هيا نتقدم خطوة في رمضان

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
مراجعة ٠٣:٥٤، ١٢ أغسطس ٢٠١٠ بواسطة Helmy (نقاش | مساهمات) (أنشأ الصفحة ب''''<center>خطوات فى رمضان</center>''' '''بقلم الأستاذ/ أحمد صلاح''' == الخطوة الأولى: صل رحمك == ( عندك حق . .…')
(فرق) → مراجعة أقدم | المراجعة الحالية (فرق) | مراجعة أحدث ← (فرق)
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
خطوات فى رمضان


بقلم الأستاذ/ أحمد صلاح


الخطوة الأولى: صل رحمك

( عندك حق . .هما ناس وحشين فعلا) ربما تكون هذه الجملة التي دائماً ما تقولها لنفسك كي تبرر لها تكاسلك عن زيارة أقاربك أو الاتصال بهم للاطمئنان على أحوالهم أو تقديم يد المساعدة و العون لهم، وربما تكون جمل أخرى مساعدة أو مسكنة أو مخدرة لتخفف ألم التقصير تجاه من وصفهم الله بوصف في غاية الحميمية و الصلة بك (الرحم).

قد تكون هذه الجملة: (أصل أنا مشغول في العمل) أو (إن المسافة بيني و بينهم بعيدة) أو (أصل كل ما نروح نزور حد، نيجى بمشكلة).ورغم أنها أقوال و تبريرات تفحم الكثيرين وتجعلهم يطأطئون الرؤوس و يدعون لك بصلاح الحال، إلا إنني أجد في كلمات الرسول صلى الله عليه و سلم ما يغنى عن عناء الرد، وما يجعلك تعيد حساباتك في هذه النقطة، و يدفعك لشحذ عزيمتك لتغير بوصلة أفكارك. عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخـر فليـكرم ضيفه، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليصل رحمه، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت" (رواه البخاري).

ربما تكون قد سمعت هذا الحديث أو قرأته كثيراً، لكنى ادعوك الآن أن تتدبر معانية، وتبحث فيه بعمق وبشغف المؤمن الذي ينصت لكلام رسوله الكريم، وهو يعلم أن كلامه كله يحمل فائدة و نعيماً له في الدنيا و الآخرة.

إن الحديث يشير إلى أن السلوك والخلق دلالة من دلالات الإيمان، بمعنى أن الصلاة و الصيام و القيام و الحج، كل هذا لا يكفى، بل لابد أن يتبع ذلك السلوك الحسن مع الناس، بالضبط كما تشير سورة الماعون في معنى صريح وواضح: "أرأيت الذي يكذب بالدين ، فذلك الذي يدع اليتيم ، ولا يحض على طعام المسكين". معنى ذلك أن الله يتهم الذين يؤمنون بالدين قولاً لا عملاً، و يحذرهم بأنه سيضعهم في زمرة المكذبين بالدين، لأنهم لا يعملون به.

إذن النقطة الأولى في الحديث: أن الإيمان كي يكون إيمانا حقا، يجب أن يتبعه سلوك وأخلاق حسنة. نأتي للنقطة الثانية: وهى أن الرسول صلى الله عليه وسلم حدد أولويات الأخلاق التي يريدنا أن نقوم بها، ووضع صلة الرحم في المرتبة الثانية.

و لخطورة الأمر، أراد الرسول أن ينبهنا بشدة إليه في حديث أخر، عن عائشة رضي الله عنها، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:"الرحم متعلقة بالعرش تقول: من وصلني وصله الله، ومن قطعني قطعه الله". رواه مسلم..........وصله الله: بمعنى أحسن إليه ورزقه.

أما من يقطع الرحم فأعتقد أن مجرد قراءته للحديث الآتي سيجعله يغير رأيه فى سلوكه مع أقاربه .. عن أبي بكر رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ما من ذنب أجدر أن يعجل الله لصاحبه بالعقوبة في الدنيا مع ما يدخر له في الآخرة من البغي وقطيعة الرحم" رواه ابو داود والترمذي وابن ماجه.

نريد أخي الحبيب أن نتقدم خطوة في شهر رمضان هذا العام تقرباً إلى الله وإثباتا له في رغبتنا في الهداية، وأن نجتهد قليلا كي يتفاعل الإيمان مع المجتمع، وننجح في ربط الدين بالحياة. الآن ...اعد قائمة بأسماء أقاربك وأرقام هواتفهم، واستعن بالله واضغط على أزرار هاتفك على من تختاره، واجعل أولهم اقرب الناس إليك، وابدأ بتحية الإسلام، وأولها السلام، وابدأ طرف الحديث بحب ومودة ببركة الشهر الكريم.

أخي الحبيب ..أسمعك الآن وأنت تقول:

حضرتك فاضي النهاردة بعد القيام ؟ كنا عايزين نعمللكوا زيارة سريعة. مبروك أخي الحبيب . .تقدمت خطوة.


الخطوة الثانية: تحكم في انفعالك

بعض الناس يغضب بهستيريا غريبة، يجعلك تشعر أن هذا الذي أمامك إنما هو إنسان أخر غير الذي عرفته وتعرفه، وإذا بهذا الإنسان الأخر يرتكب من الأفعال والحماقات ما يجعله يسأل نفسه بعد أن يهدأ: ماذا فعلت ؟؟!

والذي فعله كان كثيراً وكثيراً جدا، فمن الممكن أن يكون سب وتهزئ وتكسير وضرب وتطليق وأشياء أخرى. و للحقيقة.. فربما لا يستطيع الكثيرون أن يحسموا الأمر فدى علاقة الغضب بشهر رمضان الكريم، فالكثير من الناس يهدأون جداً في شهر رمضان، و يتحولون إلى ملائكة بجناحين تحت تأثير الروحانيات الهائلة والرحمات والسكينة التي يموج بها الشهر الفضيل، تعلوهم الابتسامة كثيرا، وشفاهم التي تتحرك بذكر الله وآيات القرآن الكريم، تتحرج أن تنطق بكلمة سخرية أو نميمة، وأحيانا تتحاشى مجرد رفع الصوت.

على الجانب الآخر تجد من يزداد غضبه بعنف في رمضان، و يصبح كثيراً ما يظهر عليه الضيق، ويمكن استثارته بأقل مجهود، وكلما حدثت مشكلة احمر وجهه وانفلت لسانه من شدة الغضب، العجيب أنه يبرر ما حدث بأنه صائم، إنه يرى أن الصيام عقاب له من السماء يبرر له أن يفعل ما يفعله، لذلك تعجب من حالات الطلاق في رمضان على مائدة الإفطار والسحور لأتفه الأسباب، وتندهش من كثرة حوادث السيارات بسبب السرعات الجنونية وعدم الصبر، و يجب أن تكون معتاداً على مشاجرات الأتوبيسات والميكروباصات، وربما عليك أن تكون مستعدا لسائق سب راكباً أو العكس، أو سب أحدهما الدين نفسه.

و الحقيقة أن الفئة الأولى رأت في رمضان شهر التقوى و الصلاح والتعبد والتقرب إلى الله و الرغبة في رضاه، وكل هذا يتطلب جهاد النفس وعدم الاستسلام لها، وإيقافها عند حدها ولو لمدة شهر، فتتولد عنده إرادة قوية في الهدوء الذي يتناسب مع الحالة الإيمانية والروحانية المرتفعة التي لا يريد أن يفقدها، وهو لا يريد أيضاً أن يستسلم للغضب الذي سيجره حتما إلى معصية تعكر صفو إيمانه وتقطع صلته بالله ولو للحظات.

أما الفئة الثانية.. فلم تر في رمضان إلا الجوع والعطش والحر والمواصلات، فكان عقابها لنفسها أن تتعذب بالصيام، لا أن تعتبره قربى إلى الله، ثوابه الدخول من باب الريان يوم القيامة ويصبحون كالأطفال الذين يبكون في عصبية كي تعطيهم أمهم الطعام، وعندما يتحقق حلم حياتهم بالطعام والشراب، لا يتورعون عن المعاصي حتى الصباح.

إذن من يعانى من مشكلة سرعة الغضب وعدم التحكم في الانفعالات، وجد حلها فعلا في شهر رمضان، حيث تحققت عوامل معينة سنرصدها معاً.

1- زيادة التعبد (صلاة الفجر – المحافظة على الصلوات في المسجد – قيام الليل – الورد القرآني – الأذكار) وكلها عوامل تكسب النفس سكينة وطمأنينة وتجعل من الصعب الاستسلام للاستثارة.

2- الرغبة الذاتية في التحكم في النفس إرضاء لله وحرصاً على عدم ارتكاب المعاصي، تزيد القدرة في التحكم في النفس، وتصر على إمرار الكلام على العقل ليزنها بحكمة، و يمنعنها من التصرف بطرق حمقاء.

قال صلى الله عليه وآله وسلم: "‏من كظم غيظاً وهو قادر على أن ينفذه، دعاه الله على رؤوس الخلائق حتى يخيره من أي الحور شاء"‏‏.‏

3- تغير رؤيتنا للأمور في شهر رمضان، فالتعلق بالآخرة يجعلنا نرى الأمور بمنظار مختلف، و تخففنا من آثار الدنيا يجعلنا نرى أموراً كنا لا نتهاون في التنازل عنها، بسيطة وسهلة ولا تتطلب كل هذا العنف.

4- التسامح، الذي تقوى أسهمه جداً في رمضان، نتيجة لاستعداد الناس المبدئي له، ورغبتهم في عدم الدخول في مشادات تجرح نقاء صيامهم وشعورهم بمعية الله.

عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الصيام جنة، فلا يرفث ولا يجهل، وإن امرؤ قاتله أو شاتمه، فليقل إني صائم - مرتين - والذي نفسي بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله تعالى من ريح المسك، يترك طعامه وشرابه وشهوته من أجلي، الصيام لي وأنا أجزي به، والحسنة بعشر أمثالها" (رواه البخاري).

قال صلى الله عليه وآله وسلم لأشج بن قيس‏‏‏:‏ ‏"إن فيك خلقين يحبهما الله ورسوله‏:‏ الحلم والأناة". أخي الغاضب ...ليست المشكلة الكبرى أن تحل مشكلة غضبك في رمضان فقط، فالكثير من المشكلات في رمضان تحل أوتوماتيكيا، ولكنها تعود بعد رمضان مرة أخرى، وبالتالي يفقد شهر رمضان هدفه معنا من إصلاح النفس وتغييرها و معالجة عيوبها.

إذن نحن نريد في هذا الشهر أن يزول الغضب الشديد المرضى (وهو الغضب الذي يجعلك تقوم بأفعال تندم عليها )، أن يزول إلى غير رجعة، ولكننا في نفس الوقت نطالبك بالغضب في الحق، و الغضب من أجل دين الله، و الغضب في وجه الظالم ووجه الفاسدين، ولكننا في الحالتين نريد غضباً تستطيع أن تتحكم فيه، غضباً تقوده ولا يقودك، وترى تصرفاتك جيداً وتدرك أبعادها وأنت تنفعل به.

و لكي تستطيع التحكم في انفعالاتك اتبع الأربعة عوامل الرمضانية السابقة:

1)تعبد كثيرا

2)اجعل لنفسك رغبة ذاتية و إرادة للتحكم في انفعالك

3)غير وجهة نظرك للأمور

4)تسامح

وعندما تفعل ذلك.. تكون بالفعل قد تقدمت خطوة.


الخطوة الثالثة: تعلم فن الصبر

من منا لم يتعرض لأزمة جعلت الحيرة تتملكه وجعلته يرفع يديه إلى السماء بعيون دامعة وقلب نابض بالإيمان؟ الكثير والكثير تعرض لمواقف يرى فيها اعز أحبابه على خطر عظيم، خطر يجعله بين الحياة والموت، وهو لا يملك شيئاً إلا الصبر و الدعاء.

