رقم سيارة محمود عبد المجيد رغم ما نشرته صحيفة " ال[[مصر]]" ولم يظهر أبدا حتى بعد قيام الثورة.


'''وأضاف " أندروز":'''
ولكن السفارة الأمريكية فى برقيتها إلى واشنطن بعد الجريمة ب48 ساعة ذكرت السر الحقيقى لاختفاء هذا الشاهد الوحيد


:إذا وجدت حرجا فى النشر فى بالصحف أو الاتصال بالفضاء فإن السفارة البريطانية على استعداد لإعلان ذلك رسميا:اعتذر رئيس الوزراء السابق فبعث مورى جراهام المستشار القانونى للسفارة البريطانية إلى وحيد رأفت مستشار الرأى لوزارة الخارجية المصرية رسالة قال فيها:
قالت: " شاب مصرى كان يجلس فى مقهى مقابل  جمعية الشبان المسلمين وقت الاغتيال تقدم إلى نقطة بوليس كوتسيكا بشارع معروف ابلغ كونستابل" اسمه حسن" وشرطيا اسمه " طه" بأنه يعرف رقم السيارة التى هربت فور الحادث وأنه يمكن أن يتعرف على القاتل إذا عرض عليه بين آخرين.


:" إن أمر حل [[الإخوان المسلمين]] لم  يكن محل حديث بين السفارة الأمريكية والحكومة لامصرية"
أبلغت نقطة كوتسيكا هذه المعلومات تليفونيا إلى المحافظة فانتقل على الفور


وقدمت النيابة هذه الرسالة للمحكمة فى قاعة الجلسة.وكان مورى يكذب فإن مقابلات السفير البريطانى السير رونالد كامبل لرجال الملك والوزراء تقطع بان السفير ألح على ضرورة الحل.
الصاغ توفيق السعيد من القلم السياسى – مباحث أمن الدولة – إلى نقطة وتسيكا.


'''كتبت السفارة البرطانية إلى لندن بعد يومبن من قرار الحل:'''
ويقول أحد المصادر ان هذا الضابط – توفيق السعيد – وضع مسدسا فى معطف جيب الشاب واوسعه ضربا وهدده بأنه سيحاكم بتهمة أحراز سلاح غير مرخص.


:" تجتاح الأمة المصرية حاليا موجة من الغضب بسبب الروح التى أبدتها [[الأحزاب]] السياسية المختلفة.ويعيب الشعب على السلطات سلوكها تجاه [[الإخوان]] والذين استخدموا فى نفس الوقت كأدوات ضد الوفد. وبينهم الرأى العام جميع [[الأحزاب]] بالإهتمام بمصالحها الخاصة.ويواجه [[الإخوان]] حاليا أبشع التهم دون إجراء الحد الأدنى نم التحريات للتحقيق فيها".
ونقلوا الشاب تحت حراسة الشرطة إلى منزله ولم يفتح فمه بكلمة بعد ذلك , حول الحادث"!


تلقت وزارة الخارجية المصرية المحاسبة ومجلس الدولة رسائل تهديد بنسفها. وقالت المفوضية الأمريكية أنه وجدت متفجرات فى مكتب وكيل وزارة الأشتغال .
وقد تأكدت هذه الرواية مع تغيير فى بعض التفاصيل فى أثناء محاكمة المتهمين باغتيال الشيخ [[البنا]]. فقد تلقى عبد الكريم منصور رسالة من مجهول جاء فيها" إن الولد الأسمر لقى تعذيبا من البوليس السياسى الذى وضعه فى سجن الأجانب .
 
واشرف على التعذيب العقيد محمود عبد المجيد فاضطر الولد للإختفاء من [[القاهرة]] .. من شدة الرعب"
 
بعد ستة أيام من الجريمة  بعث جيفرسون باترسون الوزير الأمريكى المفوض فى [[القاهرة]] إلى واشنطن البرقية رقم 211 وتاريخها 18 من [[فبراير]] [[1949]] .. وفيها  تفاصيل الجريمة وأسماء القتلة فإن المجرمين كانوا معروفين لدى القصر وزراة الداخلية والسفارات الأجنبية!
 
وكان الشعب المصرى يهمس بالحقيقة ولكنه لا يستطيع أن يصرح بها .
قال باترسون:
 
" تدل المعلومات التى تلقيناها من المصادر الخاصة والموثوقة بما فى ذلك مصادر السفارة البريطانية بما يؤكد الاعتقاد السائد بين الجماهير أن الشيخ [[البنا]] ويدعم مساندة اكبر المسئولين فى الحكومة. أشرف على المخطط عبد الرحمن عمار بك  وكيل وزارة الداخلية والمسئول
   
   
وأعلنت الحكومة عن مكافأة لمن يرشد عن مستودعات السلاح ونشرت كميات وأعداد الأسلحة المضبوطة.
عن المن العام وأحد أصدقاء النقراشى المخلصين.
حرم الشيخ [[البنا]] على نفسه الطعام الطيب ليشارك [[الإخوان]] فيما يتحملونه فى السجون والمعتقلات.
 
وشارك فيه محمود عبد المجيد بك مدير المباحث الجنائية بوزارة الداخلية وكامل الدماطى مدير مكتب رئيس الوزراء.
 
ويقال إن الإتفاق الذى تم بين الثلاثة على أن يتولى الدماطى تفاصيل التخلص من الشيخ [[البنا]]..
ومن هنا رتب الدماطى أن يتولى هو واثنان من مساعديه الموثوق بهما القيام بعملية نموية  على الشيخ [[البنا]] وبدأت العملية منذ ثلاثة أسابيع
 
هذان المساعدان الموثوق بهما ملكية.
 
1- كونستابل بوليس فى ملابس ملكية.
 
2- أومباشى سابق فى البوليس نقله الدماطى من البوليس إلى وظيفة كتابية فى رئاسة مجلس الوزراء وعمل معه مؤخرا كسائق لسيارته.
 
والأومباشى أسود البشرة وماهر فى استخدام المسدس والبندقية ومساء السبت 12 من [[فبراير]] تبع المساعدان الشيخ [[البنا]] إلى جمعية الشبان المسلمين فى سيارة سوداء.
 
والجدير بالملاحظة ان رجل البوليس المعين فى المنطقة لم يكن ساعتها فى دركه,
 
ويقال إن غيابه  عن واجبه جرى ترتيبه مسبقا أما سيارة البوليس التى ترافق الشيخ [[البنا]] لحراسته فقد سحبت قبل 18 يوما من الحادث ,ومن هنا فالأمر يبدو كأنه مخطط جيد الإعداد والتنفيذ وعلى الرغم مما عرف عن عمار بك بوصفه رجلا" حسن [[الإسلام]]" أحيانا لدرجة التعصب فإنه عبر أكثر من مرة لسكرتير السفارة عن كراهيته للشيخ [[البنا]]".
 
وهذه البرقية الخطيرة حددت:" كراهية  عبد الرحمن ل[[البنا]] . " ذكرت صراحة اسم محمود عبد المجيد مدير المباحث الجنائية بوزارة الداخلية والذى ثبت بعد خمس سنوات أنه المحرض على الجريمة.
ولكن النائب العام محمود منصور لم يأمر  بالمضى فى التحقيق إلى نتيجته الطبيعية وهى القبض على الجناة.. وهم معروفون!
 
ولم يحفظ محمود منصور  التحقيق. ولم يقيد الجناية ضد مجهول  وبقيت أوراق القضية تنتظر رغم المحققين يعرفون المحرض والقتلة ولكنهم لا يستطعون أن يمدوا إليهم يد القانون!
 
وتوقع [[الإخوان]] أن يعيد [[حسين سرى]] باشا التحقيق ويقدم المتهمين إلى القضاء  خاصة وأن بينه وبين إبراهيم عبد الهادى خصومة طويلة.
 
وكا ما فعله [[حسين سرى]] أن نقل محمود عبد المجيد  من إدارة المباحث الجنائية إلى وظيفة مفتش فى إدارة الشرطة.. فى 14 من [[أغسطس]] [[1949]] , بعد ثلاثة أسابيع من توليه رئاسة الوزارة!..
 
وظل الرعب يلاحق العهد كله سبعة شهور بعد الجريمة وبعد استقالة إبراهيم عبد الهادى وتولى [[حسين سرى]] رئاسة الوزارة. فى 2 من [[سبتمبر]] كتب الوزير البريطانى تشابمان: " يتضح الدليل على أنه مازالت هناك حياة فى منظمة [[الإخوان المسلمين]] المنحلة من تقرير سرى وصلنى حول اعتقال أربعة أشخاص فى محطة [[القاهرة]] فى .22 من [[أغسطس]] [[1949]].. وما أعقب ذلك من اعتقال ستة أشخاص آخرين وتم ضبط كتيب مع هؤلاء الأشخاص يهاجم الحكومة السابقة.. ويفند اتهامات معينة عن القيام بنشاط هدام صدر على أساسها قرار  حل [[الجماعة]].
 
ويزعم أن قرار الحل كان نتيجة لضغوط تعرض لها المغفور له النقراشى باشا من جانب السفارات البريطانية والفرنسية والمريكية.
 
ويزعم لاكتيب أيضا أن النظام لسابق أسا استخدام قانون الأحكام العرفية.
 
وينتهى بنداء يوجهه بالسماح للمنظمة بالحرية الكاملة بالعودة مقابل أن يتعهد [[الإخوان المسلمون]] بتأييد الحكومة باخلا صفى الحفاظ على الأمن والنظام".
 
بدأ الحديث عن الثورة يتجدد..
 
بعث وزير الخارجية الأمريكى إلى جيفرسون باترسون الوزير المفوض فى [[القاهرة]] يقول:
" اطلعت على تحذير وارد من مصدر موثوق فيه بأن انقلابا مشابها لذلك الذى وقع فى [[سوريا]] يجرى الإعداد له فى [[مصر]].
 
تابع الموقف عن قرب ووافنا بتقرير عنه".
 
ولكن الثورة لم تقع فى [[مصر]] بل جرت محاولة لاغتيال المك فاروق . طار مراسل أمريكى من [[القاهرة]] .
ليتجنب الرقابة على البرقيات فى [[مصر]]. ومن طرابلس – بليبيا بعث المراسل بقصة محاولة الاغتيال التى لم تنشر فى [[مصر]]. قال :"
 
أصيب الحارس الخاص للملكط فاروق بعدة رصاصات. ونصح الملك بألا يخرج إلى الشارع بعد اغتيال النقراشى.
 
وفى المرات النادرة  التى غامر فيها بالخروج كان يتحرك فى موكب هائل من سيارات الجيب المليئة بالضباط من حرس القصر المسلحين بالرشاشات... وخوفا على حياته فإن فاروق شبه سجين, منذ عدة شهور فى قصر عابدين"!
 
قاتلان
 
كان هناك قاتلان
 


'''وكان يستيقظ ليلا قائلا:'''
الأول قتل رئيس الوزراء النقراشى باشا وقد قبض عليه واعترف بجريمته وقال إنه ممن [[الإخوان المسلمين]].
والثانى عقيد من ضباط الشرطة, قتل , أو حرض على قتل رئيس جماعة [[الإخوان المسلمين]], وهو – القاتل – معروف للجميع ولكن أحد لم يجرؤ على القبض عليه.


اسمع صياح الأطفال الذين غاب آباؤهم فى المعتقلات.وأصدر [[النقراشي]] باشا بصفته الحاكم العسكرى العام  أمرا بمنع الطلبة من الإشتراك فى النشاط السياسى للأحزاب أو الأندية السياسية.ولم تنشر أنباء الاعتقالات فى الصحف نتيجة للرقابة مما ترك أسوأ انطباع لدى [[الإخوان]] كما تقول السفارة البريطانية.
قدم عبد المجيد حسن قاتل لنقراشى وزملاؤه الخمسة, بعد تحقيق استمر سبعة شهور إلى المحكمة العسكرية العليا فى 6 من [[أغسطس]] [[1949]] برئاسة المستشار محمد مختار عبد الله وعضوية المستشارين محمد شكرى طلحة ومحمد غالب عطية والعميدين أحمد صالح أمين وإبراهيم زكى الارناؤطى.وكان عبد المجيد حسن قد ظل صائما منذ ارتكاب الجريمة  وكان يسير كيلو مترات فى الصحراء على الأقدام ليرشد المحققين لأماكن التدريب وهو صائم .. ويرفض الأفطار رغم الألحاح عليه..


رد [[الإخوان]] بطبع منشورات توضح موقفهم وموقف الحكومة تجاه الحركة الوطنية.تلقى وزراء حزب الإحرار الدستوريين منشورا وقع باسم '''" كتاب النضال المقدس لتحرير [[الإسلام]]"'''.احتج  المنشور على قرار الحل وقال إن أ‘داء [[الجماعة]] غيروا بدهاء طبيعتها الحقيقية فقد قام [[الإخوان]] لإنقاذ الأمة مبادئ [[الإسلام]] والعمل بالقرآن وتنفيذ إرادة الله.
وظل صائما أمام المحكمة وهو يكرر اعترافاته فطلبت منه المحكمة أن يتكلم وهو جالس . وكان يردد أنه يصوم ليكفر عن جريمته البشعة مثل لانيابة العام محمد عزمى ومحمد عبد السلام الذى أصبح – فيما بعد


وقال المنشور إن موقعيه من [[الإخوان]] وإنهم يختلفون مع زعيم [[الجماعة]] [[البنا]] فى أسلوب إعادة حقوق [[الجماعة]] و سيتبعون طريقا خاصا لذلك فالعدوان يرد بالعوان وهم مرغمون على رد السهام التى وجهت إليهم.
– نائبا عاما


وطالب المنشور الحاكم العسكرى'''" بعلاج الإجراءات الظالمة التى لا ترضى الله والملك و[[الدستور]] أو الشعب سينفذون إرادة  الله أو يموتون شهداء"'''
هاجم محمد عزمى المتهمين ومن خلالهم [[الإخوان المسلمين]] بضراوة فقال إنهم قوم أغواهم الشيطان فتفاقمت أطماعهك ولم يجدوا – لتحقيق ما باتوا به يحلمون – أيسر من الإفتراء على الله ورسوله خديعة للجهلاء وإسلابا لعقول الدهماء.


علقت المفوضية الأمريكية على ذلك بأن أسلوب المنشور يدل على أن كاتبه هو [[المرشد العام]] أو أحد خلصائه بهدف آخر وهو إقناع الحكومة بأن [[البنا]] ليس مسئولا عن أعمال الإرهاب.
وقال محمد عبد السلام : إن مقتل الخازندار بك حمل فى تضاعيفه مقتل النقراشى باشا. وإن جماعة [[الإخوان]] تحمل وزر الجريمتين معا. فإن هذه [[الجماعة]] قد احتضنت الإرهاب بل على الأصح كمن الإرهاب فى تكوينها نفسه.. فإن شعار [[الإخوان]] ينطق بالعنف , فهو سيفان بينهما مصحف وتحتهما  الآية الكريمة" وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة".


وقالت المفوضية إن صدور هذا المنشور وتوزيعه دليل على أن الحكومة لم تعتقل بعد كل الإرهابيين!حاول [[البنا]] لقاء [[النقراشي]] والوصول غلى تفاهم يوقف اندفاع شباب [[الجماعة]] وأراد أن يبين له أن تطرف بعض الشباب لا يجب أن ينعكس على [[الإخوان]] جميعا.
وكان هذا الشعار حريا بأن يثير الظنون فى هذه [[الجماعة]] غداة تكوينها منذ عشرين سنة لولا حرص القائمين عليها, فى مبدأ أمرهم  على التظاهر بالتزام الدين وحض على العبادة والبعد بهم عن [[السياسة]].


وكان [[البنا]] يرغب فى أن يشكو إلى رئيس الوزراء من أن بعض الشركات الصادرة ليست لها علاقة ب[[الإخوان]] ما تم استيلاء العمد والمشايخ على أراض زراعية بدعوة أنها مملوكة [[للإخوان]]!ولكن [[النقراشي]] رفض لقاءه فكتب إليه [[المرشد العام]] رسالة بأن [[الإخوان]] يعتزمون الهدوء وسيعاونون على قرار الأمن.
واشار إلى كتاب  ألفه [[البنا]] تحت عنوان " رسالة  التعاليم منى لإخوان الكتائب"!
وقال إن الشيخ [[البنا]] أوصى [[الإخوان]] بمقاطعة المحاكم الأهلية.. وهذا يدل على فكرة العنف والتحفز, والتربص للوثوب, والغدر, بالنظام [[الدستور]]ى.


واجتمع الشيخ [[البنا]] وإبراهيم عبد الهادى رئيس الديوان الملكى قدم [[البنا]] لرئيس الديوان رسالة بأن [[الإخوان]] يعتزمون التزام الهدوء.
وأشار إلى " النظام الخاص" فقال إن أفراده أ‘دوا إعدادا تاما للبطش بأعداء الحركة, وقد أخفوا حقيقتهم وبقى  أمرهم سرا لا يعلم أمره سوى قادتهم وزعمائهم.


'''رد رئيس الديوان:'''
وقال إن [[الإخوان]] اغتنموا فرصة مطالبة الأمة بحقوقها القومية للفت الأنظار عن طريق العنف والجريمة فألقوا ال[[قنا]]بل فى جهاتت متفرقة فى [[القاهرة]] و[[الإسكندرية]] و[[الإسماعيلية]] وبورسعيد. ثم جاء حادث  مقتل الخاوندار بك وهيأ للجماعة استمرار هذا الإرهاب. اندلاع  الصراع فى [[فلسطين]], ولما وقع حادث شركة الاعلانات الشرقية , تساءل الناس إلى متى تنتظر الحكومة . وقد بات كل شخص لا يأمن على حياته.


:تحدد خط الحكومة بشكل مؤكد. فإما أن ترضخ أو تتحمل العواقب رأى [[المرشد العام]] أن يبين موقفه لكل المحيطين بالملك فاجتمع بكريم ثابت المستشار الصحفى لفاروق, يشكو إليه قسوة  تدابير حل [[الإخوان]] واتساع نطاق موجة الاعتقالات.
وأثار [[الإخوان]] الشغب فى الجامعة يوم افتتاح الدراسة وتابعوا خطتهم فوقع شغب آخر فى المدرسة الخديوية, وقتل الحكمدار وألقيت ال[[قنا]]بل على رجال البوليس, وعندئد لم يبق فى قوس الصبر منزع, ولم تجد الحكومة أمامها إلا حل جماتعة [[الإخوان]].  


'''قال:'''
ولم تقابل [[الجماعة]] هذا القرار بالطاعة, بل اعتبرته تحديا لها وقال إن ذاكرة عبد المجيد العجيبة وعت تفصيلات الوقائع فلم تخطئ فيها مرة واحدة, وكان كلما ووجه بمتهم. يذكره بالوقائع الخاصة به تماما, ويعيدها بتفصيل ودقة لا يمكن أن يكونا إلا من شخص انطبعت تلك الوقائع فى ذاكرته.


:إن انحراف [[الإخوان المسلمين]] إلى الاشتغال ب[[السياسة]] كان خطأ كبيرا وكان أحرى بهم أن يتجنبوها وأن يقصروا رسالتهم على خدمة الدين, والدعوة إلى مكارم الأخلاق. والهداية إلى آداب [[الإسلام]] وهو الأصل فى تكوين [[الجماعة]].
صدر الحكم بإعدام عبد المجيد حسن فى 13 من [[أكتوبر]] عام [[1949]] وكان [[حسين سرى]] باشا رئيسا للوزراء.
وتلقى عبد المجيد حسن حكم الإعدام بابتسامة لم يحملها, فى قفص الاتهام سواه!


:وإنى أطلب إليك أن تنقل إلى الملك فحوى هذا الحديث ليتدخل لتخفيف تدابير الحل والمصادرة . وتبقى على [[الإخوان]] كهيئة دينية تنصرف إلى تأدية رسالتها دون أن تجاوزها بحال.
وقال إن قرار المحكمة هو القرار الوحيد الذى توقعه .. وظل واقفا فى القفص فى ثبات وهو يتكلف الابتسام ويقول : هذا قضاء الله. إن الله هو الذى حكم.


'''واضاف الشيخ [[البنا]]:'''
وأدانت حيثيات الحكم [[الجماعة]] نفسها لا المجموعة التى قتلت النقراشى فحسب.


:سيكون [[الإخوان المسلمون]] كهيئة دينية عونا كبيرا للملك والعرش فى مقاومة [[الشيوعية]] والمبادى الهدامة.وإذا وافق الملك فإنى مستعد تسهيلا لمهمة الحكومة أن أذيع بيانا أعلن فيه أن [[الإخوان]] لن يشتغلوا ب[[السياسة]] وأنهم من الآن فصاعدسيوجهون جهودهم إلى الأغراض الدينية وحدها.
قال المستشار مختار عبد الله فى حيثيات الحكم.


وظل [[البنا]] يردد فى أحاديثه للسياسيين ورجال الصحافة:'''" إن ولاءنا للعرض لا ينكره إلاكل مكابر"'''.وقال:'''" [[الإسلام]] لا يتعارض مع النظم الملكية"'''.
" اتخذت جماعة [[الإخوان المسلمين]] من ظاهرها شكل جماعة مشروعة تعمل للخير ولتحقيق أغراض دينية.
وكان هناك نشاط سرى إلى جانب هذا النشاط الظاهرى يرمى إلى إعداد هيئة مدربه تدريبا عسكريا لتحقيق الأغراض البعيدة للجماعة كما تضمنتها رسائل [[المرشد العام]] إلى [[الإخوان]] وخطبه العديد صريحة فى إقامة نظام ديكتاتورى شامل".


وأعلن  أن [[الإخوان]] يلتزمون بقول الحسن البصرى:'''" لو كانت لى دعوة مستجابة لجعلتها للسلطان فغن الله يصلح بصلاحه خلقا كثيرا"'''.
وكتبت السفارة الأمريكية إلى وشنطن تقول:


'''قالت تقارير المخابرات البريطانية بعد أسبوع من الحل'''
" كان عبد المجيد حسن كما ذكرت الصحف يتوقع أن يحكم عليه بالأشغال الشاقة المؤبدة مدى الحياة.. وربما كان يعتمد على أن الحكم بالإعدام نادر فى [[مصر]]  خلال السنوات الأخيرة.


:" إن اضطرابات عنيفة وقعت فى مدرسة [[الزقازيق]] وأن ثلاثة من أعضاء [[الجماعة]] [[الإخوان]] المسلمي ألقوا قنبلة على رجال الشرطة ما أدى إلى غصابة ثلاثة منهم , ووجدت قنبلة أخرى لم تنفجر.وعثرن الشرطة خلال التفتيش على خطاب يتهم [[البنا]] بالتقاعس إزاء قرار الحل".
أما الأربعة من شركائه وهم محمد مالك, وعاطف عطية حلمى وشفيق إبراهيم أنس, ومحمود كامل سعيد فقد حكم عليهم بالسجن مع الشغل مدى الحياة.


قصد ثلاثة من رجال الملك فاروق إلى السفارة البريطانية بعد حل [[الإخوان]] . قال السير رونالد كامبل السفير البريطانى لإبراهيم عبد الهادىء رئيس الديوان الذى زار السفارة بعد 48 ساعة من القرار:
وكانت أهمية الأدلة المتعلقة باشتراك هؤلاء الأشخاص كبيرة وهناك بعض الدهشة لأنه لم يحكم بإعدامهم أيضا.
وهناك اعتقاد فى بعض الدوائر بأن القضاة لا يميلون إلى التشدد فى القسوة على ضوء اغتيال الخازندار فى عام [[1948]] بعد أن أصدر حكما بالسجن مدى الحياة على اثنين من [[الإخوان المسلمين]].


أعتقد أن الحكومة تأخرت أكثر من اللازم فى اتخاذ قرار الحل قال رئيس الديوان: لا أظن لك وقمعهم سيستمر بقوة.قال السفير: هل [[البنا]] مخلصا فى رسالته بالتزام الهدوء أم أنه يحاول كسب الوقت للتحضير لعودة [[الإخوان]] .أجاب عبد الهادى: لا يمكننى تحديد الدافع وراء  الرسالة لأن عقلية الشيخ مراوغة... والحكومة تعتزم القضاء عليهم.
وفى هذا الصدد فإنه كان من الأهمية أن تحاط قاعة المحكمة بحراسة مشددة. أما الدهشة الكبرى للأحكام فتمثلت فى براءة عشرة من المتهمين وهناك اعتقاد عام بأن الدليل الذى قدم كان كافيا لإصدار حكم مخفف صدهم وعلى أية حال فإن مسئولى الأمن فى الحكومة لا يعتزمون أن يستعد أى منهم حريته فورا.
واختلف رد الفعل الشعبى على الأحكام وفقا للمشاعر السياسية ولا يمكن القول أن هناك مشاعر بغض عامة لعبد المجيد كقاتل"!


وقال حسن يوسف وكيل الديوان الملكى لتشابمان أندروز الوزير البريطانى المفوض:كان الإجراء الذى اتخذته الحكومة عقب حل [[الجماعة]] إجراء سلميا وناجحا إلى حد كبير. تم الإستيلاء على جميع مقارهم فى أنحاء البلاد واستخدم بعضها كنقط إضافية.وصودرت كميات كبيرة من الذخائر والمفرقعات .... والموال .
فى اليوم التالى لصدور حكم الإعدام نشرت صحيفة " المصرى" الناطقة باسم الوفد: " نرجو أن يقضى هذا القرار على وساوس الشيطان التى تدفع بشباب نافعين إلى عالم الجريمة والقتل لمعتقدات سياسية".
وقالت المصرى:


واختتم حسن يوسف حديثه قائلا:نحن نشكر [[النقراشي]] على اتخاذ الإجراءات وهناك رجلان فى [[مصر]] لديهما القدرة على أداء هذه المهمة ... [[إسماعيل صدقي]] , و[[النقراشي]].  
" صدر من قبل محكمة جنايات [[مصر]] حكم يقضى بمعاقبة حسين توفيق بالشغال الشاقة عشر سنوات لقتله أمين عثمان.
 
وما نريد أن نناقشه هو موقف الحكومة المصرية من حسين توفيق.
 
لقد فر حسين توفيق عقب محاكمته. وظل مختفيا بعض الوقت وعرف أنه فى شرق الأردن ثم اختفى.
 
ولا اقل من أن تعمل الحكومة على مساواة الفار حسين توفيق بزملائه هؤلاء فتسعى جادة لتسليمه وتنفيذ العقوبة".
 
وعبرت برقية  للسفارة الأمريكية فى [[القاهرة]] عن الموقف الحقيقى للوفد من حكم الاعدام.
قالت السفارة:
 
" تردد أن أعضاء كثيرين فى الوفد يشعرون بتعاطف كبير تجاه القاتل بسبب الكراهية والازدراء اللذين يكونهما للنقراشى باشا. وقد ارتدوا أربطة عنق سوداء فى اليوم الذى أعلن فيه الحكم على عبد المجيد حسن"!
 
ونفذ حكم الإعدام فى 25 من [[أبريل]] 1950 عندما كان [[مصطفي النحاس]] فى الحكم!
 
كوفئ من قتلة [[البنا]] محمود عبد المجيد وحده. بعد شهرين من الجريمة تذكرت إدارة الجنايات بوزارة الداخلية أن محمود  عبد المجيد قام بمجهودات للأمن قبل 3 سنوات, وأنه يستحق مكافأة قرر وكيل الأمن العام فى 5  [[أبريل]] [[1949]] منحه مكافأة قدرها 300 جنيه عن جهوده فى جرجا عام [[1946]]!
وعندما عرضت الأوراق على عبد الرحمن عمار قرر زيادة المكافأة إلى 600 جنيه . واقر ذلك المجلس الأعلى للبوليس!


كان ادجار جلاد هو الرجل الثالث الذى ذهب ليتناول الشاى مع اندروز وادجار جلاد كان يصدر جريدتى" الزمان" العربية المسائية ," الجورنال ديجيبت" الفرنسية الصباحية.
وكان المبلغ تافها إزاء  بشاعة الجريمة وشخصية المجنى عليه.  


'''قال جلاد وكأنه يلقى بنكته:'''
ولكن محمود عبد لمجيد تمتع بالحماية الملكية فى عهد فاروق وحتى نهاية ذلك العهد.


:أدى الملك فاروق خدمة جليلة إلى الحلفاء فى الحرب القادمة باتخاذ إجراءات ضد هؤلاء الناس.بدأ على أندروز أنه لم يفهم ما يقصده جلاد بك فأخذ الصحفى يشرح وجهة نظره الشخصية
أنعم عليه – فى 4 من [[يوليو]] [[1949]] – صاحب الجلالة برتبة البكوية من الدرجة الثانية" لما يبديه من جهود فى خدمة الأمن"


'''قال:'''
وعين مديرا لجرجا فى 3 من [[أبريل]] 1952.


:كان [[الإخوان]] سيقفون بالتأكيد ضد أى محاولة مع بريطانيا من الناحية العسكرية . ويمثلون شوكة فى حلق  بريطانيا خلال الحرب.
أما عبد عمار وكيل وزارة الداخلية فإن [[حسين سرى]] نقله من وزارة الداخلية ليكون وكيلا لوزارة المواصلات فى [[أغسطس]] [[1949]] . وأصابه مرض قاس وعانى آلام رهيبة وعندما قامت الثورة وجده المحقق المستشار حسن داود فى المستشفى فكان يحقق معه وهو على سرير المرض.


'''أجاب أندروز:'''
وأمر [[فؤاد سراج الدين]] باشا – وهو وزير للداخلية عام 1950 – يخصم 15 يوما من مرتب المقدم حسيم كامل بعد ا، أتهمه مرشح وفدى فى الإنتخابات بأنه ناصر الدكتور نور الدين طراف ففاز على مرشح الوفد.


:من الطبيعى أن تجمع الآراء على سلامة تصرف الملك ولكن بصرف النظر تماماعن موضوع الحرب القادمة  فإن هذا الإجراء القوى جاء فى موعده المناسب لصالح الأمن الداخلى.
واستعد محمد محفوظ لاستقبال الترقية فقام بتفصيل بدلة الصول ووضع فوق الأكتاف شرائطها ولكن وزارة الداخلية فى عهد [[حسين سرى]] رفضت ذلك ووجدت هذه البدلة وسلمت للجيش بعد الثورة كدليل اتهام!
وطلب محمود عبد المجيد ترقية الأمباشى [[أحمد حسين]] ولكن إدارة الشرطة أبت لأنه يجهل القرأءة والكتابة كما رفضت منحه علاوة المباحث وهة جنيه شهريا لأنه ليس من قوة المباحث!


'''قال جلاد:'''
ولكن [[أحمد حسين]] عقب الجريمة بأيام قليلة – زار حرم النقراشى فقدمت إليه صورة لقرينها الراحل وعليها هذه الكلمات:هدية منى إلى البطل الأمباشى [[أحمد حسين]].


لابد من الاعتراف بأن [[النقراشي]] نفذ المهمة بنجاح إلى أقصى حد وهذا يعنى بالطبع أن يبقى فى منصبه بأى ثمن حتى يتم أنجاز المهمة.وزاد مركزه قوة فى البلاد نتيجة لذلك, ف[[الإخوان]] لم تكن لهم شعبية رغم قوتهم وعددهم.
وأهدته أيضا – كما يقول – قطعتين من الصوف " [[الإنجليز]]ى" وحقيبة بداخلها ملابس حريرته لزوجته ورزمة اوراق مالية مجموعها 400 جنيه!


'''سأله اندروز:'''
وكانت الأدلة ضد قتلة [[البنا]] واضحة ورغم ذلك فإن التحقيق فى مصرع [[المرشد العام]] لم ينته إلى شئ... طوال تسعة شهور.


:هل تعتقد أن الحكومة وضعت يدها على جميع مخازن الأسلحة ولن يثير [[الإخوان]] متاعب أخرى؟
وجاءت مناسبة انتهزها [[الإخوان]] وهى محاكمة  المتهمين العشرة بمحاولة اغتيال إبراهيم عبد الهادى و[[حامد جودة]] رئيس مجلس النواب.


'''قال جلاد:'''
طلب عبد المجيد نافع محامى المتهمين ضم قضية [[البنا]].


أعتقد أن عناصر متفرقة من [[الإخوان المسلمين]] سيقوم ببعض أعمال العنف بصورة متقطعة.وسبق [[للإخوان]] أن حذروا الجميع من أنهم سيلجأون للعمل السرى تحت الأرض.
قال إن أحد شهود جريمة اغتيال [[المرشد العام]] للإخوان – وهو [[محمد الليثي]] لاحظ أن سيارة القتلة كانت تحمل لوحة ارقام خاصة بالقائمقام محمود عبد المجيد بك رئيس إدارة المباحث الجنائية.


'''وقال حسن يوسف باشا وكيل لديوان الملكى لفؤاد شيرين باشا محافظ [[القاهرة]]:'''
وأكد عبد المجيد نافع أن رجال البوليس السياسى دبروا ونفذوا الاغتيال وأن شاهد العيان  تعرض " للتخويف " والتهديد عندما ذكر للبوليس رقم سيارة القتلة.


حلينا [[الجماعة]] ولم يحدث شئ!ويبدأ التفكير فى تغيير [[النقراشي]] مادام قد حقق مهمته فى حل [[الجماعة]] قصد السفير البريطانى إلى وزارة الخارجية المصرية ليزور أحمد خشبة باشا بعد أسبوع  بالضبط من قرار الحل.
نشرت كل الصحف ذلك – عدا " الأساس" – صحيفة " السعديين" رقم سيارة القتلة.


'''قال وزير خارجية [[مصر]]:'''السبب الذى من أجله يحبنى صاحب الجلالة هو أدراكه إنى أستطيع التعاون معكم.وهو السبب أيضا فى اختيارى رئيسا لوفد [[مصر]] فى الأمم المتحدة ببباريس وهو دليل على عزم جلالته  التوصل إلى اتفاقمعكم. واضاف : كيف تسير الأمور؟
نشرت كل الصحف ذلك – عدا " الأساس"" صحيفة " السعديين" يوم 6 من [[نوفمبر]] [[1949]].


'''قال السفير:'''
كتب السفير الأمريكى جيفر سون كافرى:"


:قيام الملك بزيارة السفارة ولكن الأهم أن يظهر جلالته الاستمرار قال خشبة باشا: يخشى الملك إذا تخلص من النقراشى لللوصول إلى اتفاق وعلان وأن تلبسوا  تدخلكم ثوب النصيحة!يقصد بذلك إزعامه على تشكيل وزارة برئاسة النحاس.
كان عبد الهادى باشا رئيسا للوزراء ووزيرا للداخلية فى ذلك لاوقت ونشر القصة لطمة لمكانة السعديين التى اصابها الضعف بالفعل . وخاصة بالنسبة للسمعة التى تتمتع بها صحيفة " الأهرام" وتشير التقارير السرية إلى أن نشر القصة كان من تدبير رجال الوفد . بهدف أضعاف خصومهم الرئيسيين".


'''قال السفير:'''
ومن هذه البرقية يتضح أن النشر لم يكن لعقاب المتهمين بقدر ما كان الهدف أضعاف الحزب السعدى فى الانتخابات التى تمهد لها ويجريها وزارة [[حسين سرى]]!


:لقد نفى مستر بيفن وزير الخارجية أية نية للتدخل فى شئون [[مصر]] ومهما أكدت للملك أننا لن نتدخل فإن الفكرة تظل تؤرقه وتطارده.
كان نشر القصة مناورة سياسية من [[فؤاد سراج الدين]] سكرتير العام للوفد فإن الصحفى الذى كتبها هو أبو الخير نجيب المحرر السابق فى صحيفة " النداء" الوفدية أما نائب رئيس التحرير الذى أقر النشر فكان من الموالين للوفد أيضا وعندما علم رؤساء تحرير الأهرام بنشر القصة استشاطوا غضبا.وبوغتت الرقابة على الصحف بالنشر وهى تغفو.


'''قال خشبة:'''
نشرت " الأهرام" يوم 9 من [[نوفمبر]] [[1949]] أن رئيس الوزراء " طلب ملف التحقيق فى قضية مقتل المغفور له الشيخ [[البنا]]".


:أعتقد أنه لن يكون هناك تحسن دون إجراء تغيير فى الوزارة. ولن تخف حدة اضطرابات [[السودان]] دون إجراء هذا التغيير.
خاف السائق محمد محفوظ ولكن المقدم توفيق السعيد قال له:  


'''وقال وزير الخارجية:'''
- لا تخش شيئا سيذاع تكذيب لذلك بعد ظهر لايوم. وبالفعل لم يدع رئيس الوزراء ذلك النبأ يمر بلا تعليق بل اسرع بإصدار بلاغ رسمى اذاعته الإذاعة ونشرته صحيفة " الزمان" المسائية فى نفس اليوم .
قال البلاغ : " عادت بعض الصحف إلى نشر بيانات عن حادث مقتل المغفور  له  الشيخ [[البنا]]"
واضاف بعضها أن حضرة صاحب الدولة رئيس مجلس الوزراء اتخذ فى هذا الموضوع تدابير معينة وأن اجتماعا عقد بمكتب حضرة صاحب المعالى وزير الدولة لبحثه.


:الملك يتعجل إجراء التغيير وعاد الوزير يكرر مرة أخرى:يخشى الملك أن يفرض عليه نوع التغيير الوزارة وشكله ويكتب السفير البريطانى قائلا:" ينتظر منا خشبة باشا كلمة تجعله رئيسا للوزراء"!
والحكومة تعلم أن هذه القضية بين يدى النيابة. وأنها حرة فى اتخاذ ما تراه من إجراءات حيالها, والسلطة التنفيذية حريصة كل الحرص على عدم التدخل بحال من الأحوال فيما هو من عمل السلطة القضائية على أية صورة" وأصدر رئيس النيابة العسكرية العليا – فى نفس اليوم – أمرا بحظر النشر فى القضية:


استمر [[النقراشي]] فى اعتقال أعضاء [[النظام الخاص|الجهاز السرى]] خوفا من وقع اضطرابات وكان من نتيجة ذلك أن قطعت الصلة بين [[البنا]] وقادة الجهاز وبين القادة واتباعهم.
ومن الواضح أن هذه المحاولة السريعة لاسدال الستار على التحقيقات لم تنم بإيعاز من سرى باشا بل لابد أن رئيس الوزراء خضع فى ذلك لرغبات أو أوامر صاحب لجلالة فاروق الأول.


'''قال الشيخ الباقورى:'''
قال لى إبراهيم عبد الهادى رئيس وزراء [[مصر]] الأسبق تعليقا على الوثائق الأمريكية التى تتهمه بانه تستر على قتلة [[البنا]] عندما كان رئيسا للوزارة عام [[1949]].


