إفلاس الخيارات

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
مراجعة ١٤:٤٥، ٢٤ نوفمبر ٢٠١١ بواسطة Ahmed s (نقاش | مساهمات) (حمى "إفلاس الخيارات" ([edit=sysop] (غير محدد) [move=sysop] (غير محدد)))
(فرق) → مراجعة أقدم | المراجعة الحالية (فرق) | مراجعة أحدث ← (فرق)
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
إفلاس الخيارات

بقلم:معتصم حمادة

ماذا سيبقي لنتفاوض عليه

أولمرت و أبو مازن

لقد منح المفاوض الفلسطيني نفسه فرصة، لامتحان خياره التفاوضي، تمتد حتى نهاية العام الحالي، دون أن يسأل نفسه «ماذا سيتبقى حتى نهاية هذا العام ما يصلح لأن نتفاوض عليه؟».

لا ندري ماذا كان في جعبة الرئيس محمود عباس من جديد، وهو يتوجه إلى اللقاء مع رئيس حكومة إسرائيل إيهود أولمرت في مقر رئاسة الحكومة الإسرائيلية في القدس المحتلة في 7/4/2008.

فاللقاء هو السادس بينهما، منذ مؤتمر أنابوليس الذي قرر استئناف العملية التفاوضية بين الجانبين. وهو اللقاء الأول منذ منتصف شباط (فبراير) الماضي.

إذ كان يفترض أن يعقد لقاء بين الجانبين في مطلع آذار (مارس) الماضي.إلا أن عباس ألغى الاجتماع احتجاجاً على عملية «الشتاء الساخن» العدوانية على قطاع غزة وأعلن يومها أن لا لقاءات مع أولمرت في ظل تواصل العدوان وتواصل الاستيطان.

ثم جاءت رايس إلى المنطقة، وقامت بجولات مكوكية شملت رام الله والقدس المحتلة وعمان، انتهت فيها إلى «اقناع» الطرفين باستئناف لقاءاتهما نصف الشهرية من أجل «رعاية العملية التفاوضية» التي يترأسها كل من وزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبي ليفني،ورئيس الوزراء الفلسطيني السابق أحمد قريع.


استئناف المفاوضات

تقول المصادر المطلعة إن الرئيس أبو مازن وافق على استئناف اللقاءات مع أولمرت،وتراجع عن اشتراطاته (وقف العدوان ووقف الاستيطان) بعد ما تبين له أن أولمرت لم يقم وزناً لشروط عباس وأنه ماضٍ، بكل عناد، في مشاريعه الاستيطانية، والعدوانية، وأنه، في قرارة نفسه، مرتاح إلى مقاطعة عباس اللقاءات معه، لأنه، في الأساس، غير راغب في العملية التفاوضية، وهو، يتصرف عملياً لخنقها قبل أن تنتج شيئاً ما.

فأولمرت ـ والكلام لمصادر عباس ـ يخاف إن هو تقدم في المفاوضات، أن تدب الخلافات داخل ائتلافه الحكومي، وأن تتصاعد النزاعات الحزبية حول الموقف من المفاوضات، فتنهار الحكومة ويضطر للذهاب إلى انتخابات مبكرة، لا يضمن الآن الفوز فيها، والعودة إلى رئاسة الحكومة.

وتضيف مصادر أبو مازن أن الرئيس عباس أراد أن يقطع على أولمرت مناورته فوافق على استئناف المفاوضات معه. نحن من جهتنا، نضع كل ما قالته المصادر المقربة من عباس في مربع التبرير ومربع الذرائع.

فالحقيقة تقول إن لا خيار أمام عباس سوى خيار المفاوضات، لذلك هو متمسك بها أياً كانت الظروف والأوضاع. وما انقطاعه عن لقاءات آذار (مارس) إلا من باب المناورة المحدودة التي سرعان ما انكشفت حقيقتها.

جدول أعمال الاجتماع تناول ثلاث قضايا. تطبيق المرحلة الأولى من خطة خارطة الطريق والتهدئة، وإعادة تشغيل المعابر.أما النتائج،وكما اعترفت المصادر نفسها،فقد كانت هزيلة إلى حد كبير.

@ ففي القضية الأولى طرح الرئيس محمود عباس ضرورة وقف الاستيطان،وتفكيك البؤر الاستيطانية «غير الشرعية»،والسماح للمؤسسات الفلسطينية في القدس الشرقية استئناف نشاطاتها،وعودة الجيش الإسرائيلي إلى خطوط 28/9/2000، وإزالة الحواجز،والسواتر، وإنهاء الإغلاقات.