الدكتور خالد بن عبد الله الجبير استشاري وجراح أمراض القلب يروى قصة عجيبة ارويها لحضراتكم باختصار ..أجريت عملية لطفل يبلغ من العمر سنتين ونصف، وبعد يومين وبينما هو جالس بجوار أمه بحالة جيدة، إذا به يُصاب بنزيف في القصبة الهوائية ويتوقف قلبه لمدة 45 دقيقة وتتردى حالته، ثم أتيت إلى أمه فقلت لها: إن ابنك هذا أعتقد أنه مات دماغياً.

أتدرون بماذا ردّت عليّ ؟قالت: الحمد لله. اللهم اشفه إن كان في شفاءه خيراً له. وبعد ستة أشهر ونصف يخرج ابنها من العناية المركزة لا يرى، لا يتكلّم، لا يسمع لا يتحرّك كأنه جثة هامدة، وصدره مفتوح، وقلبه يُرى إذا نُزِع الغيار.وهذه المرأة لا تعرف إلا (الحمد لله) وبعد شهرين ونصف ... ماذا حدث ؟؟

خرج ابنها من المستشفى يسبقها ماشياً سليماً معافى، كأنه لم يُصب..ومن كثرة تماسك المرأة، ظن الطبيب أن لها من الأولاد الكثيرين، فإذا به يفاجأ بأنه جاء بعد 17 سنة من العقم والعلاج !!

إن ماء الصبر لا يأتي إلا من حوض الإيمان، ومن لا يملك الإيمان لن يقوى على السير في طريق الحياة. عن علقمة قال: قال عبيد الله: "الصبر نصف الإيمان واليقين الإيمان كله". (رواه الطبراني في الكبير ورجاله رجال الصحيح).

وفى شهر رمضان الكريم، وهو شهر الصبر، اكتشف معي معنى الصبر بدقة إذا فتحت المعجم الوسيط الذي يحكى عن الصبر فيقول : (صبر) صبرا: أي تجلد ولم يجزع، وانتظر في هدوء واطمئنان، ويقال صبر على الأمر احتمله ولم يجزع.

و المعنى يشير إلى أن مواصفات الصبر والصابرين هي:

- التماسك وعدم الانهيار عند حدوث الأزمة أو التعرض لمشكلة.

- عدم اليأس والاعتراض على قضاء الله.

- استمرار القدرة على التفكير بحكمة.

و لذلك يشير القرآن في أكثر من موضع، أن الصبر هو سلوك الأقوياء لا الضعفاء، ولذلك سماهم القرآن (أولو العزم) ( وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الأمور) الشورى 43 ( فاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُوْلُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلا تَسْتَعْجِل لَّهُمْ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلا سَاعَةً مِّن نَّهَارٍ بَلاغٌ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلا الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ) الأحقاف 35

والذي يتأمل في هذه المواصفات الثلاثة، يجدها عوامل ذهبية للنجاح في الحياة، و التغلب على مشاق العمل والمذاكرة وضعف الوضع المادي ومشاكل الاحتكاك بالناس في العمل والشارع ووسائل المواصلات ..الخ

ما أريد أن أقوله، أننا دائماً عندما نتحدث عن الصبر، نتحدث دائماً عن المصائب والابتلاءات والكوارث، وهو أمر مطلوب، ولكن كم تمثل الأحداث السيئة الكبيرة في عمر الإنسان، 5 في المائة ، 10 فى المائة، أذن هناك مساحة أخرى للصبر علينا أن نراها ونسرع باستخدامه فيها، هذه المساحة هي مساحة طاعة الله والعمل وتحقيق الأهداف، وهي أمور غالبا ما نتعثر فيها في أول الطريق أو ربعه أو منتصفه، وإن لم يكن لدينا آليات الصبر حدث الانهيار والفشل، أما إذا استدعينا طاقة الصبر، استطعنا أن نجتاز الحواجز بإيماننا بالله، حتى تمر الأزمة ونكمل الطريق.

تحدث القرآن الكريم في عدد من الآيات عن علاقة الصبر بالنجاح.

(وَمَا يُلَقَّاهَا إِلا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ) فصلت 35 (وَجَزَاهُم بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا) الأنسان12 (وَاصْبِرْ فَإِنَّ الله لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ) هود 115و عليه فإنني أدعوك آخى الحبيب أن تتعلم فن الصبر في المواقف الآتية، وأذكرك أن فن الصبر يتطلب منك أولاً أن تتحكم في انفعالاتك، وأن تتفاءل وتثق في الله وتتوكل عليه، ولا تضع اليأس يتطرق إلى قلبك، وأن تظل محتفظاً بقدرتك على التفكير السليم، حتى لا تقع في أخطاء تندم عليها، و تحاول تصحيح ما وقعت فيه من خطأ.

1- اصبر على الطاعة ولا تسمح ببرنامج رمضان الإيماني، أن يتآكل بعد اليوم الخامس من الشهر، لا تيأس من أصابتك بالفتور، لا تنهار وتجعل الشيطان يفرح لانتصاره عليك، وفكر في الوسائل التي تعيد بها شحنة إيمانك من جديد.

2- اصبر على نقد الناس لك سواء كان هؤلاء الناس رئيسك في العمل، صديق لك، زوجتك، أبناءك، رجل عابر رآك في موقف خطأ، لا تغضب، لا تعتبر المسألة مسألة كرامة، بل اهدأ قليلاً وفكر، فربما تكون على خطأ، وان لم يكن، اشرح وجهة نظرك بهدوء وتوصلا معا لحل عملي يحل المشكلة دون أن تعتبر المسألة موقعة حربية يجب الانتصار فيها.

3- اصبر على إتقان عملك دون تكاسل وتهاون، ولا تسئ لشهر رمضان وتبرر مسلكك بالصيام، هل تعرف أن غزوة بدر كانت في شهر رمضان، في عز الصيام والحر، هل سمعت أن أحداً اشتكى أو طلب من الرسول صلى الله عليه وسلم الإفطار، لا توهم نفسك بالصداع والخمول، وتقرب إلى الله بإتقان عملك (إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه)

آخى الحبيب...درب نفسك كل يوم على فن الصبر، إذا نجحت في الثلاث بنود السابقة، فتقبل تهنئتي الحارة، فلقد تقدمت خطوة.

الخطوة الرابعة: اثبت!!

يعلمنا شهر رمضان العظيم الثبات على المبدأ، والدفاع عن ما تقتنع به انه حق، وعدم الاستسلام والتنازل والدخول في خانة المعصية والتجرؤ على الله تحت ضغط الاحتياج المادي وشهوة النفس أو الرغبة في الوجاهة الاجتماعية، وأنا لا أعنى هنا الثبات على المبدأ بالدماغ المصفحة التي لا تقبل الرأي الآخر، وتستعصي خلايا مخها عن التفكير، أصحاب العقول الذين يتمسكون بعادات وتقاليد خاطئة لا يقبلها ديننا الجميل، أو ذلك النوع من الناس الذي يرى انه اخطأ ملء عينيه ثم يكابر ويعاند و يقول بلهجة فرعون: أنا مرجعش في كلمتي مهما حصل.

لا اقصد هؤلاء بالطبع، فأنا اقصد المبدأ الذي يتفق مع الدين ولا يخالفه، أما الرأي، فهو فكرة هداك تفكيرك للاقتناع بها حسب المعلومات والمقدمات التي لديك، ومن الطبيعي تغييره إذا ظهرت لك معلومات أخرى، أثبتت بالدليل القاطع بأن ما أنت مقتنع به غير صحيح، أو بالأصح أصبح غير صحيح، وساعتها يصبح النزول عن الرأي طاعة لله، ولك الأجر و الثواب. ومبادئ شهر رمضان لا تنازل فيها، لا طعام ولا شراب ولا جماع من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، إلا لظروف قهرية حددها المشرع بوضوح، تحمل الجوع والعطش والحر والصداع في الأيام الأولى، ولكن لا تتنازل، بل الأصعب من ذلك، أن مجرد التفكير في التنازل سيعرضك للإفطار، حتى وإن لم تبتلع نقطة ماء واحدة، لأن ركنا الصيام هما:

- النية

- الإمساك عن الطعام والشراب من طلوع الفجر إلى غروب الشمس.

وإذا ضعف شخص إلى الدرجة التي تجعله يقرر فيها الإفطار، يكون بذلك قد كسر ركن النية، وبالتالي يبطل صيام، حتى لو ندم وعاد في قراره (راجع فقه السنة: كتاب السيد سابق – باب الصيام) إذن الصيام يدربنا تدريباً قاسياً على التمسك بالمبدأ، إلى الدرجة التي يحاسبك فيها على مجرد التفكير في التنازل عنه، والإسلام يعتمد في ذلك على شحنة الأيمان العالية التي يمدك بها، والتي تجعلك في حالة تتضاءل فيها شهوات النفس و ألم الجسد، أمام رضا الله و حلم الجنة.

هذا الثبات هو الذي جعل المسلمين في بداية الدعوة في مكة (رجالا ونساء) أن يتحملوا تعذيباً أسطورياً هستيرياً من مجموعة من المرضى، أخذوا ينتقمون من أناس ضعفاء لا حول لهم ولا قوة، كل جنايتهم أنهم اعتنقوا دين الإسلام.

تذكروا قصة الصحابية الجليلة سمية بنت خياط، قصة ثبات حتى الممات، انقلها لكم كما قرأتها: كانت سمية بنت خياط أمة مملوكة عند أبي جهل.. فلما جاء الله بالإسلام..أسلمت هي وزوجها وولدها..فجعل أبو جهل يفتنهم..ويعذبهم..ويربطهم في الشمس حتى يشرفوا على الهلاك حراً وعطشا، فكان صلى الله عليه وسلم يمر بهم وهم يعذبون، وهم يمتحنون، وهم يقاسون أنواعاً عظيمة من التنكيل، دماؤهم على أجسادهم تسيل، وقد تشققت من العطش شفاههم، وتقرحت من السياط جلودهم، وحر الشمس يصهرهم فيقول لهم عليه الصلاة والسلام معزياً ومصبراً ومبشراً: (صبراً آل ياسر، فإن موعدكم الجنة).. يا لها من بشارات عظيمة، وكلمات جليلة....وفجأة إذا بفرعون الأمة أبي جهل يأتيهم، فيزداد غيظه عليهم، فيسومهم عذابا، ولسان الحال منهم أتاهم فقال: سبوا محمداً أو ربه.. نعوذ بالله مما قال..فلا يزدادون إلا ثباتاً وصبرا.. عندها اندفع الخبيث إلى سمية..ثم استل حربته فطعنها بها، مزق أشلاءها، أسال دماءها، انقض على جسدها الطاهر يمزقه تمزيقا، وزوجها وولدها بجانبها مربوطان، وأبو جهل يسب ويكفر، وهي تحتضر وتكبر، ثم ماتت، نعم ماتت رحمها الله ورضي عنها، نعم ماتت وقد أطاعت ربها، وأخزت عدوها ماتت وهي ثابتة على الدين في أشد بلاء، وأعظم ابتلاء.

آخى الكريم، إذا واجهتك المواقف الآتية، فاثبت على مبادئ الدين، والتي ينبغي قطعا أن تكون مبادئك، وتذكر دائما انك مسلم بدرجة صائم.

تتعرض لإغراءات خفية في العمل، بقليل من التفكير ستدرك حتما أنها نوعا من الرشوة المقنعة الخفية، قاوم نفسك وارفض بالطريقة التي تراها مناسبة للموقف، ولست محتاجاً أن أتحدث عن الرشوة الصريحة، قال رسول الله ص ( لعن الله الراشي و المرتشي و الرائش).

-لا تقم بعمل تعلم جيداً انه محرم، أو انه سيتسبب في إيذاء أشخاص آخرين، حتى وإن كان هؤلاء الأشخاص لا تعرفهم، مقابل إغراء مادي مهما كان، أو استجابة لأي ضغوط، فسيعود عليك كل ما اكتسبته بالخسارة في الصحة و الأولاد.

