عصام نعمان: الشعب اللبناني قادر على حماية استقراره

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
مراجعة ١١:١١، ٢٨ سبتمبر ٢٠١١ بواسطة Attea mostafa (نقاش | مساهمات)
(فرق) → مراجعة أقدم | المراجعة الحالية (فرق) | مراجعة أحدث ← (فرق)
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
عصام نعمان: الشعب اللبناني قادر على حماية استقراره
31-03-2005

حوار- ياسر هادي

مقدمة

- العرب لا يجرؤن على إرسال قوات لحفظ السلام

- أمريكا المستفيد الأكبر من اغتيال الحريري

تمر لبنان بمرحلة حرجة في تاريخها؛ حيث تدور على أرضها في هذه الآونة مؤامرة كبرى تستهدف استقرار هذه الدولة التي لم تنعم بالاستقرار سوى فترة بسيطة، فمنذ أن قامت أيادٍ آثمةٌ باغتيال القائد اللبناني رفيق الحريري انفجرت موجةٌ من الاضطرابات والتطورات التي أسفرت عن استقالة الحكومة اللبنانية، ونشر حالة من التوتر.. الأمر الذي تزامن معه تنفيذ عدة تفجيرات في العاصمة اللبنانية، ولم تتمكن السلطات اللبنانية من التعرف على منفذيها بعد.. الأمر الذي يُنذر بحالة من الفوضى العارمة التي يمكن أن تصل في النهاية إلى تدخل أجنبي، في ظل غياب كامل لأي دور عربي.

ويبدو أن خروج سوريا من لبنان، والتهديدات التي توجَّه إلى (حزب الله) لن تكون آخر تداعيات تلك الفوضى، ولمحاولة التعرف على حقيقة ما يحدث في لبنان التقى (إخوان أون لاين) بالكاتب السياسي اللبناني عصام نعمان- نائب وزير الاتصالات الأسبق- وهو كاتب معروف، وله كتابان عن الحالة العربية، كما يكتب مقالات في عدد من الصحف العربية..

  • باعتباركم أحد الكتاب المتميزين عربيًا.. نرجو في البداية أن تلقي لنا نظرةً حولالوضع العربي الراهن؟
يتسم الوضع العربي الراهن بثلاث سمات: الأولى انعدام الإرادة السياسية عندالحكام العرب، وبالتالي عدم قدرتهم على اتخاذ قرارات حاسمة تتصل بالحقوق والمصالح الوطنية العُليا داخل أقطارهم على مستوى الأمة عمومًا.. الأمر الذي أدى إلى نشوب حالةٍ من انعدام الوزن على الصعيدَين الإقليمي والدولي.
أما السمة الثانية فهي ترهُّل الأنظمة العربية، الناجم عن كونها أنظمةً تشكلت خلال الحرب الباردة، بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي القديم.
ورغم أفول الاتحاد السوفيتي، وانتهاء الحرب الباردة، فإن تلك الأنظمة ما زالت في مقامها وأخفقت في الانتقال من تلك الحرب الباردة إلى ما بعدها، وبالتالي أضحت في واقع الأمر في حالة صدام مع العالم المعاصر.
والسمة الثالثة التي يتسم بها الوضع العربي هي تردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية داخل البلدان العربية، وبالتالي عجز الحكومات عن معالجة هذه الأوضاع.. الأمر الذي حمل الولايات المتحدة على استغلال لحظة عجزها التاريخي لمطالبتها بإصلاحات ترمي إلى إعادة تشكيلها سياسيًّا وثقافيًّا بما يخدم مصلحة العرب عمومًا والولايات المتحدة خصوصًا.
كل ذلك في وقت انتقلت فيه الولايات المتحدة من طور الضغط على الأنظمة العربية إلى احتلال العراق، فأصبحت عمليًّا في قلب المنطقة، وقادرةً على ممارسة دور مهم في إعادة تشكيلها!! وفي مواجهة هذا التطور نرى اندلاع مقاومات باهرة للهيمنة الأمريكية والصهيونية في كل من فلسطين والعراق ولبنان، وهو تطور يشي بتفاقم حال الصراع بين أمريكا ذات البرنامج الإمبراطوري وبين قوى الشعب العربي التي أصبحت هي الأخرى في حالٍ أطلق عليها حال (السواد في الجهاد)، بمعنى سواد الشعب في الجهاد ضد الهجمة الأمريكية على المنطقة.


