كلمة المرشد العام في المؤتمر السادس ضد الاحتلال الصهيوأمريكي

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
مراجعة ١٣:٥١، ٢٤ يناير ٢٠١٢ بواسطة Attea mostafa (نقاش | مساهمات)
(فرق) → مراجعة أقدم | المراجعة الحالية (فرق) | مراجعة أحدث ← (فرق)
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
كلمة المرشد العام في المؤتمر السادس ضد الاحتلال الصهيوأمريكي
المرشد العام أثناء إلقاء كلمته بمؤتمر القاهرة

الحمدُ لله قاصِمِ الجبَّارين، وقاهِرِ الظالمين، والصلاةُ والسلامُ على خاتمِ الأنبياءِ والمرسلين، رسولِ الرحمةِ للعالمين، وعلى جميعِ إخوانِهِ المُكْرَمِين؛ من النبيِّين والمرسلين.

الإخوةُ والأخواتُ حضورَ الحفلِ الكرام..

أحيِّيكم بتحيةِ الإسلام؛ فسلامُ اللهِ عليكم ورحمتُه وبركاتُه.

نلتقي اليومَ مع حلولِ الذكرى الخامسةِ للغزوِ المشئومِ للعراقِ، في مؤتمرِنا السنويِّ بالقاهرةِ، الذي يجمعُ القوى الشعبيةَ الرافضةَ للهيمنةِ الأمريكيةِ، وللعدوانِ الصهيوني المستمرِّ على الشعبِ الفلسطينيِّ.

ولعلنا لاحظْنا تلكَ الفعالياتِ الشعبيةَ والمسيراتِ المناهضةَ لآلةِ الحربِ الأمريكيةِ وللعدوانِ المتواصلِ على الشعبِ العراقيِّ والشعبِ الفلسطينيِّ بالأمسِ القريبِ، في أكثرَ من 30 مدينةً عالميةً كبرى، شاركَ فيها الآلافُ من شرفاءِ العالمِ؛ مما يؤكِّدُ صلابةَ موقفِ الرافضين لهذه السياسةِ العدوانيةِ لتلك الإدارةِ الأمريكيةِ، والذي لم ينقطعْ طوالَ هذه السنواتِ.

إننا نعلنُ هنا من القاهرةِ؛ كبرى العواصمِ العربيةِ- كممثلين لقاعدةٍ عريضةٍ من الشعبِ العربيِّ، ومعنا ممثلون لقطاعاتٍ عريضةٍ أيضًا من شعوبِ العالمِ- أننا سنظلُّ ضد هذه السياسةِ العدوانيةِ التي ما زالت تخطِّطُ لشنِّ المزيدِ من الحروبِ على حسابِ شعوبِ العالمِ؛ لتُريقَ المزيدَ من الدماءِ؛ من أجلِ السيطرةِ على النفطِ والتحكُّمِ في الاقتصادِ العالميِّ، الذي باتَ يئنُّ من وطأةِ تلك الحروبِ، وبسببِ ركودِ الاقتصادِ الأمريكيِّ، الذي تراجَعَ أيضًا بسببِ النفقاتِ الحربيةِ الباهظةِ.

الإخوةُ والأخواتُ..

لقد انقلب السحرُ على الساحرِ، وكان الجزاءُ من جنسِ الجريمةِ، واتضحَ للجميعِ- وفي الذكرى الخامسةِ- تهاوِي كافةِ الذرائعِ والأسبابِ التي أعلنتْها أمريكا لغزوِ العراقِ، ولم يتبقَّ إلا السببُ الحقيقيُّ، وهو السيطرةُ على النفطِ العراقيِّ، والهيمنةُ على منطقةِ الخليجِ، وإحكامُ السيطرةِ على ممراتِ النفطِ القادمِ من بحرِ قزوين، وتهديدُ كلِّ القوى الصاعدةِ اقتصاديًّا في العالمِ؛ من الصينَ.. إلى الهندِ.. إلى روسيا.. إلى أوروبا.

وها نحنُ نرى اليومَ أن العالمَ الذي خطَّطت أمريكا للسيطرةِ عليه، يسعَى إلى التمرُّدِ عليها، ويمهِّدُ السبيلَ لعالمٍ آخرَ، متعدِّدِ الأقطابِ، خاصةً بعد أن ذاقَ ويلاتِ القطبِ الواحدِ، ولكنْ مَن الذي دفع الثمنَ وما زالَ يدفعُه؟!

إنه أولاً: الشعبُ العراقيُّ، الذي أعلنت التقاريرُ في ذكرى الغزوِ المشئومِ أن الوضعَ الإنسانيَّ فيه هو الأخطرُ على مستوى العالمِ.