-لا تنافق أحداً من أجل الوصول إلى درجة أعلى أو اغتنام فرصة (مع حفظ الفرق بين النفاق والمجاملة، فالنفاق يعنى الاعتراف بالفساد والخطأ، والمجاملة عبارة عن كلمات رقيقة تدخل في باب الذوقيات)

- الثبات على المبدأ أمر فى غاية الصعوبة، و يتطلب دائماً مداومة على الطاعة و الاتصال بالله، ادع الله لي ولكم بالثبات ، كما كان الرسول صلى الله عليه و سلم نفسه يدعو لنفسه "يا مقلب القلوب، ثبت قلبي على دينك )

آخى الحبيب، فلندع لبعضنا البعض أن نثبت، ونتقدم خطوة.


الخطوة الخامسة: كلام مسلمين

هل تكفى كلمتك الآن كي أصدقك في وعدك لي؟ هل يكفى وعدك لي أنك ستأتي لي غداً أن انتظرك؟، هل يدخل كلامك لي بمساعدتي في حل مشكلتي الاطمئنان إلى نفسي في انك تقف بجانبي؟ هل أثق في وعدك لي باسترداد ما اقترضته إياك في الموعد الذي اتفقنا عليه؟ هل لا زالت الجملة الشهيرة الجميلة (الراجل بيتربط من لسانه) تؤدى مفعولها إلي الآن؟

للأسف الإجابة في معظم الأحيان: "لا". فالرجل لم يعد يتربط من لسانه، ولا من شيكاته ولا من وصلات أمانته، لم يعد هناك شيء يجبر الكثير على الوفاء بوعده، لأن الوازع الأصيل والأصلي للوفاء بالوعد أصيب بالمرض والخلل، أصبحت فضيلة الوفاء بالوعد فضيلة منسية، بعد أن زاحمتها المصلحة والفهلوة والكسل والكذب والخداع، والحديث الذي ترعرعنا عليه في مدارسنا: ( آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا وعد اخلف، وإذا وأتمن خان) لم يعد يذكره الكثير.

العرف يقول إن الذي يخلف وعده ليس برجل، ولكن هذا فيه اتهام لنساء كثيرات صادقات في وعودهن، ولكن الحديث وصف الذي يخلف وعده بالمنافق، وهى صفة أشد كثيراً من مجرد عدم الرجولة، فهي صفة مشينة لصاحبها تدل على الخبث أو المكر أو الكذب أو ضعف الشخصية أو الاستهتار بمشاعر الناس وعدم احترامهم.

الانبهار يتملكني كل مرة وانأ أقرأ قصة حذيفة بن اليمان وأمر الرسول له بالوفاء بوعد لمن ؟ لأبى جهل وفى وقت حرب، قبل غزوة بدر بساعات .. اقرأوا هذا المشهد من كتاب ( في حب الصحابة ) " إلى أين يا حذيفة ؟ "

انتبه حذيفة فجأة ..من أثر صوت صدر من خلفه هو ووالده ( حسيل بن جابر)، وهما يسيران في صحراء الجزيرة العربية في سفر خارج المدينة، قبل ساعات من غزوة بدر.. وأخذ صاحب الصوت يقترب منه وهو يتابع:

- إذن صحيح ما سمعناه ؟ قال حذيفة وهو يحاول أن يخفى ارتباكه:

- أي شيء سمعته يا رجل ؟ نحن ذاهبان إلى المدينة ..إلى أهلنا هناك. نظر إليه أبو جهل وحوله أصحابه وهو ينظر إليه نظرة ثاقبة:

- بل تذهبان إلى محمد وأصحابه يا حذيفة.. ألم تصبحا مسلمين ؟؟ رد حذيفة في غضب:

- نذهب إلى من نذهب إليه .. لا شأن لكم بنا.

قال أبو جهل مهدداً:

- لن تذهبا إلى محمد .. نحن نأسركما ونمنعكما. ثم نظر إلى حسيل بخبث وهو يتابع:

- أهل المقتول لا زالوا يبحثون عنك يا حسيل ..وأنت الآن في أيدينا. وتابع مستطردا:

- إلا إذا عاهدتماننا. نظر حذيفة وأبوه كل إلى الآخر، وقد بدا على وجهيهما الغموض، ثم نطق حذيفة مستفهماً في ضيق:

- نعاهدكم؟ نعاهدكم على أي شيء..؟!

- إذا قاتلنا محمداً ..فلا تقاتلا معه ضدنا. هتف الأب وهو يمسك بيد حذيفة قبل أن يهم بالكلام:

- اتفقنا ..لا نحارب معه إذا حاربتموه. ترك جمع المشركين حذيفة وأباه يواصلون السير بعد عقد الاتفاق فيما بينهم، بينما ظهر الضيق على حذيفة وهو يحدث والده قائلاً:

- ما هذا الذي قلته يا أبى ..أنذهب إلى رسول الله، ثم نقول له عفواً، فبعد أن أسلمنا وعاهدناك على حمايتك ونصرتك، لن نستطيع أن نحارب معك ؟! ثم تابع :

- لقد تسرعت يا أبى ..تسرعت. قال الأب بصوت خفيض يدعو إلى التفكير:

- لو لم نفعل ذلك لما تركونا .. أردت أن أمرر الموقف ثم نعرض الأمر بتفاصيله على الرسول، وليحكم بما شاء. تنهد حذيفة وهو ينظر إلى أبيه قائلاً:

- وليكن.. فلنعرض الأمر على رسول الله. وواصل حذيفة وأبوه السير إلى أن وصلا إلى المدينة، ليكونا بين يدي رسول الله، ثم يعرضان عليه الأمر وينتظران أمره ..وكم كان الرسول عظيماً عندما أمرهما بالوفاء للمشركين بالوعد، وعدم مشاركتهما في حربه مع الكفار قائلاً: "نفى بعهدهم، ونستعين بالله عليهم" يا لعظمة الإسلام ..ما الذي يمنع مسلمين من أن يتذوقا حلاوة أول جهاد في سبيل الله، ولا ينالا شرف الجهاد مع رسول الله؟

ما الذي يجعل مسلمين يعنيان بعهد لمشركين أعداء لهما وللرسول وللدعوة، في موقف كانوا مكرهين فيه على أخذ العهد..الذي دفعهم إلى ذلك كلمة واحدة ..الأخلاق.

رسالة الإسلام السامية، التي بعث الرسول للبشرية من أجلها ..أليس هو القائل: "إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق"ولقد كان الوفاء بالوعد، أحد مكارم الأخلاق التي تتمتع بها الجاهلية ..أفيأتي الرسول ليهدمها؟! لا ..حتى وإن كانت من أجل الجهاد ضد أعداء الله.

بالتأكيد حزن حذيفة وأبوه لأنهما لم يشاركا في غزوة بدر .. درة الجهاد في سبيل الله. لكنهما – وبالتأكيد- كانا يعلمان تمام العلم، أن الثمن كان تعليم الأجيال تلو الأجيال، أن المبادئ أهم وأبقى من أي شيء ..وأن الرسالة التي لا يخدشها شيء ..لهى أبقى وأنفع للناس ولو مرت آلاف السنين.( انتهى) وان كان الموقف يحكى قصة للوفاء بالوعد تحت ضغط رهيب في وقت حرب ولأعداء كافرين، فان كل ما نريد تحقيقه في حياتنا اليومية أبسط من ذلك بكثير:

1)إذا اقترضت من أحد مالاً وواعدته على موعد السداد، لا تماطل صاحب الحق حتى تجعله يندم على فعل الخير.

2)إذا اتفقت مع أحد على موعد، فاحرص أن تذهب إليه في الموعد المحدد، رتب شئونك كي تفي بوعدك، إذا حدثت ظروف أجبرتك على الوفاء بوعدك، يجب عليك أن تعتذر بوقت كاف، وإذا أضررت للتأخير عن الموعد فترة مقلقة لابد أن تتصل وتعتذر.

3)إذا اعتذرت أو تأخرت لا تكذب وكن شجاعاً، اندهش كثيراً من تصرفات الناس الذين يكذبون على أصدقائهم وأهلهم في وسائل المواصلات وهم يتصلون بهم على المحمول، فيحاولون تخدير المتصل بأن يقول له أنه في مكان قريب وهو في مكان أخر بعيد عنه تماماً، و الكلام لإخواننا الحرفيين، فهم المخترعون الأصليون لهذا الفعل المشين.

4)إذا وعدت صديقاً بمساعدته في أمر، كن متأكداً من قدرتك على المساعدة أولا، وحدد بالضبط ما تستطيع القيام به، حدد إمكانية نجاحك، واجتهد بالفعل أن تساعده، بدلاً من استخدام أسلوب التجاهل و النسيان المستفز المحبط.

5)إذا وعدت أحداً لا تعرفه بالرد عليه (لأصحاب المحلات والمسئولين في أماكن العمل)، فرد عليه وبسرعة، ولا تتجاهله لأنه شخص مجهول بالنسبة لك.

الوفاء بالوعد ليس رجولة فقط، لأنه للنساء والفتيات أيضا، ولكنه خلق يدعونا إليه ديننا الجميل الذي يحبنا و يحب لنا أن نحترم بعضنا البعض، وأن يحرص كل على مشاعر الأخر دون مصلحة.

لذلك .. فإن وصف الوفاء بالوعد بكلام رجالة أراه بعيدا ًعن المنطق، وأرى أن الوصف الأقرب له هو: (كلام مسلمين) آخى الكريم .. من اليوم ، أوف بوعدك وتقدم خطوة.


الخطوة السادسة: صم مساءا

بعض الناس يتصور أن الصيام بالنهار فقط، وعلى ذلك فإن انطلاق مدفع الإفطار لديه يعنى السماح له بالمعصية، فيبدأ بالسيجارة، ثم يتبعها بكليبات ميلودى ومسلسلات نص كم، وأفلام من غير كم خالص، نظرات منفلته في الشوارع، وألفاظ جارحة لكل من يسمعها ثم وضع برنامج جلسات النميمة، ولا مانع من خناقة على الماشي إن أمكن.

يغذى هذه النظرية الإعلام نفسه، ويعلمها للأجيال الناشئة الصاعدة الواعدة، فالإعلام قبل الإفطار، إعلام مهذب مؤدب مكسوف محترم مفيد، وبعد الإفطار جرئ منفلت تافه ضار بالعقل والدين والصحة.

الخيم الرمضانية التي تستضيف الراقصات (اللي كانوا صايمين الصبح، ازاى مش عارف) تقام مساءً حتى السحور، أو أذان الفجر، وحتى الإعلان عنها لا يتم قبل الإفطار، لماذا ؟ لأن الناس صائمة وهذا حرام أو غير لائق أو شيء غير محترم، أو أكمل أنت من عندك إن عرفت الإجابة.

هؤلاء وهؤلاء وأولئك لا يعرفون رمضان ولا معناه ولا مغزاه ولا هدفه، وجهلهم بفضل الشهر العظيم ودوره في تقوى النفوس وصلاحها وتهذيب النفس وجهادها وتدريبها على التحكم في شهواتها، يفسد علي الناس فرصتهم الذهبية لإعادة ترتيب خلايا الجسد من جديد، بعد أن عمتها الفوضى طيلة أحد عشر شهراً، إيمان القلب في الصباح، ينزعج بشدة من تيار المعصية الحار في المساء، وخلوة النفس مع الله يكسرها صخب الشهوة واللهو.

قال تعالى: " يأيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون" و التقوى ليس موعدها الصباح فقط، موعدها الصباح والمساء أيضا.

و يقول صلى الله علية و سلم (الصوم جنة) أي حماية ووقاية، فلماذا تلبس سترة الوقاية والحماية في الصباح و تخلعها في المساء؟ ألا تخش الله في المساء كما تخشاه في الصباح؟

إن الصوم تدريب غير عادى على قوة الإرادة، وهى صفة لا يستغنى عنها أي ناجح كما لا يستغنى عنها أي مسلم يطلب الجنة، وضعيف الإرادة يصبح لعبة في يد الشيطان يحركه كيفما يشاء.

كما أنه تدريب على قوة التحمل، فالمسلم يجب ألا يكون رخواً لا يتحمل شظف العيش، بل لابد أن يكون قوياً صابراً رغم شدة الظروف.

آخى الكريم .. ادعوك أن تكمل صيامك بعد الإفطار، صيام الجوارح الذي يثبت أنك إنسان تحب الله، وجدير بحبه لك، وعلى وعى بما يريد منك.