عجز الأنظمة

  • وما تأثير عجز الأنظمة العربية عن الوقوف أمام المخططات الأمريكية على شعوبها؟
ضعف الأنظمة الناجم عن اتساع الهوَّة بينها وبين شعوبها من جهة وعجزها عن مواجهة التحديات الداخلية (الفقر والمرض والبطالة) والخارجية (العدوان الصهيوني المستمر والهجوم الأمريكي الشامل على المنطقة) شجَّع القوى الخارجية عمومًا وفي طليعتها الولايات المتحدة على التمادي في الضغط عليها وإرهابها ودعوتها إلى التزام السياسة الأمريكية الداعمة للكيان الصهيوني والمعادية للحقوق العربية.. لقد أصبح الخارج موجَّهًا للداخل في دنيا العرب، وأصبح حكامنا حراسًا للمصالح الأمريكية.
  • وبماذا تفسر مطالبة أمريكا بالديمقراطية في العالم العربي، رغم دعمها لتلك الأنظمة الدكتاتورية؟
ما ترمي إليه أمريكا هو إعادة تشكيل المنطقة سياسيًّا وثقافيًّا؛ من أجل تكريس هيمنتها الشاملة، ومن الأدوات التي تستخدمها في هذا المجال الدعوة إلى الديمقراطية، بمعنى إطلاق حرية التعبير، وليس بناء المؤسسة الديمقراطية بالضرورة.
وثمة فارق إذن بين أن يكون الشعب قادرًا على التعبير عن نفسه في تظاهرات فحسب وبين أن تكون له مؤسسات ديمقراطية ومنتجة بصورة صحيحة، كَي ما تقوم بواجب التعبير كما في البناء والتنمية والنهضة الشاملة.. إذن لا تشكل الدعوة إلى اعتماد الديمقراطية أكثر من إصلاح بسيط يتناول ظاهر الحال داخل الأنظمة، ولا يشكِّل إعادة نظر جذرية بالأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية؛ لذلك تكون الديمقراطية التي تدعو إليها أمريكا مجرد عمليات ابتزازية في وجوه الأنظمة القائمة لتسويغ بقائها في السلطة، رغم فشلها لتسويغ فشلها الذريع في جميع الميادين والمستويات.

مظاهرات لبنانية

  • نأتي إلى الوضع الحَرِج الذي يشهده لبنان، فهل تعتبر احتجاجات المعارضة ضد الوجود السوري تعبيرًا عن نبض الشارع اللبناني؟
لا شك أن اغتيال الرئيس رفيق الحريري قد شكَّل كارثةً للبنان على الصعيدَين السياسي والاقتصادي، وأعتقد أن الجهة الفاعلة أرادت من وراء اغتياله قلقَ موجة (تسونامي) سياسية هائلة تجرف الوجود السوري في لبنان كمدخل لنقل لبنان من موقع سياسي إلى موقع آخر..!! وفي هذا الإطار يبدو أن الولايات المتحدة تريد استغلال تداعيات اغتيال الحريري؛ من أجل تحقيق غرضَين إضافيين:
الأول تجريد المقاومة الإسلامية- من (حزب الله)- من السلاح، والعمل على إسقاط النظام السوري لكونه يمارس سياسة الممانعة تجاه أمريكا في المنطقة، سواء في لبنان أو تجاه الكيان الصهيوني أو بما يتعلق بالاحتلال الأمريكي للعراق.
صحيح أن لجنة الاستقصاء الدولية لم تتمكن من تحديد الجهة التي خططت أو نفذتاغتيال الحريري؛ لذلك فإنه عند غياب الأدلة على شخصية الفاعل فإن التحقيق يتجهغالبًا إلى تحديد المستفيد من ارتكاب الجريمة، وفي هذه الحالة فإن معظم المراقبين يميلون إلى الاعتقاد بأنه لا مصلحةَ لسوريا في تغييب الحريري، وبالتالي فإن المستفيد الأكبر من ذلك هو أمريكا والكيان الصهيوني، اللتان تريدان إخراج سوريا نهائيًّا من دائرة الصراع العربي الصهيوني، وبالتالي تجريد (حزب الله) من السلاح لأنه مثَّل نموذجًا وقدوةً في مجال مقاومة العدو :الصهيوني.