وإنه ثانيًا: الشعبُ الفلسطينيُّ، الذي يتعرَّضُ لحملةِ إبادةٍ، في محرقةٍ مستمرةٍ ومتواصلةٍ، تشارك فيها الإدارةُ الأمريكيةُ الحاليةُ مع الحكومةِ الصهيونيةِ، التي استثمرت الغزوَ المشئومَ على العراق، لتُواصِلَ عدوانَها على الفلسطينيين، في صورةٍ غيرِ مسبوقة، ليسقطَ خلال 4 أيامٍ فقط أكثرُ من 130 شهيدًا، ثلثُهم من الأطفالِ.

وإنه ثالثًا: الشعبُ العربيُّ في بلادِ الوطنِ العربيِّ، الذي يعيشُ تحتَ وطأةِ الدكتاتورياتِ المستبدَّةِ، ويعاني من الفسادِ الرهيبِ، وتردِّي الخدماتِ والمرافقِ، وانعدامِ العدالةِ الاجتماعيةِ، والسببُ هو الدعمُ التامُّ من الإدارةِ الأمريكيةِ لتلك الحكوماتِ المستبدَّةِ، والتوافقُ الكاملُ مع السياساتِ الصهيونيةِ إلى حدِّ التواطؤِ مع المذابحِ المستمرةِ ضدَّ الشعبِ الفلسطينيِّ، والمشاركةُ في المؤامراتِ التي تخططُها أمريكا والصهيونيةُ ضدَّ الشعبَ الفلسطينيِّ لاختياراتِه الديمقراطيةِ!!.

وإنه رابعًا: وليس آخرًا الشعبُ الأمريكيُّ.. ضحيةُ الإدارةِ المتغطرسةِ، الذي دفعَ من الضحايا قرابةَ 50 ألفًا، بين قتيلٍ وجريحٍ، وها هو يعاني من آثارِ المشكلاتِ الاقتصاديةِ، مع ارتفاعِ تكاليفِ الحروبِ الاستباقيةِ إلى ما يزيدُ عن 3 تريليونات دولار.

أيها الإخوةُ والأخواتُ..

إننا نجتمعُ هنا لِنؤكدَ رفضنا للهيمنةِ الصهيونيةِ والأمريكيةِ، وكذلك لنرفعَ صوتَنا عاليًا ضد الاستبدادِ والفسادِ في بلادِنا، اللذَين تسبَّبا في حالةِ التخلُّفِ العلميِّ والتقنيِّ والحضاريِّ، الذي تعاني منه أمتُنا، كما أنهما السببُ الرئيسيُّ لحالةِ العجزِ والشللِ العربيِّ، الذي نراه في حكوماتِنا وأنظمتِنا.

إننا نجتمعُ اليومَ لنقولَ للعالمِ كلِّه: إننا معَ المقاومةِ في فلسطينَ، وفي العراقِ، وفي أفغانستانَ، وفي الصومالِ، وإننا ضدَّ كلِّ احتلالٍ أو غزوٍ أو نهبٍ للثرواتِ التي هي ملكُ الشعوبِ فقط.

إننا نجتمعُ اليومَ لِنؤكِّدَ إصرارَنا على الدفاعِ عن حقوقِ شعبِنا؛ في الحريةِ والديمقراطيةِ والعدالةِ الاجتماعيةِ، ولِنؤكدَ صمودنا في مواجهةِ الدكتاتوريةِ والفسادِ والاستبدادِ.

إننا نجتمعُ اليومَ لنعلنَ تضامُنَنا مع ملايينِ الفلسطينيينَ اللاجئينَ، المتمسِّكينَ بحقِّ العودةِ، وهو حقٌّ فرديُّ، لا يجوزُ التنازلُ عنه، ولا التفاوضُ بشأنِه نيابةً عن أصحابِه.

إننا نجتمعُ اليومَ ليعرفَ الواهِمون؛ أصحابُ مشاريعِ التسويةِ والمروِّجون لها، أن صوتَ الشعبِ سيظلُّ يُزعجُهم ويؤرِّقُهم، ويعلنُ أنهم لا يمثِّلونَ إرادةَ الشعبِ العربيِّ ولا الفلسطينيِّ.

إننا نجتمعُ اليومَ على اختلافِ مشاربِنا السياسيةِ، وتوجهاتِنا الفكريةِ، وبلادِنا الواسعة.. لِنؤكِّدَ أن الفرزَ الحقيقيَّ في العالمِ اليومَ، إنما هو على أساسِ الموقفِ من السياسةِ الأمريكيةِ والعدوانِ الصهيونيِّ، فلا فرقَ بين الإخوانِ المسلمينَ، ولا اليسارِ الوطنيِّ، ولا القوميِّينَ أو الناصريِّينَ ولا الليبراليِّينَ، الذين يقفون جميعًا ضدَّ الهيمنةِ الأمريكيةِ والعدوانِ الصهيونيِّ على الأمةِ العربيةِ، ونحن نمدُّ أيديَنا جميعًا إلى كلِّ الشرفاءِ والأحرارِ في العالمِ، الذين يقفون نفسَ موقفِنا، ويتبنَّون نفْسَ قضايانا.