1- احرص على صلاة العشاء في المسجد و صلاة القيام من بعدها.

2- التزم بغض البصر في الشارع أو خلال وسائل الإعلام، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " النظرة سهم مسموم من سهام إبليس فمن تركها خوفاً من الله آتاه الله عز وجل إيماناً يجد حلاوته في قلبه " أخرجه الحاكم وصحح إسناده.

3- أحفظ لسانك من الشتم والغيبة والنميمة.

آخى الحبيب ، فلتكمل صيامك بعد الإفطار، وتتقدم خطوة.


الخطوة السابعة: في الصف الأول

هل تذكر كم مرة صليت في الصف الأول؟ أرجوك لا تخجل أو تتضايق وتظن إني استعرض عليك، فأنا نفسي أذكر أنها مرات قليلة ونادرة، وأنا لم اقصد أن أشعرك بالخجل، ولكنى أريد أن اصف لك مشاعري في المرات القليلة والنادرة التي أكرمني الله فيها بالصلاة في الصف الأول.

- أول شعور ينتابك هو أنك فزت في سباق، يزداد هذه الشعور عندما تتذكر الآية: (وسارعوا إلى مغفرة من ربكم و جنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين) .. هذه الآية تشعرك أنك كنت في سباق بالفعل، وأنت الذي تفوقت فيه على إخوانك الذين يصطفون وراءك، تفوقت فيه لأنك استعددت للصلاة قبلهم، بمجرد سماع الأذان ، فلملمت أوراقك سريعاً وتوضأت وذهبت للمسجد.

أنت إذن في حالة تقول إن العلاقة بينك وبين الصلاة ليست أداء و اجب روتيني، ولكنها موعد مع الله يجب الاستعداد له كما نستعد لمشاهدة مباراة هامة (وعفوا في التشبيه) تريد أن تهيئ نفسك للوقوف بين يدي الله بصلاة ركعتين تحية للمسجد، ثم ترقق قلبك بقراءة بعض آيات من القرآن من مصحف تلتقطه بفرح من مكتبة المسجد حتى تقام الصلاة، فتقف هادئاً مستمتعا ً، و تتذكر ساعتها حديث الرسول صلى الله عليه وسلم : (لو يعلمون ما في الصف الأول ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا لاستهموا عليه)

- الشعور الثاني الذي ينتابك هو أن الله ينظر إليك نظرة رضا أفضل ممن وراءك، فأنت الذي اجتهدت أكثر، وكنت أكثر حماسا للقاء الله، وأكثر استغناءً عن أمور الدنيا كي تلبى النداء.

- الشعور الثالث هو العدل، فعلى قدر اجتهادك تكون مكافأتك، ولن يعطى الله ثواب الصف الأول لمن يأتي متأخراً ثم يتخطى رقاب الناس ويضايقهم و يؤذيهم ليقف في أول صف.

تعالى آخى الكريم نحاول معاً ( أنا و أنت) أن نكون من أصحاب الصلاة في الصف الأول، ولكن انتبه .. فستكون المنافسة قوية جداً في شهر رمضان، وفى أيام العشر الأواخر لا تيأس، وستأخذ على قدر نيتك وسعيك واجتهادك ، لأنك هتلاقى ناس بايتين من امبارح.

و إليك و( إلى نفسي) هذه النصائح:

1)استعد للصلاة فور سماع الأذان

2)كلما أمكن أن تترك ما أمامك بسرعة فافعل.

3)لا تستسلم لفكرة (انتظر حتى تفرغ من هذا، انتظر حتى افعل هذا) ملاحظة : ربما تكون هناك بعض المواقف التي تتعامل مع الجمهور يكون من الصعب أن تترك الناس وتمشى فجأة، ربما تكون هذه مواقف خاصة لبعض الناس ، فحاول ألا تجرح من أمامك أو تضره.

4)بمحرد الدخول، احجز مكانك في الصف الأول دون تخطى الرقاب ومضايقة الناس، ثم صل ركعتين تحية المسجد، واتل ما تيسر لك من القرآن.

جرب أن تفعل ذلك .. اعتقد انك ستشعر بالمتعة التي شعرت بها في مرات قليلة سجلت اسمي فيها في دفتر حضور الصف الأول.

لا تحزن لو نجحت في مرة و فشلت في أخرى، ولكن حاول أن تصلى في الصف الأول وسأحاول معك، كي نتقدم خطوة.


الخطوة الثامنة: رد من فضلك

ربما تظن أن السلوك الذي نتحدث عنه اليوم من المبالغ فيه أن نفرد له مقالاً كاملاً للحديث عنه، ولكن ربما تشاركني الرأي بعد قراءته، أنه سلوك رغم أنه بسيط شكلاً ، إلا أنه سلوك مستفز، يعكس عدم احترام الآخرين و تجاهلهم، ويدلل على ضعف مبادئ الذوق عند البعض، وربما يطعن هذا السلوك في الشهامة والمروءة.

هذا السلوك هو (الاتصال التليفوني)

بعض الذين أعرفهم أثناء حديثي معهم يطلق هاتفهم رنته المحببة إلى قلبه، فأفاجأ انه بمجرد أن يمسك تليفونه المحمول وينظر إلى اسم المتصل، يلقيه جانباً، وعندما اسأله لماذا لم ترد؟ فيجيب باستهتار: لا مش مهم.

فلقد قسم الناس إلى ناس مهمين وناس مش مهمين، وهو يرد على المهمين فقط، هذا المنطق لو عامله به أحد المسئولين في الحي الذي يسكن فيه، لغضب وثار، وتحدث عن عدم احترام الناس وسأل عن المساواة واندهش من أن الواسطة أصبحت تتحكم في كل شيء، وأعطى محاضرة عصماء عن التواضع وعدم الكبر على الناس، وربما تذكر حديث الرسول صلى الله علي و سلم: (لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر).

حكى لي صديق أن واحد من هؤلاء تكرر الاتصال به وهو جالس معه ثلاث مرات تقريباً، وهو مصر على عدم الرد، وعندما قال له: رد على من يتصل بك، قال في لا مبالاة: لا.. دي المدام .. مش مهم !!! احد الأشخاص يتمتع بعلاقات جيدة، استطاع أن يقنع مدير إحدى الشركات بالتعاون مع صديق له بفتح خط إنتاج مع صديق له لدية مصنع ملابس، فاتصل به في حضوره مرات عديدة، لم يرد عليه، فاستاء المدير جداً، ورفض التعامل مع شخص لا يحترم أصدقائه.

قد تقول ربما كان نائماً أو التليفون بعيد عنه أو.. أو ، والحل أن يتصل به بعد استيقاظه أو بعد التقاط اسم المتصل، إلا أن هذا لم يحدث.

هذا النوع من الناس هو الذي يعرف من يتصل به، بمعنى أن من يتصل به شخص يعرفه بدرجة جعلته يسجل اسمه على هاتفه المحمول، وهذه المجموعة تحتوى بالتأكيد على المجموعة التي لا ترد على الأرقام المجهولة التي تتصل بها، وكأنه المفروض اننى كي اتصل بك لا بد أن كنت قد رأيتك و تحدثت معك وشربنا الشاي وتبادلنا المشاعر الجياشة لأنال شرف الاتصال بك و الرد على.

قد يتعرض أحد أصدقائك لمكروه أو ظروف خاصة يحتاج فيها لمساعدته في الوقت الذي يكون قد نسى هاتفه المحمول في المنزل، أو فقده، أو حدث له عطل مفاجئ ، في هذه الحالة سيظهر رقم لا تعرفه، وتجاهلك له، يعنى عدم مساعدة صديق لك في أزمته.

إن تجاهلك الرد على الهاتف، يشبه تجاهلك الرد على من يطرق بابك ، بعد أن سألته عن اسمه فقال لك ( فلان ) و اتضح ان فلانا هذا لا تعرفه، فتركته حتى يرحل فى هدوء.

ليس هذه هى كل مشاكل الاتصال التليفوني، فهناك مشكلة أخرى كبيرة تتعلق بالذوق فى الحديث، طريقة الرد و عاطفة الحديث ، فالمستمع يرى شخصية من يحدثه من خلال الصوت فقط ، وبعض الناس تبدأ أول كلمة بطريقة مزعجة ومخيفة ومقلقة للطرف الأخر، فبدلا من أن يقول( السلام عليكم) المطمئنة للنفس جداً ، أو ( ألو ) بصوت هادئ ، تجد منهم من يبدأ حديثه بشجار وهو يقول ( إيه )- ( مين معايا )- ( ايوة ) ، ثم يتحدث بأسلوب فظ يشعر الطرف الأخر بالضيق منه وعدم احترامه.

إن الحديث في التليفون هو أدب إسلامي، ينطبق عليه كل ما ينطبق على آداب الحديث الذي يتطلب احترام الآخر، و الحديث بلطف وإنهاء المكالمة بأدب، وهو سلوك إسلامي يجب أن نحرص عليه كمسلمين. أخي الحبيب .. انى ادعوك أن تتبع ما يلي فى سلوكك فى الاتصالات التليفونية :

- رد على الجميع سواء من تعرفه أو من لم تعرفه.

- إذا اتصل بك شخص وأنت نائم أو لم تسمع هاتفك، رن عليه بعد رؤيتك لمن اتصل بك، سواء كان هذا الرقم تعرفه أم لا

- الرقم الذي لا نعرفه و يرن رنة واحدة ويغلق، من الممكن أن نضعه تحت بند المعاكسات

- لا حرج أن تغلق تليفونك المحمول للضرورة القصوى

- أبدا حديثك برقة ولطف، سواء كنت ستقول السلام عليكم أو الو، وتحدث بأسلوب يحترم الطرف الأخر وانه المكالمة بلطف.

آخى الحبيب ..افعل ذلك و ثق وأنت تفعله أنك تتبع سلوكاً إسلاميا ًسترضى به الله .وتتقدم به خطوة.


الخطوة التاسعة: الجنازة

حتى لا يكون للبشر حجة، أي حجة، يرينا الله الموت كل يوم، لكننا نصر ألا نراه، يرينا الله المشهد الأخير، مشهد الاستسلام للأمر الواقع، مشهد اللاعودة والسفر الطويل.

يرينا الله المستقبل كل يوم، ويجعلنا نتخيل عن قرب بعض الغيب، و نشعر به في تأثر حتى نعود لأنفسنا ونحكى لها ونقول لها في لوم: مرة أخرى يعطيك الله الفرصة، ربما تكون الفرصة الأخيرة، أعيدي حساباتك ولا تتجاهلي الحقيقة أكثر من ذلك.

الله يرينا الحقيقة مرات ومرات، قبل أن تسرقنا الغفلة ويهاجمنا الموت فيأخذنا في ذهول، لذا فهو يدعونا إلى أن نسير في الجنائز، ويا لرحمته وفضله، يريد أن يذكرنا بمصيرنا ثم يصرف لنا من كنوزه حسنات مثل جبلين من احد.

عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من تبع جنازة مسلم إيماناً واحتساباً، وكان معها حتى يصلى عليها ويفرغ من دفنها، فإنه يرجع من الأجر بقيراطين كل قيراط مثل أحد"[صحيح الجامع6136].

أنت تسير الآن في صمت رهيب ، يحمل أمامك إنسان سينكشف عنه الغيب بعد قليل، ود لو حدثك ليحذرك من الأمر الخطير و شدة المصير، كل ما استطاع أن يقدمه لك أن أعطاك الفرصة لتفكر في صمت، وتفتح ملفاتك القديمة وتعيد قراءتها من جديد ، قبل أن تسكن في حفرة تحت ألأرض وحيداً.

افتح ملف العبادات: الحفاظ على الصلاة، الخشوع فيها، الصيام..هل تؤديه بإتقان يصل به إلى درجة القبول، الزكاة .. هل تنساها في زحمة الحياة، هل الحج فى مقدورك فتؤخره؟

افتح ملف المعاملات: سلوكك مع والديك، وإخوتك، مع زوجتك وأبنائك ومع الناس، كم مرة ظلمت ؟ كم مرة خدعت ؟ كم مرة آذيت؟

أرجوك .. راجع الملفات جيداً، لا تتجاهل بعض الصفحات، الوقت لديك الآن لتراجع بتركيز وبحماس، ربما يهجم عليك الموت غداً فلا تجد الوقت الكافي ولا العقل الصافى.