:" إن قرار [[النقراشي]] بتصفية موجودات [[الإخوان]] وممتلكاتهم, نفذ بأسلوب يثير الحفائظ ويوقظ الضغائن فى صدور المتحمسين من شباب [[الإخوان]].وكان من شأن هذا التصرف أن يحمل هؤلاء الشبان على أن يلقوا السيئة بسيئة مثلها . أو أكثر سوءا فقد تصوروا [[النقراشي]] معتديا على [[الإسلام]] ومعلنا الحرب على المسلمين فقرر نظامهم الخاص أن يثأروا لأنفسهم أو لجماعتهم".
قال إبراهيم عبد الهادى وقد بدأ عليه الألم:


لم يتحقق ما رجاه صاحب الجلالة من أن الحل لم يعقبه شئ وكان السفير لبريطانى وحده لاذى تنبأ بما تجرى عندما قال إن [[الإخوان]] سيلجأون إلى أعمال العنف.وكان [[النقراشي]] نفسه يعرف الحقيقة .... عندما حذره مرتضى المراغى من حل [[الجماعة]] قال رئيس الوزراء وهو يضحك:أعرف ديتها... رصاصة أو رصاصتان فى صدرى. وبعد عشرين يوما من حل [[الجماعة]] تحققت النبوءة كاملة!
لا عجب عندى أن يثير [[الإنجليز]] حولى جوا من الشكوك والاتهامات كنت من أشد خصومهم... وأقوى الدعاة فى ثورة عام [[1919]] ... وقد نسبوا إلىّ القدرة على تشكيل التنظيمات ضدهم.اتهمت كذبا فى قضية المؤامرة الكبرى الملفقة عام 1920 ... وكان اتهامى نتيجة لنشاطى فى الخطابة ضد [[الإنجليز]] فى ثورة [[1919]] وبالذات فى [[الأزهر]] الشريف ..ز وهى القضية المعروفة بقضية عبد الرحمن فهمى.
وبقيت فى السجن نحو 4 سنوات.. نقلونى فى خلالها من سجون الاستئناف إلأى الزقازيق وطنطا و[[مصر]] ولم يفرج عنى إلا بعد أن تولى [[سعد زغلول]] الحكم.


==الـــدم.... بالــــدم==
وسجنت مرة أخرى فى قضية مصرع السردار السير لى ستاك.. وبقيت سجينا 75 يوما وكنت آخر من أفرج عنهم من المحبوسين فى هذه القضية وتم الإفراج عنى بعد أن أعترف المتهمون بقتل السردار.وهذا هو مو ماضى مع [[الإنجليز]] فلما قتل محمود فهمى النقراشى كنت رئيسا للديوان  الملكى وعرضت علىّ الوزارة فقبلتها ز.. وكان قد قبض على قاتل النقراشى متلبسا ولم يكن هناك إذن ما يدعو للإنتقام.


وصل [[النقراشي]] باشا إلى وزارة الداخلية فى العاشرة وخمس دقائق من صباح الثلاثاء 28 من [[ديسمبر]] [[1948]] يحيط به ضباط الشرطة يحرسونه وهو يتجه إلى المصعد  فى طريقه إلى مكتبه بالدور الثانى.
ثم لمذا نأخذ عن الوثائق الأجنبية فى قضية [[البنا]] ونترك احكام المحاكم المصرية؟


تقدم منه شاب يرتدى ملابس ضباط شرطة برتبة ملازم أول وأطلق عليه فى ظهره رصاصتين فسقط قتيلا بعد عشين يوما من صدور الأمر العسكرى بحل [[الإخوان]].
إن القضاء المصرى نظر فى قضية [[البنا]] ومقتله أكثر من مرة.. وجميع الدوائر التى أحيلت عليها هذه القضية ابتعدت كل البعد عن اتهامى بالتستر على الذين قتلوا [[البنا]].  


لم يحاول القاتل الهرب فقبض عليه الرائد عبد الحميد خيرت  ياور رئيس الوزراء واليوزباشى مصطفى علوان الضابط بإدارة المباحث لجنائية وقد أسند إلى الضابطين بعد ربع قرن تقريبا منصب محافظى [[سوهاج]] و[[أسوان]].
وصدر الحكم بعد قيام الثورة.. ولم يتضمن من قريب أو بعيد إشارة لاتهامى بالتستر.وكان يمكن للنيابة أن تطعن فى هذا الحكم خلال 18 يوما ولكن النيابة لم تطعن وبذلك أصبح لاحكم نهائيا.وتولى التحقيق فى قضية [[البنا]] منذ اللحظة الأولى النائب العام وبقيت رئيسا للوزراء 6 شهور نصفها بعد مقتل [[البنا]] .. ولم يظهر الفاعل وقتهامع استمرار التحقيق.


قال القاتل إن اسمه عبد المجيد أحمد حسن وأنه طالب بكلية الطب البيطرى. واعترف بأنه ارتكب الجريمة لأن [[النقراشي]] خائن للوطن.
وجاءت بعدى وزارتا [[حسين سرى]] و[[مصطفي النحاس]] باشا.


'''وحدد أسباب الجريمة قائلا:'''
وتعاقبت الوزارات حتى قيام الثورة... ولم يظهر القتلة فهل كل رؤساء الوزارات كانوا متواطئين على الصمت أيضا.. أو كانوا متواطئين على التستر علىّ وبينى وبينهم خصومات سياسية؟


:#لم يقم النقراشى بأى عمل إيجابى فى موضوع [[السودان]].
هل كان يمكن أن يتستر [[مصطفي النحاس]] باشا على جريمة يمكن أن أكون أنا شريكا فيها أو متسترا على مرتكبيها؟
:#[[فلسطين]] ضاعت أخذها [[اليهود]]. وهذا يرجع إلى تهاون [[النقراشي]].
:#اعتدى على [[الإسلام]] شرد طلبة الكليات وحل جماعة [[الإخوان المسلمين]] وشركاتها.
:#وقد ابعدت من كلية الطب البيطرى مع أن هذه الكلية لم تشترك فى اضطرابات كلية الطب. ولم يضيف عبد المجيد أحمد حسن إلى اعترافاته جديدا خلال الستة عشر يوما  التالية رغم التعذيب الوحشى الذى عاناه وقاسته أسرته معه.


ولكن تغير هذا الشاب القاتل العنيد فجأة عندما قدم إليه النائب العام محمود منصور صباح يوم 11 من [[يناير]] [[1949]] صحف الصباح وفيها '''" بيان للناس"''' كتبه الشيخ [[البنا]].
هل كان يمكن أن يتستر علىّ [[حسين سرى]] ولو كان الملك – أيامها – يعرف أنى متهم لما سكت عنى .. ولما سكتت عنى الوزارات التالية والتى كانت تؤيده تأييدا كاملا فى كل ما يتخذ من إجراءات.. ولما سكت عنى [[الإنجليز]] الذين حقدوا علىّ فسجلوا حقدهم فى وثائقهم التى صدقتموها ورفضتم تصديق كلمة القضاء المصرى.


وكان الشيخ [[البنا]] قد كتب هذا البيان بهدف إقناع الحكومة بأن [[الجماعة]] ليست طرفا فى جريمة اغتيال [[النقراشي]] وليست محرضة عليها. وكان الشيخ [[البنا]] يريد تهدئة الموقف مع الحكومة وإقناعها بالإفراج عن المعتقلين وعدم تعذيبهم.
ابعد أن أعطيت عمرى وشبابى وحياتى ل[[مصر]] تجئ الأيام لتلقى علىّ شبهة اتهام بالتستر على  جريمة؟"!
وقدم إبراهيم عبد الهادى إلى محكمةة الثورة برئاسة قائد الجناح عبد اللطيف البغدادى عضو مجلس قيادة الثورة بعدة تهم منها التستر على قتلة [[البنا]] ..  


ولم يدرك الشيخ [[البنا]] أن أحد أهداف الحكومة من البيان إقناع ذلك القاتل العنيد بأنه حان الوقت ليخون [[الإخوان]] ... كما خانوه ... وليخدعهم كما خدعوه وليقدمهم إلى القضاء والسجن والتعذيب ليعانوا كما يعانى ويلقوا بعض ما لقى من هوان!
وأصدرت المحكمة حكما بالإعدام على إبراهيم عبد الهادى ورأى مجلس قيادة الثورة فى 4 من [[أكتوبر]] 1953 تخفيف الحكم إلى الأشغال الشاقة المؤبدة ولكن المحكمة لم تحدد هل هو برئ أو  أدين فى هذه التهمة.وقد أفرج عنه صحيا – بعد أربعة شهور – فى 2 من [[فبراير]] 1954 ونقل إلى بيته لإصابته بأزمة قلبية.


تكلم عبد المجيد أحمد حسن فى نفس اليوم.. ربما نتيجة التعذيب . وربما  لأن البيان يعطيه فرصة الإستسلام والإنهيار وإلقاء اللوم على [[المرشد لعام]] أو الذين خدعوه باسم [[المرشد العام]].
وكان سبب الإفراج الخلاف بين الثورة و[[الإخوان]] فى ذلك الوقت!
اشارت كل الأدلة إلى أن الملك كان وراء اغتيال [[البنا]].


عجبت كل العجب بعد أن قرأت '''" بيان للناس"''' وعلمت أن هيئة كبار العلماء أصدرت بيانا عن هذا الحادث فاطلعت عليه.وعقب ذلك أردت أن أعلن جميع أفراد [[النظام الخاص]] بأنه غرر بنا ولست وحدى.
قال أنطون بوللى بك خام الملك فاروق وقواده للماجور سانسوم ضابط الأمن بالسفارة البريطانية:
قرار اغتيال [[البنا]] اتخذ فى القصر الملكى وخطط له داخل هذا القصر ونفى بوللى الاتهام عن الملك وحده قال:


كان نفس التاثير الذى وقع علىّ واقعا عليهم, ولا أعلم إن كان هذا التأثير لا يزال واقعا عليهم إلى الآن أم لا وكنت أعتقد . بحسب تعاليم هذا [[النظام الخاص]] أن كل أمر.يكلف بارتكابه أفراد نظامنا. يوافق عليه [[البنا]] شخصيا بصفته القائد لهذا النظام.
صاحب الجلالة لم يكن يعلم!


وأعتقد أن المسئول الأول عن جميع هذه الحوداث هو [[البنا]] بشخصه ولكنى لا أملك سوى أدلة سماعية فقط.توالت أعترافات عبد المجيد أحمد حسن عن [[النظام الخاص]] الذى التحق به فى أواخر عام [[1945]] وتدرج فيه حتى أقسم على البيعة فى صيف عام [[1949]].
وكان فاروق أيامها يحكم [[مصر]] ولم يكن فى استطاعة بوللى أن يوجه الاتهام غلأى مولاه!
ظل [[حزب الوفد]] – بعد استقالة إبراهيم عبد الهادى – يطالب بإعادة التحقيق فى القضية.
وتولى [[مصطفي النحاس]] رئاسة الوزارة المصرية فى 12 من [[يناير]] 1950 بعد أن اكتسح باقى [[الأحزاب]] فى الانتخابات.


قال إن خطة اغتيال رئيس الوزراء وضعت يوم 18 من [[ديسمبر]] واتفق على التنفيذ فى 23 من [[ديسمبر]] أى بعد أسبوعين من قرار الحل. ثم أرجى التنفيذ إلى أن تتخذ التدابير لحماية [[البنا]] إن اتجه التفكير غلى قتله انتقاما  لاغتيال [[النقراشي]].
وفتحت جريدة " الأهرام" صفحاتها ل[[محمد الليثي]] الذى أعيد إلى القوات المسلحة رئيسا للقسم السكرتارية بالسلاح الجوى الملكى ثم نقل إلى  إدارة الشئون  العامة وأصبح محررا فى صحيفة الأهرام بالإضافة إلى عمله فى السلاح قبل أن يتفرغ بعد ذلك للعمل الصحفى فى الأهرام.
وكان أصحاب المصلحة فى حملة الليثى للكشف عن المتهمين ومحاكتهم هم الوفديون! أو على الأقل هم الذين افادوا من الحملة!


وقال إن أحد أعضاء [[الجماعة]] واسمه [[محمد مالك]] الموظف بمطار ألماظة قال له إن قرار الحل يعتبر تحديا للجماعة وجرحا لهيبتها وجراة من جانب الدولة.ولابد من أن تغسل بالدم, هذه الإهانة والجرأة.
ظل محمد عزمى نائبا لمدة عامين دون  أن يتحرك التحقيق خطوة واحدة وفى عهدهوبكلماته نفسها , التى أدلى بها بعد الثورة , قال : استمر التحقيق نائما" ولم يفتح الوفد التحقيق فى قضية اغتيال [[المرشد العام]].


'''وقال له مالك أيضا:'''
وفى مذكراته التى أحال بها المتهمين إلى غرفة الاتهام قال فؤاد سرى رئيس النيابة الذى تولى التحقيقات الأخيرة فى القضية بعد الثورة. " بيت العميد محمود عبد المجيد النية على قتل [[المرشد العام]] ولكن لم يصل التحقيق إلى تحديد ذلك متفقا مع ولاة الأمور فى لادولة, 


:الناس ينتظرون عملا يقوم به [[الإخوان]] ضد من حل [[الجماعة]].
أو أن محمود عبد المجيد كان يعمل  لذلك حتى يحظى بتقدير ولاة الأمور ولثقته فى أنهم أهدروا دم الشيخ  [[البنا]] فبات تنفيذ قتله  امنية يتوقون إليها ويرجون تحقيقها".وعندما حوكم المتهمون باغتيال [[البنا]] قال محاموهم:
_- لو أن لاملك لم تكن له يد فى ارتكاب الحادثماكان من المعقول اطلاقا أن تلتزم حكومة الوفد الصمت خاصة بعد أن أوضح العداء بين صاحب الجلالة وإبراهيم عبد الهادى عندما اشترك فى توقيع عريضة المعارضة التى أغضبت فاروق.


'''فاقترح حد أعضاء الجهاز مهاجمة منزل [[النقراشي]] فرد مالك قائلا:'''
إذا كان الوفد يخشى أن تمس التحقيقات صاحب الجلالة ملك [[مصر]] أو رجاله فإن الوفد كان يستطيع وله أغلبية برلمانية عارمة فى مجلس النواب, ثم فى مجلس الشيوخ أن يعيد [[الجماعة]] ولكن [[فؤاد سراج الدين]] وزير الداخلية وضع 3 شروط لاعادة الشرعية للجماعة.


:الشيخ [[البنا]] لا يريد أن يضحى بأكثر من واحد مقابل اغتيال [[النقراشي]].أدت اعترافات عبد المجيد أحمد حسن إلى القبض لى خمسة من [[الإخوان المسلمين]] بتهمة الاشتراك والإنفاق والتحريض والمساعدة بينهم الشيخ [[سيد سابق]] الذى أخذ يقنعه بأن القتل حلال فى سبيل الله ف[[النقراشي]] اعتدى على [[الإسلام]] بحل الجمعية.
1- لا يتم استئناف النشاط الرسمى للجماعة إلا بعد رفع الأحكام العرفية .


:واستشهد الشيخ سابق ببعض الآيات القرآنية.واعترف عبد المجيد بعد ذلك على تسعة آخرين. قال إنه عندما دخل وحده غرفة مظلمة ليؤدى قسم البيعة للنظام الخاص وجد شخصا لثما يتلقى البيعة, وعرف من صوته وحجمه وهيئته العامة إذ كان ملتحيا أنا [[صالح عشماوي]] وكيل جماعة [[الإخوان]] ومدير صحيفتها.
2-يمكن استئناف النشاط  بصورة غير رسمية ولكن تحت اسم جدسد.


:ولكن الشيخ [[صالح عشماوي]] لم يسأل فى قضية اغتيال [[النقراشي]] ولم يحقق معه وبالتالى لم يقدم على المحكمة رغم أن [[صلاح شادي]] قال فى كتابه إن [[صالح عشماوي]] كا يعتبر رأسا من رؤوس [[النظام الخاص]] .
3- لا يستخدم الاسم القديم إلا بعد رفع الأحكام العرفية وعودة [[الجماعة]]. نهائيا إلى الشرعية..


:واعترف عبد المجيد على ضابط الشرطة أحمد فؤاد الذى اعد كل الإستعدادت للجريمة وكان مقررا أن يقوم بنفسه باغتيال [[النقراشي]] ... وقد انتحر هذا الضباط عند محاولة القبض عليه.
4- وقد اضطر [[مصطفي مؤمن]] تحت إلحاح الرغبة فى إعادة نشاط [[الجماعة]] بأى شروط إلى قبول العرض الوفدى.وقد ذهب [[مصطفي مؤمن]] فى ذلك إلى حد اقتراح اسم جديد للجماعة هو ( النهضة الإسلامية) ولكن باقى زعماء [[الجماعة]], و[[صالح عشماوى]] بوجه خاص رفضوا الاقتراحين بتغيير اسم [[الجماعة]] أو تأجيل نشاطها.


'''ولكن [[فهمى أبو غدير]] المحامى يقول:'''
وانتهى الأمر بفضل [[مصطفي مؤمن]] من [[الجماعة]]!


:الحقيقة أن أحمد فؤاد قتل بيد ضابط شرطة ولكن الحكومة ادعت أنه انتحر ولم يكن فى استطاعة أحد فى ذلك الحين تكذيب الحكومة أو الإصرار على تشريح الجثة لمعرفة سبب الوفاة!
كتب السير رونالد كامبل السفير البريطانى إلى لندن يوم أول من [[أبريل]] 1950:


'''قالت صحيفة" المصرى" الناطقة باسم [[حزب الوفد]]:'''
" ما يخبئه المستقبل لفخوان المسلمين مفتوح للتخمين.وقد ظلت سياسة الحكومة حاليا سياسة قمع.
ويبدو أن [[الإخوان]] لم يتخلوا بأى شكل عن النضال.


:" كان [[النقراشي]] مثالا للنزاهة وكان وطنيا مخلصا لوطنه. عاش ومات فقيرا".ودافع [[عباس محمود العقاد]] عن [[النقراشي]] ورد على اتهامات [[الإخوان]] لرئيس الوزراء الراحل .  
بل يبدو أملهم فى الحياة تبلور الآن فى تصميم على استمرار [[الجماعة]] سواء  حظرت أم لا"
ويرى السفير الخدعة التى لجأ إليها الوفد لإقناع [[الإخوان]] بأ، بريطانيا تضغط على الوفد لعدم الغاء  قرار الحل. وأن ارنست بيفن وزير خارجية بريطانيا هو  الذى نصح بذلك عند زيارته ل[[مصر]].


'''كتب فى جريدة الأساس:'''
قال السفير:


:" إن خصوم [[النقراشي]] وأصدقاءه لم يجمعوا على صفة من صفاته كما أجمعوا على نزاهته وطهارة يديه.فلماذا يسوغ فى عقل من العقول أن يتهم هذا الرجل بالتواطؤ مع [[اليهود]]؟المصلحة وزارية؟إن مصلحته ومصلحة وزارته ومصلحة النظام إنما هى تحقيق النصر واجتناب الهزيمة.فهل من مصلحة مالية؟إن ماضى الرجل كله لا يسوغ هذه التهمة ما الدليل عليها"
" انتشرت شائعة فى دوائر [[الإخوان المسلمين]] باحتمال احياء [[الإخوان المسلمين]].


قال [[البنا]] إنه لا يعرف هوية القاتل . ولم يره قبل ذلك . ولا يعرف إذا كان من [[الإخوان]] أم لا. وأنه فوجئ بمقتل [[النقراشي]] كأى إنسان آخر .
ولكن بمجرد وصولك تغير الموقف ومن هذا نستنتج بوضوح أن الحكومة  استمعت إلى نصيحتك المزعومة بعدم تشجيع إحياء حركة [[الإخوان]].


'''وقال للصحفى أبو الخير نجيب:'''
ومن المحتمل أن يؤدى ذلك إلى تشجيع اعتقاد بين [[الإخوان]] بأن انتعاش ركنهم أمر مستبعد نتيجة للضغط البريطانى لأن الوفد – إلى حد ما – خدع  [[الإخوان]] فى الحملة الإنتخابية للحصول على اصواتهم لذلك فغنهم يرحبون بأى  عذر  لحجب المكافأة التى ينتظرها [[الإخوان]] نتيجة لتأييدهم".


:اتصلت بمن استطيع الاتصال بهم يتنكرون لى. ويتهربون من محادثتى ويعدوننى كل الخير ولكنهم لم يتحركوا قيد أنملة.ولو أتيح لى الإتصال بأنصارى حتى أبصرهم بما يفيد وما يضر , لما وقع هذا الحادث.
ظلت وزارة الوفد فى غشارتها للإخوان تصفهم بهاتين الكلمتين: " [[الجماعة]] المنحلة".


:قال والد الشيخ [[البنا]] إن ابنه ظل يردد أن اغتيال [[النقراشي]] ليس من مبادئ  الجمعية وان الإغتيال تم على غير رغبته وبدون علمه وكان يسنكره بشدة.وقال كثيرون من كتاب [[الإخوان]] إن المرشد لم يعلم أبدابنية اغتيال [[النقراشي]] وأن [[عبد الرحمن السندي]] رئيس الجهاز كان صامتا لا يتكلم ولا يعلن نواياه.. أبدأ!
وقدمت الحكومة إلأى البرلمان القانون رقم 50 لعام 1950 يعلن رفع الأحكام العرفية وكل القرارات المرتبطة به, باستثناء ما تعلق منها ب[[الإخوان المسلمين]].


'''وقال الشيخ [[عمر التلمساني]]:'''
ومرة أخرى يصف ميتشيل ما جرى قال:


:عندما قتل [[النقراشي]] فإن [[الإخوان]] , الذين لا يقرون الإغتيال , استقلبوا النبأ مع الرضا تماما كما حدث عند اغتيال [[السادات]] إن ديننا لا يسمح بذلك ولكن طغيان [[النقراشي]] فى أواخر أيامه جعل الناس يستريحون لأى عمل ضده
" فى أول [[مايو]] 1950 تم  رفع الأحكام لاعرفية واجتمع [[مكتب الإرشاد]] بقادة [[الإخوان]] وصرح بأن جماعة [[الإخوان المسلمين]] تنعم الآن بالوجود الشرعى.


'''وأضاف:'''
وارتفعت راية [[الجماعة]] فى جميع انحاء البلاد.


:دوافع قتل [[النقراشي]] نفسية محضة . عبد المجيد حسن كان فردا فى [[الجماعة]] ورأى [[النقراشي]] يحلها ويعتقل أفرادها ويعذبهم ويصادر أموالهم ويجمد ممتلكاتها فاندفع, وبعض الشباب معه  لارتكاب مثل هذا التصرف و[[النقراشي]] هو الذى قتل نفسه بسبب ما اقترفه فى حق هذا البلد!
ولكن بادرت قوات الأمن الحكومية إلى العمل على الفور فمزقت الرايات وانزلتها هى وكل ( الشعارات ) الأخرى المرتبطة ب[[الجماعة]], واحتلت [[المركز العام]] وأصر [[الإخوان]] على موقفهم.


'''قال [[فهمى أبو غدير]]: '''
,اصبح الخلاف علينا بين الحكومة و[[الجماعة]] بسبب ما أعلنه وزير الداخلية عن عزمه شراء ( مبنى) [[المركز العام]]  للجماعة لتحويله إلى نقطة شرطة".
ويحاول [[فؤاد سراج الدين]] التخفيف من حدة الأزمة بين الوفد و[[الجماعة]] فيعلق فى حديثه لصحيفة " الأهرام" يوم 26 من [[أكتوبر]] عام 1950:


:كان [[النظام الخاص|التنظيم الخاص]] هيئة تأسيسية توافق على كل عملية. بين أعضائها [[مصطفى مشهور]] و[[أحمد حسنين]] و[[أحمد زكي]].
سيباشر [[الإخوان]] نشاطهم.


'''وقال:'''
انتهى العام الأول لوزارة الوفد فأعلن [[فؤاد سراج الدين]] أن الحكومة تفكر فى استبدال قرار حل [[الإخوان]] بقانون جديد  للجمعيات!


:لا يستطيع أحد السندى أو غيره أن يتمرد على [[المرشد العام]] . ولكن يمكن القول إن هذه الهيئة أو بعض أفرادها ربما فهموا ان الشيخ [[البنا]] راض عن عملية الإغتيال .
وأعد مشروع القانون وهو يسرى على الجمعيات التى تسعى لتحقيق أغراض اجتماعية أو دينية أو علمية أو أدبية إذا كان  عدد أعضائها يزيد على 20 باستثناء الجمعيات النشاط المدرسى.


'''وقال ابو غدير:'''
ولا يجوز للجمعيات أن تكون لها تشكيلات عسكرية او شبه عسكرية وألزمت الجمعيات بتسجيل معلومات تفصيلية عن  كل عضوا وإيداع صورة فوتوغرافية. لدى السلطات المختصة.


:قتل [[النقراشي]] و[[الجماعة]] بلا قيادة و[[عبد الرحمن السندي]] فى السجن
تبين [[الإخوان المسلمون]] أن المشروع موجه ضدهم بالذات ويمنع حركتهم يفرض عليهم رقابة بوليسية رغم أن [[فؤاد سراج الدين]] قال إن المشروع لا يعنى  جمعية بذاتها وإنما ينطبق على الجمعيات المحتلفة.


'''ويبقى سؤال:من حرض على قتل [[النقراشي]]؟'''
وقدم مشروع القانون يوم 16 من [[أبريل]] 1951 إلى البرلمان. وخلال مناقشة القانون أمر [[صالح عشماوى]] الأعضاء بالخروج فى مظاهرة ضخمة أمام مبنى البرلمان.


'''قال الضابط الكندى هاردى فى بحثه دفاعا عن [[المرشد العام]]: '''
ونوقش المشروع فى مجلس النواب يوم 17 نمن [[أبريل]] 1951 ويتوجه السفير البريطانى الجديد السير رالف ستيفسون إلى [[فؤاد سراج الدين]] وزير الداخلية يسأله عن [[الجماعة]] ثم بعث السفير إلى لندن فى 23 من [[أبريل]] 1951 يقول:


:" يدعى المصريون المعارضون [[للإخوان]] أن [[الجماعة]] ذاتها " سواء كن [[البنا]] جزءا من المؤامرة أم لا مسئولة عن اغتيال [[النقراشي]].ولكن [[المرشد العام]] شديد الذكاء.ومن المستبعد أن يكون قد تخيل أن مثل هذه الخطوة يمكن أن تسفر عن تقدم لجماعته".
" فى حديث مع وزير الداخلية أمس أثرت مسألة [[الإخوان المسلمين]] قال سراج الدين باشا إنه لا يشعر بالقلق على الإطلاق إزاء مستقبل نشاط هذه [[الجماعة]] ولم ينكر أنها كانت خطرة فى الماضى . ولكنه يرى أن ذلك يرجع إلى  تشجيع القصر لها كسلاح ضد الوفد وإلى شخصية الشيخ [[البنا]]. ولا يوجد الآن زعماء يتمتعون بسمات القيادة والمبادرة.


'''وقال هاردى:'''
وعلاوة على ذلك فإن التشريع المقترح سوف يمنع [[الإخوان]] من أن يجعلوا من أنفسهم شيئا مزعجا. وهو يتفق معى فى احتمال حدوث تغلغل فى [[الإخوان]] من جانب الشيوعيين. الين تتجه  ارتباطهم التقليدية  إلى التسلل داخل المنظمات القومية المتطرفة واستغلال هذه المنظمات كوسيلة لإثارة المتاعب بوجه عام"
ويعلق مسئول فى وزارة الخارجية البريطانية فى نفس اليوم – 23 من [[أبريل]] – على حديث سراج الدين فيقول  فى مذكرة سرية:" تصريح سراج الدين بأنه لا يوجد بين قيادات [[الإخوان]] من هو فى قدرة [[البنا]] أمر صحيح تماما.


:" تخيل [[البنا]] أنه يستطيع تهدئة الموقف ولكن آماله تحطمت عندما أغتيل [[النقراشي]] "ويصدر [[البنا]] كتيبا صغيرا عنوانه '''" القول الفصل"''' وزعه سرا عرض فيه وجهة نظر [[الإخوان]] .  
إن مشروع قانون الجمعيات الجديد سوف يمضى طويلا فى التصدى لتوسع [[الإخوان المسلمين]]. ولكنه يخشى أن تقم العناصر المتطرفة فى المنطقة بعمليات إرهابية.


'''قال:'''
ومن ملامح القانون الجديد – الذى سيكون له تأثيرا شديد – شرط عدم السماح لأى شخص تحت 21 سنة أن يصبح عضوا عاملا فى [[الإخوان]] .


:إن الضغط الأجنبى هو الذى أدى إلى قرار الحل. والأسلحة كانت بعلم الحكومة لقضية [[فلسطين]] والانفجارات لم ترتكب بأمر قيادة [[الإخوان]] وعلى فرض أن [[الإخوان]] قاموا بها ف[[الجماعة]] ليست مسئولة عن أعمال نفر من أعضائها.
ويقصد من ذلك بطبيعة الحال التصدى لقوى [[الإخوان]] فى الجامعات وعلى اى حال فإنه يتفق معنا فى أننا لم نشهد أسوأ من [[الإخوان]] الذين يعدون بالنسبة ل[[مصر]] أكبر عائق للأمن العام أكثر من [[الشيوعية]]"!


:وابدى أسفه لقتل المستشار أحمد الخازندار واغتيال [[محمود فهمي النقراشي]] وقال غنه بالنسبة لمصرع رئيس الوزراء فإن قادة [[الجماعة]] كانوا معتقلين أو مراقبين وكان ذلك رد فعل لقرارات الحكومة"!
تم التصديق على القانون وأعلنت [[الجماعة]] على رءوس الأشهاد أنها لن تسجل نفسها طبقا للقانون أو تنفيذا له. وأكدت [[الجماعة]] تصميمها على المطالبة بإستعادةمقارها – التى يتلها البوليس – وعياداتها الطبية وأموالها المصادرة.


'''أكد كثيرون:'''
ويبعث السفير البريطانى إلى لندن البرقية رقم 79 بتاريخ 27 من [[يونيو]] 1951 .. وفيها يقول :
" التزم [[الإخوان المسلمون]] الهدوء فى الفترة الأخيرة . ولا يبدو ان هناك تغييرا فى موقفهم إزاء قانون الجمعيات . وبالتالى  لا يبدو أنهم اقترفوا بأى شكل من استعادة مقارهم وأموالهم". لم يعد [[الإخوان]] إلا بعد صدور حكم من مجلس الدولة


:إن موقف [[البنا]] من اغتيال [[النقراشي]] يشبه موقف [[سعد زغلول]] من اغتيال السردار البريطانى السير لى ستاك.إن سعدا لم يأمر باغتيال السردار فإه كان يعلم عواقب هذه الجريمة وكذلك الحال بالنسبة للمرشد العام ومصرع [[النقراشي]].. فالأقرب للعقل والمنطق أن تكون الجريمة قد تمت بغير علم الشيخ [[البنا]] وإن كان القاتل ينتمى إلى الجهاز الذى أنشاه وشكله الشيخ.
كانت هناك دعوى معلقة أمام  المجلس  منذ [[نوفمبر]] 48 قدمها [[البنا]] وعبد الحكم عابدين السكرتير العام بالتظلم من قرار إغلاق فرعين لجماعة فى بورسعيد و[[الإسماعيلية]]!
استؤنف نظر الدعوى بعد التماس جديد قدمه عبد الحكيم عابدين برئاسة لامستشار سامى مازن فى 15 من [[أغسطس]] 1951.


وصف السير رونالد كابل السفير البريطانى رد فعل [[مصر]] إزاء اغتيال [[النقراشي]]. قال فى أول برقية بعث بها إلى لندن فى عام [[1949]]
بحثت المحكمة المبررات القانونية لقرار الحل وما تلاه من إجراءات. وصدر الحكم بتأييد [[الجماعة]]وبطلان  أمر بيع المركز لاعام وإعادة ممتلكات [[الجماعة]] وأرصدتها المالية.
وكان من نتيجة الحكم من الجهة القضائية المسئولة أن اعتبر بمثابة تصديق قانونى على الوجود الشرعى للجماعة.


:" لم يكن [[النقراشي]] باشا رئيس وزراء شعبيا .. ومع ذلك فإن اغتياله يحظى بالرثاء على نطاق واسع بوصفه حلقة أخرى من سلسلة الأعمال الإجرامية التى أعلنت على العالم افتقار [[مصر]] للنضج السياسى والإستقرار.  
ولم ينفذ الحكم إلا بعد الغاء حكومة الوفد لمعاهدة عام [[1936]] مع بريطانيا وحاجة الوفد للتأييد فصدر القرار فى 17 من [[ديسمبر]] 1951 بالإفراج عن ممتلكات [[الإخوان]] المصادرة بما فى ذلك الصحف والمنشآت جميعها.


ومن وجهة النظر الداخلية فإن الحادث كثف الإحساس بالاشمئزاز لدى المواطن المصرى العادى بالنسبة لاحتمال استمرار النظام.وهناك إحساس بالإنهيار المستمر فى الشئون الداخلية والغامرات المكثفة فى الخارج".
وهذا كله يقطع بدور الملك فى حل [[الجماعة]] واغتيال [[البنا]] فإن الوفد عجز,. أو رفض الوقوف مع [[الإخوان]] إلا بعد الغاء معاهدة عام [[1936]] وبعد أن أخذ الوفد موقف التحدى لكل من الملك و[[الإنجليز]].


يقصد حرب [[فلسطين]].
وكان الوفد يعرف , مثل الجميع أن القاتل الثالث.. أو المحرض القاتل .. أو القاتل الحقيقى.. صاحب الجلالة نفسه وإن كانت يده لم تطلق رصاصة ولكنه الذى أصدر حكم الإعدام .. على [[المرشد العام]]!

مراجعة ١٢:٥٢، ٥ سبتمبر ٢٠١٢

اشترك الملك فاروق فى تشييع جنازة النقراشى. وصل على الجثمان فى جامع الكخيا. ثم قصد إلى منزل النقراشى بمصر الجديدة ليعزى أسرته . وعاد إلى قصر عابدين ليجمتع بإبراهيم عبد الهادى رئيس الديوان الملكى وحسن يوسف وكيل الديوان ومحمد حيدر باشا وزير الدفاع وكريم ثابت المستشار الصحفى لفاروق

قال الملك لعبد العادى: قررت أن تكون رئيسا للوزراء ثم سأل الحاضرين عن آرائهم فقال حسن يوسف . الموقف يتطلب وزارة كبيرة. وأيد حيدر هذا الرأى

لم يدرك صاحب الجلالة المعنى الذى يقصده وكيل الديوان وظنه يقصد عدد الوزراء فقال. لا مانع من أن يكون عدد الوزراء أكثر من المعتاد. قال كريم ثابت: إن حسن يوسف وحيدر يعنيان أن تكون الوزارة ائتلافية.

قال فاروق: لا مانع

قال حيدر: كدة كويس . الحمد لله.

قال كريم ثابت:

لا أرى دعوة الوفديين إلى الاشتراك فى الحكم الآن لأن دعوتهم فى هذه الظروف معناها أننا ضعفاء ونريد أن نتقوى بهم. أو أننا خائفون ونريد أن نشجع بهم.

وأعتقد أنهم لن يقبلوا الدعوة فنكون قد خسرنا كثيرا ولم نكسب شيئا وكان كريم ثابت الوسيط بين الوفد والإنجليز ولكنه كان يتكلم أمام الوفد بلسان وأمام الإنجليز بلسان خر وأمام صاحب الجلالة بوجه ثالث!.. وكان هدفه فى كل الأحوال أن يظل وسيطا وأن يكون له دور . وقد استمر وسيطا . حتى قيام الثورة . بين كل الأطراف السياسية ف مصر!

قال حيدر باشا:

إنى واثق من قبول الوفد دخول الوزارة

قال كريم ثابت مراوغا: أما حيدر يؤكد الوفديين سيقبلون فلابد ن لديه أسبابا تبرر هذا التأكيد فإنى أسحب كلامى . وأوافق على أن يتصل بالوفديين حتى لا نندم يوما . قال فاروق : يبقى حيدر اللى يتصل بالوفد .

سأل حيدر الملك:

هل لدى جلالتك رغبة معينة بخصوص أشخاص الوزراء الوفديين؟ قال فاروق:

لا.. خالليهم يرشحوا اللى عاوزينه.

قال حيدر: أرجوا إعطائى ساعتين.

قال فاروق: خذ ساعتين. خذ ثلاثة ما يهمنيش. بس اللى يهمنى أن تتالأف الوزارة الجديدة الليلة. سامع يا إبراهيم.

وتكلم إبراهمي عبد الهادى الذى لم ينطق بكلمة واحدة خلال الإجتماع وهو يرى وزارته تتشكل أمامه: - حاضر ... يا أفندم!

وفى خطابه إلى إبراهيم عبد الهادى لتشكيل الوزارة طلب صاحب الجلالة أن " يعمل على توحيد الصفوف وتركيز الجهود لمواجهة الظروف الداخلية والخارجية".

اجتمع الفريق محمد حيدر باشا وزير الحربية – باسم الملك – فؤاد سراج الدين باشا وعرض عليه تناسى كل الخلافات الماضية واشتراك الوفد فى وزارة ائتلافية.

غاب حيدر باشا وبعد ساعتين طلب ساعتين جديدتين فأجيب إلى طلبه وى الرابعة بعد الظهر تكلم مرة أخرى وطلب مد المهلة ساعتين أخرتين فقد اعتذر فؤاد سراج الدين عن الرد العاجل.

قال كريم ثابت الذى وصف الاجتماع فى مذكراته عد ثورة يوليو 1952:

" تلقى فاروق الرد النهائى وكانت الساعة تقترب من السادسة مساء وهو أن الوفديين يعتذرون".

واعتذر أحمد خشبة باشا عن قبول منصب وزير الخارجية وبرر ذلك بحاجنه إلى الراحة.

ولم يقل خشبة باشا إنه كن يطمع فى رئاسة الوزارة. وكان يتطلع إليها وينتظرها وإنه خدع من الجميع وأن الرصاصات التى أطلقها طالب الطب البيطرى عبد المجيد أحمد حسن على النقراشى قد أطاحب بآمال خشبة باشا أيضا!

استغاث عبد الهادى بكريم ثابت الذى أسرع يلتقى بخشبة باشا قائلا: أرجو أن تقدر الموقف الذى واجهه الملك بمقتل النقراشى لقد اضطر صاحب الجلالة إلى تعديل خططه.

كرر خشبة باشا الإعتذار فقد أحس بأنه جرحه عميق! أخذ كريم ثابت يلح على خشبة فى قبول المنصب قائلا:

-إن إبراهيم عبد الهادى قبل أن يكون وزيرا للداخلية فى الوزارة التى كان سيعهد إليك برئاستها . فلا اقل من أن ترد له التحية بقبولك العمل فى وزارته.

