"عبدالوهاب الأنسي": الإصلاح أسهم في ترسيخ الشورى باليمن

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
مراجعة ١٢:٢٩، ٢٨ سبتمبر ٢٠١١ بواسطة Ahmed elsaied (نقاش | مساهمات) (أنشأ الصفحة ب''''<center><font color="blue"><font size=5>"عبدالوهاب الأنسي": الإصلاح أسهم في ترسيخ الشورى باليمن</font></font></c...')
(فرق) → مراجعة أقدم | المراجعة الحالية (فرق) | مراجعة أحدث ← (فرق)
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
"عبدالوهاب الأنسي": الإصلاح أسهم في ترسيخ الشورى باليمن

[17-09-2003]

مقدمة

مرَّ 13عامًا بالتمام منذ الإعلان عن تأسيس التجمع اليمني للإصلاح في اليمن في 13 سبتمبر عام1990م، ساهم الحزب خلالها في تعميق مفاهيم الشورى والوحدة والوسطية وتغليب المصلحة العامة على المصلحة الخاصة، ولا يستطيع أحد أن ينسى دور الحزب في تثبيت الوحدة اليمينية عندما حاول بعض الانفصاليين الجنوبيين الانفصال بجنوب اليمن عن شماله.

لقد نجح الإصلاح في ممارسة دوره السياسي والاجتماعي وتميز بخطابه الرصين والوسطيّ، ولم يُستدرج لارتكاب أعمال عنف، رغم تسلط وعنف البعض من السلطة أو المعارضة ضده، بل وأصبح الإصلاح يقود المعارضة اليمنية على اختلاف طيفها السياسي على أجندة يمنية موحدة.

وفي هذا الإطار ولإلقاء مزيد من الضوء على تجربة التجمع اليمني للإصلاح يأتي هذا الحوار الذي أجرته صحيفة "الصحوة" اليمنية مع أحد القيادات البارزة للإصلاح، وهو الأستاذ "عبدالوهاب الأنسي" الأمين العام المساعد للحزب حول دور الحزب خلال الـ13 عامًا الماضية ورؤيته لمستقبل الحزب في إطار التحديات المفروضة عليه.

بين يدي الحوار

أكد الأمين العام المساعد للتجمع اليمني للإصلاح "عبدالوهاب الأنسي" أن الإصلاح أسهم إسهامًا فعالاً في ترسيخ مفاهيم الشورى والديمقراطية في بلادنا، وقال- في مقابلة أجرتها معه (الصحوة) الأسبوعية بمناسبة الذكرى الـ13 لتأسيس التجمع اليمني للإصلاح-: إن ما ميز الحركة الإصلاحية في اليمن وضوح فكرتها وقدرة اتصالها بكافة قطاعات الشعب، مشيرًا إلى أن جهود قادة وأعضاء الإصلاح في هذا البلد أصبحت بارزةً وملموسةً يعيشها الناس.

وقال: إن أهم مجال أثر فيه الإصلاحيون هو مجال تطوير وتحديث التعليم، حيث تمكنوا من الوصول به إلى أماكن كان من الصعب على الدولة الوصول إليها، مؤكدًا أن الإصلاح ساهم في الحفاظ على هوية الشعب اليمني كشعب مسلم له تراث زاخر وغنيّ بالاجتهادات التي يمكن الاستفادة منها في مواجهة التحديات، واعتبر "الأنسي" جهود الإصلاح مع كثير من الخيّرين في هذا الوطن وراء إيجاد بيئة نظيفة معتدلة أفشلت كل ما يبذل لتعكيرها ببعض الأفكار المتطرفة التي ليس لها صلة بمفاهيم الإسلام الصحيحة، وحذَّر من أنَّ هناك جهاتٍ تقوم بتشجيع بعض تلك الأفكار المتطرفة لاعتبارات حزبية وضيقة، مؤكدًا أنها بهذا الدور تقدم خدمة للعدو الخارجي الذي يبحث عن أسباب تمكنه من زيادة قبضته على الشعوب العربية والإسلامية.