انتهى السير ووقف الكل على المشهد العظيم، الصمت لا يخترقه إلا صوت البكاء، والعجز أكبر من الجميع، واللقاء بين الله وعبده سيبدأ الآن.

غير مسموح إلا بالدعاء، ربما يخفف ألم الحساب.الآن ينغلق القبر، ويوضع الخط الفاصل بين الدنيا والآخرة، ويرتفع كلام الله لكل من فكر و تدبر: (ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ماقدمت لغدٍ واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون)[الحشر 18].(يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيء عظيم ) ( الحج 1)


( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْمًا لا يَجْزِي وَالِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَنْ وَالِدِهِ شَيْئًا إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ ) [لقمان 33].

أخي الحبيب ...تحتاج كما نحتاج جميعاً أن نتذكر الموت لنعيد حساباتنا ونعود إلى الحياة، نلوم أنفسنا ونمهد الطريق بيينا وبين الله، فنكثر فى العبادة، ونحسن إلى الناس.

أخي الحبيب .. تذكر الموت وامش في جنازة مرة كل شهر، وتـأكد ساعتها أنك فى طريق الله، ستتقدم خطوة.


الخطوة العاشرة: ابتسم أنت في رمضان

يكفى جداً أن تكون في شهر رمضان سليماً معافى لكي تسعد بالحياة وتبتسم فى وجه الجميع، فهو الشهر الوحيد الذي تفتح فيه أبواب الجنة وتغلق فيه أبواب النار، بل أن الشياطين تسلسل، بما يعطيك فرصة ذهبية لتدارك أخطائك والتخفيف من ذنوبك وتجديد العهد مع الله دون ضغوط كبيرة. ليس هذا فحسب، فرمضان يعطيك طاقة عجيبة لحب الناس لو أحسنت استغلالها لاستطعت أن تعيد إليك صداقات قديمة وتمحو عداوات عديدة وتقوى علاقاتك بالعديد من إخوانك.

هذه الطاقة يمكن أن تخرجها فى سر قديم اسمه: الابتسامة يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ( تبسمك في وجه أخيك صدقة) يالروعة هذا الدين الذى يريد ان ينشر الحب والمودة بين الناس، فيشجعهم على سلوك بسيط جداً، لكن مؤثر جداً، الابتسامة، مجرد الابتسامة تستطيع أن تفتح قلباً مغلقاً، وتكسر الحواجز، وتزيل مشكلات وخيالات كانت كالجبال بينك وبين شخص كنتما على خلاف، فإذا بالابتسامة تفتح كتابك وتجعل من أمامك يقرأ صفحاتك بوعي، ويفهم ما تريد، والموضوع ينتهي فى ثوان.

وصف الرسول صلى الله عليه و سلم حسن الخلق فقال : "بسط الوجه وبذل المعروف وكف الأذى" و يقول: "كل معروف صدقة وإن من المعروف أن تلقى أخاك بوجه طلق.والتبسم لا يتنافى أبداً مع الوقار، بل يزيده نورا وضياءً. يقول أبو الدرداء رضي الله عنه فى وصفه للرسول صلى الله عليه و سلم" ما رأيت أو ما سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يحدث حديثاً إلا تبسم.

و في حديث آخر.. عن عبد الله بن الحارث قال: "ما رأيت أحدا أكثر تبسما من رسول الله صلى الله عليه وسلم".ابتسم .. فالابتسامة ستيسر لك الأمر فى البيت والعمل والشارع، وستفتح لك أبواباً لم تكن تتخيل أنها ستفتح.اقرأ معي ما قرأته عن الابتسامة ..الابتسامة تصنع السحر والمستحيل.. الابتسامة الصادقة ضرورة في الحياة .. لابد إن تتصرف كأنك سعيد، وهذا يجعلك سعيداً بالفعل .. السعادة تعتمد على السيطرة على أفكارك)

إن الناس يشعرون بالسعادة حين يقررون أن يكونوا سعداء.لتكن كلماتك مليئة بالكلمات الايجابية ذات الأمل في الحياة والحماس للحياة، وإياك والعكس.الناجح نجح في مجال عمله لأنه ابتسم لعملائه ولا يذكر إلا الأشياء التي وهبها الله له وتستحق أن يحمده عليها.إذا خرجت من باب بيتك، ارفع راسك واستنشق هواء نقياً ، وتمتع بأشعة الشمس الدافئة.الق التحية على من يقابلك وابتسامتك مرسومة على وجهك. صافح أصدقائك بحفاوة...فكر دائماً في الأشياء الجميلة والعظيمة التي تريد تحقيقها.تذكر دائماً الشخص الذي تتمنى أن تصبح مثله...الشجاعة والصراحة والشفافية والمرح..أدوات النجاح.من لا يملك وجهاً باسماً، لا ينبغي له أن يفتح مشروعاً تجاريا.أخي الحبيب، ألا تنزعج من أولئك المتجهمين فى شهر رمضان لأنه صائمون،إنهم أناس يعيشون خارج الزمن، فهم لا يدركون فعلاً أنهم فى شهر رمضان.أخي الحبيب ..اجعل الرسول قدوتك .. وابتسم للجميع وتقدم خطوة.


الخطوة الحادية عشر: خفف العبء عن زوجتك

ألا يأتي عليك وقت وترق لحال زوجتك، ألا تشعر فى لحظة أنها طاحونة لا تهدأ، وموتور لا يستريح، وعجلة لا تتوقف؟ الزوجة مطالبة دائماً بكل شيء، وغير مسموح لها بالتقصير فى أى شيء، فهى مطالبة بأن تستيقظ مبكراً لتحضير الإفطار لحضرتك، وتحضير الأولاد للمدرسة، ثم النزول للسوق لشراء متطلبات الغداء، ثم تحمل معاناة الأولاد بعد العودة من المدرسة، وبدء أشواط من المناهدة معهم حول مواعيد النوم والاستيقاظ والبدء فى المذاكرة، ثم الاستعداد لاستقبال الزوج المنهك من العمل وتحضير الطعام له، ثم الاستعداد لمساعدة الأولاد في المذاكرة، يتخللها الطلبات العديدة للزوج من عمل بعض المشروبات، ولا بأس من بعض السندوتشات الخفيفة، حتى يأتي المساء لتنتظر هى حتى ينام الجميع لتنام هى، و لا مانع من ان يوقظها أحد من عز النوم بعد ذلك لطلب سخيف.

هي مطالبة أيضاً أن تقوم بكل ذلك مهما كانت حالتها النفسية، سعيدة .. مكتئبة.. لديها مشكلة.. حضرتك مزعلها ..مستاءة من تصرفات حماتها وكلامها إذا كانت تعيش فى بيت عائلة، أو حتى كانت مريضة بالبرد او المغص.

بعض الأزواج يدخل بيته وكأنه يدخل فندقاً للراحة والاستجمام, لا مسئوليات، لا اهتمامات، لا مساعدات، النوم ثم الاستلقاء على الكرسي أو كنبة الأنترية لمشاهدة التلفاز وقراءة الجرائد حتى النوم، لا يعرف ما هى مشكلات الأولاد التربوية والدراسية، لا يريد ان يسمع صوتهم، يلوم الأم على تصرفاتهم الخاطئة وكأنهم ليسوا أبنائه، لا يريد الجلوس مع أبنائه للحديث معهم والتقرب إليهم ومد جسور المودة والحنان والثقة معهم، وهو بعد هذا كله، يعنف زوجته على تأخر الطعام قليلاً، أو وجود عيب بسيط فى الطعام، ولا يفكر فى شكرها بكلمة حانية على ما تقوم به وتفعله، او تخفيف العبء عنها بالحديث معها عما يضايقها ، ومشاركتها فى حمل عبئ الأولاد عنها.

هل هذا عدل، هل هذه رحمة، هل أنت بهذا تنفذ وصية الرسول صلى الله عليه وسلم " استوصوا بالنساء خيراً" يقول النبي الكريم : خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي" ويقول أيضاً " خياركم خياركم لنسائهم" وقوله " إن من أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا وألطفهم بأهله" ويقول " اتقوا الله في النساء فإنكم أخذتموهن بأمان الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله".

اخى الكريم .. من الان حاول أن تقوم بما يلى فى بيتك ..

1.خفف بعض الأحمال عن زوجتك، وليكن فى الشق الدراسي للأولاد.

2.شارك زوجتك فى التربية، ومعرفة مشكلات الأولاد التربوية ومحاولة حلها عن طريق القراءة فى مواقع التربية المتخصصة او الاتصال بمتخصصين .

3.لا تلم زوجتك كثيراً على تأخر الطعام، بل ساعدها فى إحضاره.

4.خفف الضغط النفسي عن زوجتك اذا حدثت مشكلات بينها وبين حماتها.

5.اخرج معها فى نزهة كل فترة،كل شهر مثلا ًللترويح عنها، واذا استطعت فاجعل المصيف عادة سنوية للأسرة.

6.قدم بعض الإشارات اللطيفة، بأن تقوم أنت مرة بعمل الشاي بعد الطعام، أو تحضير مشروب، أو غسيل الأطباق ( معلش .. خليها عليك المرادى)اعمل ما سبق بنية خالصة لله، ترضى بها ربك وتدخل السرور على زوجتك، وتقوى بها دعائم أسرتك.

اخى الحبيب ..افعل ما سبق بحماس، و حباً فى طاعة الله، وحباً فى زوجتك ..وتقدم خطوة.


الخطوة الثانية عشر: تعلم شيئاً فى تربية أولادك

كلنا يريد أن يرى أولاده الصغار شباباً وفتيات على دين وخلق، كلنا يحلم بأن يرى أولاده مؤدبين متفاهمين معنا بارين بنا، لا نعانى ولا يعانون معنا من خلافات، ناجحين في حياتهم محبوبين من الأقارب والجيران، فى المدرسة والجامعة والعمل، يحبون الخير للناس، مثقفين، على دراية بالمجتمع وما يدور فيه، قادرين على الاعتماد على أنفسهم وحل مشاكلهم بحكمة وروية.

كلنا يحلم بذلك، ولكن من يسعى لذلك بجد؟ من يهتم بتربية أولاده على طاعة الله وعلى القيم الأخلاقية وعلى الصبر وقوة الإرادة وحب الخير والطموح والنجاح. نسمع كلمة التربية الدينية، أو التربية الإسلامية، ونتصور أن المقصود بهما مجرد تعويد الأولاد على الذهاب للمسجد و حفظ القرآن وكفى!!

بالطبع هذا هو عصب التربية الإسلامية، التدريب على طاعة الله و الارتباط به، ولكن هذا هو عمود التربية، اما التفاصيل فكثيرة وكثيرة جداً ، وإذ لم نعرف هذه التفاصيل ونهتم بها، سنفاجأ بمشاكل لا حصر ستظهر لنا كلما كبر الأبناء، وستظهر مشكلات متنوعة على حسب السن والمرحلة، وكلما زاد العمر، كلما أصبحت قدرتنا على حل المشكلات أضعف، فاذا دخل الولد أو البنت مرحلة المراهقة تعقدت الأمور، وأصبح حلها فى غاية الصعوبة.

من الميلاد .. تظهر مشكلة البكاء المتواصل، ثم مشكلة العناد والأنانية والتبول اللا إرادي وكثرة الطلبات، ثم مشاكل الالتحاق بالحضانة، ثم اختيار المدرسة ومشكلات التعلم والمشكلات التى يواجها الأبناء، ثم مشكلات مرحلة المراهقة الغريبة والصعبة والتى قد تمثل انقلاباً فى حياة الأبناء وعلاقتهم بوالديهم.