أبى خشبة أن يحيد عن قراره, وأصر على الاعتذار ولم يقبل المنصب إلا بعد شهور عندما تبخرت آماله نهائيا فى رئاسة الوزارة!ويشكل إبراهيم عبد الهادى الوزارة فى ساعة متأخرة من الليل يوم وفاة النقراشى لظروف الأمن التى اقتضت السرعة.

ويبرر تشابمان اندروز السرعة التى تم تأليف الوزارة والأسباب الحقيقية لإبعاد أحمد خشبة باشا عن تولى المنصب ز ولمذا اعتذر عن دخول الوزارة قال:

" أملت الأزمة العجيل بتشكيل حكومة جديدة دون تأخير خشية أن يؤدى الفراغ الوزارى إلى تجمع قوى الشغب والإضطراب التى دعت إلأى صدور قرار حل جماعة الإخوان المسلمين .. وهو القرار القمعى الحاسم الذى صدر بعد تأخير.

وأظهر الملك فاروق باختيار إبراهيم عبد الهادى أن تفكيره الأول يتركز فى استمرار السياسة الحالية رغم أنه قد يحدث بعض التعديل فى الأسلوب. وهناك اعتراف بالحاجة لتحقيق استقرار الأمن العام وافقت الحكومة حسبما يقول مصدر فى القصر – على متابعة السياسة الصريحة المعلنة ضد الإخوان المسلمين. وهذا يوضح أسباب عدم دعوة أحمد خشبة باشا لتشكيل الوزارة وكان مرشحا لرئاستها بعد أن أقنع البنا المرشد العام خشبة باشا بفائدة التوصل إلى حل وسط مع الإخوان المسلمين تحت شعار الوحدة والائتلاف الوطنى.

ومن هنا قرر خشبة باشا- وهو من الأحرار الدستوريين – أنه من الأفضل التخلى عن دخول الوزارة كلية".

وعلمت من نفس المصدر أن الملك فاروق عازم على التعامل بشدة مع الإخوان "

وهذه البرقية تكشف أن الملك والإنجليز تخلوا عن خشبة باشا لنه يريد التصالح مع الإخوان! وتؤكد البرقية من ناحية أخرى أن القصر كان المحرس الأساسى لحل الجماعة.

دعا إبراهيم عبد الهادى إلى منزه فؤاد سراج الدين وعرضه عليه فكرة الوزارة الائتلافية فاجتمع الوفد يوم 5 من يناير برئيس وزارة ائتلافية ولكن لا تسند رئاستها إلى لإبراهيم عبد الهادى باشا! ووجهة نظر فؤاد سراج الدين التى ذكرها للوزير البريطانى المفوض هى "

الوفد لا يثق فى عبد الهادى فقد كان نائبا وفديا وتخلى عن تأييد الوفد عام 1937 عندما كان النحاس رئيسا للوزراء يبحث عن وكيل وزارة ولذلك اختار ممدوح رياض بدلا من عبد الهادى.

وقبل احتفال أقيم لمؤتمر البرلمانين الدولى وأقنع عبد الهادى فؤاد سراج الدين بالذهاب إلى مكتبه الخاص وتبادل الأفكار بصورة شخصية وغير رسمية.

وبذل عبد الهادى جهودا مضينة لإقناع سراج الدين بالطبيعة السرية والشخصية لحدثيهما فلم يبلغ سراج الدين النحاس باللقاء.

وفى يوم التالى نشرت أخبار اليوم " تقريرا كاملا عن اللقاء مما سبب حرجا لفؤاد سراج الدين . ولذلك فإن سراج الدين يعرف أنه لا يستطيع الثقة فى عبد الهادى".

وكتب تشابمان اندروز الوزير البريطانى المفوض يقول: " إن الاتصالات بين إبراهيم عبد الهادى والوفد عن طريق فؤاد سراج الدين .

ولكن القصر لا يريد اشترك النحاس باشا شخصيا فى الحكم". ونحاول بريطانيا بكل الطرق إقناع الوفد بدخول الوزارة.وتحاول بريطانيا بكل الطرق إقناع الوفد بدخول الوزارة.

قال أندروز :" لم يغلق الباب – بعد أمام احتمال اشتراك الوفد , وقد يتم ذلك فى اجتماع للوفد . يعقد قريبا.

وسياسة القصر إحداث انشقاق داخل الحزب وإضعاف سلطة النحاس باشا". ويلتقى اندروز بكريم ثابت باشا فى محاولة جديدة حتى يساهم الوفد مع إبراهيم عبد الهادى فى تحطيم الإخوان.

قال كريم ثابت :

عبد الهادى باشا أفضل رجل لوزارة الداخلية وقد ينجح فى تحطيم الإخوان.

قال أندروز وهو يتمنى للباشا حظا سعيدا:

لست متأكدا تماما من أنه سينجح. وإذا فشل فسيقع جانب كبير من اللوم على كاهل الملك لأنه ترك عبد الهادى يواجه الإخوان دون أن يكون الوفد معه. ولو كان قد إشراك الوفد لوفر فرصة أفضل كثيرا للنجاح. وأضاف اندروز:المهمة الرئيسية للحكومة إلحالية هى تحطيم الإخوان!

فى اليوم التالى لوفاة النقراشى وصل تشابمان أندروز الوزير البريطانى المفوض إلى أرمنت – قرب الأقصر

– ليقضى أياما فى عزبة رجل الأعمال أحمد عبود وكان هناك عدد من أصدقاء الطرفين. وصف أندروز رد فعل هذه المجموعة من أثرياء المصريين إزاء اغتيال رئيس وزراء مصر.

" بين الحاضرين فى أرمنت حسين سرى باشا – رئيس الوزراء السابق وزوجته وحرم " محمود يونس بك" التشريفاتى الرابع للملك فاروق . ومحمود القشيرى بك وزوجته وهو ابن أخت قرينة سرى باشا. استقبل الجميع نبأ اغتيال رئيس الوزراء بتهلل وارتياح .

ولم يخفوا ذلك وامتنع سرى باشا وحده عن إدلاء بأى تعليق عدا الأعراب عن اعتقاده بأن النقراشى باشا كان رجل دولة طيبا لديه مثل عليا ولكنه كان عاجزا أو لا يصر على أن يقتدى به زملاؤه الوزراء فى الأمانة والشرف!

وحين أعلن تعيين إبراهيم عبد الهادى باشا – رئيسا للوزراء – أعرب الجميع عن خيبة أملهم المريرة . وكان التعليق العام أنه نفس الرجل .. أى مثل النقراشى.

وكان من رأى عبود باشا وحرم سرى باشا أن عبد الهادى باشا سيتبع خطوات النقراشى.ومالم يسمح الملك فاروق بحكومة وفدية يراسها النحاس باشا وتتولى السلطة .. لإغن حياة الملك ستكون عرضة للخطر البالغ.

وقال عبود فى حديث صريح جدا إنه يعتقد أننا – أى الإنجليزنمارس سياسة خاطئة تماما فى مصر. ... حكمنا البلاد وكنا الموجة لها لأكثر من خمسين عاما .. وبعد أن أعطيناها استقلالها .. نتوقع ان تمضى وحدها دون تدخل من جانبنا.

وبالتفاوض مع الحكومة وحدها دون تدخل من جانبتا. وبالتفاوض مع الحكومة الحالية والملك فاروق فإننا نعطى نأييدنا لحكومة لا تمثل إلا الأقلية فى البلاد..

ونحن نشجع الملك على أن يصبح حاكما ديكتاتوريا وأعرب عبود باشا عن اعتقاده بأننا يجب أن ندين الحكومة الحالية علنا ونعلن أننا لن نتفاوض مع مصر حتى يتم إجراء انتخابات عامة فيها.

وأكد لى أننا إذا فعلنا ذلك فسنحوز تأييد الأغلبية الكبرى من الشعب المصرى ومن زعماء الوفد على وجه الخصوص.

وقال الباشا إن المصيبة الكبرى هى أن حادث 4 فبراير لم يمض إلى نهاييته المنطقية"

... أى إرغام الملك على التنازل عن العرش. وهذا الحديث يكشف حقائق كثيرة عن آراء بعض قادة السياسة والإقتصاد فى مصر:

" حسين سرى يصر على عودة الوفد إلى الحكم.

"أحمد عبود باشا كان يتمنى لو أن الإنجليز عزلوا الملك فى 4 فبراير 1942!

وبينما كان تشابمان اندروز يعرف رأى حسين سرى وعبود فى إبراهيم عبد الهادى خليفة النقراشى .. كان أرنست بيفن وزير خارجية بريطانية يعرف رأى ملك مصر بالنسبة للإخوان.

وكان السفير المصرى فى لندن حريصا على أن يبدى الإنجليز بعض مشاعر الود نحو صاحب الجلالة! قصد السفير المصرى عبد الفتاح عمرو إلى وزارة الخارجية البريطانية ليلتقى بأرنست بيفن وزير الخارجية فى اليوم التالى لاغتيال النقراشى.

قال عمرو باشا وهو يتحدث عن الإخوان المسلمين:

الحكومة مصرة على التصدى لهذه الإثارة المستمرة للمشاعر المعادية للبريطانيين فى مصر وعلى تمهيد الطريق لإجراء مناقشات فنية على الأقل مع بريطانيا فى وقت قريب.

سأله بيفن عن القاعدة الحقيقية للإخوان المسلمين وعن سبب اتباعهم الطريق الإرهاب.

قال السفير: هناك أدلة على أن الإخوان يتلقون أموالا طائلة من روسيا , وأنهم أحرزوا تقدما كبيرا بفضل الأموال والمنشورات بين الفلاحين

لقد أصبحوا خطرا حقيقيا والحكومة مصممة على القضاء عليهم وصودرت كل أموال الإخوان وأغلقت مراكزهم وعبد الهادى باشا سيوالى قمعهم حتى النهاية.

وينتهز عمرو باشا الفرصة فيطلب من وزير الخارجية البريطانية توجيه رسالة ما إلى الملك فاروق قال بيفن. سأفكر فى ذلك.

وتعهد الوير بأن يجتمع السفير البريطانى فى القاهرة مع رئيس الوزراء الجديد فى أقرب وقت ممكن. وأثار السفير المصرى إمكان استئناف بدء المفاوضات بين مصر وبريطانيا ولكن قال : ليس وقت مواتيا بعد . فقد يحدث انطباع خاطئ لأن مصر تمر بصعوبات وخاصة عقب اغتيال النقراشى ومن الأفضل الانتظار قليلا!

اتصل رجال الصحافة بالمرشد العام تليفونيا وأبلغوه بوفاة النقراشى وسمع أمين إسماعيل عضو الجماعة بالإغتيال فتوجه إلى بيت الشيخ البنا الذى دعاه لتناول الغداء معه. وصف أمين إسماعيل حال المرشد العام فى ذلك اليوم فقال لم يأكل الشيخ البنا غير لقمتين لا ثالثة لهما. وابتسم قائلا. إيه يا أمين سيرموننا بكل تهمة وسيقولون عنا كل شئ و..... و....وسيعلقون لنا المشانق فى الشوارع! وابلغ أحد الإخوان الشيخ ما يؤكد ظنونه قال:

كوّمحمد كامل الدامطى مدير مكتب النقراشى عصابة من سبعة أفراد حلفوا برأس النقراشى أن يقتلوا المرشد العام.

وظلت تتردد فى أذهان الإخوان تلك الصحيات التى رددها شباب الحزب السعدى أثناء جنازة النقراشى قائلين:

رأس البنا برأس النقراشى . وتهتف: الدم... بالدم!


حوافر العدو

انتهزت إسرائيل فرصة التوتر الذى ساد مصر بعد اغتيال النقراشى فأرادت أن تطوق الجيش المصرى فى سيناء وغزة وحصاره.

اكتشف ايجال يادين قائد القوات الإسرائيلية على الجبهة المصرية طريقا يونانيا – رومانيا قديما يصل جنوب أبو عجيلة فأرسل قوتين إلى غزة .

وبير عسلوج , والعوجة لشغل القوات المصرية فلم تنتبه إلى القوات الإسرائيلية المدرعة لتى جاءت تغزو أبو عجيلة لتدخلها وتتوغل عشرة أميال داخل الأراضى المصرية لأول مرة, وقامت بحركة التفاف واسعة لعزل الجيش المصرى شرق مدينة العريش ,

قطع خطوط تموينه ومواصلاته مع قاعدة ها الجيش فى مصر للقضاء عليه فأصيب الجيش كله بالشلل فى سيناء وغزة

فى اليوم التالى لوفاة النقراشى احتلت إسرائيل التلال المطلة على رفح واصبح على بريطانيا – بمقتضى معاهدة 1936 – التدخل ضد إسرائيل للدفاع عن مصر وطرد القوات المعتدية منها. توغلت القوات الغازية إلى مسافة ستة كيلو مترات – أو أقل – من العريش ... المدينة التى تضم القاعدة الجوية المصرية الأمامية.

طلب وزير الحربية المصرى من بريطانيا – بصورة عاجلة – 20 من خزانات الوقود طويلة المدى لتمكين الطائرات المصرية من طراز " سيبفاير" من الطيران من مطارات منطقة القنال البعيدة عن الحدود. وطلب الوزير أيضا تسهيلات لصعود الطائرات المصرية فى المطارات التى تحتلها القوات البريطانية فى منطقة القنال .

استغاثت وزارة الحربية المصرية بالإنجليز وابلغت الأمر إلى الملحق الجوى بالسفارة البريطانية فى القاهرة فلم تكن مصر فى حالة تسمح لها القيام بأى عمل إلى الالتجاء لبريطانيا. سارعت وزارة الخارجية البريطانية بإبلاغ الحكومة الأمريكية فى واشنطن بطلبات حيدر باشا. قالت:

" أرسلت التعليمات إلى سلاح الجو الملكى البريطاني فى مصر للقيام باستطلاع فورى والتحقق من الوضع. وإذا قامت القوات اليهودية بمهاجمة الأراضي المصرية فإن التزاماتنا بموجب معاهدة 1936 الإنجليزية – المصرية ستكون سارية بالطبع"

وصف السفير البريطانى الموقف العسكرى المصرى اليائس داخل حدود البلاد الشرقية فى اليوم التالى لوفاة النقراشى – 29 من ديسمبر.

قال:

يقوم الجيش المصرى بهجمات مضادة من العريش ورفح فى محاول لوقف طوابير المدرعات اليهودية التى تتقدم صوب هاتين المدينتين.

وما لم نقم نحن البريطانيين بشئ فعال وفورى لمساعدة الجيش المصرى فإنه يتمزق خلال وقت قصير جدا إلى مجموعات صغيرة ومعزولة فى العريش ورفح وغزة والفالوجة والخليل دون أى غطاء جوى وبلا إمكانا للإمدادات أو الإغاثة.

ومن المؤكد أن هذه المجموعات الصغيرة لن تكون قادرة على المقاومة لمدة طويلة.

ولن يكون ممكنا إخفاء حجم الكارثة عن الرأى العام المصرى ولا يمكن تقدير العواقب السياسية الناجمة عن ذلك . من الناحية الداخلية المصرية أو من رواية العلاقات المستقبلة مع بريطانيا.

ولذلك فإن مخاطر السماح بحدوث مزيد من التدهور فى الموقف العسكرى المصر أكبر من أن نستطيع تحملها. وقد بدأت الطائرة المقاتلة المصرية فى الهبوط فى المطارات التى يسيطر عليها البريطانيون فى منطقة القناة وايد بعد نفاد وقودها. إن البدائل العملية المتاحة لنا سواء بموجب المعاهدة أو خارج نطاقها هى:

(أ‌) إمداد القوات المصرية بالعتاد الحربى فى منطقة القناة.

أو

(ب)القيام بأنفسنا بعمل عسكرى , بعد انذار الغزاة بهدف محدود وهو انسحاب قواتهم إلى ما وراء الحدود الدولية بين مصر وفلسطين.

وبين هذين البلدين . أعتقد أن الثانى هو الأفضل إذاكان ممكنا من الناحية العسكرية للأسباب الآتية:

(أ)إذا سمح لليهود بالإستقرار فى الأراضى المصرية سيبصح من الصعب بصورة متزايدة. إخراجهم بالوسائل السياسية فقط. أو حتى بالعقوبات الاقتصادية مع مضى الوقت ( إذ إنهم سيميلون لتدعيم موقفهم . كما حدث فى فلسطين).

(ب) سيكون من الصعب فى وقت لاحق إيجاد مبرر سليم للتدخل العسكرى البريطانى.

(جـ) إن المصريين حتى بالعتاد الحربى الذى نستطيع تقديمه إليهم. سيبقى ممكنا هزيمتهم. زسيكون الموقف الناشئ عن ذلك أكثر سوءا.

(د) لانستطيع بالتأكيد أن نرفض استخدام سلاح الطيران المصرى للمطارات والمنشآت التى يسيطر عليها البريطانيون فى منطقة القناة وهذا يورطنا بصورة آلية فى الصراع . لأن هذه المطارات من المفترض للقصف من جانب اليهود.

وفى نفس الوقت, وحتى إذا قررت حكومة صاحب الجلالة ملك بريطانيا القيام بعمل عسكرى فأعتقد أن من الأهمية أن نزود لمصريين ببعض العتاد الحربى لتمكينهم من التعاون معنا ومن الإحساس بأنهم يفعلون ذلك. وإذا أثبتنا فى هذه المناسبة قدرتنا, على القيام بعمل فعال لتأمين إخراج اليهود من الأراضى المصرية دون تأخير , فإن مكانتنا ستعزز ليس هنا فقط وإنما فى البلاد العربية الأخرى أيضا.

وستصبح فى وضع أقوى فى التأثير على مصر وغيرها لإقرار تسوية التراجع إلى المواقع التى كانوا يحتلونها فى النقب فى 14 من أكتوبر كما كان بتعيين عليهم بالفعل بموجب قرار مجلس الأمن الصادر فى 4 من نوفمبر. أرى بالإضافة إلى ذلك أنه لا شئ أقل , إن لم يكن أكثر , من إنذار سيكون مطلوبا لضمان انسحاب اليهود من الأراضى المصرية.

ولكن مسألأة إغاثة القوات المصرية المحاصرة فى فلسطين ستظل قائمة عندما يزداد تدهور الموقف العسكرى يسرع السفير البريطانى فيكتب فى اليوم ذاته حكومته البرقية رقم 1805 وفيها يقول: " تشعر السلطات المصرية بقلق بالغ.

ولا يمكن كتمان أية هزيمة كبرى تقع للجيش المصرى. وستكون لها آثار خطيرة على الإستقرار الداخلى ويمكن أن تصل هذه الآثار إلى أقصى درجات خطورتها بصورة كبيرة وجود جماعة الإخوان المسلمين والموقف المضطرب الناشئ عن اغتيال النقراشى.

ومن ناحيتى أعلم الرغبة العميقة لحكومة جلالة ملك بريطانيا فى الحفاظ على الإستقرار فى هذا الجزء من العالم.

ويمكن أن نتأثر علاقتنا المستقبلية بمصر إذا وقفنا موقف اللامبالاة حيال غزو خارجى تتعرض له مصر ولم تقدم لها أية مساعدة بينما ترابط قواتنا على أراضيها"

وتقيم خطة إسرائيل فى الإغارة على العريش ومهاجمة رفح لتحييدها ثم الإنسحاب لفتح الطريق أمام 18 ألف مقاتل مصرى متناثرين فى غزة ومحاصرين للخروج, أو الهرب أو إلى مصر.

وقد اتخذت القاعدة الجوية المصرية فى رفح خلال الشهور الستة الماضية أهبتها لشن هجمات جوية مدمرة وهجمات أخرى ضد إسرائيل".

اصبح وضع القوات الإسرائيلية عائقا يمنع عودة القوات المصرية إلى بلادها كما تركت رفح معزولة تماما. أنذرت بريطانيا إسرائيل بالانسحاب وإلا تدخلت القوات البريطانية لطرد إسرائيل تطبيقا لمعاهدة 1936 التى تلزم بريطانيا بالدفاع عن مصر فى مواجهة العدوان.

خشيت الولايات المتحدة التدخل العسكرى البريطانى فاجتمع مجلس الأمن فى اليوم نفسه 29 من ديسمبر – ليقرر وقف القتال وإعلان الهدنة فى جميع المناطق بفلسطين.

فى اليوم التالى تودجه جيمس ماكدونالد ممثل الولايات المتحدة فى تل أبيب إلى دافيد بن جوريون رئيس وزرائها قال:

ستعيد الولايات المتحدة تقييم موقفها إلا إذا أثبتت إسرائيل أنها دولة محبة للسلام. .. أى تنسحب من الأراضى المصرية.

ابدى بن جوريون دهشته من الرسالة قال:

لم أعتد تسلم رسائل من الولايات المتحدة يمكن أن يكتبها أرنست بيفن!

وسلم ماكدونالد الرسالة نفسها غلى حاييم وايزمان رئيس إسرائيل فبعث ردا إلى ترومان قال فيه: هذه حرب دفاعية ضد العرب. أما موسى شيرتوك – موسى شاريت –وزير خارجية إسرائيل فأمسك بالقلم فى حدة وأبيض وجه وهو يقرأ الرسالة.

ولم تكن الرسالة إنذارا بل كانت توبيخا من الرئيس الأمريكى ولكن إسرائيل لم تنسحب فقامت أربع طائرات بريطانية استطلاع يوم 4 من يناير 1949 فتعرضت لها طائرات إسرائيلية من طارز " مسر شميت" وأسقطتها.. مما يعطى بريطانيا سندا لقتال إسرائيل , وكانت بريطانيا على وشك التدخل. .... ولكنها لم تفعل!

قصد الفريق محمد حيدر وزير الحربية إلى إبراهيم عبد الهادى رئيس الوزراء يشكو من تدهور الموقف فى فلسطين.

قال رئيس الوزراء : ماذا تطلب ؟

صلح سياسى حل سياسى فورا.

واضاف حيدر : نريد وقف القتال نريد غيقاف الكارثة . إن الجيش المصرى يتحمل المعركة وحده والضغط واقع عليه.

اتصل إبراهيم عبد الهادىبمستشار السفارة الأمريكية – لغياب السفير – وقال له:

إسرائيل مدللة . ولا تطلبون الهدنة من الدولة العربية إلا حين تكون الحالة محرجة.

هل تقبلون وقف القتال لو عرضناه؟

لو عرضتموه جديا بشرط ألا تفاجئنا إسرائيل.

جاء الرد الأمريكى – كما يقول إبراهيم عبد الهادى – خلال ساعة فاجتمع مجلس الوزراء المصرى يوم 6 من يناير وقرر الموافقة خاف ديفيد بن جوريون من مواجهة بريطانيا... وقرر مجلس الأمن مرة أخرى . يوم 7 من يناير وقف إطلاق النار!

انذر بيفن إسرائيل مرة أخرى ووجهت مصر انذار ثانيا يوم 12 من يناير 1949 بالإنسحاب بعد أن توقف القتال.

أسرع يادين إلى تل أبيب يرجو بن جوريون أن يسمح لقواته بالبقاء فى سيناء .

ولكن بن جوريون وجد أن إسرائيل طردت القوات المصرية واحتلت 600 ميل من الأراضى الفلسطينية أكثر مما أعطاه لها قرار التقسيم فأصدر قرار الإنسحاب خاصة وأنه يخشى انحيازا أمريكيا ضدها أو قيام تحالف انجلو – أمريكى يحقق ذلك.وكتب بن جوريون إلى وشنطن يؤكد أنه " لا يوجد حافر إسرائيلى واحد فوق أرض مصر".

ويكتب جميس ماكدونالد إلى وزير خارجيته فى واشنطن مطالبا بمزيد من الدعم لاسرائيل قال: " لا نرى وجود أى تعارض بين تأييد الولايات المتحدة لقيام فلسطين مستقلة قوية وبين كافة المصالح المشروعة لبريطانيا فى مصر .

انتشرت الإشاعات فى القاهرة حول قرب إعلان الجمهورية فى مصر قال تشابمان اندروز:" الفيق عزيز المصرى باشا متورط فى مؤامرة وله صلة باكتشاف كميات كبيرة من المفرقعات.

قبض على عزيز المصرى يوم 15 من يناير 1949. ولا يخفى المفتش العام السابق للجيش المصرى ترحيبه بحدوث ثورة ضد الملك والحكومة".

وتعلق وزارة الخارجية البريطانية على اعتقال عزيز المصرى بأنه ربما يكون قد تمكن من جمع حفنة قليلة من ضباط الجيش حوله ولكن لا يسود الاعتداء بأنه يحظى بتأييد كاف فى الجيش للقيام بمحاولة خطيرة لقلب نظام لحكم.

ولكن قد يكون فى الجيش آخرون يفكرون فى قلب نظام الحكم ولكنهم أكثر اتباعا من عزيز المصرى"!! قال اللواء حسن طلعت مدير مباحث أمن الدولة إن الإخوان تعجلوا الإستيلاء على السلطة.

وقال الشيخ الباقورى إن القواعد التى وضعها الشيخ البنا تدور فى أقطاب ثلاثة أحدها لا يعنى إلا الإستيلاء على الحكم بالقوة القاهرة والثورة الظافرة التى يخطط لها فلاسفة مؤمنون وينفذها شجعان صادقون. وبناء على ذلك هناك شعب لها غاية واحدة وكل يعمل فى مجاله غير حريص على الظهور.

شعبة فى الجيش قوامها الضباط والجنود لهم رئيس مسئول عنهم وشعبة فى الشرطة لهم رئيس مسئول عنهم أيضا.


وشعبة الدعاة القادرين على البحث والدرس ورؤساء الشعب الثلاثة مسئولون أمام المرشد العام للإخوان المسلمين وقال الكاتب السوفيتى " سيرانيان":

" استعد الإخوان , ـمام الإستعداد للاستيلاء على السلطة".

وفى كتاب ريتشارد ميتشيل" الإخوان المسلمون " قال :" كانت الجماعة تخطط سرا للقيام بثورة".وفى بحث الضابط الكندى هاردى قال إنه وضعت خطة عام 48 لتدبير انقلاب وإعلان البنا خلفة للمسلمين . ومن المؤكد أن هذا الانقلاب نوقش بعد اغتيال النقراشى.

استقبل الملك – يوم 19 من يناير 1949 – اللورد دوجلاس قائد السلاح الطيران البريطانى الذى وصل إلى مصر بدعوة من فاروق . خرج اللورد من الحضرة الملكية إلى دار السفارة البريطانية لينقل إلى السفير السيررونالد كامبل نص الحديث الملكى كما تقول هذه البرقية التى بعث بها السفير إلى لندن:

" برقية رقم 106 من السير رونالد كامبل بتاريخ 19 من يناير 1949

1- أبلغنى لورد دوجلاس اليوم فى سرية تامة بالمعلومات التالية التى استقاها من جلالة الملك.

2- تم اكتشاف مؤامرة لقلب الحكم فى الفترة بين يومى 18 , 31 من يناير تبدأ باغتيال الملك. وتم إلقاء القبض على عدد من الشخاص لكن الملك يتوقع أن تستمر محاولات اغتياله.

3- تشير معلوماتنا من مصادر أخرى إلى احتمال انتشار الجماعات المتآمرة بين ضباط الجيش خاصة الذين اشتركوا فى العمليات الفسلطينية والذين تردد – بشكل عام – أنهم متذمرون للغاية وأنهم يوجهون تذمرهم نحو الملك بشكل خاص . وألقى القبض على الفريق عزيز المصرى الذى كان ضابطا كبيرا بالجيش.

وعلمنا نبأ اعتقال اثنين من صغارضباط الجيش وعثر معهما على منشورات سياسية ومتفجرات.

4- وفى حين أن الملك لا يبدو قلقا . ولا يزال يقوم بجولاته فى النوادى الليلية فى القاهرة كالمعتاد. فلا يمكننا تجاهل احتمال حدوث محاولة لاغتياله وغقامة ديكتاتورية عسكرية.

5- ومن العسير للغاية تقدير احتمالات نجاح ذلك دون معرفة المزيد عما يجرى فى الجيش المصرى حاليا. ونحن نواصل تحرياتنا وسنبرق بأى جديد يمكننا التوصل إليه .

وينقل حديث اللورد دوجلاس إلى السفارة الأمريكية فى القاهرة التى تبرق بدورها إلى واشنطن عن احتمالات قيام الثورة

قالت برقية فيليب سكرتير هذه السفارة

" لست متشائما تماما مثل المسئول البريطانى حول احتمالات حدوث " ثورة فى مصر.

ورغم أن الإمكانات لمادية لحدوث ثورة والتى تتبع من الصراع بين " من يملكون" و"من لا يملكون" هى امكانات قائمة بالتأكيد وتتزايد حدة المشكلات الاجتماعية والإقتصادية فى البلاد ولكن العناصر الأساسية فى الموقف ظلت قائمة لفترة من الوقت دون أن يحدث ذلك انفجارا وإنى أميل إلى الاعتقاد بأنه مالم تتوافر شرارة إشعال . فإن هذا " الديناميت" قد يظل ساكنا لفترة من الزمن.

وإذا طرأت عوامل أخرى. فربما لا ينفجر أبدأ. ويصبح من الممكن نحسن الموقف إلى الدرجة التى يصبح فيها مستقرا نسبيا.ويمكن أن ينتج ذلك عن تسوية قضية فلسطين التى يبدو أن الرأى العام المصرى قد تعب منها كثيرا وعن فرصة للمشاركة فى تنمية اقتصادية حقيقية للشرق الأوسط.

أما إذا حدثت ثورة . فالأرجح أنها ستكون من نوع الانقلاب .

أو النوع الشائع فى أمريكا الجنوبية. أكثر من كونها عملا جماهيريا عريضا ومالم يتم اغتيال الملك. فأنى أشعر أن الملك يمكن كحل أخير . أن يدعو الوفد لتشكيل حكومة قبل أن تحدث الإطاحة الكاملة بالنظام.

ومالم نكن مضللين أو مفتقرين إلى معلومات , فلابد أن هناك كثيرا من " الرجال الأقوياء فى الأفق فى مصر ممن يمكن أن يستولوا على السلطة نتيجة لتدبير انتفاضة.

وفى اعتقادى أن استيلاء الوفد على السلطة لن يسفر عن أية تغييرات كبيرة جدا فى الهيكل الاقتصادى والاجتماعى ففى الحكومات السابقة التى سيطر عليها الوفد لم يظهر اهتماما كبيرا بالإصلاح الإجتماعى والإقتصادى كما اتسمت حكومته الأخيرة بالفساد.

أما قيام ديكتاتورية عسكرية على النحو الذى تشير إليه مؤامرة عزيز المصرى أو الشائعات التى تقول إن حيدر باشا – وزير الحربية – قد يرغب فى الإستيلاء على السلطة فإنها ستعتمد مثل النظام الحالى على نفس طبقة كبار الملاك والمؤجرين للحصول على تأييد. وبالمثل , فإن الإخوان المسلمين ومصر الفتاة يبدوان محافظين من حيث الجواهر إن لم يكونا فاشيين جديدين فى لهجتهما فالجماعة الأولى تدعو إلى الجامعة الإسلامية بينما الحرب الأخير تشدد فى طابعه.

واشتراك أى من الجماعتين فى حكم مصر سيسفر عن ميول أكثر يمينية وربما لا يحدث تغييرا كبيرا فى الهيكل الاجتماعى والإقتصادى من حيث الجوهر. ولكن حكومة يسيطر عليها الإخوان أو مصر الفتاة ستكون أكثر تشددا تجاه المصالح والرعايا الأجانب إذا حكمنا بمواقف هاتين الجماعتين.

إن كثيرا جدا من زعماء المعارضة الفعليين أو المحتملين يملكون . أو يسعون لامتلاك نصيب من ثروة البلاد مما لا يرجح حدوث تغيير كبير فى الإستعمار الداخلى لاستغلال الفلاحين الذين يشكلون 80% من السكان. والذين يبدو حاليا أن المشاعر الثورية اليمينية واليسارية مفتقدة بينهم. ومن الممكن أن تكون الحكومة – باستمرارها فى التحركات غير الحكيمة مثل عدم توفير المرتبات والمعاملة المناسبة للبوليس . ورفع رسوم الجمارك على الضروريات وعدم تنفيذ إصلاحات كافية لمواجهة مزاعم المنتقدين – تسرع بحدوث انتفاضة قد تسيطر عليها عناصر ثورية فى المرحلة الأولى أو بعد أن نمضى المتاعب قدما.

ولا يبدو أن لجماعات الشيوعية مستعدة لمثل هذا الجهد وفى الوقت الراهن . على القل لا يبدو أن مصر تحتل موقفا بارزا فى قائمة أولويات الكومنترن.

ومن اناحية الأخرى فقد تنجح الحكومة الحالية فى تحطيم الإرهابيين بما فيهم الإخوان.

ويبدو أن عبد الهادى باشا يقوم بمهامه بصورة أفضل مما كان موقعا . وإذا اتيحيت له الفرصة للإستمرار مع تقلص أهمية قضية فلسطين فى أعين المصريين فقد يكون بمقدوره أن يشق طريقه فى جو أهدأ".

كان صاحب الجلالة يوم 10 من فبراير 1949 – أى قبل 24 من عيد مولده – شديد الاهتمام بأمر واحد وهو ما تنشره الصحف الأجبية عنه وعن الإخوان المسلمين.

توجه حسن يوسف وكيل الديوان الملكى فى المساء إلى دار السفارة البريطانية ليلتقى بالسفير السير رونالد كامبل ويخرج وكيل الديوان من جيبه ملخصا للصحافة العالمية تذيعه وكاله دى كورس.

قال: هل يليق أن ينشر فى بريطانيا شئكهذا عن ملك مصر؟

أجاب السفير: إنى آسف

قال حسن يوسف :

ألا يمكن عمل شئ؟

قال السفير : يبدو أنه لا يمكن عمل أى شئ .. انظر ما يكتبونه عن الأسرة المالكة عندنا فى بريطانيا. هذا حسن يوسف تماما كما قالت برقية السفير ولكن صاحب الجلالة ملك مصر لم يهدأ ..

أعاد قراءة المقال الذى يقول: " مصر فى أزمة"

" اتضح بشكل متزايد , خلال العامين الماضيين , لكل المراقبيين فى مصر أن أزمة داخلية كبرى توشك أن تنفجر.

وجه النبيل عباس حليم ابن عم الملك الذى سجنه الإنجليز أثناء الحرب العالمية الثانية, وهو الآن زعيم حزب العمال فى البلاد, تحذيرا للملك وللحكومة فى 1946 بأنه ما لم تجر اصلاحات جذرية فإن النظام يتهدده السقوط.

لقد اعترفت مصر فى 1942 تحت ضغط من بريطانيا العظمى, بالإتحاد السوفيتى للمرة الأولى.

وأدى إنشاء بعثة سوفيتية إلى اقتراب مصر خطوة من يوم الحساب بدأت البعثة السوفيتية ذات العدد الكبير من الموفين على الفور حملة دعاية ضخمة فوزعت منشورات فى المدن , وأثارت الطلاب واقامت حفلات شاى لخدم الباشوات.

فقد الملك شعبيته استفز سلوكه فى حياته العامة والخاصة كثيرا من المسلمين ووجدت العناصر المنشقة فرصة مواتية لتصويره كرمز للقهر والانحلال.

وسرعان ما تحطمت الآمال فى استعادة التاج لاحترامه بحملة عسكرية ناجحة بعد تراجع الجيش فى النقب بشكل خطير.

وكان فاروق المضلل بشكل يدعو لليأس يظن أن اليهود سيلاقون هزيمة نكراء.

وكان ينوى أن يعلن نفسه وهو على راس جيشه المنتصر , خليفة للمسلمين غير أن المصريين, لا يزالون تقارير زائفة ومضللة عن نجاح جيوشهم ولن يتيسر الاستمرار فى إخفاء الحقائق الواقعية.

وقد أثبت الإرهاب والاغتيال السياسى أنهما سلاحان فعالان.

واكتسبت الدهماء, بلاتدريج, مزيدا من القوة وارتفاع الصوت و يغذيها اسوفييت بالدعاية والذهب. فجماعة الإخوان المسلمين المتعصبة, التى تضم نصف مليون عضو, أكثر نشاطا من أى وقت مضى.

ويصعب أن يتصور المرء كيف ستتجنب الحكومة انفجار أزمة واسعة النطاق.وعندما تبين حقيقة الموقف العسكرى سينهار النظام.

ولن ينقذه إلا شئ واحد. التدخل البريطانى الحاسم وإعادة فرض المشورة البريطانية كشرط للمساندة. وإذا رفض الملك فاروق شروطا كهذه فقد يقبلها ابن عمه – ولى العهد – محمد على بك بل وقد تكون مقبولة من الوفد.

وعندئذ يمكن تنظيف الإدارة المصرية بالكامل . وإقامة العدالة الاجتماعية والسياسية بهذه الكيفية فقط يمكن خلق الاستقرار.

والبديل هو مصر الشيوعية تحت النفوذ السوفيتى وهو احتمال كئيب حقا بما له من تأثيرات حتمية على شمال أفريقيا كله.

وأذخ الملك فاروق يفكر فى هؤلاء الإخوان الذين وصلت أعدادهم إلى نصف المليون! سألت الشيخ عمر التلمساني:

هل فكر الإخوان فى القيام بثورة فى هذا الوقت؟

أجاب بالنفى. وقال إن الإخوان ل يفكروا فى عمل عنيف بعد حل جماعتهم ولم يجتمعوا بأحد من ضباط الجيش لإشعال ثورة.

إن لاثورة التى توقعها فاروق تأخرت ثلاث سنوات .. إلى 23 من يوليو 1952! كتب مراسل صحيفة شيكاغو ديلى تريبيون تحت عنوان" فاروق الذى كان فتى عابثا يخشى الإحتلال الآن" قال الصحفى:

" هناك تقارير غير مؤكدة وإن كانت واسعة الانتشار فى القاهرة حول رصاصتين أطلقتا على الملك فى مارس الماضى".

أحس البنا بالخطر يقترب. أخذ يتردد على الوزراء فى مكاتبهم ومنازلهم فكانوا يتهربون من لقائه. واتصل صالح حرب باشا رئيس جماعة الشبان المسلمين تليفونيا بمصطفى مرعة وزير الدولة , بعد 48 ساعة من تشكيل وزارة إبراهيم عبد الهادى قائلا:

- الشيخ البنا يريد أن يلتقى بك فى بيتى.

- سأله مصطفى مرعى:

- لماذا؟ قال صالح حرب:

- لأشياء يريد أن يصارحك بها حين يلقاك.

- وافق مصطفى مرعى – الذى عهد إليه رئيس الوزراء بالشئون التى ترتبت على حل الجماعة الإخوان – لإنهاء حالة التوتر بين الحكومة والمرشد العام.

- التقى الرجال الثلاثة فبدأ الشيخ البنا الحديث عن اعتقالات الإخوان . وفصل . ونقل الموظفين . والاستيلاء على الشركات . وأموال تصادر لمجرد الشبهة فى أن أصحابها من الإخوان.