صائب عريقات، عضو اللجنة التنفيذية لشؤون المفاوضات اعترف في مؤتمره الصحفي أن معظم القضايا بقيت عالقة،ودون حل،وأن معظم النقاش تركز حول الاستيطان،دون أن يقدم الجانب الإسرائيلي أية إجابات شافية أو أن يقدم موعداً للالتزام بما جاء في المرحلة الأولى من خطة خارطة الطريق.

رغم أن عباس حاول ـ كما قالت المصادر ـ أن «يذكر» أولمرت بالنقاشات التي دارت في أنابوليس والوعود التي أطلقت آنذاك بالتالي هذا أول فشل يسجل في هذا الاجتماع.

@ في القضية الثانية، تقول المصادر إن الرئيس عباس طرح ضرورة التوصل إلى التهدئة،في قطاع غزة وفي الضفة الفلسطينية،وإنه بحث مع أولمرت ما كان الوسيط المصري قد بحثه مع الإسرائيليين في هذا الشأن.

غير أن موقف أولمرت، كما اتضح، لم يكن متحمساً لتهدئة «شاملة» إذ أوضح لعباس أنه يفضل تهدئة في قطاع غزة فقط،أي وقف إطلاق الصواريخ الفلسطينية على الأهداف الإسرائيلية.وعندما تتأكد تل أبيب من حسن نوايا الجانب الفلسطيني في هذا الجانب بالذات، ستدرس ما يمكن أن تقوم به، كرد إيجابي على الالتزام الفلسطيني.

أما بشأن الضفة،فإن البحث فيها سيكون منفصلاً عن القطاع، في محاولة من أولمرت للفصل، عملياً، بين الضفة وبين القطاع، وتكريس هذا الفصل والانقسام،من خلال التعامل مع «كيانين منفصلين».

«توضيحات» عباس ـ تقول المصادر ـ فشلت في إقناع أولمرت في تغيير موقفه المتصلب.وإن كان قد «وعد» بمراجعة الجهات الأمنية ذات الاختصاص لإعادة دراسة الأمر.غير أن هذا الوعد يبقى بلا قيمة لأنه مفتوح على كل الاحتمالات،وفي مقدمها أن «الجهات ذات الاختصاص» ولم توافق على الربط بين الضفة والقطاع.

@ قي القضية الثالثة ـ تقول المصادر ـ ربط الجانب الإسرائيلي بين تشغيل المعابر وبين الوصول إلى اتفاق حول التهدئة،في خطوة،كما اتضح،أخرجت هذا البند ـ عملياً ـ من جدول الأعمال.مما يعني إبقاء قطاع غزة تحت الحصار حتى إشعار آخر.


بحث قضايا عملية

وتقول المصادر إن عباس انتقل مع أولمرت إلى بحث عدد من القضايا العملية منها:

@منح هويات لحوالي عشرة آلاف فلسطيني يعيشون في الضفة والقطاع،هم جزء من 54 ألف فلسطيني دخلوا إلى مناطق السلطة في زيارة لمدة ثلاثة أشهر ولم يغادروا.وهذه هي الدفعة الثالثة التي تمنح الهويات (الهويات تصدرها جهة إسرائيلية مازالت إلى الآن تمسك بسجل السكان في مناطق السلطة لضبط عدد السكان،والحؤول دون تدفق الفلسطينيين من الخارج إلى الضفة والقطاع).

المصادر أوضحت أن الجانب الإسرائيلي كان قد أوقف،منذ ما قبل العام 2000 منح هويات للفلسطينيين.وما يقوم به أولمرت الآن، ليس إلا تعويضاً عن تعطيل إسرائيل للاتفاق مع الفلسطينيين. لذلك ليس في الخطوة الإسرائيلية هذه أي تنازل سياسي على الإطلاق.

@ قضية مبعدي كنيسة بيت لحم وعددهم 26،أبعدتهم إسرائيل،بالاتفاق مع السلطة من الضفة إلى القطاع.تقول المصادر إن أولمرت وعد بدراسة ملفات أربعة من هؤلاء والبحث في إمكانية السماح لهم بالعودة إلى الضفة (!).