إن الأمر ليس سهلا ًولا بسيطاً حتى نقصره كله على الصلاة وحفظ القرآن، ثم نكتفي بذلك ونعتبر أنفسنا أدينا واجبنا بأمانة، لا .. الموضوع يحتاج الى قراءة فى التربية فى مراحلها المختلفة، والحديث مع متخصصين، وحضور دورات تدريبية كل فترة، وتعاون الأب والأم معاً فى دراسة المشاكل، ومعرفة حلولها، وتطبيقها، والتواصل مع المتخصصين اذ لم ينجح الحل.

عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " ألا كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته، فالأمير الذي على الناس راع وهو مسئول عن رعيته، والرجل راع على أهل بيته وهو مسئول عنهم، والمرأة راعية على بيت بعلها وولده وهي مسئولة عنهم، والعبد راع على مال سيده وهو مسئول عنه، ألا فكلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته"[رواه مسلم]

ويقول صلى الله عليه وآله وسلم : "رحم الله والدين أعانا ولدهما على برّهما". وقال صلى الله عليه وسلم: "رحم الله عبداً أعان ولده على برّه بالإحسان إليه، والتألف له، وتعليمه وتأديبه".

إن التربية مسئولية تجاه أبنائك ، وهو حق لهم، وواجب أمام الله لابد ان تؤديه بصفتك رب الأسرة وراعيها، وستسأل حتما ًعن ذلك.

أخى الحبيب ، حاول أن تنفذ واجبك نحو أولادك و تقوم بالآتى:

1)اقرأ كتاباً متخصصاً فى التربية، مناسباً للمرحل العمرية لأبنك او ابنتك (من الميلاد حتى سنتين – من سنتين الى 6سنوات – من 6 سنوات الى 9سنوات – مرحلة المراهقة) أرشح لك مؤلفات ( د.سعد رياض – د.حاتم ادم – د.ياسر نصر – أ.ياسر محمود)

2)تابع الاستشارات التى تنشر فى بعض المواقع التربوية المتخصصة (كل أسبوع على الأقل )

3)ابحث عن المراكز التى تقوم بتنظيم دورات فى تربية الأبناء و اشترك فيها أنت وزوجتك.

4)اشرك زوجتك معك فى القراءة والمتابعة وحضور الدورات، وتعاونا معا فى عملية التربية.

5)اجتهد فى تطبيق ما تتعلمه، و لا تستسلم للفشل فى المحاولات الأولى، استمر وستنجح.

6)تحلى بالصبر فى تربية الأبناء، ولا تنس الدعاء اليومي لهم، والتوكل على الله فى تربيتهم.

أخى الكريم ، لا تنسى دورك وواجبك الهام والأكيد فى تربية الأبناء، توكل على الله وابدأ مهمتك..و تقدم خطوة.


الخطوة الثالثة عشر: و لا يزال المصحف فى جيبي

القرآن ليس مصدرا للحسنات فقط، ليس مجرد كتاب الحرف فيه بحسنة والحسنة بعشر أمثالها والله يضاعف لمن يشاء، القرآن مصدر للطاقة والإيمان والعلم، القرآن مرشد وموجه وقائد لا يخطئ طريقه، لكننا نخطئ طريقنا حتماً إذا تركناه وهجرناه وأهملناه.. (وقال رب ان قومى اتخذوا هذا القرآن مهجورا ) (الفرقان) اعرف اننا حتى لو أهملنا القرآن طيلة العام ، فلن نهمله فى شهر رمضان.. شهر القرآن ، فالقرآن هذه الأيام يرفرف علينا بجناحيه فى كل مكان، فى المسجد والبيت والشارع ووسيلة المواصلات، فى الصباح وفى المساء وفى جوف الليل حين يتنزل الله إلى السماء الدنيا ليقول: هل من تائب لأتوب عليه ؟ هل من مستغفر لأغفر له ؟هل من سائل لأعطيه.

ألا إن القرآن لا ينبغي ان يكون موسمياً، نهتم به فى شهر ثم نعود ونهمله أحد عشر شهراً، القرآن منهج حياة كاملة و ليس منهج شهر او شهور .. القرآن زاد دائم لنا يمدنا بطاقة الإيمان وحرارة الصلة بيننا و بين الله الذى نعبده ونحبه، القرآن نور لقلب لا تنطفئ أنواره أبداً حتى وأنت نائم بعد أن تغلق أنوار حجرتك، وبدونه نصبح كبيت مهجور خراب يرغب الناس فى هدمه أو بنائه من جديد.قال رسول الله ( ان الذى ليس فى جوفه شئ من القرآن كالبيت الخرب) إننا نحتاج ألا يفارقنا القرآن أبداً، أن يصبح كظلنا، أن يكون صاحبنا ونحن أصحابه، فى أي مكان وفى أي وقت، نتذكر دائماً أن لدينا صديق يؤنسنا ويعلمنا ويهدينا ويربت على كتفنا ويخفف من حزننا وألمنا ويشجعنا ويعطينا الحماس فى أعمالنا.

أراك تتفق معي أن كلمات القرآن تحدث شيئاً فى كيمياء الإنسان، لا يحدثه اى كلام أخر، فأنت عندما تقرآ القرآن تتغير من الداخل، أنت لا تعرف ماذا يحدث بالضبط، لكن شيئاً ما يتغير بداخلك، مثل ضوء خافت يتسلل إلى قلبك ، فيشعرك بالطمأنينة والسكون والهدوء.

و عندها تشعر انك من الممكن أن تتصرف تصرفات أفضل ، أنت قادر الآن على التحكم فى غضبك وتستطيع ان تبتسم بسهولة، وقادر ان تكون أكثر ذوقاً فى طلباتك، وأصبحت الطاعة أسهل بكثير، وأصبحت فى خجل ان ترتكب معصية.

انها قدرة كلام الله على تغيير خلايا جسمك، لتجعلها تسجد لخالقها كما تسجد أنت فى صلاتك. انها الكيمياء التى استطاعت تغيير عمر بن الخطاب من رجل شرس يقتل ابنته حية، لرجل في وجهه خطان أسودان من كثرة ما بكى من خشية الله .

اخى الحبيب .. هل فكرت يوما أن تحمل مصحفا صغيراً فى جيبك ؟ هذه دعوة بسيطة أطلقها شاب مصري اسمه حمدي احمدي على موقع ( فيس بوك ) استطاعت ان تجذب خلال عام واحد اكثر من 3 الاف مشارك .

ويدعو مؤسس الحملة المسلمين حول العالم إلى صداقة مع كتاب الله وعدم مفارقته أو هجره؛ حتى يكون لهم شفيعا يوم القيامة، مؤكدا أن القرآن الكريم هو خير صاحب وصديق ينفع دوما ولا يضر أبد. فعلى صفحة الحملة على فيس بوك أكدت ريهام، إحدى الأعضاء، أنها بدأت تحمل المصحف في حقيبتها منذ عام، وقد حدث لها تطور نفسي جعلها تشعر دائما بالراحة والاطمئنان.

واتفقت معها في الرأي عضوة أخرى اسمها داليا، والتي قالت إنها تداوم على قراءة القرآن يوميا، وتختمه مرة كل شهر تقريبا، وقد حدث لها تطور إيجابي في حياتها، وهو الشعور بالاطمئنان الدائم.

وعرض مؤسس الحملة تجربته الشخصية، قائلا إنه في إحدى المرات ضاع منه المصحف، وظل أربعة أيام بدونه، وكانت فترة صعبة جدا عليه، لدرجة أنه لم يكن قادرا على التفكير، ولم يسترح إلا بعد أن اشترى مصحفا جديدا لا يفارقه أبدا.

أما سارة، إحدى عضوات المجموعة، فأوضحت أنها تحمل المصحف معها منذ نحو أربع سنوات، وتداوم على قراءة القرآن باستمرار، لكنها لم تكن تستطيع أن تفهم بعض الآيات حتى حل عليها شهر رمضان الماضي فأحست بكل حرف تقرؤه وبمعاني كافة الكلمات، وأكدت أنها لا تجد كلاما يصف شعورها بحب القرآن. وكتبت أسماء، عضوة أخرى في المجموعة، تقول إنها منذ عامين تحمل المصحف في حقيبتها ولم تخرجه منها إلا للقراءة فقط، ثم تعيده مرة أخرى، مؤكدة أنها لو خرجت بدونه تشعر بالخوف الشديد؛ لأن القرآن الكريم على حد تعبيرها هو "سلاح المسلم".

اخى الحبيب .. هل اطمع الآن فى ان تذهب لأقرب مكتبة بجانبك وتسأله عن مصحف صغير يناسبك ليكون صديقاً لك طوال حياتك. بعدها .. ضع المصحف فى جيبك فى كل مكان، فى الشارع فى المدرسة فى مدرج الجامعة وأنت تسير على الشاطئ ليلا ً، احرص على ان يظل المصحف فى جيبك دائماً ، مهما تكن الظروف .. لا تضيع عليك هذه الخطوة فى شهر رمضان .. شهر القرآن .أراك أخى الحبيب قد عقدت النية والعزم .. أراك الآن .. تتقدم خطوة.


الخطوة الرابعة عشر: تذكر دكتور ميلر ..وتدبر القرآن

أتعجب كثيرا وستتعجب مثلى عندما تعرف أن الرسول صلى الله عليه و سلم كان يروى عنه، انه قام الليل كله بآية واحدة : "إن تعذبهم فإنَّهم عبادك وإن تغفر لهم فإنَّك أنت العزيز الحكيم".

ماذا كان هدف الرسول من ذلك؟ هل هو حفظ ألآية مثلا ً: مستحيل ، فالرسول هو من يتلقى الآيات من رب العالمين، وهى تقع فى قلبه فلا ينساها.

هل يريد أن يفهمها؟ بالطبع لا، فهو اقدر أهل الأرض فهماً للقرآن وتفسيراً لكلماته وعلما بأحكامه.. إذن.. ماذا يريد رسول الله؟

كان الحبيب صلى الله عليه و سلم، يريد أن يعيش مع الآية فى جو هادئ ساكن، ليكتشف معان جديدة فى الآية، معاني فى إطار فهمه صلى الله عليه وسلم للآية وتفسيره لها، معان خفية تختلف من شخص الى أخر حسب تعلقه بالقرآن وارتباطه به ودرجة تفكره وإحساسه بالآية. ان هذا ما يطلق عليه " تدبر القرآن " وهو الذي أمرنا الله به فى كتابه فقال :( أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافًا كثيرا). وقال سبحانه : (أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها).

ان التدبر يعنى استخلاص معان جديدة فى إطار التفسير المعروف وإسقاط هذه المعاني على الواقع بصورة تجعله أكثر تفاعلاً مع الحياة فترفع الإيمان و تحسن السلوك و تقرب اكثر ممن نعبده ، الله رب العالمين. هذا الكلام يعنى ان التدبر يأتي بعد فهم معاني الآية التى تريد ان تتدبرها جيداً، بأن تعرف معاني الكلمات وتفسير الآية من أى من كتب التفسير، ثم تقرأ الآية بقلب موصول مع الله وتفكر وتركيز فى معانيها بما يربطها بأحداث الواقع او حياتك الشخصية، ومع التكرار، ستخطر لك معان ربما تصلح لأن تكون معان عامة وربما تخصك أنت وحدك، ولكنها فى الحالتين سترفع من إيمانك وتدفعك للتعلق بالقرآن وبالله أكثر و أكثر.

ان التدبر لغة القلوب الموصولة بالله والمتفاعلة مع القرآن والتي تحياه او التى تريد ان تحياه وتحياه به، والتدبر أمر ليس متاحا للعلماء ولا للفقهاء فقط، ولكنه أمر متاح لأي فرد فهم معاني الكلمات وتفسير الآية، ثم اعمل قلبه وعقله فيها، لذلك فان التدبر يحتمل ملايين المعاني التى لا تنتهى ابداً، مهما اختلفت الأزمنة وتغير البشر، لذا جاء في الخبر عن القرآن: "ولا يخلق من كثرة الرد".

فهو متجدد المعانى دائماً ، لا تنفذ معانية مهما كررت آياته ، بل تزيد و تتشعب بصورة لا نهائية. وسيعجب الكثيرون من هذه الأمواج الهادرة من المعاني الجميلة والبلاغيات الرفيعة فى كتاب الأستاذ سيد قطب" فى ظلال القرآن " حتى يشعر قارئه بأنه فى بحر لا أول له من أخر.