- طلب تحسين حالة المعتقلين والإفراج عن غير الخطيرين ومساعدة عائلات العمال المعتقلين: وقال:

- بين المقبوض عليهم أشخاص اعتقدوا أن عملهم فيه خدمة للبلاد والمتهمون فى قضية سيارة الجيب منهم من كان يحارب اليهود, أو لامناصرين لليهود وهى حرب فى سبيل الله والوطن.

- ورجا أن يعفو رئيس الحكومة عن هؤلاء.

- قال مصطفى مرعى:

- جماعة الإخوان أصبحت ملاذا للجرائم والمجرمين وقد اهتز الأمن فى البلاد وكان من الواجب حل الجماعة.

- ومنذ قتل لمستشار أحمد الخازندار وكل حادث أرجعه لها .

- قال الشيخ:

- إ، الذين أجرموا فعلوا ذلك من غير إرادتى وقد فكرت فى حل الجماعة ولكن شق على أن أ÷دم بناء أقمته فى عشرين عاما. وأضاف : هل أفلت الزمام من يدى.. أم أنا مضلل؟

- قال مصطفى مرعى:

- لتذع بيانا يتضمن هذه المعانى.

- وأخذ يملى على الشيخ ما يجب أن يتضمنه البيان . وافق الشيخ البنا.

- جاء فى اليوم لتالى ومعه البيان فوجده مصطفى مرعى غير ما أراد طلب أن يبرأ الشيخ البنا من قاتل النقراشى وممن دبروا ونفذوا الجريمة.

وتم تعديل البيان بالإتفاق بين الوزير والمرشد العام. قال الشيخ البنا معزيا نفسه: إذا كان ذلك ثمن إعادة الإخوان والتفاهم مع الحكومة . فما المانع؟ عرض مصطفى مرعى البيان على إبراهيم عبد الهادى قائلا: هذا كل ما استطعت الحصول عليه من الشيخ.

نشرت صحف مصر صباح يوم 11 من يناير نداء المرشد العام تحت عنوان " بيان للناس" قال لابيان: " وقعت أحداث نسبت إلى بعض من دخلوا هذه الجماعةدون أن يتشربوا روحها.

وتلا هذا الحادث المروع اغتيال دولة رئيس الحكومة محمود فهمى النقراشى باشا الذى أسفت البلاد لوفاته . وخسرت بفقده علما من أعلام نهضتها, وقائدا من قادة حركتها, ومثلا طيبا للنزاهة والوطنية والعفة من أفضل أبنائها ولسنا أقل من غيرنا أسفا من أجله وتقديرا لجهاده وخلقه.

ولما كانت طبيعة دعوة الإسلام تتنافى مع العنف بل تنكره , وتمقت الجريمة مهما يكن نوعها وتسخط على من يرتكبها. فنحن نبرأ إلى الله من الجرائم ومتركبيها.

ولما كانت بلادنا تجتاز الآن مرحلة من أدق مراحل حياتها . مما يوجب أن يتوفر لها كامل الهدوء والطمأنينة والاستقرار – وكان جلالة الملك المعظم . حفظه الله, قد تفضل فوجه الحكومة القائمة – وفيها هذه الخلاصة من رجالات مصر – هذه الوجهة الصالحة , وجهة العمل على جمع كلمة الأمة. وضم صفوفها وتوجيه جهودها وكفاياتها مجتمعة لا موزعة إلى ما فيه خيرها وإصلاح أمرها فى الداخل والخارج. وقد أخذت الحكومة تعمل من أول لحظة على تحقيق هذا التوجيه الكريم فى اخلاص ودأب وصدق. كل ذلك يفرض علينا أن نبذل كل جهد.

ونستفيد كل وسع فى أن نعين الحكومة فى مهمتها ونوفر لها كل وقت ومجهود للقيام بواجبها والنهوض بعبثها الثقيل ولا يتسنى لها ذلك بحق إلا إذا وثقت تماما من استتباب الأمن واستقرار النظام وهو واجب كل مواطن فى الظروف العادية فكيف بهذه الظروف الدقيقة الحاسمة التى لا يستفيد فيها بلبلة الخواطر وتصادم القوى وتشعب الجهود غلا خصوم الوطن وأعداء نهضته.

لهذا أناشد إخوانى. لله وللمصلحة العامة, أن يكون كل منهم عونا على تحقيق هذا المعنى وأن ينصرفوا إلى أعمالهم, ويبتعدوا عن كل عمل يتعارض مع استقرار الأمن وشمول لطمأنينة حتى يؤدوا بذلك حق الله والوطن عليهم والله أسأل أن يحفظ جلالة الملك المعظم ويكلأه بعين رعايته ويثبت خطى البلاد حكومة وشعبا فى عهده الموفق إلى ما فيه الخير والفلاح آمين". وفى رأى عمر التلمساني المرشد الجديد للإخوان أن " البيان تم تحت ضغط وللتساهلمع الإخوان حتى لا يعذبوا فى المعتقلات".

علق تشابمان اندروز الوزير البريطانى المفوض على هذا البيان فأبرق إلى لندن قائلا: " تبدو لهجة التصالح للبيان الذى نشر على نطاق واسع فى الصحافة المحلية واضحة, فى كل من الإشارة إلى النقراشى باشا الراحل وفى الحث على القيام بكل ما هو ممكن لمساعدة الحكومة بالمحافظة على النظام والأمن.

والبنا أساسا انتهازى, وربما يكون غرضه تحذير السلطات, بشعور من المن المزيف على أمل أن تتراخى تدريجيا جهودها للقضاء على الإخوان "

أما جيفرسون باترسون القائم بالأعمال الأمريكى فقال:

" حظى البيان باهتمام قليل على المستوى المحلى . وقد نشأ عن رغبة البنا لاسترداد موقعه الذى اهتز أمام الرأى العام ورغبته الواضحة فى إعادة الجماعة ولكن نظرا لتوتر الأمن فليس من المحتمل أن يحقق الحكومة رغبته"

قال إبراهيم عبد الهادى رئيس الوزراء لتشابمان اندروز:

الانطباع الذى أخذته من بيان البنا أنه بدأ يتراجع أمام تصرف لاحكومة.

واضاف : إنى واثق من الصول على أفضل مالدى الإخوان, ولكنى مستعد للقضاء عليهم. لقد اعتقلت الحكومة خمسة من أكثر الأعضاء خطورة وتطرفا وأحدهم فى الإسماعيلية كان يختبئ بمستشفى لفترة من الوقت. وعثر فى منزله على كمية كبيرة من المتفجرات والأسلحة.

وقال إن مائة آخين من أعضاء الإخوان البارزين ألقى القبض عليهم ولكن فاروق يجد أنه يجب ألا يتأخر عن القيم بعمل حاسم يعتقد أنه ينفذ لاعرش .. وهذا العمل – فى رايه – ضد الإخوان المسلمين. وقالت السفارة البريطانية:

" يمكن لجماعة الإخوان أن تنهار إلى الأبد, إذا أزيح البنا عن قيادتها لأى سبب . مع غياب أى خليفة له نفس القدر من الشخصية القيادية والذكاء الذين يتمتع بهما البنا"! وهذه البرقية تعنى بوضوح: أنه إذا اختفى البنا... تلاشت الجماعة وبذلك يصبح البنا .. هو الهدف!

عصفور فى القفص! جرت محاولات لاغتيال الشيخ لابنا

كانت المؤامرة الأولى يوم 22 من أغسطس عام 1947 حين كان النقراشى باشا فى مجلس المن يعرض قضية مصر. أرادت جماعة الإخوان المسلمين أن تظهر رغبة الشعب فى تأييد النقراشى, والمطالبة بجلاء الإنجليز عن وادى النيل.

سمحت السلطات المختصة لالبنا وجماعته بالقيام بمظاهرة سلمية بدأـ من الجامع الأزهر عقب صلاة الجمعة , واخترقت الشوارع منادية باسم مصر مؤيدة حقها.

ولم تكد المظاهرة السلمية تصل إلى ميدان العتبة الخضراء وفى مقدمتها سيرة تحمل الشيخ البنا وبعض الأعضاء حتى انطلقت الأعيرة النارية من كل صوب.

نزل الشيخ ليستطلع الحادث فإذا بعيار نارى يطلق عليهوتستقر رصاصة فى ساعده.

اقتيد البنا عقب إصابته إلى قسم الموسكى فاعتدى رجال الشرطة على أتباعه . ودارت معركة بينه وبين ضابط بوليس هدده بمسدس وسدد فوهتع إلى صدره.

هجم عليه الشيخ البنا وأمسك بالمسدس من يده. واصيب زوج شقيقته عبد الكريم منصور بإصابات نقل على إثرها إلى مستشفى قصر العينى وانتهى الحادث بالحفظ. وقف المرشد العام يتحدث فى الشركة العربية للمناجم والمحاجر لتوديع كتيبة من الإخوان قبل سفرها إلأى فلسطين.

ولكن وقع انفجار فى المكان الذى كان مقررا أن يتحدث منه الشيخ البنا قبل وصوله بدقائق .تبين ان قنبلة زمنية وضعت فى هذا المكان.

توجه البنا غلأى مطار القاهرة للحج فى 23 من سبتمبر 1948 ومعه " جواز" سفر يبيح له السفر غلأى جميع أنحاء العالم... وعلى الجواز أيضا " تاشيرة" تسمح له بأن يستقلطائرة شركة " سعيدة" ولكن العقيد حسن فهمى مفتش الجوازات سحب منه الجواز وألغى جميع الدول المصرح له بالسفر إليها واكتفى منها بالمملكة العربية السعودية. وقال إنه فعل ذلك بناء على تعليمات من عمر حسن – مدير قسم الخصوص – مباحث أمن الدولة.

وسافر المرشد العام إلى المملكة العربية السعودية فأبرقت وزارة الداخلية إلى القنصل المصرى فى جدة بعدم السماح للبنا بالسفر إلى أية دولة عربية أخرى. قال عبد القادر عودة وكيل جماعة الإخوان " لم تستطع الحكومة منع لابنا من السفر لأداء فريضة الحج وإلا قيل إنها صدته عن سبيل الله, والبيت الحرام ومن يفعل ذك يعد كافرا".ومن ناحية أخرى –ما قال اليوزباشى عبد الباسط البنا الشقيق المرشد – فغن الحكومة المصرية أعدت العدة لقتله فى السعودية على أن تنسب الجريمة إلى بعض اليمنيين!

وكان أمير الحج المصرى حامد جودة – رئيس مجلس النواب الذى ينتمى إلى لاحزب السعدى – قد صحب معه بعض الأشخاص الخطرين ولكن الحكومة السعودية استشعرت ذلك فأنزلت المرشد العام ضيفا عليها وأحاطت مقره بحراسة شديدة وقدمت إليه سيارة خاصة بهاج ندى مسلح لنع الأعتداء عليه عاد البنا فى 28 من نوفمبر 1948.

وتقرر حل الجماعة فى 8 من ديسمبر وصدرت الأوامر إلأى قوات الشرطة بالإستيلاء على شعب الإخوان فى مختلف المناطق.

واعتقل أعضاء مكتب الإرشاد وكثير من الإخوان وبقى مؤسس الجماعة ورئيسها ومرشدها العام وحده لم يعتقل.

رأى اللواء أحمد عبد الهادى حكمدار شرطة القاهرة واللواء صلاح مرتجى وكيل الأمن العام عدم اعتقال المرشد لاعام لأنه اعتقاله قد يحدث ثورة وضجة كما أن وجوده خارج المعتقل يعطى فرصة للتفاهم معه. ويكون الرجل طعما للقبض على من يتصل به من الإخوان!

أبلغ هذا الرأى للنقراشى باشا فوافق عليه. قل أحمد حسين رئيس حزب مصر الفتاة إن الحكومة لم تعتقل الشيخ البنا إما لأنها لم تجد برهانا ضده أو لأنها أرادت قتله.سأل تشابمان اندروز الوزير البريطانى المفوض وكيل الديوان الملكى حسن يوسف بك عن أسباب عدم اعتقال المرشد العام أجاب حسن يوسف:

لم تعثر الشرطة على وثائق . أو مواد. تدينه عند تفتيش منزله ولابد أنه كان حريا على تدمير أى دليل يثبت تورطه فى أعمال إجرامية ارتكبها أتباعه مما جعل الشرطة لا تستطيع اتخاذ إجراء ضده. واضاف : لا يوجد سبب للقبض عليه فى الوقت الحاضر. قال تشابمان أندروز ومحضر الاجتماع يصف ذلك: وإذا ارتكب عملا خاطئا؟

أجبا حسن يوسف : سيتعرض للإعتقال فإن الحكومة لم تعد تخشى باسه.

وكان حسن يوسف يتحدث بثقة مما جعل " اندروز" يبرق إلى لندن قائلا :

" لابد أن وكيل الديوان يتكلم بلسان الملك فاروق".وأكد حسن يوسف لوزير المفوض أن البنا توسل إلى السلطات لاعتقاله وكتب البنا للحكومة:

" انكم تقتلونى بعدم اعتقالى"!

قال محمد إبراهيم إمام مدير البوليس الخصوصى – القلم السياسى ومباحث أمن الدولة – للماجور سانسون ضابط أمن السفارة البريطانية:

- تلقيت أومر بعدم القبض على البنا أو اعتقاله فلن يجرؤ قاض على إصدارحكم ضده بعد اغتيال المستشار الخازندار.

- ضاعفت الحكومة إجراءاتها المتشددة.

- راحت تقبض كل يوم على مئات لأتفه الأسباب.. قصاصة ورق . نسخة من عدد قديم من جريدة أو مجلة الإخوان , بطاقة من حسن لبنا.

- واعتقل معظم من يمتون إليه بصلة: أشقاؤه ومنهم جمال البنا الذى يعرف القسم السياسى أنه ليس من الإخوان.... واصهار الشيخ وبقى زوج شقيقته عبد الكريم منصور – المحامى – لأنه اختفى فترة ثم عاد إلى الظهور.

- ولم يعد للشيخ حارس سوى شقيقه ضابط الشرطة اليوزباشى عبد الباسط الذى يمشى مسلحا فى ركاب أخيه. فلما عثر مع عبد الباسط على مسدس أخذوه منه وقبضوا عليه فى 13 من يناير.

- استمرت رقابة الشرطة على الشيخ فوجدوه يصلى الفجر فى جامع قيسون فقرروا اغتياله بعد الصلاة, ولكن المرشد امتنع عن الصلاة فى المسجد بناء على نصائح الأسرة والأصدقاء وأخذ يؤدى الصلاة فى بيته!

- وكلف الجنود يقبضون على من يمرون أمام بيته أو يزورنه ويقودونهم إلى قسم لشرطة لسؤالهم ويفرج عن البعض ويعتقل كثيرون . وفى بعض الأحيان كان يؤدى صلاة الجمعة فى بيته. - وكلف أحد الكونستبلات بمراقبة الشيخ بتعقبه بموتوسيكل حينا, وفى سيارة أحيانا, فلما ضاق المرشد بهذه الرقابة اتصل باللواء احمد عبد الهادى حكمدار شرطة القاهرة وطلب منه رفعها فوافق الحكمدار ... كما قال!

- ولكن الحقيقة أن مخبرا اسمه عبد المنعم إبراهيم ظل يراقب الشيخ, حتى اليوم السابق للجريمة بناء على تعليمات الرائد محمد على صالح ضابط البوليس السياسى , وبذلك بقى المرشد العام موضع المراقبة الدقيقة, تحت عين وزارة الداخلية تحصى عليه كل تحركاته.

- واعترف مخبر اسمه أنور على أحمد أنه اشتغل بمراقبة المرشد العام حتى الثالثة بعد ظهر يوم 12 من فبراير لمراقبة حركاته وسكناته, ومعرفة اتصالاته من ناحية ومنع هربه من ناحيه أخرى فلا يفلت من أيدى رجال الشرطة.

- ولم يقل المخبر إن الهدف بقاء المرشد فى قبضة رجال الشرطة حتى الوقت المحدد... الذى تتيحه الفرصة لاغتياله.

أراد البنا أن يسافر للإقامة فى عزبة الشيخ عبد الله النبراوى بدائرة مركز قليوب ولكنه خشى أن يؤدى ذلك إلى متاعب للشيخ النبرواى وأسرته فأرسل إلى محافظ القاهرة فؤاد شيرين يستأذنه فى السفر. أستأذن المحافظ رئيس الوزراء إبراهيم عبد الهادى الذى طلب منه عدم الرد. وعلق رئيس الوزراء – شفاهة على طلب المحافظ قائلا إنه

– أى المحافظ من الإخوان المسلمين!وفى اليوم التالى لوصول خطاب البنا إلى محافظ القاهرة -10 من فبراير

– اعتقل النبراوى ومعظم أفراد أسرته وهو شيخ تجاوز الثمانين ومصاب بشلل نصفى وفتشت قريته بحثا عن أسلحة. سافر صالح حرب إلى أسوان وأراد الشيخ البنا الذهاب إليه فى اسوان ولكن الحكومة رفضت ذلك كما منعته من السفر إلى الخارج. رأى فتحي رضوان المرشد العام فى مأزق يتعذب و لا يدرى ماذا يفعل قال له:


- يا سيدى أرجو أن تصدقنى إذا قلت لك, إن الحكومة والملك. لا يطيقان مجرد وجودك ووجود جماعتك فى الدنيا.

- نظر البنا إلى فتحي رضوان, وفى عينيه مزيج من العتاب. ومن الإحساس بالألم, ومن الشعور بخيبة الأمل, ثم قال بعد فترة صمت:

- - إذن ما العمل " هل أسلم بالأمر الواقع , وأرتضيه؟ هل أترك الإخوان فى لحال الذى وصلوا إليه وأتفرج عليهم ليتهم يعتقلونى ويريجوننى.

- رأى فتحي رضوان نفسه مضطرا لمصارحة المرشد العام بما يشعر به قال :

- أرى رأى العين ما يدبر لك فهم لا يتركونك احتراما لك. وإنما لتتاح لهم فرصة اقتناصك وربما ليصدر عنك عمل. يبرر التخلص منك. أو ليلقوا تبعته عليك.

- ما كاد فتحي رضوان يفرغ من هذا الكلام حتى شعر بالندم الشديد , لأنه لا يعدو أن يكون إنذارا بالموت.

- لم يغضب البنا.. ولم يفزع. بل اكتفى بقوله: حسبى الله ونعم الوكيل. وسأل فتحي رضوان: بماذا تنصحنى؟ - قال: لا تترك منزلك . أو مكانا يمكنك أن تأوى إليه فلا تخرج منه أبدا حتى يقضى الله أمرا كان مفعولا وقد يبدل الله الحال..

- قال لمرشد وكأنه يخاطب نفسه: وهل ينجى هذا الحذر من القدر؟

- أجاب فتحي رضوان على الفور: مطلقا.

- قال: إذن ما الفائدة من.... قاطعه فتحي رضوان قائلا:

- الفائدة فى ألا تشغل نسفك بما لا ينفع ولا جدوى منه وألا تستمع لرسل السلطة الذين يعبثون بنا.رد المرشد العام وكأنه يحدث نفشه:

- ربما كان هذا صحيحا.

- تذكر عبد الرحمن عمار وكيل وزارة الداخلية أنه أثناء عمله مديرا – محافظا لجرجا – سوهاج الآن – كان يعمل معه حكمدار للشرطة أسمه محمود عبد المجيد جمع بينهما الليل الميل للخروج على القانون لأن الحكمدار لا يتورع عن معالجة الجريمة ... بالجريمة! - كان يضرب على " العروسة" – علانية – المتهمين للإعتراف و.... يقتل المجرمين أو ذوى الشبهة..وقال إحصاء أنه بين 18 متهما فى جرجا لف الحكمدار بضبطهم قتل 15 منهم.و... يضع المتهمين فى عربات الكلاب تمر بهم فى شوارع عاصمة المحافظة والمدينة أو القرية , التى ارتكبوا فيها جرائم, أو اتهموا بارتكابها, ليقذفهم الناس وأتباع الحكمدار بالقاذورات والشتائم. ثم يقادون بعد ذلك إلى السجن. و... يضع جثث المتهمين عراة على عربات كارو تدور فى الشوارع وخلفها جنود شرطة ينادون:

- الرطل... بليم!

- وكان يتصور أن وضع اليد على الخارجين على القانون هدف سام يجوز فى سبيل تحقيقه كل مخالفة للقانون.

- وصفه صابر طنطاوى مدير الأمن العام بأنه رجل بلا ضمير... ولا يخاف الله!

- استدعى عمار حكمدار شرطة جرجا العقيد محمود عبد المجيد -55 سنة- وعينه مديرا لإدارة المباحث الجنائية بوزارة الداخلية فى أول أغسطس 1948 أصبح البرنامج اليومى لمحمود عبد المجيد المرور صباحا على منزل عبد الرحمن عمار, وكيل وزارة الداخلية للإنفاق معه على نظام العمل ثم يتوجه بعد ذلك إلى وزارة الداخلية.

- وعند الظهر يتناول الغداء فى مطعم بدعوة من بعض أعيان جرجا والوجه القبلى بصفة عامة.

- وبعد العصر يجلس مع " الأعيان" فى مقهى " لونابارك" أو " الفيشاوى" وبعد المغرب جلسة أخرى مع هؤلاء فى فندق " إيدن" أو مع الصاغ توفيق السعيد. والعقيد محمد إبراهيم من رجل القسم السياسى" مباحث أمن الدولة".

- وبعد اغتيال النقراشى داخل وزارة الداخلية اتخذت احتياطات شديدة للحراسة ووضعت نظم دقيقة لدخول دار الوزارة.... وكلف بالحراسة العقيد محمود عبد المجيد الذى تضخم نفوذه, ومنح صلاحيات واسعة.

- تحرك محموجد عبد المجيد بعد ثلاثة أيام من اغتيال النقراشى ليملأ الإدارة بضباط وجنود الشرطة الذين عملوا معه فى سوهاج.

- ندب اليوزباشى عبده ارمانيوس من الجيزة إلى إدارة المباحث الجنائية فى أول يناير 1949.

- ونقل من جرجا أيضا البكباشى أمين حلمى والرائد حسين كامل وفى اليوم التالى – 2 من يناير

– قرر نقل مخبر الشرطة الأمباشى أحمد حسين جاد – 42سنة – من مباحث جرجا إلى الإدارة على أن ينفذ النقل خلال 24 ساعة.

- وفى 8 من يناير منح صاحب الجلالة العقيد محمود عبد المجيد نوط الواجب الذهبى مكافأة على الجهود التى قام بها .. ولتشجيعه على القيام بأعمال أخرى!

- وفى 21 من يناير نقل من جرجا أيضا المخبر حسين محمدين رضوان ووكيل الباشجاويش محمد سعيد إسماعيل.

- قال محمود عبد المجيد مبررا قراره – فيما بعد – بأن ذلك تم على أساس الاختيار الشخصى فقد اتصل بالمخبرين فى اعمل ويقدر كفايتهم. والجدير بالذكر أنه لم يسبق قبل ذلك, وبعده. أن ندب مخبر من إحدى المديريات – المحافظات للعمل بالقاهرة عدا هؤلاء الثلاثة !

- وكان ندب المخبرين فريدا من نوعه أيضا من حيث الطريقة التى اتبعت فى إصدار الأمر به. والحيطة التى اتخذت لتجنب إيجاد مكاتبات رسمية مثبتة لذلك الأر. فقد استدعى العقيد محمود عبد المجيد المخبرين بأوامر شفوية اصدرها إلى رؤسائهم المحليين!

- ولا حظ الصول محمد البهى شرف – لامكلف بمراقبة حضور المخبرين فى الدفاتر وتوزيع الخدمات عليهم

– وجود المخبرين الثلاثة فى " بوفيه" منعزل قليلا عن مبنى الوزارة...

- ولاحظ أيضا تردد الثلاثة على مكتب لارائد حسين كامل – بادارة المباحث الجنائية – ولما سألأ عنهم قيل له إن العميد محمود عبد المجيد أحضرهم من سوهاج فقام بإثبات حضورهم فى دفتر الإدارة:

- ولما عرف محمود عبد المجيد قرر نقل محمد البهى إلى المنوفية يوم 26 من يناير ونفذ النقل فى اليوم ذاته.

- وأخذ محمود عبد المجيد يردد حينا انهم جاءوا للبحث عن أشقياء جرجا الفارين من وجه العدالة ويقول حينا آخر . أنهم يقومون بحماية عبد الرحمن عمار من أشقياء جرجا لاهاربين إلى القاهرة.

- ونفى عمار أنهم قاموا بحراسته. وثبت من التحقيقات أنهم لم يقبضوا. منذ نقلهم إلى القاهرة على شقى واحد من جرجا.

- استمرت محاولات اغتيال لمرشد العام بعد نقل " عصابة جرجا"!

- تقرر أن يتوجه إلى منزله بعد منتصف الليل الضابطان اليوزباشى عبده ارمانيوس والرائد حسين كامل لإبلاغه أن النيابة أمرت باعتقاله ثم يقومان بدفنه فى حفرة أ‘دت فى الهرم عند طريق الفيوم.

ولكن اللواء أحمد طلعت رفض الموافقة على تنفيذ هذه الخطة.


- ووقف الامباشى أحمد حسين جاد أمام بيت المرشد فى الحلمية لاغتيالهولكن الخفير الخاص للشيخ البنا اشتبه فى أمره فأمسك به واقتاده إلى قسم الدرب الأحمر وهناك أبرز بطاقة الشرطة للمأمور فقال للخفير:

- هذا تاجر مواشى ولا علاقة له بشئ!

- وأفرج عنه.

- وجلس أحمد حسين جاد فى سيارة المقدم محمد وصفى قائد حرس الوزارات فى شارع لامكلة عندما مر المرشد مع مصطفى مرعى وكان مقررا ن يطلق أحمد حسين الرصاص على الشيخ البنا ثم يفر فى سيارة محمد وصفى وكان المقدم عبد الرءوف عاصم واليوزباشى مصطفى علوان مستعدين للتدخل عند الضرورة ولكن الرائد حسين كامل صرخ فى أحمد حسين قائلا:

- امنع يدك.

- فقد خشى أن يجتمع الناس للقبض على القاتل

- قال شمس الدين الشناوى المحامى للشيخ البنا!

- إن بعض شباب السعديين وعلى رأسهم فتحى عمر وكامل الدماطى اجتمعوا فى ناديهم وأقسموا على اغتيالك ثأرا للنقراشى. أريدك أن تحتاط. قال المرشد لعام:

- لقد منعونى حتى من السفر إلى الخارج.

- فى كتابه " كنت جاسوسا على الجواسيس" قال الماجور سانسوم ضابط أمن السفارة البريطاينة.

- قرر رجال البلاط الملكى والحكومة اغتيال البنا بعد مصرع النقراشى ولك يكن هذا قرارا جديدا لقد فكروا فيه منذ تبين لهم استحالة اتخاذ إجراء قضائى ضد المرشد العام.

- وكانت هناك اعتراضات على قرار اغتيال الشيخ البنا فربما يكون ميتا – كشهيد – أخطر منه حيا . ولكن بعد مقتل النقراشى رئى اتخاذ هذه المخاطرة والأرجح أن القرار اتخذ فى القصر لا فى الحكومة

- وكان الجزء الصعب من المهمة إقناع الرأى العام بأن الحكومة بريئة وأن البنا لا يستحق أن يكون شهيدا.

- وقد بدأت الشائعات ضد المرشد العام قبل مصرعه إنه تلقى تهديدا بالقتل إذا فشى سر قاتل النقراشى للسلطت الحكومية".

- ويلتقى البنا يوم 10 من فبراير بالدكتور عزيز فهمى لمراجعة بعض قضايا

- الإخوان . سله ادكتور عزيز:

- هل معك سلاح؟

- أجاب : السلاح أخذوه .. والأخ سجنوه!

- وهكذا اصبح البنا ينتظر الموت. جردته الدولة من سلاحه الذى كان مرخصا له بحمله. وحرمته من الحراسة التى كانت مضروبة عليه فأصبح هدفا يؤمن الوصول إليه. فإن جمعية الشبان المسلمين هى المكان الوحيد الذى يدخله إذا غادر بيته.

- وفى أيامه الأخيرة التقى المرشد العام بدار الشبان المسلمين بالمستشار حسن الهضيبى الذى اختير بعد ذلك مرشدا عاما للجماعة.

- وكان الشيخ البنا يحس بأنه سيموت .. وعلى باب الجمعية أيضا.

حاول محمد الليثي أن يودعه عند الباب وهو ينتظر سيارة تاكسى تقله إلى بيته فقال له لمرشد: أنت ذنبك إيه.. عندك أولاد ومتزوج.. ادخل يا بنى.


وكان الليثى أبا لثلاثة أطفال.

وقبل أربعة أيام من وفاته جلس المرشد العام فى جمعية الشبان المسلمين فالتقى بالشيخ محمد صبرى عابدين أمين سر الهيئة العربية العليا لانقاذ فلسطين سأله:ما رأيك فى هذه الحال .

وماذا تقترح أن أعمل لتفادى هذه المصائب قال محمد صبرى عابدين :

الدعوة فى محنة واختبار وليس لك إلا أن تعتصم بالصبر حتى يأذن الله بالفرج.

واقترح أن تعتكف فى منزلك أوفى مكان آخر.

ومن المؤكد أن المرشد العام كان يعانى أقوى محنة مرت به خلال 21 سنة كانت الجماهير حوله, والقصر ورجال السياسة يتملقونه أو يعارضونه.

وكان يرى مليونى نسمة من الجماعة يضمه الجهاز السرى والجميع مستعدون لافتدائه بأرواحهم. ولكن أين هؤلاء الآن..

لقد آمن بأن الدعوة ستمر بثلاث مراحل : جيل يستمع, وجيل يحارب ثم جيل ينتصر. لقد اختفى المستمعون والمحاربون ولا تبدو علامات ظهور الجيل الذى سينتصر!

الشهيد

فتح بيان الشيخ لابنا بابا إلى حسن التفاهم بين المرشد العام ورئيس الحكومة فأوقف مصطفى مرعى بيع منقولات شعب الجماعة بالمزاد ولكنه رأى استمرار اعتقال الإخوان بعض الوقت.

وطلب من الشيخ البنا أسماء أعضاء الخطرين ومكان الأسلحة ومحطة الإذاعة السرية.

ويلتقى الرجىن مرة أخرى وكان الحديث بينهما فى اتجاهين متوزايين لا يلتقيان.

قال الشيخ ابنا:

الاعتقالات مستمرة بإسراف . وأريد الإفراج عن بعض المعتقلين لأعرف منهم الخطرين وأماكن السلاح. وعد مصطفى مرعى ببحث طلبات الإفراج.

ولكن ... قرر عبد الرحمن السندى – أثناء وجوده فى السجن – أن يقوم الجهاز الخاص بإحراق المستندات التى ضبطت فى سيارة الجيب.

علم المرشد العام بذلك فكلف صلاح شادى بإبلاغ سيد فايز – الذى أصبح قائدا مؤقتا للجهاز – عدم القيام بهذه العملية . ولكن السندى رفض تنفيذ أمر المرشد.

سلم سيد فايز أحد السعاة قنبلة لوضعها داخل محكمة الاستئناف يوم 13 نم يناير 1949. ضبطت القنبلة وانفجرت خارج المحكمة وأصيب 25:

قال أسعد محمود نائب رئيس محكمة النقض وكان وكيلا للنائب العام فى تلك الأيام إن الدكتور جمال عطية كان كاتبا فى النيابة وهو من الجماعة معه اوراق قضية السيارة الجيب ولكنه لم يسلمها للجماعة أو يتلف ورقة فيها حفاظا على سرية العمل .... وقد قبض عليه بعد ذلك فى قضايا الإخوان!

وقال الباقورى:" هذه المحاولة الحمقاء كانت سبب حرج شديد أخذ امرشد لعام منافذ الفكر . وجعل الدنيا على سعتها أضيق فى عينيه من سم الخياط!

أعلن المرشد أمن مسئولية حادث المحكمة تقع على عاتق من قاموا به وليس على عاتق الجماعة. وقال المسئولون فى الجماعة إن المرشد فقد كل سلطان له على قيادة النظام الخاص. قال الفشيخ عمر التلمساني:

" كان السندى يتصرف فى بعض الأحيان تصرفات لا يقرها الأستاذ لبنا وبلغت به القوة إلى حد أنه يضع نفسه فى مستوى قائد الجماعة.

لقد أغرته القوة وأغواه الشيطان. ولم يرض رئيس الجماعة عن ذلك ووقع الخلاف بينهما. وأى إنسان فى أية جماعة ينمو وتزداد قوته يوما بعد يوما . وقد لا يدرك خطره إلا بعد أن يصل أمره إلى منتهاه. وهو ما حدث , وقد فصل السندى من الجماعة فى عهد الهضيبى".


وعلى أية حال فإن الحادث أغلق باب التفاهم وفتح بابا للشر والفتنة ووصف صالح حرب المرشد العام فقال إنه – بعد حادث المحكمة – كان فى حالة تأثر شديد.

وقال الشيخ البنا لصالح حرب:

ماذا أفعل . أأنتحر. كيف أصدر بيانا بالأمس أستنكر فيه هذه الأعمال فيجئ الولد المتهم – شفيق إبراهيم أنس – ويعمل ذلك ماذا يقولون؟

ويتوسط صالح حرب لعقد اجتماع ثالث بين مصطفى مرعى والمرشد العام. ويجد الوزير من الأفضل أن يتم اللقاء على انفراد فى بيته دون حضور صالح حرب.ابدى البنا أسفه لحادث المحكمة وقال: خرج الأمر من يدى وهذا الحادث يعتبر من باب التحدى لى وإرهاب الحكومة ... وكرر طلبه بالإفراج عن المعتقلين. رد مصطفى مرعى بحدة: معتقلين أيه.. بقى بعد الحادثة دى حد يقدر يتكلم فى حاجة؟ قال الشيخ حسن : المعتقلين ذنبهم إيه ما دام مجنون عمل كدا. قال مصطفى مرعى:

هذا دليل على أن كل الخطرين لم يعتقلوا بعد والسلاح لا يزال موافرا لديهم واريد أن ترشدنى إليهم وفى وسع الحكومة حمايتك.

وعد الشيخ بإجراء اتصالات ثم عاد ليجتمع – مرة رابعة – بالوزير الذى طلب منه معلوماته الشخصية عن الخطرين والسلاح والإذاعة ثم يفرج عن المعتقلين بعد ذلك ولكن السفارة الأمريكية أكدت أنه لا توجد إذاعة سرية!طلب الشيخ البنا الإفراج أولا ليعرف من المعتقلين كل الأسرار ! ووعد بتهدئة الحالة. قال : بعد الإفراج عن المعتقلين سأكون مسئول عما يحصل.

وجد مصطفى مرعى – بعد أربعة أجتماعات – أن الشيخ لم يكشف سر أحد من رجاله رغم اغتيال النقراشى ومحاولة نسف المحكمة افستئناف وضبط أسلحة كثيرة.. ورفغم الإعتقالات الواسعة لأعضاء الجماعة أيضا.

وتتدخل عبد الرحمن عمار وكيل وزارة الداخلية لوقف هذه الاتصالات قال لمصطفى مرعى:يشيع الشيخ البنا أن هدف هذه الإجتماعات أن تكون الحكومة تفكر فى العدول عن قرار حل الجماعة.

وتتوقف الاتصالات بين المرشد والوزير بعد آخر اجتماع بينهما فى 4 من فبراير ولكن المرشد العام يحاول استئناف مساعيه للإفراج عن المعتقلين .

كتب إلى إبراهيم عبد الهادى يقول:

" تفضلتم دولتكم فسمحتم لمصطفى مرعى أن يتقبل اتصالى بمعاليه ولازلت أرجو أن تتفضلوا دولتكم بإقناع معالى مصطفى مرعى بمعادوة السير فى الطريق الموفق الذى بدأه حتى نصل بإذن الله إلى غايتنا" ولكن رئيس الوزراء لا يرد.

وفسر مرعة جهده فى الوساطة فقال:

كنت السفير الداعى إلى الهوادة والرفق والمطالب بحرية الإخوان.قال محمد الليثي : " كان كل يرجوه المرشد العام فى تلك الأيام الإفراج عن المعتقلين ومنع تعذيبهم. وكانت دموعه تنهمر وهو يتحدث عنهم. وكان يحس بغلظة المسئولين فى اسلوب تعاملهم معه وتهربهم من لقائه.

زار المرشد العام مكرم عبيد باشا رئيس حزب الكتلة وجرى بين الاثنين حديث عن الانفجارات والعمليات التى قام بها بعض شباب الإخوان.

أخرج الشيخ البنا مصحفا من جيبه وأقسم عليه أنه لا يعرف شيئا عن هذه الحوادث .. وأن من يؤتكب حوادث إجرامية كتلك هو رجل لا دين له فإن الأديان جميعها تحرم القتل ووسفك الدماء. أجابه مكرم عبيد بأنه يثق فى ضمير المرشد العام وبراءة يده وإيمانه بالله ولكن مكرم عبيد كان خارج الوزارة وحزبه لا يشترك فيها!

تضاعفت مؤامرات الأجهزة الحكومية ضد الشيخ.

بعث اللواء أحمد طلعت 3 مذكرات إلى وزارة الداخلية يقول فيها يدبر البنا اجتماعا خطيرا ولابد من اتخاذ إجراءات.

قطعت لمفاوضات بين الحكومة والمرشد العام الذى يستعد للسفر خارج القاهرة.

جرت مكالمة تليفونية بين الشيخ البنا وأحد الأشخاص تدل على أن فى نية النبا اغتيال ثلاثة من كبار رجال الحكومة .

ولم يفطن الحكمدار إلى أن تليفون منزل البنا قطعت عنه الحرارة ... ومن غير المعقول ا، تكون الرقابة قد وضعت على كل تليفونات جمعية الشبان المسلمين التى يتكلم منها البنا.. بفرض أن تقرير الحكمدار صادق عن مضمون المكالمة!

ويلتقى الملك خطابات تهديد بالقتل من الإخوان المسلمين .. وقد يكون أعضاء الجماعة هم الذين بعثوا بهذه الخطابات أو تكون أجهزة الأمن لحكومية فعلت ذلك لزيادة الضغط على صاحب الجلالة!

راى الشيخ البنا أن يوسط وزيرا آخر يعرفه هو محمد زكى على باشا وزير الدولة – الذى يمثل الحزب الوطني فى الوزارة – فاجتمع به فى منزله , وفى جمعية الشبان المسلمين.

قال زكى على باشا:

الحكومة معذورة فيما تتخذ من إجراءات للمحافظة على أموال الناس وأرواحهم من بعض الشبان المنتمين للجماعة.