ودعا "الأنسي" جميع القوى الخيرة في البلاد إلى عدم الانسياق وراء تضخيم المؤشرات السلبية، وأن تتصرف بالإمكانات المتوافرة لديها للعمل على توسيع دائرة الخير ومحاصرة الظلام الذي تتبعه ثقافة الإحباط، والعمل على إشاعة ثقافة الديمقراطية؛ لتصبح قيمة حياتية تُلحَظ آثارها في جميع جوانب الحياة.

نص الحوار

  • هل بإمكانكم أن تحدثونا عن أبرز ملامح الاعتدال والوسطية في فكر الإصلاح ومساره؟
الحصيلة التي نتجت عن الجهود المبذولة من قِبَل أعضاء الإصلاح وقادته في وقت مبكر لهذا البلد العزيز واضحة وملموسة- ويعيشها الناس- برزت تلك الجهود في مجالين أساسيين: الأول منهما هو مجال التربية والتعليم، وبذلت الحركة الإصلاحية في هذا المجال جهدًا كبيرًا، خاصةً في تحديث المناهج، وتحديث التعليم بشكل عام، والوصول به إلى أماكن كان يصعب على الدولة الوصول إليها.
أما بالنسبة للمجال الثاني فتمثلت ثماره في الحفاظ على هوية الشعب اليمني كشعب يدين بالإسلام، ولديه تراث زاخر وغني بالاجتهادات التي يمكن الاستفادة منها في مواجهة التحديات، كدور رسمي بارز لعبته حركة الإصلاح في هذا المجال.
كما أن حركة (الإصلاح) تميزت بوضوحها واتصالها بكافة قطاعات الشعب اليمني- وهي ماثلة للعيان-، وكانت بداية الانطلاق هي ثورة26 سبتمبر التي فتحت الأبواب وأعطت فرصة لمراجعة الحالة التي كان الناس عليها، خاصةً فيما يتعلق بالمفاهيم الخاطئة والسائدة الناتجة عن الاستبداد، ثم جاءت فرصة أخرى تمثلت في استعادة الشعب اليمني لوحدته، وتمت من خلال مراجعة مخلفات الاستعمار والاستبداد لينتج عن هذا كله هذا الجو الاعتدالي الذي نعيشه.
  • أنت تتحدث عن جو اعتدالي، بينما يتحدث الآخرون عن أفكار متطرفة!
إذا وجدت بعض الأحداث التي تُضخم- من قبل البعض- لأغراض غير موضوعية فهي اجتهادات وتصرفات شخصية فقط، ونقول بكل وضوح إنه نتيجةً لكل هذه الجهود المبذولة من قِبَل الإصلاح وغيره من الخيّرين هي التي أوجدت هذه البيئة الموجودة حاليًا في اليمن، وأفشلت كل ما يبذل لتعكير هذا الجو لإيجاد فرصة لبعض الأفكار المتطرفة، والتي سببها قضايا ليس لها صلة بموضوع المفاهيم الإسلامية الصحيحة وتجد اليوم- مع الأسف- تشجيعًا لإفساد هذه البيئة النظيفة لأغراض حزبية ضيقة، وأحيانًا تقدم كخدمة للعدو الخارجي الذي يبحث عن أسباب تمكنه من زيادة قبضته على الشعوب العربية والإسلامية.

