الفرق بين المراجعتين لصفحة: «من قتل حسن البنا»

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
لا ملخص تعديل
لا ملخص تعديل
سطر ١: سطر ١:
اشترك الملك فاروق فى تشييع جنازة [[النقراشي]]. وصل على الجثمان فى جامع الكخيا. ثم قصد إلى منزل [[النقراشي]] ب[[مصر]] الجديدة ليعزى أسرته . وعاد إلى قصر عابدين ليجمتع ب[[إبراهيم عبد الهادي]] رئيس الديوان الملكى وحسن يوسف وكيل الديوان ومحمد حيدر باشا وزير الدفاع وكريم ثابت المستشار الصحفى لفاروق
==القصاص==


قال الملك لعبد الهادى: قررت أن تكون رئيسا للوزراء ثم سأل الحاضرين عن آرائهم فقال حسن يوسف .
قامت ثورة 23 [[يوليو]] 1952.
الموقف يتطلب وزارة كبيرة. وأيد حيدر هذا الرأى لم يدرك صاحب الجلالة المعنى الذى يقصده وكيل الديوان وظنه يقصد عدد الوزراء فقال.


لا مانع من أن يكون عدد الوزراء أكثر من المعتاد. قال كريم ثابت: إن حسن يوسف وحيدر يعنيان أن تكون الوزارة ائتلافية.
وقبض على المقدم محمد الجزار يوم 25 من [[يوليو]]. قبل اعتزال فاروق العرض وخروجه من [[مصر]].
نشرت صحيفة " الأخبار " أن أحد كبار المعتقلين أدلى باعترافات هامة فى قضية [[البنا]] فلما سأل السائق محمد محفوظ, العميد محمود عبد المجيد عن صحة الأمر قال الرجل فى ياس: اللى يحكم بيه ربنا : اللى مكتوب له شئ  حايشوفه!


'''قال فاروق:''' لا مانع
وأضاف : ما تعملش شوشرة. اسكت!وفى 29 من [[يوليو]] 1952 بعد خروج الملك بثلاثة أيام أرسلت قيادة الجيش إشارة باستدعاء العقيد محمود  عبد المجيد مدير جرجا إلى [[القاهرة]] فقبض عليه داخل مكتبه  فى ديوان المديرية – المحافظة – بقرار من البكباشى زكريا محيى الدين مدير المخابرات وقتئذ. وقال إن ذلك بأمر قائد الثورة.


'''قال حيدر:''' كدة كويس . الحمد لله.
وألقى القبض على المخبرين  الأربعة المتهمين باغتيال [[البنا]].


'''قال كريم ثابت:''' لا أرى دعوة الوفديين إلى الاشتراك فى الحكم الآن لأن دعوتهم فى هذه الظروف معناها أننا ضعفاء ونريد أن نتقوى بهم. أو أننا خائفون ونريد أن نشجع بهم.
وكانت هذه العجلة فى أشد أيام الثورة خطورة دليلا على أنها قضية الجيش وهدف من أهداف الثورة!
قال لى زكريا محيى الدين رئيس وزراء [[مصر]] الأسبق إنه لم يصدر قرار القبض على محمد الجزار فقد سافر يوم 24 من [[يوليو]] إلى [[الإسكندرية]] وبقى بها حتى طرد الملك السابق على الباخرة المحروسة فعاد إلى [[القاهرة]] يوم 27 من [[يوليو]].


وأعتقد أنهم لن يقبلوا الدعوة فنكون قد خسرنا كثيرا ولم نكسب شيئا وكان كريم ثابت الوسيط بين الوفد و[[الإنجليز]] ولكنه كان يتكلم أمام الوفد بلسان وأمام [[الإنجليز]] بلسان خر وأمام صاحب الجلالة بوجه ثالث!.. وكان هدفه فى كل الأحوال أن يظل وسيطا وأن يكون له دور . وقد استمر وسيطا . حتى قيام الثورة . بين كل الأطراف السياسية ف [[مصر]]!
وكان مقررا أن تصر الثورة على طرد فاروق يوم 25 من [[يوليو]] ولكنه أى  زكريا محيى الدين – طلب تأجيل التنفيذ 24 ساعة فإن القوات المسلحة التى وصلت من [[القاهرة]] لحصار قصر رأس لاتين كانت مرهقة.
وقال إن الثورة كانت قد أعدت قائمة بأسماء كبار ضباط الجيش والسياسيين ورجال الشرطة الذين سيقبض عليهم لتأمين الثورة وكان بين ضباط الجيش الثائرين من يتعاطف مع [[الإخوان]] , كما كان [[الإخوان]] متعاطفين مع الثورة ولابد أن أحد قد اقترح الاهتمام بقضية اغتيال [[البنا]] والقبض على الجزار فصدر الأمر بذلك فقد كانت تضاف أسماء باستمرار.وقال زكريا محيى الدين إنه بعد  عودته للقاهرة لم يصدر قرارا باعتقال محمود عبد المجيد.


'''قال حيدر باشا:'''إنى واثق من قبول الوفد دخول الوزارة
وقال زكريا محيى الدين إنمه يعتقد أن القرارين لم يصدروا قرارا باعتقال محمود عبد المجيد .
وقال زكريا محيى الدين إنه يعتقد أن القرارين صدرا من جمال عبد الناصر فإنه الذى كان يملك القرار فى ذلك الوقت ويصدره من كوبرى القبة حيث توجد القيادة.
قال أنور السادات:


'''قال كريم ثابت مراوغا:''' أما حيدر يؤكد الوفديين سيقبلون فلابد ن لديه أسبابا تبرر هذا التأكيد فإنى أسحب كلامى . وأوافق على أن يتصل بالوفديين حتى لا نندم يوما .  
" كان أول إجراء اتخذته الثورة إزالة آثار الماضى البغيض ومحاسبة المسئولين عنه بالحق والعدل إعادة التحقيق فى قضية [[البنا]]".


'''قال فاروق :''' يبقى حيدر اللى يتصل بالوفد .
جرى التحقيق مع المتهمين فى السجن الحربى وتولاه نائبا الأحكام الضابطان السيد جاد إبراهيم وإبراهيم  سامى جاد الحق فردد محمد محفوظ سائق سيارة محمود عبد المجيد يوم 30 من [[يوليو]] 1952 أقواله الأولى. ولكن قيادة الجيش تلقت بلاغات متعاقبة بأسماء القتلة . وفى 6 من [[أغسطس]] انهار محمد محفوظ – وكان فى الثانية والأربعين – واعترف بتفاصيل الجريمة. وأكد اعترافه بعد ذلك مرة أخرى أمام نائب الأحكام.


'''سأل حيدر الملك:''' هل لدى جلالتك رغبة معينة بخصوص أشخاص الوزراء الوفديين؟
ثم كرر الاعتراف أمام النيابة.


'''قال فاروق:''' لا.. خالليهم يرشحوا اللى عاوزينه.
وعاد يردد الاعراف ست مرات أخرى أمام المستشار حسن داود الذى حقق القضية فى دار القضاء لاعالى وفى مواجهة المتهمين الآخرين. وقال محمد محفوظ إنخ مظلوم ينفذ أوامر رئيسه وكان يظن أنه – بذلك – يلفت من العقاب وأنه يسمع كشاهد لا كمتهم.


'''قال حيدر:''' أرجوا إعطائى ساعتين.  
ونفى محمد الجزار أنه  ضغط على الليثى لتغيير رقم السيارة . وقال : لا يوجد عداء شخصى بينى وبين أية هيئ. الحكومة هى التى توجه رجال الشرطة بما فيهم القسم السياسى.


'''قال فاروق:''' خذ ساعتين. خذ  ثلاثة ما يهمنيش. بس اللى يهمنى أن تتالأف الوزارة الجديدة الليلة. سامع يا إبراهيم.
وقال غنه علم بتدبير الجرمية بالإشتراك بين لسراى مع عبد الرحمن عمار وأن عمار أحضر محمود عبد المجيد من جرجا. وهو بدوره أحضر المخبرين. وروى كل التفاصيل عن وجود ضابط الشرطة قرب المكان لاستلام المتهمين فى حالة ضبطهم ولكنه قال إن كل معلوماته عرفها بعد وقوع الحادث ولم يتقدم بها لأن أحدا لم يكن يستطع أن يفعل ذلك.. عام [[1949]]!


وتكلم [[إبراهيم عبد الهادي]] الذى لم ينطق بكلمة واحدة خلال الإجتماع وهو يرى وزارته تتشكل أمامه: حاضر ... يا أفندم!وفى خطابه إلى [[إبراهيم عبد الهادي]] لتشكيل الوزارة طلب صاحب الجلالة أن '''" يعمل على توحيد الصفوف وتركيز الجهود لمواجهة الظروف الداخلية والخارجية"'''.
واعترف بأن عبد الرحمن عمار كلف المقدم توفيق السعيد – من القسم السياسى أيضا – بمنع الليثى من تأدية الشهادة وأن توفيق السعيد اقترح عليه القيام بهذه المأمورية لأن هذه المسالة تهم السراى الملكية فاعتذر.  


اجتمع الفريق محمد حيدر باشا وزير الحربية باسم الملك [[فؤاد سراج الدين]] باشا وعرض عليه تناسى كل الخلافات الماضية واشتراك الوفد فى وزارة ائتلافية.غاب حيدر باشا وبعد ساعتين طلب ساعتين جديدتين فأجيب إلى طلبه  وى الرابعة بعد الظهر تكلم مرة أخرى وطلب مد المهلة ساعتين أخرتين فقد اعتذر [[فؤاد سراج الدين]] عن الرد العاجل.
واعترف بأنه قابل الليثى. وزعم أنه نصحه بذكر الحقيقة كاملة!


'''قال كريم ثابت الذى وصف الاجتماع فى مذكراته عد [[ثورة 23 يوليو 1952]]:'''
أحسّ الجزار بأن اعترافه يدينه فاحتطف موسى حلاقة وحاول قطع شرايين رقبته قاصدا الانتحار فى السجن الحربى. وطلب الادلاء بأقوال أخرى بعد ثمانية أيام فعدل عن اعترافه السابق قال: كنت فى حالة غير طبيعية .. أهذى ولا أعرف بماذا أجبت.. وما قلته يصلح مادة للتحقيق والبحث!! ووقعت على الأوراق دون قرأتها وكل ما قلته مجموعة إشاعات مما كان يتردد فى دوائر الشرطة وليست لدى معلومات يقينية إطلاقا.


:" تلقى فاروق الرد النهائى وكانت الساعة تقترب من السادسة مساء وهو أن الوفديين يعتذرون".
وقال : وضعونى وحدى.. دون غيرى من امتهمين . فى زنزانة منفردة!


واعتذر أحمد خشبة باشا عن قبول منصب وزير الخارجية وبرر ذلك بحاجنه إلى الراحة.ولم يقل خشبة باشا إنه كن يطمع فى رئاسة الوزارة. وكان يتطلع إليها وينتظرها وإنه خدع من الجميع وأن الرصاصات التى أطلقها طالب الطب البيطرى عبد المجيد أحمد حسن  على النقراشى قد أطاحب بآمال خشبة باشا أيضا!
وأكد أن الليثى كان يعمل مرشدا لديه.


استغاث عبد الهادى بكريم ثابت الذى أسرع يلتقى بخشبة باشا قائلا: أرجو أن تقدر الموقف الذى واجهه الملك بمقتل النقراشى لقد اضطر صاحب الجلالة إلى تعديل خططه.كرر خشبة باشا الإعتذار فقد أحس بأنه جرحه عميق!
ولكن لم يقم دليل واحد على ذلك التأكيد . وقال الليثى إنه عرف الجزار بمناسبة القبض عليه فى قضية اغتيال [[أحمد ماهر]] واتهامه بالقاء ال[[قنا]]بل على " أخبار اليوم"


'''أخذ كريم ثابت  يلح على خشبة فى قبول المنصب قائلا:'''
وظلب الجزار أن يلتقى باللواء [[محمد نجيب]] قائد الثورة.


:إن [[إبراهيم عبد الهادي]] قبل أن يكون وزيرا للداخلية فى الوزارة التى كان سيعهد إليك برئاستها . فلا اقل من أن ترد له التحية بقبولك العمل فى وزارته.أبى خشبة أن يحيد عن قراره, وأصر على الاعتذار ولم يقبل المنصب إلا بعد شهور عندما تبخرت آماله نهائيا فى رئاسة الوزارة!ويشكل [[إبراهيم عبد الهادي]] الوزارة فى ساعة متأخرة من الليل يوم وفاة [[النقراشي]] لظروف الأمن التى اقتضت السرعة.
ظل محمود عبد المجيد ينكر صلته بالجريمة ولكن وجدت ورقة بخط يده فى وزارة الداخلية تبين أنه كتبها لمحمد وصفى  عندما كان يدبر لقتل ضابط جيش اسمه عبد القادر طه. وهو من خصوم الملك.
فى هذه الورقة كتب محمود عبد المجيد اسماء " القتلة" لاذين عمل على نقلهم إلى وزارة الداخلية وهم البكباشى حسين كامل واليوزباشى عبده أرومانيوس والأمباشى [[أحمد حسين]] والجاويش محمد سعيد والأمباشى حسين محمد سعيد.


'''ويبرر تشابمان اندروز السرعة التى تم تأليف الوزارة والأسباب الحقيقية لإبعاد أحمد خشبة  باشا عن تولى المنصب ولماذاا اعتذر عن دخول الوزارة قال:'''
وكان يريد أن يستعين بهم محمد وصفى لقتل الضابط عبد القادر طه وتعرف عبد الكريم منصور – فى عرض قانونى – على الأمباشى [[أحمد حسين]] ووكيل الباشجاويش محمد سعيد إسماعيل وقال إنهما أطلقا الرصاص على [[المرشد العام]].


:" أملت  الأزمة العجيل بتشكيل حكومة جديدة دون تأخير خشية أن يؤدى الفراغ الوزارى إلى تجمع قوى الشغب والإضطراب التى دعت إلأى صدور قرار حل جماعة [[الإخوان المسلمين]] .. وهو القرار القمعى الحاسم الذى صدر بعد تأخير.
رأت إدارة الجيش أن التهمة ثابتة قبل المتهمين فأرغمتهم على ارتداء ملابس السجن الزرقاء قبل الحكم عليهم!


:وأظهر الملك فاروق باختيار [[إبراهيم عبد الهاد]] أن تفكيره الأول يتركز فى استمرار [[السياسة]] الحالية رغم أنه قد يحدث بعض التعديل فى الأسلوب. وهناك اعتراف بالحاجة لتحقيق استقرار الأمن العام وافقت الحكومة حسبما يقول مصدر فى القصر على متابعة [[السياسة]] الصريحة المعلنة ضد [[الإخوان المسلمين]].
وأحالت قيادة الجيش القضية يوم 17 من [[أغسطس]] – أى بعد أقل من  شهر على قيام الثورة – إلى النيابة العمومية للتولى التحقيق فيها.


:وهذا يوضح أسباب عدم دعوة أحمد خشبة باشا  لتشكيل الوزارة وكان مرشحا لرئاستها بعد أن أقنع [[البنا]] [[المرشد العام]] خشبة باشا بفائدة التوصل إلى حل وسط مع [[الإخوان المسلمين]] تحت شعار الوحدة والائتلاف الوطنى.
وبعد شهر فى 29 من [[أغسطس]] 1952 جرى البحث عن مصطفى من الأوصاف التى أدلى بها السائق محمد محفوظ وتبين أنه مصطفى أبو  غريب الذى كان يعمل قبل ذلك بالمباحث وأنه يتجر بالمخدرات ويتخذ من عمله بالمباحث ستارا يحميه من القانون فقام ضابط من المباحث العامة ب[[القاهرة]] بالسفر إلى سوهاج واستطاع القبض عليه فى طما


:ومن هنا قرر خشبة باشا وهو من الأحرار الدستوريين أنه من الأفضل التخلى عن دخول الوزارة كلية".وعلمت من نفس المصدر أن الملك فاروق عازم على التعامل بشدة مع [[الإخوان]] "
وكان قد مضى على الجريمة ثلاث سنوات ونصفسنة.


وهذه البرقية تكشف أن الملك و[[الإنجليز]] تخلوا عن خشبة باشا لأنه يريد التصالح مع [[الإخوان]]!وتؤكد البرقية من ناحية أخرى أن القصر كان المحرس الأساسى لحل [[الجماعة]].
نشرت صحيفة " الجمهور المصرى" صور جميع المتهمين يوم 20 من [[سبتمبر]] فارتفع توزيعها إلى 75 ألف نسخة!
   
وطلب النائب العام  إلى وزير العدل ندب أحد مستشارى محكمة استئناف [[القاهرة]] للتحقيق.
دعا [[إبراهيم عبد الهادي]] إلى منزله [[فؤاد سراج الدين]] وعرضه عليه فكرة الوزارة الائتلافية فاجتمع الوفد يوم 5 من [[يناير]] برئيس وزارة ائتلافية ولكن لا تسند رئاستها إلى لإبراهيم عبد الهادى باشا!
ويسمع محمد وصفى قائد حرس الوزارات – الذى أصبح برتبة عميد – بأنباء التحقيقات فيسرع إلى دار السفارة البريطانية يطلب اللجوء السياسى. وقال للمسئولين بالسفارة:
 
- إعطونى إحدى السيارات الدبلوماسية إلى نعسكرات القوات البريطانية فى فايد ومنها أستقل إحدى الطائرات السلاح الجوى الملكى البريطانى إلى قبرص أو عدن. قال الماجور سانسوم ضابط أمن السفارة للسفير:
 
انقذوا حياة هذا  الرجل الذى ساعدنا كثيرا.
وفى مذكراته قال  سانسوم إن السفارة أبرقت إلى وزارة الخارجية التى رفضت وقالت:
 
- لا نريد أن نبدأ تعاملنا مع النظام الجديد بخطوة خاطئة . ولا يوجد ما يدعونا للمخاطرة بانقاذ رجل شرطة.
 
وهكذا تركت السفارة البريطانية محمد وصفى لمصيره فتوجه إلى مكتبه يجمع اوراقه الخاصة فى " جوال" لم يعثر عليه أبدا وقيل إنه نقله إلى أحد منازله الثلاثة فى [[القاهرة]] و[[الإسكندرية]].
 
وانتحر وصفى فى منزله ب[[القاهرة]] بتناول كمية من الحبوب المنومة مؤثرا الموت على مواجهة الموقف بعد أن علم أن ضابط الجيش عبد العزيز صادق كلف بالتفتيش عليه.
 
وتنشر صحيفة " المصرى" تحت عنوان فى صدر الصفحة  الأولى – يوم 20 من [[سبتمبر]] – نبا الانتحار.
قالت " المصرى" إن محمد وصفى" علم  قبل موته بساعات قليلة أن التحقيقات الدائرة فى قضية مصرع [[البنا]] تناولته ولعلاقته – أيضا- باغتيال الضابط عبد القادر طه".
 
ندبت محكمة [[القاهرة]] المستشار حسن داود فأعاد التحقيق كله فى أول [[أكتوبر]] 1952 فى السجن الحربى بقشلاقات الجيش فى العباسية بمدينة [[القاهرة]] وكان هذا هو التحقيق السادس فى القضية.
 
التحقيق الأول بدأه عبد العزيز حلمى رئيس النيابة يعاونه وكيلان هما محمد زكى عصمت ومحمود حسن عمرو وكيلا النيابة عقب الجريمة مباشرة فى عهد وزارة إبراهيم عبد الهادى.
 
والتحقيق الثانى تولاه النائب العام محمد عزمى فى وزارة [[حسين سرى]] كما جرى تحقيق آخر أثناء حكم النحاس.
 
وبعد الثورة جرى التحقيق  الرابع بواسطة لاجيش عن طريق نائبى الأحكام.
 
وتولت النابة التحقيق الخامس وانتهت منه فى الثامنة من مساء يوم 18 من [[ديسمبر]] عام 1952.. أى فى نفس الساعة – تقريبا0 التى قتل فيها [[المرشد العام]]. ولكن بعد  ثلاث سنوات وعشرة شهور وخمسة أيام و23 ساعة وخمسين دقيقة من اغتيال الشيخ!
 
أحال فؤاد سرى رئيس النيابة إلى محكمة الجنايات تسعة من المتهمين باغتيال الشيخ [[البنا]] منهم ثمانية  من رجال الشرطة وواحد من الفلاحين.
 
بين رجال الشرطة عميد هو محمود عبد المجيد مدير المباحث الجنائية ومقدمان هما محمد محمد الجزار وحسين كامل واليوزباشى عبده أرمانيوس والباشجاويش محمد محفوظ ووكيل الباشجاويش محمد سعيد إسماعيل واثنان من الأومباشية: [[أحمد حسين]] جاد وحسين محمدين رضوان.
 
والفلاح مصطفى محمد أبو الليل يوسف غريب. من طما بمحافظة سوهاج.
 
وجهت لانيابة إلى الإمباشى [[أحمد حسين]] جاد والفلاح مصطفى أبو الليل تهمة قتل الشيخ [[البنا]] عمدا مع سبق الإصرار والترصد والشروع فى قتل  عبد الكريم محمد أحمد منصور لامحامى مع سبق الإصرار والترصد أيضا.
 
ووجهت إلى باقى المتهمين من ضباط الشرطة والجنود – عدا الجزار – تهمة التحريض والإتفاق والمساعدة فى الأعمال المجهزة والمسهلة والمتممة لارتكاب  الجريمة فذهبوا يشدون أزر المتهمين ويردون عنهما من يتصدى لهما أو يحاول ضبطهما أو يحول بينهما وبين إتمام الجريمة ويسر لهما السائق سبيل الفرار ونسب إلى لمقدم الجزار تهمة معاونة الجناة على الفرار وإخفاء أدلة الجريمة وتقديم معلومات يعلم بعدم صحتها.
 
استاء [[الإخوان]] لأن قرار الاتهام لم يشمل إبراهيم عبد الهادى ضمن الجناة كما استبعد القرار أيضا عبد الرحمن عمار.
 
عرضت القضية على غرفة الاتهام فى 28 من [[يناير]] 1953 برئاسة مرسى فرحاترئيس محكمة استئناف [[مصر]] وعضوية المستشارين محمد على جمال الدين وعبد الرحمن جنينة وممثل النيابة أحمد فؤاد سرى رئيس النيابة العسكرية.
 
ندبت الغرفة فى 11 من [[فبراير]] عضو اليمين المستشار محمد على جمال الدين لاستكمال التحقيق فقام بذلك ثم عرضت القضية مرة أخرى فى 11 من [[مارس]].
 
فطن محمد محفوظ إلى أن اعترافاته العديدة لا تعفيه من العقاب بل تدينه فعدل عنها جميعا وقال إنه عذب ليعترف.
 
وطلب محفوظ رد المستشار المحقق على جمال الدين فاعتذر عن الاشتراك فى الهيئة التىتفصل فى طلب الرد.
ندب بدلا منه المستشار محمد كامل البهنساوى.
 
قال المتهم إن المستشار محمد على جمال الدين انطوت نفسه على موالاة شديدة وعطف جامح على أفراد أسرة [[البنا]] المدعويين بالحق المدنى يقابلها عداء ظاهر للمتهمين الأمر الذى يرجح معه عدم استطاعته الحكم بغير ميل.
 
وبنى طلب الرد أيضا على أن لمستشار صهر لسعيد رمضان وكيل وزارة العدل السابق وهو على صلة وثيقة ب[[الإخوان]].
 
نفى محمد على جمال الدين أن لصهره علاقة ب[[الإخوان]] قال هناك تشابه فقط بين اسمه واسم سعيد رمضان عضو [[الجماعة]].
 
نظرت طلبالرد هيئة برئاسة المستشار غبراهيم حلمى فقررت رفض الطلب وتغريم المتهم خمسين جنيها.
حاول المتهمون المرافعة أمام غرفة الاتهام ولكنها رفضت ذلك فى 31 من [[مارس]].
 
قالت إنها هيئة تحقيق وليست هيئة محاكمة وتعقد جلساتها فى غير علانية وليس للخصوم المرافعة أمامها.
واصلت الغرفة نظر القضية  وقررت تقديمها إلى محكمة الجنايات مع الإفراج عن جميع المتهمين عدا أربعة وهم:
 
العميد محمود عبد المجيد.
 
الامباشى [[أحمد حسين]] جاد.
 
الفلاح مصطفى أبو الليل.
 
سائق السيارة محمد محفوظ. ورفضت الغرفة طلب ادخال إبراهيم عبد الهادى. وعبد الرحمن عمار كتهمين وأحالت القضية محكمة الجنايات برئاسة المستشار كامل أحمد ثابت.
 
وكان مقررا أن تنظر القضية أمام محكمة الثورة العسكرية للتعجيل بمحاكمة المتهمين ولكن الخلافات بدأت بين [[الإخوان]] ومجلس الثورة فرأى المجلس أن من الأفضل نظر القضية أمام القضاء العادى لتؤجل ويعطى الدفاع الفرصة للهجوم على [[الجماعة]]  طبقا لأصول وقواعد وإجراءات المحاكمات أمام محاكم الجنايات !
 
ورأى مجلس الثورة أن محاكمة لاقتلة أمام الثورة يؤكد الرابطة بين  مجلس الثورة و[[الإخوان]] فى حين أراد المجلس أن يمهد للإنفصال والقطيعة النهائية مع الجماعية!
 
بدأت محاكمة المتهمين التسعة فى 10 من [[نوفمبر]] عام 1953 واستمر نظر القضية فى 11 جلسة.
 
كرر السائق محمد محفوظ ما قاله أمام غرفة الاتهام من أن ضابط الشرطة طه زغلول أركان حرب  الأمن ورجل البوليس كان يأخذه غلى غرفة فى السجن الحربى يضربه ويعذبه ليعترف وهدده بالإعتداء على زوجته وبناته.
 
نفى ممثل لانيابة ذلك قائلا:
 
ولماذا لم يعذ باقى المتهمين ليعترفوا أضاو إنهم جميعا فى السجن الحربة وفى دار القضاء العالى وهنا امام المحكمة انكروا تتهمة القتل أو الاشتراك أو التحريض.
 
استمعت المحكمة إلى 11 من شهود الإثبات أيدوا اعترفات السائق ودور الجميع فى الجريمة.
 
وفى جلسة من [[نوفمبر]] 1953 طلب عبد القادر عودة رد رئيس محكمة الجنايات لأن المحكمة تجامل المتهمين.
قال عبد القادر عودة:
 
لم أر محكمة بهذا الشكل . ورئيس المحكمة فى حرج لا يستطيع أن يحكم فى هذه القضية بغير ميل: وقد بدت منه أمامنا بعض الظواهر ولو شاء الرئيس أن تنحى.. وإذا  لم يتنح فستتخذ الإجراءات لرد المحكمة.
 
وانسحب عبد الباسط [[البنا]] – شقيق الشيخ [[البنا]] – من قاعة الجلسة احتجاجا وأبرق إلى مجلس قيادة الثورة يقول:
 
"انسجينا من قضية شقي[[قنا]] [[البنا]] , محتجين رسميا على ما دار فيها من مهازل. غن قضية الشهيد سياسية وشعبية من الدرجة الأولى, سببها العهخد البائد, من ملكه المخلوع إلى بوليسه السياسى.
وإن تجريدها من هذه الصفة. وقبرها أمدا طويلا وإخفاء معالمها يتضليل لبوليس السياسى . وما كان للجناة من سيطرة وإرهاب يجعل نظرها أمام محاكم الجنايات عقيما فضلا عن هذه الدائرة بالذات التى دل ماضيها ومسلكها بوضوح على عدم تمشيها مع العهد الجديد.
 
احفظوا هذا الدم العزيز عليكم , وعلى الشعب وعلى العالم الإسلامى بنظرها أمام محكمة الثورة...
 
ومنحها حقها التاريخى فى سجل الثورة المجيدة".ونشرت صحيفة " الدعوة " التى تصدرها [[الجماعة]] مقالا عنوانه " دين فى عنق الرجال " جاء فيه
 
" يجب أن يصدر الشعب حكمه على القتلة وإلا فسينهض جيل بأسره يطالب بهذا الدم وتحقيق الانتصار.
والأمر اليوم بين يدى المسئولين إن شاءوا ظفروا بهذا الفخر". وتضمن المقال إهانة لرجال القضاء الذين ينظرون القضية!
 
طلب محاموا [[الإخوان]] رد المحكمة نظر طلب الرد أمام مرسى فرحات رئيس محكمة الاستئناف فرده المحامون أيضا لأنه كان رئيسا لغرفة الاتهام.
 
طعن المدعون بالحق المدنى فى هذا الحكم – أى حكم رفض طلب الرد – أمام محكمة النقض التى قضت بعدم الاختصاص.
 
لاحق سوء الحظ, الذى لازم [[المرشد العام]] فى سنوات حياته الأخيرة الشيخ [[البنا]] ميتا فحال دون توقيع القصاص المناسب على قتلته.
 
  اختلف جمال عبد الناصر مع [[الإخوان]] فقرر مجلس الثورة فى 12 من [[يناير]] 1954 أن [[الإخوان]] حزب سياسى مما يجعل جماعتهم منحلة تلقائيا.
 
وأذيع قرار الحل فى ساعة متا×رة من مساء 14 من [[يناير]] واتهم البيان [[الإخوان]] بالإصرار على معاداة ثورة 23 [[يوليو]], محاولة التسلل  إلى صفوف الجيش والشرطة واعتقل المئات من أعضاء [[الجماعة]] بما فيهم [[المرشد العام]] الجديد الشيخ حسن الهضيبى وخمسة من أعضاء [[مكتب الإرشاد]].
 
وفى ظل هذا المناخ العدائى للإخوان لمسلمين استأنف محكمة الجنايات نظر القضية!
 
اعتذر عبد القادر عودة عن كلماته امام المحكمة فى جلسة حضرها عمر عمر نقيب المحامين الذى  أكد تقدير كل المحامين للمحكمة ولقضاء [[مصر]]. وتقبل كامل أحمد ثابت الاعتذار ولكنه وجد حرجا فى نظر الدعوى  فتنحى فى 22 من [[مارس]] 1954. وبذلك ضاع شهر وستة عشر يوما فى طلب لارد ونظره.
 
أحيلت القضية إلى دائرة عبد الغنى يحيى ولكنها كانت مختصة بالقضايا المدنية فلم تنظر القضية.
وأخيرا نظرت القضية دائرة الجنايات برئاسة المستشار محمود عبد الرازق  وعضوية المستشارين محمد شفيع الصيرفى ومحمد متولى عتلم. وكانت أول قضية تنظرها ثلاث دوائر.
 
عقدت المحكمة خلال شهرين 24 جلسة عدلت النيابة خلالها وصف.
 
التهمة بالنسبة للجزار واتهمته بانه شريك فى جريمة القتل وليس مجرد مساعد للمتهمين على الهرب.
وطالب المدعون بالحق المدنى بإدخال الملك السابق فى الدعوى بوصفه محرضا وفاعلا أصليا.
 
كانت أدلة الاثبات اعترافات محمد محفوظ التى عدل عنها.
 
ولم يكن بالقضية شاهد رؤية واحد ..  أى شاهد واحد رأى المتهمين أثناء ارتكاب الجريمة. وكان الليثى
 
– العمود الفقرى فى القضية – ولكنه لم ير شيئا وعرف رقم السيارة من شاهد اختفى او تلاشى ولذلك تركز هجوم الدفاع على الليثى !
 
قالوا إنه مرشد الشرطة , اختلق القضية خوفا من أن يقتله [[الإخوان]] فهو الذى حمل الدعوة إلى الشيخ [[البنا]] وكان مع الناغى يعرفان – وحدهما – موعد حضور [[المرشد العام]] إلى مقر جمعية الشبان المسلمين.
 
وجاءت  السيدة منيرة عامر مطلقة [[صالح حرب]] رئيس جمعية الشبان المسلمين مرتين لتدلى بشهادتها.
 
وكانت تعرف الصلة بين مطلقها و[[محمد الليثي]] فايدت أنه كان مرشدا للبوليس السياسى.
وقالت: الليثى لا يوثق به.
 
حدث فى أحد أيام المحاكمة أن اقتربت زوجة محمد محفوظ من القفص الذى يوجد فيه وهمست فى أذنه بكلمات فانتفض الرجل يصيح قائلا:
 
ده حرام... ده إرههاب .. بيهددونى بخطف أولادى. ابعدوا عنى كفاية  اللى عملتوه فىّ ... أنا بأبلغ القيادة – أى مجلس الثورة – عن التهديد ده. وكانت هذه الكلمات أشبه باعتراف جديد يدين محفوظ وكل المتهمين فى القفص!
 
وجرت محاولة لتضليل العدالة .. بعث على حسنين الذى حكم عليه بالأشغال  المؤبدة فى قضية اغتيال الضابط عبد القادر طه إل المحكمة يقول إنه يريد الادلاء بشهادة حاسمة فاستدعته المحكمة.
 
جاء بملابس السجن. ولم تطلب إليه المحكمة أداء اليمين لأنها – طبقا للقانون – لا تثق بيمينه.
 
قال إن كل المتهمين فى القفص أبرياء وأن القتلة من أعضاء الحرس الحديدى الذى أسسه الملك السابق لقتل خصومه , وذكر بعض الأسماء. ووضح من اقواله أنه أراد الخروج من السجن ساعات او أن بعض التهمين دفعوا له مالا ... لمحاولة انقاذهم.
 
بلغ عدد محاضر الجلسات 1100 صفحة وأوراق القضية أكثر من 500 صفحة.وبلغ شهود الاثبات 23 واستدعت المحكمة عشرة آخرين مثل النيابة على نور الدين – الذى أصبح نائبا عاما فيما بعد
 
– فقال إن لدولة كرست جهودها للقضاء على رجل أعزل من السلاح.. ودبرت الجريمة بواسطة الحكومة ونفذت بواسطة رجال الأمن.
 
فعادت الحكومة ب[[مصر]] إلى عصور البربرية وعاد السيف لمناقشة أى فكرة لا تروق للحاكم.
وقال إنها جريمة  اغتيال بشعة, كانن لها أسوأ الوقع فى نفوس المواطنين سواء من يؤيد دعوة الشيخ , أو لا يؤيدها
 
ترافع فى الدعوى 21 محاميا منهم ستة من المدعين بالحق المدنى ومستشار  عن إدارة قضايا الحكومة قال : إنها ليست مسئولة عن الجريمة!
 
طلبت أرملة الشيخ [[البنا]]ت عويا قدره ثلاثون ألفا من الجنيهات أما  والده فاكتفى بتعويض مؤقت قدره قرش صاغ واحد.
 
قالوا إن الشيخ [[البنا]] استشهد وعمره 42 سنة وهو رجل لا مورد له عن الاطلاق إلا جهده وعرق جبينه. وكان يصدر "[[مجلة الشهاب]]" وهى مصدر رزقه الوحيد. وعمل مدرسا ثم استقال . وركز كل جهوده فى سبيل الفكرة وحاولت [[الجماعة]] أن تعطيه مرتبا أو تبنى له بيتا فرفض. وأنفق من جيبه فى سبيل الفكرة التى اعتنقها.
 
ولم يترك بعد موته – شيئا على الإطلاق!
 
وقالوا محاموا السرة إن [[البنا]] رجلا زاهدا ولكن أولاده يجب أن يعيشوا فى مستوى حسن وهم فى حاجة إلى مورد ومعين.
 
وطلب الأستاذ عبد الكريم منصور تعويضا قدره ثلاثون ألف جنيه .
 
قضت المحكمة 26 يوم فى المداولة وكتابة الحيثيات ثم اصدرت حكمها فى 2 من [[أغسطس]] 1954 ذلك بعد خمس سنوات وخمسة اشهر و21 يوما و14 ساعة و15 دقيقة من وقت وقوع الجريمة.
قضت المحكمة ؛
 
أولا: بمعاقبة [[أحمد حسين]] جاد بالأشغال الشاقة المؤبدة وكل من الباشجاويش محمد محفوظ محمد والأمير الاى محمود عبد لمجيد بالأشغال الشاقة لمدة خمس عشرة سنة والزامهم بطريق التضامن  والتكافل مع الحكومة المسئولة عن الحقوق المدنية.
 
(أ‌) بأن يدفعوا عشرة آلاف جنيه على سبيل التعويض للسيدة لطيفة حسين زوجة المرحوم الشيخ [[البنا]] وأولاده القصر منها وهم : وفاء وأحمد سيف [[الإسلام]] وسناء ورجاء وهالة واستشهاد المشمولين بولاية جدهم الشيخ عبد الرحمن [[البنا]].
 
(ب‌) وبأن  يدفعوا للشيخ عبد الرحمن [[البنا]] والسيدة أم السعد إبراهيم صقر والدى القتيل " قرش صاغ واحد" على سبيل التعويض المؤقت.
 
(ت‌) وبأن يدفعوا للأستاذ عبد الكريم محمد أحمد منصور  مبلغ الفى جنيه على سبيل لاتعويشض.
 
ثانيا: بمعاقبة البكبكاشى محمد محمد الجزار بالحبس مع الشغل لمدة سنة ورفض الدعاوى المدنية قبله
 
ثالثا: براءة كل من مصطفى  محمد أبو الليل واليوزباشى عبده أرمانيوس والبكباشى حسين كامل والجاويش محمد سعيد إسماعيل والومباشى حسين محمدين رضوان مع رفض الدعاوى المدنية الموجهة إليهم.
 
كان الحكم مفاجأة للعميد محمود عبد المجيد الذى أسند رأسه على يديه وعلت وجهه صفرة شديدة وظل فى مكانه بالقفص إلى أن قاده الحراس إلى السجن.
 
أما [[أحمد حسين]] جاد فظل يبتسم ابتسامة عريضة بعد سماع الحكم عليه بالأشغال  الشاقة المؤبدة وكأنه لا يدرى ما يدور حوله.
 
وانفجر مصطفى أبو الليل – الذى حكم عليه ببراءته – باكيا وأخرج منديله من جيبه ليجفف به دموعه.
... وكان يقول إنه يبكى على العميد محمود عبد المجيد الذى عمل معه فترة طويلة!
 
بعد صدور الحكم أمر جمال عبد الناصر بالإفراج الصحى عن محمود عبد المجيد فى 29 من [[يونيه]] 1955 أى بعد عام تقريبا من صدور الحكم.
 
وطعن محمد الجزار فى الحكم بطريق النقض ,لكن محكمة النقض قبلت الحكم شكلا ورفضته موضوعا.
 
وقررت الحكومة رد اعتباره بعد  أن صدر حكم لصالحه من محكمة جنايات [[القاهرة]] فى 25 من [[نوفمبر]] عام 1057, وقد اشتغل بعد ذلك بالمحاماة ثم بشركة الشرق للتأمين.والتقى المخبران [[أحمد حسين]] جاد ومحمد محفوظ فى السجن بأعضاء جماعة [[الإخوان]] الذين اعتقلهم جمال عبد الناصر أو صدرت ضدهم أحكام من المحاكم التى شكلتها الثورة.
 
وأفرج صحيا عن سائقمحمود عبد المجيد الرقيب محفوظ عام 1960 . وافرج صحيا عن الرقيب [[أحمد حسين]] جاد فى 4 من [[سبتمبر]] عام 1967 دون أن يمضى مدة العقوبة كلها.
 
وافتتح عبده أرمانيوس محلا لتجارة الموبيليا بعد أن أمضى عاما فى الحبس الاحتياطى قبل نظر القضية... واختفى نص الحكم وحيثياته حتى التى كتبها رئيس المحكمة بخط يده!
 
وظل [[الإخوان]] طوال السنين يتساءلون: اين القصاص؟
 
كانت قرينة الشيخ [[البنا]] حاملا عند وفاته فوضعت بنتا أراد والده أن يسميها" دماء" ولكن مكتب السجل المدنى رفض هذا الأسم فاختار لها اسما آخر :"استشهاد".
 
تخرجت استشهاد محامية.ووفاء وسناء درستا التعليم النسوى ولم تعملا ورجاء مهندسة كهرباء.
وهالة طبيبة وقد اختيرت عضوا فى هيئة التدريس بكلية [[البنا]]ت بجامعة [[الأزهر]].
 
وهذا يدل على أن [[المرشد العام]] كان يؤمن بتعليم المرأة وأوصى بذلك
 
أما أحمد سيف [[الإسلام]]  فكان محاميا وقد اشترى بقيمة التعويش بيتا وحاكمه جمال عبد الناصر واعتقله.
 
وتزوجت كبرى بنات الشيخ – وفاء – من سعيد رمضان أحد قادة [[الإخوان]]  لاشابقين وعاشت معه فى سويسرا.
 
وكان فاروق بعد اعتزاله العرش وخروجه من [[مصر]] فى 26 من [[يوليو]] 1952 يعيش منفيا فى غيطاليا بلا اتباع لا أحد يحفل به أو ينافقه أو يتملقه . لا أحد يخطب وده إلا لماله.
 
اختفى الذين يطليون الأوسمة والألقاب والمناصب, ومن يحاول الاتصال به من المريين يلقى العنت كل العنت فى [[مصر]] من نظام الحكم الثورى الجديد.
 
كان فاروق أشبه ب[[البنا]] عن اغتياله.
 
كان الإثنان فى أيمهما الأخيرة وحيدين تغير المناخ فأصبحا فى شبه عزلة منعت الحكومة الاتصال  ب[[البنا]] أما فاروق فانفض من حوله المنافقون والرعايا.
 
وجاءت ليلة فاروق الأخيرة.
 
كان يتناول عشاءه فى ملهى بمدينة روما عندما سقط فى غيبوبة ونقل إلى المستشفى فى سيارة اسعاف حيث توفى فى الثانية و8 دقائق من صباح 18من [[مارس]] عا 1965 بعد 35 يوما من  احتفاله بعيد ميلاده الخامس والأربعين.
 
وإذا حسبنا فروق التوقيت بين [[القاهرة]] نجده قد مات تقريبا فى نفس ساعة اغتيال [[البنا]].
 
ونقل فاروق إلى المشرحة فى روما – كما حدث للبنا – لمعرفة سبب الوفاة وتحنيط الجثة.
 
وشعيت الجنازة من الشمرحة إلى قاعة الموتى فى مقبرة " فيرانو" الخاصة بالروم الكاثوليك.
 
سارت وراء لانعش الملكة فريدة مطلقة فاروق وبناته الثلاثة: فريال وفوزية وفادية ومغنية الأوبرا الإيطالية إيرما صديقة فاروق خلال السنوات العشر الأخيرة التى عاشها فى المنفى بعد رحيله عن [[مصر]]!
 
وشيع الجثمان أيضا ابن فاروق – الملك السابق أحمد فؤاد – وكان فى الثالثة عشرة من عمره ... وهى سن تقارب عمر أحمد سيف [[الإسلام]] ... ابن الشيخ [[البنا]] الذى كان فى الرابعة  عشر  عند اغتيال أبيه!وبقى جثمان فاروق 12 يوما فى روما فى القسم الخاص بغير المسيحيين فى المقبرة ينتظر موافقة رئيس جمهورية [[مصر]] جمال عبد الناصر على السماح بدفن الملك السابق فى [[مصر]]تنفيذا لوصيته.
 
وافق عبد الناصر ولكن بشروط  قاسية: ألا يشيع كملك وألا يدفن فى مقابر الإمام الشافعى.
 
نقل جثمان الملك فى طائرة كوميت .... تابعة لشرطة [[مصر]] للطيران وتأجل سفر الطائرة عمدا فى مطار أثينا لتصل إلى مطار [[القاهرة]] بعد منتصف الليل 31 من [[مارس]] فاستقبلته  شقيقات فاروق وهن يرتدين السواد. وتأخر وصول الجثمان إلى المقابر نتيجة إجراءات الأمن . فلم تشيع الجنازة إلا فى التاسعة صباحا وسط حراسة البوليس وتحذير الناس من الاقتراب.
 
كانت جنازة فاروق فى نفس موعد جنازة [[البنا]] ومشابهة لها... تماما!
 
دفن صاحب الجلالة – كما  أصر رئيس الجمهورية [[مصر]] – فى صمت وبلا احتفال ولم يدخل المقبرة ساعة الدفن من رجال الدولة إلا جندى شرطة برتبة جاويش!
 
وشعيت الجنازة... النساء وحدهن!وتولى الرئيس أنور السادات رئاسة جمهورية [[مصر]] فتقدمت الأميرة فوزية شقيقة فاروق تطلب التصريح بإعادة دفن أخيها فاروق فى مسجد الإمام الرفاعى بجوار أبيه.
 
وافق أنور السادات . ولكنه أيضا وضع شروط نفسها.. ينقل الجثمان فى سيارة الموتى السوداء وأن يعاد الدفن سرا, بلا موكب وتحت الحراسة الشديدة وفى الصباح بين الصلوات حتى لا يتجمع المصلون
 
وصل ما تبقى من هيكل الجثمان فى كفنه , إلى مسجد الإمام الرفاعى فى التاسعة صباحا من باب الأضرحة.
قال عمال المسجد بالصلاة عليه.
 
وتولى الدفن الشيخ محمد حسن الذى يطلق على نفسه " حانوتى الملوك والأمراء"!
 
ولم يحضر عملية الدفن سوى الأميرة فوزية شقيقة فاروق . ولم يوضع شاهد على القبر إلا بعد دفن فاروق بأسبوع حتى لا يعرف الناس شيئا عند الدفن.
 
لقد دفن صاحب الجلالة مرتين وكانت الثانية بعد عشرسنوات من الأولى بنفس الأسلوب وفى نفس الساعة التى دفن فيها الإمام الشهيد .. [[البنا]].
 
[[تصنيف:تصفح الويكيبيديا]]
[[تصنيف:مكتبة الدعوة]]
[[تصنيف:كتب حصرية]]
'''<center>من قتل [[البنا]]</center>'''
 
'''[[محسن محمد]]'''
== الإمام ==
 
رفعه أتباعه فوق كل المصلحين وأئمة [[الإسلام]] فى العصر الحديث قالوا إنه جمع بين تطور فكر [[محمد عبده]] وشجاعة [[جمال الدين الأفغانى]] وتفوق عليهما  لأنهما تركا مبادئ ولم يبنيا حركة منظمة, أما الشيخ [[حسن البنا|حسن أحمد عبد الرحمن البنا]], وشهرته [[البنا]] , فقد أقام تنظيم [[الإخوان المسلمين]].
 
لم يحاول الدخول فى التفسيرات والشروح والاجتهادات الدينية التى خاض فيها رجال [[الأزهر]] وعلماء [[الإسلام]], بل أراد أن يكون مجددا , ويطالب المسلمين بإعادة التأمل فى دينهم.


'''ووجهة نظر [[فؤاد سراج الدين]] التى ذكرها للوزير البريطانى المفوض هى:'''
ولم يهتم بالخلافات بين المذاهب بل حاول تجميع المسلمين رغم خلافاتهم ووجد فى [[الإسلام]] : الدين والدولة, والوطن والجنسية و والمذهب والقانون الروح والثقافة. والعقيدة والقيادة. الثورة والسيف.


:"الوفد لا يثق فى عبد الهادى فقد كان نائبا وفديا وتخلى عن تأييد الوفد عام [[1937]] عندما كان النحاس رئيسا للوزراء يبحث عن وكيل وزارة ولذلك اختار ممدوح رياض بدلا من عبد الهادى.
وصفوه بأنه داعية إسلامى من طراز فريد عبقرى. والعالم الربانى الفذ الصالح, الذى لم بنجل مثله العالم الإسلامى منذ قرون!


:وقبل احتفال أقيم لمؤتمر البرلمانين الدولى وأقنع عبد الهادى [[فؤاد سراج الدين]] بالذهاب إلى مكتبه الخاص وتبادل الأفكار بصورة شخصية وغير رسمية.وبذل عبد الهادى جهودا مضينة لإقناع سراج الدين بالطبيعة السرية والشخصية لحدثيهما فلم يبلغ  سراج الدين النحاس باللقاء.
وقالوا أنه الرجل القرآنى الذى استطاع أن يبذر فى الأرض  بذرة المصحف وقال عنه [[عمر التلمساني]] أنه" الملهم الموهوب بطاقة لا يحظى بها إلا القليل. جهوده خارجه عن نطاق الجهد العقلى. صاحب فراسة لا تخيب. أستاذ الجميع فى كل شئ. إمام أنقذ أمة".


'''وفى يوم التالى نشرت [[أخبار اليوم]] '''
وقالوا أنه " أفلت من غوائل المرأة والمال والجاه. فشلت كل محاولات أغرائه بفضل صوفيته الصادقة وزهده الطبيعى".وقف [[محمد نجيب]] أول رئيس الجمهورية [[مصر]] أمام قبره فقال نيابة عن مجلس الثورة المصرى: " صاحب عقيدة.. حرب على الفساد والانحلال, بقدر ما كان حربا على الإحتلال.. عاش لأمته ووهب لها حياته".


:" تقريرا كاملا عن اللقاء مما سبب حرجا ل[[فؤاد سراج الدين]] . ولذلك فإن سراج الدين يعرف أنه لا يستطيع الثقة فى عبد الهادى".
ذكر [[فتحي رضوان]] اسم [[البنا]]] لأول مرة أمام [[جمال عبد الناصر]] فوجده يقول :


'''وكتب تشابمان اندروز الوزير البريطانى المفوض يقول: '''
كان [[البنا]] يبعث على احترامه,وقال [[فتحي رضوان]] إن هذه الشهادة من أكبر الشهادات لمرشد [[الإخوان]] وهو أول شهادة سمعها منه [[فتحي رضوان]] من عظيم من الأحياء أو الأموات!


:" إن الاتصالات بين [[إبراهيم عبد الهادي]] والوفد عن طريق [[فؤاد سراج الدين]] . ولكن القصر لا يريد اشترك النحاس باشا شخصيا فى الحكم".
رآه [[محمد أنور السادات|أنور السادات]] لأول مرة فوجده" يلتحف بعباءة حمراء لا تكاد تظهر منه شيئا كثيرا إلا البشاشة في وجهه. والتواضع في مظهره والرقة في حديثه.


:وتحاول بريطانيا بكل الطرق إقناع الوفد بدخول الوزارة.وتحاول بريطانيا بكل الطرق إقناع الوفد بدخول الوزارة.
ليس في خطابته وعظ المتدينين, لا الكلام المرتب , ولا العبارات المنمقة ولا الحشد الكثير, ولا الاستشهاد المطروق, ولا التزمت في الفكرة, ولا ادعاء العمق, ولا ضحالة الهدف, وإحالة  إلى التواريخ والسير,رجل يدخل موضوعه من زوايا بسيطة ويتجه إلى هذه عن طريق واضح ويصل إليه بسهولة أخاذة".


'''قال أندروز:'''
التقى به أحمد مرتضى المراغى وزير الداخلية السابق فوجده" ذا لحية لا هى طويلة ولا هى قصيرة.


:" لم يغلق  الباب بعد أمام احتمال اشتراك الوفد , وقد يتم ذلك فى اجتماع للوفد. يعقد قريبا.وسياسة القصر إحداث انشقاق داخل الحزب وإضعاف سلطة النحاس باشا".
خفيف الخطى سريع الحركة والكلام.


ويلتقى اندروز بكريم ثابت باشا فى محاولة جديدة حتى يساهم الوفد مع [[إبراهيم عبد الهادي]] فى تحطيم  [[الإخوان]].
== آية في الذكاء ==


'''قال كريم ثابت:'''
يركز عينيه اللامعتين على محدثه, يخفى وجهه, ثم يعود إلى التحديق دمث المعشر, حلو الحديث, خلت طبيعته الدينية من التزمت".


:عبد الهادى باشا أفضل رجل لوزارة الداخلية وقد ينجح فى تحطيم [[الإخوان]].
تكلم الشيخ الباقورى عن ثقافة [[البنا]]  فقال :" إنه كان يحفظ ديوانا المتنبى مضمونا إلى ذلك ما متعه به الله من حفظ القرآن الكريم والسنة المطهرة والسيرة المحمدية العطرة. قرأ لابن خلدون والأفغاني و[[محمد عبده]] والغزالى وابن تيمية وكان حريصا على اقتناء كل كتاب يظهر"


'''قال أندروز وهو يتمنى للباشا حظا سعيدا:'''
وصفته مجلة " آخر ساعة" المصرية فقالت:


:لست متأكدا تماما من أنه سينجح. وإذا فشل فسيقع جانب كبير من اللوم على كاهل الملك لأنه ترك عبد الهادى يواجه [[الإخوان]] دون أن يكون الوفد معه. ولو كان قد إشراك الوفد لوفر فرصة أفضل كثيرا للنجاح.  
" وجهه مشوب بمسحة وقار لطيف حاد الملامح بين التعابير تحت جبين عريض لماح بقبس من الذكاء تقعد وسطه" زبيبة صلاة" كبيرة داكنة من أثر السجود.


'''وأضاف اندروز:'''
عيناه هادئتان بسيطتان في بساطتهما لمحة من " عيون المقطم" تحسبها قليلة الغور, فإذا ألقيت فيها الحجر, ظل يتدحرج إلى غير قرار.


:المهمة الرئيسية للحكومة إلحالية هى تحطيم [[الإخوان]]!فى اليوم التالى لوفاة [[النقراشي]] وصل تشابمان أندروز الوزير البريطانى المفوض إلى أرمنت قرب [[الأقصر]] ليقضى أياما فى عزبة رجل الأعمال أحمد عبود وكان هناك عدد من أصدقاء الطرفين.
دائم الابتسام , فاره القامة يبدو قويا  كشجرة السنديان في صوته عمق وعرض وطول وللسانه سحر.


'''وصف أندروز رد فعل هذه المجموعة من أثرياء المصريين إزاء اغتيال رئيس وزراء [[مصر]].
إذا تكلم يتلاعب بالألباب وقد أمده الأدب العربى, على شتى أصوله بفيض هائل من الآيات والأحاديث, وأمجاد الجهاد الإسلامى يطلقها من فمه كالمدفعى الماهر في أنسب وقت, وأنسب مكان, فيكون لها فعل القذائف في معارضيه.


:" بين الحاضرين فى أرمنت [[حسين سرى]] باشا رئيس الوزراء السابق وزوجته وحرم '''" محمود يونس بك"''' التشريفاتى الرابع للملك فاروق . ومحمود  القشيرى بك وزوجته وهو ابن أخت قرينة سرى باشا.
مدرس خط, ومع ذلك فإن خطه بشهادته, هو نفسه ليس جميلا بل ولا مقروءا.
استقبل الجميع نبأ اغتيال رئيس الوزراء بتهلل وارتياح .  


:ولم يخفوا ذلك وامتنع سرى باشا  وحده عن إدلاء بأى تعليق عدا الأعراب عن اعتقاده بأن [[النقراشي]] باشا كان رجل دولة طيبا  لديه مثل عليا ولكنه كان عاجزا أو لا يصر على أن يقتدى به زملاؤه الوزراء فى الأمانة والشرف!
وزعيم لمليون من المصريين ولكنه وبشهادته أيضا ليس زعيما وإنما هو مدرس فقط ولعل هذا مصدر لقبه الرسمى وهو [[المرشد العام]] [[للإخوان المسلمين]].


:وحين أعلن تعيين [[إبراهيم عبد الهادي]] باشا رئيسا للوزراء أعرب الجميع عن خيبة أملهم المريرة .وكان التعليق العام أنه نفس الرجل .. أى مثل [[النقراشي]].
ميزه هذا الرجل الكبرى أنه يعرف كيف يخاطب الناس كيف يلهب  شعورهم".


:وكان من رأى عبود باشا وحرم سرى باشا أن عبد الهادى باشا سيتبع خطوات [[النقراشي]].ومالم يسمح  الملك فاروق بحكومة وفدية يراسها النحاس باشا وتتولى السلطة .. لإغن حياة الملك ستكون عرضة للخطر البالغ.
وقال عنه [[أحمد حسين]] زعيم [[مصر الفتاة]] أنه : من الرجال العظام الذين يصطفيهم الله لنصرة دينه".


:وقال عبود فى حديث صريح جدا إنه يعتقد أننا أى [[الإنجليز]] نمارس سياسة خاطئة تماما فى [[مصر]] ... حكمنا البلاد وكنا الموجة لها لأكثر من خمسين عاما .. وبعد أن أعطيناها استقلالها .. نتوقع ان تمضى وحدها دون تدخل من جانبنا.
أجمع معاصروه على أنه يتمتع بشخصية قويه. يحمل دعوته إلى الناس في يسر ويشرحها بألفاظ سهلة دون تكلف. شديد التواضع زاهد لا يبغى مالا. لم يجمع من الدنيا شيئا, ولا يهتم فيها إلا مقدار. ولا يصيب منها إلا ما تدعو إليه الضرورة.


:وبالتفاوض مع الحكومة وحدها دون تدخل من جانبتا.وبالتفاوض مع الحكومة الحالية والملك فاروق فإننا نعطى نأييدنا لحكومة لا تمثل إلا الأقلية فى البلاد..ونحن نشجع الملك على أن يصبح حاكما ديكتاتوريا وأعرب عبود باشا عن اعتقاده بأننا يجب أن ندين الحكومة الحالية علنا ونعلن أننا لن نتفاوض مع [[مصر]] حتى يتم إجراء انتخابات عامة فيها.
ينام خمس ساعات ويأكل ما حضر من الطعام ويلبس ما تيسر له من الثياب, ويعيش عيشة الكفاف. زيارته للقرى تتسم بالبساطة. يتصرف بحكمة وذكاء وهو يسعى لاكتساب الأصدقاء ينام عند أعضاء [[الجماعة]]. وإذا لم يتوفر له ذلك نام في المسجد راضيا!


:وأكد لى أننا إذا فعلنا ذلك فسنحوز تأييد الأغلبية الكبرى من الشعب المصرى ومن زعماء الوفد على وجه الخصوص.وقال الباشا إن المصيبة الكبرى هى أن حادث 4 [[فبراير]] لم يمض إلى نهاييته المنطقية"
أقام في بداية حياته ب[[القاهرة]] في حارة  عبد الله بك في المغربلين بحى اليكنية عند بوابة المتولى يستأجر بيتا إبحاره خمسون قرشا كل شهر.


أى إرغام الملك على التنازل عن العرش. وهذا الحديث يكشف حقائق كثيرة عن آراء بعض قادة  [[السياسة]] والإقتصاد فى [[مصر]]:
ومنه انتقل إلى السبتية وأخيرا في شقة بحارة سنجر الخازن بقسم الخليفة يدفع عنها جنيهن كل شهر.كان البيت مفروشا بالحصير ولم تغط أرضه سجادة في يوم من الأيام.


" [[حسين سرى]] يصر على عودة الوفد إلى الحكم."أحمد عبود باشا كان يتمنى لو أن [[الإنجليز]] عزلوا الملك فى 4 [[فبراير]] [[1942]]!
مرتبة  كمدرس بوزارة المعارف للغة العربية لا الخط ! عشرة جنيهات يحصل منها على جنيهين لمصروفه الشخصى ولرحلات الدعوة وتساهم أسرة زوجته من [[الإسماعيلية]] في نفقات البيت.


وبينما كان تشابمان اندروز يعرف رأى [[حسين سرى]] وعبود فى إبراهيم عبد الهادى خليفة [[النقراشي]] .. كان أرنست بيفن وزير خارجية بريطانية يعرف رأى ملك [[مصر]] بالنسبة [[للإخوان]].
وبعد استقالته من عمله كمدرس عام [[1946]] أصدر "[[مجلة  الشهاب]]" ولم يزد دخله منها على 15 جنيها.


وكان السفير المصرى فى لندن حريصا على أن يبدى [[الإنجليز]] بعض مشاعر الود نحو صاحب الجلالة!قصد السفير المصرى عبد الفتاح عمرو إلى وزارة الخارجية البريطانية ليلتقى بأرنست بيفن وزير الخارجية فى اليوم التالى لاغتيال [[النقراشي]].
عرض عليه [[الإخوان]] 100 جنيه شهريا مقابل التفرغ ولكنه اعتذر وعرض عليه [[الإنجليز]] أثناء [[الحرب العالمية الثانية]] خمسة آلاف جنيه ليكتب عن [[الديمقراطية]] فقال:


'''قال عمرو باشا وهو يتحدث عن [[الإخوان المسلمين]]:'''
أكتب عن ديمقراطية [[الإسلام]] باعتبارها [[الديمقراطية]] الحقيقية المثالية فرفض [[الإنجليز]].


:الحكومة مصرة على التصدى لهذه الإثارة المستمرة للمشاعر المعادية للبريطانيين فى [[مصر]] وعلى تمهيد الطريق لإجراء مناقشات فنية على الأقل مع بريطانيا فى وقت قريب. سأله بيفن عن القاعدة الحقيقية [[للإخوان المسلمين]] وعن سبب اتباعهم الطريق الإرهاب.
قال تقرير للمخابرات البريطانية إن أحد أسباب الانتشار السريع [[للإخوان]] يرجع إلى حياة الزهد والورع التى عاشها [[البنا]] كمسلم.
:'''قال السفير:''' هناك أدلة على أن [[الإخوان]] يتلقون أموالا طائلة من روسيا , وأنهم أحرزوا تقدما كبيرا بفضل الأموال والمنشورات بين الفلاحين


:لقد أصبحوا خطرا حقيقيا والحكومة مصممة على القضاء عليهم وصودرت كل أموال [[الإخوان]] وأغلقت مراكزهم وعبد الهادى باشا سيوالى قمعهم حتى النهاية.وينتهز عمرو باشا الفرصة فيطلب من وزير الخارجية البريطانية توجيه رسالة ما إلى الملك فاروق
وفى مفكرته التى وجدت معه عند مصرعه كتب أنه أخذ من المستشار منير الدلة 150 جنيها لتسوية نفقات المعيشة!


:'''قال بيفن''' سأفكر فى ذلك.
وفتشوا ملابسه في مستشفى القصر العينى بعد وفاته فوجدوا في جيبه كل تركته: ستة جنيهات وعشرة مليمات وساعة جيب معدنية ماركة " أوراتور" سلسلتها معدنية أيضا وقلم حبر!


وتعهد الوزير بأن يجتمع السفير البريطانى فى [[القاهرة]] مع رئيس الوزراء الجديد فى أقرب وقت ممكن.وأثار السفير المصرى إمكان استئناف بدء المفاوضات بين [[مصر]] وبريطانيا ولكن قال : ليس وقت مواتيا بعد . فقد يحدث انطباع خاطئ لأن [[مصر]] تمر بصعوبات وخاصة عقب اغتيال النقراشى ومن الأفضل الانتظار قليلا!
ووجدا في سيارة التاكسى التى نقلته إلى المستشفى لآخر مرة مسبحة رخيصة من 99 حبة!


اتصل رجال الصحافة ب[[المرشد العام]] تليفونيا وأبلغوه بوفاة [[النقراشي]] وسمع [[أمين إسماعيل]] عضو [[الجماعة]] بالإغتيال فتوجه إلى بيت الشيخ [[البنا]] الذى دعاه لتناول الغداء معه.  
وقصدت شقيقته تزور زوجها المصاب [[عبد الكريم منصور]] المحامى في مستشفى القصر العينى بعد يومين من اغتيال شقيقها فشكا إليها زوجها عدم عناية المستشفى بأمره.  


وصف [[أمين إسماعيل]] حال [[المرشد العام]] فى ذلك اليوم فقال لم يأكل الشيخ [[البنا]] غير لقمتين لا ثالثة لهما. وابتسم قائلا.إيه يا أمين سيرموننا بكل تهمة وسيقولون عنا كل شئ و... و.. وسيعلقون لنا المشانق فى الشوارع!
وعدم كفاية ما يقدم إليه من طعام فأعطته كما يقول محضر الشرطة خمسين قرشا أوراقا نقدية من فئة العشرة القروش ثم عادت وقدمت إليه خمسة وعشرين قرشا فلم تكن تملك غير هذه القروش!


'''وابلغ أحد [[الإخوان]] الشيخ ما يؤكد ظنونه قال: '''


:كوّ محمد كامل الدامطى مدير مكتب [[النقراشي]] عصابة من سبعة أفراد حلفوا برأس [[النقراشي]] أن يقتلوا [[المرشد العام]].وظلت تتردد فى أذهان [[الإخوان]] تلك الصحيات التى رددها شباب الحزب السعدى أثناء جنازة النقراشى قائلين:رأس [[البنا]] برأس [[النقراشي]]  . وتهتف: الدم... بالدم!
== أثرت في الشيخ [[البنا]] عوامل كثيرة....==


==حوافر العدو==
ولد في قرية المحمودية بمديرية [[البحيرة]] – التى أنجبت الشيخ [[محمد عبده]] – عام [[1906]] والده الشيخ [[أحمد عبد الرحمن البنا]] مأذون وساعاتى إمام وخطيب مسجد القرية درس الأدب على يد الشيخ [[محمد عبده]] وألف عدة كتب دينية وعنده مكتبة إسلامية كبيرة.


انتهزت إسرائيل فرصة التوتر الذى ساد [[مصر]] بعد اغتيال [[النقراشي]] فأرادت أن تطوق الجيش المصرى فى [[سيناء]] و[[غزة]] وحصاره.اكتشف ايجال يادين قائد القوات الإسرائيلية على الجبهة المصرية طريقا يونانيا رومانيا قديما يصل جنوب أبو عجيلة فأرسل قوتين إلى [[غزة]] .  
تتلمذ في الكتاب على يد أزهرى ورع. فتأثر بهذا المناخ الدينى وكانت كل موضوعه الإنشائية عن الدعوة الإسلامية.وعلى المستوى الشخصى اعتاد الأسرة  الكبيرة..


وبير عسلوج , والعوجة لشغل القوات المصرية فلم تنتبه إلى القوات الإسرائيلية المدرعة لتى جاءت تغزو أبو عجيلة لتدخلها وتتوغل عشرة أميال داخل الأراضى المصرية لأول مرة, وقامت بحركة التفاف واسعة لعزل الجيش المصرى شرق مدينة العريش قطع خطوط تموينه ومواصلاته مع قاعدة ها الجيش فى [[مصر]] للقضاء عليه فأصيب الجيش كله بالشلل فى [[سيناء]] و[[غزة]]


فى اليوم التالى لوفاة [[النقراشي]] احتلت إسرائيل التلال المطلة على رفح واصبح على بريطانيا بمقتضى معاهدة [[1936]] التدخل ضد إسرائيل للدفاع عن [[مصر]] وطرد القوات المعتدية منها.توغلت القوات  الغازية إلى مسافة ستة كيلو مترات أو أقل من العريش ... المدينة التى تضم القاعدة الجوية المصرية الأمامية.
كان له أربعة أشقاء وعندما تزوج من كريمة الحاج [[حسين الصولي]] من وجهاء [[الإسماعيلية]] أنجب خمس بنات هن:


طلب وزير الحربية المصرى من بريطانيا بصورة عاجلة 20 من خزانات الوقود طويلة المدى لتمكين الطائرات المصرية من طراز '''" سيبفاير"''' من الطيران من مطارات منطقة القنال البعيدة عن الحدود.وطلب الوزير أيضا تسهيلات لصعود الطائرات المصرية فى  المطارات التى تحتلها القوات البريطانية فى منطقة القنال .
سناء ووفاء ورجاء وهالة وابنا واحدا هو أحمد سيف [[الإسلام]] الذى كان في الرابعة عشر من عمره عند مصرع أبيه وكانت صغرى بناته استشهاد جنينا فى بطن أمها يوم وفى أبيها!


استغاثت وزارة الحربية المصرية ب[[الإنجليز]] وابلغت الأمر إلى الملحق الجوى بالسفارة البريطانية فى [[القاهرة]] فلم تكن [[مصر]] فى حالة تسمح لها القيام بأى عمل إلى الالتجاء لبريطانيا.سارعت وزارة الخارجية البريطانية بإبلاغ الحكومة الأمريكية فى واشنطن بطلبات حيدر باشا.
فى المدرسة الابتدائية رأس جمعية السلوك الاجتماعي وأنشأ مع زملائه " جمعية منع المحرمات" التى يبعث أعضاؤها برسائل لمن يرتكبون منكرا


'''قالت:'''
وكان العمل السرى بعد ذلك أحد وسائله فى الدعوة اشترك فى التشكيلات الإسلامية وعمره 12 سنة.وبدأ يكتب مذكراته وهو صبى. ويشترك فى المظاهرات [[السياسة]] وعمره 13 سنة.


:" أرسلت التعليمات إلى سلاح الجو الملكى البريطاني فى [[مصر]] للقيام باستطلاع فورى والتحقق من الوضع.
ويلتحق فى سن الرابعة عشرة بمدرسة المعلمين الأولية بدمنهور فيدرس الفقه الإسلامي ويحفظ 18 ألف ببيت من الشعر.
وإذا قامت القوات اليهودية بمهاجمة الأراضي المصرية فإن التزاماتنا بموجب معاهدة [[1936]] الإنجليزية المصرية ستكون سارية بالطبع"


وصف السفير البريطانى الموقف العسكرى المصرى اليائس داخل حدود البلاد الشرقية فى اليوم التالى لوفاة [[النقراشي]] 29 من [[ديسمبر]].
يقرأ كتب الغزالى ويتأمل فلسفته ثم يشترك أثناء الدراسة فى " الجمعية الحصافية الخيرية " فيتعلم شئون الجمعيات ووسائل تنظيمها وعرف أن قيام هذه الجمعيات فى المدارس يترك أثرا ضخما فى نفوس الشباب!


'''قال:'''
'''قال:'''


:يقوم الجيش المصرى بهجمات مضادة من العريش ورفح فى محاول لوقف طوابير المدرعات اليهودية التى تتقدم صوب هاتين المدينتين.وما لم نقم نحن البريطانيين بشئ فعال وفورى لمساعدة الجيش المصرى فإنه يتمزق خلال وقت قصير جدا إلى مجموعات صغيرة ومعزولة فى العريش ورفح وغزة والفالوجة والخليل دون أى غطاء جوى وبلا إمكانا للإمدادات أو الإغاثة.
كم سهرنا الليالى ندرس حال أمة [[الإسلام]]
 
وعندما يسمع بروفة [[محمد فريد]] وهو طالب فى هذه المدرسة يؤلف قصيدة يقول فيها:
 
أفريد نم بالأمن والأمان
:::::أفريد لا تجزع على الأوطان
 
وينتقل إلى [[القاهرة]] فى مدرسة دار العلوم بحفظ القرآن والسنة النبوية والسيرة المحمدية وديوان المتنبى ويكتب فى آخر موضوع للإنشاء المدرسة " بعد قومى عن مقاصد دينهم ومرامى كتابهم والتبس عليهم الدين الصحيح"!
 
كان أول دفعته فى جميع مراحل التعليم تخرج فى دار العلوم وعمره 21 سنة.وقد تردد بعد نجاحه, بين أمرين: أن يعمل مدرسا أو يتقدم لبعثة فى الخارج.
 
حسم القدر الأمر فإن دار العلوم لم ترشح أحد للبعثة فى تلك السنة فبقى فى [[مصر]] يعمل , كما قال فى موضوع الإنشاء" على تصحيح الأوضاع ليغرس فى النفوس أن [[الإسلام]] دين ودنيا"
 
قال " هذا الكتاب يخشاه المستعمرون لأنه ليس آيات تقرأ فى الصلاة وترددها الشفاه, وإنما كتاب تشريع وقيادة وحكم وإمامة".
 
ويكون هذا كله زاده لدينى, أما زاده السياسى فكان عريضا أيضا.جفلت الفترة من عام [[1906]] حتى عام [[1928]] بالأحداث [[السياسة]] دنشواى. شق الفلاحين المصريين, وجلدهم بالسياط أمام أهلهم فى قلب القرية...
 
أزمة طابا بين [[الإنجليز]] والأتراك والاختلاف بينهما على حدود [[مصر]].. خلع الخديو عباس حلمى الثانى... [[الحرب العالمية الأولي]] ثم ثورة [[1919]] التى اشترك فى مظاهراتها وإضراباتها وعمره 13 سنة وأثناءها كان تلميذا بالاعدادية فى مدرسة المحمودية.ز
 
الاستقلال و[[الدستور]] واغتيال السردار البريطانى السير لى ستاك ووفاة [[سعد زغلول]]..... والأزمات العاتية التى عاشتها [[مصر]]!
 
وكان يكفى [[البنا]] أثناء دراسته بدار العلوم أن يمضى مسافة قصيرة للوصول إلى [[الأزهر]] أو سير فى ثلاثة شوارع ليدور حول دار المندوب السامى البريطانى بحديقته الواسعة شاطىء النيل. وقصر عابدين حيث يقيم الملك فؤاد .
 
'''والبرلمان الذى يعقد حينا, ويعطله الملك فؤاد حينا آخر!'''
 
بعد وفاة سعد بأسبوعين تقريبا انتقل [[البنا]] فى 16 من [[سبتمبر]] [[1937]] إلى [[الإسماعيلية]] ليكون مدرسا للغة العربية بالمدرسة الابتدائية فحمل معه حصاد الأحداث التى عاشها  طفلا. وشابا وسمع عنها حكايات كثيرة استقرت فى عقله وشكلت تفكيره.
 
وجاءت مرحلة [[الإسماعيلية]] لتترك تأثيرها السياسى المباشر فى مستقبل [[الإخوان]] وسياستهم وعمقت فى [[البنا]] مشاعر الكراهية للنفوذ الأجنبى.
 
وكانت [[الإسماعيلية]] مدينة فرنسية على أرض مصرية. طغت الأسماء الأجنبية على الشوارع والمحلات التجارية,
 
أسلوب الحياة فرنسى وشركة قناة [[السويس]] تحتكر المرافق العامة وتنكر على المصرى حق الحياة الكريمة وتحمى قوات الجيش البريطانى هذه الأوضاع كلها!
 
'''ويجد [[البنا]] فى ذلك كله إهانة للكبرياء الوطنية.'''
 
ولكنه يقبل من شركة قناة [[السويس]] 500 جنيه تبرعا للمساهمة فى إنشاء مسجد قائلا: هذا مالنا لا مال لخواجات. والقناة قناتنا. والبحر بحرنا والأرض أرضنا وهؤلاء غاصبون فى غفلة من الزمن!
 
بدأ دعوته الدينية فى [[الإسماعيلية]] بظروفها تلك, والتى لا تسمح بقيام أو تشجيع جمعية تريد تربية المسلمين على تعاليم [[الإسلام]] وتطالب بالإقامة دولة إسلامية حرة بدلا من أن يكون المسلمون مستعمرين ومستغلين ومستعبدين كانت الدعوة بطريقة مبتكرة... فى ثلاثة مقاه يتردد على كل منها مرتين فى الأسبوع.
 
وزارة ستة من عمال المعسكرات فى منطقة القتال يوم الجمعة 23 من [[مارس]] عام [[1928]] يهنئونه بأول أيام العيد الفطر ويعاهدونه ابتداء من ذلك اليوم على العمل للإسلام والمسلمين قد وجدوا فى الدين خلاصا من ذل الاحتلال البريطانى.
 
وهنا تبرز حقيقة هامة وهى أن منذ قيام حركته ظلت إحدى عينيه على الدين والأخرى على [[السياسة]].
 
وربما كان ذلك هو العامل الذى دفعه, إلى أن يكون الوحيد بين مؤسسى الجمعيات الدينية الذى ظل يرتدى البدلة الإفرنجية من قماش مصرى – ويضع فوق رأسه الطربوش, وإن لم يعرف لغة أجنبية!
 
حار العمال الستة فى اختيار اسم يطلقونه على حركتهم فقال لهم:ألسنا مسلمين فنحن إذن " [[الإخوان المسلمون]]"
 
وهكذا منذ اللحظة الأولى وعمره 22 سنة يتخلص من المأزق الذى واجهته [[الجماعة]] إثر قيام [[ثورة 23 [[يوليو]] 1952|ثورة 23 [[يوليو]]]] عندما طالبت [[الأحزاب]] بإعادة قيدها وجدت أن [[الإخوان]] ليسوا حزبا
 
وينجو ببعد نظره من مأزق  آخر!
 
أنشأ " فرق العمل" أى الجوالة وهى منظمة شبه عسكرية تتبع [[الجماعة]]  حولها إلى جمعية الكشافة العامة..
 
وعندما أصدر الملك فاروق قراره عام [[1937]] بحل تنظيمات القمصان الزرقاء, والقمصان الخضراء التابعين لحزبى الوفد و[[مصر الفتاة]] لأنهما شبه عسكريتين لم ينطبق القرار على " فرق العمل "لأنها تتبع الكشافة!
 
لم تكتب صحافة [[مصر]] كلها عن ميلاد [[الجماعة]] فلم تعرف الصحافة شيئا عنها يوم ميلادها وإنما اهتمت الصحف فى اليوم التالى بتبادل أعضاء جمعية الشبان المسلمين" التهانى فى العيد!
 
ونشرت صحيفة " المقطم " المسائية مقالا لمحمود  أبو الحسن عمدة منفلوط  عنوانه " الوزارة وشئوننا الداخلية"
 
ولم تتوقع المقطم أن رجلا آخر من منفلوط وهو [[محمد حامد أبو النصر]] سيتولى منصب [[المرشد العام]] [[للإخوان]] بعد ستين عاما!
 
ولدت [[الجماعة]] والبلاد تستعد للإحتفال بعيد ميلا الملك فؤاد وكان [[عبد الخالق ثروت]] باشا  قد استقال قبل أسبوع واحد من منصبه كرئيس لوزراء [[مصر]] وألف [[مصطفي النحاس]] باشا رئيس [[حزب الوفد]] أول وزارة له يوم 16 من [[مارس]].


:ومن المؤكد أن هذه المجموعات الصغيرة لن تكون قادرة على المقاومة لمدة طويلة.ولن يكون ممكنا إخفاء حجم الكارثة عن الرأى العام المصرى ولا يمكن تقدير العواقب السياسية الناجمة عن ذلك . من الناحية الداخلية المصرية أو من رواية العلاقات المستقبلة مع بريطانيا.
أما سر الاستقالة فيرجع إلى أن ثروت باشا تفاوض مع [[الإنجليز]] وانتهى أول مشروع معاهدة بين البلدين, وبعد ست سنوات من الاستقلال.


:ولذلك فإن مخاطر السماح بحدوث مزيد من التدهور فى الموقف العسكرى المصري أكبر من أن نستطيع تحملها.
ولكن الوفد رفض مشروع المعاهدة لأنه لا يحقق مطالب [[مصر]] وكان أوستين تشمبرلين وزير خارجية بريطانيا يلوم [[مصر]] لرفض المعاهدة وصحافة [[القاهرة]] تدافع قائلة:"[[مصر]] لا تلام ومصالح البلدين كفيلة بحل الخلاف"
وقد بدأت الطائرة المقاتلة المصرية فى الهبوط فى المطارات التى يسيطر عليها البريطانيون فى منطقة القناة وايد بعد نفاد وقودها. إن البدائل العملية المتاحة لنا سواء بموجب المعاهدة أو خارج نطاقها هى:


:'''(أ‌)''' إمداد القوات المصرية بالعتاد الحربى فى منطقة القناة.أو
أما فى برلين  فإن المصريين كانوا يتظاهرون ضد المعاهدة.وكان  علماء  [[مصر]] يتكلمون عن.. نظام الوقف!


:'''(ب)''' القيام بأنفسنا بعمل عسكرى بعد انذار الغزاة بهدف محدود وهو انسحاب قواتهم إلى ما وراء الحدود الدولية بين [[مصر]] و[[فلسطين]].وبين هذين البلدين .
وإذا كانت [[مصر]] لم تدرك أهمية قيام [[الجماعة]]. فإن العالم فاته ذلك أيضا كان اهتمام العالم فى تلك السنة بتوقيع ايطاليا معاهدة الصداقة مع [[أثيوبيا]] وإعلان زوغو ملكا على البانيا والخطة الخمسية الأولى فى الاتحاد السوفيتى واختيار شيانج كاى رئيسا للصين وهربرت هوفر رئيسا للويلات المتحدة واغتيال أوبريجون رئيس المكسيك ووفاة حسين رشدى رئيس وزراء [[مصر]] أثناء [[الحرب العالمية الأولي]]!


'''أعتقد أن الثانى هو الأفضل إذاكان ممكنا من الناحية العسكرية للأسباب الآتية:'''
انتشرت [[الجماعة]] فى [[الإسماعيلية]] والمناطق المجاروة بجهده وحده ومنحه عمله كمدرس القدرة والتجربة فى السيطرة على الشباب.


:(أ) إذا سمح لليهود بالإستقرار فى الأراضى المصرية سيبصح من الصعب بصورة متزايدة. إخراجهم بالوسائل السياسية فقط. أو حتى بالعقوبات الاقتصادية مع مضى الوقت '''(إذ إنهم سيميلون لتدعيم موقفهم . كما حدث فى [[فلسطين]])'''.
كان يلجأ للمحضرات والمنشورات والخطابة فى المساجد مؤمنا  بأنه لابد من الحصول على أكبر قدر من المساندة من الطلبة والفلاحين والعمال ,


:'''(ب)''' سيكون من الصعب فى وقت لاحق إيجاد مبرر سليم للتدخل العسكرى البريطانى.
وأن العقيد الإسلامية التى تقدم بطريقة ليست هيابة أو مهادنة قوة قادرة على اجتذاب سكان [[مصر]].


:'''(جـ)''' إن المصريين حتى بالعتاد الحربى الذى نستطيع تقديمه إليهم. سيبقى ممكنا هزيمتهم. زسيكون الموقف الناشئ عن ذلك أكثر سوءا.
لم يضع حاجزا بينه وبين الناس ... أبدا.


:'''(د)''' لانستطيع بالتأكيد أن  نرفض استخدام سلاح الطيران المصرى للمطارات والمنشآت التى يسيطر عليها البريطانيون فى منطقة القناة وهذا يورطنا بصورة آلية فى الصراع . لأن هذه المطارات من  المفترض للقصف من جانب [[اليهود]].
وكان يؤمن بأن الزمن معه ومع [[الجماعة]]


وفى نفس الوقت, وحتى إذا قررت حكومة صاحب الجلالة ملك بريطانيا القيام بعمل عسكرى فأعتقد أن من الأهمية أن نزود لمصريين ببعض العتاد الحربى لتمكينهم من التعاون معنا ومن الإحساس بأنهم يفعلون ذلك.
قال لصديق:


وإذا أثبتنا فى هذه المناسبة قدرتنا, على القيام بعمل فعال لتأمين إخراج [[اليهود]] من الأراضى المصرية دون تأخير , فإن مكانتنا ستعزز ليس هنا فقط وإنما فى البلاد العربية الأخرى أيضا.
== نحتاج لأجيال ثلاثة لتنفيذ خططنا ==


وستصبح فى وضع أقوى فى التأثير على [[مصر]] وغيرها لإقرار تسوية التراجع إلى المواقع التى كانوا يحتلونها فى النقب فى 14 من [[أكتوبر]] كما كان بتعيين عليهم بالفعل بموجب قرار مجلس الأمن الصادر فى 4 من [[نوفمبر]].
الجيل الثانى يحارب يقصد جيل التنفيذ والجيل الثالث ينتصر .. يعنى الذى يقطف ويجنى الثمار وبحماس لا يهدأ بدأ إعداد الجيل الأول .. المستمع.


أرى بالإضافة إلى ذلك أنه لا شئ أقل إن لم يكن أكثر من إنذار سيكون مطلوبا لضمان انسحاب [[اليهود]] من الأراضى المصرية.ولكن مسألأة إغاثة القوات المصرية المحاصرة فى [[فلسطين]] ستظل قائمة عندما يزداد تدهور الموقف العسكرى يسرع السفير البريطانى فيكتب فى اليوم ذاته حكومته البرقية رقم 1805
خلال عامين كان قد أنشأ شعبا للجماعة حول [[الإسماعيلية]] و[[بور سعيد]] و... العريش


''' وفيها يقول:'''
وارتفع عدد الشعب إلى عشرة خلال أربعة أعوام من تأسيس [[الجماعة]] , ,لم ينس المرأة فأنشأ مدرسة [[الإسماعيلية]] لتأهيل [[الأخوات المسلمات]]. وحرص من البداية .


:" تشعر السلطات المصرية بقلق بالغ.ولا يمكن كتمان أية هزيمة كبرى تقع للجيش المصرى. وستكون لها آثار خطيرة على الإستقرار الداخلى ويمكن أن تصل هذه الآثار إلى أقصى درجات خطورتها بصورة كبيرة وجود جماعة [[الإخوان المسلمين]] والموقف المضطرب الناشئ عن اغتيال [[النقراشي]].
على الإدارة المركزية فجعل كل الشعب تتبع المقر الرئيسى فى [[الإسماعيلية]] وطاف , بكل الشعب واختار قادتها بنفسه


:ومن ناحيتى أعلم الرغبة العميقة لحكومة جلالة ملك بريطانيا فى الحفاظ على الإستقرار فى هذا الجزء من العالم.ويمكن أن نتأثر علاقتنا المستقبلية ب[[مصر]] إذا وقفنا موقف اللامبالاة حيال غزو خارجى تتعرض له [[مصر]] ولم تقدم لها أية مساعدة بينما ترابط قواتنا على أراضيها"
ويكتشف [[البنا]]] أنه حان الوقت لطفرة فيطلب الانتقال إلى [[القاهرة]] فى أكثر عام [[1932]] فينقل مدرسا بمدرسة عباس بالسبتية.وينتقل معه إلى [[القاهرة]] [[المركز العام]] للجماعة!


:وتقيم خطة إسرائيل فى الإغارة على العريش ومهاجمة رفح لتحييدها ثم الإنسحاب لفتح الطريق أمام 18 ألف مقاتل مصرى متناثرين فى غزة ومحاصرين للخروج, أو الهرب أو إلى [[مصر]].وقد اتخذت القاعدة الجوية المصرية فى رفح خلال الشهور الستة الماضية أهبتها لشن هجمات جوية مدمرة وهجمات أخرى ضد إسرائيل".
ويصدر فى العام التالى مجلة أسبوعية باسم " [[الإخوان المسلمين]]" وينطلق نشاط [[الإخوان]] فى العامين التاليين فى الدعوة الدينية.


اصبح وضع القوات الإسرائيلية عائقا يمنع عودة القوات المصرية إلى بلادها كما تركت رفح معزولة تماما.أنذرت بريطانيا إسرائيل بالانسحاب وإلا تدخلت القوات البريطانية لطرد إسرائيل تطبيقا لمعاهدة [[1936]] التى تلزم بريطانيا بالدفاع عن [[مصر]] فى مواجهة العدوان.
وينشىء 50 شعبة فى هدوء وحذر دون إثارة السلطات داخل [[مصر]] ويلحق بمعظمها مراكز لتحفيظ القرآن ومدارس ومستوصفات صحية فى كتاب " الطريق إلى [[السويس]]" قال : ارسكين تشيلدرز أن [[البنا]] دأب منذ عام  [[1934]] على تأسيس فروع للجماعة خارج [[مصر]].


خشيت الولايات المتحدة التدخل العسكرى البريطانى فاجتمع مجلس الأمن فى اليوم نفسه 29 من [[ديسمبر]] ليقرر وقف القتال وإعلان الهدنة فى جميع المناطق ب[[فلسطين]].فى اليوم التالى تودجه جيمس ماكدونالد ممثل الولايات المتحدة فى تل أبيب  إلى دافيد بن جوريون رئيس وزرائها قال:
وقال الباحث الأمريكى ريتشارد ميتشيل فى رسالة دكتوراه عن [[الإخوان المسلمين]] إن دارهم صارت منتجعا لكل الحركات الإسلامية.. فى العالم الإسلامى.


:ستعيد الولايات المتحدة تقييم موقفها إلا إذا أثبتت إسرائيل أنها دولة محبة للسلام... أى تنسحب من الأراضى المصرية.
وهكذا امتدت شعب [[الإخوان]] إلى [[السودان]] و[[سوريا]] و[[لبنان]] و[[فلسطين]] وشمال أفريقيا.


'''ابدى بن جوريون دهشته من الرسالة قال:'''
ويقول الصحفى الألمانى ولهم ديتل:" كان [[للإخوان]] أعضاء فى جنيف قبل [[الحرب العالمية الثانية]]".


:لم أعتد تسلم رسائل من الولايات المتحدة يمكن أن يكتبها أرنست بيفن!
قال [[إسحاق موسى الحسينى]] فى كتابه " [[الإخوان المسلمون كبرى الحركات الإسلامية]]" إن [[الإخوان]] حركة فى شخص [[البنا]]] تمددت واتسعت بالأعضاء والمريدين.


'''وسلم ماكدونالد الرسالة نفسها غلى حاييم وايزمان رئيس إسرائيل فبعث ردا إلى ترومان قال فيه:'''
يزور الشيخ [[البنا]]] المقر الرئيس ب[[القاهرة]] صباحا ليترك تعليمات بنظام العمل اليومى ويتجه إلى مدرسة عباس بالسبتية يؤدى عمله كمدرس وبعد عودته من المدرسة يتوقف فى المركز ثم يعود إليه مرة ثالثة فى المساء.


:هذه حرب دفاعية ضد العرب. أما موسى شيرتوك موسى شاريت وزير خارجية إسرائيل فأمسك بالقلم فى حدة وأبيض وجه وهو يقرأ الرسالة.
كانت فى [[مصر]] فى ذلك الحين 120 جمعية دينية


ولم تكن الرسالة إنذارا بل كانت توبيخا من الرئيس الأمريكى ولكن إسرائيل لم تنسحب فقامت أربع طائرات بريطانية استطلاع يوم 4 من [[يناير]] [[1949]] فتعرضت لها طائرات إسرائيلية من طارز '''" مسر شميت"''' وأسقطتها.. مما يعطى بريطانيا سندا لقتال إسرائيل , وكانت بريطانيا  على وشك التدخل.
وكان تشكيل هذه الجمعيات . فى بعض الأحيان عملية تجارية لجمع التبرعات لحساب مؤسسيها ووجد موظف شكل 12 جمعية.
.... ولكنها لم تفعل!


قصد الفريق محمد حيدر وزير الحربية إلى [[إبراهيم عبد الهادي]] رئيس الوزراء يشكو من تدهور الموقف فى [[فلسطين]].قال رئيس الوزراء : ماذا تطلب؟صلح سياسى حل سياسى فورا.
ولكن جماعة [[الإخوان]] دون غيرها كانت تستحق الفخر بها كما قال " هيوراث دان" رجل المخابرات البريطانية فى [[مصر]] الذى يجيد اللغة العربية واسلم وأصبح اسمه جمال الدين هيوراث دان وتزوج  مصرية مسلمية فى بحث قدمه سرا للإنجليز ثم نشره بعد ذلك كتابا ولكن بأسلوب مختلف . قال:


'''واضاف حيدر:''' نريد وقف القتال نريد غيقاف الكارثة.إن الجيش المصرى يتحمل المعركة وحده والضغط واقع عليه.
" تتمتع [[الجماعة]] بشعبية تفوق ما كان يتمتع به الوفد عند نشأته وفى  عصره الذهبى خاصة ذا أخذنا فى الاعتبار الموارد المتاحة للجماعة.


'''اتصل [[إبراهيم عبد الهادي]] بمستشار السفارة الأمريكية لغياب السفير وقال له:'''
ويرجع ذلك إلى [[البنا]] فهو رجل تنظيم على درجة عالية من الكفاءة يصوغ تعاليمه الدينية بطريقة بارعة تمكنه من جذب خيرة شباب البلد إليه , ومجموعه أخرى من أصحاب المناصب والمكانة الطيبة.
:إسرائيل مدللة.ولا تطلبون الهدنة من الدولة العربية إلا حين تكون الحالة محرجة.هل تقبلون وقف القتال لو عرضناه؟لو عرضتموه جديا بشرط ألا تفاجئنا إسرائيل.


جاء الرد الأمريكى كما يقول [[إبراهيم عبد الهادي]] خلال ساعة فاجتمع مجلس الوزراء المصرى يوم 6 من [[يناير]] وقرر الموافقة خاف ديفيد بن جوريون من مواجهة بريطانيا... وقرر مجلس الأمن مرة أخرى . يوم 7 من [[يناير]] وقف إطلاق النار!
وهو يتوجه إلى المشاعر الدينية ويستخدم التنويم المغناطيسى العميق خلال خطبه وأحاديثه"!


انذر بيفن إسرائيل مرة أخرى ووجهت [[مصر]] انذار ثانيا يوم 12 من [[يناير]] [[1949]] بالإنسحاب بعد أن توقف القتال.أسرع يادين إلى تل أبيب يرجو بن جوريون أن يسمح لقواته بالبقاء فى [[سيناء]] .
لم يتوقف الاتهامات عن ملاحقة الشيخ [[البنا]]] منذ بدأ دعوته اتهم وهو مدرس فى [[الإسماعيلية]] بأنه شيوعى ووفدى وجمهورى ضد الملك فؤاد فحقق معه وثبتت براءته.


ولكن بن جوريون وجد أن إسرائيل طردت القوات المصرية واحتلت 600 ميل من الأراضى الفلسطينية أكثر مما أعطاه لها  قرار التقسيم فأصدر قرار الإنسحاب خاصة وأنه يخشى انحيازا أمريكيا ضدها أو قيام تحالف انجلو أمريكى يحقق ذلك.وكتب بن جوريون إلى وشنطن يؤكد أنه '''" لا يوجد حافر إسرائيلى واحد فوق أرض [[مصر]]"'''.
قالت المفوضية الأمريكية


'''ويكتب جميس ماكدونالد إلى وزير خارجيته فى واشنطن مطالبا بمزيد من الدعم لاسرائيل قال:'''
" خطورة [[الإخوان]] تكمن فى المبادىء المعتصبة التى تعتنقها  وطبقا لما يقوله [[الإخوان]] مادامت [[مصر]] دولة إسلامية فيجب أن تحكم بقانون القرآن"


:" لا نرى وجود أى تعارض بين تأييد الولايات المتحدة لقيام [[فلسطين]] مستقلة قوية وبين كافة المصالح المشروعة لبريطانيا فى [[مصر]] .انتشرت الإشاعات فى [[القاهرة]] حول قرب إعلان الجمهورية فى [[مصر]] 
وقالت السفارة البريطانية


'''قال تشابمان اندروز:'''
" الهدف المعلن للجماعة إقامة حكومة ومؤسسات مصرية على أساس المبادئ القرآنية الأصيلة ونبذ الثقافة الغربية التى تعتبرها [[الجماعة]].


:" الفيق [[عزيز المصرى]] باشا متورط فى مؤامرة وله صلة باكتشاف كميات كبيرة من المفرقعات. قبض على [[عزيز المصرى]] يوم 15 من [[يناير]] [[1949]]. ولا يخفى المفتش العام السابق للجيش المصرى ترحيبه بحدوث ثورة ضد الملك والحكومة".
مسئولية عما أصاب المجتمع المصرى من انهيار الأخلاق وانحلال السلوك وفساد القيم منذ جلبت على الشعب ما يعانيه من تعاسة وفقر.


وتعلق وزارة الخارجية البريطانية على اعتقال [[عزيز المصرى]] بأنه ربما يكون قد تمكن من جمع حفنة قليلة من ضباط الجيش حوله ولكن لا يسود الاعتداء بأنه يحظى بتأييد كاف فى الجيش للقيام بمحاولة خطيرة لقلب نظام لحكم.
ومهمة [[الجماعة]] إقامة تنظيم قوى لديه مشاعر العداء للأجانب ووجه [[الإنجليز]] إلى الشيخ [[البنا]]] اتهامات ... متناقضة... كثيرة


ولكن قد يكون فى الجيش آخرون يفكرون فى قلب نظام الحكم ولكنهم أكثر اتباعا من [[عزيز المصرى]]"!!قال اللواء حسن طلعت مدير مباحث أمن الدولة إن [[الإخوان]] تعجلوا الإستيلاء على السلطة.
== قال تقرير لسارة البريطانية ==


'''وقال الشيخ [[أحمد حسن الباقوري|الباقوري]] '''
تلقت جماعة [[الإخوان]] مشاهدة من دول المحور ألمانيا وايطاليا بين عامى [[1934]]و [[1939]] مما حدا ب[[البنا]] أن يصبح من العناصر النشيطة المعادية لبريطانيا وأثناء [[الحرب العالمية الثانية]] عندما كانت الهزائم  تحيط ب[[الإنجليز]] فى كل مبادين القتال قالت المخابرات البريطانية:


:إن القواعد التى وضعها الشيخ [[البنا]] تدور فى أقطاب ثلاثة أحدها لا يعنى إلا الإستيلاء على الحكم بالقوة القاهرة والثورة الظافرة التى يخطط لها فلاسفة مؤمنون وينفذها شجعان صادقون.وبناء على ذلك  هناك شعب لها غاية واحدة وكل يعمل فى مجاله غير حريص على الظهور.
" يبدو أن [[البنا]] تقلى تبرعات من السفير الأفغانى. ومن المفوضية الإيرانية.. وهناك ادعاءات بأنه تلقى أموالا من أعضاء بالمفوضية اليابانية"!!


:شعبة فى الجيش قوامها الضباط والجنود لهم رئيس مسئول عنهم وشعبة فى الشرطة لهم رئيس مسئول عنهم أيضا.
واتهمه كثير من الكتاب بأن جماعته نازية فاشية
وشعبة الدعاة القادرين على البحث والدرس ورؤساء الشعب الثلاثة مسئولون أمام [[المرشد العام]] [[للإخوان المسلمين]]


'''وقال الكاتب السوفيتى " سيرانيان":'''
وقارنه البعض بهتار وموسولينى!


:" استعد [[الإخوان]] تمام الإستعداد للاستيلاء على السلطة".
وقالت السفارة البريطانية إنه درس تلك المؤسسات واستخدما كنموذج تحتذى به حركة [[الإخوان]].


'''وفى كتاب ريتشارد ميتشيل" [[الإخوان المسلمون]] " قال:'''
وفى دراسة للضباط الكندى ج.ب هاردى قدمها فى تقرير سرى لوزارة الحربية البريطانية قال:"هذه المقارنة عن مؤسس وقديس [[الإخوان]] لا يمكن التسليم بها إلا من وجه نظر سطحية.


:" كانت [[الجماعة]] تخطط سرا للقيام بثورة".وفى بحث الضابط الكندى هاردى قال إنه وضعت خطة عام 48 لتدبير انقلاب وإعلان [[البنا]] خلفة للمسلمين . ومن المؤكد أن هذا الانقلاب نوقش بعد اغتيال [[النقراشي]].
تحمل منظمة [[الإخوان]] شبه محدد مع الحركتين النازية والفاشية وخاصة فى تعاليمها الداعية إلى  الطاعة المطلقة وغير المشروطة للمؤسس. وفى الشكل شبه السرى للتنظيم, والإستعداد الوسائل العنيفة لتحقيق الأهداف.


استقبل الملك يوم 19 من [[يناير]] [[1949]] اللورد دوجلاس قائد السلاح الطيران البريطانى الذى وصل إلى [[مصر]] بدعوة من فاروق . خرج اللورد من الحضرة الملكية إلى دار السفارة البريطانية لينقل إلى السفير السيررونالد كامبل
==ولكن إلى هنا ينتهى التشابه==


'''نص الحديث الملكى كما تقول هذه البرقية التى بعث  بها السفير إلى لندن:'''
[[الإخوان]] حركة دينية صريحة برنامج إصلاحى يشكل غاية فى ذاته بينما النازية والفاشية يناهضان الدين بصورة سافرة.


:" برقية رقم 106 من السير رونالد كامبل بتاريخ 19 من [[يناير]] [[1949]]  
وكان هدف هتلر الأول كسب السلطة لنفسه قبل تحقيق منفعة للأمة وحتى آخر أيام [[البنا]] ظل رجلا مقتصدا متواضعا على نقيض التفاخر والعظمة لدى ديكتاتورى ألمانيا وإيطاليا.


:#أبلغنى لورد دوجلاس اليوم فى سرية تامة بالمعلومات التالية التى استقاها من جلالة الملك.
والسلطة التى تمتع بها [[البنا]] لم تغره أبدا بعزل نفسه عن الناس كما حدث فى حالة هتلر وموسولينى.
:#تم اكتشاف مؤامرة لقلب الحكم  فى الفترة بين يومى 18 , 31 من [[يناير]] تبدأ باغتيال الملك.
ويبدو أن [[البنا]] لم يعان أبدا من أوهام العظمة التى أصابت الديكتاتور الألمانى والديكتاتور الإيطالى.
وتم إلقاء القبض على عدد من الشخاص لكن الملك يتوقع أن تستمر محاولات اغتياله.
:#تشير معلوماتنا من مصادر أخرى إلى احتمال انتشار الجماعات المتآمرة بين ضباط الجيش خاصة الذين اشتركوا فى العمليات  الفسلطينية والذين تردد – بشكل عام – أنهم متذمرون للغاية وأنهم يوجهون تذمرهم نحو الملك بشكل خاص.وألقى القبض على الفريق [[عزيز المصرى]] الذى كان ضابطا كبيرا بالجيش.وعلمنا نبأ اعتقال اثنين من صغارضباط الجيش وعثر معهما على منشورات سياسية ومتفجرات.
:#وفى حين أن الملك لا يبدو قلقا . ولا يزال يقوم بجولاته فى النوادى الليلية فى [[القاهرة]] كالمعتاد. فلا يمكننا تجاهل احتمال حدوث محاولة لاغتياله وغقامة ديكتاتورية عسكرية.
:#ومن العسير للغاية تقدير احتمالات نجاح ذلك دون معرفة المزيد عما يجرى فى الجيش المصرى حاليا.
ونحن نواصل تحرياتنا وسنبرق بأى جديد يمكننا التوصل إليه .