قال المرشد العام:

هم من طائفة من لاشبان يعملون لحسابهم من غير أن أشير عليهم بشئ وقال :

إنى مراقب ولا أتمتع بحريتى وعلى إستعداد لمغادرة مصر إذا رغبت الحكومة وأضاف الشيخ: أحب أن تكلم رئيس الوزراء فيما يتعلق بالإخوان حاول وزير الدولة أن يتخلص من مهمة الوساطة بعد فشل مصطفى مرعى ولمناخ العدواة السائد فىمجلس الوزراء ضد الجماعة ومرشدها العام.

قال:

لست مختصا.

قال الشيخ:

أنا مضطهد وكل مكتب الإرشاد معتقل ولا يوجد ما يدعو لاعتقاله رأى زكى على باشا تحت إلحاح المرشد العام أن يتوسط. اتصل بإبراهيم عبد الهادى قال له:

- إذا كان المرشد العام حسن النية يذكر لنا أسماء الأشخاص الذين يشك فى وجود أسلحة لديهم, ويرشد عن محطة الإذاعة السرية التى تذيع فى السابعة صباحا كل يوم.

- أبلغ الوزير الشيخ البنا بذلك فردد جوابه التقليدى. لا أعرف شيئاعن محطة الإذاعة. وللإخوان شعب كثيرة . وأريد الاتصال بالمعتقلين للتفاهم معهم ومعرفة أسرارهم.

- عاود زكى على الإتصال برئيس الوزراء الذى رفض الإفراج عن أعضاء مكتب الإرشاد.

- واتصل الوزير بعبد الرحمن عمار الذى طلب إقرار من الشيخ يدعو فيه أنصاره ومؤيديه إلى محاربة كل من يخرج عن القانون.

- قال الشيخ:

- كتبت بيانا تحت عنوان " ليسوا إخوانا وليسوا مسلمين" سلمته إلى محمد الناغى وهو عضو مؤسس لجمعية الشبان المسلمين وسكرتير مجلس إدارتها.

ويعود الوزير يعرض الأمر مرة أخرى على رئيس الوزراء الذى طلب أن يحدد الشيخ البنا هؤلاء المعتقلين , غير الخطرين , فقدم المرشد العام أربع قوائم... وطلب عدم نقل أصحابها من معتقل " هاكستيب" القريب من القاهرة إلى الطور كما قررت الحكومة.

راجعت وزارة الداخلية القوائم واستبقت الأسماء المندوبة فى قائمتين فقط ونقلت الباقين إلى الطور! ويلتقى زكى على باشا بالشيخ البنا فى صلاة الجمعة ويطلب منه العمل من جانبه على تهدئة الحالة والتخلص من العناصر الخطرة.

أجاب الشيخ : ينبغى تحسين حالة المعتقلين من الموظفين والعمال ماديا حتى لا يعتبر اعتقالهم إجراء انتقاميا.

وعد الوزير بذلك بذلك وطلب من محمد الناغى أن يتحدث إلى رئيس الوزراء فى هذا الشأن. ومحمد الناغى مولود بالزرقاء مركز فارسكور – بلدة إبراهيم عبد الهادى – ويميت إليه بصلة بقرابة – ابن خالة رئيس لاوزراء – وصلته بالشيخ البنا قديمة ترجع إلى عشرين عاما . قال زكى باشا للناغى:

الشيخ البنا على استعداد للإرشاد عن أماكن الأسلحة والمفرقعات ومحطة الإذاعة السرية إذا عاونته الحكومة فى الإفراج عن المعتقلين الذين لاغبار عليهم.

قال محمد الناغى : هل تأذن لى ابلاغ ذلك لرئيس الوزراء؟

لم يمانع زكى على فتوجه الناغى غلأى بيت رئيس الوزراء فى التاسعة من صباح السبت 12 من فبراير . وابلغه بذلك فوافق الوزراء على أن يقابل الشيخ البنا أعضاء مجلس الإرشاد يوم الإثنين 14 من فبراير ... أى بعد 48 ساعة.

عاد الناغى إلى جمعية الشبان المسلمين فى الواحدة بعد الظهر ليقول لمحمد الليثي سكرتير قسم الشباب بالجمعية.

أريد مقابلة الشيخ البنا

أجاب الليثى: ليس عنده تليفون . أرسل أحدا من السعاة لاستدعاائه. هذه مسألة هامة جدا. اذهب أنت غليه . اعتذر الناغى وأصر على أن يقوم الليثى بالمهمة. يمكننى الذهاب ولكنى أخشى القبض علىّ

قل لرجال الشرطة إنك قادم من طرفى...

يقصد بذلك أن الشرطة تعرف لإبراهيم عبد الهادى باشازأضاف الناغى:

نريد إنهاء موضوع الشيخ حسن. والأمر فى يده الآن. وان أخلع ملابسى إلا بعد أن تخبرنى بالنتيجة. غوجئ الشيخ برؤية الليثى فى بيته. وكان يجلس إلى " طبلية" ليتناول الطعام الغداء. قال المرشد العام فى دهشة:

ما الخبر؟ يبدو أن هناك أخبارا سارة لدى الأستاذ المراغى ويريد حضورك ويريد حضورك لإبلاغك بها . قال البنا: اية أخبار سارة تلقيت الآن أن الشيخ النبراوى الذى فكرت فى الإقامة عنده أعتقل أمس.. وقد اخترته لأنه فى الثمانين من عمره حتى لا يفكروا فى أنى أدبر أمرا معه.

رفض المرشد العام الحضور فقد وجد أمامه مؤامرة جديدة وأحس بأ، الحكومة غير جادة فى الوصول إلى حل. ألح الليثى : تعلق الشيخ بشعاع الأمل فيما يمكن من جهد فى سبيل المعتقلين قال خلاص ياسيدى . نروح.

وسرح قليلا ثم اضاف: لتكن آخر مرحلة.

وبدا على الشيخ البنا اليأس وهو يعلن موافقته على أن يكون فى مقر الجمعية فى الموعد المحدد : الخامسة مساءا.

وأبلغ الليثى ... محمد الناغى بذلك.قال البنا لزملائه كما لو كان يتنبأ" إن عدم قيام الحكومة باعتقاله دليل رسمى على نية الحكومة قتله".

قال للشيخ الباقورى : إنى سأختفى !ّ سأله :

مذاتقصد فإنى لا افهم ؟ أجاب:

قد أغيب غيبة طويلة. ومن يدرى فلعلنا لا نجتمع بعد ذلك واستدرك الشيخ البنا قائلا:

رأيت فى ليلة واحدة رؤيا تكررت مرتين قبل الفجر . وكنت ى كل مرة أقوم من النوم وأستعيذ بالله من الشيطان الرجيم . ولكنى رأيتها مرة ثالثة فى الليلة نفسها فلم اشك فى أنها رؤيا حق.

رأيت أنى أمسك بزمام ناقة يركبها أبو بكر الصديق _ رضى الله عنه – ثم إذا بيد تمتد إلى زمام الناقة فتأخذه من يدى فعلمت أن مهمتى قد انتهت . وأنى لابد أن أغيب.

وردد الشيخ البنا هذه الرؤيا لمحمد الليثي وقال له: رأيت أبو بكر الصديق يقول لى إنك ستقتل اليوم.

جاءت الساعة!

طب الشيخ البنا من صهره . عبد الكريم منصور المحامى أن يصحبه إلى جمعية الشبان المسلمين. عارض عبد الكريم لمرضه.وأخذ أولاد الشيخ يبكون ويطلبون إليه عدم الذهاب وكأنهم يتوقعون شرا وقال والده

– 65 سنة- المأذون الشرعى لقسم الدرب الأحمر: لا تخرج فليس معك سلاح.

رد قائلا: الأعمار بيد الله

وأصر على الخروج قائلا:

هذه رسالة أؤديها.

ومرة أخرى نصحه عبد الكريم منصور بعدم الذهاب فأصر الشيخ قائلا ساخرج وحدى.

تحامل عبد الكريم على نفسه. وخرجا معا ليلاحظ المحامى أن شخصا يقف بدراجة أمام البيت ثم ينطلق بها عندما لمحهما. لفت نظر الشيخ الذى طلب عدم الإهتمام بهذا الأمر.

مشيا معا حتى ميدان الحلمية الجديدة فوجدا سيارة تاكسى بها مخبر فرفض عبد الكريم ركوبها.

انطلقت بهما سيارة تاكسى أخرى فلاحظ المحامى أن سيارة تتبعهما حتى باب جمعية الشبان المسلمين... وبها بعض المخبرين . أبدى شكه ولكن البنا أخذ يطمئنه قائلا: لابد أنها إحدى سيارات الشرطة التى تراقبنا! ظهر الضيق على وجه الناغى عندما تأخر المرشد العام دقائق عن موعده .

فلما جاء جلسا معا فى مكتب الناغى الذى يقع فى الدور الأول من مبنى الجمعية ويمكن للمارة فى الطريق أو أى مراقب أن يشاهد كل ما يجرى داخل المكتب وتحركات الجالسين فيه... ويراهما وهما ينصرفان.

عرض الناغى على المرشد العام ما قاله رئيس الوزراء فكان تعليق الشيخ البنا: أنت رجل طيب تسمع وتصدق. من أين آتى لهم بالأشياء المطلوبة وأنا مكتوف الأيدى وجميع إخوانى وأنصارى معتقلون ولا أستطيع الإرشاد عن محطة الإذاعة السرية , ولا أجمع السلاح ولا أعرف مكانه . وكنت أريد أن أعرف ذلك من رجال الجمعية المعتقلين. وما داموا معتقلين فكيف أرشد عن هذه الأشياء؟

قال الناغى: فهمت أمس – الجمعة – من زكى على باشا أنكل على استعداد لتسليم ذلك بدون شروط. وكيف أجدها إلا بعد الإفراج عنهم.

رغب الناغى فى الاتصال بزكى على باشا لمعرفة ما تم فى أمر القوائم التى طلب الشيخ البنا الإفراج عنها ولإبلاغه الموقف خاصة أن المرشد العام يضع الإفراج شرطا لتقديم المعلومات أو وسيلة لجمع المعلومات.

لم يجد الوزير فى منزله فبقى الناغى والمرشد العام فى الإنتظار . وأديا صلاتى المغرب والعشاء معا ثم جلسا فى مكتب الناغى يتحدثان فى شئون الإخوان.

كان الحديث بين الرجلين – كما قال الشيخ لليثى بعد ذلك – معادا لا جديد فيه... فالحكومة تطلب أسماء حائزى السلاح ومكان الإذاعة السرية بينما يصر الشيخ على أنه لا يعرف شيئا ولابد من الإفراج أولا عن بعض المعتقلين للصحول على المعلومات المطلوبة.

عاود الناغى الاتصال بزكى على باشا فلم يجده.

قال الشيخ :

أنت تعلم أنى فى الستين وصحتى لا تحتمل السهر. ولن يعود الباشا إلى بيته قبل التاسعة والنصف.

فأرجوا أن تأذن لى بالإنصراف, على أن نلتقى صباح غد:وكان غريبا أن يصر الناغى على الإنصراف حوالى الثامنة مساء ولا ينتظر تسعين دقيقة أخرى لحل مشكلة ضخمة تتعلق بتسليم السلاح , ومحطة الإذاعة السرية .

والإفراج عن بعض معتقلى الإخوان وهى أمور تحدث فيها إلى رئيس الوزراء! غادر الناغى الجمعية عائدا إلى بيته واستعد الشيخ البنا للانصراف فلم تكن هناك أخبار سارة لدى الناغى, ولم يكن هناك ما يدعو للإحاج على الشيخ بالحضور إلا أن يكون رئيس الوزراء – أو أحد آخر – قد أصر على استدعاء المرشد العام إلى دار الجمعية!


ولم يشك الشيخ البنا, أو صهره عبد الكريم منصور فى الناغى , وظل عبد الكريم منصور مؤمنا بأن الناغى لا يدبر جريمة وأنه رجل برئ , وربما يكون قد كتم عن المرشد العام بعض أقوال رئيس الوزراء...

وكان كل ما حمله الليثى والناغى إلى المرشد العام فى ذلك المساء... دعوة للموت!

أصر عبد ارمانيوس على ان يحتسى المخبر أحمد حسين الخمر بعد ظهر السبت 12 من فبراير 1949. ولم يسبق لعبده امانيوس أن وجه مثل هذه الدعوة إلى المخبر... ولكن التفسير الوحيد رغبة الضابط فى تشجيع المخبر ليقوم بمهمة خاصة, أو أن يفقد الوعى السليم فيقوم بالمهمة الخاصة! فى الثامنة إلا ربعا من مساء السبت 12 من فبراير طلب العقيد محمود عبد المجيد من سائق سيارته محمد محفوظ – 38 سنة- أن يتجه إلى شارع عبد الخالق ثروت فى الثامنة مساء وأن ينتظر بالسيارة عند نادى نقابة الصحفيين قرب جمعية الشبان المسلمين ويجعل مقدمتها متجه غلى شارع عبد الخالق ثروت. قال له: إذا جاء اثنان يرتديان الملابس البلدية وركبا السيارة فأحضرهما إلى فى فندق إيدن.

وقد اضطر محمود عبد المجيد إلى إستعمال سيارته وكان مقررا أن يتولى المقدم محمد وصفى قائد حرس الوزارات قيادة سيارته الحكومية الخاصة للفرار بالمجرمين ولكن تعطلت سيارة وصفى فى اللحظة الأخيرة. وهكذا تدخل القدر مرة أخرى للاستدلال عن المجرمين.

شاءت المصادفات أن يمر الصول محمد زكى من إدارة المباحث الجنائية أمام مبنى جمعية الشبان المسلمين يوم 11 من فبراير فشاهد الأومباشى أحمد حسين جاد يقف أمام مبنى الجمعية!

ولم يكن محمد زكى يعرف أن أحمد حسين جاد يعاين جغرافية المكان!

طلب عبد الكريم منصور من صالح عوض ساعى جمعية الشبان المسلمين إحضار سيارة أجرة" تاكسى" فخرج إلى الشارع. مرت سيارة تاكسى نادى عليها فلم يسمع السائق.

نادى على سيارة أخرى فوقفت. سأله السائق: من سيستقل السيارة ؟ أجاب : فضيلة المرشد.

ولم يبلغ الساعى صالح عوض المرشد العام أو صهره بهذا السؤال , غير العادى لسائق التاكس . واكتفى الساعى بإبلاغ عبد الكريم منصور بوصول السيارة فنزل مع المرشد, وودعهما محمد الليثي حتى الباب. لاحظ عبد الكريم منصور أن الحركة فى شارع الملكة نازلى هادئة على غي العادة والأنوار ضئيلة رغم أنه طريق لا تهدأ فيه حركة المرور.

التفت إلى الشيخ يسأله: فى أى وقت نحن الآن؟ الثامنة مساء. مستحيل ... نحن فى آخر الليل! كيف؟

ألا ترى ضجة الطريق قد همدت؟ إنك تعلق على كل شئ يا أستاذ عبد الكريم. دق جرس التليفون فى مبنى الجمعية فى تلك اللحظة بالذات طلب المتحدث محمد الليثي. أسرع خفير الجمعية يناديه فدخل المبنى وبقى المرشد العام وصهره عبد الكريم دون أن يكون فى وداعهما أحد.

وجد عبد الكريم منصور ثلاثة رجال يقفون على ناصية الشارع بينهم " الشرطى الذى فتشهم بعناية واستفزاز فى مجلس الدولة عندما حاول دخول المجلس يومم نظر قضية حل الإخوان. أصر الشيخ البنا على أن يبدأ عبد الكريم بدخول السيارة ثم تبعه.

ومن جديد لاحظ عبد الكريم أن التاكسى لم يتحرك فور ركوبهما. ولكنه لم يتكلم هذه المرة فقد وجد أن شكوكه كثيرة كما أن الوقت لم يتسع ليقول شيئا.

أدار سائق التاكسى على محمود نفادى مفتاح البنزين. وقبل أن يحدد الشيخ البنا وجهته تقدم رجل يرتدى الملابس البلدية ويضع شالا حول عنقه ويبدو ملثما لإخفاء شخصيته.فتح الرجل باب السيارة من الجهة التى يجلس فيها المرشد العام وأخذ يطلق عليه النار. نام المرشد فى أرض السيارة مخفيا رأسه بيديه لتفادى الطلقات المتتالية . ففتح الرجل الباب وأخذ يطلق الرصاص مرة أخرى على اشليخ البنا.

وجاء رجل آخر يلبس جلابية بيضاء وبالطو " وتلفيعة" فوق رأسه من ناحية عبد الكريم منصور الذى حاول فتح الباب فقاومه الرجل ليمنعه من الخروج . هشم المعتدى زجاج السيارة وطالت المقاومة بينه من الخارج ., وعبد لكريم منصور من الداخل ثم بدأ الرجل يطلق الرصاص على السيارة وعلى عبد الكريم. سمع السائق طلقات الأعيرة النارية ورأى الرجل الملثم يضرب زجاج السيارة فيتحطم.


أوقف محمود نفادى السيارة واستقر – من خوفه – فى " الدواسة" وأصابته حالة إعياء شديدة. ولم يدر بما يجرى حوله,

ظن أنه مصاب ... وصوت يقول:

لا إله إلا الله. سمع الطلقات أصحاب المحال التجارية فى الشرع فأغلقوا محالهم واحتمى المارة بلمقهى المجاور. أسرع الليثى على صوت الطلقات إلى الشارع دون أن يجيب التليفون وأخذ يصرخ:

امسك ... امسك.

أطلق عليه أحد الرجلين عيارات ناريا ثم تبعه بآخر فأسرع الليثى يدخل مبنى الجمعية مرة آخر بينم ارتفع صوت رجل يقول:

حوش .... حلق.

رأى الليثى شخصا آخر يلاحق الجانى فظن أنه يطارده.

وكتن محمد محفوظ سائق العقيد محمد عبد المجيد يقف بسيارته السوداء فى المكان القريب المحدد فجاء أحمد حسين جاد وشخص آخر يدعى مصطفى فاستقلا السيارة ورآها محمد الليثي تسرع بهما بعيدا عن المنطقة كلها.

بعد صدمة الطلقات الأولى تجمع لناس فوقف الضابطان حسين كامل وعبده أرمانيوس يصرخان: قنابل... قنابل.

تفرق المحتشدون.

وفى الوقت نفسه جلس على مقهى بلدى أمام جمعية الشبان المسلمين الجاويش محمد سعيد إسماعيل والمباشى حسين محمدين رضوان بملابسهما الرسمية ليتسلما القاتلين بوصفهما من رجال الشرطة إذا قبض على الجمهور عليهما ويطلقا سراحهما بعد ذلك. أسرع الليثى إلى التليفون ليجد السماعة مرفوعة رد على المتحدث فغذا به المقدم محمد الجزار.

قال الليثى بتاثير المفاجأة: الشيخ حسن اصيب بالرصاص.

لم تهز المفاجأة ضابط القسم السياسى ولم يسأل من هو الشيخ حسن, ولم يبد دهشته بل جاء سؤاله صدمة الليثى. نطق الجزار بكلمة واحدة: مات؟

امتعض الليثى . قال  : لا أعرف.

وألقى بسماعة التليفون.... رغم الرقابة البوليسية الكثيفة التى تحيط بالشيخ البنا فغن صوت الأعيرة المتلاحقة لم يحرك نظر أحد من رجال الشرطة الذين يراقبون المرشد العام مراقبة دقيقة. ولم يظهر أحد من رجال الشرطة المعنيين عند الجمعية الشبان المسلممين أو مصلحة المجارى القريبة. ولم يقبل شرطى واحد مستفسرا أو تلبية للإستغاثة.

ولاحظ زكى عبد التواب عضو جمعية الشبان المسلمين وقوف ثلاثة جنود لا يتحركون عن مصلحة المجارى القريبة فقال لهم:

يبقى فيه ضرب رصاص وماتتحركوش.

قال أحدهم: هو فين الجانى واحنا نجرى وراه. وأضاف : ياشيخ روح على بيتكم!

لم يكد صوت الرصاص يتوقف حتى اندفع الشيخ البنا خارج السيارة وكأنه فى كامل صحته وعافيته يتعقب الجناة ولكنهم فروا هاربين فعاد إلى مبنى الجمعية وهو يصيح:

- قتلت .. قتلت... هاتوا الإسعاف.

- وحاول الوصول إلى التليفون ولكن قواه خانته. فعاد إلى السيارة بعد أن تركت دماؤه آثارها على مكان الخطوات التى قطعها فى الطريق وداخل الجمعية.

جلس الشيخ فى السيارة بجوار صهره الذى لم يستطع الحركة بسبب غصابته .

صرخ عبد الكريم . أين السائق؟ قيل له :

اصيب!

طلب شخصا آخر يقود السيارة ولكن السائق لم يكن قد اصيب بل راح فى غيبوبة مؤقتة فلما أفاق قاد السيارة إلى جمعية الإسعاف القريبة

قال الشيخ البنا عقب وصوله للإسعاف : الحقنى يادكور.

وأضاف:

مفيش فايدة أنا حا أموت.

ورغم ذلك ظل البنا متماسكا لقواه يساعد الطبيب فى رفع ثيابه الخارجية للكشف عن موضع الجراح. وجده طبيب الإسعاف الدكتور محمد طلعت طه فى حالة سيئة والدماء تنزف منه بغزارة. فضمد جراحه لوقف النزيف بينما نطق الشيخ بالشهادتين قائلا: إن الله حق !

استقل الليثى سيارة الإسعاف إلى القصر العينى مع المرشد العام وصهره ومتطوع من الإسعاف اسمه مصطفى محمد مصطفى.

أثناء الطريق إلى المستشفى كان المرشد العام يواسى صهره الذى يصرخ ألما قائلا: لا تخف إصابتى بسيطة.

أراد عبد القوى محمد عمارة كاتب الإستقبال فى القصر العينى قيد أسماء المصابين فلما عرفه عبد الكريم شخصية المرشد العام للإخوان سمح لهما بالدخول فورا إلى حجرة العمليات.

بحثوا عن الطبيب المنوب فى قسم الجراحة وهو الدكتور على السباعى حسنين فى داره ولكن تبين أنه يوجد فى مقهى بمصر الجديدة

ارسلت إدارة المستشفى فى طلبه فلما جاء أخذ فى علاج المرشد العام بمساعدة ممرضة عثروا عليها أخيرا إسمها منى جمعة.

طلب المرشد العام البدء بصهره الذى نقل إلى غرفة أخرى . وكان الشيخ البنا فى حالة معنوية قوية. لم يبد عليه وهن أو ضعف مما يشير إلى أن حالته ليست خطيرة وعلاجه ممكن وميسور. تبين أن المرشد العام اصيب بسبع عيارات نارية بينما أصيب عبد الكريم برصاصتين ولكن حالته خطيرة فلما سألأه الطبيب عن عنوانه لم يستطع الإجابة استدعى طبيبان كبيران هم الدكتور عبد الله الكاتب والدكتور محمد حسنى الزينى للإشتراك فى علاج الشيخ وإجراء عملية جراحية له. ولكن عندما جاء رئيس النيابة لسؤاله رأ÷ فى حالة صحية سيئة ولا يمكن استجوابه.

ابلغ رئيس الحركة لجمعية الإسعاف قسم الشرطة الأزبكية بالحادث فى التاسعة إلا ربعا قائلا: سائق لتاكسى يريد الهرب.

طلب الرائد عمر هلال مأمور القسم الإمساك به ومنعه من الفرار. وتبين – بعد ذلك – أن السائق " بلديات " محمود عبد المجيد .. وقد باع السيارة بعد الجريمة مبررا ذلك بتشاؤمه منها!

وكان عمر هلال أول ما انتقل إلى مقر الجمعية من رجال الشرطة. عاين التاكسى فوجد أن عداده سجل 16 قرشا. ولا يزال العداد يعمل ! ووجد بأرض السيارة مسبحة الشيخ البنا من 99 حبة! وصل إلى مقر الجمعية رجل يرتدى الملابس المدنية يسأل فى لهفة : أين ذهب الشيخ البنا: قيل له: القصر العينى . انصرف الرجل فورا..

وشاهد الليثى خارج غرفة العمليات, ذلك الرجل وهو يقول للأطباء جئت من قبل الحمكدار للإستفسار عن حالة الشيخ البنا. وحاول دخول الحجرة فمنعه الأطباء مما اضطره للبقاء خارجها.

أبلغه الليثى برقم السيارة التى استخدمها الجناة فى الهرب. نظر إليه الرجل بسخرية وانصرف دون أن ينطق بحرف.

وكان الليثى يظن أنه بإبلاغ أحد المسئولين بهذا لرقم سيساعد على كشف حقيقة ويعجل بالوصول إلى القتلة.

ولم يدرك – حينئذ – أنه يواجه أفراد عصابة التى دبرت قتل الشيخ البنا! لم يكن يعرف أ،ه يتحدث إلى المقدم محمد وصفى قائد حرس الوزارات وأنه, بذكر رقم السيارة أمامه, هز أركان المؤامرة وألقى الرعب فى قلوب المتآمرين.

وكان كل ما يسعى إليه الليثى أن يعرف المسئولون رقم السيارة ليعجلوا الوصول إلى القتلة. ولكن وصفى دخل حجرة التعليمات بدعوى معرفة حالة الشيخ البنا وأسرع يبلغ رقم السيارة لعبد الرحمن عمار وكيل وزارة الداخلية!

فى الثانية عشرة والربع بعد منتصف الليل , مساء 12 من فبراير 1949 مات لمرشد لاعام رغم أنه كان فى حالة طيبة عند دخول المستشفى.


قال الأطباء إنه توفى متأثرا بجراحه. وقال محمد الليثي إن الشيخ البنا قتل فى القصر العينى. وقال عبد الكريم منصور إن إدارة المستشفى أهملت فى اتخاذ ما يلزم لانقاذ الجريح.

وقال الإخوان إن الدكتور حجاب مدير مستشفى القصر العينى ساعد على ذلك فهو زوج شقيقة الدكتور يوسف رشاد.ولكن أحدا لم يسأل الدكتور حجاب , أو يحقق معه! وقال محمد وصفى للماجور سانسوم ضابط أمن السفارة البريطانية:

ساعة نقل الشيخ البنا إلى المستشفى لم تكن بها, فى النوباتجيات أية ممرضة وكان كل الممرضين من الرجال. ويوجد دائما طبيب نوباتجى يمكن استدعاؤه لإسعاف الحالات العاجلة ولكنه لم يكن بالمستشفى فى تلك اللحظة.

وعندما وصل الشيخ البنا إلى القصر العين كانت دماؤه قد نزفت حتى أوشك على الموت.

وقال محمد حسن الأمين الخاص للملك فاروق فى التحقيقات التى جرت بعد الثورة:

سمعت محمد وصفى وهو يتحدث إلى أحمد كامل قائد شرطة القصر الملكى ويقول له" بعد إصابة البنا رحت المستشفى لأخلص عليه إذا كان حيا:

وقال الشيخ عمر التلمساني إن البنا قتل بالرصاص وبغير الرصاص وأن الملك أمر بأن يترك فى المستشفى بلا علاج, ليموت, وإن صاحب الجلالة ذهب إلى المستشفى ليراه قتيلا!نقل الجثمان إلى مشرحة زينهم حيث قام يتشريحه الأطباء الشرعيون الدكاترة محمد توفيق وأحمد شكيب وأحمد حسين سامى وكيل وزارة العدل المساعد للطيب الشرعى.

وجد الأطباء أن الجسد اخترقته 7 أعيرة نارية وأن الوفاة حدثت نتيجة النزيف من 4 أعيرة.

وفى التحقيقات التى جرت بعد الثورة قال الدكتور يوسف رشاد الذى يعمل كبيرا لأطباء اليخوت الملكية منذ عام 1941.

- سمعت من زميلى الدكتور أحمد شكيب الطبيب الشرعى الذى أجرى الصفة التشريحية للجثمان أن البنا ترك ليموت بالنزيف من شريان وكان يمكن إنقاذ حياة البنا بمبضع بسيط لو أنقذ, واسعف, فى حينه!

الزيف

أطل زكى عبد التواب الكاتب بإدارة المباحث الجنائية بوزارة الداخلية وعضو جمعية الشبان المسلمين من نافذة الجمعية بعد سماعه صوت الطلقات التى أطلقت على الشيخ البنا فرأى أحد المخبرين الثلاثة المنتدبين بالإدارة يقف بجوار سيارة تاكسى!وراى الليثى الجناة يهربون فى سيارة ليموزين سوداء كبيرة ولكنه لم يستطع التقاط رقمها.

وفى عيادة جمعية الإسعاف تقدم شباب أسمر يرتدى جلبابا وطربوشا إلى محمد الليثي وذكر له رقم السيارة وهو:"9979 ملاكى القاهرة.

قال الليثى للولد الأسمر : تعالى اشهد معنا.

قال : ماليش دعوة . أنا بأقولك الرقم . عاوز تأخذه خده. مش عايز أنت حر . ويرى الليثى أن هذا أفضل عمل قام به الشاب وهو الاختفاء لأنه كان يمكن أن ينفى أمام لمحقق أنه رأى رقم السيارة أو يغير هذا الرقم.

كتب الليثى الرقم على علبة سجاير وجدها على الأرض.

ورأى كل من زكى عبد التواب ومحمد عثمان ومحمود جبر من موظفى الشبان السمر يصيح برقم السيارة ولنهم امتنعوا عن ذكر هذه الحقيقة.

كما خاف زكى عبد التواب أن يذكر رؤيته للمخبر أمام التاكسى ساعة وقوع الجريمة... ولم يتكلم إلا بعد قيام ثورة يوليو وعندئذ تقدم الجميع للشهادة!

بعد وفاة المرشد العام عاد الليثى  إلى مقر الجمعية الشبان المسلمين فى انتظار التحقيق فوجد الجمعية محاصرة بالشرطة.

أخذ يروى التفصيلات.

وردد رقم السيارة لكل من قابله من أعضاء الجمعية ورجال الشرطة والصحافة.

وجاءه الضابط مصطفى حلمى يستدعيه إلى التليفون فسمع الرائد محمد الجزار – 36 سنة ضابط مباحث أمن الدولة الذى أخذ يسدى إليه النصح بألا يذكر رقم السيارة ولا يزج بنفسه فى الشهادة التى تؤدى به إلى متاعب كثيرة . وكان واضحا أن كل ما قاله الليثى عن رقم السيارة سواء لمحمد وصفى أو داخل مبنى الشبان المسلمين قد نقل غلأى الجزار. قال له:

سأرسل عربة تعيدك إلى بيتك. ولكن الليثى رفض وأنهى الحديث

وجاء ضابط يستدعى الليثى مرة أخرة لمقابلة شخص خارج الجمعية ولم يكن هذا الشخص سوى محمد الجزار نفسه أخذ يهنئه بالنجاة قائلا: كان يمكن أن تقتل أيضا أيضا. وسأله :

ماذا تنتظر ... انصرف سالما

قال الليثى: لقد أبلغت النيابة إنى أعرف رقم السيارة.

قال الجزار: لا نهتم بالإجراءات . انصرف ولن يستدعيك أحد. ولن يحقق معك أحد. وأضمن لك ذلك. لقد توفى الشيخ البنا. ولم يبق إلا شاهد واحد ... أنت !

وأخذ يردد بلهجة كلها تهديد:

للشيخ أكثر من خصم, هم قادرون على الثأر ممن يعينون على ضبط الجناة فى الحادث وإنى مشفق عليك من الاعتقال ل ألك صلة بالنبال إنه رجل كان يهدد أمن الدولة والحكومة والملك والمواطنين. لقد انتهى أمر جماعة الإخوان المسلمين بقطع رأس الثعبان.

أذكر رقما آخر للسيارة يختلف عن الرقم الحقيقى .

وألح على الليثى فى ذلك

قال الليثى: ذكرت الرقم للصحفيين. أخذ الجزار يطمئنه قائلا:

لا تهتم بذلك.

قال الليثى :

أشعر بمسئوليتى الأدبية فقد استدعيت الشيخ البنا إلى مقر الشبان لامسلمين وسألتهم بالإشتراك فى الجريمة.

ظل الجزار يضيق الخناق عليه وأخذ منه الورقة التى كتب فيها الرقم الصحيح وقال له:

هات يدك واقرأ الفاتحة وسأفرج لك عمن طلبت الإفراج عنهم من الإخوان المعتقلين.وأراد الليثى التخلص من الضغط وضعفت أعصابه نتيجة احداث متتابعة طوال اليوم وبالذات خلال لساعات الأخيرة فقال:

- لا أستطيع التغيير الكلى, ولكن يمكننى التشكيك فى صحة الرقم بأن أذكر رقما مقاربا.

- وقال الليثى – بعد ذلك – معزيا نفسه:

- لو لم أقل ذلك لقتلت فى ذلك اليوم أرضا وتعذر القبض على القتلة فقد كنت الشاهد الوحيد!

- عاد الليثى إلىى جمعية الشبان المسلمين مرة أخرى فوجد المحقق فى الغرفة التى كان يجلس فيها قبل ساعات الشيخ البنا والناغى يبحثان عن حل!!

- أخذ المحقق يسأل الساعى والسكرتير الرياضى للجمعية , ولم يستدع المحقق الليثى لسماع أقواله إلا فى الثالثة والنصف صباحا.

- وجد الليثى فى غرفة التحقيق عددا كبيرا من ضباط الشرطة بينهم المقدم محمد وصفى المفتش بالقسم السياسى ورئيس حرس الوزارات الذى جاء ليكون رقيبا على الشاهد عند الإدلاء بمعلوماته.

- أخذ الليثى يجيب عن الأسئلة ويذكر تفاصيل استدعائه للشيخ البنا وروايته عن الحادث حتى جاء رقم السيارة فقال:

- 9979 أو 9997

- وذلك طبقا لاتفاقه مع الجزار.

اعترض محمد وصفى وتدخل فى الحديث

أخبرنى الليثى فى المستشفى بأن الرقم هو 9997 ضاق الليثى بذلك وشعر بأنه تردده لا يغتفر! قرر أن يذكر الحقيقة كاملة وأكد الرقم الصحيح . قال

إن الرقم كما قاله الشاب تستعين وسبعة وتسعة (9979)

وذكر الشاب الأرقام من الشمال غلى اليمين عندما سجلتها على علبة سجاير!

اثبت عبد العزيز حلمى رئيس النيابة هذه الملحوظة. وكانت هه أول مرة يحرر فيها رقم السيارة فى محضر النيابة. وكان عبد العزيز حلمى شجاعا عندما فعل ذلك فى تلك الظروف.. وقد شاءت عناية الله ألا أن تفضح سر الجريمة... فرقم السيارة هو الخيط الأول للوصول إلى القتلة!

وكانت جرأة بالغة من محمد الليثي أن يفعل ذلك ولكن اشتغال الليثى بالسياسة شجعه على اتخاذ هذه الخطوة.

كان الليثى يومئذ فى السابعة والعشرين من عمره بدأ نشاطه السياسى قبل عشر سنوات انضم إلى محمود النقراشى عندما انشق على الوفد عام 1937 وبعد أن أعلن أحمد ماهر والنقراشى أنهما يؤيدان دخول مصر الحرب مع الحلفاء انشق الليثى عليهما وانضم إلى على ماهر الذى رغب فى تجنيب مصر ويلات الحروب.

ويوم اعتقل على ماهر فى بيته – القصر الأخضر – عرف الليثى أن ضابطا شابا – جمال عبد الناصر – يريد تهريب على ماهر من المعتقل! ولكن مدير الرقابة توفيق صليب يفزع من الرقم والصورة فيتصل بالرقيب العام عبد الرحمن عمار يسأله ثم يأمر بمصادرة " المصرى" فى نفس الليلة فيقتحم رجال الشرطة المطبعة يوقفونها ويصادرون الأعداد المطبوعة التى لم توزع بعد . ويصدر " المصرى " طبعة جديدة خلت من صورة البنا ومن رقم السيارة وهو الأهم!

وبرر مدير الرقابة أو الرقيب العام ذلك بأن النشر – بهذه الطريقة – يثير الشعور العام . وابلغ الرقباء فى كل دور الصحف بأن تنشر حادث القتل فحسب.

وأحيل مرسى الشافعى ومحيى الدين فكرى إلى نيابة الصحافة للتحقيق معهما ولكن خمسة آلاف نسخة تقريبا من العدد الصادر من " المصرى" تسربت إلى السوق وبيعت وسط لهفة القراء على متابعة الحادث.ويصبح هذا العدد الصادر , وفيه رقم السيارة . دليل إدانة ثابتا قبل المتهمين ولا يستطيع الشهود العدول عنه!

عرف اللواء طلعت وكيل حكمدار شرطة القاهرة والمشرف على القسم السياسى رقم السيارة بعد ساعة من ارتكاب الحادث وأنها ماركة فورد ليموزين مملوكة لفهيم بولس المحامى ومؤجرة لوزارة الداخلية بمبلغ تسعة وأربعين جنيهاوستمائة وخمسة وستين مليما كل شهر ليستقلها العقيد محمود عبد المجيد مدير إدارة المباحث الجنائية بالوزارة.

وعرف أن هناك محاولات لإخفاء هذا الدليل فلم يحاول الإبلاغ عنه, أو يحرر محضرا به وامتنع عن الانتقال إلى محل الحادث!

عرف الجزار ما يجرى فى التحقيق فأعاد الاتصال بالليثى للحصول على شهادة نهائية منه بالرقم لامزيف. دعاه لمقابلته فى محل " نيوباز" بشارع سليمان باشا . وطلب منه أن يسجل الرقم الكاذب فى ورقة ويتوجه بها إلى قسم عابديبن ليحرر محضرا بذلك.

أخذ الجزار يغرى الليثى بالخمر تارة, وبالمال تارة أخرى , والنساء مرة ثالثة فإن سيدة كانت تجلس فى المحل وتبتسم لهما . ولا يعرف هل كانت هناك مصادقةأم بتدبير من الجزار الذى قال:

- معى500 جنيه خذها. وستحصل على مثلها بعد أن تدلى بأقولك الجديدة فى تحقيقات النيابة.

- رأى الجزار أ، افستعانة بالوعد لا تنفع مع الليثى فاستعان عليه بالتهديداتا بالوعيد. رد الليثى:

مركزى دقيق. ولا أريد أن يقال إنى استدرجت الشيخ حسن لجمعية الشبان لمسلمين . أو أن أريد يدا فى الحادث أو أن جمعية الشبان المسلمين هى التى دبرته.

قال الجزار :

إن الذين قتلوا لن يتركونا تضرهم وترشدعنهم . وصحيفة " المصرى التى نشرت رقم السيارة صودرت. .. إشارة إلى أن الدولة تحمى مرتكبى الجريمة وإلا فما سبب المصادرة! طلب الليثى مهلة للتفكير واتفقا على اللقاء فى محل " جروبى" فى اليوم لاتالى. فزع السائق محمد محفوظ فى اليوم التالى عندما قرأ رقم سيارته فى جريدة" الجريدة" وذهب إلى محمود عبد المجيد وقال له

- يا بيه الشيخ البنا اغتيل ... وعندى 8 أطفال.