نجاحات محققة

  • إذًا دعنا نسألك عن أبرز النجاحات التي حققتها الحركة الإسلامية على الصعيد السياسي والثقافي والاجتماعي والتنظيمي؟
  • أنا أعتقد أن استحضار المنجزات في كل المجالات مرجعها العودة إلى أدبيات الإصلاح في مراحله المختلفة، ولكن نستطيع أن نقول: إن الإصلاح أسهم إسهامًا فعالاً في ترسيخ مفاهيم الشورى والديمقراطية.
أما في المجال الاجتماعي والثقافي والاقتصادي فلا يزال دور الدولة هو المعول عليه، وكان من المفترض على الدولة أن تتيح الفرصة للشعب والعمل الحزبي للعمل في هذه المجالات ولكن- مع الأسف الشديد- دور الدولة لا يزال دون الحد المطلوب؛ وهو الأمر الذي جعل السير في هذه المجالات بطيئًا، وليس هناك وسيلة للتسريع بالسير في هذه المجالات، إلا أن تتكاتف جهود الدولة مع الخيرين في هذا البلد للاستفادة من الفرصة المتاحة؛ لإنجاز الخطوة الأولى السليمة والصحيحة في هذه المجالات.
  • وماذا عن مسار الإخفاقات والتراجعات؟
لا شك أننا كشعب وكأمة أصيبت بشتى الأمراض نتيجة للأفكار التي أتاحت فرصة لأن تسود مفاهيم التخلف بشتى المجالات، ولا يصح أن نقول إن هناك سيرًا بلا إخفاقات، فإن هذا يحدث في حالة السير في الطرق الممهدة؛ فما بالك في السير في طرق نستطيع أن نقول عنها إنها غير صالحة للسير فيها أصلاً، وبالتالي أنا أعتقد أن الإخفاقات لابد أن نستوعبها، ولابد أن نتحدث عنها، وأعتقد أيضًا أن أهم هذه الإخفاقات هي أننا في حاجة إلى إشاعة ثقافة الديمقراطية؛ حتى تصبح- كما هو مذكور في القرآن الكريم- قيمة حياتية تُلحظ آثارها في كل تصرفاتنا؛ ولهذا اختار الله سبحانه وتعالى ذكر الشورى ما بين الصلاة والزكاة، وما ذلك إلا لعلاقتها بالقيمة الحياتية كلها والصلاة والزكاة كضرورة واجبة لا يقتصر أثرها على الجانب الاقتصادي ولا على الجانب النفسي والاجتماعي؛ وإنما المفهوم منها أن تستمر حياة المسلم في كل جزئيات تصرفاته، وهذه كلها تحتاج منا إلى عمل ثقافي وتربوي، وجمع كل الجهود وصبها في هذا الاتجاه؛ حتى يتم إنجاز ما نحتاج إليه.
  • في الآونة الأخيرة كَثُر الحديث عن تطور الإصلاح والارتقاء في خطابه؛ فهل هناك تطورٌ فعلاً؟ وهل تغيَّر خطابكم فعلاً، أو أن الآخرين فقط بدءوا يحسنون الاستماع؟
سُنَّة التطور سُنَّة من سنن الله سبحانه وتعالى، والإصلاح كحركة تغيير سلمية تعتمد على التدرج والتتبع لسنن التطور، وبما أن الإصلاح يتصف بهذه الصفات، فلا يستطيع إلا أن يكون متطورًا متغيرًا؛ إما أن يكون ضمن السير الرتيب، وإما أن يكون ضمن مخطط استراتيجي هادف، ولا شك أنه من ضمن هذا التطور ما أشار إليه السؤال؛ وهو أنه نتيجة لهذا الحراك أصبح الناس في موقع الآخرين وليس أمامهم إلا أن يستمعوا.
لا شك أيضًا أن عامل الحراك داخل الإصلاح هو الذي جعل الآخرين يستمعون إلى صوته، ويستمعون إلى رأيه، بل ويتفهمونه ويزيلون كل ما قد يكون أصاب هذه القضية من تشويهات عمل البعض على إلصاقها بالإصلاح، وهذا متوقَّع، ولابد من استيعابه والنظر إليه، وإيجاد المخارج التي تقي الناس من آثاره والسلبيات التي تترتب على مثل هذه التشويهات، ولا سيما في ظرف مثل ظروف اليمن التي هي في حاجة ماسة إلى دفع مثل هذه الأساليب والبعد عنها لصالح العمل الجماعي للخيرين في هذا البلد.
  • حديث كهذا يقودنا لطرح سؤال عن أهم المرجعيات الفكرية والسياسية للإصلاح؟
الإصلاح كما تعلم له مؤسسات هي هذه المرجعيات، وهي تعمل في مسار مستمر، وكلما اتسعت مجالات النجاحات اتسعت معها هذه المرجعيات، إضافةً إلى أن الوصول إلى مزيد من هذه النجاحات مرتبط بسلامة سير هذه المؤسسات وسلامة الأسس التي تقوم عليهابرنامج واضح.