وينقل حديث اللورد دوجلاس إلى السفارة الأمريكية فى [[القاهرة]] التى تبرق بدورها إلى واشنطن عن احتمالات قيام الثورة قالت برقية فيليب سكرتير هذه السفارة
وهناك شك هائل حتى بين الكتاب المصريين فى أن [[البنا]] رجل طموح يريد إعلان نفسه خليفة للمسلمين


:لست متشائما تماما مثل المسئول البريطانى حول احتمالات حدوث ثورة فى [[مصر]].ورغم أن الإمكانات لمادية لحدوث ثورة والتى تتبع من الصراع بين '''" من يملكون" و"من لا يملكون"''' هى امكانات قائمة بالتأكيد وتتزايد حدة المشكلات الاجتماعية والإقتصادية فى البلاد ولكن العناصر الأساسية فى الموقف ظلت قائمة لفترة من الوقت دون أن يحدث ذلك انفجارا وإنى أميل إلى الاعتقاد بأنه مالم تتوافر شرارة إشعال . فإن هذا '''" الديناميت"''' قد يظل ساكنا لفترة من الزمن.
وليس هناك دليل من حياة [[البنا]]] يشير إلى أنه سعى إلى هذا المنصب لنفسه وربما يكون قد قبله لو أن الموضوع أثير اعتقادا منه بأنه ذلك لصالح [[الإسلام]] بوجه عام و[[مصر]] بوجه خاص


:وإذا طرأت عوامل أخرى. فربما لا ينفجر أبدأ. ويصبح من الممكن نحسن الموقف إلى الدرجة التى يصبح فيها مستقرا نسبيا.ويمكن أن ينتج ذلك عن تسوية قضية [[فلسطين]] التى يبدو أن الرأى العام المصرى قد تعب منها كثيرا وعن فرصة للمشاركة فى تنمية اقتصادية  حقيقية للشرق الأوسط.أما إذا حدثت ثورة . فالأرجح أنها ستكون من نوع الانقلاب .
ويمكن تبرئته من الطموح الشخصى فى المجال الدينى أو السياسى وقد [[مارس]] الإشراف الشخصى والمباشر على تنظيم [[الإخوان]] كله وربما فعل ذلك لضمان الفاعلية وبدافع الاهتمام الشخصى لا بدافع الطموح الشخصى"


:أو النوع الشائع فى أمريكا الجنوبية. أكثر من كونها عملا جماهيريا عريضا ومالم يتم اغتيال الملك. فأنى أشعر أن الملك يمكن كحل أخير . أن يدعو الوفد لتشكيل حكومة قبل أن تحدث الإطاحة الكاملة بالنظام.
كان تركيز [[البنا]]] فى الدعوة عند بدايتها يدور حول مسئولية الإنسان المسلم فى إصلاح معتقداته الشخصية وتنظيم حياته حول محور إسلامى وكانت أهدافه دينية ثقافية بحتة


:ومالم نكن مضللين أو مفتقرين إلى معلومات , فلابد أن هناك كثيرا من الرجال الأقوياء فى الأفق فى [[مصر]] ممن يمكن أن يستولوا على السلطة نتيجة لتدبير انتفاضة.
كتب عام [[1933]] إلى الملك فؤاد يطلب إخضاع البعثات التبشيرية لرقابة  الدولة.


:وفى اعتقادى أن استيلاء الوفد على السلطة لن يسفر عن أية تغييرات كبيرة جدا فى الهيكل الاقتصادى والاجتماعى ففى الحكومات السابقة التى سيطر عليها الوفد لم يظهر اهتماما كبيرا بالإصلاح الإجتماعى  والإقتصادى كما اتسمت حكومته الأخيرة بالفساد.
ويشكل بعد عامين. وفدا من الأعيان يطلب إلى شيخ الجامع [[الأزهر]] ورئيس الديوان الملكى ووزير المعارف جعل الدين مادة إسلامية فى برامج التعليم.


:أما قيام ديكتاتورية عسكرية على النحو الذى تشير إليه مؤامرة [[عزيز المصرى]] أو الشائعات التى تقول إن حيدر باشا وزير الحربية قد يرغب فى الإستيلاء على السلطة فإنها ستعتمد مثل النظام الحالى على نفس طبقة كبار الملاك والمؤجرين للحصول على تأييد.
وعند وفاة صاحب الجلالة قالت [[مجلة الإخوان]] بعنوان " مات الملك يحيا الملك":


:وبالمثل , فإن [[الإخوان المسلمين]] و[[مصر الفتاة]] يبدوان محافظين من حيث الجواهر إن لم يكونا فاشيين جديدين فى لهجتهما ف[[الجماعة]] الأولى تدعو إلى الجامعة الإسلامية بينما الحرب الأخير تشدد فى طابعه.
" [[مصر]] تفتقد اليوم بدرها فى الليلة الظلماء. ولا نجد النور الذى اعتادت أن نجد الهدى على سناه.
من للفلاح والعامل. ومن للفقير يروى غلته ويشفى علته, ومن للدين الحنيف يرد عنه البدع ومن للإسلام يعز شوكته ويعلى كلمته. ومن للشرق العربى يؤسس وحدته ويرفع رايته؟".


:واشتراك أى من الجماعتين فى حكم [[مصر]] سيسفر عن ميول أكثر يمينية وربما لا يحدث تغييرا كبيرا فى الهيكل الاجتماعى والإقتصادى من حيث الجوهر. ولكن حكومة يسيطر عليها [[الإخوان]] أو [[مصر الفتاة]] ستكون أكثر تشددا تجاه المصالح والرعايا الأجانب إذا حكمنا بمواقف هاتين الجماعتين.
ويعلن فاروق ملكا على [[مصر]] عام [[1936]] فيستقبله [[الإخوان]] فى محطات السكة الحديد على طول الطريق بيت [[القاهرة]] و[[الإسكندرية]] ويهتف والتهم فى قصر عابدين قائلين:


:إن كثيرا جدا من زعماء المعارضة الفعليين أو المحتملين يملكون . أو يسعون لامتلاك نصيب من ثروة البلاد مما لا يرجح حدوث تغيير كبير فى الإستعمار الداخلى لاستغلال الفلاحين الذين يشكلون 80% من السكان. والذين يبدو حاليا أن المشاعر الثورية اليمينية واليسارية مفتقدة بينهم.
-نهيك بيعتنا وأولادنا.


:ومن الممكن أن تكون الحكومة باستمرارها فى التحركات غير الحكيمة مثل عدم توفير المرتبات والمعاملة المناسبة للبوليس . ورفع رسوم الجمارك على الضروريات وعدم تنفيذ إصلاحات كافية لمواجهة مزاعم المنتقدين تسرع بحدوث انتفاضة قد تسيطر عليها عناصر ثورية فى المرحلة الأولى أو بعد أن نمضى  المتاعب قدما.
ولا يقتصر الهتاف على تلك الكلمات . بل يحددون شروط البيعة قائلين:


:ولا يبدو أن لجماعات [[الشيوعية]] مستعدة لمثل هذا الجهد وفى الوقت الراهن . على القل لا يبدو أن [[مصر]] تحتل موقفا بارزا فى قائمة أولويات الكومنترن.ومن اناحية الأخرى فقد تنجح الحكومة الحالية فى تحطيم الإرهابيين بما فيهم [[الإخوان]].
- على كتاب الله وسنة رسوله.


:ويبدو أن عبد الهادى باشا يقوم بمهامه بصورة أفضل مما كان موقعا.وإذا اتيحيت له الفرصة للإستمرار مع تقلص أهمية قضية [[فلسطين]] فى أعين المصريين فقد يكون بمقدوره أن يشق طريقه فى جو أهدأ".
- فقد رغبوا فى الحصول من صاحب الجلالة الشاب على تأييده لدعوتهم.


كان صاحب الجلالة يوم 10 من [[فبراير]] [[1949]] أى قبل 24 من عيد مولده شديد الاهتمام بأمر واحد وهو ما تنشره الصحف الأجبية عنه وعن [[الإخوان المسلمين]].توجه حسن يوسف وكيل الديوان الملكى فى المساء إلى دار السفارة البريطانية ليلتقى بالسفير السير رونالد كامبل ويخرج وكيل الديوان من جيبه ملخصا للصحافة العالمية تذيعه وكاله دى كورس.
- فسر [[المرشد العام]] الشيخ [[عمر التلمساني]] موقفهم من فاروق بأنهم كانوا يأملون من ورائه أن يصلح به أحوال البلاد.


'''قال:''' هل يليق أن ينشر فى بريطانيا شئكهذا عن ملك [[مصر]]؟
- ولذلك رحبت صحيفتهم بفاروق بأنه " أسوة حسنة" , " فخر الشباب" و" حامى المصحف" و" أمير المؤمنين"وحامى حمى الدين"!


'''أجاب السفير:''' إنى آسف
- وشهد فاروق إحتفالا بعيد الهجرة قالت [[مجلة الإخوان]] إنه " أعاد صورة سالفة صورة الرسول الكريم حينما طلع على أنصاره طلوع البدر"!


'''قال حسن يوسف :''' ألا يمكن عمل شئ؟
- ويكتفى [[المرشد العام]] فى تلك السنة -[[1936]]- بكتابة رسائل إلى الملك فاروق وإلى ملوك وزعماء الدول الإسلامية لإتباع منهج [[الإسلام]] وقوانينه وحضارته قائلا:" لم يبق إلا أن تمتد يد قوية . يظللها الله. وتحقق على رأسها آيات القرآن فإذا بالدنيا مسلمة هانئة , وإذا بالعوالم كلها هاتفة.


'''قال السفير:''' يبدو أنه لا يمكن عمل أى شئ .. انظر ما يكتبونه عن الأسرة المالكة عندنا فى بريطانيا.هذا حسن يوسف تماما كما قالت برقية السفير ولكن صاحب الجلالة ملك [[مصر]] لم يهدأ ..أعاد قراءة المقال الذى يقول: '''" [[مصر]] فى أزمة"'''
- - الحمد لله"


:"اتضح بشكل متزايد خلال العامين الماضيين لكل المراقبيين فى [[مصر]] أن أزمة داخلية كبرى توشك أن تنفجر.وجه النبيل عباس حليم ابن عم الملك  الذى سجنه [[الإنجليز]] أثناء [[الحرب العالمية الثانية]], وهو الآن زعيم حزب العمال فى البلاد, تحذيرا للملك وللحكومة فى [[1946]] بأنه ما لم تجر اصلاحات جذرية فإن النظام يتهدده السقوط.
- ويؤكد لفاروق فى رسالة أخرى حتمية الحكم ب[[الإسلام]]


:لقد اعترفت [[مصر]] فى [[1942]] تحت ضغط من بريطانيا العظمى, بالإتحاد السوفيتى للمرة الأولى.وأدى إنشاء بعثة سوفيتية إلى اقتراب [[مصر]] خطوة من يوم الحساب بدأت البعثة السوفيتية ذات العدد الكبير من الموفين على الفور حملة دعاية ضخمة فوزعت منشورات فى المدن , وأثارت الطلاب واقامت حفلات شاى لخدم الباشوات.
وفى رسالته إلى أحمد خشبة باشا وزير العدل أكد مطلب الحكم ب[[الإسلام]] قائلا:" صدور الأمة محرجة أشد الحرج لشعورها بأنها تحكم بغير كتاب الله وقانونه وشريعته"


:فقد الملك شعبيته استفز سلوكه فى حياته العامة والخاصة كثيرا من المسلمين ووجدت العناصر المنشقة فرصة مواتية لتصويره كرمز للقهر والانحلال.وسرعان ما تحطمت الآمال فى استعادة التاج لاحترامه بحملة عسكرية  ناجحة بعد تراجع الجيش فى النقب بشكل خطير.
وعندما يدعو الفريق إبراهيم عطا الله باشا رئيس أركان حرب الجيش [[المرشد العام]] لحضور الاحتفال بعيد جلوس صاحب الجلالة يعتذر [[المرشد العام]] عن عدم الحضور قائلا:


:وكان فاروق المضلل بشكل يدعو لليأس يظن أن [[اليهود]] سيلاقون هزيمة نكراء.وكان  ينوى أن يعلن نفسه وهو على راس جيشه المنتصر , خليفة للمسلمين غير أن المصريين, لا يزالون تقارير زائفة ومضللة عن نجاح جيوشهم ولن يتيسر الاستمرار فى إخفاء الحقائق الواقعية.
كنت أتمنى أن يكون الاحتفال بعرض عسكرى لا بحفل غنائى ساهر!


:وقد أثبت الإرهاب والاغتيال السياسى أنهما سلاحان فعالان.واكتسبت الدهماء, بلاتدريج, مزيدا من القوة وارتفاع الصوت و يغذيها السوفييت بالدعاية والذهب.فجماعة [[الإخوان المسلمين]] المتعصبة, التى تضم نصف مليون عضو, أكثر نشاطا من أى وقت مضى.
كل الجماعات الدينية فى [[مصر]] اقتصرت على الدين . ولكن جماعة [[الإخوان]] وحدها اشتغلت ب[[السياسة]] حتى غطت الطبيعة السياسية للجماعة على نشاطها الدينى.


:ويصعب أن يتصور المرء كيف ستتجنب الحكومة انفجار أزمة واسعة النطاق.وعندما تبين حقيقة الموقف العسكرى سينهار النظام.ولن ينقذه إلا شئ واحد.  التدخل البريطانى الحاسم وإعادة فرض المشورة البريطانية كشرط للمساندة.
وتعددت الآراء بين الكتاب العرب حول ما إذا كانت [[الجماعة]] قد شكلت أصلا وهى تستهدف أن تكون قوة سياسية لها وزنها.


:وإذا رفض الملك فاروق  شروطا كهذه فقد يقبلها ابن عمه ولى العهد محمد على بك بل وقد تكون مقبولة من الوفد.وعندئذ يمكن تنظيف الإدارة المصرية بالكامل . وإقامة العدالة الاجتماعية والسياسية بهذه الكيفية فقط يمكن خلق الاستقرار.
فى رأى الضابط الكندى " هاردى" قال :


:والبديل هو [[مصر]] [[الشيوعية]] تحت النفوذ السوفيتى وهو احتمال كئيب حقا بما له من تأثيرات حتمية على شمال أفريقيا كله.وأذخ الملك فاروق يفكر فى هؤلاء [[الإخوان]] الذين وصلت أعدادهم إلى نصف المليون!
" عند بحث جميع الحقائق نجد أن هذه الفكرة لم تكن موجودة ألاكان [[الإخوان]] من الناحية العددية قوة تمكنهم من تقديم برنامج عام على أسس سياسية, قبل عام [[1936]] بوقت  طويل ولكنهم تجنبوا هذه المخاطرة "
وتفسر ذلك مذكرات الشيخ [[أحمد حسن الباقوري]] وزير الأوقاف المصرى الأسبق وكان من قيادات [[الإخوان]]. قال:


'''سألت الشيخ [[عمر التلمساني]]:'''
"حرص الأستاذ [[البنا]]] على أن يظهر [[الإخوان المسلمون]] بمظهر الدراويش الذين يتمتعون على تلاوة المأثورات. وكان أمله فى ذلك أن يصرف اهتمام العالم الغربى عن [[الإخوان المسلمين]] باعتبارهم هيئة سياسية يخشونها على نفوذهم فى الاستذلال والإستغلال"!


:هل فكر [[الإخوان]] فى القيام بثورة فى هذا الوقت؟أجاب بالنفى. وقال إن [[الإخوان]] ل يفكروا فى عمل عنيف بعد حل جماعتهم ولم يجتمعوا بأحد من ضباط الجيش لإشعال ثورة.إن الثورة التى توقعها فاروق تأخرت ثلاث سنوات .. إلى 23 من [[يوليو]] [[1952]]!
وفى أول مكتب للإرشاد العام الذى يدير شئون [[الجماعة]] كان نصف  الأعضاء من علماء [[الأزهر]]!


'''كتب مراسل صحيفة شيكاغو ديلى  تريبيون تحت عنوان" فاروق الذى كان فتى عابثا يخشى الإحتلال الآن" قال الصحفى:'''
رحب [[الأزهر]] ب[[الجماعة]]. وساعد الشيخ [[محمد مصطفى المراغى]] شيخ [[الأزهر]] أعضاءها باعتبارهم دعاة للإسلام ومفسرين لتعاليمه وسمح لهم بالدعوة فى المساجد فكانوا يدعون للجماعة بعد الصلاة مباشرة.ونجح الشيخ [[البنا]]] فى اختيار الدعاة وتدريبهم.


:" هناك تقارير غير مؤكدة وإن كانت واسعة الانتشار فى [[القاهرة]] حول رصاصتين أطلقتا على الملك فى [[مارس]] الماضى".
وكان أغلبهم من الشباب ومن الفقراء وكان [[المرشد العام]] قدوة لهم فهو واحد منهم ولا يختلف أبدا عن الذين يوجه إليهم دعوته.


أحس [[البنا]] بالخطر يقترب. أخذ يتردد على الوزراء فى مكاتبهم ومنازلهم فكانوا يتهربون من لقائه.
منذ بدأت جماعة [[الإخوان]] عام [[1928]] حتى مصرع الشيخ [[البنا]]] عام [[1949]] واجه 12 رئيسا للوزارة هم [[مصطفي النحاس]] و[[محمد محمود]] و[[عدلى يكن]] و[[إسماعيل صدقى]] و[[عبد الفتاح يحيى]] و[[توفيق نسيم]] و[[على ماهر]] و[[حسن صبرى]] و[[حسين سرى]] و[[أحمد ماهر]] و[[محمود فهمى النقراشى]] و[[إبراهيم عبد الهادى]].
واتصل [[صالح حرب]] باشا رئيس [[جماعة الشبان المسلمين]] تليفونيا بمصطفى مرعة وزير الدولة بعد 48 ساعة من تشكيل وزارة إبراهيم عبد الهادى قائلا:


:الشيخ [[البنا]] يريد أن يلتقى بك فى بيتى.
وكانت له مع بعض هؤلاء تحالفات وصدامات فرضتها طبيعة العمل السياسى.


سأله مصطفى مرعى:لماذا؟
وواجه الشيخ [[البنا]]] أربعة من المندوبين السامين والسفراء البريطانيين وهم اللورد جورج لويد والسير بيرسى لورين واللورد كيلرن والسير رونالد كامبل ولم يعرف [[الإخوان]] , أو شعب [[مصر]] ماذا جرى بشأنهم أو ماذا كان يقال عنهم بين رؤساء وزارات [[مصر]] سفراء بريطانيا والولايات المتحدة فى [[مصر]] أو بين هؤلاء جميعا وصاحب الجلالة ملك [[مصر]].


'''قال [[صالح حرب]]:''' لأشياء يريد أن يصارحك بها حين يلقاك.
وهذا الكتاب يقدم ذلك كله  بوثائق تذاع لأول مرة عن [[الجماعة]] وعن [[المرشد العام]] الذى توقف أتباعه عن مقارنته بالأئمة الآخرين. واكتفوا بأن أطلقوا عليه لقب الإمام".


وافق مصطفى مرعى الذى عهد إليه رئيس الوزراء بالشئون التى ترتبت على حل [[الجماعة]] [[الإخوان]] لإنهاء حالة التوتر بين الحكومة و[[المرشد العام]].
==صدام..... واعتقال==


التقى الرجال الثلاثة فبدأ الشيخ [[البنا]] الحديث عن اعتقالات [[الإخوان]] . وفصل . ونقل الموظفين . والاستيلاء على الشركات . وأموال تصادر لمجرد الشبهة فى أن أصحابها من [[الإخوان]].طلب تحسين حالة المعتقلين والإفراج عن غير الخطيرين ومساعدة عائلات العمال المعتقلين:
دخل الشيخ [[البنا]]] الميدان السياسى بالتدريج


'''وقال:'''
وخلال السنوات العشر الأولى . أى منذ عام [[1928]] كان يؤسس جيل التكوين.


:بين المقبوض عليهم أشخاص اعتقدوا أن عملهم فيه خدمة للبلاد والمتهمون فى [[قضية سيارة الجيب]] منهم من كان يحارب [[اليهود]], أو لامناصرين لليهود وهى حرب فى سبيل الله والوطن.ورجا أن يعفو رئيس الحكومة عن هؤلاء.
أفاد من فشل الأنظمة السياسية والفوراق الضخمة بين الحكام والحكومين وظل يحرص على نشر دعوته فحسب يتحسن مكانه بين الجماعات و[[الأحزاب]] والقصر. ويعبر بين الحين والحين عن موقف سياسى.


'''قال مصطفى مرعى:'''
بعث برسائل إلى رؤساء الوزارات يدعوهم إلى الإصلاح الاجتماعى الشامل على هدى [[الإسلام]].


:جماعة [[الإخوان]] أصبحت ملاذا للجرائم والمجرمين وقد اهتز الأمن فى البلاد وكان من الواجب حل [[الجماعة]].ومنذ قتل المستشار أحمد الخازندار وكل حادث أرجعه لها.
وتضمنت الرسائل تهديدا مقنعا يحمل معنى بأن [[الإخوان]] يشكلون قوة على أرض  الواقع ومن الأفضل أن تلتفت الحكومات إلى ما يقولونه.


'''قال الشيخ:'''
ولكنه فى كل الأحوال حرص على أن يكون الدين طابع دعوته وأن يؤكد أن [[الجماعة]] حركة تجديد إسلامى فى القرن العشرين هدفها الحكم ب[[الإسلام]] لا " نظام شامل يتناول مظاهر الحياة جميعا. فهو دولة ووطن. أو حكومة وأمة وهو خلق وقوة.


:إن الذين أجرموا فعلوا ذلك من غير إرادتى وقد فكرت فى حل [[الجماعة]] ولكن شق على أن أهدم بناء أقمته فى عشرين عاما. وأضاف : هل أفلت الزمام من يدى.. أم أنا مضلل؟
وهو رحمة وعدالة. وثقافة وقانون. أو علم وقضاء . ومادة وثروة . وجهاد ودعوة. أو جيش وفكرة. كما هو عقيدة صادقة وعبادة"


'''قال مصطفى مرعى:'''
وتجنب خلال تلك السنين الصراع العنيف بين [[الأحزاب]] من ناحية وبينهما وبين الملك وانجليز من ناحية أخرى


:لتذع بيانا يتضمن  هذه المعانى.وأخذ يملى على الشيخ ما يجب أن يتضمنه البيان . وافق الشيخ [[البنا]].
وبعد عامين من وفاة الملك فؤاد وجد أن الوفد لم يستطع ملء الفراغ الذى نشأ عن اختفاء شخصية الملك فؤاد الطاغية كما أن الوفد بدأ يضعف فقال رجالهم فى طنطا بإعداد جيش للترحيب بروميل وتجهيز عناصر موالية للمحور ومعادية للحلفاء.


جاء فى اليوم لتالى ومعه البيان فوجده مصطفى مرعى غير ما أراد طلب أن يبرأ الشيخ [[البنا]] من قاتل [[النقراشي]] وممن دبروا ونفذوا الجريمة.
حل النحاس مجلس النواب بعد 3 أيام من توليه  رئاسة الوزارة فقرر [[الإخوان]] دخول المعركة الانتخابية التى قاطعتها [[الأحزاب]] الأخرى. وبلغ عدد مرشحى [[الجماعة]] 17 مرشحا.


'''وتم تعديل البيان بالإتفاق بين الوزير و[[المرشد العام]]. قال الشيخ [[البنا]] معزيا نفسه:'''
قال [[البنا]] وهو يرشح نفسه عن دائرة [[الإسماعيلية]]: إن الترشيح يتم فى ظل [[الإسلام]] وتحت راية القرآن.


:إذا كان ذلك ثمن إعادة [[الإخوان]] والتفاهم مع الحكومة . فما المانع؟عرض مصطفى مرعى البيان على إبراهيم عبد الهادى قائلا: هذا كل ما استطعت الحصول عليه من الشيخ.
'''وتركزت دعاية [[البنا]]] على ضرورة تطبيق الشريعة الإسلامية'' وتحاشى [[الإخوان]] مهاجمة بريطانيا علنا ولكن استمرت الدعاية السرية ضد [[الإنجليز]].


نشرت صحف [[مصر]] صباح يوم 11 من [[يناير]] نداء  المرشد  العام تحت عنوان '''" بيان للناس"''' قال البيان: '''
اعترض بعض [[الإخوان]] الذين يريدون قصر نشاط [[الجماعة]] على الدين على دخول زعيم [[الإخوان]] معترك [[السياسة]] بشكل رسمى.


" وقعت أحداث نسبت إلى بعض من دخلوا هذه [[الجماعة]] دون أن يتشربوا روحها.وتلا هذا الحادث المروع اغتيال دولة رئيس الحكومة [[محمود فهمي النقراشي]] باشا الذى أسفت البلاد لوفاته . وخسرت بفقده علما من أعلام نهضتها, وقائدا من قادة حركتها, ومثلا طيبا للنزاهة والوطنية والعفة من أفضل أبنائها ولسنا أقل من غيرنا أسفا من أجله وتقديرا لجهاده وخلقه.
وكانت التعليمات [[للإخوان]] كما تقول تقارير المخابرات البريطانية أن يصوتوا لصالح المسلمين الصالحين فى أية دائرة, أو لصالح مرشحى حزب العمال الذى أسسه النبيل عباس حليم ويدعمه القصر!


:ولما كانت طبيعة دعوة [[الإسلام]] تتنافى مع العنف بل تنكره وتمقت الجريمة مهما يكن نوعها وتسخط على من يرتكبها. فنحن نبرأ إلى الله من الجرائم ومتركبيها.ولما كانت بلادنا تجتاز الآن مرحلة من أدق مراحل حياتها .مما يوجب أن يتوفر لها كامل الهدوء والطمأنينة والاستقرار.
وجاء فى مقال نشرته إحدى الصحف أن [[البنا]] سيكون زعيم المعارضة فى البرلمان!


:وكان جلالة الملك المعظم .حفظه الله قد تفضل فوجه الحكومة القائمة وفيها هذه الخلاصة من رجالات [[مصر]] هذه الوجهة الصالحة وجهة العمل على جمع كلمة الأمة. وضم صفوفها وتوجيه جهودها وكفاياتها مجتمعة لا موزعة إلى ما فيه خيرها وإصلاح أمرها فى الداخل والخارج.وقد أخذت الحكومة  تعمل من أول لحظة على تحقيق هذا التوجيه الكريم فى اخلاص ودأب وصدق.
كان النحاس يعتقد أن [[الإخوان]] جمعية دينية فقد ذكر [[أحمد حسين]] زعيم [[مصر الفتاة]] للنحاس قائلا:
كل ذلك يفرض علينا أن نبذل كل جهد.


:ونستفيد كل وسع فى أن نعين الحكومة فى مهمتها ونوفر لها كل وقت ومجهود للقيام بواجبها والنهوض بعبثها الثقيل ولا يتسنى لها ذلك بحق إلا إذا وثقت تماما من استتباب الأمن واستقرار النظام وهو واجب كل مواطن فى الظروف العادية فكيف بهذه الظروف الدقيقة الحاسمة التى لا يستفيد فيها بلبلة الخواطر وتصادم القوى وتشعب الجهود غلا خصوم الوطن وأعداء نهضته.
- الشيخ [[البنا]] رجل  لا أكثر


:'''لهذا أناشد إخواني'''
- دعا رئيس الوزراء [[المرشد العام]] للاجتماع به فى منتصف [[مارس]] بفندق " مينا هاوس " ف[[قنا]]عه بسحب الترشيح.


:لله وللمصلحة العامة, أن يكون كل منهم عونا على تحقيق هذا المعنى وأن ينصرفوا إلى أعمالهم, ويبتعدوا عن كل عمل يتعارض مع استقرار الأمن وشمول لطمأنينة حتى يؤدوا بذلك حق الله والوطن عليهم والله أسأل أن يحفظ جلالة الملك المعظم ويكلأه بعين رعايته ويثبت خطى البلاد حكومة وشعبا فى عهده الموفق  إلى ما فيه الخير والفلاح آمين".  
ويسافر النحاس عام [[1937]] إلى " مونتريه" لبحث إلغاء الامتيازات الأجنبية فيقدم إليه [[البنا]] مذكرة يطلب فيها أن يختار التشريع الإسلامى دستورا للأمة.


وفى رأى [[عمر التلمساني]] المرشد الجديد [[للإخوان]] أن '''" البيان تم تحت ضغط وللتساهل مع [[الإخوان]] حتى لا يعذبوا فى المعتقلات"'''.
ويخطب النحاس بعد عودته من سويسرا فيقول:


'''علق تشابمان اندروز الوزير البريطانى المفوض على هذا البيان فأبرق إلى لندن قائلا:'''
" تطالب جماعة لا وزن لها. ولا قيمة بأن يكون القرآن دستورا للأمة.. و[[الإسلام]] عالى الجنبات ليس فى حاجة إلى هذه الصيحات".


:" تبدو لهجة التصالح للبيان الذى نشر على نطاق واسع فى الصحافة المحلية واضحة, فى كل من الإشارة إلى [[النقراشي]] باشا الراحل وفى الحث على القيام بكل ما هو ممكن لمساعدة الحكومة بالمحافظة على النظام والأمن.
== رد [[الإخوان]] ==


[[البنا]] أساسا انتهازى وربما يكون غرضه تحذير السلطات بشعور من المن المزيف على أمل أن تتراخى تدريجيا جهودها للقضاء على [[الإخوان]] "
" يا رفعة الباشا. قلتم إن [[الجماعة]] لا وزن لها ولا قيمة .. وهذا أمر متروك للزمن يقول فيه كلمته"..
ويقيل الملك حكومة النحاس فى 31 من [[يوليه]] عام [[1937]] وتنشأ أزمة ثانية بين الوفد و[[الجماعة]].


'''أما جيفرسون باترسون القائم بالأعمال الأمريكى فقال:'''
حملت صحيفة " المصرى" الناطقة باسم الوفد فى [[يوليو]] 38 – على طلاب [[الإخوان]].


:" حظى البيان باهتمام قليل على المستوى المحلى . وقد نشأ عن رغبة [[البنا]] لاسترداد موقعه الذى اهتز أمام الرأى العام ورغبته الواضحة فى إعادة [[الجماعة]] ولكن نظرا لتوتر الأمن فليس من المحتمل أن يحقق الحكومة رغبته"
وكررت الصحيفة هجومها أكثر من مرة.


'''قال [[إبراهيم عبد الهادي]] رئيس الوزراء لتشابمان اندروز:'''
ردت "[[مجلة النذير]] " بعنف قالت


:الانطباع الذى أخذته من بيان [[البنا]] أنه بدأ يتراجع أمام تصرف لاحكومة.
"وراء سطور الجريدة مؤامرة ضد [[الإسلام]] لأن المسيطر عليها هو الوفد وقد منع النحاس الصلاة فى [[الأزهر]].. ورجال الوفد دعاة فساد يغررون بالشباب والطلبة... ومعسكرات الوفد أماكن تجمع للقوادين والنشالين والمجرمين وأرباب السوابق"!


'''واضاف:'''
ويجىء ذلك الزمان الذى تنبأ به [[الإخوان]], فيعرف النحاس قيمتهم وقدرهم عندما يتولى رئاسة الوزارة فى أعقاب حادث 4 من [[فبراير]] [[1942]]!


:إنى واثق من الحصول على أفضل مالدى [[الإخوان]], ولكنى مستعد للقضاء عليهم. لقد اعتقلت الحكومة خمسة من أكثر الأعضاء خطورة وتطرفا وأحدهم فى [[الإسماعيلية]] كان يختبئ بمستشفى لفترة من الوقت. وعثر فى منزله على كمية كبيرة من المتفجرات والأسلحة.
استنكر [[الإخوان]] حصار قصر عابدين بالدبابات البريطانية فاتهم بعض .جماعة لها .... وزن.


:وقال إن مائة آخين من أعضاء [[الإخوان]] البارزين ألقى القبض عليهم ولكن فاروق يجد أنه يجب ألا يتأخر عن القيم بعمل حاسم يعتقد أنه ينفذ لاعرش .. وهذا العمل فى رايه ضد [[الإخوان المسلمين]].
اللقاء الأول بين [[مصطفي النحاس]] باشا رئيس وزراء [[مصر]] والشيخ [[البنا]] ثم عام [[1936]] عندما كان النحاس باشا يرأس الوزارة


'''وقالت السفارة البريطانية:'''
يومها كان الشيخ ضمن وفد  يطالب بالتعليم الدينى فى المدارس فظن رئيس الوزراء أن [[المرشد العام]]... عمدة لقرية مصرية!


:" يمكن لجماعة [[الإخوان]] أن تنهار إلى الأبد إذا أزيح [[البنا]] عن قيادتها لأى سبب . مع غياب أى خليفة له نفس القدر من الشخصية القيادية والذكاء الذين يتمتع بهما [[البنا]]"!
والصدام الأول بين الرجلين تم فى عهد تلك الوزارة أيضا.أشاد النحاس فى تصريح لصحيفة  " الأهرام بكمال أتوتورك زعيم [[تركيا]] وقال إنه" من المعجبين بعبقريته... بلا تحفظ"!


'''وهذه البرقية تعنى بوضوح:''' أنه إذا اختفى [[البنا]]... تلاشت [[الجماعة]] وبذلك يصبح [[البنا]] .. هو الهدف!
رد [[المرشد العام]] فى صحيفة [[الإخوان]] فقال


==عصفور فى القفص!==
" موقف الحكومة التركية الحديثة من [[الإسلام]] وأحكامه معروف . فقد حذفت القانون الإسلامى وحكمت بالقانون السويسرى فهل يفهم من هذا أن يكون لأمة [[مصر]] برنامج كالبرنامج " الكمالى"؟!


جرت محاولات لاغتيال الشيخ [[البنا]] كانت المؤامرة الأولى يوم 22 من [[أغسطس]] عام [[1947]] حين  كان [[النقراشي]] باشا فى مجلس المن يعرض قضية [[مصر]].أرادت جماعة [[الإخوان المسلمين]] أن تظهر رغبة الشعب فى تأييد [[النقراشي]] والمطالبة بجلاء [[الإنجليز]] عن وادى النيل.
ويعقد النحاس مع بريطانيا معاهدة [[1936]] فيعارضها [[الإخوان]] ويطلقون عليها اسم " المعاهدة المشئومة".


سمحت السلطات المختصة ل[[البنا]] وجماعته بالقيام بمظاهرة سلمية بدأ من الجامع [[الأزهر]] عقب صلاة الجمعة واخترقت الشوارع منادية باسم [[مصر]] مؤيدة حقها.ولم تكد المظاهرة السلمية تصل إلى ميدان العتبة الخضراء وفى مقدمتها مسيرة تحمل الشيخ [[البنا]] وبعض الأعضاء حتى انطلقت الأعيرة النارية من كل صوب.
ويهاجم [[البنا]] معظم وزراء النحاس..


نزل الشيخ ليستطلع الحادث فإذا بعيار نارى يطلق عليه وتستقر رصاصة فى ساعده.اقتيد [[البنا]] عقب إصابته إلى قسم الموسكى فاعتدى رجال الشرطة على أتباعه.ودارت معركة بينه وبين ضابط بوليس هدده بمسدس وسدد فوهته إلى صدره.
انتقد وزير الخارجية لأنه أقام حفلا للبعثة الإيرانية لما فيه من خمر ورقص وعبث بأموال  الفلاحين بما يخالف الدين!


هجم عليه الشيخ [[البنا]] وأمسك بالمسدس من يده. واصيب زوج شقيقته [[عبد الكريم منصور]] بإصابات نقل على إثرها إلى مستشفى قصر العينى وانتهى الحادث بالحفظ. وقف [[المرشد العام]] يتحدث فى الشركة العربية للمناجم والمحاجر لتوديع كتيبة من [[الإخوان]] قبل سفرها إلى [[فلسطين]].
.... ووزير الداخلية لأنه سافر ظهر الجمعة وترك أداء فريضتها!


ولكن وقع انفجار فى المكان الذى كان مقررا أن يتحدث منه الشيخ [[البنا]] قبل وصوله بدقائق .تبين ان قنبلة زمنية وضعت فى هذا المكان.
... ووزير المالية لحضوره ميادين السباق والمراهنة وهى قمار صريح!


توجه [[البنا]] إلى مطار [[القاهرة]] للحج فى 23 من [[سبتمبر]] [[1948]] ومعه '''" جواز"''' سفر يبيح له السفر غلأى جميع أنحاء العالم... وعلى الجواز أيضا '''" تاشيرة"''' تسمح له بأن يستقل طائرة شركة '''" سعيدة"''' ولكن العقيد حسن فهمى مفتش الجوازات سحب منه الجواز وألغى جميع الدول المصرح له بالسفر إليها واكتفى منها ب[[المملكة العربية السعودية]]. وقال إنه فعل ذلك بناء على تعليمات من عمر حسن مدير قسم الخصوص مباحث أمن الدولة.
== الملك فاروق [[مصطفي النحاس]] رئيسا للوزارة ==


وسافر [[المرشد العام]] إلى [[المملكة العربية السعودية]] فأبرقت وزارة الداخلية إلى القنصل المصرى فى جدة بعدم السماح للبنا  بالسفر إلى أية دولة عربية أخرى.  
ولكن [[الإخوان]] وقفوا ضد حادث 4 [[فبراير]] وقرروا دخول الانتخابات النيابية القادمة.


'''قال [[عبد القادر عودة]] وكيل جماعة [[الإخوان]] '''
وتميزت الشهور التالية فى نشاط [[الإخوان]] بالهدوء المعتدل".


:" لم تستطع الحكومة منع [[البنا]] من السفر لأداء فريضة الحج وإلا قيل إنها صدته عن سبيل الله, والبيت الحرام ومن يفعل ذك يعد كافرا".
وتظل المخابرات تتابع [[الإخوان]] لتكتشف أنهم مستمرون فى " مخططاتهم التخريبية".. أى الاستعداد لتخريب المنشآت وخطوط المواصلات البريطانية إذا نجح الألمان فى غزو [[مصر]].


ومن ناحية أخرى ما قال اليوزباشى [[عبد الباسط البنا]] الشقيق المرشد فإن الحكومة المصرية أعدت العدة لقتله فى [[السعودية]] على أن تنسب الجريمة إلى بعض اليمنيين!
ومن هنا تتضح الحقيقة وهى أن [[الإخوان]] هادنوا [[الإنجليز]] علنا وهاجموهم سرا لأنهم رأوا الوقت غير مناسب للصدام.


وكان أمير الحج المصرى [[حامد جودة]] رئيس مجلس النواب الذى ينتمى إلى الحزب السعدى قد صحب معه بعض الأشخاص الخطرين ولكن الحكومة [[السعودية]] استشعرت ذلك فأنزلت [[المرشد العام]] ضيفا عليها وأحاطت مقره بحراسة شديدة وقدمت إليه سيارة خاصة بهاج ندى مسلح لمنع الأعتداء عليه عاد [[البنا]] فى 28 من [[نوفمبر]] [[1948]].
ويتقدم الألمان داخل صحراء [[مصر]] الغربية فيسحقون القوات البريطانية فى العجيلة ودرنه
ويختفى الخبر فى [[القاهرة]] وتقوم مظاهرات يهتف الطلاب خلالها قائلين " إلى الإمام يا  روميل".


وتقرر حل [[الجماعة]] فى 8 من [[ديسمبر]] وصدرت الأوامر إلى قوات الشرطة بالإستيلاء على شعب [[الإخوان]] فى مختلف المناطق.واعتقل أعضاء [[مكتب الإرشاد]] وكثير من [[الإخوان]] وبقى مؤسس [[الجماعة]] ورئيسها ومرشدها العام وحده لم يعتقل.
وقيل إن هذه المظاهرات نمت بتحريض من الوفد أو [[الإنجليز]] حتى يتسنى تغيير الحكومة.ولا يشترك [[الإخوان]] فى هذه المظاهرات


رأى اللواء أحمد عبد الهادى حكمدار شرطة [[القاهرة]] واللواء صلاح مرتجى وكيل الأمن العام عدم اعتقال [[المرشد العام]] لأنه اعتقاله قد يحدث ثورة وضجة  كما أن وجوده خارج المعتقل يعطى فرصة للتفاهم معه.ويكون الرجل طعما للقبض على من يتصل به من [[الإخوان]]!
وتفسر السفارة البريطانية ذلك قائلة


أبلغ هذا الرأى للنقراشى باشا فوافق عليه. قال [[أحمد حسين]] رئيس حزب [[مصر الفتاة]] إن الحكومة لم تعتقل الشيخ [[البنا]]  إما لأنها لم تجد برهانا ضده أو لأنها أرادت قتله.سأل تشابمان اندروز الوزير البريطانى المفوض وكيل الديوان الملكى حسن يوسف بك عن أسباب عدم اعتقال [[المرشد العام]]
" يبدو أن  أوامر صدرت [[للإخوان]] بالا يشتركوا فى هذه المظاهرات بصورة واضحة".وربما تقصد السفارة أن [[الإخوان]] رفضوا الإفصاح عن ميولهم الموالية للألمان إذا هتفوا لروميل!


'''أجاب حسن يوسف:'''
ولكن كان واضحا أن [[الإخوان]] لم يتعاطفوا مع الناية.


:لم تعثر الشرطة على وثائق . أو مواد. تدينه عند تفتيش منزله ولابد أنه كان حريا على تدمير أى دليل يثبت تورطه فى أعمال إجرامية ارتكبها أتباعه مما جعل الشرطة لا تستطيع اتخاذ إجراء ضده.
وعلى أية حال فإن عمر وزارة سرى باشا انتهى باستقالته فى 4 [[فبراير]] [[1942]] .. عندما حاصرت الدبابات البريطانية قصر عابدين. وفرضت على فترة  تقل  عن شهر , ثم الإفراج عنه جعلت [[الإخوان]] على درجة كبيرة من القوة.


'''واضاف:'''
أصبح باستطاعتهم فرض ما يشاءون بالتهديد على [[حسين سرى]] الذى بدأ يدرك جيدا ضعف حكومته التى لا تتمتع بتأييد فى البرلمان . والتى فقدت فى الوقت نفسه تأييد الملك و[[الإنجليز]].


:لا يوجد سبب للقبض عليه فى الوقت الحاضر. قال تشابمان أندروز ومحضر الاجتماع يصف ذلك:وإذا ارتكب عملا خاطئا؟
ويتقارب الملك و[[الإخوان]] وأخذ سرى باشا يسعى لتحسين صورة [[الإخوان]] لدى السلطات البريطانية التى اكتشفت أن رئيس الوزراء يفعل ذلك بناء على تعليمات الملك!


'''أجاب حسن يوسف:''' سيتعرض  للإعتقال فإن الحكومة لم تعد تخشى باسمه.
وكان الألمان قد أشاعوا أن هتلر أسلم ونشر وسيم خالد المتهم بالاشتراك فى اغتيال أمين عثمان وزير المالية فى عهد الوفد أن اتفاقا تم بين المرشد و[[الإنجليز]] للتعاون على محو أسطورة الحاج محمد هتلر فى المساجد والامتناع عن أى نشاط معاد لبريطانيا مقابل التغاضى عن نشاط [[الإخوان]] فى المدن والقرى.


'''وكان حسن يوسف يتحدث بثقة مما جعل " اندروز" يبرق إلى لندن قائلا:'''
وفي كتاب ميتشيل قال : إن السفارة البريطانية عرضت مساعدة على [[الجماعة]] لتحقيق أهدافها.


:" لابد أن وكيل الديوان يتكلم بلسان الملك فاروق".
واختلفت المصادر فيما إذا كانت [[الجماعة]] قد قبلت أو رفضت المساعدة والدعم المالى من بريطانيا ولكن مصادر [[الإخوان]] نفت قبولها "الأموال الكفرة".


وأكد حسن يوسف لوزير المفوض أن [[البنا]] توسل إلى السلطات لاعتقاله وكتب [[البنا]] للحكومة:'''" انكم تقتلونى بعدم اعتقالى"'''!
وتقارير المخابرات البريطانية تؤكد هذا النفى كما تؤكده أيضا هيوارث دان وهو رجل بحكم صلته بالمخابرات ... كان يعرف الحقيقة.


'''قال محمد إبراهيم إمام مدير البوليس الخصوصى القلم السياسى ومباحث أمن الدولة للماجور سانسون ضابط أمن السفارة البريطانية:'''
وقالت تقارير المخابرات البريطانية


:تلقيت أومر بعدم القبض على [[البنا]] أو اعتقاله فلن يجرؤ قاض على إصدار حكم ضده بعد اغتيال المستشار الخازندار.
" أصبح [[البنا]] أكثر حذرا فى حديثه عن [[الإنجليز]].


ضاعفت  الحكومة إجراءاتها المتشددة.راحت تقبض كل يوم على مئات لأتفه الأسباب.. قصاصة ورق . نسخة من عدد قديم من جريدة أو مجلة [[الإخوان]] , بطاقة من [[حسن البنا]].
تجنب الإشارات العدائية إلى بريطانيا ولكن خطباء [[الإخوان]] فى الأقاليم استمروا يهاجمون بريطانيا. قال [[البنا]] فى خطاب له أمام مؤتمر [[الجماعة]]:


واعتقل معظم من يمتون إليه بصلة: أشقاؤه ومنهم [[جمال البنا]] الذى يعرف القسم السياسى أنه ليس من [[الإخوان]].... واصهار الشيخ وبقى زوج شقيقته [[عبد الكريم منصور]] المحامى لأنه اختفى فترة ثم عاد إلى الظهور.
" الطريق طويل ولكنه الطريق الوحيد: إنه الصبر والاحتمال  والجدية والعمل الدائم. ومن يريد اختطاف الثمرة قبل نضوجها فلست منهم.


ولم يعد  للشيخ حارس سوى شقيقه ضابط الشرطة اليوزباشى عبد الباسط الذى يمشى مسلحا فى ركاب أخيه. فلما عثر مع عبد الباسط على مسدس أخذوه منه وقبضوا عليه فى 13 من [[يناير]].
وعندما صل عددكم إلى ثلثمائه كتيبة تزودت روحيا بالإيمان وفكريا بالعلم والثقافة وجسمانيا بالتدريب عندئذ أطلبوا منى أن أطلق عقالكم"


استمرت رقابة الشرطة على الشيخ فوجدوه يصلى الفجر فى جامع قيسون فقرروا اغتياله بعد الصلاة, ولكن المرشد امتنع عن الصلاة فى المسجد بناء على نصائح الأسرة والأصدقاء وأخذ يؤدى الصلاة فى بيته!
'''وكان واضحا من ذلك أن جيل المستمعين لم يكتمل بعد'''


وكلف الجنود يقبضون على من يمرون أمام بيته أو يزورنه ويقودونهم إلى قسم لشرطة لسؤالهم ويفرج عن البعض ويعتقل كثيرون . وفى بعض الأحيان  كان يؤدى صلاة الجمعة فى بيته.
اقترح [[الإخوان]] على الحكومة خطة تلزم [[الإنجليز]] بالتفكير عشرات المرات قبل إقدامهم على مس الوزارة بأذى


وكلف أحد الكونستبلات بمراقبة الشيخ بتعقبه بموتوسيكل حينا وفى سيارة أحيانا فلما ضاق  المرشد بهذه الرقابة اتصل باللواء احمد عبد الهادى حكمدار شرطة [[القاهرة]] وطلب منه رفعها فوافق الحكمدار ... كما قال!
أقنع [[المرشد العام]] [[عبد الرحمن عزام]] بأن تعلن الوزارة نفسها حكومة إسلامية فلن يجرؤ [[الإنجليز]] على المساس بهذه الحكومة وإلا كان ذلك مساسا بجميع المسلمين فى أنحاء العالم.ولكن [[على ماهر]] رفض تنفيذ الاقتراح.


ولكن الحقيقة أن مخبرا اسمه عبد المنعم إبراهيم ظل يراقب الشيخ حتى اليوم السابق للجريمة بناء على تعليمات الرائد محمد على صالح ضابط البوليس السياسى وبذلك بقى [[المرشد العام]] موضع المراقبة الدقيقة تحت عين وزارة الداخلية تحصى عليه كل تحركاته.
وربما يكون الاقتراح لصالح [[على ماهر]] ولكن من المؤكد أنه لصالح [[الإخوان]] لأنهم بذلك يكونون قد حققوا أهم أهدافهم بإقامة حكومة إسلامية. وتغيير نظام الحكم المصرى كله. إلى حكم إسلامى وهو هدف [[الجماعة]]. ولا يمكن لحكومة مصرية. بعد ذلك . التراجع!


واعترف مخبر اسمه أنور على أحمد أنه اشتغل بمراقبة [[المرشد العام]] حتى الثالثة بعد ظهر يوم 12 من [[فبراير]] لمراقبة حركاته وسكناته ومعرفة اتصالاته من ناحية ومنع هربه من ناحيه أخرى فلا يفلت من أيدى رجال الشرطة.ولم يقل المخبر إن الهدف بقاء المرشد فى قبضة رجال الشرطة حتى الوقت المحدد... الذى تتيحه الفرصة لاغتياله.
وعرض [[الإخوان]] على رئيس الوزراء المساهمة فى الجيش المرابط. وسكرتارية الشئون الاجتماعية أصبحت وزارة بعد ذلك وبعث [[البنا]] بمذكرة إلى [[على ماهر]] قال فيها:


أراد [[البنا]] أن يسافر للإقامة فى عزبة الشيخ عبد الله النبراوى بدائرة مركز قليوب ولكنه خشى أن يؤدى ذلك إلى متاعب للشيخ النبرواى وأسرته فأرسل إلى محافظ [[القاهرة]] فؤاد شيرين يستأذنه فى السفر.
" [[الإخوان]] مستعدون وما على الحكومة إلا أن تدعوهم . وتفسح لهم المجال.
أستأذن المحافظ رئيس الوزراء [[إبراهيم عبد الهادي]] الذى طلب منه عدم الرد.  


وعلق رئيس الوزراء شفاهة على طلب المحافظ قائلا إنه أى المحافظ من [[الإخوان المسلمين]]!وفى اليوم التالى لوصول خطاب [[البنا]] إلى محافظ [[القاهرة]] 10 من [[فبراير]]
لسنا نريد بذلك أن نحتكر طريق الخير ولا أن نهيمن عل وسائله ومناهجه ولسنا بذلك نريد أن نفتح أبواب عمل وارتزاق للعاطلين من [[الإخوان المسلمين]]".


اعتقل النبراوى ومعظم أفراد أسرته وهو شيخ تجاوز الثمانين ومصاب بشلل نصفى وفتشت قريته بحثا عن أسلحة. سافر [[صالح حرب]] إلى [[أسوان]] وأراد الشيخ [[البنا]] الذهاب إليه فى [[أسوان]] ولكن الحكومة رفضت ذلك كما منعته من السفر إلى الخارج. رأى [[فتحي رضوان]] [[المرشد العام]] فى مأزق يتعذب و لا يدرى ماذا يفعل قال له:
" إن [[البنا]] كان فى ذلك الوقت يجمع السلاح ويشتريه ويخزيه. ولم لم يكن أقرب الناس إليه من كبار [[الإخوان]] على علم بشئ من ذلك".


يا سيدى أرجو أن تصدقنى إذا قلت لك إن الحكومة والملك. لا يطيقان مجرد وجودك ووجود جماعتك فى الدنيا.نظر [[البنا]] إلى [[فتحي رضوان]] وفى عينيه مزيج من العتاب. ومن الإحساس بالألم, ومن الشعور بخيبة الأمل.
'''حاول [[عزيز المصرى]] توحيد [[الإخوان]] و[[مصر الفتاة]].... ولكنه فشل'''


'''ثم قال بعد فترة صمت:'''
وكان [[البنا]] الوسيط بين [[عزيز المصرى]] و[[الضباط الأحرار]] عن طريق الدكتور [[إبراهيم حسن]] وكيل [[الجماعة]] و[[محمد أنور السادات|أنور السادات]] الذى أصبح بعد ذلك رئيسا لجمهورية [[مصر]] العربية!


:إذن ما العمل " هل أسلم بالأمر الواقع , وأرتضيه؟ هل أترك [[الإخوان]] فى الحال الذى وصلوا إليه وأتفرج عليهم ليتهم يعتقلونى ويريجوننى. رأى [[فتحي رضوان]] نفسه مضطرا لمصارحة [[المرشد العام]] بما يشعر به قال:
بعد أسبوعين من تشكيل الوزارة أعلنت بريطانيا الحرب على ألمانيا فى 3 من [[سبتمبر]] [[1939]].


:أرى رأى العين ما يدبر لك فهم لا يتركونك احتراما لك. وإنما لتتاح لهم فرصة اقتناصك وربما ليصدر عنك عمل. يبرر التخلص منك. أو ليلقوا تبعته عليك.ما كاد [[فتحي رضوان]] يفرغ من هذا الكلام حتى شعر بالندم الشديد لأنه لا يعدو أن يكون إنذارا بالموت.
وأعلنت فرنسا واستراليا ونيوزيلندا الحرب لى ألمانيا فى نفس اليوم وتضامنت جنوب أفريقيا مع هذه الدول فأعلنت الحرب يوم 6 من [[سبتمبر]] وكندا بعد أربعة أيام.


- لم يغضب [[البنا]].. ولم يفزع. بل اكتفى بقوله: حسبى الله ونعم الوكيل. وسأل [[فتحي رضوان]]: بماذا تنصحنى؟
طلب [[الإنجليز]] إلى [[على ماهر]] أن تعلن [[مصر]] الحرب على ألمانيا.
- قال: لا تترك منزلك . أو مكانا يمكنك أن تأوى إليه فلا تخرج منه أبدا حتى يقضى الله أمرا كان مفعولا وقد يبدل الله الحال..  


- قال لمرشد وكأنه يخاطب نفسه: وهل ينجى هذا الحذر من القدر؟
رفض [[على ماهر]] فى مذكرة بعث بها إلى السفير البريطانى. وقال فى مجلس الشيوخ إن سياسة حكومته تجنيب [[مصر]] ويلات الحرب".


- أجاب [[فتحي رضوان]] على الفور: مطلقا.
وفى كتاب" [[الإخوان المسلمون: أحداث صنعت التاريخ]] " قال [[محمود عبد الحليم]]:" كان هناك تجاوب فكرى ونفسى بين الوزارة و[[الإخوان]].


- قال: إذن ما الفائدة من.... قاطعه [[فتحي رضوان]] قائلا:
كانت وزارة منطلقة بما توجيه غليها المصلحة العامة, وساعدها أنها كانت مؤيدة من الملك الذى كان فى مقتبل أيامه ولم يكن قد تلوث بعد ورغباته متوائم مع رغبات الشعب ويرى فى [[على ماهر]] المعلم الناجح القدير
وكان [[على ماهر]] يتصور أن [[الإنجليز]] لن يخاطروا بسمعتهم فيسقطوا حكومة مؤيدة من الشعب والبرلمان والملك".


- الفائدة فى ألا تشغل نسفك بما لا ينفع ولا جدوى منه وألا تستمع لرسل السلطة الذين يعبثون بنا.رد [[المرشد العام]] وكأنه يحدث نفشه:
قالت تقارير المخابرات البريطانية أن "الملك قدم الحماية والمعونة المالية [[للإخوان]]"


- ربما كان هذا صحيحا.
وأيد [[الإخوان]] من ناحيتهم سياسة تجنيب [[مصر]] ويلات الحرب وعدم الاشتراك فيها والاكتفاء بتقديم المساعدات التى نصت عليها معاهدة [[1936]] فحسب.


- تذكر عبد الرحمن عمار وكيل وزارة الداخلية أنه أثناء عمله مديرا – محافظا لجرجا – سوهاج الآن – كان يعمل معه حكمدار للشرطة أسمه محمود عبد المجيد جمع بينهما الليل الميل للخروج على القانون لأن الحكمدار لا يتورع عن معالجة الجريمة ... بالجريمة!
ويبرق السفير البريطانى اللورد كيلرن إلى لندن
- كان يضرب على " العروسة" – علانية – المتهمين للإعتراف و.... يقتل المجرمين أو ذوى الشبهة..وقال إحصاء أنه بين 18 متهما فى جرجا لف الحكمدار بضبطهم قتل 15 منهم.و... يضع المتهمين فى عربات الكلاب تمر بهم فى شوارع  عاصمة المحافظة والمدينة أو القرية , التى ارتكبوا فيها جرائم, أو اتهموا بارتكابها, ليقذفهم الناس وأتباع الحكمدار بالقاذورات والشتائم. ثم يقادون بعد ذلك إلى السجن. و... يضع جثث المتهمين عراة على عربات كارو تدور فى الشوارع وخلفها جنود شرطة ينادون:


- الرطل... بليم!
" عمل [[على ماهر]] باشا بنشاط من وراء الكواليس لتأكيد سياسته الخاصة بالحركات المعادية للأجانب من خلال التنظيمات الإسلامية مثل جمعية الشبان المسلمين, وحركة [[مصر الفتاة]] وجماعة [[الإخوان المسلمين]] وعدد آخر من الجمعيات الإسلامية الأقل شهرة والتى تمارس نشاطها فى الخفاء.


- وكان يتصور أن وضع اليد على الخارجين على القانون هدف سام يجوز فى سبيل تحقيقه كل مخالفة للقانون.
وأخذ [[على ماهر]] باشا يشجع نوادى وجمعيات الشباب وكان الهدف انتظام الأجيال القادمة تحت راية الملكية الوطنية المتطرفة وكراهية الأجانب والمفهوم التقليدى للإسلام فى مواجهة التيار الأكثر


- وصفه صابر طنطاوى مدير الأمن العام بأنه رجل بلا ضمير... ولا يخاف الله!
ليبرالية  ول[[حزب الوفد]] وللأقباط نفوذ  فيه فإن [[مكرم عبيد]] باشا كان سكرتيرا عاما للوفد وكذلك فى مواجهة الاحتلال الأجنبى.


- استدعى عمار حكمدار شرطة جرجا العقيد محمود عبد المجيد -55 سنة- وعينه مديرا لإدارة المباحث الجنائية بوزارة الداخلية فى أول [[أغسطس]] [[1948]] أصبح البرنامج اليومى لمحمود عبد المجيد المرور صباحا على منزل عبد الرحمن عمار, وكيل وزارة الداخلية للإنفاق معه على نظام العمل ثم يتوجه بعد ذلك إلى وزارة الداخلية.
اختار [[على ماهر]] الفريق [[عزيز المصرى]] المكفتش العام للجيش المصرى رئيسا لأركان حرب هذا الجيش ومنحه رتبة الفريق . وكان على صلة وثيقة ب[[الإخوان المسلمين]] ولكن السفارة البريطانية أصرت على منحه إجازة وكان [[عزيز المصرى]] مدرسا للملك فاروق  عندما كان وليا للعهد


- وعند الظهر يتناول الغداء فى مطعم بدعوة من بعض أعيان جرجا والوجه القبلى بصفة عامة.
وأختير [[عزيز المصرى]] فى وزارة [[محمد محمود]] باشا عام [[1938]] مفتشا عاما للجيش المصرى ولكنه منع من ممارسة مهام وظيفته.


- وبعد العصر يجلس مع " الأعيان" فى مقهى " لونابارك" أو " الفيشاوى" وبعد المغرب جلسة أخرى مع هؤلاء فى فندق " إيدن" أو مع الصاغ توفيق السعيد. والعقيد محمد إبراهيم من رجل القسم السياسى" مباحث أمن الدولة".
ويلتقى [[محمد أنور السادات|أنور السادات]] ب[[عزيز المصرى]] عن طريق [[المرشد العام]] [[للإخوان]] الشيخ [[البنا]] مما يدل على الصلة بين [[عزيز المصرى]] و[[الإخوان]]


- وبعد اغتيال النقراشى  داخل وزارة الداخلية اتخذت احتياطات شديدة للحراسة ووضعت نظم دقيقة لدخول دار الوزارة.... وكلف بالحراسة العقيد محمود عبد المجيد الذى تضخم نفوذه, ومنح صلاحيات واسعة.
وفى مذكرات [[محمد أنور السادات|أنور السادات]] التى كتبها بعنوان " صفحات مجهولة " قال....


- تحرك محموجد عبد المجيد بعد ثلاثة أيام من اغتيال النقراشى ليملأ الإدارة بضباط وجنود الشرطة الذين عملوا معه فى سوهاج.
رفعوا إلى احتجاجا عنيفا ذكروا فيه أن [[الإخوان]] ليسوا هتافين . وإنهم لم يهتفوا لأشخاص . وإنما يذكرون  الله وحده.


- ندب اليوزباشى عبده ارمانيوس من الجيزة إلى إدارة المباحث الجنائية فى أول [[يناير]] [[1949]].
طيبت خاطرهم بأن هذه تحية المسافر وأننا لا نحيى شخصا . ولكن نحيى عمله ل[[فلسطين]] فاحتسبوها عند الله فى سبيل [[فلسطين]]".


- ونقل من جرجا أيضا البكباشى أمين حلمى والرائد حسين كامل وفى اليوم التالى – 2 من [[يناير]]  
كان [[الإخوان]] خلال الثلاثينات كما يقول الشيخ [[التلمسانى]] قد كونوا أرضية واسعة ومترامية عبر أقاليم ومديريات القطر المصرى كما استطاع [[المرشد العام]] أن يضع النظام الفكرى والتنظيمى للحركة وحدد تعريف [[الإخوان]] وعلاقتهم بالجماعات الإسلامية و[[الأحزاب]] الأخرى.


– قرر نقل مخبر الشرطة الأمباشى [[أحمد حسين]] جاد – 42سنة – من مباحث جرجا إلى الإدارة على أن ينفذ النقل خلال 24 ساعة.
وكان [[الإخوان]] على صلة غير مباشرة ب[[على ماهر]]. كما تقول المخابرات البريطانية والأرجح أن هذه الاتصالات نمت عن طريق [[أحمد السكرى]] وكيل [[الجماعة]].


- وفى 8 من [[يناير]] منح صاحب الجلالة العقيد محمود عبد المجيد نوط الواجب الذهبى مكافأة على الجهود التى قام بها .. ولتشجيعه على القيام بأعمال أخرى!
رحب [[الإخوان]] بالوزارة الجديدة وكتب [[صالح عشماوى]] فى "[[مجلة النذير]] " يقول :


- وفى 21 من [[يناير]] نقل من جرجا أيضا المخبر حسين محمدين رضوان ووكيل الباشجاويش محمد سعيد إسماعيل.
" تحيط ب[[على ماهر]] هالة كبيرة من الدعاية الطيبة. وتسبقه آمال حلو, وأمان عذبة فى الإصلاح والإنقاذ. والمفروض . فى المسلم, أن يحسن النية بأخيه وليس ما يمنعنا من أن نحسن النية ب[[على ماهر]] ووزرائه"


- قال محمود عبد المجيد مبررا قراره – فيما بعد – بأن ذلك تم على أساس الاختيار الشخصى  فقد اتصل بالمخبرين فى اعمل ويقدر كفايتهم. والجدير بالذكر أنه لم يسبق قبل ذلك, وبعده. أن ندب مخبر من إحدى المديريات – المحافظات للعمل  ب[[القاهرة]] عدا هؤلاء الثلاثة !
== كان [[على ماهر]] خصما للوفد ==


- وكان ندب المخبرين فريدا من نوعه أيضا من حيث الطريقة التى اتبعت فى  إصدار  الأمر به. والحيطة التى اتخذت لتجنب إيجاد مكاتبات رسمية مثبتة لذلك الأر. فقد استدعى العقيد محمود عبد المجيد المخبرين بأوامر شفوية اصدرها إلى رؤسائهم المحليين!
ولم يكن عضوا فى الحزب السعدى أو الحزب الأحرار المسلمين, وأيده فى ذلك [[صالح حرب]] و[[عبد الرحمن عزام]] و[[عزيز المصرى]],وقيل هؤلاء جميعا الملك فاروق الذى كان يميل للألمان ويعادى الوفد و[[الإنجليز]] ويرى أن تجمعات [[الإخوان]] يمكن استغلالها فى معارضيه الوفد!  


- ولا حظ الصول محمد البهى شرف – لامكلف بمراقبة حضور  المخبرين فى الدفاتر وتوزيع الخدمات عليهم
وتكتب المخابرات البريطانية تقريرا تقول فيه" بلغ عدد شعب [[الإخوان]] فى [[مصر]] نحو 500 شعبة.


– وجود المخبرين الثلاثة فى " بوفيه" منعزل قليلا عن مبنى الوزارة...
ويرجع انتشارها السريع إلى أسباب منها فشل  السياسيين الفاسدين فى [[مصر]]  فى كبح جماح القلاقل الاجتماعية فمكن ذلك من يدعو لاتخاذ [[الإسلام]] منهجا من جذب أتباع من البيئة المضطهدة


- ولاحظ أيضا تردد الثلاثة على مكتب لارائد حسين كامل – بادارة المباحث الجنائية – ولما سألأ عنهم قيل له إن العميد محمود عبد المجيد  أحضرهم من سوهاج فقام بإثبات حضورهم فى دفتر الإدارة:
وأصبح [[الإخوان]] بعد رعاية [[على ماهر]] لهم يتمتعون بدرجة ما من الاكتفاء الذاتى"


- ولما عرف محمود عبد المجيد قرر نقل محمد البهى إلى المنوفية يوم 26 من [[يناير]] ونفذ النقل فى اليوم ذاته.
... وتقصد المخابرات بذلك التمويل المالى من [[على ماهر]] والقصر [[للإخوان]]! اعترض بعض [[الإخوان]] على التقارب بين [[المرشد العام]] والوزارة وطالبوا بقطع  كل اتصال بين الجماعى ورئيس الوزراء.


- وأخذ محمود عبد المجيد يردد حينا انهم جاءوا للبحث عن أشقياء جرجا الفارين من وجه العدالة  ويقول حينا آخر . أنهم يقومون بحماية عبد الرحمن عمار من أشقياء جرجا لاهاربين إلى [[القاهرة]].
وكان بعض المعارضين ينتمون إلى الوفد والبعض الآخر يريد استقلال [[الجماعة]]. ولكن [[المرشد العام]] رفض ذلك.


- ونفى عمار أنهم قاموا بحراسته. وثبت من التحقيقات أنهم لم يقبضوا. منذ نقلهم إلى [[القاهرة]] على شقى واحد من جرجا.
أعلنت ايطاليا الحرب يوم 10 من [[يونيه]] [[1940]] وطلبت بريطانيا من [[على ماهر]] مرة أخرى إعلان الحرب فرفض [[على ماهر]]  قائلا  إن [[مصر]] لن تدخل الحرب إلا إذا هوجمت المدن المصرية أو مواقع الجيش المصرى.


- استمرت محاولات اغتيال لمرشد العام بعد نقل " عصابة جرجا"!
ويصرح رئيس الوزراء فى جلسة سرية للبرلمان بأن [[السياسة]] المصرية لن  تتغير.


- تقرر أن يتوجه إلى منزله بعد منتصف الليل الضابطان اليوزباشى عبده  ارمانيوس والرائد حسين كامل لإبلاغه أن  النيابة أمرت باعتقاله ثم يقومان بدفنه فى حفرة أ‘دت فى الهرم عند طريق الفيوم.
رحب [[المرشد العام]] بقرار [[على ماهر]] وقال:إعلان الحرب على إيطاليا شر متسطير


ولكن اللواء أحمد طلعت رفض الموافقة على تنفيذ هذه الخطة.
سأل " هيوارث دان" [[المرشد العام]] عن شعور المصريين تجاه [[الإنجليز]] أجاب [[البنا]]:


- المصريون يبغضون [[الإنجليز]] كالألمان والإيطاليين ف[[الإنجليز]]  لا يحترمون وعدا , ولا عهدا. ودخول [[مصر]] الحرب إلى جانب انجلترا يجعل [[مصر]] تبحث عن حقها.


- ووقف الامباشى [[أحمد حسين]] جاد أمام بيت المرشد فى الحلمية لاغتيالهولكن الخفير الخاص للشيخ [[البنا]] اشتبه فى أمره فأمسك به واقتاده إلى قسم الدرب الأحمر وهناك أبرز بطاقة الشرطة للمأمور فقال للخفير:
- ويقطع [[على ماهر]] العلاقات السياسية مع ايطاليا. ولكن السفير البريطانى يهاجم فى أحاديث الخاصة [[على ماهر]] والوزارة وصاحب الجلالة قائلا:


- هذا تاجر مواشى ولا علاقة له بشئ!
- -فاروق ألماني الهوى يسر لانتصارات النازية, ولهزائم بريطانيا.


- وأفرج عنه.
- وفى 17 من [[يونيه]] عام [[1940]] قدم السفير البريطانى إنذارا لفاروق يطلب تشكيل حكومة صديقة لبريطانيا..


- وجلس [[أحمد حسين]] جاد فى سيارة المقدم محمد وصفى قائد حرس الوزارات فى شارع لامكلة عندما مر المرشد مع مصطفى مرعى وكان مقررا ن يطلق [[أحمد حسين]] الرصاص على الشيخ [[البنا]] ثم يفر فى سيارة محمد وصفى وكان المقدم عبد الرءوف عاصم واليوزباشى مصطفى علوان مستعدين للتدخل عند الضرورة ولكن الرائد حسين كامل صرخ فى [[أحمد حسين]] قائلا:
- ويستقبل [[على ماهر]] يوم 23 من [[يونيه]].. وكانت أول وزارة ساندت [[الإخوان]] فى عملهم السياسى.


- امنع يدك.
- ويقبل فاروق فى 27 من [[يونيه]] استقالة الوزارة التى لم تعمر سوى عدم شهور وسبعة أيام!


- فقد خشى أن يجتمع الناس للقبض على القاتل
وتسند رئاسة الوزارة إلى [[حسن صبرى]] باشا فى اليوم نفسه ولكن هذه الوزارة لا تعمر سوى 139 يوما فقد توفى [[حسن صبرى]] يوم 4 من  [[نوفمبر]] [[1940]] وهى يلقى خطاب العرش داخل البرلمان . ولم تتح له أو [[للإخوان]] فرصة الاتفاق أو الخلاف.ويتولى رئاسة الوزارة [[حسين سرى]] باشا فى اليوم التالى.


- قال شمس الدين الشناوى المحامى للشيخ [[البنا]]!
كان على باشا ماهر عدوا للإنجليز فى تلك الفترة و[[حسين سرى]] باشا هو صديق للإنجليز فى كل فترة  وقد طلبوا إليه الحد من النشاط السياسى ل[[على ماهر]] ومن هنا تعقب رئيس  الوزراء [[على ماهر]] ورجاله فأعد مشروع قانون يحرم على الجمعيات الخيرية العمل السياسى. وكان [[الإخوان المسلمون]] الهدف الأول لهذا التشريع.


- إن بعض شباب السعديين وعلى رأسهم فتحى عمر وكامل الدماطى اجتمعوا فى ناديهم وأقسموا على اغتيالك ثأرا للنقراشى. أريدك أن تحتاط. قال المرشد لعام:
رد [[البنا]] فكتب مقالا انتقد غيه حكومة سرى باشا لانحرافها عن مبادئ [[الإسلام]].


- لقد منعونى حتى من السفر إلى الخارج.
وكان هذا المقال أكثر مما يحتمل رئيس الوزراء"


- فى كتابه " كنت جاسوسا على الجواسيس" قال الماجور سانسوم ضابط أمن السفارة البريطاينة.
كما يقول تقرير السفارة البريطانية"ز فهو مهندس مثقف ثقافة غربية ويتمتع بشخصية قويه!.


- قرر رجال البلاط الملكى والحكومة اغتيال [[البنا]] بعد مصرع النقراشى ولك يكن هذا قرارا جديدا لقد فكروا فيه منذ تبين لهم استحالة اتخاذ إجراء قضائى ضد  [[المرشد العام]].
فى مذاكرات الدكتور [[محمد حسين هيكل]] باشا وزير المعارف فى وزارة [[حسين سرى]] التى تولت الحكم فى 15 [[نوفمبر]] سنة [[1940]] قال " إن السلطات البريطانية أبغلت [[حسين سرى]] ان [[البنا]] يعمل فى أوساط [[الإخوان]] لحساب إيطاليا.


- وكانت هناك اعتراضات على قرار اغتيال  الشيخ [[البنا]] فربما يكون ميتا – كشهيد – أخطر منه حيا . ولكن بعد مقتل النقراشى رئى اتخاذ هذه المخاطرة والأرجح أن القرار اتخذ فى القصر لا فى الحكومة
وطلبت هذه السلطات إلى رئيس الوزراء العمل على الحد من نشاطه" رأى رئيس الوزراء أن نقل [[البنا]]] إلى بلد ناء بالصعيد يحد من نشاطه فطلب نقل [[المرشد العام]] إلى [[قنا]].


- وكان الجزء الصعب من المهمة إقناع الرأى العام بأن الحكومة بريئة وأن [[البنا]] لا يستحق أن يكون شهيدا.
لم يجد هيكل باشا بأسا من إجابة طلب رئيس الوزراء فنقل مدرس فى مدرسة ابتدائية ليس أمرا ذا بال. إذ يقع مثله خلال العام الدراسى فى كل سنة ولا يترتب عليه أثر.


- وقد بدأت الشائعات ضد [[المرشد العام]] قبل مصرعه إنه تلقى تهديدا بالقتل إذا فشى سر قاتل النقراشى للسلطت الحكومية".
نقل [[البنا]] إلى [[قنا]] ونقل [[أحمد السكرى]] وكيل [[الجماعة]] إلى [[دمياط]] وصدر القرار بتنفيذ النقل فورا.


- ويلتقى [[البنا]] يوم 10 من [[فبراير]] بالدكتور عزيز فهمى لمراجعة بعض قضايا
ويضيف [[الإخوان]] سببا آخر شجع الدكتور هيكل على الإسراع بنقل [[المرشد العام]] فقد انتقدت مجلة [[الإخوان]] كتاب " [[حياة محمد]] " الذى ألفه الدكتور هيكل!


- [[الإخوان]] . سله ادكتور عزيز:
وقال [[المرشد العام]] فى أحاديث " إن الدكتور هيكل اقتدى فى كتابه بمؤلف فرنسى أعرض عن معجزات النبى عليه الصلاة والسلام ولم يستثن منها إلا  القرآن الكريم .. مع أن المعجزات ثابتة بصحيح السنة".


- هل معك سلاح؟
كان [[البنا]] يحاضر فى [[المركز العام]] [[للإخوان]] مساء الخميس عن  "نظرة [[الإسلام]] للمرأة" عندما تقدم إيه أحد الأعضاء بورقة مكتوبة فلما قرأها  اعتذر عن المحاضرة وخرج.


- أجاب : السلاح أخذوه .. والأخ سجنوه!
وبعد فترة وقف الشيخ [[عبد العزيز عبد الستار]] ليقول بأنه صدر أمر عسكرى بنقل الأستاذ [[البنا]]] إلى [[قنا]]!


- وهكذا اصبح [[البنا]] ينتظر الموت. جردته الدولة من سلاحه الذى كان مرخصا له بحمله. وحرمته من الحراسة التى كانت مضروبة عليه فأصبح هدفا يؤمن الوصول إليه. فإن جمعية الشبان المسلمين هى المكان الوحيد الذى يدخله إذا غادر بيته.
اجتمع [[مكتب الإرشاد]] ورأى معظم الأعضاء تحدى القرار والامتناع عن تنفيذ النقل وأن يستقيل [[المرشد العام]] حتى لا يكون لأحد سلطان عليه .


- وفى أيامه الأخيرة التقى [[المرشد العام]] بدار الشبان المسلمين بالمستشار حسن الهضيبى الذى اختير بعد ذلك مرشدا عاما للجماعة.
ولكن [[المرشد العام]] , فى ظل الحرب والأحكام العرفية وتقهقر [[الإنجليز]] أمام الزحف الألمانى فى أوربا وشمال أفريقيا . وجد أن [[الإنجليز]] لن يتراجعوا أمامه . ورأى أن مرحلة المواجهة لم تأت بعد ولا يحسن التعجيل بها.


- وكان الشيخ [[البنا]] يحس بأنه سيموت .. وعلى باب الجمعية أيضا.
'''قال للأعضاء''' :


حاول [[محمد الليثي]] أن يودعه عند الباب وهو  ينتظر سيارة تاكسى تقله إلى بيته فقال له لمرشد:
أمر الاستقالة سهل لا يتطلب سوى ورقة وقلم ولكن هل سيقف الأمر عند الاستقالة . إن أمرا عسكريا سيصدر باعتقالى فى الحال فالأحكام العسكرية مفروضة على البلاد والعباد.والنقل أيسر الأضرار, وأنفع للدعوة من الاعتقال . وهى فرصة تعطى للصعيد حقه فى نشر الدعوة.
أنت ذنبك إيه.. عندك أولاد ومتزوج.. ادخل يا بنى.


وحتى يبدو [[الإخوان]] بمظهر سلمى وافق الشيخ على النقل.


وكان الليثى أبا لثلاثة أطفال.
قال السير مايلز لامبسون – اللورد كيلرن – فى البرقية 388 لحكومته :


وقبل أربعة أيام من وفاته جلس [[المرشد العام]] فى جمعية الشبان المسلمين فالتقى بالشيخ محمد صبرى عابدين أمين سر الهيئة العربية العليا لانقاذ [[فلسطين]] سأله:ما رأيك فى هذه الحال .  
" كانت الملامح الرئيسية لتى تميزت بها التطورات السياسية فى [[مصر]] إزدياد حدة الصراع بين رئيس الوزراء و[[على ماهر]] باشا. هاجم رئيس الوزراء [[علي ماهر]] فى معاقله الإدارية وشتت صنائع خصمه بالتنقلات.


وماذا تقترح أن أعمل لتفادى هذه المصائب قال محمد صبرى عابدين :
وهاجم سرى باشا , [[على ماهر]] باشا فى التنظيمات الإسلامية التابعة لماهر باشا بنفيه [[البنا]] رئيس جماعة [[الإخوان المسلمين]] إلى [[قنا]].


الدعوة فى محنة واختبار وليس لك إلا أن تعتصم بالصبر حتى يأذن الله بالفرج.
ويبدو أن رئيس الوزراء تصرف فى هذه المسألة بشكل فج فقد صرح بأنه اتخذ هذا الإجراء بناء على اقتراح السفير البريطانى. ولم يتعامل فى هذه المسألة يمقتضى السلطات المحولة له بوصفه حاما عسكريا".


واقترح أن تعتكف فى منزلك أوفى مكان آخر.
سافر [[البنا]] إلى [[قنا]] فى أول قطار لينقل نشاط [[الجماعة]] إليها . وتكون مناسبة لتثبيت مواقعه ونشر تنظيماته فى صعيد [[مصر]].


ومن المؤكد أن المرشد  العام كان يعانى أقوى محنة مرت به خلال 21 سنة كانت الجماهير حوله, والقصر ورجال [[السياسة]] يتملقونه أو يعارضونه.  
'''ويستهل نشاطه بعقد مؤتمر للمسلمين والمسيحيين.'''


وكان يرى مليونى نسمة من  [[الجماعة]] يضمه [[النظام الخاص|الجهاز السرى]] والجميع مستعدون لافتدائه بأرواحهم.
فى هذا المؤتمر بين [[المرشد العام]] أهمية الحكم بالشريعة الإسلامية وبدد مخاوف الأقباط من لدعوة للحكم بالقرآن الكريم قائلا:
ولكن أين هؤلاء الآن..


لقد  آمن بأن الدعوة ستمر بثلاث مراحل : جيل يستمع, وجيل يحارب ثم جيل ينتصر.
فى ظل الشريعة الإسلامية عاش المسلمون والمسيحيون فى وئام ليس له مثيل.
لقد اختفى المستمعون والمحاربون ولا تبدو علامات ظهور الجيل الذى سينتصر!


==الشهيد==
وقال:


فتح بيان الشيخ لابنا بابا إلى حسن التفاهم بين [[المرشد العام]] ورئيس الحكومة فأوقف مصطفى مرعى بيع منقولات شعب [[الجماعة]] بالمزاد ولكنه رأى استمرار اعتقال [[الإخوان]] بعض الوقت.
-[[الإسلام]] لا يعرف معنى [[الديمقراطية]] التى يحدد مدللوها الناس حسبما تقضى مصالحهم و[[الإسلام]] لا يعرف المتغيرات بل هو شريعة العدل لا تتغير ولا تتبدل تبعا للمصالح والأهواء.
لم يكن [[البنا]] مدرسا عاديا يسرى عليه ما يسرى على مدرسى التعليم الابتدائى من قرارات فينقل إلى [[قنا]], المدينة التى اعتادت الحكومات المصرية المتعاقبة أن تنقل إليها الموظفين المشاغبين للتكفير عن أخطائهم  أو عقابا لهم!


وطلب من الشيخ [[البنا]] أسماء أعضاء الخطرين ومكان الأسلحة ومحطة الإذاعة السرية.
ترك [[البنا]]] لأنصار [[الإخوان]] أو لمن يريدون استمالة [[الإخوان]] إليهم, أن يتحركوا لعادته إلى [[القاهرة]]


ويلتقى الرجىن مرة أخرى وكان الحديث بينهما فى اتجاهين متوزايين لا يلتقيان.
وتحرك أول من تحرك أعضاء حزب الأحرار الدستورين الذين ينتمى إليهم هيكل باشا فقدم أحد نوابهم سؤالا إلى سرى باشا فى البرلمان.


قال الشيخ ابنا:
برر سرى باشا. فى أحاديثه الخاصة.


الاعتقالات مستمرة بإسراف . وأريد الإفراج عن بعض المعتقلين لأعرف منهم الخطرين وأماكن السلاح.
قرار النقل بأن [[البنا]]] قصر فى عمله ولكن [[الإخوان]] أعدوا تقارير إدارة التفتيش بوزارة المعارف التى ترد على أقوال رئيس الوزراء و وتثبت أن [[البنا]]] كان موفقا فى عمله وحريصا عليه وزاد ضغط النواب المؤيدين للحكومة على رئيس الوزراء بعد أن ضاقوا بانتشار نفوذ [[الإخوان]] فى الوجه القبلى.
وعد مصطفى مرعى ببحث طلبات الإفراج.


ولكن ... قرر عبد الرحمن السندى – أثناء وجوده فى السجن – أن يقوم الجهاز الخاص بإحراق المستندات التى ضبطت فى سيارة الجيب.
ورأوا إبعاد [[البنا]] عن صعيد [[مصر]].


علم [[المرشد العام]] بذلك فكلف صلاح شادى بإبلاغ سيد فايز – الذى أصبح قائدا مؤقتا للجهاز – عدم القيام بهذه العملية . ولكن السندى رفض تنفيذ أمر المرشد.
وفى مذكرات هيكل باشا وصف لهذا كله.'''قال هيكل باشا'''


سلم سيد فايز أحد السعاة قنبلة لوضعها داخل محكمة الاستئناف يوم 13 نم [[يناير]] [[1949]].
''أدى نقل [[البنا]]] إلى مالم يؤد إليه نقل مدرس غيره'''
ضبطت القنبلة وانفجرت خارج المحكمة وأصيب 25:


قال أسعد محمود نائب رئيس محكمة النقض وكان وكيلا للنائب العام فى تلك  الأيام  إن الدكتور جمال عطية كان كاتبا فى النيابة وهو من [[الجماعة]] معه اوراق قضية السيارة الجيب ولكنه لم يسلمها للجماعة أو يتلف ورقة فيها حفاظا على سرية العمل .... وقد قبض عليه بعد ذلك فى قضايا [[الإخوان]]!
جاءنى غير واحد من النواب الدستوريين يخاطبنى فى إعادته إلى [[القاهرة]] ويرجونى فى ذلك بالحاح.


وقال الباقورى:" هذه المحاولة الحمقاء كانت سبب حرج شديد أخذ امرشد لعام منافذ الفكر . وجعل الدنيا على سعتها أضيق فى عينيه من سم الخياط!
ولما لم أقبل هذا الرجاء هب هؤلاء النواب إلى رئيس الحزب [[عبد العزيز فهمى]] باشا وطلبوا إليه أن يخاطبني فى الأمر.وخاطبنى الرجل فذكرت له أن حسين باشا هو الذى طلب نقل الشيخ بحجة أن له نشاطا سياسيا, وأن النشاط السياسى محرم على رجال التعليم, كما أن محرم على غيرهم من الموظفين , ولا مانع عندى من إعادة الرجل إلى مدرسة المحمدية ب[[القاهرة]].


أعلن المرشد أمن مسئولية حادث المحكمة تقع على عاتق من قاموا به وليس على عاتق [[الجماعة]].
خاطب عبد العزيز باشا رئيس الوزراء فى الأمر وذكر له إلحاح طائفة من النواب الدستوريين ذوى المكانة.
وقال المسئولون فى [[الجماعة]] إن المرشد فقد كل سلطان له على قيادة النظام الخاص. قال الفشيخ [[عمر التلمساني]]:


" كان السندى يتصرف فى بعض الأحيان تصرفات لا يقرها الأستاذ لبنا  وبلغت به القوة إلى حد أنه يضع نفسه فى مستوى قائد [[الجماعة]].
أبدى لى سرى باشا أنه لا يرى مانعا من إعادة الرجل إلى [[القاهرة]] فأعدته".


لقد أغرته القوة وأغواه الشيطان. ولم يرض رئيس [[الجماعة]] عن ذلك ووقع الخلاف بينهما.
وكان من الصعب على سرى باشا أن يغضب أحد الحزبين المؤلفين فى الوزارة ويركن غلى نوابهما فى تأييد استمراره فى الحكم وخشى سرى أن يزداد ضغط النواب جسامة فأراد اتقاء ما قد يجر إليه.
وأى إنسان فى أية جماعة ينمو وتزداد قوته يوما بعد يوما . وقد لا يدرك خطره إلا بعد أن يصل أمره إلى منتهاه. وهو ما حدث , وقد فصل السندى من [[الجماعة]] فى عهد الهضيبى".


وهكذا عاد [[البنا]]] إلى [[القاهرة]] فى [[يونيو]] من العام  نفسه.


وعلى أية حال فإن الحادث أغلق باب التفاهم وفتح بابا للشر والفتنة ووصف [[صالح حرب]] [[المرشد العام]] فقال إنه – بعد حادث المحكمة – كان فى حالة تأثر شديد.
ويقول السفير البريطانى  السير مايلز لامسون إن القصر الملكى بدأ يجد فى [[الإخوان]] أداة مفيدة . وإن الملك أصدر بنفسه أوامر لمديرى الأقاليم محافظين بعدم التدخل فى أنشطة [[الإخوان]]" الذين يعلمون بلا أطماع شخصية لرفاهية البلاد".


وقال الشيخ [[البنا]] ل[[صالح حرب]]:
'''وقال السفير :'''


ماذا أفعل . أأنتحر. كيف أصدر بيانا بالأمس أستنكر فيه هذه الأعمال فيجئ الولد المتهم – شفيق إبراهيم  أنس – ويعمل ذلك ماذا يقولون؟
لاشك" أن [[الجماعة]] استفادت كثيرا من محاباة القصر لها. كما نالت التأييد المادى والمعنوى من العصبة المعادية لبريطانيا التى يرأسها [[على ماهر]]".


ويتوسط [[صالح حرب]] لعقد اجتماع ثالث بين مصطفى مرعى و[[المرشد العام]]. ويجد الوزير من الأفضل أن يتم اللقاء على انفراد فى بيته دون حضور [[صالح حرب]].ابدى [[البنا]] أسفه لحادث المحكمة وقال: خرج  الأمر من يدى وهذا الحادث يعتبر من باب التحدى لى وإرهاب الحكومة ... وكرر طلبه بالإفراج عن المعتقلين.
وعلى أية حال فن نتيجة قرار النقل والعدول عنه أفادت [[البنا]]] كما يقول هيكل باشا فإن تراجع رئيس الوزراء " أشعر الشيخ حسن بأن له من القوة ما يسمح بمضاعفة نشاطه من غير  أن يخشى مغبة ذلك النشاط, وأن هذا الشعور كان له أثره فى تطوير [[الإخوان المسلمين]].
رد مصطفى مرعى بحدة: معتقلين أيه.. بقى بعد الحادثة دى حد يقدر يتكلم فى حاجة؟ قال الشيخ حسن : المعتقلين ذنبهم إيه ما دام مجنون عمل كدا. قال مصطفى مرعى:


هذا دليل على أن كل الخطرين لم يعتقلوا بعد والسلاح لا يزال موافرا لديهم واريد أن ترشدنى إليهم وفى وسع الحكومة حمايتك.
وقوبلت عودة الشيخ [[البنا]]] للقاهرة بالحفاوة والترحيب مما يدل على الشعبية المتزايدة للجمعية ومرشدها العام.ولكن [[أحمد حسين]] زعيم [[مصر الفتاة]] لم يعجبه ذلك.


وعد الشيخ بإجراء اتصالات ثم عاد ليجتمع – مرة رابعة – بالوزير الذى طلب منه معلوماته الشخصية عن  الخطرين والسلاح والإذاعة ثم يفرج عن المعتقلين بعد ذلك ولكن السفارة الأمريكية أكدت أنه لا توجد إذاعة سرية!طلب الشيخ [[البنا]] الإفراج أولا ليعرف من المعتقلين كل الأسرار ! ووعد بتهدئة الحالة.
قال :" فى الوقت الذى يفصل فيه بعض الموظفين فإن [[البنا]] كموظف لم تفعل الكومة معه إلا نقله من [[القاهرة]] إلى [[قنا]] ثم ما لبث أ، أعادته مرة أخرى بعد فترة  غير طويلة فهو ينال عطف الحكومات على التوالى فضلا عن تلك الإعانات التى تقدمها الحكومة وهيئاتها للجماعة".
قال : بعد الإفراج عن المعتقلين سأكون مسئول عما يحصل.


وجد مصطفى مرعى – بعد أربعة أجتماعات – أن الشيخ لم يكشف سر أحد  من رجاله رغم اغتيال النقراشى ومحاولة نسف المحكمة افستئناف وضبط أسلحة كثيرة.. ورفغم الإعتقالات الواسعة لأعضاء [[الجماعة]] أيضا.
'''جاءت المواجهة الثانية بين سرى و[[البنا]]] بعد شهور'''


وتتدخل عبد الرحمن عمار وكيل وزارة الداخلية لوقف هذه الاتصالات قال لمصطفى مرعى:يشيع الشيخ [[البنا]] أن هدف هذه الإجتماعات أن تكون الحكومة تفكر فى العدول عن قرار حل [[الجماعة]].
طلبت السلطات البريطانية من سرى باشا اعتقال [[البنا]] و[[أحمد السكرى]] وكيل [[الجماعة]].


وتتوقف الاتصالات بين المرشد والوزير بعد آخر اجتماع بينهما فى 4 من [[فبراير]] ولكن [[المرشد العام]] يحاول استئناف مساعيه للإفراج عن المعتقلين .
وكان السبب فى لذلك تقارير المخابرات البريطانية التى أجمعت على أن [[الإخوان]] " يقومون بدعايات مضادة للإنجليز, ويخطبون ضد [[الإنجليز]] فى اجتماعات شعبية ويجمعون معلومات عن تحركات القوات البريطانية ويجرون اتصالات مع موظفى السكك الحديدية ومع العاملين فى المستودعات والمعسكرات البريطانية".
 
كتب إلى إبراهيم عبد الهادى يقول:
وقالت هذه التقارير:


" تفضلتم دولتكم فسمحتم لمصطفى مرعى أن يتقبل اتصالى بمعاليه ولازلت  أرجو أن تتفضلوا دولتكم بإقناع معالى مصطفى مرعى بمعادوة السير فى الطريق  الموفق الذى بدأه حتى نصل بإذن الله إلى غايتنا"
" هناك شكوك فى أن [[الإخوان]] يخططون للقيام بعملية تخريبية شاملة ضد المنشآت الحيوية وشبكة الاتصالات البريطانية"
ولكن رئيس الوزراء لا يرد.


وفسر مرعة جهده فى الوساطة فقال:
ورغم أن [[الإنجليز]] لم يكونوا على يقين كامل بأن [[الإخوان]] يعدون خطط تخريبية إلا أن تقارير المخابرات سببت للسفارة قلقا كبيرا دعاها لأن تطلب  من [[حسين سرى]] اعتقال [[البنا]]] و[[أحمد السكرى]] و[[عبد الحليم عابدين]] فاعتقلتهم الحكومة فى 16 من [[أكتوبر]] عام [[1941]] فى معتقل الزيتون ب[[القاهرة]].


كنت السفير الداعى  إلى الهوادة والرفق والمطالب بحرية [[الإخوان]].قال [[محمد الليثي]] : " كان كل يرجوه [[المرشد العام]] فى تلك الأيام الإفراج عن المعتقلين ومنع  تعذيبهم. وكانت دموعه تنهمر وهو يتحدث عنهم. وكان يحس بغلظة المسئولين فى اسلوب تعاملهم معه وتهربهم من لقائه.
وكانت هذه أول مرة يعتقلون فيها. وتم ذلك وسط الحرب والأحكام العرفية وسيطرة [[الإنجليز]] على كل شئ  فى [[مصر]], مما لا يعطى أملا للمرشد ووكيل [[الجماعة]] فى إفراج قريب!


زار [[المرشد العام]] [[مكرم عبيد]] باشا رئيس حزب الكتلة وجرى بين الاثنين حديث عن الانفجارات والعمليات التى قام بها بعض شباب [[الإخوان]].
قال [[حامد جودة]] وزير التموين ل[[فهمى أبو غدير]] المحامى وعضو [[الجماعة]] إن [[البنا]]] اعتقل بتهمة العمالة للمحور.


أخرج الشيخ [[البنا]] مصحفا من جيبه وأقسم عليه أنه لا يعرف شيئا عن هذه الحوادث .. وأن من يؤتكب حوادث إجرامية كتلك هو رجل لا دين له فإن الأديان جميعها تحرم القتل ووسفك الدماء.
أوقف سرى باشا صحف [[الإخوان]] " التعارف " و"الشعاع" الأسبوعية و" المنار" الشهرية وأغلق مطبعتهم وحظر اجتماعاتهم ومنع الصحف من نشر أنباء عن [[الإخوان المسلمين]] واجتماعاتهم.
أجابه [[مكرم عبيد]] بأنه يثق فى ضمير [[المرشد العام]] وبراءة يده وإيمانه بالله ولكن [[مكرم عبيد]] كان خارج الوزارة وحزبه لا يشترك فيها!


تضاعفت مؤامرات الأجهزة الحكومية ضد الشيخ.
ولكن, تحرك كثيرون مرة أخرى للدفاع عن [[البنا]]] وبينهم توفيق دوس باشا مسيحى ونائب منفلوط ووزير المواصلات السابق الذى قدم استجوابا إلى مجلس النواب بشأن اعتقال [[البنا]] وانهالت العرائض والالتماسات على الملك ورئيس الوزراء تطالب بالإفراج عن الشيخ.


بعث اللواء أحمد طلعت 3 مذكرات إلى وزارة الداخلية يقول فيها يدبر [[البنا]] اجتماعا خطيرا ولابد من اتخاذ إجراءات.
واعتصم الطلاب فى مسجد السلطان حسن ب[[القاهرة]].


قطعت لمفاوضات بين الحكومة و[[المرشد العام]] الذى يستعد للسفر خارج [[القاهرة]].
وفى 12 من [[نوفمبر]] ألقت الشرطة القبض  على 16  طالبا كانوا يحاولون تنظيم اجتماع للاحتجاج على اعتقال زعيم [[الجماعة]].


جرت مكالمة تليفونية بين الشيخ [[البنا]] وأحد الأشخاص تدل على أن فى نية النبا اغتيال ثلاثة من كبار  رجال الحكومة .
أصاب الرعب سرى باشا فقرر إطلاق سراح زعماء [[الإخوان]] فى اليوم التالى روى [[فتحي رضوان]] المحامى ورئيس اللجنة العليا للحزب الوطنى الذى كان مع [[البنا]] فى المعتقل . قال:


ولم يفطن الحكمدار إلى أن تليفون منزل [[البنا]] قطعت عنه الحرارة ... ومن غير المعقول ا، تكون الرقابة قد وضعت على كل تليفونات جمعية الشبان المسلمين التى يتكلم منها [[البنا]].. بفرض أن تقرير الحكمدار صادق عن مضمون المكالمة!
"ذات يوم. رأينا باب المعتقل يفتح وسيارة ضخمة من سيارات الوزراء تدخل إلى حديقة المعتقل.


ويلتقى الملك خطابات تهديد بالقتل من [[الإخوان المسلمين]] .. وقد يكون أعضاء [[الجماعة]] هم الذين بعثوا بهذه الخطابات أو تكون أجهزة الأمن لحكومية فعلت ذلك لزيادة الضغط على صاحب الجلالة!
وسمعنا أن لقادم فى السيارة محمد [[حامد جودة]] وزير التموين وسكرتير الحزب السعدى وفى وزارة [[حسين سرى]] باشا.


راى الشيخ [[البنا]] أن يوسط وزيرا آخر يعرفه هو محمد زكى على باشا وزير الدولة – الذى يمثل [[الحزب الوطني]] فى الوزارة – فاجتمع به فى منزله , وفى جمعية  الشبان المسلمين.
ورأينا [[البنا]] يدعى إلى النزول إلى مكتب مدير المعتقل حيث اختلى بالوزير الذى جاء ليفاوض [[المرشد العام]] فى المسائل التى وقع فيها الخلف بين [[الإخوان]] والحكومة.


قال زكى على باشا:
ويبدو أن المفاوضات أثمرت الإفراج عن الأستاذ المرشد".


الحكومة معذورة فيما تتخذ من إجراءات للمحافظة على أموال الناس وأرواحهم من بعض الشبان المنتمين للجماعة.
وهكذا صدر قرار الإفراج عن [[البنا]]] فى 13 من [[نوفمبر]] أى بعد أقل من شهر سأل الشيخ [[البنا]]] قائد المعتقل:


قال [[المرشد العام]]:
هل شمل قرار الإفراج كلا من [[أحمد السكرى]] و[[عبد الحليم عابدين]] وكيل [[الجماعة]] وسكرتيرها العام؟


هم من طائفة من لاشبان يعملون لحسابهم من غير أن أشير عليهم بشئ وقال :
أجاب القائد بالنفى فرفض الشيخ [[البنا]]] الخروج أو النجاة بنفسه قال:


إنى مراقب ولا أتمتع بحريتى وعلى إستعداد لمغادرة [[مصر]] إذا رغبت  الحكومة  وأضاف الشيخ: أحب أن  تكلم رئيس الوزراء فيما يتعلق ب[[الإخوان]] حاول وزير الدولة أن يتخلص من مهمة الوساطة بعد فشل مصطفى مرعى ولمناخ العدواة السائد فىمجلس الوزراء ضد [[الجماعة]] ومرشدها العام.
كيف أخرج وأترك زملائى


قال:
قام القائد باتصالات كثيرة مع المسئولين ثم أعطى وعدا للشيخ باستصدار قرار الإفراج عنهما فخرج [[البنا]] آسفا.


لست مختصا.
وفى تقرير المخابرات الحربية البريطانية أن " حكومة [[حسين سرى]] اعتقال [[البنا]] ضمن آخرين ولكنها أطلقت سراحه فورا بسبب الضغوط عليها"


قال الشيخ:
سأل السفير البريطانى سرى باشا عن سبب الإفراج عن [[البنا]] رغم السفير نفسه الذى أصر على الاعتقال.
أجاب رئيس الوزراء:


أنا مضطهد وكل [[مكتب الإرشاد]] معتقل ولا يوجد ما يدعو لاعتقاله رأى زكى على باشا تحت إلحاح [[المرشد العام]] أن يتوسط. اتصل بإبراهيم عبد الهادى قال له:
إن افتتاح البرلمان سيجرى بعد يومين ز ولا أستطيع ضمان النظام والأمن ذلك اليوم إذا استمر اعتقال [[البنا]] وزميليه.


- إذا كان [[المرشد العام]] حسن النية يذكر لنا أسماء الأشخاص الذين يشك فى وجود أسلحة لديهم, ويرشد عن محطة الإذاعة السرية التى تذيع فى السابعة صباحا كل يوم.
ولو كان الملك هو الذى تدخل للإفراج عن المرشد لعام لكان  [[حسين سرى]] قد أبلغ [[الإنجليز]] أو حرص على نشر ذلك بوسائل متعددة, خاصة وأنه أفشى سر الإعتقال وأعلن أنه تم بناء على اقتراح السفير البريطانى.


- أبلغ الوزير الشيخ [[البنا]] بذلك فردد جوابه التقليدى. لا أعرف شيئاعن محطة الإذاعة. وللإخوان شعب كثيرة . وأريد الاتصال بالمعتقلين للتفاهم معهم ومعرفة أسرارهم.
قال [[حامد جودة]] ل[[فهمى أبو غدير]] , إن وساطته نجحت فى الإفراج  عن الشيخ لأن الاتهام يقوم على الظن والهوى.


- عاود زكى على الإتصال برئيس الوزراء الذى رفض الإفراج  عن أعضاء [[مكتب الإرشاد]].


- واتصل الوزير بعبد الرحمن عمار الذى طلب إقرار من الشيخ يدعو فيه أنصاره ومؤيديه إلى محاربة كل من يخرج عن القانون.
وقالت الصحف إن السعديين اشتروا الشيخ [[البنا]]] وجماعته بالإفراج عنه وقيل إن السعديين رغبوا فى استغلال الإفراج عن [[المرشد العام]] لمصلحتهم وهكذا ألقى المسئولون جميعا تبعة الاعتقال على [[الإنجليز]] ونسبوا لأنفسهم فضل الإفراج.