مستقبل حزب الله

  • وفي هذا الإطار، كيف ترى مستقبل (حزب الله)؟ وهل يمكن أن يقبل نزع سلاحه؟
إن معظم اللبنانيين يؤيدون المقاومة اللبنانية، ويعارضون تجريد (حزب الله) من السلاح.. هذا مع العلم بأن (حزب الله) نفسه لن يقبل تجريده من السلاح، وسيضطَّر إلى مقاومة هذه المحاولة بالقوة، طالما أنها لون من ألوان الدفاع المشروع عن النفس.
وأعتقد أنه إذا ما لاحظت أمريكا وفرنسا أن (حزب الله) والقوى الوطنية الديمقراطية حادة في المحافظة على المقاومة والدفاع المستميت عنها فستفكر مرتين قبل أن تلجأ إلى استخدام السلاح ضده.
  • وما الدوافع التي حرَّكت المعارضة اللبنانية منذ مقتل الحريري؟
المعارضة اللبنانية معارضات، وليست جبهةً سياسيةً، لها أهداف واحدة، على أنه يمكن تقسيم هذه المعارضات الأمنية في جميع القضايا السياسية في لبنان التي لجأ إليها النظام اللبناني مدعومًا من النظام السوري، وهذا القسم من المعارضة يطالب بوضع لتدخل الأجهزة الأمنية في السياسة، وبعد اغتيال الحريري طالبوا بإقالة رؤساء هذه الأجهزة.
في حين يرغب القسم الثاني من المعارضة في تحقيق نفس الهدف، لكنه يتجاوز هذا الهدف إلى ركوب موجة العداء الأمريكي الصهيوني للمقاومة اللبنانية؛ من أجل تجريد (حزب الله) من السلاح، وبالتالي نقللبنان من موقع مساندة المقاومة اللبنانية والعراقية إلى موقع الولاء الكامل لسياسة الولايات المتحدة الأمريكية.
  • في هذه الأجواء المضطَّربة هل يمكن أن تتم الانتخابات اللبنانية في موعدها؟
كان من المقرر أن تجري الانتخابات خلال شهرمايو القادم، ولكن اغتيال الحريري والتداعيات التي نشأت عنه لبنانيًّا وعربيًّا ودوليًّا قد أوجدت مناخًا شديدَ التوتر قد يصعُب معه إجراء الانتخابات في موعدها، لاسيما وأن لبنان يفتقد في الوقت الحاضر إلى وجود حكومة تستطيع مواجهة التحديات الماثلة.
وهنا تميل معظم الأطراف اللبنانية المتصارعة إلى تأجيل هذه الانتخابات لمدة 6 أشهر أو سنة من أجل العمل على "تنفيس" الاحتقانات القائمة حاليًا، وبالتالي إعادة الاستقرار إلى لبنان بما يخدم مطلب إجراء انتخابات صحيحة في المستقبل المتطور.
  • وهل تعتقد أن الحكومة اللبنانية قادرة على السيطرة على الوضع الأمني في البلاد؟
نعم.. أعتقد أن بوسع قوى الأمن الداخلي اللبناني- مدعومةً بالجيش اللبناني- الإمساك بناصية الأمن في لبنان، شريطة ألا يمارس الكيان الصهيوني- ومن ورائه الولايات المتحدة- سياسةً معاديةً للاستقرار اللبناني بتعاونها مع أجهزة مخابراتية أو طابور خامس؛ من أجل القيام بتفجيرات وقلاقل أمنية في هذه الحالة يهتز الأمن والاستقرار في لبنان.
الأمر الذي يسهل على المتواطئين مع واشنطن وتل أبيب في لبنان والعالم العربي استقدام قوة أمنية أطلسية بإشراف الأمم المتحدة أو بمعزل عنها؛ من أجل نقل لبنان من الوصاية السورية إلى الوصاية الدولية، التي لا تعني في نهاية المطاف إلا الوصاية الأمريكية.


التدخل الأجنبي


  • وما مدى إمكانية التدخل الأمريكي المباشر في لبنان؟
إذا عطل مجلس الأمن بمبادرة من روسيا أو الصين إمكانية اتخاذ قرار بإرسال قوة دولية إلى لبنان فإن الولايات المتحدة وفرنسا قد تلجأ إلى خطوة انفرادية، كما حدث لأمريكا في العراق، إذا قامت مع بريطانيا باحتلال العراق، دون أن يكون لديها تفويض واضح من مجلس الأمن.
  • ولماذا لا يتخذ العرب قرارًا بإرسال قوات عربية لحفظ السلام والاستقرار في لبنان؟
لا تستطيع قوى إقليمية عربية أن تفعل الكثير إذا ما استمرت الولايات المتحدة فياتباع سياسة عدوانية تجاهلبنان، أما إذا أصرت أمريكا على اتباع مثل هذه السياسةفإن الدول العربية لا تستطيع أن تمنعها، وستطلب أمريكا بالتالي من هذه الدول التزام الحيدة؛ كي تباشر هي منفردةً أيضًا سياسة الانفراد بلبنان واستتباعه، على أنني أعتقد أن الشعب اللبناني- بقواه الحية- سيتصدى لهذه السياسة الهجومية الأمريكية، ولن يلقيَ السلاح في مواجهتها، كما أعتقد أن شعور الولايات المتحدة بأن (حزب الله) وسائر القوى الوطنية والديمقراطية ستقاتل فعلاً إذا ما جرى استقدام قوة دولية أو أطلسية إلى لبنان فإنها ستفكر مرتين قبل أن تباشر مخططها الاحتلالي.

* شاركتَ مؤخرًا في مؤتمر القاهرة الثالث لمقاومة الاحتلال والهيمنة الأمريكيةوالصهيونية على العالم، فما دور مثل هذه الحملات في دعم المقاومة؟


المقاومة العربية، سواء في فلسطين أو العراق، تستمد قوتها من الشعب العربي، فهو مصدر دعمها الوحيد؛ لذلك فإن عقد مثل هذه المؤتمرات وتنظيم هذه الحملات الرامية إلى فضح التآمر الأمريكي الإمبراطوري على الأمة والمنطقة من شأنه تعبئة القوى الشعبية الحية وزجّها في الصراع، وبالتالي رفع معنويات المقاومة، وتشجيعها على توسيع دائرة اشتباكها مع العدو الأمريكي والصهيوني.

المصدر