حين يلتزم الفن: حكاية عزازيل

حين يلتزم الفن: حكاية عزازيل ( 1/2 ) ... بقلم حازم سعيد

*حازم سعيد :

كثيراً ما عانينا نحن أبناء الصحوة الإسلامية المعاصرة من النزاع والجدل الفقهي حول حكم الإسلام في الفن والتمثيل والموسيقى والغناء ، بين محرم متشدد في التحريم إلى محلل مفرط في التحليل .. وألفت في ذلك بحوث وكتب ورسائل دكتوراة وماجستير محرمة لأنواع شتى من الفنون وأخرى مبيحة محللة .. ولكلٍ وجهته وأدلته ..

ويأتي من يتزعم التحريم لغالب هذه الفنون بأدلة واجتهادات فقهية محترمة الجماعة السلفية ورموزها ومشايخها الفضلاء .. كما يأتي على رأس من يتزعم التحليل بضوابط واضحة لأكثر أنواعها فضيلة الشيخين الجليلين فقيهي الدعوة الإسلامية المعاصرة الشيخ محمد الغزالي رحمه الله والشيخ العلامة الدكتور القرضاوي حفظه الله ..

والإخوان في المجمل الأعم ولا سيما في ( الرسمي ) من منتجاتهم الفنية يميلون لرأى الشيخين الغزالي والقرضاوي في اختياراتهم الفقهية ..

ويتعدى دور الإخوان مجرد الاختيار بل يصل للحث والتشجيع دائماً لأصحاب المواهب على الاستمرار والخوض في هذا الغمار والتجويد فيه والتحسين للوصول لأعلى مستوى من الإنتاج الفني المتميز والذي يعالج قضايا الأمة الجادة ويقدم نموذجاً حضارياً للفن الملتزم ، الذي يدور مع دوران الشرع الكريم ويبنى القيم الأخلاقية والجمالية للأمة ، ويكاد يكون هذا الأمر من المعلوم بالضرورة في أدبيات الإخوان وتراثهم .

ولست هنا في هذا المقال بصدد استعراض أدلة الطرفين أو التحكيم فيها ، فذلك شأن علماء متخصصين وباحثين مدققين ..

وإنما أردت فقط أن ألفت النظر لكل مهتم بهذا الشأن إلى قيمة الفن حين يسخر لخدمة قضايا الأمة ، وحين يقدم الفن للمساعدة في تربية الشباب وصرفهم عن عادات قبيحة وسيئة إلى قيم أخلاقية جميلة ورائعة ..

حين يقدم الفن لبناء الشخصية المسلمة التي يحبها الله سبحانه .. ويكون له قيمة ..

أقدم بهذه المقالة نموذجاً لعمل فني راقي استطاعت الصحوة الإسلامية تبنيه وإنتاجه .. وإن لم يكن بعضه إخوانياً خالصاً .. إلا أنه يحسب للصحوة الإسلامية بعمومها واتساعها .. وهذا ما يحبه الإخوان ويشجعون عليه

ولقد وردت فكرة كتابة هذا المقال في البداية ، ولكن كتقرير ورد على خاطري عقب مشاهدتي لأوبريت حكاية الذي هو فعلاً حكاية .. لأنه يقدم نموذجاً فريداً للفن الملتزم الذي طالما شجعه الإخوان في فكرهم وأدبياتهم وفقههم .. ولكنها ما لبثت أن خمدت لندرة النموذج ..

ثم ما لبثت أن عادت بعدها بشهور عقب الحديث عن عزازيل ( فور شباب ) وما قدمته من نموذج راق للفن حين يصبح ملتزماً بالقيم والأخلاق والتقاليد الإسلامية الأصيلة ويعالج فكرة بلا إسفاف وبلا معاصي وبلا شبهات فقهية – اللهم إلا الخلاف الفقهي المعروف حول شرعية التمثيل من الأصل - والذي اختار الإخوان الرأي الفقهي الذي يبيحه ، ودعموا توجيهه لما يخدم المجتمع والقيم والأخلاق ..