- قال الشيخ:
إذا كان [[البنا]]] قد أفاد من نقله إلى [[قنا]] وعودته السريعة إلى [[القاهرة]] فإن اعتقال ه انفصل عنه [[أحمد ماهر]] و[[محمود فهمى النقراشي]] – الرجلان اللذان توليا فيما بعد رئاسة الوزارة – وأحس الشيخ [[البنا]]] بأن [[الجماعة]] يجب أن تمارس دورها السياسى.


- كتبت بيانا تحت عنوان " ليسوا إخوانا وليسوا مسلمين" سلمته إلى محمد الناغى وهو عضو مؤسس لجمعية الشبان المسلمين وسكرتير مجلس إدارتها.
فى [[مايو]] عام 38 بدأت [[الجماعة]] اشتغالها العلنى ب[[السياسة]] مع صدور العدد الأول من مجلتها الأسبوعية " النذير" وبعد أن بلغ عدد الشعب ثلثمائة شعبة


ويعود الوزير يعرض الأمر مرة أخرى على رئيس الوزراء الذى طلب أن يحدد الشيخ [[البنا]] هؤلاء المعتقلين , غير الخطرين , فقدم [[المرشد العام]] أربع قوائم... وطلب عدم نقل أصحابها من معتقل " هاكستيب" القريب من [[القاهرة]] إلى الطور كما قررت الحكومة.
فى هذا العدد وقع [[البنا]] مقاله باسم " [[البنا]] المدرس بوزارة المعارف العمومية و[[المرشد العام]] [[للإخوان المسلمين]]"


راجعت وزارة الداخلية القوائم واستبقت الأسماء المندوبة فى قائمتين فقط ونقلت الباقين إلى الطور! ويلتقى  زكى على باشا بالشيخ [[البنا]] فى صلاة الجمعة ويطلب منه العمل من جانبه على تهدئة الحالة والتخلص من العناصر الخطرة.
وفى هذا التوقيع وحده دلالة على أنه يرى أن عمله كمدرس أهم من منصب [[المرشد العام]] [[للإخوان]]!


أجاب الشيخ : ينبغى تحسين حالة المعتقلين من الموظفين والعمال ماديا حتى لا يعتبر اعتقالهم إجراء انتقاميا.
كان عنوان المقال" خطوتنا الثانية إلى الأمام دائما الدعوة الخاصة بعد الدعوة العامة . أيها [[الإخوان]] تجهزوا".


وعد الوزير بذلك بذلك وطلب من محمد الناغى أن يتحدث إلى رئيس الوزراء فى هذا الشأن.
فى هذا المقال [[البنا]]]" إن دعوة [[الإخوان]] بدأت منذ عشر سنين.. وكانت [[مصر]] يوم  أن نبتت هذه الدعوة المجددة لا تملك من أمر نفسها قليلا ولا كثيرا  يحكمها الغاضبون".
ومحمد الناغى مولود بالزرقاء مركز فارسكور – بلدة إبراهيم عبد الهادى – ويميت إليه بصلة بقرابة – ابن خالة رئيس لاوزراء – وصلته بالشيخ [[البنا]] قديمة ترجع إلى عشرين عاما .  
قال زكى باشا للناغى:


الشيخ [[البنا]] على استعداد للإرشاد عن أماكن الأسلحة والمفرقعات ومحطة الإذاعة السرية إذا عاونته الحكومة فى الإفراج عن المعتقلين الذين لاغبار عليهم.
" أصبح [[للإخوان]] دار فى كل مكان ودعوة على كل لسان, وأكثر من ثلثمائه  شعبة وقد حان وقت العمل وآن أوان الجد. ولم يعد هناك مجال للإبطاء فإن الخطط توضع والمناهج تطبق وكلها لا يؤدى إلى غاية ولا ينتج ثمرة والزعماء حائرون والقادة متذبذبون متأرجحون.


قال محمد الناغى : هل تأذن لى ابلاغ ذلك لرئيس الوزراء؟
ستنتقل من حيز دعوة العامة فقط إلى حيز دعوة الخاصة أيضا , ومن دعوة الكلام وحده إلى دعوة الكلام المصحوب بالنضال والأعمال وستتوجه إلى المسئولين من قادة البلد ووزرائه وحكامه وشيوخه ونوابه وهيئاته وأحزابه وسندعوهم إلى منهاجنا".


لم يمانع زكى على فتوجه الناغى غلأى بيت رئيس الوزراء فى التاسعة من صباح السبت 12 من [[فبراير]] . وابلغه بذلك فوافق الوزراء على أن يقابل الشيخ [[البنا]] أعضاء مجلس الإرشاد يوم الإثنين 14 من [[فبراير]] ... أى بعد 48 ساعة.
وقال:


عاد الناغى إلى جمعية الشبان المسلمين فى الواحدة بعد الظهر ليقول ل[[محمد الليثي]] سكرتير قسم الشباب بالجمعية.
" إلى الآن  أيها [[الإخوان]] لم تخاصموا حزبا  وهيئة كما أنكم لم تنضموا إليهم ولقد تقول الناس عليكم فمن إنكم وفديون نحاسيون, ومن قائل إنكم سعديون ماهريون,ومن قائل أنكم أحرار دستوريون. ومن قائل أنكم ب[[الحزب الوطني]] متصلون, ومن قائل أنكم إلى [[مصر الفتاة]] تنتسبون"


أريد مقابلة الشيخ [[البنا]]
إنكم من كل ذلك بريئون". وحدد برنامجه فقال"


أجاب الليثى: ليس عنده تليفون . أرسل أحدا من السعاة لاستدعاائه. هذه مسألة هامة جدا.
" كان موقفكم أيها [[الإخوان]] سليبا فيما مضى أما اليوم فى هذه الخطوة الجديدة فستخاصمون هؤلاء جميعا , فى الحكم وخارجه خصومه شديدة".
اذهب أنت غليه . اعتذر الناغى وأصر على أن يقوم الليثى بالمهمة.
يمكننى الذهاب ولكنى أخشى القبض علىّ


قل لرجال الشرطة إنك قادم من طرفى...
ولكن [[الإخوان]] الذين أعلنوا أنهم يخاصمون [[الأحزاب]] كلها تركوا الملك فقال [[البنا]] فى ختام مقاله:
" إن لنا فى جلة الملك المسلم أيده الله أملا محققا, وفى الشعب المصرى الذى صقلته الحوادث ونبهته التجارب ومعه الشعوب الإسلامية المتآخية بعقيدة [[الإسلام]] , نظرا صادقا".


يقصد بذلك أن الشرطة تعرف لإبراهيم عبد الهادى باشازأضاف الناغى:
ومن العدد الأول "ل[[مجلة النذير" وخلال سبعة شهور يهاجم [[الإخوان]] معاهدة [[1936]].


نريد إنهاء موضوع الشيخ حسن. والأمر فى يده الآن. وان أخلع ملابسى إلا بعد أن تخبرنى بالنتيجة.
قالوا: " أنها غل فى عنق [[مصر]]. فرضت عليها قيودا ثقيلة غليظة تنوء بحملها  الجبال وقبلها المفاوضون المصريون لظروف خاصة".
غوجئ الشيخ برؤية الليثى فى بيته. وكان يجلس إلى " طبلية" ليتناول الطعام الغداء.
قال [[المرشد العام]] فى دهشة:


ما الخبر؟ يبدو أن هناك أخبارا سارة لدى الأستاذ المراغى ويريد حضورك ويريد حضورك لإبلاغك بها .
ودعت [[الجماعة]] إلى " عدم بناء ثكنات لقوات جيش الاحتلال والضغط على انجلترا لتعديل المعاهدة أو إعلان الجهاد"
قال [[البنا]]: اية أخبار سارة تلقيت الآن أن الشيخ النبراوى الذى فكرت فى الإقامة عنده أعتقل أمس.. وقد اخترته  لأنه فى الثمانين من عمره حتى لا يفكروا فى أنى أدبر أمرا معه.


رفض [[المرشد العام]] الحضور فقد وجد أمامه مؤامرة جديدة وأحس بأ، الحكومة غير جادة فى الوصول إلى حل.
ويهاجم [[صالح عشماوى]] الوكيل العام للجماعة فى [[يوليو]] [[محمد محمود]] باشا رئيس وزراء [[مصر]] فى مقال عنوانه" يا [[مصر]]  حطمى أصنامك وطهرى ديارك للصالحين" قال فيه:
ألح الليثى : تعلق الشيخ بشعاع الأمل فيما يمكن من جهد فى سبيل المعتقلين قال
خلاص ياسيدى .  نروح.


وسرح قليلا ثم اضاف: لتكن آخر مرحلة.
" زعماء [[مصر]] لا يملكون نفعا ولا ضرا: يستفيدون ولا يفيدون.


وبدا على الشيخ [[البنا]] اليأس وهو يعلن موافقته على أن يكون فى مقر الجمعية فى الموعد المحدد : الخامسة مساءا.
نحن نعبد أصناما في شكل زعماء وأصنام اليوم  يمتصون دماء الأمة. ويستأثرون بخيراتها يخدعونها ويغررون بها.


وأبلغ الليثى ... محمد الناغى بذلك.قال [[البنا]] لزملائه كما لو كان يتنبأ" إن عدم قيام الحكومة باعتقاله دليل رسمى على نية الحكومة قتله".
هؤلاء الزعماء جميعا ومن ورائهم أحزابهم. ليس لهم إلا برنامج واحد يتلخص فى كلمة ورادة هى الحكم".


قال للشيخ الباقورى : إنى سأختفى !ّ سأله :
ويصف الكاتب رئيس الوزراء بأنه " قبل أن يرتدى الرياسة خلع عصبيته للإسلام وما كاد يجلس على كرسى الحكم حتى تنكر لأمال المسلمين. وفاز بثقة [[الإنجليز]]".


مذاتقصد فإنى لا افهم ؟ أجاب:
ويرفض الشيخ [[البنا]]] دخول [[الإخوان]] فى معركة مع خصوم [[الجماعة]] والمنشقين عليها أكثر من عشر سنوات قائلا:


قد أغيب غيبة طويلة. ومن يدرى فلعلنا لا نجتمع بعد ذلك واستدرك الشيخ [[البنا]] قائلا:
" الخلاف لا يكون حائلا دون ارتباط القلوب . وتبادل الحب , والتعاون فى الخير".


رأيت فى ليلة واحدة رؤيا تكررت مرتين قبل الفجر . وكنت ى كل مرة أقوم من النوم وأستعيذ بالله من الشيطان الرجيم . ولكنى رأيتها مرة ثالثة فى الليلة نفسها فلم اشك فى أنها رؤيا حق.
بل إن تجنب المعارك والصدام ظل شعار [[المرشد العام]] سنوات طوالا وتعترف السفارة البريطانية بأنها " لم تتنبأ بأهمية [[الإخوان]] والدور الذى سيعلونه فى المستقبل".


رأيت أنى أمسك بزمام ناقة يركبها أبو بكر الصديق _ رضى الله عنه – ثم إذا بيد تمتد إلى زمام الناقة فتأخذه من يدى فعلمت أن مهمتى قد انتهت . وأنى لابد أن أغيب.
ولكن [[الجماعة]] رغم ذلك استطاعت أن تكون فى وقت واحد حزبا سياسيا وجمعية دينية ورابطة اجتماعية وهيئة خيرية.


وردد الشيخ [[البنا]] هذه الرؤيا ل[[محمد الليثي]] وقال له: رأيت أبو بكر الصديق يقول لى إنك ستقتل اليوم.
أما السر الكبير لنجاح الحركة فهو أنه توارى عن أنظار [[الإنجليز]] الذين يختلون [[مصر]] فلم يفطنوا إليه وإلى أهدافه زمنا طويلا.


جاءت الساعة!
عندما قام شباب [[مصر الفتاة]] بالهجوم على حانات الخمر فى [[القاهرة]] أعلن [[البنا]] فى " النذير" إن" [[الإخوان]] لا يوافقون على مسلك [[مصر الفتاة]] باعتبار أنه تحد للقانون".


طب الشيخ [[البنا]] من صهره . عبد الكريم منصور المحامى أن يصحبه إلى جمعية الشبان المسلمين. عارض عبد الكريم لمرضه.وأخذ أولاد الشيخ يبكون ويطلبون إليه عدم الذهاب وكأنهم يتوقعون شرا وقال والده
'''قال تقرير للمخابرات البريطانية'''


– 65 سنة- المأذون الشرعى لقسم الدرب الأحمر: لا تخرج فليس معك سلاح.
" خلال السنوات الثمانى الأولى أى منذ عام [[1928]] حتى عام [[1936]] لم تخط حركة [[الإخوان]] باهتمام سلطات الأمن البريطانية"!
رد قائلا: الأعمار بيد الله


وأصر على الخروج قائلا:
'''وكان الفضل فى ذلك للشيخ [[البنا]]]"'


هذه رسالة أؤديها.
تولى [[على ماهر]] رئاسة الوزارة يوم 18 من [[أغسطس]] عام [[1939]] فشكل وزارته من 14 وزيرا.


ومرة أخرى نصحه عبد الكريم منصور بعدم الذهاب فأصر الشيخ قائلا ساخرج وحدى.
ضمت الوزارة 9 من المستقلين وخمسة من السعديين وامتنع حزب الأحرار الدستوريين عن الاشراك فيها.


تحامل عبد الكريم على نفسه. وخرجا معا ليلاحظ المحامى أن شخصا يقف بدراجة أمام البيت ثم ينطلق بها عندما لمحهما. لفت نظر الشيخ الذى طلب عدم الإهتمام بهذا الأمر.
دخل الوزارة رجلان عرفا بعدائهما الشديد للإنجليز. وهما [[محمد صالح حرب]] باشا رئيس جمعية الشبان المسلمين وزيرا للدفاع. و[[عبد الرحمن عزام]] باشا وزيرا للشئون الاجتماعية وقد أصبح فيما أمينا عاما للجامعة العربية.


مشيا معا حتى ميدان الحلمية الجديدة فوجدا سيارة تاكسى بها مخبر فرفض عبد الكريم ركوبها.
كان [[على ماهر]] باشا أول رئيس للوزراء فى [[مصر]] اكتشف أهمية [[الجماعة]] وأراد اجتذاب هذه الحركة الإسلامية لنفسه وللملك!


انطلقت بهما سيارة تاكسى أخرى فلاحظ المحامى أن سيارة تتبعهما حتى باب جمعية الشبان المسلمين... وبها بعض المخبرين . أبدى شكه ولكن [[البنا]] أخذ يطمئنه قائلا: لابد أنها إحدى سيارات الشرطة التى تراقبنا!
وكان [[الإخوان]] على صلة ب[[على ماهر]] منذ عام [[1937]] عندما سافر إلى لندن لحضور مؤتمر المائدة المستديرة الذى يبحث قضية [[فلسطين]].
ظهر الضيق على وجه الناغى عندما تأخر [[المرشد العام]] دقائق عن موعده .  


فلما جاء جلسا معا فى مكتب الناغى الذى يقع فى الدور الأول من مبنى الجمعية ويمكن للمارة فى الطريق أو أى مراقب أن يشاهد كل ما يجرى داخل المكتب وتحركات الجالسين فيه... ويراهما وهما ينصرفان.
قال الشيخ [[البنا]]] فى مذاكرته


عرض الناغى على [[المرشد العام]] ما قاله رئيس الوزراء فكان تعليق الشيخ [[البنا]]:
'''ودع [[الإخوان]] [[على ماهر]] آخر وداع'''
أنت رجل طيب تسمع وتصدق. من أين آتى لهم بالأشياء المطلوبة وأنا مكتوف الأيدى وجميع إخوانى وأنصارى معتقلون ولا أستطيع الإرشاد عن محطة الإذاعة السرية , ولا أجمع السلاح ولا أعرف مكانه . وكنت أريد أن أعرف ذلك من رجال الجمعية المعتقلين. وما داموا معتقلين فكيف أرشد عن هذه الأشياء؟


قال الناغى: فهمت أمس – الجمعة – من زكى على باشا أنكل على استعداد لتسليم ذلك بدون شروط.
وبعد حضوره ذهب وفد من [[الإخوان]] إلى المحطة لاستقباله وعلى رأسه الأستاذ [[أحمد السكرى]] وكيل [[الجماعة]]- فهتف بحياته . وأمر [[الإخوان]] أن يهتفوا بحياته كذلك . فهتف بعضهم وامتنع الآخرون.وعادوا ثائرين.
وكيف أجدها إلا بعد الإفراج عنهم.


رغب الناغى فى الاتصال بزكى على باشا لمعرفة ما تم فى أمر القوائم التى طلب الشيخ [[البنا]] الإفراج عنها ولإبلاغه الموقف خاصة أن [[المرشد العام]] يضع الإفراج شرطا لتقديم المعلومات أو وسيلة لجمع المعلومات.
ويبرق جاكوبس القائم بالأعمال الأمريكى إلى واشنطن فى 29 من [[أبريل]] 194 قائلا: ينظر النحاس إلى [[البنا]] باعتباره قوة يحسب لها حساب وقيل أنه منح [[الجماعة]] إعانة مالية كبيرة.


لم يجد الوزير  فى منزله فبقى الناغى و[[المرشد العام]] فى الإنتظار . وأديا صلاتى المغرب والعشاء معا ثم جلسا فى مكتب الناغى يتحدثان فى شئون [[الإخوان]].
ومن الواضح أن [[الإخوان]] مستعدون للتعاون مع الحكومة الحالية الموجودة فى السلطة


كان الحديث بين الرجلين – كما قال الشيخ لليثى بعد ذلك – معادا لا جديد فيه... فالحكومة تطلب أسماء حائزى السلاح ومكان الإذاعة السرية بينما يصر الشيخ على أنه لا يعرف شيئا ولابد من الإفراج أولا عن بعض المعتقلين للصحول على المعلومات المطلوبة.
ومن المشكوك فيه أن يتبع [[الإخوان]] هذه الحكومة إلى المعارضة فى حالة سقوط الوزارة


عاود الناغى الاتصال بزكى على باشا فلم يجده.
ونشاط [[الجماعة]] المقبل غير واضح ويمكن  أن نصبح مثارا للإزعاج أو حتى للخطر من زاوية طابعها الدينى المتعصب"


قال الشيخ :
زاد اهتمام بريطانيا ب[[الإخوان]] . خلال الحرب بصورة لم يسبق لها مثيل منذ إنشاء [[الجماعة]].


أنت تعلم  أنى فى الستين وصحتى لا تحتمل السهر. ولن يعود الباشا إلى بيته قبل التاسعة والنصف.  
وكان السبب فى ذلك تجربة [[الحرب العالمية الأولي]].فى تلك الحرب التى استمرت من عام [[1914]] – حتى [[1918]] كان [[سعد زغلول]] خارج الوزارة بعد خلافة مع الخديو عباس حلمى الثانى واللورد كتشير المعتمد البريطانى فى [[مصر]].


فأرجوا أن تأذن لى بالإنصراف, على أن نلتقى صباح غد:وكان غريبا أن يصر الناغى على الإنصراف حوالى الثامنة مساء ولا ينتظر تسعين دقيقة أخرى لحل مشكلة ضخمة تتعلق بتسليم السلاح , ومحطة الإذاعة السرية .  
وبعد الحرب مباشرة قام الوفد برئاسة [[سعد زغلول]] يطالب بالاستقلال وكانت ثورة [[1919]] وما جرى فيها.


والإفراج عن بعض معتقلى [[الإخوان]] وهى أمور تحدث فيها إلى رئيس الوزراء!
وخافت بريطانيا أن تتكرر تلك الثورة فى [[مصر]] ويقوم بها [[الإخوان]] بدلا من الوفد . ف[[الإخوان]] خارج الحكم ولذلك فإن [[الجماعة]] يمكن أن تقود الثورة بعد انتهاء الحرب.. كما فعل الوفد عام [[1919]] عندما كان  معارضا و[[سعد زغلول]] خارج الوزارة وهذا هو السبب الذى دفع بريطانيا إلى متابعة [[الإخوان]] عن كثب تتعرف اتجاهاتهم.
غادر الناغى الجمعية عائدا إلى بيته واستعد الشيخ [[البنا]] للانصراف فلم تكن هناك أخبار سارة لدى الناغى, ولم يكن هناك ما يدعو للإحاج على الشيخ بالحضور إلا أن يكون رئيس الوزراء – أو أحد آخر – قد أصر على استدعاء [[المرشد العام]] إلى دار الجمعية!


والغريب فى أمر السفارة أنها كانت تخشى حينا أن يثور [[الإخوان]] ضد [[الإنجليز]] وضد الوفد.... وفى حين آخر تخشى أن يستغل الوفد [[الإخوان]] للثورة ضد [[الإنجليز]]!


==قالت السفارة==
" يصبح [[الإخوان]] خطرا داهما إذا استغلتهم شخصية قوية مثل الملك. أو [[على ماهر]] أو حتى النحاس باشا


ولم يشك الشيخ [[البنا]], أو صهره عبد الكريم منصور فى الناغى , وظل عبد الكريم منصور مؤمنا بأن الناغى لا يدبر جريمة وأنه رجل برئ , وربما يكون قد كتم عن [[المرشد العام]] بعض أقوال رئيس الوزراء...
وربما يكون الوقت فى صالح [[الإخوان]] فهم يسعون إلى تحقيق إصلاحات تربوية, واجتماعية.  


وكان كل ما حمله الليثى والناغى إلى [[المرشد العام]] فى ذلك المساء... دعوة للموت!
وأخلاقية  فى الوقت الذى فقد فيه الوفد شعبيته ببطء وسيفقدها بالتأكيد . كما اهتزت سمعة زعيم الوفد [[مصطفي النحاس]] من الاتهامات حول إساءة  استغلال نفوذه .


أصر عبد ارمانيوس على ان يحتسى المخبر [[أحمد حسين]] الخمر بعد ظهر السبت 12 من [[فبراير]] [[1949]].
(.... تقصد السفارة [[الكتاب الأسود]]...)
ولم يسبق لعبده امانيوس أن وجه مثل هذه الدعوة إلى  المخبر... ولكن التفسير الوحيد رغبة الضابط فى تشجيع المخبر ليقوم بمهمة خاصة, أو أن يفقد الوعى السليم فيقوم بالمهمة الخاصة!
فى الثامنة  إلا ربعا من مساء السبت 12 من [[فبراير]] طلب العقيد محمود عبد المجيد من سائق سيارته محمد محفوظ – 38 سنة- أن يتجه إلى شارع [[عبد الخالق ثروت]] فى الثامنة مساء وأن ينتظر بالسيارة عند نادى نقابة الصحفيين قرب جمعية الشبان المسلمين ويجعل مقدمتها متجه غلى شارع [[عبد الخالق ثروت]].
قال له:
إذا جاء اثنان يرتديان الملابس البلدية وركبا السيارة فأحضرهما إلى فى فندق إيدن.


وقد اضطر محمود عبد المجيد  إلى إستعمال سيارته وكان مقررا أن يتولى المقدم محمد وصفى قائد حرس الوزارات قيادة سيارته الحكومية الخاصة للفرار بالمجرمين ولكن تعطلت سيارة وصفى فى اللحظة الأخيرة. وهكذا تدخل القدر مرة أخرى للاستدلال عن المجرمين.
وقد يأتى يوم يتصارع فيه [[الإخوان]] مع الوفد للوصول إلى الحكم طبقا لبرنامجهم. ويشكل [[الإخوان]] على المدى البعيد خطرا محتملا على الجالية الأوربية فى [[مصر]] إذا جاء يوم تتقدم فيه بريطانيا مزيدا من التنازلات إلى القومية المصرية.


شاءت المصادفات أن يمر الصول محمد زكى من إدارة المباحث الجنائية أمام مبنى جمعية الشبان المسلمين يوم 11 من [[فبراير]] فشاهد الأومباشى [[أحمد حسين]] جاد يقف أمام مبنى  الجمعية!
ومن وجهة النظر قصيرة المدى فى زمن الحرب فقد تثور أسئلة حول ما إذا كان يتعين علينا  النظر إلى [[الإخوان]] على أنهم يشكلون خطرا مباشرا.


ولم يكن محمد زكى يعرف أن [[أحمد حسين]] جاد يعاين جغرافية المكان!
ومنذ بداية الحرب لم تتدعم مكانة الجلاء كما هى الآن. ولم تتدهور مكانة دول المحور كما هى الآن.


طلب عبد الكريم منصور من صالح عوض ساعى جمعية الشبان المسلمين إحضار سيارة أجرة" تاكسى" فخرج إلى الشارع. مرت سيارة تاكسى نادى عليها فلم يسمع السائق.
وكنا نحرص بوجه عام على عدم استعداء الرأى العام المصرى  ضدنا كما تتميز علاقاتنا بالحكومة بالتفاهم التام وقد ألمح الناس إلى أن [[البنا]] منافق .  


نادى على سيارة أخرى فوقفت. سأله السائق: من سيستقل السيارة ؟
وقد نفى أنه ديماجوجى مثل [[أحمد حسين]] وان طباعه وثقافته الدينية يفضل  سياسة التطور السلمى لا العنف الذى يؤدى إلى دمار [[الجماعة]], وهناك عدة أحداث تجعل [[الإخوان]] يشكلون خطرا من جديد
أجاب : فضيلة المرشد.


ولم يبلغ الساعى صالح عوض [[المرشد العام]] أو صهره بهذا السؤال , غير العادى لسائق التاكس . واكتفى الساعى بإبلاغ عبد الكريم منصور بوصول السيارة فنزل مع المرشد, وودعهما [[محمد الليثي]] حتى الباب.
( أ) إذا تدهور الموقف العسكرى بصورة خطيرة  أو كانت خسائرنا ضخمة
لاحظ عبد الكريم منصور أن الحركة فى شارع الملكة نازلى هادئة على غي العادة والأنوار ضئيلة رغم أنه طريق لا تهدأ فيه حركة المرور.


التفت إلى الشيخ يسأله: فى أى وقت نحن الآن؟
(ب) وإذا نجح الحلفاء فى إبعاده شبح الحرب عن [[مصر]] وتركوا المجال مفتوحا أمام الصراعات السياسية المحلية فقد نواجه بمطالبة [[الإخوان المسلمين]] لنا بإنهاء النفوذ البريطانى فى [[مصر]] وجلاء قواتنا
الثامنة مساء.
(جـ) يمكن أن يؤدى أى حادث فردى مثل الحادث الذى وقع أخيرا عندما لقى طالب مصرعه بسبب تصرفات غير مسئولة للجنود البريطانيين, فتثور المشاعر . وتتحرك المظاهرات المعادية لبريطانيا ويشترك فيها [[الإخوان]].
مستحيل ... نحن فى آخر الليل!
كيف؟


ألا ترى ضجة الطريق قد همدت؟ إنك تعلق على كل شئ يا أستاذ عبد الكريم.
ورغم ذلك أحسن [[الإخوان]] التصرف فى هذا الحادث بصورة تدعو إلى التقدير.
دق جرس التليفون فى مبنى الجمعية فى تلك اللحظة بالذات طلب المتحدث  [[محمد الليثي]].
أسرع خفير الجمعية يناديه فدخل المبنى وبقى [[المرشد العام]] وصهره عبد الكريم دون أن يكون فى وداعهما  أحد.


وجد عبد الكريم منصور ثلاثة رجال يقفون على ناصية الشارع بينهم " الشرطى الذى فتشهم بعناية واستفزاز فى مجلس الدولة عندما حاول دخول  المجلس يومم نظر قضية حل [[الإخوان]].
ويجب علينا فى جميع هذه الحالات أن نأخذ فى اعتبارنا احتمالا هاما. وهو أن [[الجماعة]] قد تمتنع ككل عن الاشتراك فى الاضطرابات الآن إلا أن المتطرفين من أعضائها وهم يشكلون جزءا لا يستهان به قد يقدمون من تلقاء أنفسهم بأعمال تخريب خطيرة.
أصر الشيخ [[البنا]] على أن يبدأ عبد الكريم بدخول السيارة ثم تبعه.


ومن جديد لاحظ عبد الكريم أن التاكسى لم يتحرك فور ركوبهما. ولكنه لم يتكلم هذه المرة فقد وجد أن شكوكه كثيرة كما أن الوقت لم يتسع ليقول شيئا.
وأخيرا عندما ندرس أهمية تأمين المستقبل بالنسبة [[للإخوان]] يصبح من قليل التسرع أن نتجاهل تماما ثورة عام [[1919]] ويصبح من قبيل التسرع أيضا أن نهتم بها أكثر مما يجب.  


أدار سائق التاكسى على محمود نفادى مفتاح البنزين.
زمن ثم فالمصريون جميعا يحركهم السخط على الاحتلال العسكرى الذى دام 4 سنوات لم تنل أمانيهم القومية خلالها أى قدر من الاهتمام بل تعرضت حرياتهم الشخصية وممتلكاتهم ومشاعرهم للامتهان.
وقبل أن يحدد الشيخ [[البنا]] وجهته تقدم رجل يرتدى الملابس البلدية ويضع شالا حول عنقه ويبدو ملثما لإخفاء شخصيته.فتح  الرجل باب السيارة من الجهة التى يجلس فيها [[المرشد العام]] وأخذ يطلق عليه النار.
نام المرشد فى أرض السيارة مخفيا رأسه بيديه لتفادى الطلقات المتتالية . ففتح الرجل الباب وأخذ يطلق الرصاص مرة أخرى على اشليخ [[البنا]].


وجاء رجل آخر يلبس جلابية بيضاء وبالطو " وتلفيعة" فوق رأسه من ناحية عبد الكريم منصور الذى حاول فتح الباب فقاومه الرجل ليمنعه من الخروج . هشم المعتدى زجاج السيارة وطالت المقاومة بينه من الخارج ., وعبد لكريم منصور من الداخل ثم بدأ الرجل يطلق الرصاص على السيارة وعلى عبد الكريم.
وشهدت البلاد ارتفاعا فى أسعار القطن جعل الفرحين مهيئين للإستجابة إلى دعايات الأفراد المعادين لبريطانيا فى المدن. ولكن عادت الأوضاع ما هى عليه مع حدوث انخفاض فى أسعار القطن.
سمع السائق طلقات الأعيرة النارية ورأى الرجل الملثم يضرب زجاج السيارة فيتحطم.


ومن ناحية نجد أن البلاد تديرها حكومة من اختيار أبنائها تقريبا أى حكومة الوفد وعلى الرغم من نقص المواد التموينية فإن معاناة الشعب قليلة نسبيا ورغم تعرضنا لبعض المشاكل بسبب وجود مئات الألوف من قواتنا فى [[مصر]] والعادات المصرية الصعبة وما يتميز به المصريون من تهور واندفاع فإن هذه المشاكل ليست على درجة كبيرة من الخطورة.


أوقف محمود نفادى السيارة واستقر – من خوفه – فى " الدواسة" وأصابته حالة إعياء شديدة. ولم يدر بما يجرى حوله,
والعوامل التى أفروت أحداث [[1919]] ليست موجودة حاليا بنفس الدرجة الماضية وقدرتنا الآن أفضل على التنبؤ بأى احتمال لتدهور لموقف فى بدايته واتخاذ الخطوات الكفيلة بوقف هذا التدهور وإزالة بعض أسبابه".


ظن أنه مصاب ... وصوت يقول:
ولعل أهم مافى هذه البرقية الإشارة إلى أن المتطرفين من [[الإخوان]] قد يقومون بأعمال تخريبية خطيرة من تلقاء أنفسهم, وهو ما حدث عام [[1948]] والسنوات التالية!


لا إله إلا الله. سمع الطلقات أصحاب المحال التجارية فى الشرع فأغلقوا محالهم واحتمى المارة بلمقهى المجاور. أسرع الليثى على صوت الطلقات إلى الشارع دون أن يجيب التليفون وأخذ يصرخ:
وتلوح نهاية الحرب فى الأفق بعد انتصارات الحلفاء على المحور . وتبدأ المخابرات البريطانية فى رسم صورة لمستقبل العلاقات بين الوفد و[[الإخوان]].


امسك ... امسك.
قالت فى 25 من [[يوليو]] عام [[1944]]. قبل 3 شهور من إقالة النحاس " يحتمل أن يبقى [[البنا]] ملتزما بالهدوء نسبيا طالما ظل الوفد فى السلطة وسيركز على الإفادة من ميزة الحرية التى يتيحها النحاس ليجعل من جماعته القوة بالفعل جماعة أكثر قوة.


أطلق عليه أحد الرجلين عيارات ناريا ثم تبعه بآخر فأسرع الليثى يدخل مبنى الجمعية مرة آخر بينم ارتفع صوت رجل يقول:
القرار فى حشد قوتها للدفاع عن قضية الوفد وفتحت مئات المقار التابعة لها فى جميع أنحاء البلاد.


حوش  .... حلق.
وبالرغم من تحالفها المعلن مع الوفد كانت سياستها تهتم بأمور دينية بحتة وتساند [[الجماعة]] الحكومة بصورة غير مباشرة عن طريق  تأكيد اهتمامها بالقضايا ذات الطابع الدينى وقلقها بشأن اوضاع العرب المسلمين.


رأى الليثى شخصا آخر يلاحق الجانى فظن أنه يطارده.
ويقال إن [[الجماعة]] تتقاضى إعانة من الحكومة على إصدار صحيفتها بصورة منتظمة.


وكتن محمد محفوظ سائق العقيد محمد عبد المجيد يقف بسيارته السوداء فى المكان القريب المحدد فجاء [[أحمد حسين]] جاد وشخص آخر يدعى مصطفى فاستقلا السيارة ورآها [[محمد الليثي]]  تسرع بهما بعيدا عن المنطقة كلها.
ويصعب التنبؤ بمستقبل نشاط مثل هذه [[الجماعة]] فى حالة تغيير الحكومة طالما أنها مستعدة للمزايدة على ولائها لمن يدفع أكثر"!


بعد صدمة الطلقات الأولى تجمع لناس فوقف الضابطان حسين كامل وعبده أرمانيوس  يصرخان:
فى [[أبريل]] تنهمر رسائل الاحتجاج من أعضاء [[الإخوان]] على السفارات الأجنبية احتجاجا على الإجراءات التى اتخذت لصالح [[اليهود]] فى [[فلسطين]]. ومنح الجنسية الفرنسية لطبقات معينة من الجزائريين.
[[قنا]]بل... [[قنا]]بل.


تفرق المحتشدون.
وتتلقى المفوضية الأمريكية التى لم تكن قد تحولت إلى سفارة – 320 رسالة فى هذا الشأن خلال يوم واحد.


وفى الوقت نفسه جلس على مقهى بلدى أمام جمعية الشبان المسلمين الجاويش محمد سعيد إسماعيل والمباشى حسين محمدين رضوان بملابسهما الرسمية ليتسلما القاتلين بوصفهما من رجال الشرطة إذا قبض على الجمهور  عليهما ويطلقا سراحهما بعد ذلك. أسرع الليثى إلى التليفون ليجد السماعة مرفوعة
وتلاحظ المفوضية أن الرسائل وردت من 70 مركزا [[للإخوان]] فى [[القاهرة]] و143 مركزا فى الأقاليم.وكتبت كل رسالة بأسلوب مختلف
رد على المتحدث فغذا به المقدم محمد الجزار.


قال الليثى بتاثير المفاجأة: الشيخ حسن اصيب بالرصاص.
وبعث [[البنا]] إلى القائم بالأعمال الأمريكى يقول:


لم تهز المفاجأة ضابط القسم السياسى ولم يسأل من هو الشيخ حسن, ولم يبد دهشته بل جاء سؤاله صدمة الليثى. نطق الجزار بكلمة واحدة: مات؟
" يحتج [[الإخوان المسلمون]] والعالم الإسلامى على الموقف الأمريكى فيما يتعلق ب[[فلسطين]] وهم يتوقعون إعلانا صريحا يهدىء المشاعر  ويضمن للعرب وطنهم".


امتعض الليثى . قال  : لا أعرف.
وتستخدم [[الجماعة]] الوفد حالا لتحقيق أغراضها الخاصة وبذلك يمكن أن تصبح السيطرة على [[الجماعة]] أمرا مستحيلا وتكون مصدرا كبيرا للقلق والاضطرابات


وألقى بسماعة التليفون.... رغم الرقابة البوليسية  الكثيفة التى تحيط بالشيخ [[البنا]] فغن صوت  الأعيرة المتلاحقة لم يحرك نظر أحد من رجال الشرطة الذين يراقبون [[المرشد العام]] مراقبة دقيقة.
'''ويبدو أن الوفد بدأ ينتبه إلى ضرورة الحذر'''
ولم يظهر أحد من رجال الشرطة المعنيين عند الجمعية الشبان المسلممين أو  مصلحة المجارى القريبة.
ولم يقبل شرطى واحد مستفسرا أو تلبية للإستغاثة.


ولاحظ زكى عبد التواب عضو جمعية الشبان المسلمين وقوف ثلاثة جنود لا يتحركون عن مصلحة المجارى القريبة فقال لهم:
وتعمل [[الجماعة]] حاليا على زيادة عدد أعضائها اعتمادا على مساندة الوفد ومن غير المحتمل أن تحل [[الجماعة]] محل الوفد. وخطر [[الإخوان]] ليس مباشرا وحقيقيا. وربما يكون خطرا محتملا فى المستقبل".


يبقى فيه ضرب رصاص وماتتحركوش.
ويكتب سكريفنر رئيس القسم المصرى بوزارة الخارجية إلى مركز مخابرات الشرق الأوسط قائلا:


قال أحدهم: هو فين الجانى واحنا نجرى وراه. وأضاف : ياشيخ روح على بيتكم!
" لا يوجد ما يدعو للاهتمام الجدى بأعضاء  هذه [[الجماعة]]"!


لم يكد صوت الرصاص يتوقف حتى اندفع الشيخ [[البنا]] خارج السيارة وكأنه فى كامل صحته وعافيته يتعقب الجناة ولكنهم فروا هاربين فعاد إلى مبنى الجمعية وهو يصيح:
ويطلب [[البنا]] مقابلة السفير البريطانى فيعتذر عن ذلك بلباقة وتحذر السفارة البريطانية لندن مرة أخرى من [[النظام الخاص|الجهاز السرى]].


- قتلت .. قتلت... هاتوا الإسعاف.
قال تقرير للسفارة البريطانية فى 25 من [[فبراير]] [[1944]]:" كونت عناصر معينة من كتائب [[الإخوان]]  فرقة انتحارية.


- وحاول الوصول إلى التليفون ولكن قواه خانته. فعاد إلى السيارة بعد أن تركت دماؤه آثارها على مكان الخطوات التى قطعها فى الطريق وداخل الجمعية.
و[[البنا]] له كتيبته الخاصة من 40 رجلا يختارهم بنفسه ,أصبحت [[الجماعة]] خطرا محتملا لا يمكن أن نسقطه من حساباتنا بسبب طابعها العسكرى والمعادى للأجانب . وبسبب التقارير التى تفيد بأنهم يحتفظون بكميات  كبيرة من الأسلحة فى جميع أنحاء البلاد ويمكن استخدامها عند الضرورة"


جلس الشيخ فى السيارة بجوار صهره الذى لم يستطع الحركة بسبب غصابته .
ويصف كيرك الوزير الأمريكى المفوض تأييد [[الإخوان]] لوفد فيقول فى برقية رقم 142 بتاريخ  13 من [[مارس]] [[1944]]:


صرخ عبد الكريم . أين السائق؟
" بعد أن كانت جماعة [[الإخوان المسلمين]] فى المعارضة تحت رقابة صارمة  اتخذت أسلوبا جديدا فى ممارسة نشاطها بناء على قرار من زعيمها [[البنا]] ... تمثل هذا أغلبية فالوفد لم يقدم برنامجا للمستقبل ولا يقدر على تبنى أية حركة إصلاحية ك[[الإخوان]].
قيل له :


اصيب!
و[[الإخوان]] أكبر مجموعة مؤثرة فى [[مصر]] . التى تقف على أبواب مرحلة خطيرة تشبه الفترة التى مرت بين عامى [[1919]] و [[1928]] و[[الإخوان]] يمثلون خطرا داهما للتطرف.


طلب شخصا آخر يقود السيارة ولكن السائق لم يكن قد اصيب بل راح فى غيبوبة مؤقتة فلما أفاق  قاد السيارة إلى جمعية الإسعاف القريبة
وقد وصل عددهم إلى ربع . أو نصف مليون نسمة ودعوتهم الموجهة إلى الشباب المثقف أكسبتهم تأثيرا يفوق ذلك الرقم . وبرنامجهم بلا شك مجرد غطاء لمشاعر معادية للغرب.


قال الشيخ [[البنا]] عقب وصوله للإسعاف : الحقنى يادكور.
وسنربطهم أهداف الإصلاح الدينى الاجتماعى بالقيادات الإسلامية التى تحظى باحترام شعبى وتوثق علاقاتهم بعدد من الدوائر السياسية


وأضاف:
وغذ تقترب [[مصر]] من تحقيق استقلالها فإن الغرض من وجود الوفد قد انتهى من الناحية العملية.ومن المحتمل أن تتمكن حركة إصلاحية مثل [[الإخوان]] من إلغاء وجود الوفد أو احتوائه.


مفيش فايدة أنا حا أموت.
وليس فى إمكاننا التغاضى عن هذه [[الجماعة]] نستكشف وجهات نظرها وندعو لإضفاء طابع أكثر تحررا على برنامجها.وربما نستطيع توجيه [[الإخوان]] . فى الطريق الذى نراه صحيحا بالنسبة ل[[مصر]] وجاراتها والإمبراطورية  البريطانية.


ورغم ذلك ظل [[البنا]] متماسكا لقواه يساعد الطبيب فى رفع ثيابه الخارجية للكشف عن موضع الجراح.
ومن المرغوب فيه أن نوضح للنحاس باشا أننا لا ننافسه فى ود [[البنا]] ولكننا فقط نسعى للحصول لى معلومات"!
وجده طبيب الإسعاف الدكتور محمد طلعت طه فى حالة سيئة والدماء تنزف منه بغزارة. فضمد جراحه لوقف النزيف بينما نطق الشيخ بالشهادتين قائلا: إن الله حق !


استقل الليثى سيارة الإسعاف إلى القصر العينى مع [[المرشد العام]] وصهره ومتطوع من الإسعاف اسمه مصطفى محمد مصطفى.
رد تيرينس شون القائم بأعمال السفير البريطانى فى [[القاهرة]] يوم 10 من [[أكتوبر]] يقول:" ربما يصبح [[الإخوان]] قوة سياسية خطيرة إذا قام تعاون حقيق طويل بينها وبين الوفد أو تلقت منه دعما كبيرا.ودعم الجوالة. وتدريب أعضائها تدريبا شبه عسكرى بأسلحة نارية!


أثناء الطريق إلى المستشفى كان [[المرشد العام]] يواسى صهره الذى يصرخ ألما قائلا:
واتفق الوفد و[[الإخوان]] على أن فى التقارب فائدة سياسية لكل منهما! ولكن [[الإخوان]]  لم يقطعوا اتصالهم بالمعارضة
لا تخف إصابتى بسيطة.


أراد عبد القوى محمد عمارة كاتب الإستقبال فى القصر العينى قيد أسماء المصابين فلما عرفه عبد الكريم شخصية [[المرشد العام]] للإخوان سمح لهما بالدخول فورا إلى حجرة العمليات.
'''قالت السفارة البريطانية'''


بحثوا عن الطبيب المنوب فى قسم الجراحة وهو الدكتور على السباعى حسنين فى داره ولكن تبين أنه يوجد فى مقهى ب[[مصر]] الجديدة
" اتسم موقف [[الإخوان]] من المعارضة بالتسامح والمهادنة لم ير قادة [[الجماعة]]  آية فائدة تعود عليهم من وراء الوقوف ضد أحزاب المعارضة أو تأييدها فإن  [[الأحزاب]] ليست على درجة كبيرة من القوة بحيث ينظر إليها كخصم سياسى له شأن .


ارسلت إدارة المستشفى فى طلبه فلما جاء أخذ فى علاج [[المرشد العام]] بمساعدة ممرضة عثروا عليها أخيرا إسمها منى جمعة.
ورغم أن القصر أفاد من جهود [[الجماعة]] منذ نشأتها تقريبا فإنه  قطع إعانته المالية عنها بسبب تنازل [[البنا]] عن ترشيحه ضد الوفد ولا يبدو حاليا سوى تفاهم محدود بين القصر و[[الإخوان]].


طلب [[المرشد العام]] البدء بصهره الذى نقل إلى غرفة أخرى . وكان الشيخ [[البنا]] فى حالة معنوية قوية. لم يبد عليه وهن أو ضعف مما يشير إلى أن حالته ليست خطيرة وعلاجه ممكن وميسور.
وكان عنصر المبادرة فى أى تحركات لدعم العلاقات بين [[الإخوان]] والقصر يجئ بصفة عامة من جانب القصر" وفى هذه البرقية اعتراف من السفارة بأن القصر هو الذى يسعى للتقارب من [[الجماعة]] وليس العكس
تبين أن [[المرشد العام]] اصيب بسبع عيارات نارية بينما أصيب عبد الكريم برصاصتين ولكن حالته خطيرة فلما سألأه الطبيب عن عنوانه لم يستطع الإجابة استدعى طبيبان كبيران هم الدكتور عبد الله الكاتب والدكتور محمد حسنى الزينى للإشتراك فى علاج الشيخ وإجراء عملية جراحية له. ولكن عندما جاء رئيس النيابة لسؤاله رأ÷ فى حالة صحية سيئة ولا يمكن استجوابه.


ابلغ رئيس الحركة لجمعية الإسعاف قسم الشرطة الأزبكية بالحادث فى التاسعة إلا ربعا قائلا:
ويطلب مركز المخابرات السياسية البريطانية فى الشرق الأوسط من لندن . فى 19 من [[يوليو]] و4 من [[سبتمبر]] [[1943]] إقامة اتصالات مستمرة غير رسمية بين [[الإنجليز]] والشيخ [[البنا]].
سائق لتاكسى يريد الهرب.


طلب الرائد عمر هلال مأمور القسم  الإمساك به ومنعه من الفرار.
'''قال المركز'''
وتبين – بعد ذلك – أن السائق " بلديات " محمود عبد المجيد .. وقد باع السيارة بعد الجريمة  مبررا ذلك بتشاؤمه منها!


وكان عمر هلال أول ما انتقل إلى مقر الجمعية من رجال الشرطة. عاين التاكسى فوجد أن عداده سجل 16 قرشا. ولا يزال العداد يعمل ! ووجد بأرض السيارة مسبحة الشيخ [[البنا]] من 99 حبة!
علينا أن نستمر فى تأييد الوفد باعتباره أكثر الهيئات تمثيلا ل[[مصر]] ونوجهه بكياسة على ضوء تجاربنا ولكن علينا أن نقيم علاقة قوية وغير رسمية مع [[البنا]] زعيم ثانى الجماعات تمثيلا لشعب فهم أفضل الجماعات تنظيما بعد الوفد. وقد يحلون محله كحزب
وصل إلى مقر الجمعية رجل يرتدى الملابس المدنية يسأل فى لهفة : أين ذهب الشيخ [[البنا]]: قيل له: القصر العينى . انصرف الرجل فورا..


وشاهد الليثى خارج غرفة العمليات, ذلك الرجل وهو يقول للأطباء
ويعلن أحد الوزراء أنه يريد أن يكون جنديا فى جيش [[البنا]] الجرار!
جئت من قبل الحمكدار للإستفسار عن حالة الشيخ [[البنا]]. وحاول دخول الحجرة فمنعه الأطباء مما اضطره للبقاء خارجها.


أبلغه الليثى برقم السيارة التى استخدمها الجناة فى الهرب. نظر إليه الرجل بسخرية وانصرف دون أن ينطق بحرف.
ويكون بين الحاضرين الوزير محمود سليمان غنام ومحمد صلاح الدين سكرتير عام مجلس الوزراء – وزير الخارجية فى وزارة الوفد التالية – وبعض النواب والشيوخ.


وكان الليثى يظن أنه بإبلاغ أحد المسئولين بهذا لرقم سيساعد على كشف حقيقة ويعجل بالوصول إلى القتلة.
ويصبح وزراء الوفد الأربعة أعضاء شرف فى جماعة [[الإخوان]]!


ولم يدرك – حينئذ – أنه يواجه أفراد عصابة التى دبرت قتل الشيخ [[البنا]]!
ويخطب [[البنا]] فى حضور الوزراء قائلا بشجاعة:
لم يكن يعرف أ،ه يتحدث إلى المقدم محمد وصفى قائد حرس الوزارات وأنه, بذكر رقم السيارة أمامه, هز أركان المؤامرة وألقى الرعب فى قلوب المتآمرين.


وكان كل ما يسعى إليه الليثى أن يعرف المسئولون رقم السيارة ليعجلوا  الوصول إلى القتلة.
" يظن بعض الناس أن [[الإخوان]] هيئة مصنوعة صنعتها أيد وأهواء لتنال من الوفد أو من غيره. فتنتصر لحزب على حزب أو تظاهر قوما على قوم, وذلك وهم لا أصل له.  وباطل لا خير فيه".
ولكن وصفى دخل حجرة التعليمات بدعوى معرفة حالة الشيخ [[البنا]] وأسرع يبلغ رقم السيارة لعبد الرحمن عمار وكيل وزارة الداخلية!


فى الثانية عشرة والربع بعد منتصف الليل , مساء 12 من [[فبراير]] [[1949]]  مات لمرشد لاعام رغم أنه كان فى حالة طيبة عند دخول المستشفى.
'''قالت المخابرات البريطانية'''


" سر تحالف [[البنا]] مع الوفد سيئ السمعة يرجع إلى خوف [[المرشد العام]] من اجراءات قمع تتخذها الحكومة ضد [[الجماعة]] كما يتطلع إلى المستقبل.


قال الأطباء إنه توفى متأثرا بجراحه. وقال [[محمد الليثي]] إن الشيخ [[البنا]] قتل فى القصر العينى.
فعندما أسس [[الجماعة]]. أعلن أنه يلزمها 15 سنة لتصل إلى مرحلة النضج ولكن ها قد انقضت تلك السنون ولم تصبح [[الجماعة]] قوية كما كان يأمل.
وقال عبد الكريم منصور إن إدارة المستشفى أهملت فى اتخاذ ما يلزم لانقاذ الجريح.


وقال [[الإخوان]] إن الدكتور حجاب مدير مستشفى القصر العينى ساعد على ذلك فهو زوج شقيقة الدكتور [[يوسف رشاد]].ولكن أحدا لم يسأل الدكتور حجاب , أو يحقق معه!
وحتى تتطور [[الجماعة]] وتنمو بغير اضطراب . فإنه من الضرورى أن يصل إلى اتفاق مع الوفد بحيث لا يمكن لهذا الحزب الاستغناء عنه يكون الوفد مستعدا لمعارضة أى طلب للإنجليز باتخاذ إجراءات ضد [[الجماعة]].
وقال محمد وصفى للماجور سانسوم ضابط أمن السفارة  البريطانية:


ساعة نقل الشيخ [[البنا]] إلى المستشفى لم تكن بها, فى النوباتجيات أية ممرضة وكان كل الممرضين من الرجال.
وكانت مهنة [[البنا]] الأولى إقناع أنصاره بحكمة مساندة الوفد فقد انتقده الأعضاء بشدة لأنه يساند نظاما فاسدا. وانفصل عنه كثير من أتباعه وبدا كما لو أن [[المرشد العام]] ارتكب خطأ ضخما.
ويوجد دائما طبيب نوباتجى يمكن استدعاؤه لإسعاف الحالات العاجلة ولكنه لم يكن بالمستشفى فى تلك اللحظة.


وعندما وصل الشيخ [[البنا]] إلى القصر العين كانت دماؤه قد نزفت حتى أوشك على الموت.
ولكن [[البنا]] استطاع ببطء وثبات . استعادة أنصاره" كثف [[البنا]] جهوده لزيادة شعبية [[الجماعة]]  وضم مزيدا من الأعضاء


وقال محمد حسن الأمين الخاص للملك فاروق فى التحقيقات التى جرت بعد الثورة:
== بداية الاغتيالات ==


سمعت محمد وصفى وهو يتحدث إلى أحمد كامل قائد شرطة القصر الملكى ويقول له" بعد إصابة [[البنا]] رحت المستشفى لأخلص عليه إذا كان حيا:
أصدر [[مكرم عبيد]] [[الكتاب الأسود]] فى 29 من [[مارس]] [[1943]] متضمنا وقائع عن فساد الوفد. فرأى مركز المخابرات البريطانى فى [[مصر]] " أن الأمل فى إحياء القيم الأخلاقية فى [[مصر]] يعتمد على [[الإخوان المسلمين]]"!
ويخطب [[البنا]] فى [[أبريل]] [[1943]] فيعلن أن " نظام الحكم فى [[مصر]] كله عفن ويحتاج إلى اعادة تنظيم شاملة يلعب فيها [[الإخوان]] دورا بارزا".


وقال  الشيخ [[عمر التلمساني]] إن [[البنا]] قتل بالرصاص وبغير الرصاص وأن الملك أمر بأن يترك فى المستشفى بلا علاج, ليموت, وإن صاحب الجلالة ذهب إلى المستشفى ليراه قتيلا!نقل الجثمان إلى مشرحة زينهم حيث قام يتشريحه الأطباء الشرعيون الدكاترة محمد توفيق وأحمد شكيب و[[أحمد حسين]] سامى وكيل وزارة العدل المساعد للطيب الشرعى.
ويخشى النحاس, هذه المرة أن يؤيد [[الإخوان]] [[مكرم عبيد]], وأن يتضامنوا معه مستغلين [[الكتاب الأسود]], فيسعى النحاس مرة أخرى, وإلى الحصول على تأييد [[الإخوان]] والتحالف معهم فليغى قرار إغلاق شعب [[الجماعة]] ويسمح [[للإخوان]] فى 8 من [[مايو]] بعقد مؤتمراتهم.


وجد الأطباء أن الجسد اخترقته  7 أعيرة نارية وأن الوفاة حدثت نتيجة النزيف من 4 أعيرة.
وتستفيد [[الجماعة]] من جديد بهذه الفرصة السانحة لتحقيق مزيد من الانتشار.


وفى التحقيقات التى جرت بعد الثورة قال الدكتور [[يوسف رشاد]] الذى يعمل كبيرا لأطباء اليخوت الملكية منذ عام [[1941]].
'''قالت السفارة''':
 
- سمعت من زميلى الدكتور أحمد شكيب الطبيب الشرعى الذى أجرى  الصفة التشريحية للجثمان أن [[البنا]]  ترك ليموت بالنزيف من شريان وكان يمكن إنقاذ حياة [[البنا]] بمبضع بسيط لو أنقذ, واسعف, فى حينه!


==الزيف==
" أبلغ [[البنا]] [[الإخوان]] بعدم انتقاد الوفد وقال فى أكثر من مناسبة إن [[الكتاب الأسود]] وثيقة مضللة وبأمل ألا يتأثر بأكاذيبها أحد"!


أطل زكى عبد التواب الكاتب بإدارة المباحث الجنائية بوزارة الداخلية وعضو جمعية الشبان المسلمين من نافذة الجمعية بعد سماعه صوت الطلقات التى أطلقت على الشيخ  [[البنا]] فرأى أحد المخبرين الثلاثة المنتدبين بالإدارة يقف بجوار سيارة تاكسى!وراى الليثى الجناة يهربون فى سيارة ليموزين سوداء كبيرة ولكنه لم يستطع التقاط رقمها.
ويزو أربعة من وزراء الوفد [[المركز العام]] [[للإخوان]]  فى الشهر نفسه [[مايو]]  [[1943]] للمصالحة والتعريف على قوة [[الإخوان]].


وفى عيادة جمعية الإسعاف تقدم شباب أسمر يرتدى جلبابا وطربوشا إلى [[محمد الليثي]] وذكر له رقم السيارة وهو:"9979 ملاكى [[القاهرة]].
ويشهد وزراء الوفد فى ذلك اليوم اجتماعا يخطب فيه سراج الدين وعبد الحميد عبد الحق وأحمد حمزة , ويبدون علانية إعجابهم بأفكار  [[الجماعة]].


قال الليثى للولد الأسمر : تعالى اشهد معنا.
أصدر النحاس باشا فى أواخر [[يناير]] من عام [[1943]] قرارا بحظر جميع اجتماعات [[الإخوان]] باستثناء تلك التى تتم فى مقرها الرئيسى بالحلمية الجديدة ب[[القاهرة]] بعد أن وصلته تقارير تفيد بأن مقار [[الجماعة]] فى الأقاليم متورطة فى أنشطة سياسية وتقوم بدعايات معادية للوفد.


قال : ماليش دعوة . أنا بأقولك الرقم . عاوز تأخذه خده. مش عايز أنت حر . ويرى الليثى أن هذا أفضل عمل قام به الشاب وهو الاختفاء لأنه كان يمكن أن ينفى أمام لمحقق أنه رأى رقم السيارة أو يغير هذا الرقم.
'''وصدرت التعليمات بإغلاق فروع [[الجماعة]] فى الأقاليم'''


كتب الليثى الرقم على علبة سجاير وجدها على الأرض.


ورأى كل من زكى عبد التواب ومحمد عثمان ومحمود جبر  من موظفى الشبان  السمر يصيح برقم السيارة ولنهم امتنعوا عن ذكر هذه الحقيقة.
ويفسر الشيخ [[عمر التلمساني]] موقف الوفد قائلا:" تولد إحساس لدى الوفد بأن [[الإخوان]] يسحبون  بساط الأغلبية والشعبية من تحت أقدامه , وأنهم ينافسونه فى مجال اجتذاب الشباب فقد تسلل كثير من شباب الوفد إلى صفوف [[الإخوان]].


كما خاف زكى عبد التواب أن يذكر رؤيته للمخبر أمام التاكسى ساعة  وقوع الجريمة... ولم يتكلم إلا بعد قيام ثورة [[يوليو]] وعندئذ تقدم الجميع للشهادة!
وقد سبب الانتشار السريع لتشكيلات [[الجماعة]] وشبها قلقا بالغا لدى زعماء [[حزب الوفد]] وسرعان ما تحرك هذا القلق فى اتجاه الصدام مع [[الإخوان]]".
بعد وفاة [[المرشد العام]] عاد الليثى  إلى مقر الجمعية الشبان المسلمين فى انتظار التحقيق فوجد الجمعية محاصرة بالشرطة.


أخذ يروى التفصيلات.
وقال:


وردد رقم السيارة لكل من قابله من أعضاء الجمعية ورجال الشرطة والصحافة.
" إن ترمومتر العلاقة بين [[الإخوان]] والنحاس كان مرتبطا ب[[الإنجليز]]".


وجاءه الضابط مصطفى حلمى يستدعيه إلى التليفون فسمع الرائد محمد الجزار – 36 سنة ضابط مباحث أمن الدولة الذى أخذ يسدى إليه النصح بألا يذكر رقم السيارة ولا يزج بنفسه فى الشهادة التى تؤدى به إلى متاعب  كثيرة . وكان واضحا أن كل ما قاله الليثى عن رقم السيارة سواء  لمحمد وصفى أو داخل مبنى الشبان المسلمين قد نقل غلأى الجزار.
وقد التزم [[البنا]] بنصيبه من الاتفاق بالامتناع عن توجيه النقد الاستفزازى للحكومة رغم أن موقعه الفكر من مبادئ الوفد لم يتغير .
قال له:


سأرسل عربة تعيدك إلى بيتك. ولكن الليثى رفض وأنهى الحديث
أما الوفد فما زال ينظر إلى أنشطة هذه [[الجماعة]] بعين الشك ويحرص على القيام بالمراقبة الدقيقة لها"
وتبقى العلاقات بين الطرفين متقلبة لا تستقر....والهدنة لا تدوم.


وجاء ضابط يستدعى الليثى مرة أخرة لمقابلة شخص خارج الجمعية ولم يكن هذا الشخص سوى محمد الجزار نفسه  أخذ يهنئه بالنجاة قائلا: كان يمكن أن تقتل أيضا أيضا.
== وتراقب السفارة . لأول مرة . [[النظام الخاص|الجهاز السرى]] [[للإخوان]]==
وسأله :
ولكن السفارة لا تستطيع أن تحدد طبيعة الجهاز . دوره . وأعضائه بل تكتفى بالإشارة إلى أن [[الجماعة]] فى تسليح أعضائها.


ماذا تنتظر ... انصرف سالما
وقال تقرير السفارة البريطانية فى 2 من [[ديسمبر]]:" تجمعت لدينا على مدى 3 سنوات تقريبا تقارير هائلة عن وجود خطط يضعها [[الإخوان]] للتخريب والقيام بعصيان مسلح.


قال الليثى: لقد أبلغت النيابة إنى أعرف رقم السيارة.
ولا توجد من الناحية الفعلية آية أعمال تخريبية أو اضطرابات معادية لبريطانيا على نحو خطير.وقد يكون [[الإخوان]] أكثر جرأة فى تفكيرهم عن المصريين العاديين ولكن لا يوجد دليل على أنهم يستعدون للتضحية بأرواحهم.


قال الجزار: لا نهتم بالإجراءات . انصرف ولن يستدعيك أحد. ولن يحقق معك أحد. وأضمن لك ذلك.
لقد ظل المصرى معروفا على مر العصور بأنه يمكن أن يقوم بتمرد عندما ينفذ صبره تماما ولكنه فى الوقت نفسه ليس بالإنسان يقبل على تعريض حياته للخطر.
لقد توفى الشيخ [[البنا]]. ولم يبق إلا شاهد واحد ... أنت !


وأخذ يردد بلهجة كلها تهديد:
إنه يخضع رغما عنه. ويظل يخطط للانتقام وإسالة الدماء إلى مالا نهاية واضعا أمله على الظروف الخارجية فى تغيير الأوضاع لصالحه"


للشيخ أكثر من خصم, هم قادرون على الثأر ممن يعينون على ضبط الجناة فى الحادث وإنى مشفق عليك من الاعتقال ل ألك صلة بالنبال إنه رجل كان يهدد أمن الدولة والحكومة والملك والمواطنين. لقد انتهى أمر جماعة [[الإخوان المسلمين]] بقطع رأس الثعبان.
و[[الإخوان المسلمون]], فى اتجاههم العام يعتقون أفكارا اشتراكية ديمقراطية. ومن الممكن أن نتصور أنهم قد يصبحون يوما ما حزبا عماليا يعارض الوفد وأحزاب المعارضة الصغيرة التى تتكون فى معظمها من الأثرياء.


أذكر رقما آخر للسيارة يختلف عن الرقم الحقيقى .
ولا أحد يعرف عل وجه الدقة العدد الحقيقى لأعضاء [[الجماعة]].


وألح على الليثى فى ذلك
وتقدره مصادرنا بما يتراوح بين 100 ألف و200 ألف عضو ولكن مسئولا كبيرا بالشرطة المصرية يضاعف هذا الرقم كثيرا ويصل به إلى 500 ألف".


قال الليثى: ذكرت الرقم للصحفيين. أخذ الجزار يطمئنه قائلا:
وتكشف السفارة خطة [[الإخوان]]. قالت:" [[الجماعة]] تتحاشى الصدام معنا. ومع الحكومة الوفدية, بينما تستمر فى تدعيم قوتها. ولا يعقل أن يعرض [[الإخوان]] مستقبلهم للخطر عن طريق القيام بعمل مندفع , غير عاقل , عندما تلوح أمامهم فرصة ورئيس الوزراء عازم على التصدى لجميع أشكال العصيان المدنى, ولديه القدرة على ذلك".قال أمين عثمان وزير المالية للسفير البريطانى:


لا تهتم بذلك.
- ينتشر [[الإخوان]] فى جميع أنحاء البلاد وعددهم يفوق جميع أحزاب المعارضة الرسمية من حيث شعبيتهم وقوتهم ولا يمكن مقارنتهم فى هذا العدد إلا بالوفد نفسه والغالبية العظمى منهم يتميزون بالإخلاص.  


قال الليثى :
- وكن أمين عثمان على حق فيما يقول فإن [[المرشد العام]] كان مقتنعا بضرورة ان يكتمل جيل [[الإخوان]] الأول.. الجيل المستمع.. أو جيل التكوين..


أشعر بمسئوليتى الأدبية  فقد استدعيت الشيخ [[البنا]] إلى مقر الشبان لامسلمين وسألتهم بالإشتراك فى الجريمة.
- ويكتب السفير:


ظل الجزار يضيق الخناق عليه وأخذ منه الورقة التى كتب فيها الرقم الصحيح وقال له:
- تتخذ العلاقات بين [[الإخوان]] والوفد شكل الهدنة من  الناحية الفعلية ومن المفيد بالنسبة [[للإخوان]] أن يحتفظوا بعلاقات طيبة مع الوفد.


هات يدك واقرأ الفاتحة وسأفرج لك عمن طلبت الإفراج عنهم من [[الإخوان]] المعتقلين.وأراد الليثى التخلص من الضغط وضعفت  أعصابه نتيجة احداث متتابعة طوال اليوم وبالذات خلال لساعات الأخيرة فقال:
وطالما أن العارضة من شأنها أن تؤدى إلى إغلاق مقارهم, واعتقال قادتهم, وإلحاق أضرار جسيمة بمستقبل [[الجماعة]].


- لا أستطيع التغيير الكلى, ولكن يمكننى التشكيك فى صحة الرقم بأن  أذكر  رقما مقاربا.
" بعض الوفد أن [[الإخوان]] يستغلون [[حزب الوفد]] لمصلحتهم وأنهم يميلون الآن إلى تأييد الملك.


- وقال الليثى – بعد ذلك – معزيا نفسه:
وتوجد أدلة وقع فى معمل تكرير [[السويس]] التابع لشركة البترول الإنجليزية المصرية من تدبير اثنين من أعضاء [[الجماعة]] لا يعملان فى الشركة وتم تكوين تنظيمات جديدة للإخوان تتزايد قوتها وتأثيرها باستمرار فى جميع أنحاء البلاد.


- لو لم أقل ذلك لقتلت فى ذلك اليوم أرضا وتعذر القبض على القتلة فقد  كنت الشاهد الوحيد!
وقطع القصر إعانته عن [[الجماعة]] بعد انسحاب [[البنا]] من الانتخابات ثم استأنف القصر تقديم هذه الإعانة ى [[ديسمبر]] [[1942]] وخفت تدريجيا المعارضة التى سادت صفوف [[الإخوان]] واستعاد [[البنا]] سيطرته على الحركة"


- عاد الليثى إلىى جمعية الشبان المسلمين مرة أخرى فوجد المحقق فى الغرفة التى  كان يجلس فيها قبل ساعات الشيخ [[البنا]] والناغى يبحثان عن حل!!
كان [[الإخوان]] يأملون كما تصر السفارة البريطانية فى انتصار المحور ألمانيا وإيطاليا وحلفائهما... ومن هنا حرصت المخابرات البريطانية والسفارة على مراقبة [[الجماعة]] لمعرفة ما إذا كانت هناك علاقات بينها وبين المحور.


- أخذ المحقق يسأل الساعى والسكرتير الرياضى للجمعية , ولم يستدع المحقق الليثى لسماع أقواله إلا فى الثالثة والنصف صباحا.
وتبرق السفارة البريطانية إلى لندن بنتائج الرقابة . قالت: " لا توجد سوى دلائل بسيطة للغاية على اتصالهم بعملاء دول المحور منذ نشوب الحرب فالألمان والإيطاليون يرفضون مبادئ هذه [[الجماعة]] شأنهم فى ذلك شأن سائر الأوربيين. والفارق الوحيد أنهم قد يكونون أدوات لتخليص [[مصر]] من البريطانيين و[[اليهود]].


- وجد الليثى فى غرفة التحقيق عددا كبيرا من ضباط الشرطة بينهم المقدم  محمد وصفى المفتش بالقسم السياسى ورئيس حرس الوزارات الذى جاء ليكون  رقيبا على الشاهد عند الإدلاء بمعلوماته.
ورغم أن [[الإخوان المسلمين]] قلدوا الفاشية والنازية فى تنظيماتهم إلا أنهم لا يتعاطفون كثيرا مع مبادئهما وأفكارهما كما يشاع بين الناس.


- أخذ الليثى يجيب عن الأسئلة ويذكر تفاصيل استدعائه للشيخ [[البنا]] وروايته  عن الحادث حتى جاء  رقم السيارة فقال:
و[[الإخوان]] معادون للأوربيين والبريطانيين خاصة بسبب الوضع المتميز لبريطانيا فى [[مصر]] من جهة. وهم مسلمون متعصبون من جهة أخرى. دينى . وإذا كان قد صدر من بعض رجالنا أو من بعض شعبنا أى عمل يخالف هذا الخط, أو يدل على اتجاه سياسى فأنا استنكره وسأوقفه عند حده فورا,


- 9979 أو 9997
ويجتمع النحاس ب[[المرشد العام]] مرة أخرى في أواخر [[سبتمبر]] ليوجه إليه تحذيرا عنيفا من القيام بنشاط ضد [[الإنجليز]] ويهدد باعتقال زعماء [[الجماعة]].


- وذلك طبقا لاتفاقه مع الجزار.
وينتهى الأمر بتسوية الخلافات مع الحكومة. ويوقف [[المرشد العام]] كل ما يشكو منه النحاس وسراج الدين ويلزم رجاله بالانضباط فإن تهديدات النحاس كانت مؤثرة,


اعترض محمد وصفى وتدخل فى الحديث
وتتجنب [[الجماعة]] النشاط السياسى وتقتصر على تدعيم الكشافة . والدروس المسائية للعمال, وتنتشر شعب [[الجماعة]] وتزداد قوتها ونفوذها في الأقاليم.
أخبرنى الليثى فى المستشفى بأن الرقم هو 9997 ضاق الليثى بذلك وشعر بأنه تردده لا يغتفر!
قرر أن يذكر الحقيقة كاملة وأكد الرقم الصحيح . قال


إن الرقم كما قاله الشاب تستعين وسبعة وتسعة (9979)
قال هيوارث دان " إن [[الجماعة]] عندما تواجه حكومة قوية تقتصر نشاطها على الدين , وتتحول إلى [[السياسة]] أمام الحكومات الضعيفة"!


وذكر الشاب الأرقام من الشمال غلى اليمين عندما سجلتها على علبة سجاير!
وتهاجم الشرطة منزل [[البنا]] يوم 24 [[أكتوبر]] بحثا ‘ن أية كتيبات أو منشورات دعائية لصالح المحور, وتلقى القبض على اثنين من قيادات [[الجماعة]] بالأقاليم بتهمة التورط في طباعة منشورات لدول المحور وتوزيعها.


اثبت عبد العزيز حلمى رئيس النيابة هذه الملحوظة. وكانت هه أول مرة يحرر فيها رقم السيارة فى محضر النيابة.
'''قال تقرير للسفارة البريطانية'''
وكان عبد العزيز حلمى شجاعا عندما فعل ذلك فى تلك الظروف.. وقد شاءت عناية الله ألا أن تفضح سر الجريمة... فرقم السيارة هو الخيط الأول للوصول إلى القتلة!


وكانت جرأة بالغة من [[محمد الليثي]] أن يفعل ذلك ولكن اشتغال الليثى ب[[السياسة]] شجعه على اتخاذ هذه الخطوة.
"بذل [[البنا]] قصارى جهده لفرض الالتزام على أتباعه. ونجح فى الحصول على موافقة الحكومة بإعادة فتح عدد من مقار [[الجماعة]] التى أغلقتها الشرطة. أخذت [[الجماعة]] تتحاشى التعرض للمسائل السياسية.  


كان الليثى يومئذ فى السابعة والعشرين من عمره بدأ نشاطه السياسى قبل عشر سنوات
وركزت جهودها على زيادة عدد أعضاء الجوالة وتدريبهم وتنظيم الفصول الدراسية المسائية للعمال وكان لتهديدات النحاس باشا بتوجيه اجراءات عقابية صارمة ضد [[الإخوان]] أثرها فجعلهم أكثر حذرا".ويكتب السفير البريطانى اللورد كيلرن  إلى لندن يوم 17 من [[نوفمبر]] [[1942]]:
انضم  إلى محمود النقراشى عندما انشق على الوفد عام [[1937]] وبعد أن أعلن [[أحمد ماهر]] والنقراشى أنهما يؤيدان دخول [[مصر]] الحرب مع الحلفاء انشق الليثى عليهما وانضم إلى [[على ماهر]] الذى رغب فى تجنيب [[مصر]] ويلات الحروب.


ويوم اعتقل [[على ماهر]] فى بيته – القصر الأخضر – عرف الليثى أن ضابطا شابا – جمال عبد الناصر – يريد تهريب [[على ماهر]] من المعتقل! ولكن مدير الرقابة توفيق صليب يفزع من الرقم والصورة فيتصل بالرقيب العام عبد الرحمن عمار يسأله ثم يأمر بمصادرة " المصرى" فى نفس الليلة فيقتحم رجال الشرطة المطبعة يوقفونها ويصادرون الأعداد المطبوعة التى لم توزع بعد . ويصدر " المصرى " طبعة جديدة خلت من صورة [[البنا]] ومن رقم السيارة وهو الأهم!
الحرب فستنال  [[الجماعة]] تأييدا كاملا من دول المحور. أما إذا انتصرت بريطانيا فستتعامل مع المصريين على نحو ما تعاملت به مع عرب [[فلسطين]]".


وبرر مدير الرقابة أو الرقيب العام ذلك بأن النشر – بهذه الطريقة – يثير الشعور العام . وابلغ الرقباء فى كل دور الصحف  بأن تنشر حادث القتل فحسب.
ويحاول [[الإخوان]] التقرب إلى صاحب الجلالة  الذى غضب لتنازل [[البنا]] عن الترشيح فى الانتخابات ضد الوفد فيتوجه [[المرشد العام]] إلى قصر عابدين ليرفع إلى فاروق العدد الأول من مجلتهم نصف الشهرية.


وأحيل مرسى الشافعى ومحيى الدين فكرى إلى نيابة الصحافة للتحقيق معهما ولكن خمسة آلاف نسخة تقريبا من العدد الصادر من  " المصرى" تسربت إلى السوق وبيعت وسط لهفة القراء على متابعة الحادث.ويصبح هذا العدد الصادر , وفيه رقم السيارة . دليل إدانة ثابتا قبل المتهمين ولا يستطيع الشهود العدول عنه!
وتتدخل السفارة البريطانية ضد [[الإخوان]] فحظرت الحكومة الوفدية فى [[سبتمبر]] [[1942]] الاجتماعات العامة وهددت [[الإخوان]] باتخاذ المزيد من الإجراءات الانتقامية نحوهم.


عرف اللواء طلعت وكيل  حكمدار شرطة [[القاهرة]] والمشرف على القسم السياسى رقم السيارة بعد ساعة من ارتكاب الحادث وأنها ماركة فورد ليموزين مملوكة لفهيم بولس المحامى ومؤجرة لوزارة الداخلية بمبلغ تسعة وأربعين جنيهاوستمائة وخمسة وستين مليما كل شهر ليستقلها العقيد محمود عبد المجيد مدير إدارة المباحث الجنائية بالوزارة.
ويتلقى [[المرشد العام]] تحذيرا قويا من القيام بأية أنشطة معادية لبريطانيا أو الحكومة حتى لا تتعرض قيادات [[الجماعة]] للاعتقال ويستدعى [[فؤاد سراج الدين]] [[المرشد العام]] . قال له:


وعرف أن هناك محاولات لإخفاء هذا الدليل فلم يحاول الإبلاغ عنه, أو يحرر محضرا به وامتنع عن الانتقال إلى محل الحادث!
- يا شيخ حسن عايز أعرف أنتم جماعة دينية أو حرب سياسى ؟ أحنا ما عندناش مانع أبدا أنكم تكونوا حزب سياسى.


عرف الجزار ما يجرى فى التحقيق فأعاد الاتصال بالليثى للحصول على شهادة نهائية منه بالرقم لامزيف.
- أعلنوا على الملأ أنكم يتشغلوا ب[[السياسة]] وأنكم كونتم حزب سياسى ولا تتستروا بستار الدين ولا تتخفوا فى زى الدين.أما أن تتستروا تحت شعار الدين. " والله أكبر ولله الحمد" وفى نفس الوقت تقوموا بالعمل السياسى وتباشروا [[السياسة]] الحزبية فهذا غير معقول لأنه يخل بمبادئ تكافؤ الفرص بينكم وبين [[الأحزاب]] السياسية
دعاه  لمقابلته فى محل " نيوباز" بشارع سليمان باشا . وطلب منه أن يسجل  الرقم الكاذب فى ورقة ويتوجه بها إلى قسم عابديبن ليحرر محضرا بذلك.


أخذ الجزار يغرى الليثى بالخمر تارة, وبالمال تارة أخرى , والنساء مرة ثالثة فإن سيدة كانت تجلس فى المحل وتبتسم لهما . ولا يعرف هل كانت هناك مصادقةأم بتدبير من الجزار الذى قال:
أنا كرجل سياسى حزبى لا أستطيع أن أهاجم جماعة دينية تنادى بشعارات دينية سامية وإلا سأكون محل استنكار من الرأى العام.


- معى500 جنيه خذها. وستحصل على مثلها بعد أن تدلى بأقولك الجديدة فى تحقيقات النيابة.


- رأى الجزار أ، افستعانة بالوعد  لا تنفع مع الليثى فاستعان عليه بالتهديداتا بالوعيد.
رد الشيخ [[البنا]]
رد الليثى:


مركزى دقيق. ولا أريد أن يقال إنى استدرجت الشيخ حسن لجمعية الشبان لمسلمين . أو أن أريد يدا فى الحادث أو أن جمعية الشبان المسلمين هى التى دبرته.
- نحن لم نفكر  فى العمل  ب[[السياسة]] ونحن رجال دين فقط, ورجال فكر المخابرات البريطانية بأن [[البنا]] ذكر لبعض رجاله المقربين أن انتصار الألمان والإيطاليين أصبح وشيكا وأنه فى انتظار تعليمات من الألمان لتنفيذ مخططات تخريبية وراء خطوط [[الإنجليز]]".


قال الجزار :
'''قالت السفارة البريطانية''':


إن الذين قتلوا لن يتركونا تضرهم وترشدعنهم . وصحيفة " المصرى التى نشرت رقم السيارة صودرت.
يعتمد موقف [[الإخوان]] تجاه الألمان على مبدأ تبادل المنفعة معهم.
.. إشارة إلى أن الدولة تحمى مرتكبى  الجريمة وإلا فما سبب المصادرة!
طلب الليثى مهلة للتفكير واتفقا على اللقاء فى محل " جروبى" فى اليوم لاتالى.
فزع السائق محمد محفوظ فى اليوم التالى عندما قرأ رقم سيارته فى جريدة" الجريدة" وذهب إلى محمود عبد المجيد وقال له


- يا بيه الشيخ [[البنا]] اغتيل ... وعندى 8 أطفال.
ونحن بدورنا أى [[الإنجليز]] لا نثق فى الرغبة التى أبداها [[البنا]] فى التعاون مع الوفد وتركيز نشاط جماعته على قضايا الإصلاح الدينى فما زالت التقارير تتوالى عن الخطط التخريبية التى تعدها الجماعى.


- رد محمود عبد المجيد: بس.. لما يبقوا يتيتموا يبقى يحلها ربنا. اخرس يا أهبل . أنت لك مكافأة وأنا حا أشيلها لك.
وليس بمقدور المرء أن يغفل أصالة البرنامج الاجتماعى للجماعة فقد أعلن متحدث باسمها أن الفقر الذى يطحن جماهير الشعب فى وقتنا الحالى نتج عن طغيان الأغنياء وتصدير المواد الغذائية إلى الخارج بطريقة غير مشروعة.  


- بكى محمد محفوظ وقال :
وهاجم تسامح الحكومات مع بعض العادات المذمومة التى وفدت إلى البلاد من الغرب مثل القمار وشرب الخمور وطالب بتطبيق الشريعة الإسلامية تطبيقا كاملا.


- أنتم اللى عملتم الحادث وأنا لا كان لى فى الطور ولا فى الطحين. صرخ فيه محمود عبد المجيد قائلا:اقفل بقط. ولا تذكر أن أحدا ركب معك . ولا تذكر أننا مررنا على بيت عبد الرحمن عمار.
وأرجع [[البنا]] كافة أشكال انحلال الخلقى التى تعانى منها البلاد إلى النفوذ الغربى.وفى [[سبتمبر]] ظهر العدد الأول من مجلة [[الجماعة]] الأسبوعية " [[الإخوان المسلمون]]" بعد أن حصلت على موافقة الحكومة لم يحو هذا العدد شيئا سوى المقالات البلاغية المستحسنة والتى  جديد فيها".وقالت تقارير المخابرات البريطانية:
- استدعيت النيابة السائق لسؤاله ففزع إلى محمود عبد المجيد يقول : ما دام طلبونى للنيابة يبقى أتنم اللى عملتم الحادث وتحدفونى فيه. حرام عليكم تعملوها وتأخذونى لارجلين.


- الكلام ده ما أحبش أسمعه منك أمام أى مخلوق وأنت طالبينك كشاهد قال السائق: بس حرام عليك.
" أن قيادات [[الجماعة]] أعلنت فى اجتماع سرى لها أنه إذا خسرت بريطانيا الذين ينتمون إلى الطبقات الفقيرة فمبادئ [[الجماعة]] تدعو إلى العودة إلى الشريعة الإسلامية.


- وعندما توجه محمد محفوظ للنيابة جلس معه صلاح مرتجى وكيل الأمن العام أثناء التحقيق والذى تدخل فى الإستجواب بالرد على اسئلة المحقق عندما كان السائق يعجز عن الجواب أو يتعثر فيه.. وإن كانت السئلة سريعة قصيرة وكأنها مجرد أداء واجب شكلى!
ومن غير المتوقع أن تحل مثل هذه [[الجماعة]] ضيقة الأفق, والمعوقة للتقدم محل حزب قومى كبير مثل الوفد رغم ما يلجأ إليه [[الإخوان]]. بين الحين والآخر من محاولات لاجتذاب هذه العناصر ذات الثقافة السطحية إلى معاداة الأجانب"غضب [[الإخوان]] من النحاس عندما قبض على [[على ماهر]] فى [[أبريل]] واعتبروا ذلك ضربة موجهة إليهم.


- قال محمد محفوظ مدافعا عن نفسه ومبررا ذكر رقم سيارته. قال :  
قالت المخابرات البريطانية:


- كنتن داخل السيارة أمام فندق " ايدن"  
" عقد [[الإخوان]] هدنة مع الوفد ربما فى جو من الاحترام المتبادل بعد أن أدرك [[البنا]] أن بمقدور النحاس أن يشجع [[الجماعة]] بينما أدرك النحاس أن [[الإخوان]] يمكن أن يسببوا له مشكلة كبيرة  إذا تحدوه.


وقال إن العقيد كان بالفندق ومعه عدد من أعيان محافظة جرجا وبعض ضباط شرطة جرجا – سوهاج الآن.
وصار بوسع [[البنا]] أن يعتمد  على تعاطف أعداد لا بأس بها من رجال الشرطة والمسئولين الحكوميين من [[الإخوان]] وخاصة فى الأقاليم.
وقال : من السهل على قائد سيارة القتلة وضع أرقام مزيفة وطمس بعض الأرقام ومن غير المعقول أن يبقى الأرقام الصحيحة للسيارة التى فروا بها وألقى محفوظ بدفاعه الأخير . قال:


لقد ارتدى قاتل  النقراشى بدلة الضابط داخل وزارة الداخلية ومر بين الحراس .
ولكن عندما تقدم الألمان نحو العلمين زاد حماس [[الإخوان]] فألقوا بعض الخطب المؤيدة للألمان".وقالت المخابرات البريطانية:


ووجه السائق ب[[محمد الليثي]] فنفى كل منهما أنه يعرف الآخر.
" ألقى [[البنا]] خطابا أعلن فيه تأييده القوى للألمان  ولكن ذلك لم يثبت أبدا وظلت خطبة الأخرى تدور حول سياسته الدينية.


أراد الضابطان حسين كامل وعبده أرمانيوس أن يسريا عن السائق محمد محفوظ بعد تحقيق النيابة معه فاصطحباه إلى مقهى الفيشاوى وأحضرا له  طعام الغداء..
وأعطى لمعاونيه فى أحاديثه الخاصة انطباعا بأنه يرغب فى تحاشى وقوع صدام مع حكومة الوفد أو [[الإنجليز]]"


جلس السائق , راغبا عن تناول الطعام, فنصحه الضابطان أن يتناسى ما وقع وأن يطمئن إلى أنه لن يناله سوء .
تقدم الألمان إلى العلمين على بعد مائة كيلو متر من [[الإسكندرية]] . فقالت وبنى النحاس حساباته على تأمين نفسه من مؤامرات القصر ودسائسه التى تحاك ضده بواسطة [[الإخوان المسلمين]].وانتهجت الجمعية سياسة الدعم السلبى للوفد.


ورغبة فى تهدئة وإدخال الطمأنينة على قلبه انطلقا يتحدثان عن تفصيلات الجريمة ودور كل مشترك فيها.
ولجأ [[البنا]] إلى سياسة الترقب وكله أمل فى انتظار الفرج واتسم تعاونه مع الوفد بأن أهدافه أخرجت الجمعية ومرشدها العام من المعمعة ... سالمين"!


توجه العقيد محمود عبد المجيد إلى فندق باريس بشارع  عدلى الذى ينزل فيه عبد الله خليل فواز سكرتير الغرفة التجارية بسوهاج  فى السادسة من صباح اليوم التالى للجريمة وابلغه بوقوعها قائلا.
بعث السفير البريطانى إلى لندن يوم 28 من [[مارس]] [[1942]] يقول:


بعض أنصار الشيخ يلقون بالإتهام علىّ ويزعمون أن القتلة فروا بسيارتى فأرجوا أن شتهد بأنى وسيارتى كنا بعيدين عن مكان الجريمة وقت ارتكابها قال فواز:
" كتب رئيس [[الإخوان المسلمين]] , عند انسحابه من الترشيح للبرلمان خطابا إلى رئيس الوزراء يعده بالتعاون مع الحكومة مما يعنى ضمنا الولاء للمعاهدة الإنجليزية المصرية.


أستطيع أن أشهد بوجودى معك إلى ما بعد التاسعة مساء ولكنى لا أستطيع أن أؤدى مثل هذه الشهادة فيما يتصل بالسيارة.
وربما تم التوصل إلى هذه النتيجة بمزيج من الإرهاب والرشوة ولكن قيمتها مشكوك فيها.وأخذ [[الإخوان]] يتباهون بما يتمتعون به من تأثير لدى جميع وحدات الجيش المصرى. وقرر النحاس فرض قيود على بيع المشروبات الكحولية فى أوقات معينة  يوميا وخلال شهر رمضان وفى الأعياد الدينية.


سأل المحقق محمود عبد المجيد فنفى علاقته بالجريمة قال إنه سمع بها فى اليوم التالى.
'''واتخذ بعض الإجراءات الضرورية لحظر ممارسة الدعارة'''
وأكد أن سيارته كانت أمام فندق ايدن من بعد الغروب حتى التاسعة والنصف مساء ..ز أى إلى ما بعد وقوع الجريمة بأكثر من ساعة.


وشهد ثلاثة من ضباط الشرطة ونائب عمدة أنهم كانوا مع محمود عبد المجيد وأن السيارة كانت تقف تحت انظارهم بعيدة  عن مكان الجريمة.
وقام فورا بإغلاق بعض لمواخير وسمح باستئناف [[الجماعة]] لبعض أنشطتها, بما فى ذلك إصدار بعض المطبوعات وعقد الاجتماعات"


وكان شهود الزور الثلاثة:
ولكن السفير البريطانى السير ما يلز لامبسون اللورد كيلرن كان قصير النظر فلم يتوقع [[للإخوان]] ما تحقق لهم كتب إلى لندن يقول:


مفتش لاداخلية إسماعيل فهمى.
" تجذب جماعة [[الإخوان المسلمين]]  إل صفوفها  المسلمين المتدينين البسطاء أعلنتموه متمسكين دائما بآداب [[الإسلام]] العالية وتعاليمه القوية وأخلاقه الفاضلة".وفى هذا البيان أو الرسالة المفتوحة التى وجهها الشيخ [[البنا]] إلى النحاس باشا إعلان بولاء [[المرشد العام]] للحكومة والتزامه بمعاهدة [[1936]]!


والرائد محمود فهمى على رئيس مباحث جرجا.
فسر أعضاء [[الجماعة]] الانسحاب بأنه استسلام مهين وانتقدوا بعنف [[البنا]].


والمقدم محمد إسماعيل أبو السعود رئيس مباحث منطقة طهطا.
وأصيبت [[الجماعة]] بانقسام مؤقت وتأثرت أنشطتها تأثيرا بالغا رغم جهود [[البنا]] لتبرير الانسحاب وإلقاء اللوم على البريطانيين بتحريض النحاس ضده...


وقال العقيد محمود عبد المجيد, ولم تكتب أنه سئل فى لاتحقيق ... وبسبب الربقابة لم يجرؤ صحفى واحد فى [[مصر]] على كتابة النبا وتقديمه لرقابة .. لحذفه  ومنع نشره!
كان بين الغاضبين على انسحاب [[البنا]], [[عمر التلمساني]] الذى أصبح – فيما بعد مرشدا عاما [[للإخوان]]. فانقطع عن التردد على [[المركز العام]]. افتقد [[البنا]] صاحبه وسأل عن السبب.  


لم يتم الليثى فى بيته. ولم يذهب إلى لجزار فى محل " جروبى" فقد أصيب بالرعب.
قيل: إنه غاضب لانسحابك من المعركة. أرسل [[البنا]] خطابا إلى [[التلمسانى]] لمقابلته .


قال محمد يوسف محمد المحامى وعضو جمعية الشبان المسلمين إن البوليس بما  له من سلطة استطاع إرهاب الليثى.
رد عليه بخطاب فحواه عدم الجدوى من المقابلة.


استقل الليثى فى اليوم التالى عربة الترام إلى منزل [[صالح حرب]] باشا رئيس جمعية الشبان المسلمين . وكان فى اسوان فاتصلت قرينته السيدة منيرة عامر  بالأستاذ مصطفى الشوربجى المحامى ودعته لبيتها ليستمع لليثى.
بعث [[البنا]] إليه [[عبد الحكيم عابدين]] و[[عبده قاسم]] من قيادات [[الإخوان]] فحملا [[التلمسانى]] على الحضور حيث لقيه وأقنعه.


قال الشوربجى لليثى: أذكر الحقيقة للنيابة واطلب حمايتك.
واعترفت السفارة البريطانية فى برقياتها بان النحاس عرض مساعدة [[الإخوان]] إذا تعاونوا معه ولذلك أعلن [[البنا]] ولاءه للحكومة والتزامه بالمعاهدة.


وطلبت  السيدة منيرة عامر من الليثى أن يقابل [[فتحي رضوان]] الذى وجه إليه النصيحة ذاتها واعتذر عن الذهاب معه إلى النيابة لأن القانون يمنع الشاهد من اصطحاب محام.
وفى كتاب الكاتب السوفيتى سيرانيان وعنوانه " [[مصر]] ونضالها من أجل الاستقلال" قال: " أكتفى النحاس بتأكيدات [[البنا]] بأنه سيساند الحكومة الوفدية. ونشر النبأ  بهذه الصورة دانه  للنحاس  باشا وإقرار بأن التنازل عن الترشيح تم بناء على ضغوط الباشا التى قيل إنها نصيحة!


وتوجه الليثى إلى زكى على باشا فى مكتبه بالوزارة وأبو الخير نجيب صاحب جريدة " الجمهور المصرى" وكان أيامها محررا بصحيفة الأهرام فنصحاه بالإدلاء بالحقيقة كاملة.وقابل [[فؤاد سراج الدين]] باشا سكرتير عام [[حزب الوفد]] فى النادى السعدى وشرح له الأمر فقال فؤاد باشا:
وقالت الأهرام": إن رئيس الوزراء  استقبل [[المرشد العام]] للمرة الثانية على  رأس وفد من الجمعية وقدم إليه كتابا يؤيد سياسة الوزراء.  
موقفك مشرف ولابد أن تستمر.


قال الليثى:
قال [[المرشد العام]] فى رسالته لرئيس الوزراء مقدمة قصيرة.


أ يمكن ان يثير الوفد الموضوع لأنى أقاوم وحدى وعده الباشا خيرا!
"تحدثتم رفعتكم إلى الأمة  المصرية الكريمة حديثا رائعا جليلا ضمنتموه كثيرا من المبادئ القويمة والأمانى الطيبة التى يسر كل مصرى أن يحققها الله على يديكم.


وقال الليثى عمر عمر نقيب المحامين الوفدى فوعده خيرا أيضا.
دعوتكم الأمة إلى مصارحتكم والتقدم غليكم بالنصح" فنحن أبناء أسرة واحدة وهى الأسرية المصرية الكريمة وقررتم رفعتم انه من دواعى سروركم أن تتعاون الأمة والحكومة فى هذه الظروف الدقيقة" فى تنفيذ سياسة خارجية حكيمة وتعميم سياسة داخلية بصيرة..


ولكن النقابة المحامين لم تتحرك لمساندة الليثى الذى أبرق إلى النيابة يحمل الشرطة مسئولية أى اعتداء أو ضرر يلحق به من الجزار.
والواجب يقضينا والمصلحة تدعونا إلى أن ننفذ بإخلاص وحسن نية أحكام المعاهدة التى وقعناها بمحض اختيارنا وملء حريتنا وقصدنا من ورائها سلامة استقلالنا القومى والاحتياط لمثل هذه الظروف العميقة.


وعندما سئلت أمام محكمة الجنايات  - بعد 4  سنوات من لاجريمة – قالت السيدة منيرة عامر مطلقة [[صالح حرب]]:
وختمتم هذا الحديث بأن علينا أن " نعبر الطريق المحوط بالمخاطر. متعاونين متحدين كالبينان المرصوص , مترقبين بزوغ فجر الحرية, فيقوم عدل الحكام على أنقاض الظلم والاستبداد وتتفيأ الأمة ظلال الطمأنينة والسكينة والسلام".


الولد مسكين وكان خايف... العهد كان عهد ارهاب والكل خائف!
" أصغينا إلى هذا الحديث القيم ثم قرأنا  فى الصحف أن معالى وزير الصحة أخذ يدرس باهتمام مشكلة البغاء تمهيدا لتخليص [[مصر]] من وصمته الشائنة أنه قرر فعلا البدء بإلغاء دور البغاء فى القرى والبنادر من أول [[مايو]] المقبل.


رأى محمد الجزار وكبار الشرطة إحاطة الليثى بالشبهات فقالوا فى تحقيقات النيابة وأمام القضاء أنه كان يعمل مرشدا عند الجزار ويتقاضى عشر جنيهات شهريا قبل الجريمة بعام.
ف[[الإخوان المسلمون]] أمام هذه الآمال الصالحة والأعمال الطيبة النافعة, يرون من واجبهم أن يستجيبوا لندائكم ويعلنوا أنهم حريصون كل الحرص على أن يكونوا عونا لكم وللحكومة المصرية فى تحقيق


ودافع [[صالح حرب]] عن الليثى أمام المحكمة ... قال : أدى الليثى واجبه فوق ما يطيق. ونفى عنه الإتهام بأنه كان مرشدا للشرطة
برنامجكم  الاصلاحى الذى  وفى مقال كتبه محمد عفيفى شاهين رئيس تحرير مجلة " الحوادث " الوفد قال : إن [[البنا]] أصبح شهيدا بانسحابه.


قال : لو كان يتطلع إلى المال لارتمى فى أحضان [[الأحزاب]] التى تسرف فى إنفاق المال. ولا يبقى فى جمعية الشبان المسلمين الفقيرة.
ولكن انسحاب [[البنا]] كان عملا صائبا وإذا كان النحاس قد هدد بالاعتقال فإن رئيس الوفد فى ذلك الزمان . وفى ظروف الحرب لم يتردد بعد ذا اعتقال [[مكرم عبيد]] و[[على ماهر]] وغيرهما كثيرون.


وقال: كان الليثى مهددا فكل مصرى يمسى ولا يصدق أنه سيصبح , ويصبح ولا يصدق أنه سيمسى.
وفى كتاب رتشارد ميتشيل قال : إن الاجتماع بين النحاس و[[البنا]] جمع بين الترغيب والرشوة أو الرغبة والرهبة  فإن النحاس عرض على [[البنا]]  مقابل الانسحاب:


وموقف الليثى أدق ما يكون وأكثر من غيره عرضة للخطر.
1- حرية [[الجماعة]] فى استئناف أعمالها على نطاق شامل.


من البداية اتهم عبد الكريم منصور كلا من محمد كامل الدماطى مدير مكتب إبراهيم عبد الهادى ووكيل وزارة الداخلية عبد الرحمن عمار بارتكاب الجريمة.. فإن عبد الكريم أدخل حجرة منفردة فى مستشفى القصر العينى ولم يعرف بوفاة [[البنا]] إلا بعد أن تلقى برقية تعزية من [[السودان]].
2- أن تعد الحكومة باتخاذ الإجراءات اللازمة لحظر المشروبات الكحولية والدعارة.
وقد تأخر سؤاله لأن حالته لم تسمح بذلك. وعندما سأله المحقق بعد خمسة أيام من وقوع الجريمة أحسن, كما قال , بأن " المسائل مطبوخة"


وجد النيابة غير جادة.
عقد [[الإخوان]] اجتماعا قرروا فيه عدم الإذعان لرغبة النحاس تماما كما حدث عندما نقل سرى باشا زعيم [[الإخوان]] إلى [[قنا]].


رأى أن يتهرب منها فقال  للمحقق.
وكما حدث فى قرار النقل فى عهد سرى وافق لبنا فى نهاية المطاف على الانسحاب من المعركة الانتخابية!


اكتب على كيفك!
نشرت صحيفة الأهرام " سوم 23 [[مارس]] [[1942]] أن رئيس الشئون الدينية بمجلس الوزراء.


وعندما طلب مغادرة المستشفى عومل معاملة شاذة فقد أخذ إلى قسم شرطة عابدين ومكث به مدة طويلة حتى سمح له بالعودة إلى بيته.
ودار الحديث حول تنازل الشيخ [[البنا]] عن ترشيح نفسه لمجلس النواب عن دائرة [[الإسماعيلية]].


حرصت الصحف المصرية جميعا – وكانت تحت الرقابة – على أن تردد بيانات الحكومة وتتهم [[الإخوان]] بأنهم الذين قتلوا [[المرشد العام]] ولم تذكر كلمة واحدة عن المتهمين الحقيقيين.
وقد أصغى [[المرشد العام]] إلى نصائح رفعة رئيس الوزراء وتوجيهاته السديدة وعلى إثر ذلك أعلن تنازله عن ترشيح نفسه عملا بنصح الرئيس".


ودافع عبد الرحمن عمار عن محمود عبد المجيد – دون ذكر أسمه فقال فى حديث لصحيفة " الأساس" جريدة الحزب  السعدى وأكد ذلك فى شهادته أمام النيابة. قال:
'''قال لنحاس''':


" النأر بدأت تأكل بعضها"...
- يا حسن. أنا مسلم مثلك . وأعرف قواعد الدين وأصوله. من حقك الوعظ والإرشاد والدعوة إلى احترام القيم. ولكنى أرفض دخولك فى [[السياسة]] للوصول إلى الحكم إنى أمنع ذلك بكل قوة


يعنى أنه جرى انقلاب بين الإ رها بيين على شيخهم السابق , وبعد أن ظنوا أنه لم يعد يشايع حركاتهم الإرهابية, وأنه أخذ يفكر فى تسليم أسلحتهم ومحطتهم السرية إلى السلطات المسئولة.
- نفى  [[البنا]] أنه يريد الحكم والسلطة . قال:
وقال عمار:


- ذكر الشيخ [[البنا]] أن أمضيه خطوة واحدة فى سبيل تسليم الأسلحة والذخائر سيؤدى إلى قتلة وكان هذا الحديث للقتيل قبلمصرعه بوقت قليل .
- سمعا وطاعة. وإذا كان أحد زملائى قد انحرف فى هذا  فأنا كفيل برده إلى حقيقة الدعوة وهى مكارم الأخلاق والقيم الدينية.


- وأضاف : هنالك اتجاه آخر لم يفت جهات التحقيق وهو البحث عن صلة بين حادث  [[البنا]] والحوادث الدامية التى وقعت فى قطر عربى شقيق فى مثل هذا الشهر  من العام الماضى.
- قال النحاس:


- يقصد بذلك اليمن,
- لا تشتغلوا ب[[السياسة]] ولا ترشحوا أنفسكم فى مجلس النواب.وقال [[البنا]] لإبراهيم فرج بعد اللقاء:


- وأعلنت الحكومة المصرية صراحة أن [[الإخوان]] ساهموا فى اغتيال الإمام يحيى – إمام اليمن – لتأكيد أن قتلة الشيخ من اليمنيين.
- كان النحاس باشا عنيفا ومنفعلا.


- وقالت الصحف إن الإتجاه الثالث يدور حول تهديدات بالقتل تبادلها فريقان من جماعة [[الإخوان]] بعضهم انفصل عنها من زمن وكل فريق كان يعمل على تهديد رئيس الفريق الآخر.
والرواية الثالثة جاءت فى تقرير للمخابرات البريطانية:


- وجدت فى مكان الحادث حافظة نقود باسم أحمد شعبان عبد الهادى وهو كهربائى ونشر ذلك فى الصحف.
" خشى النحاس أن يثبت [[البنا]] أنه منافس قوى للوفد وهدده بالاعتقال مع كبار قادة [[الإخوان]] إذا لم يذعن وهدده بمحاكمته أمام محكمة عسكرية بتهمة التجسس.