  • هناك اتهام قديم جديد يوجه لكم- كإسلاميين-؛ بأنكم لا تمتلكون برامج تفصيلية، وإنما مجرد شعارات حزبية وخطب إنشائية!
أعتقد أن الزمن قد تجاوز مثل هذه التساؤلات التي نشأت منذ أن بدأت الحركة الإسلامية في البلاد العربية والإسلامية، وهذا السؤال هو أول ما واجهته الحركة مِن قِبَل مَنْ فشِلوا في ترسيخ ثقافاتهم التي تبنوها، وكان سبب فشلهم أن تلك الثقافة هي نتاج ظروف ومجتمع غير مجتمعاتنا، وكانت جهودهم أشبه بنقل معالجات هي في الأساس خاطئة، لمجتمع لم يحتج إليها؛ فكانت المشكلة مضاعفة.
وبدلاً من أن يفسحوا الطريق لهذه الثقافة التي اعتمدت تبشيرًا قائمًا على مشروع دين الأمة وعلى تاريخها، ويعطوها الفرصة الكافية، قاموا بتوجيه مثل هذه الأسئلة، ولكن الحركة الإسلامية استطاعت الرد على مثل هذه التساؤلات والمقولات، إضافة إلى أن من يطرحون مثل هذه التساؤلات لا يملكون شيئًا، وما يملكونه يبقى غريبًا عن شعوبنا وأرضنا وتربيتنا، وهو عبارة عن استيراد لمفاهيم مستوردة.
  • من خلال المعطيات الراهنة؛ كيف تقرءون المشهد المستقبلي للإصلاح؟
لا شك أن المعطيات الراهنة بقدر ما تحمله من مؤشرات مستقبلية تدعو إلى التشاؤم، إلا أنها أيضًا تحمل الكثير من المؤشرات المبشرة، وليست المتشائمة، وأنا أعتقد أن كل القوى الخيرة في بلدنا هي بحاجة اليوم إلى أن تتبع الخير؛ لكي تتعرف من خلاله على الإمكانيات المتوافرة لديها، ولا تنساق وراء تضخيم المؤشرات السلبية، وهذا مع الأسف مقصد من مقاصد الإحباط، وتسد كل المنافذ التي يمكن من خلالها العمل في الاتجاه المضاد لمثل هذه الأفكار.
وأقول: إن الخير كثير، وما علينا إلا أن نجمِّع هذه النقاط المضيئة، ونضع الخطط على أساسها، ونعمل على توسيع دائرتها، ومحاصرة الظلام الذي تتبعه ثقافة الإحباط، فحال الأمة اليوم- ونحن جزءٌ منها- أفضل حالاً مما كان عليه حالها في الأربعينيات والخمسينيات والستينيات، وما أعقبها من فترات صعبة، ولعل تفوُّق الأعداء في المجال الإعلامي وتركيزهم على مثل هذه القضية هو أيضًا دليلٌ على انزعاجهم من أن يفطن الناس إلى الخير الذي لا يزال بالأمة؛ لذلك يتعمدون استخدام هذه الآلة الإعلامية الرهيبة لإشاعة ثقافة الإحباط، والتي من الصعب أن تتعرف على ما هو متاح لك، إضافةً إلى عدم البحث فيما هو متاح، ومع هذا يمكن الوصول إلى المتاحات الأخرى، ويبقى الإنسان حبيس هذه الثقافة الإحباطية، ويبقى يدور في فراغ لا معنى له؛ وهو ما تضمنته الآية الكريمة، والتي يقول الله- عز وجل- فيها: ﴿وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا* وَإِذًا لآَتَيْنَاهُم مِّن لَّدُنَّا أَجْرًا عَظِيمًا* وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطًا مُّسْتَقِيمًا﴾ (النساء: من 68 إلى 66)، فالآية واضحة تشير إلى سُنَّة قائمة، وستظل إلى يوم القيامة، وما على الناس إلا أن يتعرفوا على ما تستحقه من التأمل ومن القيام، وإلا ستظل مشاريعنا وأهدافنا عبارة عن أمنيات يصعب علينا تحقيقها، وبذلك يصدق علينا ما وصفه الله في كتابه العزيز لبني إسرائيل في قوله تعالى:﴿وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لاَ يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلاَّ أَمَانِيَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَظُنُّونَ﴾ (البقرة: 78).
فنحن- لكي نبتعد من أن نصاب بمثل هذه الصفات- علينا أن ننتقل من حالة الأماني وثقافة الإحباط إلى حالة تتبع المنى بالعمل، وقبل ذلك وبعد ذلك الاتكال على الله سبحانه وتعالى.

المصدر