- رد محمود عبد المجيد: بس.. لما يبقوا يتيتموا يبقى يحلها ربنا. اخرس يا أهبل . أنت لك مكافأة وأنا حا أشيلها لك.

- بكى محمد محفوظ وقال :

- أنتم اللى عملتم الحادث وأنا لا كان لى فى الطور ولا فى الطحين. صرخ فيه محمود عبد المجيد قائلا:اقفل بقط. ولا تذكر أن أحدا ركب معك . ولا تذكر أننا مررنا على بيت عبد الرحمن عمار. - استدعيت النيابة السائق لسؤاله ففزع إلى محمود عبد المجيد يقول : ما دام طلبونى للنيابة يبقى أتنم اللى عملتم الحادث وتحدفونى فيه. حرام عليكم تعملوها وتأخذونى لارجلين.

- الكلام ده ما أحبش أسمعه منك أمام أى مخلوق وأنت طالبينك كشاهد قال السائق: بس حرام عليك.

- وعندما توجه محمد محفوظ للنيابة جلس معه صلاح مرتجى وكيل الأمن العام أثناء التحقيق والذى تدخل فى الإستجواب بالرد على اسئلة المحقق عندما كان السائق يعجز عن الجواب أو يتعثر فيه.. وإن كانت السئلة سريعة قصيرة وكأنها مجرد أداء واجب شكلى!

- قال محمد محفوظ مدافعا عن نفسه ومبررا ذكر رقم سيارته. قال :

- كنتن داخل السيارة أمام فندق " ايدن"

وقال إن العقيد كان بالفندق ومعه عدد من أعيان محافظة جرجا وبعض ضباط شرطة جرجا – سوهاج الآن. وقال : من السهل على قائد سيارة القتلة وضع أرقام مزيفة وطمس بعض الأرقام ومن غير المعقول أن يبقى الأرقام الصحيحة للسيارة التى فروا بها وألقى محفوظ بدفاعه الأخير . قال:

لقد ارتدى قاتل النقراشى بدلة الضابط داخل وزارة الداخلية ومر بين الحراس .

ووجه السائق بمحمد الليثي فنفى كل منهما أنه يعرف الآخر.

أراد الضابطان حسين كامل وعبده أرمانيوس أن يسريا عن السائق محمد محفوظ بعد تحقيق النيابة معه فاصطحباه إلى مقهى الفيشاوى وأحضرا له طعام الغداء..

جلس السائق , راغبا عن تناول الطعام, فنصحه الضابطان أن يتناسى ما وقع وأن يطمئن إلى أنه لن يناله سوء .

ورغبة فى تهدئة وإدخال الطمأنينة على قلبه انطلقا يتحدثان عن تفصيلات الجريمة ودور كل مشترك فيها.

توجه العقيد محمود عبد المجيد إلى فندق باريس بشارع عدلى الذى ينزل فيه عبد الله خليل فواز سكرتير الغرفة التجارية بسوهاج فى السادسة من صباح اليوم التالى للجريمة وابلغه بوقوعها قائلا.

بعض أنصار الشيخ يلقون بالإتهام علىّ ويزعمون أن القتلة فروا بسيارتى فأرجوا أن شتهد بأنى وسيارتى كنا بعيدين عن مكان الجريمة وقت ارتكابها قال فواز:

أستطيع أن أشهد بوجودى معك إلى ما بعد التاسعة مساء ولكنى لا أستطيع أن أؤدى مثل هذه الشهادة فيما يتصل بالسيارة.

سأل المحقق محمود عبد المجيد فنفى علاقته بالجريمة قال إنه سمع بها فى اليوم التالى. وأكد أن سيارته كانت أمام فندق ايدن من بعد الغروب حتى التاسعة والنصف مساء ..ز أى إلى ما بعد وقوع الجريمة بأكثر من ساعة.

وشهد ثلاثة من ضباط الشرطة ونائب عمدة أنهم كانوا مع محمود عبد المجيد وأن السيارة كانت تقف تحت انظارهم بعيدة عن مكان الجريمة.

وكان شهود الزور الثلاثة:

مفتش لاداخلية إسماعيل فهمى.

والرائد محمود فهمى على رئيس مباحث جرجا.

والمقدم محمد إسماعيل أبو السعود رئيس مباحث منطقة طهطا.

وقال العقيد محمود عبد المجيد, ولم تكتب أنه سئل فى لاتحقيق ... وبسبب الربقابة لم يجرؤ صحفى واحد فى مصر على كتابة النبا وتقديمه لرقابة .. لحذفه ومنع نشره!

لم يتم الليثى فى بيته. ولم يذهب إلى لجزار فى محل " جروبى" فقد أصيب بالرعب.

قال محمد يوسف محمد المحامى وعضو جمعية الشبان المسلمين إن البوليس بما له من سلطة استطاع إرهاب الليثى.

استقل الليثى فى اليوم التالى عربة الترام إلى منزل صالح حرب باشا رئيس جمعية الشبان المسلمين . وكان فى اسوان فاتصلت قرينته السيدة منيرة عامر بالأستاذ مصطفى الشوربجى المحامى ودعته لبيتها ليستمع لليثى.

قال الشوربجى لليثى: أذكر الحقيقة للنيابة واطلب حمايتك.

وطلبت السيدة منيرة عامر من الليثى أن يقابل فتحي رضوان الذى وجه إليه النصيحة ذاتها واعتذر عن الذهاب معه إلى النيابة لأن القانون يمنع الشاهد من اصطحاب محام.

وتوجه الليثى إلى زكى على باشا فى مكتبه بالوزارة وأبو الخير نجيب صاحب جريدة " الجمهور المصرى" وكان أيامها محررا بصحيفة الأهرام فنصحاه بالإدلاء بالحقيقة كاملة.وقابل فؤاد سراج الدين باشا سكرتير عام حزب الوفد فى النادى السعدى وشرح له الأمر فقال فؤاد باشا: موقفك مشرف ولابد أن تستمر.

قال الليثى:

أ يمكن ان يثير الوفد الموضوع لأنى أقاوم وحدى وعده الباشا خيرا!

وقال الليثى عمر عمر نقيب المحامين الوفدى فوعده خيرا أيضا.

ولكن النقابة المحامين لم تتحرك لمساندة الليثى الذى أبرق إلى النيابة يحمل الشرطة مسئولية أى اعتداء أو ضرر يلحق به من الجزار.

وعندما سئلت أمام محكمة الجنايات - بعد 4 سنوات من لاجريمة – قالت السيدة منيرة عامر مطلقة صالح حرب:

الولد مسكين وكان خايف... العهد كان عهد ارهاب والكل خائف!

رأى محمد الجزار وكبار الشرطة إحاطة الليثى بالشبهات فقالوا فى تحقيقات النيابة وأمام القضاء أنه كان يعمل مرشدا عند الجزار ويتقاضى عشر جنيهات شهريا قبل الجريمة بعام.

ودافع صالح حرب عن الليثى أمام المحكمة ... قال : أدى الليثى واجبه فوق ما يطيق. ونفى عنه الإتهام بأنه كان مرشدا للشرطة

قال : لو كان يتطلع إلى المال لارتمى فى أحضان الأحزاب التى تسرف فى إنفاق المال. ولا يبقى فى جمعية الشبان المسلمين الفقيرة.

وقال: كان الليثى مهددا فكل مصرى يمسى ولا يصدق أنه سيصبح , ويصبح ولا يصدق أنه سيمسى.

وموقف الليثى أدق ما يكون وأكثر من غيره عرضة للخطر.

من البداية اتهم عبد الكريم منصور كلا من محمد كامل الدماطى مدير مكتب إبراهيم عبد الهادى ووكيل وزارة الداخلية عبد الرحمن عمار بارتكاب الجريمة.. فإن عبد الكريم أدخل حجرة منفردة فى مستشفى القصر العينى ولم يعرف بوفاة البنا إلا بعد أن تلقى برقية تعزية من السودان. وقد تأخر سؤاله لأن حالته لم تسمح بذلك. وعندما سأله المحقق بعد خمسة أيام من وقوع الجريمة أحسن, كما قال , بأن " المسائل مطبوخة"

وجد النيابة غير جادة.

رأى أن يتهرب منها فقال للمحقق.

اكتب على كيفك!

وعندما طلب مغادرة المستشفى عومل معاملة شاذة فقد أخذ إلى قسم شرطة عابدين ومكث به مدة طويلة حتى سمح له بالعودة إلى بيته.

حرصت الصحف المصرية جميعا – وكانت تحت الرقابة – على أن تردد بيانات الحكومة وتتهم الإخوان بأنهم الذين قتلوا المرشد العام ولم تذكر كلمة واحدة عن المتهمين الحقيقيين.

ودافع عبد الرحمن عمار عن محمود عبد المجيد – دون ذكر أسمه فقال فى حديث لصحيفة " الأساس" جريدة الحزب السعدى وأكد ذلك فى شهادته أمام النيابة. قال:

" النأر بدأت تأكل بعضها"...

يعنى أنه جرى انقلاب بين الإ رها بيين على شيخهم السابق , وبعد أن ظنوا أنه لم يعد يشايع حركاتهم الإرهابية, وأنه أخذ يفكر فى تسليم أسلحتهم ومحطتهم السرية إلى السلطات المسئولة. وقال عمار:

- ذكر الشيخ البنا أن أمضيه خطوة واحدة فى سبيل تسليم الأسلحة والذخائر سيؤدى إلى قتلة وكان هذا الحديث للقتيل قبلمصرعه بوقت قليل .

- وأضاف : هنالك اتجاه آخر لم يفت جهات التحقيق وهو البحث عن صلة بين حادث البنا والحوادث الدامية التى وقعت فى قطر عربى شقيق فى مثل هذا الشهر من العام الماضى.

- يقصد بذلك اليمن,

- وأعلنت الحكومة المصرية صراحة أن الإخوان ساهموا فى اغتيال الإمام يحيى – إمام اليمن – لتأكيد أن قتلة الشيخ من اليمنيين.

- وقالت الصحف إن الإتجاه الثالث يدور حول تهديدات بالقتل تبادلها فريقان من جماعة الإخوان بعضهم انفصل عنها من زمن وكل فريق كان يعمل على تهديد رئيس الفريق الآخر.

- وجدت فى مكان الحادث حافظة نقود باسم أحمد شعبان عبد الهادى وهو كهربائى ونشر ذلك فى الصحف.

- قرأ شعبان ذلك فتقدم إلى الشرطة يقول إن حافظته وبها رخصته وقعت منه . وهو فى طريق عمله وكانت بداخل معطفه الذى وضعه على كتفه قال رجال الشرطة:

- إن الجو بارد والشيخ البنا – كان قوى البنية – ومع ذلك يرتدى معطفا وتحته جاكتة وبلوفر مما يدل على برودة الجو, فكيف لا يرتدى الكهربانى معطفه.

- وأكد صاحب المقهى المجاور للجمعية أن الليلة كانت قارصة البرد ولذلك قرر إغلاق المقهى.

- وأراد رجال الشرطة القاء التهمة على الكهربائى لأنه ينتمى لجمعية الإخوان....

- قالوا : من غير المعقول أن يمر أمام الجمعية ولا يسمع عن الحادث أو يهتم به ولكن رجال الشرطة اضطروا للإفراج عن الكهربائى إا لم يجدوا دليلا واحدا على صلته بالجريمة.

- وتقدم إلى النيابة الدكتور محمد حسنى عباس مدرس القانون بكلية التجارة بجامعة فؤاد الأول " القاهرة" – المولود بجرجا – صديق الجزار منذ الصبا وزميله فى كلية التجارة قائلا: - كان لدى موعد عند نقابة المحامين فذهبت متأخرا حوالى 8,15 مساء ورأيت سيارة فالتقطت رقمها وهو 9997.

- ... يريد بذلك أن يؤكد الرقم المزيف الذى ذكره محمد وصفى ولاحظ المحقق أن الشهد الجديد جاء بصحبة الرائد توفيق السعيد ضابط المباحث العامة.

- واعتذر عن الإدلاء باسم صديقه الذى جاء من أجله إلى هذا المكان وفى هذا الموعد. ولما سئل عن الأضواء فى الطريق وهل تسمح له بالتقاط رقم السيارة المسرعة أجاب بأن نظره سليم 6 على6!وقبضت الشرطة على كواء فى شبين الكوم اسمه صلاح أحمد بركات اعترف بأنه القاتل فنقل إلى القاهرة وحققت معه النيابة فلما رأى خطورة الاتهام عدل عن أقواله وافرجت النيابة عنه.. بعد حين!

- واعتقلت الشرطة 80 شخصا من الإخوان بحثا عن قتله البنا!

- سئل الليثى:

- هل اعتاد البنا على الذهاب إلى الجمعية بانتظام؟

- أجاب :

- قبل قتل النقراشى كان يلجأ إليها ساعات بالنهار وساعات بالليل أما بعد قتله فلم يذهب المرشد العام إلى الجمعية ليلا....

- بعث جيفرسون باترسون القائم بأعمال السفارة الأمريكية إلى واشنطن بعد 48 ساعة من الأغتيال – أول برقية عن القتلة.

- قال:

- " لم يتم حتى الآن تحديد شخصية القاتل. ولم يتم بالطبع القبض عليه. وتم الإفراج عن أحد المشتبه فيهم عثر على بطاقته الشخصية قريبا من مسرح الحادث واعترف بأنه عضو فى الإخوان المسلمين مما كان مثار خيبة امل البوليس .

- وطرحت عدة تصورات بالنسبة لطبيعة الاغتيال , وبالطريقة السائدة بين الجماهير أن الجريمة ارتكبت على يد أحد عملاء الحكومة انتقاما لاغتيال النقراشى باشا.

- وهناك نظرية أخرى يحبذها تماما رجال الأمن تقول إن الإغتيال قام به أحد أعضاء الإخوان المسلمين إما لأن الشيخ البنا خذل الإخوان المسلمين المعتقلين. وإما لأنه كان على وشك أن يعطى السلطات معلومات متعلقة بإمدادات الإخوان من الأسلحة.

- والنظرية الثالثة

التى تنتشر على حذر تقول إن القصر دبر الشيخ البنا خشية أن يكشف البنا عن طبيعة علاقاته بالقصر.

- وهناك نظرية أخرى قالها أحد كبار موظفى القصر تقول : إن الأغتيال تم على يد شخص يمنى يعمل لحساب الأسرة الماكلة اليمنية انتقاما لمقتل الإمام يحيى فى فبراير 1948 فى المخطط الذىىى قيل إن الإخوان المسلمين شاركوا فيه"

- قال محمد وصفى للماجور سانسوم البريطانى: أعرف القاتل !

- واضاف :

- ولكن لا يمكن تقديمه للمحاكمة الآن. لقد قتل فى اليوم اليوم الثانى للجريمة فى طريق السويس . أطلقت عليه رصاصة فى ظهره مثل الشيخ البنا وانفرجت شفتا وصفى عن ابتسامة باهتة. وقال :

- من السهل أن تقتل أحد لامرءوسين خاصة إذا ادعيت أنك تسعى لتأمين سلامته الشخصية. وفى هذه الحالة تصحبه إلى نقطة نائبه وتطلق عليه رصاصة من الخلف.

- قال السيد الشوربجى محامى الإخوان:

مضى التحقيق الصورى المضحك المبكى فى آن واحد

وقال الإخوان: ماذ يكون الأمر حين تكون الحكومة هى التى دبرت الجريمة.وحين يكون رجال البوليس هم الذين نفذوها.

من الذى يجمع الأدلة إذن ويقدمها للقضاء.

وماذا يكون الأمر حينما تعمل الحكومة على هدم الأدلة الموجودة بين يدى المدنيين من غير رجالها؟

... وتستمر محاولات طمس الحقائق , وتزوير الأدلة فإنها كانت أيام الزيف! الجنازة

اتصل الملك فاروق حوالى الساعة التاسعة مساء بلادكتور يوسف رشاد وقال له: - حسن ضرب بالرصاص وحالته خطرة , ولكنه لم يمت بعد. وقال الدكتور يوسف رشاد إن لهجة الملك دلت على فرحته وارتياحه للحادث.

- وقالت السيدة ناهد رشاد – زوجة الدكتور يوسف رشاد – إن فاروق كان سعيدا جدا يوم الجريمة.

- وقال محمد حسن السليمانى – الأمين الخاص للملك منذ عام 43 – إن فاروق كان متأثرا جدا عندما قتل النقراشى. وعندما قتل البنا لم يظهر أى تأثير. واتصل الملك بحسن يوسف وكيل الديوان فى منزله ... وكان نائما . قال : هل سمعت بالحادث؟ رد حسن يوسف:

- أى حادث؟

- قال فاروق : الشيخ البنا ضربوه بالرصاص. قال حسن يوسف: لا حول ولا قوة إلا بالله!

- نشرت الصحف المصرية حادث اغتيال الشيخ البنا بالعناوين الكبيرة فى الصفحات الأولى. قالت صحيفتنا " الأهرام" المستقلةو" الساس" – الناطقة باسم الحزب السعدى الحاكم – إن الإخوان المسلمين هم الذين قتلوا البنا لأنه كان ينوى ابلاغ الحكومة عن مكان الأسلحة ومحطة الإذاعة السرية .

وكان الإخوان المفجوعوون فى قتل مرشدهم يقرأون هذا الكلام ويعجبون له مثل عجبهم للجريمة ذاتها.

- وصفت مجلة " الدعوة" بعد حين مشاعر الإخوان فقالت

" لو كان فى القلوب يومئذ مكان للضحك, لضحك الناس على ذلك.

ولكن كان بالقلوب ما يكفيها من أحزان"!

بدأت " الأساس" رواية قصة الاغتيال فقالت:" منذ أذاع الأستاذ البنا بيانه استنكر فيه أعمال الإجرام التى ارتكبها فريق من الذين انتموا إلى جماعته المنحلة . وهو يتلقى من بعض الأعضاء الذين كانوا معه استفسارات واستنكارات لموقفه.

وأول أمس تلقى خطاب تهديد, من نوع الخطابات التى انتشرت فى اليام الأخيرة فى كل مكان.وعرف أن سبب هذا التهديد الأخير لالبنا أنه أرسل إلى الحكومة كتابين منذ ثلاثة أيام يقول فى الأول منهما إنه استنكر أشد الإستنكار الحادث الإجرامى الذى حاول فيه أحد اتباعهالسابقين نسف محكمة الاستنئاف ويصف هذا الشاب بأنه ليس أخا وليس مسلما.

كما أعرب فى كتابه الثانى عن استعداده لتسليم محطة الإذاعة السرية التى تتحدث باسم الجماعة المنحلة واستعداده لتسليم الذخائر والأسلحة الباقية لدى بعض أعوانه ولم تقع فى يد البوليس حتى الآن.

وكانت " الأساس " تكذب فإن بيان" ليسوا إخوانا وليسوا مسلمين " كتبه الشيخ البنا قبل شهر.

أبرقت السفارة البريطانية إلى لندن فى الرابعة صباحا بوفاة البنا ... مما يدل على أن هذا النبأ يهم الإنجليز ولذلك أبلغوا بالجريمة بع وقوعها وقبل الفجر.

ونشرت صحيفة " التايمس" فى لندن النبأ فى طبعتها الأخيرة كررت الصحيفة البريطانية مزاعم الحكومة المصرية فقالت: " ذكرت التقارير أن الشيخ تلقى أخيرا خطابات بالقتل إذا حاول إفشاء أسرار الجماعة المحظورة إلى السلطات خاصة ما يتعلق منها بمخازن أسلحتهم السرية"

وقال جيفرسون باترسون القائم بالأعمال الأمريكى:" لم تبد وزراة الخارجية المصرية تعاطفا مع القتيل وقال مسئول بالوزارة إن البنا أنشأ وحشا.ووضع رجال الشرطة على أهبة الإستعداد فى جميع أنحاء البلاد توقعا لانتقام الإخوان".

التزم أعضاء هيئة كبار العلماء الصمت بعد اغتيال البنا بينما أصدروا بيانا بعد مصرع لانقراشى أدانوا فيه الاغتيال السياسى.

وأبدت صحيفة " اللواء الجديد" صحيفة لاحزب الوطنى – أسفها للحادث وقالت إن " الشيخ البنا كان يود اغتياله أن يعتكف استجماما من عناء ما كابده فى اليام الأخيرة".

وقالت مجلة الحوادث الوفدية" من كل هذا يبرأ الوطن".

وقال الأمير المغربى عبد الكريم عندما سمع نبأ الجريمة:

" ويح مصر وإخوتى أهل مصر. سفكوا دم ولى من أولياء الله".

ولم تنشر كلمات الأمير – بسبب الرقابة على الصحف - إلا... بعد حين!

غادر اللواء أحمد عبد الهادى حكمدار شرطة القاهرة منزله – عندما سمع بالجريمة – إلى مقر جمعية الشبان المسلمين ثم توجه إلى مكتبه ليستمع إلى تقارير كثيرة من رجاله فى كل مكان.

قالت هذه التقارير – على حد تعبير الحكمدار – إن الجريمة افزعت كثيرا من الزعماء والأجانب وأنه خشى رد فعل الإخوان فينتهزون الفرصة لإحداث اضطرابات خطيرة او ثورة فيفلت الزمام.

ظل فى مكتبه حتى الفجر يوزع قوات الشرطة على أنحاء المدينة لتأمين حالة الأمن العام وعمل الإجراءات اللازمة فى مثل هذه الظروف.وربما كان فى استطاعة الإخوان إحداث اضطراب ولكن كان واضحا أن معظم أعضاء النظام الخاص قد اعتقلوا , كما أن اغتيال المرشد العام جعل باقى الإخوان فى حالة يمكن أن يطلق عليها التعبير الحديث الشائع" انعدم الوزن"!

رأى عبد الرحمن عمار وكيل وزارة الداخلية أن تشيع الجنازة مباشرة من مشرحة القصر العينى خشية أن ينتهز الإخوان المسلمون الفرصة وأعدادهم كثيرة وانتشارهم واسع بالقاهرة وضواحيها, لإحداث خلل بالأمن العام يؤدى إلى نتائج خطيرة.

ولكن والد الشيخ البنا توجه إلى مكتب اللواء أحمد طلعت وطالب بالحاح أن تشيع الجنازة من منزله.

لم يوافق الحكمدار إلا بعد استئذان وكيل الداخلية والمسئولين فى الوزارة وكان الشرط الوحيد المعلن أن تشيع الجنازة فى هدوء... بلا مظاهرات أو هتفات

فى مذكراته قال الدكتور محمد حسين هيكل رئيس مجلس الشيوخ..

نقلت جثة الشيخ حسن من مستشفى قصر العينى إلى منزل والده فى سر من الناس.. ثم أمرت بألا يشيعه , إلى مقره الأخير إلا عدد محدود من أهله المقربين وألا يقام له مأتم يقصد المعزون.

وكانت المحافظة على الأمن , سند الحكومة فى تصرفها".

وصفت صحيفة " الكتلة " الناطقة باسم حزب الكتلة الذى يرأسه مكرم عبيد باشا جنازة البنا فقالت:

نقل جثمان البنا إلى بيته فى سيارة , تحرسها سيارة مملوءة بفريق من رجال البوليس المسلحين.. وفى أحد الشوارع الحلمية وقفت القافلة ونزل الجند فاحاطوا ببيت الفقيد ولم يتركوا ثقبا إليه الشك إلا وسدوه بجندى وسلاح!

وقف والد الشيخ البنا , ذلك الرجل الهرم الذى جاوز التسعين عاما, ولم تبد عليه عوامل السنين.

عرف بخبر وفاة ولده من أحد الضباط فى الساعة الواحدة بعد منتصف الليل. وقيل له أنهم لن يسلموا إليه جثته إلا إذا وعدهم بأن يدفن فى الساعة التاسعة لا احتفال . وإلا فإنهم سيضطرون إلى حمل الجثة من مستشفى القصر العينى إلى القب.

واضطر إزاء هذه الأوامر إلى أن يعدهم بتنفيذ كل ما تطلبه الحكومة رغبة منه فى أن تصل جثة ولده إلى بيته ليلقى عليه نظرة أخيرة.

ظل الرجل ساهرا تطحنه الأحزان وقبيل الفجر تتابعت على باب المسكن طرقات كان صداها يطحن قلب الشيخ.

كان وحده الذى يعلم وينتظر فإن اشقاء الفقيد جميعا كانوا داخل المعتقلات. فتحوا الباب وأدخلوا لجثة متسليين فلم يشهدها أحد من الجيران . ولم يعلم بوصولها سواه.

وظل حصار رجال البوليس مضروبا, لاحول البيت وحده, بل حول الجثمان نفسه, لا يسمحون لإنسان بالإقتراب منها مهما كانت صلته بالفقيد.

وقام الأب نفسه بإعداد جثة زلده وتجهيزها للدفن. فإن أحد من الرجال المختصين بذلك لم يسمح له بالدخول..

ثم نزلت لاجثة حيث وضعت فى النعش وبقيت مشكلة من يحملها إلى مقرها الأخير.

طلب إلى رجال البوليس أن يحضروا يحملون النعش فرفضوا قال لهم: ليس فى البيت رجال : أجابوا فلتحملها النساء!

وخرج نعش الفقيد محمولا على أكتاف النساء وفى مقدمتهن فتاة قوية صبور تهتف بأبيها:

قر عينا يا ابتاه. فلن نتخلف عن رسالتك . ولئن منعت الحكومة من يشيع جنازتك – وأسفاه لنذالة الحكام – فحسبنا عزاء وجزاء أن أرواح الشهداء تمشى معنا, وتشيع عن أهل السماء , ما عجز عن تشييعه أهل الأرض.

وسارت الجنازة الفريدة فى الطريق فإذا بالشارع كله قد رصف برجال البوليس. وإذا بعيون الناس من النوافذ والأبواب تصرخ ببريق الحزن والألم والسخط . على الظلم المسلح الذى احتل جانبى الطريق!

وعندما وصل الموكب الحزين إلى جامع قيسون للصلاة على جثمان الفقيد كان المسجد خاليا من الناس حتى من الخدم.. فإن رجال البوليس قدموا إلى بيت الله. وأمروا من فيه بالإنصراف . كى لا تتم الصلاة على الجثمان.

ووقف الأب أمام النعش يصلى فانهمرت دموعه... فى ابتهالات إلى السماء .

ومضى النعش إلى مدافن الإمام الشافعى فوورى البنا التراب وعادالجميع القليل إلى البيت الباكى الحزين...

وعادت النساء الثلاث اللائى حملن النعش على أكتفهن وعاد الوالد الواله الحزين...

وهكذا فى اثنتى عشرة ساعة قتل الشيخ البنا, وشرح, وغسل, ودفن وانطوت صفحة حياته!

ومضى النهار وجاء الليل فحرم على أفراد الأسرة أقامة العزاء وتلاوة القرآن ولم يحضر أحد من المعزين لأن الجنود منعوا الناس من الدخول... أما الذين استطاعوا الوصول للعزاء فلم يستطعيوا العودة إلأى بيوتهم .

فقد قبض عليهم وأودعوا المعتقلات. عدا مكرم عبيد باشا. الذى تعرض لعنت رجال البوليس حين أرادوا أن يمنعوه من واجب العزاء فلم يمكنهم. ودخل البيت وأزجى كلمات العزاء . قال الإخوان إن الحكومة خجلت من القبض على مكرم عبيد لأنه يجوز أن يكون من الإخوان ولكن المقطوع به أنه ليس من المسلمين!

فى كتابه" معتقلات هاكستب" كتب المناضل العربى الذى اتخذ القاهرة دارا له بعد ضياع وطنه محمد على الطاهر:

اقترحت على الحاضرين- فى مكتبى – أن نقوم جميعا ونذهب إلى سرادق التعزية المعتاد فى مثل هذه الظروف, فقالوا

-منعت الحكومة إقامة سرادق العزاء , ولذلك جئنا لنتبادل العزاء عندك وقبيل منتصف الليل لم يبق عندى إلا الكاتب الأديب وكيل وزارة التعليم محمد سعيد العريان, وكان من زملاء الفقيد فى الدراسة فكان يبكى صديقه بكاء شديدا. قلت له:

ما رأيك فى أن نذهب الآن إلى منزل الفقيد لتعزية والده وأهله قال : هيا بنا.ركبنا سيارة الأستاذ العريان فإذا بحى الحلمية لاذى فيه دار المرحوم البنا مظلم الجنبات مطفأ الأضواء. وكانت الدكاكين كلها مغلقة.

أطلقنا الأنوار فإذا بالجنود بألبستهم السوداء يلوحون فى ذلك الظلام كالأشباح , وبأيديهم البنادق مشرعة, وإذا بهم يقفون لنا فى عرض الطريق سدا, ويشيرون إلى السائق بالإتجاه إلى غير اتجاهنا.

وتعجبنا من هذه الاحتياطات . وأوعزنا إلى السائق أن يدور ويدخل المنطقة من شارع آخر وليكن ما يكون.

ولكن الشرطة لم تسمح بالحركة إل إذا عادت السيارة من حيث أتت وإلا!.... وإلا فإنهم يطلقون علينا النار . وعند ذلك رجعنا ونحن نحمد الله على أنهم اكتفوا منا بالرجوع"!

فى مذكراته قال الماجور سانسوم ضابط الأمن بالسفارة البريطانية " إن كل الإجراءات التى اتخذت لمنع المظاهرات بعد اغتيال البنا , وفى الجنازة, ثم تخطيطها قبل عدة أسابيع"!

بعث جيفرسون باترسون القائم بأعمال السفارة الأمريكية إلى واشنطن يقول:

" تم فى هدوء دفن الشيخ البنا. وهذا الدفن السريع ليس له سوابق حتى فى مصر التى يقضى فيها القانون بدفن الجثة خلال أربع وعشرين ساعة من الوفاة. وقد تم تحت ضغط الحكومة التى خشيت أن تكون الجنازة العامة للرجل مناسبة لأتباعه والمتعاطفين معه للتجمع وتعكير الأمن. وأحاطت حراسة الشرطة المشددة بالنعش من المشرحة إلى المسجد .

وأعلنت حالة الطورئ بين قوات الشرطة فى أنحاء البلاد ووضعت قوات الأمن فى حالة تأهب".

قال عباس السيسى فى كتابه " البنا. مواقف فى الدعوةوالتربية": " رد الأطار الطاهر والجسم العزيز إلى أهله ليخرج البنا من الدنيا متواضعا يسير المظهر. كما دخلها , وكما عاش متواضعا يسير المظهر. وساهمت الحكومة المتحضرة فى هذا التواضع واليسر فحرمت على المشيعين أن يقربوه ورأى الناس يومئذ عجبا فى الجنازات.

وفى وحشة الشارع المقفز من الغادى والرائح , إلا من هذه الجنازة المتمهلة الفريدة ارتجت المنازل على الجانبين وأجهشت النوافذ والشرفات بالبكاء, وهم يرون البنا العظيم, يحمل على كتف زوجته وأبنته إلى مقره الأخير"!

بقى ما وقع أثناء الجنازة وبعدها من حوادث أدت إلى اعتقال مئات من الناس لأسباب غريبة تكاد لاتصدق.

حشر المعتقلون حشرا فى غرفة ضيقة باردة عفنة هى سجن نقطة الإمامين القريبة من المقابر.وهذه بعض أسباب الإعتقال:

هذا الشاب الذى يلبس رباط عتق أسود – كرافتة – حداد على أبيه المتوفى قبل أيام . أدرك رجل البوليس بفطنته أنه يلبسها حدادا على اشليخ البنا.

واستبعدت فطنته أن هناك سببا آخر دفع الشاب غلى لبس الكرافتة السوداء, فهو غذن, من غير شك, من أشياع البنا ومريديه الذين كنت تتعقبهم السلطات تنطكل بهم أسوأ تنكيل. وقد أودعوه السجن ثم المعتقل.

وذلك الرجل...

ضبطه رجل البوليس يتمتم بالفاتحة من إحدى النوافذ أثناء سير جنازة الشيخ الرهيبة, فصعد إليه واقتاده, من بين أطفاله وزوجته, والسلاح فى ظهره مستعد ليسكته إذا حاول الفرار أو المقاومة... وفى محضر البوليس سألوه عن صحة التهمة وهل قرأ الفاتحة حقا على روح الشيخ البنا... أجاب بالإيجاب. هنا ا ازدحمت الأكف والقبضات والأقدام فوق وجهه وجسمه وعادوا يسألونه :

ولماذا قرأت الفاتحة ؟فأجاب الرجل : من شعائر الدين أن نقرأ الشهادتين عندما يمر ميت ونقرأ الفاتحة على روحه.

صرخ أحد رجال البوليس, وقد استقرت يده على وجه المسكين لتصافحه بحرارة, وهو يقول :

كان لازم تعمل حنبلى النهاردة يا ابن....صاح المتهم البرئ الذى كان احترامه لشعائر دينه ذنبا لا يغتفر قائلا: وهل فى قراءة الفاتحة جريمة يعاقب عليها القانون؟ ومرة أخرى ..

ازدحمت الكف والقبضات والأقدام فوق وجهه وجسمه. وأغمى عليه..

وافاق ليجد نفسه فى اغرفة الباردة العفنة, مع عشرات آخرين . لإرساله إلى المعتقل بلا محاكمة.

ولقد خلع حامد جوده رئيس مجلس النواب .. السواد على النقراشى باشا فى ذلك اليوم بالذات. ولم يكن قد انقضى على مقتل النقراشى باشا أكثر من ثلاثة وأربعين يوما.

وشن البوليس حملة عنيفة على المساجد فى العاصمة.

وقبل أن يغشى الظلام مدافن الإمام الشافعى, كانت ثلة من الجنود تحاصر الطرق المؤدية إلى المقبرة وقوات كبيرة تحيط بمنزل الفقيد لتمنع الداخلين ولو كانو من مرتلى آى الذكر الحكيم. وتقبض على الخارجين , ولو كانوا من جيران الراجل الكريم!

واشيع ذات مساء أن بعض أصدقاء الشيخ البنا آلمهم أن يدفن الرجل بهذه الصورة المزرية المؤلمة. فاعتزموا اختطاف الجثة من قبرها واخفائها عين أعين البوليس . طير الخبر إلى السلطات المختصة. فأمرت بمضاعفة الحراسة, والتأكيد من كل شخص يمر بالطرقات المؤدية إلى مدافن الإمام الشافعى.

وكان الجنود المسلحون يتناوبون الحراسة بعيون يقظة خوفا من أن يتمكنوا من سرقة الججثمان البنا الذى مزقته الجريمة! فخصصوا فرقا من رجال البوليس للسهر عليه وحراسته خشية أن ينقل الجثمان إلى مكان يليق بمقامه!

وابى – من بيدهم الأمر – إلا أن يضطهدوا الرجل فى موته .. وإلا أن يحرسوه من عندهم . وفى الليلة التى ظنوا أنها موعد تنفيذ المؤامرة الخيالية – مؤامرة خطف الجثمان – امتلأت مقابر الإمام برجال البوليس لأول مرة .

وكان رجال البوليس كلما اشتبهوا, فى شخص أو جماعة, من لامارة أوقفوهم وفتشوهم. وسألوهم إلى أين هو ذاهبون.. فإذا اطمأنوا إليهم . سمحوا لهم بالإنصراف وإذا ارتابوا فيهم قبضوا عليهم واودعوهم المعتقلات!

ولمح نفر من رجال لابوليس بعض الناس يحملون نعش ويسيرون به بين المقابر ولعلهم كانوا قد قدموا به من مكان بعيد فلم يدركوا المقابر إلا بعد الغروب. وفوجء المشيعون بأسلحة تلمع فى الظلام وأصوات تأمرهم بالوقوف وبوضع لنعش على الأرض للتحقيق من الميت!

ورفع أحد الجنود غطاء النعش وسلط عليه ضوء مصباح كهربائى فى يده ثم أمرهم بإعادة الغطاء وأن يمضوا فى طريقهم... بعد أن تبين الجندى أو وجه الميت يختلف عن وجه الشيخ البنا! وقدر للأموات أن يلقوا نصيبهم من الظلم الذى حاق بالأحياء .. وهكذا ظلت المقابر تنعم بالراحة والدوء . منذ قديم الأزل حتى جاء ذلك العهد فلم يسلم من ظلمه وجوره وجهله, حتى الأموات , الذين هم فى رعاية الله وبين يديه".

لم يعرف شعب مصر فى تل الأيم إلا أن البنا قتل وأن جنازته شيعت من داره فى الحلمية وصلى على الجثمان فى جامع قيسون .

.. أما الوصف الذى كتبه مأمون الشناوى بدون توقيع , فى جريدة " الكتلة" فإنه لم ينشر إلا فى 11 من نوفمبر 1949 أى بعد تسعة شهور من الجريمة...

لأن الرقابة على الصحف كانت قائمة يوم الجريمة!وظلت الرقابة على الصحف , وعلى القبر مستمرة حتى استقالت وزارة إبراهيم عبد الهادى! وقالت صحيفة المصرى فى – نوفمبر 49 أيضا – إن الحكومة منعت تلاوة القرآن الكريم أثناء دفن الشيخ. وقال الإخوان غن الملك فاروق توجه إلأى القصر العينى ليرى البنا قتيلا. ولكن لا يوجد ما يؤكد هذه الرواية.

وقال محمد الجزار فى التحقيقات التى تمت بعد الثورة إن عبد الرحمن عمار وكيل وزارة الداخلية توجه فى اليوم التالى للجريمة إلى قصر عابدين فقابلوه بالعناق والتبريك.

بعد أسبوعين من اغتيال البنا قابل السفير البريطانى السير رونالد كامبل الملك فاروق. قال السفير:

اعتقد أن الجريمة كانت من فعل اتباع البنا المتطرفين ممن يخشون أو يرتابون فى أنه يفرط فى الأمور بسهولة.

واضاف : هل تعتقد جلالتك أ، الجريمة من فعل السعديين بدافع الانتقام؟ رد فاروق قائلا: إنها بالتأكيد من فعل السعديين بدافع الانتقام وليس من صنع الإخوان المسلمين.

قال ريتشارد ميتشيل فى كتابه "الإخوان المسلمين"." إن عملية الاغتيال كانت مخططة أو على الأقل تم التغاضى عنها من جانب رئيس الوزراء , ربما بدعم من القصر , ونفذت عن طريق البوليس السياسى". بعد ثورة 23 يوليو قال العميد احمد كامل قومندان شرطة القصور الملكية إنه يعتقد ن الجريمة تمت لحساب الملك والحكومة.