- قرأ شعبان ذلك فتقدم إلى الشرطة يقول إن حافظته وبها رخصته وقعت منه . وهو فى طريق عمله وكانت بداخل معطفه الذى وضعه على كتفه قال رجال الشرطة:
وهدده النحاس أيضا بنشر اتهامات مزعومة حول أسلوب [[البنا]] فى التصرف فى أموال [[الجماعة]]!


- إن الجو بارد والشيخ [[البنا]] – كان قوى البنية – ومع ذلك يرتدى معطفا وتحته جاكتة وبلوفر مما يدل على برودة الجو, فكيف لا يرتدى الكهربانى معطفه.
ورد النحاس للبنا 450 جنيها كتعويض عن التأمين الذى دفعه مقابل الترشيح ونفقات الدعاية التى صرفها!


- وأكد صاحب المقهى المجاور للجمعية أن الليلة كانت قارصة البرد ولذلك قرر إغلاق المقهى.
وهذا التقرير يكشف عن حقيقة هامة هى ان الوفد بدأ يخشى من منافسة [[الإخوان]] ويعنى الوفد للبنا وانسحابه أيضا يدل على أنه عنصر هام فى الشارع السياسى المصرى.


- وأراد رجال الشرطة القاء التهمة على الكهربائى لأنه ينتمى لجمعية [[الإخوان]]....
وهناك عدة روايات لما جرى فى الاجتماع بين [[مصطفي النحاس]] و[[المرشد العام]]..


- قالوا : من غير المعقول أن يمر أمام الجمعية ولا يسمع عن الحادث أو يهتم به ولكن رجال الشرطة اضطروا للإفراج عن الكهربائى إا لم يجدوا دليلا واحدا على صلته بالجريمة.
الرواية الأولى  قالها [[البنا]] فى اجتماع بالشارع الثلاثين ب[[الإسماعيلية]] عقب تنازله عن الترشيح مباشرة:


- وتقدم إلى  النيابة الدكتور محمد حسنى عباس مدرس القانون بكلية التجارة بجامعة فؤاد الأول " [[القاهرة]]" – المولود بجرجا – صديق الجزار منذ الصبا وزميله فى كلية التجارة قائلا:
- دعانى [[مصطفي النحاس]] باشا إلى مكتبه وطلب منى التنازل عن الترشيح قلما سألته عن الأسباب قال:
- كان لدى موعد عند نقابة المحامين فذهبت متأخرا حوالى 8,15 مساء ورأيت سيارة فالتقطت رقمها وهو 9997.


- ... يريد بذلك أن يؤكد الرقم المزيف الذى ذكره محمد وصفى ولاحظ المحقق أن الشهد الجديد جاء بصحبة الرائد توفيق السعيد ضابط المباحث العامة.
- البلد فى حالة حرب.. ومصلحة البلد أن تتنازل قلت:


- واعتذر عن الإدلاء باسم صديقه الذى جاء من أجله إلى هذا المكان وفى هذا الموعد. ولما سئل عن الأضواء فى الطريق وهل تسمح له بالتقاط رقم السيارة  المسرعة أجاب بأن نظره سليم 6 على6!وقبضت الشرطة على كواء فى شبين الكوم اسمه صلاح أحمد بركات اعترف بأنه القاتل فنقل إلى [[القاهرة]] وحققت معه النيابة فلما  رأى خطورة الاتهام عدل عن أقواله وافرجت النيابة عنه.. بعد حين!
- ألا يكفى أن الحكومة قيدت خطواتى ولا تسمح لى بالسفر خارج [[القاهرة]] إلا بإذن من وزارة الداخلية والدعوة بهذه الصورة لا تجد مجالا للإنطلاق فيكون التنازل عن الترشيح حجرا على الدعوة والداعية.


- واعتقلت الشرطة 80 شخصا من [[الإخوان]] بحثا عن قتله [[البنا]]!
- قال [[مصطفي النحاس]]:


- سئل الليثى:
- فى حالة قبولك التنازل لا مانع عندى من أن تكون لك حرية الدعوة فى كل مكان.


- هل اعتاد [[البنا]] على الذهاب إلى الجمعية بانتظام؟
- قال [[البنا]]:


- أجاب :
- أمام هذا التصريح أوافق على التنازل عن ترشيح نفسى وقال [[البنا]] فى خطابه ب[[الإسماعيلية]].


- قبل قتل النقراشى كان يلجأ إليها ساعات بالنهار وساعات بالليل أما بعد قتله فلم يذهب [[المرشد العام]] إلى الجمعية ليلا....
- لم نرد من الترشيح إلا أن نجد منبرا نعلن فيه عن دعوتنا فإذا تيسر لنا فى حدود الظروف التى يتاح لى أن أفصلها حين تسمح الظروف نكون قد وفقنا إلى أحسن الحلول!


- بعث جيفرسون باترسون القائم بأعمال السفارة الأمريكية إلى واشنطن بعد 48 ساعة من الأغتيال – أول برقية  عن القتلة.
- والرواية الثانية نشرها إبراهيم فرج الوزير الوفدى فى كتابه " ذكرياتى السياسية " بعد أكثر من ربع قرن, وكان كل من [[البنا]] والنحاس قد انتقلا إلى رحاب الله. وعندما يترك الوفد الحكم فى النهاية فسيواجه [[البنا]] ببديلين يتعين عليه الاختيار بينهما.


- قال:
1- أن يجرب حظه مع الوفد ويسعى لمناصرته وهو فى المعارضة
أو:


- " لم يتم حتى الآن تحديد  شخصية القاتل. ولم يتم بالطبع القبض عليه. وتم الإفراج عن أحد المشتبه فيهم  عثر على بطاقته الشخصية قريبا من مسرح الحادث واعترف بأنه عضو فى [[الإخوان المسلمين]] مما كان مثار خيبة امل البوليس .
2- أن يعرض خدمات [[الإخوان]] على الحكومة الجديدة أملا فى الحصول على معاملة تفضيلية مثل التى كان يتمتع بها فى حكم الوفد.


- وطرحت عدة تصورات بالنسبة لطبيعة الاغتيال , وبالطريقة السائدة بين الجماهير أن الجريمة ارتكبت على يد أحد عملاء الحكومة انتقاما لاغتيال النقراشى باشا.
وإذا اختار [[البنا]] الطريق الأول فسيكون حظ آية حكومة قادمة صعبا للغاية وسيصبح أمن البلاد مهددا بدرجة خطيرة.أما إذا سلك الطريق الثانى وساعد الحكومة غير الوفدية فى الصمود أمام هجمات الوفد المعارض مقابل مزايا مختلفة فسيؤدى الصدام الناتج عن هذا الأسلوب إلى وقو تهديد خطير للأمن العام.


- وهناك نظرية أخرى يحبذها تماما رجال الأمن تقول إن الإغتيال قام به أحد أعضاء [[الإخوان المسلمين]] إما لأن الشيخ [[البنا]] خذل [[الإخوان المسلمين]] المعتقلين. وإما لأنه كان على وشك أن يعطى السلطات معلومات متعلقة بإمدادات [[الإخوان]] من الأسلحة.
ويبدو واضحا أن [[الإخوان]] فى طريقهم ليلعبوا دورا بارزا فى آية تطورات سياسية مقبلة".


- والنظرية الثالثة
اقبل [[مصطفي النحاس]] يوم 8 من [[أكتوبر]] [[1944]] بعد 24 ساعة من توقعه بروتوكول الجامعة العربية وتولى [[أحمد ماهر]] باشا رئاسة الوزارة فى اليوم نفسه فشكلها من أحزاب الأقلية الأربعة : الحزب السعدى الذى يرأسه ماهر باشا والأحرار الدستوريين والكتلة و[[الحزب الوطني]].


التى تنتشر على حذر تقول إن القصر دبر الشيخ [[البنا]] خشية أن يكشف [[البنا]] عن طبيعة علاقاته بالقصر.
كان [[أحمد ماهر]] فى التاسعة والخمسين.


- وهناك نظرية أخرى قالها أحد كبار موظفى القصر تقول : إن الأغتيال تم على يد شخص يمنى يعمل لحساب الأسرة الماكلة اليمنية انتقاما لمقتل الإمام يحيى فى [[فبراير]] [[1948]] فى المخطط الذىىى قيل إن [[الإخوان المسلمين]] شاركوا فيه"
درس الحقوق فى [[مصر]] ونال الدكتوراه من جامعة مونبليية الفرنسية واختاره [[سعد زغلول]] وزيرا للمعارف فى وزارته عام [[1924]] .


- قال محمد وصفى للماجور سانسوم البريطانى: أعرف القاتل !
وأتهم مع [[محمود فهمى النقراشى]] وزير خارجية بالاشتراك فى قضية الاغتيالات الكبرى .. ولما صدر الحكم ببراءته عام [[1926]] استقال القاضى البريطانى كيرش والذى رأس الجلسة احتجاجا على حكم البراءة


- واضاف :
'''وكان [[سعد زغلول]] يصفه " بالوطنى الصامت"'''


- ولكن لا يمكن تقديمه للمحاكمة الآن. لقد قتل فى اليوم اليوم الثانى للجريمة فى طريق [[السويس]] . أطلقت عليه رصاصة فى ظهره مثل الشيخ [[البنا]] وانفرجت شفتا وصفى عن ابتسامة باهتة. وقال :
اختير نائبا أكثر من مرة وتولى منصب رئيس تحرير صحيفة " كوكب الشرق الوفدية عام [[1934]] وأختير رئيسا لمجلس النواب عام [[1936]].


- من السهل أن تقتل أحد لامرءوسين خاصة إذا ادعيت أنك تسعى لتأمين سلامته الشخصية. وفى هذه الحالة تصحبه إلى نقطة نائبه وتطلق عليه رصاصة من الخلف.
وبعد طرد [[النقراشى]] من الوفد عام [[1937]] انضم إلى [[النقراشى]] وانفصل عن الوفد وأسس حزب السعديين قائلا أنه وأنصاره الممثلون الحقيقون ل[[سعد زغلول]].


- قال السيد الشوربجى محامى [[الإخوان]]:
تولى منصب وزير المالية عام [[1938]] وانتخب رئيسا لمجلس النواب عام [[1939]]  وهو شقيق [[على ماهر]] باشا رئيس الوزارة السابق.


مضى التحقيق الصورى المضحك المبكى فى آن واحد
أراد [[أحمد ماهر]] تدعيم صلته بالسفارة البريطانية ليستعين بها على مقاومة رغبات القصر والوقوف فى وجه الملك قدر الطاقة. وبدأ الوزراء اتجاها ليبراليا بالامتناع عن اعتقال خصومه السياسيين وغيرهم.


وقال [[الإخوان]]: ماذ يكون الأمر حين تكون الحكومة هى التى دبرت الجريمة.وحين يكون رجال البوليس هم الذين نفذوها.
وحل [[أحمد ماهر]] مجلس النواب يوم 15 من [[نوفمبر]] وحدد 8 من [[يناير]] [[1945]] موعدا لإجراء الانتخابات.


من الذى يجمع الأدلة إذن ويقدمها للقضاء.
رشح [[البنا]] نفسه فى الانتخابات عن دائرة [[الإسماعيلية]] كما رشح خمسة من [[الإخوان]] أنفسهم فى دوائر أخرى فقد وجدوا الساحة شبه خالية أمامهم فالوفد قاطع الانتخابات وبعيد عن المعركة. والحكومة لا تمثل إلا أقلية شعبية ولذلك يمكن اعتبار الانتخابات اختبارا لقوتهم السياسية.


وماذا يكون الأمر حينما تعمل الحكومة على هدم الأدلة الموجودة بين يدى المدنيين من غير رجالها؟
== مهد [[الإخوان]] لذلك.. ==


... وتستمر محاولات طمس الحقائق , وتزوير الأدلة فإنها  كانت أيام الزيف!
كتب الشيخ أبو زهرة : [[الإسلام]] يبيح دخول الانتخابات طالما أن فى ذلك نشر [[الإسلام]]" وقال الشيخ [[على الخفيف]]:" لا مانع شرعا يمنع الجماعات الدينية من دخول البرلمان والاشتراك فى الحكم بصفة عامة".  
الجنازة


اتصل الملك فاروق حوالى الساعة التاسعة مساء بلادكتور [[يوسف رشاد]] وقال له:
وكتب [[المرشد العام]]: ليس البرلمان وفقا على أصوات دعاة [[السياسة]] الحزبية على اختلافها ألوانها ولمنه منبر الأمة تسمع من فوقه كل فكرة صالحة, ويصدر عنه كل توجيه سليم يعبر عن رغبات الشعب".
- حسن ضرب بالرصاص وحالته خطرة , ولكنه لم يمت بعد. وقال الدكتور [[يوسف رشاد]] إن لهجة الملك دلت على فرحته وارتياحه للحادث.


- وقالت السيدة ناهد رشاد – زوجة الدكتور [[يوسف رشاد]] – إن فاروق كان سعيدا جدا يوم الجريمة.
بدلا من أن يطلب ماهر من [[البنا]] سحب الترشيح كما فعل النحاس, وتركه يخوض المعركة ليزعم أن الانتخابات حرة يدخلها من يشاء!


- وقال محمد حسن السليمانى – الأمين الخاص للملك منذ عام 43 – إن فاروق كان متأثرا جدا عندما قتل النقراشى. وعندما قتل [[البنا]] لم يظهر أى تأثير. واتصل الملك بحسن يوسف وكيل الديوان فى منزله ... وكان نائما . قال : هل سمعت بالحادث؟ رد حسن يوسف:
وكان يجب ان ينجح [[البنا]] من الجولة الأولى ف[[الإسماعيلية]] شهدت ميلاد [[الجماعة]] ونموها كما أقام [[الإخوان]] ستين سرادقا للدعاية الانتخابية للمرشد العام وجاءوا من كل شعب [[الجماعة]] لتأييده وهم يهتفون" إلى [[البنا]]..يا برلمان"!


- أى حادث؟
ولكن أعيدت الانتخابات بين [[البنا]] وأقوى منافسيه وهو الطبيب الدكتور [[سليمان عيد]] متعهد توريد الأغذية لقوات الجيش البريطانى فى منطقة القناة لأن أيا منهم الم يحصل على العدد المطلوب للفوز فى الجولة الانتخابية الأولى.


- قال فاروق : الشيخ [[البنا]] ضربوه بالرصاص. قال حسن  يوسف: لا حول ولا قوة إلا بالله!
وفى الإعادة تدخل [[الإنجليز]] والحكومة بصورة أكثر سفورا


- نشرت الصحف المصرية حادث اغتيال الشيخ [[البنا]] بالعناوين الكبيرة فى الصفحات الأولى. قالت صحيفتنا " الأهرام" المستقلةو" الساس" – الناطقة باسم الحزب السعدى الحاكم – إن [[الإخوان المسلمين]] هم الذين قتلوا [[البنا]] لأنه كان ينوى ابلاغ الحكومة عن مكان الأسلحة ومحطة الإذاعة السرية .  
منع الحاكم العسكرى البريطانى مندوبى [[البنا]] من دخول اللجان الانتخابية فى سينا والتصويت فيها وقام مندوبو مرشح الحزب السعدى بملْ الصناديق بالأصوات المؤيدة على هواهم.


وكان [[الإخوان]] المفجوعوون فى قتل مرشدهم يقرأون هذا الكلام ويعجبون له مثل عجبهم للجريمة ذاتها.
وتولت سيارات الجيش البريطانى نقل العمال من المعسكرات البريطانية غلى مراكز التصويت.


- وصفت مجلة " الدعوة" بعد حين مشاعر [[الإخوان]] فقالت
وحشدت الحكومة أنصارها وقامت بتزوير الانتخابات ضد [[البنا]] وزملائه الخمسة الذين رشحوا أنفسهم فى دوائر أخرى كمستقلين حتى لا يدخل [[الإخوان]] مجلس النواب ومبادئهم معروفة ولأنهم تعاونوا يوما مع الوفد وإن لم يكن هذا التعاون السبب الوحيد لإسقاطهم.


" لو كان فى القلوب يومئذ مكان للضحك, لضحك الناس على ذلك.
وكانت نتيجة التزوير سقوط [[البنا]] وجميع مرشحى [[الإخوان]], وقيل إن[[ [[أحمد ماهر]]]] علق على عدم فوز الشيخ قائلا:


ولكن كان بالقلوب ما يكفيها من أحزان"!
-لا شأن للحكومة المصرية بدائرة [[الإسماعيلية]] . و[[الإنجليز]] هم الذين يديرونها!


بدأت " الأساس" رواية قصة الاغتيال فقالت:" منذ أذاع الأستاذ [[البنا]] بيانه استنكر فيه أعمال الإجرام التى ارتكبها فريق من الذين انتموا إلى جماعته المنحلة . وهو يتلقى من بعض الأعضاء الذين كانوا معه استفسارات واستنكارات لموقفه.
وعندما أعلن فوز مرشح الحكومة فى [[الإسماعيلية]] كادت تحدث فتنة لولا تدخل [[البنا]].


وأول أمس تلقى خطاب تهديد, من نوع  الخطابات التى انتشرت فى اليام الأخيرة فى كل مكان.وعرف أن سبب هذا التهديد الأخير ل[[البنا]] أنه أرسل  إلى الحكومة كتابين منذ ثلاثة أيام يقول فى الأول منهما إنه استنكر أشد الإستنكار الحادث الإجرامى الذى حاول فيه أحد اتباعهالسابقين نسف محكمة الاستنئاف ويصف هذا الشاب بأنه ليس أخا وليس  مسلما.
خطب فى الجموع قائلا:


كما أعرب فى كتابه الثانى  عن استعداده لتسليم محطة الإذاعة السرية التى تتحدث باسم [[الجماعة]] المنحلة واستعداده لتسليم الذخائر والأسلحة الباقية لدى بعض أعوانه ولم تقع فى يد البوليس حتى الآن.
هذه الحشود الهائلة بهذه الصورة الرائعة تصم الحكومة بالتزوير والتضليل إن مراجلكم تغلى بالثورة وعلى شفا الانفجار . ولكن اكظموا غيظكم وانصرفوا إلى منازلكم وبلادكم مشكورين مأجورين. لتفوتوا على أعدائكم فرصة الاصطدام بكم.


وكانت " الأساس " تكذب فإن بيان" ليسوا إخوانا وليسوا مسلمين " كتبه الشيخ [[البنا]] قبل شهر.
وقال:


أبرقت السفارة البريطانية إلى لندن فى الرابعة صباحا بوفاة [[البنا]] ... مما يدل على أن هذا النبأ يهم [[الإنجليز]] ولذلك أبلغوا بالجريمة بع وقوعها وقبل الفجر.
إن عجز أمة عن أن تدفع بأحد أبنائها إلى البرلمان . ليقول كلمة الحق والسلام  لدليل على أن الحرية رياء وهباء, وأن الاستعمار سر البلاء وتهاجم صحيفة [[الإخوان]] نظام الانتخابات لأنه " فاشل فى أداء رسالته " ومع ذلك أعلن [[البنا]] أن سيشترك فى اقرب انتخابات قادمة . 
ونشرت صحيفة " التايمس" فى لندن النبأ فى طبعتها الأخيرة كررت الصحيفة البريطانية مزاعم الحكومة المصرية فقالت: " ذكرت التقارير أن الشيخ تلقى أخيرا خطابات بالقتل إذا حاول إفشاء أسرار [[الجماعة]] المحظورة إلى السلطات خاصة ما يتعلق منها بمخازن أسلحتهم السرية"


وقال جيفرسون باترسون القائم بالأعمال الأمريكى:" لم تبد وزراة الخارجية المصرية تعاطفا مع القتيل وقال مسئول بالوزارة إن [[البنا]] أنشأ وحشا.ووضع رجال الشرطة على أهبة الإستعداد فى جميع أنحاء البلاد توقعا لانتقام [[الإخوان]]".
وأنه  فى انتخابات حرة يستطيع ان يحصل على أغلبية ساحقة ولكن [[الجماعة]] لن تتقدم إلا فى عدد محدود من الدوائر.


التزم أعضاء هيئة كبار العلماء الصمت بعد اغتيال [[البنا]] بينما أصدروا بيانا بعد مصرع لانقراشى أدانوا فيه الاغتيال السياسى.
قال الشيخ لمرتضى المراغى مدير الأمن العام ووزير الداخلية بعد ذلك


وأبدت صحيفة " اللواء الجديد" صحيفة لاحزب الوطنى – أسفها للحادث وقالت إن " الشيخ [[البنا]] كان يود اغتياله أن يعتكف استجماما من عناء ما كابده فى اليام الأخيرة".
-عملت الحكومة جهدها على إسقاط مرشحى [[الإخوان]] مع أنهم تقدموا باعتبارهم مستقلين لا باعتبارهم ممثلى [[الإخوان المسلمين]].


وقالت مجلة الحوادث الوفدية" من كل هذا يبرأ الوطن".
وأضاف:


وقال الأمير المغربى عبد الكريم عندما سمع نبأ الجريمة:
- أتدرى متى نستطيع دخول الانتخابات بصفتنا إخوانا مسلمين؟


" ويح [[مصر]] وإخوتى أهل [[مصر]]. سفكوا دم ولى من أولياء الله".
- قال المراغى:


ولم تنشر كلمات الأمير – بسبب الرقابة على الصحف  - إلا... بعد حين!
- متى؟


غادر اللواء أحمد عبد الهادى حكمدار شرطة [[القاهرة]] منزله – عندما سمع بالجريمة – إلى مقر جمعية الشبان المسلمين ثم توجه إلى مكتبه ليستمع إلى تقارير كثيرة من رجاله فى كل مكان.
قال الشيخ [[البنا]]: حين يقبل الملك أن يكون لنا فى الوزارة وزيران أو ثلاثة وزراء . عندئذ نعرف كيف نحظى بعدد من كراسى مجلس النواب.


قالت هذه التقارير – على حد تعبير الحكمدار – إن الجريمة افزعت كثيرا  من الزعماء والأجانب وأنه خشى رد فعل [[الإخوان]] فينتهزون الفرصة لإحداث اضطرابات خطيرة او ثورة فيفلت الزمام.
قال المراغى: هل يعنى هذا أنكم تقبلون دخول الوزارة إذا دعاكم الملك من دون شروط


ظل فى مكتبه حتى الفجر يوزع قوات الشرطة على أنحاء المدينة لتأمين حالة الأمن العام وعمل الإجراءات اللازمة فى مثل هذه الظروف.وربما كان فى استطاعة [[الإخوان]] إحداث اضطراب ولكن كان واضحا أن معظم أعضاء النظام الخاص قد اعتقلوا , كما أن اغتيال [[المرشد العام]] جعل باقى [[الإخوان]] فى حالة يمكن أن يطلق عليها التعبير الحديث الشائع" انعدم الوزن"!
قال [[البنا]]: نعم دون أية شروط لأن وجودنا ضرورى لخدمة البلد إن برنامجنا الاجتماعى إصلاحى يقوم على أسس قوية


رأى عبد الرحمن عمار وكيل وزارة الداخلية أن  تشيع الجنازة مباشرة من مشرحة القصر العينى خشية أن ينتهز [[الإخوان المسلمون]] الفرصة وأعدادهم كثيرة وانتشارهم واسع ب[[القاهرة]] وضواحيها, لإحداث خلل بالأمن العام يؤدى إلى نتائج خطيرة.
قال المراغى:


ولكن والد الشيخ [[البنا]] توجه إلى مكتب اللواء أحمد طلعت وطالب بالحاح أن تشيع  الجنازة من منزله.
- يا أستاذ حسن.وماذا يصنع وزراؤكم فى رخص نوادى الميسر والملاهى " البارات والخمارات"؟


لم يوافق الحكمدار إلا بعد استئذان وكيل الداخلية والمسئولين فى الوزارة وكان الشرط الوحيد المعلن أن تشيع الجنازة فى هدوء... بلا مظاهرات أو هتفات
- ضحك [[البنا]] وقال:


فى مذكراته قال الدكتور [[محمد حسين هيكل]] رئيس مجلس الشيوخ..
- هذه قفشة  لا بأس بها عسى أن يستطيع وزراؤنا إزالة ذلك المنكر .
- قال المراغى:


نقلت جثة الشيخ حسن من مستشفى قصر العينى إلى منزل والده فى سر من الناس.. ثم أمرت بألا يشيعه , إلى مقره الأخير إلا عدد محدود من أهله المقربين وألا يقام  له مأتم يقصد المعزون.
- لعل هذا من باب " والله لنخوض إليكم الباطل حتى نصل إلى الحق" أو من " باب الضرورات تبيح المحظورات".


وكانت المحافظة على الأمن , سند الحكومة فى تصرفها".
- قال [[البنا]]:


وصفت صحيفة " الكتلة " الناطقة باسم حزب الكتلة الذى يرأسه [[مكرم عبيد]] باشا جنازة [[البنا]] فقالت:
- نعم لك حق.


نقل جثمان [[البنا]] إلى بيته فى سيارة , تحرسها سيارة مملوءة بفريق من رجال البوليس المسلحين..
وربما يكون من حسن حظ [[الإخوان]] أنهم لم يدخلوا مجلس النواب وإلا أصبحوا مثل أحزاب الأقليات الممثلة فى البرلمان فتذوب [[الجماعة]] فى الخضم السياسى المضطرب فى [[مصر]] ولا تستطيع أن تفرض رأيا.
وفى أحد الشوارع الحلمية وقفت القافلة ونزل الجند فاحاطوا ببيت الفقيد ولم يتركوا ثقبا إليه الشك إلا وسدوه بجندى وسلاح!


وقف والد الشيخ [[البنا]] , ذلك الرجل الهرم الذى جاوز التسعين عاما, ولم تبد عليه عوامل السنين.
وعلى أية حال فإن [[البنا]] أدرك فشله فى انتخابات [[الإسماعيلية]] انه ليس من مصلحة [[الإخوان]] الصدام مع الحكومة و[[الإنجليز]] وأن ساعة المواجهى لم تأت بعد.


عرف بخبر وفاة ولده من أحد الضباط فى الساعة الواحدة بعد منتصف الليل. وقيل له أنهم لن يسلموا إليه جثته إلا إذا وعدهم بأن يدفن فى الساعة التاسعة لا احتفال . وإلا فإنهم سيضطرون إلى حمل الجثة من مستشفى القصر العينى إلى القب.
لم يطل عهد [[أحمد ماهر]] فى رئاسة الوزارة سوى أربعة شهور فقد فكر التنظيم السرى [[للإخوان]] فى اغتياله. وعهد بذلك إلى أحد أعضائه وهو [[أحمد عبد الفتاح طه]].


واضطر إزاء هذه الأوامر إلى أن يعدهم بتنفيذ كل ما تطلبه الحكومة رغبة منه فى أن تصل جثة ولده إلى بيته ليلقى عليه نظرة أخيرة.
ولكن [[أحمد عبد الفتاح طه]] جبن فى اللحظة الأخيرة عن  قتل [[أحمد ماهر]] وعاد إلى أعضاء [[النظام الخاص|الجهاز السرى]] يعترف بجبنه!


ظل الرجل ساهرا تطحنه الأحزان وقبيل الفجر تتابعت على باب المسكن طرقات كان صداها يطحن قلب الشيخ.
وفى اليوم التالى اغتال محمود العيسوى رئيس الوزراء داخل دار البرلمان يوم 24 من [[فبراير]] [[1945]] وهو ينتقل من مجلس الشيوخ إلى مجلس النواب ليعلن قرار [[مصر]] بدخول الحرب حتى يتسنى حضور مؤتمر الصلح طبقا لقرارات الحلفاء فى اجتماعهم بمدينة يالتا
   
كان وحده الذى يعلم وينتظر فإن اشقاء الفقيد جميعا كانوا داخل المعتقلات. فتحوا الباب وأدخلوا لجثة متسليين فلم يشهدها أحد من الجيران . ولم يعلم بوصولها سواه.


وظل حصار رجال البوليس مضروبا, لاحول البيت وحده, بل حول الجثمان نفسه, لا يسمحون لإنسان بالإقتراب منها مهما كانت صلته بالفقيد.
اعترف العيسوى بجريمته: قال إن قرار إعلان الحرب. وما قد يجره على البلاد من نكبة محققة لو دخلت حربا دفعة غلى قتل رئيس الوزراء.


وقام الأب نفسه بإعداد جثة زلده وتجهيزها للدفن. فإن أحد من الرجال  المختصين بذلك لم يسمح له بالدخول..
وقال إنه ينتمى إلى [[الحزب الوطني]] وتبين انه كان يتمرن على المحاماة فى مكتب عبد الرحمن الرافعى ثم فى مكتب عبد المقصود متولى وهما من كبار رجالات هذا الحزب.


ثم نزلت لاجثة حيث وضعت فى النعش وبقيت مشكلة من يحملها إلى مقرها الأخير.
ألقى القبض على عبد العزيز على وهو من قادة النضال السرى للحزب الوطنى وصهره عبد السلام مصطفى المحامى بتهمة الاشتراك فى الجريمة لأنهما من [[الحزب الوطني]] ومن أصدقاء القاتل أيضا.


طلب إلى رجال البوليس أن يحضروا يحملون النعش فرفضوا قال لهم: ليس فى البيت رجال : أجابوا
وفى مذكرات عبد العزيز على" الثائر الصامت" قال إن العيسوى
فلتحملها النساء!


وخرج نعش الفقيد محمولا على أكتاف النساء وفى مقدمتهن فتاة قوية صبور تهتف بأبيها:
- من شباب [[الحزب الوطني]] وقد أصر العيسوى رغم التعذيب والتهديد والإغراء  على أنه وحده القاتل والمدبر للجريمة.


قر عينا يا ابتاه. فلن نتخلف عن رسالتك . ولئن منعت الحكومة من يشيع جنازتك – وأسفاه لنذالة الحكام – فحسبنا عزاء وجزاء أن أرواح الشهداء تمشى معنا, وتشيع عن أهل السماء , ما عجز عن تشييعه أهل الأرض.
قال الشيخ [[سيد سابق]] وهو من زعماء [[الإخوان]] للكاتب الأستاذ [[خالد محمد خالد]]:


وسارت الجنازة الفريدة فى الطريق فإذا بالشارع كله قد رصف برجال البوليس.
محمود العيسوى من صميم [[الإخوان المسلمين]].
وإذا بعيون الناس من النوافذ والأبواب تصرخ ببريق الحزن والألم والسخط . على الظلم المسلح الذى احتل جانبى الطريق!


وعندما وصل الموكب الحزين إلى جامع قيسون للصلاة على جثمان الفقيد كان المسجد خاليا من الناس حتى من الخدم.. فإن رجال البوليس قدموا إلى بيت الله. وأمروا من فيه بالإنصراف . كى لا تتم الصلاة على الجثمان.
وفى مذكرات الشيخ  [[أحمد حسن الباقوري]] قال إن [[النظام الخاص]] أو [[النظام الخاص|الجهاز السرى]] [[للإخوان]] رأى الانتقام من [[أحمد ماهر]] لأنه أسقط الشيخ [[البنا]] فى الانتخابات ب[[الإسماعيلية]] فوجه محمود العيسوى لاغتيال رئيس الوزراء.


ووقف الأب أمام النعش يصلى فانهمرت دموعه... فى ابتهالات إلى السماء .
وفى اعترافات أعضاء جماعة [[الإخوان]] أمام محكمة الشعب التى شكلها [[جمال عبد الناصر]] برئاسة [[جمال سالم]] قالوا إن [[الإخوان]] هى التى اغتالت [[أحمد ماهر]] ,ولكن لا يعوّل على اعترافات المتهمين أمام هذه المحكمة فقد لقى المتهمون شر أنواع التعذيب"


ومضى النعش إلى مدافن الإمام الشافعى فوورى [[البنا]] التراب وعادالجميع القليل إلى البيت الباكى الحزين...
ولكن الدكتور [[محمود عساف]] عضو الهيئة التأسيسي للجماعة ومدير شركة إعلانات [[الإخوان]] ينفى انتماء العيسوى قائلا انه كان يحضر فقط درس الثلاثاء الذى يلقيه [[المرشد العام]] فى مقر [[الجماعة]] أسبوعيا.


وعادت النساء الثلاث اللائى حملن النعش على أكتفهن وعاد الوالد الواله  الحزين...
طلب العيسوى سماع رأى زعماء [[مصر]], وبينهم الشيخ [[البنا]] فى قرار إعلان الحرب فقبض على [[المرشد العام]] وزميليه [[أحمد السكرى]] و[[عبد الحكيم عابدين]] للتحقيق معهم!


وهكذا فى اثنتى عشرة ساعة قتل الشيخ [[البنا]], وشرح, وغسل, ودفن وانطوت صفحة حياته!
== رجل العام ==


ومضى النهار وجاء الليل فحرم على أفراد الأسرة أقامة العزاء وتلاوة القرآن ولم يحضر أحد من المعزين لأن الجنود منعوا الناس من الدخول... أما الذين استطاعوا الوصول للعزاء فلم يستطعيوا العودة إلأى بيوتهم .  
أسند الملك رئاسة الوزارة إلى [[محمود فهمى النقراشي]] باشا وزير الخارجية والرجل الثانى فى حزب [[أحمد ماهر]] الحزب السعدى.


فقد قبض  عليهم وأودعوا المعتقلات. عدا [[مكرم عبيد]] باشا. الذى تعرض لعنت رجال البوليس حين أرادوا أن يمنعوه من واجب العزاء فلم يمكنهم. ودخل البيت وأزجى كلمات العزاء .
كان [[النقراشى]] فى الثامنة والخمسين ولد من أسرة فقيرة حصل على  دبلوم المعلمين. وأوفده [[سعد زغلول]] فى بعثة إلى انجلترا وبعد عودته عين مدرسا ناظرا لمدرسة رأس التين ب[[الإسكندرية]].
قال [[الإخوان]] إن الحكومة خجلت من القبض على [[مكرم عبيد]] لأنه  يجوز أن يكون من [[الإخوان]] ولكن المقطوع به أنه ليس من المسلمين!


فى كتابه" معتقلات هاكستب" كتب المناضل العربى الذى اتخذ [[القاهرة]] دارا له بعد ضياع وطنه محمد على الطاهر:
اختاره [[سعد زغلول]] عندما تولى رئاسة الوزارة وكيلا لمحافظة [[القاهرة]] ثم وكيل لوزارة الداخلية وأتهم بالاشتراك فى اغتيال السردار البريطانى السير لى ستاك عام [[1924]] فاعتقل ثم أفرج عنه.


اقترحت على الحاضرين- فى مكتبى – أن نقوم جميعا ونذهب إلى سرادق التعزية المعتاد فى مثل هذه الظروف, فقالوا
واتهم مرة ثانية مع [[أحمد ماهر]] , بالاشتراك فى قضية الاغتيالات الكبرى عام [[1925]] فاعتقل عاما كاملا حتى صدر الحكم ببراءتهما سنة [[1926]]


-منعت الحكومة إقامة سرادق العزاء , ولذلك جئنا لنتبادل العزاء عندك وقبيل منتصف الليل لم يبق عندى إلا الكاتب الأديب وكيل وزارة التعليم محمد سعيد العريان, وكان من زملاء الفقيد فى الدراسة فكان يبكى صديقه بكاء شديدا. قلت له:
انتخب عضوا فى مجلس النواب عن الوفد واختاره [[مصطفي النحاس]] زعيم الحزب, وبعد وفاة [[سعد زغلول]] وزيرا للمواصلات عام [[1930]] وعضوا فى هيئة المفاوضات فى معاهدة [[1936]] واختلف – كوزير للمواصلات – مع النحاس فى العام التالى فأخرجه النحاس من الوفد ومن الوزارة فأسس مع [[أحمد ماهر]] الحزب السعدى عام [[1938]] وتولى منصب الوزارة أكثر من مرة منذ ذلك الحين.


ما رأيك فى أن نذهب الآن إلى منزل الفقيد لتعزية والده وأهله قال : هيا بنا.ركبنا سيارة الأستاذ العريان فإذا بحى الحلمية لاذى فيه دار المرحوم [[البنا]] مظلم الجنبات مطفأ الأضواء. وكانت الدكاكين كلها مغلقة.
رأى بعض المسئولين فى وزارة الخارجية البريطانية أن " الملك أساء اختيار رئيس وزرائه وأنه لا يوجد من هو أسوأ من النقراشي باشا! وأن نفوذه السياسى يتركز فى علاقته الطيبة بالملك وقدرته  عل تجميع العناصر الوطنية المناوئة للإنجليز".


أطل[[قنا]] الأنوار فإذا بالجنود بألبستهم السوداء يلوحون فى ذلك الظلام كالأشباح , وبأيديهم [[البنا]]دق مشرعة, وإذا بهم يقفون لنا فى عرض الطريق سدا, ويشيرون إلى السائق بالإتجاه إلى غير اتجاهنا.
وكان اللورد كيلرن السفير البريطانى شديد العداء للنقراشى,


وتعجبنا من هذه الاحتياطات . وأوعزنا إلى السائق أن يدور ويدخل المنطقة من شارع آخر وليكن ما يكون.
فى خطاب قبول رئاسة الوزارة قال [[محمود فهمى النقراشى]] باشا للملك فاروق:" اعتزمت على انتهاج سياسة الحزم والمضاء فى تحقيق أسباب الأمن والنظام".  


ولكن الشرطة لم تسمح بالحركة إل إذا عادت السيارة من حيث أتت وإلا!.... وإلا فإنهم يطلقون علينا النار . وعند ذلك رجعنا ونحن نحمد الله على أنهم اكتفوا منا بالرجوع"!
ويعلق السفير البريطانى على ذلك قائلا:


فى مذكراته قال الماجور سانسوم ضابط الأمن بالسفارة البريطانية " إن كل الإجراءات التى اتخذت لمنع المظاهرات بعد اغتيال [[البنا]] , وفى الجنازة, ثم تخطيطها قبل عدة أسابيع"!
" لم يضيع القراشى الوقت. بل اعتقل العناصر القيادية لما يمكن أن تكون منظمات تخريبية مثل حزب [[مصر الفتاة]] و[[الإخوان المسلمين]] والجناح المتطرف من [[الحزب الوطني]]  - اللجنة العليا – واتخذ النقراشى باشا حذره عندما أصدر قراره يمنع اجتماعات هذه المنظمات"


بعث جيفرسون باترسون القائم بأعمال السفارة الأمريكية إلى واشنطن يقول:
اعتقل [[البنا]] فى سجن قسم شرطة الخليفة مع أربعين من المشتبه فيهم من رجال [[الأحزاب]] المختلفة ينامون على الأرض فى حجرة واحدة قذرة . تضيق فيها أنفاس الإنسان.


" تم فى هدوء دفن الشيخ  [[البنا]]. وهذا الدفن السريع ليس له سوابق حتى فى [[مصر]] التى يقضى فيها القانون بدفن الجثة خلال أربع وعشرين ساعة من الوفاة. وقد تم تحت ضغط الحكومة التى خشيت أن تكون الجنازة العامة للرجل مناسبة لأتباعه والمتعاطفين معه للتجمع وتعكير الأمن.
ويحاول رجل البوليس السياسى محمد إبراهيم إمام أن يتقرب إلى [[البنا]] فيعرض عليه – وحده – الانتقال إلى حجرة أخرى, ولكن [[المرشد العام]] يرفض مما جعل كل المعتقلين يكبرون الرجل ويعجبون بروحه المعنوية العالية. ويفرج عن [[البنا]] بعد عشرة أيام.
وأحاطت حراسة الشرطة المشددة بالنعش من المشرحة إلى المسجد .  


وأعلنت حالة الطورئ بين قوات الشرطة فى أنحاء البلاد ووضعت قوات الأمن فى حالة تأهب".
وأثناء الأيام العشرة التقى [[المرشد العام]] قسم الخليفة ب[[محمد الليثي]] الرجل الذى قدر له أن يلعب دورا هاما فى حياة [[المرشد العام]].. وفى وفائه أيضا!


قال عباس السيسى فى كتابه " [[البنا]]. مواقف فى الدعوةوالتربية": " رد الأطار الطاهر والجسم العزيز إلى أهله ليخرج [[البنا]] من الدنيا متواضعا يسير المظهر. كما دخلها , وكما عاش متواضعا يسير المظهر. وساهمت الحكومة المتحضرة فى هذا التواضع واليسر فحرمت على المشيعين أن يقربوه ورأى الناس يومئذ عجبا فى الجنازات.


وفى وحشة الشارع المقفز من الغادى والرائح , إلا من هذه الجنازة المتمهلة الفريدة ارتجت المنازل على الجانبين وأجهشت النوافذ والشرفات بالبكاء, وهم يرون [[البنا]] العظيم, يحمل على كتف زوجته وأبنته إلى مقره الأخير"!
حاول [[البنا]] ألا يستعدى ضده محمود فهمى النقراشى رئيس الوزراء الجديد فتوجه إلي بعد الإفراج عنه يعزيه ولكن بدون جدوى  فإن [[النقراشى]] أصدر  قرارا بمنع اجتماعات [[الإخوان]] , و[[مصر الفتاة]] واللجنة العليا للحزب الوطنى ولكن الكاتب السوفييتى سيرانين. فى كتابه ز فسر مرونة [[الإخوان]] بطريقة أخرى.


بقى ما وقع أثناء الجنازة وبعدها من حوادث أدت إلى اعتقال مئات من الناس لأسباب غريبة تكاد لاتصدق.
قال إنه " بعد إقالة وزارة النحاس راجع زعماء [[الجماعة]] حساباتهم بسرعة وفاء منهم لمبدئهم العتيق " فلنقبل الأيادى التى لم تستطع قطعها " فغيروا موقفها تجاه الوفد وأقلبوا على الاتحاد مع أحزاب الحكومة منضمين  بذلك لصفوف الجوقة المنددة بسياسة النحاس وحزبه"ويقول سيرانيان أيضا " إن التحالف بين الحكومة و[[الإخوان]] لم يتعكر صفوه بعد اغتيال [[أحمد ماهر]] ولم يحدث أن استغل حزب [[الكتاب الأسود]] الذى كتبه [[مكرم عبيد]] كما استغله [[الإخوان]] للتشهير بالوفد".  


حشر المعتقلون حشرا فى غرفة ضيقة باردة عفنة هى سجن نقطة الإمامين القريبة من المقابر.وهذه بعض أسباب الإعتقال:
ويقرر [[الإخوان]] التضامن مع باقى أحزاب المعارضة فى مظاهرة تبدأ من ميدان دار الأوبرا للترحيب بأعضاء مجلس الجامعى العربية واستنكار الاحتلال الفرنسى لشمال أفريقيا والمطالبة  بجلاء الفرنسيين.
وتقرر الحكومة منع المتظاهرين من مغادرة الميدان فيتجمع فيه الفان من [[الإخوان]] بعد ظهر يوم 4 من [[يونيو]] يخطب فيهم [[البنا]] ورئيس مجلس النواب السورى وآخرون.


هذا الشاب الذى يلبس رباط عتق أسود – كرافتة – حداد على أبيه المتوفى  قبل أيام . أدرك رجل البوليس بفطنته أنه يلبسها حدادا على اشليخ [[البنا]].
ويخرج المتظاهرون من الأوبرا إلى ميدان عابدين فيخطب فيهم مرة ثانية [[المرشد العام]] ثم  يطلب منهم الانصراف فى هدوء .. فينصرفوا.


واستبعدت فطنته أن هناك سببا آخر دفع الشاب غلى لبس الكرافتة السوداء, فهو غذن, من غير شك, من أشياع [[البنا]] ومريديه الذين كنت تتعقبهم السلطات تنطكل بهم أسوأ تنكيل.
ويقول مركز المخابرات البريطانية إن " إلغاء قرار الحكومة والسماح بخروج المظاهرة من ميدان الأوبرا تم بأمر صاحب الجلالة ملك [[مصر]] ".
وقد أودعوه السجن ثم المعتقل.


وذلك الرجل...
وهذا يدل على ارتباط [[الإخوان]] بالقصر.لكن الوزارة تلقى القبض على [[مصطفي مؤمن]] زعيم طلاب [[الإخوان]] فى جامعة [[القاهرة]] وتمنع [[الإخوان]] من عقد اجتماعاتهم.


ضبطه رجل البوليس يتمتم بالفاتحة من إحدى النوافذ أثناء سير جنازة الشيخ الرهيبة, فصعد إليه واقتاده, من بين أطفاله وزوجته,  والسلاح فى ظهره مستعد ليسكته إذا حاول الفرار أو المقاومة...
ويطالب [[صالح عشماوى]] باستقالة الوزارة كتب يقول:
وفى محضر البوليس سألوه عن صحة التهمة وهل قرأ الفاتحة حقا على روح الشيخ [[البنا]]... أجاب بالإيجاب.
هنا ا ازدحمت الأكف والقبضات والأقدام فوق وجهه وجسمه وعادوا يسألونه :


ولماذا قرأت الفاتحة ؟فأجاب الرجل : من شعائر الدين أن نقرأ الشهادتين عندما يمر ميت ونقرأ الفاتحة على  روحه.
- هذه الوزارة لم تفعل شيئا ولم تنتج شيئا ولا يجب أن تبقى ساعة من نهار!
ويعقد [[الإخوان]] مؤتمرهم الوطنى العام يوم 8 [[سبتمبر]] [[1945]] فيشهده 2500 عضو يؤكدون التزام [[الجماعة]] بالقرآن. ويطالبون بتحقيق الأمانى الوطنية فى الجلاء.ويكون الجديد فى هذه القرارات المطالبة بتأميم قناة [[السويس]].


صرخ أحد رجال البوليس, وقد استقرت يده على وجه المسكين لتصافحه بحرارة, وهو يقول :
ويكتب جيمس بوكر القائم بأعمال السفير البريطانى إلى لندن قائلا:


كان لازم تعمل حنبلى النهاردة يا ابن....صاح المتهم البرئ الذى كان احترامه لشعائر دينه ذنبا لا يغتفر قائلا: وهل فى قراءة الفاتحة جريمة يعاقب عليها القانون؟
" هذه هى المرة الأولى يعلن فيها [[البنا]] صراحة أن للجمعية أهدافا سياسية . وكان دائما يحاول إقناع الحكومة والسفارة بأن الجمعية لا تتدخل فى [[السياسة]].ولم يصدق أحد ذلك الادعاء"
ومرة أخرى ..


ازدحمت الكف والقبضات والأقدام فوق وجهه وجسمه.
ألغيت الأحكام العرفية فى 4 [[فبراير]] [[1945]] ويعقد [[الإخوان]] مؤتمرا فى اليوم نفسه يدعون فيه إلى المقاومة الشعبية والجهاد ويهاجمون مبدأ المفاوضات .
وأغمى عليه..


وافاق ليجد نفسه فى اغرفة الباردة العفنة, مع عشرات آخرين . لإرساله إلى المعتقل بلا محاكمة.
ويزور [[البنا]] و[[محمود لبيب]] قائد الجوالة [[محمد أنور السادات|أنور السادات]] فى بيته أخذ [[المرشد العام]] يشرح للضابط الشاب متاعبه فقال:
ولقد خلع حامد جوده رئيس مجلس النواب .. السواد على النقراشى باشا فى ذلك اليوم بالذات. ولم يكن قد انقضى على مقتل النقراشى باشا أكثر من ثلاثة وأربعين يوما.
وشن البوليس حملة عنيفة على المساجد فى العاصمة.


وقبل أن يغشى الظلام مدافن الإمام الشافعى, كانت ثلة من الجنود تحاصر الطرق المؤدية إلى المقبرة وقوات كبيرة تحيط بمنزل الفقيد لتمنع الداخلين ولو كانو من مرتلى آى الذكر الحكيم. وتقبض على الخارجين , ولو كانوا من جيران الراجل الكريم!
- أنها تأتى من ناحيتين الملك والأجانب..


واشيع ذات مساء أن بعض أصدقاء الشيخ [[البنا]] آلمهم أن يدفن الرجل بهذه الصورة المزرية المؤلمة. فاعتزموا اختطاف الجثة من قبرها واخفائها عين أعين البوليس . طير الخبر إلى السلطات المختصة. فأمرت بمضاعفة الحراسة, والتأكيد من كل شخص يمر بالطرقات المؤدية إلى مدافن الإمام الشافعى.
الملك يشعر شعورا قويا بخطورة دعوة [[الإخوان]] لما يسمعه من أن الدعوة تقوم على أن يكون الملك بالمبايعة لا بالوراثة .. والأجانب يرهبون الدعوة لأنها تقوم على وجوب الأخذ بشريعة [[الإسلام]] وستتعرض حتما لأعمالهم وأموالهم وأضاف [[المرشد العام]]:


وكان الجنود المسلحون يتناوبون الحراسة بعيون يقظة خوفا من أن يتمكنوا من سرقة الججثمان [[البنا]] الذى مزقته الجريمة! فخصصوا فرقا من  رجال البوليس للسهر عليه وحراسته خشية أن ينقل الجثمان  إلى مكان يليق بمقامه!
-يدبر الملك أمره ليبطش بهذه الحركة التى لم تبلغ أوج قوتها بعد .. وما أيسر أن تتحول النظرة الموحدة من الأجانب والملك إلى تحالف عملى للقضاء على الدعوة وعلى [[الجماعة]] التى تدعو إليها,
قال :


وابى – من بيدهم الأمر – إلا أن يضطهدوا الرجل فى موته .. وإلا أن يحرسوه من عندهم .
أريد أن أضع حدا لهذه المتاعب ويمكن أن يطمئن الأجانب إلى الدعوة لو اطمأن إليها الملك وأستطيع أن أكسب ثقته لو تقابلت معه.
وفى الليلة التى ظنوا أنها موعد تنفيذ المؤامرة الخيالية – مؤامرة خطف الجثمان – امتلأت مقابر الإمام برجال البوليس لأول مرة .
   
وكان رجال البوليس كلما اشتبهوا, فى شخص أو جماعة, من لامارة أوقفوهم وفتشوهم. وسألوهم إلى أين هو ذاهبون.. فإذا اطمأنوا إليهم . سمحوا لهم بالإنصراف وإذا ارتابوا فيهم قبضوا عليهم واودعوهم المعتقلات!


ولمح نفر من رجال لابوليس بعض الناس يحملون نعش ويسيرون به بين المقابر ولعلهم كانوا قد قدموا به من مكان بعيد فلم يدركوا المقابر إلا بعد الغروب.
ويتجه [[البنا]] بالحديث إلى هدفه مباشرة قال:
وفوجء المشيعون بأسلحة تلمع فى الظلام وأصوات تأمرهم بالوقوف وبوضع لنعش على الأرض للتحقيق من الميت!


ورفع أحد الجنود غطاء النعش وسلط عليه  ضوء مصباح كهربائى فى يده ثم أمرهم بإعادة الغطاء وأن يمضوا فى طريقهم... بعد أن تبين الجندى أو وجه  الميت يختلف عن وجه الشيخ [[البنا]]!
أنت تعرف الدكتور [[يوسف رشاد]] وهو ذو حظوة عند الملك ويمكنه إقناعه بمقابلتى.
وقدر للأموات أن يلقوا نصيبهم من الظلم الذى حاق بالأحياء .. وهكذا ظلت المقابر تنعم بالراحة والدوء . منذ قديم الأزل حتى جاء ذلك العهد فلم يسلم من ظلمه وجوره وجهله, حتى الأموات , الذين هم فى رعاية  الله وبين يديه".


لم يعرف شعب [[مصر]] فى تل الأيم إلا أن [[البنا]] قتل وأن جنازته شيعت من داره  فى الحلمية وصلى على الجثمان فى جامع قيسون .
ويقوم [[محمد أنور السادات|أنور السادات]] بالوساطة ويبلغ [[يوسف رشاد]] الذى يستمع إليه ثم ينتقل حديثه إلى فاروق.ولكن الملك يقرر ألا يلتقى [[يوسف رشاد]] بمرشد [[الإخوان]]


.. أما الوصف الذى كتبه مأمون الشناوى بدون توقيع , فى جريدة " الكتلة" فإنه لم ينشر إلا فى 11 من [[نوفمبر]] [[1949]] أى بعد تسعة شهور من الجريمة...  
ويكرر الشيخ [[البنا]] المحاولة مرة أخرى مع [[محمد أنور السادات|أنور السادات]] ويلتقى [[المرشد العام]] ووكيل [[الجماعة]] , [[أحمد السكرى]] , وبالدكتور رشاد ثلاث ساعات.


لأن الرقابة على الصحف كانت قائمة يوم الجريمة!وظلت الرقابة على الصحف , وعلى القبر مستمرة حتى استقالت وزارة إبراهيم عبد الهادى! وقالت صحيفة المصرى فى – [[نوفمبر]] 49 أيضا – إن الحكومة منعت تلاوة القرآن الكريم أثناء دفن  الشيخ.
قال [[البنا]]:إنى مستعد للتعاون مع الملك
وقال [[الإخوان]] غن الملك فاروق توجه إلأى القصر العينى ليرى [[البنا]] قتيلا. ولكن لا يوجد ما يؤكد هذه الرواية.


وقال محمد الجزار فى التحقيقات التى تمت بعد الثورة إن عبد الرحمن عمار وكيل وزارة الداخلية توجه فى اليوم التالى للجريمة إلى قصر عابدين فقابلوه بالعناق والتبريك.
وقال: ويمكن التغاضى عن بعض تصرفات الملك الشخصية لصغر سنه.. كما سنتعامل معه بصفته حاكما.وأكد [[المرشد العام]] أنه يكن لصاحب الجلالة التقدير والاحترام.


بعد أسبوعين من اغتيال [[البنا]] قابل السفير البريطانى السير رونالد كامبل الملك فاروق.
نقل الدكتور [[يوسف رشاد]] هذا الحديث إلى فاروق وحاول إقناعه بحسن نية [[المرشد العام]] ولكن الملك قال له:
قال السفير:


اعتقد أن الجريمة كانت من فعل اتباع [[البنا]] المتطرفين ممن يخشون أو يرتابون فى أنه يفرط فى الأمور بسهولة.
- [[البنا]] ضحك عليك!


واضاف : هل تعتقد جلالتك أ، الجريمة من فعل السعديين بدافع الانتقام؟ رد فاروق قائلا: إنها بالتأكيد من فعل السعديين بدافع الانتقام وليس من صنع [[الإخوان المسلمين]].
وقصد الشيخ [[البنا]] إلى دار السفارة البريطانية ليلتقى للمرة الثانية بالسير والترسمارت المستشار الشرقى يوم 17 من [[أكتوبر]] [[1945]] وكانت المرة الأولى قبل 18 شهرا.


قال ريتشارد ميتشيل فى كتابه "[[الإخوان المسلمين]]"." إن عملية الاغتيال كانت مخططة أو على الأقل تم التغاضى عنها من جانب  رئيس الوزراء , ربما بدعم من القصر , ونفذت عن طريق البوليس السياسى".
طلب [[المرشد العام]] من [[الإنجليز]] ضرورة القيام بإجراء لمنع هجرة المزيد من [[اليهود]] إلى  [[فلسطين]] قال:
بعد ثورة 23 [[يوليو]] قال العميد احمد كامل قومندان شرطة القصور الملكية إنه يعتقد ن الجريمة تمت لحساب الملك والحكومة.


قال التقرير السنوى للسفارة البريطانية تعليقا على اغتيال الشيخ [[البنا]]:
-اقتراح الرئيس ترومان بهجرة [[اليهود]] إلى [[فلسطين]] يشبه وضع قطعة من النار بجوار برميل من البارود.وانتقل [[البنا]] إلى [[إندونيسيا]] فطالب بريطانيا أن تنظر بعين التعاطف إلى مطالب شعب [[إندونيسيا]] فى الاستقلال.


" هناك أسباب تدعو إلى الشك فى أن الحكومة لم ترفض استخدام وسائل أعدائها الإرهابيين. والاعتقاد بأنها  فعلت ذلك ينتشر على نطاق واسع بالنسبة لاغتيال [[البنا]]"ز
قال سمارت: ذلك الأمر يقع خارج نطاق اختصاصى تماما.


وقال المقدم طه زغلول المفتش بإدارة المباحث بوزارة الداخلية – بعد الثورة أيضا إنه سمع إشاعات كثيرة بان عبد الرحمن عمار وكيل وزارة الداخلية قام لجريمة ارضاء للملك فاروق.وسألأت [[عمر التلمساني]] [[المرشد العام]] للإخوان  عن رأيها فيمن قتل [[البنا]] وأجبا بكلمة واحدة.  
قال [[البنا]]: اقبلوا مطالب [[مصر]] القومية.
فاروق


قلت: وإبراهيم عبد الهادى
وتساءل قائلا: هل تقضى سياسة بريطانيا العظمى بتكوين أمة مصرية عربية متحدة أو بتفريقها كى يمكن حكمها بطريقة أكثر سهولة.


قال: لا يستطيع وحده ارتكاب الجريمة.
رد سمارت قائلا:


إن رجال عبد الهادى أعلنوا أنهم يطلبون الثأر وربما كان هناك تحالف بين الملك ورئيس حكومته.
إن بيانى مستر ايدن عن تشجيع قيام الجامعة العربية يعدان دليلا  كافيا على تشجيع بريطانيا للوحدة بين أصدقائنا المصريين والعرب والبيانات كافيان ليثبتا أن بريطانيا لا تؤيد على الإطلاق أسلوب " فرق تسد" وتبقى بعد ذلك تفاصيل يمكن حلها عن طريق التشاور والتفاهم.
كتب جيفرسون باترسون الوزير الأمريكى المفوض فى [[القاهرة]].


" يوجد ترحيب فى أوساط ال{اى العام بزوال الشيخ لبنا من المسرح وإن كانت هناك خشية من أن يؤدى مقتله إلى عودة الأنشطة  الإرهابية من جديد لأن اختفاء [[البنا]] بكل ما كان يتمتع به من سلطة مطلقة على [[الإخوان المسلمين]]  ومن طموح غير محدود يعنى زوال شخصية اختلف لاناس عليها حيث يسهم ذلك فى استتباب الأمن من جديد بعد أن تتبدد آثار صدمة اغتيال [[البنا]] من نفوس أتباعه".حفل تاريخ [[مصر]] بزعماء كثيرين منهم أحمد عرابى و[[جمال الدين الأفغانى]] والشيخ [[محمد عبده]] وعبد الله النديم ومصطفى كامل وعبد لاعزيز جاويش و[[سعد زغلول]].
وانتهز سمارت الفرصة . قال:


وكان [[البنا]] واحدا من هؤلاء أو حلقة من حلقات هذا العقد الفريد  من المناضلين.وقد اضطهد الزعماء. وسجن بعضهم ولكن [[البنا]] كان الوحيد بينهم الذى انتهت حياته بالإغتيال.
عندما التقينا قبل 18 شهرا أكدت تماما أن جماعتك ذات أهداف دينية وثقافية واجتماعية بينما تثار فى اجتماعات [[الإخوان المسلمين]] خلال الفترة الأخير قضايا سياسية تماما.
قال بعض المؤرخين إنه كان دائما فى عجلة من أمره .


وقالوا إنه خسر المعركة لأنه خرج للعلن وأذاع أهدافه بسرعة وقالوا إنه لقى مصير اثنين آخرين من الزماء اغتيلا قبله وهما [[أحمد ماهر]] والنقراشى ولكن حركتهما والاغتيالات التى قيل أنهما اشتركا فيها كانت موجهة ضد [[الإنجليز]] وحدهم. أما بالنسبة للمرشد العام فغن حركته كانت ضد المصريين أيضا. وكانت صراعا من طبقة ضد طبقة أخرى.
'''رد [[البنا]]''':


وقالوا إنه ما دام قد لجأ للعنف. عن طريق [[النظام الخاص|الجهاز السرى]]. فلابد أن يلاحقه العنف! قبل وفاة [[المرشد العام]] سلأه أحمد أنس الحجاجى أحد أعضاء [[الجماعة]]  
- الغايات الدينية فى [[الإسلام]] هى. بالضرورة , سياسية فى الوقت نفسه كالدفاع عن البلاد الإسلامية مثل [[فلسطين]] والحفاظ على حقوق المسلمين وغيرها.


لماذا لا نختار الرجل الثانى... أعنى من يلى الأمر بعدك.
- قال سمارت الذى يتقن العربية:


أجاب على الفور :لا... وإن قلت لى أن أبابكر اختار عمر..ز فلست بأبى بكر ... وليس فيكم عمر. وأضاف : الموقف هو الذى سيخلق الرجل لكل موقف رجل .ولاتستطيع أبدا أن " تصنع " رجلا معينا ليلبس موقفا معينا.فى مقال لجريدة " التايمس" قال مراسل الصحيفة فى [[القاهرة]].
- - يبدو لى كما لو أنك تدافع عن المبدأ  الإسلامى القائل بأن " الدولة والدين لا ينفصلان" ومن خلال هذا المبدأ يمكن تحويل أى قضية سياسية إلى قضية ذات طابع دينى , ويبدو لى دفاعك كما لو كان محاولة لتبرير انغماس جماعتك أنشطة سياسية تماما.


" أهم ما يميز [[الأحزاب]] السياسية المصرية أها تعتمد على زعيم أكثر من اعتمادها على مبدأ واعتمادها على شعائر بدلا من برنامج.. فالوفديون موالون النحاس والكتلة الوفدية لمكرم و[[البنا]] هو زعيم [[الإخوان المسلمين]]. والسير على خطى الزعيم هو بمثابة القيام برحلة طبقا لأوامر لا رجعية فيها ولا أحد سوى القبطان يعرف أدنى فكرة عن وجهة الرحلة
- لا أنوى ذلك و[[الجماعة]] لا تعمل لصالح أى حزب سياسى وكل ما فى الأمر أننا نكرس جهدنا لتحقيق الأمانى الأساسية  للشعوب الإسلامية
ولا يزال السحر فى اسم الزعيم".


وقال الكاتبان الفرنسيان أوليفية كارى وجيرار ميشو:
واستمر [[البنا]] يتحدث باستخفاف عن المجلس الاستشاري الذى أحال إليه النقراشى المطالب القومية للبلاد لإبداء الرأى فيها فقال إن هذا المجلس ربما يتكون من أشخاص لهم مكانتهم ولكنهم لا يمثلون الشعب بأية حال.


" وأهم ما يميز حركة [[الإخوان]] منذ البداية الولاء المطلق للمرشد العام. ففى عام [[1939]] قال أحد مسئولى [[الجماعة]] للمرشد العام: - خذ بنا حيث تشاء .
وقال إن الشعب لم يعد يؤيد أولئك الذين يسمون قادة . وليس لدى [[الإخوان المسلمين]] النية لتأييد أحد من هؤلاء القادة سواء النحاس أو [[النقراشي]] واستمر يؤكد نظريته القديمة التى قالها لسمارت من قبل . قال:


وفى قرارات لاجمعية التأسيسية كلها كانت البيعة شخصية للمرشد العام كما أن الجهاز التنفيذى للجماعة كان محصورا فى شخصية " وفى رسالته الجامعية قال حمادة محمود إسماعيل.
- [[الإخوان المسلمون]] هم أكثر الحلفاء نفعا لكم فى مجتمع يتهدده الانحلال, وهم أشد الحواجز صلابة فى وجه [[الشيوعية]]. ومن أفضل العوامل المساعدة على الاستقرار والاسم رغم أنه ديمقراطى إلا أنه قوة محافظة.
اعتمدت [[الجماعة]] فى تنظيمها على لامركزية الشديدة . واستمد [[البنا]] سلطاته من خلال تأثيره الشخصى, والقوانين التى حددت وضعه داخل [[الجماعة]] وقد استطاع  بسلطته هذه. وبتأثيره الشخصى أن يمتص فعالية اللوائح والقوانين الخاصة ب[[الجماعة]]"


وفى بحثه قال الضابط الكندى هاردى إن وفاة [[البنا]] كانت أكبر ضربة بل هى ضربة صاعقة للإخوان بالمعنى الحرفى الكلمة.
- أبرق السفير البريطانى إلى لندن قائلا:


ولم يكن هناك شخص يملأ – فى الحال – مكان [[البنا]].
- " يحاول [[البنا]] فى الوقت الحاضر التقرب منا ونحن لا نرغب فى إثارة عداء [[الإخوان]] لنا فى هذه المرحلة.
وكان هذا هدف الجريمة الأول!


سمع أحمد أنس الحججى عضو [[الجماعة]] – وكان معتقلا فى الطور – باغتيال [[المرشد العام]] فقال لزملائه لامعتقلين معزيا نفسه وإياهم:
- ومن الأفضل أن ننتظر ونرقب ما تسفر عنه الأحداث"!


تصوروا تفاهة الموقف لو مات [[المرشد العام]] على فراشه , تصوروا مهمتنا  ونحن نشيعه إلى مثواه الأخير  ثم نعود.  
- اقتربت ذكرى وعد بلفور.
تصوروا كل هذا وقارنوه بما اختاره الله .. شهادة فى جنح الظلام . وملك فاجر يعبئ القوى الماكرة كلها لقتل رجل أعزل وجنازة تحرسها الدبابات.. لتشيعها الملائكة!
الملك السجين


امتنع فاروق عن الظهور فى أى مكان أو الصلاة فى المساجد.  وأعلنت الحكومة عن مكافأة قدرها ألف جنيه لمن يرشد عن محمد مالك يوسف  مالك الموظف بمصلحة التليفونات – 27 سنة – أحد المتهمين بالإشتراك فى اغتيال النقراشى الذى اعترف عليه القاتل عبد المجيد أحمد حس . ولكن المفوضية  الأمريكية قالت إن [[الإخوان]] عهدوا إلى محمد مالك باغتيال صاحب الجلالة نفسه.
- وسنت الصحف المصرية حملة ضد بريطانيا و[[الصهيونية]] وتدفقت المنشورات على جامعة فؤاد الأول


... وهذا هو السر فى رصد مكافأة لاعتقاله .
– جامعة [[القاهرة]] الآن و[[الأزهر]] . تدعو للقيام بمظاهرات ضد بريطانيا و[[الصهيونية]].توقعت السفارة البريطانية أحداثا خطيرة فبعث جيمس بوكر القائم بالأعمال إلى لندن يتهم شخصيات عليا بأنها مولت بعض صحف المعارضة!ّ


لم يهدأ [[الإخوان]] بعد اغتيال [[البنا]] وزعوا المنشورات ضد الملك والحكومة.
- وأنهم الحكومة بأنها أرادت صرف اهتمام الناس عن القضية الوطنية والجلاء.
بعد 9 أيام من الجريمة بعث جيفرسون باترسون القائم بالأعمال الأمريكى إلى واشنطن أول هذه المنشورات وقد وقعت صراحة باسم " [[الإخوان المسلمون]]" قال المنشور وعنوانه " حكومة فاجرة تغتال زعيما إسلاميا"
" سقط [[البنا]] ضحية لمؤامرة جهنمية دبرها أولئك الذين فى السلطة من هو الشهيد القتيل ومن هم الجناة؟


الشهيد رجل ظل يدعو الناس إلى [[الإسلام]] على مدى عشرين عاما. وراح يحاول نشر روح الحرية والإخاة والمواساة التى يضمنها كتاب الله " القرآن الكريم" أما الجناة المرمون . فهم شياطين  يشبعون شهواتهم على حساب الشعب.
- واتهم الوفد بأنه مممول بالمال – حزب [[مصر الفتاة]] وجمعية الشبان المسلمين وقال إن [[فؤاد سراج الدين]] عرض أموالا على جماعة [[الإخوان]] . ولكنهم رفضوا طبقا لسياستهم فى عدم التعاون مع الوفد!


هم أولئك الذين منحوا التراخيص للعاهرات. ونظموا وأشرفوا على بيوت الدعارة وسمحوا ببيع الخمور وترددوا على المواخير. وأباحوا الربا وقبلوا الرشوة وسخروا من الفضيلة وأرسلوا نساءهم إلى الملاهى والمراقص العامة. اغتالوا [[البنا]] لأنه كان  خطرا عليهم يهدد بتقويض سلطتهم ولكن ليعلموا أن [[البنا]] ترك خلفه جيشا جيد العدة وكتائب جيدة التدريب. وستتعقب ونطارد هذه العصابة من الآثمين , وسنكبح جماح كل رأس متغطرس وسنلوى كل عنق يتيه خيلاء.
- وجاء يوم الخميس أول [[نوفمبر]] [[1945]] فأضربت الجامعة والمدارس الثانوية وأربع من كليات [[الأزهر]].
وطاف الطلبة بالمحال التجارية يطلبون من أصحابها إغلاق محالهم التجارية فى اليوم التالى تضامنا مع حركة [[الأحزاب]]  فوافق الجميع.


فليسعوا إذن للإختباء  فى أنفاق  فى أعماق الأرض . أو ليتسلقوا درجا إلى السماء فما من قلعة محصنة أو قصر منيع سينقذهم . وستتحقق كلمة الله فيهم . والله لهم بالمرصاد".
خشيت السفارة البريطانية أن يتدهور الأمن فى اليوم التالى – 2 [[نوفمبر]] – فتوجه السيروالتر سمارت المستشار الشرقى للسفارة البريطانية إلى وزارة الداخلية المصرية ليلتقى بوكيلها حسن رفعت باشا قائلا:


قال جيفرسون باترسون الوزير المريكى لمفوض تعليقا على هذا المنشور فى برقية إلى واشنطن:
- يتحرق [[البنا]] شوقا ليحل محل النحاس باشا والوفد
" هناك ميل بين قطاع معين من [[الإخوان المسلمين]] لإلقاء مسئولية الاغتيال على عاتق رئيس الوزراء مباشرة . ويعتمد هذا الإتهام على الطبيعة الإنتقامية التى يتصف بها عبد الهادى باشا. وعلى كفاءته فى تنظيم المظاهرات والجرائم السياسية فى اليام الأولى للنضال الوطنى ضد البريطانيين.
ويذكر فى هذا الصدد أن البريطانيين كانوا قد سجنوا عبد الهادى باشا لاشتراكه فى الأنشطة السياسية".
... يقصد باترسون بذلك اتهام إبراهيم عبد الهادى عام بالإشتراك فى اغتيال السردار البريطانى السير لى ستاك.
بعد يومين اغتيال [[المرشد العام]] طلب  إلى [[الإخوان]] لامسلمين المتطوعين فى  [[فلسطين]] تسليم معسكرهم إلى الجيش لامصرى وجاءت السيارات تحملهم إلى عنبر فى رفح لقضاء الليلة فيها وفى اليوم التالى وجدوا الاسلاك الشائكة وقد أحاطت بالمعسكر فقد رأت السلطات المصرية اعتقالهم خوفا من الانتقام.


أنشأ اللواء فؤاد صادق القائد العام للقوات المصرية فى [[فلسطين]] معسكرا حاصا للإخوان قائلا:
- رد حسن رفعت:
لا أنسى فضل هؤلاء الشباب على [[مصر]] والعروب.


واعتقل معهم, فى المعكسر نفسه, بعض شباب الأقباط الذين حابروا معهم!
- لا يمكن أن نعارض أمرا يمثل التطور الطبيعى:


طلب كامل الشريف من اللواء فؤاد صادق الإفراج عن الأقباط قائلا: نحن مسلمون . فما ذنب الأقباط؟
'''وأضاف:'''
لم يجد القائد العام ما يرد به فقال ضاحكا:


هل تريد غ[[قنا]]عى بأن قبطيا يبقى معكم ستين ويظل على دينه؟!
يتعاون [[الإخوان المسلمون]] معى للتقليل من حجم المظاهرات التى ستجرى غدا بشأن قضية [[فلسطين]].
ومع ذلك لم يستطع القائد العام الإفراج عن الأقباط إلا بعد وقت طويل ونقل المعتقلون إلى معسكر آخر فى [[يونيو]]. ولم يفرج عنهم إلا بعد إستقالة إبراهيم عبد الهادى.


وعندما اختلف جمال عبد الناصر مع [[الإخوان]] أصدر فى 23 من [[سبتمبر]] 1954 قرار باسقاط الجنسية عن قيادات [[الجماعة]] : سعيد رمضان وسعد الدين الوليلى و[[محمد نجيب]] جويفل وكامل الشريف قائد [[الإخوان]] فى حرب [[فلسطين]]. وقد رحبت [[سوريا]] بهم لاجئينن سياسيين.
لقد صاروا الآن أقوياء للغاية كما أن [[البنا]] قائد ملتزم تماما. وهو خطيب مفوه ولديه قدرة عالية على التنظيم.وقال حسن رفعت إن [[البنا]] تلقى إعانات من الإيطاليين والألمان والقصر والوفد. ويضيف وكيل وزارة الداخلية المصرية.


وبقى كامل الشريف فى القدس . وظل فى الأردن خمسة عشر عاما تخللتها تقلبات كثيرة منذ أمر  جلوب باشا بطرده من القدس , وعاد إليها بعد طرد جلوبواشتغل بالصحافة والنشر وعمل سفيرا للأردن عشرين عاما فى ألمانيا الغربية واليابان وباكستان ونيجيريا والصين الوطنية . واختير وزيرا ثمانى سنوات وأصبح عضوا بمجلس الأعيان ثم ناشرا لصحيفة " [[الدستور]] الأردنية".
أؤكد لك أن [[البنا]] لم يحصل على هذه الأموال لنفسه بل استخدمها لتطوير أنشطة [[الجماعة]].وقال:
- لا يعيب الملك فاروق أن يمد [[الإخوان]] بقليل من التأييد خاصة أنهم أفضل الأسلحة للحرب ضد [[الشيوعية]] قال والترسمارت:


ووافقت [[مصر]] على مساعى الحكومة المريكية بالتفاوض مع الإسرائيليين لعقد هدنة دائمة بين البلدين.
- من الخطر مساندة [[الإخوان]] واستخدامهم كسلاح حتى لا يأتى يوم تجد فيه هذه الحكومة. وكل الحكومات , أن التعامل معهم صار أمرا عسيرا فهم جماعة تعمل فى الظلام ومعادية للأجانب واستخدامهم كسلاح يؤدى بالتالى إلى نمو قوتهم. وبالتالى تصبح السيطرة عليهم أمرا مستحيلا.
جرت المفاوضات بين وفدى البلدين فى فندق" الورود" فى جريدة رودس البريطانية واستمرت ستة أسابيع
- وإنى أدرك بالطبع زيادة قوتهم ولكنى متمسك برأيى فى أن أنشطتهم يمكن أن تؤدى إلى قيام حركة معادية للأقباط.
وعندما اجتمعت الوفود الثلاثة معا كان الوسيط الدولى يجلس فى الوسط والوفد الإسرائيلى إلى يمينه والمصريون إلى يساره,
'''
رد حسن رفعت قائلا''':


وكان المصريون يخاطبون بانش كما لو أن الاسرائيليين لا وجود لهم وكان هدف المصريين إنقاذ القوة المصرية المحاصرة فى الفالوجة . وقد رفض الاسرائيليوهن فى البداية لاسماح بادخال الطعام والأدوية ثم سمحوا بها.
لا أعتقد بوجود ثمة خطر من وراء ذلك ف[[البنا]] حريص للغاية على عدم السماح بمثل هذه الأعمال.
أصر سمارت على موقفه  وقال:


وفى المقابل وقع اتفاق لوقف اطلاق النار كمرحلة  تسبق الهدنة. واقترح بانش وسيط الأمم المتحدة عقد هدنة بالشروط التالية:
-لا زلت متمسكا تماما برأيى فى أن أى تشجيع [[للإخوان المسلمين]] يعد من الأمور الخطيرة.
أبرز حسن رفعت رسما تخطيطا لمبنى ضخم يعتزم [[الإخوان]] إقامته ليكون المقر الرئيسى للجماعة فى [[القاهرة]].
وأضاف:


(أ‌) تنسحب  القوات المصرية المرابطة فى الفالوجة فى اليوم التالى لتوقيع الهدنة.
- صار [[صالح حرب]] رئيس جمعية الشبان المسلمين وجمعيته فى الوقت الحاضر مجرد تابعين ل[[البنا]]!


(ب‌) تنسحب جيوش البلدين غلأى الخطوط التى حددها الوسيط.
- قال حسن رفعت:


(ت‌) تصبح بئر سبع وبئر العصلوج والعوجة مناطق محايدة تحت إشراف الأمم المتحدة عند انسحاب القوات المتحاربة منها.
- إذا كانت مظاهرات الطلاب قد اختفت فالفضل فى ذلك يرجع إلى جهود [[الإخوان المسلمين]] الذين أصبحوا حاليا أكثر قوة وأنصار


(ث‌) تصبح بير سبع مركز قيادة  لجنة الهدنة المشتركة بينما تصبح العوجة وبئر  العلوج مراكز قيادة مساعدة.
من الوفد فى الجامعات.


(ج‌) تخفض القوات المصرية فى قطاعات غزة ورفح وبيت لحم والخليل لتصبح قوات دفاعية فقط بينما تظل القوات الهجومية المصرية فى المنطقة الواقعة شرق العريش.
ولكن سمارت لا يكتفى بلقاء حسن رفعت باشا – بل يجتمع بمحمود الغزالى بك مدير المن لعام يقول لسمارت:


(ح‌) تصبح القوات الدفاعية الاسرائيلية مساوية للقوات الدفاعية المصرية فى منطقة غزة ورفح وكذلك مساوية للفيلق العربى فى قطاع بيت لحم – لاخليل.
- لا أتفق مع حسن رفعت فى رأيه حول الأموال التى حصل عليها [[البنا]] أرى أن [[البنا]] يحتفظ بجزء من هذه الأموال لنفسه!
ويرفض [[اليهود]] ابقاء بئر العصلوج والعوجة منطقتين محايدتين ويصران على احتلالهما... ومع أن قرارا الأمم المتحدة فى 4 من [[نوفمبر]] [[1948]] يعطى [[مصر]]ا الحق فى العودة للمنطقتين.
وتوافق إسرائيل على رفع الحصار عن القوات المصرية المحاصرة فى الفالوجة وانسحاب القوة المصرية منها.
وتنازلت إسرائيل عن احتلال قطاع غزة.


وتوقع [[مصر]] يوم 24 من [[فبراير]] [[1949]] على اتفاقية الهدنة الدائمة التى استندت  إلى الوضع العسكرى على أرض [[فلسطين]] !! بعد 12 يوما من وفاة المرشد  العام!
جاء الصباح التالى.. الجمعة 2  من [[نوفمبر]] [[1945]].


ويكتب  السير سارجنت الوكيل الدائم للخارجية البريطانية قائلا:
قدم [[الإخوان]] سيارات النقل التابعة لشركتهم لنقل الطلاب إلى الجامع [[الأزهر]].. وسار كثيرون على أقدامهم إلى المسجد لإضراب المواصلات .


" لا تعرف كيف ستتبلور [[السياسة]] المصرية نتيجة الفشل فى [[فلسطين]], وكيف سيتىثر وضع الملك شخصيا؟"
قذفت المتاجر فى حى [[الأزهر]] بالحجارة وهوجم المعبد [[اليهود]]ى فى الموسكى وبلغت خسارة محل للملابس يملكه يهودى 60 ألف جنيه.
بعد ستة أسابيع من اغتيال [[البنا]] عاد الملك فاروق للظهور فى المجتمعات  العامة كما تقول البرقية رقم 50 التى بعث بها السير روزنالد كامبل إلى لندن قال:
"قام فاروق بعمل نادر الحدوث بظهوره أمام الجمهور فى أول [[مارس]] [[1949]] حين افتتح رسميا المعرض الزراعى الصناعى الذى نظمته الجمعية الزراعية الملكية المصرية. وتم اتخاذ احتياطات امنية بالغة لتأمين حياة جلالته".


وصفت صحيفة التايمس البريطانية – يوم 7 من [[مارس]] – المعرض يوم الزيارة الملكية فقالت إنه كان خاليا  تماما من الناس و كما أخليت أيضا الشوارع المؤدية إليه. وفتش رجال الشرطة الحوانيت التى بقيت مفتوحة.
وصف جيمس بوكر المظاهرات ودور الشيخ [[البنا]] فى تهدئة الطلاب فقال:


وقالت التايمس إنه تحت الهدوء الظاهرى الذى يسود [[مصر]] توجد دولة بوليسية اتخذت كل إجراءات الأمن كما لو أن البلاد فى حالة حرب.
" تجمع عدة آلاف من الطلبة وأعضاء الجمعيات الدينية داخل الجامع [[الأزهر]] وحوله لأداء صلاة الجمعة.


وأضافت الصحيفة أن الحكومة تخشى انقلابا عسكريا أو ثورة تقوم بها الخلايا السرية لجماعة [[الإخوان المسلمين]] المنحلة . ولا يعرف عدد المعتقلين.
وقف رجال الشرطة مضطربين  فى أماكنهم توقعا لنتائج المظاهرات التى كانت على وشك التحرك خوفا من فشل الشرطة فى السيطرة على هذا العدد الضخم بهم الاجهاد رغم أن رئيس الوزراء ساعد شخصيا فى القبض على بعض مثيرى الشغب!


وتراقب السفارة الأمريكية ايضا [[الإخوان المسلمين]].قالت برقية جيفرسون باترسون القائم بالأعمال الأمريكى بمناسبة افتتاح مقر جديد ل[[مصر]] الفتاة.
واستغلت الشرطة النداء الذى وجهه [[أحمد السكرى]] الوكيل العام [[للإخوان المسلمين]] فى السعى لإقناع أعضاء [[الجماعة]] بالانسحاب من المظاهرات ولكن هذا النداء لم يكن مجديا.تحرك المتظاهرون إلى قصر عابدين وخرجوا من الطابع الصامت وأخذوا يهتفون  بقوة بحياة الملك والو حدة العربية , ويهاجمون [[اليهود]].


" يتسرب أعضاء [[الإخوان]] حاليا إلى صفوف [[مصر]] الفتاة : وشوهد عدد كبير منهم يلعبون دورهم الجديد كأعضاء فى [[مصر]] الفتاة يرددون هتافهم المألوف .. الله أكبر ولله الحمد".وتوجه فيليب ايرلاند السكرتير الأول للسفارة الأمريكية للقاء محمد كامل سليم بك السكرتير العام لمجلس الوزراء فلاحظ شدة إجراءات واحتياطات الأمن حول بيته والمكاتب الحكومية فسأل عن الموقف الأمنى,.
خطب [[البنا]] فأبدى أسفه لأعمال التخريب التى وقعت وناشد المسئولين عنها التوقف عن أ عمالهم الشريرة


قال سكرتير مجلس الوزراء يوم 11 من [[مارس]] [[1949]] إن جماعة [[الإخوان المسلمين]] الارهابيين كسرت.
لم تجد نداءاته فلا تدين  الأغلبية العظمى منهم بأى ولاء. وكانوا فى حالة من الهياج الشديد التى تمنعهم من الاستجابة إلى الناصح الذى لا شعبية له!
وتسيطر الحكومة الآن على الموقف . رفض ايرلاند أن يسألأه عن السر فى تشديد الاحتياطات الأمنية حول بيته  والوزارات والمصالح واكتفى بقوله:


هل هناك خطر من أن يظهر زعيم آخر مثل الشيخ [[البنا]] ليتولى مسئولية  تنظيم [[الإخوان]] القائم . وخاصة فى الأقاليم. هز كامل سليم رأسه نفيا فى حزم . وقال :  
ولكن [[البنا]] استطاع بعد ساعة أن ينصح المتظاهرين بالتفرق فأطاعوه وانصرفوا بنظام"
ذلك مستحيل. وإذا وجد مثل هذا الرجل فهو أمر مشكوك فيه. ولن تسمح الحكومة مرة أخرى لفرد أن يحوز مثل هذه السلطة.
ويكتب السير والترسمارت:


فى بحثة قال الضابط لاكندى هاردى:" لم يفعل إبراهيم عبد  الهادى شيئا لتخفيف صرامة لخطر الذى فرض على [[الإخوان]]".
" يشعر الوفد بالسخط تجاه موقف [[الإخوان]] الذين قاموا بتهدية أعمال الشغب التى وقعت بين صفوف الطلاب. واعتبر الوفد موقف [[الإخوان]] نوعا من الخيانة وقد تلاعب [[فؤاد سراج الدين]] ب[[الإخوان المسلمين]] لبعض الوقت ولا شك أنه قد إليهم بعض المال.


كان النقراشى قد اعتقل 487 من [[الإخوان]] ولكن عددهم ارتفع فى عهد إبراهيم عبد  الهادى إلى 1688 كما تقول الاحصاءات الرسمية. وكان عدد المعتقلين من [[اليهود]] 315.  
وعلى آية حال فأن حكومة النقراشى تبدو كما لو  أنها نجحت فى الوقيعة بين [[الإخوان]] والوفد.  


ولكن ميتشيل قال إن معتقلى [[الإخوان]] وصل 4000.
وكانت سياسة [[الإخوان المسلمين]] تتمثل فى السعى لتحاشى وقوع أى صدام مع الحكومات المتعاقبة بينما يدعم [[الإخوان]] موقفهم. وعلى نحو مشابه نجدهم حاولوا استمالتنا – أى استمالة [[الإنجليز]] – خوفا من ان يقوم بالتحريض على أى عمل ضدهم لقد أصبحت [[الجماعة]] تضم نحو نصف مليون عضو فى [[مصر]] .  


وفى اثناء محاكمة المتهمين باغتيال [[البنا]] قال عبد القادر عودة المحامى ووكيل [[الجماعة]] إن خقيقة الرقم 6000 وكان الخوف دافعا إلى الاعتقال لشبها تافهة وهذه القصة تعبر عن ذلك:
وافتتحت  فروعا ف [[فلسطين]] و[[سوريا]]. ودفع الاستياء الذى يشعر به المصريون تجاه قادة [[الأحزاب]] السياسية الحالية إلى أن ينضم عدد منهم إلى [[الجماعة]] التى وجدت أعضاء  لها بين الطبقات الراقية  فى المجتمع بعد أن كانت لا تضم إلا أبناء الطبقات الدنيا.
اعتقل عضو فى جمعية الشبان المسلمين وساقوه إلى القسم وهناك قال  الشرطى:
أنتم اعتقلونى ولست من [[الإخوان المسلمين]] , ولكنى من الشبان المسلمين رد الشرطى قائلا: كلكم مسلمون : خذه يا عسكرى دخله السجن


==هذه قصة أخرى==
ومن الواضح أن [[الإخوان المسلمين]] سلاح ذو حدين فيمكن أن يكونوا اليوم أصحاب دور فعال فى وقف أعمال الإثارة ثم يقومون غدا بدور خطيرة التحريض وخاصة فى القضايا الدينية ثل قضية [[فلسطين]]


كان أحد أعضاء [[الجماعة]] واسمه عبد البديع صقر ودودا يحب التعرف إلى الناس.
ولا أظن أن بمقدورنا القيام بأكثر من تحذير حسن رفعت".


وفى  أثناء ركوبه القطار كان يقدم نفسه للركاب فيقدمون أنفسهم إليه وجرت عادته أن يكتب أسماء هؤلاء فى نوتة خاصة عرفت باسم " نوتة القطار" فلما قبض على عبد البديع ضبطت النوتة واعتقل رجال الشرطة كل الأسماء التى وردت فيها!
وكتب الملحق العسكرى الأمريكى إلى واشنطن يوم أول [[نوفمبر]] يقول " اشترى الملك ولاء [[الإخوان]]"
أضرب عمال شبرا الخيمة. واعتقل النقراشى أكثر من 100 من المتهمين ب[[الشيوعية]] فى [[ديسمبر]] واستمرت عملية اعتقال الشيوعيين فى [[يناير]] و[[فبراير]].وحققت النيابة مع صحف " [[مصر]] الفتاة" ," الاثنين"و" روزاليوسف"و" [[الشيوعية]]" و" الوفد المصرى"و البلاغ" الوفدية.


وجرت عدة معارك بين رجال الشرطة و[[الإخوان]] فى أثناء عمليات الاعتقال وجرى تبادل اطلاق النار فى بعض الحالات.
ويلجأ النقراشى إلى القوة لقمع المظاهرات ويعتقل [[أحمد السكرى]]  وكيل [[الجماعة]] ويغلق شعب [[الإخوان]] والمقر الرئيسى للجماعة.


وجد منشور يصف وحشية رجال الشرطة أثناء عمليات الاعتقال وجلد رجال الشرطة ظهور كثيرين من [[الإخوان]] وخلعوا أظافرهم وأدموا أجسامهم, وكانوا يعتقلون من البيت الواحد أربعة أخزو وثلاثة أصهار. وقدموا للمحاكمة أشخاصا لم يرتكبوا جريمة إلا أنهم يد المساعدة لأحد بيوت [[الإخوان]] التى هى فى أشد الحاجة لهذه المساعدة
ويعود اللورد كيلرن إلى [[القاهرة]] ليهاجم – فى تقاريره – [[الإخوان المسلمون]] قال:
" يمكن  إلقاء المسئولية معظم المظاهرات المعادية لبريطانيا والهجمات التى تعرض لها الرعايا البريطانيون على مدى العامين الماضيين على الجوالة  الذين أصبحوا أكبر لحركات الشبابية وأكثرها تنظيما"


قال [[صالح عشماوى]] وكيل [[الجماعة]]:
ظل اللورد كيلرن السفير البريطانى يتصرف بعقلية المندوب السامى البريطانى فتوجه لمقابلة رئيس الوزراء وحذره من انتشار عدوى الاغتيالات السياسية وقال له:
" تعرض تلاميذه وأتباع [[البنا]] فى  عهد فاروق .  لأشد فتنة وأعظم بلاء وانصب عليهم من الإضطهاد والعذاب ما لو سلط  على جبل لاندك وانهار.
 
جاء اغتيال [[أحمد ماهر]] باشا دليلا على انتشار الخروج على النظام والقانون. وأضاف:
تعرضوا للسجن والتشريد والضرب الوحشى وحوربوا فى أرزاقهم وهددوا فى أعراضهم وسقط شهداؤهم واحدا بعد واحد".
أصبح الإرهاب سمة مميزة للحياة السياسية فى [[مصر]]


ورغم ذلك بقى إبراهيم عبد الهادى خائفا. قرر فى 13 من [[مايو]] مد الأحكام العرفية عاما آخر وكانت هذه الأحكام قد فرضت فى 13 ممن [[مايو]] [[1948]] لضمان امن الجيش المصرى وإمدادته فى حرب [[فلسطين]]
وطالب بالتعجيل بالعقاب كوسيلة للردع
ووالت الحكومة اعتقال الشيوعيين أيضا.ولم يدخل عبد الهادى  مبنى وزارة الداخلية سوى ثلاث مرات خلال الشهور السبعة التى عاشتها وزارته فقد قتل زعيم حزبه... [[أحمد ماهر]] داخل البرلمان ومحمود فهمى النقراشى فى وزارة الداخلية.


وكتبت السفارة الأمريكية إلى واشنطن تقول:
وتضع السفارة البريطانية عيونها على انتشار حمل السلاح فى [[مصر]] قال اللورد كيلرن فى تقارب\يره إلى لندن:


على الرغم من توقف الأعمال العسكرية فى [[فلسطين]] فإن قرار مد الأحكام العرفية يشير إلى أن الحكومة والسراى ليستا متلهفتين على التخلى عن المزايا التى تتمتعان بها حاليا بفضل سلطاتهما الاستثنائية.
" استمر تهريب الأسلحة على نطاق واسع وكان يتم شراء معظمها من مخلفات الجيوش التى شاركت فى معارك الصحراء الغربية خلال [[الحرب العالمية الثانية]] وبدت سلطات الأمن عاجزة عن القيام بأى شئ. وكان فى وسع سكان الأقاليم تحدى جهود السلطات لتنظيم حيازة الأسلحة النارية والإفلات من العقاب.
وزاد من صعوبة مهمة لحكومة فى التعامل مع هذه المشكلة إن الأسلحة المحظورة من أنواع متطورة للغاية بينما كانت قوات الأمن المصرية مسلحة فى الغالب بأسلحة قديمة


وصرح رئيس الوزراء بأن الرأى العام المصرى لابد أن يكون مستعدا لقبول تشريع أمنى دائم يحل الأحكام العرفية القائمة حاليا وعرض على البرلمان بالفعل مشروع قانون لمكافحة [[الشيوعية]] "و" الأنشطة التخريبية".
إن انتشار حيازة الأسلحة صار عاملا جديدا وخطيرا فى التأثير على العلاقات البريطانية المصرية . وفى حالة نشوب أية أعمال عنف معادية لبريطانيا على نطاق واسع سيصبح التعامل مع عناصر الشغب أكثر صعوبة عما كان عليه فى عام [[1919]] فقد كانت معظم هذه العناصر غير مسلحة عام [[1919]]".


ولدى السفارة دلائل على أن  الحكومة أو السراى تسعى إلى إقامة نظام دائم أكثر استبدادا تحت ستار إدارة المعركة لاخارجية ضد إسرائيل والمعركة الداخلية ضد الإرابيين.
ويضع النقراشى رقابة صارمة على [[الإخوان]] طوال فترة وزارته ويكتب السفير البريطانى إلى لندن عن التغير الذى جرى فى [[حزب الوفد]] قال:


وهناك احتمال بأن تصبح [[مصر]] قل ديمقراطية".
" يقوم [[حزب الوفد]] بدور المعارض الحقيقى فهو يشعل الاضطرابات  مستخدما أساليب دعائية عنيفة ضد كل من الحكومة المصرية والبريطانية"


رغم هذه الاحتياطات الأمنية فلم تتوقف العمليات الانتقامية ضد رئيس وزراء [[مصر]] أو صاحب الجلالة.
'''وتقول السفارة''':
حاول بعض [[الإخوان]] تجربة اغتيال النقراشى بقتل إبراهيم عبد الهادى فى 25 من [[مايو]] فاستأجروا شقة ب[[مصر]] القديمة تطل على طريق موكب رئيس الوزراء وألقوا ال[[قنا]]بل على سيارته ولكن كان يستقلها [[حامد جودة]]  مجلس النواب الذى أفلت أيضا من الموت.أدى هذا  الحادث إلى زيادة الاجراءات التعسفية التى اتخذتها الحكومة  ضد [[الإخوان]] .


وثبت حضور رئيس الوزراء إبراهيم عبد الهادى بعض حوادث التعذيب وكان المعذب يطلب شربة ماء فلا يجاب إلى طلبه.
" بدأ القصر يستميل [[الإخوان]]  المسلمون الذين نمت قوتهم بصورة كبيرة وأصبحوا يتمتعون بقوة كبيرة  فى الجامعة والمدارس.


وكانوا يحرمون المتهمين من الطعام ويمنعون طبيب السجن من معالجة المرضى منهم.
وما زالت [[الجماعة]] تشكل خطرا دائما لا على التعاون الودى بين كل من بريطانيا و[[مصر]] بل على التعاون بين [[مصر]] والأوربيين بوجه عام.


ويهددون المعتقلين من [[الإخوان]] بالإعتداء المشين عليهم.
وأصبح [[الإخوان]] الذين تدعمت قوتهم بفضل حماقات الحكومات المتعاقبة التى سعت إلى استخدامها لا يخفون رغبتهم فى أن يحلو محل الوفد فى نهاية الأمر وأن يقوموا بتشكيل وزارة تحكم البلاد؟
ويسافر [[البنا]] لأداء فريضة الحج


وبلغ الظلم مداه إلى احتلال بيوت  وليس فيها غير النساء كما أعلن ذلك عبد القادر عودة فى مرافعته فى قضية اغتيال [[المرشد العام]].
وتتجدد مظاهرات الطلبة التى أثارها الوفد و[[الإخوان]]. كما يقول  السفارة ويلجأ النقراشى إلى القوة لقمعها مما إثار احتجاجات عنيفة.


وأغلقت [[مصر]] جدودها مع ليبيا لأن سلطاتها رفضت تسليم ثلاثة من [[الإخوان]] المتهمين فى الحادث. لجأوا إلى قصر الأمير إدريس السنوسى وهم محمود يوسف الشربينى وعز الدين إبراهيم وجلال أبو سعده.
ويكتب السفير البريطانى إلى لندن:
ويستدعى رئيس الوزراء  لمقابلته البكباشى جمال عبد الناصر ويحضر اللقاء اللواء عثمان المهدى رئيس أركان حرب الجيش.
حذر رئيس الوزراء الضابط الذى اصبح بعد ذلك رئيسا لجمهورية [[مصر]] .


من أى نشاط أو ارتباط ب[[الإخوان المسلمين]]. واتهمه بالإشتراك فى تنظيم سرى داخل الجيش.
" أثبتت جماعة [[الإخوان المسلمين]] قدرتها على الاستمرار رغم المصاعب العديدة التى واجهتها واتى تمثلت فى إغلاق مقارها وإعتقال [[أحمد السكرى]] وغياب [[البنا]] مما أدى إلى تقليص نشاطها. ولكن مازالت تعقد اجتماعات على مستوى محدود فى منازل بعض أعضائها.


دافع عبد الناصر عن نفسه بأنه كان فى  كان فى [[فلسطين]] خلال الفترة من [[مايو]] [[1948]] حتى [[مارس]] [[1949]] ولذلك كان من المستحيل عليه ذلك.
وخلال أحد هذه الاجتماعات قرأ أحدهم رسالة من [[البنا]] يحث فيها أعضاء [[الجماعة]] على الاستمرار فى العمل رغم اجراءات الحكومة .


قصد إيرلاند سكرتير السفارة الأمريكية إلى إبراهيم عبد الهادى باشا رئيس وزراء [[مصر]] يودعه بمناسبة سفر إيرلاند عائدا إلى بلاده.
ودعا [[البنا]] إلى تقديم المعونات إلى الأعضاء الذين يتعرضون للاعتقال وقدمت [[الجماعة]] المراتب والحشايا والأغطية لأعضائها المعتقلين ووعت الأموال على أقاربهم. ويقال إن [[الجماعة]] وزعت بعض الإكراميات على ضباط الشرطة وحراس السجون لتوفير معاملى طيبة للمعتقلين"!


كان اللقاء فى 16 من  [[مايو]] [[1949]] بعد أيام من محاولة الاعتداء على [[حامد جودة]] رئيس مجلس النواب.  
عاد [[البنا]] إلى [[القاهرة]] فى [[ديسمبر]] وكان من أول أعماله التحقيق فى شكاوى الأعضاء الذين اعتقلوا وأرسلوا إلى مناطق نائية ومعتقلات غير ملائمة وقيل إنهم لقوا معاملة سيئة.


قال عبد الهادى باشا لسكرتير السفارة الأمريكية عندما سأله عن الإرهابيين:قام  رجال الشرطة بعملهم على أفضل وجه ممكن. وأعرب عن سروره لأن الاثنى عشر رجلا الذين  حاولوا الاعتداء على [[حامد جودة]] فى 5 من [[مايو]] تحت تصور  أنها سيارة رئيس الوزراء تم القبض عليهم ومنهم 11 شخصا قبض عليهم بعد الحادث مباشرة وفر واحد فقط وتم اعتقاله!!
وأمرا [[البنا]] بإجراء تحقيقات كاملة حول هذا الموضوع وطلب إلى أعضاء [[الجماعة]] فى المدن والمديريات موافاته بأسماء " الضحايا" وكان النية تتجه إلى تقديم احتجاجا للحكومة ضد المعاملة التى تعرض لها الأعضاء


وقال : ستواصل الشرطة استئصالها لهذه العناصر. سأله ايرلاند:
'''ويكتب اللورد كيلرن إلى لندن'''


هل هناك قرائن بأن عناصر بجانب [[الإخوان]] متورطة فى النشاط الإرهابى؟
" هناك تقارير غير مؤكدة عن مقابلة سرية بين الملك فاروق و[[البنا]] بعد عودته من مكة. ومن المعتقد أن املك أبلغ [[البنا]] أنه يفضل سياسة [[الإخوان]] بغير حد طالما أنها  تحافظ على توازن القوى السياسية فى البلاد.


أجبا رئيس الوزراء :
وقد أطلق النقراشى سراح عدد من أعضاء [[الجماعة]] الذين اعتقلوا لمشاركتهم فى أنشطة معادية للإنجليز والحكومة نتيجة لقاء [[البنا]] مع الملك".


أعتقد أن جبهة خارجية ترسم الخطط وتقدم الأموال والتنظيم [[للإخوان المسلمين]].
ويلتقى السفير البريطانى برئيس الوزراء ويحذره من المظاهرات المعادية ليهود التى جرت فى ذكرى وعد بلفور ويكتب كيلرن إلى لندن:


أخذ ايرلاند يضغط على رئيس وزراء [[مصر]] كما قالت برقية جيفرسون باترسون القائم بأ‘مال السفارة المريكية ب[[القاهرة]] لتقديم دليل على ما يقوله. أجاب رئيس وزراء [[مصر]]:
" هذه الأحداث بمثابة تذكرة لنا أى لبريطانيا إلى ما يمكن أن ينتج من أعمال الشغب التى يقوم بها السوقة فى [[مصر]]"!


من الصعب الادلاء بقرينة محددة ولكن  نموذج فتيل التفجير الذى يستخدمونه ليس معروفا فى [[مصر]].
ويجتمع مجلس الوزراء المصرى برئاسة محمود فهمى النقراشى باشا يوم 18 من [[ديسمبر]] [[1945]] لبحث موضوع تعديل معاهدة [[1936]].


وقال: ربما يكون الاسرائيليون قد ساعدوا فى تنظيم أ أنشطة محتلفة فى [[مصر]] لاحراج الحكومة!!وهكذا أراد رئيس وزراء [[مصر]] الإيحاء بأن [[الإخوان]] , الذين حاربوا [[اليهود]] فى [[فلسطين]], متورطون ويتعاونون مع اسرائيل فىعمليات الإرهاب ضد لحكومة [[مصر]]!
ويقدم عبد الفتاح عمرو باشا سفير [[مصر]] فى لندن مذكرة طويلة إلى وزارة الخارجية البريطانية يطلب فيها فتح باب المفاوضات.