ولكني عانيت حين شرعت في كتابة التقرير لأني لست بناقد فني .. لذلك فكتابته كتقرير كانت تتطلب الغوص في بعض النقاط الفنية التي لست من أهلها .. فآليت أن يكون مقالاً أستعرض فيه بعض الأعمال الفنية التي قدمتها الصحوة الإسلامية عموماً وقدمها فنانون التزموا فيها ـ بخلاف المعايير الفنية الجمالية والإبداع ـ القواعد الأخلاقية والجدية في التناول والطرح .

أوبريت حكاية

هو أول هذه النماذج والذي يعد طفرة من حيث الفكرة والتنفيذ ..

ففكرة أن تحارب الإدمان بالأوبريت .. بالكلمة واللحن هي فكرة جميلة وتجربة رائدة ، وأظن أن فكرة هذا الأوبريت جاءت مع مشروع ( أوقف الإدمان – غير حياتك ) ، وصاحب الفكرة الأولى فيه على ما علمت هو الداعية المحبوب الشهير عمرو خالد والذى يظهر فى إحدى لقطات الكليب الخاص بالأوبريت مع الفنانين المشاركين فيه ..

صاحب الكلمة فى هذا الأوبريت هو الفنان مصطفى كامل واللحن لحسن أباظة والإخراج لشريف سمير .. والفنانون الذين شاركوا بهذا العمل هم هاني شاكر وإيهاب توفيق ومصطفى كامل ومجد القاسم وسمية وأحمد كامل وبشرى ومحمود الليثى .. وأنا لا أعرف بالأصل من هؤلاء سوى الثلاثة الأول ولم أسمع لهم من قبل لاختيار فقهي أختاره لنفسي في موضوع السماع للموسيقى والغناء ولا سيما المطربات .. مع احترامي لمشاركتهم في هذا العمل الفني الراقي الذي يرفعهم ويعلي قدرهم ..

بدأ الأوبريت بكلمات بسيطة مقروءة بلغة خطابية لمصطفى كامل وهاني شاكر كلها قيم وأخلاق مع بساطتها وهى باللغة العامية وكذلك مع قدرتها على مخاطبة المدمن .. واسمع لها :

هي لا قصة ولا حدوتة ولا فزورة ولا بنسود شكل الصورة هى حكاية .. هى حكاية .. ناس عايزينا نعيش ونموت ويفضل قطر العمر يفوت وتيجي في لحظة وتكسر مبدأ وتبدلنا وتغيرنا وتعذبنا وتدمرنا وتفرقنا عن أحبابنا زي ما حاصل فى فلسطين زى ما حاصل فى فلسطين والمفروض على قد حسابنا اللى هيحمى الأرض شبابنا اللى بإذن الله وبأمره وبقوتهم وبإصرارهم بسم الله كان هو قرارهم والرد لكل اللى اتآمروا ستة أكتوبر .. رمضان .. فى 73 رمضان فى 73 واللى اتحدى النار والسور ناس كان جوه قلوبهم نور لسه أنا وانت بنفخر بيهم ابنى وأخويا أبوك وأبويا ناس كان لسه بتطرح فيهم صرخة قلب صلاح الدين صرخة قلب صلاح الدين

ثم يبدأ الأوبريت بكلماته الرائعة والمتميزة والتى تلفت النظر كما تلاحظ بالمقدمة لمن هو العدو الذي يريد تدمير بلادنا وشبابنا بهذه المخدرات وبالإدمان ، ليربط بين ذلك وبين قضايا الأمة المصيرية مثل قضية فلسطين ويعود للتاريخ القريب لحرب أكتوبر – رمضان ليعود بإشارة وجيزة لنصر الأمة الكبير مع صرخة قلب صلاح الدين ..

وإلى لقاء قريب إن شاء الله تعالى مع الجزء الثاني .. لنتناول عزازيل – وما أدراك ما عزازيل – نتبعه بأنشودة الشاعر الفنان الأديب نعمان لاشين وهو أحد شعراء الإخوان المسلمين البارزين بعنوان " بحلم بإنى أعيش لفكرة " ..

نسأل الله العون والاستفادة ونصرة الإسلام والمسلمين .. آمين

المصدر:إخوان اون لاين