يحتاج القرآن منا ونحتاج نحن ايضا ان نتدبره، لنكمل الثلاثية الجميلة القراءة والحفظ والتدبر، فالقراءة تزيد الحسنات، والحفظ ينير القلب ويعمره بالإيمان، والتدبر يجعلنا نتفاعل مع القرآن ويفعل القرآن فى حياتنا فيزيدها نورا وبهجة.

تذكر معى ان تدبر القرآن يحتاج منك الأتي :

1- ان تفهم معانى الكلمات والتفسير.

2- الإكثار من التلاوة، حتى تتحقق الألفة والعشرة بينك و بينك، ومن تقرب من القرآن تقرب القرآن منه.

3- ان يربط بين ألآيات والواقع، فلا تكون المعانى فى الهواء لا اثر لها، بل لها إسقاط على الواقع يسعى لتنفيذها وتفعيلها فى حياته، عن الحسن البصريُّ رحمه الله قال: "إنَّ من كان قبلكم رأوا القرآن رسائل من ربِّهم فكانوا يتدبّرونها بالليل، وينفذونها بالنهار".

4- ان يهيئ المكان الذى سيتدبر فيه القرآن ( مسجد – حجرة مغلقة ) و يختار الوقت المناسب (وقت السحر- وقت فيه سكون وهدوء).

5- ان تكون له صحبة تعينه على التدبر، كما قال موسى عليه السلام فيما حكي عنه القرآن: {واجعل لي وزيرا من أهلي * هارون أخي * اشدد به أزري * وأشركه في أمري * كي نسبحك كثيرًا * ونذكرك كثيرا * إنك كنت بنا بصيرا}.

اقرأ معى قصة مستشرق غربى قرأ القرآن بغرض اكتشاف أخطاء فيه، فاضطر الى تدبره، فكانت النتيجة مذهلة، لقد اسلم وتحول إلى داعية للإسلام.. انها قصة الدكتور ميلر "في أحد الأيام أراد أن يقرأ القرآن بقصد أن يجد فيه بعض الأخطاء التي تعزز موقفه عند دعوته المسلمين للدين النصراني..وكان يتوقع أن يجد القرآن كتاباً قديماً مكتوباً منذ 14 قرناً يتكلم عن الصحراء وما إلى ذلك...لكنه ذهل مما وجده فيه .... بل واكتشف أن هذا الكتاب يحوي على أشياء لا توجد في أي كتاب آخر في هذا العالم ...فقد كان يتوقع أن يجد بعض الأحداث العصيبة التي مرت على النبي محمد صلى الله عليه وسلم مثل وفاة زوجته خديجة رضي الله عنها أو وفاة بناته وأولاده......لكنه لم يجد شيئا من ذلك.... بل الذي جعله في حيرة من أمره انه وجد أن هناك سورة كاملة في القرآن تسمى سورة مريم وفيها تشريف لمريم عليها السلام لا يوجد مثيل له في كتب النصارى ولا في أناجيلهم .. ولم يجد سورة باسم عائشة أو فاطمة رضي الله عنهم .... وكذلك وجد أن عيسى عليه السلام ذكر بالاسم 25 مرة في القرآن في حين أن النبي محمد صلى الله عليه وسلم لم يذكر إلا 5 مرات فقط فزادت حيرة الرجل .... اخذ يقرا القرآن بتمعن أكثر لعله يجد مأخذا عليه. ولكنه صعق بآية عظيمة وعجيبة ألا وهي الآية رقم 82 في سورة النساء:"أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا".

يقول الدكتور ملير عن هذه الآية: "من المبادئ العلمية المعروفة في الوقت الحاضر هو مبد إيجاد الأخطاء أو تقصي الأخطاء في النظريات إلى أن تثبت صحتها Falsification testوالعجيب أن القرآن الكريم يدعوا المسلمين وغير المسلمين إلى إيجاد الأخطاء فيه ولن يجدوا".

ويقول أيضا عن هذه الآية:" لا يوجد مؤلف في العالم يمتلك الجرأة ويؤلف كتابا ثم يقول هذا الكتاب خالي من الأخطاء، ولكن القرآن على العكس تماماً، يقول لك لا يوجد أخطاء بل ويعرض عليك أن تجد فيه أخطاء ولن تجد".

أيضا من الآيات التي وقف الدكتور ملير عندها طويلا هي الآية رقم 30 من سورة الأنبياء: " أولم ير الذين كفروا أن السماوات والأرض كانتا رتقا ففتقناهما وجعلنا من الماء كل شي حي أفلا يؤمنون". يقول:"إن هذه الآية هي بالضبط موضوع البحث العلمي الذي حصل على جائزة نوبل في عام 1973 وكان عن نظرية الانفجار الكبير وهي تنص أن الكون الموجود هو نتيجة انفجار ضخم حدث منه الكون بما فيه من سماوات وكواكب".

فالرتق هو الشيء المتماسك في حين أن الفتق هو الشيء المتفكك فسبحان الله. ويقول الدكتور ملير:الآن نأتي إلى الشيء المذهل في أمر النبي محمد صلى الله عليه وسلم والادعاء بأن الشياطين هي التي تعينه والله تعالى يقول:"َمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّيَاطِينُ (210) وَمَا يَنبَغِي لَهُمْ وَمَا يَسْتَطِيعُونَ (211) إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ"[ الشعراء].

"فإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ"[النجل: 98]. أرايتم ؟؟ هل هذه طريقة الشيطان في كتابة أي كتاب ؟؟ يؤلف كتاب ثم يقول قبل ان تقرأ هذا الكتاب يجب عليك ان تتعوذ مني ؟؟ ان هذه الآيات من الأمور الاعجازية في هذا الكتاب المعجز ! وفيها رد منطقي لكل من قال بهذه الشبهة. من القصص التي أبهرت الدكتور ملير ويعتبرها من المعجزات هي قصة النبي صلى الله عليه وسلم مع أبو لهب.. يقول الدكتور ملير:"هذا الرجل أبو لهب كان يكره الإسلام كرها شديدا لدرجة انه كان يتبع محمد صلى الله عليه وسلم أينما ذهب ليقلل من قيمة ما يقوله الرسول صلى الله عليه وسلم, اذا رأى الرسول يتكلم لناس غرباء فانه ينتظر حتى ينتهي الرسول من كلامه ليذهب إليهم ثم يسألهم ماذا قال لكم محمد؟ لو قال لكم ابيض فهو اسود ولو قال لكم ليل فهو نهار المقصد انه يخالف أي شيء يقوله الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ويشكك الناس فيه.

قبل 10 سنوات من وفاة أبو لهب نزلت سورة في القران اسمها سورة المسد, هذه السورة تقرر ان أبو لهب سوف يذهب إلى النار, أي بمعنى آخر ان أبو لهب لن يدخل الإسلام.

خلال عشر سنوات كل ما كان على أبو لهب ان يفعله هو أن يأتي أمام الناس ويقول:"محمد يقول إني لن اسلم وسوف ادخل النار ولكني أعلن الآن أني أريد ان ادخل في الإسلام وأصبح مسلما" الآن ما رأيكم هل محمد صادق فيما يقول ام لا ؟ هل الوحي الذي يأتيه وحي الهي؟

لكن أبو لهب لم يفعل ذلك تماما رغم ان كل أفعاله كانت هي مخالفة الرسول صلى الله عليه وسلم لكنه لم يخالفه في هذا الأمر.يعني القصة كأنها تقول ان النبي صلى الله عليه وسلم يقول لأبي لهب أنت تكرهني وتريد ان تنهيني, حسنا لديك الفرصة ان تنقض كلامي .. لكنه لم يفعل خلا ل عشر سنوات !! لم يسلم ولم يتظاهر حتى بالإسلام!!عشر سنوات كانت لديه الفرصة ان يهدم الإسلام بدقيقة واحدة! ولكن لان الكلام هذا ليس كلام محمد صلى الله عليه وسلم ولكنه وحي ممن يعلم الغيب ويعلم ان ابو لهب لن يسلم. كيف لمحمد صلى الله عليه وسلم ان يعلم ان أبو لهب سوف يثبت ما في السورة ان لم يكن هذا وحيا من الله؟؟ كيف يكون واثقا خلال عشر سنوات ان ما لديه حق لو لم يكن يعلم انه وحيا من الله؟؟ لكي يضع شخص هذا التحدي الخطير ليس له الا أمر واحد هذا وحي من الله".( تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ (1) مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ (2) سَيَصْلَى نَاراً ذَاتَ لَهَبٍ (3) وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ (4) فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ).

ويقول الدكتور ملير عن أية أبهرته لإعجازها الغيبي: "من المعجزات الغيبية القرآنية هو التحدي للمستقبل بأشياء لا يمكن ان يتنبأ بها الإنسان وهي خاضعة لنفس الاختبار السابق الا وهو falsification tests أو مبدأ إيجاد الأخطاء حتى تتبين صحة الشيء المراد اختباره , وهنا سوف نرى ماذا قال القران عن علاقة المسلمين مع اليهود والنصارى ..القران يقول ان اليهود هم اشد الناس عداوة للمسلمين وهذا مستمر إلى وقتنا الحاضر فاشد الناس عداوة للمسلمين هم اليهود.. وان هذا يعتبر تحدي عظيم.. ذلك ان اليهود لديهم الفرصة لهدم الإسلام بأمر بسيط إلا وهو ان يعاملوا المسلمين معاملة طيبة لبضع سنين ويقولون عندها: ها نحن نعاملكم معاملة طيبة والقران يقول اننا اشد الناس عداوة لكم ,إذن القران خطأ ! , ولكن هذا لم يحدث خلال 1400 سنة !! ولن يحدث لان هذا الكلام نزل من الذي يعلم الغيب وليس إنسان".

ويكمل الدكتور ملير:" هل رأيتم ان الآية التي تتكلم عن عداوة اليهود للمسلمين تعتبر تحدي للعقول". ( لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمنوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُواْ وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ قَالُوَاْ إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ 82 وَإِذَا سَمِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُواْ مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ 83 وَمَا لَنَا لاَ نُؤْمِنُ بِاللّهِ وَمَا جَاءنَا مِنَ الْحَقِّ وَنَطْمَعُ أَن يُدْخِلَنَا رَبَّنَا مَعَ الْقَوْمِ الصَّالِحِينَ) المائدة 84] وعموما هذه الآية تنطبق على الدكتور ملير حيث انه من النصارى الذي عندما علم الحق آمن ودخل الإسلام وأصبح داعية له ..... وفقه الله

يكمل الدكتور ملير عن أسلوب فريد في القران أذهله لإعجازه:بدون أدنى شك يوجد في القران توجه فريد ومذهل لا يوجد في أي مكان آخر, وذلك ان القران يعطيك معلومات معينة ويقول لك: لم تكن تعلمها من قبل!! مثل(سورة آل عمران - آية 44 "ذلك من أنباء الغيب نوحيه إليك وما كنت لديهم اذ يلقون أقلامهم أيهم يكفل مريم وما كنت لديهم اذ يختصمون". سورة هود - آية 49 (تلك من انباء الغيب نوحيها اليك ما كنت تعلمها انت ولا قومك من قبل هذا فاصبر ان العاقبة للمتقين).

سورة يوسف - آية 102 "ذلك من انباء الغيب نوحيه اليك وما كنت لديهم اذ اجمعوا امرهم وهم يمكرون" ويكمل الدكتور ملير:لا يوجد كتاب مما يسمى بالكتب الدينية المقدسة يتكلم بهذا الأسلوب, كل الكتب الأخرى عبارة عن مجموعة من المعلومات التي تخبرك من أين أتت هذه المعلومات, على سبيل المثال الكتاب المقدس (الإنجيل المحرف) عندما يناقش قصص القدماء فهو يقول لك الملك فلان عاش هنا وهذا القائد قاتل هنا معركة معينة وشخص آخر كان له عدد كذا من الأبناء وأسماءهم فلان وفلان ..الخ.