فى 7 من [[يونيو]] كتب السير رونالد كامبل إلى لندن فى البرقية رقم 99:
وتسجل هذه المذكرة مطالب [[مصر]] فى صراحة كاملة وهى الجلاء ووحدة وادى النيل قائلة " إن الحرب استنفدت أهم أغراض المعاهدة وأحكامها التى تمس استقلال [[مصر]] وكرامتها, ولم تعد تساير الوضع الحالى. إن وجود قوات أجنبية زمن السلم فى بلادنا حتى لو انحصرت هذه القوات فى مناطق نائية يجرح الكرامة الوطنية".


" تم القبض على مزيد من أعضاء جماعة [[الإخوان]] لامسلمين المحظورة وبين المعتقلين فى الآونة الأخيرة طالب يشك فى اشتراكه فى [[مصر]] ع سليم زكى باشا رئيس بوليس [[القاهرة]] فى [[ديسمبر]] الماضى.
ورأى أرنست بيفن وزير خارجية بريطانيا أن يبحث مع المسئولين فى الوزارة  ورؤساء الأركان حرب القوات البريطانية موضوع الجلاء عن [[مصر]].


وتحدثت التقارير عن أموال يتم جمعها ظاهريات لمساعدة اسر [[الإخوان]] المعتقلين وتهدف – فى الواقع – إلى تشجيع أنشطة الإرهاب فى المجتمع ويقول مراقب [[مصر]]. كان فى منطقة القناة مؤخرا إن هناك تأييدا قويا للإخوان فى المنطقة".
قال رؤساء الأركان إن معاهدة عام [[1936]] تنص على بقاء 10 آلاف جندى بريطانى و500  طيار فى منطقة قناة [[السويس]]..


توالت الاتصالات بين الوفد والقصر.
وأبدوا استعدادهم لتخفيض  هذا الرقم إلى 5000.


قال فؤاد سراح الدين باشا يوم 30 من [[مايو]] [[1949]] لحسن يوسف باشا رئيس الديوان الملكى بالنيابة:
ولكن السلطات العسكرية البريطانية رأت أن استعدادات الدفاع فى المنطقة يجب ألا تمس, مع خلق الإحساس أيضا لدى المصريين بأن الامبراطورية البريطانية رحلت عن [[مصر]]!
الوفد يطلب ن القصر ضمانا  لحرية الانتخاب.
أجاب حسن يوسف باشا:


سبق أن صرح رئيس الوزراء إبراهيم عبد الهادى باشا بأن  الأحكام العرفية سيقتصر سريانها على شئون الأمن فقط طوال فترة الانتخابات انتقل الحديث إلى العلاقات بين القصر والوفد فقال فؤاد باشا:
وقال بيفن اللجنة الدفاع المنبثقة عن مجلس الوزراء البريطانى.
للملك طلبات كثيرة.  أجاب حسن يوسف: الملك يشترك فى شئون الحكم بمقتضى [[الدستور]] وله نصيب فى السلطة التشريعية والتنفيذية.


واضاف: متى  توافر جو التفاهم فإن هناك دائما حل الوسط . عرض حسن باشا على الملك مضمون اللقاء فأبدى ارتياحا ولكن إبراهيم عبد الهادى باشا أبدى شيئا من العتاب فرد عليه حسن يوسف:
هدفنا أن نبتعد عن [[القاهرة]] فلا يرى المصريون قواتنا حتى لا يقال غن [[مصر]] بلد محتل فتنسحب القوات البريطانية إلى منطقة القناة.


- أبواب الديوان الملكى مفتوحة أمام المعارضة , كما هى مفتوحة أمام الوزارة!
ورأى بيفن أن إعلان مبدأ الانسحاب سيغرى المصريين على أن يطلبوا من البريطانيين البقاء إلى الأبد فى منطقة قناة [[السويس]] ... على الأقل وأوصى بإتباع النموذج الأمريكى وهو تأجير قاعدة قناة [[السويس]] مدة 99 سنة.
واستمرت الاعتقالات والبحث عن [[الإخوان]] شهورا أخرى..وتعيد وزارة الخارجية البريطانية تقييم الموقف فى [[مصر]] وهل من مصلحة بريطانيا التدخل لعودة الوفد.نصح كلاتون مدير الإدارة الأفريقية – يوم 24 من [[يونيه]] [[1949]] – بعدم التدخل لأن ذلك لن يحل مشكلة [[السودان]] أو يؤدى إلى عقد معاهدة.


وقال كلاتون:" لا يجب أن نتدخل لعودة الوفد إلى الحكم و بل نسعى بكل الجهد,ليشترك الوفد فى الإنتخابات فحسب فإذا فعل فإنه سيحصل على أغلبية مقاعد مجلس النواب.
ويقدم بيفن وزير الخارجية مذكرة إلى مجلس الوزراء البريطانى. قال بيفن فى هذه المذكرة سيقبل المصريون معاهدة جديدة تتضمن نفس ملامح معاهدة [[1936]]  التى يطالبون بإلغائها.


وإذا اصبح الوفد فى المعارضة فإن ذلك يفيدنا – أى بريطانيا – أيضا لأنه سيمنع توسع خطط الملك العسكرية . إننا لا نريد ان يقوم الملك بتدعيم الجيش بحيث يقيم ديكتاتورية عسكرية"
وقال إن بريطانيا ستسحب قواتها إلى منطقة القناة ولكنها ستحتفظ بحقها فى إعادة احتلال [[مصر]] إلى أن قامت الحرب وكان بيفن متفائلا أكثر مما ينبغى بما ستقبله [[مصر]].


ويؤشر مايكل رأيت الوكيل المساعد للخارجية البريطانية على هذه المذكرة قائلا:" الوفد أكثر [[الأحزاب]] عقلانية بالنسبة للسودان و[[فلسطين]]. وهو أكثر [[الأحزاب]] صداقة لبريطانيا. وهو الوحيد  القادر على تحقيق الإصلاح الاقتصادى. ويفكر الملك فى تعيين رئيس وزراء محايد وتشكيل حكومة ائتلافية تجرى الانتخابات
ويزور اللورد كيلرن فاروق يوم 29 من [[يناير]] عام [[1946]] يحمل إليه ردا شفهيا من بريطانيا على طلب تعديل المعاهدة يطالب بإدخال وزراء وفديين – لا النحاس – فى الحكومة ويعرض سريان التحالف بين بريطانيا و[[مصر]].


. ونحن نؤيد إجراء انتخابات حرة وإذا قام الملك بتزوير الانتخابات فإن الجميع سيعرفون انه لا يستطيع ذلك دون تأييدنا وسنتهم بتأييد الحكومة الرجعية للوصول إلى الحكم".
ولكن السفير لا يفصح عن آراء بيفن كلها. ويشجع فاروق السفير البريطانى على الحديث بل يسأله النصيحة قال السفير إنه لا يستطيع التعاون مع النقراشى فطلب منه فاروق أن يقدم بذلك مذكرة كتابية
قدم كيلرن هذه المذكرة يوم 31 من [[يناير]] فقصد عبد الفتاح عمرو باشا إلى وزارة الخارجية البريطانية فى اليوم نفسه, للقاء بيفن وأبلغه أن ملك [[مصر]] تلقى تحذيرا رسميا  بضرورة تغيير النقراشى وأن هذه الرسالة غير ودية وقد أزعجت جلالته للغاية.


ويحقق صاحب الجلالة ما جاء فى مذكرة رايت بالحرف الواحد.
نفى كيلرن ذلك. ولكن الخدعة , أو اللعبة الملكية, حققت أهدافها فإن بيفن كان يرفض التدخل لتشكيل أو تغيير الوزارات فى [[مصر]].


إن ملك [[مصر]] يمهد – بالفعل- لعودة الوفد وتحقيق حالة من الاسترخاء الأمنى أى الإفراج عن [[الإخوان]] العتقلين بعد أن قتل زعيمهم.
فى 4 [[فبراير]] [[1946]] قرر مجلس الوزراء البريطانى نقل كيلرن من [[مصر]] وتعيينه مندوبا خاصا فى جنوب شرق آسيا.


.. وكان [[حسين سرى]] باشا هو رئيس الوزراء الوحيد فى [[مصر]] الذى يستطيع أن يمهد  لحكم الوفد كما حدث عام [[1942]].
وتشتد مظاهرات الطلبة التى أثارها الوفد و[[الإخوان]] وتلجأ الحكومة إلى استخدام القوة لقمعها.
ويكتب الوزير المفوض البريطانى جيمس بوكر:" يجب أن نذكر أن الوفد لم يستطع عند افتتاح الجامعة فى [[أكتوبر]] الماضى جذب الطلاب للتظاهر خارج الجامعة بسبب عدم تعاون [[الإخوان]] معه فإنهم كانوا – حينذاك – يناصرون الحكومة.


دعا الملك فاروق وزير الفريق محمد حيدر باشا فى الثالثة من صباح يوم 25 من [[يوليو]] [[1949]] لمقابلته . وأمره أن يذهب فورا إلى رئيس الوزراء إبراهيم عبد الهادى باشا ويطلب إليه أن يستقيل.
ويشير خروج جماعة [[الإخوان]] إلى الشارع جنبا إلى جنب مع الوفد إلى اعتقاد [[الإخوان]] بأن حكومة النقراشى تقضى أيامها الأخيرة , وإلى قيام الحكومة أخيرا بالتضييق على أنشطة [[الإخوان]].وهذا يشير إلى التأثير المتزايد للجماعة,... فعندما قررت ان تلقى بثقلها إلى جانب أ‘مال الشغب والاضطراب كان لذلك أثره الفعال".
التمس حيدر باشا تأجيل الأمر إلى الصبح فأصر الملك على التنفيذ فورا بحجة أن " الدنيا رمضان" ون سهرة رمضان ممدة إلى الصباح.


كرر وزير الحربية التماسه .
ويبلغ الملك رئيس وزرائه بأن [[الإنجليز]] طلبوا إخراجه من منصبه قال الشيخ [[البنا]] للنقراشى:


تسامح الملك ووافق على أن ينتظر الوزير حتى السابعة صباحا.
- طالب بالجلاء صراحة فإن ماطل [[الإنجليز]] لا تقدم استقالة . وإنما امتشق السيف وقد الأمة إلى الجهاد.


توجه حيدر باشا إلى رئيس الوزراء فى بيته ب[[الإسكندرية]] وأبلغه أن الملك يرى ان تستقبل الوزارة . ورأى الملك ... أمر!
- ولكن النقراشى يستقيل يوم 15 من [[فبراير]]  [[1946]]  


وافق رئيس الوزراء  ودعا مجلس الوزراء فى التاسعة صباحا وأبلغهم الأمر الملكى وتلا عليه كتاب الاستقالة.
وتجرى مجلة المصور فى الأسبوع نفسه استفتاء بين القراء عن " رجل عام [[1945]]" ففاز الشيخ [[البنا]].


شكلت الوزارة الائتلافية الجديدة برئاسة [[حسين سرى]] باشا وضمنت 4 وزراء من كل من الوفد والأحرار الدستوريين والسعديين والمستقلين واثنين من [[الحزب الوطني]].
== [[الإخوان]] المصريون ==


وأعلن صاحب الجلالة أن الوزارة الجديدة هدية العيد من الملك إلى شعبه وعلق كثيرون على ذلك بقولهم:
اختار الملك صدقى باشا – 71 سنة- ليتولى رئاسة الوزراء فقبلها قائلا:
وزارة إبراهيم عبد  الهادى هى ضجة العيد . وإن لم يكن عيد الضحية!وزار كريم ثابت المستشار الصحفى لفاروق رئيس الوزراء السابق إبراهيم عبد الهادى مجاملا بعد الاستقالة.


أشار عبد الهادى إلى حكاية " هدية العيد" بانفعال شديد , ثم قال وهو يبتسم ابتسامة مرة:
- إنها يا مولاى لمهمة عسيرة ينوء بها اصلب الرجال عودا. وكان صدقى صادقا فليس له حزب. أو نائب واحد, يمثله فى البرلمان اعذر محمود فهمى النقراشى عن دخول الوزارة او اشتراك الحزب السعدى فيها لم يكن أمام صدقى إلا حزب الأحرار الدستوريين فألف صدقى وزارته  من 11 وزيرا وتولى وزارتى الداخلية والمالية بالإضافة إلى رئاسة الوزارة واختير أحمد لطفى السيد وزير دولة يتولى وزارة الخارجية.
وعلى كدة أبقى أنا اللى طلعت " خروف العيد"!
ومثل حزب الأحرار الدستوريين 4 وزراء والباقون من المستقلين وكان صدقى يهدف إلى أن يستبدل السعديين بالمستقلين عندما يقرر الحزب  دخول الوزارة.


اختلف وزراء سرى باشا حول تقسيم الدوائر الإنتخابية ولم يستطع رئيس الوزراء التوفق بينهم.
ورى [[الإخوان]]  فى بعض كتبهم أن صدقى لم يقبل الوزارة إلا بعد أن ضمن تأييدهن له فقد اصبحوا القوة الثالثة. وفى [[السياسة]] المصرية بعد الملك والوفد  وقالوا إن صدقى – وهو يبحث عن مؤيدين لهم قوة شعبية يناصرونه  - رأى الاتجاه إليهم... ولم يكن أمامه غيرهم!
ويظهر رجل العملا أحمد عبود فى الصورة عندما يلتقى بالوزير البريطانى تشابمان اندروز يو 25 من [[أكتوبر]] ويقول له:


سيدعو [[حسين سرى]] باشا مجلس الوزراء إلى الاجتماع يوم أول [[نوفمبر]] أى فى اليوم التالى لعودد فاروق من رحلته فى الخارج.
قام بالوساطة بين صدقى و[[المرشد العام]], إبراهيم رشيد زوج ابنة صدقى  باشا زار رئيس الوزراء الشيخ [[البنا]] وأبلغه أنه كلف بتشكيل وزارة لمفاوضة [[الإنجليز]] وأرجأ [[المرشد العام]] رده بالقبول أو الرفض حتى يعرض الأمر على [[الإخوان]].


وفى هذا الاجتماع سيطلب سرى من الوزراء الاتفاق على تسيم الدوائر فإذا وافقوا سيصدر المرسوم الملكى بذلك وتجرى الحكومة الائتلافية الانتخابات .
'''وقال [[البنا]] لصدقى باشا''':


وإذا حدث العكس ولم يتفق الوزراءسيقدم سرى باشا استقالته  إلى الملك ويشكل حكومة إدارية خالصة لإجراء الانتخابات. ويضيف أحمد عبود قائلا للوزير البريطانى:
شاع بين الناس من تاريخك السياسى ما يبعث على النفور منك ولكننا سنزن ما تقول بميزان دعوتنا.
أجاب صدقى:


حصل سرى باشا  على موافقة الملك مقدما على الاستقالة.
- سأبدأ صفحة جديدة وللجماعة أن تأخذ على ما شاءت من مواثيق جمع [[المرشد العام]] الهيئة التأسيسية وعرض عليهم الأمر فوافقوا على مبدأ التفاهم مع صدقى.


ويجمع سرى الوزراء الذين لا يفطنون غلى " الكمين" الذى أعد لهم فيختلفون وينهى رئيس الوزراء الاجتماع غاضبا , ويسرع بتقديم استقالته إلى  الملك يوم 3 [[نوفمبر]] قائلا:
- وأبلغ المرشد رئيس الوزراء الحد الأدنى من مطالب البلاد الوطنية فى لمفاوضات مع [[الإنجليز]].
" تبين  لى فشل الجهود التى بذلتها فى محاولة التوفيق, وحرصا على عدم ضياع وقت  بلادى سدى فى أمور لا طائل تحتها أرانى مضطرا إلى رفع استقالتى ".


ولكن سرى باشا يضيف هذه الكلمات فى خطاب استقالته قال: " مازلت اومن بالإئتلاف وفوائده الجمة. ولا شك عندى فى أنه سيكون مبروك الخيرات بعد الانتخابات وأن فى قيامه مصلحة كبرى للبلاد".
- وعلى هذا الأساس قرر [[الإخوان]] تأييد الوزارة وفى هذه الرواية ما فيها من مبالغات لا يقبلها العقل!


ولم تفطن أحزاب [[مصر]] إلى الهدف من هذه الكلمات .. فإن الملك كان يأمل أن ينجح فى تزوير الانتخابات بحيث لا يفوز حزب واحد بالأغلبية فيشكل سرى وزارة ثانية من كل [[الأحزاب]] المصرية... برئاسته!
- ولكن [[عمر التلمساني]] يقدم صورة مقبولة لما جرى . قال:


أخذت الخطابات المجهولة تتوالى على النيابة العامة من أشخاص يدعون أنهم من [[الإخوان المسلمين]] وأنهم قتلوا [[البنا]] لأنه أبلغ الأمن العام عن مخازن الذخيرة وأرشد  عن كثير  من أعضاء " جمعية الإرهاب".
- إسماعيل صدقى من أنبغ الساسة المصريين ولكن ليست له قاعدة شعبية ورأيه أن تؤخذ حقوق [[مصر]] خطوة خطوة فتأخذ جزءا من الحق , أى الجزء المستساغ.
ودلت لغة هذه الخطابات على أنها من " تأليف" رجال الشرطة فالإرهابى لا يصف نفسه بذلك بل يزعم انه فدائى.


ونشرت جريدة " الأهرام" فى اليوم التالى للجرمية أن [[البنا]] ارسل لوزارة الداخلية يعلن رغبته فى تسلمي الأسلحة والإذاعة وأنه تلقى خطاب تهديد بالقتل إن هو أذاع شيئا من أسرار [[الجماعة]].
- قال صدقى للإخوان :


وكانت التحقيقات خالية من هذه المعلومات وقصد من نشر هذه الأخبار  توجيه التحقيق وجهة خاصة وهى أن القتلة أعضاء فى جماعة [[الإخوان]]. وكان واضحا أن وزارة الداخلية هى التى أوحت بهذا النشر.
- سأعمل لكم بشرط تأييدى
قالوا:


روى بكر درويش الذى كان رقيبا بمراقبة النشر بوزارة الداخلية أن بيان " ليسوا إخوانا وليسوا مسلمين" سلم إلى الرقابة بعد اغتيال حسن لبنا بيومين لتسليمه للصحف لنشره.
استرد الحقوق المشروعة فورا, أو بالتقسيط بشرط أن تترك للإخوان حرية قال " ادجار جلاد" صاحب جريدة " الجورنال ديجيبت" وأحد  رجال الملك فاروق لفيليب ايرلاند سكرتير السفارة الأمريكية:
اتجه صدقى إلى [[الإخوان]] ليحقق التوزان مع الوفد.


وقال توفيق صليب مدير الرقابة للرقباء
ويروى بعض [[الإخوان]] أن إسماعيل صدقى عرض على [[البنا]] أن يكون وزيرا للأوقاف وأن [[البنا]]  فكر فى قبول العرض قائلا:


:" الهدف أن يلقى فى الأذهان أن الجناة من [[الإخوان المسلمين]] المتذمرين من الشيخ [[البنا]] لموقفه من الحكومة وأن هذا التذمر أدى إلى ارتكاب الحادث".
قال البيان الذى كتبه الشيخ [[البنا]] قبل وفاته:


" وقع هذا الحادث الجديد حادث محاولة نسف مكتب سعادة النائب العام وذكرت الجرائد ان مرتكبه كان من [[الإخوان المسلمين]] فشعرت بأن من الواجب على أن أعلن أن مرتكب هذا الجرم الفظيع وأمثاله من الجرائم لا يمكن أن يكون من [[الإخوان]] ولا من المسلمين لأن [[الإسلام]] يحرمها والإخوة تأباها وترفضها .
- نستطيع من خلال عشرة آلاف مسجد أن ننشر دعوتنا ولكن صدقى تراجع عن ذلك.


ومن المرجح بل من المحقق أنه إنما أراد به أن يتحدى الكلمة التى نشرت قبل ذلك بيومين تحت عنوان ( بيان للناس) ولكن [[مصر]] لم تروعها أمثال هذه  المحاولات الأثيمة وسيتعاون هذا الشعب مع حكومته الحريصة على أمنه وطمأنينته فى ظل جلالة الملك  المعظم على القضاء على هذه الظاهرة الحظيرة.
ومرة أخرى من حسن حظ [[البنا]] و[[الجماعة]] أن صدقى عدل عن ترشيح الشيخ للوزارة – أيا ما يكون سبب ذلك – وإلا كان [[البنا]] قد انتهى إلى أن يصبح مجرد وزير لا قائدا ومرشدا للإخوان!


وليعلم أولئك الصغار من العابثين أن خطابات التهديد التى يبعثون بها إلى كبار الرجال وغيرهم لن تزيد أحدا منهم إلا شعورا بواجبه وحرصا تاما على أدائه فلقلعوا عن هذه السفاسف ولينصرفوا إلى خدمة بلادهم كل فى حدود عمله إن كانوا يستطعون عمل شئ نافع مفيد.
لم ترحب السفارة البريطانية بتعيين إسماعيل صدقى , ولم تعترض عليه وصف جميس بوكر القائم بأعمال السفير البريطنى رئيس وزراء [[مصر]] إسماعيل صدقى, الذى وافق [[الإخوان]] على التعاون معه فقال بوكر فى البرقية رقم 78:


وإنى لأعلن أنى منذ اليوم سأعتبر  أى حادث من هذه الحوادث يقع من أى فرد وسبق له اتصال بجماعة [[الإخوان]] موجها إلى شخصى ولا يسعنى ازاءه إلا أن اقدم للقصاص أو أطلب إلى جهات الاختصاص تجريدى من الجنسية المصرية التى لا يستحقها إلا الشرفاء الأبرياء فليتدبر ذلك من يسمعون ويطيعون وسيكشف التحقيق ولا شك عن الأصل والدخيل.
" وظل المصريون يعتبرون إسماعيل صدقى رمزا للرجعية السياسية والرأسمالية والفساد المالى. وظل لفترة طويلة .. اقدر الاداريين والماليين وأقوى رجل فى [[مصر]] أبعده الملك فؤاد من منصبه مرتين عامى [[1925]] -[[1933]] وكان يجب  أن نمنع ذلك – نظرا للخدمات التى أداها  صدقى لنا. وإبعاد صدقى أدى إلى ميله الأن إلى معاداة البريطانيي.


ولله عاقبة الأمور".
وأصبح منحازا للتفكير الأوربى ضد التفكير الانجلوسا كسونى. وخلال العامين السابقين لعب دورا وطنيا متطرفا فى طلب تعديل المعاهدة وهذا ينبع جزئيا من رغبته فى طمس الأسطورة الشعبية عن ارتباطه بنا وهو عديم الضمير تماما يكيف نفسه فى أى وقت مع الاتجاه الذى يناسب مصالحه وقد أثار تعيينه  - بطبيعة الحال – رفضا عنيفا من جانب الوفد والعناصر المحافظة فى البلاد.


لم يظهر الشاب الأسمر الذى ذكر رقم سيارة محمود عبد المجيد رغم ما نشرته صحيفة " ال[[مصر]]" ولم يظهر أبدا حتى بعد قيام الثورة.
ومما لا شك فيه أن لطفى السيد الذى قارب الثمانين من عمره سيكون وزيرا  صوريا للخارجية وسيدير صدقى الشئون الخارجية بنفسه.


ولكن السفارة الأمريكية فى برقيتها إلى واشنطن بعد الجريمة ب48 ساعة ذكرت السر الحقيقى لاختفاء هذا الشاهد الوحيد
ولم يعد صدقى بنفس لقوة الجسدية التى كان عليها قبل النوبة القلبية التى أصابته  عام [[1933]] وهو الآن فى الحادية والسبعين من عمره.


قالت: " شاب مصرى كان يجلس فى مقهى مقابل  جمعية الشبان المسلمين وقت الاغتيال تقدم إلى نقطة بوليس كوتسيكا بشارع معروف ابلغ كونستابل" اسمه حسن" وشرطيا اسمه " طه" بأنه يعرف رقم السيارة التى هربت فور الحادث وأنه يمكن أن يتعرف على القاتل إذا عرض عليه بين آخرين.  
ويبدو تعيين صدقى استفزازيا فى العالم الجديد الذى بدأ يخرج حتى فى الشرق الأوسط, من التأثير المضطرب للحرب ومن الاستياء الاجتماعى الذى تبرره ظروف التفاوت الاجتماعى".


أبلغت نقطة كوتسيكا هذه المعلومات تليفونيا إلى المحافظة فانتقل على الفور
ولكن " جرافتى سميث" مساعد السكرتير الشرقى السفارة البريطانية أنصف صدقى قال:


الصاغ توفيق السعيد من القلم السياسى – مباحث أمن الدولة – إلى نقطة وتسيكا.
" أذكى الوطنيين المصريين قادر على كل شئ. وهو واحد من السياسيين ال[[مصر]]ين القلائل الذين يعتبر حديثهم متعة فكرية. ويلعب شاربه دورا كبيرا فى ابتسامة الثقة بالنفس التى يتلقى بها حلو الأخبار ومرها"


ويقول أحد المصادر ان هذا الضابط – توفيق السعيد – وضع مسدسا فى معطف جيب الشاب واوسعه ضربا وهدده بأنه سيحاكم بتهمة أحراز سلاح غير مرخص.
وأنصف الكاتب البريطانى " جون مارلو " فقال:


ونقلوا الشاب تحت حراسة الشرطة إلى منزله ولم يفتح فمه بكلمة بعد ذلك , حول الحادث"!
"... آخر الباقين على قيد الحياة من الحرس القديم  للوطنية المصرية الذين شكلوا [[حزب الوفد]] الأصلى ثم انشق بعد فترة قصيرة  على [[سعد زغلول]] وقام خلال أكثر من عشرين عاما بدور مستقل تماما فى الحياة المصرية العامة لا يتمتع بأية شعبية . تركى الأصل أوتوقراطى الطباع. واقعى بالغريزة يعارض غوغائية [[حزب الوفد]].


وقد تأكدت هذه الرواية مع تغيير فى بعض التفاصيل فى أثناء محاكمة المتهمين باغتيال الشيخ [[البنا]]. فقد تلقى عبد الكريم منصور رسالة من مجهول جاء فيها" إن الولد الأسمر لقى تعذيبا من البوليس السياسى الذى وضعه فى سجن الأجانب .
ظل رئيسا للوزارة من عام [[1930]] حتى [[1933]] وبعد أن فقد منصبه و[[مارس]] معظم وقته ليكون رجل أعمال فجمع ثروة كبيرة وفى [[السياسة]] كان رجل الدولة المحنك المستقل الذى يراقب الأحداث .. يشجع أ ينتقد.
وخلال [[الحرب العالمية الثانية]] كان ناقدا عنيفا سليط اللسان للسياسة  البريطانية فى [[مصر]]"


واشرف على التعذيب العقيد محمود عبد المجيد فاضطر الولد للإختفاء من [[القاهرة]] .. من شدة الرعب"
اضطهد صدقى الوفديين أثناء رئاسته للوزارة عام [[1930]] ولذلك كان من الطبيعى أن تصف  صحف الوفد تعيينه بأنه " عودة الجلاد"!


بعد ستة أيام من الجريمة  بعث جيفرسون باترسون الوزير الأمريكى المفوض فى [[القاهرة]] إلى واشنطن البرقية رقم 211 وتاريخها 18 من [[فبراير]] [[1949]] .. وفيها  تفاصيل الجريمة وأسماء القتلة فإن المجرمين كانوا معروفين لدى القصر وزراة الداخلية والسفارات الأجنبية!
بدأ صدقى وزارته الأخيرة عام [[1946]] فى ظل تأييد [[الإخوان]] ومعارضة الوفد.


وكان الشعب المصرى يهمس بالحقيقة ولكنه لا يستطيع أن يصرح بها .
وكانت الحرب قد انتهت و[[الإنجليز]] لا يتدخلون فى سياسة الحكم وشئون [[مصر]] الداخلية ولا يفرضون على رئيس الوزراء اعتقال [[البنا]] أو نقله كما فعلوا فى عهد [[حسين سرى]].
قال باترسون:


" تدل المعلومات التى تلقيناها من المصادر الخاصة والموثوقة بما فى ذلك مصادر السفارة البريطانية بما يؤكد الاعتقاد السائد بين الجماهير أن الشيخ [[البنا]] ويدعم مساندة اكبر المسئولين فى الحكومة. أشرف على المخطط عبد الرحمن عمار بك  وكيل وزارة الداخلية والمسئول
'''قال السفير البريطانى:'''
عن المن العام وأحد أصدقاء النقراشى المخلصين.


وشارك فيه محمود عبد المجيد بك مدير المباحث الجنائية بوزارة الداخلية وكامل الدماطى مدير مكتب رئيس الوزراء.
" لوحظ أن مرسوم الملك فاروق لصدقى يصف الأوضاع الحالية المضطربة فى [[مصر]] بأنها تعبير صحى عن طموح الشعب لتحقيق مطالبة العادلة داخليا وخارجيا".


ويقال إن الإتفاق الذى تم بين الثلاثة على أن يتولى الدماطى تفاصيل التخلص من الشيخ [[البنا]]..
كان على رئيس الوزراء أن يتخذ أسلوبا جديدا للحكم – لتحقيق مطالب الشعب – يختلف عن [[السياسة]] التى سار عيها فى وزارته  قبل 13 سنة , ويزيل من الأذهان صورة الديكتاتور الذى يقف دواما ضد الشعب.
ومن هنا رتب الدماطى أن يتولى هو واثنان من مساعديه الموثوق بهما القيام بعملية نموية  على الشيخ [[البنا]] وبدأت العملية منذ ثلاثة أسابيع


هذان المساعدان الموثوق بهما ملكية.
رأى صدقى أن يركب موجة المظاهرات الشعبية ليقودها ويتخذها وسيلة للضغط على [[الإنجليز]] لتحقيق الأمانى القومية!


1- كونستابل بوليس فى ملابس ملكية.
دعت [[الأحزاب]] الشعب إلى التظاهر فى " يوم الجلاء " 21 من [[فبراير]] بيان [[الإخوان]] متفقا مع بيان الوفد فى عدة نقاط. فقد طالبت [[الجماعة]] بالجلاء التام ووحدة وادى النيل والكفاح ضد الامبريالية.سمح صدقى بالمظاهرات . التى اشترك فيها الوفد و[[الإخوان]] و[[الحزب الوطني]] و[[مصر]] الفتاة والشيوعيون.


2- أومباشى سابق فى البوليس نقله الدماطى من البوليس إلى وظيفة كتابية فى رئاسة مجلس الوزراء وعمل معه مؤخرا كسائق لسيارته.
أدت هذه المظاهرات إلى نتجتين:


والأومباشى أسود البشرة وماهر  فى استخدام المسدس والبندقية ومساء السبت 12 من [[فبراير]] تبع المساعدان الشيخ [[البنا]] إلى جمعية الشبان المسلمين فى سيارة سوداء.
الأولى: تشكيل اللجنة القومية للطلاب ولكن حدث احتكاك داخل اللجنة بين الوفد و[[الإخوان]] وتبادل الطرفان اتهامات.


والجدير بالملاحظة ان رجل البوليس المعين فى المنطقة لم يكن ساعتها فى دركه,
الثانية وهى الأهم فقد تصدى [[الإنجليز]] لمظاهرات [[القاهرة]] وقتلوا 23 وأصابوا 121.أباح إسماعيل صدقى المظاهرات مرة أخرى فى يوم الشهداء -4 [[مارس]] – حدادا على شهداء يوم الجلاء . ولكن سقط 28 قتيلا و342 جريحا ب[[الإسكندرية]] نتيجة تدخل الجيش البريطانى.


ويقال إن غيابه  عن واجبه جرى ترتيبه مسبقا أما سيارة البوليس التى ترافق الشيخ [[البنا]] لحراسته فقد سحبت قبل 18 يوما من الحادث ,ومن هنا فالأمر يبدو كأنه مخطط جيد الإعداد والتنفيذ وعلى الرغم مما عرف عن عمار بك بوصفه رجلا" حسن [[الإسلام]]" أحيانا لدرجة التعصب فإنه عبر أكثر من مرة لسكرتير السفارة عن كراهيته للشيخ [[البنا]]".
==كتب القائم بالأعمال البريطانى إلى لندن==


وهذه البرقية الخطيرة حددت:" كراهية  عبد الرحمن ل[[البنا]] . " ذكرت صراحة اسم محمود عبد المجيد مدير المباحث الجنائية بوزارة الداخلية والذى ثبت بعد خمس سنوات أنه المحرض على الجريمة.
" هذا جزء من اللعبة الديماجوجية التى يلعبها السراى لتملق الطلبة وغيرهم من المهيجين.
ولكن النائب العام محمود منصور لم يأمر  بالمضى فى التحقيق إلى نتيجته الطبيعية وهى القبض على الجناة.. وهم معروفون!
ويبدو أن أول تصرفات صدقى تعكس هذه [[السياسة]] لقد ألغى تدابير الحكومة السابقة بمنع اجتماعات [[الإخوان]] و[[مصر]] الفتاة وهو او السراى , أو هو والسراى ينظمان مظاهرات الطلبة و[[الإخوان]] بحيث تتجه إلى القصر لإعلان ولائها لجلالة ملك [[مصر]]..  


ولم يحفظ محمود منصور  التحقيق. ولم يقيد الجناية ضد مجهول  وبقيت أوراق القضية تنتظر رغم المحققين يعرفون المحرض والقتلة ولكنهم لا يستطعون أن يمدوا إليهم يد القانون!
وتطلق فى طريقها الصحيات المعادية للبريطانيين من قبيل " يسقط البريطانيون " ... الخ وكلف حسن رفعت باشا وكيل وزارة الداخلية من جانب صدقى بتنفيذ هذه [[السياسة]] .


وتوقع [[الإخوان]] أن يعيد [[حسين سرى]] باشا التحقيق ويقدم المتهمين إلى القضاء  خاصة وأن بينه وبين إبراهيم عبد الهادى خصومة طويلة.
واتضح منذ وقت طويل أن السراى فى جهودها المحمومة للإبقاء على نفوذه المتقلص بين العناصر الشعبية على استعداد تام لتشجيع نصارها على أعمال العنف المعادية للبريطانيين لتجويل الاستياء الشعبى من السراى .. إلينا وخطورة مثل هذا النوع من الألاعيب واضحة".


وكا ما فعله [[حسين سرى]] أن نقل محمود عبد المجيد  من إدارة المباحث الجنائية إلى وظيفة مفتش فى إدارة الشرطة.. فى 14 من [[أغسطس]] [[1949]] , بعد ثلاثة أسابيع من توليه رئاسة الوزارة!..
وتكتب المفوضية الأمريكية إلى واشنطن:
" يتزايد تنظيم [[الإخوان]] كل يوم كقوة سياسية وبالذات منذ تولى صدقى باشا السلطة. وقد رفع رئيس الوزراء الحظر الذى فرضه النقراشى باشا على اجتماعات [[الإخوان]] وهو يجامل [[الإخوان]], ربما يدعم مالى بأمل فصم ارتباطهم بالوفد"!


وظل الرعب يلاحق العهد كله سبعة شهور بعد الجريمة وبعد استقالة إبراهيم عبد الهادى وتولى [[حسين سرى]] رئاسة الوزارة. فى 2 من [[سبتمبر]] كتب الوزير البريطانى تشابمان: " يتضح الدليل على أنه مازالت هناك حياة فى منظمة [[الإخوان المسلمين]] المنحلة من تقرير سرى وصلنى حول اعتقال أربعة أشخاص فى محطة [[القاهرة]] فى .22 من [[أغسطس]] [[1949]].. وما أعقب ذلك من اعتقال ستة أشخاص آخرين وتم ضبط كتيب مع هؤلاء الأشخاص يهاجم الحكومة السابقة.. ويفند اتهامات معينة عن القيام بنشاط هدام صدر على أساسها قرار  حل [[الجماعة]].
فى اجتماعات لجان الطلبة يلمع اسم [[مصطفي مؤمن]] أحد زعماء شباب [[الإخوان]] الذى يتعاون مع الوفد فى المظاهرات عقب تولى صدقى الوزارة  مباشرة.. ولكن [[مصطفي مؤمن]] يصبح من أوائل المدافعين عن الاعتدال والداعين إلى الامتناع  عن القيام بأعمال عنف جديدة!ويؤيد [[المركز العام]] للجماعة دعوة الاعتدال بإعلان أن اللجنة القومية التى نظمت الإضرابات قامت لغرض واحد وهو تنظيم إظهار شعور الأمة فى يوم الشهداء وقد انتهت مهمتها بانتهاء ذلك.


ويزعم أن قرار الحل كان نتيجة لضغوط تعرض لها المغفور له النقراشى باشا من جانب السفارات البريطانية والفرنسية والمريكية.
وقال أعضاء [[الجماعة]] – تبريرا لانسحابهم من اللجنة – إن صدقى عام [[1946]] عير صدقى فى الثلاثينات يبذل كل ما فى وسعه وفقا لرغبات الشعب " وإنه  صادق فى وعوده " مما يدل على التفاهم والتعاون بين صدقى و[[الإخوان]] وشكل [[الإخوان]] لجنة أخرى فقالت السفارة البريطانية فى تقرير إلى لندن " أصبحت مهمة [[مصطفي مؤمن]] انتزاع التأييد الشعبى من الوفد لصالح لجنة وطنية تدين بالولاء لرئيس الوزراء"!


ويزعم لاكتيب أيضا أن النظام لسابق أسا استخدام قانون الأحكام العرفية.
اتهمت صحف الوفد [[الجماعة]] بامتصاص الحركة الوطنية وأنهم تقاضوا الثمن من إسماعيل صدقى.


وينتهى بنداء يوجهه بالسماح للمنظمة بالحرية الكاملة بالعودة مقابل أن يتعهد [[الإخوان المسلمون]] بتأييد الحكومة باخلا صفى الحفاظ على الأمن والنظام".
وأخذت عناصر [[الأحزاب]] المعارضة لحكومة  صدقى فى الاتصال ب[[البنا]] بهدف تشكيل جبهة وطنية معادية للحكومة يشترك فيها فؤاد سراج ال الدين سكرتير رئيس حزب [[مصر]] الفتاة وحافظ رمضان باشا زعيم [[الحزب الوطني]].


بدأ الحديث عن الثورة يتجدد..
وافق [[البنا]] وبدأ المركز الرئيسى للجماعة بالحلمية الجديدة يطلبون إقامة تحالف وثيق بين [[البنا]] والنحاس.


بعث وزير الخارجية الأمريكى إلى جيفرسون باترسون الوزير المفوض فى [[القاهرة]] يقول:
==قال [[البنا]] لمبعوثي الوفد==
" اطلعت على تحذير وارد من مصدر موثوق فيه بأن انقلابا مشابها لذلك الذى وقع فى [[سوريا]] يجرى الإعداد له فى [[مصر]].


تابع الموقف عن قرب ووافنا بتقرير عنه".
سيؤدى تنسيق الخطط بيننا إلى فوائد مباشرة ولكنى لا أريد ربط [[الجماعة]] باتفاقيات طويلة الأمد.
وهمس  [[البنا]] سرا لمعاونيه:النحاس عن مجد شخصى أكثر من الكفاح للمصلحة الوطنية!


ولكن الثورة لم تقع فى [[مصر]] بل جرت محاولة لاغتيال المك فاروق . طار مراسل أمريكى من [[القاهرة]] .  
ولكن [[البنا]] توقف بعد فترة قصيرة عن حضور الاجتماعات بنفسه كما امتنع عن إيفاد مندوبين آخرين.
ليتجنب الرقابة على البرقيات فى [[مصر]]. ومن طرابلس – بليبيا بعث المراسل بقصة محاولة الاغتيال التى لم تنشر فى [[مصر]]. قال :"
وكان رده على حافظ رمضان أنه يتعين الانتظار حتى يتضح موقف الحكومة الجديدة  وكان السبب فى ذلك اتفاق صدقى و[[الإخوان]] كتب القائم بالأعمال البريطانى جميس بوكر إلى لندن عن أسباب اعتدال [[الإخوان]] فى سياستهم,.


أصيب الحارس الخاص للملكط فاروق بعدة رصاصات. ونصح الملك بألا يخرج إلى الشارع بعد اغتيال النقراشى.
قال :


وفى المرات النادرة  التى غامر فيها بالخروج كان يتحرك فى موكب هائل من سيارات الجيب المليئة بالضباط من حرس القصر المسلحين بالرشاشات... وخوفا على حياته فإن فاروق شبه سجين, منذ عدة شهور فى قصر عابدين"!
" حصل [[الإخوان المسلمون]] على تصريح بإصدار صحيفة وتوزيع المطبوعات على نطاق واسع وأعلنت [[الجماعة]] عزمها على الانسحاب من " اللجنة الوطنية للطبقة والعمال " وهذا العمل سهل على صدقى باشا جهوده للسيطرة على الطلب وكلا الأمرين يؤكدان أن سياسة الحكومة فى استخدام [[الإخوان المسلمين]]
وفى كتاب ميتشيل ان [[الإخوان]] " حصلوا من إسماعيل صدقى على حرية استخدام المعسكرات وقطع من الأرض لإقامة المبانى اللازمة فى المناطق الريفية فضلا عن المساعدات غير المباشرة من وزارتي التعليم والشئون الاجتماعية".


قاتلان


كان هناك قاتلان
وفى مذكرات [[البنا]] بعنوان " مذكرات الدعوة والداعية " قال :" إنه تلقى بواسطة شقيقه عبد الرحمن [[البنا]] عرضا من إسماعيل صدقى بمساعدات مالية مغرية مقابل إعلان [[الإخوان]] تأييدهم له ومناهضتهم ل[[حزب الوفد]] ولكنه  رفض هذا الغرض".


وفسر  [[البنا]] موقف صدقى من [[الجماعة]] فقال إنه الحياد الدقيق  قال: " لم تساعد الحكومة [[الإخوان]] بشئ. ولم تغدق عليهم مالا ولا حرية  بل منعت عنهم كثيرا من الحقوق الطبيعية.


الأول قتل رئيس الوزراء النقراشى باشا وقد قبض عليه واعترف بجريمته وقال إنه ممن [[الإخوان المسلمين]].
لنم تظفر جريدة [[الإخوان]] بفرخ واحد من الورق. ولم تصرف الإعانات المقررة لكثير من الشعب, وصرف لبعضها أقل بكثير مما كان يؤخذ فى الأعوام الماضية".ويقول [[عمر التلمساني]] إن [[الإخوان]] أخذوا من الورق والتسهيلات ما هو حق لهم!
والثانى عقيد من ضباط الشرطة, قتل , أو حرض على قتل رئيس جماعة [[الإخوان المسلمين]], وهو – القاتل – معروف للجميع ولكن أحد لم يجرؤ على القبض عليه.


قدم عبد المجيد حسن قاتل لنقراشى وزملاؤه الخمسة, بعد تحقيق استمر سبعة شهور إلى المحكمة العسكرية العليا فى 6 من [[أغسطس]] [[1949]] برئاسة المستشار محمد مختار عبد الله وعضوية المستشارين محمد شكرى طلحة ومحمد غالب عطية والعميدين أحمد صالح أمين وإبراهيم زكى الارناؤطى.وكان عبد المجيد حسن قد ظل صائما منذ ارتكاب الجريمة  وكان يسير كيلو مترات فى الصحراء على الأقدام ليرشد المحققين لأماكن التدريب وهو صائم .. ويرفض الأفطار رغم الألحاح عليه..
سأل مندوب  صحيفة "لابورص" التى تصدر ب[[الإسكندرية]] و[[البنا]] إذا  كان  يحبذ نظام الخلافة.ورأى [[الإخوان]] معروف فى أنهم يؤيدون الخلافة فالملك لا يورث بل يتم بالبيعة ... ومع ذلك  فإن [[المرشد العام]] تهرب من الإجابة حتى لا يغضب صاحب الجلالة!


وظل صائما أمام المحكمة وهو يكرر اعترافاته فطلبت منه المحكمة أن يتكلم وهو جالس . وكان يردد أنه يصوم ليكفر عن جريمته البشعة مثل لانيابة العام محمد عزمى ومحمد عبد السلام الذى أصبح – فيما بعد
واكتفى  الشيخ لابنا بأن يقول  للصحيفة باللغة الفرنسية إنه يجب على الدول الأجنبية ألا تخشى شيئا من إعادة تطبيق الشريعة الإسلامية فى [[مصر]].وجد رئيس الوزراء أنه حان الوقت للكف عن المظاهرات, فأوقفها واتجه إلى التفاوض.


نائبا عاما
شكل وفد المفاوضات فى 7 من [[مارس]] – بعد 17 يوما من تشكيل الوزارة.
ضم الوفد أربعة من رؤساء الوزارات السابقين وهم [[على ماهر]] وعبد الفتاح يحيى و[[حسين سرى]] ومحمود فهمى النقراشى.


هاجم محمد عزمى المتهمين ومن خلالهم [[الإخوان المسلمين]] بضراوة فقال إنهم قوم أغواهم الشيطان فتفاقمت أطماعهك ولم يجدوا – لتحقيق ما باتوا به يحلمون – أيسر من الإفتراء على الله ورسوله خديعة للجهلاء وإسلابا لعقول الدهماء.
واشترك فى وفد المفاوضات أيضا وصى سابق على العرش هو شريف صبرى و5 وزراء حاليون وسابقون هم : الدكتور [[محمد حسين هيكل]] وأحمد لطفى  السيد وعلى الشمسى و[[مكرم عبيد]] وإبراهيم عبد  الهادى.
رفض الوفد الاشتراك فى وفد المفاوضات وأصر على أن تكون له رئاسة المفاوضات فهاجمه [[صالح عشماوى]] واتهمه بأنه يعمل ضد مصلحة الأمة بعدم الاشتراك فى وفد المفاوضات مما يدل على أنه لا يريد الاعتراف ب[[الإخوان]] كقوة سياسية أو كحزب سياسى.


وقال محمد عبد السلام : إن مقتل الخازندار بك حمل فى تضاعيفه مقتل النقراشى باشا. وإن جماعة [[الإخوان]] تحمل وزر الجريمتين معا. فإن هذه [[الجماعة]] قد احتضنت الإرهاب بل على الأصح كمن الإرهاب فى تكوينها نفسه.. فإن  شعار [[الإخوان]] ينطق بالعنف , فهو سيفان بينهما مصحف وتحتهما  الآية الكريمة" وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة".
نشر [[البنا]] فى بيان فى صحيفة " الأهرام" حدد فيه موقف [[الجماعة]] وطالب بتمثيلها فى وفد المفاوضات.


وكان هذا الشعار حريا بأن يثير الظنون فى هذه [[الجماعة]] غداة تكوينها منذ عشرين سنة لولا حرص القائمين عليها, فى مبدأ أمرهم  على التظاهر بالتزام الدين وحض على العبادة والبعد بهم عن [[السياسة]].
==قال البيان==


واشار إلى كتاب  ألفه [[البنا]] تحت عنوان " رسالة  التعاليم منى لإخوان الكتائب"!
" كان من المنتظر أن يتألف وفد المفاوضة ممثلا لكل هيئات الأمة وأحزابها وفى مقدمتها [[الإخوان المسلمون]].
وقال إن الشيخ [[البنا]] أوصى [[الإخوان]] بمقاطعة المحاكم الأهلية.. وهذا يدل على فكرة العنف والتحفز, والتربص للوثوب, والغدر, بالنظام [[الدستور]]ى.
وأمام ذلك يقرر [[الإخوان]] أمرين:


وأشار إلى " النظام الخاص" فقال إن أفراده أ‘دوا إعدادا تاما للبطش بأعداء الحركة, وقد أخفوا حقيقتهم وبقى أمرهم سرا لا يعلم أمره سوى قادتهم وزعمائهم.
أولهما يجب أن تعرض نتيجة المفاوضات على الأمة فى استفتاء .


وقال إن [[الإخوان]] اغتنموا فرصة مطالبة الأمة بحقوقها القومية للفت الأنظار عن طريق العنف والجريمة فألقوا ال[[قنا]]بل فى جهاتت متفرقة فى [[القاهرة]] و[[الإسكندرية]] و[[الإسماعيلية]] وبورسعيد. ثم جاء حادث  مقتل الخاوندار بك وهيأ للجماعة استمرار هذا الإرهاب. اندلاع  الصراع فى [[فلسطين]], ولما وقع حادث شركة الاعلانات الشرقية , تساءل الناس إلى متى تنتظر الحكومة . وقد بات كل شخص لا يأمن على حياته.
وثانيهما إما أن تنتهى هذه المفاوضات إلى نجاح وإلا فإن الشعب لن يتردد فى متابعة حركته القومية بعرض قضيته على مجلس الأمن وبالجهاد المستمر "


وأثار [[الإخوان]] الشغب فى الجامعة يوم افتتاح الدراسة وتابعوا خطتهم فوقع شغب آخر فى المدرسة الخديوية, وقتل الحكمدار وألقيت ال[[قنا]]بل على رجال البوليس, وعندئد لم يبق فى قوس الصبر منزع, ولم تجد الحكومة أمامها إلا حل جماتعة [[الإخوان]].  
وبدأ [[المرشد العام]] يتحدث للصحف عن وصول [[الإخوان]] إلى الحكم  فى حديث له مع " مجلة المصور " الأسبوعية تكلم عن إمكان وصول [[الإخوان]] إلى الحكم.


ولم تقابل [[الجماعة]] هذا القرار بالطاعة, بل اعتبرته تحديا لها وقال إن ذاكرة عبد المجيد العجيبة وعت تفصيلات الوقائع فلم تخطئ فيها مرة واحدة, وكان كلما ووجه بمتهم. يذكره بالوقائع الخاصة به تماما, ويعيدها بتفصيل ودقة لا يمكن أن يكونا إلا من شخص انطبعت تلك الوقائع فى ذاكرته.
وفى حديث لصحيفة " البورص" اليومية التى تصدر باللغة الفرنسية فى مدينة [[الإسكندرية]] قال :
" ستقف [[الجماعة]] مع الشعب حتى يحصل على حريته كاملة وإذا تحقق ذلك , وكان [[الإخوان]] قد وصلوا إلى الحكم فإن موقفهم سيظل احترام إرادة الأمة!


صدر الحكم بإعدام عبد المجيد حسن فى 13 من [[أكتوبر]] عام [[1949]] وكان [[حسين سرى]] باشا رئيسا للوزراء.
غادر السفير البريطانى اللورد كيلرن [[مصر]] إلى الأبد يوم 9 من [[مارس]] عام [[1946]].
وتلقى عبد المجيد حسن حكم الإعدام بابتسامة لم يحملها, فى قفص الاتهام سواه!


وقال إن قرار المحكمة هو القرار الوحيد الذى توقعه .. وظل واقفا فى القفص فى ثبات وهو يتكلف الابتسام ويقول : هذا قضاء الله. إن الله هو الذى حكم.
وقبل نقله بعث إلى لندن يطلب عدم التفاوض إلا مع هيئة مصرية يشترك فيها الوفد, ولكن مجلس الوزراء البريطانى قرر فى 18 من مار عدم التدخل فى الشئون الداخلية ل[[مصر]].ووصل إلى [[القاهرة]] يوم 20 من [[مارس]] [[1946]] السير رونالد كامبل  السفير البريطانى الجديد – 56 سنة الذى يعرفه إسماعيل صدقى عندما تولى رئاسة الوزارة فى الثلاثينات.


وأدانت حيثيات الحكم [[الجماعة]] نفسها لا المجموعة التى قتلت النقراشى فحسب.
وكان كامبل قد عمل مستشارا للمندوب السامى البريطانى فى [[مصر]] السير برسى لورين ثلاث سنوات ثم انتقل مستشارا للسفارة البريطانية فى باريس


قال المستشار مختار عبد الله فى حيثيات الحكم.
وأمام ذلك يقرر [[الإخوان]] أمرين:أولهما يجب أن تعرض نتيجة المفاوضات على الأمة فى استفتاء .
وثانيهما إما أن تنتهى هذه المفاوضات إلى نجاح وإلا فإن الشعب لن يتردد  فى متابعة حركته القومية بعرض قضيته على مجل الأمن وبالجهاد المستمر".


" اتخذت جماعة [[الإخوان المسلمين]] من ظاهرها شكل جماعة مشروعة تعمل للخير ولتحقيق أغراض دينية.
وبدأ [[المرشد العام]] يتحدث للصحف عن وصول [[الإخوان]] إلى الحكم فى حديث له مع " مجلة المصور " الأسبوعية تكلم عن إمكان وصول [[الإخوان]] إلى الحكم.
وكان هناك نشاط سرى إلى جانب هذا النشاط الظاهرى يرمى إلى إعداد هيئة مدربه تدريبا عسكريا لتحقيق الأغراض البعيدة للجماعة كما تضمنتها رسائل [[المرشد العام]] إلى [[الإخوان]] وخطبه العديد صريحة فى إقامة نظام ديكتاتورى شامل".


وكتبت السفارة الأمريكية إلى وشنطن تقول:
وفى حديث لصحيفة " البورص" اليومية التى تصدر باللغة الفرنسية فى مدينة [[الإسكندرية]] قال:
" ستقف [[الجماعة]] مع الشعب حتى يحصل على حريته كاملة وإذا تحقق ذلك وكان [[الإخوان]] قد وصلوا إلى الحكم فإن موقفهم سيظل احترام  إرادة الأمة"!


" كان عبد المجيد حسن كما ذكرت الصحف يتوقع أن يحكم عليه بالأشغال الشاقة المؤبدة مدى  الحياة.. وربما كان يعتمد على أن الحكم بالإعدام نادر فى [[مصر]] خلال السنوات الأخيرة.
غادر السفير البريطانى اللورد كيلرن [[مصر]] إلى الأبد يوم 9 من [[مارس]] عام [[1946]].


أما الأربعة من شركائه وهم محمد مالك, وعاطف عطية حلمى وشفيق إبراهيم أنس, ومحمود  كامل سعيد فقد حكم عليهم بالسجن مع الشغل مدى الحياة.
وقبل نقله بعث إلى لندن يطلب عدم التفاوض إلا مع هيئة مصرية يشترك فيها الوفد ولكن مجلس الوزراء البريطانى قرر  فى 18 من [[مارس]] عم التدخل فى الشئون الداخلية ل[[مصر]].


وكانت أهمية الأدلة المتعلقة باشتراك هؤلاء الأشخاص كبيرة وهناك بعض الدهشة لأنه لم يحكم بإعدامهم أيضا.
ووصل إلى [[القاهرة]] يوم 20 من [[مارس]] [[1946]] السير رونالد كامبل  السفير البريطانى الجديد – 56 سنة الذى يعرفه إسماعيل صدقى عندما تولى رئاسة الوزارة فى الثلاثينات.
وهناك اعتقاد فى بعض الدوائر بأن القضاة لا يميلون إلى التشدد فى القسوة على ضوء اغتيال الخازندار فى عام [[1948]] بعد أن أصدر حكما بالسجن مدى الحياة على اثنين من [[الإخوان المسلمين]].


وفى هذا الصدد فإنه كان من الأهمية أن تحاط قاعة المحكمة بحراسة مشددة. أما الدهشة الكبرى للأحكام فتمثلت فى براءة عشرة من المتهمين وهناك اعتقاد عام بأن الدليل الذى قدم كان كافيا لإصدار حكم مخفف صدهم وعلى أية حال فإن مسئولى الأمن فى الحكومة لا يعتزمون أن يستعد أى منهم حريته فورا.
ووكان كامبل قد عمل مستشارا للمندوب السامى البريطانى فى [[مصر]]  السير برسى لورين ثلاث سنوات ثم انتقل مستشارا للسفارة البريطانية فى باريس وبلغراد وواشنطن ووكيلا مساعدا لوزارة الخارجية البريطانية قبل وصوله للقاهرة مرة أخرى.
واختلف رد الفعل الشعبى على الأحكام وفقا للمشاعر السياسية ولا يمكن القول أن هناك مشاعر بغض عامة لعبد  المجيد كقاتل"!


فى اليوم التالى لصدور حكم الإعدام نشرت صحيفة " المصرى" الناطقة باسم الوفد: " نرجو أن يقضى هذا القرار على وساوس الشيطان التى تدفع بشباب نافعين إلى عالم الجريمة والقتل لمعتقدات سياسية".
جاء السفير الجديد من بورسعيد إلى [[القاهرة]] فى عربة ألحقت بقطار السكة  الحديد. ولم يصل بقطار خاص كما حدث لكل المندوبين السامين البريطانيين, أو اللورد كيلرن, عند قدومه إلى [[مصر]] لأول مرة!
وقالت المصرى:
ولم يكن فى استقبال السفير بمحطة السكة الحديد رئيس وزراء [[مصر]] وممثل عن صاحب الجلالة بل مندوب لوزارة الخارجية المصرية وكبار موظفى السافرة البريطانية فى [[القاهرة]] وقادة جيشها فى [[مصر]] وبعض المصريين من أصدقاء [[الإنجليز]]!


" صدر من قبل محكمة جنايات [[مصر]] حكم يقضى بمعاقبة حسين توفيق بالشغال الشاقة عشر سنوات لقتله أمين عثمان.
قال لطفى السيد وزير الخارجية للسفير.


وما نريد أن نناقشه هو موقف الحكومة المصرية من حسين توفيق.
بوصولكم لن تكون هناك عقبة أمام تحقيق الأمانى القومية لشعب [[مصر]] لم يرد كامبل ولكنه أبرق إلى لندن قائلا:
"سرنى وضايقنى هذا التصريح ولكنى شعرت بالاشمئزاز لنه يدين عهد سلفى كيلرن"!
كتب كويليام مراسل صحيفة التايمس إلى صديق له يقول


لقد فر حسين توفيق عقب محاكمته. وظل مختفيا بعض الوقت وعرف أنه فى شرق الأردن ثم اختفى.
" أدى وصول السفير الجديد إلى تغييرات شبه سحرية فى المناخ السياسى السائد فى [[مصر]] وقال بنكى  تاك الوزير المريكى المفوض إن كامبل سفير وليس مندوبا ساميا كما كان كيلرن فى أول عهده ب[[مصر]]"
ويرى الكاتب الفرنسى ج كبيرك أن السفير البريطانى الجديد" جبان ضعيف بينما كان سلفه اللورد كيلرن ديكتاتورا يملك شخصية قوية"!


ولا اقل من أن تعمل الحكومة على مساواة الفار حسين توفيق بزملائه هؤلاء فتسعى جادة لتسليمه وتنفيذ العقوبة".
توجه صدقى للسفير الجديد – فى 30 من [[مارس]] – قائلا:


وعبرت برقية للسفارة الأمريكية فى [[القاهرة]] عن الموقف الحقيقى للوفد من حكم الاعدام.
- جمعت [[مصر]] خير رجالها للتفاوض ولا يعقل أن يواجه هؤلاء وفدا يتألف من موظفين بالسفارة البريطانية لهم تصريحات لم ينسها المصريون... ونفذوا  سياسة فى زمن الحرب لم تترك أثرا طيبا فى [[مصر]]. أرجو إعادة النظر فى هذا الموضوع.
قالت السفارة:


" تردد أن أعضاء كثيرين فى الوفد يشعرون بتعاطف كبير تجاه القاتل بسبب الكراهية والازدراء اللذين يكونهما للنقراشى باشا. وقد ارتدوا أربطة عنق سوداء فى اليوم الذى أعلن فيه الحكم على عبد المجيد حسن"!
- كتب كامبل إلى لندن:


ونفذ حكم الإعدام فى 25 من [[أبريل]] 1950 عندما كان [[مصطفي النحاس]] فى الحكم!
- " اظهروا شيئا من الدفء" استجاب بيفن وأعلن فى مجلس العموم – يوم 2 من [[أبريل]] – أنه سيتولى رئاسة وفد المفاوضات البريطانى.. يعاونه اللورد ستانسجيت وزير الطيران ورونالد كامبل السفير البريطانى فى [[القاهرة]].وقال إن ستانسجيت وكامبل يبدآن المفاوضات نيابة عنه فى المراحل الأولى.ولم يقل بيفن حقيقة أخرى حددت موقفه وهى أنه يخشى أن يغتاله الصهاينة!وضم الوفد البريطانى أيضا السير كيناهان كورنووليس السفير البريطانى السابق فى العراق ورئيس قسم الشرق الأوسط بوزارة الخارجية البريطانة وقادة القوات الثلاثة فى الشرق الأوسط.


كوفئ من قتلة [[البنا]] محمود عبد المجيد وحده. بعد شهرين من الجريمة تذكرت إدارة الجنايات بوزارة الداخلية أن محمود  عبد المجيد قام بمجهودات للأمن قبل 3 سنوات, وأنه يستحق مكافأة قرر وكيل الأمن العام فى 5  [[أبريل]] [[1949]] منحه مكافأة قدرها 300 جنيه عن جهوده فى جرجا عام [[1946]]!
- وحددت الحكومة البريطانية موقفها من المفاوضات القادمة
   
   
وعندما عرضت الأوراق على عبد الرحمن عمار قرر زيادة المكافأة إلى 600 جنيه . واقر ذلك المجلس الأعلى للبوليس!
ال بيفن فى برقية إلى اللورد ستانسجيت:
 
" لا تستطيع بريطانيا الدفاع عن [[مصر]] إذا لم تحتفظ – فيها – بقواعد.لأن [[مصر]] تقع فى قلب نظام الدفاع البريطانى".أما القادة البريطانيون فكانن رأيهم تطبيق المبدأ الذى وضعه بيفن بأسلوب يقبله شعب [[مصر]].
 
قالوا  فى تقريرهم السرى:
 
" بقاء القوات البريطانية فى مدن يعرضها للهجوم. ومن الأفضل لتهدئة الرأى العام الموافقة على ما يقبله المصريون وبال[[قنا]]ع – بعد فترة – يمكن الوصول إلى ما تتطلبه الإجراءات الإستراتيجية".
ايد كامبل هذا الرأى ولكن سكريفنر رئيس القسم المصرى فى وزارة الخارجية البريطانية قدم مذكرة إلى بيفن قال فيها:
 
" سيتظاهر المصريون لأى شئ. وسيكون ظاهرة سيئة أن تفقد بريطانيا موقعها فى [[مصر]] وهذا شئ أشبه بالانتحار ونحن نفكر فى اختيار قاعدة بديلة فى شرق أفريقيا وإذا لم تكن مناسبة فيجب  أن نبقى فى [[مصر]] ونواجه المظاهرات بحسم".
 
ورأى كل من كامبل وستانسجيت انه إذا أرادت بريطانيا تقديم تنازلات ل[[مصر]] فمن الأفضل تقديمها قبل بدء المفاوضات , أو فى مراحلها الأولى. بدلا من تقديمها فى مرحلة متأخرة حتى لا يبدو ذلك و:انه تم تحت ضغط صدقى
 
وقال كامبل:
 
" هناك طريقان أمام بريطانيا : الجلاء أو بقاء القوات و والاثنان مقامرة ولكن المقامرة بإبقاء القوات تعنى التوتر , والنوايا السيئة, والعنف والتجاء المصريين إلى الأمم المتحدة بينما الجلاء قد يعطى فرصة لبحث التنازلات التى ينبغى على المصريين تقديمها للحفاظ على الاستيراتيجية البريطانية".
ومن ناحيته رأى صدقى أن يوسط صديقا قديما,
 
وهو كلارك كار , لدى بيفن وكان كلارك كار يعمل أثناء عودته إلى لندن قادما من موسكو فقدم مذكرة إلى وزير الخارجية يوصى فيها بعدم الاحتفاظ بقوات فى [[مصر]] تتنافى مع سيادة [[مصر]] وكرامتها والمبادئ التى قام عليها عالم ما بعد الحرب
 
وأوفد ستانسحيت الجنرال جاكوب , أحد معاونيه فى وفد المفاوضات إلى لندن ليشرح الموقف لبيفن قال له.
إذا صدر بيان عاجل باستعداد بريطانيا لسحب جيوشها فإن ذلك يمنع حمى الشك لدى المصريين, ويفسد مناورات الأعضاء المتطرفين فى هيئة المفاوضات المصرية ويمنع القلاقل والاضطرابات ويمك الحصول من [[مصر]] على تسهيلات عسكرية لقواتنا أثناء الحرب.
 
ويناقش الموضوع فى مجلس الوزراء البريطانى خلال جلستين فى 24 من [[أبريل]] و6 من [[مايو]].
 
وفى الجلسة الأخيرة وجد مجلس الوزراء أنه من الصعب الاحتفاظ بالقوات البريطانية فى [[مصر]] باستعمال القوة ويمكن ضمان التسهيلات العسكرية بموافقة الحكومة المصرية.
 
وقرر المجلس مبدأ الجلاء عن [[مصر]] فى بداية المفاوضات  لخلق المناخ المناسب  .ولتكن حكومة العمال قد وجدت, أو أعدت قواعد بداية فى برقة بليبيا أو كينيا أو [[فلسطين]].
 
صدر العدد الأول من صحيفة [[الإخوان المسلمين]] اليومية صباح 5 من [[مايو]] [[1946]].. فى اليوم السابق على عيد جلوس الملك فاروق على العرش !
 
وبدلا من التعليق على مبدأ الجلاء بطريقة تتفق مع تأييد [[الجماعة]] لصدقى فإن  الصحيفة اتخذت موقف النقد للإنجليز. قالت :" كان طبيعيا وقد وضعت الحرب أوزارها يطالب المظلومون بحقهم وأن يجاهدوا فى تحرير أوطانهم".
 
أعلن كيلمنت أتلى رئيس وزراء بريطانيا فى مجلس العموم يوم 7 من [[مايو]] [[1946]] أن جميع القوات البريطانية ستنسحب من [[مصر]] قال البيان :" عرضت الحكومة إجلاء قواتها البرية والبحرية والجوية عن الأراضى المصرية والمفاوضة لتحديد مراحل الجلاء وموعد إتمامه والتدابير التى تتخذها الحكومة المصرية لتحقيق تبادل المعونة فى وقت الحرب , أو فى حالة توقع التهديد بها.
 
وسياسة الحكومة توطيد تحالفها مع [[مصر]] على أساس المساواة بين بلدين تجمع بينهما مصالح مشتركة" ما إن سمع ونستون تشرشل رئيس وزراء بريطانيا السابق بهذا الإعلان المفاجئ حتى وقف يرد قائلا:
هذا تصريح خطير وهو أخطر ما سمعت فى مجلس العموم!
 
بعد ثلاثة أيام فقط من صدور الصحيفة كتب [[أحمد السكرى]] وكيل [[الجماعة]] فى الصفحة الأولى يوم 8 من [[مايو]]
 
– تحت عنوان :" البيان البريطانى خدعة سياسية يجب أن ينتبه لها المصريون".
قال:
 
"نرجو ألا يكون من أبناء الأمة من يضيع على أيديهم هذا الحق بسوء القصد أو بحسن قصد"
ونشر السكرى مقالا آخر عنوانه " هل هذا هو أساس المفاوضة أين وحدة الوادى أيها المفاوض المصرى".
ويتساءل السكرى فى مقال آخر:
 
" ما بال  صدقى باشا يقف وقفة الصمت المريب".


وكان المبلغ تافها إزاء  بشاعة الجريمة وشخصية المجنى عليه.  
ولم يكن فى استطاعة صدقى أن يتكلم . أو يشرح ما يدور فى قاعة المفاوضات!


ولكن محمود عبد لمجيد تمتع بالحماية الملكية فى عهد فاروق وحتى نهاية ذلك العهد.
ورغم ذلك هاجمت صحيفة [[مصر]] الفتاة " [[الإخوان]] لتعاونهم مع صدقى قالت:


أنعم عليه – فى 4 من [[يوليو]] [[1949]] – صاحب الجلالة برتبة البكوية من الدرجة الثانية" لما يبديه من جهود فى خدمة الأمن"
" حانت خاتمة الدجل والشعوذة.... [[الإخوان]] يتعاونون مع كل [[الأحزاب]] بلا مبدأ, ويتحالفون مع الكل حتى [[الإنجليز]] الذين يسخرونهم لمحاربة [[الشيوعية]] والوطنية, يفتحون لهم الشعب فى [[السودان]] و[[فلسطين]] وهم أداة فى يد الرجعية ويد إسماعيل صدقى لخنق الرأى العام, وأداة فى يد الرأسمالية  [[اليهود]]ية لضرب العمال!
بدأ الإحساس بقوة [[الجماعة]] ينتشر فى [[مصر]].


وعين مديرا لجرجا فى 3 من [[أبريل]] 1952.
كتبت مجلة " آخر ساعة".


أما عبد عمار وكيل وزارة الداخلية فإن [[حسين سرى]] نقله من وزارة الداخلية ليكون وكيلا لوزارة المواصلات فى [[أغسطس]] [[1949]] . وأصابه مرض قاس وعانى آلام رهيبة وعندما قامت الثورة وجده المحقق المستشار حسن داود فى المستشفى فكان يحقق معه وهو على سرير المرض.
" منذ حين تدغدغ أيدى القدر [[مصر]] . تهمس فى آذانها أن الفجر قد لاح فعل اى صوت  تستيقظ [[مصر]] الآن. ومن أى باب تهب رياح الفجر الوليد. ومن أى دم تكتب [[مصر]]. عندما تفيق صفحتها المجيدة الجديدة فى تاريخها الحديث؟


وأمر [[فؤاد سراج الدين]] باشا – وهو وزير للداخلية عام 1950 – يخصم 15 يوما من مرتب المقدم حسيم كامل بعد ا، أتهمه مرشح وفدى فى الإنتخابات بأنه ناصر الدكتور نور الدين طراف ففاز على مرشح الوفد.
يقولون إن علم هذا عند الله وعند جماعة [[الإخوان المسلمين]].


واستعد محمد محفوظ لاستقبال الترقية فقام بتفصيل بدلة الصول ووضع فوق الأكتاف شرائطها ولكن وزارة الداخلية فى عهد [[حسين سرى]] رفضت ذلك ووجدت هذه البدلة وسلمت للجيش بعد الثورة كدليل اتهام!
من هم هؤلاء [[الإخوان]] الذين يزعم الرواة انهم وراء . وكل مظاهر وكل حركة إضراب . وأنهم القوة المحركة الدافعة للفورة الجديدة التى  توجه الشعور الوطنى هذه الأيام. وأنهم استطاعوا فى يوم واحد أن يوزعوا مائة مائة ألف شارة من شارات الجلاء, وأن يعلقها على صدور مائة ألف مصرى رشيد؟"
وطلب محمود عبد المجيد ترقية الأمباشى [[أحمد حسين]] ولكن إدارة الشرطة أبت لأنه يجهل القرأءة والكتابة كما رفضت منحه علاوة المباحث وهة جنيه شهريا لأنه ليس من قوة المباحث!


ولكن [[أحمد حسين]] عقب الجريمة بأيام قليلة – زار حرم النقراشى فقدمت إليه صورة لقرينها الراحل وعليها هذه الكلمات:هدية منى إلى البطل الأمباشى [[أحمد حسين]].
ونشرت مجلة المصور " أن شخصيات بارزة معينة غير إسلامية بينهم  عضو الشيوخ لويس فانوس ومريت بطرس غالى انضموا إلى جماعة [[الإخوان المسلمون]]".


وأهدته أيضا – كما يقول – قطعتين من الصوف " [[الإنجليز]]ى" وحقيبة بداخلها ملابس حريرته لزوجته ورزمة اوراق مالية مجموعها 400 جنيه!
قال الشيخ [[البنا]] ردا على ذلك أنه ليس هناك ما يمنع من التعاون مع  [[الجماعة]] التى تضم كل المواطنين النشيطين سواء كانوا مسلمين أو غيرهم وتكتب السفارة البريطانية إلى لندن:


وكانت الأدلة ضد قتلة [[البنا]] واضحة ورغم ذلك فإن التحقيق فى مصرع [[المرشد العام]] لم ينته إلى شئ... طوال تسعة شهور.
" هذه محاولة من جانب الأقباط للانضمام إلى [[الإخوان المسلمين]] مماثلة للمحاولة الناجحة للأقباط  بالانضمام إلى [[حزب الوفد]] عام [[1919]].


وجاءت مناسبة انتهزها [[الإخوان]] وهى محاكمة  المتهمين العشرة بمحاولة اغتيال إبراهيم عبد الهادى و[[حامد جودة]] رئيس مجلس النواب.
ويحاول الأقباط باعتبارهم الأقلية استرضاء أية حركة وطنية قوية عند ظهورها.


طلب عبد المجيد نافع محامى المتهمين ضم قضية [[البنا]].
ووفقا لتقارير أخرى هذه العناصر القبطية اقترحت على [[البنا]] أن تغير جماعته اسمها إلى " [[الإخوان]] المصريين" بدلا من [[الإخوان المسلمين]]".


قال إن أحد شهود جريمة اغتيال [[المرشد العام]] للإخوان – وهو [[محمد الليثي]] لاحظ أن سيارة القتلة كانت تحمل لوحة ارقام خاصة بالقائمقام محمود عبد المجيد بك رئيس إدارة المباحث الجنائية.
وكان [[البنا]] من الدهاء بحيث أدرك أن القوة الأساسية لدعوته تكمن فى جانبها الدينى وأنه إذا قيل اقتراحا مثل ذلك فإن جماعته ستصبح مثل أى من [[الأحزاب]] السياسية الأخرى بلا جاذبية خاصة للجماهير .ولذلك رفض اقتراح التعاون مع الأقباط.ولكن [[البنا]] يمثل حاليا سماحة [[الإسلام]] أمام المسيحيين و[[اليهود]]".
ولكن يمكن أن يطلق على [[الإخوان]] فى هذه الفترة أنهم " [[الإخوان]] المصريون لأن [[السياسة]] أصبحت هدفهم الأول.. إن لم يكن الوحيد!


وأكد عبد المجيد نافع أن رجال البوليس السياسى دبروا ونفذوا الاغتيال وأن شاهد العيان  تعرض " للتخويف " والتهديد عندما ذكر للبوليس رقم سيارة القتلة.
ويستقيل الشيخ [[البنا]] عام [[1946]] من وظيفته كمدرس بوزارة المعارف ليتفرغ للجماعة بعد أن صارت لهم صحيفة يومية..


نشرت كل الصحف ذلك – عدا " الأساس" – صحيفة " السعديين" رقم سيارة القتلة.
==فرسان ورهبان==


نشرت كل الصحف ذلك – عدا " الأساس"" صحيفة " السعديين" يوم 6 من [[نوفمبر]] [[1949]].
بدأت المفاوضات الرسمية فى [[القاهرة]] بين إسماعيل صدقى واللورد ستانسجيت يوم 9 [[مايو]] [[1946]].


كتب السفير الأمريكى جيفر سون كافرى:"
كان اللورد ستانسجيت فى التاسعة والستين عند وصوله [[القاهرة]] 15 من [[أبريل]] . وتوقعت الحكومة البريطانية أن ينجح اللورد ستانسجيت – كوزير للطيران – فى إقناع المصريين بقبول أسراب المقاتلات وقواعد القاذفات! ولكن اللورد أصيب بصدمة عارمة من الآثار التى رآها فى [[مصر]] , ونتجت عن ستين عاما من الاحتلال البريطانى.فى أول اجتماع له مع صدقى . قال رئيس وزراء [[مصر]]:


كان عبد الهادى باشا رئيسا للوزراء ووزيرا للداخلية فى ذلك لاوقت ونشر القصة لطمة لمكانة السعديين التى اصابها الضعف بالفعل . وخاصة بالنسبة للسمعة التى تتمتع بها صحيفة " الأهرام" وتشير التقارير السرية إلى أن نشر القصة كان من تدبير رجال الوفد . بهدف أضعاف خصومهم الرئيسيين".
- أريد الجلاء الكامل الشامل.ويبدو  أن ستانسجيت اقتنع بمنطق إسماعيل صدقى فقد تحدث بحرارة إلى القائم بالأعمال الأمريكى فى [[القاهرة]] وأشار إلى علاقات بريطانيا ب[[مصر]] خلال الفترة الماضية . قال:


ومن هذه البرقية يتضح أن النشر لم يكن لعقاب المتهمين بقدر ما كان الهدف أضعاف الحزب السعدى فى الانتخابات التى تمهد لها ويجريها وزارة [[حسين سرى]]!
- لا ينبغى أن ننسحب من [[مصر]] فقط بل أن ننسحب منها بأسرع وقت ممكن.


كان نشر القصة مناورة سياسية من [[فؤاد سراج الدين]] سكرتير العام للوفد فإن الصحفى الذى كتبها هو أبو الخير نجيب المحرر السابق فى صحيفة " النداء" الوفدية أما نائب رئيس التحرير الذى أقر النشر فكان من الموالين للوفد أيضا وعندما علم رؤساء تحرير الأهرام بنشر القصة استشاطوا غضبا.وبوغتت الرقابة على الصحف بالنشر وهى تغفو.
- وكتب إلى صديق له قائلا:


نشرت " الأهرام" يوم 9 من [[نوفمبر]] [[1949]] أن رئيس الوزراء " طلب ملف التحقيق فى قضية مقتل المغفور له الشيخ [[البنا]]".
"إننا نحتفظ بألوف الجنود البريطانيين هنا دون أية معاهدة تخول لنا ذلك رد السير أورم سارجنت الوكيل الدائم للخارجية البريطانية فى مذكرة قدمها لوزير الخارجية:  " لا يستطيع المصريون أن يحصوا على الشيئين معا.لا يمكن أن يتوقعوا منا أن نحمى أمن [[مصر]] واستقلالها دون أن يقدموا إلينا التسهيلات التى تمكننا من اتخاذ الإجراءات الضرورية فى الوقت المناسب".


خاف السائق محمد محفوظ ولكن المقدم توفيق السعيد قال له:  
ولكن ستانسجيت كتب إلى بيفن يقول:  


- لا تخش شيئا سيذاع تكذيب لذلك بعد ظهر لايوم. وبالفعل لم يدع رئيس الوزراء ذلك النبأ يمر بلا تعليق بل اسرع بإصدار بلاغ رسمى اذاعته الإذاعة ونشرته صحيفة " الزمان" المسائية فى نفس اليوم .
" مالم ينسحب البريطانيون بحقائبهم وأمتعتهم فأن ذلك سيؤدى إلى الأضرار بمكانتنا".
قال البلاغ : " عادت بعض الصحف إلى نشر بيانات عن حادث مقتل المغفور  له  الشيخ [[البنا]]"
وأصر ستانسجيت على أن تتعامل الحكومة البريطانية مع المصريين على أساس المساواة التامة.
واضاف بعضها أن حضرة صاحب الدولة رئيس مجلس الوزراء اتخذ فى هذا الموضوع تدابير معينة وأن اجتماعا عقد بمكتب حضرة صاحب المعالى وزير الدولة لبحثه.
" لم لا ينسحب البريطانيون من [[مصر]] كما انسحبوا من إيران؟"


والحكومة تعلم أن هذه القضية بين يدى النيابة. وأنها حرة فى اتخاذ ما تراه من إجراءات حيالها, والسلطة التنفيذية حريصة كل الحرص على عدم التدخل بحال من الأحوال فيما هو من عمل السلطة القضائية على أية صورة" وأصدر رئيس النيابة العسكرية العليا – فى نفس اليوم – أمرا بحظر النشر فى القضية:
أثارت رسالة ستانسجيت موجة غضب عارمة فى اجتماع مجلس الوزراء البريطانى قال بعض الوزراء:
- ستانسجيت عجوز.     وقال آخرون :


ومن الواضح أن هذه المحاولة السريعة لاسدال الستار على التحقيقات لم تنم بإيعاز من سرى باشا بل لابد أن رئيس الوزراء خضع فى ذلك لرغبات أو أوامر صاحب لجلالة فاروق الأول.
- فقد الرجل  قبضته.


قال لى إبراهيم عبد الهادى رئيس وزراء [[مصر]] الأسبق تعليقا على الوثائق الأمريكية التى تتهمه بانه تستر على قتلة [[البنا]] عندما كان رئيسا للوزارة عام [[1949]].
- إنه لا يعرف الشئون المصرية


قال إبراهيم عبد الهادى وقد بدأ عليه الألم:
- وبعد شهور قال اتلى:


لا عجب عندى أن يثير [[الإنجليز]] حولى جوا من الشكوك والاتهامات كنت من أشد خصومهم... وأقوى الدعاة فى ثورة عام [[1919]] ... وقد نسبوا إلىّ القدرة على تشكيل التنظيمات ضدهم.اتهمت كذبا فى قضية المؤامرة الكبرى الملفقة عام 1920 ... وكان اتهامى نتيجة لنشاطى فى الخطابة ضد [[الإنجليز]] فى ثورة [[1919]] وبالذات فى [[الأزهر]] الشريف ..ز وهى القضية المعروفة بقضية عبد الرحمن فهمى.
- كان خطأ تعيين ستانسجيت!
وبقيت فى السجن نحو 4 سنوات.. نقلونى فى خلالها من سجون الاستئناف إلأى الزقازيق وطنطا و[[مصر]] ولم يفرج عنى إلا بعد أن تولى [[سعد زغلول]] الحكم.


وسجنت مرة أخرى فى قضية مصرع السردار السير لى ستاك.. وبقيت سجينا 75 يوما وكنت آخر من أفرج عنهم من المحبوسين فى هذه القضية وتم الإفراج عنى بعد أن أعترف المتهمون بقتل السردار.وهذا هو مو ماضى مع [[الإنجليز]] فلما قتل محمود فهمى النقراشى كنت رئيسا للديوان  الملكى وعرضت علىّ الوزارة فقبلتها ز.. وكان قد قبض على قاتل النقراشى متلبسا ولم يكن هناك إذن ما يدعو للإنتقام.
فى [[القاهرة]] هاجمن صحف الوفد المفاوضات كلها فقالت:" تود [[مصر]] رحيل لوفد [[الإنجليز]]ي بلا رجعة".
واعترض [[الإخوان]] أيضا. كتب [[أحمد السكرى]] فى صحيفة [[الإخوان]] يقول: " نريد جلاء تاما عن الوادى جميعه بلا قيد ولا شرط ولا مساومة ولا إمهال"


ثم لمذا نأخذ عن الوثائق الأجنبية فى قضية [[البنا]] ونترك احكام المحاكم المصرية؟
,أعلن رفضه لكل خطوة  لا تحقق وحدة وادى النيل.


إن القضاء المصرى نظر فى قضية [[البنا]] ومقتله أكثر من مرة.. وجميع الدوائر التى أحيلت عليها هذه القضية ابتعدت كل البعد عن اتهامى بالتستر على الذين قتلوا [[البنا]].  
واشتعلت المناقشة فى مجلس العموم البريطانى حول مبدأ الجلاء المعلن  بينما المفاوضات السرية تجرى بطريقة أخرى.


وصدر الحكم بعد قيام الثورة.. ولم يتضمن من قريب أو بعيد إشارة لاتهامى بالتستر.وكان يمكن للنيابة أن تطعن فى هذا الحكم خلال 18 يوما ولكن النيابة لم تطعن وبذلك أصبح لاحكم نهائيا.وتولى التحقيق فى قضية [[البنا]] منذ اللحظة الأولى النائب العام وبقيت رئيسا للوزراء 6 شهور نصفها بعد مقتل [[البنا]] .. ولم يظهر الفاعل وقتهامع استمرار التحقيق.
قال إيدن إنه فوجئ وأصيب بالذهول لإعلان قرار الجلاء. ... وإيدن هو الذى وقع معاهدة [[1936]] بعد 54 عاما من الاحتلال. البريطانى والتى مثلت بداية لارتباط قوى بينه وبين [[مصر]] انتهى بعد عشرين سنة – عام 1956 0 بسقوطه!


وجاءت بعدى وزارتا [[حسين سرى]] و[[مصطفي النحاس]] باشا.
وقف النائب ريتشارد كروسمان مدافعا عن سياسة حزب العمال الحاكم فقال : حان الوقت لنعيد الرجال


وتعاقبت الوزارات حتى قيام الثورة... ولم يظهر القتلة فهل كل رؤساء الوزارات كانوا متواطئين على الصمت أيضا.. أو كانوا متواطئين على التستر علىّ وبينى وبينهم خصومات سياسية؟
– أى المحاربين البريطانيين الذين قهروا الألمان والإيطاليين – إلى بلادهم وديارهم وأسرهم وأعمالهم الإنتاجية.


هل كان يمكن أن يتستر [[مصطفي النحاس]] باشا على جريمة يمكن أن أكون أنا شريكا فيها أو متسترا على مرتكبيها؟
وقال بيفن يرد على تشرشل وإيدن:


هل كان يمكن أن يتستر علىّ [[حسين سرى]] ولو كان الملك – أيامها – يعرف أنى متهم لما سكت عنى .. ولما سكتت عنى الوزارات التالية والتى كانت تؤيده تأييدا كاملا فى كل ما يتخذ من إجراءات.. ولما سكت عنى [[الإنجليز]] الذين حقدوا علىّ فسجلوا حقدهم فى وثائقهم التى صدقتموها ورفضتم تصديق كلمة القضاء  المصرى.
- صار بوسع [[مصر]] من خلال منظمة الأمم المتحدة ومن الدفاع الإقليمى المشترك وهو أكثر من تأييد بريطانيا فقط وكل دولة تعيش الآن حقبة جديدة ولا نستطيع أن نحيا فى الماضى!ونظر إلى تشرشل وقال :ط لا أعتقد أن العقلية التى تتحدثون بها تناسب العصر الحاضر. وأنهى بيفن خطابه" لن أشارك فى ترك فراغ". ... أى أنه – فى الوقت نفسه – لن يترك فراغا فى الدفاع عن [[مصر]]! ونظرية الفراغ هى التى قام على أساسها مبدأ إيزنهارو ام 1957!


ابعد أن أعطيت عمرى وشبابى وحياتى ل[[مصر]] تجئ الأيام لتلقى علىّ شبهة اتهام بالتستر على جريمة؟"!
- لم يقتصر الدوى على مجلس العموم بل شمل الصحافة البريطانية كلها كتب اللورد بيفربروك صاحب جريدة الديلى أكسبريس:
وقدم إبراهيم عبد الهادى إلى محكمةة الثورة برئاسة قائد الجناح عبد اللطيف البغدادى عضو مجلس قيادة الثورة بعدة تهم منها التستر على قتلة [[البنا]] ..


وأصدرت المحكمة حكما بالإعدام على إبراهيم عبد الهادى ورأى مجلس قيادة الثورة فى 4 من [[أكتوبر]] 1953 تخفيف الحكم إلى الأشغال الشاقة المؤبدة ولكن المحكمة لم تحدد هل هو برئ أو  أدين فى هذه التهمة.وقد أفرج عنه صحيا – بعد أربعة شهور – فى 2 من [[فبراير]] 1954 ونقل إلى بيته لإصابته بأزمة قلبية.
- " إذا تخلت بريطانيا عن القناة ستفقد جانبا حيويا من إمبراطوريتها  إن قناة [[السويس]] جزء هام من أرض الإمبراطورية البريطانية كأرض بريطانيا ذاتها!


وكان سبب الإفراج الخلاف بين الثورة و[[الإخوان]] فى ذلك الوقت!
- وقالت : الايكونومست".
اشارت كل الأدلة إلى أن الملك كان وراء اغتيال [[البنا]].


قال أنطون بوللى بك خام الملك فاروق وقواده للماجور سانسوم ضابط الأمن بالسفارة البريطانية:
- " قدمت حكومة العمال تنازلات أكثر وأكثر مما تستحق القضية الفعلية" وتتوقف المفاوضات بين الطرفين . بعد 13 يوما من بدايتها. ليرجع ستانسجيت إلى بيفن فإن الوفدين لم ينتهيا إلى اتفاق.
قرار اغتيال [[البنا]] اتخذ فى القصر الملكى وخطط له داخل هذا القصر ونفى بوللى الاتهام عن الملك وحده قال:
ويستأنف مجلس العموم مناقشة قرار الجلاء فيتهم تشرتشل – بصوت مدو كالرعد – اللورد ستانسجيت بأنه خفيف الوزن, والشأن... والقدرات! قال: عندما يتوقف الكفاح نجد أن ما نلناه بالعمل الشاق والتضحية وأعمال البطولة الرائعة الخارقة تتبدد من بين أصابعنا ونحن لا ندرى!
دعا الملك فاروق ملوك رؤساء الدول العربية للاجتماع فى أنشاص فخشى بيفن أن يؤيد المجتمعون [[مصر]] فى نزاعها مع بريطانيا إلى السير رونالد كامبل – يوم 27 من [[مايو]] – يطلب منه إقناع الزعماء العرب بالضغط على [[مصر]] قال بيفن:  


صاحب الجلالة لم يكن يعلم!
" إنى مهتم للغاية بألا تشجع الاجتماعات المقبلة للحكام والجامعة العربية بسلوكهم أو بقرار , الموقف المصرى الراهن فى عدم التنازل بشأن التسهيلات الحربية فى أية معاهدة جديدة.
إن رفض الحكومة المصرية أن تتضمن أية معاهدة جديدة تزويده بالوسائل – التى تكفل ضمانات للمساعدة المتبادلة – سيتركنا عاجزين عن الدفاع عن منطقة الشرق الأوسط الحيوية فى حالة الطوارئ مما يؤدى إلى تعريض مستقبل كل الدول العربية للخطر.


وكان فاروق أيامها يحكم [[مصر]] ولم يكن فى استطاعة بوللى أن يوجه الاتهام غلأى مولاه!
ومن المصلحة الحيوية للدول العربية إقناع المصريين بأن يدركوا أنه لابد من الوفاء بمتطلباتنا الدفاعية"
ظل [[حزب الوفد]] – بعد استقالة إبراهيم عبد الهادى – يطالب بإعادة التحقيق فى القضية.
وتولى [[مصطفي النحاس]] رئاسة الوزارة المصرية فى 12 من [[يناير]] 1950 بعد أن اكتسح باقى [[الأحزاب]] فى الانتخابات.


وفتحت جريدة " الأهرام" صفحاتها ل[[محمد الليثي]] الذى أعيد إلى القوات المسلحة رئيسا للقسم السكرتارية بالسلاح الجوى الملكى ثم نقل إلى  إدارة الشئون  العامة وأصبح محررا فى صحيفة الأهرام بالإضافة إلى عمله فى السلاح قبل أن يتفرغ بعد ذلك للعمل الصحفى فى الأهرام.
رد رونالد  كامبل فى اليوم التالى ببرقية طويلة هذا أهم ما فيها :" قابل البريجاديير كلايتون – مستشار الشئون العربية – نورى السعيد رئيس وزراء العراق الذى قال إنه لا يظن أن مسألة [[مصر]] ستطرح بصورة جدية فى اجتماع الحكام العرب"
وكان أصحاب المصلحة فى حملة الليثى للكشف عن المتهمين ومحاكتهم هم الوفديون! أو على الأقل هم الذين افادوا من الحملة!
ويبعث الجنرال السير كانتجهام – من [[فلسطين]] إلى وزارة المستعمرات أول [[يونيو]] [[1946]] .. البرقية 907 قال:


ظل محمد عزمى نائبا لمدة عامين دون  أن يتحرك التحقيق خطوة واحدة وفى عهدهوبكلماته نفسها , التى أدلى بها بعد الثورة , قال : استمر التحقيق نائما" ولم يفتح الوفد التحقيق فى قضية اغتيال [[المرشد العام]].
1- أرسل الملك عبد الجنرال جلوب اليوم لينقل إلينا ما يلى على وجه السرعة.


وفى مذكراته التى أحال بها المتهمين إلى غرفة الاتهام قال فؤاد سرى رئيس النيابة الذى تولى التحقيقات الأخيرة فى القضية بعد الثورة. " بيت العميد محمود عبد المجيد النية على قتل [[المرشد العام]] ولكن لم يصل التحقيق إلى تحديد ذلك متفقا مع ولاة الأمور فى لادولة, 
2- قال جلالته أنه خلال الاجتماعات التى تمت مؤخرا للملوك العرب اقترب منه صدقى باشا برجاء التدخل لدى بريطانيا لإنهاء الجمود فى مباحثات المعاهدة.


أو أن محمود عبد المجيد كان يعمل  لذلك حتى يحظى بتقدير ولاة الأمور ولثقته فى أنهم أهدروا دم الشيخ  [[البنا]] فبات تنفيذ قتله  امنية يتوقون إليها ويرجون تحقيقها".وعندما حوكم المتهمون باغتيال [[البنا]] قال محاموهم:
وقال صدقى إنه يستحيل تماما إقناع الشعب المصرى بإدراك الحقائق الواقعية واتخاذ موقف أكثر موضوعية فى هذا الوقت القصير والحكومة المصرية مستعدة للسماح لبريطانيا بالإشراف على الجيش المصرى وعلى الدفاع عن منطقة قناة [[السويس]]. ويتمنى ان يثق البريطانيون بالمصريين.
_- لو أن لاملك لم تكن له يد فى ارتكاب الحادثماكان من المعقول اطلاقا أن تلتزم حكومة الوفد الصمت خاصة بعد أن أوضح العداء بين صاحب الجلالة وإبراهيم عبد الهادى عندما اشترك فى توقيع عريضة المعارضة التى أغضبت فاروق.


إذا كان الوفد يخشى أن تمس التحقيقات صاحب الجلالة ملك [[مصر]] أو رجاله فإن الوفد كان يستطيع وله أغلبية برلمانية عارمة فى مجلس النواب, ثم فى مجلس الشيوخ أن يعيد [[الجماعة]] ولكن [[فؤاد سراج الدين]] وزير الداخلية وضع 3 شروط لاعادة الشرعية للجماعة.
وأضاف أن [[مصر]] أثارها سياسيون لا يتبينون العواقب . ولا يملك القوة لإقناعهم بقبول الشروط التى يعرضها البريطانيون ويجب على البريطانيين الثقة فى نوايا صدقى الطيبة.


1- لا يتم استئناف النشاط الرسمى للجماعة إلا بعد رفع الأحكام العرفية .
وسأل الملك عبد الله كيف يمكن ل[[مصر]] الدفاع عن نفسها ضد روسيا وأعلن  أنه يتعين  على المصريين ألا يقرروا سياستهم فى المزايدات فنحن لسنا فى عصر صلاح الدين والصليبيين وإنما فى عصر ال[[قنا]]بل الذرية والدبابات قال صدقى إنه لا يستطيع إقناع المصريين بتقديم مزيد من التنازلات وفى هذه اللحظة دخل الملك فاروق الغرفة وقال:


2-يمكن استئناف النشاط بصورة غير رسمية ولكن تحت اسم جدسد.
- كل ما نريده ألا يفرض البريطانيون ( جماعتهم الفاسدة) علينا.


3- لا يستخدم الاسم القديم إلا بعد رفع الأحكام العرفية وعودة [[الجماعة]]. نهائيا إلى الشرعية..
.. يقصد النحاس و[[حزب الوفد]]!


4- وقد اضطر [[مصطفي مؤمن]] تحت إلحاح الرغبة فى إعادة نشاط [[الجماعة]] بأى شروط إلى قبول العرض الوفدى.وقد ذهب [[مصطفي مؤمن]] فى ذلك إلى حد اقتراح اسم جديد للجماعة هو ( النهضة الإسلامية) ولكن باقى زعماء [[الجماعة]], و[[صالح عشماوى]] بوجه خاص رفضوا الاقتراحين بتغيير اسم [[الجماعة]] أو تأجيل نشاطها.
وقال الملك عبد الله إن نجاح المفاوضات الإنجليزية المصرية أمر غير مؤكد ثم انخرط الملك فاروق فى البكاء "
وتجتمع الجمعية العمومية [[للإخوان المسلمين]] فتعلن ولاءها للملك وتطالب الحكومة بقطع المفاوضات فورا واعتبار معاهدة [[1936]] باطلة بطلانا أصليا وعدم التقيد بأحكامها وعرض القضية المصرية على مجلس الأمن وأن يبدأ الجلاء فى نحر أسبوعين..


وانتهى الأمر بفضل [[مصطفي مؤمن]] من [[الجماعة]]!
وتحدد [[الجماعة]] موقفها من حكومة صدقى بأنه لا يختلف عن موقفها من أية كومة سابقة , لم يبادروها بخصومة أو عداوة, ولم يساندوها بتأييد أو سلطان ولكن صحف الوفد تحمل على [[الإخوان]]  وتهاجم تقاربهم مع صدقى قال مجلة الحوادث الوفدية:" سلطات [[البنا]] ديكتاتورية أعطاها له القانون الديكتاتورى للجماعة وإنه و[[أحمد السكرى]] – وكيل [[الجماعة]] – يملآن الأرض فسقا وفجورا".


كتب السير رونالد كامبل السفير البريطانى إلى لندن يوم أول من [[أبريل]] 1950:
وقالت صوت الأمة :" [[الإخوان]] أسوأ مثال للأدب والأخلاق . وقد بليت البلاد بهذه الشرذمة الفاسدة التى تتكون من مجموعة ميكروبات يجب استئصالها. حرصا على المجمع وعلى سلامة الدعوة الدينية إسلامية"
ردت صحيفة [[الإخوان]] قالت : يخاف الوفد على زعامته الشعبية زعماء الوفد يدجلون على الشعب ويغررون بالسذج البسطاء. وصحف الوفد مأجورة تلغ فى أعراض الأبرياء فى غير تورع أو حياء"ز


" ما يخبئه المستقبل لفخوان المسلمين مفتوح للتخمين.وقد ظلت سياسة الحكومة حاليا سياسة قمع.
هاجم المصريون القوات البريطانية فى [[الإسكندرية]] يوم 7 من [[يونيه]] وألقيت قنبلة على سينما الأمباير كلوب فى [[القاهرة]] فمات أحد الجنود ويتوجه السيررونالد كامبل فى اليوم التالى ليقابل أحمد لطفى السيد باشا وزير الدولة للشئون الخارجية وأبدى له دهشته واستياءه من هذه الأحداث
ويبدو أن [[الإخوان]] لم يتخلوا بأى شكل عن النضال.
أعرب الوزير عن أسف قال:


بل يبدو أملهم فى الحياة تبلور الآن فى تصميم على استمرار [[الجماعة]] سواء  حظرت أم لا"
- لا أفهم هذه الجرائم ولا أعرف الفوائد التى يمكن أن تعود على البلاد نظر مرتكبيها إذا افترضنا أنها من صنع المصريين.
ويرى السفير الخدعة التى لجأ إليها الوفد لإقناع [[الإخوان]] بأ، بريطانيا تضغط على الوفد لعدم الغاء  قرار الحل. وأن ارنست بيفن وزير خارجية بريطانيا هو  الذى نصح بذلك عند زيارته ل[[مصر]].
 
- وأضاف: هؤلاء المجرمون يعتقدون أنهم يتصرفون بشكل وطنى ولكنها مظاهر نشاط منحرف ضد الحكومة وضد العرش والنظام الحاضر كله بشكل عام.ويتم التحرى عن إمكانية أن تكون هذه الجرائم مظاهر لما يسمى بالبلشقية.
 
- قال السفير: أحب أن أحدثك فى موضوع " الوطنية"
 
- إنى قلق من اللهجة غير الودية بالتصريحات يعتقدون أن هذه المقالات غير الودية – تجاه بريطانيا العظمى دليل على الوطنية. وقد أدى ذلك للمزايدة بين الكتاب والمتحدثين بل السياسيين.
وافقه وزير الخارجية قائلا:
 
إنهم بهذا الأسلوب يتخذون مواقف يصعب التراجع عنها مهما كانت معتقداتهم.