قال التقرير السنوى للسفارة البريطانية تعليقا على اغتيال الشيخ البنا:

" هناك أسباب تدعو إلى الشك فى أن الحكومة لم ترفض استخدام وسائل أعدائها الإرهابيين. والاعتقاد بأنها فعلت ذلك ينتشر على نطاق واسع بالنسبة لاغتيال البنا

وقال المقدم طه زغلول المفتش بإدارة المباحث بوزارة الداخلية – بعد الثورة أيضا إنه سمع إشاعات كثيرة بان عبد الرحمن عمار وكيل وزارة الداخلية قام لجريمة ارضاء للملك فاروق.وسألأت عمر التلمساني المرشد العام للإخوان عن رأيها فيمن قتل البنا وأجبا بكلمة واحدة. فاروق

قلت: وإبراهيم عبد الهادى

قال: لا يستطيع وحده ارتكاب الجريمة.

إن رجال عبد الهادى أعلنوا أنهم يطلبون الثأر وربما كان هناك تحالف بين الملك ورئيس حكومته. كتب جيفرسون باترسون الوزير الأمريكى المفوض فى القاهرة.

" يوجد ترحيب فى أوساط ال{اى العام بزوال الشيخ لبنا من المسرح وإن كانت هناك خشية من أن يؤدى مقتله إلى عودة الأنشطة الإرهابية من جديد لأن اختفاء البنا بكل ما كان يتمتع به من سلطة مطلقة على الإخوان المسلمين ومن طموح غير محدود يعنى زوال شخصية اختلف لاناس عليها حيث يسهم ذلك فى استتباب الأمن من جديد بعد أن تتبدد آثار صدمة اغتيال البنا من نفوس أتباعه".حفل تاريخ مصر بزعماء كثيرين منهم أحمد عرابى وجمال الدين الأفغانى والشيخ محمد عبده وعبد الله النديم ومصطفى كامل وعبد لاعزيز جاويش وسعد زغلول.

وكان البنا واحدا من هؤلاء أو حلقة من حلقات هذا العقد الفريد من المناضلين.وقد اضطهد الزعماء. وسجن بعضهم ولكن البنا كان الوحيد بينهم الذى انتهت حياته بالإغتيال. قال بعض المؤرخين إنه كان دائما فى عجلة من أمره .

وقالوا إنه خسر المعركة لأنه خرج للعلن وأذاع أهدافه بسرعة وقالوا إنه لقى مصير اثنين آخرين من الزماء اغتيلا قبله وهما أحمد ماهر والنقراشى ولكن حركتهما والاغتيالات التى قيل أنهما اشتركا فيها كانت موجهة ضد الإنجليز وحدهم. أما بالنسبة للمرشد العام فغن حركته كانت ضد المصريين أيضا. وكانت صراعا من طبقة ضد طبقة أخرى.

وقالوا إنه ما دام قد لجأ للعنف. عن طريق الجهاز السرى. فلابد أن يلاحقه العنف! قبل وفاة المرشد العام سلأه أحمد أنس الحجاجى أحد أعضاء الجماعة

لماذا لا نختار الرجل الثانى... أعنى من يلى الأمر بعدك.

أجاب على الفور :لا... وإن قلت لى أن أبابكر اختار عمر..ز فلست بأبى بكر ... وليس فيكم عمر. وأضاف : الموقف هو الذى سيخلق الرجل لكل موقف رجل .ولاتستطيع أبدا أن " تصنع " رجلا معينا ليلبس موقفا معينا.فى مقال لجريدة " التايمس" قال مراسل الصحيفة فى القاهرة.

" أهم ما يميز الأحزاب السياسية المصرية أها تعتمد على زعيم أكثر من اعتمادها على مبدأ واعتمادها على شعائر بدلا من برنامج.. فالوفديون موالون النحاس والكتلة الوفدية لمكرم والبنا هو زعيم الإخوان المسلمين. والسير على خطى الزعيم هو بمثابة القيام برحلة طبقا لأوامر لا رجعية فيها ولا أحد سوى القبطان يعرف أدنى فكرة عن وجهة الرحلة ولا يزال السحر فى اسم الزعيم".

وقال الكاتبان الفرنسيان أوليفية كارى وجيرار ميشو:

" وأهم ما يميز حركة الإخوان منذ البداية الولاء المطلق للمرشد العام. ففى عام 1939 قال أحد مسئولى الجماعة للمرشد العام: - خذ بنا حيث تشاء .

وفى قرارات لاجمعية التأسيسية كلها كانت البيعة شخصية للمرشد العام كما أن الجهاز التنفيذى للجماعة كان محصورا فى شخصية " وفى رسالته الجامعية قال حمادة محمود إسماعيل. اعتمدت الجماعة فى تنظيمها على لامركزية الشديدة . واستمد البنا سلطاته من خلال تأثيره الشخصى, والقوانين التى حددت وضعه داخل الجماعة وقد استطاع بسلطته هذه. وبتأثيره الشخصى أن يمتص فعالية اللوائح والقوانين الخاصة بالجماعة"

وفى بحثه قال الضابط الكندى هاردى إن وفاة البنا كانت أكبر ضربة بل هى ضربة صاعقة للإخوان بالمعنى الحرفى الكلمة.

ولم يكن هناك شخص يملأ – فى الحال – مكان البنا. وكان هذا هدف الجريمة الأول!

سمع أحمد أنس الحججى عضو الجماعة – وكان معتقلا فى الطور – باغتيال المرشد العام فقال لزملائه لامعتقلين معزيا نفسه وإياهم:

تصوروا تفاهة الموقف لو مات المرشد العام على فراشه , تصوروا مهمتنا ونحن نشيعه إلى مثواه الأخير ثم نعود. تصوروا كل هذا وقارنوه بما اختاره الله .. شهادة فى جنح الظلام . وملك فاجر يعبئ القوى الماكرة كلها لقتل رجل أعزل وجنازة تحرسها الدبابات.. لتشيعها الملائكة! الملك السجين

امتنع فاروق عن الظهور فى أى مكان أو الصلاة فى المساجد. وأعلنت الحكومة عن مكافأة قدرها ألف جنيه لمن يرشد عن محمد مالك يوسف مالك الموظف بمصلحة التليفونات – 27 سنة – أحد المتهمين بالإشتراك فى اغتيال النقراشى الذى اعترف عليه القاتل عبد المجيد أحمد حس . ولكن المفوضية الأمريكية قالت إن الإخوان عهدوا إلى محمد مالك باغتيال صاحب الجلالة نفسه.

... وهذا هو السر فى رصد مكافأة لاعتقاله .

لم يهدأ الإخوان بعد اغتيال البنا وزعوا المنشورات ضد الملك والحكومة. بعد 9 أيام من الجريمة بعث جيفرسون باترسون القائم بالأعمال الأمريكى إلى واشنطن أول هذه المنشورات وقد وقعت صراحة باسم " الإخوان المسلمون" قال المنشور وعنوانه " حكومة فاجرة تغتال زعيما إسلاميا" " سقط البنا ضحية لمؤامرة جهنمية دبرها أولئك الذين فى السلطة من هو الشهيد القتيل ومن هم الجناة؟

الشهيد رجل ظل يدعو الناس إلى الإسلام على مدى عشرين عاما. وراح يحاول نشر روح الحرية والإخاة والمواساة التى يضمنها كتاب الله " القرآن الكريم" أما الجناة المرمون . فهم شياطين يشبعون شهواتهم على حساب الشعب.

هم أولئك الذين منحوا التراخيص للعاهرات. ونظموا وأشرفوا على بيوت الدعارة وسمحوا ببيع الخمور وترددوا على المواخير. وأباحوا الربا وقبلوا الرشوة وسخروا من الفضيلة وأرسلوا نساءهم إلى الملاهى والمراقص العامة. اغتالوا البنا لأنه كان خطرا عليهم يهدد بتقويض سلطتهم ولكن ليعلموا أن البنا ترك خلفه جيشا جيد العدة وكتائب جيدة التدريب. وستتعقب ونطارد هذه العصابة من الآثمين , وسنكبح جماح كل رأس متغطرس وسنلوى كل عنق يتيه خيلاء.

فليسعوا إذن للإختباء فى أنفاق فى أعماق الأرض . أو ليتسلقوا درجا إلى السماء فما من قلعة محصنة أو قصر منيع سينقذهم . وستتحقق كلمة الله فيهم . والله لهم بالمرصاد".

قال جيفرسون باترسون الوزير المريكى لمفوض تعليقا على هذا المنشور فى برقية إلى واشنطن: " هناك ميل بين قطاع معين من الإخوان المسلمين لإلقاء مسئولية الاغتيال على عاتق رئيس الوزراء مباشرة . ويعتمد هذا الإتهام على الطبيعة الإنتقامية التى يتصف بها عبد الهادى باشا. وعلى كفاءته فى تنظيم المظاهرات والجرائم السياسية فى اليام الأولى للنضال الوطنى ضد البريطانيين. ويذكر فى هذا الصدد أن البريطانيين كانوا قد سجنوا عبد الهادى باشا لاشتراكه فى الأنشطة السياسية". ... يقصد باترسون بذلك اتهام إبراهيم عبد الهادى عام بالإشتراك فى اغتيال السردار البريطانى السير لى ستاك. بعد يومين اغتيال المرشد العام طلب إلى الإخوان لامسلمين المتطوعين فى فلسطين تسليم معسكرهم إلى الجيش لامصرى وجاءت السيارات تحملهم إلى عنبر فى رفح لقضاء الليلة فيها وفى اليوم التالى وجدوا الاسلاك الشائكة وقد أحاطت بالمعسكر فقد رأت السلطات المصرية اعتقالهم خوفا من الانتقام.

أنشأ اللواء فؤاد صادق القائد العام للقوات المصرية فى فلسطين معسكرا حاصا للإخوان قائلا: لا أنسى فضل هؤلاء الشباب على مصر والعروب.

واعتقل معهم, فى المعكسر نفسه, بعض شباب الأقباط الذين حابروا معهم!

طلب كامل الشريف من اللواء فؤاد صادق الإفراج عن الأقباط قائلا: نحن مسلمون . فما ذنب الأقباط؟ لم يجد القائد العام ما يرد به فقال ضاحكا:

هل تريد غقناعى بأن قبطيا يبقى معكم ستين ويظل على دينه؟! ومع ذلك لم يستطع القائد العام الإفراج عن الأقباط إلا بعد وقت طويل ونقل المعتقلون إلى معسكر آخر فى يونيو. ولم يفرج عنهم إلا بعد إستقالة إبراهيم عبد الهادى.

وعندما اختلف جمال عبد الناصر مع الإخوان أصدر فى 23 من سبتمبر 1954 قرار باسقاط الجنسية عن قيادات الجماعة : سعيد رمضان وسعد الدين الوليلى ومحمد نجيب جويفل وكامل الشريف قائد الإخوان فى حرب فلسطين. وقد رحبت سوريا بهم لاجئينن سياسيين.

وبقى كامل الشريف فى القدس . وظل فى الأردن خمسة عشر عاما تخللتها تقلبات كثيرة منذ أمر جلوب باشا بطرده من القدس , وعاد إليها بعد طرد جلوبواشتغل بالصحافة والنشر وعمل سفيرا للأردن عشرين عاما فى ألمانيا الغربية واليابان وباكستان ونيجيريا والصين الوطنية . واختير وزيرا ثمانى سنوات وأصبح عضوا بمجلس الأعيان ثم ناشرا لصحيفة " الدستور الأردنية".

ووافقت مصر على مساعى الحكومة المريكية بالتفاوض مع الإسرائيليين لعقد هدنة دائمة بين البلدين. جرت المفاوضات بين وفدى البلدين فى فندق" الورود" فى جريدة رودس البريطانية واستمرت ستة أسابيع وعندما اجتمعت الوفود الثلاثة معا كان الوسيط الدولى يجلس فى الوسط والوفد الإسرائيلى إلى يمينه والمصريون إلى يساره,

وكان المصريون يخاطبون بانش كما لو أن الاسرائيليين لا وجود لهم وكان هدف المصريين إنقاذ القوة المصرية المحاصرة فى الفالوجة . وقد رفض الاسرائيليوهن فى البداية لاسماح بادخال الطعام والأدوية ثم سمحوا بها.

وفى المقابل وقع اتفاق لوقف اطلاق النار كمرحلة تسبق الهدنة. واقترح بانش وسيط الأمم المتحدة عقد هدنة بالشروط التالية:

(أ‌) تنسحب القوات المصرية المرابطة فى الفالوجة فى اليوم التالى لتوقيع الهدنة.

(ب‌) تنسحب جيوش البلدين غلأى الخطوط التى حددها الوسيط.

(ت‌) تصبح بئر سبع وبئر العصلوج والعوجة مناطق محايدة تحت إشراف الأمم المتحدة عند انسحاب القوات المتحاربة منها.

(ث‌) تصبح بير سبع مركز قيادة لجنة الهدنة المشتركة بينما تصبح العوجة وبئر العلوج مراكز قيادة مساعدة.

(ج‌) تخفض القوات المصرية فى قطاعات غزة ورفح وبيت لحم والخليل لتصبح قوات دفاعية فقط بينما تظل القوات الهجومية المصرية فى المنطقة الواقعة شرق العريش.

(ح‌) تصبح القوات الدفاعية الاسرائيلية مساوية للقوات الدفاعية المصرية فى منطقة غزة ورفح وكذلك مساوية للفيلق العربى فى قطاع بيت لحم – لاخليل.

ويرفض اليهود ابقاء بئر العصلوج والعوجة منطقتين محايدتين ويصران على احتلالهما... ومع أن قرارا الأمم المتحدة فى 4 من نوفمبر 1948 يعطى مصرا الحق فى العودة للمنطقتين.

وتوافق إسرائيل على رفع الحصار عن القوات المصرية المحاصرة فى الفالوجة وانسحاب القوة المصرية منها. وتنازلت إسرائيل عن احتلال قطاع غزة.

وتوقع مصر يوم 24 من فبراير 1949 على اتفاقية الهدنة الدائمة التى استندت إلى الوضع العسكرى على أرض فلسطين !! بعد 12 يوما من وفاة المرشد العام!

ويكتب السير سارجنت الوكيل الدائم للخارجية البريطانية قائلا:

" لا تعرف كيف ستتبلور السياسة المصرية نتيجة الفشل فى فلسطين, وكيف سيتىثر وضع الملك شخصيا؟" بعد ستة أسابيع من اغتيال البنا عاد الملك فاروق للظهور فى المجتمعات العامة كما تقول البرقية رقم 50 التى بعث بها السير روزنالد كامبل إلى لندن قال: "قام فاروق بعمل نادر الحدوث بظهوره أمام الجمهور فى أول مارس 1949 حين افتتح رسميا المعرض الزراعى الصناعى الذى نظمته الجمعية الزراعية الملكية المصرية. وتم اتخاذ احتياطات امنية بالغة لتأمين حياة جلالته".

وصفت صحيفة التايمس البريطانية – يوم 7 من مارس – المعرض يوم الزيارة الملكية فقالت إنه كان خاليا تماما من الناس و كما أخليت أيضا الشوارع المؤدية إليه. وفتش رجال الشرطة الحوانيت التى بقيت مفتوحة.

وقالت التايمس إنه تحت الهدوء الظاهرى الذى يسود مصر توجد دولة بوليسية اتخذت كل إجراءات الأمن كما لو أن البلاد فى حالة حرب.

وأضافت الصحيفة أن الحكومة تخشى انقلابا عسكريا أو ثورة تقوم بها الخلايا السرية لجماعة الإخوان المسلمين المنحلة . ولا يعرف عدد المعتقلين.

وتراقب السفارة الأمريكية ايضا الإخوان المسلمين.قالت برقية جيفرسون باترسون القائم بالأعمال الأمريكى بمناسبة افتتاح مقر جديد لمصر الفتاة.

" يتسرب أعضاء الإخوان حاليا إلى صفوف مصر الفتاة : وشوهد عدد كبير منهم يلعبون دورهم الجديد كأعضاء فى مصر الفتاة يرددون هتافهم المألوف .. الله أكبر ولله الحمد".وتوجه فيليب ايرلاند السكرتير الأول للسفارة الأمريكية للقاء محمد كامل سليم بك السكرتير العام لمجلس الوزراء فلاحظ شدة إجراءات واحتياطات الأمن حول بيته والمكاتب الحكومية فسأل عن الموقف الأمنى,.

قال سكرتير مجلس الوزراء يوم 11 من مارس 1949 إن جماعة الإخوان المسلمين الارهابيين كسرت. وتسيطر الحكومة الآن على الموقف . رفض ايرلاند أن يسألأه عن السر فى تشديد الاحتياطات الأمنية حول بيته والوزارات والمصالح واكتفى بقوله:

هل هناك خطر من أن يظهر زعيم آخر مثل الشيخ البنا ليتولى مسئولية تنظيم الإخوان القائم . وخاصة فى الأقاليم. هز كامل سليم رأسه نفيا فى حزم . وقال : ذلك مستحيل. وإذا وجد مثل هذا الرجل فهو أمر مشكوك فيه. ولن تسمح الحكومة مرة أخرى لفرد أن يحوز مثل هذه السلطة.

فى بحثة قال الضابط لاكندى هاردى:" لم يفعل إبراهيم عبد الهادى شيئا لتخفيف صرامة لخطر الذى فرض على الإخوان".

كان النقراشى قد اعتقل 487 من الإخوان ولكن عددهم ارتفع فى عهد إبراهيم عبد الهادى إلى 1688 كما تقول الاحصاءات الرسمية. وكان عدد المعتقلين من اليهود 315.

ولكن ميتشيل قال إن معتقلى الإخوان وصل 4000.

وفى اثناء محاكمة المتهمين باغتيال البنا قال عبد القادر عودة المحامى ووكيل الجماعة إن خقيقة الرقم 6000 وكان الخوف دافعا إلى الاعتقال لشبها تافهة وهذه القصة تعبر عن ذلك: اعتقل عضو فى جمعية الشبان المسلمين وساقوه إلى القسم وهناك قال الشرطى: أنتم اعتقلونى ولست من الإخوان المسلمين , ولكنى من الشبان المسلمين رد الشرطى قائلا: كلكم مسلمون : خذه يا عسكرى دخله السجن

هذه قصة أخرى

كان أحد أعضاء الجماعة واسمه عبد البديع صقر ودودا يحب التعرف إلى الناس.

وفى أثناء ركوبه القطار كان يقدم نفسه للركاب فيقدمون أنفسهم إليه وجرت عادته أن يكتب أسماء هؤلاء فى نوتة خاصة عرفت باسم " نوتة القطار" فلما قبض على عبد البديع ضبطت النوتة واعتقل رجال الشرطة كل الأسماء التى وردت فيها!

وجرت عدة معارك بين رجال الشرطة والإخوان فى أثناء عمليات الاعتقال وجرى تبادل اطلاق النار فى بعض الحالات.

وجد منشور يصف وحشية رجال الشرطة أثناء عمليات الاعتقال وجلد رجال الشرطة ظهور كثيرين من الإخوان وخلعوا أظافرهم وأدموا أجسامهم, وكانوا يعتقلون من البيت الواحد أربعة أخزو وثلاثة أصهار. وقدموا للمحاكمة أشخاصا لم يرتكبوا جريمة إلا أنهم يد المساعدة لأحد بيوت الإخوان التى هى فى أشد الحاجة لهذه المساعدة

قال صالح عشماوى وكيل الجماعة: " تعرض تلاميذه وأتباع البنا فى عهد فاروق . لأشد فتنة وأعظم بلاء وانصب عليهم من الإضطهاد والعذاب ما لو سلط على جبل لاندك وانهار.

تعرضوا للسجن والتشريد والضرب الوحشى وحوربوا فى أرزاقهم وهددوا فى أعراضهم وسقط شهداؤهم واحدا بعد واحد".

ورغم ذلك بقى إبراهيم عبد الهادى خائفا. قرر فى 13 من مايو مد الأحكام العرفية عاما آخر وكانت هذه الأحكام قد فرضت فى 13 ممن مايو 1948 لضمان امن الجيش المصرى وإمدادته فى حرب فلسطين ووالت الحكومة اعتقال الشيوعيين أيضا.ولم يدخل عبد الهادى مبنى وزارة الداخلية سوى ثلاث مرات خلال الشهور السبعة التى عاشتها وزارته فقد قتل زعيم حزبه... أحمد ماهر داخل البرلمان ومحمود فهمى النقراشى فى وزارة الداخلية.

وكتبت السفارة الأمريكية إلى واشنطن تقول:

على الرغم من توقف الأعمال العسكرية فى فلسطين فإن قرار مد الأحكام العرفية يشير إلى أن الحكومة والسراى ليستا متلهفتين على التخلى عن المزايا التى تتمتعان بها حاليا بفضل سلطاتهما الاستثنائية.

وصرح رئيس الوزراء بأن الرأى العام المصرى لابد أن يكون مستعدا لقبول تشريع أمنى دائم يحل الأحكام العرفية القائمة حاليا وعرض على البرلمان بالفعل مشروع قانون لمكافحة الشيوعية "و" الأنشطة التخريبية".

ولدى السفارة دلائل على أن الحكومة أو السراى تسعى إلى إقامة نظام دائم أكثر استبدادا تحت ستار إدارة المعركة لاخارجية ضد إسرائيل والمعركة الداخلية ضد الإرابيين.

وهناك احتمال بأن تصبح مصر قل ديمقراطية".

رغم هذه الاحتياطات الأمنية فلم تتوقف العمليات الانتقامية ضد رئيس وزراء مصر أو صاحب الجلالة. حاول بعض الإخوان تجربة اغتيال النقراشى بقتل إبراهيم عبد الهادى فى 25 من مايو فاستأجروا شقة بمصر القديمة تطل على طريق موكب رئيس الوزراء وألقوا القنابل على سيارته ولكن كان يستقلها حامد جودة مجلس النواب الذى أفلت أيضا من الموت.أدى هذا الحادث إلى زيادة الاجراءات التعسفية التى اتخذتها الحكومة ضد الإخوان .

وثبت حضور رئيس الوزراء إبراهيم عبد الهادى بعض حوادث التعذيب وكان المعذب يطلب شربة ماء فلا يجاب إلى طلبه.

وكانوا يحرمون المتهمين من الطعام ويمنعون طبيب السجن من معالجة المرضى منهم.

ويهددون المعتقلين من الإخوان بالإعتداء المشين عليهم.

وبلغ الظلم مداه إلى احتلال بيوت وليس فيها غير النساء كما أعلن ذلك عبد القادر عودة فى مرافعته فى قضية اغتيال المرشد العام.

وأغلقت مصر جدودها مع ليبيا لأن سلطاتها رفضت تسليم ثلاثة من الإخوان المتهمين فى الحادث. لجأوا إلى قصر الأمير إدريس السنوسى وهم محمود يوسف الشربينى وعز الدين إبراهيم وجلال أبو سعده. ويستدعى رئيس الوزراء لمقابلته البكباشى جمال عبد الناصر ويحضر اللقاء اللواء عثمان المهدى رئيس أركان حرب الجيش. حذر رئيس الوزراء الضابط الذى اصبح بعد ذلك رئيسا لجمهورية مصر .

من أى نشاط أو ارتباط بالإخوان المسلمين. واتهمه بالإشتراك فى تنظيم سرى داخل الجيش.

دافع عبد الناصر عن نفسه بأنه كان فى كان فى فلسطين خلال الفترة من مايو 1948 حتى مارس 1949 ولذلك كان من المستحيل عليه ذلك.

قصد إيرلاند سكرتير السفارة الأمريكية إلى إبراهيم عبد الهادى باشا رئيس وزراء مصر يودعه بمناسبة سفر إيرلاند عائدا إلى بلاده.

كان اللقاء فى 16 من مايو 1949 بعد أيام من محاولة الاعتداء على حامد جودة رئيس مجلس النواب.

قال عبد الهادى باشا لسكرتير السفارة الأمريكية عندما سأله عن الإرهابيين:قام رجال الشرطة بعملهم على أفضل وجه ممكن. وأعرب عن سروره لأن الاثنى عشر رجلا الذين حاولوا الاعتداء على حامد جودة فى 5 من مايو تحت تصور أنها سيارة رئيس الوزراء تم القبض عليهم ومنهم 11 شخصا قبض عليهم بعد الحادث مباشرة وفر واحد فقط وتم اعتقاله!!

وقال : ستواصل الشرطة استئصالها لهذه العناصر. سأله ايرلاند:

هل هناك قرائن بأن عناصر بجانب الإخوان متورطة فى النشاط الإرهابى؟

أجبا رئيس الوزراء :

أعتقد أن جبهة خارجية ترسم الخطط وتقدم الأموال والتنظيم للإخوان المسلمين.

أخذ ايرلاند يضغط على رئيس وزراء مصر – كما قالت برقية جيفرسون باترسون القائم بأ‘مال السفارة المريكية بالقاهرة – لتقديم دليل على ما يقوله. أجاب رئيس وزراء مصر:

من الصعب الادلاء بقرينة محددة ولكن نموذج فتيل التفجير الذى يستخدمونه ليس معروفا فى مصر.

وقال: ربما يكون الاسرائيليون قد ساعدوا فى تنظيم أ أنشطة محتلفة فى مصر لاحراج الحكومة!!وهكذا أراد رئيس وزراء مصر الإيحاء بأن الإخوان , الذين حاربوا اليهود فى فلسطين, متورطون ويتعاونون مع اسرائيل فىعمليات الإرهاب ضد لحكومة مصر!

فى 7 من يونيو كتب السير رونالد كامبل إلى لندن فى البرقية رقم 99:

" تم القبض على مزيد من أعضاء جماعة الإخوان لامسلمين المحظورة وبين المعتقلين فى الآونة الأخيرة طالب يشك فى اشتراكه فى مصر ع سليم زكى باشا رئيس بوليس القاهرة فى ديسمبر الماضى.

وتحدثت التقارير عن أموال يتم جمعها ظاهريات لمساعدة اسر الإخوان المعتقلين وتهدف – فى الواقع – إلى تشجيع أنشطة الإرهاب فى المجتمع ويقول مراقب مصر. كان فى منطقة القناة مؤخرا إن هناك تأييدا قويا للإخوان فى المنطقة".

توالت الاتصالات بين الوفد والقصر.

قال فؤاد سراح الدين باشا يوم 30 من مايو 1949 لحسن يوسف باشا رئيس الديوان الملكى بالنيابة: الوفد يطلب ن القصر ضمانا لحرية الانتخاب. أجاب حسن يوسف باشا:

سبق أن صرح رئيس الوزراء إبراهيم عبد الهادى باشا بأن الأحكام العرفية سيقتصر سريانها على شئون الأمن فقط طوال فترة الانتخابات انتقل الحديث إلى العلاقات بين القصر والوفد فقال فؤاد باشا: للملك طلبات كثيرة. أجاب حسن يوسف: الملك يشترك فى شئون الحكم بمقتضى الدستور وله نصيب فى السلطة التشريعية والتنفيذية.

واضاف: متى توافر جو التفاهم فإن هناك دائما حل الوسط . عرض حسن باشا على الملك مضمون اللقاء فأبدى ارتياحا ولكن إبراهيم عبد الهادى باشا أبدى شيئا من العتاب فرد عليه حسن يوسف:

- أبواب الديوان الملكى مفتوحة أمام المعارضة , كما هى مفتوحة أمام الوزارة! واستمرت الاعتقالات والبحث عن الإخوان شهورا أخرى..وتعيد وزارة الخارجية البريطانية تقييم الموقف فى مصر وهل من مصلحة بريطانيا التدخل لعودة الوفد.نصح كلاتون مدير الإدارة الأفريقية – يوم 24 من يونيه 1949 – بعدم التدخل لأن ذلك لن يحل مشكلة السودان أو يؤدى إلى عقد معاهدة.

وقال كلاتون:" لا يجب أن نتدخل لعودة الوفد إلى الحكم و بل نسعى بكل الجهد,ليشترك الوفد فى الإنتخابات فحسب فإذا فعل فإنه سيحصل على أغلبية مقاعد مجلس النواب.

وإذا اصبح الوفد فى المعارضة فإن ذلك يفيدنا – أى بريطانيا – أيضا لأنه سيمنع توسع خطط الملك العسكرية . إننا لا نريد ان يقوم الملك بتدعيم الجيش بحيث يقيم ديكتاتورية عسكرية"

ويؤشر مايكل رأيت الوكيل المساعد للخارجية البريطانية على هذه المذكرة قائلا:" الوفد أكثر الأحزاب عقلانية بالنسبة للسودان وفلسطين. وهو أكثر الأحزاب صداقة لبريطانيا. وهو الوحيد القادر على تحقيق الإصلاح الاقتصادى. ويفكر الملك فى تعيين رئيس وزراء محايد وتشكيل حكومة ائتلافية تجرى الانتخابات

. ونحن نؤيد إجراء انتخابات حرة وإذا قام الملك بتزوير الانتخابات فإن الجميع سيعرفون انه لا يستطيع ذلك دون تأييدنا وسنتهم بتأييد الحكومة الرجعية للوصول إلى الحكم".

ويحقق صاحب الجلالة ما جاء فى مذكرة رايت بالحرف الواحد.

إن ملك مصر يمهد – بالفعل- لعودة الوفد وتحقيق حالة من الاسترخاء الأمنى أى الإفراج عن الإخوان العتقلين بعد أن قتل زعيمهم.

.. وكان حسين سرى باشا هو رئيس الوزراء الوحيد فى مصر الذى يستطيع أن يمهد لحكم الوفد كما حدث عام 1942.

دعا الملك فاروق وزير الفريق محمد حيدر باشا فى الثالثة من صباح يوم 25 من يوليو 1949 لمقابلته . وأمره أن يذهب فورا إلى رئيس الوزراء إبراهيم عبد الهادى باشا ويطلب إليه أن يستقيل. التمس حيدر باشا تأجيل الأمر إلى الصبح فأصر الملك على التنفيذ فورا بحجة أن " الدنيا رمضان" ون سهرة رمضان ممدة إلى الصباح.

كرر وزير الحربية التماسه .

تسامح الملك ووافق على أن ينتظر الوزير حتى السابعة صباحا.

توجه حيدر باشا إلى رئيس الوزراء فى بيته بالإسكندرية وأبلغه أن الملك يرى ان تستقبل الوزارة . ورأى الملك ... أمر!

وافق رئيس الوزراء ودعا مجلس الوزراء فى التاسعة صباحا وأبلغهم الأمر الملكى وتلا عليه كتاب الاستقالة.

شكلت الوزارة الائتلافية الجديدة برئاسة حسين سرى باشا وضمنت 4 وزراء من كل من الوفد والأحرار الدستوريين والسعديين والمستقلين واثنين من الحزب الوطني.

وأعلن صاحب الجلالة أن الوزارة الجديدة هدية العيد من الملك إلى شعبه وعلق كثيرون على ذلك بقولهم: وزارة إبراهيم عبد الهادى هى ضجة العيد . وإن لم يكن عيد الضحية!وزار كريم ثابت المستشار الصحفى لفاروق رئيس الوزراء السابق إبراهيم عبد الهادى مجاملا بعد الاستقالة.

أشار عبد الهادى إلى حكاية " هدية العيد" بانفعال شديد , ثم قال وهو يبتسم ابتسامة مرة: وعلى كدة أبقى أنا اللى طلعت " خروف العيد"!

اختلف وزراء سرى باشا حول تقسيم الدوائر الإنتخابية ولم يستطع رئيس الوزراء التوفق بينهم. ويظهر رجل العملا أحمد عبود فى الصورة عندما يلتقى بالوزير البريطانى تشابمان اندروز يو 25 من أكتوبر ويقول له:

سيدعو حسين سرى باشا مجلس الوزراء إلى الاجتماع يوم أول نوفمبر أى فى اليوم التالى لعودد فاروق من رحلته فى الخارج.

وفى هذا الاجتماع سيطلب سرى من الوزراء الاتفاق على تسيم الدوائر فإذا وافقوا سيصدر المرسوم الملكى بذلك وتجرى الحكومة الائتلافية الانتخابات .

وإذا حدث العكس ولم يتفق الوزراءسيقدم سرى باشا استقالته إلى الملك ويشكل حكومة إدارية خالصة لإجراء الانتخابات. ويضيف أحمد عبود قائلا للوزير البريطانى:

حصل سرى باشا على موافقة الملك مقدما على الاستقالة.

ويجمع سرى الوزراء الذين لا يفطنون غلى " الكمين" الذى أعد لهم فيختلفون وينهى رئيس الوزراء الاجتماع غاضبا , ويسرع بتقديم استقالته إلى الملك يوم 3 نوفمبر قائلا: " تبين لى فشل الجهود التى بذلتها فى محاولة التوفيق, وحرصا على عدم ضياع وقت بلادى سدى فى أمور لا طائل تحتها أرانى مضطرا إلى رفع استقالتى ".

ولكن سرى باشا يضيف هذه الكلمات فى خطاب استقالته قال: " مازلت اومن بالإئتلاف وفوائده الجمة. ولا شك عندى فى أنه سيكون مبروك الخيرات بعد الانتخابات وأن فى قيامه مصلحة كبرى للبلاد".

ولم تفطن أحزاب مصر إلى الهدف من هذه الكلمات .. فإن الملك كان يأمل أن ينجح فى تزوير الانتخابات بحيث لا يفوز حزب واحد بالأغلبية فيشكل سرى وزارة ثانية من كل الأحزاب المصرية... برئاسته!

أخذت الخطابات المجهولة تتوالى على النيابة العامة من أشخاص يدعون أنهم من الإخوان المسلمين وأنهم قتلوا البنا لأنه أبلغ الأمن العام عن مخازن الذخيرة وأرشد عن كثير من أعضاء " جمعية الإرهاب". ودلت لغة هذه الخطابات على أنها من " تأليف" رجال الشرطة فالإرهابى لا يصف نفسه بذلك بل يزعم انه فدائى.

ونشرت جريدة " الأهرام" فى اليوم التالى للجرمية أن البنا ارسل لوزارة الداخلية يعلن رغبته فى تسلمي الأسلحة والإذاعة وأنه تلقى خطاب تهديد بالقتل إن هو أذاع شيئا من أسرار الجماعة.

وكانت التحقيقات خالية من هذه المعلومات وقصد من نشر هذه الأخبار توجيه التحقيق وجهة خاصة وهى أن القتلة أعضاء فى جماعة الإخوان. وكان واضحا أن وزارة الداخلية هى التى أوحت بهذا النشر.

روى بكر درويش الذى كان رقيبا بمراقبة النشر بوزارة الداخلية أن بيان " ليسوا إخوانا وليسوا مسلمين" سلم إلى الرقابة بعد اغتيال حسن لبنا بيومين لتسليمه للصحف لنشره.

وقال توفيق صليب مدير الرقابة للرقباء

" الهدف أن يلقى فى الأذهان أن الجناة من الإخوان المسلمين المتذمرين من الشيخ البنا لموقفه من الحكومة وأن هذا التذمر أدى إلى ارتكاب الحادث".

قال البيان الذى كتبه الشيخ البنا قبل وفاته:

" وقع هذا الحادث الجديد حادث محاولة نسف مكتب سعادة النائب العام وذكرت الجرائد ان مرتكبه كان من الإخوان المسلمين فشعرت بأن من الواجب على أن أعلن أن مرتكب هذا الجرم الفظيع وأمثاله من الجرائم لا يمكن أن يكون من الإخوان ولا من المسلمين لأن الإسلام يحرمها والإخوة تأباها وترفضها .

ومن المرجح بل من المحقق أنه إنما أراد به أن يتحدى الكلمة التى نشرت قبل ذلك بيومين تحت عنوان ( بيان للناس) ولكن مصر لم تروعها أمثال هذه المحاولات الأثيمة وسيتعاون هذا الشعب مع حكومته الحريصة على أمنه وطمأنينته فى ظل جلالة الملك المعظم على القضاء على هذه الظاهرة الحظيرة.

وليعلم أولئك الصغار من العابثين أن خطابات التهديد التى يبعثون بها إلى كبار الرجال وغيرهم لن تزيد أحدا منهم إلا شعورا بواجبه وحرصا تاما على أدائه فلقلعوا عن هذه السفاسف ولينصرفوا إلى خدمة بلادهم كل فى حدود عمله إن كانوا يستطعون عمل شئ نافع مفيد.

وإنى لأعلن أنى منذ اليوم سأعتبر أى حادث من هذه الحوادث يقع من أى فرد وسبق له اتصال بجماعة الإخوان موجها إلى شخصى ولا يسعنى ازاءه إلا أن اقدم للقصاص أو أطلب إلى جهات الاختصاص تجريدى من الجنسية المصرية التى لا يستحقها إلا الشرفاء الأبرياء فليتدبر ذلك من يسمعون ويطيعون وسيكشف التحقيق ولا شك عن الأصل والدخيل.

ولله عاقبة الأمور".

لم يظهر الشاب الأسمر الذى ذكر رقم سيارة محمود عبد المجيد رغم ما نشرته صحيفة " المصر" ولم يظهر أبدا حتى بعد قيام الثورة.

ولكن السفارة الأمريكية فى برقيتها إلى واشنطن بعد الجريمة ب48 ساعة ذكرت السر الحقيقى لاختفاء هذا الشاهد الوحيد

قالت: " شاب مصرى كان يجلس فى مقهى مقابل جمعية الشبان المسلمين وقت الاغتيال تقدم إلى نقطة بوليس كوتسيكا بشارع معروف ابلغ كونستابل" اسمه حسن" وشرطيا اسمه " طه" بأنه يعرف رقم السيارة التى هربت فور الحادث وأنه يمكن أن يتعرف على القاتل إذا عرض عليه بين آخرين.

أبلغت نقطة كوتسيكا هذه المعلومات تليفونيا إلى المحافظة فانتقل على الفور

الصاغ توفيق السعيد من القلم السياسى – مباحث أمن الدولة – إلى نقطة وتسيكا.

ويقول أحد المصادر ان هذا الضابط – توفيق السعيد – وضع مسدسا فى معطف جيب الشاب واوسعه ضربا وهدده بأنه سيحاكم بتهمة أحراز سلاح غير مرخص.

ونقلوا الشاب تحت حراسة الشرطة إلى منزله ولم يفتح فمه بكلمة بعد ذلك , حول الحادث"!

وقد تأكدت هذه الرواية مع تغيير فى بعض التفاصيل فى أثناء محاكمة المتهمين باغتيال الشيخ البنا. فقد تلقى عبد الكريم منصور رسالة من مجهول جاء فيها" إن الولد الأسمر لقى تعذيبا من البوليس السياسى الذى وضعه فى سجن الأجانب .

واشرف على التعذيب العقيد محمود عبد المجيد فاضطر الولد للإختفاء من القاهرة .. من شدة الرعب"

بعد ستة أيام من الجريمة بعث جيفرسون باترسون الوزير الأمريكى المفوض فى القاهرة إلى واشنطن البرقية رقم 211 وتاريخها 18 من فبراير 1949 .. وفيها تفاصيل الجريمة وأسماء القتلة فإن المجرمين كانوا معروفين لدى القصر وزراة الداخلية والسفارات الأجنبية!