@ تنفيذ ما تم الاتفاق عليه بين رايس وفياض وباراك وإزالة 50 ساتراً ترابياً في الضفة وحاجزين، الأول عند رام الله والثاني عند أريحا،. وقد تبين أن إسرائيل لم تلتزم (أي بعد مرور حوالي عشرة أيام على الاتفاق) بأي شيء، فالسواتر مازالت على ما هي عليه،وكذلك الحواجز.

أولمرت تذرع بان الأجهزة الأمنية الإسرائيلية ذات الاختصاص تدرس الاتفاق لترى فيما إذا كان يتلاءم مع خططها الأمنية في الضفة.يذكر أن مصادر إسرائيلية قالت إن خلافات حادة نشبت بين إيهود باراك وبين قادة الأجهزة الأمنية في إسرائيل،الذين أبلغوا وزير الدفاع اعتراضهم على إزالة السواتر والحواجز، ورأوا في ذلك خطراً على أمن إسرائيل حتى أن أحدهم خاطب باراك قائلاً: «إنك بقرارك هذا سوف تطلق الإرهاب الفلسطيني من قمقمه».


اكتمال الصورة

وكي تكتمل الصورة من المفيد التذكير بما قالته ليفني، في تصريحاتها الصحفية، بعيد اللقاء بين عباس وأولمرت. ليفني قالت إن الجانب الإسرائيلي أعاد التأكيد لنظيره الفلسطيني على رفضه وقف الاستيطان في القدس المحتلة وفي محيطها، بذريعة أنها عاصمة إسرائيل،وأن ما تقوم به هو شكل من أشكال ممارسة السيادة على أرضها.

كذلك ترفض وقف بناء الشقق السكنية في الكتل الاستيطانية خاصة تلك الواقعة خلف جدار الفصل. وذريعة ليفني أن التوسع يتم تلبية للزيادة السكانية في المستوطنات.

فضلاً عن أن مستقبل هذه المستوطنات هو في ضمها إلى إسرائيل،وعلى قاعدة أن «الجدار» يشكل الحدود الجديدة لإسرائيل.كما أعادت ليفني التأكيد على موقف إسرائيل الرافض لعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى مناطق 48، وضرورة البحث عن حلول بديلة.

كما أعادت التأكيد على مسامع الوفد الفلسطيني أن إسرائيل هي الوطن القومي لليهود، وأن الدولة الفلسطينية هي الوطن القومي للفلسطينيين.

بقيت نقطة صغيرة، لكنها ليست هامشية ألا وهي رسم سقف زمني للمفاوضات.المصادر تقول إن أولمرت «وعد» ببذل الجهد للوصول إلى الاتفاق نهاية العام الحالي،دون أن يعتبر هذا الوعد قراراً ملزماً.

هذه النتائج الهزيلة جداً تعيدنا إلى ما كنا قد طرحناه في البداية: «ما هو الجديد في جعبة الرئيس عباس ليستأنف المباحثات مع أولمرت؟».

صائب عريقات ناب عن الرئيس عباس في توضيح الموقف حين قال إن الأزمة تتطلب تدخلاً من الولايات المتحدة. ولعله غاب عن بال عريقات أنه لم يمض على وجود رايس في المنطقة أكثر من أسبوع.

إلا إذا كان عريقات يتمنى أن تقيم رايس في ظهرانينا،وأن تتفرغ بشكل كامل لمتابعة تفاصيل العملية التفاوضية،والتي لم تنتج، منذ مؤتمر أنابوليس وحتى الآن،أي شيء يذكر.

فضلاً عن ذلك، فإن مواقف الولايات المتحدة من قضايا الحل الدائم لا تختلف عن المواقف التي أعادت ليفني التذكير بها ـ فهي مع ضم القدس المحتلة، ومع ضم الكتل الاستيطانية لإسرائيل،وضد عودة اللاجئين، وضد العودة إلى حدود الرابع من حزيران (يونيو) 67.

مرة أخرى يقف المفاوض الفلسطيني أمام مأزقه،والمأزق ليس أنه اختار المفاوضات.بل يتمثل المأزق بان المفاوض الفلسطيني أسقط كل الخيارات البديلة،واحتفظ بخيار وحيد هو خيار المفاوضات،وأنه منح نفسه فرصة لامتحان هذا الخيار تمتد حتى نهاية العام 2008،دون أن يسأل نفسه «ماذا سيتبقى حتى نهاية العام 2008 ما يصلح لأن نتفاوض عليه؟».

المصدر