قال السفير:
قال السفير:
هذا الوضع لا يساعد المفاوضات بأي شكل من الأشكال . ولابد من منع المجرمين من الاستمرار فى جرائمهم ضد الرعايا البريطانيين. وطلب السفير أن يصدر  الوزير وصدقى باشا بيانا يعربان فيها عن سخطهما على هذه الأحداث ويوضحان أنها ليست وطنية. فإن  خرق لنظام والأمن الداخلى لا يمكن أن يكون عملا وطنيا بل يشكل إهداره لسيادة البلاد.
وأضاف السفير:
أخبرنى صدقى باشا بأن الطريقة الوحيدة لمنع هذه الجرائم هى زرع الخوف فى نفوس مقترفيها من العواقب.
أنهى وزير الخارجية الاجتماع قائلا:
سأتحدث فى الأمر مع صدقى باشا وترتفع حدة [[الإخوان]] فى نقدهم لإسماعيل صدقى.
عابوا عليه أنه سار على نهج النقراشى. واتهموه بعمالة الأجانب على حساب المصلحة الوطنية , وتردده فى قطع المفاوضات.
ووصفوه بأنه رجل مخدوع وخادع لأمته لأنه رضى أن يطوى فى ثنايا [[السياسة]] الإنجليزية الملتوية.
وقالوا إنه دخل المفاوضات بعقلية الدبلوماسي الروح الوطنى المجاهد. ولذلك يتكلم بلغة الرجل الذى لا يثق بنفسه, ولا يؤمن بحق وطنه, وقوة شعبه وحيوية أمته.
ويحاول [[الإنجليز]] تهدئة الرأى العام المصرى فيجلون عن القلعة فى قلب [[القاهرة]] ويسلمونها للجيش المصرى – يوم 4 من [[يوليو]] [[1946]] – وينزل العلم البريطانى ويرفع العلم المصرى لأول مرة منذ 64 عاما فيبكى محمود فهمى النقراشى رئيس الوزراء السابق فرحا بينما تكتب صحيفة [[الإخوان]], وصحف الوفد إن الجلاء عن القلعة حدث لا أهمية له لأن [[الإنجليز]] فى كل مكان!
ويلقى صدقى باشا بيانين فى جلستين لمجلس االشيوخ والنواب عن مفاوضات المعاهدة نال فيهما التأييد .
وتستأنف لمفاوضات فى 29 من [[يوليو]] فى قصر انطونيادس ب[[الإسكندرية]] فتسميها صحيفة " [[الإخوان]] مهزلة المفاوضات قال الصحيفة:
" كانت المفاوضات تجرى فى قصر الزعفران وهى اليوم  تجرى فى قصر انطونيادس ومن الطبيعى أن يذهب المفاوضون فى الشتاء إلى الأقصر أو أسوان ثم يعودون إلى [[القاهرة]] وبعدها إلى [[الإسكندرية]] وهكذا نظل نفاوض ونفاوض"وتستمر حملة [[الإخوان]] ضد المفاوضات.
وكتب [[أحمد السكرى]] تحت عنوان " كفى ترددا" قال:" يا رئيس الحكومة إن كرسيك فى مهب الريح"!
ويبدأ الصدام بين صدقى و[[الإخوان]] فيعتقل بعض رجالهم كما كان النقراشى يفعل فيكتب صحيفتهم:
" شعر بيفن ورجاله وأنصاره أن فى استطاعته  أن يكتب شعور الشعب المتوثب ويملأ السجون بالشباب ويفتش دور [[الإخوان]] فى المديريات ويسجن رجالها فى الأقسام بالعشرات"
اشتد الصراع العلنى بين [[الإخوان]] والوفد مع تولى صدقى رئاسة الوزارة. فقد هاجمت صحيفة [[الجماعة]] [[الأحزاب]] كلها " لأنها مقصرة فى تنفيذ أحكام [[الإسلام]]"!
أعرى الوفد كثيرا من أعضاء [[الجماعة]] – خارج [[القاهرة]] – بالاستقالة فتزداد العداوة بين الوفد و[[الإخوان]] ويلتقى [[المرشد العام]] ب[[مصطفي النحاس]] فى اجتماع وصفه لسفير البريطانى رونالد كامبل بأنه كان عاصفا.
قال السفير إن الرجلين بحثا إمكانية التقارب ولكنهما لم ينتهيا إلى اتفاق حاسم.
قال إبراهيم فرج إن صدقى ظن بدهائه أنه  لا يستطيع ب[[الإخوان]] محاربة الوفد وكان من نتيجة ذلك أن قامت اشتباكات فى أنحاء كثيرة من البلاد بين الوفد وبين [[الإخوان]].
فى 6 من [[يوليو]] انتقلت الاشتباكات إلى [[بور سعيد]] وتبادلت [[الجماعة]] والوفد الاتهامات.
زار [[المرشد العام]] المدينة ليخطب فيها فانفجرت قنبلة كادت تودى به وهاجم الشباب الوفدى دار [[الإخوان]] وأشعل فيها الحريق.
ردت صحيفة " الوفد المصرى" فقالت:
" تعددت جرائم الصبية المنتمين إلى جماعة [[الإخوان المسلمين]] الذين أفسدهم الشيخ [[البنا]] ولا يكاد يمر يوم دون أن تقع حوادث اعتداء يزور الشيخ تلك البلاد محاطا بقمصانه الصفراء للغزو والتحدى والقيام بدعاية سياسية فاسدة ومنذ حوالى  شهر أخذ هؤلاء الناس يجمعون وباشهم فى بورسعيد تمهيدا لزيارة الشيخ ( المرشد).
حل موعد الزيارة المشئومة فجمعوا الصبية ليقيموا زفة للشيخ واستقبلوه على المحطة ومشوا فى خيلاء يتحدون أهالى البلدة متحفزين للاعتداء وتجمع الأهالى الساخطون الحانقون جموعا حاشدة فنفذ ( المسلمون) وعيدهم وألقوا بقنبلة حطمت وجهات كثير من المحال ثم أخذوا يطلقون الرصاص من مسدسات يحملونها واستلوا خناجرهم. وأعملوها , فى أجسام الناس كأنهم  أعلنوا الحرب على [[الإنجليز]] المحتلين!"
ويبعث السير رونالد كامبل ببرقية إلى لندن رقمها 1333 قال فيها " هناك صراع خطير بين الوفد و[[الإخوان]] فى [[بور سعيد]]"
قتل اثنان وأصيب كثيرون وانتهز الوفد الفرصة فطالبت صحيفة بحل [[الإخوان]] لأنها منظمة شبه  عسكرية. وقتل [[الإخوان]] أحد الوفديين ولكن الوفد استعاد قوته.. و[[الإخوان]] أضعف من الوفد".
وفى منفلوط حاول الوفديون حرق دار [[الإخوان المسلمين]]. وأطلقوا النار ليلا على [[محمد حامد أبو النصر]] الرجل الذى أصبح رابع المرشدين [[للإخوان المسلمين]] وعقد [[الإخوان]] مؤتمرا فى مسجد أبو النصر بمنفلوط فاعتدى الشباب الوفدى على المجتمعين والقوا عليهم الحجارة.
قال [[البنا]]:
" ما زلنا نجهل الدافع إلى خصومه الوفد للإخوان. فماذا جنى [[الإخوان]] اخلطوا الدين ب[[السياسة]] كما يقال؟
وما ضرر هذا الوفد أو على الوطن؟
ألم يعلم الوفد أننا خلطنا الدين ب[[السياسة]] إلا الآن فقط؟
ليس من دافع لهذه الخصومة إلا التنافس الحزبى؟
ويهاجم [[المرشد العام]] الوفد والنحاس قائلا:
"أخطر ما فى الموقف أن يلجأ [[الإنجليز]] إلى إيجاد حكومة  محايدة, وتأليف وفد مفاوضات جديدة برئاسة النحاس ينتهى أمره بالتوقيع على معاهدة المجد والفخار  وتكون هى بعينها معاهدة الشرف والاستقلال الماضية لم يتغير فيها إلا بعض العبارات والألفاظ".
... ويقصد [[المرشد العام]] بذلك معاهدة [[1936]] التى وقعها [[مصطفي النحاس]] باشا! ويلتقى السفير البريطانى بإسماعيل صدقى باشا ويتحدث معه عن [[الشيوعية]] والشيوعيين فى [[مصر]] فقال صدقى:
إنى مصمم على اتخاذ أشد الاجراءات ضد ما يسمى بالجمعيات والخلايا السياسية والاجتماعية. ويعتقل صدقى باشا فى 11 من [[يوليو]] مئات الشيوعيين ويغلق 11 منظمة و8 صحف شيوعية فيطلق الشيوعيون على هذا اليوم" المذبحة الشهيرة".
كان بيفن مقتنعا  بضرورة الوصول إلى تسوية مناسبة مع [[مصر]].
كتب أفريل هاريمان السفير الأمريكى فى لندن إلى وزير خارجية بلاده يقول:
" تأثرت بما أبداه بيفن من صدق وإخلاص عندما تكلم عن الاحترام الكامل للسيادة المصرية بالنسبة للجلاء والتعامل بواقعية مع متطلبات أمن قناة [[السويس]] ومنطقة الشرق الأوسط"
وعلق سيسيل ليون القائم بالأعمال الأمريكى فى [[مصر]] على سير المفاوضات فقال:
" إن البريطانيين أداروا المفاوضات بطريقة تشبه أساليب الهواة إلى حد ما ويبدو كما لو كانوا يتخبطون"!
استمرت المفاوضات بين إسماعيل صدقى واللورد ستانسجيت ستة شهور رفض كل من الوفديين مشروع المعاهدة التى اقترحها الطرف الآخر لتحل محل معاهدة [[1936]] وتركز الخلاف  فى عدة نقاط:
تجلو القوات البريطانية عن المدن المصرية وتبقى قوات لهم فى قاعدة بمنطقة القناة تمنح أو تؤجر لبريطانيا مثل القواعد الأمريكية فى جزر برمودا ونيوفونلاند.
رفض صدقى ذلك وطالب الجلاء الشامل.تكون [[مصر]] كلها تحت تصرف بريطانيا فى حالة الحرب أو خطر الحرب وتقيم منشآت لخدمة القوات البريطانية وقت السلم. ويزور خبراء بريطانيون هذه القواعد والثكنات فى أى وقت لتفقد الأسلحة والمهمات.
ولكن صدقى اقترح – فى حالة العدوان على البلاد المتاخمة ل[[مصر]] – تقديم كل تأييد عسكرى ومعونة حتى يقرر مجلس الأمن التدابير اللازمة وفى حالة العدوان على بريطانيا  تتشاور الدولتان فى عمل مشترك اقترحت بريطانيا الجلاء خلال 5 سنوات ورأى صدقى الجلاء التام فى سنة واحدة.
مدة لمعاهدة فى رأى بريطانيا 25 سنة وفى رأى [[مصر]] 15 سنة .
تعقد معاهدة تحالف مشترك بين البلدين رفضها الوفد المصرى ولم تعلن تفاصيل الاتفاق أو الاختلاف فى لندن أو [[القاهرة]] وتدخلت الولايات المتحدة أكثر من مرة بقصد المساعدة على إتمام المعاهدة الجديدة خوفا من الخطر السوفيتى.
وبكتب جميس بيرنز وزير الخارجية الأمريكى رسالة إلى إسماعيل صدقى يبلغه فيها اهتمام أمريكا بالدفاع عن الشرق الأوسط واهتمامها بنجاح المفاوضات بطريقة تكفل ل[[مصر]] ضمانات السيدة.
ويرد صدقى قائلا:"إن [[مصر]] تساهم فى توطيد إسلام العالمى وستعمل ذلك بمواردها الخاصة".
ويكلف صدقى الوزير المصرى المفوض  فى أمريكا بمتابعة الموضوع فيجئ الرد بأن المسئولين الأمريكيين يعتقدون أن النفوذ الروسى سيجد فى [[مصر]] مرعى خصيبا للفوارق الهائلة بين طبقتى الشعب.
عقد [[البنا]] اجتماعا للجمعية العمومية للإخوان استمر ثلاثة أيام حضره خمسة آلاف يمثلون شعب [[الإخوان]] وأصدر [[الإخوان]]  عدة قرارات يطلبون فيها:
1- إعلان فشل المفاوضات.
2- إعلان بطلان معاهدة [[1936]].
3- مطالبة الحكومة البريطانية بسحب قواتها وجنودها من أرض وادى النيل ومائه وهوائه فى مدة أقصاها عام.
4- رفض أية مخالفة أو معاهدة قبل أن يتم الجلاء
5- بقاء القوات البريطانية والأجنبية فى [[مصر]] عدوان مسلح على سيادة لدولة واستقلاله.
6- رفع الأمر إلى مجلس الأمن.
إذا لم تخط الحكومة هذه الخطوات خلال الشهر القادم فإن الأمة تعتبرها متضامن مع الغاصبين فى الاعتداء على استقلال الوطن.وعلى الزعماء و[[الأحزاب]] إعلان بدء الجهاد وعدم  قبول الحكم إلا على أساس بطلان معاهدة [[1936]] ورفض كل مفاوضة مع [[الإنجليز]] إلا بعد الاعتراف الصريح بالجلاء فى المدة التى يرتضيها الجانب المصرى وكل  زعيم أو حزب يخرج على هذه القاعدة يعتبر خارجا على إرادة الأمة.
ويعلق بنكنى تاك القائم بأعمال السفارة الأمريكية على قرارات الجمعية العمومية التى  صدرت يوم الخميس 29 من [[أغسطس]] [[1946]] – قائلا: " من الملاحظ أن [[الإخوان]] يطالبون أن تسترد [[مصر]] الأراضى التى اقتطعت منها ظلما وعدوانا وهى تواجه جغبوب واريتريا ومصوع وزيلع وهرر"!
ويضيف القائم بالأعمال الأمريكى قائلا:
" إن حجم جماعة [[الإخوان المسلمين]] ما زال إلى حد ما غير معلوم لا من حيث عدد الأعضاء ز ولا من حيث التنظيم أو القوة السياسية كما ان قدرة زعمائها ما زالت محل نظر رغم الخطب والبيانات القوية التى يدلى بها زعماؤها ويميل بعض المراقبين إلى استبعاد الشيخ [[البنا]] باعتباره رجلا انتهازيا  وينظرون إلى [[الإخوان]] باعتبارهم منظمة مهملة من جانب السلطة.
ولا يمكن القول بأن [[الجماعة]] بلا قوة وهناك احتمال أن تكون  لها قوة سياسية".سافر الملك فى رحلة بحرية فى البحر المتوسط فى [[سبتمبر]] قبل عيد ميلاد الملكة فريدة مما يؤكد أن العلاقات بين صاحبة الجلالة ليست على  ما يرام"وتضعف الرحلة – فى هذا الوقت بالذات – صدقى باشا  فتزداد المؤامرات السياسية ضده.
ويطير صدقى مع حسن يوسف رئيس الديوان بالنيابة يوما واحدا إلى كريت ليعرض على الملك تعديل الوزارة وإدخال السعديين فيها وتعيين إبراهيم عبد الهادى وزيرا للخارجية.
انقسمت هيئة المفاوضات على نفسها إزاء المقترحات البريطانية كما  تقول برقيات السفير البريطانى إلى لندن: " كان صدقى ولطفى السيد فى جانب  وشريف صبرى و[[على ماهر]] و[[حسين سرى]] و[[مكرم عبيد]] فى جانب آخر.
وأصبح موقف صدقى باشا صعبا بسبب المعارضة المتزايدة
ولا نخفى المناورات التى تجرى فى الوفد المصرى على الفطنة.
وهناك علامان: الأول : أن أعضاء الوفد الآخرين يرون أن صدقى يتجاهلهم ودفع بهم إلى المؤخرة وأنه يحتكر إدارة دفة المفاوضات ويعاملهم. من وجهة نظرهم بأسلوب ديكتاتورى.
والثانى: أن عددا كبيرا منهم – إن لم يكونوا جميعا – له طموح فى رئاسة الوزارة السابق – ظنا منه أنه سيصبح رئيسا للوزارة فالوفديون ( ومكرم أيضا) كانوا ينافقوننا وحتى عبد الفتاح يحيى – رئيس الوزارة السابق – ظنا منه أنه سيصبح رئيسا للوزارة.
وذهب على الشمسى – الوزير السابق – إلى القصر وتحدث عن تغيير رئيس الوزراء واستبعد أن يكون أى مصرى بين السياسيين الأحياء ( باستثناء نفسه ) صالحا).
وأبلغنى عبد الفتاح عمرو – سفير [[مصر]] فى لندن – أن القصر استخلص أنه لابد من إزالة عنصر من عناصر التردى وأعنى به الطموح فى الاستيلاء على منصب صدقى .. بتوضيح أن صدقى سيل رئيسا للوزارة طوال فترة المفاوضات!
ويفكر القصر أيضا فى إشاعة الاعتقاد بأنه سيحدث تغيير فى رئاسة الوزارة بمجرد عقد المعاهدة.
وطرح عمرو باشا على مرة أو مرتين فكرة تجريبية تماما وهى أن نبحث ما إذا كان من المستحب تغيير رئيس الوزارة نظرا للصعوبات التى تثيرها شخصية صدقى.وكنت حريصا فى كل مناسبة وحتى فى الحديث الشخصى ألا أعبر عن رأى.
ألا تستطيع تدبير نظر قضية فى محكمة العدل الدولية يمكن عن طريقها إبعاد بدوى عن [[مصر]]؟؟"
وهذه البرقية تبين عدة أمور:
الأول : أن كل عضو فى الوفد يزايد لتفشل المفاوضات ليستقيل صدقى ويرث الحكم.
الثانى: أن الملك كان مستعدا للتخلى عن صدقى وإسناد رئاسة الوزارة إلى من يستطيع الوصول إلى معاهدة.
الثالث: أن بريطانيا فكرت فى عرض أية قضية على محكمة العدل الدولية ليتسنى إبعاد عبد الحميد بدوى باشا. القاضى المصرى فى هذه المحكمة .
عن [[مصر]] حتى لا يؤثر فى سير المحادثات بإقناع الأعضاء بالتطرف.. والغريب فى الأمر أن جانبا من الرأى العام المصرى كان دواما يتهم عبد الحميد بدوى باشا بأنه صنيعة [[الإنجليز]] أو أنه يمالئهم!
الرابع: أن القصر كان يستطلع رأى [[الإنجليز]] فى كل مرحلة من مراحل المفاوضات دون علم  رئيس وزراء [[مصر]] عن طريق عبد الفتاح عمرو باشا سفير [[مصر]] فى لندن!
ويتوجه مصطفى الحاسوكبار رجال الوفد إلى القصر المكلى يقيدون أسماءهم فى سجل التشريفات يوم 17 من [[سبتمبر]] [[1946]] وهو يوم استئناف المفاوضات.وجرت تقاليد الوفد  على أنه فى المعارضة عندما يريد التقرب إلى الملك يقيد زعماؤه أسماءهم فى سجل التشريفات الملكى!
يجتمع ب[[الإسكندرية]] [[أحمد السكرى]] وكيل [[الجماعة]] ب[[فؤاد سراج الدين]] سكرتير عام الوفد وتنشر صحيفة " [[الإخوان]] أن الحديث تناول وجوب إنهاء الخصومة بين [[الجماعة]] والوفد وأن يحل محلها تفاهم وتعاون , أو تكون هدنة تحول دون اشتغال كل منهما بالآخر!
وترى السفارة الأمريكية أن [[الجماعة]] هادنت الوفد لتحصل على معونته المالية فتعوضها عن المساعدات التى توقف صدقى عن تقديمها!
وقالت السفارة:
" العداء بين الوفد و[[الجماعة]] لو ينته. فالوفد لا يريد أن ينافسه أحد فى النفوذ بين الجماهير وقد تأثر  هذا النفوذ نتيجة قوة [[الإخوان]] ولذلك يريد فرصة لإعادة تنظيم صفوفه حتى يتخذ موقعا استراتيجيا ليهدم [[الإخوان]] ويدمرهم.
ويريد الوفد أيضا أن يفسد دعاية [[الإخوان]] ضده . فقد أعلن [[المرشد العام]] من قبل أنه  يعارض الوفد و[[الشيوعية]] مما يعنى تحالف الاثنين ولذلك يسعى الوفد بتحالفه الجديد مع [[الإخوان]] – إلى هدم فكرة ارتباطه بالشيوعيين".
وقالت السفارة الأمريكية:
" إن اتفاق الوفد و[[الجماعة]] سيفشل بعد تحقيق هدفها المشترك".
وقالت السفارة البريطانية:
" علاقات [[الإخوان]] بالوفد طيبة إلى حد كبير ولكن كلا منهما يعمل مستقلا عن الآخر ولا يتفقان إلا على ضرورة  أن يمتنع كل طرف عن التدخل فى أنشطة الطرف الآخر"
كتب إبراهيم عبد القادر المازنى فى صحيفة [[الإخوان]] يقول:
" لا أتوقع أن تقضى مباحثات دولة صدقى باشا إلى تفاهم على ضئ مرض ولا أدرى بعد ذلك هل يستقيل أو يمضى إلى مجلس الأمن ؟ ولكنى أرجح الاستقالة".
كانت نبوءة المازنى صادقة وإن لم تبد كذلك فى تلك الأيام!
وبإشارة [[الإخوان]] إلى استقالة صدقى كما فعلوا مع النقراشى وبحملة  [[الإخوان]] على المفاوضات ونتائجها ومظاهراتهم ضد [[الإنجليز]] وباحتجاج السفير البريطانى على سياسة [[الإخوان]].....
بهذا كله.. وصلت العلاقة بين [[الجماعة]] وإسماعيل صدقى إلى نقطة اللاعودة!
==سأل صحفى [[المرشد العام]]==
تحولتم فى السنوات الأخيرة إلى النشاط السياسى
-أجاب الشيخ [[البنا]]:
- تقصد النشاط الوطنى , فما لنا ب[[السياسة]] علاقة لقد حرصنا دائما على ألا نحتك ب[[الأحزاب]] ولا بالهيئات, بل حرصوا هم على الاحتكاك بنا فتولدت الشرارة التى لفتت إلينا الأنظار.
- سئل: هل تشترك فى الانتخابات إذا جرت قريبا؟
- نعم
-وهل تضمن النجاح؟
- أستطيع فى انتخابات حرة أن أحصل على أغلبية ساحقة لو أردت ذلك ولكنى لا أريد فمكاننا فى صفوف الشعب أكثر منه فى صفوف الحكام ولهذا لن نتقدم إلا فى عدد صغير من الدوائر.
-معنى ذلك  أنك لا تقبل رئاسة الوزارة إذا عرضت عليك؟
- بل أقبل ... والحكم ليس متعة وإنما جهاد فإن قبلته أقول للإنجليز.
-إما أن يتم الجلاء .. وإما..
وأقول لل[[مصر]]ين: أيتها الأمة جاهدى فالجهاد سبيلك الوحيد وأنا وراء كل رئيس وزارة يدعو للجهاد.
-وهل ندك القوة؟    - عندى مليون.
- والسلاح؟          - سلاحنا الإيمان.
- وهل عندك المال؟
- نحن أفقر جمعية , وأغنى  جمعية. مالنا الرسمى اشتراكات [[الإخوان]]. ومالنا الحقيقى خزائن [[الإخوان]].
أردنا شراء دار [[المركز العام]] ولم يكن فى خزائن الجمعية من ثمنها شئ فدفع [[الإخوان]] 16 ألف جنيه فى يوم واحد


" انتشرت شائعة فى دوائر [[الإخوان المسلمين]] باحتمال احياء [[الإخوان المسلمين]].
وأعلنا عن حاجتنا إلى جريدة ودار للنشر ومطابع قدرنا ثمنها بربع مليون جنيه فدفع [[الإخوان]] فى أسبوعين 120 ألفا من الجنيهات.


ولكن بمجرد وصولك تغير الموقف ومن هذا نستنتج بوضوح أن الحكومة  استمعت إلى نصيحتك المزعومة بعدم تشجيع إحياء حركة [[الإخوان]].
ويسأل الصحفى الشيخ عن شعار [[الإخوان]] فقال:


ومن المحتمل أن يؤدى ذلك إلى تشجيع اعتقاد بين [[الإخوان]] بأن انتعاش ركنهم أمر مستبعد نتيجة للضغط البريطانى لأن الوفد – إلى حد ما – خدع  [[الإخوان]] فى الحملة الإنتخابية للحصول على اصواتهم لذلك فغنهم يرحبون بأى  عذر  لحجب المكافأة التى ينتظرها [[الإخوان]] نتيجة لتأييدهم".
- سيفان وبينهما مصحف


ظلت وزارة الوفد فى غشارتها للإخوان تصفهم بهاتين الكلمتين: " [[الجماعة]] المنحلة".
- قال الصحفى


وقدمت الحكومة إلأى البرلمان القانون رقم 50 لعام 1950 يعلن رفع الأحكام العرفية وكل القرارات المرتبطة به, باستثناء ما تعلق منها ب[[الإخوان المسلمين]].
- لم.... السيفان؟


ومرة أخرى يصف ميتشيل ما جرى قال:
- هما رمز الجهاد


" فى أول [[مايو]] 1950 تم  رفع الأحكام لاعرفية واجتمع [[مكتب الإرشاد]] بقادة [[الإخوان]] وصرح بأن جماعة [[الإخوان المسلمين]] تنعم الآن بالوجود الشرعى.
- والمصحف ؟


وارتفعت راية [[الجماعة]] فى جميع انحاء البلاد.
- دستوره


ولكن بادرت قوات الأمن الحكومية إلى العمل على الفور فمزقت الرايات وانزلتها هى وكل ( الشعارات ) الأخرى المرتبطة ب[[الجماعة]], واحتلت [[المركز العام]] وأصر [[الإخوان]] على موقفهم.
- والكلمة المكتوبة بين السيفين وأعدوا"؟


,اصبح الخلاف علينا بين الحكومة و[[الجماعة]] بسبب ما أعلنه وزير الداخلية عن عزمه شراء ( مبنى) [[المركز العام]]  للجماعة لتحويله إلى نقطة شرطة".
- هى الكلمة الأولى من الآية لكريمة" وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم".
ويحاول [[فؤاد سراج الدين]] التخفيف من حدة الأزمة بين الوفد و[[الجماعة]] فيعلق فى حديثه لصحيفة " الأهرام" يوم 26 من [[أكتوبر]] عام 1950:


سيباشر [[الإخوان]] نشاطهم.
وأضاف [[المرشد العام]]:-


انتهى العام الأول لوزارة الوفد فأعلن [[فؤاد سراج الدين]] أن الحكومة تفكر فى استبدال قرار حل [[الإخوان]] بقانون جديد  للجمعيات!
- هذا نداء [[الإخوان]] " هبى يا رياح الجنة... على رهبان الليل.. وفرسان النهار"!
محراب فى كل قلب


وأعد مشروع القانون وهو يسرى على الجمعيات التى تسعى لتحقيق أغراض اجتماعية أو دينية أو علمية أو أدبية إذا كان  عدد أعضائها يزيد على 20 باستثناء الجمعيات النشاط المدرسى.
مرة أخرى كرر [[البنا]] النداء للملك


ولا يجوز للجمعيات أن تكون لها تشكيلات عسكرية او شبه عسكرية وألزمت الجمعيات بتسجيل معلومات تفصيلية عن  كل عضوا وإيداع صورة فوتوغرافية. لدى السلطات المختصة.
طالب صاحب الجلالة بإعفاء إسماعيل صدقى من الحكم وإعلان الجهاد.


تبين [[الإخوان المسلمون]] أن المشروع موجه ضدهم بالذات ويمنع حركتهم يفرض عليهم رقابة بوليسية رغم أن [[فؤاد سراج الدين]] قال إن المشروع لا يعنى  جمعية بذاتها وإنما ينطبق على الجمعيات المحتلفة.
كما طالبه من قبل بإقالة محمود فهمى النقراشى.


وقدم مشروع القانون يوم 16 من [[أبريل]] 1951 إلى البرلمان. وخلال مناقشة القانون أمر [[صالح عشماوى]] الأعضاء بالخروج فى مظاهرة ضخمة أمام مبنى البرلمان.
وجه فى صحيفة [[الإخوان]] – بتاريخ 6 من [[أكتوبر]] – رسالة إلى الملك قال فيها:


ونوقش المشروع فى مجلس النواب يوم 17 نمن [[أبريل]] 1951 ويتوجه السفير البريطانى الجديد السير رالف ستيفسون إلى [[فؤاد سراج الدين]] وزير الداخلية يسأله عن [[الجماعة]] ثم بعث السفير إلى لندن فى 23 من [[أبريل]] 1951 يقول:
" سافر المفاوضون البريطانيون إلى بلادهم فاعتزم صدقى أن يلاحقهم هناك لاستئناف المفاوضات التى لا خير فيها"!


" فى حديث مع وزير الداخلية أمس أثرت مسألة [[الإخوان المسلمين]] قال سراج الدين باشا إنه لا يشعر بالقلق على الإطلاق إزاء مستقبل نشاط هذه [[الجماعة]] ولم ينكر أنها كانت خطرة فى الماضى . ولكنه يرى أن ذلك يرجع إلى تشجيع القصر لها كسلاح ضد الوفد وإلى شخصية الشيخ [[البنا]]. ولا يوجد الآن زعماء يتمتعون بسمات القيادة والمبادرة.
وفى رسالة أخرى  علنية أيضا. إلى صدقى باشا قال فيها:


وعلاوة على ذلك فإن التشريع المقترح سوف يمنع [[الإخوان]] من أن يجعلوا من أنفسهم شيئا مزعجا. وهو يتفق معى فى احتمال حدوث تغلغل فى [[الإخوان]] من جانب الشيوعيين. الين تتجه  ارتباطهم التقليدية  إلى التسلل داخل المنظمات القومية المتطرفة واستغلال هذه المنظمات كوسيلة لإثارة المتاعب بوجه عام"
" طالت المفاوضة حتى أسأمت فتوقفت واستونفت ثم انقطعت ووصلت ثم تخلى عنا المفاوضون [[الإنجليز]] . هزوا أكتافهم وجمعوا أوراقهم . وانصرفوا عنا إلى بلادهم هازئين ساخرين"
ويعلق مسئول فى وزارة الخارجية البريطانية فى نفس اليوم – 23 من [[أبريل]] – على حديث سراج الدين فيقول  فى مذكرة سرية:" تصريح سراج الدين بأنه لا يوجد بين قيادات [[الإخوان]] من هو فى قدرة [[البنا]] أمر صحيح تماما.


إن مشروع قانون الجمعيات الجديد سوف يمضى طويلا فى التصدى لتوسع [[الإخوان المسلمين]]. ولكنه يخشى أن تقم العناصر المتطرفة فى المنطقة بعمليات إرهابية.
وقال الشيخ [[البنا]] لصدقى:


ومن ملامح القانون الجديد – الذى سيكون له تأثيرا شديد – شرط عدم السماح لأى شخص تحت 21 سنة أن يصبح عضوا عاملا فى [[الإخوان]] .  
" هذه الحكومة لا تمثل رأى البلاد فى شئ  وكل إجراء تتخذه باطل وعليكم أن تدعوا أعباء الحكم لمن هو اقدر منكم".


ويقصد من ذلك بطبيعة الحال التصدى لقوى [[الإخوان]] فى الجامعات وعلى اى حال فإنه يتفق معنا فى أننا لم نشهد أسوأ من [[الإخوان]] الذين يعدون بالنسبة ل[[مصر]] أكبر عائق للأمن العام أكثر من [[الشيوعية]]"!
وفى 9 من [[أكتوبر]] تحت عنوان " بين استقلال المجاهدين , واستقلال المفاوضين" قال :


تم التصديق على القانون وأعلنت [[الجماعة]] على رءوس الأشهاد أنها لن تسجل نفسها طبقا للقانون أو تنفيذا له. وأكدت [[الجماعة]] تصميمها على المطالبة بإستعادةمقارها – التى يتلها البوليس – وعياداتها الطبية وأموالها المصادرة.
" هذه الحال لن تدوم أبدأ..


ويبعث السفير البريطانى إلى لندن البرقية رقم 79 بتاريخ 27 من [[يونيو]] 1951 .. وفيها يقول :
إن وادى النيل الأبى إذا كان قد قنع فى الماضى باستقلال المفاوضين فى  معاهدة الشرف والاستقلال , فإنه لن يرضى اليوم إلا باستقلال المجاهدين ساحة الاستشهاد وتحقيق الآمال"ز
" التزم [[الإخوان المسلمون]] الهدوء فى الفترة الأخيرة . ولا يبدو ان هناك تغييرا فى موقفهم إزاء قانون الجمعيات . وبالتالى لا يبدو أنهم اقترفوا بأى شكل من استعادة مقارهم وأموالهم". لم يعد [[الإخوان]] إلا بعد صدور حكم من مجلس الدولة


كانت هناك دعوى معلقة أمام  المجلس  منذ [[نوفمبر]] 48 قدمها [[البنا]] وعبد الحكم عابدين السكرتير العام بالتظلم من قرار إغلاق فرعين لجماعة فى بورسعيد و[[الإسماعيلية]]!
وخصص الشيخ [[البنا]] الصفحة الأولى من صحيفة [[الإخوان]] يوم 10 من [[أكتوبر]] ليطلب من " الشعب العظيم" عدم التعاون مع [[الإنجليز]] اقتصاديا بالإضراب عن شراء كل ما هو انجليزى أو البيع لأية جهة انجليزية أو التعامل مع أى بيت أو شركة أو محل انجليزى كائنا ما كان.
استؤنف نظر الدعوى بعد التماس جديد قدمه عبد الحكيم عابدين برئاسة لامستشار سامى مازن فى 15 من [[أغسطس]] 1951.


بحثت المحكمة المبررات القانونية لقرار الحل وما تلاه من إجراءات. وصدر الحكم بتأييد [[الجماعة]]وبطلان أمر بيع المركز لاعام وإعادة ممتلكات [[الجماعة]] وأرصدتها المالية.
وثقافيا بمقاطعة الصحف والمجلات والكتب والجرائد الإنجليزية والامتناع عن التحدث أو الاستماع للغة انجليزية.
وكان من نتيجة الحكم من الجهة القضائية المسئولة أن اعتبر بمثابة تصديق قانونى على الوجود الشرعى للجماعة.


ولم ينفذ الحكم إلا بعد الغاء حكومة الوفد لمعاهدة عام [[1936]] مع بريطانيا وحاجة الوفد للتأييد فصدر القرار فى 17 من [[ديسمبر]] 1951 بالإفراج عن ممتلكات [[الإخوان]] المصادرة بما فى ذلك الصحف والمنشآت جميعها.
واجتماعيا بقطع علائق المودة والصداقات الشخصية والعائلية . والانسحاب من عضوية الأندية أو الهيئات التى تضم العناصر البريطانية.


وهذا كله يقطع بدور الملك فى حل [[الجماعة]] واغتيال [[البنا]] فإن الوفد عجز,. أو رفض الوقوف مع [[الإخوان]] إلا بعد الغاء معاهدة عام [[1936]] وبعد أن أخذ الوفد موقف التحدى لكل من الملك و[[الإنجليز]].
ويستمر [[البنا]] فى الدعوة الجديدة لمقاطعة [[الإنجليز]] فيقول:


وكان الوفد يعرف , مثل الجميع أن القاتل الثالث.. أو المحرض القاتل .. أو القاتل الحقيقى.. صاحب الجلالة نفسه وإن كانت يده لم تطلق رصاصة ولكنه الذى أصدر حكم الإعدام .. على [[المرشد العام]]!
" الآن وبعد أن مضى على ثورة سنة [[1919]] أكثر من ربع قرن من الزمان  تعود القضية الوطنية سيرتها الأولى فتفشل المفاوضات أو تكاد"ولم يكن [[البنا]] وحده الذى يعارض المفاوضات, بل كانت [[الأحزاب]] والرأى العام كله فى صفوف المعارضة.

مراجعة ١٣:٤٦، ١١ سبتمبر ٢٠١٢

القصاص

قامت ثورة 23 يوليو 1952.

وقبض على المقدم محمد الجزار يوم 25 من يوليو. قبل اعتزال فاروق العرض وخروجه من مصر. نشرت صحيفة " الأخبار " أن أحد كبار المعتقلين أدلى باعترافات هامة فى قضية البنا فلما سأل السائق محمد محفوظ, العميد محمود عبد المجيد عن صحة الأمر قال الرجل فى ياس: اللى يحكم بيه ربنا : اللى مكتوب له شئ حايشوفه!

وأضاف : ما تعملش شوشرة. اسكت!وفى 29 من يوليو 1952 بعد خروج الملك بثلاثة أيام أرسلت قيادة الجيش إشارة باستدعاء العقيد محمود عبد المجيد مدير جرجا إلى القاهرة فقبض عليه داخل مكتبه فى ديوان المديرية – المحافظة – بقرار من البكباشى زكريا محيى الدين مدير المخابرات وقتئذ. وقال إن ذلك بأمر قائد الثورة.

وألقى القبض على المخبرين الأربعة المتهمين باغتيال البنا.

وكانت هذه العجلة فى أشد أيام الثورة خطورة دليلا على أنها قضية الجيش وهدف من أهداف الثورة! قال لى زكريا محيى الدين رئيس وزراء مصر الأسبق إنه لم يصدر قرار القبض على محمد الجزار فقد سافر يوم 24 من يوليو إلى الإسكندرية وبقى بها حتى طرد الملك السابق على الباخرة المحروسة فعاد إلى القاهرة يوم 27 من يوليو.

وكان مقررا أن تصر الثورة على طرد فاروق يوم 25 من يوليو ولكنه أى زكريا محيى الدين – طلب تأجيل التنفيذ 24 ساعة فإن القوات المسلحة التى وصلت من القاهرة لحصار قصر رأس لاتين كانت مرهقة. وقال إن الثورة كانت قد أعدت قائمة بأسماء كبار ضباط الجيش والسياسيين ورجال الشرطة الذين سيقبض عليهم لتأمين الثورة وكان بين ضباط الجيش الثائرين من يتعاطف مع الإخوان , كما كان الإخوان متعاطفين مع الثورة ولابد أن أحد قد اقترح الاهتمام بقضية اغتيال البنا والقبض على الجزار فصدر الأمر بذلك فقد كانت تضاف أسماء باستمرار.وقال زكريا محيى الدين إنه بعد عودته للقاهرة لم يصدر قرارا باعتقال محمود عبد المجيد.

وقال زكريا محيى الدين إنمه يعتقد أن القرارين لم يصدروا قرارا باعتقال محمود عبد المجيد . وقال زكريا محيى الدين إنه يعتقد أن القرارين صدرا من جمال عبد الناصر فإنه الذى كان يملك القرار فى ذلك الوقت ويصدره من كوبرى القبة حيث توجد القيادة. قال أنور السادات:

" كان أول إجراء اتخذته الثورة إزالة آثار الماضى البغيض ومحاسبة المسئولين عنه بالحق والعدل إعادة التحقيق فى قضية البنا".

جرى التحقيق مع المتهمين فى السجن الحربى وتولاه نائبا الأحكام الضابطان السيد جاد إبراهيم وإبراهيم سامى جاد الحق فردد محمد محفوظ سائق سيارة محمود عبد المجيد يوم 30 من يوليو 1952 أقواله الأولى. ولكن قيادة الجيش تلقت بلاغات متعاقبة بأسماء القتلة . وفى 6 من أغسطس انهار محمد محفوظ – وكان فى الثانية والأربعين – واعترف بتفاصيل الجريمة. وأكد اعترافه بعد ذلك مرة أخرى أمام نائب الأحكام.

ثم كرر الاعتراف أمام النيابة.

وعاد يردد الاعراف ست مرات أخرى أمام المستشار حسن داود الذى حقق القضية فى دار القضاء لاعالى وفى مواجهة المتهمين الآخرين. وقال محمد محفوظ إنخ مظلوم ينفذ أوامر رئيسه وكان يظن أنه – بذلك – يلفت من العقاب وأنه يسمع كشاهد لا كمتهم.

ونفى محمد الجزار أنه ضغط على الليثى لتغيير رقم السيارة . وقال : لا يوجد عداء شخصى بينى وبين أية هيئ. الحكومة هى التى توجه رجال الشرطة بما فيهم القسم السياسى.

وقال غنه علم بتدبير الجرمية بالإشتراك بين لسراى مع عبد الرحمن عمار وأن عمار أحضر محمود عبد المجيد من جرجا. وهو بدوره أحضر المخبرين. وروى كل التفاصيل عن وجود ضابط الشرطة قرب المكان لاستلام المتهمين فى حالة ضبطهم ولكنه قال إن كل معلوماته عرفها بعد وقوع الحادث ولم يتقدم بها لأن أحدا لم يكن يستطع أن يفعل ذلك.. عام 1949!

واعترف بأن عبد الرحمن عمار كلف المقدم توفيق السعيد – من القسم السياسى أيضا – بمنع الليثى من تأدية الشهادة وأن توفيق السعيد اقترح عليه القيام بهذه المأمورية لأن هذه المسالة تهم السراى الملكية فاعتذر.

واعترف بأنه قابل الليثى. وزعم أنه نصحه بذكر الحقيقة كاملة!

أحسّ الجزار بأن اعترافه يدينه فاحتطف موسى حلاقة وحاول قطع شرايين رقبته قاصدا الانتحار فى السجن الحربى. وطلب الادلاء بأقوال أخرى بعد ثمانية أيام فعدل عن اعترافه السابق قال: كنت فى حالة غير طبيعية .. أهذى ولا أعرف بماذا أجبت.. وما قلته يصلح مادة للتحقيق والبحث!! ووقعت على الأوراق دون قرأتها وكل ما قلته مجموعة إشاعات مما كان يتردد فى دوائر الشرطة وليست لدى معلومات يقينية إطلاقا.

وقال : وضعونى وحدى.. دون غيرى من امتهمين . فى زنزانة منفردة!

وأكد أن الليثى كان يعمل مرشدا لديه.

ولكن لم يقم دليل واحد على ذلك التأكيد . وقال الليثى إنه عرف الجزار بمناسبة القبض عليه فى قضية اغتيال أحمد ماهر واتهامه بالقاء القنابل على " أخبار اليوم"

وظلب الجزار أن يلتقى باللواء محمد نجيب قائد الثورة.

ظل محمود عبد المجيد ينكر صلته بالجريمة ولكن وجدت ورقة بخط يده فى وزارة الداخلية تبين أنه كتبها لمحمد وصفى عندما كان يدبر لقتل ضابط جيش اسمه عبد القادر طه. وهو من خصوم الملك. فى هذه الورقة كتب محمود عبد المجيد اسماء " القتلة" لاذين عمل على نقلهم إلى وزارة الداخلية وهم البكباشى حسين كامل واليوزباشى عبده أرومانيوس والأمباشى أحمد حسين والجاويش محمد سعيد والأمباشى حسين محمد سعيد.

وكان يريد أن يستعين بهم محمد وصفى لقتل الضابط عبد القادر طه وتعرف عبد الكريم منصور – فى عرض قانونى – على الأمباشى أحمد حسين ووكيل الباشجاويش محمد سعيد إسماعيل وقال إنهما أطلقا الرصاص على المرشد العام.

رأت إدارة الجيش أن التهمة ثابتة قبل المتهمين فأرغمتهم على ارتداء ملابس السجن الزرقاء قبل الحكم عليهم!

وأحالت قيادة الجيش القضية يوم 17 من أغسطس – أى بعد أقل من شهر على قيام الثورة – إلى النيابة العمومية للتولى التحقيق فيها.

وبعد شهر فى 29 من أغسطس 1952 جرى البحث عن مصطفى من الأوصاف التى أدلى بها السائق محمد محفوظ وتبين أنه مصطفى أبو غريب الذى كان يعمل قبل ذلك بالمباحث وأنه يتجر بالمخدرات ويتخذ من عمله بالمباحث ستارا يحميه من القانون فقام ضابط من المباحث العامة بالقاهرة بالسفر إلى سوهاج واستطاع القبض عليه فى طما

وكان قد مضى على الجريمة ثلاث سنوات ونصفسنة.

نشرت صحيفة " الجمهور المصرى" صور جميع المتهمين يوم 20 من سبتمبر فارتفع توزيعها إلى 75 ألف نسخة! وطلب النائب العام إلى وزير العدل ندب أحد مستشارى محكمة استئناف القاهرة للتحقيق. ويسمع محمد وصفى قائد حرس الوزارات – الذى أصبح برتبة عميد – بأنباء التحقيقات فيسرع إلى دار السفارة البريطانية يطلب اللجوء السياسى. وقال للمسئولين بالسفارة:

- إعطونى إحدى السيارات الدبلوماسية إلى نعسكرات القوات البريطانية فى فايد ومنها أستقل إحدى الطائرات السلاح الجوى الملكى البريطانى إلى قبرص أو عدن. قال الماجور سانسوم ضابط أمن السفارة للسفير:

انقذوا حياة هذا الرجل الذى ساعدنا كثيرا. وفى مذكراته قال سانسوم إن السفارة أبرقت إلى وزارة الخارجية التى رفضت وقالت:

- لا نريد أن نبدأ تعاملنا مع النظام الجديد بخطوة خاطئة . ولا يوجد ما يدعونا للمخاطرة بانقاذ رجل شرطة.

وهكذا تركت السفارة البريطانية محمد وصفى لمصيره فتوجه إلى مكتبه يجمع اوراقه الخاصة فى " جوال" لم يعثر عليه أبدا وقيل إنه نقله إلى أحد منازله الثلاثة فى القاهرة والإسكندرية.

وانتحر وصفى فى منزله بالقاهرة بتناول كمية من الحبوب المنومة مؤثرا الموت على مواجهة الموقف بعد أن علم أن ضابط الجيش عبد العزيز صادق كلف بالتفتيش عليه.

وتنشر صحيفة " المصرى" تحت عنوان فى صدر الصفحة الأولى – يوم 20 من سبتمبر – نبا الانتحار. قالت " المصرى" إن محمد وصفى" علم قبل موته بساعات قليلة أن التحقيقات الدائرة فى قضية مصرع البنا تناولته ولعلاقته – أيضا- باغتيال الضابط عبد القادر طه".

ندبت محكمة القاهرة المستشار حسن داود فأعاد التحقيق كله فى أول أكتوبر 1952 فى السجن الحربى بقشلاقات الجيش فى العباسية بمدينة القاهرة وكان هذا هو التحقيق السادس فى القضية.

التحقيق الأول بدأه عبد العزيز حلمى رئيس النيابة يعاونه وكيلان هما محمد زكى عصمت ومحمود حسن عمرو وكيلا النيابة عقب الجريمة مباشرة فى عهد وزارة إبراهيم عبد الهادى.

والتحقيق الثانى تولاه النائب العام محمد عزمى فى وزارة حسين سرى كما جرى تحقيق آخر أثناء حكم النحاس.

وبعد الثورة جرى التحقيق الرابع بواسطة لاجيش عن طريق نائبى الأحكام.

وتولت النابة التحقيق الخامس وانتهت منه فى الثامنة من مساء يوم 18 من ديسمبر عام 1952.. أى فى نفس الساعة – تقريبا0 التى قتل فيها المرشد العام. ولكن بعد ثلاث سنوات وعشرة شهور وخمسة أيام و23 ساعة وخمسين دقيقة من اغتيال الشيخ!

أحال فؤاد سرى رئيس النيابة إلى محكمة الجنايات تسعة من المتهمين باغتيال الشيخ البنا منهم ثمانية من رجال الشرطة وواحد من الفلاحين.

بين رجال الشرطة عميد هو محمود عبد المجيد مدير المباحث الجنائية ومقدمان هما محمد محمد الجزار وحسين كامل واليوزباشى عبده أرمانيوس والباشجاويش محمد محفوظ ووكيل الباشجاويش محمد سعيد إسماعيل واثنان من الأومباشية: أحمد حسين جاد وحسين محمدين رضوان.

والفلاح مصطفى محمد أبو الليل يوسف غريب. من طما بمحافظة سوهاج.

وجهت لانيابة إلى الإمباشى أحمد حسين جاد والفلاح مصطفى أبو الليل تهمة قتل الشيخ البنا عمدا مع سبق الإصرار والترصد والشروع فى قتل عبد الكريم محمد أحمد منصور لامحامى مع سبق الإصرار والترصد أيضا.

ووجهت إلى باقى المتهمين من ضباط الشرطة والجنود – عدا الجزار – تهمة التحريض والإتفاق والمساعدة فى الأعمال المجهزة والمسهلة والمتممة لارتكاب الجريمة فذهبوا يشدون أزر المتهمين ويردون عنهما من يتصدى لهما أو يحاول ضبطهما أو يحول بينهما وبين إتمام الجريمة ويسر لهما السائق سبيل الفرار ونسب إلى لمقدم الجزار تهمة معاونة الجناة على الفرار وإخفاء أدلة الجريمة وتقديم معلومات يعلم بعدم صحتها.

استاء الإخوان لأن قرار الاتهام لم يشمل إبراهيم عبد الهادى ضمن الجناة كما استبعد القرار أيضا عبد الرحمن عمار.

عرضت القضية على غرفة الاتهام فى 28 من يناير 1953 برئاسة مرسى فرحاترئيس محكمة استئناف مصر وعضوية المستشارين محمد على جمال الدين وعبد الرحمن جنينة وممثل النيابة أحمد فؤاد سرى رئيس النيابة العسكرية.

ندبت الغرفة فى 11 من فبراير عضو اليمين المستشار محمد على جمال الدين لاستكمال التحقيق فقام بذلك ثم عرضت القضية مرة أخرى فى 11 من مارس.

فطن محمد محفوظ إلى أن اعترافاته العديدة لا تعفيه من العقاب بل تدينه فعدل عنها جميعا وقال إنه عذب ليعترف.

وطلب محفوظ رد المستشار المحقق على جمال الدين فاعتذر عن الاشتراك فى الهيئة التىتفصل فى طلب الرد. ندب بدلا منه المستشار محمد كامل البهنساوى.

قال المتهم إن المستشار محمد على جمال الدين انطوت نفسه على موالاة شديدة وعطف جامح على أفراد أسرة البنا المدعويين بالحق المدنى يقابلها عداء ظاهر للمتهمين الأمر الذى يرجح معه عدم استطاعته الحكم بغير ميل.

وبنى طلب الرد أيضا على أن لمستشار صهر لسعيد رمضان وكيل وزارة العدل السابق وهو على صلة وثيقة بالإخوان.

نفى محمد على جمال الدين أن لصهره علاقة بالإخوان قال هناك تشابه فقط بين اسمه واسم سعيد رمضان عضو الجماعة.

نظرت طلبالرد هيئة برئاسة المستشار غبراهيم حلمى فقررت رفض الطلب وتغريم المتهم خمسين جنيها. حاول المتهمون المرافعة أمام غرفة الاتهام ولكنها رفضت ذلك فى 31 من مارس.

قالت إنها هيئة تحقيق وليست هيئة محاكمة وتعقد جلساتها فى غير علانية وليس للخصوم المرافعة أمامها. واصلت الغرفة نظر القضية وقررت تقديمها إلى محكمة الجنايات مع الإفراج عن جميع المتهمين عدا أربعة وهم:

العميد محمود عبد المجيد.

الامباشى أحمد حسين جاد.

الفلاح مصطفى أبو الليل.

سائق السيارة محمد محفوظ. ورفضت الغرفة طلب ادخال إبراهيم عبد الهادى. وعبد الرحمن عمار كتهمين وأحالت القضية محكمة الجنايات برئاسة المستشار كامل أحمد ثابت.

وكان مقررا أن تنظر القضية أمام محكمة الثورة العسكرية للتعجيل بمحاكمة المتهمين ولكن الخلافات بدأت بين الإخوان ومجلس الثورة فرأى المجلس أن من الأفضل نظر القضية أمام القضاء العادى لتؤجل ويعطى الدفاع الفرصة للهجوم على الجماعة طبقا لأصول وقواعد وإجراءات المحاكمات أمام محاكم الجنايات !

ورأى مجلس الثورة أن محاكمة لاقتلة أمام الثورة يؤكد الرابطة بين مجلس الثورة والإخوان فى حين أراد المجلس أن يمهد للإنفصال والقطيعة النهائية مع الجماعية!

بدأت محاكمة المتهمين التسعة فى 10 من نوفمبر عام 1953 واستمر نظر القضية فى 11 جلسة.

كرر السائق محمد محفوظ ما قاله أمام غرفة الاتهام من أن ضابط الشرطة طه زغلول أركان حرب الأمن ورجل البوليس كان يأخذه غلى غرفة فى السجن الحربى يضربه ويعذبه ليعترف وهدده بالإعتداء على زوجته وبناته.

نفى ممثل لانيابة ذلك قائلا:

ولماذا لم يعذ باقى المتهمين ليعترفوا أضاو إنهم جميعا فى السجن الحربة وفى دار القضاء العالى وهنا امام المحكمة انكروا تتهمة القتل أو الاشتراك أو التحريض.

استمعت المحكمة إلى 11 من شهود الإثبات أيدوا اعترفات السائق ودور الجميع فى الجريمة.

وفى جلسة من نوفمبر 1953 طلب عبد القادر عودة رد رئيس محكمة الجنايات لأن المحكمة تجامل المتهمين. قال عبد القادر عودة:

لم أر محكمة بهذا الشكل . ورئيس المحكمة فى حرج لا يستطيع أن يحكم فى هذه القضية بغير ميل: وقد بدت منه أمامنا بعض الظواهر ولو شاء الرئيس أن تنحى.. وإذا لم يتنح فستتخذ الإجراءات لرد المحكمة.

وانسحب عبد الباسط البنا – شقيق الشيخ البنا – من قاعة الجلسة احتجاجا وأبرق إلى مجلس قيادة الثورة يقول:

"انسجينا من قضية شقيقنا البنا , محتجين رسميا على ما دار فيها من مهازل. غن قضية الشهيد سياسية وشعبية من الدرجة الأولى, سببها العهخد البائد, من ملكه المخلوع إلى بوليسه السياسى. وإن تجريدها من هذه الصفة. وقبرها أمدا طويلا وإخفاء معالمها يتضليل لبوليس السياسى . وما كان للجناة من سيطرة وإرهاب يجعل نظرها أمام محاكم الجنايات عقيما فضلا عن هذه الدائرة بالذات التى دل ماضيها ومسلكها بوضوح على عدم تمشيها مع العهد الجديد.

احفظوا هذا الدم العزيز عليكم , وعلى الشعب وعلى العالم الإسلامى بنظرها أمام محكمة الثورة...

ومنحها حقها التاريخى فى سجل الثورة المجيدة".ونشرت صحيفة " الدعوة " التى تصدرها الجماعة مقالا عنوانه " دين فى عنق الرجال " جاء فيه

" يجب أن يصدر الشعب حكمه على القتلة وإلا فسينهض جيل بأسره يطالب بهذا الدم وتحقيق الانتصار. والأمر اليوم بين يدى المسئولين إن شاءوا ظفروا بهذا الفخر". وتضمن المقال إهانة لرجال القضاء الذين ينظرون القضية!

طلب محاموا الإخوان رد المحكمة نظر طلب الرد أمام مرسى فرحات رئيس محكمة الاستئناف فرده المحامون أيضا لأنه كان رئيسا لغرفة الاتهام.

طعن المدعون بالحق المدنى فى هذا الحكم – أى حكم رفض طلب الرد – أمام محكمة النقض التى قضت بعدم الاختصاص.

لاحق سوء الحظ, الذى لازم المرشد العام فى سنوات حياته الأخيرة الشيخ البنا ميتا فحال دون توقيع القصاص المناسب على قتلته.

اختلف جمال عبد الناصر مع الإخوان فقرر مجلس الثورة فى 12 من يناير 1954 أن الإخوان حزب سياسى مما يجعل جماعتهم منحلة تلقائيا.

وأذيع قرار الحل فى ساعة متا×رة من مساء 14 من يناير واتهم البيان الإخوان بالإصرار على معاداة ثورة 23 يوليو, محاولة التسلل إلى صفوف الجيش والشرطة واعتقل المئات من أعضاء الجماعة بما فيهم المرشد العام الجديد الشيخ حسن الهضيبى وخمسة من أعضاء مكتب الإرشاد.

وفى ظل هذا المناخ العدائى للإخوان لمسلمين استأنف محكمة الجنايات نظر القضية!

اعتذر عبد القادر عودة عن كلماته امام المحكمة فى جلسة حضرها عمر عمر نقيب المحامين الذى أكد تقدير كل المحامين للمحكمة ولقضاء مصر. وتقبل كامل أحمد ثابت الاعتذار ولكنه وجد حرجا فى نظر الدعوى فتنحى فى 22 من مارس 1954. وبذلك ضاع شهر وستة عشر يوما فى طلب لارد ونظره.

أحيلت القضية إلى دائرة عبد الغنى يحيى ولكنها كانت مختصة بالقضايا المدنية فلم تنظر القضية. وأخيرا نظرت القضية دائرة الجنايات برئاسة المستشار محمود عبد الرازق وعضوية المستشارين محمد شفيع الصيرفى ومحمد متولى عتلم. وكانت أول قضية تنظرها ثلاث دوائر.

عقدت المحكمة خلال شهرين 24 جلسة عدلت النيابة خلالها وصف.

التهمة بالنسبة للجزار واتهمته بانه شريك فى جريمة القتل وليس مجرد مساعد للمتهمين على الهرب. وطالب المدعون بالحق المدنى بإدخال الملك السابق فى الدعوى بوصفه محرضا وفاعلا أصليا.

كانت أدلة الاثبات اعترافات محمد محفوظ التى عدل عنها.

ولم يكن بالقضية شاهد رؤية واحد .. أى شاهد واحد رأى المتهمين أثناء ارتكاب الجريمة. وكان الليثى

– العمود الفقرى فى القضية – ولكنه لم ير شيئا وعرف رقم السيارة من شاهد اختفى او تلاشى ولذلك تركز هجوم الدفاع على الليثى !

قالوا إنه مرشد الشرطة , اختلق القضية خوفا من أن يقتله الإخوان فهو الذى حمل الدعوة إلى الشيخ البنا وكان مع الناغى يعرفان – وحدهما – موعد حضور المرشد العام إلى مقر جمعية الشبان المسلمين.

وجاءت السيدة منيرة عامر مطلقة صالح حرب رئيس جمعية الشبان المسلمين مرتين لتدلى بشهادتها.

وكانت تعرف الصلة بين مطلقها ومحمد الليثي فايدت أنه كان مرشدا للبوليس السياسى. وقالت: الليثى لا يوثق به.

حدث فى أحد أيام المحاكمة أن اقتربت زوجة محمد محفوظ من القفص الذى يوجد فيه وهمست فى أذنه بكلمات فانتفض الرجل يصيح قائلا:

ده حرام... ده إرههاب .. بيهددونى بخطف أولادى. ابعدوا عنى كفاية اللى عملتوه فىّ ... أنا بأبلغ القيادة – أى مجلس الثورة – عن التهديد ده. وكانت هذه الكلمات أشبه باعتراف جديد يدين محفوظ وكل المتهمين فى القفص!

وجرت محاولة لتضليل العدالة .. بعث على حسنين الذى حكم عليه بالأشغال المؤبدة فى قضية اغتيال الضابط عبد القادر طه إل المحكمة يقول إنه يريد الادلاء بشهادة حاسمة فاستدعته المحكمة.

جاء بملابس السجن. ولم تطلب إليه المحكمة أداء اليمين لأنها – طبقا للقانون – لا تثق بيمينه.

قال إن كل المتهمين فى القفص أبرياء وأن القتلة من أعضاء الحرس الحديدى الذى أسسه الملك السابق لقتل خصومه , وذكر بعض الأسماء. ووضح من اقواله أنه أراد الخروج من السجن ساعات او أن بعض التهمين دفعوا له مالا ... لمحاولة انقاذهم.

بلغ عدد محاضر الجلسات 1100 صفحة وأوراق القضية أكثر من 500 صفحة.وبلغ شهود الاثبات 23 واستدعت المحكمة عشرة آخرين مثل النيابة على نور الدين – الذى أصبح نائبا عاما فيما بعد

– فقال إن لدولة كرست جهودها للقضاء على رجل أعزل من السلاح.. ودبرت الجريمة بواسطة الحكومة ونفذت بواسطة رجال الأمن.

فعادت الحكومة بمصر إلى عصور البربرية وعاد السيف لمناقشة أى فكرة لا تروق للحاكم. وقال إنها جريمة اغتيال بشعة, كانن لها أسوأ الوقع فى نفوس المواطنين سواء من يؤيد دعوة الشيخ , أو لا يؤيدها

ترافع فى الدعوى 21 محاميا منهم ستة من المدعين بالحق المدنى ومستشار عن إدارة قضايا الحكومة قال : إنها ليست مسئولة عن الجريمة!

طلبت أرملة الشيخ البنات عويا قدره ثلاثون ألفا من الجنيهات أما والده فاكتفى بتعويض مؤقت قدره قرش صاغ واحد.

قالوا إن الشيخ البنا استشهد وعمره 42 سنة وهو رجل لا مورد له عن الاطلاق إلا جهده وعرق جبينه. وكان يصدر "مجلة الشهاب" وهى مصدر رزقه الوحيد. وعمل مدرسا ثم استقال . وركز كل جهوده فى سبيل الفكرة وحاولت الجماعة أن تعطيه مرتبا أو تبنى له بيتا فرفض. وأنفق من جيبه فى سبيل الفكرة التى اعتنقها.

ولم يترك بعد موته – شيئا على الإطلاق!

وقالوا محاموا السرة إن البنا رجلا زاهدا ولكن أولاده يجب أن يعيشوا فى مستوى حسن وهم فى حاجة إلى مورد ومعين.

وطلب الأستاذ عبد الكريم منصور تعويضا قدره ثلاثون ألف جنيه .

قضت المحكمة 26 يوم فى المداولة وكتابة الحيثيات ثم اصدرت حكمها فى 2 من أغسطس 1954 ذلك بعد خمس سنوات وخمسة اشهر و21 يوما و14 ساعة و15 دقيقة من وقت وقوع الجريمة. قضت المحكمة ؛

أولا: بمعاقبة أحمد حسين جاد بالأشغال الشاقة المؤبدة وكل من الباشجاويش محمد محفوظ محمد والأمير الاى محمود عبد لمجيد بالأشغال الشاقة لمدة خمس عشرة سنة والزامهم بطريق التضامن والتكافل مع الحكومة المسئولة عن الحقوق المدنية.

(أ‌) بأن يدفعوا عشرة آلاف جنيه على سبيل التعويض للسيدة لطيفة حسين زوجة المرحوم الشيخ البنا وأولاده القصر منها وهم : وفاء وأحمد سيف الإسلام وسناء ورجاء وهالة واستشهاد المشمولين بولاية جدهم الشيخ عبد الرحمن البنا.

(ب‌) وبأن يدفعوا للشيخ عبد الرحمن البنا والسيدة أم السعد إبراهيم صقر والدى القتيل " قرش صاغ واحد" على سبيل التعويض المؤقت.

(ت‌) وبأن يدفعوا للأستاذ عبد الكريم محمد أحمد منصور مبلغ الفى جنيه على سبيل لاتعويشض.

ثانيا: بمعاقبة البكبكاشى محمد محمد الجزار بالحبس مع الشغل لمدة سنة ورفض الدعاوى المدنية قبله

ثالثا: براءة كل من مصطفى محمد أبو الليل واليوزباشى عبده أرمانيوس والبكباشى حسين كامل والجاويش محمد سعيد إسماعيل والومباشى حسين محمدين رضوان مع رفض الدعاوى المدنية الموجهة إليهم.

كان الحكم مفاجأة للعميد محمود عبد المجيد الذى أسند رأسه على يديه وعلت وجهه صفرة شديدة وظل فى مكانه بالقفص إلى أن قاده الحراس إلى السجن.

أما أحمد حسين جاد فظل يبتسم ابتسامة عريضة بعد سماع الحكم عليه بالأشغال الشاقة المؤبدة وكأنه لا يدرى ما يدور حوله.

وانفجر مصطفى أبو الليل – الذى حكم عليه ببراءته – باكيا وأخرج منديله من جيبه ليجفف به دموعه. ... وكان يقول إنه يبكى على العميد محمود عبد المجيد الذى عمل معه فترة طويلة!

بعد صدور الحكم أمر جمال عبد الناصر بالإفراج الصحى عن محمود عبد المجيد فى 29 من يونيه 1955 أى بعد عام تقريبا من صدور الحكم.

وطعن محمد الجزار فى الحكم بطريق النقض ,لكن محكمة النقض قبلت الحكم شكلا ورفضته موضوعا.

وقررت الحكومة رد اعتباره بعد أن صدر حكم لصالحه من محكمة جنايات القاهرة فى 25 من نوفمبر عام 1057, وقد اشتغل بعد ذلك بالمحاماة ثم بشركة الشرق للتأمين.والتقى المخبران أحمد حسين جاد ومحمد محفوظ فى السجن بأعضاء جماعة الإخوان الذين اعتقلهم جمال عبد الناصر أو صدرت ضدهم أحكام من المحاكم التى شكلتها الثورة.

وأفرج صحيا عن سائقمحمود عبد المجيد الرقيب محفوظ عام 1960 . وافرج صحيا عن الرقيب أحمد حسين جاد فى 4 من سبتمبر عام 1967 دون أن يمضى مدة العقوبة كلها.

وافتتح عبده أرمانيوس محلا لتجارة الموبيليا بعد أن أمضى عاما فى الحبس الاحتياطى قبل نظر القضية... واختفى نص الحكم وحيثياته حتى التى كتبها رئيس المحكمة بخط يده!

وظل الإخوان طوال السنين يتساءلون: اين القصاص؟

كانت قرينة الشيخ البنا حاملا عند وفاته فوضعت بنتا أراد والده أن يسميها" دماء" ولكن مكتب السجل المدنى رفض هذا الأسم فاختار لها اسما آخر :"استشهاد".

تخرجت استشهاد محامية.ووفاء وسناء درستا التعليم النسوى ولم تعملا ورجاء مهندسة كهرباء. وهالة طبيبة وقد اختيرت عضوا فى هيئة التدريس بكلية البنات بجامعة الأزهر.

وهذا يدل على أن المرشد العام كان يؤمن بتعليم المرأة وأوصى بذلك

أما أحمد سيف الإسلام فكان محاميا وقد اشترى بقيمة التعويش بيتا وحاكمه جمال عبد الناصر واعتقله.

وتزوجت كبرى بنات الشيخ – وفاء – من سعيد رمضان أحد قادة الإخوان لاشابقين وعاشت معه فى سويسرا.

وكان فاروق بعد اعتزاله العرش وخروجه من مصر فى 26 من يوليو 1952 يعيش منفيا فى غيطاليا بلا اتباع لا أحد يحفل به أو ينافقه أو يتملقه . لا أحد يخطب وده إلا لماله.

اختفى الذين يطليون الأوسمة والألقاب والمناصب, ومن يحاول الاتصال به من المريين يلقى العنت كل العنت فى مصر من نظام الحكم الثورى الجديد.

كان فاروق أشبه بالبنا عن اغتياله.

كان الإثنان فى أيمهما الأخيرة وحيدين تغير المناخ فأصبحا فى شبه عزلة منعت الحكومة الاتصال بالبنا أما فاروق فانفض من حوله المنافقون والرعايا.

وجاءت ليلة فاروق الأخيرة.

كان يتناول عشاءه فى ملهى بمدينة روما عندما سقط فى غيبوبة ونقل إلى المستشفى فى سيارة اسعاف حيث توفى فى الثانية و8 دقائق من صباح 18من مارس عا 1965 بعد 35 يوما من احتفاله بعيد ميلاده الخامس والأربعين.

وإذا حسبنا فروق التوقيت بين القاهرة نجده قد مات تقريبا فى نفس ساعة اغتيال البنا.

ونقل فاروق إلى المشرحة فى روما – كما حدث للبنا – لمعرفة سبب الوفاة وتحنيط الجثة.

وشعيت الجنازة من الشمرحة إلى قاعة الموتى فى مقبرة " فيرانو" الخاصة بالروم الكاثوليك.

سارت وراء لانعش الملكة فريدة مطلقة فاروق وبناته الثلاثة: فريال وفوزية وفادية ومغنية الأوبرا الإيطالية إيرما صديقة فاروق خلال السنوات العشر الأخيرة التى عاشها فى المنفى بعد رحيله عن مصر!

وشيع الجثمان أيضا ابن فاروق – الملك السابق أحمد فؤاد – وكان فى الثالثة عشرة من عمره ... وهى سن تقارب عمر أحمد سيف الإسلام ... ابن الشيخ البنا الذى كان فى الرابعة عشر عند اغتيال أبيه!وبقى جثمان فاروق 12 يوما فى روما فى القسم الخاص بغير المسيحيين فى المقبرة ينتظر موافقة رئيس جمهورية مصر جمال عبد الناصر على السماح بدفن الملك السابق فى مصرتنفيذا لوصيته.

وافق عبد الناصر ولكن بشروط قاسية: ألا يشيع كملك وألا يدفن فى مقابر الإمام الشافعى.

نقل جثمان الملك فى طائرة كوميت .... تابعة لشرطة مصر للطيران وتأجل سفر الطائرة عمدا فى مطار أثينا لتصل إلى مطار القاهرة بعد منتصف الليل 31 من مارس فاستقبلته شقيقات فاروق وهن يرتدين السواد. وتأخر وصول الجثمان إلى المقابر نتيجة إجراءات الأمن . فلم تشيع الجنازة إلا فى التاسعة صباحا وسط حراسة البوليس وتحذير الناس من الاقتراب.

كانت جنازة فاروق فى نفس موعد جنازة البنا ومشابهة لها... تماما!

دفن صاحب الجلالة – كما أصر رئيس الجمهورية مصر – فى صمت وبلا احتفال ولم يدخل المقبرة ساعة الدفن من رجال الدولة إلا جندى شرطة برتبة جاويش!

وشعيت الجنازة... النساء وحدهن!وتولى الرئيس أنور السادات رئاسة جمهورية مصر فتقدمت الأميرة فوزية شقيقة فاروق تطلب التصريح بإعادة دفن أخيها فاروق فى مسجد الإمام الرفاعى بجوار أبيه.

وافق أنور السادات . ولكنه أيضا وضع شروط نفسها.. ينقل الجثمان فى سيارة الموتى السوداء وأن يعاد الدفن سرا, بلا موكب وتحت الحراسة الشديدة وفى الصباح بين الصلوات حتى لا يتجمع المصلون

وصل ما تبقى من هيكل الجثمان فى كفنه , إلى مسجد الإمام الرفاعى فى التاسعة صباحا من باب الأضرحة. قال عمال المسجد بالصلاة عليه.

وتولى الدفن الشيخ محمد حسن الذى يطلق على نفسه " حانوتى الملوك والأمراء"!

ولم يحضر عملية الدفن سوى الأميرة فوزية شقيقة فاروق . ولم يوضع شاهد على القبر إلا بعد دفن فاروق بأسبوع حتى لا يعرف الناس شيئا عند الدفن.

لقد دفن صاحب الجلالة مرتين وكانت الثانية بعد عشرسنوات من الأولى بنفس الأسلوب وفى نفس الساعة التى دفن فيها الإمام الشهيد .. البنا.

من قتل البنا

محسن محمد

الإمام

رفعه أتباعه فوق كل المصلحين وأئمة الإسلام فى العصر الحديث قالوا إنه جمع بين تطور فكر محمد عبده وشجاعة جمال الدين الأفغانى وتفوق عليهما لأنهما تركا مبادئ ولم يبنيا حركة منظمة, أما الشيخ حسن أحمد عبد الرحمن البنا, وشهرته البنا , فقد أقام تنظيم الإخوان المسلمين.

لم يحاول الدخول فى التفسيرات والشروح والاجتهادات الدينية التى خاض فيها رجال الأزهر وعلماء الإسلام, بل أراد أن يكون مجددا , ويطالب المسلمين بإعادة التأمل فى دينهم.

ولم يهتم بالخلافات بين المذاهب بل حاول تجميع المسلمين رغم خلافاتهم ووجد فى الإسلام : الدين والدولة, والوطن والجنسية و والمذهب والقانون الروح والثقافة. والعقيدة والقيادة. الثورة والسيف.

وصفوه بأنه داعية إسلامى من طراز فريد عبقرى. والعالم الربانى الفذ الصالح, الذى لم بنجل مثله العالم الإسلامى منذ قرون!

وقالوا أنه الرجل القرآنى الذى استطاع أن يبذر فى الأرض بذرة المصحف وقال عنه عمر التلمساني أنه" الملهم الموهوب بطاقة لا يحظى بها إلا القليل. جهوده خارجه عن نطاق الجهد العقلى. صاحب فراسة لا تخيب. أستاذ الجميع فى كل شئ. إمام أنقذ أمة".

وقالوا أنه " أفلت من غوائل المرأة والمال والجاه. فشلت كل محاولات أغرائه بفضل صوفيته الصادقة وزهده الطبيعى".وقف محمد نجيب أول رئيس الجمهورية مصر أمام قبره فقال نيابة عن مجلس الثورة المصرى: " صاحب عقيدة.. حرب على الفساد والانحلال, بقدر ما كان حربا على الإحتلال.. عاش لأمته ووهب لها حياته".

ذكر فتحي رضوان اسم البنا] لأول مرة أمام جمال عبد الناصر فوجده يقول :

كان البنا يبعث على احترامه,وقال فتحي رضوان إن هذه الشهادة من أكبر الشهادات لمرشد الإخوان وهو أول شهادة سمعها منه فتحي رضوان من عظيم من الأحياء أو الأموات!

رآه أنور السادات لأول مرة فوجده" يلتحف بعباءة حمراء لا تكاد تظهر منه شيئا كثيرا إلا البشاشة في وجهه. والتواضع في مظهره والرقة في حديثه.

ليس في خطابته وعظ المتدينين, لا الكلام المرتب , ولا العبارات المنمقة ولا الحشد الكثير, ولا الاستشهاد المطروق, ولا التزمت في الفكرة, ولا ادعاء العمق, ولا ضحالة الهدف, وإحالة إلى التواريخ والسير,رجل يدخل موضوعه من زوايا بسيطة ويتجه إلى هذه عن طريق واضح ويصل إليه بسهولة أخاذة".

التقى به أحمد مرتضى المراغى وزير الداخلية السابق فوجده" ذا لحية لا هى طويلة ولا هى قصيرة.

خفيف الخطى سريع الحركة والكلام.

آية في الذكاء

يركز عينيه اللامعتين على محدثه, يخفى وجهه, ثم يعود إلى التحديق دمث المعشر, حلو الحديث, خلت طبيعته الدينية من التزمت".

تكلم الشيخ الباقورى عن ثقافة البنا فقال :" إنه كان يحفظ ديوانا المتنبى مضمونا إلى ذلك ما متعه به الله من حفظ القرآن الكريم والسنة المطهرة والسيرة المحمدية العطرة. قرأ لابن خلدون والأفغاني ومحمد عبده والغزالى وابن تيمية وكان حريصا على اقتناء كل كتاب يظهر"

وصفته مجلة " آخر ساعة" المصرية فقالت:

" وجهه مشوب بمسحة وقار لطيف حاد الملامح بين التعابير تحت جبين عريض لماح بقبس من الذكاء تقعد وسطه" زبيبة صلاة" كبيرة داكنة من أثر السجود.

عيناه هادئتان بسيطتان في بساطتهما لمحة من " عيون المقطم" تحسبها قليلة الغور, فإذا ألقيت فيها الحجر, ظل يتدحرج إلى غير قرار.

دائم الابتسام , فاره القامة يبدو قويا كشجرة السنديان في صوته عمق وعرض وطول وللسانه سحر.

إذا تكلم يتلاعب بالألباب وقد أمده الأدب العربى, على شتى أصوله بفيض هائل من الآيات والأحاديث, وأمجاد الجهاد الإسلامى يطلقها من فمه كالمدفعى الماهر في أنسب وقت, وأنسب مكان, فيكون لها فعل القذائف في معارضيه.

مدرس خط, ومع ذلك فإن خطه بشهادته, هو نفسه ليس جميلا بل ولا مقروءا.

وزعيم لمليون من المصريين ولكنه وبشهادته أيضا ليس زعيما وإنما هو مدرس فقط ولعل هذا مصدر لقبه الرسمى وهو المرشد العام للإخوان المسلمين.

ميزه هذا الرجل الكبرى أنه يعرف كيف يخاطب الناس كيف يلهب شعورهم".

وقال عنه أحمد حسين زعيم مصر الفتاة أنه : من الرجال العظام الذين يصطفيهم الله لنصرة دينه".

أجمع معاصروه على أنه يتمتع بشخصية قويه. يحمل دعوته إلى الناس في يسر ويشرحها بألفاظ سهلة دون تكلف. شديد التواضع زاهد لا يبغى مالا. لم يجمع من الدنيا شيئا, ولا يهتم فيها إلا مقدار. ولا يصيب منها إلا ما تدعو إليه الضرورة.

ينام خمس ساعات ويأكل ما حضر من الطعام ويلبس ما تيسر له من الثياب, ويعيش عيشة الكفاف. زيارته للقرى تتسم بالبساطة. يتصرف بحكمة وذكاء وهو يسعى لاكتساب الأصدقاء ينام عند أعضاء الجماعة. وإذا لم يتوفر له ذلك نام في المسجد راضيا!

أقام في بداية حياته بالقاهرة في حارة عبد الله بك في المغربلين بحى اليكنية عند بوابة المتولى يستأجر بيتا إبحاره خمسون قرشا كل شهر.

ومنه انتقل إلى السبتية وأخيرا في شقة بحارة سنجر الخازن بقسم الخليفة يدفع عنها جنيهن كل شهر.كان البيت مفروشا بالحصير ولم تغط أرضه سجادة في يوم من الأيام.

مرتبة كمدرس بوزارة المعارف للغة العربية لا الخط ! عشرة جنيهات يحصل منها على جنيهين لمصروفه الشخصى ولرحلات الدعوة وتساهم أسرة زوجته من الإسماعيلية في نفقات البيت.

وبعد استقالته من عمله كمدرس عام 1946 أصدر "مجلة الشهاب" ولم يزد دخله منها على 15 جنيها.

عرض عليه الإخوان 100 جنيه شهريا مقابل التفرغ ولكنه اعتذر وعرض عليه الإنجليز أثناء الحرب العالمية الثانية خمسة آلاف جنيه ليكتب عن الديمقراطية فقال:

أكتب عن ديمقراطية الإسلام باعتبارها الديمقراطية الحقيقية المثالية فرفض الإنجليز.

قال تقرير للمخابرات البريطانية إن أحد أسباب الانتشار السريع للإخوان يرجع إلى حياة الزهد والورع التى عاشها البنا كمسلم.

وفى مفكرته التى وجدت معه عند مصرعه كتب أنه أخذ من المستشار منير الدلة 150 جنيها لتسوية نفقات المعيشة!

وفتشوا ملابسه في مستشفى القصر العينى بعد وفاته فوجدوا في جيبه كل تركته: ستة جنيهات وعشرة مليمات وساعة جيب معدنية ماركة " أوراتور" سلسلتها معدنية أيضا وقلم حبر!

ووجدا في سيارة التاكسى التى نقلته إلى المستشفى لآخر مرة مسبحة رخيصة من 99 حبة!

وقصدت شقيقته تزور زوجها المصاب عبد الكريم منصور المحامى في مستشفى القصر العينى بعد يومين من اغتيال شقيقها فشكا إليها زوجها عدم عناية المستشفى بأمره.

وعدم كفاية ما يقدم إليه من طعام فأعطته كما يقول محضر الشرطة خمسين قرشا أوراقا نقدية من فئة العشرة القروش ثم عادت وقدمت إليه خمسة وعشرين قرشا فلم تكن تملك غير هذه القروش!


أثرت في الشيخ البنا عوامل كثيرة....

ولد في قرية المحمودية بمديرية البحيرة – التى أنجبت الشيخ محمد عبده – عام 1906 والده الشيخ أحمد عبد الرحمن البنا مأذون وساعاتى إمام وخطيب مسجد القرية درس الأدب على يد الشيخ محمد عبده وألف عدة كتب دينية وعنده مكتبة إسلامية كبيرة.

تتلمذ في الكتاب على يد أزهرى ورع. فتأثر بهذا المناخ الدينى وكانت كل موضوعه الإنشائية عن الدعوة الإسلامية.وعلى المستوى الشخصى اعتاد الأسرة الكبيرة..


كان له أربعة أشقاء وعندما تزوج من كريمة الحاج حسين الصولي من وجهاء الإسماعيلية أنجب خمس بنات هن:

سناء ووفاء ورجاء وهالة وابنا واحدا هو أحمد سيف الإسلام الذى كان في الرابعة عشر من عمره عند مصرع أبيه وكانت صغرى بناته استشهاد جنينا فى بطن أمها يوم وفى أبيها!

فى المدرسة الابتدائية رأس جمعية السلوك الاجتماعي وأنشأ مع زملائه " جمعية منع المحرمات" التى يبعث أعضاؤها برسائل لمن يرتكبون منكرا

وكان العمل السرى بعد ذلك أحد وسائله فى الدعوة اشترك فى التشكيلات الإسلامية وعمره 12 سنة.وبدأ يكتب مذكراته وهو صبى. ويشترك فى المظاهرات السياسة وعمره 13 سنة.

ويلتحق فى سن الرابعة عشرة بمدرسة المعلمين الأولية بدمنهور فيدرس الفقه الإسلامي ويحفظ 18 ألف ببيت من الشعر.

يقرأ كتب الغزالى ويتأمل فلسفته ثم يشترك أثناء الدراسة فى " الجمعية الحصافية الخيرية " فيتعلم شئون الجمعيات ووسائل تنظيمها وعرف أن قيام هذه الجمعيات فى المدارس يترك أثرا ضخما فى نفوس الشباب!

قال:

كم سهرنا الليالى ندرس حال أمة الإسلام

وعندما يسمع بروفة محمد فريد وهو طالب فى هذه المدرسة يؤلف قصيدة يقول فيها:

أفريد نم بالأمن والأمان

أفريد لا تجزع على الأوطان

وينتقل إلى القاهرة فى مدرسة دار العلوم بحفظ القرآن والسنة النبوية والسيرة المحمدية وديوان المتنبى ويكتب فى آخر موضوع للإنشاء المدرسة " بعد قومى عن مقاصد دينهم ومرامى كتابهم والتبس عليهم الدين الصحيح"!

كان أول دفعته فى جميع مراحل التعليم تخرج فى دار العلوم وعمره 21 سنة.وقد تردد بعد نجاحه, بين أمرين: أن يعمل مدرسا أو يتقدم لبعثة فى الخارج.

حسم القدر الأمر فإن دار العلوم لم ترشح أحد للبعثة فى تلك السنة فبقى فى مصر يعمل , كما قال فى موضوع الإنشاء" على تصحيح الأوضاع ليغرس فى النفوس أن الإسلام دين ودنيا"

قال " هذا الكتاب يخشاه المستعمرون لأنه ليس آيات تقرأ فى الصلاة وترددها الشفاه, وإنما كتاب تشريع وقيادة وحكم وإمامة".

ويكون هذا كله زاده لدينى, أما زاده السياسى فكان عريضا أيضا.جفلت الفترة من عام 1906 حتى عام 1928 بالأحداث السياسة دنشواى. شق الفلاحين المصريين, وجلدهم بالسياط أمام أهلهم فى قلب القرية...

أزمة طابا بين الإنجليز والأتراك والاختلاف بينهما على حدود مصر.. خلع الخديو عباس حلمى الثانى... الحرب العالمية الأولي ثم ثورة 1919 التى اشترك فى مظاهراتها وإضراباتها وعمره 13 سنة وأثناءها كان تلميذا بالاعدادية فى مدرسة المحمودية.ز

الاستقلال والدستور واغتيال السردار البريطانى السير لى ستاك ووفاة سعد زغلول..... والأزمات العاتية التى عاشتها مصر!

وكان يكفى البنا أثناء دراسته بدار العلوم أن يمضى مسافة قصيرة للوصول إلى الأزهر أو سير فى ثلاثة شوارع ليدور حول دار المندوب السامى البريطانى بحديقته الواسعة شاطىء النيل. وقصر عابدين حيث يقيم الملك فؤاد .

والبرلمان الذى يعقد حينا, ويعطله الملك فؤاد حينا آخر!

بعد وفاة سعد بأسبوعين تقريبا انتقل البنا فى 16 من سبتمبر 1937 إلى الإسماعيلية ليكون مدرسا للغة العربية بالمدرسة الابتدائية فحمل معه حصاد الأحداث التى عاشها طفلا. وشابا وسمع عنها حكايات كثيرة استقرت فى عقله وشكلت تفكيره.

وجاءت مرحلة الإسماعيلية لتترك تأثيرها السياسى المباشر فى مستقبل الإخوان وسياستهم وعمقت فى البنا مشاعر الكراهية للنفوذ الأجنبى.

وكانت الإسماعيلية مدينة فرنسية على أرض مصرية. طغت الأسماء الأجنبية على الشوارع والمحلات التجارية,

أسلوب الحياة فرنسى وشركة قناة السويس تحتكر المرافق العامة وتنكر على المصرى حق الحياة الكريمة وتحمى قوات الجيش البريطانى هذه الأوضاع كلها!

ويجد البنا فى ذلك كله إهانة للكبرياء الوطنية.

ولكنه يقبل من شركة قناة السويس 500 جنيه تبرعا للمساهمة فى إنشاء مسجد قائلا: هذا مالنا لا مال لخواجات. والقناة قناتنا. والبحر بحرنا والأرض أرضنا وهؤلاء غاصبون فى غفلة من الزمن!

بدأ دعوته الدينية فى الإسماعيلية بظروفها تلك, والتى لا تسمح بقيام أو تشجيع جمعية تريد تربية المسلمين على تعاليم الإسلام وتطالب بالإقامة دولة إسلامية حرة بدلا من أن يكون المسلمون مستعمرين ومستغلين ومستعبدين كانت الدعوة بطريقة مبتكرة... فى ثلاثة مقاه يتردد على كل منها مرتين فى الأسبوع.

وزارة ستة من عمال المعسكرات فى منطقة القتال يوم الجمعة 23 من مارس عام 1928 يهنئونه بأول أيام العيد الفطر ويعاهدونه ابتداء من ذلك اليوم على العمل للإسلام والمسلمين قد وجدوا فى الدين خلاصا من ذل الاحتلال البريطانى.

وهنا تبرز حقيقة هامة وهى أن منذ قيام حركته ظلت إحدى عينيه على الدين والأخرى على السياسة.

وربما كان ذلك هو العامل الذى دفعه, إلى أن يكون الوحيد بين مؤسسى الجمعيات الدينية الذى ظل يرتدى البدلة الإفرنجية من قماش مصرى – ويضع فوق رأسه الطربوش, وإن لم يعرف لغة أجنبية!

حار العمال الستة فى اختيار اسم يطلقونه على حركتهم فقال لهم:ألسنا مسلمين فنحن إذن " الإخوان المسلمون"

وهكذا منذ اللحظة الأولى وعمره 22 سنة يتخلص من المأزق الذى واجهته الجماعة إثر قيام [[ثورة 23 يوليو 1952|ثورة 23 يوليو]] عندما طالبت الأحزاب بإعادة قيدها وجدت أن الإخوان ليسوا حزبا

وينجو ببعد نظره من مأزق آخر!

أنشأ " فرق العمل" أى الجوالة وهى منظمة شبه عسكرية تتبع الجماعة حولها إلى جمعية الكشافة العامة..

وعندما أصدر الملك فاروق قراره عام 1937 بحل تنظيمات القمصان الزرقاء, والقمصان الخضراء التابعين لحزبى الوفد ومصر الفتاة لأنهما شبه عسكريتين لم ينطبق القرار على " فرق العمل "لأنها تتبع الكشافة!

لم تكتب صحافة مصر كلها عن ميلاد الجماعة فلم تعرف الصحافة شيئا عنها يوم ميلادها وإنما اهتمت الصحف فى اليوم التالى بتبادل أعضاء جمعية الشبان المسلمين" التهانى فى العيد!

ونشرت صحيفة " المقطم " المسائية مقالا لمحمود أبو الحسن عمدة منفلوط عنوانه " الوزارة وشئوننا الداخلية"

ولم تتوقع المقطم أن رجلا آخر من منفلوط وهو محمد حامد أبو النصر سيتولى منصب المرشد العام للإخوان بعد ستين عاما!

ولدت الجماعة والبلاد تستعد للإحتفال بعيد ميلا الملك فؤاد وكان عبد الخالق ثروت باشا قد استقال قبل أسبوع واحد من منصبه كرئيس لوزراء مصر وألف مصطفي النحاس باشا رئيس حزب الوفد أول وزارة له يوم 16 من مارس.

أما سر الاستقالة فيرجع إلى أن ثروت باشا تفاوض مع الإنجليز وانتهى أول مشروع معاهدة بين البلدين, وبعد ست سنوات من الاستقلال.

ولكن الوفد رفض مشروع المعاهدة لأنه لا يحقق مطالب مصر وكان أوستين تشمبرلين وزير خارجية بريطانيا يلوم مصر لرفض المعاهدة وصحافة القاهرة تدافع قائلة:"مصر لا تلام ومصالح البلدين كفيلة بحل الخلاف"

أما فى برلين فإن المصريين كانوا يتظاهرون ضد المعاهدة.وكان علماء مصر يتكلمون عن.. نظام الوقف!

وإذا كانت مصر لم تدرك أهمية قيام الجماعة. فإن العالم فاته ذلك أيضا كان اهتمام العالم فى تلك السنة بتوقيع ايطاليا معاهدة الصداقة مع أثيوبيا وإعلان زوغو ملكا على البانيا والخطة الخمسية الأولى فى الاتحاد السوفيتى واختيار شيانج كاى رئيسا للصين وهربرت هوفر رئيسا للويلات المتحدة واغتيال أوبريجون رئيس المكسيك ووفاة حسين رشدى رئيس وزراء مصر أثناء الحرب العالمية الأولي!

انتشرت الجماعة فى الإسماعيلية والمناطق المجاروة بجهده وحده ومنحه عمله كمدرس القدرة والتجربة فى السيطرة على الشباب.

كان يلجأ للمحضرات والمنشورات والخطابة فى المساجد مؤمنا بأنه لابد من الحصول على أكبر قدر من المساندة من الطلبة والفلاحين والعمال ,

وأن العقيد الإسلامية التى تقدم بطريقة ليست هيابة أو مهادنة قوة قادرة على اجتذاب سكان مصر.

لم يضع حاجزا بينه وبين الناس ... أبدا.

وكان يؤمن بأن الزمن معه ومع الجماعة

قال لصديق:

نحتاج لأجيال ثلاثة لتنفيذ خططنا

الجيل الثانى يحارب يقصد جيل التنفيذ والجيل الثالث ينتصر .. يعنى الذى يقطف ويجنى الثمار وبحماس لا يهدأ بدأ إعداد الجيل الأول .. المستمع.

خلال عامين كان قد أنشأ شعبا للجماعة حول الإسماعيلية وبور سعيد و... العريش

وارتفع عدد الشعب إلى عشرة خلال أربعة أعوام من تأسيس الجماعة , ,لم ينس المرأة فأنشأ مدرسة الإسماعيلية لتأهيل الأخوات المسلمات. وحرص من البداية .

على الإدارة المركزية فجعل كل الشعب تتبع المقر الرئيسى فى الإسماعيلية وطاف , بكل الشعب واختار قادتها بنفسه

ويكتشف البنا] أنه حان الوقت لطفرة فيطلب الانتقال إلى القاهرة فى أكثر عام 1932 فينقل مدرسا بمدرسة عباس بالسبتية.وينتقل معه إلى القاهرة المركز العام للجماعة!

ويصدر فى العام التالى مجلة أسبوعية باسم " الإخوان المسلمين" وينطلق نشاط الإخوان فى العامين التاليين فى الدعوة الدينية.

وينشىء 50 شعبة فى هدوء وحذر دون إثارة السلطات داخل مصر ويلحق بمعظمها مراكز لتحفيظ القرآن ومدارس ومستوصفات صحية فى كتاب " الطريق إلى السويس" قال : ارسكين تشيلدرز أن البنا دأب منذ عام 1934 على تأسيس فروع للجماعة خارج مصر.

وقال الباحث الأمريكى ريتشارد ميتشيل فى رسالة دكتوراه عن الإخوان المسلمين إن دارهم صارت منتجعا لكل الحركات الإسلامية.. فى العالم الإسلامى.

وهكذا امتدت شعب الإخوان إلى السودان وسوريا ولبنان وفلسطين وشمال أفريقيا.

ويقول الصحفى الألمانى ولهم ديتل:" كان للإخوان أعضاء فى جنيف قبل الحرب العالمية الثانية".

قال إسحاق موسى الحسينى فى كتابه " الإخوان المسلمون كبرى الحركات الإسلامية" إن الإخوان حركة فى شخص البنا] تمددت واتسعت بالأعضاء والمريدين.

يزور الشيخ البنا] المقر الرئيس بالقاهرة صباحا ليترك تعليمات بنظام العمل اليومى ويتجه إلى مدرسة عباس بالسبتية يؤدى عمله كمدرس وبعد عودته من المدرسة يتوقف فى المركز ثم يعود إليه مرة ثالثة فى المساء.

كانت فى مصر فى ذلك الحين 120 جمعية دينية

وكان تشكيل هذه الجمعيات . فى بعض الأحيان عملية تجارية لجمع التبرعات لحساب مؤسسيها ووجد موظف شكل 12 جمعية.

ولكن جماعة الإخوان دون غيرها كانت تستحق الفخر بها كما قال " هيوراث دان" رجل المخابرات البريطانية فى مصر الذى يجيد اللغة العربية واسلم وأصبح اسمه جمال الدين هيوراث دان وتزوج مصرية مسلمية فى بحث قدمه سرا للإنجليز ثم نشره بعد ذلك كتابا ولكن بأسلوب مختلف . قال:

" تتمتع الجماعة بشعبية تفوق ما كان يتمتع به الوفد عند نشأته وفى عصره الذهبى خاصة ذا أخذنا فى الاعتبار الموارد المتاحة للجماعة.

ويرجع ذلك إلى البنا فهو رجل تنظيم على درجة عالية من الكفاءة يصوغ تعاليمه الدينية بطريقة بارعة تمكنه من جذب خيرة شباب البلد إليه , ومجموعه أخرى من أصحاب المناصب والمكانة الطيبة.

وهو يتوجه إلى المشاعر الدينية ويستخدم التنويم المغناطيسى العميق خلال خطبه وأحاديثه"!

لم يتوقف الاتهامات عن ملاحقة الشيخ البنا] منذ بدأ دعوته اتهم وهو مدرس فى الإسماعيلية بأنه شيوعى ووفدى وجمهورى ضد الملك فؤاد فحقق معه وثبتت براءته.

قالت المفوضية الأمريكية

" خطورة الإخوان تكمن فى المبادىء المعتصبة التى تعتنقها وطبقا لما يقوله الإخوان مادامت مصر دولة إسلامية فيجب أن تحكم بقانون القرآن"

وقالت السفارة البريطانية

" الهدف المعلن للجماعة إقامة حكومة ومؤسسات مصرية على أساس المبادئ القرآنية الأصيلة ونبذ الثقافة الغربية التى تعتبرها الجماعة.

مسئولية عما أصاب المجتمع المصرى من انهيار الأخلاق وانحلال السلوك وفساد القيم منذ جلبت على الشعب ما يعانيه من تعاسة وفقر.

ومهمة الجماعة إقامة تنظيم قوى لديه مشاعر العداء للأجانب ووجه الإنجليز إلى الشيخ البنا] اتهامات ... متناقضة... كثيرة

قال تقرير لسارة البريطانية

تلقت جماعة الإخوان مشاهدة من دول المحور ألمانيا وايطاليا بين عامى 1934و 1939 مما حدا بالبنا أن يصبح من العناصر النشيطة المعادية لبريطانيا وأثناء الحرب العالمية الثانية عندما كانت الهزائم تحيط بالإنجليز فى كل مبادين القتال قالت المخابرات البريطانية:

" يبدو أن البنا تقلى تبرعات من السفير الأفغانى. ومن المفوضية الإيرانية.. وهناك ادعاءات بأنه تلقى أموالا من أعضاء بالمفوضية اليابانية"!!

واتهمه كثير من الكتاب بأن جماعته نازية فاشية

وقارنه البعض بهتار وموسولينى!

وقالت السفارة البريطانية إنه درس تلك المؤسسات واستخدما كنموذج تحتذى به حركة الإخوان.

وفى دراسة للضباط الكندى ج.ب هاردى قدمها فى تقرير سرى لوزارة الحربية البريطانية قال:"هذه المقارنة عن مؤسس وقديس الإخوان لا يمكن التسليم بها إلا من وجه نظر سطحية.

تحمل منظمة الإخوان شبه محدد مع الحركتين النازية والفاشية وخاصة فى تعاليمها الداعية إلى الطاعة المطلقة وغير المشروطة للمؤسس. وفى الشكل شبه السرى للتنظيم, والإستعداد الوسائل العنيفة لتحقيق الأهداف.

ولكن إلى هنا ينتهى التشابه

الإخوان حركة دينية صريحة برنامج إصلاحى يشكل غاية فى ذاته بينما النازية والفاشية يناهضان الدين بصورة سافرة.

وكان هدف هتلر الأول كسب السلطة لنفسه قبل تحقيق منفعة للأمة وحتى آخر أيام البنا ظل رجلا مقتصدا متواضعا على نقيض التفاخر والعظمة لدى ديكتاتورى ألمانيا وإيطاليا.

والسلطة التى تمتع بها البنا لم تغره أبدا بعزل نفسه عن الناس كما حدث فى حالة هتلر وموسولينى. ويبدو أن البنا لم يعان أبدا من أوهام العظمة التى أصابت الديكتاتور الألمانى والديكتاتور الإيطالى.

وهناك شك هائل حتى بين الكتاب المصريين فى أن البنا رجل طموح يريد إعلان نفسه خليفة للمسلمين

وليس هناك دليل من حياة البنا] يشير إلى أنه سعى إلى هذا المنصب لنفسه وربما يكون قد قبله لو أن الموضوع أثير اعتقادا منه بأنه ذلك لصالح الإسلام بوجه عام ومصر بوجه خاص

ويمكن تبرئته من الطموح الشخصى فى المجال الدينى أو السياسى وقد مارس الإشراف الشخصى والمباشر على تنظيم الإخوان كله وربما فعل ذلك لضمان الفاعلية وبدافع الاهتمام الشخصى لا بدافع الطموح الشخصى"

كان تركيز البنا] فى الدعوة عند بدايتها يدور حول مسئولية الإنسان المسلم فى إصلاح معتقداته الشخصية وتنظيم حياته حول محور إسلامى وكانت أهدافه دينية ثقافية بحتة

كتب عام 1933 إلى الملك فؤاد يطلب إخضاع البعثات التبشيرية لرقابة الدولة.

ويشكل بعد عامين. وفدا من الأعيان يطلب إلى شيخ الجامع الأزهر ورئيس الديوان الملكى ووزير المعارف جعل الدين مادة إسلامية فى برامج التعليم.

وعند وفاة صاحب الجلالة قالت مجلة الإخوان بعنوان " مات الملك يحيا الملك":

" مصر تفتقد اليوم بدرها فى الليلة الظلماء. ولا نجد النور الذى اعتادت أن نجد الهدى على سناه. من للفلاح والعامل. ومن للفقير يروى غلته ويشفى علته, ومن للدين الحنيف يرد عنه البدع ومن للإسلام يعز شوكته ويعلى كلمته. ومن للشرق العربى يؤسس وحدته ويرفع رايته؟".

ويعلن فاروق ملكا على مصر عام 1936 فيستقبله الإخوان فى محطات السكة الحديد على طول الطريق بيت القاهرة والإسكندرية ويهتف والتهم فى قصر عابدين قائلين:

-نهيك بيعتنا وأولادنا.

ولا يقتصر الهتاف على تلك الكلمات . بل يحددون شروط البيعة قائلين:

- على كتاب الله وسنة رسوله.

- فقد رغبوا فى الحصول من صاحب الجلالة الشاب على تأييده لدعوتهم.

- فسر المرشد العام الشيخ عمر التلمساني موقفهم من فاروق بأنهم كانوا يأملون من ورائه أن يصلح به أحوال البلاد.

- ولذلك رحبت صحيفتهم بفاروق بأنه " أسوة حسنة" , " فخر الشباب" و" حامى المصحف" و" أمير المؤمنين"وحامى حمى الدين"!

- وشهد فاروق إحتفالا بعيد الهجرة قالت مجلة الإخوان إنه " أعاد صورة سالفة صورة الرسول الكريم حينما طلع على أنصاره طلوع البدر"!

- ويكتفى المرشد العام فى تلك السنة -1936- بكتابة رسائل إلى الملك فاروق وإلى ملوك وزعماء الدول الإسلامية لإتباع منهج الإسلام وقوانينه وحضارته قائلا:" لم يبق إلا أن تمتد يد قوية . يظللها الله. وتحقق على رأسها آيات القرآن فإذا بالدنيا مسلمة هانئة , وإذا بالعوالم كلها هاتفة.

- - الحمد لله"

- ويؤكد لفاروق فى رسالة أخرى حتمية الحكم بالإسلام

وفى رسالته إلى أحمد خشبة باشا وزير العدل أكد مطلب الحكم بالإسلام قائلا:" صدور الأمة محرجة أشد الحرج لشعورها بأنها تحكم بغير كتاب الله وقانونه وشريعته"

وعندما يدعو الفريق إبراهيم عطا الله باشا رئيس أركان حرب الجيش المرشد العام لحضور الاحتفال بعيد جلوس صاحب الجلالة يعتذر المرشد العام عن عدم الحضور قائلا:

كنت أتمنى أن يكون الاحتفال بعرض عسكرى لا بحفل غنائى ساهر!

كل الجماعات الدينية فى مصر اقتصرت على الدين . ولكن جماعة الإخوان وحدها اشتغلت بالسياسة حتى غطت الطبيعة السياسية للجماعة على نشاطها الدينى.

وتعددت الآراء بين الكتاب العرب حول ما إذا كانت الجماعة قد شكلت أصلا وهى تستهدف أن تكون قوة سياسية لها وزنها.

فى رأى الضابط الكندى " هاردى" قال :

" عند بحث جميع الحقائق نجد أن هذه الفكرة لم تكن موجودة ألاكان الإخوان من الناحية العددية قوة تمكنهم من تقديم برنامج عام على أسس سياسية, قبل عام 1936 بوقت طويل ولكنهم تجنبوا هذه المخاطرة " وتفسر ذلك مذكرات الشيخ أحمد حسن الباقوري وزير الأوقاف المصرى الأسبق وكان من قيادات الإخوان. قال:

"حرص الأستاذ البنا] على أن يظهر الإخوان المسلمون بمظهر الدراويش الذين يتمتعون على تلاوة المأثورات. وكان أمله فى ذلك أن يصرف اهتمام العالم الغربى عن الإخوان المسلمين باعتبارهم هيئة سياسية يخشونها على نفوذهم فى الاستذلال والإستغلال"!

وفى أول مكتب للإرشاد العام الذى يدير شئون الجماعة كان نصف الأعضاء من علماء الأزهر!

رحب الأزهر بالجماعة. وساعد الشيخ محمد مصطفى المراغى شيخ الأزهر أعضاءها باعتبارهم دعاة للإسلام ومفسرين لتعاليمه وسمح لهم بالدعوة فى المساجد فكانوا يدعون للجماعة بعد الصلاة مباشرة.ونجح الشيخ البنا] فى اختيار الدعاة وتدريبهم.