وكان الشعب المصرى يهمس بالحقيقة ولكنه لا يستطيع أن يصرح بها . قال باترسون:

" تدل المعلومات التى تلقيناها من المصادر الخاصة والموثوقة بما فى ذلك مصادر السفارة البريطانية بما يؤكد الاعتقاد السائد بين الجماهير أن الشيخ البنا ويدعم مساندة اكبر المسئولين فى الحكومة. أشرف على المخطط عبد الرحمن عمار بك وكيل وزارة الداخلية والمسئول

عن المن العام وأحد أصدقاء النقراشى المخلصين.

وشارك فيه محمود عبد المجيد بك مدير المباحث الجنائية بوزارة الداخلية وكامل الدماطى مدير مكتب رئيس الوزراء.

ويقال إن الإتفاق الذى تم بين الثلاثة على أن يتولى الدماطى تفاصيل التخلص من الشيخ البنا.. ومن هنا رتب الدماطى أن يتولى هو واثنان من مساعديه الموثوق بهما القيام بعملية نموية على الشيخ البنا وبدأت العملية منذ ثلاثة أسابيع

هذان المساعدان الموثوق بهما ملكية.

1- كونستابل بوليس فى ملابس ملكية.

2- أومباشى سابق فى البوليس نقله الدماطى من البوليس إلى وظيفة كتابية فى رئاسة مجلس الوزراء وعمل معه مؤخرا كسائق لسيارته.

والأومباشى أسود البشرة وماهر فى استخدام المسدس والبندقية ومساء السبت 12 من فبراير تبع المساعدان الشيخ البنا إلى جمعية الشبان المسلمين فى سيارة سوداء.

والجدير بالملاحظة ان رجل البوليس المعين فى المنطقة لم يكن ساعتها فى دركه,

ويقال إن غيابه عن واجبه جرى ترتيبه مسبقا أما سيارة البوليس التى ترافق الشيخ البنا لحراسته فقد سحبت قبل 18 يوما من الحادث ,ومن هنا فالأمر يبدو كأنه مخطط جيد الإعداد والتنفيذ وعلى الرغم مما عرف عن عمار بك بوصفه رجلا" حسن الإسلام" أحيانا لدرجة التعصب فإنه عبر أكثر من مرة لسكرتير السفارة عن كراهيته للشيخ البنا".

وهذه البرقية الخطيرة حددت:" كراهية عبد الرحمن لالبنا . " ذكرت صراحة اسم محمود عبد المجيد مدير المباحث الجنائية بوزارة الداخلية والذى ثبت بعد خمس سنوات أنه المحرض على الجريمة. ولكن النائب العام محمود منصور لم يأمر بالمضى فى التحقيق إلى نتيجته الطبيعية وهى القبض على الجناة.. وهم معروفون!

ولم يحفظ محمود منصور التحقيق. ولم يقيد الجناية ضد مجهول وبقيت أوراق القضية تنتظر رغم المحققين يعرفون المحرض والقتلة ولكنهم لا يستطعون أن يمدوا إليهم يد القانون!

وتوقع الإخوان أن يعيد حسين سرى باشا التحقيق ويقدم المتهمين إلى القضاء خاصة وأن بينه وبين إبراهيم عبد الهادى خصومة طويلة.

وكا ما فعله حسين سرى أن نقل محمود عبد المجيد من إدارة المباحث الجنائية إلى وظيفة مفتش فى إدارة الشرطة.. فى 14 من أغسطس 1949 , بعد ثلاثة أسابيع من توليه رئاسة الوزارة!..

وظل الرعب يلاحق العهد كله سبعة شهور بعد الجريمة وبعد استقالة إبراهيم عبد الهادى وتولى حسين سرى رئاسة الوزارة. فى 2 من سبتمبر كتب الوزير البريطانى تشابمان: " يتضح الدليل على أنه مازالت هناك حياة فى منظمة الإخوان المسلمين المنحلة من تقرير سرى وصلنى حول اعتقال أربعة أشخاص فى محطة القاهرة فى .22 من أغسطس 1949.. وما أعقب ذلك من اعتقال ستة أشخاص آخرين وتم ضبط كتيب مع هؤلاء الأشخاص يهاجم الحكومة السابقة.. ويفند اتهامات معينة عن القيام بنشاط هدام صدر على أساسها قرار حل الجماعة.

ويزعم أن قرار الحل كان نتيجة لضغوط تعرض لها المغفور له النقراشى باشا من جانب السفارات البريطانية والفرنسية والمريكية.

ويزعم لاكتيب أيضا أن النظام لسابق أسا استخدام قانون الأحكام العرفية.

وينتهى بنداء يوجهه بالسماح للمنظمة بالحرية الكاملة بالعودة مقابل أن يتعهد الإخوان المسلمون بتأييد الحكومة باخلا صفى الحفاظ على الأمن والنظام".

بدأ الحديث عن الثورة يتجدد..

بعث وزير الخارجية الأمريكى إلى جيفرسون باترسون الوزير المفوض فى القاهرة يقول: " اطلعت على تحذير وارد من مصدر موثوق فيه بأن انقلابا مشابها لذلك الذى وقع فى سوريا يجرى الإعداد له فى مصر.

تابع الموقف عن قرب ووافنا بتقرير عنه".

ولكن الثورة لم تقع فى مصر بل جرت محاولة لاغتيال المك فاروق . طار مراسل أمريكى من القاهرة . ليتجنب الرقابة على البرقيات فى مصر. ومن طرابلس – بليبيا بعث المراسل بقصة محاولة الاغتيال التى لم تنشر فى مصر. قال :"

أصيب الحارس الخاص للملكط فاروق بعدة رصاصات. ونصح الملك بألا يخرج إلى الشارع بعد اغتيال النقراشى.

وفى المرات النادرة التى غامر فيها بالخروج كان يتحرك فى موكب هائل من سيارات الجيب المليئة بالضباط من حرس القصر المسلحين بالرشاشات... وخوفا على حياته فإن فاروق شبه سجين, منذ عدة شهور فى قصر عابدين"!

قاتلان

كان هناك قاتلان


الأول قتل رئيس الوزراء النقراشى باشا وقد قبض عليه واعترف بجريمته وقال إنه ممن الإخوان المسلمين. والثانى عقيد من ضباط الشرطة, قتل , أو حرض على قتل رئيس جماعة الإخوان المسلمين, وهو – القاتل – معروف للجميع ولكن أحد لم يجرؤ على القبض عليه.

قدم عبد المجيد حسن قاتل لنقراشى وزملاؤه الخمسة, بعد تحقيق استمر سبعة شهور إلى المحكمة العسكرية العليا فى 6 من أغسطس 1949 برئاسة المستشار محمد مختار عبد الله وعضوية المستشارين محمد شكرى طلحة ومحمد غالب عطية والعميدين أحمد صالح أمين وإبراهيم زكى الارناؤطى.وكان عبد المجيد حسن قد ظل صائما منذ ارتكاب الجريمة وكان يسير كيلو مترات فى الصحراء على الأقدام ليرشد المحققين لأماكن التدريب وهو صائم .. ويرفض الأفطار رغم الألحاح عليه..

وظل صائما أمام المحكمة وهو يكرر اعترافاته فطلبت منه المحكمة أن يتكلم وهو جالس . وكان يردد أنه يصوم ليكفر عن جريمته البشعة مثل لانيابة العام محمد عزمى ومحمد عبد السلام الذى أصبح – فيما بعد

– نائبا عاما

هاجم محمد عزمى المتهمين ومن خلالهم الإخوان المسلمين بضراوة فقال إنهم قوم أغواهم الشيطان فتفاقمت أطماعهك ولم يجدوا – لتحقيق ما باتوا به يحلمون – أيسر من الإفتراء على الله ورسوله خديعة للجهلاء وإسلابا لعقول الدهماء.

وقال محمد عبد السلام : إن مقتل الخازندار بك حمل فى تضاعيفه مقتل النقراشى باشا. وإن جماعة الإخوان تحمل وزر الجريمتين معا. فإن هذه الجماعة قد احتضنت الإرهاب بل على الأصح كمن الإرهاب فى تكوينها نفسه.. فإن شعار الإخوان ينطق بالعنف , فهو سيفان بينهما مصحف وتحتهما الآية الكريمة" وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة".

وكان هذا الشعار حريا بأن يثير الظنون فى هذه الجماعة غداة تكوينها منذ عشرين سنة لولا حرص القائمين عليها, فى مبدأ أمرهم على التظاهر بالتزام الدين وحض على العبادة والبعد بهم عن السياسة.

واشار إلى كتاب ألفه البنا تحت عنوان " رسالة التعاليم منى لإخوان الكتائب"! وقال إن الشيخ البنا أوصى الإخوان بمقاطعة المحاكم الأهلية.. وهذا يدل على فكرة العنف والتحفز, والتربص للوثوب, والغدر, بالنظام الدستورى.

وأشار إلى " النظام الخاص" فقال إن أفراده أ‘دوا إعدادا تاما للبطش بأعداء الحركة, وقد أخفوا حقيقتهم وبقى أمرهم سرا لا يعلم أمره سوى قادتهم وزعمائهم.

وقال إن الإخوان اغتنموا فرصة مطالبة الأمة بحقوقها القومية للفت الأنظار عن طريق العنف والجريمة فألقوا القنابل فى جهاتت متفرقة فى القاهرة والإسكندرية والإسماعيلية وبورسعيد. ثم جاء حادث مقتل الخاوندار بك وهيأ للجماعة استمرار هذا الإرهاب. اندلاع الصراع فى فلسطين, ولما وقع حادث شركة الاعلانات الشرقية , تساءل الناس إلى متى تنتظر الحكومة . وقد بات كل شخص لا يأمن على حياته.

وأثار الإخوان الشغب فى الجامعة يوم افتتاح الدراسة وتابعوا خطتهم فوقع شغب آخر فى المدرسة الخديوية, وقتل الحكمدار وألقيت القنابل على رجال البوليس, وعندئد لم يبق فى قوس الصبر منزع, ولم تجد الحكومة أمامها إلا حل جماتعة الإخوان.

ولم تقابل الجماعة هذا القرار بالطاعة, بل اعتبرته تحديا لها وقال إن ذاكرة عبد المجيد العجيبة وعت تفصيلات الوقائع فلم تخطئ فيها مرة واحدة, وكان كلما ووجه بمتهم. يذكره بالوقائع الخاصة به تماما, ويعيدها بتفصيل ودقة لا يمكن أن يكونا إلا من شخص انطبعت تلك الوقائع فى ذاكرته.

صدر الحكم بإعدام عبد المجيد حسن فى 13 من أكتوبر عام 1949 وكان حسين سرى باشا رئيسا للوزراء. وتلقى عبد المجيد حسن حكم الإعدام بابتسامة لم يحملها, فى قفص الاتهام سواه!

وقال إن قرار المحكمة هو القرار الوحيد الذى توقعه .. وظل واقفا فى القفص فى ثبات وهو يتكلف الابتسام ويقول : هذا قضاء الله. إن الله هو الذى حكم.

وأدانت حيثيات الحكم الجماعة نفسها لا المجموعة التى قتلت النقراشى فحسب.

قال المستشار مختار عبد الله فى حيثيات الحكم.

" اتخذت جماعة الإخوان المسلمين من ظاهرها شكل جماعة مشروعة تعمل للخير ولتحقيق أغراض دينية. وكان هناك نشاط سرى إلى جانب هذا النشاط الظاهرى يرمى إلى إعداد هيئة مدربه تدريبا عسكريا لتحقيق الأغراض البعيدة للجماعة كما تضمنتها رسائل المرشد العام إلى الإخوان وخطبه العديد صريحة فى إقامة نظام ديكتاتورى شامل".

وكتبت السفارة الأمريكية إلى وشنطن تقول:

" كان عبد المجيد حسن كما ذكرت الصحف يتوقع أن يحكم عليه بالأشغال الشاقة المؤبدة مدى الحياة.. وربما كان يعتمد على أن الحكم بالإعدام نادر فى مصر خلال السنوات الأخيرة.

أما الأربعة من شركائه وهم محمد مالك, وعاطف عطية حلمى وشفيق إبراهيم أنس, ومحمود كامل سعيد فقد حكم عليهم بالسجن مع الشغل مدى الحياة.

وكانت أهمية الأدلة المتعلقة باشتراك هؤلاء الأشخاص كبيرة وهناك بعض الدهشة لأنه لم يحكم بإعدامهم أيضا. وهناك اعتقاد فى بعض الدوائر بأن القضاة لا يميلون إلى التشدد فى القسوة على ضوء اغتيال الخازندار فى عام 1948 بعد أن أصدر حكما بالسجن مدى الحياة على اثنين من الإخوان المسلمين.

وفى هذا الصدد فإنه كان من الأهمية أن تحاط قاعة المحكمة بحراسة مشددة. أما الدهشة الكبرى للأحكام فتمثلت فى براءة عشرة من المتهمين وهناك اعتقاد عام بأن الدليل الذى قدم كان كافيا لإصدار حكم مخفف صدهم وعلى أية حال فإن مسئولى الأمن فى الحكومة لا يعتزمون أن يستعد أى منهم حريته فورا. واختلف رد الفعل الشعبى على الأحكام وفقا للمشاعر السياسية ولا يمكن القول أن هناك مشاعر بغض عامة لعبد المجيد كقاتل"!

فى اليوم التالى لصدور حكم الإعدام نشرت صحيفة " المصرى" الناطقة باسم الوفد: " نرجو أن يقضى هذا القرار على وساوس الشيطان التى تدفع بشباب نافعين إلى عالم الجريمة والقتل لمعتقدات سياسية". وقالت المصرى:

" صدر من قبل محكمة جنايات مصر حكم يقضى بمعاقبة حسين توفيق بالشغال الشاقة عشر سنوات لقتله أمين عثمان.

وما نريد أن نناقشه هو موقف الحكومة المصرية من حسين توفيق.

لقد فر حسين توفيق عقب محاكمته. وظل مختفيا بعض الوقت وعرف أنه فى شرق الأردن ثم اختفى.

ولا اقل من أن تعمل الحكومة على مساواة الفار حسين توفيق بزملائه هؤلاء فتسعى جادة لتسليمه وتنفيذ العقوبة".

وعبرت برقية للسفارة الأمريكية فى القاهرة عن الموقف الحقيقى للوفد من حكم الاعدام. قالت السفارة:

" تردد أن أعضاء كثيرين فى الوفد يشعرون بتعاطف كبير تجاه القاتل بسبب الكراهية والازدراء اللذين يكونهما للنقراشى باشا. وقد ارتدوا أربطة عنق سوداء فى اليوم الذى أعلن فيه الحكم على عبد المجيد حسن"!

ونفذ حكم الإعدام فى 25 من أبريل 1950 عندما كان مصطفي النحاس فى الحكم!

كوفئ من قتلة البنا محمود عبد المجيد وحده. بعد شهرين من الجريمة تذكرت إدارة الجنايات بوزارة الداخلية أن محمود عبد المجيد قام بمجهودات للأمن قبل 3 سنوات, وأنه يستحق مكافأة قرر وكيل الأمن العام فى 5 أبريل 1949 منحه مكافأة قدرها 300 جنيه عن جهوده فى جرجا عام 1946!

وعندما عرضت الأوراق على عبد الرحمن عمار قرر زيادة المكافأة إلى 600 جنيه . واقر ذلك المجلس الأعلى للبوليس!

وكان المبلغ تافها إزاء بشاعة الجريمة وشخصية المجنى عليه.

ولكن محمود عبد لمجيد تمتع بالحماية الملكية فى عهد فاروق وحتى نهاية ذلك العهد.

أنعم عليه – فى 4 من يوليو 1949 – صاحب الجلالة برتبة البكوية من الدرجة الثانية" لما يبديه من جهود فى خدمة الأمن"

وعين مديرا لجرجا فى 3 من أبريل 1952.

أما عبد عمار وكيل وزارة الداخلية فإن حسين سرى نقله من وزارة الداخلية ليكون وكيلا لوزارة المواصلات فى أغسطس 1949 . وأصابه مرض قاس وعانى آلام رهيبة وعندما قامت الثورة وجده المحقق المستشار حسن داود فى المستشفى فكان يحقق معه وهو على سرير المرض.

وأمر فؤاد سراج الدين باشا – وهو وزير للداخلية عام 1950 – يخصم 15 يوما من مرتب المقدم حسيم كامل بعد ا، أتهمه مرشح وفدى فى الإنتخابات بأنه ناصر الدكتور نور الدين طراف ففاز على مرشح الوفد.

واستعد محمد محفوظ لاستقبال الترقية فقام بتفصيل بدلة الصول ووضع فوق الأكتاف شرائطها ولكن وزارة الداخلية فى عهد حسين سرى رفضت ذلك ووجدت هذه البدلة وسلمت للجيش بعد الثورة كدليل اتهام! وطلب محمود عبد المجيد ترقية الأمباشى أحمد حسين ولكن إدارة الشرطة أبت لأنه يجهل القرأءة والكتابة كما رفضت منحه علاوة المباحث وهة جنيه شهريا لأنه ليس من قوة المباحث!

ولكن أحمد حسين عقب الجريمة بأيام قليلة – زار حرم النقراشى فقدمت إليه صورة لقرينها الراحل وعليها هذه الكلمات:هدية منى إلى البطل الأمباشى أحمد حسين.

وأهدته أيضا – كما يقول – قطعتين من الصوف " الإنجليزى" وحقيبة بداخلها ملابس حريرته لزوجته ورزمة اوراق مالية مجموعها 400 جنيه!

وكانت الأدلة ضد قتلة البنا واضحة ورغم ذلك فإن التحقيق فى مصرع المرشد العام لم ينته إلى شئ... طوال تسعة شهور.

وجاءت مناسبة انتهزها الإخوان وهى محاكمة المتهمين العشرة بمحاولة اغتيال إبراهيم عبد الهادى وحامد جودة رئيس مجلس النواب.

طلب عبد المجيد نافع محامى المتهمين ضم قضية البنا.

قال إن أحد شهود جريمة اغتيال المرشد العام للإخوان – وهو محمد الليثي لاحظ أن سيارة القتلة كانت تحمل لوحة ارقام خاصة بالقائمقام محمود عبد المجيد بك رئيس إدارة المباحث الجنائية.

وأكد عبد المجيد نافع أن رجال البوليس السياسى دبروا ونفذوا الاغتيال وأن شاهد العيان تعرض " للتخويف " والتهديد عندما ذكر للبوليس رقم سيارة القتلة.

نشرت كل الصحف ذلك – عدا " الأساس" – صحيفة " السعديين" رقم سيارة القتلة.

نشرت كل الصحف ذلك – عدا " الأساس"" صحيفة " السعديين" يوم 6 من نوفمبر 1949.

كتب السفير الأمريكى جيفر سون كافرى:"

كان عبد الهادى باشا رئيسا للوزراء ووزيرا للداخلية فى ذلك لاوقت ونشر القصة لطمة لمكانة السعديين التى اصابها الضعف بالفعل . وخاصة بالنسبة للسمعة التى تتمتع بها صحيفة " الأهرام" وتشير التقارير السرية إلى أن نشر القصة كان من تدبير رجال الوفد . بهدف أضعاف خصومهم الرئيسيين".

ومن هذه البرقية يتضح أن النشر لم يكن لعقاب المتهمين بقدر ما كان الهدف أضعاف الحزب السعدى فى الانتخابات التى تمهد لها ويجريها وزارة حسين سرى!

كان نشر القصة مناورة سياسية من فؤاد سراج الدين سكرتير العام للوفد فإن الصحفى الذى كتبها هو أبو الخير نجيب المحرر السابق فى صحيفة " النداء" الوفدية أما نائب رئيس التحرير الذى أقر النشر فكان من الموالين للوفد أيضا وعندما علم رؤساء تحرير الأهرام بنشر القصة استشاطوا غضبا.وبوغتت الرقابة على الصحف بالنشر وهى تغفو.

نشرت " الأهرام" يوم 9 من نوفمبر 1949 أن رئيس الوزراء " طلب ملف التحقيق فى قضية مقتل المغفور له الشيخ البنا".

خاف السائق محمد محفوظ ولكن المقدم توفيق السعيد قال له:

- لا تخش شيئا سيذاع تكذيب لذلك بعد ظهر لايوم. وبالفعل لم يدع رئيس الوزراء ذلك النبأ يمر بلا تعليق بل اسرع بإصدار بلاغ رسمى اذاعته الإذاعة ونشرته صحيفة " الزمان" المسائية فى نفس اليوم . قال البلاغ : " عادت بعض الصحف إلى نشر بيانات عن حادث مقتل المغفور له الشيخ البنا" واضاف بعضها أن حضرة صاحب الدولة رئيس مجلس الوزراء اتخذ فى هذا الموضوع تدابير معينة وأن اجتماعا عقد بمكتب حضرة صاحب المعالى وزير الدولة لبحثه.

والحكومة تعلم أن هذه القضية بين يدى النيابة. وأنها حرة فى اتخاذ ما تراه من إجراءات حيالها, والسلطة التنفيذية حريصة كل الحرص على عدم التدخل بحال من الأحوال فيما هو من عمل السلطة القضائية على أية صورة" وأصدر رئيس النيابة العسكرية العليا – فى نفس اليوم – أمرا بحظر النشر فى القضية:

ومن الواضح أن هذه المحاولة السريعة لاسدال الستار على التحقيقات لم تنم بإيعاز من سرى باشا بل لابد أن رئيس الوزراء خضع فى ذلك لرغبات أو أوامر صاحب لجلالة فاروق الأول.

قال لى إبراهيم عبد الهادى رئيس وزراء مصر الأسبق تعليقا على الوثائق الأمريكية التى تتهمه بانه تستر على قتلة البنا عندما كان رئيسا للوزارة عام 1949.

قال إبراهيم عبد الهادى وقد بدأ عليه الألم:

لا عجب عندى أن يثير الإنجليز حولى جوا من الشكوك والاتهامات كنت من أشد خصومهم... وأقوى الدعاة فى ثورة عام 1919 ... وقد نسبوا إلىّ القدرة على تشكيل التنظيمات ضدهم.اتهمت كذبا فى قضية المؤامرة الكبرى الملفقة عام 1920 ... وكان اتهامى نتيجة لنشاطى فى الخطابة ضد الإنجليز فى ثورة 1919 وبالذات فى الأزهر الشريف ..ز وهى القضية المعروفة بقضية عبد الرحمن فهمى. وبقيت فى السجن نحو 4 سنوات.. نقلونى فى خلالها من سجون الاستئناف إلأى الزقازيق وطنطا ومصر ولم يفرج عنى إلا بعد أن تولى سعد زغلول الحكم.

وسجنت مرة أخرى فى قضية مصرع السردار السير لى ستاك.. وبقيت سجينا 75 يوما وكنت آخر من أفرج عنهم من المحبوسين فى هذه القضية وتم الإفراج عنى بعد أن أعترف المتهمون بقتل السردار.وهذا هو مو ماضى مع الإنجليز فلما قتل محمود فهمى النقراشى كنت رئيسا للديوان الملكى وعرضت علىّ الوزارة فقبلتها ز.. وكان قد قبض على قاتل النقراشى متلبسا ولم يكن هناك إذن ما يدعو للإنتقام.

ثم لمذا نأخذ عن الوثائق الأجنبية فى قضية البنا ونترك احكام المحاكم المصرية؟

إن القضاء المصرى نظر فى قضية البنا ومقتله أكثر من مرة.. وجميع الدوائر التى أحيلت عليها هذه القضية ابتعدت كل البعد عن اتهامى بالتستر على الذين قتلوا البنا.

وصدر الحكم بعد قيام الثورة.. ولم يتضمن من قريب أو بعيد إشارة لاتهامى بالتستر.وكان يمكن للنيابة أن تطعن فى هذا الحكم خلال 18 يوما ولكن النيابة لم تطعن وبذلك أصبح لاحكم نهائيا.وتولى التحقيق فى قضية البنا منذ اللحظة الأولى النائب العام وبقيت رئيسا للوزراء 6 شهور نصفها بعد مقتل البنا .. ولم يظهر الفاعل وقتهامع استمرار التحقيق.

وجاءت بعدى وزارتا حسين سرى ومصطفي النحاس باشا.

وتعاقبت الوزارات حتى قيام الثورة... ولم يظهر القتلة فهل كل رؤساء الوزارات كانوا متواطئين على الصمت أيضا.. أو كانوا متواطئين على التستر علىّ وبينى وبينهم خصومات سياسية؟

هل كان يمكن أن يتستر مصطفي النحاس باشا على جريمة يمكن أن أكون أنا شريكا فيها أو متسترا على مرتكبيها؟

هل كان يمكن أن يتستر علىّ حسين سرى ولو كان الملك – أيامها – يعرف أنى متهم لما سكت عنى .. ولما سكتت عنى الوزارات التالية والتى كانت تؤيده تأييدا كاملا فى كل ما يتخذ من إجراءات.. ولما سكت عنى الإنجليز الذين حقدوا علىّ فسجلوا حقدهم فى وثائقهم التى صدقتموها ورفضتم تصديق كلمة القضاء المصرى.

ابعد أن أعطيت عمرى وشبابى وحياتى لمصر تجئ الأيام لتلقى علىّ شبهة اتهام بالتستر على جريمة؟"! وقدم إبراهيم عبد الهادى إلى محكمةة الثورة برئاسة قائد الجناح عبد اللطيف البغدادى عضو مجلس قيادة الثورة بعدة تهم منها التستر على قتلة البنا ..

وأصدرت المحكمة حكما بالإعدام على إبراهيم عبد الهادى ورأى مجلس قيادة الثورة فى 4 من أكتوبر 1953 تخفيف الحكم إلى الأشغال الشاقة المؤبدة ولكن المحكمة لم تحدد هل هو برئ أو أدين فى هذه التهمة.وقد أفرج عنه صحيا – بعد أربعة شهور – فى 2 من فبراير 1954 ونقل إلى بيته لإصابته بأزمة قلبية.

وكان سبب الإفراج الخلاف بين الثورة والإخوان فى ذلك الوقت!

اشارت كل الأدلة إلى أن الملك كان وراء اغتيال البنا.

قال أنطون بوللى بك خام الملك فاروق وقواده للماجور سانسوم ضابط الأمن بالسفارة البريطانية: قرار اغتيال البنا اتخذ فى القصر الملكى وخطط له داخل هذا القصر ونفى بوللى الاتهام عن الملك وحده قال:

صاحب الجلالة لم يكن يعلم!

وكان فاروق أيامها يحكم مصر ولم يكن فى استطاعة بوللى أن يوجه الاتهام غلأى مولاه! ظل حزب الوفد – بعد استقالة إبراهيم عبد الهادى – يطالب بإعادة التحقيق فى القضية. وتولى مصطفي النحاس رئاسة الوزارة المصرية فى 12 من يناير 1950 بعد أن اكتسح باقى الأحزاب فى الانتخابات.

وفتحت جريدة " الأهرام" صفحاتها لمحمد الليثي الذى أعيد إلى القوات المسلحة رئيسا للقسم السكرتارية بالسلاح الجوى الملكى ثم نقل إلى إدارة الشئون العامة وأصبح محررا فى صحيفة الأهرام بالإضافة إلى عمله فى السلاح قبل أن يتفرغ بعد ذلك للعمل الصحفى فى الأهرام. وكان أصحاب المصلحة فى حملة الليثى للكشف عن المتهمين ومحاكتهم هم الوفديون! أو على الأقل هم الذين افادوا من الحملة!

ظل محمد عزمى نائبا لمدة عامين دون أن يتحرك التحقيق خطوة واحدة وفى عهدهوبكلماته نفسها , التى أدلى بها بعد الثورة , قال : استمر التحقيق نائما" ولم يفتح الوفد التحقيق فى قضية اغتيال المرشد العام.

وفى مذكراته التى أحال بها المتهمين إلى غرفة الاتهام قال فؤاد سرى رئيس النيابة الذى تولى التحقيقات الأخيرة فى القضية بعد الثورة. " بيت العميد محمود عبد المجيد النية على قتل المرشد العام ولكن لم يصل التحقيق إلى تحديد ذلك متفقا مع ولاة الأمور فى لادولة,

أو أن محمود عبد المجيد كان يعمل لذلك حتى يحظى بتقدير ولاة الأمور ولثقته فى أنهم أهدروا دم الشيخ البنا فبات تنفيذ قتله امنية يتوقون إليها ويرجون تحقيقها".وعندما حوكم المتهمون باغتيال البنا قال محاموهم: _- لو أن لاملك لم تكن له يد فى ارتكاب الحادثماكان من المعقول اطلاقا أن تلتزم حكومة الوفد الصمت خاصة بعد أن أوضح العداء بين صاحب الجلالة وإبراهيم عبد الهادى عندما اشترك فى توقيع عريضة المعارضة التى أغضبت فاروق.

إذا كان الوفد يخشى أن تمس التحقيقات صاحب الجلالة ملك مصر أو رجاله فإن الوفد كان يستطيع وله أغلبية برلمانية عارمة فى مجلس النواب, ثم فى مجلس الشيوخ أن يعيد الجماعة ولكن فؤاد سراج الدين وزير الداخلية وضع 3 شروط لاعادة الشرعية للجماعة.

1- لا يتم استئناف النشاط الرسمى للجماعة إلا بعد رفع الأحكام العرفية .

2-يمكن استئناف النشاط بصورة غير رسمية ولكن تحت اسم جدسد.

3- لا يستخدم الاسم القديم إلا بعد رفع الأحكام العرفية وعودة الجماعة. نهائيا إلى الشرعية..

4- وقد اضطر مصطفي مؤمن تحت إلحاح الرغبة فى إعادة نشاط الجماعة بأى شروط إلى قبول العرض الوفدى.وقد ذهب مصطفي مؤمن فى ذلك إلى حد اقتراح اسم جديد للجماعة هو ( النهضة الإسلامية) ولكن باقى زعماء الجماعة, وصالح عشماوى بوجه خاص رفضوا الاقتراحين بتغيير اسم الجماعة أو تأجيل نشاطها.

وانتهى الأمر بفضل مصطفي مؤمن من الجماعة!

كتب السير رونالد كامبل السفير البريطانى إلى لندن يوم أول من أبريل 1950:

" ما يخبئه المستقبل لفخوان المسلمين مفتوح للتخمين.وقد ظلت سياسة الحكومة حاليا سياسة قمع. ويبدو أن الإخوان لم يتخلوا بأى شكل عن النضال.

بل يبدو أملهم فى الحياة تبلور الآن فى تصميم على استمرار الجماعة سواء حظرت أم لا" ويرى السفير الخدعة التى لجأ إليها الوفد لإقناع الإخوان بأ، بريطانيا تضغط على الوفد لعدم الغاء قرار الحل. وأن ارنست بيفن وزير خارجية بريطانيا هو الذى نصح بذلك عند زيارته لمصر.

قال السفير:

" انتشرت شائعة فى دوائر الإخوان المسلمين باحتمال احياء الإخوان المسلمين.

ولكن بمجرد وصولك تغير الموقف ومن هذا نستنتج بوضوح أن الحكومة استمعت إلى نصيحتك المزعومة بعدم تشجيع إحياء حركة الإخوان.

ومن المحتمل أن يؤدى ذلك إلى تشجيع اعتقاد بين الإخوان بأن انتعاش ركنهم أمر مستبعد نتيجة للضغط البريطانى لأن الوفد – إلى حد ما – خدع الإخوان فى الحملة الإنتخابية للحصول على اصواتهم لذلك فغنهم يرحبون بأى عذر لحجب المكافأة التى ينتظرها الإخوان نتيجة لتأييدهم".

ظلت وزارة الوفد فى غشارتها للإخوان تصفهم بهاتين الكلمتين: " الجماعة المنحلة".

وقدمت الحكومة إلأى البرلمان القانون رقم 50 لعام 1950 يعلن رفع الأحكام العرفية وكل القرارات المرتبطة به, باستثناء ما تعلق منها بالإخوان المسلمين.

ومرة أخرى يصف ميتشيل ما جرى قال:

" فى أول مايو 1950 تم رفع الأحكام لاعرفية واجتمع مكتب الإرشاد بقادة الإخوان وصرح بأن جماعة الإخوان المسلمين تنعم الآن بالوجود الشرعى.

وارتفعت راية الجماعة فى جميع انحاء البلاد.

ولكن بادرت قوات الأمن الحكومية إلى العمل على الفور فمزقت الرايات وانزلتها هى وكل ( الشعارات ) الأخرى المرتبطة بالجماعة, واحتلت المركز العام وأصر الإخوان على موقفهم.

,اصبح الخلاف علينا بين الحكومة والجماعة بسبب ما أعلنه وزير الداخلية عن عزمه شراء ( مبنى) المركز العام للجماعة لتحويله إلى نقطة شرطة". ويحاول فؤاد سراج الدين التخفيف من حدة الأزمة بين الوفد والجماعة فيعلق فى حديثه لصحيفة " الأهرام" يوم 26 من أكتوبر عام 1950:

سيباشر الإخوان نشاطهم.

انتهى العام الأول لوزارة الوفد فأعلن فؤاد سراج الدين أن الحكومة تفكر فى استبدال قرار حل الإخوان بقانون جديد للجمعيات!

وأعد مشروع القانون وهو يسرى على الجمعيات التى تسعى لتحقيق أغراض اجتماعية أو دينية أو علمية أو أدبية إذا كان عدد أعضائها يزيد على 20 باستثناء الجمعيات النشاط المدرسى.

ولا يجوز للجمعيات أن تكون لها تشكيلات عسكرية او شبه عسكرية وألزمت الجمعيات بتسجيل معلومات تفصيلية عن كل عضوا وإيداع صورة فوتوغرافية. لدى السلطات المختصة.

تبين الإخوان المسلمون أن المشروع موجه ضدهم بالذات ويمنع حركتهم يفرض عليهم رقابة بوليسية رغم أن فؤاد سراج الدين قال إن المشروع لا يعنى جمعية بذاتها وإنما ينطبق على الجمعيات المحتلفة.

وقدم مشروع القانون يوم 16 من أبريل 1951 إلى البرلمان. وخلال مناقشة القانون أمر صالح عشماوى الأعضاء بالخروج فى مظاهرة ضخمة أمام مبنى البرلمان.

ونوقش المشروع فى مجلس النواب يوم 17 نمن أبريل 1951 ويتوجه السفير البريطانى الجديد السير رالف ستيفسون إلى فؤاد سراج الدين وزير الداخلية يسأله عن الجماعة ثم بعث السفير إلى لندن فى 23 من أبريل 1951 يقول:

" فى حديث مع وزير الداخلية أمس أثرت مسألة الإخوان المسلمين قال سراج الدين باشا إنه لا يشعر بالقلق على الإطلاق إزاء مستقبل نشاط هذه الجماعة ولم ينكر أنها كانت خطرة فى الماضى . ولكنه يرى أن ذلك يرجع إلى تشجيع القصر لها كسلاح ضد الوفد وإلى شخصية الشيخ البنا. ولا يوجد الآن زعماء يتمتعون بسمات القيادة والمبادرة.

وعلاوة على ذلك فإن التشريع المقترح سوف يمنع الإخوان من أن يجعلوا من أنفسهم شيئا مزعجا. وهو يتفق معى فى احتمال حدوث تغلغل فى الإخوان من جانب الشيوعيين. الين تتجه ارتباطهم التقليدية إلى التسلل داخل المنظمات القومية المتطرفة واستغلال هذه المنظمات كوسيلة لإثارة المتاعب بوجه عام" ويعلق مسئول فى وزارة الخارجية البريطانية فى نفس اليوم – 23 من أبريل – على حديث سراج الدين فيقول فى مذكرة سرية:" تصريح سراج الدين بأنه لا يوجد بين قيادات الإخوان من هو فى قدرة البنا أمر صحيح تماما.

إن مشروع قانون الجمعيات الجديد سوف يمضى طويلا فى التصدى لتوسع الإخوان المسلمين. ولكنه يخشى أن تقم العناصر المتطرفة فى المنطقة بعمليات إرهابية.

ومن ملامح القانون الجديد – الذى سيكون له تأثيرا شديد – شرط عدم السماح لأى شخص تحت 21 سنة أن يصبح عضوا عاملا فى الإخوان .

ويقصد من ذلك بطبيعة الحال التصدى لقوى الإخوان فى الجامعات وعلى اى حال فإنه يتفق معنا فى أننا لم نشهد أسوأ من الإخوان الذين يعدون بالنسبة لمصر أكبر عائق للأمن العام أكثر من الشيوعية"!

تم التصديق على القانون وأعلنت الجماعة على رءوس الأشهاد أنها لن تسجل نفسها طبقا للقانون أو تنفيذا له. وأكدت الجماعة تصميمها على المطالبة بإستعادةمقارها – التى يتلها البوليس – وعياداتها الطبية وأموالها المصادرة.

ويبعث السفير البريطانى إلى لندن البرقية رقم 79 بتاريخ 27 من يونيو 1951 .. وفيها يقول : " التزم الإخوان المسلمون الهدوء فى الفترة الأخيرة . ولا يبدو ان هناك تغييرا فى موقفهم إزاء قانون الجمعيات . وبالتالى لا يبدو أنهم اقترفوا بأى شكل من استعادة مقارهم وأموالهم". لم يعد الإخوان إلا بعد صدور حكم من مجلس الدولة

كانت هناك دعوى معلقة أمام المجلس منذ نوفمبر 48 قدمها البنا وعبد الحكم عابدين السكرتير العام بالتظلم من قرار إغلاق فرعين لجماعة فى بورسعيد والإسماعيلية! استؤنف نظر الدعوى بعد التماس جديد قدمه عبد الحكيم عابدين برئاسة لامستشار سامى مازن فى 15 من أغسطس 1951.

بحثت المحكمة المبررات القانونية لقرار الحل وما تلاه من إجراءات. وصدر الحكم بتأييد الجماعةوبطلان أمر بيع المركز لاعام وإعادة ممتلكات الجماعة وأرصدتها المالية. وكان من نتيجة الحكم من الجهة القضائية المسئولة أن اعتبر بمثابة تصديق قانونى على الوجود الشرعى للجماعة.

ولم ينفذ الحكم إلا بعد الغاء حكومة الوفد لمعاهدة عام 1936 مع بريطانيا وحاجة الوفد للتأييد فصدر القرار فى 17 من ديسمبر 1951 بالإفراج عن ممتلكات الإخوان المصادرة بما فى ذلك الصحف والمنشآت جميعها.

وهذا كله يقطع بدور الملك فى حل الجماعة واغتيال البنا فإن الوفد عجز,. أو رفض الوقوف مع الإخوان إلا بعد الغاء معاهدة عام 1936 وبعد أن أخذ الوفد موقف التحدى لكل من الملك والإنجليز.

وكان الوفد يعرف , مثل الجميع أن القاتل الثالث.. أو المحرض القاتل .. أو القاتل الحقيقى.. صاحب الجلالة نفسه وإن كانت يده لم تطلق رصاصة ولكنه الذى أصدر حكم الإعدام .. على المرشد العام!