ولكن هذا الكتاب(الإنجيل المحرف) دائما يخبرك اذا كنت تريد المزيد من المعلومات يمكنك ان تقرأ الكتاب الفلاني او الكتاب الفلاني لان هذه المعلومات أتت منه.جزاك الله خيرا يا دكتور ملير على هذا التدبر الجميل لكتاب الله في زمن قل فيه التدبر.

اخى الحبيب فى وقفة مخلصة مع الله، وأنت تقرأ القرآن ، تذكر دكتور ميلر، تدبر وتفكر، وستأتيك معان أكثر واجمل.. اخى الحبيب .. فى شهر رمضان ...شهر القرآن .. ومن اليوم .. ستتدبر القرآن .. و تتقدم خطوة.


الخطوة الخامسة عشر: حزب أنصار النجاح

أنا آسف جداً فى هذا السؤال..هل أنت من الذين يكرهون النجاح لأحد ؟ هل أنت من الذين إذا رأيت احد أصدقائك او أحد زملائك فى العمل قد نجح وتألق وتفوق، تصيبك الكآبة ويلجم لسانك وتنزعج جداً كلما ذكر اسمه؟ هناك علامات أخرى تكون واضحة جداً للذين لا يحبون النجاح لأحد ..

1)يفتشون دائماً عن الأخبار السيئة، فإذا وجدوها كانت عندهم كالكنز، ويبدءون فى تناقلها بسرعة وحماس مع بعض الإضافات المشوقة والمثيرة، والتحليلات التى ليس مهما ان يثبت فشلها بعد ان تكون قد أدت دورها.

2)يترقبون الأخبار وهم ينتظرون لحظة الفشل، وهى بالنسبة لهم لحظة انتعاش حقيقية، أما أخبار النجاح فتنزل عليهم كالصاعقة.

3)يتجاهلون الإنجازات ويمررونها مرور الكرام، ويجعلون من الخطأ قضية ومصيبة كبرى يشيب لها الولدان. 4)لا يقدمون يد المساعدة، ولو أمكنهم أن يضعوا العراقيل لفعلوا.

5)لا يتحملون المنافسة الشريفة، ويرون الناجحين أشباحا ستسحب البساط من تحت أرجلهم. للأسف.. المجتمع العربي بوجه عام يحمل جينات هذه الصفة الخبيثة.

نحن نحب النقد حباً ذاتياً أفلاطونيا، حب النقد للنقد، ونحب ان نتهم الناس دائماً بالفشل، والغريب والعجيب و المذهل ان هذا الفاشل عندما ينجح نغضب ايضا،لأنه حرمنا من متعة نقده والتلذذ بفشله. وإذا وجدنا ناجحاً ينقسم الناس إلى فرق، فمنهم من يعادى هذا النجاح صراحة، ومنهم من يعاديه خفاء، ومنهم من يعاديه بقلبه (وذلك اضعف الإيمان) أما من يساعد هذا الناجح أو يفكر فى أن يساعد هذا الناجح، فهم قليل جداً..جداً، بصورة يعتبر معها صاحب النجاح نفسه محظوظاً الى أعلى درجة، فهو استثناء الاستثناء من القاعدة الكبيرة جداً من المحيط إلى الخليج.

أرجوك تذكر معي احمد زويل ومصطفى محمود وعمرو خالد و يوسف القرضاوى. تذكر معى أنهم نحتوا فى الصخر حتى أجبرونا ان نعترف بنجاحهم، وان نحاول جاهدين أن ننسب نجاحاتهم إلينا لأنهم ولدوا على أرضنا ، إلا أن هناك ألافا آخرين من الناجحين أرادوا أن ينحتوا فى الصخر فكسرت ذراعهم ورجعوا خطوات إلى الوراء ( وحرموا أن ينجحوا !!) كتب علينا ان يصبح النجاح رحلة عذاب بجانب أنه رحلة كفاح، مشوار الم نرى فيه نفوس البشر الخبيثة وأمراضهم السقيمة و أفكارهم السفيهة. لهذا نحن نتأخر وسنتأخر أكثر وأكثر إلى ما شاء الله ، الى ان تشفى نفوس المرضى ويبرءون من عللهم. ان القضية قضية نفس، قضية ايمان وحب، نستمدهما من ايماننا بالله وحبنا له.

ان النفس التى تشعر بالسعادة اذا رأت لغيرها الفشل، لا تعرف ان الله سيكافئها بسعادة أضعافا مضاعفة اذا ساعدت فى نجاح احد، ووقفت بجانبه، وحاولت ان تذلل العقبات فى طريقه، ولو وقف بجانبه بنصيحة او دعاء.

لا تعرف هذه النفوس ان حقدها الذى يأكلها و يحرمها من لذة النوم، سيتحول بأمر الله الى حب وراحة نفسية و طمأنينة سببها رضا الله على ما فعلت.

ان الرسول صلى الله عليه وسلم يقول : عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : من مشى في حاجة أخيه كان خيرا له من اعتكاف عشر سنين ، ومن اعتكف يوما ابتغاء وجه الله جعل الله بينه وبين النار ثلاثة خنادق كل خندق أبعد مما بين الخافقين) رواه الطبراني و الحاكم و قال صحيح الإسناد إلا أنه قال : ( لأن يمشي أحدكم مع أخيه في قضاء حاجة و أشار (بأصبعه) أفضل من أن يعتكف في مسجدي هذا شهرين).

لماذا لا تساعد أخاً لك فى مشوار نجاحه، وتمنع نفسك من كل هذا الخير؟

لماذ تستسلم لنار الحسد تحطمك و تريد ان تحطم بها غيرك؟

يقول صلى الله عليه وسلم : (إياكم والحسد، فإن الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب، أو قال : العشب) رواه أبو داوود والبيهقى).

اخى الحبيب .. من ألان اذا وجدت شخصاً موهوباً أو شخصاً مكافحاً او شخصاً ناجحاً فى اى مجال، فأحسن النية وساعده فى نجاحه بما يأتي:

1)التشجيع والتحميس.

2)اسأله عن أخباره باستمرار.

3)اذا تقدم اى خطوة بارك له وحمسه.

4)اذا استطعت ان تقدم له مساعدة او تشاركه فى عمل فافعل.

5)دافع عنه ضد من يكرهون له النجاح. 6)ادع له بظهر الغيب.

اخى الحبيب ..من الآن انضم الى حزب انصار النجاح، لتعلم حزب أعداء النجاح درسا فى الحب ومساعدة الغير حبا فى الله وطاعة له. من الآن تدرب على المهارة الجديدة ، مهارة مساعدة الناجحين ، وتقدم خطوة. الخطوة السادسة عشر: اقرأ باسم ربك

هذ هى آية بدء الوحي والرسالة والمهمة المكلف بها خاتم الأنبياء محمد صلى الله علية سلم على وجه الأرض، وهى دعوة صريحة من الله للمسلمين بالقراءة، بل هى أمر لهم، فى إشارة واضحة كالشمس عن علاقة النجاح فى أداء الرسالة بالقراءة وبالعلم و بالبحث.

ونحن كعرب وكمسلمين لا نحب القراءة غالبا ً(الترتيب يعنى ان الصفة أصيلة فى الدول العربية، اما الدول الإسلامية ففيها استثناء من حيث بعض الدول مثل ماليزيا مثلاً ) ونسخر ممن يقرؤون أحيانا، ونعتبرها تضييع وقت كثيراً، ونعتبرها شيئاً مكلفاً أكثر (قبل توافر خدمة الإنترنت)، ونعتبرها بلا قيمة قليلاً.

أنا هنا بالطبع لا أتحدث عن قراءة صفحات الرياضة والفن والحوادث و روايات الجيب.

أنا أتحدث عن القراءة في الدين والأخلاق والمشكلات الاجتماعية والتربية والتنمية البشرية والسياسة. أتحدث عن القراءة التى تبنى ثقافة وتصنع وجهة نظر فى الحياة والناس، القراءة التي تجعلك تؤمن بمبادئ واضحة مفهومة تحركك و تتخذ بها قراراتك و تحل بها مشكلاتك فى العمل مع رؤسائك وزملائك، وفى البيت مع أبنائك وزوجتك ، وتصنع منك إنسانا نافعاً.

عندما كنت تلميذاً، كان موضوع التعبير يمثل لى عقدة، هذ العقدة تجعلنى مرعوباً فى حصة التعبير، رعباً يجبرني على التقهقر فى الصف الأخير حتى لا أشارك فى الموضوع المطروح، هذه العقدة جعلتني بعد دخول الجامعة أتشوق لأن اقرأ أي شيء حتى أقول عن نفسي اننى قرأت، فكنت أتى بمجلات العربي والحرس الوطني ( وهى مجلة سعودية رائعة كانت توزع فى مصر) و افتح أى شيء و أحفظه حفظاً، حتى اثبت لنفسي اننى قارئ. بعد فترة اكتشفت ان هذه سذاجة ما بعدها سذاجة، وان ما افعله لا يمكن ان يكون طريق القراءة والثقافة.

لم اشعر اننى بدأت طريق الثقافة والقراءة على بصيرة ، ألا عندما بدأت اقرأ فى الدين بفروعه الأساسية المعروفة، القرآن والتفسير والأخلاق و العقيدة و الفقه والسيرة، وبدأ اشعر ان هناك ركائز للثقافة، انطلقت منها رويداً رويداً لأقرأ أى شيء و كل شيء ولأي أحد مهما كان الاسم، أصبحت قادراً على وزن الأمور والنظر فيها، لقد أصبحت لى (والحمد لله ) وجهة نظر فى الأمور ، مكنتنى بفضل الله، ان أؤلف ثلاث كتب كاملة.

يعلم الله اننى لا أقول هذا الكلام للتباهي والتفاخر، وهو العالم أن نيتي ان انقل لك تجربتنى، لأجعلك ترى الطريق كما رأيته، و تحب القراءة كما أحببتها، و تنتفع بها كما انتفعت. بعد ثورة الإنترنت وسهولة الحصول على المعلومة بسرعة وبكثير من الدقة، وجدت ان القراءة تستطيع ان تعطيك حلاً عمليا لأي مشكلة تواجهك بنسبة لا تقل عن 75 % ، والـ 25% الباقية تتمثل فى قدرتك على بلورة هذا الحل بما يتوافق مع ظروفك ثم بدء الحل و الصبر عليه و التوكل على الله.

و لكي تبدأ .. فإني أدعوك ان تتدرج فى القراءة كالتالي :


أولاً: مرحلة المفاهيم العامة :

وهى المرحلة التي تشكل ثقافتك الإسلامية، وتعطيك مفاتيحها، و الغرض من هذه المرحلة أن تتعرف على المعلومات الأساسية التى تستطيع أن تقيم بها حياتك كمسلم ،وهذه المرحلة تتناول القراءة فى :العقيدة (كتاب تبسيط العقائد) للشيخ السيد سابق ، وتزكية النفس، فقه السنة ( فقه الطهارة والعبادات )( الشيح السيد سابق) ، وتفسير القرآن ، والسيرة النبوية الشريفة (الرحيق المختوم)


ثانيا : مرحلة الثقافة الإسلامي:

والهدف من هذه المرحلة أن تصل إلى قواعد وأسس للتفكير في كافة الأمور بناء على مرجعية إسلامية مرجعها الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، وأرشح لك في هذه المرحلة، كتب الدكتور يوسف القرضاوى ، والتي من الممكن الحصول على العديد منها من على موقعه الإلكتروني.


ثالثا : مرحلة الثقافة العامة ومشكلات الواقع

وهى مرحلة قراءة الجرائد ومواقع الإنترنت، وهذه المرحلة ليس بالضرورة تأجيلها لما بعد المرحليتين السابقتين، ولكنك بعد أن تقطع شوطاً معقولا فيهما، ستجد نفسك قادراً على النظر فيما تقرأه متناولاً الحياة العامة برؤية خاصة، ومع استمرارك فى القراءة ومعرفة وجهات النظر المختلفة، ستصبح قادراً على تكوين وجهات نظر خاصة بك.