وكان أغلبهم من الشباب ومن الفقراء وكان المرشد العام قدوة لهم فهو واحد منهم ولا يختلف أبدا عن الذين يوجه إليهم دعوته.

منذ بدأت جماعة الإخوان عام 1928 حتى مصرع الشيخ البنا] عام 1949 واجه 12 رئيسا للوزارة هم مصطفي النحاس ومحمد محمود وعدلى يكن وإسماعيل صدقى وعبد الفتاح يحيى وتوفيق نسيم وعلى ماهر وحسن صبرى وحسين سرى وأحمد ماهر ومحمود فهمى النقراشى وإبراهيم عبد الهادى.

وكانت له مع بعض هؤلاء تحالفات وصدامات فرضتها طبيعة العمل السياسى.

وواجه الشيخ البنا] أربعة من المندوبين السامين والسفراء البريطانيين وهم اللورد جورج لويد والسير بيرسى لورين واللورد كيلرن والسير رونالد كامبل ولم يعرف الإخوان , أو شعب مصر ماذا جرى بشأنهم أو ماذا كان يقال عنهم بين رؤساء وزارات مصر سفراء بريطانيا والولايات المتحدة فى مصر أو بين هؤلاء جميعا وصاحب الجلالة ملك مصر.

وهذا الكتاب يقدم ذلك كله بوثائق تذاع لأول مرة عن الجماعة وعن المرشد العام الذى توقف أتباعه عن مقارنته بالأئمة الآخرين. واكتفوا بأن أطلقوا عليه لقب الإمام".

صدام..... واعتقال

دخل الشيخ البنا] الميدان السياسى بالتدريج

وخلال السنوات العشر الأولى . أى منذ عام 1928 كان يؤسس جيل التكوين.

أفاد من فشل الأنظمة السياسية والفوراق الضخمة بين الحكام والحكومين وظل يحرص على نشر دعوته فحسب يتحسن مكانه بين الجماعات والأحزاب والقصر. ويعبر بين الحين والحين عن موقف سياسى.

بعث برسائل إلى رؤساء الوزارات يدعوهم إلى الإصلاح الاجتماعى الشامل على هدى الإسلام.

وتضمنت الرسائل تهديدا مقنعا يحمل معنى بأن الإخوان يشكلون قوة على أرض الواقع ومن الأفضل أن تلتفت الحكومات إلى ما يقولونه.

ولكنه فى كل الأحوال حرص على أن يكون الدين طابع دعوته وأن يؤكد أن الجماعة حركة تجديد إسلامى فى القرن العشرين هدفها الحكم بالإسلام لا " نظام شامل يتناول مظاهر الحياة جميعا. فهو دولة ووطن. أو حكومة وأمة وهو خلق وقوة.

وهو رحمة وعدالة. وثقافة وقانون. أو علم وقضاء . ومادة وثروة . وجهاد ودعوة. أو جيش وفكرة. كما هو عقيدة صادقة وعبادة"

وتجنب خلال تلك السنين الصراع العنيف بين الأحزاب من ناحية وبينهما وبين الملك وانجليز من ناحية أخرى

وبعد عامين من وفاة الملك فؤاد وجد أن الوفد لم يستطع ملء الفراغ الذى نشأ عن اختفاء شخصية الملك فؤاد الطاغية كما أن الوفد بدأ يضعف فقال رجالهم فى طنطا بإعداد جيش للترحيب بروميل وتجهيز عناصر موالية للمحور ومعادية للحلفاء.

حل النحاس مجلس النواب بعد 3 أيام من توليه رئاسة الوزارة فقرر الإخوان دخول المعركة الانتخابية التى قاطعتها الأحزاب الأخرى. وبلغ عدد مرشحى الجماعة 17 مرشحا.

قال البنا وهو يرشح نفسه عن دائرة الإسماعيلية: إن الترشيح يتم فى ظل الإسلام وتحت راية القرآن.

'وتركزت دعاية البنا] على ضرورة تطبيق الشريعة الإسلامية وتحاشى الإخوان مهاجمة بريطانيا علنا ولكن استمرت الدعاية السرية ضد الإنجليز.

اعترض بعض الإخوان الذين يريدون قصر نشاط الجماعة على الدين على دخول زعيم الإخوان معترك السياسة بشكل رسمى.

وكانت التعليمات للإخوان كما تقول تقارير المخابرات البريطانية أن يصوتوا لصالح المسلمين الصالحين فى أية دائرة, أو لصالح مرشحى حزب العمال الذى أسسه النبيل عباس حليم ويدعمه القصر!

وجاء فى مقال نشرته إحدى الصحف أن البنا سيكون زعيم المعارضة فى البرلمان!

كان النحاس يعتقد أن الإخوان جمعية دينية فقد ذكر أحمد حسين زعيم مصر الفتاة للنحاس قائلا:

- الشيخ البنا رجل لا أكثر

- دعا رئيس الوزراء المرشد العام للاجتماع به فى منتصف مارس بفندق " مينا هاوس " فقناعه بسحب الترشيح.

ويسافر النحاس عام 1937 إلى " مونتريه" لبحث إلغاء الامتيازات الأجنبية فيقدم إليه البنا مذكرة يطلب فيها أن يختار التشريع الإسلامى دستورا للأمة.

ويخطب النحاس بعد عودته من سويسرا فيقول:

" تطالب جماعة لا وزن لها. ولا قيمة بأن يكون القرآن دستورا للأمة.. والإسلام عالى الجنبات ليس فى حاجة إلى هذه الصيحات".

رد الإخوان

" يا رفعة الباشا. قلتم إن الجماعة لا وزن لها ولا قيمة .. وهذا أمر متروك للزمن يقول فيه كلمته".. ويقيل الملك حكومة النحاس فى 31 من يوليه عام 1937 وتنشأ أزمة ثانية بين الوفد والجماعة.

حملت صحيفة " المصرى" الناطقة باسم الوفد فى يوليو 38 – على طلاب الإخوان.

وكررت الصحيفة هجومها أكثر من مرة.

ردت "مجلة النذير " بعنف قالت

"وراء سطور الجريدة مؤامرة ضد الإسلام لأن المسيطر عليها هو الوفد وقد منع النحاس الصلاة فى الأزهر.. ورجال الوفد دعاة فساد يغررون بالشباب والطلبة... ومعسكرات الوفد أماكن تجمع للقوادين والنشالين والمجرمين وأرباب السوابق"!

ويجىء ذلك الزمان الذى تنبأ به الإخوان, فيعرف النحاس قيمتهم وقدرهم عندما يتولى رئاسة الوزارة فى أعقاب حادث 4 من فبراير 1942!

استنكر الإخوان حصار قصر عابدين بالدبابات البريطانية فاتهم بعض .جماعة لها .... وزن.

اللقاء الأول بين مصطفي النحاس باشا رئيس وزراء مصر والشيخ البنا ثم عام 1936 عندما كان النحاس باشا يرأس الوزارة

يومها كان الشيخ ضمن وفد يطالب بالتعليم الدينى فى المدارس فظن رئيس الوزراء أن المرشد العام... عمدة لقرية مصرية!

والصدام الأول بين الرجلين تم فى عهد تلك الوزارة أيضا.أشاد النحاس فى تصريح لصحيفة " الأهرام بكمال أتوتورك زعيم تركيا وقال إنه" من المعجبين بعبقريته... بلا تحفظ"!

رد المرشد العام فى صحيفة الإخوان فقال

" موقف الحكومة التركية الحديثة من الإسلام وأحكامه معروف . فقد حذفت القانون الإسلامى وحكمت بالقانون السويسرى فهل يفهم من هذا أن يكون لأمة مصر برنامج كالبرنامج " الكمالى"؟!

ويعقد النحاس مع بريطانيا معاهدة 1936 فيعارضها الإخوان ويطلقون عليها اسم " المعاهدة المشئومة".

ويهاجم البنا معظم وزراء النحاس..

انتقد وزير الخارجية لأنه أقام حفلا للبعثة الإيرانية لما فيه من خمر ورقص وعبث بأموال الفلاحين بما يخالف الدين!

.... ووزير الداخلية لأنه سافر ظهر الجمعة وترك أداء فريضتها!

... ووزير المالية لحضوره ميادين السباق والمراهنة وهى قمار صريح!

الملك فاروق مصطفي النحاس رئيسا للوزارة

ولكن الإخوان وقفوا ضد حادث 4 فبراير وقرروا دخول الانتخابات النيابية القادمة.

وتميزت الشهور التالية فى نشاط الإخوان بالهدوء المعتدل".

وتظل المخابرات تتابع الإخوان لتكتشف أنهم مستمرون فى " مخططاتهم التخريبية".. أى الاستعداد لتخريب المنشآت وخطوط المواصلات البريطانية إذا نجح الألمان فى غزو مصر.

ومن هنا تتضح الحقيقة وهى أن الإخوان هادنوا الإنجليز علنا وهاجموهم سرا لأنهم رأوا الوقت غير مناسب للصدام.

ويتقدم الألمان داخل صحراء مصر الغربية فيسحقون القوات البريطانية فى العجيلة ودرنه ويختفى الخبر فى القاهرة وتقوم مظاهرات يهتف الطلاب خلالها قائلين " إلى الإمام يا روميل".

وقيل إن هذه المظاهرات نمت بتحريض من الوفد أو الإنجليز حتى يتسنى تغيير الحكومة.ولا يشترك الإخوان فى هذه المظاهرات

وتفسر السفارة البريطانية ذلك قائلة

" يبدو أن أوامر صدرت للإخوان بالا يشتركوا فى هذه المظاهرات بصورة واضحة".وربما تقصد السفارة أن الإخوان رفضوا الإفصاح عن ميولهم الموالية للألمان إذا هتفوا لروميل!

ولكن كان واضحا أن الإخوان لم يتعاطفوا مع الناية.

وعلى أية حال فإن عمر وزارة سرى باشا انتهى باستقالته فى 4 فبراير 1942 .. عندما حاصرت الدبابات البريطانية قصر عابدين. وفرضت على فترة تقل عن شهر , ثم الإفراج عنه جعلت الإخوان على درجة كبيرة من القوة.

أصبح باستطاعتهم فرض ما يشاءون بالتهديد على حسين سرى الذى بدأ يدرك جيدا ضعف حكومته التى لا تتمتع بتأييد فى البرلمان . والتى فقدت فى الوقت نفسه تأييد الملك والإنجليز.

ويتقارب الملك والإخوان وأخذ سرى باشا يسعى لتحسين صورة الإخوان لدى السلطات البريطانية التى اكتشفت أن رئيس الوزراء يفعل ذلك بناء على تعليمات الملك!

وكان الألمان قد أشاعوا أن هتلر أسلم ونشر وسيم خالد المتهم بالاشتراك فى اغتيال أمين عثمان وزير المالية فى عهد الوفد أن اتفاقا تم بين المرشد والإنجليز للتعاون على محو أسطورة الحاج محمد هتلر فى المساجد والامتناع عن أى نشاط معاد لبريطانيا مقابل التغاضى عن نشاط الإخوان فى المدن والقرى.

وفي كتاب ميتشيل قال : إن السفارة البريطانية عرضت مساعدة على الجماعة لتحقيق أهدافها.

واختلفت المصادر فيما إذا كانت الجماعة قد قبلت أو رفضت المساعدة والدعم المالى من بريطانيا ولكن مصادر الإخوان نفت قبولها "الأموال الكفرة".

وتقارير المخابرات البريطانية تؤكد هذا النفى كما تؤكده أيضا هيوارث دان وهو رجل بحكم صلته بالمخابرات ... كان يعرف الحقيقة.

وقالت تقارير المخابرات البريطانية

" أصبح البنا أكثر حذرا فى حديثه عن الإنجليز.

تجنب الإشارات العدائية إلى بريطانيا ولكن خطباء الإخوان فى الأقاليم استمروا يهاجمون بريطانيا. قال البنا فى خطاب له أمام مؤتمر الجماعة:

" الطريق طويل ولكنه الطريق الوحيد: إنه الصبر والاحتمال والجدية والعمل الدائم. ومن يريد اختطاف الثمرة قبل نضوجها فلست منهم.

وعندما صل عددكم إلى ثلثمائه كتيبة تزودت روحيا بالإيمان وفكريا بالعلم والثقافة وجسمانيا بالتدريب عندئذ أطلبوا منى أن أطلق عقالكم"

وكان واضحا من ذلك أن جيل المستمعين لم يكتمل بعد

اقترح الإخوان على الحكومة خطة تلزم الإنجليز بالتفكير عشرات المرات قبل إقدامهم على مس الوزارة بأذى

أقنع المرشد العام عبد الرحمن عزام بأن تعلن الوزارة نفسها حكومة إسلامية فلن يجرؤ الإنجليز على المساس بهذه الحكومة وإلا كان ذلك مساسا بجميع المسلمين فى أنحاء العالم.ولكن على ماهر رفض تنفيذ الاقتراح.

وربما يكون الاقتراح لصالح على ماهر ولكن من المؤكد أنه لصالح الإخوان لأنهم بذلك يكونون قد حققوا أهم أهدافهم بإقامة حكومة إسلامية. وتغيير نظام الحكم المصرى كله. إلى حكم إسلامى وهو هدف الجماعة. ولا يمكن لحكومة مصرية. بعد ذلك . التراجع!

وعرض الإخوان على رئيس الوزراء المساهمة فى الجيش المرابط. وسكرتارية الشئون الاجتماعية أصبحت وزارة بعد ذلك وبعث البنا بمذكرة إلى على ماهر قال فيها:

" الإخوان مستعدون وما على الحكومة إلا أن تدعوهم . وتفسح لهم المجال.

لسنا نريد بذلك أن نحتكر طريق الخير ولا أن نهيمن عل وسائله ومناهجه ولسنا بذلك نريد أن نفتح أبواب عمل وارتزاق للعاطلين من الإخوان المسلمين".

" إن البنا كان فى ذلك الوقت يجمع السلاح ويشتريه ويخزيه. ولم لم يكن أقرب الناس إليه من كبار الإخوان على علم بشئ من ذلك".

حاول عزيز المصرى توحيد الإخوان ومصر الفتاة.... ولكنه فشل

وكان البنا الوسيط بين عزيز المصرى والضباط الأحرار عن طريق الدكتور إبراهيم حسن وكيل الجماعة وأنور السادات الذى أصبح بعد ذلك رئيسا لجمهورية مصر العربية!

بعد أسبوعين من تشكيل الوزارة أعلنت بريطانيا الحرب على ألمانيا فى 3 من سبتمبر 1939.

وأعلنت فرنسا واستراليا ونيوزيلندا الحرب لى ألمانيا فى نفس اليوم وتضامنت جنوب أفريقيا مع هذه الدول فأعلنت الحرب يوم 6 من سبتمبر وكندا بعد أربعة أيام.

طلب الإنجليز إلى على ماهر أن تعلن مصر الحرب على ألمانيا.

رفض على ماهر فى مذكرة بعث بها إلى السفير البريطانى. وقال فى مجلس الشيوخ إن سياسة حكومته تجنيب مصر ويلات الحرب".

وفى كتاب" الإخوان المسلمون: أحداث صنعت التاريخ " قال محمود عبد الحليم:" كان هناك تجاوب فكرى ونفسى بين الوزارة والإخوان.

كانت وزارة منطلقة بما توجيه غليها المصلحة العامة, وساعدها أنها كانت مؤيدة من الملك الذى كان فى مقتبل أيامه ولم يكن قد تلوث بعد ورغباته متوائم مع رغبات الشعب ويرى فى على ماهر المعلم الناجح القدير

وكان على ماهر يتصور أن الإنجليز لن يخاطروا بسمعتهم فيسقطوا حكومة مؤيدة من الشعب والبرلمان والملك".

قالت تقارير المخابرات البريطانية أن "الملك قدم الحماية والمعونة المالية للإخوان"

وأيد الإخوان من ناحيتهم سياسة تجنيب مصر ويلات الحرب وعدم الاشتراك فيها والاكتفاء بتقديم المساعدات التى نصت عليها معاهدة 1936 فحسب.

ويبرق السفير البريطانى اللورد كيلرن إلى لندن

" عمل على ماهر باشا بنشاط من وراء الكواليس لتأكيد سياسته الخاصة بالحركات المعادية للأجانب من خلال التنظيمات الإسلامية مثل جمعية الشبان المسلمين, وحركة مصر الفتاة وجماعة الإخوان المسلمين وعدد آخر من الجمعيات الإسلامية الأقل شهرة والتى تمارس نشاطها فى الخفاء.

وأخذ على ماهر باشا يشجع نوادى وجمعيات الشباب وكان الهدف انتظام الأجيال القادمة تحت راية الملكية الوطنية المتطرفة وكراهية الأجانب والمفهوم التقليدى للإسلام فى مواجهة التيار الأكثر

ليبرالية ولحزب الوفد وللأقباط نفوذ فيه فإن مكرم عبيد باشا كان سكرتيرا عاما للوفد وكذلك فى مواجهة الاحتلال الأجنبى.

اختار على ماهر الفريق عزيز المصرى المكفتش العام للجيش المصرى رئيسا لأركان حرب هذا الجيش ومنحه رتبة الفريق . وكان على صلة وثيقة بالإخوان المسلمين ولكن السفارة البريطانية أصرت على منحه إجازة وكان عزيز المصرى مدرسا للملك فاروق عندما كان وليا للعهد

وأختير عزيز المصرى فى وزارة محمد محمود باشا عام 1938 مفتشا عاما للجيش المصرى ولكنه منع من ممارسة مهام وظيفته.

ويلتقى أنور السادات بعزيز المصرى عن طريق المرشد العام للإخوان الشيخ البنا مما يدل على الصلة بين عزيز المصرى والإخوان

وفى مذكرات أنور السادات التى كتبها بعنوان " صفحات مجهولة " قال....

رفعوا إلى احتجاجا عنيفا ذكروا فيه أن الإخوان ليسوا هتافين . وإنهم لم يهتفوا لأشخاص . وإنما يذكرون الله وحده.

طيبت خاطرهم بأن هذه تحية المسافر وأننا لا نحيى شخصا . ولكن نحيى عمله لفلسطين فاحتسبوها عند الله فى سبيل فلسطين".

كان الإخوان خلال الثلاثينات كما يقول الشيخ التلمسانى قد كونوا أرضية واسعة ومترامية عبر أقاليم ومديريات القطر المصرى كما استطاع المرشد العام أن يضع النظام الفكرى والتنظيمى للحركة وحدد تعريف الإخوان وعلاقتهم بالجماعات الإسلامية والأحزاب الأخرى.

وكان الإخوان على صلة غير مباشرة بعلى ماهر. كما تقول المخابرات البريطانية والأرجح أن هذه الاتصالات نمت عن طريق أحمد السكرى وكيل الجماعة.

رحب الإخوان بالوزارة الجديدة وكتب صالح عشماوى فى "مجلة النذير " يقول :

" تحيط بعلى ماهر هالة كبيرة من الدعاية الطيبة. وتسبقه آمال حلو, وأمان عذبة فى الإصلاح والإنقاذ. والمفروض . فى المسلم, أن يحسن النية بأخيه وليس ما يمنعنا من أن نحسن النية بعلى ماهر ووزرائه"

كان على ماهر خصما للوفد

ولم يكن عضوا فى الحزب السعدى أو الحزب الأحرار المسلمين, وأيده فى ذلك صالح حرب وعبد الرحمن عزام وعزيز المصرى,وقيل هؤلاء جميعا الملك فاروق الذى كان يميل للألمان ويعادى الوفد والإنجليز ويرى أن تجمعات الإخوان يمكن استغلالها فى معارضيه الوفد!

وتكتب المخابرات البريطانية تقريرا تقول فيه" بلغ عدد شعب الإخوان فى مصر نحو 500 شعبة.

ويرجع انتشارها السريع إلى أسباب منها فشل السياسيين الفاسدين فى مصر فى كبح جماح القلاقل الاجتماعية فمكن ذلك من يدعو لاتخاذ الإسلام منهجا من جذب أتباع من البيئة المضطهدة

وأصبح الإخوان بعد رعاية على ماهر لهم يتمتعون بدرجة ما من الاكتفاء الذاتى"

... وتقصد المخابرات بذلك التمويل المالى من على ماهر والقصر للإخوان! اعترض بعض الإخوان على التقارب بين المرشد العام والوزارة وطالبوا بقطع كل اتصال بين الجماعى ورئيس الوزراء.

وكان بعض المعارضين ينتمون إلى الوفد والبعض الآخر يريد استقلال الجماعة. ولكن المرشد العام رفض ذلك.

أعلنت ايطاليا الحرب يوم 10 من يونيه 1940 وطلبت بريطانيا من على ماهر مرة أخرى إعلان الحرب فرفض على ماهر قائلا إن مصر لن تدخل الحرب إلا إذا هوجمت المدن المصرية أو مواقع الجيش المصرى.

ويصرح رئيس الوزراء فى جلسة سرية للبرلمان بأن السياسة المصرية لن تتغير.

رحب المرشد العام بقرار على ماهر وقال:إعلان الحرب على إيطاليا شر متسطير

سأل " هيوارث دان" المرشد العام عن شعور المصريين تجاه الإنجليز أجاب البنا:

- المصريون يبغضون الإنجليز كالألمان والإيطاليين فالإنجليز لا يحترمون وعدا , ولا عهدا. ودخول مصر الحرب إلى جانب انجلترا يجعل مصر تبحث عن حقها.

- ويقطع على ماهر العلاقات السياسية مع ايطاليا. ولكن السفير البريطانى يهاجم فى أحاديث الخاصة على ماهر والوزارة وصاحب الجلالة قائلا:

- -فاروق ألماني الهوى يسر لانتصارات النازية, ولهزائم بريطانيا.

- وفى 17 من يونيه عام 1940 قدم السفير البريطانى إنذارا لفاروق يطلب تشكيل حكومة صديقة لبريطانيا..

- ويستقبل على ماهر يوم 23 من يونيه.. وكانت أول وزارة ساندت الإخوان فى عملهم السياسى.

- ويقبل فاروق فى 27 من يونيه استقالة الوزارة التى لم تعمر سوى عدم شهور وسبعة أيام!

وتسند رئاسة الوزارة إلى حسن صبرى باشا فى اليوم نفسه ولكن هذه الوزارة لا تعمر سوى 139 يوما فقد توفى حسن صبرى يوم 4 من نوفمبر 1940 وهى يلقى خطاب العرش داخل البرلمان . ولم تتح له أو للإخوان فرصة الاتفاق أو الخلاف.ويتولى رئاسة الوزارة حسين سرى باشا فى اليوم التالى.

كان على باشا ماهر عدوا للإنجليز فى تلك الفترة وحسين سرى باشا هو صديق للإنجليز فى كل فترة وقد طلبوا إليه الحد من النشاط السياسى لعلى ماهر ومن هنا تعقب رئيس الوزراء على ماهر ورجاله فأعد مشروع قانون يحرم على الجمعيات الخيرية العمل السياسى. وكان الإخوان المسلمون الهدف الأول لهذا التشريع.

رد البنا فكتب مقالا انتقد غيه حكومة سرى باشا لانحرافها عن مبادئ الإسلام.

وكان هذا المقال أكثر مما يحتمل رئيس الوزراء"

كما يقول تقرير السفارة البريطانية"ز فهو مهندس مثقف ثقافة غربية ويتمتع بشخصية قويه!.

فى مذاكرات الدكتور محمد حسين هيكل باشا وزير المعارف فى وزارة حسين سرى التى تولت الحكم فى 15 نوفمبر سنة 1940 قال " إن السلطات البريطانية أبغلت حسين سرى ان البنا يعمل فى أوساط الإخوان لحساب إيطاليا.

وطلبت هذه السلطات إلى رئيس الوزراء العمل على الحد من نشاطه" رأى رئيس الوزراء أن نقل البنا] إلى بلد ناء بالصعيد يحد من نشاطه فطلب نقل المرشد العام إلى قنا.

لم يجد هيكل باشا بأسا من إجابة طلب رئيس الوزراء فنقل مدرس فى مدرسة ابتدائية ليس أمرا ذا بال. إذ يقع مثله خلال العام الدراسى فى كل سنة ولا يترتب عليه أثر.

نقل البنا إلى قنا ونقل أحمد السكرى وكيل الجماعة إلى دمياط وصدر القرار بتنفيذ النقل فورا.

ويضيف الإخوان سببا آخر شجع الدكتور هيكل على الإسراع بنقل المرشد العام فقد انتقدت مجلة الإخوان كتاب " حياة محمد " الذى ألفه الدكتور هيكل!

وقال المرشد العام فى أحاديث " إن الدكتور هيكل اقتدى فى كتابه بمؤلف فرنسى أعرض عن معجزات النبى عليه الصلاة والسلام ولم يستثن منها إلا القرآن الكريم .. مع أن المعجزات ثابتة بصحيح السنة".

كان البنا يحاضر فى المركز العام للإخوان مساء الخميس عن "نظرة الإسلام للمرأة" عندما تقدم إيه أحد الأعضاء بورقة مكتوبة فلما قرأها اعتذر عن المحاضرة وخرج.

وبعد فترة وقف الشيخ عبد العزيز عبد الستار ليقول بأنه صدر أمر عسكرى بنقل الأستاذ البنا] إلى قنا!

اجتمع مكتب الإرشاد ورأى معظم الأعضاء تحدى القرار والامتناع عن تنفيذ النقل وأن يستقيل المرشد العام حتى لا يكون لأحد سلطان عليه .

ولكن المرشد العام , فى ظل الحرب والأحكام العرفية وتقهقر الإنجليز أمام الزحف الألمانى فى أوربا وشمال أفريقيا . وجد أن الإنجليز لن يتراجعوا أمامه . ورأى أن مرحلة المواجهة لم تأت بعد ولا يحسن التعجيل بها.

قال للأعضاء :

أمر الاستقالة سهل لا يتطلب سوى ورقة وقلم ولكن هل سيقف الأمر عند الاستقالة . إن أمرا عسكريا سيصدر باعتقالى فى الحال فالأحكام العسكرية مفروضة على البلاد والعباد.والنقل أيسر الأضرار, وأنفع للدعوة من الاعتقال . وهى فرصة تعطى للصعيد حقه فى نشر الدعوة.

وحتى يبدو الإخوان بمظهر سلمى وافق الشيخ على النقل.

قال السير مايلز لامبسون – اللورد كيلرن – فى البرقية 388 لحكومته :

" كانت الملامح الرئيسية لتى تميزت بها التطورات السياسية فى مصر إزدياد حدة الصراع بين رئيس الوزراء وعلى ماهر باشا. هاجم رئيس الوزراء علي ماهر فى معاقله الإدارية وشتت صنائع خصمه بالتنقلات.

وهاجم سرى باشا , على ماهر باشا فى التنظيمات الإسلامية التابعة لماهر باشا بنفيه البنا رئيس جماعة الإخوان المسلمين إلى قنا.

ويبدو أن رئيس الوزراء تصرف فى هذه المسألة بشكل فج فقد صرح بأنه اتخذ هذا الإجراء بناء على اقتراح السفير البريطانى. ولم يتعامل فى هذه المسألة يمقتضى السلطات المحولة له بوصفه حاما عسكريا".

سافر البنا إلى قنا فى أول قطار لينقل نشاط الجماعة إليها . وتكون مناسبة لتثبيت مواقعه ونشر تنظيماته فى صعيد مصر.

ويستهل نشاطه بعقد مؤتمر للمسلمين والمسيحيين.

فى هذا المؤتمر بين المرشد العام أهمية الحكم بالشريعة الإسلامية وبدد مخاوف الأقباط من لدعوة للحكم بالقرآن الكريم قائلا:

فى ظل الشريعة الإسلامية عاش المسلمون والمسيحيون فى وئام ليس له مثيل.

وقال:

-الإسلام لا يعرف معنى الديمقراطية التى يحدد مدللوها الناس حسبما تقضى مصالحهم والإسلام لا يعرف المتغيرات بل هو شريعة العدل لا تتغير ولا تتبدل تبعا للمصالح والأهواء. لم يكن البنا مدرسا عاديا يسرى عليه ما يسرى على مدرسى التعليم الابتدائى من قرارات فينقل إلى قنا, المدينة التى اعتادت الحكومات المصرية المتعاقبة أن تنقل إليها الموظفين المشاغبين للتكفير عن أخطائهم أو عقابا لهم!

ترك البنا] لأنصار الإخوان أو لمن يريدون استمالة الإخوان إليهم, أن يتحركوا لعادته إلى القاهرة

وتحرك أول من تحرك أعضاء حزب الأحرار الدستورين الذين ينتمى إليهم هيكل باشا فقدم أحد نوابهم سؤالا إلى سرى باشا فى البرلمان.

برر سرى باشا. فى أحاديثه الخاصة.

قرار النقل بأن البنا] قصر فى عمله ولكن الإخوان أعدوا تقارير إدارة التفتيش بوزارة المعارف التى ترد على أقوال رئيس الوزراء و وتثبت أن البنا] كان موفقا فى عمله وحريصا عليه وزاد ضغط النواب المؤيدين للحكومة على رئيس الوزراء بعد أن ضاقوا بانتشار نفوذ الإخوان فى الوجه القبلى.

ورأوا إبعاد البنا عن صعيد مصر.

وفى مذكرات هيكل باشا وصف لهذا كله.قال هيكل باشا

أدى نقل البنا] إلى مالم يؤد إليه نقل مدرس غيره'

جاءنى غير واحد من النواب الدستوريين يخاطبنى فى إعادته إلى القاهرة ويرجونى فى ذلك بالحاح.

ولما لم أقبل هذا الرجاء هب هؤلاء النواب إلى رئيس الحزب عبد العزيز فهمى باشا وطلبوا إليه أن يخاطبني فى الأمر.وخاطبنى الرجل فذكرت له أن حسين باشا هو الذى طلب نقل الشيخ بحجة أن له نشاطا سياسيا, وأن النشاط السياسى محرم على رجال التعليم, كما أن محرم على غيرهم من الموظفين , ولا مانع عندى من إعادة الرجل إلى مدرسة المحمدية بالقاهرة.

خاطب عبد العزيز باشا رئيس الوزراء فى الأمر وذكر له إلحاح طائفة من النواب الدستوريين ذوى المكانة.

أبدى لى سرى باشا أنه لا يرى مانعا من إعادة الرجل إلى القاهرة فأعدته".

وكان من الصعب على سرى باشا أن يغضب أحد الحزبين المؤلفين فى الوزارة ويركن غلى نوابهما فى تأييد استمراره فى الحكم وخشى سرى أن يزداد ضغط النواب جسامة فأراد اتقاء ما قد يجر إليه.

وهكذا عاد البنا] إلى القاهرة فى يونيو من العام نفسه.

ويقول السفير البريطانى السير مايلز لامسون إن القصر الملكى بدأ يجد فى الإخوان أداة مفيدة . وإن الملك أصدر بنفسه أوامر لمديرى الأقاليم محافظين بعدم التدخل فى أنشطة الإخوان" الذين يعلمون بلا أطماع شخصية لرفاهية البلاد".

وقال السفير :

لاشك" أن الجماعة استفادت كثيرا من محاباة القصر لها. كما نالت التأييد المادى والمعنوى من العصبة المعادية لبريطانيا التى يرأسها على ماهر".

وعلى أية حال فن نتيجة قرار النقل والعدول عنه أفادت البنا] كما يقول هيكل باشا فإن تراجع رئيس الوزراء " أشعر الشيخ حسن بأن له من القوة ما يسمح بمضاعفة نشاطه من غير أن يخشى مغبة ذلك النشاط, وأن هذا الشعور كان له أثره فى تطوير الإخوان المسلمين.

وقوبلت عودة الشيخ البنا] للقاهرة بالحفاوة والترحيب مما يدل على الشعبية المتزايدة للجمعية ومرشدها العام.ولكن أحمد حسين زعيم مصر الفتاة لم يعجبه ذلك.

قال :" فى الوقت الذى يفصل فيه بعض الموظفين فإن البنا كموظف لم تفعل الكومة معه إلا نقله من القاهرة إلى قنا ثم ما لبث أ، أعادته مرة أخرى بعد فترة  غير طويلة فهو ينال عطف الحكومات على التوالى فضلا عن تلك الإعانات التى تقدمها الحكومة وهيئاتها للجماعة".

جاءت المواجهة الثانية بين سرى والبنا] بعد شهور

طلبت السلطات البريطانية من سرى باشا اعتقال البنا وأحمد السكرى وكيل الجماعة.

وكان السبب فى لذلك تقارير المخابرات البريطانية التى أجمعت على أن الإخوان " يقومون بدعايات مضادة للإنجليز, ويخطبون ضد الإنجليز فى اجتماعات شعبية ويجمعون معلومات عن تحركات القوات البريطانية ويجرون اتصالات مع موظفى السكك الحديدية ومع العاملين فى المستودعات والمعسكرات البريطانية".

وقالت هذه التقارير:

" هناك شكوك فى أن الإخوان يخططون للقيام بعملية تخريبية شاملة ضد المنشآت الحيوية وشبكة الاتصالات البريطانية"

ورغم أن الإنجليز لم يكونوا على يقين كامل بأن الإخوان يعدون خطط تخريبية إلا أن تقارير المخابرات سببت للسفارة قلقا كبيرا دعاها لأن تطلب من حسين سرى اعتقال البنا] وأحمد السكرى وعبد الحليم عابدين فاعتقلتهم الحكومة فى 16 من أكتوبر عام 1941 فى معتقل الزيتون بالقاهرة.

وكانت هذه أول مرة يعتقلون فيها. وتم ذلك وسط الحرب والأحكام العرفية وسيطرة الإنجليز على كل شئ فى مصر, مما لا يعطى أملا للمرشد ووكيل الجماعة فى إفراج قريب!

قال حامد جودة وزير التموين لفهمى أبو غدير المحامى وعضو الجماعة إن البنا] اعتقل بتهمة العمالة للمحور.

أوقف سرى باشا صحف الإخوان " التعارف " و"الشعاع" الأسبوعية و" المنار" الشهرية وأغلق مطبعتهم وحظر اجتماعاتهم ومنع الصحف من نشر أنباء عن الإخوان المسلمين واجتماعاتهم.

ولكن, تحرك كثيرون مرة أخرى للدفاع عن البنا] وبينهم توفيق دوس باشا مسيحى ونائب منفلوط ووزير المواصلات السابق الذى قدم استجوابا إلى مجلس النواب بشأن اعتقال البنا وانهالت العرائض والالتماسات على الملك ورئيس الوزراء تطالب بالإفراج عن الشيخ.

واعتصم الطلاب فى مسجد السلطان حسن بالقاهرة.

وفى 12 من نوفمبر ألقت الشرطة القبض على 16 طالبا كانوا يحاولون تنظيم اجتماع للاحتجاج على اعتقال زعيم الجماعة.

أصاب الرعب سرى باشا فقرر إطلاق سراح زعماء الإخوان فى اليوم التالى روى فتحي رضوان المحامى ورئيس اللجنة العليا للحزب الوطنى الذى كان مع البنا فى المعتقل . قال:

"ذات يوم. رأينا باب المعتقل يفتح وسيارة ضخمة من سيارات الوزراء تدخل إلى حديقة المعتقل.

وسمعنا أن لقادم فى السيارة محمد حامد جودة وزير التموين وسكرتير الحزب السعدى وفى وزارة حسين سرى باشا.

ورأينا البنا يدعى إلى النزول إلى مكتب مدير المعتقل حيث اختلى بالوزير الذى جاء ليفاوض المرشد العام فى المسائل التى وقع فيها الخلف بين الإخوان والحكومة.

ويبدو أن المفاوضات أثمرت الإفراج عن الأستاذ المرشد".

وهكذا صدر قرار الإفراج عن البنا] فى 13 من نوفمبر أى بعد أقل من شهر سأل الشيخ البنا] قائد المعتقل:

هل شمل قرار الإفراج كلا من أحمد السكرى وعبد الحليم عابدين وكيل الجماعة وسكرتيرها العام؟

أجاب القائد بالنفى فرفض الشيخ البنا] الخروج أو النجاة بنفسه قال:

كيف أخرج وأترك زملائى

قام القائد باتصالات كثيرة مع المسئولين ثم أعطى وعدا للشيخ باستصدار قرار الإفراج عنهما فخرج البنا آسفا.

وفى تقرير المخابرات الحربية البريطانية أن " حكومة حسين سرى اعتقال البنا ضمن آخرين ولكنها أطلقت سراحه فورا بسبب الضغوط عليها"

سأل السفير البريطانى سرى باشا عن سبب الإفراج عن البنا رغم السفير نفسه الذى أصر على الاعتقال. أجاب رئيس الوزراء:

إن افتتاح البرلمان سيجرى بعد يومين ز ولا أستطيع ضمان النظام والأمن ذلك اليوم إذا استمر اعتقال البنا وزميليه.

ولو كان الملك هو الذى تدخل للإفراج عن المرشد لعام لكان حسين سرى قد أبلغ الإنجليز أو حرص على نشر ذلك بوسائل متعددة, خاصة وأنه أفشى سر الإعتقال وأعلن أنه تم بناء على اقتراح السفير البريطانى.

قال حامد جودة لفهمى أبو غدير , إن وساطته نجحت فى الإفراج عن الشيخ لأن الاتهام يقوم على الظن والهوى.


وقالت الصحف إن السعديين اشتروا الشيخ البنا] وجماعته بالإفراج عنه وقيل إن السعديين رغبوا فى استغلال الإفراج عن المرشد العام لمصلحتهم وهكذا ألقى المسئولون جميعا تبعة الاعتقال على الإنجليز ونسبوا لأنفسهم فضل الإفراج.

إذا كان البنا] قد أفاد من نقله إلى قنا وعودته السريعة إلى القاهرة فإن اعتقال ه انفصل عنه أحمد ماهر ومحمود فهمى النقراشي – الرجلان اللذان توليا فيما بعد رئاسة الوزارة – وأحس الشيخ البنا] بأن الجماعة يجب أن تمارس دورها السياسى.

فى مايو عام 38 بدأت الجماعة اشتغالها العلنى بالسياسة مع صدور العدد الأول من مجلتها الأسبوعية " النذير" وبعد أن بلغ عدد الشعب ثلثمائة شعبة

فى هذا العدد وقع البنا مقاله باسم " البنا المدرس بوزارة المعارف العمومية والمرشد العام للإخوان المسلمين"

وفى هذا التوقيع وحده دلالة على أنه يرى أن عمله كمدرس أهم من منصب المرشد العام للإخوان!

كان عنوان المقال" خطوتنا الثانية إلى الأمام دائما الدعوة الخاصة بعد الدعوة العامة . أيها الإخوان تجهزوا".

فى هذا المقال البنا]" إن دعوة الإخوان بدأت منذ عشر سنين.. وكانت مصر يوم أن نبتت هذه الدعوة المجددة لا تملك من أمر نفسها قليلا ولا كثيرا يحكمها الغاضبون".

" أصبح للإخوان دار فى كل مكان ودعوة على كل لسان, وأكثر من ثلثمائه شعبة وقد حان وقت العمل وآن أوان الجد. ولم يعد هناك مجال للإبطاء فإن الخطط توضع والمناهج تطبق وكلها لا يؤدى إلى غاية ولا ينتج ثمرة والزعماء حائرون والقادة متذبذبون متأرجحون.

ستنتقل من حيز دعوة العامة فقط إلى حيز دعوة الخاصة أيضا , ومن دعوة الكلام وحده إلى دعوة الكلام المصحوب بالنضال والأعمال وستتوجه إلى المسئولين من قادة البلد ووزرائه وحكامه وشيوخه ونوابه وهيئاته وأحزابه وسندعوهم إلى منهاجنا".

وقال:

" إلى الآن أيها الإخوان لم تخاصموا حزبا وهيئة كما أنكم لم تنضموا إليهم ولقد تقول الناس عليكم فمن إنكم وفديون نحاسيون, ومن قائل إنكم سعديون ماهريون,ومن قائل أنكم أحرار دستوريون. ومن قائل أنكم بالحزب الوطني متصلون, ومن قائل أنكم إلى مصر الفتاة تنتسبون"

إنكم من كل ذلك بريئون". وحدد برنامجه فقال"

" كان موقفكم أيها الإخوان سليبا فيما مضى أما اليوم فى هذه الخطوة الجديدة فستخاصمون هؤلاء جميعا , فى الحكم وخارجه خصومه شديدة".

ولكن الإخوان الذين أعلنوا أنهم يخاصمون الأحزاب كلها تركوا الملك فقال البنا فى ختام مقاله: " إن لنا فى جلة الملك المسلم أيده الله أملا محققا, وفى الشعب المصرى الذى صقلته الحوادث ونبهته التجارب ومعه الشعوب الإسلامية المتآخية بعقيدة الإسلام , نظرا صادقا".

ومن العدد الأول "ل[[مجلة النذير" وخلال سبعة شهور يهاجم الإخوان معاهدة 1936.

قالوا: " أنها غل فى عنق مصر. فرضت عليها قيودا ثقيلة غليظة تنوء بحملها الجبال وقبلها المفاوضون المصريون لظروف خاصة".

ودعت الجماعة إلى " عدم بناء ثكنات لقوات جيش الاحتلال والضغط على انجلترا لتعديل المعاهدة أو إعلان الجهاد"

ويهاجم صالح عشماوى الوكيل العام للجماعة فى يوليو محمد محمود باشا رئيس وزراء مصر فى مقال عنوانه" يا مصر حطمى أصنامك وطهرى ديارك للصالحين" قال فيه:

" زعماء مصر لا يملكون نفعا ولا ضرا: يستفيدون ولا يفيدون.

نحن نعبد أصناما في شكل زعماء وأصنام اليوم يمتصون دماء الأمة. ويستأثرون بخيراتها يخدعونها ويغررون بها.

هؤلاء الزعماء جميعا ومن ورائهم أحزابهم. ليس لهم إلا برنامج واحد يتلخص فى كلمة ورادة هى الحكم".

ويصف الكاتب رئيس الوزراء بأنه " قبل أن يرتدى الرياسة خلع عصبيته للإسلام وما كاد يجلس على كرسى الحكم حتى تنكر لأمال المسلمين. وفاز بثقة الإنجليز".

ويرفض الشيخ البنا] دخول الإخوان فى معركة مع خصوم الجماعة والمنشقين عليها أكثر من عشر سنوات قائلا:

" الخلاف لا يكون حائلا دون ارتباط القلوب . وتبادل الحب , والتعاون فى الخير".

بل إن تجنب المعارك والصدام ظل شعار المرشد العام سنوات طوالا وتعترف السفارة البريطانية بأنها " لم تتنبأ بأهمية الإخوان والدور الذى سيعلونه فى المستقبل".

ولكن الجماعة رغم ذلك استطاعت أن تكون فى وقت واحد حزبا سياسيا وجمعية دينية ورابطة اجتماعية وهيئة خيرية.

أما السر الكبير لنجاح الحركة فهو أنه توارى عن أنظار الإنجليز الذين يختلون مصر فلم يفطنوا إليه وإلى أهدافه زمنا طويلا.

عندما قام شباب مصر الفتاة بالهجوم على حانات الخمر فى القاهرة أعلن البنا فى " النذير" إن" الإخوان لا يوافقون على مسلك مصر الفتاة باعتبار أنه تحد للقانون".

قال تقرير للمخابرات البريطانية

" خلال السنوات الثمانى الأولى أى منذ عام 1928 حتى عام 1936 لم تخط حركة الإخوان باهتمام سلطات الأمن البريطانية"!

وكان الفضل فى ذلك للشيخ البنا]"'

تولى على ماهر رئاسة الوزارة يوم 18 من أغسطس عام 1939 فشكل وزارته من 14 وزيرا.

ضمت الوزارة 9 من المستقلين وخمسة من السعديين وامتنع حزب الأحرار الدستوريين عن الاشراك فيها.

دخل الوزارة رجلان عرفا بعدائهما الشديد للإنجليز. وهما محمد صالح حرب باشا رئيس جمعية الشبان المسلمين وزيرا للدفاع. وعبد الرحمن عزام باشا وزيرا للشئون الاجتماعية وقد أصبح فيما أمينا عاما للجامعة العربية.

كان على ماهر باشا أول رئيس للوزراء فى مصر اكتشف أهمية الجماعة وأراد اجتذاب هذه الحركة الإسلامية لنفسه وللملك!

وكان الإخوان على صلة بعلى ماهر منذ عام 1937 عندما سافر إلى لندن لحضور مؤتمر المائدة المستديرة الذى يبحث قضية فلسطين.

قال الشيخ البنا] فى مذاكرته

ودع الإخوان على ماهر آخر وداع

وبعد حضوره ذهب وفد من الإخوان إلى المحطة لاستقباله وعلى رأسه الأستاذ أحمد السكرى وكيل الجماعة- فهتف بحياته . وأمر الإخوان أن يهتفوا بحياته كذلك . فهتف بعضهم وامتنع الآخرون.وعادوا ثائرين.

ويبرق جاكوبس القائم بالأعمال الأمريكى إلى واشنطن فى 29 من أبريل 194 قائلا: ينظر النحاس إلى البنا باعتباره قوة يحسب لها حساب وقيل أنه منح الجماعة إعانة مالية كبيرة.

ومن الواضح أن الإخوان مستعدون للتعاون مع الحكومة الحالية الموجودة فى السلطة

ومن المشكوك فيه أن يتبع الإخوان هذه الحكومة إلى المعارضة فى حالة سقوط الوزارة

ونشاط الجماعة المقبل غير واضح ويمكن أن نصبح مثارا للإزعاج أو حتى للخطر من زاوية طابعها الدينى المتعصب"

زاد اهتمام بريطانيا بالإخوان . خلال الحرب بصورة لم يسبق لها مثيل منذ إنشاء الجماعة.

وكان السبب فى ذلك تجربة الحرب العالمية الأولي.فى تلك الحرب التى استمرت من عام 1914 – حتى 1918 كان سعد زغلول خارج الوزارة بعد خلافة مع الخديو عباس حلمى الثانى واللورد كتشير المعتمد البريطانى فى مصر.

وبعد الحرب مباشرة قام الوفد برئاسة سعد زغلول يطالب بالاستقلال وكانت ثورة 1919 وما جرى فيها.

وخافت بريطانيا أن تتكرر تلك الثورة فى مصر ويقوم بها الإخوان بدلا من الوفد . فالإخوان خارج الحكم ولذلك فإن الجماعة يمكن أن تقود الثورة بعد انتهاء الحرب.. كما فعل الوفد عام 1919 عندما كان معارضا وسعد زغلول خارج الوزارة وهذا هو السبب الذى دفع بريطانيا إلى متابعة الإخوان عن كثب تتعرف اتجاهاتهم.

والغريب فى أمر السفارة أنها كانت تخشى حينا أن يثور الإخوان ضد الإنجليز وضد الوفد.... وفى حين آخر تخشى أن يستغل الوفد الإخوان للثورة ضد الإنجليز!

قالت السفارة

" يصبح الإخوان خطرا داهما إذا استغلتهم شخصية قوية مثل الملك. أو على ماهر أو حتى النحاس باشا

وربما يكون الوقت فى صالح الإخوان فهم يسعون إلى تحقيق إصلاحات تربوية, واجتماعية. 

وأخلاقية فى الوقت الذى فقد فيه الوفد شعبيته ببطء وسيفقدها بالتأكيد . كما اهتزت سمعة زعيم الوفد مصطفي النحاس من الاتهامات حول إساءة استغلال نفوذه .

(.... تقصد السفارة الكتاب الأسود...)

وقد يأتى يوم يتصارع فيه الإخوان مع الوفد للوصول إلى الحكم طبقا لبرنامجهم. ويشكل الإخوان على المدى البعيد خطرا محتملا على الجالية الأوربية فى مصر إذا جاء يوم تتقدم فيه بريطانيا مزيدا من التنازلات إلى القومية المصرية.

ومن وجهة النظر قصيرة المدى فى زمن الحرب فقد تثور أسئلة حول ما إذا كان يتعين علينا النظر إلى الإخوان على أنهم يشكلون خطرا مباشرا.

ومنذ بداية الحرب لم تتدعم مكانة الجلاء كما هى الآن. ولم تتدهور مكانة دول المحور كما هى الآن.

وكنا نحرص بوجه عام على عدم استعداء الرأى العام المصرى ضدنا كما تتميز علاقاتنا بالحكومة بالتفاهم التام وقد ألمح الناس إلى أن البنا منافق .

وقد نفى أنه ديماجوجى مثل أحمد حسين وان طباعه وثقافته الدينية يفضل سياسة التطور السلمى لا العنف الذى يؤدى إلى دمار الجماعة, وهناك عدة أحداث تجعل الإخوان يشكلون خطرا من جديد

( أ) إذا تدهور الموقف العسكرى بصورة خطيرة أو كانت خسائرنا ضخمة

(ب) وإذا نجح الحلفاء فى إبعاده شبح الحرب عن مصر وتركوا المجال مفتوحا أمام الصراعات السياسية المحلية فقد نواجه بمطالبة الإخوان المسلمين لنا بإنهاء النفوذ البريطانى فى مصر وجلاء قواتنا (جـ) يمكن أن يؤدى أى حادث فردى مثل الحادث الذى وقع أخيرا عندما لقى طالب مصرعه بسبب تصرفات غير مسئولة للجنود البريطانيين, فتثور المشاعر . وتتحرك المظاهرات المعادية لبريطانيا ويشترك فيها الإخوان.

ورغم ذلك أحسن الإخوان التصرف فى هذا الحادث بصورة تدعو إلى التقدير.

ويجب علينا فى جميع هذه الحالات أن نأخذ فى اعتبارنا احتمالا هاما. وهو أن الجماعة قد تمتنع ككل عن الاشتراك فى الاضطرابات الآن إلا أن المتطرفين من أعضائها وهم يشكلون جزءا لا يستهان به قد يقدمون من تلقاء أنفسهم بأعمال تخريب خطيرة.

وأخيرا عندما ندرس أهمية تأمين المستقبل بالنسبة للإخوان يصبح من قليل التسرع أن نتجاهل تماما ثورة عام 1919 ويصبح من قبيل التسرع أيضا أن نهتم بها أكثر مما يجب.

زمن ثم فالمصريون جميعا يحركهم السخط على الاحتلال العسكرى الذى دام 4 سنوات لم تنل أمانيهم القومية خلالها أى قدر من الاهتمام بل تعرضت حرياتهم الشخصية وممتلكاتهم ومشاعرهم للامتهان.

وشهدت البلاد ارتفاعا فى أسعار القطن جعل الفرحين مهيئين للإستجابة إلى دعايات الأفراد المعادين لبريطانيا فى المدن. ولكن عادت الأوضاع ما هى عليه مع حدوث انخفاض فى أسعار القطن.

ومن ناحية نجد أن البلاد تديرها حكومة من اختيار أبنائها تقريبا أى حكومة الوفد وعلى الرغم من نقص المواد التموينية فإن معاناة الشعب قليلة نسبيا ورغم تعرضنا لبعض المشاكل بسبب وجود مئات الألوف من قواتنا فى مصر والعادات المصرية الصعبة وما يتميز به المصريون من تهور واندفاع فإن هذه المشاكل ليست على درجة كبيرة من الخطورة.

والعوامل التى أفروت أحداث 1919 ليست موجودة حاليا بنفس الدرجة الماضية وقدرتنا الآن أفضل على التنبؤ بأى احتمال لتدهور لموقف فى بدايته واتخاذ الخطوات الكفيلة بوقف هذا التدهور وإزالة بعض أسبابه".

ولعل أهم مافى هذه البرقية الإشارة إلى أن المتطرفين من الإخوان قد يقومون بأعمال تخريبية خطيرة من تلقاء أنفسهم, وهو ما حدث عام 1948 والسنوات التالية!

وتلوح نهاية الحرب فى الأفق بعد انتصارات الحلفاء على المحور . وتبدأ المخابرات البريطانية فى رسم صورة لمستقبل العلاقات بين الوفد والإخوان.

قالت فى 25 من يوليو عام 1944. قبل 3 شهور من إقالة النحاس " يحتمل أن يبقى البنا ملتزما بالهدوء نسبيا طالما ظل الوفد فى السلطة وسيركز على الإفادة من ميزة الحرية التى يتيحها النحاس ليجعل من جماعته القوة بالفعل جماعة أكثر قوة.

القرار فى حشد قوتها للدفاع عن قضية الوفد وفتحت مئات المقار التابعة لها فى جميع أنحاء البلاد.

وبالرغم من تحالفها المعلن مع الوفد كانت سياستها تهتم بأمور دينية بحتة وتساند الجماعة الحكومة بصورة غير مباشرة عن طريق تأكيد اهتمامها بالقضايا ذات الطابع الدينى وقلقها بشأن اوضاع العرب المسلمين.

ويقال إن الجماعة تتقاضى إعانة من الحكومة على إصدار صحيفتها بصورة منتظمة.

ويصعب التنبؤ بمستقبل نشاط مثل هذه الجماعة فى حالة تغيير الحكومة طالما أنها مستعدة للمزايدة على ولائها لمن يدفع أكثر"!

فى أبريل تنهمر رسائل الاحتجاج من أعضاء الإخوان على السفارات الأجنبية احتجاجا على الإجراءات التى اتخذت لصالح اليهود فى فلسطين. ومنح الجنسية الفرنسية لطبقات معينة من الجزائريين.

وتتلقى المفوضية الأمريكية التى لم تكن قد تحولت إلى سفارة – 320 رسالة فى هذا الشأن خلال يوم واحد.

وتلاحظ المفوضية أن الرسائل وردت من 70 مركزا للإخوان فى القاهرة و143 مركزا فى الأقاليم.وكتبت كل رسالة بأسلوب مختلف

وبعث البنا إلى القائم بالأعمال الأمريكى يقول:

" يحتج الإخوان المسلمون والعالم الإسلامى على الموقف الأمريكى فيما يتعلق بفلسطين وهم يتوقعون إعلانا صريحا يهدىء المشاعر ويضمن للعرب وطنهم".

وتستخدم الجماعة الوفد حالا لتحقيق أغراضها الخاصة وبذلك يمكن أن تصبح السيطرة على الجماعة أمرا مستحيلا وتكون مصدرا كبيرا للقلق والاضطرابات

ويبدو أن الوفد بدأ ينتبه إلى ضرورة الحذر

وتعمل الجماعة حاليا على زيادة عدد أعضائها اعتمادا على مساندة الوفد ومن غير المحتمل أن تحل الجماعة محل الوفد. وخطر الإخوان ليس مباشرا وحقيقيا. وربما يكون خطرا محتملا فى المستقبل".

ويكتب سكريفنر رئيس القسم المصرى بوزارة الخارجية إلى مركز مخابرات الشرق الأوسط قائلا:

" لا يوجد ما يدعو للاهتمام الجدى بأعضاء هذه الجماعة"!

ويطلب البنا مقابلة السفير البريطانى فيعتذر عن ذلك بلباقة وتحذر السفارة البريطانية لندن مرة أخرى من الجهاز السرى.

قال تقرير للسفارة البريطانية فى 25 من فبراير 1944:" كونت عناصر معينة من كتائب الإخوان فرقة انتحارية.

والبنا له كتيبته الخاصة من 40 رجلا يختارهم بنفسه ,أصبحت الجماعة خطرا محتملا لا يمكن أن نسقطه من حساباتنا بسبب طابعها العسكرى والمعادى للأجانب . وبسبب التقارير التى تفيد بأنهم يحتفظون بكميات كبيرة من الأسلحة فى جميع أنحاء البلاد ويمكن استخدامها عند الضرورة"

ويصف كيرك الوزير الأمريكى المفوض تأييد الإخوان لوفد فيقول فى برقية رقم 142 بتاريخ 13 من مارس 1944:

" بعد أن كانت جماعة الإخوان المسلمين فى المعارضة تحت رقابة صارمة اتخذت أسلوبا جديدا فى ممارسة نشاطها بناء على قرار من زعيمها البنا ... تمثل هذا أغلبية فالوفد لم يقدم برنامجا للمستقبل ولا يقدر على تبنى أية حركة إصلاحية كالإخوان.

والإخوان أكبر مجموعة مؤثرة فى مصر . التى تقف على أبواب مرحلة خطيرة تشبه الفترة التى مرت بين عامى 1919 و 1928 والإخوان يمثلون خطرا داهما للتطرف.

وقد وصل عددهم إلى ربع . أو نصف مليون نسمة ودعوتهم الموجهة إلى الشباب المثقف أكسبتهم تأثيرا يفوق ذلك الرقم . وبرنامجهم بلا شك مجرد غطاء لمشاعر معادية للغرب.

وسنربطهم أهداف الإصلاح الدينى الاجتماعى بالقيادات الإسلامية التى تحظى باحترام شعبى وتوثق علاقاتهم بعدد من الدوائر السياسية

وغذ تقترب مصر من تحقيق استقلالها فإن الغرض من وجود الوفد قد انتهى من الناحية العملية.ومن المحتمل أن تتمكن حركة إصلاحية مثل الإخوان من إلغاء وجود الوفد أو احتوائه.

وليس فى إمكاننا التغاضى عن هذه الجماعة نستكشف وجهات نظرها وندعو لإضفاء طابع أكثر تحررا على برنامجها.وربما نستطيع توجيه الإخوان . فى الطريق الذى نراه صحيحا بالنسبة لمصر وجاراتها والإمبراطورية البريطانية.

ومن المرغوب فيه أن نوضح للنحاس باشا أننا لا ننافسه فى ود البنا ولكننا فقط نسعى للحصول لى معلومات"!

رد تيرينس شون القائم بأعمال السفير البريطانى فى القاهرة يوم 10 من أكتوبر يقول:" ربما يصبح الإخوان قوة سياسية خطيرة إذا قام تعاون حقيق طويل بينها وبين الوفد أو تلقت منه دعما كبيرا.ودعم الجوالة. وتدريب أعضائها تدريبا شبه عسكرى بأسلحة نارية!

واتفق الوفد والإخوان على أن فى التقارب فائدة سياسية لكل منهما! ولكن الإخوان لم يقطعوا اتصالهم بالمعارضة

قالت السفارة البريطانية

" اتسم موقف الإخوان من المعارضة بالتسامح والمهادنة لم ير قادة الجماعة آية فائدة تعود عليهم من وراء الوقوف ضد أحزاب المعارضة أو تأييدها فإن الأحزاب ليست على درجة كبيرة من القوة بحيث ينظر إليها كخصم سياسى له شأن .

ورغم أن القصر أفاد من جهود الجماعة منذ نشأتها تقريبا فإنه  قطع إعانته المالية عنها بسبب تنازل البنا عن ترشيحه ضد الوفد ولا يبدو حاليا سوى تفاهم محدود بين القصر والإخوان.

وكان عنصر المبادرة فى أى تحركات لدعم العلاقات بين الإخوان والقصر يجئ بصفة عامة من جانب القصر" وفى هذه البرقية اعتراف من السفارة بأن القصر هو الذى يسعى للتقارب من الجماعة وليس العكس

ويطلب مركز المخابرات السياسية البريطانية فى الشرق الأوسط من لندن . فى 19 من يوليو و4 من سبتمبر 1943 إقامة اتصالات مستمرة غير رسمية بين الإنجليز والشيخ البنا.

قال المركز

علينا أن نستمر فى تأييد الوفد باعتباره أكثر الهيئات تمثيلا لمصر ونوجهه بكياسة على ضوء تجاربنا ولكن علينا أن نقيم علاقة قوية وغير رسمية مع البنا زعيم ثانى الجماعات تمثيلا لشعب فهم أفضل الجماعات تنظيما بعد الوفد. وقد يحلون محله كحزب

ويعلن أحد الوزراء أنه يريد أن يكون جنديا فى جيش البنا الجرار!

ويكون بين الحاضرين الوزير محمود سليمان غنام ومحمد صلاح الدين سكرتير عام مجلس الوزراء – وزير الخارجية فى وزارة الوفد التالية – وبعض النواب والشيوخ.

ويصبح وزراء الوفد الأربعة أعضاء شرف فى جماعة الإخوان!

ويخطب البنا فى حضور الوزراء قائلا بشجاعة:

" يظن بعض الناس أن الإخوان هيئة مصنوعة صنعتها أيد وأهواء لتنال من الوفد أو من غيره. فتنتصر لحزب على حزب أو تظاهر قوما على قوم, وذلك وهم لا أصل له. وباطل لا خير فيه".

قالت المخابرات البريطانية

" سر تحالف البنا مع الوفد سيئ السمعة يرجع إلى خوف المرشد العام من اجراءات قمع تتخذها الحكومة ضد الجماعة كما يتطلع إلى المستقبل.

فعندما أسس الجماعة. أعلن أنه يلزمها 15 سنة لتصل إلى مرحلة النضج ولكن ها قد انقضت تلك السنون ولم تصبح الجماعة قوية كما كان يأمل.

وحتى تتطور الجماعة وتنمو بغير اضطراب . فإنه من الضرورى أن يصل إلى اتفاق مع الوفد بحيث لا يمكن لهذا الحزب الاستغناء عنه يكون الوفد مستعدا لمعارضة أى طلب للإنجليز باتخاذ إجراءات ضد الجماعة.

وكانت مهنة البنا الأولى إقناع أنصاره بحكمة مساندة الوفد فقد انتقده الأعضاء بشدة لأنه يساند نظاما فاسدا. وانفصل عنه كثير من أتباعه وبدا كما لو أن المرشد العام ارتكب خطأ ضخما.

ولكن البنا استطاع ببطء وثبات . استعادة أنصاره" كثف البنا جهوده لزيادة شعبية الجماعة وضم مزيدا من الأعضاء

بداية الاغتيالات

أصدر مكرم عبيد الكتاب الأسود فى 29 من مارس 1943 متضمنا وقائع عن فساد الوفد. فرأى مركز المخابرات البريطانى فى مصر " أن الأمل فى إحياء القيم الأخلاقية فى مصر يعتمد على الإخوان المسلمين"! ويخطب البنا فى أبريل 1943 فيعلن أن " نظام الحكم فى مصر كله عفن ويحتاج إلى اعادة تنظيم شاملة يلعب فيها الإخوان دورا بارزا".

ويخشى النحاس, هذه المرة أن يؤيد الإخوان مكرم عبيد, وأن يتضامنوا معه مستغلين الكتاب الأسود, فيسعى النحاس مرة أخرى, وإلى الحصول على تأييد الإخوان والتحالف معهم فليغى قرار إغلاق شعب الجماعة ويسمح للإخوان فى 8 من مايو بعقد مؤتمراتهم.

وتستفيد الجماعة من جديد بهذه الفرصة السانحة لتحقيق مزيد من الانتشار.

قالت السفارة:

" أبلغ البنا الإخوان بعدم انتقاد الوفد وقال فى أكثر من مناسبة إن الكتاب الأسود وثيقة مضللة وبأمل ألا يتأثر بأكاذيبها أحد"!

ويزو أربعة من وزراء الوفد المركز العام للإخوان فى الشهر نفسه مايو 1943 للمصالحة والتعريف على قوة الإخوان.

ويشهد وزراء الوفد فى ذلك اليوم اجتماعا يخطب فيه سراج الدين وعبد الحميد عبد الحق وأحمد حمزة , ويبدون علانية إعجابهم بأفكار الجماعة.

أصدر النحاس باشا فى أواخر يناير من عام 1943 قرارا بحظر جميع اجتماعات الإخوان باستثناء تلك التى تتم فى مقرها الرئيسى بالحلمية الجديدة بالقاهرة بعد أن وصلته تقارير تفيد بأن مقار الجماعة فى الأقاليم متورطة فى أنشطة سياسية وتقوم بدعايات معادية للوفد.

وصدرت التعليمات بإغلاق فروع الجماعة فى الأقاليم


ويفسر الشيخ عمر التلمساني موقف الوفد قائلا:" تولد إحساس لدى الوفد بأن الإخوان يسحبون بساط الأغلبية والشعبية من تحت أقدامه , وأنهم ينافسونه فى مجال اجتذاب الشباب فقد تسلل كثير من شباب الوفد إلى صفوف الإخوان.

وقد سبب الانتشار السريع لتشكيلات الجماعة وشبها قلقا بالغا لدى زعماء حزب الوفد وسرعان ما تحرك هذا القلق فى اتجاه الصدام مع الإخوان".

وقال:

" إن ترمومتر العلاقة بين الإخوان والنحاس كان مرتبطا بالإنجليز".

وقد التزم البنا بنصيبه من الاتفاق بالامتناع عن توجيه النقد الاستفزازى للحكومة رغم أن موقعه الفكر من مبادئ الوفد لم يتغير .

أما الوفد فما زال ينظر إلى أنشطة هذه الجماعة بعين الشك ويحرص على القيام بالمراقبة الدقيقة لها" وتبقى العلاقات بين الطرفين متقلبة لا تستقر....والهدنة لا تدوم.

وتراقب السفارة . لأول مرة . الجهاز السرى للإخوان

ولكن السفارة لا تستطيع أن تحدد طبيعة الجهاز . دوره . وأعضائه بل تكتفى بالإشارة إلى أن الجماعة فى تسليح أعضائها.

وقال تقرير السفارة البريطانية فى 2 من ديسمبر:" تجمعت لدينا على مدى 3 سنوات تقريبا تقارير هائلة عن وجود خطط يضعها الإخوان للتخريب والقيام بعصيان مسلح.

ولا توجد من الناحية الفعلية آية أعمال تخريبية أو اضطرابات معادية لبريطانيا على نحو خطير.وقد يكون الإخوان أكثر جرأة فى تفكيرهم عن المصريين العاديين ولكن لا يوجد دليل على أنهم يستعدون للتضحية بأرواحهم.

لقد ظل المصرى معروفا على مر العصور بأنه يمكن أن يقوم بتمرد عندما ينفذ صبره تماما ولكنه فى الوقت نفسه ليس بالإنسان يقبل على تعريض حياته للخطر.

إنه يخضع رغما عنه. ويظل يخطط للانتقام وإسالة الدماء إلى مالا نهاية واضعا أمله على الظروف الخارجية فى تغيير الأوضاع لصالحه"

والإخوان المسلمون, فى اتجاههم العام يعتقون أفكارا اشتراكية ديمقراطية. ومن الممكن أن نتصور أنهم قد يصبحون يوما ما حزبا عماليا يعارض الوفد وأحزاب المعارضة الصغيرة التى تتكون فى معظمها من الأثرياء.

ولا أحد يعرف عل وجه الدقة العدد الحقيقى لأعضاء الجماعة.

وتقدره مصادرنا بما يتراوح بين 100 ألف و200 ألف عضو ولكن مسئولا كبيرا بالشرطة المصرية يضاعف هذا الرقم كثيرا ويصل به إلى 500 ألف".

وتكشف السفارة خطة الإخوان. قالت:" الجماعة تتحاشى الصدام معنا. ومع الحكومة الوفدية, بينما تستمر فى تدعيم قوتها. ولا يعقل أن يعرض الإخوان مستقبلهم للخطر عن طريق القيام بعمل مندفع , غير عاقل , عندما تلوح أمامهم فرصة ورئيس الوزراء عازم على التصدى لجميع أشكال العصيان المدنى, ولديه القدرة على ذلك".قال أمين عثمان وزير المالية للسفير البريطانى:

- ينتشر الإخوان فى جميع أنحاء البلاد وعددهم يفوق جميع أحزاب المعارضة الرسمية من حيث شعبيتهم وقوتهم ولا يمكن مقارنتهم فى هذا العدد إلا بالوفد نفسه والغالبية العظمى منهم يتميزون بالإخلاص.

- وكن أمين عثمان على حق فيما يقول فإن المرشد العام كان مقتنعا بضرورة ان يكتمل جيل الإخوان الأول.. الجيل المستمع.. أو جيل التكوين..

- ويكتب السفير:

- تتخذ العلاقات بين الإخوان والوفد شكل الهدنة من الناحية الفعلية ومن المفيد بالنسبة للإخوان أن يحتفظوا بعلاقات طيبة مع الوفد.

وطالما أن العارضة من شأنها أن تؤدى إلى إغلاق مقارهم, واعتقال قادتهم, وإلحاق أضرار جسيمة بمستقبل الجماعة.

" بعض الوفد أن الإخوان يستغلون حزب الوفد لمصلحتهم وأنهم يميلون الآن إلى تأييد الملك.

وتوجد أدلة وقع فى معمل تكرير السويس التابع لشركة البترول الإنجليزية المصرية من تدبير اثنين من أعضاء الجماعة لا يعملان فى الشركة وتم تكوين تنظيمات جديدة للإخوان تتزايد قوتها وتأثيرها باستمرار فى جميع أنحاء البلاد.

وقطع القصر إعانته عن الجماعة بعد انسحاب البنا من الانتخابات ثم استأنف القصر تقديم هذه الإعانة ى ديسمبر 1942 وخفت تدريجيا المعارضة التى سادت صفوف الإخوان واستعاد البنا سيطرته على الحركة"

كان الإخوان يأملون كما تصر السفارة البريطانية فى انتصار المحور ألمانيا وإيطاليا وحلفائهما... ومن هنا حرصت المخابرات البريطانية والسفارة على مراقبة الجماعة لمعرفة ما إذا كانت هناك علاقات بينها وبين المحور.

وتبرق السفارة البريطانية إلى لندن بنتائج الرقابة . قالت: " لا توجد سوى دلائل بسيطة للغاية على اتصالهم بعملاء دول المحور منذ نشوب الحرب فالألمان والإيطاليون يرفضون مبادئ هذه الجماعة شأنهم فى ذلك شأن سائر الأوربيين. والفارق الوحيد أنهم قد يكونون أدوات لتخليص مصر من البريطانيين واليهود.

ورغم أن الإخوان المسلمين قلدوا الفاشية والنازية فى تنظيماتهم إلا أنهم لا يتعاطفون كثيرا مع مبادئهما وأفكارهما كما يشاع بين الناس.

والإخوان معادون للأوربيين والبريطانيين خاصة بسبب الوضع المتميز لبريطانيا فى مصر من جهة. وهم مسلمون متعصبون من جهة أخرى. دينى . وإذا كان قد صدر من بعض رجالنا أو من بعض شعبنا أى عمل يخالف هذا الخط, أو يدل على اتجاه سياسى فأنا استنكره وسأوقفه عند حده فورا,

ويجتمع النحاس بالمرشد العام مرة أخرى في أواخر سبتمبر ليوجه إليه تحذيرا عنيفا من القيام بنشاط ضد الإنجليز ويهدد باعتقال زعماء الجماعة.

وينتهى الأمر بتسوية الخلافات مع الحكومة. ويوقف المرشد العام كل ما يشكو منه النحاس وسراج الدين ويلزم رجاله بالانضباط فإن تهديدات النحاس كانت مؤثرة,

وتتجنب الجماعة النشاط السياسى وتقتصر على تدعيم الكشافة . والدروس المسائية للعمال, وتنتشر شعب الجماعة وتزداد قوتها ونفوذها في الأقاليم.

قال هيوارث دان " إن الجماعة عندما تواجه حكومة قوية تقتصر نشاطها على الدين , وتتحول إلى السياسة أمام الحكومات الضعيفة"!

وتهاجم الشرطة منزل البنا يوم 24 أكتوبر بحثا ‘ن أية كتيبات أو منشورات دعائية لصالح المحور, وتلقى القبض على اثنين من قيادات الجماعة بالأقاليم بتهمة التورط في طباعة منشورات لدول المحور وتوزيعها.

قال تقرير للسفارة البريطانية

"بذل البنا قصارى جهده لفرض الالتزام على أتباعه. ونجح فى الحصول على موافقة الحكومة بإعادة فتح عدد من مقار الجماعة التى أغلقتها الشرطة. أخذت الجماعة تتحاشى التعرض للمسائل السياسية.

وركزت جهودها على زيادة عدد أعضاء الجوالة وتدريبهم وتنظيم الفصول الدراسية المسائية للعمال وكان لتهديدات النحاس باشا بتوجيه اجراءات عقابية صارمة ضد الإخوان أثرها فجعلهم أكثر حذرا".ويكتب السفير البريطانى اللورد كيلرن إلى لندن يوم 17 من نوفمبر 1942:

الحرب فستنال الجماعة تأييدا كاملا من دول المحور. أما إذا انتصرت بريطانيا فستتعامل مع المصريين على نحو ما تعاملت به مع عرب فلسطين".

ويحاول الإخوان التقرب إلى صاحب الجلالة الذى غضب لتنازل البنا عن الترشيح فى الانتخابات ضد الوفد فيتوجه المرشد العام إلى قصر عابدين ليرفع إلى فاروق العدد الأول من مجلتهم نصف الشهرية.

وتتدخل السفارة البريطانية ضد الإخوان فحظرت الحكومة الوفدية فى سبتمبر 1942 الاجتماعات العامة وهددت الإخوان باتخاذ المزيد من الإجراءات الانتقامية نحوهم.

ويتلقى المرشد العام تحذيرا قويا من القيام بأية أنشطة معادية لبريطانيا أو الحكومة حتى لا تتعرض قيادات الجماعة للاعتقال ويستدعى فؤاد سراج الدين المرشد العام . قال له:

- يا شيخ حسن عايز أعرف أنتم جماعة دينية أو حرب سياسى ؟ أحنا ما عندناش مانع أبدا أنكم تكونوا حزب سياسى.

- أعلنوا على الملأ أنكم يتشغلوا بالسياسة وأنكم كونتم حزب سياسى ولا تتستروا بستار الدين ولا تتخفوا فى زى الدين.أما أن تتستروا تحت شعار الدين. " والله أكبر ولله الحمد" وفى نفس الوقت تقوموا بالعمل السياسى وتباشروا السياسة الحزبية فهذا غير معقول لأنه يخل بمبادئ تكافؤ الفرص بينكم وبين الأحزاب السياسية

أنا كرجل سياسى حزبى لا أستطيع أن أهاجم جماعة دينية تنادى بشعارات دينية سامية وإلا سأكون محل استنكار من الرأى العام.


رد الشيخ البنا

- نحن لم نفكر فى العمل بالسياسة ونحن رجال دين فقط, ورجال فكر المخابرات البريطانية بأن البنا ذكر لبعض رجاله المقربين أن انتصار الألمان والإيطاليين أصبح وشيكا وأنه فى انتظار تعليمات من الألمان لتنفيذ مخططات تخريبية وراء خطوط الإنجليز".

قالت السفارة البريطانية:

يعتمد موقف الإخوان تجاه الألمان على مبدأ تبادل المنفعة معهم.

ونحن بدورنا أى الإنجليز لا نثق فى الرغبة التى أبداها البنا فى التعاون مع الوفد وتركيز نشاط جماعته على قضايا الإصلاح الدينى فما زالت التقارير تتوالى عن الخطط التخريبية التى تعدها الجماعى.

وليس بمقدور المرء أن يغفل أصالة البرنامج الاجتماعى للجماعة فقد أعلن متحدث باسمها أن الفقر الذى يطحن جماهير الشعب فى وقتنا الحالى نتج عن طغيان الأغنياء وتصدير المواد الغذائية إلى الخارج بطريقة غير مشروعة.

وهاجم تسامح الحكومات مع بعض العادات المذمومة التى وفدت إلى البلاد من الغرب مثل القمار وشرب الخمور وطالب بتطبيق الشريعة الإسلامية تطبيقا كاملا.

وأرجع البنا كافة أشكال انحلال الخلقى التى تعانى منها البلاد إلى النفوذ الغربى.وفى سبتمبر ظهر العدد الأول من مجلة الجماعة الأسبوعية " الإخوان المسلمون" بعد أن حصلت على موافقة الحكومة لم يحو هذا العدد شيئا سوى المقالات البلاغية المستحسنة والتى جديد فيها".وقالت تقارير المخابرات البريطانية:

" أن قيادات الجماعة أعلنت فى اجتماع سرى لها أنه إذا خسرت بريطانيا الذين ينتمون إلى الطبقات الفقيرة فمبادئ الجماعة تدعو إلى العودة إلى الشريعة الإسلامية.

ومن غير المتوقع أن تحل مثل هذه الجماعة ضيقة الأفق, والمعوقة للتقدم محل حزب قومى كبير مثل الوفد رغم ما يلجأ إليه الإخوان. بين الحين والآخر من محاولات لاجتذاب هذه العناصر ذات الثقافة السطحية إلى معاداة الأجانب"غضب الإخوان من النحاس عندما قبض على على ماهر فى أبريل واعتبروا ذلك ضربة موجهة إليهم.

قالت المخابرات البريطانية:

" عقد الإخوان هدنة مع الوفد ربما فى جو من الاحترام المتبادل بعد أن أدرك البنا أن بمقدور النحاس أن يشجع الجماعة بينما أدرك النحاس أن الإخوان يمكن أن يسببوا له مشكلة كبيرة إذا تحدوه.

وصار بوسع البنا أن يعتمد على تعاطف أعداد لا بأس بها من رجال الشرطة والمسئولين الحكوميين من الإخوان وخاصة فى الأقاليم.

ولكن عندما تقدم الألمان نحو العلمين زاد حماس الإخوان فألقوا بعض الخطب المؤيدة للألمان".وقالت المخابرات البريطانية:

" ألقى البنا خطابا أعلن فيه تأييده القوى للألمان ولكن ذلك لم يثبت أبدا وظلت خطبة الأخرى تدور حول سياسته الدينية.

وأعطى لمعاونيه فى أحاديثه الخاصة انطباعا بأنه يرغب فى تحاشى وقوع صدام مع حكومة الوفد أو الإنجليز"

تقدم الألمان إلى العلمين على بعد مائة كيلو متر من الإسكندرية . فقالت وبنى النحاس حساباته على تأمين نفسه من مؤامرات القصر ودسائسه التى تحاك ضده بواسطة الإخوان المسلمين.وانتهجت الجمعية سياسة الدعم السلبى للوفد.

ولجأ البنا إلى سياسة الترقب وكله أمل فى انتظار الفرج واتسم تعاونه مع الوفد بأن أهدافه أخرجت الجمعية ومرشدها العام من المعمعة ... سالمين"!

بعث السفير البريطانى إلى لندن يوم 28 من مارس 1942 يقول:

" كتب رئيس الإخوان المسلمين , عند انسحابه من الترشيح للبرلمان خطابا إلى رئيس الوزراء يعده بالتعاون مع الحكومة مما يعنى ضمنا الولاء للمعاهدة الإنجليزية المصرية.

وربما تم التوصل إلى هذه النتيجة بمزيج من الإرهاب والرشوة ولكن قيمتها مشكوك فيها.وأخذ الإخوان يتباهون بما يتمتعون به من تأثير لدى جميع وحدات الجيش المصرى. وقرر النحاس فرض قيود على بيع المشروبات الكحولية فى أوقات معينة يوميا وخلال شهر رمضان وفى الأعياد الدينية.

واتخذ بعض الإجراءات الضرورية لحظر ممارسة الدعارة

وقام فورا بإغلاق بعض لمواخير وسمح باستئناف الجماعة لبعض أنشطتها, بما فى ذلك إصدار بعض المطبوعات وعقد الاجتماعات"

ولكن السفير البريطانى السير ما يلز لامبسون اللورد كيلرن كان قصير النظر فلم يتوقع للإخوان ما تحقق لهم كتب إلى لندن يقول:

" تجذب جماعة الإخوان المسلمين إل صفوفها المسلمين المتدينين البسطاء أعلنتموه متمسكين دائما بآداب الإسلام العالية وتعاليمه القوية وأخلاقه الفاضلة".وفى هذا البيان أو الرسالة المفتوحة التى وجهها الشيخ البنا إلى النحاس باشا إعلان بولاء المرشد العام للحكومة والتزامه بمعاهدة 1936!

فسر أعضاء الجماعة الانسحاب بأنه استسلام مهين وانتقدوا بعنف البنا.

وأصيبت الجماعة بانقسام مؤقت وتأثرت أنشطتها تأثيرا بالغا رغم جهود البنا لتبرير الانسحاب وإلقاء اللوم على البريطانيين بتحريض النحاس ضده...

كان بين الغاضبين على انسحاب البنا, عمر التلمساني الذى أصبح – فيما بعد مرشدا عاما للإخوان. فانقطع عن التردد على المركز العام. افتقد البنا صاحبه وسأل عن السبب.

قيل: إنه غاضب لانسحابك من المعركة. أرسل البنا خطابا إلى التلمسانى لمقابلته .

رد عليه بخطاب فحواه عدم الجدوى من المقابلة.

بعث البنا إليه عبد الحكيم عابدين وعبده قاسم من قيادات الإخوان فحملا التلمسانى على الحضور حيث لقيه وأقنعه.

واعترفت السفارة البريطانية فى برقياتها بان النحاس عرض مساعدة الإخوان إذا تعاونوا معه ولذلك أعلن البنا ولاءه للحكومة والتزامه بالمعاهدة.

وفى كتاب الكاتب السوفيتى سيرانيان وعنوانه " مصر ونضالها من أجل الاستقلال" قال: " أكتفى النحاس بتأكيدات البنا بأنه سيساند الحكومة الوفدية. ونشر النبأ بهذه الصورة دانه للنحاس باشا وإقرار بأن التنازل عن الترشيح تم بناء على ضغوط الباشا التى قيل إنها نصيحة!

وقالت الأهرام": إن رئيس الوزراء استقبل المرشد العام للمرة الثانية على رأس وفد من الجمعية وقدم إليه كتابا يؤيد سياسة الوزراء.

قال المرشد العام فى رسالته لرئيس الوزراء مقدمة قصيرة.

"تحدثتم رفعتكم إلى الأمة المصرية الكريمة حديثا رائعا جليلا ضمنتموه كثيرا من المبادئ القويمة والأمانى الطيبة التى يسر كل مصرى أن يحققها الله على يديكم.

دعوتكم الأمة إلى مصارحتكم والتقدم غليكم بالنصح" فنحن أبناء أسرة واحدة وهى الأسرية المصرية الكريمة وقررتم رفعتم انه من دواعى سروركم أن تتعاون الأمة والحكومة فى هذه الظروف الدقيقة" فى تنفيذ سياسة خارجية حكيمة وتعميم سياسة داخلية بصيرة..

والواجب يقضينا والمصلحة تدعونا إلى أن ننفذ بإخلاص وحسن نية أحكام المعاهدة التى وقعناها بمحض اختيارنا وملء حريتنا وقصدنا من ورائها سلامة استقلالنا القومى والاحتياط لمثل هذه الظروف العميقة.

وختمتم هذا الحديث بأن علينا أن " نعبر الطريق المحوط بالمخاطر. متعاونين متحدين كالبينان المرصوص , مترقبين بزوغ فجر الحرية, فيقوم عدل الحكام على أنقاض الظلم والاستبداد وتتفيأ الأمة ظلال الطمأنينة والسكينة والسلام".

" أصغينا إلى هذا الحديث القيم ثم قرأنا فى الصحف أن معالى وزير الصحة أخذ يدرس باهتمام مشكلة البغاء تمهيدا لتخليص مصر من وصمته الشائنة أنه قرر فعلا البدء بإلغاء دور البغاء فى القرى والبنادر من أول مايو المقبل.

فالإخوان المسلمون أمام هذه الآمال الصالحة والأعمال الطيبة النافعة, يرون من واجبهم أن يستجيبوا لندائكم ويعلنوا أنهم حريصون كل الحرص على أن يكونوا عونا لكم وللحكومة المصرية فى تحقيق

برنامجكم الاصلاحى الذى وفى مقال كتبه محمد عفيفى شاهين رئيس تحرير مجلة " الحوادث " الوفد قال : إن البنا أصبح شهيدا بانسحابه.

ولكن انسحاب البنا كان عملا صائبا وإذا كان النحاس قد هدد بالاعتقال فإن رئيس الوفد فى ذلك الزمان . وفى ظروف الحرب لم يتردد بعد ذا اعتقال مكرم عبيد وعلى ماهر وغيرهما كثيرون.

وفى كتاب رتشارد ميتشيل قال : إن الاجتماع بين النحاس والبنا جمع بين الترغيب والرشوة أو الرغبة والرهبة فإن النحاس عرض على البنا مقابل الانسحاب:

1- حرية الجماعة فى استئناف أعمالها على نطاق شامل.

2- أن تعد الحكومة باتخاذ الإجراءات اللازمة لحظر المشروبات الكحولية والدعارة.

عقد الإخوان اجتماعا قرروا فيه عدم الإذعان لرغبة النحاس تماما كما حدث عندما نقل سرى باشا زعيم الإخوان إلى قنا.

وكما حدث فى قرار النقل فى عهد سرى وافق لبنا فى نهاية المطاف على الانسحاب من المعركة الانتخابية!

نشرت صحيفة الأهرام " سوم 23 مارس 1942 أن رئيس الشئون الدينية بمجلس الوزراء.

ودار الحديث حول تنازل الشيخ البنا عن ترشيح نفسه لمجلس النواب عن دائرة الإسماعيلية.

وقد أصغى المرشد العام إلى نصائح رفعة رئيس الوزراء وتوجيهاته السديدة وعلى إثر ذلك أعلن تنازله عن ترشيح نفسه عملا بنصح الرئيس".

قال لنحاس:

- يا حسن. أنا مسلم مثلك . وأعرف قواعد الدين وأصوله. من حقك الوعظ والإرشاد والدعوة إلى احترام القيم. ولكنى أرفض دخولك فى السياسة للوصول إلى الحكم إنى أمنع ذلك بكل قوة

- نفى البنا أنه يريد الحكم والسلطة . قال:

- سمعا وطاعة. وإذا كان أحد زملائى قد انحرف فى هذا فأنا كفيل برده إلى حقيقة الدعوة وهى مكارم الأخلاق والقيم الدينية.

- قال النحاس:

- لا تشتغلوا بالسياسة ولا ترشحوا أنفسكم فى مجلس النواب.وقال البنا لإبراهيم فرج بعد اللقاء:

- كان النحاس باشا عنيفا ومنفعلا.

والرواية الثالثة جاءت فى تقرير للمخابرات البريطانية:

" خشى النحاس أن يثبت البنا أنه منافس قوى للوفد وهدده بالاعتقال مع كبار قادة الإخوان إذا لم يذعن وهدده بمحاكمته أمام محكمة عسكرية بتهمة التجسس.

وهدده النحاس أيضا بنشر اتهامات مزعومة حول أسلوب البنا فى التصرف فى أموال الجماعة!

ورد النحاس للبنا 450 جنيها كتعويض عن التأمين الذى دفعه مقابل الترشيح ونفقات الدعاية التى صرفها!

وهذا التقرير يكشف عن حقيقة هامة هى ان الوفد بدأ يخشى من منافسة الإخوان ويعنى الوفد للبنا وانسحابه أيضا يدل على أنه عنصر هام فى الشارع السياسى المصرى.

وهناك عدة روايات لما جرى فى الاجتماع بين مصطفي النحاس والمرشد العام..

الرواية الأولى قالها البنا فى اجتماع بالشارع الثلاثين بالإسماعيلية عقب تنازله عن الترشيح مباشرة:

- دعانى مصطفي النحاس باشا إلى مكتبه وطلب منى التنازل عن الترشيح قلما سألته عن الأسباب قال:

- البلد فى حالة حرب.. ومصلحة البلد أن تتنازل قلت:

- ألا يكفى أن الحكومة قيدت خطواتى ولا تسمح لى بالسفر خارج القاهرة إلا بإذن من وزارة الداخلية والدعوة بهذه الصورة لا تجد مجالا للإنطلاق فيكون التنازل عن الترشيح حجرا على الدعوة والداعية.

- قال مصطفي النحاس:

- فى حالة قبولك التنازل لا مانع عندى من أن تكون لك حرية الدعوة فى كل مكان.

- قال البنا:

- أمام هذا التصريح أوافق على التنازل عن ترشيح نفسى وقال البنا فى خطابه بالإسماعيلية.

- لم نرد من الترشيح إلا أن نجد منبرا نعلن فيه عن دعوتنا فإذا تيسر لنا فى حدود الظروف التى يتاح لى أن أفصلها حين تسمح الظروف نكون قد وفقنا إلى أحسن الحلول!

- والرواية الثانية نشرها إبراهيم فرج الوزير الوفدى فى كتابه " ذكرياتى السياسية " بعد أكثر من ربع قرن, وكان كل من البنا والنحاس قد انتقلا إلى رحاب الله. وعندما يترك الوفد الحكم فى النهاية فسيواجه البنا ببديلين يتعين عليه الاختيار بينهما.

1- أن يجرب حظه مع الوفد ويسعى لمناصرته وهو فى المعارضة أو:

2- أن يعرض خدمات الإخوان على الحكومة الجديدة أملا فى الحصول على معاملة تفضيلية مثل التى كان يتمتع بها فى حكم الوفد.

وإذا اختار البنا الطريق الأول فسيكون حظ آية حكومة قادمة صعبا للغاية وسيصبح أمن البلاد مهددا بدرجة خطيرة.أما إذا سلك الطريق الثانى وساعد الحكومة غير الوفدية فى الصمود أمام هجمات الوفد المعارض مقابل مزايا مختلفة فسيؤدى الصدام الناتج عن هذا الأسلوب إلى وقو تهديد خطير للأمن العام.

ويبدو واضحا أن الإخوان فى طريقهم ليلعبوا دورا بارزا فى آية تطورات سياسية مقبلة".

اقبل مصطفي النحاس يوم 8 من أكتوبر 1944 بعد 24 ساعة من توقعه بروتوكول الجامعة العربية وتولى أحمد ماهر باشا رئاسة الوزارة فى اليوم نفسه فشكلها من أحزاب الأقلية الأربعة : الحزب السعدى الذى يرأسه ماهر باشا والأحرار الدستوريين والكتلة والحزب الوطني.

كان أحمد ماهر فى التاسعة والخمسين.

درس الحقوق فى مصر ونال الدكتوراه من جامعة مونبليية الفرنسية واختاره سعد زغلول وزيرا للمعارف فى وزارته عام 1924 .

وأتهم مع محمود فهمى النقراشى وزير خارجية بالاشتراك فى قضية الاغتيالات الكبرى .. ولما صدر الحكم ببراءته عام 1926 استقال القاضى البريطانى كيرش والذى رأس الجلسة احتجاجا على حكم البراءة

وكان سعد زغلول يصفه " بالوطنى الصامت"

اختير نائبا أكثر من مرة وتولى منصب رئيس تحرير صحيفة " كوكب الشرق الوفدية عام 1934 وأختير رئيسا لمجلس النواب عام 1936.

وبعد طرد النقراشى من الوفد عام 1937 انضم إلى النقراشى وانفصل عن الوفد وأسس حزب السعديين قائلا أنه وأنصاره الممثلون الحقيقون لسعد زغلول.

تولى منصب وزير المالية عام 1938 وانتخب رئيسا لمجلس النواب عام 1939 وهو شقيق على ماهر باشا رئيس الوزارة السابق.

أراد أحمد ماهر تدعيم صلته بالسفارة البريطانية ليستعين بها على مقاومة رغبات القصر والوقوف فى وجه الملك قدر الطاقة. وبدأ الوزراء اتجاها ليبراليا بالامتناع عن اعتقال خصومه السياسيين وغيرهم.

وحل أحمد ماهر مجلس النواب يوم 15 من نوفمبر وحدد 8 من يناير 1945 موعدا لإجراء الانتخابات.

رشح البنا نفسه فى الانتخابات عن دائرة الإسماعيلية كما رشح خمسة من الإخوان أنفسهم فى دوائر أخرى فقد وجدوا الساحة شبه خالية أمامهم فالوفد قاطع الانتخابات وبعيد عن المعركة. والحكومة لا تمثل إلا أقلية شعبية ولذلك يمكن اعتبار الانتخابات اختبارا لقوتهم السياسية.

مهد الإخوان لذلك..

كتب الشيخ أبو زهرة : الإسلام يبيح دخول الانتخابات طالما أن فى ذلك نشر الإسلام" وقال الشيخ على الخفيف:" لا مانع شرعا يمنع الجماعات الدينية من دخول البرلمان والاشتراك فى الحكم بصفة عامة".

وكتب المرشد العام: ليس البرلمان وفقا على أصوات دعاة السياسة الحزبية على اختلافها ألوانها ولمنه منبر الأمة تسمع من فوقه كل فكرة صالحة, ويصدر عنه كل توجيه سليم يعبر عن رغبات الشعب".

بدلا من أن يطلب ماهر من البنا سحب الترشيح كما فعل النحاس, وتركه يخوض المعركة ليزعم أن الانتخابات حرة يدخلها من يشاء!

وكان يجب ان ينجح البنا من الجولة الأولى فالإسماعيلية شهدت ميلاد الجماعة ونموها كما أقام الإخوان ستين سرادقا للدعاية الانتخابية للمرشد العام وجاءوا من كل شعب الجماعة لتأييده وهم يهتفون" إلى البنا..يا برلمان"!

ولكن أعيدت الانتخابات بين البنا وأقوى منافسيه وهو الطبيب الدكتور سليمان عيد متعهد توريد الأغذية لقوات الجيش البريطانى فى منطقة القناة لأن أيا منهم الم يحصل على العدد المطلوب للفوز فى الجولة الانتخابية الأولى.

وفى الإعادة تدخل الإنجليز والحكومة بصورة أكثر سفورا

منع الحاكم العسكرى البريطانى مندوبى البنا من دخول اللجان الانتخابية فى سينا والتصويت فيها وقام مندوبو مرشح الحزب السعدى بملْ الصناديق بالأصوات المؤيدة على هواهم.

وتولت سيارات الجيش البريطانى نقل العمال من المعسكرات البريطانية غلى مراكز التصويت.

وحشدت الحكومة أنصارها وقامت بتزوير الانتخابات ضد البنا وزملائه الخمسة الذين رشحوا أنفسهم فى دوائر أخرى كمستقلين حتى لا يدخل الإخوان مجلس النواب ومبادئهم معروفة ولأنهم تعاونوا يوما مع الوفد وإن لم يكن هذا التعاون السبب الوحيد لإسقاطهم.

وكانت نتيجة التزوير سقوط البنا وجميع مرشحى الإخوان, وقيل إن[[ أحمد ماهر]] علق على عدم فوز الشيخ قائلا:

-لا شأن للحكومة المصرية بدائرة الإسماعيلية . والإنجليز هم الذين يديرونها!

وعندما أعلن فوز مرشح الحكومة فى الإسماعيلية كادت تحدث فتنة لولا تدخل البنا.

خطب فى الجموع قائلا:

هذه الحشود الهائلة بهذه الصورة الرائعة تصم الحكومة بالتزوير والتضليل إن مراجلكم تغلى بالثورة وعلى شفا الانفجار . ولكن اكظموا غيظكم وانصرفوا إلى منازلكم وبلادكم مشكورين مأجورين. لتفوتوا على أعدائكم فرصة الاصطدام بكم.

وقال:

إن عجز أمة عن أن تدفع بأحد أبنائها إلى البرلمان . ليقول كلمة الحق والسلام لدليل على أن الحرية رياء وهباء, وأن الاستعمار سر البلاء وتهاجم صحيفة الإخوان نظام الانتخابات لأنه " فاشل فى أداء رسالته " ومع ذلك أعلن البنا أن سيشترك فى اقرب انتخابات قادمة .

وأنه فى انتخابات حرة يستطيع ان يحصل على أغلبية ساحقة ولكن الجماعة لن تتقدم إلا فى عدد محدود من الدوائر.

قال الشيخ لمرتضى المراغى مدير الأمن العام ووزير الداخلية بعد ذلك

-عملت الحكومة جهدها على إسقاط مرشحى الإخوان مع أنهم تقدموا باعتبارهم مستقلين لا باعتبارهم ممثلى الإخوان المسلمين.

وأضاف:

- أتدرى متى نستطيع دخول الانتخابات بصفتنا إخوانا مسلمين؟

- قال المراغى:

- متى؟

قال الشيخ البنا: حين يقبل الملك أن يكون لنا فى الوزارة وزيران أو ثلاثة وزراء . عندئذ نعرف كيف نحظى بعدد من كراسى مجلس النواب.

قال المراغى: هل يعنى هذا أنكم تقبلون دخول الوزارة إذا دعاكم الملك من دون شروط

قال البنا: نعم دون أية شروط لأن وجودنا ضرورى لخدمة البلد إن برنامجنا الاجتماعى إصلاحى يقوم على أسس قوية

قال المراغى:

- يا أستاذ حسن.وماذا يصنع وزراؤكم فى رخص نوادى الميسر والملاهى " البارات والخمارات"؟

- ضحك البنا وقال:

- هذه قفشة لا بأس بها عسى أن يستطيع وزراؤنا إزالة ذلك المنكر . - قال المراغى:

- لعل هذا من باب " والله لنخوض إليكم الباطل حتى نصل إلى الحق" أو من " باب الضرورات تبيح المحظورات".

- قال البنا:

- نعم لك حق.

وربما يكون من حسن حظ الإخوان أنهم لم يدخلوا مجلس النواب وإلا أصبحوا مثل أحزاب الأقليات الممثلة فى البرلمان فتذوب الجماعة فى الخضم السياسى المضطرب فى مصر ولا تستطيع أن تفرض رأيا.

وعلى أية حال فإن البنا أدرك فشله فى انتخابات الإسماعيلية انه ليس من مصلحة الإخوان الصدام مع الحكومة والإنجليز وأن ساعة المواجهى لم تأت بعد.

لم يطل عهد أحمد ماهر فى رئاسة الوزارة سوى أربعة شهور فقد فكر التنظيم السرى للإخوان فى اغتياله. وعهد بذلك إلى أحد أعضائه وهو أحمد عبد الفتاح طه.

ولكن أحمد عبد الفتاح طه جبن فى اللحظة الأخيرة عن قتل أحمد ماهر وعاد إلى أعضاء الجهاز السرى يعترف بجبنه!

وفى اليوم التالى اغتال محمود العيسوى رئيس الوزراء داخل دار البرلمان يوم 24 من فبراير 1945 وهو ينتقل من مجلس الشيوخ إلى مجلس النواب ليعلن قرار مصر بدخول الحرب حتى يتسنى حضور مؤتمر الصلح طبقا لقرارات الحلفاء فى اجتماعهم بمدينة يالتا

اعترف العيسوى بجريمته: قال إن قرار إعلان الحرب. وما قد يجره على البلاد من نكبة محققة لو دخلت حربا دفعة غلى قتل رئيس الوزراء.

وقال إنه ينتمى إلى الحزب الوطني وتبين انه كان يتمرن على المحاماة فى مكتب عبد الرحمن الرافعى ثم فى مكتب عبد المقصود متولى وهما من كبار رجالات هذا الحزب.

ألقى القبض على عبد العزيز على وهو من قادة النضال السرى للحزب الوطنى وصهره عبد السلام مصطفى المحامى بتهمة الاشتراك فى الجريمة لأنهما من الحزب الوطني ومن أصدقاء القاتل أيضا.

وفى مذكرات عبد العزيز على" الثائر الصامت" قال إن العيسوى

- من شباب الحزب الوطني وقد أصر العيسوى رغم التعذيب والتهديد والإغراء على أنه وحده القاتل والمدبر للجريمة.

قال الشيخ سيد سابق وهو من زعماء الإخوان للكاتب الأستاذ خالد محمد خالد:

محمود العيسوى من صميم الإخوان المسلمين.

وفى مذكرات الشيخ أحمد حسن الباقوري قال إن النظام الخاص أو الجهاز السرى للإخوان رأى الانتقام من أحمد ماهر لأنه أسقط الشيخ البنا فى الانتخابات بالإسماعيلية فوجه محمود العيسوى لاغتيال رئيس الوزراء.

وفى اعترافات أعضاء جماعة الإخوان أمام محكمة الشعب التى شكلها جمال عبد الناصر برئاسة جمال سالم قالوا إن الإخوان هى التى اغتالت أحمد ماهر ,ولكن لا يعوّل على اعترافات المتهمين أمام هذه المحكمة فقد لقى المتهمون شر أنواع التعذيب"

ولكن الدكتور محمود عساف عضو الهيئة التأسيسي للجماعة ومدير شركة إعلانات الإخوان ينفى انتماء العيسوى قائلا انه كان يحضر فقط درس الثلاثاء الذى يلقيه المرشد العام فى مقر الجماعة أسبوعيا.

طلب العيسوى سماع رأى زعماء مصر, وبينهم الشيخ البنا فى قرار إعلان الحرب فقبض على المرشد العام وزميليه أحمد السكرى وعبد الحكيم عابدين للتحقيق معهم!

رجل العام

أسند الملك رئاسة الوزارة إلى محمود فهمى النقراشي باشا وزير الخارجية والرجل الثانى فى حزب أحمد ماهر الحزب السعدى.

كان النقراشى فى الثامنة والخمسين ولد من أسرة فقيرة حصل على دبلوم المعلمين. وأوفده سعد زغلول فى بعثة إلى انجلترا وبعد عودته عين مدرسا ناظرا لمدرسة رأس التين بالإسكندرية.

اختاره سعد زغلول عندما تولى رئاسة الوزارة وكيلا لمحافظة القاهرة ثم وكيل لوزارة الداخلية وأتهم بالاشتراك فى اغتيال السردار البريطانى السير لى ستاك عام 1924 فاعتقل ثم أفرج عنه.

واتهم مرة ثانية مع أحمد ماهر , بالاشتراك فى قضية الاغتيالات الكبرى عام 1925 فاعتقل عاما كاملا حتى صدر الحكم ببراءتهما سنة 1926

انتخب عضوا فى مجلس النواب عن الوفد واختاره مصطفي النحاس زعيم الحزب, وبعد وفاة سعد زغلول وزيرا للمواصلات عام 1930 وعضوا فى هيئة المفاوضات فى معاهدة 1936 واختلف – كوزير للمواصلات – مع النحاس فى العام التالى فأخرجه النحاس من الوفد ومن الوزارة فأسس مع أحمد ماهر الحزب السعدى عام 1938 وتولى منصب الوزارة أكثر من مرة منذ ذلك الحين.