إننا نجتمعُ اليومَ لِنؤكِّدَ على قِيَمِ التسامحِ والعدلِ والسلامِ والمساواةِ.. قيمِ المواطنةِ الحقَّةِ؛ لنقولَ إن مصرَ هي لكلِّ المصريِّين، وإن الخطَرَ الأمريكيَّ والصهيونيَّ يهدِّدُ أمنَ كلِّ مصريٍّ وسلامتَه ومستقبلَه، وإن الواهمين في حمايةٍ مِن أمريكا أو في سلامٍ من العدوِّ الصهيونيِّ، عليهم أن يُفيقوا من أوهامِهِم، وأن يقفوا الموقفَ السليمَ لصالحِ وطنِهم ومستقبلِ بلادِهم.

الإخوةُ والأخوات..

لقد عِشْنَا في الأسابيعِ الماضيةِ في مصرَ انتهاكاتٍ خطيرةً لحقوقِ المواطنينِ ومؤشرًا خطيرًا على مستقبلِ هذا الوطنِ في ظلِّ هذه السياساتِ البشعةِ الإقصائيةِ التي تريدُ احتكارَ كلِّ شيءٍ، إلى الدرجة التي منعَت المواطنينَ من حقِّهم الدستوريِّ في الترشيحِ والدعايةِ في الانتخاباتِ المحليةِ.

وقد يظنُّ البعضُ أن تلكَ السياساتِ بعيدةٌ عن فحوى اجتماعِنا هنا، ولكنْ أؤكِّدُ أنَّ هذا البطشَ بالحريَّاتِ العامةِ، وبالحقوقِ الأساسيةِ للمواطنين، إنما يتمُّ برضا تامٍّ ولصالحِ العدوِّ الصهيونيِّ- الأمريكيِّ، وبالتواطؤِ الكاملِ لمنعِ الشعوبِ من تحقيقِ الديمقراطيةِ السليمةِ، وتأكيدِ خياراتِها ضدَّ كلِّ مَن استسلمَ للمشروعِ الصهيونيِّ- الأمريكيِّ.

وإننا على ثقةٍ أنَّه في أيةِ انتخاباتٍ حرةٍ نزيهةٍ، ستعلنُ الشعوبُ العربيةُ جميعًا تأييدَها لكلِّ مَن يقفُ في صالحِ استقلالِها عن السياسةِ الأمريكيةِ وضدَّ الهيمنةِ الصهيونيةِ، ولقد سبقتْنا شعوبُ أوروبا في ذلكَ، فأَسقطَتْ كلَّ الذين تحالفوا مع الرئيسِ بوش الابن في حروبِهِ المدمِّرةِ؛ في إسبانيا.. وإيطاليا.. وأستراليا.. وحتى في بريطانيا.

أيها الإخوة والأخوات..

في ختامِ كلمتي أوَجِّهُ الشكرَ الجزيلَ لكلِّ مَن ساهَمَ في النجاحِ المتواصلِ لهذا المؤتمرِ بالقاهرةِ، وللمنتدى الاجتماعيِّ على هامشِهِ، وأخصُّ بالذكرِ اللجنةَ المنظِّمةَ التي ساهم فيها ممثِّلون من كلِّ التياراتِ السياسيةِ والفكريةِ.

وأشكر الحضورَ الكرامَ الذين شاركونا من خارجِ مصرَ، وتَجَشَّموا مشقَّةَ السفرِ لمشاركتِنا في المؤتمرِ السنويِّ.

وأؤكِّدُ لكم تفاؤلي بالمستقبلِ، وثقتي في تأييدِ اللهِ لنا وللمقاومةِ الشجاعةِ، التي جعلت الحربَ على العراقِ وأفغانستانَ ليستْ بنزهةٍ قصيرةٍ، بل باتت تكلفتُها العاليةُ تقضُّ مضاجِعَ المحتلِّين الغاصبين، وأيضًا المقاومةُ الفلسطينيةُ الشجاعة التي دمَّرت أحلامَ العدوِّ الصهيونيِّ، في اجتياحِ شمالِ غزةَ، رغم سقوطِ عشراتِ الضحايا من المدنيِّين.

وإن شاء اللهُ نجتمعُ العامَ المقبلَ وقد رَحَلَ عن الإدارةِ الأمريكيةِ رئيسُ الحروبِ المدمِّرةِ، غيرَ مأسوفٍ عليه، وقد أخذَت القواتُ العاتيةُ من العراقِ في الانسحابِ، وقد بدأ المشروعُ الصهيونيُّ في الأُفُولِ على يدِ قوى المقاومةِ والممانعةِ في وطنِنا العربيِّ والإسلاميِّ.

وفَّقكمُ اللهُ، وسدَّدَ خُطاكم.. والسلامُ عليكم ورحمةُ اللهِ وبركاتُه