رأى بعض المسئولين فى وزارة الخارجية البريطانية أن " الملك أساء اختيار رئيس وزرائه وأنه لا يوجد من هو أسوأ من النقراشي باشا! وأن نفوذه السياسى يتركز فى علاقته الطيبة بالملك وقدرته عل تجميع العناصر الوطنية المناوئة للإنجليز".

وكان اللورد كيلرن السفير البريطانى شديد العداء للنقراشى,

فى خطاب قبول رئاسة الوزارة قال محمود فهمى النقراشى باشا للملك فاروق:" اعتزمت على انتهاج سياسة الحزم والمضاء فى تحقيق أسباب الأمن والنظام".

ويعلق السفير البريطانى على ذلك قائلا:

" لم يضيع القراشى الوقت. بل اعتقل العناصر القيادية لما يمكن أن تكون منظمات تخريبية مثل حزب مصر الفتاة والإخوان المسلمين والجناح المتطرف من الحزب الوطني - اللجنة العليا – واتخذ النقراشى باشا حذره عندما أصدر قراره يمنع اجتماعات هذه المنظمات"

اعتقل البنا فى سجن قسم شرطة الخليفة مع أربعين من المشتبه فيهم من رجال الأحزاب المختلفة ينامون على الأرض فى حجرة واحدة قذرة . تضيق فيها أنفاس الإنسان.

ويحاول رجل البوليس السياسى محمد إبراهيم إمام أن يتقرب إلى البنا فيعرض عليه – وحده – الانتقال إلى حجرة أخرى, ولكن المرشد العام يرفض مما جعل كل المعتقلين يكبرون الرجل ويعجبون بروحه المعنوية العالية. ويفرج عن البنا بعد عشرة أيام.

وأثناء الأيام العشرة التقى المرشد العام قسم الخليفة بمحمد الليثي الرجل الذى قدر له أن يلعب دورا هاما فى حياة المرشد العام.. وفى وفائه أيضا!


حاول البنا ألا يستعدى ضده محمود فهمى النقراشى رئيس الوزراء الجديد فتوجه إلي بعد الإفراج عنه يعزيه ولكن بدون جدوى فإن النقراشى أصدر قرارا بمنع اجتماعات الإخوان , ومصر الفتاة واللجنة العليا للحزب الوطنى ولكن الكاتب السوفييتى سيرانين. فى كتابه ز فسر مرونة الإخوان بطريقة أخرى.

قال إنه " بعد إقالة وزارة النحاس راجع زعماء الجماعة حساباتهم بسرعة وفاء منهم لمبدئهم العتيق " فلنقبل الأيادى التى لم تستطع قطعها " فغيروا موقفها تجاه الوفد وأقلبوا على الاتحاد مع أحزاب الحكومة منضمين بذلك لصفوف الجوقة المنددة بسياسة النحاس وحزبه"ويقول سيرانيان أيضا " إن التحالف بين الحكومة والإخوان لم يتعكر صفوه بعد اغتيال أحمد ماهر ولم يحدث أن استغل حزب الكتاب الأسود الذى كتبه مكرم عبيد كما استغله الإخوان للتشهير بالوفد".

ويقرر الإخوان التضامن مع باقى أحزاب المعارضة فى مظاهرة تبدأ من ميدان دار الأوبرا للترحيب بأعضاء مجلس الجامعى العربية واستنكار الاحتلال الفرنسى لشمال أفريقيا والمطالبة بجلاء الفرنسيين. وتقرر الحكومة منع المتظاهرين من مغادرة الميدان فيتجمع فيه الفان من الإخوان بعد ظهر يوم 4 من يونيو يخطب فيهم البنا ورئيس مجلس النواب السورى وآخرون.

ويخرج المتظاهرون من الأوبرا إلى ميدان عابدين فيخطب فيهم مرة ثانية المرشد العام ثم يطلب منهم الانصراف فى هدوء .. فينصرفوا.

ويقول مركز المخابرات البريطانية إن " إلغاء قرار الحكومة والسماح بخروج المظاهرة من ميدان الأوبرا تم بأمر صاحب الجلالة ملك مصر ".

وهذا يدل على ارتباط الإخوان بالقصر.لكن الوزارة تلقى القبض على مصطفي مؤمن زعيم طلاب الإخوان فى جامعة القاهرة وتمنع الإخوان من عقد اجتماعاتهم.

ويطالب صالح عشماوى باستقالة الوزارة كتب يقول:

- هذه الوزارة لم تفعل شيئا ولم تنتج شيئا ولا يجب أن تبقى ساعة من نهار! ويعقد الإخوان مؤتمرهم الوطنى العام يوم 8 سبتمبر 1945 فيشهده 2500 عضو يؤكدون التزام الجماعة بالقرآن. ويطالبون بتحقيق الأمانى الوطنية فى الجلاء.ويكون الجديد فى هذه القرارات المطالبة بتأميم قناة السويس.

ويكتب جيمس بوكر القائم بأعمال السفير البريطانى إلى لندن قائلا:

" هذه هى المرة الأولى يعلن فيها البنا صراحة أن للجمعية أهدافا سياسية . وكان دائما يحاول إقناع الحكومة والسفارة بأن الجمعية لا تتدخل فى السياسة.ولم يصدق أحد ذلك الادعاء"

ألغيت الأحكام العرفية فى 4 فبراير 1945 ويعقد الإخوان مؤتمرا فى اليوم نفسه يدعون فيه إلى المقاومة الشعبية والجهاد ويهاجمون مبدأ المفاوضات .

ويزور البنا ومحمود لبيب قائد الجوالة أنور السادات فى بيته أخذ المرشد العام يشرح للضابط الشاب متاعبه فقال:

- أنها تأتى من ناحيتين الملك والأجانب..

الملك يشعر شعورا قويا بخطورة دعوة الإخوان لما يسمعه من أن الدعوة تقوم على أن يكون الملك بالمبايعة لا بالوراثة .. والأجانب يرهبون الدعوة لأنها تقوم على وجوب الأخذ بشريعة الإسلام وستتعرض حتما لأعمالهم وأموالهم وأضاف المرشد العام:

-يدبر الملك أمره ليبطش بهذه الحركة التى لم تبلغ أوج قوتها بعد .. وما أيسر أن تتحول النظرة الموحدة من الأجانب والملك إلى تحالف عملى للقضاء على الدعوة وعلى الجماعة التى تدعو إليها, قال :

أريد أن أضع حدا لهذه المتاعب ويمكن أن يطمئن الأجانب إلى الدعوة لو اطمأن إليها الملك وأستطيع أن أكسب ثقته لو تقابلت معه.

ويتجه البنا بالحديث إلى هدفه مباشرة قال:

أنت تعرف الدكتور يوسف رشاد وهو ذو حظوة عند الملك ويمكنه إقناعه بمقابلتى.

ويقوم أنور السادات بالوساطة ويبلغ يوسف رشاد الذى يستمع إليه ثم ينتقل حديثه إلى فاروق.ولكن الملك يقرر ألا يلتقى يوسف رشاد بمرشد الإخوان

ويكرر الشيخ البنا المحاولة مرة أخرى مع أنور السادات ويلتقى المرشد العام ووكيل الجماعة , أحمد السكرى , وبالدكتور رشاد ثلاث ساعات.

قال البنا:إنى مستعد للتعاون مع الملك

وقال: ويمكن التغاضى عن بعض تصرفات الملك الشخصية لصغر سنه.. كما سنتعامل معه بصفته حاكما.وأكد المرشد العام أنه يكن لصاحب الجلالة التقدير والاحترام.

نقل الدكتور يوسف رشاد هذا الحديث إلى فاروق وحاول إقناعه بحسن نية المرشد العام ولكن الملك قال له:

- البنا ضحك عليك!

وقصد الشيخ البنا إلى دار السفارة البريطانية ليلتقى للمرة الثانية بالسير والترسمارت المستشار الشرقى يوم 17 من أكتوبر 1945 وكانت المرة الأولى قبل 18 شهرا.

طلب المرشد العام من الإنجليز ضرورة القيام بإجراء لمنع هجرة المزيد من اليهود إلى فلسطين قال:

-اقتراح الرئيس ترومان بهجرة اليهود إلى فلسطين يشبه وضع قطعة من النار بجوار برميل من البارود.وانتقل البنا إلى إندونيسيا فطالب بريطانيا أن تنظر بعين التعاطف إلى مطالب شعب إندونيسيا فى الاستقلال.

قال سمارت: ذلك الأمر يقع خارج نطاق اختصاصى تماما.

قال البنا: اقبلوا مطالب مصر القومية.

وتساءل قائلا: هل تقضى سياسة بريطانيا العظمى بتكوين أمة مصرية عربية متحدة أو بتفريقها كى يمكن حكمها بطريقة أكثر سهولة.

رد سمارت قائلا:

إن بيانى مستر ايدن عن تشجيع قيام الجامعة العربية يعدان دليلا كافيا على تشجيع بريطانيا للوحدة بين أصدقائنا المصريين والعرب والبيانات كافيان ليثبتا أن بريطانيا لا تؤيد على الإطلاق أسلوب " فرق تسد" وتبقى بعد ذلك تفاصيل يمكن حلها عن طريق التشاور والتفاهم.

وانتهز سمارت الفرصة . قال:

عندما التقينا قبل 18 شهرا أكدت تماما أن جماعتك ذات أهداف دينية وثقافية واجتماعية بينما تثار فى اجتماعات الإخوان المسلمين خلال الفترة الأخير قضايا سياسية تماما.

رد البنا:

- الغايات الدينية فى الإسلام هى. بالضرورة , سياسية فى الوقت نفسه كالدفاع عن البلاد الإسلامية مثل فلسطين والحفاظ على حقوق المسلمين وغيرها.

- قال سمارت الذى يتقن العربية:

- - يبدو لى كما لو أنك تدافع عن المبدأ الإسلامى القائل بأن " الدولة والدين لا ينفصلان" ومن خلال هذا المبدأ يمكن تحويل أى قضية سياسية إلى قضية ذات طابع دينى , ويبدو لى دفاعك كما لو كان محاولة لتبرير انغماس جماعتك أنشطة سياسية تماما.

- لا أنوى ذلك والجماعة لا تعمل لصالح أى حزب سياسى وكل ما فى الأمر أننا نكرس جهدنا لتحقيق الأمانى الأساسية للشعوب الإسلامية

واستمر البنا يتحدث باستخفاف عن المجلس الاستشاري الذى أحال إليه النقراشى المطالب القومية للبلاد لإبداء الرأى فيها فقال إن هذا المجلس ربما يتكون من أشخاص لهم مكانتهم ولكنهم لا يمثلون الشعب بأية حال.

وقال إن الشعب لم يعد يؤيد أولئك الذين يسمون قادة . وليس لدى الإخوان المسلمين النية لتأييد أحد من هؤلاء القادة سواء النحاس أو النقراشي واستمر يؤكد نظريته القديمة التى قالها لسمارت من قبل . قال:

- الإخوان المسلمون هم أكثر الحلفاء نفعا لكم فى مجتمع يتهدده الانحلال, وهم أشد الحواجز صلابة فى وجه الشيوعية. ومن أفضل العوامل المساعدة على الاستقرار والاسم رغم أنه ديمقراطى إلا أنه قوة محافظة.

- أبرق السفير البريطانى إلى لندن قائلا:

- " يحاول البنا فى الوقت الحاضر التقرب منا ونحن لا نرغب فى إثارة عداء الإخوان لنا فى هذه المرحلة.

- ومن الأفضل أن ننتظر ونرقب ما تسفر عنه الأحداث"!

- اقتربت ذكرى وعد بلفور.

- وسنت الصحف المصرية حملة ضد بريطانيا والصهيونية وتدفقت المنشورات على جامعة فؤاد الأول

– جامعة القاهرة الآن والأزهر . تدعو للقيام بمظاهرات ضد بريطانيا والصهيونية.توقعت السفارة البريطانية أحداثا خطيرة فبعث جيمس بوكر القائم بالأعمال إلى لندن يتهم شخصيات عليا بأنها مولت بعض صحف المعارضة!ّ

- وأنهم الحكومة بأنها أرادت صرف اهتمام الناس عن القضية الوطنية والجلاء.

- واتهم الوفد بأنه مممول بالمال – حزب مصر الفتاة وجمعية الشبان المسلمين وقال إن فؤاد سراج الدين عرض أموالا على جماعة الإخوان . ولكنهم رفضوا طبقا لسياستهم فى عدم التعاون مع الوفد!

- وجاء يوم الخميس أول نوفمبر 1945 فأضربت الجامعة والمدارس الثانوية وأربع من كليات الأزهر. وطاف الطلبة بالمحال التجارية يطلبون من أصحابها إغلاق محالهم التجارية فى اليوم التالى تضامنا مع حركة الأحزاب فوافق الجميع.

خشيت السفارة البريطانية أن يتدهور الأمن فى اليوم التالى – 2 نوفمبر – فتوجه السيروالتر سمارت المستشار الشرقى للسفارة البريطانية إلى وزارة الداخلية المصرية ليلتقى بوكيلها حسن رفعت باشا قائلا:

- يتحرق البنا شوقا ليحل محل النحاس باشا والوفد

- رد حسن رفعت:

- لا يمكن أن نعارض أمرا يمثل التطور الطبيعى:

وأضاف:

يتعاون الإخوان المسلمون معى للتقليل من حجم المظاهرات التى ستجرى غدا بشأن قضية فلسطين.

لقد صاروا الآن أقوياء للغاية كما أن البنا قائد ملتزم تماما. وهو خطيب مفوه ولديه قدرة عالية على التنظيم.وقال حسن رفعت إن البنا تلقى إعانات من الإيطاليين والألمان والقصر والوفد. ويضيف وكيل وزارة الداخلية المصرية.

أؤكد لك أن البنا لم يحصل على هذه الأموال لنفسه بل استخدمها لتطوير أنشطة الجماعة.وقال: - لا يعيب الملك فاروق أن يمد الإخوان بقليل من التأييد خاصة أنهم أفضل الأسلحة للحرب ضد الشيوعية قال والترسمارت:

- من الخطر مساندة الإخوان واستخدامهم كسلاح حتى لا يأتى يوم تجد فيه هذه الحكومة. وكل الحكومات , أن التعامل معهم صار أمرا عسيرا فهم جماعة تعمل فى الظلام ومعادية للأجانب واستخدامهم كسلاح يؤدى بالتالى إلى نمو قوتهم. وبالتالى تصبح السيطرة عليهم أمرا مستحيلا. - وإنى أدرك بالطبع زيادة قوتهم ولكنى متمسك برأيى فى أن أنشطتهم يمكن أن تؤدى إلى قيام حركة معادية للأقباط. رد حسن رفعت قائلا:

لا أعتقد بوجود ثمة خطر من وراء ذلك فالبنا حريص للغاية على عدم السماح بمثل هذه الأعمال. أصر سمارت على موقفه وقال:

-لا زلت متمسكا تماما برأيى فى أن أى تشجيع للإخوان المسلمين يعد من الأمور الخطيرة. أبرز حسن رفعت رسما تخطيطا لمبنى ضخم يعتزم الإخوان إقامته ليكون المقر الرئيسى للجماعة فى القاهرة. وأضاف:

- صار صالح حرب رئيس جمعية الشبان المسلمين وجمعيته فى الوقت الحاضر مجرد تابعين لالبنا!

- قال حسن رفعت:

- إذا كانت مظاهرات الطلاب قد اختفت فالفضل فى ذلك يرجع إلى جهود الإخوان المسلمين الذين أصبحوا حاليا أكثر قوة وأنصار

من الوفد فى الجامعات.

ولكن سمارت لا يكتفى بلقاء حسن رفعت باشا – بل يجتمع بمحمود الغزالى بك مدير المن لعام يقول لسمارت:

- لا أتفق مع حسن رفعت فى رأيه حول الأموال التى حصل عليها البنا أرى أن البنا يحتفظ بجزء من هذه الأموال لنفسه!

جاء الصباح التالى.. الجمعة 2 من نوفمبر 1945.

قدم الإخوان سيارات النقل التابعة لشركتهم لنقل الطلاب إلى الجامع الأزهر.. وسار كثيرون على أقدامهم إلى المسجد لإضراب المواصلات .

قذفت المتاجر فى حى الأزهر بالحجارة وهوجم المعبد اليهودى فى الموسكى وبلغت خسارة محل للملابس يملكه يهودى 60 ألف جنيه.

وصف جيمس بوكر المظاهرات ودور الشيخ البنا فى تهدئة الطلاب فقال:

" تجمع عدة آلاف من الطلبة وأعضاء الجمعيات الدينية داخل الجامع الأزهر وحوله لأداء صلاة الجمعة.

وقف رجال الشرطة مضطربين فى أماكنهم توقعا لنتائج المظاهرات التى كانت على وشك التحرك خوفا من فشل الشرطة فى السيطرة على هذا العدد الضخم بهم الاجهاد رغم أن رئيس الوزراء ساعد شخصيا فى القبض على بعض مثيرى الشغب!

واستغلت الشرطة النداء الذى وجهه أحمد السكرى الوكيل العام للإخوان المسلمين فى السعى لإقناع أعضاء الجماعة بالانسحاب من المظاهرات ولكن هذا النداء لم يكن مجديا.تحرك المتظاهرون إلى قصر عابدين وخرجوا من الطابع الصامت وأخذوا يهتفون بقوة بحياة الملك والو حدة العربية , ويهاجمون اليهود.

خطب البنا فأبدى أسفه لأعمال التخريب التى وقعت وناشد المسئولين عنها التوقف عن أ عمالهم الشريرة

لم تجد نداءاته فلا تدين الأغلبية العظمى منهم بأى ولاء. وكانوا فى حالة من الهياج الشديد التى تمنعهم من الاستجابة إلى الناصح الذى لا شعبية له!

ولكن البنا استطاع بعد ساعة أن ينصح المتظاهرين بالتفرق فأطاعوه وانصرفوا بنظام" ويكتب السير والترسمارت:

" يشعر الوفد بالسخط تجاه موقف الإخوان الذين قاموا بتهدية أعمال الشغب التى وقعت بين صفوف الطلاب. واعتبر الوفد موقف الإخوان نوعا من الخيانة وقد تلاعب فؤاد سراج الدين بالإخوان المسلمين لبعض الوقت ولا شك أنه قد إليهم بعض المال.

وعلى آية حال فأن حكومة النقراشى تبدو كما لو أنها نجحت فى الوقيعة بين الإخوان والوفد.

وكانت سياسة الإخوان المسلمين تتمثل فى السعى لتحاشى وقوع أى صدام مع الحكومات المتعاقبة بينما يدعم الإخوان موقفهم. وعلى نحو مشابه نجدهم حاولوا استمالتنا – أى استمالة الإنجليز – خوفا من ان يقوم بالتحريض على أى عمل ضدهم لقد أصبحت الجماعة تضم نحو نصف مليون عضو فى مصر .

وافتتحت فروعا ف فلسطين وسوريا. ودفع الاستياء الذى يشعر به المصريون تجاه قادة الأحزاب السياسية الحالية إلى أن ينضم عدد منهم إلى الجماعة التى وجدت أعضاء لها بين الطبقات الراقية فى المجتمع بعد أن كانت لا تضم إلا أبناء الطبقات الدنيا.

ومن الواضح أن الإخوان المسلمين سلاح ذو حدين فيمكن أن يكونوا اليوم أصحاب دور فعال فى وقف أعمال الإثارة ثم يقومون غدا بدور خطيرة التحريض وخاصة فى القضايا الدينية ثل قضية فلسطين

ولا أظن أن بمقدورنا القيام بأكثر من تحذير حسن رفعت".

وكتب الملحق العسكرى الأمريكى إلى واشنطن يوم أول نوفمبر يقول " اشترى الملك ولاء الإخوان" أضرب عمال شبرا الخيمة. واعتقل النقراشى أكثر من 100 من المتهمين بالشيوعية فى ديسمبر واستمرت عملية اعتقال الشيوعيين فى يناير وفبراير.وحققت النيابة مع صحف " مصر الفتاة" ," الاثنين"و" روزاليوسف"و" الشيوعية" و" الوفد المصرى"و البلاغ" الوفدية.

ويلجأ النقراشى إلى القوة لقمع المظاهرات ويعتقل أحمد السكرى وكيل الجماعة ويغلق شعب الإخوان والمقر الرئيسى للجماعة.

ويعود اللورد كيلرن إلى القاهرة ليهاجم – فى تقاريره – الإخوان المسلمون قال: " يمكن إلقاء المسئولية معظم المظاهرات المعادية لبريطانيا والهجمات التى تعرض لها الرعايا البريطانيون على مدى العامين الماضيين على الجوالة الذين أصبحوا أكبر لحركات الشبابية وأكثرها تنظيما"

ظل اللورد كيلرن السفير البريطانى يتصرف بعقلية المندوب السامى البريطانى فتوجه لمقابلة رئيس الوزراء وحذره من انتشار عدوى الاغتيالات السياسية وقال له:

جاء اغتيال أحمد ماهر باشا دليلا على انتشار الخروج على النظام والقانون. وأضاف: أصبح الإرهاب سمة مميزة للحياة السياسية فى مصر

وطالب بالتعجيل بالعقاب كوسيلة للردع

وتضع السفارة البريطانية عيونها على انتشار حمل السلاح فى مصر قال اللورد كيلرن فى تقارب\يره إلى لندن:

" استمر تهريب الأسلحة على نطاق واسع وكان يتم شراء معظمها من مخلفات الجيوش التى شاركت فى معارك الصحراء الغربية خلال الحرب العالمية الثانية وبدت سلطات الأمن عاجزة عن القيام بأى شئ. وكان فى وسع سكان الأقاليم تحدى جهود السلطات لتنظيم حيازة الأسلحة النارية والإفلات من العقاب. وزاد من صعوبة مهمة لحكومة فى التعامل مع هذه المشكلة إن الأسلحة المحظورة من أنواع متطورة للغاية بينما كانت قوات الأمن المصرية مسلحة فى الغالب بأسلحة قديمة

إن انتشار حيازة الأسلحة صار عاملا جديدا وخطيرا فى التأثير على العلاقات البريطانية المصرية . وفى حالة نشوب أية أعمال عنف معادية لبريطانيا على نطاق واسع سيصبح التعامل مع عناصر الشغب أكثر صعوبة عما كان عليه فى عام 1919 فقد كانت معظم هذه العناصر غير مسلحة عام 1919".

ويضع النقراشى رقابة صارمة على الإخوان طوال فترة وزارته ويكتب السفير البريطانى إلى لندن عن التغير الذى جرى فى حزب الوفد قال:

" يقوم حزب الوفد بدور المعارض الحقيقى فهو يشعل الاضطرابات مستخدما أساليب دعائية عنيفة ضد كل من الحكومة المصرية والبريطانية"

وتقول السفارة:

" بدأ القصر يستميل الإخوان المسلمون الذين نمت قوتهم بصورة كبيرة وأصبحوا يتمتعون بقوة كبيرة فى الجامعة والمدارس.

وما زالت الجماعة تشكل خطرا دائما لا على التعاون الودى بين كل من بريطانيا ومصر بل على التعاون بين مصر والأوربيين بوجه عام.

وأصبح الإخوان الذين تدعمت قوتهم بفضل حماقات الحكومات المتعاقبة التى سعت إلى استخدامها لا يخفون رغبتهم فى أن يحلو محل الوفد فى نهاية الأمر وأن يقوموا بتشكيل وزارة تحكم البلاد؟ ويسافر البنا لأداء فريضة الحج

وتتجدد مظاهرات الطلبة التى أثارها الوفد والإخوان. كما يقول السفارة ويلجأ النقراشى إلى القوة لقمعها مما إثار احتجاجات عنيفة.

ويكتب السفير البريطانى إلى لندن:

" أثبتت جماعة الإخوان المسلمين قدرتها على الاستمرار رغم المصاعب العديدة التى واجهتها واتى تمثلت فى إغلاق مقارها وإعتقال أحمد السكرى وغياب البنا مما أدى إلى تقليص نشاطها. ولكن مازالت تعقد اجتماعات على مستوى محدود فى منازل بعض أعضائها.

وخلال أحد هذه الاجتماعات قرأ أحدهم رسالة من البنا يحث فيها أعضاء الجماعة على الاستمرار فى العمل رغم اجراءات الحكومة .

ودعا البنا إلى تقديم المعونات إلى الأعضاء الذين يتعرضون للاعتقال وقدمت الجماعة المراتب والحشايا والأغطية لأعضائها المعتقلين ووعت الأموال على أقاربهم. ويقال إن الجماعة وزعت بعض الإكراميات على ضباط الشرطة وحراس السجون لتوفير معاملى طيبة للمعتقلين"!

عاد البنا إلى القاهرة فى ديسمبر وكان من أول أعماله التحقيق فى شكاوى الأعضاء الذين اعتقلوا وأرسلوا إلى مناطق نائية ومعتقلات غير ملائمة وقيل إنهم لقوا معاملة سيئة.

وأمرا البنا بإجراء تحقيقات كاملة حول هذا الموضوع وطلب إلى أعضاء الجماعة فى المدن والمديريات موافاته بأسماء " الضحايا" وكان النية تتجه إلى تقديم احتجاجا للحكومة ضد المعاملة التى تعرض لها الأعضاء

ويكتب اللورد كيلرن إلى لندن

" هناك تقارير غير مؤكدة عن مقابلة سرية بين الملك فاروق والبنا بعد عودته من مكة. ومن المعتقد أن املك أبلغ البنا أنه يفضل سياسة الإخوان بغير حد طالما أنها تحافظ على توازن القوى السياسية فى البلاد.

وقد أطلق النقراشى سراح عدد من أعضاء الجماعة الذين اعتقلوا لمشاركتهم فى أنشطة معادية للإنجليز والحكومة نتيجة لقاء البنا مع الملك".

ويلتقى السفير البريطانى برئيس الوزراء ويحذره من المظاهرات المعادية ليهود التى جرت فى ذكرى وعد بلفور ويكتب كيلرن إلى لندن:

" هذه الأحداث بمثابة تذكرة لنا – أى لبريطانيا – إلى ما يمكن أن ينتج من أعمال الشغب التى يقوم بها السوقة فى مصر"!

ويجتمع مجلس الوزراء المصرى برئاسة محمود فهمى النقراشى باشا يوم 18 من ديسمبر 1945 لبحث موضوع تعديل معاهدة 1936.

ويقدم عبد الفتاح عمرو باشا سفير مصر فى لندن مذكرة طويلة إلى وزارة الخارجية البريطانية يطلب فيها فتح باب المفاوضات.

وتسجل هذه المذكرة مطالب مصر فى صراحة كاملة وهى الجلاء ووحدة وادى النيل قائلة " إن الحرب استنفدت أهم أغراض المعاهدة وأحكامها التى تمس استقلال مصر وكرامتها, ولم تعد تساير الوضع الحالى. إن وجود قوات أجنبية زمن السلم فى بلادنا حتى لو انحصرت هذه القوات فى مناطق نائية يجرح الكرامة الوطنية".

ورأى أرنست بيفن وزير خارجية بريطانيا أن يبحث مع المسئولين فى الوزارة ورؤساء الأركان حرب القوات البريطانية موضوع الجلاء عن مصر.

قال رؤساء الأركان إن معاهدة عام 1936 تنص على بقاء 10 آلاف جندى بريطانى و500 طيار فى منطقة قناة السويس..

وأبدوا استعدادهم لتخفيض هذا الرقم إلى 5000.

ولكن السلطات العسكرية البريطانية رأت أن استعدادات الدفاع فى المنطقة يجب ألا تمس, مع خلق الإحساس أيضا لدى المصريين بأن الامبراطورية البريطانية رحلت عن مصر!

وقال بيفن اللجنة الدفاع المنبثقة عن مجلس الوزراء البريطانى.

هدفنا أن نبتعد عن القاهرة فلا يرى المصريون قواتنا حتى لا يقال غن مصر بلد محتل فتنسحب القوات البريطانية إلى منطقة القناة.

ورأى بيفن أن إعلان مبدأ الانسحاب سيغرى المصريين على أن يطلبوا من البريطانيين البقاء إلى الأبد فى منطقة قناة السويس ... على الأقل وأوصى بإتباع النموذج الأمريكى وهو تأجير قاعدة قناة السويس مدة 99 سنة.

ويقدم بيفن وزير الخارجية مذكرة إلى مجلس الوزراء البريطانى. قال بيفن فى هذه المذكرة سيقبل المصريون معاهدة جديدة تتضمن نفس ملامح معاهدة 1936 التى يطالبون بإلغائها.

وقال إن بريطانيا ستسحب قواتها إلى منطقة القناة ولكنها ستحتفظ بحقها فى إعادة احتلال مصر إلى أن قامت الحرب وكان بيفن متفائلا أكثر مما ينبغى بما ستقبله مصر.

ويزور اللورد كيلرن فاروق يوم 29 من يناير عام 1946 يحمل إليه ردا شفهيا من بريطانيا على طلب تعديل المعاهدة يطالب بإدخال وزراء وفديين – لا النحاس – فى الحكومة ويعرض سريان التحالف بين بريطانيا ومصر.

ولكن السفير لا يفصح عن آراء بيفن كلها. ويشجع فاروق السفير البريطانى على الحديث بل يسأله النصيحة قال السفير إنه لا يستطيع التعاون مع النقراشى فطلب منه فاروق أن يقدم بذلك مذكرة كتابية قدم كيلرن هذه المذكرة يوم 31 من يناير فقصد عبد الفتاح عمرو باشا إلى وزارة الخارجية البريطانية فى اليوم نفسه, للقاء بيفن وأبلغه أن ملك مصر تلقى تحذيرا رسميا بضرورة تغيير النقراشى وأن هذه الرسالة غير ودية وقد أزعجت جلالته للغاية.

نفى كيلرن ذلك. ولكن الخدعة , أو اللعبة الملكية, حققت أهدافها فإن بيفن كان يرفض التدخل لتشكيل أو تغيير الوزارات فى مصر.

فى 4 فبراير 1946 قرر مجلس الوزراء البريطانى نقل كيلرن من مصر وتعيينه مندوبا خاصا فى جنوب شرق آسيا.

وتشتد مظاهرات الطلبة التى أثارها الوفد والإخوان وتلجأ الحكومة إلى استخدام القوة لقمعها. ويكتب الوزير المفوض البريطانى جيمس بوكر:" يجب أن نذكر أن الوفد لم يستطع عند افتتاح الجامعة فى أكتوبر الماضى جذب الطلاب للتظاهر خارج الجامعة بسبب عدم تعاون الإخوان معه فإنهم كانوا – حينذاك – يناصرون الحكومة.

ويشير خروج جماعة الإخوان إلى الشارع جنبا إلى جنب مع الوفد إلى اعتقاد الإخوان بأن حكومة النقراشى تقضى أيامها الأخيرة , وإلى قيام الحكومة أخيرا بالتضييق على أنشطة الإخوان.وهذا يشير إلى التأثير المتزايد للجماعة,... فعندما قررت ان تلقى بثقلها إلى جانب أ‘مال الشغب والاضطراب كان لذلك أثره الفعال".

ويبلغ الملك رئيس وزرائه بأن الإنجليز طلبوا إخراجه من منصبه قال الشيخ البنا للنقراشى:

- طالب بالجلاء صراحة فإن ماطل الإنجليز لا تقدم استقالة . وإنما امتشق السيف وقد الأمة إلى الجهاد.

- ولكن النقراشى يستقيل يوم 15 من فبراير 1946

وتجرى مجلة المصور فى الأسبوع نفسه استفتاء بين القراء عن " رجل عام 1945" ففاز الشيخ البنا.

الإخوان المصريون

اختار الملك صدقى باشا – 71 سنة- ليتولى رئاسة الوزراء فقبلها قائلا:

- إنها يا مولاى لمهمة عسيرة ينوء بها اصلب الرجال عودا. وكان صدقى صادقا فليس له حزب. أو نائب واحد, يمثله فى البرلمان اعذر محمود فهمى النقراشى عن دخول الوزارة او اشتراك الحزب السعدى فيها لم يكن أمام صدقى إلا حزب الأحرار الدستوريين فألف صدقى وزارته من 11 وزيرا وتولى وزارتى الداخلية والمالية بالإضافة إلى رئاسة الوزارة واختير أحمد لطفى السيد وزير دولة يتولى وزارة الخارجية. ومثل حزب الأحرار الدستوريين 4 وزراء والباقون من المستقلين وكان صدقى يهدف إلى أن يستبدل السعديين بالمستقلين عندما يقرر الحزب دخول الوزارة.

ورى الإخوان فى بعض كتبهم أن صدقى لم يقبل الوزارة إلا بعد أن ضمن تأييدهن له فقد اصبحوا القوة الثالثة. وفى السياسة المصرية بعد الملك والوفد وقالوا إن صدقى – وهو يبحث عن مؤيدين لهم قوة شعبية يناصرونه - رأى الاتجاه إليهم... ولم يكن أمامه غيرهم!

قام بالوساطة بين صدقى والمرشد العام, إبراهيم رشيد زوج ابنة صدقى باشا زار رئيس الوزراء الشيخ البنا وأبلغه أنه كلف بتشكيل وزارة لمفاوضة الإنجليز وأرجأ المرشد العام رده بالقبول أو الرفض حتى يعرض الأمر على الإخوان.

وقال البنا لصدقى باشا:

شاع بين الناس من تاريخك السياسى ما يبعث على النفور منك ولكننا سنزن ما تقول بميزان دعوتنا. أجاب صدقى:

- سأبدأ صفحة جديدة وللجماعة أن تأخذ على ما شاءت من مواثيق جمع المرشد العام الهيئة التأسيسية وعرض عليهم الأمر فوافقوا على مبدأ التفاهم مع صدقى.

- وأبلغ المرشد رئيس الوزراء الحد الأدنى من مطالب البلاد الوطنية فى لمفاوضات مع الإنجليز.

- وعلى هذا الأساس قرر الإخوان تأييد الوزارة وفى هذه الرواية ما فيها من مبالغات لا يقبلها العقل!

- ولكن عمر التلمساني يقدم صورة مقبولة لما جرى . قال:

- إسماعيل صدقى من أنبغ الساسة المصريين ولكن ليست له قاعدة شعبية ورأيه أن تؤخذ حقوق مصر خطوة خطوة فتأخذ جزءا من الحق , أى الجزء المستساغ.

- قال صدقى للإخوان :

- سأعمل لكم بشرط تأييدى قالوا:

استرد الحقوق المشروعة فورا, أو بالتقسيط بشرط أن تترك للإخوان حرية قال " ادجار جلاد" صاحب جريدة " الجورنال ديجيبت" وأحد رجال الملك فاروق لفيليب ايرلاند سكرتير السفارة الأمريكية: اتجه صدقى إلى الإخوان ليحقق التوزان مع الوفد.

ويروى بعض الإخوان أن إسماعيل صدقى عرض على البنا أن يكون وزيرا للأوقاف وأن البنا فكر فى قبول العرض قائلا:


- نستطيع من خلال عشرة آلاف مسجد أن ننشر دعوتنا ولكن صدقى تراجع عن ذلك.

ومرة أخرى من حسن حظ البنا والجماعة أن صدقى عدل عن ترشيح الشيخ للوزارة – أيا ما يكون سبب ذلك – وإلا كان البنا قد انتهى إلى أن يصبح مجرد وزير لا قائدا ومرشدا للإخوان!

لم ترحب السفارة البريطانية بتعيين إسماعيل صدقى , ولم تعترض عليه وصف جميس بوكر القائم بأعمال السفير البريطنى رئيس وزراء مصر إسماعيل صدقى, الذى وافق الإخوان على التعاون معه فقال بوكر فى البرقية رقم 78:

" وظل المصريون يعتبرون إسماعيل صدقى رمزا للرجعية السياسية والرأسمالية والفساد المالى. وظل لفترة طويلة .. اقدر الاداريين والماليين وأقوى رجل فى مصر أبعده الملك فؤاد من منصبه مرتين عامى 1925 -1933 وكان يجب أن نمنع ذلك – نظرا للخدمات التى أداها صدقى لنا. وإبعاد صدقى أدى إلى ميله الأن إلى معاداة البريطانيي.

وأصبح منحازا للتفكير الأوربى ضد التفكير الانجلوسا كسونى. وخلال العامين السابقين لعب دورا وطنيا متطرفا فى طلب تعديل المعاهدة وهذا ينبع جزئيا من رغبته فى طمس الأسطورة الشعبية عن ارتباطه بنا وهو عديم الضمير تماما يكيف نفسه فى أى وقت مع الاتجاه الذى يناسب مصالحه وقد أثار تعيينه - بطبيعة الحال – رفضا عنيفا من جانب الوفد والعناصر المحافظة فى البلاد.

ومما لا شك فيه أن لطفى السيد الذى قارب الثمانين من عمره سيكون وزيرا صوريا للخارجية وسيدير صدقى الشئون الخارجية بنفسه.

ولم يعد صدقى بنفس لقوة الجسدية التى كان عليها قبل النوبة القلبية التى أصابته عام 1933 وهو الآن فى الحادية والسبعين من عمره.

ويبدو تعيين صدقى استفزازيا فى العالم الجديد الذى بدأ يخرج حتى فى الشرق الأوسط, من التأثير المضطرب للحرب ومن الاستياء الاجتماعى الذى تبرره ظروف التفاوت الاجتماعى".

ولكن " جرافتى سميث" مساعد السكرتير الشرقى السفارة البريطانية أنصف صدقى قال:

" أذكى الوطنيين المصريين قادر على كل شئ. وهو واحد من السياسيين المصرين القلائل الذين يعتبر حديثهم متعة فكرية. ويلعب شاربه دورا كبيرا فى ابتسامة الثقة بالنفس التى يتلقى بها حلو الأخبار ومرها"

وأنصف الكاتب البريطانى " جون مارلو " فقال:

"... آخر الباقين على قيد الحياة من الحرس القديم للوطنية المصرية الذين شكلوا حزب الوفد الأصلى ثم انشق بعد فترة قصيرة على سعد زغلول وقام خلال أكثر من عشرين عاما بدور مستقل تماما فى الحياة المصرية العامة لا يتمتع بأية شعبية . تركى الأصل أوتوقراطى الطباع. واقعى بالغريزة يعارض غوغائية حزب الوفد.

ظل رئيسا للوزارة من عام 1930 حتى 1933 وبعد أن فقد منصبه ومارس معظم وقته ليكون رجل أعمال فجمع ثروة كبيرة وفى السياسة كان رجل الدولة المحنك المستقل الذى يراقب الأحداث .. يشجع أ ينتقد. وخلال الحرب العالمية الثانية كان ناقدا عنيفا سليط اللسان للسياسة البريطانية فى مصر"

اضطهد صدقى الوفديين أثناء رئاسته للوزارة عام 1930 ولذلك كان من الطبيعى أن تصف صحف الوفد تعيينه بأنه " عودة الجلاد"!

بدأ صدقى وزارته الأخيرة عام 1946 فى ظل تأييد الإخوان ومعارضة الوفد.

وكانت الحرب قد انتهت والإنجليز لا يتدخلون فى سياسة الحكم وشئون مصر الداخلية ولا يفرضون على رئيس الوزراء اعتقال البنا أو نقله كما فعلوا فى عهد حسين سرى.

قال السفير البريطانى:

" لوحظ أن مرسوم الملك فاروق لصدقى يصف الأوضاع الحالية المضطربة فى مصر بأنها تعبير صحى عن طموح الشعب لتحقيق مطالبة العادلة داخليا وخارجيا".

كان على رئيس الوزراء أن يتخذ أسلوبا جديدا للحكم – لتحقيق مطالب الشعب – يختلف عن السياسة التى سار عيها فى وزارته  قبل 13 سنة , ويزيل من الأذهان صورة الديكتاتور الذى يقف دواما ضد الشعب.

رأى صدقى أن يركب موجة المظاهرات الشعبية ليقودها ويتخذها وسيلة للضغط على الإنجليز لتحقيق الأمانى القومية!

دعت الأحزاب الشعب إلى التظاهر فى " يوم الجلاء " 21 من فبراير بيان الإخوان متفقا مع بيان الوفد فى عدة نقاط. فقد طالبت الجماعة بالجلاء التام ووحدة وادى النيل والكفاح ضد الامبريالية.سمح صدقى بالمظاهرات . التى اشترك فيها الوفد والإخوان والحزب الوطني ومصر الفتاة والشيوعيون.

أدت هذه المظاهرات إلى نتجتين:

الأولى: تشكيل اللجنة القومية للطلاب ولكن حدث احتكاك داخل اللجنة بين الوفد والإخوان وتبادل الطرفان اتهامات.

الثانية وهى الأهم فقد تصدى الإنجليز لمظاهرات القاهرة وقتلوا 23 وأصابوا 121.أباح إسماعيل صدقى المظاهرات مرة أخرى فى يوم الشهداء -4 مارس – حدادا على شهداء يوم الجلاء . ولكن سقط 28 قتيلا و342 جريحا بالإسكندرية نتيجة تدخل الجيش البريطانى.

كتب القائم بالأعمال البريطانى إلى لندن

" هذا جزء من اللعبة الديماجوجية التى يلعبها السراى لتملق الطلبة وغيرهم من المهيجين. ويبدو أن أول تصرفات صدقى تعكس هذه السياسة لقد ألغى تدابير الحكومة السابقة بمنع اجتماعات الإخوان ومصر الفتاة وهو او السراى , أو هو والسراى ينظمان مظاهرات الطلبة والإخوان بحيث تتجه إلى القصر لإعلان ولائها لجلالة ملك مصر..

وتطلق فى طريقها الصحيات المعادية للبريطانيين من قبيل " يسقط البريطانيون " ... الخ وكلف حسن رفعت باشا وكيل وزارة الداخلية من جانب صدقى بتنفيذ هذه السياسة .

واتضح منذ وقت طويل أن السراى فى جهودها المحمومة للإبقاء على نفوذه المتقلص بين العناصر الشعبية على استعداد تام لتشجيع نصارها على أعمال العنف المعادية للبريطانيين لتجويل الاستياء الشعبى من السراى .. إلينا وخطورة مثل هذا النوع من الألاعيب واضحة".

وتكتب المفوضية الأمريكية إلى واشنطن: " يتزايد تنظيم الإخوان كل يوم كقوة سياسية وبالذات منذ تولى صدقى باشا السلطة. وقد رفع رئيس الوزراء الحظر الذى فرضه النقراشى باشا على اجتماعات الإخوان وهو يجامل الإخوان, ربما يدعم مالى بأمل فصم ارتباطهم بالوفد"!

فى اجتماعات لجان الطلبة يلمع اسم مصطفي مؤمن أحد زعماء شباب الإخوان الذى يتعاون مع الوفد فى المظاهرات عقب تولى صدقى الوزارة مباشرة.. ولكن مصطفي مؤمن يصبح من أوائل المدافعين عن الاعتدال والداعين إلى الامتناع عن القيام بأعمال عنف جديدة!ويؤيد المركز العام للجماعة دعوة الاعتدال بإعلان أن اللجنة القومية التى نظمت الإضرابات قامت لغرض واحد وهو تنظيم إظهار شعور الأمة فى يوم الشهداء وقد انتهت مهمتها بانتهاء ذلك.

وقال أعضاء الجماعة – تبريرا لانسحابهم من اللجنة – إن صدقى عام 1946 عير صدقى فى الثلاثينات يبذل كل ما فى وسعه وفقا لرغبات الشعب " وإنه صادق فى وعوده " مما يدل على التفاهم والتعاون بين صدقى والإخوان وشكل الإخوان لجنة أخرى فقالت السفارة البريطانية فى تقرير إلى لندن " أصبحت مهمة مصطفي مؤمن انتزاع التأييد الشعبى من الوفد لصالح لجنة وطنية تدين بالولاء لرئيس الوزراء"!

اتهمت صحف الوفد الجماعة بامتصاص الحركة الوطنية وأنهم تقاضوا الثمن من إسماعيل صدقى.

وأخذت عناصر الأحزاب المعارضة لحكومة صدقى فى الاتصال بالبنا بهدف تشكيل جبهة وطنية معادية للحكومة يشترك فيها فؤاد سراج ال الدين سكرتير رئيس حزب مصر الفتاة وحافظ رمضان باشا زعيم الحزب الوطني.

وافق البنا وبدأ المركز الرئيسى للجماعة بالحلمية الجديدة يطلبون إقامة تحالف وثيق بين البنا والنحاس.

قال البنا لمبعوثي الوفد

سيؤدى تنسيق الخطط بيننا إلى فوائد مباشرة ولكنى لا أريد ربط الجماعة باتفاقيات طويلة الأمد. وهمس البنا سرا لمعاونيه:النحاس عن مجد شخصى أكثر من الكفاح للمصلحة الوطنية!

ولكن البنا توقف بعد فترة قصيرة عن حضور الاجتماعات بنفسه كما امتنع عن إيفاد مندوبين آخرين. وكان رده على حافظ رمضان أنه يتعين الانتظار حتى يتضح موقف الحكومة الجديدة وكان السبب فى ذلك اتفاق صدقى والإخوان كتب القائم بالأعمال البريطانى جميس بوكر إلى لندن عن أسباب اعتدال الإخوان فى سياستهم,.

قال :

" حصل الإخوان المسلمون على تصريح بإصدار صحيفة وتوزيع المطبوعات على نطاق واسع وأعلنت الجماعة عزمها على الانسحاب من " اللجنة الوطنية للطبقة والعمال " وهذا العمل سهل على صدقى باشا جهوده للسيطرة على الطلب وكلا الأمرين يؤكدان أن سياسة الحكومة فى استخدام الإخوان المسلمين وفى كتاب ميتشيل ان الإخوان " حصلوا من إسماعيل صدقى على حرية استخدام المعسكرات وقطع من الأرض لإقامة المبانى اللازمة فى المناطق الريفية فضلا عن المساعدات غير المباشرة من وزارتي التعليم والشئون الاجتماعية".


وفى مذكرات البنا بعنوان " مذكرات الدعوة والداعية " قال :" إنه تلقى بواسطة شقيقه عبد الرحمن البنا عرضا من إسماعيل صدقى بمساعدات مالية مغرية مقابل إعلان الإخوان تأييدهم له ومناهضتهم لحزب الوفد ولكنه رفض هذا الغرض".

وفسر البنا موقف صدقى من الجماعة فقال إنه الحياد الدقيق قال: " لم تساعد الحكومة الإخوان بشئ. ولم تغدق عليهم مالا ولا حرية بل منعت عنهم كثيرا من الحقوق الطبيعية.

لنم تظفر جريدة الإخوان بفرخ واحد من الورق. ولم تصرف الإعانات المقررة لكثير من الشعب, وصرف لبعضها أقل بكثير مما كان يؤخذ فى الأعوام الماضية".ويقول عمر التلمساني إن الإخوان أخذوا من الورق والتسهيلات ما هو حق لهم!

سأل مندوب صحيفة "لابورص" التى تصدر بالإسكندرية والبنا إذا كان يحبذ نظام الخلافة.ورأى الإخوان معروف فى أنهم يؤيدون الخلافة فالملك لا يورث بل يتم بالبيعة ... ومع ذلك فإن المرشد العام تهرب من الإجابة حتى لا يغضب صاحب الجلالة!

واكتفى الشيخ لابنا بأن يقول للصحيفة باللغة الفرنسية إنه يجب على الدول الأجنبية ألا تخشى شيئا من إعادة تطبيق الشريعة الإسلامية فى مصر.وجد رئيس الوزراء أنه حان الوقت للكف عن المظاهرات, فأوقفها واتجه إلى التفاوض.

شكل وفد المفاوضات – فى 7 من مارس – بعد 17 يوما من تشكيل الوزارة. ضم الوفد أربعة من رؤساء الوزارات السابقين وهم على ماهر وعبد الفتاح يحيى وحسين سرى ومحمود فهمى النقراشى.

واشترك فى وفد المفاوضات أيضا وصى سابق على العرش هو شريف صبرى و5 وزراء حاليون وسابقون هم : الدكتور محمد حسين هيكل وأحمد لطفى السيد وعلى الشمسى ومكرم عبيد وإبراهيم عبد الهادى. رفض الوفد الاشتراك فى وفد المفاوضات وأصر على أن تكون له رئاسة المفاوضات فهاجمه صالح عشماوى واتهمه بأنه يعمل ضد مصلحة الأمة بعدم الاشتراك فى وفد المفاوضات مما يدل على أنه لا يريد الاعتراف بالإخوان كقوة سياسية أو كحزب سياسى.

نشر البنا فى بيان فى صحيفة " الأهرام" حدد فيه موقف الجماعة وطالب بتمثيلها فى وفد المفاوضات.

قال البيان

" كان من المنتظر أن يتألف وفد المفاوضة ممثلا لكل هيئات الأمة وأحزابها وفى مقدمتها الإخوان المسلمون. وأمام ذلك يقرر الإخوان أمرين:

أولهما يجب أن تعرض نتيجة المفاوضات على الأمة فى استفتاء .

وثانيهما إما أن تنتهى هذه المفاوضات إلى نجاح وإلا فإن الشعب لن يتردد فى متابعة حركته القومية بعرض قضيته على مجلس الأمن وبالجهاد المستمر "

وبدأ المرشد العام يتحدث للصحف عن وصول الإخوان إلى الحكم فى حديث له مع " مجلة المصور " الأسبوعية تكلم عن إمكان وصول الإخوان إلى الحكم.

وفى حديث لصحيفة " البورص" اليومية التى تصدر باللغة الفرنسية فى مدينة الإسكندرية قال : " ستقف الجماعة مع الشعب حتى يحصل على حريته كاملة وإذا تحقق ذلك , وكان الإخوان قد وصلوا إلى الحكم فإن موقفهم سيظل احترام إرادة الأمة!

غادر السفير البريطانى اللورد كيلرن مصر إلى الأبد يوم 9 من مارس عام 1946.

وقبل نقله بعث إلى لندن يطلب عدم التفاوض إلا مع هيئة مصرية يشترك فيها الوفد, ولكن مجلس الوزراء البريطانى قرر فى 18 من مار عدم التدخل فى الشئون الداخلية لمصر.ووصل إلى القاهرة يوم 20 من مارس 1946 السير رونالد كامبل السفير البريطانى الجديد – 56 سنة الذى يعرفه إسماعيل صدقى عندما تولى رئاسة الوزارة فى الثلاثينات.

وكان كامبل قد عمل مستشارا للمندوب السامى البريطانى فى مصر السير برسى لورين ثلاث سنوات ثم انتقل مستشارا للسفارة البريطانية فى باريس

وأمام ذلك يقرر الإخوان أمرين:أولهما يجب أن تعرض نتيجة المفاوضات على الأمة فى استفتاء . وثانيهما إما أن تنتهى هذه المفاوضات إلى نجاح وإلا فإن الشعب لن يتردد فى متابعة حركته القومية بعرض قضيته على مجل الأمن وبالجهاد المستمر".

وبدأ المرشد العام يتحدث للصحف عن وصول الإخوان إلى الحكم فى حديث له مع " مجلة المصور " الأسبوعية تكلم عن إمكان وصول الإخوان إلى الحكم.

وفى حديث لصحيفة " البورص" اليومية التى تصدر باللغة الفرنسية فى مدينة الإسكندرية قال: " ستقف الجماعة مع الشعب حتى يحصل على حريته كاملة وإذا تحقق ذلك وكان الإخوان قد وصلوا إلى الحكم فإن موقفهم سيظل احترام إرادة الأمة"!

غادر السفير البريطانى اللورد كيلرن مصر إلى الأبد يوم 9 من مارس عام 1946.

وقبل نقله بعث إلى لندن يطلب عدم التفاوض إلا مع هيئة مصرية يشترك فيها الوفد ولكن مجلس الوزراء البريطانى قرر فى 18 من مارس عم التدخل فى الشئون الداخلية لمصر.

ووصل إلى القاهرة يوم 20 من مارس 1946 السير رونالد كامبل السفير البريطانى الجديد – 56 سنة الذى يعرفه إسماعيل صدقى عندما تولى رئاسة الوزارة فى الثلاثينات.

ووكان كامبل قد عمل مستشارا للمندوب السامى البريطانى فى مصر السير برسى لورين ثلاث سنوات ثم انتقل مستشارا للسفارة البريطانية فى باريس وبلغراد وواشنطن ووكيلا مساعدا لوزارة الخارجية البريطانية قبل وصوله للقاهرة مرة أخرى.

جاء السفير الجديد من بورسعيد إلى القاهرة فى عربة ألحقت بقطار السكة الحديد. ولم يصل بقطار خاص كما حدث لكل المندوبين السامين البريطانيين, أو اللورد كيلرن, عند قدومه إلى مصر لأول مرة! ولم يكن فى استقبال السفير بمحطة السكة الحديد رئيس وزراء مصر وممثل عن صاحب الجلالة بل مندوب لوزارة الخارجية المصرية وكبار موظفى السافرة البريطانية فى القاهرة وقادة جيشها فى مصر وبعض المصريين من أصدقاء الإنجليز!

قال لطفى السيد وزير الخارجية للسفير.

بوصولكم لن تكون هناك عقبة أمام تحقيق الأمانى القومية لشعب مصر لم يرد كامبل ولكنه أبرق إلى لندن قائلا: "سرنى وضايقنى هذا التصريح ولكنى شعرت بالاشمئزاز لنه يدين عهد سلفى كيلرن"! كتب كويليام مراسل صحيفة التايمس إلى صديق له يقول

" أدى وصول السفير الجديد إلى تغييرات شبه سحرية فى المناخ السياسى السائد فى مصر وقال بنكى تاك الوزير المريكى المفوض إن كامبل سفير وليس مندوبا ساميا كما كان كيلرن فى أول عهده بمصر" ويرى الكاتب الفرنسى ج كبيرك أن السفير البريطانى الجديد" جبان ضعيف بينما كان سلفه اللورد كيلرن ديكتاتورا يملك شخصية قوية"!

توجه صدقى للسفير الجديد – فى 30 من مارس – قائلا:

- جمعت مصر خير رجالها للتفاوض ولا يعقل أن يواجه هؤلاء وفدا يتألف من موظفين بالسفارة البريطانية لهم تصريحات لم ينسها المصريون... ونفذوا سياسة فى زمن الحرب لم تترك أثرا طيبا فى مصر. أرجو إعادة النظر فى هذا الموضوع.

- كتب كامبل إلى لندن:

- " اظهروا شيئا من الدفء" استجاب بيفن وأعلن فى مجلس العموم – يوم 2 من أبريل – أنه سيتولى رئاسة وفد المفاوضات البريطانى.. يعاونه اللورد ستانسجيت وزير الطيران ورونالد كامبل السفير البريطانى فى القاهرة.وقال إن ستانسجيت وكامبل يبدآن المفاوضات نيابة عنه فى المراحل الأولى.ولم يقل بيفن حقيقة أخرى حددت موقفه وهى أنه يخشى أن يغتاله الصهاينة!وضم الوفد البريطانى أيضا السير كيناهان كورنووليس السفير البريطانى السابق فى العراق ورئيس قسم الشرق الأوسط بوزارة الخارجية البريطانة وقادة القوات الثلاثة فى الشرق الأوسط.

- وحددت الحكومة البريطانية موقفها من المفاوضات القادمة

ال بيفن فى برقية إلى اللورد ستانسجيت:

" لا تستطيع بريطانيا الدفاع عن مصر إذا لم تحتفظ – فيها – بقواعد.لأن مصر تقع فى قلب نظام الدفاع البريطانى".أما القادة البريطانيون فكانن رأيهم تطبيق المبدأ الذى وضعه بيفن بأسلوب يقبله شعب مصر.

قالوا فى تقريرهم السرى:

" بقاء القوات البريطانية فى مدن يعرضها للهجوم. ومن الأفضل لتهدئة الرأى العام الموافقة على ما يقبله المصريون وبالقناع – بعد فترة – يمكن الوصول إلى ما تتطلبه الإجراءات الإستراتيجية". ايد كامبل هذا الرأى ولكن سكريفنر رئيس القسم المصرى فى وزارة الخارجية البريطانية قدم مذكرة إلى بيفن قال فيها:

" سيتظاهر المصريون لأى شئ. وسيكون ظاهرة سيئة أن تفقد بريطانيا موقعها فى مصر وهذا شئ أشبه بالانتحار ونحن نفكر فى اختيار قاعدة بديلة فى شرق أفريقيا وإذا لم تكن مناسبة فيجب أن نبقى فى مصر ونواجه المظاهرات بحسم".

ورأى كل من كامبل وستانسجيت انه إذا أرادت بريطانيا تقديم تنازلات لمصر فمن الأفضل تقديمها قبل بدء المفاوضات , أو فى مراحلها الأولى. بدلا من تقديمها فى مرحلة متأخرة حتى لا يبدو ذلك و:انه تم تحت ضغط صدقى

وقال كامبل:

" هناك طريقان أمام بريطانيا : الجلاء أو بقاء القوات و والاثنان مقامرة ولكن المقامرة بإبقاء القوات تعنى التوتر , والنوايا السيئة, والعنف والتجاء المصريين إلى الأمم المتحدة بينما الجلاء قد يعطى فرصة لبحث التنازلات التى ينبغى على المصريين تقديمها للحفاظ على الاستيراتيجية البريطانية". ومن ناحيته رأى صدقى أن يوسط صديقا قديما,

وهو كلارك كار , لدى بيفن وكان كلارك كار يعمل أثناء عودته إلى لندن قادما من موسكو فقدم مذكرة إلى وزير الخارجية يوصى فيها بعدم الاحتفاظ بقوات فى مصر تتنافى مع سيادة مصر وكرامتها والمبادئ التى قام عليها عالم ما بعد الحرب

وأوفد ستانسحيت الجنرال جاكوب , أحد معاونيه فى وفد المفاوضات إلى لندن ليشرح الموقف لبيفن قال له. إذا صدر بيان عاجل باستعداد بريطانيا لسحب جيوشها فإن ذلك يمنع حمى الشك لدى المصريين, ويفسد مناورات الأعضاء المتطرفين فى هيئة المفاوضات المصرية ويمنع القلاقل والاضطرابات ويمك الحصول من مصر على تسهيلات عسكرية لقواتنا أثناء الحرب.

ويناقش الموضوع فى مجلس الوزراء البريطانى خلال جلستين فى 24 من أبريل و6 من مايو.

وفى الجلسة الأخيرة وجد مجلس الوزراء أنه من الصعب الاحتفاظ بالقوات البريطانية فى مصر باستعمال القوة ويمكن ضمان التسهيلات العسكرية بموافقة الحكومة المصرية.

وقرر المجلس مبدأ الجلاء عن مصر فى بداية المفاوضات لخلق المناخ المناسب .ولتكن حكومة العمال قد وجدت, أو أعدت قواعد بداية فى برقة بليبيا أو كينيا أو فلسطين.

صدر العدد الأول من صحيفة الإخوان المسلمين اليومية صباح 5 من مايو 1946.. فى اليوم السابق على عيد جلوس الملك فاروق على العرش !

وبدلا من التعليق على مبدأ الجلاء بطريقة تتفق مع تأييد الجماعة لصدقى فإن الصحيفة اتخذت موقف النقد للإنجليز. قالت :" كان طبيعيا وقد وضعت الحرب أوزارها يطالب المظلومون بحقهم وأن يجاهدوا فى تحرير أوطانهم".

أعلن كيلمنت أتلى رئيس وزراء بريطانيا فى مجلس العموم يوم 7 من مايو 1946 أن جميع القوات البريطانية ستنسحب من مصر قال البيان :" عرضت الحكومة إجلاء قواتها البرية والبحرية والجوية عن الأراضى المصرية والمفاوضة لتحديد مراحل الجلاء وموعد إتمامه والتدابير التى تتخذها الحكومة المصرية لتحقيق تبادل المعونة فى وقت الحرب , أو فى حالة توقع التهديد بها.

وسياسة الحكومة توطيد تحالفها مع مصر على أساس المساواة بين بلدين تجمع بينهما مصالح مشتركة" ما إن سمع ونستون تشرشل رئيس وزراء بريطانيا السابق بهذا الإعلان المفاجئ حتى وقف يرد قائلا: هذا تصريح خطير وهو أخطر ما سمعت فى مجلس العموم!

بعد ثلاثة أيام فقط من صدور الصحيفة كتب أحمد السكرى وكيل الجماعة فى الصفحة الأولى يوم 8 من مايو

– تحت عنوان :" البيان البريطانى خدعة سياسية يجب أن ينتبه لها المصريون". قال:

"نرجو ألا يكون من أبناء الأمة من يضيع على أيديهم هذا الحق بسوء القصد أو بحسن قصد" ونشر السكرى مقالا آخر عنوانه " هل هذا هو أساس المفاوضة أين وحدة الوادى أيها المفاوض المصرى". ويتساءل السكرى فى مقال آخر:

" ما بال صدقى باشا يقف وقفة الصمت المريب".

ولم يكن فى استطاعة صدقى أن يتكلم . أو يشرح ما يدور فى قاعة المفاوضات!

ورغم ذلك هاجمت صحيفة مصر الفتاة " الإخوان لتعاونهم مع صدقى قالت:

" حانت خاتمة الدجل والشعوذة.... الإخوان يتعاونون مع كل الأحزاب بلا مبدأ, ويتحالفون مع الكل حتى الإنجليز الذين يسخرونهم لمحاربة الشيوعية والوطنية, يفتحون لهم الشعب فى السودان وفلسطين وهم أداة فى يد الرجعية ويد إسماعيل صدقى لخنق الرأى العام, وأداة فى يد الرأسمالية اليهودية لضرب العمال! بدأ الإحساس بقوة الجماعة ينتشر فى مصر.

كتبت مجلة " آخر ساعة".

" منذ حين تدغدغ أيدى القدر مصر . تهمس فى آذانها أن الفجر قد لاح فعل اى صوت تستيقظ مصر الآن. ومن أى باب تهب رياح الفجر الوليد. ومن أى دم تكتب مصر. عندما تفيق صفحتها المجيدة الجديدة فى تاريخها الحديث؟

يقولون إن علم هذا عند الله وعند جماعة الإخوان المسلمين.

من هم هؤلاء الإخوان الذين يزعم الرواة انهم وراء . وكل مظاهر وكل حركة إضراب . وأنهم القوة المحركة الدافعة للفورة الجديدة التى توجه الشعور الوطنى هذه الأيام. وأنهم استطاعوا فى يوم واحد أن يوزعوا مائة مائة ألف شارة من شارات الجلاء, وأن يعلقها على صدور مائة ألف مصرى رشيد؟"

ونشرت مجلة المصور " أن شخصيات بارزة معينة غير إسلامية بينهم عضو الشيوخ لويس فانوس ومريت بطرس غالى انضموا إلى جماعة الإخوان المسلمون".

قال الشيخ البنا ردا على ذلك أنه ليس هناك ما يمنع من التعاون مع الجماعة التى تضم كل المواطنين النشيطين سواء كانوا مسلمين أو غيرهم وتكتب السفارة البريطانية إلى لندن:

" هذه محاولة من جانب الأقباط للانضمام إلى الإخوان المسلمين مماثلة للمحاولة الناجحة للأقباط بالانضمام إلى حزب الوفد عام 1919.

ويحاول الأقباط باعتبارهم الأقلية استرضاء أية حركة وطنية قوية عند ظهورها.

ووفقا لتقارير أخرى هذه العناصر القبطية اقترحت على البنا أن تغير جماعته اسمها إلى " الإخوان المصريين" بدلا من الإخوان المسلمين".

وكان البنا من الدهاء بحيث أدرك أن القوة الأساسية لدعوته تكمن فى جانبها الدينى وأنه إذا قيل اقتراحا مثل ذلك فإن جماعته ستصبح مثل أى من الأحزاب السياسية الأخرى بلا جاذبية خاصة للجماهير .ولذلك رفض اقتراح التعاون مع الأقباط.ولكن البنا يمثل حاليا سماحة الإسلام أمام المسيحيين واليهود". ولكن يمكن أن يطلق على الإخوان فى هذه الفترة أنهم " الإخوان المصريون لأن السياسة أصبحت هدفهم الأول.. إن لم يكن الوحيد!

ويستقيل الشيخ البنا عام 1946 من وظيفته كمدرس بوزارة المعارف ليتفرغ للجماعة بعد أن صارت لهم صحيفة يومية..

فرسان ورهبان

بدأت المفاوضات الرسمية فى القاهرة بين إسماعيل صدقى واللورد ستانسجيت يوم 9 مايو 1946.

كان اللورد ستانسجيت فى التاسعة والستين عند وصوله القاهرة 15 من أبريل . وتوقعت الحكومة البريطانية أن ينجح اللورد ستانسجيت – كوزير للطيران – فى إقناع المصريين بقبول أسراب المقاتلات وقواعد القاذفات! ولكن اللورد أصيب بصدمة عارمة من الآثار التى رآها فى مصر , ونتجت عن ستين عاما من الاحتلال البريطانى.فى أول اجتماع له مع صدقى . قال رئيس وزراء مصر:

- أريد الجلاء الكامل الشامل.ويبدو أن ستانسجيت اقتنع بمنطق إسماعيل صدقى فقد تحدث بحرارة إلى القائم بالأعمال الأمريكى فى القاهرة وأشار إلى علاقات بريطانيا بمصر خلال الفترة الماضية . قال:

- لا ينبغى أن ننسحب من مصر فقط بل أن ننسحب منها بأسرع وقت ممكن.

- وكتب إلى صديق له قائلا:

"إننا نحتفظ بألوف الجنود البريطانيين هنا دون أية معاهدة تخول لنا ذلك رد السير أورم سارجنت الوكيل الدائم للخارجية البريطانية فى مذكرة قدمها لوزير الخارجية: " لا يستطيع المصريون أن يحصوا على الشيئين معا.لا يمكن أن يتوقعوا منا أن نحمى أمن مصر واستقلالها دون أن يقدموا إلينا التسهيلات التى تمكننا من اتخاذ الإجراءات الضرورية فى الوقت المناسب".

ولكن ستانسجيت كتب إلى بيفن يقول:

" مالم ينسحب البريطانيون بحقائبهم وأمتعتهم فأن ذلك سيؤدى إلى الأضرار بمكانتنا". وأصر ستانسجيت على أن تتعامل الحكومة البريطانية مع المصريين على أساس المساواة التامة. " لم لا ينسحب البريطانيون من مصر كما انسحبوا من إيران؟"

أثارت رسالة ستانسجيت موجة غضب عارمة فى اجتماع مجلس الوزراء البريطانى قال بعض الوزراء: - ستانسجيت عجوز. وقال آخرون :

- فقد الرجل قبضته.

- إنه لا يعرف الشئون المصرية

- وبعد شهور قال اتلى:

- كان خطأ تعيين ستانسجيت!

فى القاهرة هاجمن صحف الوفد المفاوضات كلها فقالت:" تود مصر رحيل لوفد الإنجليزي بلا رجعة". واعترض الإخوان أيضا. كتب أحمد السكرى فى صحيفة الإخوان يقول: " نريد جلاء تاما عن الوادى جميعه بلا قيد ولا شرط ولا مساومة ولا إمهال"

,أعلن رفضه لكل خطوة لا تحقق وحدة وادى النيل.

واشتعلت المناقشة فى مجلس العموم البريطانى حول مبدأ الجلاء المعلن بينما المفاوضات السرية تجرى بطريقة أخرى.

قال إيدن إنه فوجئ وأصيب بالذهول لإعلان قرار الجلاء. ... وإيدن هو الذى وقع معاهدة 1936 بعد 54 عاما من الاحتلال. البريطانى والتى مثلت بداية لارتباط قوى بينه وبين مصر انتهى بعد عشرين سنة – عام 1956 0 بسقوطه!

وقف النائب ريتشارد كروسمان مدافعا عن سياسة حزب العمال الحاكم فقال : حان الوقت لنعيد الرجال

– أى المحاربين البريطانيين الذين قهروا الألمان والإيطاليين – إلى بلادهم وديارهم وأسرهم وأعمالهم الإنتاجية.

وقال بيفن يرد على تشرشل وإيدن:

- صار بوسع مصر من خلال منظمة الأمم المتحدة ومن الدفاع الإقليمى المشترك وهو أكثر من تأييد بريطانيا فقط وكل دولة تعيش الآن حقبة جديدة ولا نستطيع أن نحيا فى الماضى!ونظر إلى تشرشل وقال :ط لا أعتقد أن العقلية التى تتحدثون بها تناسب العصر الحاضر. وأنهى بيفن خطابه" لن أشارك فى ترك فراغ". ... أى أنه – فى الوقت نفسه – لن يترك فراغا فى الدفاع عن مصر! ونظرية الفراغ هى التى قام على أساسها مبدأ إيزنهارو ام 1957!

- لم يقتصر الدوى على مجلس العموم بل شمل الصحافة البريطانية كلها كتب اللورد بيفربروك صاحب جريدة الديلى أكسبريس:

- " إذا تخلت بريطانيا عن القناة ستفقد جانبا حيويا من إمبراطوريتها إن قناة السويس جزء هام من أرض الإمبراطورية البريطانية كأرض بريطانيا ذاتها!

- وقالت : الايكونومست".

- " قدمت حكومة العمال تنازلات أكثر وأكثر مما تستحق القضية الفعلية" وتتوقف المفاوضات بين الطرفين . بعد 13 يوما من بدايتها. ليرجع ستانسجيت إلى بيفن فإن الوفدين لم ينتهيا إلى اتفاق. ويستأنف مجلس العموم مناقشة قرار الجلاء فيتهم تشرتشل – بصوت مدو كالرعد – اللورد ستانسجيت بأنه خفيف الوزن, والشأن... والقدرات! قال: عندما يتوقف الكفاح نجد أن ما نلناه بالعمل الشاق والتضحية وأعمال البطولة الرائعة الخارقة تتبدد من بين أصابعنا ونحن لا ندرى! دعا الملك فاروق ملوك رؤساء الدول العربية للاجتماع فى أنشاص فخشى بيفن أن يؤيد المجتمعون مصر فى نزاعها مع بريطانيا إلى السير رونالد كامبل – يوم 27 من مايو – يطلب منه إقناع الزعماء العرب بالضغط على مصر قال بيفن:

" إنى مهتم للغاية بألا تشجع الاجتماعات المقبلة للحكام والجامعة العربية بسلوكهم أو بقرار , الموقف المصرى الراهن فى عدم التنازل بشأن التسهيلات الحربية فى أية معاهدة جديدة. إن رفض الحكومة المصرية أن تتضمن أية معاهدة جديدة تزويده بالوسائل – التى تكفل ضمانات للمساعدة المتبادلة – سيتركنا عاجزين عن الدفاع عن منطقة الشرق الأوسط الحيوية فى حالة الطوارئ مما يؤدى إلى تعريض مستقبل كل الدول العربية للخطر.

ومن المصلحة الحيوية للدول العربية إقناع المصريين بأن يدركوا أنه لابد من الوفاء بمتطلباتنا الدفاعية"

رد رونالد كامبل فى اليوم التالى ببرقية طويلة هذا أهم ما فيها :" قابل البريجاديير كلايتون – مستشار الشئون العربية – نورى السعيد رئيس وزراء العراق الذى قال إنه لا يظن أن مسألة مصر ستطرح بصورة جدية فى اجتماع الحكام العرب" ويبعث الجنرال السير كانتجهام – من فلسطين – إلى وزارة المستعمرات أول يونيو 1946 .. البرقية 907 قال:

1- أرسل الملك عبد الجنرال جلوب اليوم لينقل إلينا ما يلى على وجه السرعة.

2- قال جلالته أنه خلال الاجتماعات التى تمت مؤخرا للملوك العرب اقترب منه صدقى باشا برجاء التدخل لدى بريطانيا لإنهاء الجمود فى مباحثات المعاهدة.

وقال صدقى إنه يستحيل تماما إقناع الشعب المصرى بإدراك الحقائق الواقعية واتخاذ موقف أكثر موضوعية فى هذا الوقت القصير والحكومة المصرية مستعدة للسماح لبريطانيا بالإشراف على الجيش المصرى وعلى الدفاع عن منطقة قناة السويس. ويتمنى ان يثق البريطانيون بالمصريين.

وأضاف أن مصر أثارها سياسيون لا يتبينون العواقب . ولا يملك القوة لإقناعهم بقبول الشروط التى يعرضها البريطانيون ويجب على البريطانيين الثقة فى نوايا صدقى الطيبة.

وسأل الملك عبد الله كيف يمكن لمصر الدفاع عن نفسها ضد روسيا وأعلن أنه يتعين على المصريين ألا يقرروا سياستهم فى المزايدات فنحن لسنا فى عصر صلاح الدين والصليبيين وإنما فى عصر القنابل الذرية والدبابات قال صدقى إنه لا يستطيع إقناع المصريين بتقديم مزيد من التنازلات وفى هذه اللحظة دخل الملك فاروق الغرفة وقال:

- كل ما نريده ألا يفرض البريطانيون ( جماعتهم الفاسدة) علينا.

.. يقصد النحاس وحزب الوفد!

وقال الملك عبد الله إن نجاح المفاوضات الإنجليزية المصرية أمر غير مؤكد ثم انخرط الملك فاروق فى البكاء " وتجتمع الجمعية العمومية للإخوان المسلمين فتعلن ولاءها للملك وتطالب الحكومة بقطع المفاوضات فورا واعتبار معاهدة 1936 باطلة بطلانا أصليا وعدم التقيد بأحكامها وعرض القضية المصرية على مجلس الأمن وأن يبدأ الجلاء فى نحر أسبوعين..

وتحدد الجماعة موقفها من حكومة صدقى بأنه لا يختلف عن موقفها من أية كومة سابقة , لم يبادروها بخصومة أو عداوة, ولم يساندوها بتأييد أو سلطان ولكن صحف الوفد تحمل على الإخوان وتهاجم تقاربهم مع صدقى قال مجلة الحوادث الوفدية:" سلطات البنا ديكتاتورية أعطاها له القانون الديكتاتورى للجماعة وإنه وأحمد السكرى – وكيل الجماعة – يملآن الأرض فسقا وفجورا".

وقالت صوت الأمة :" الإخوان أسوأ مثال للأدب والأخلاق . وقد بليت البلاد بهذه الشرذمة الفاسدة التى تتكون من مجموعة ميكروبات يجب استئصالها. حرصا على المجمع وعلى سلامة الدعوة الدينية إسلامية" ردت صحيفة الإخوان قالت : يخاف الوفد على زعامته الشعبية زعماء الوفد يدجلون على الشعب ويغررون بالسذج البسطاء. وصحف الوفد مأجورة تلغ فى أعراض الأبرياء فى غير تورع أو حياء"ز

هاجم المصريون القوات البريطانية فى الإسكندرية يوم 7 من يونيه وألقيت قنبلة على سينما الأمباير كلوب فى القاهرة فمات أحد الجنود ويتوجه السيررونالد كامبل فى اليوم التالى ليقابل أحمد لطفى السيد باشا وزير الدولة للشئون الخارجية وأبدى له دهشته واستياءه من هذه الأحداث أعرب الوزير عن أسف قال:

- لا أفهم هذه الجرائم ولا أعرف الفوائد التى يمكن أن تعود على البلاد نظر مرتكبيها إذا افترضنا أنها من صنع المصريين.

- وأضاف: هؤلاء المجرمون يعتقدون أنهم يتصرفون بشكل وطنى ولكنها مظاهر نشاط منحرف ضد الحكومة وضد العرش والنظام الحاضر كله بشكل عام.ويتم التحرى عن إمكانية أن تكون هذه الجرائم مظاهر لما يسمى بالبلشقية.

- قال السفير: أحب أن أحدثك فى موضوع " الوطنية"

- إنى قلق من اللهجة غير الودية بالتصريحات يعتقدون أن هذه المقالات غير الودية – تجاه بريطانيا العظمى دليل على الوطنية. وقد أدى ذلك للمزايدة بين الكتاب والمتحدثين بل السياسيين. وافقه وزير الخارجية قائلا:

إنهم بهذا الأسلوب يتخذون مواقف يصعب التراجع عنها مهما كانت معتقداتهم.

قال السفير: هذا الوضع لا يساعد المفاوضات بأي شكل من الأشكال . ولابد من منع المجرمين من الاستمرار فى جرائمهم ضد الرعايا البريطانيين. وطلب السفير أن يصدر الوزير وصدقى باشا بيانا يعربان فيها عن سخطهما على هذه الأحداث ويوضحان أنها ليست وطنية. فإن خرق لنظام والأمن الداخلى لا يمكن أن يكون عملا وطنيا بل يشكل إهداره لسيادة البلاد.

وأضاف السفير:

أخبرنى صدقى باشا بأن الطريقة الوحيدة لمنع هذه الجرائم هى زرع الخوف فى نفوس مقترفيها من العواقب. أنهى وزير الخارجية الاجتماع قائلا:

سأتحدث فى الأمر مع صدقى باشا وترتفع حدة الإخوان فى نقدهم لإسماعيل صدقى.

عابوا عليه أنه سار على نهج النقراشى. واتهموه بعمالة الأجانب على حساب المصلحة الوطنية , وتردده فى قطع المفاوضات.

ووصفوه بأنه رجل مخدوع وخادع لأمته لأنه رضى أن يطوى فى ثنايا السياسة الإنجليزية الملتوية.

وقالوا إنه دخل المفاوضات بعقلية الدبلوماسي الروح الوطنى المجاهد. ولذلك يتكلم بلغة الرجل الذى لا يثق بنفسه, ولا يؤمن بحق وطنه, وقوة شعبه وحيوية أمته.

ويحاول الإنجليز تهدئة الرأى العام المصرى فيجلون عن القلعة فى قلب القاهرة ويسلمونها للجيش المصرى – يوم 4 من يوليو 1946 – وينزل العلم البريطانى ويرفع العلم المصرى لأول مرة منذ 64 عاما فيبكى محمود فهمى النقراشى رئيس الوزراء السابق فرحا بينما تكتب صحيفة الإخوان, وصحف الوفد إن الجلاء عن القلعة حدث لا أهمية له لأن الإنجليز فى كل مكان!

ويلقى صدقى باشا بيانين فى جلستين لمجلس االشيوخ والنواب عن مفاوضات المعاهدة نال فيهما التأييد . وتستأنف لمفاوضات فى 29 من يوليو فى قصر انطونيادس بالإسكندرية فتسميها صحيفة " الإخوان مهزلة المفاوضات قال الصحيفة:

" كانت المفاوضات تجرى فى قصر الزعفران وهى اليوم تجرى فى قصر انطونيادس ومن الطبيعى أن يذهب المفاوضون فى الشتاء إلى الأقصر أو أسوان ثم يعودون إلى القاهرة وبعدها إلى الإسكندرية وهكذا نظل نفاوض ونفاوض"وتستمر حملة الإخوان ضد المفاوضات.

وكتب أحمد السكرى تحت عنوان " كفى ترددا" قال:" يا رئيس الحكومة إن كرسيك فى مهب الريح"! ويبدأ الصدام بين صدقى والإخوان فيعتقل بعض رجالهم كما كان النقراشى يفعل فيكتب صحيفتهم: " شعر بيفن ورجاله وأنصاره أن فى استطاعته أن يكتب شعور الشعب المتوثب ويملأ السجون بالشباب ويفتش دور الإخوان فى المديريات ويسجن رجالها فى الأقسام بالعشرات"

اشتد الصراع العلنى بين الإخوان والوفد مع تولى صدقى رئاسة الوزارة. فقد هاجمت صحيفة الجماعة الأحزاب كلها " لأنها مقصرة فى تنفيذ أحكام الإسلام"!

أعرى الوفد كثيرا من أعضاء الجماعة – خارج القاهرة – بالاستقالة فتزداد العداوة بين الوفد والإخوان ويلتقى المرشد العام بمصطفي النحاس فى اجتماع وصفه لسفير البريطانى رونالد كامبل بأنه كان عاصفا.

قال السفير إن الرجلين بحثا إمكانية التقارب ولكنهما لم ينتهيا إلى اتفاق حاسم.

قال إبراهيم فرج إن صدقى ظن بدهائه أنه لا يستطيع بالإخوان محاربة الوفد وكان من نتيجة ذلك أن قامت اشتباكات فى أنحاء كثيرة من البلاد بين الوفد وبين الإخوان.

فى 6 من يوليو انتقلت الاشتباكات إلى بور سعيد وتبادلت الجماعة والوفد الاتهامات. زار المرشد العام المدينة ليخطب فيها فانفجرت قنبلة كادت تودى به وهاجم الشباب الوفدى دار الإخوان وأشعل فيها الحريق.

ردت صحيفة " الوفد المصرى" فقالت:

" تعددت جرائم الصبية المنتمين إلى جماعة الإخوان المسلمين الذين أفسدهم الشيخ البنا ولا يكاد يمر يوم دون أن تقع حوادث اعتداء يزور الشيخ تلك البلاد محاطا بقمصانه الصفراء للغزو والتحدى والقيام بدعاية سياسية فاسدة ومنذ حوالى شهر أخذ هؤلاء الناس يجمعون وباشهم فى بورسعيد تمهيدا لزيارة الشيخ ( المرشد).

حل موعد الزيارة المشئومة فجمعوا الصبية ليقيموا زفة للشيخ واستقبلوه على المحطة ومشوا فى خيلاء يتحدون أهالى البلدة متحفزين للاعتداء وتجمع الأهالى الساخطون الحانقون جموعا حاشدة فنفذ ( المسلمون) وعيدهم وألقوا بقنبلة حطمت وجهات كثير من المحال ثم أخذوا يطلقون الرصاص من مسدسات يحملونها واستلوا خناجرهم. وأعملوها , فى أجسام الناس كأنهم أعلنوا الحرب على الإنجليز المحتلين!" ويبعث السير رونالد كامبل ببرقية إلى لندن رقمها 1333 قال فيها " هناك صراع خطير بين الوفد والإخوان فى بور سعيد"

قتل اثنان وأصيب كثيرون وانتهز الوفد الفرصة فطالبت صحيفة بحل الإخوان لأنها منظمة شبه عسكرية. وقتل الإخوان أحد الوفديين ولكن الوفد استعاد قوته.. والإخوان أضعف من الوفد".

وفى منفلوط حاول الوفديون حرق دار الإخوان المسلمين. وأطلقوا النار ليلا على محمد حامد أبو النصر الرجل الذى أصبح رابع المرشدين للإخوان المسلمين وعقد الإخوان مؤتمرا فى مسجد أبو النصر بمنفلوط فاعتدى الشباب الوفدى على المجتمعين والقوا عليهم الحجارة.

قال البنا:

" ما زلنا نجهل الدافع إلى خصومه الوفد للإخوان. فماذا جنى الإخوان اخلطوا الدين بالسياسة كما يقال؟

وما ضرر هذا الوفد أو على الوطن؟

ألم يعلم الوفد أننا خلطنا الدين بالسياسة إلا الآن فقط؟

ليس من دافع لهذه الخصومة إلا التنافس الحزبى؟

ويهاجم المرشد العام الوفد والنحاس قائلا:

"أخطر ما فى الموقف أن يلجأ الإنجليز إلى إيجاد حكومة محايدة, وتأليف وفد مفاوضات جديدة برئاسة النحاس ينتهى أمره بالتوقيع على معاهدة المجد والفخار وتكون هى بعينها معاهدة الشرف والاستقلال الماضية لم يتغير فيها إلا بعض العبارات والألفاظ".

... ويقصد المرشد العام بذلك معاهدة 1936 التى وقعها مصطفي النحاس باشا! ويلتقى السفير البريطانى بإسماعيل صدقى باشا ويتحدث معه عن الشيوعية والشيوعيين فى مصر فقال صدقى:

إنى مصمم على اتخاذ أشد الاجراءات ضد ما يسمى بالجمعيات والخلايا السياسية والاجتماعية. ويعتقل صدقى باشا فى 11 من يوليو مئات الشيوعيين ويغلق 11 منظمة و8 صحف شيوعية فيطلق الشيوعيون على هذا اليوم" المذبحة الشهيرة".

كان بيفن مقتنعا بضرورة الوصول إلى تسوية مناسبة مع مصر.

كتب أفريل هاريمان السفير الأمريكى فى لندن إلى وزير خارجية بلاده يقول:

" تأثرت بما أبداه بيفن من صدق وإخلاص عندما تكلم عن الاحترام الكامل للسيادة المصرية بالنسبة للجلاء والتعامل بواقعية مع متطلبات أمن قناة السويس ومنطقة الشرق الأوسط"

وعلق سيسيل ليون القائم بالأعمال الأمريكى فى مصر على سير المفاوضات فقال: " إن البريطانيين أداروا المفاوضات بطريقة تشبه أساليب الهواة إلى حد ما ويبدو كما لو كانوا يتخبطون"! استمرت المفاوضات بين إسماعيل صدقى واللورد ستانسجيت ستة شهور رفض كل من الوفديين مشروع المعاهدة التى اقترحها الطرف الآخر لتحل محل معاهدة 1936 وتركز الخلاف فى عدة نقاط:

تجلو القوات البريطانية عن المدن المصرية وتبقى قوات لهم فى قاعدة بمنطقة القناة تمنح أو تؤجر لبريطانيا مثل القواعد الأمريكية فى جزر برمودا ونيوفونلاند.

رفض صدقى ذلك وطالب الجلاء الشامل.تكون مصر كلها تحت تصرف بريطانيا فى حالة الحرب أو خطر الحرب وتقيم منشآت لخدمة القوات البريطانية وقت السلم. ويزور خبراء بريطانيون هذه القواعد والثكنات فى أى وقت لتفقد الأسلحة والمهمات.


ولكن صدقى اقترح – فى حالة العدوان على البلاد المتاخمة لمصر – تقديم كل تأييد عسكرى ومعونة حتى يقرر مجلس الأمن التدابير اللازمة وفى حالة العدوان على بريطانيا تتشاور الدولتان فى عمل مشترك اقترحت بريطانيا الجلاء خلال 5 سنوات ورأى صدقى الجلاء التام فى سنة واحدة.

مدة لمعاهدة فى رأى بريطانيا 25 سنة وفى رأى مصر 15 سنة .

تعقد معاهدة تحالف مشترك بين البلدين رفضها الوفد المصرى ولم تعلن تفاصيل الاتفاق أو الاختلاف فى لندن أو القاهرة وتدخلت الولايات المتحدة أكثر من مرة بقصد المساعدة على إتمام المعاهدة الجديدة خوفا من الخطر السوفيتى.

وبكتب جميس بيرنز وزير الخارجية الأمريكى رسالة إلى إسماعيل صدقى يبلغه فيها اهتمام أمريكا بالدفاع عن الشرق الأوسط واهتمامها بنجاح المفاوضات بطريقة تكفل لمصر ضمانات السيدة.

ويرد صدقى قائلا:"إن مصر تساهم فى توطيد إسلام العالمى وستعمل ذلك بمواردها الخاصة".

ويكلف صدقى الوزير المصرى المفوض فى أمريكا بمتابعة الموضوع فيجئ الرد بأن المسئولين الأمريكيين يعتقدون أن النفوذ الروسى سيجد فى مصر مرعى خصيبا للفوارق الهائلة بين طبقتى الشعب.

عقد البنا اجتماعا للجمعية العمومية للإخوان استمر ثلاثة أيام حضره خمسة آلاف يمثلون شعب الإخوان وأصدر الإخوان عدة قرارات يطلبون فيها:


1- إعلان فشل المفاوضات.

2- إعلان بطلان معاهدة 1936.

3- مطالبة الحكومة البريطانية بسحب قواتها وجنودها من أرض وادى النيل ومائه وهوائه فى مدة أقصاها عام.

4- رفض أية مخالفة أو معاهدة قبل أن يتم الجلاء

5- بقاء القوات البريطانية والأجنبية فى مصر عدوان مسلح على سيادة لدولة واستقلاله.

6- رفع الأمر إلى مجلس الأمن.

إذا لم تخط الحكومة هذه الخطوات خلال الشهر القادم فإن الأمة تعتبرها متضامن مع الغاصبين فى الاعتداء على استقلال الوطن.وعلى الزعماء والأحزاب إعلان بدء الجهاد وعدم قبول الحكم إلا على أساس بطلان معاهدة 1936 ورفض كل مفاوضة مع الإنجليز إلا بعد الاعتراف الصريح بالجلاء فى المدة التى يرتضيها الجانب المصرى وكل زعيم أو حزب يخرج على هذه القاعدة يعتبر خارجا على إرادة الأمة.

ويعلق بنكنى تاك القائم بأعمال السفارة الأمريكية على قرارات الجمعية العمومية التى صدرت يوم الخميس 29 من أغسطس 1946 – قائلا: " من الملاحظ أن الإخوان يطالبون أن تسترد مصر الأراضى التى اقتطعت منها ظلما وعدوانا وهى تواجه جغبوب واريتريا ومصوع وزيلع وهرر"!

ويضيف القائم بالأعمال الأمريكى قائلا:

" إن حجم جماعة الإخوان المسلمين ما زال إلى حد ما غير معلوم لا من حيث عدد الأعضاء ز ولا من حيث التنظيم أو القوة السياسية كما ان قدرة زعمائها ما زالت محل نظر رغم الخطب والبيانات القوية التى يدلى بها زعماؤها ويميل بعض المراقبين إلى استبعاد الشيخ البنا باعتباره رجلا انتهازيا وينظرون إلى الإخوان باعتبارهم منظمة مهملة من جانب السلطة.

ولا يمكن القول بأن الجماعة بلا قوة وهناك احتمال أن تكون لها قوة سياسية".سافر الملك فى رحلة بحرية فى البحر المتوسط فى سبتمبر قبل عيد ميلاد الملكة فريدة مما يؤكد أن العلاقات بين صاحبة الجلالة ليست على ما يرام"وتضعف الرحلة – فى هذا الوقت بالذات – صدقى باشا فتزداد المؤامرات السياسية ضده.

ويطير صدقى مع حسن يوسف رئيس الديوان بالنيابة يوما واحدا إلى كريت ليعرض على الملك تعديل الوزارة وإدخال السعديين فيها وتعيين إبراهيم عبد الهادى وزيرا للخارجية.

انقسمت هيئة المفاوضات على نفسها إزاء المقترحات البريطانية كما تقول برقيات السفير البريطانى إلى لندن: " كان صدقى ولطفى السيد فى جانب وشريف صبرى وعلى ماهر وحسين سرى ومكرم عبيد فى جانب آخر. وأصبح موقف صدقى باشا صعبا بسبب المعارضة المتزايدة

ولا نخفى المناورات التى تجرى فى الوفد المصرى على الفطنة.

وهناك علامان: الأول : أن أعضاء الوفد الآخرين يرون أن صدقى يتجاهلهم ودفع بهم إلى المؤخرة وأنه يحتكر إدارة دفة المفاوضات ويعاملهم. من وجهة نظرهم بأسلوب ديكتاتورى.

والثانى: أن عددا كبيرا منهم – إن لم يكونوا جميعا – له طموح فى رئاسة الوزارة السابق – ظنا منه أنه سيصبح رئيسا للوزارة فالوفديون ( ومكرم أيضا) كانوا ينافقوننا وحتى عبد الفتاح يحيى – رئيس الوزارة السابق – ظنا منه أنه سيصبح رئيسا للوزارة.

وذهب على الشمسى – الوزير السابق – إلى القصر وتحدث عن تغيير رئيس الوزراء واستبعد أن يكون أى مصرى بين السياسيين الأحياء ( باستثناء نفسه ) صالحا).

وأبلغنى عبد الفتاح عمرو – سفير مصر فى لندن – أن القصر استخلص أنه لابد من إزالة عنصر من عناصر التردى وأعنى به الطموح فى الاستيلاء على منصب صدقى .. بتوضيح أن صدقى سيل رئيسا للوزارة طوال فترة المفاوضات!

ويفكر القصر أيضا فى إشاعة الاعتقاد بأنه سيحدث تغيير فى رئاسة الوزارة بمجرد عقد المعاهدة.

وطرح عمرو باشا على مرة أو مرتين فكرة تجريبية تماما وهى أن نبحث ما إذا كان من المستحب تغيير رئيس الوزارة نظرا للصعوبات التى تثيرها شخصية صدقى.وكنت حريصا فى كل مناسبة وحتى فى الحديث الشخصى ألا أعبر عن رأى.

ألا تستطيع تدبير نظر قضية فى محكمة العدل الدولية يمكن عن طريقها إبعاد بدوى عن مصر؟؟" وهذه البرقية تبين عدة أمور:

الأول : أن كل عضو فى الوفد يزايد لتفشل المفاوضات ليستقيل صدقى ويرث الحكم.

الثانى: أن الملك كان مستعدا للتخلى عن صدقى وإسناد رئاسة الوزارة إلى من يستطيع الوصول إلى معاهدة.

الثالث: أن بريطانيا فكرت فى عرض أية قضية على محكمة العدل الدولية ليتسنى إبعاد عبد الحميد بدوى باشا. القاضى المصرى فى هذه المحكمة .

عن مصر حتى لا يؤثر فى سير المحادثات بإقناع الأعضاء بالتطرف.. والغريب فى الأمر أن جانبا من الرأى العام المصرى كان دواما يتهم عبد الحميد بدوى باشا بأنه صنيعة الإنجليز أو أنه يمالئهم! الرابع: أن القصر كان يستطلع رأى الإنجليز فى كل مرحلة من مراحل المفاوضات دون علم رئيس وزراء مصر عن طريق عبد الفتاح عمرو باشا سفير مصر فى لندن!

ويتوجه مصطفى الحاسوكبار رجال الوفد إلى القصر المكلى يقيدون أسماءهم فى سجل التشريفات يوم 17 من سبتمبر 1946 وهو يوم استئناف المفاوضات.وجرت تقاليد الوفد على أنه فى المعارضة عندما يريد التقرب إلى الملك يقيد زعماؤه أسماءهم فى سجل التشريفات الملكى!

يجتمع بالإسكندرية أحمد السكرى وكيل الجماعة بفؤاد سراج الدين سكرتير عام الوفد وتنشر صحيفة " الإخوان أن الحديث تناول وجوب إنهاء الخصومة بين الجماعة والوفد وأن يحل محلها تفاهم وتعاون , أو تكون هدنة تحول دون اشتغال كل منهما بالآخر!

وترى السفارة الأمريكية أن الجماعة هادنت الوفد لتحصل على معونته المالية فتعوضها عن المساعدات التى توقف صدقى عن تقديمها!

وقالت السفارة:

" العداء بين الوفد والجماعة لو ينته. فالوفد لا يريد أن ينافسه أحد فى النفوذ بين الجماهير وقد تأثر هذا النفوذ نتيجة قوة الإخوان ولذلك يريد فرصة لإعادة تنظيم صفوفه حتى يتخذ موقعا استراتيجيا ليهدم الإخوان ويدمرهم.

ويريد الوفد أيضا أن يفسد دعاية الإخوان ضده . فقد أعلن المرشد العام من قبل أنه يعارض الوفد والشيوعية مما يعنى تحالف الاثنين ولذلك يسعى الوفد بتحالفه الجديد مع الإخوان – إلى هدم فكرة ارتباطه بالشيوعيين".

وقالت السفارة الأمريكية:

" إن اتفاق الوفد والجماعة سيفشل بعد تحقيق هدفها المشترك".

وقالت السفارة البريطانية:

" علاقات الإخوان بالوفد طيبة إلى حد كبير ولكن كلا منهما يعمل مستقلا عن الآخر ولا يتفقان إلا على ضرورة أن يمتنع كل طرف عن التدخل فى أنشطة الطرف الآخر"

كتب إبراهيم عبد القادر المازنى فى صحيفة الإخوان يقول:

" لا أتوقع أن تقضى مباحثات دولة صدقى باشا إلى تفاهم على ضئ مرض ولا أدرى بعد ذلك هل يستقيل أو يمضى إلى مجلس الأمن ؟ ولكنى أرجح الاستقالة".

كانت نبوءة المازنى صادقة وإن لم تبد كذلك فى تلك الأيام!

وبإشارة الإخوان إلى استقالة صدقى كما فعلوا مع النقراشى وبحملة الإخوان على المفاوضات ونتائجها ومظاهراتهم ضد الإنجليز وباحتجاج السفير البريطانى على سياسة الإخوان.....

بهذا كله.. وصلت العلاقة بين الجماعة وإسماعيل صدقى إلى نقطة اللاعودة!

سأل صحفى المرشد العام

تحولتم فى السنوات الأخيرة إلى النشاط السياسى

-أجاب الشيخ البنا:

- تقصد النشاط الوطنى , فما لنا بالسياسة علاقة لقد حرصنا دائما على ألا نحتك بالأحزاب ولا بالهيئات, بل حرصوا هم على الاحتكاك بنا فتولدت الشرارة التى لفتت إلينا الأنظار.

- سئل: هل تشترك فى الانتخابات إذا جرت قريبا؟

- نعم

-وهل تضمن النجاح؟

- أستطيع فى انتخابات حرة أن أحصل على أغلبية ساحقة لو أردت ذلك ولكنى لا أريد فمكاننا فى صفوف الشعب أكثر منه فى صفوف الحكام ولهذا لن نتقدم إلا فى عدد صغير من الدوائر.

-معنى ذلك أنك لا تقبل رئاسة الوزارة إذا عرضت عليك؟

- بل أقبل ... والحكم ليس متعة وإنما جهاد فإن قبلته أقول للإنجليز.

-إما أن يتم الجلاء .. وإما..

وأقول للمصرين: أيتها الأمة جاهدى فالجهاد سبيلك الوحيد وأنا وراء كل رئيس وزارة يدعو للجهاد.

-وهل ندك القوة؟ - عندى مليون.

- والسلاح؟ - سلاحنا الإيمان.

- وهل عندك المال؟

- نحن أفقر جمعية , وأغنى جمعية. مالنا الرسمى اشتراكات الإخوان. ومالنا الحقيقى خزائن الإخوان.

أردنا شراء دار المركز العام ولم يكن فى خزائن الجمعية من ثمنها شئ فدفع الإخوان 16 ألف جنيه فى يوم واحد

وأعلنا عن حاجتنا إلى جريدة ودار للنشر ومطابع قدرنا ثمنها بربع مليون جنيه فدفع الإخوان فى أسبوعين 120 ألفا من الجنيهات.

ويسأل الصحفى الشيخ عن شعار الإخوان فقال:

- سيفان وبينهما مصحف

- قال الصحفى

- لم.... السيفان؟

- هما رمز الجهاد

- والمصحف ؟

- دستوره

- والكلمة المكتوبة بين السيفين وأعدوا"؟

- هى الكلمة الأولى من الآية لكريمة" وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم".

وأضاف المرشد العام:-

- هذا نداء الإخوان " هبى يا رياح الجنة... على رهبان الليل.. وفرسان النهار"! محراب فى كل قلب

مرة أخرى كرر البنا النداء للملك

طالب صاحب الجلالة بإعفاء إسماعيل صدقى من الحكم وإعلان الجهاد.

كما طالبه من قبل بإقالة محمود فهمى النقراشى.

وجه فى صحيفة الإخوان – بتاريخ 6 من أكتوبر – رسالة إلى الملك قال فيها:

" سافر المفاوضون البريطانيون إلى بلادهم فاعتزم صدقى أن يلاحقهم هناك لاستئناف المفاوضات التى لا خير فيها"!

وفى رسالة أخرى علنية أيضا. إلى صدقى باشا قال فيها:

" طالت المفاوضة حتى أسأمت فتوقفت واستونفت ثم انقطعت ووصلت ثم تخلى عنا المفاوضون الإنجليز . هزوا أكتافهم وجمعوا أوراقهم . وانصرفوا عنا إلى بلادهم هازئين ساخرين"

وقال الشيخ البنا لصدقى:

" هذه الحكومة لا تمثل رأى البلاد فى شئ وكل إجراء تتخذه باطل وعليكم أن تدعوا أعباء الحكم لمن هو اقدر منكم".

وفى 9 من أكتوبر تحت عنوان " بين استقلال المجاهدين , واستقلال المفاوضين" قال :

" هذه الحال لن تدوم أبدأ..

إن وادى النيل الأبى إذا كان قد قنع فى الماضى باستقلال المفاوضين فى معاهدة الشرف والاستقلال , فإنه لن يرضى اليوم إلا باستقلال المجاهدين ساحة الاستشهاد وتحقيق الآمال"ز

وخصص الشيخ البنا الصفحة الأولى من صحيفة الإخوان يوم 10 من أكتوبر ليطلب من " الشعب العظيم" عدم التعاون مع الإنجليز اقتصاديا بالإضراب عن شراء كل ما هو انجليزى أو البيع لأية جهة انجليزية أو التعامل مع أى بيت أو شركة أو محل انجليزى كائنا ما كان.

وثقافيا بمقاطعة الصحف والمجلات والكتب والجرائد الإنجليزية والامتناع عن التحدث أو الاستماع للغة انجليزية.

واجتماعيا بقطع علائق المودة والصداقات الشخصية والعائلية . والانسحاب من عضوية الأندية أو الهيئات التى تضم العناصر البريطانية.

ويستمر البنا فى الدعوة الجديدة لمقاطعة الإنجليز فيقول:

" الآن وبعد أن مضى على ثورة سنة 1919 أكثر من ربع قرن من الزمان تعود القضية الوطنية سيرتها الأولى فتفشل المفاوضات أو تكاد"ولم يكن البنا وحده الذى يعارض المفاوضات, بل كانت الأحزاب والرأى العام كله فى صفوف المعارضة.